بنو عقيل
أما بنو عقيل فقد كانت مواطنهم القديمة وادي العقيق (وادي الدواسر حالياً)، ورنية وبيشة وتثليث ويبمبم وبرك ونعام، قال الكندي توفي 265هـ تقريبا: (رنية يسكنها بنو عقيل) وقال عرام السلمي توفي 275هـ: (رنية وبيشة وتثليث ويبمبم وعقيق تمرة كلها لعقيل)انتهى. وقال ياقوت الحموي
رنية من ران كأنه مرة واحدة وهي قرية من حد تبالة عن أبي الأشعث الكندي يسكنها ينو عقيل وهي قرب بيشة وتثليث وببمبم وعقيق تمرة وكلها لبني عقيل)أهـ. وقال الأصمعي : «برك ونعام ماءان وهما لبني عقيل ماخلا عباده
ثم ذهب جزء منهم إلى منطقة الجزيرة والموصل شمال العراق فأسسوا هناك الدولة العقيلية في القرن العاشر الميلادي، كما ذهب جمع منهم إلى إقليم البحرين وأنجبت القبيلة هناك الدولة العصفورية، نمير فتركت نجد منذ العصر العباسي واستوطنت ضفاف الفرات وحران، ولا تزال العشائر العامرية ذات حضور كبير بين عشائر العراق اليوم
عُقيل بضم العين المهملة قبيلة مضرية فهي إحدى قبائل كعب العامرية القيسية وكانت مشهورة في الجاهلية والاسلام , وعقيل جد القبيلة هو عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية ابن بكر هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار ابن معد بن عدنان وإخوة عُقيل هم الحريش وجعدة وقشير وعبد الله وحبيب .
وقبيلة قيس وحدها تقارن بقريش وتميم وقد سأل معاوية ليلى الاخيلية القيسية قائلا : أخبريني عن مضر فقالت قريش سادتها وقادتها وتميم كاهلها وقيس فرسانها وخطاطيفها ( انساب الأشراف ص 27 )
وعقيل قبيلة كثيرة العدد ذكر ابن سعيد الأندلسي أن عددها يفي عدد مضر.
بطون عُقيل وفروعها :
هي ربيعة و عمرو و عبادة و عوف و عبد الله ومعاوية وعامر وسنذكر سيرتهم بإيجاز كما يلي :
1- ربيعة :
وأبناءه هم الخلعاء لأنهم خلعوا طاعة الملوك فلم يدينوا في الجاهلية لأحد وهم عمرو وعامر وعويمر ومن الخلعاء أيضا آل مطرف وهم من عويمر ابن ربيعة ( ديوان توبة ص 60 ) الذين تقول عنهم ليلى الأخيلية :
أن الخليع ورهطه في عامر كالقلب أليس جؤجؤا وحزيما
لا تغزون الدهر آل مطرف لا ظالما أبدا ولا مظلوما
قوم رباط الخيل وسط بيوتهم وأسنة زرق تخال نجوما
وعلى الرغم من قوة هذا الفرع من عقيل ومنعته في العصرين الجاهلي والإسلامي والأموي إلا أن شهرته وكثرته بعد ذلك لا تعادلان شهرة الفروع الأخرى من بني عقيل وممن اشتهر منهم في صدر الدولة العباسية قاضي بغداد في أيام المنصور والمهدي محمد بن عبد الله بن علاثة بن علقمة بن مالك بن عمرو بن عويمر بن ربيعة بن عقيل ( جمهرة انساب العرب ص 290 )
وهو الذي أنجب خفاجة أبا القبيلة المشهورة ( قلائد الجمان 132 ) وفروع خفاجة كثيرون وهم بنو معاوية وبنو كعب ذي النيرة وبنو الأقرع وبنو كعب الأصغر وبنو عامر وبنو مالك وبنو الهيثم وبنو عمرو وبنو حزن وينو خالد ( نهاية الأرب 2/340 ) ومن فروعه أيضا بنو الحصين بن الدجن ( جمهرة أنساب العرب 292 ) وقال ابن خلدون وكان من بني عقيل خفاجة بن عمرو بن عقيل كان انتقالهم إلى العراق فأقاموا به وملكوا ضواحيه وكانت لهم مقامات وذكر وهم أصحاب صولة وكثرة وهم الآن ما بين دجلة والفرات( العبر 6/12 ) وذكر القلقشندي إنهم أمراء العراق وورثوها من بني أسد ( صبح الأعشى 343 وقلائد الجمان 123 ونهاية الأرب في معرفة انساب العرب 365 ) وقد قامت لهم دولة في العراق قاعدتها الكوفة ذكر ذلك ابن الأثير في حوادث سنة سبع وتسعين وثلاثمائة للهجرة حيث قال في المحرم جرت وقعة بين معتمد الدولة أبي المنيع قرواش بن المقلد العقيلي وبين أبي علي بن ثمال الخفاجي وقد استمرت دولتهم إلى سنة إحدى وخمسين و أربعمائة .
3- عبادة :
وهو من فروع عُقيل وبطون عبادة هي :
- معاوية بن حزن بن عقيل وقد مدح شاعر قرة هلال بني معاوية هؤلاء فقال :
وجدت بني معاوية بن حزن على ما نابها صبرا كراما
كهول سادة وشباب صدق فلا كهلا ذممت ولا غلاما
يوسط جارهم فيهم ويحمى فلا فقر يخاف ولا إهتضاما
وجدت الأمن يوم حللت فيهم كامن الصيد بالحرم السهاما
كان الجار يوم يحل فيهم يجاور كعبة الله الحراما
فما حبسوا سوامهم علي ولا منعوا سوامي حيث ساما
- طهفة بن حزن بن عبادة بن عقيل وقد اشتهر من هذا البطن بنو يزيد بضم الياء وهو يزيد ابن عبد الله بن يزيد بن قيس بن حوثة طقهة بن حزن بن عبادة بن عقيل وشهرة هذا البطن ترجع إلى أمراء الموصل في أواخر القرن الرابع وفي القرن الخامس هجري( نهاية الأرب 2/341 )بنو الأخيل وهو معاوية بن عبادة بن عقيل والأخيل هو أخ لحزن والأخايل فرعان عامر وكعب وليلى الأخيلية الشاعرة المشهورة تنتسب إلى فرع كعب وقد قالت تفتخر بهم :
نحن الأخايل ما يزال غلامنا حتى يدب على العصا مذكورا
( ديوان ليلى الأخيلية 69 ) .
- بنو ربيعة بن عبادة بن عقيل واشتهر فيهم آل النفاضة الذين تقول فيهم ليلى الأخيلية :
فوارس من آل النفاضة سادة ومن آل كعب سؤدد غير معقب
( الديوان السابق ) , ومن أشهر فرسانهم هبيرة بن عامر بن ربيعة بن عبادة بن عقيل وهو أول من أدرك دهرا الجعفري في يوم النخيل ( ديوان توبة الحمير 59 ) .
- بنو عز : وهم قليلون .
وسأقوم بإيجاز كبير بذكر الدول التي أسسها بنو عبادة بن عقيل في العراق والجزيرة :
1- دولة آل المسيب في نصيبين والموصل وحلب وأسسها أبو الذواد محمد بن المسيب أمير بني عقيل سنة 380 هجري عندما انتصر على أبي طاهر الحمداني .
2- دولة آل المجلي في يعانة والحديثة من بلاد الفرات سنة 450 هجري وحاكمها هو مهارش بن المجلي .
3- دولة آل بدران في قلعة جعبر على نهر الفرات سنة 479 هجري ومؤسسها سالم بن مالك بن بدران .
4- دولة بني معن بتكريت وأسسها آل معن وهم أولاد عم آل المسيب سنة 401 هجري .
5- دولة بني وهب في هيت على نهر الفرات سنة 487 هجري وأسسها بهاء الدولة ثروان بن وهب بن وهيبة .
وبعد زوال ملك بني عبادة في العراق عادوا إلى البحرين فوجدوا بني تغلب قد ضعف ملكهم وأمرهم فتغلبوا عليهم هم وأبناء عمومتهم من بني عقيل وهم بنو المنتفق بن عامر وبنو عوف بن عامر والذين أقاموا دولة بني عصفور المشهورة ( العبر 4/91 -92 ) كما سيأتي ذكرها بشيء من التفصيل لاحقا .
انتقل هذا الفخذ من عقيل من جنوبي نجد إلى الجزيرة الفراتية على أثر مقتل توبة بن الحمير بعدما قتل منهم ثور بن أبي سمعان وقد اشتهر منهم أبو صفوان إسحاق بن مسلم بن ربيعة بن عاصم بن حزن بن عامر بن عوف من أشهر من حارب مروان بن محمد ووالي أرمينية والمقرب من أبي جعفر المنصور في صدر الدولة العباسية ( جمهرة انساب العرب 291 و292 )
5- عبد الله :
ليس لهم ذكر في بلاد عقيل في جنوبي نجد ولا في البلاد التي نزحت إليها أفخاذ عقيل الأخرى
6- معاوية :
وهو مثل أخيه عبد الله ليس لهم ذكر .
7- عامر:
أبناء عامر هذا كان لهم شان كبير في العراق والبحرين وهم أخوة ثلاثة ربيعة والمنتفق وعوف وكل واحد من هؤلاء أب لقبيلة بأجمعها وهم :
- ربيعة :
أنجب ربيعة الأبرص وأبا عدي وقحافة وعرعرة ومرة , والأبرص أنجب الحارث وهو الفارس المذكور في يوم جبلة فقد قتل زيد بن عمرو بن عدس الكعبي , وأبو عدي أنجب عويمراً وهو فارس بني عقيل وهو الذي دعا عنترة العبسي فارس العرب للمبارزة كما ذكرت القصة في صدر الكتاب .
- المنتفق :
هي قبيلة عربية كبيرة صريحة النسب وتنتسب إلى المنتفق بن عامر بن عقيل بن كعب بن ربيعه بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن سليم بن منصور بن عكرمه بن خفصة بن قيس بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان ، وقد دخلوا العراق مع الفتوحات الإسلامية .
وتعبر قبائل المنتفق من أشهر فروع عقيل لأنها شهرة استمرت منذ العصر الجاهلي إلى عصرنا هذا وقد يستمر ذكرهم في المستقبل و أبناء المنتفق هم : عامر ويرى السويدي أن أبناء عامر هذا هم : القديمات و النعايم وبنو دنفل و بنو قيس ( سبائك الذهب 46 ) ومن أبناء المنتفق كذلك معاوية وقد أنجب معاوية عمرا القائد المشهور في عصر بني أميه , والفرع الثالث من أبناء المنتفق عوف بن المنتفق وهو قاتل لقيط بن زرارة يوم جبله , والفرع الرابع : قيس بن المنتفق وهو من الفرسان المذكورين يوم جبله أيضا , والفرع الخامس : جراد بن المنتفق , والفرع السادس عبد الله بن المنتفق , والفرع السابع : حاجب بن المنتفق ومن بنى المنتفق بنو خويلد أيضا .
وقد انتقلت فروع المنتفق من مساكنها في جنوبي نجد إلى البحرين و العراق و المغرب الأقصى والأندلس , فابن سعيد وهو من علماء القرن السابع يقول : " وعامر ابن عُقيل بطون امتاز منهم بالشهرة المنتفق بن عامر بن عقيل وهم ألف فارس ومنهم بنو خويلد وهم فرسان عقيل وهم الآن بجهة البحرين" ( جمهرة أنساب العرب 291 ) .
وقال القلقشندي " ومن بني عقيل أيضا بنو المنتفق وهم بنو المنتفق بن عامر بن عقيل وقال ابن سعيد "ومنازلهم الآجام والقصب التي بين البصرة والكوفة من العراق وقال والإمارة فيهم في بني معروف وذلك في القرن التاسع الهجري , أما القرون التالية فالأخبار متواترة عن سكن المنتفق في العراق واستمرارهم في مساكنهم القديمة حول البصرة وشمالها مع الاحتفاظ بكيانهم
وقبيلتهم وهذا ثابت عن طريق المصادر الشفهية والمكتوبة فقبيلة المنتفق هي القبيلة العقيلية المحتفظة بأصلها وكيانها الاجتماعي منذ العصر الجاهلي إلى الآن , وشيوخ القبيلة في عصرنا الحالي من أسرة آل شبيب وهي الأسرة التي تنتسب إلى الأشراف من بني الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي وأنهم قدموا من الحجاز في النصف الثاني من القرن الثاني " وان قبائل
المنتفق اصطلحت على رئاستهم ( عشائر العراق 122 ) وبما أنهم زعماء بني المنتفق فيستحسن ذكر نسب أواخر أمرائهم وهو فهد بن علي بن سليمان بن منصور بن راشد بن ثامر بن سعدون بن محمد بن مانع بن شبيب بن مانع بن شبيب من آل مهنا الأشراف وكذلك من مشايخ المنتفق ممن جمع بين رئاسة القبيلة ورئاسة الوزارة في العراق ومنهم عبد المحسن بن فهد آل مهنا الشبيب الذي تولى رئاسة الوزارة من عام 1341 الى 1343 هجري وقد توفي سنة 1348 والباقون من بيت الأمارة ولهم مكانة اجتماعية إلى الآن سعدون وعبد المحسن السعدون وعبد الله الفالح وعجمي السعدون (عشائر العراق 4/121 ) وقد ذكر مؤلف الكتاب عشائر المنتفق وتناولهم بشي من
والحقيقة أن تاريخ المنتفق غامض ومتداخل بعض الشي ويصعب تفصيله ولهذا فقد قام المؤرخون بتقسيمه إلى ثلاث مراحل ونستعرضها كالتالي :
المرحلة الأولى :
هي المرحلة التي بدأ فيها اسم قبيلة المنتفق يبرز بشكل واضح في أيام الخلافة العباسية ، ومن الذين ذكروا في تلك الأيام من المنتفق الشيخ أصفر شيخ المنتفق سنة 378 هجري الذي حارب القرامطة وانتصر عليهم ، وظل الشيخ أصفر رئيساً على المنتفق إلى أن توفي عام 410 هـ ثم جعلت الرئاسة تنتقل من شيخ إلى آخر .
وأيضاً من أحداث المنتفق أنه في سنة 499 هـ اتفقت مع قبيلة ربيعه وقاموا بمهاجمة البصرة ونهبوها .
وفي سنة 517 هـ قام المنتفق ومعهم حاكم الحلة دبيس بن صدقة بمهاجمة البصرة فوجه إليهم الخليفة العساكر وهزمهم وأخرجهم من البصرة ( انظر تاريخ البصرة في سنة 532 هـ صدر الأمر من الخليفة بتعيين ( الشيخ معروف شيخ المنتفق ) والياً على البصرة وفي عام 558 هـ انضم ابن معروف ومعه قبيلته إلى حملة السلطان محمد السلجوقي وذلك لمحاربة بني أسد الذين شقوا عصا الطاعة فهزموهم شر هزيمة واجلوهم عن ديارهم وسلمت بطائحهم إلى ابن معروف فدخلتها عشائر المنتفق كما في تاريخ البصرة , وظلت عشائر المنتفق في البطائح إلى أوائل القرن الثامن الهجري وخلال هذه الفترة أشغلتهم الحروب مع الدولة وفيما بينهم فتفرقوا وتشتتوا وضعف أمرهم وهذه نهاية المرحلة الأولى .