النشأة الى الارتحال
ما يدعوني لكتابة هذا المقال هو الرغبه لتأريخ قبيله عزيزة الجانب و غاليه على قلوب الكثيرين شمالا و جنوبا و في نجد و الحجاز على حد سواء. هي قبيلة حـــــرب.
منذ قيام الممالك العربيه الجنوبيه في اليمن كانت أرض مأرب محور كثير من الأحداث و عاصمة العديد من الدول, و قد ظهرت على ساحة الأحداث قبيله اسمها حمير و نتق منها جذم كبير اسمه خولان لازال كثير منهم يعيشون على ارض مأرب منذ ما يقارب الثلاثة آلاف عام الى اليوم. يقول أحد أحفاده من بني غالب بن سعد:
أبونا الذي أهما السروج بمأرب ** وآبت الى صرواح يوماً قوافله
لسعد بن خولان رسا الملك وأستوى ** ثمانين حولاً ثم رجت زلازله
ويقول عن السؤدد و القوة اللتي كانت لهم الشاعر و خطيب العرب قس بن ساعدة الايادي:
وعلى الذي قهر البلاد بعزه ** سعد بن خولان أخو صرواح
وهي قبيلة مهابة الجانب عظيمة القدر قوية التاثير في جميع أحداث اليمن على مر العصور. من هذه القبيله خرجت مجاميع كبيره قبل الاسلام بقرون و ذلك بعد كثرة بطونهم و ضيق أرض مأرب عليهم واختارو أحد أكثر بلاد اليمن تحصينا و خصوبه و هي أرض صعده اللتي تقع بين صنعاء –شمالا- و ابها –جنوبا- و نجران و بلاد نهد شرقا و جازان و الحديده غربا. يقول في ذلك القاضي نشوان الحميري:
يقول نشوان الحميري:
بصعدة من أولاد خـولان سبعـة -- أحلّهم فيهـا القنـا والصفائـح
صحار ورشوان وحيّ وهانـيء -- وأزمع أيضـاً ثـم سعـد ورازح
مضوا معَ حجر بن الربيعة قادهم -- إلى الحقل من صرواح ليث مكافح
وإخوتهم ما بين صنعا ومـأرب -- معايشـة أوطانهـم والمسـارح
حُبيب وذكران وعمرو وأصهـب -- وقيس جميعاً و النبيت الجحاجح
بنو القرم خولان ليوث قضاعـة -- بني حمير إن صاح بالجدّ صائح
من ضمن من خرج مع تلك المجاميع قبيلة حرب بن سعد بن سعد بن خولان بن عمرو بن الحاف بن قضاعة مع بني عمهم الربيعه بن سعد بن خولان. استوطنت تلك القبيله أرض صعده و بدأت في بناء حضارتها و حصونها و زروعها حتى انضمت اليها أسر كبيره من قبيلة حمير. حتى أتى الاسلام و دخلت خولان كلها في الاسلام و ثبتت عليه و لم ترتد. وبعد الاسلام بما يقارب قرنا من الزمان بدأت الفتنه القبليه تطل برأسها على خولان و نشبت الحروب الطاحنه بين حرب و بني غالب من جهه و بين الربيعه بن سعد و الخنافر الحميريين من جهه أخرى. ومن من أهاج الفتنه و سار بها الفارس البطل عمرو بن يزيد الحربي اللذي يقول:
يقول لي عمرو و الخيل مسرعة .... تحت الكماة و قد جالت عواديها
مهلا لك الخير لا تفعل فقلت له .... أقصر فإن مميت النفس محييها
همزت مهري برجلي ثم قلت له ..... اذهب إليك فقد سارت بما فيها
أكرهته فمضى في جوف غمرتهم .... والرمح يأخذ صيدا ثم يرديها
يقول عن هذه الأبيات لسان اليمن الهمداني: ما قال أحد في العرب قديمها ولا حديثها أشجع من هذه الأبيات و هي فردة لا أخت لها.
ثم ان أهل الراي و الحكمه من حرب و الربيعه و غيرهم أخذو ينصحون عمرو بن يزيد و هو يلج في حربه ولم يتوقف و كان من ما قيل حينها على لسان الحارث بن عمرو:
إذا مالنصح ضيعه المولى .... فلا تترك مواصلة الصديق
فرب أخ لنفسك لم تلده .... لك الأم الألوف مع الشقيق
إذا عمت عليك السبل يوما .... و لم تظفر بقارعة الطريق
فسر بالقسط لا تتبع سواها .... فإن القسط مقرنة الرفيق
رأيت الحلم منجي راكبيه .... ويردي ذي الغواية و العقوق
ويفتح بالترفق كل باب ..... و يفتح بالتأني كل ضيق
أحييه تحية ذي حفاظ .... فيلقي بالتجني و العقوق
يمني النفس منه بكل سوء .... و يقطع بالعقوق عرى الحقوق
وقال ينهاه عن الغي :
أما رأيت كليبا يوم تيح له .... من كف جساس مطرور له شعل
تخاله لكلاه حين ثار على .... ناب البسوس فهذا فعله مثل
يحكيه في الشعر أقوام و كلهم .... لاموا كليبا بما قد ناله الأجل
و قال ينهاه :
يا عمرو يابن يزيد لا تكن بطرا .... فالحرب أردت زهيرا حينما جارا
لما مضى شاس جر الرمح معترضا .... وثار يبري لها نابا و أظفارا
فصبحته نياب الخيل مبكرة .... فلم تبق لها غلا و لا ثارا
و قال يوبخه لما نهكته الحرب :
نهيتك قدما يا زيد عن التي .... ترد صدور القوم دامية الكلم
فأضمرت لي غشا و أبديت بغضه .... بلا تره كانت لدي ولاجرم
فأخفرتني غيا ولم ترع حرمتي ....وقالت بنو سعد لك الرأس و الجسم
فدونك فاجرعها ذعافا كأنها .... من الصاب و الذيفان تمزج بالسم
وممن نهانه مازن بن مالك الخثعمي ، وكان جارا في بني سعد :
ياعمرو ان كليبا قام معتذرا .... فصادف الحين فاستولى به القدر
فخر يهوي على الخدين منعفرا ....من طعنة تركت أجياشها بغر
وممن نهاه عمرو بن زيد الغالبي ، فقال في شعره :
يا عمرو مهلا فإن البغي متلفة .... تردي الرئيس و تفني كل ما جمعا
لا تقطعن بالمدى منا أواصرنا .... مهلا هديت فخير النصح ما نفعا
لسنا نحب نرى فينا مولولة .... تبكي وتهتف إذا ما ألفها نزعا
إني أرى الحرب قد أبدت نواذجها .... فينا و أصبح ضوءها لمعا
فأبى إلا الفتنة .
انتهت الفتنه بالاتفاق على خروج حرب و بني غالب من أرض صعده. و توجهت حرب الى الحجاز في رحلات متقطعه حتى استقر أكبر بطونها حول المدينه المنوره. وكان من ما قيل لما انهكت الحرب الجميع و كثر القتل و بعد انتهاء الحرب :
جرت لي في الملامة آل حرب .... ولجوا في القطيعة و التمادي
وسلوا السيف في سادات قوم .... بلا ذنب أتوه و لا اعتماد
فقلت لهم وكان النصح مني .... دعوا قوما لهم عز ونادي
فلا ترة لديهم قدموها .... وهم ركن لنا و أري الزناد
فقادهم الفتى عمرو بن يزيد .... وكل القوم أسرع في الفساد
وقالو سبق أباء كرام .... وعذب مياهه غير الثماد
فأجلوا مغرقا و بني شهاب .... وحلوا في السهول وفي الجاد
ونحو الخنفرين و ال عوف .... بقصوى طود أو برك الغماد
فمهلا يال سعد لا تلحوا .... وقوموا بالجميل والسداد
فخالف رأينا منهم رجال .... وقالوا أين ذاك من الرشاد
فعدن إلى الجميل بفضل رأيي .... ولم أركن إلى قول الأعادي
فقد خالفتموني فاشربوها .... مصردة تجن على الفؤاد
نزول الحجاز
كان خروجهم ما يقارب الـ 130 هـ , و طبعا وصولهم كقبيلة الى الحجاز يحتاج الى وقت طويل , وعند وصولهم الى جوار مدينة المصطفى عليه الصلاة و السلام هاجت بينهم الفتن مع من جاور المدينه من القبائل العدنانيه مثل مزينه و سليم و عنز بن وائل, حتى أنهم أخذوا خفرات الطريق على العباسيين فأصبح لاينزل منازلهم و لا يمر بأرضهم الى من دخل في جوارهم.
حفظ الجذور و تسطير الأحداث الجسام
ذكر الأستاذ محمد سليمان الطيب في كتابه «موسوعة القبائل العربية» إنه جاء في وثيقة مؤرخة بتاريخ 3 ذو القعدة 949هـ من وثائق كتاب «الأم» المخطوط والمحفوظ في دير سانت كاترين في بلاد الطور في سيناء والذي تدون فيه جميع الاتفاقات المختصة بقبائل بلاد الطور ما نصه (... وكان مسكن الصوالحة في قرية المرواء قرب قبر الشيخ صالح وقد أتت مجموعة من الصوالحة وفي أثناء مرورهم لزيارة الشيخ صالح في وادي الطرفة قرب من الواطية وهي معروفة بوادي الشيخ صالح وقد باتت تلك المجموعة غرب الواطية وأثناء ذلك أتت عليهم مجموعة من مزينة قد نزلوا من بر الحجاز من وقت قريب وهم ثلاثة فروع وقد سكن هؤلاء المزنيون في رأس وادي الأخضر قرب الواطية كي يريحوا ظعونهم قد أتى إلى الصوالحة غرب الواطية سبعة رجال من مزينة بحجة أنهم يريدون التوطن في البلاد ويدخلون في الصوالحة بتحالف ويأخذون نصيباً في منافع البلاد. وسألهم حميد ابن حسان كبير الرضاونة من الصوالحة من أين أصلكم؟ فقالوا له: نحن مزينة حرب فقال لهم الشيخ حميد: لا توجد في قبائل حرب مزينة وأما مزينة هي قبيلة كبيرة ومعروفة في بر الحجاز قبل قبائلنا حرب ما ينحدرون من اليمن وإن كنتم تريدون التوطن معنا ونعطيكم قسمة عليكم تدفعوا نصفين من الدراهم على كل بنت تزوجونها من بناتكم!! وقال العايدي في روايته: أما أنا الشيخ يوسف العايدي اتفق مع الشيخ حميد بن حسان أي نعم لا توجد في قبائل حرب مزينة ومزينة عشيرة كبيرة ومعروفة في بر الحجاز من قبل ما تنحدر قبائل حرب من اليمن.
وقد علق محمد الطيب على ذلك بقوله: وقول الشيخ حميد لرجال مزينة إن حرب من بلاد اليمن يؤكد أن أجداد الصوالحة حتى عام 949هـ يحفظون أنسابهم ليس إلى حرب فقط ولكن يحفظون نسب حرب إلى بلاد اليمن أي للقحطانية وهذا يؤكد لنا صحة قول الهمداني في «الأكليل» إن حرب من خولان القحطانية قدمت للحجاز بعد عام 131هـ وقارعت القبائل العدنانية على كثير من المواضع وأجلتها عنها من بينها عنزة وسليم ومزينة.
قبيلة الصوالحة إحدى قبائل الطور في سيناء، وهي ترجع في أصولها إلى قبيلة حرب الخولانية وبالتحديد فإن الصوالحة من فروع ميمون من بني سالم من حرب.
وقد أكد ذلك نعوم شقير في كتابه الشهير «تاريخ سيناء» كما ذكر الأستاذ محمد الطيب أنه جاء في إحدى وثائق كتاب «الأم» مؤرخة بتاريخ 18 جمادى الآخرة عام 800هـ أن جد الصوالحة هو صالح بن حميد بن سليم من حرب الحجاز وكان له أربعة أولاد هم عارم ومنه العوارمة وحميد ومنه الحميدات ورضوان ومنه الرضاونة وناصر ومنه النواصرة. ثم قال الطيب: وأضاف الرواة من كبار الصوالحة أنهم من فروع ميمون من بني سالم من حرب.
قال محمد الحربي: للمزيد من التفاصيل انظر كتاب «موسوعة القبائل العربية» لمحمد الطيب من ص623 إلى ص633.
العلامة النسابة الفقيه محمد بن الحسن الكلاعي الحميري المتوفى سنة 404هـ والذي كان حياً يافعاً سنة 320هـ. ذكر في بعض كتبه المفقودة قبيلة حرب وأكد انتسابها إلى خولان من قضاعة من حمير من قحطان كما ذكر بعض أخبارها يدل على ذلك أن الإمام أحمد بن محمد الأشعري المتوفى سنة 550هـ وقيل 600هـ حين ذكر انتساب حرب إلى خولان وبعض أخبارها وأشعارها أورد ما يفيد أنه إنما نقل ذلك عن الكلاعي(3) والكلاعي قد عاش فترة من الزمن في صعدة كما ذكر أحمد بن أبي الرجال المتوفى سنة 1092هـ في الجزء الرابع من كتابه «مطلع البدور».
وصعدة من بلاد خولان فلا شك أن علماء صعده وخولان قد أكدوا له انتساب حرب إلى خولان كما أكدوا للهمداني من قبله بزمن قريب.
كما أن الكلاعي من حمير وكذلك قبيلة حرب من خولان من قضاعة من حمير وقد عرف عن الكلاعي شدة اعتناءه بأنساب قبائل حمير وبطونها وذكر مفاخرها وأيامها ومآثرها وملوكها وفرسانها وله في ذلك قصيدة سماها ذات الفنون تزيد على ثلاث مئة بيت يقول في أولها:
خليلي هل ربع بخيوان مقفر -- يرق لشكوى ذي الجوى ويخبر
الإمام محمد بن نشوان بن سعيد الحميري المتوفي (في الربع الأول من القرن السابع) العالم الأديب النسابة والي مخلاف خولان صعدة والمطلع على أنسابها عن قرب ووالده العلامة اللغوي النساب نشوان بن سعيد الحميري صاحب القصيدة المشهورة في ذكر نسب خولان وفخوذها والتي مطلعها(4) .
بصعدة من أولاد خولان سبعة
أحلهم فيها القنا والصفائح
صحار ورشوان وحي هانئ
وأزمع أيضاً ثم سعد ورازح
قلت: ومحمد بن نشوان هو صاحب «مختصر الأكليل» الذي وصل إلينا وفيه تأكيد انتساب حرب إلى خولان.
إن ابن حزم صاحب الخطأ الأول في نسب حرب أبعد من حيث الزمان والمكان والنسب من الهمداني والكلاعي.
كما أن ابن حزم أيضاً أبعد من حيث المكان والنسب من الأشعري ومحمد بن نشوان الحميري.
فابن حزم كان في الأندلس أما الهمداني والكلاعي والأشعري والحميري فهم أبناء الجزيرة العربية عاشوا في بلاد اليمن قريباً للجحاز والقاعدة هنا معروفة فصاحب الدار أعلم بما فيها خاصة إذا علمنا أن ثلاثة من هؤلاء العلماء وهم الهمداني والكلاعي والحيمري قد عاشوا فترة من حياتهم في صعدة أي في بلاد حرب القديمة قبل هجرتها إلى الحجاز.
ملاحظة:
إن قولي إن ابن حزم هو صاحب الخطأ الأول في نسب حرب لأن كل من نسب قبيلة حرب إلى بني هلال كالقلقشندي وابن خلدون وغيرهما إنما نقل هذا عن ابن حزم في كتابه «جمهرة أنساب العرب».
ذكر الأستاذ محمد سليمان الطيب في كتابه «موسوعة القبائل العربية» في ص678 ما نصه: (لو أن حرب مؤكد نسبهم إلى بني هلال بن عامر كما وقع ابن حزم في الخطأ لأكد ذلك الحمداني في القرن السابع للهجرة وهو أكثر احتكاكاً بقبائل العرب لأنه كان مهمنداراً للديار المصرية ويسجل أنساب القبائل من خلال دار الضيافة لها عندما تأتي وفود هذه القبائل العربية من داخل مصر ومن الجزيرة العربية ومن الشام وبلاد المغرب لمقابلة سلاطين مصر إبان القرن السابع الهجري. والحقيقة أن ابن حزم في الجمهرة قد قال نسب حرب إلى هلال بن عامر في ثلاث كلمات دون توضيح وقد انساق ابن خلدون وراء ابن حزم لأنه جاء بعده).
ثم ذكر محمد الطيب أن القلقشندي قد استند عليهما أي ابن حزم وابن خلدون ولم يؤكد القلقشندي ذلك النسب بل ذكره في ثلاث كلمات والدليل على عدم تأكيده لهذا النسب أنه قال: وذكرهم الحمداني من عرب الحجاز ولم ينسبهم في قبيلة.
جاء في كتاب مختصر رحلتي ابن عبد السلام الدرعي المغربي للشيخ حمد الجاسر ص148 ما نصه: أن الدرعي اجتمع وهو في رابغ بعربي قال عنه عليه أثر الصدق والخير وهو من قبيلة حرب من سكان الأبواء ـ قال الدرعي وسألته عن تعيين أسماء قبائل الحجاز اليوم فعين بينها قبائل شتى وقال: يا سيدي لا نجد بالحجاز قبيلة واحدة ذات شوكة إلا قد حدث سكناها بالحجاز بعد العهد النبوي وأما الذين أدركوا العهد النبوي كثقيف بناحية الطائف ونحوهم فلا تجدهم إلا ضعفاء مستضعفين متمسكين ببعض آثار الدين والخير.
قلت: لا شك أن هذا الأعرابي الحربي لم تغب عنه قبيلة بني هلال من هوازن لأنها أشهر من أن تنسى ولو كانت قبيلة حرب تنتمي إلى بني هلال لعرف ذلك ولأَخْبر به الرحالة الدرعي.
كما أن هذه الأعرابي الحربي قد أشار إلى أن قبيلة حرب سكنت الحجاز بعد العهد النبوي وذلك حين قال (لا نجد بالحجاز قبيلة واحدة ذات شوكة إلا وقد حدث سكناها بالحجاز بعد العهد النبوي) أضف إلى ذلك أن في كلام هذا الأعرابي الحربي ما يفيد بأن قبيلة حرب لا تنتمي أصلاً إلى أي قبيلة من قبائل الحجاز في العهد النبوي كهوازن وثقيف وغيرها(5) .
هذا ولا أنسى أن أذكر أن الرحالة الدرعي قد التقى بهذا الأعرابي في سنة 1198هـ.
من الشواهد التي تفيد بأن قبيلة حرب قحطانية نازحة من اليمن هو أن جميع قبائل الحجاز القديمة احتفظت بأسمائها القديمة كهذيل وخزاعة وسليم وجهينة وبلي وغيرها فلماذا لم تحتفظ حرب باسم بني هلال ألا يدل ذلك على أن حرب ليست من بني هلال خاصة إذا عرفنا ما تتمتع به قبيلة بني هلال من صيت وذكر نابه بين العرب.
من المعروف لدى العارفين بأنساب حرب أن هناك ثلاثة فخوذ من حرب تسكن في جنوب المملكة العربية السعودية وبالتحديد في بلاد خولان الشمالية وبلاد خولان السفلى وهذه الفخوذ هي (المسارحة ـ العبادل ـ حرب (فخذ احتفظ باسم القبيلة الأم).
وكل من تسأله من المسارحة أو العبادل يؤكد لك انتسابه إلى قبيلة حرب الحجازية وهو الصحيح الذي لا شك فيه.
وقد رأيت بعض النسابين ينسبون المسارحة إلى خولان وهذا هو الصواب إن كان المقصود أن المسارحة من حرب ثم من خولان أما إن كان المقصود غير ذلك فلا شك أنه وهم(6) .
سارحة من مسروح من حرب انتقلوا من الحجاز إلى هذه البلاد منذ عدة قرون أما العبادل وحرب فهم من بني سالم من حرب انتقلوا قبل مئتي عام وإن كان هناك من يرى أنهم من بقايا قبيلة حرب في اليمن.
ذكر الهمداني في «الإكليل» الجزء الأول أن محمود بن علي بن عمرو الحربي أمير بني حرب كافة كان يرق لبني سليم ويبقي عليهم لأن أمه من جشم من هوزن غير أنه في وقعة الحرة استنجد ببعض جهينة وقتلهم قتلاً ذريعاً ثم جمع لهم فصحبهم يوم الرغامة وكانت عليهم يومئذٍ عمائم خز زرق فلم يلبس سلمي بعدها عمامة زرقاء. وقد عقب على ذلك الأستاذ عاتق بن غيث البلادي في كتابه «نسب حرب» ص173 بقوله: (وهنا تحضرني قصة لطيفة فإن بني سليم الجهلة منهم طبعاً لا يطيقون ذكر محمود ولا أعلم سبب ذلك غير أن هذه القصة التي ساقها الهمداني قد تكون هي السبب فترسبت في أذهان المتأخرين دون أن يعلموا هم سببها).
وعندما كنا صغاراً كانت تمر بنا قوافل جيراننا بني سليم فنسارع نحن الصغار نقول لهم: محمود! محمود! وكان ردهم محمود عند أمك!
وحدث صاحب دكان في عسفان من أهل التقوى والصلاح فقال جاءني نفر من سليم فأخذوا يكتالون من عندي وأعجبتهم سماحتي ولما انتهيت من الكيل سألوني عن اسمي وهم يكثرون من الثناء علي وكان اسم الرجل محموداً قال فقلت لهم: اسمي محمود. ولم يعلم الرجل إنهم يكرهون هذه الكلمة.
قال: فأخذوا ينسلون واحداً بعد الآخر ولم يعودوا لأغراضهم.
قلت: وهذا من الشواهد على صدق رواية الهمداني عن نسب حرب وأخبارها.
اسم على مسمى
يستغرب كثيرون من بعض الروايات عن بطولات حرب و عليهم أن يرجعوا للاصل و البيئه اللتي خرجت منها حرب ليعلموا اي قبيله هي حرب.
فقبيلة خولان ورد ذكرها في النقوش الحميريه قبل الميلاد كقبيلة قويه و مستقله تحسب لها دولة سبأ ألف حساب بل و تسير لقتالها الجيوش الجرارهـ.
قبيلة خولان كان لها الدور الرئيسي في اخراج القرامطه من اليمن و انشاء دوله خاصه بها في صعده كما فعلت ايام الجاهليه فقد أقامت دولتها, فهي قبيلة اشبه ما تكون بدوله.
خولان منذ آلاف السنين و أرضها في اليمن لم تتغير برغم حسد الحاسدين لها و كثرة الأعداء و رغبتهم في أرضهم.
خولان ,, يقول عنها أحد ضباط الجيش المصري (هي المسئول رقم واحد عن قتل ستين ألف عسكري مصري من نخبة الجيش المصري اللذين دربهم الجيش الأحمر الروسي اللذي انتصر بدوره على الجيش النازي و احتل أجزاء كبيره من ألمانيا).
قبائل فيفاء في الجنوب من خولان ,, و قد قامت بينهم من جهه و بين قبيلة يام القويه و شريف تهامه معركتين مهمتين و كانت الأخيره بقيادة اسماعيل المكرمي بنفسه و قد منيت تلك الجموع بهزيمتين قاسيتين رغم أن أعداهم لا تصل الى نصف عدد المهاجمين و سلاحهم ليس بكثرة و جودة مهاجميهم, حتى أن أحدهم من رجال فيفاء يسد جرحه بأعواد الشجر و يقاتل حتى آخر قطرة دم ولا يسقط على الأرض الا على ظهره ليعلم الجميع أن الضربات وقعت في نحره و لكبريائهم المعروف لا يرضون أن تلتصق وجوههم بالتراب حتى لو ماتوا.
شدة البأس و قوة الشكيمة صفات تتغير بين الناس و تتفاوت.
احتج بعض من شكك في رواية الهمداني عن نسب حرب بأنه كيف يمكن لقبيلة قحطانية جالية من اليمن أن تنزل وسط قبائل عدنانية ثم تنتصر عليها وتجليها عن ديارها
نقول: هذه حجة واهية بشهادة التاريخ المدون وساورد مثالين على سبيل الاستشهاد وليس على سبيل الحصر ولعل فيهما الكفاية: ـ
المثال الأول: قال محمد سليمان الطيب وهو ينتمي إلى قبيلة سليم في كتابه «موسوعة القبائل العربية» ص650 ما نصه: (قبلة الصوالحة في جنوب سيناء ببلاد الطور والصوالحة فرع انفصل من حرب قبل سبعة قرون سكنوا بلاد الطور قبل ستة قرون فإذا نظرنا إلى هؤلاء في قوة شكيمتهم ومن ثم اعتراف الدولة المصرية بهم فور وجودهم وإعهاد حماية الحجاج المصريين وتسليم الممتلكات للدير وحدائقه إلى شيخهم قويضي بن خبيزات بن منجد رغم أن وجوده هو وجماعته لم يتجاوز اثنين وعشرين عاماً حينئذٍ ثم نرى العجب في عام 949هـ من هؤلاء الصوالحة من حرب الحجاز يخوضون ملحمة رائعة تشبه الأسطورة وهي قيامهم بهزيمة قبيلتين وهم النفيعات والعليقات رغم أن فرسان هاتين القبيلتين كانتا ضعفي عدد فرسان الصوالحة أي مئة ضد ثلاث مئة والنسبة 1/3 أي لكل رجل من الصوالحة ثلاثة رجال يقاتلهم! وهنا القتال بالسيوف وليس بالبارود يمكن لقوة مثلاً أن تأخذ ستاراً وتتصيد القوة المعادية رغم كثرتها أي هنا مواجهة رجال الصوالحة حتمية مع خصومهم والمبارزة والنزال وجهاً لوجه. والهدف من ذكر هذا المثال عن هذا العنصر ألا وهو قبيلة حرب ذات البأس والقوة وليس هذا جديداً على هؤلاء فإن اللَّه سبحانه وتعالى صنف البشر خاصة في حومة الوغى كما رأينا أن الأنصار من الأزد القحطانية اشتهروا بالصبر والجلد عند اللقاء أي في حومة الميدان وملاقاة الفرسان وأقرب دليل هو نداء العباس عم الرسول صلى الله عليه وسلّم فيهم في غزوة حنين مع هوازن واندفاعهم كالسيل الجارف على صفوف المسلمين.
فقال الأنصار لبيك لبيك ولما نظر النبي صلى الله عليه وسلّم مجتلدهم مع هوازن قال «الوطيس الآن» ويقصد صلى الله عليه وسلّم وطيس الحرب أي شدتها وضراوتها.
وكما رأينا في معركة وادي الحمام قرب قلعة الطور أن الصوالحة من حرب قد قتلوا مئتين وخمسين من أعدائهم رغم أن عددهم كان فوق المئة بقليل!! وقد أسروا أربعين رجلاً بقائدهم كما أسفلنا في سرد هذه الحرب التاريخية المدونة في وثائق كتاب «الأم» وبشهود عيان محايدين يمثلهم العايدي مشرف بعثة الحجاج المصريين المكلف من قبل الدولة وقاضي محكمة شرعية في مصر فأي فروسية مثل هذه وأي بأس لهؤلاء البشر؟!!
المثال الثاني: ذكر المؤرخون والرحالة أنه:
ـ في سنة 912هـ اضطر شريف مكة إلى الاستنجاد بسلطان نجد أجود بن زامل الجبري لدفع غائلة البادية من قبيلة حرب وبني إبراهيم فأرسل إليه جيشاً يقارب خمسين الفاً بقيادة ابنه محمد كما ذكر مؤلف كتاب «السلاح والعدة في تاريخ جدة».
ــ في عهد الشريف سعد بن زيد في سنة 1104هـ اجتمعت على الشريف قبائل العرب نحو 37 قبيلة وقصدهم أن يغزوا قبيلة حرب لأنها خرجت عن طاعة الإمام وأخذوا ذخائر أهل المدينة من حبوب وزيت وقمح وتحزبوا في وادي الصفراء كما ذكر عبد الغني النابلسي في رحلته.
قلت: ورغم انتصار الشريف إلا أنه لم يتمكن من إخضاع قبيلة حرب بدليل لجوء الشريف سعيد وهو ابن الشريف سعد بن زيد إلى شيخ حرب سنة 1116هـ.
ـ وفي سنة 1291هـ أرسل الشريف سرور إلى قبائل هذيل وثقيف وعتيبة فجمع منها جيشاً حاشداً واستنفر الأشراف فخرجوا في نصرته وقد قيل إنه كان ينثر الذهب بين المتطوعين المقاتلين وإنه جعل لكل من قطع رأساً خمسة مشاخص فنشطت القبائل للعمل معه ولما وصل بجيشه إلى مستورة بين رابغ والمدينة أرسل من يغزوا جبل صبح حتى احتله ثم اشتبك مع بطون حرب عدة اشتباكات كان له فيها الظفر.
وقد علق الشيخ عاتق بن غيث البلادي على هذه الحوادث وأمثالها بقوله: وقل إن نجد قبيلة أو شعباً تعرض لمثل هذا الاضطهاد فثبت في دياره لا يتزعزع (انظر نسب حرب ص120).
قلت: ولذلك اطلق العرب على قبيلة حرب عدة ألقاب منها حرابة الدول وحرب الروم ومنزحة القبائل وغيرها.
ختــــــــــاما
(حرب قبيلة قحطانية الأصل حجازية نجدية الموطن) ,لا صحة لقول من قال من المؤرخين المعاصرين أن حرب قبيلة ذات جذرين قحطاني وعدناني أو من قال أنها قحطانية امتزجت بها فروع عدنانية قلت لعل هؤلاء المؤرخين احتجوا بكثرة بطون هذه القبيلة ووفرة عددها لأني رأيتهم قالوا نفس الشيء عن القبائل الكبيرة الأخرى مثل مطير وقحطان وعتيبة وغيرها فزعموا أن هذه القبائل أحلاف من قحطان وعدنان وليتهم حين زعموا ذلك بينوا لنا الفخوذ العدنانية والفخوذ القحطانية في هذه القبائل لكنهم سكتوا عن ذلك مما يدل على ضعف قولهم ووهنه. ثم متى كانت الكثرة أو القلة حجة في مثل هذه الأمور ألم يقل الشاعر العربي:
وجرثومة لم يدخل الذل وسطها -- قريبة أنسابها كثير عديدها
ألم يذكر الزركلي في كتابه «الأعلام» المجلد 3 ص262: أن ذرية العباس بن عبد المطلب رضي اللَّه عنه خلال قرنين ونيف قد بلغوا ثلاثين ألفاً.
قلت: ولا شك أيضاً أن هناك من المعاصرين للعباس بن عبد المطلب رضي اللَّه عنه من انقرض نسله كأبي ذر رضي اللَّه عنه. وخذ مثلاً قبيلة شهران كانت في الجاهلية وصدر الإسلام تعد أحد فخوذ خثعم ثم مع مرور الأيام والسنين أصبح الفخذ أوفر عدداً وأكثر بطوناً وأوسع دياراً حتى أصبحت خثعم اليوم تعد أحد فخوذ قبيلة شهران.
وخذ مثلاً آخر ما ذكره ابن خلدون في كتابه «العبر» من أن قيلة المعقل كانت في عام 443هـ عند دخول الهلالية إلى بلاد المغرب لا يزيد عددها عن مئتين وهم الآن من أقوى قبائل مراكش وتفرقوا بطوناً. إذن لا يستغرب أن تبلغ قبيلة حرب زهاء أربع مئة ألف خلال ما يزيد عن ألف عام كما أنه ليس من المستغرب أن تقل قبائل أخرى أو تزيد ثم إني لم أكن السابق إلى هذا القول أقصد قولي بأن حرب ذات أرومة خولانية قحطانية لم يدخل فيها فروع عدنانية إلا فخوذ صغيرة لا تكاد تذكر.
فقد قال عبد الملك العصامي في كتابه «سمط النجوم العوالي» (4/511) وفي معرض حديثه عن حوادث سنة 1080هـ ما نصه: (وهؤلاء العرب من قبيلة تعرف بحرب ولم نعلم حرباً هذا جدهم لمن ينسب وإلى أي جيل يحسب وهم جمع كبير يشتمل على قريب من خمسين فخذاً كل فخذ يشتمل على جماعة لهم جد خاص وعليهم الدرك في حفظ الطريق من عسفان إلى المدينة الشريفة).
فهذا عبد الملك العصامي من المتقدمين يرى أن هذه الفخوذ ذات الجدود الخاصة أي المنسوبة إليها تعود إلى الجد الأكبر حرب.
وخذ من المعاصرين الأستاذ الأديب علي بن حسن العبادي رئيس نادي الطائف الأدبي قال في كتابه «نظرات في الأدب والتاريخ والأنساب» ص49 ما نصه: (فبنو حرب ليسوا قبائل شتى كما قلت آنفاً وإن انضوى إلى لوائها وانحاز إليها ولبس جلدتها مزينة وسليم وهوازن وعبيدة وبشر وهم خمس غرباء حلفاء قبيلتان وثلاث فصائل من ثلاثة وستين بطناً وفخذاً أو تزيد كلها من بني حرب صريحة محضة خالصة النسب ولولا ضيق المجال لسردت تلك البطون والفخوذ ليعلم بها من رغب الإطالة والإسهاب)
خاتمتي: هذا المقال يعود الفضل في كثير من معلوماته للاخوه الباحثين من حرب و بعض البحوث من عندي. أنا لست من قبيلة حرب و لكنهم ابناء عمنا من جبال فيفاء. اكتب هذا المقال للتأريخ و لاحقاق الحق في النسب و البطوله.
سعد بن خولان
منقول
من الاخ سعد ابن خولان
ما يدعوني لكتابة هذا المقال هو الرغبه لتأريخ قبيله عزيزة الجانب و غاليه على قلوب الكثيرين شمالا و جنوبا و في نجد و الحجاز على حد سواء. هي قبيلة حـــــرب.
منذ قيام الممالك العربيه الجنوبيه في اليمن كانت أرض مأرب محور كثير من الأحداث و عاصمة العديد من الدول, و قد ظهرت على ساحة الأحداث قبيله اسمها حمير و نتق منها جذم كبير اسمه خولان لازال كثير منهم يعيشون على ارض مأرب منذ ما يقارب الثلاثة آلاف عام الى اليوم. يقول أحد أحفاده من بني غالب بن سعد:
أبونا الذي أهما السروج بمأرب ** وآبت الى صرواح يوماً قوافله
لسعد بن خولان رسا الملك وأستوى ** ثمانين حولاً ثم رجت زلازله
ويقول عن السؤدد و القوة اللتي كانت لهم الشاعر و خطيب العرب قس بن ساعدة الايادي:
وعلى الذي قهر البلاد بعزه ** سعد بن خولان أخو صرواح
وهي قبيلة مهابة الجانب عظيمة القدر قوية التاثير في جميع أحداث اليمن على مر العصور. من هذه القبيله خرجت مجاميع كبيره قبل الاسلام بقرون و ذلك بعد كثرة بطونهم و ضيق أرض مأرب عليهم واختارو أحد أكثر بلاد اليمن تحصينا و خصوبه و هي أرض صعده اللتي تقع بين صنعاء –شمالا- و ابها –جنوبا- و نجران و بلاد نهد شرقا و جازان و الحديده غربا. يقول في ذلك القاضي نشوان الحميري:
يقول نشوان الحميري:
بصعدة من أولاد خـولان سبعـة -- أحلّهم فيهـا القنـا والصفائـح
صحار ورشوان وحيّ وهانـيء -- وأزمع أيضـاً ثـم سعـد ورازح
مضوا معَ حجر بن الربيعة قادهم -- إلى الحقل من صرواح ليث مكافح
وإخوتهم ما بين صنعا ومـأرب -- معايشـة أوطانهـم والمسـارح
حُبيب وذكران وعمرو وأصهـب -- وقيس جميعاً و النبيت الجحاجح
بنو القرم خولان ليوث قضاعـة -- بني حمير إن صاح بالجدّ صائح
من ضمن من خرج مع تلك المجاميع قبيلة حرب بن سعد بن سعد بن خولان بن عمرو بن الحاف بن قضاعة مع بني عمهم الربيعه بن سعد بن خولان. استوطنت تلك القبيله أرض صعده و بدأت في بناء حضارتها و حصونها و زروعها حتى انضمت اليها أسر كبيره من قبيلة حمير. حتى أتى الاسلام و دخلت خولان كلها في الاسلام و ثبتت عليه و لم ترتد. وبعد الاسلام بما يقارب قرنا من الزمان بدأت الفتنه القبليه تطل برأسها على خولان و نشبت الحروب الطاحنه بين حرب و بني غالب من جهه و بين الربيعه بن سعد و الخنافر الحميريين من جهه أخرى. ومن من أهاج الفتنه و سار بها الفارس البطل عمرو بن يزيد الحربي اللذي يقول:
يقول لي عمرو و الخيل مسرعة .... تحت الكماة و قد جالت عواديها
مهلا لك الخير لا تفعل فقلت له .... أقصر فإن مميت النفس محييها
همزت مهري برجلي ثم قلت له ..... اذهب إليك فقد سارت بما فيها
أكرهته فمضى في جوف غمرتهم .... والرمح يأخذ صيدا ثم يرديها
يقول عن هذه الأبيات لسان اليمن الهمداني: ما قال أحد في العرب قديمها ولا حديثها أشجع من هذه الأبيات و هي فردة لا أخت لها.
ثم ان أهل الراي و الحكمه من حرب و الربيعه و غيرهم أخذو ينصحون عمرو بن يزيد و هو يلج في حربه ولم يتوقف و كان من ما قيل حينها على لسان الحارث بن عمرو:
إذا مالنصح ضيعه المولى .... فلا تترك مواصلة الصديق
فرب أخ لنفسك لم تلده .... لك الأم الألوف مع الشقيق
إذا عمت عليك السبل يوما .... و لم تظفر بقارعة الطريق
فسر بالقسط لا تتبع سواها .... فإن القسط مقرنة الرفيق
رأيت الحلم منجي راكبيه .... ويردي ذي الغواية و العقوق
ويفتح بالترفق كل باب ..... و يفتح بالتأني كل ضيق
أحييه تحية ذي حفاظ .... فيلقي بالتجني و العقوق
يمني النفس منه بكل سوء .... و يقطع بالعقوق عرى الحقوق
وقال ينهاه عن الغي :
أما رأيت كليبا يوم تيح له .... من كف جساس مطرور له شعل
تخاله لكلاه حين ثار على .... ناب البسوس فهذا فعله مثل
يحكيه في الشعر أقوام و كلهم .... لاموا كليبا بما قد ناله الأجل
و قال ينهاه :
يا عمرو يابن يزيد لا تكن بطرا .... فالحرب أردت زهيرا حينما جارا
لما مضى شاس جر الرمح معترضا .... وثار يبري لها نابا و أظفارا
فصبحته نياب الخيل مبكرة .... فلم تبق لها غلا و لا ثارا
و قال يوبخه لما نهكته الحرب :
نهيتك قدما يا زيد عن التي .... ترد صدور القوم دامية الكلم
فأضمرت لي غشا و أبديت بغضه .... بلا تره كانت لدي ولاجرم
فأخفرتني غيا ولم ترع حرمتي ....وقالت بنو سعد لك الرأس و الجسم
فدونك فاجرعها ذعافا كأنها .... من الصاب و الذيفان تمزج بالسم
وممن نهانه مازن بن مالك الخثعمي ، وكان جارا في بني سعد :
ياعمرو ان كليبا قام معتذرا .... فصادف الحين فاستولى به القدر
فخر يهوي على الخدين منعفرا ....من طعنة تركت أجياشها بغر
وممن نهاه عمرو بن زيد الغالبي ، فقال في شعره :
يا عمرو مهلا فإن البغي متلفة .... تردي الرئيس و تفني كل ما جمعا
لا تقطعن بالمدى منا أواصرنا .... مهلا هديت فخير النصح ما نفعا
لسنا نحب نرى فينا مولولة .... تبكي وتهتف إذا ما ألفها نزعا
إني أرى الحرب قد أبدت نواذجها .... فينا و أصبح ضوءها لمعا
فأبى إلا الفتنة .
انتهت الفتنه بالاتفاق على خروج حرب و بني غالب من أرض صعده. و توجهت حرب الى الحجاز في رحلات متقطعه حتى استقر أكبر بطونها حول المدينه المنوره. وكان من ما قيل لما انهكت الحرب الجميع و كثر القتل و بعد انتهاء الحرب :
جرت لي في الملامة آل حرب .... ولجوا في القطيعة و التمادي
وسلوا السيف في سادات قوم .... بلا ذنب أتوه و لا اعتماد
فقلت لهم وكان النصح مني .... دعوا قوما لهم عز ونادي
فلا ترة لديهم قدموها .... وهم ركن لنا و أري الزناد
فقادهم الفتى عمرو بن يزيد .... وكل القوم أسرع في الفساد
وقالو سبق أباء كرام .... وعذب مياهه غير الثماد
فأجلوا مغرقا و بني شهاب .... وحلوا في السهول وفي الجاد
ونحو الخنفرين و ال عوف .... بقصوى طود أو برك الغماد
فمهلا يال سعد لا تلحوا .... وقوموا بالجميل والسداد
فخالف رأينا منهم رجال .... وقالوا أين ذاك من الرشاد
فعدن إلى الجميل بفضل رأيي .... ولم أركن إلى قول الأعادي
فقد خالفتموني فاشربوها .... مصردة تجن على الفؤاد
نزول الحجاز
كان خروجهم ما يقارب الـ 130 هـ , و طبعا وصولهم كقبيلة الى الحجاز يحتاج الى وقت طويل , وعند وصولهم الى جوار مدينة المصطفى عليه الصلاة و السلام هاجت بينهم الفتن مع من جاور المدينه من القبائل العدنانيه مثل مزينه و سليم و عنز بن وائل, حتى أنهم أخذوا خفرات الطريق على العباسيين فأصبح لاينزل منازلهم و لا يمر بأرضهم الى من دخل في جوارهم.
حفظ الجذور و تسطير الأحداث الجسام
ذكر الأستاذ محمد سليمان الطيب في كتابه «موسوعة القبائل العربية» إنه جاء في وثيقة مؤرخة بتاريخ 3 ذو القعدة 949هـ من وثائق كتاب «الأم» المخطوط والمحفوظ في دير سانت كاترين في بلاد الطور في سيناء والذي تدون فيه جميع الاتفاقات المختصة بقبائل بلاد الطور ما نصه (... وكان مسكن الصوالحة في قرية المرواء قرب قبر الشيخ صالح وقد أتت مجموعة من الصوالحة وفي أثناء مرورهم لزيارة الشيخ صالح في وادي الطرفة قرب من الواطية وهي معروفة بوادي الشيخ صالح وقد باتت تلك المجموعة غرب الواطية وأثناء ذلك أتت عليهم مجموعة من مزينة قد نزلوا من بر الحجاز من وقت قريب وهم ثلاثة فروع وقد سكن هؤلاء المزنيون في رأس وادي الأخضر قرب الواطية كي يريحوا ظعونهم قد أتى إلى الصوالحة غرب الواطية سبعة رجال من مزينة بحجة أنهم يريدون التوطن في البلاد ويدخلون في الصوالحة بتحالف ويأخذون نصيباً في منافع البلاد. وسألهم حميد ابن حسان كبير الرضاونة من الصوالحة من أين أصلكم؟ فقالوا له: نحن مزينة حرب فقال لهم الشيخ حميد: لا توجد في قبائل حرب مزينة وأما مزينة هي قبيلة كبيرة ومعروفة في بر الحجاز قبل قبائلنا حرب ما ينحدرون من اليمن وإن كنتم تريدون التوطن معنا ونعطيكم قسمة عليكم تدفعوا نصفين من الدراهم على كل بنت تزوجونها من بناتكم!! وقال العايدي في روايته: أما أنا الشيخ يوسف العايدي اتفق مع الشيخ حميد بن حسان أي نعم لا توجد في قبائل حرب مزينة ومزينة عشيرة كبيرة ومعروفة في بر الحجاز من قبل ما تنحدر قبائل حرب من اليمن.
وقد علق محمد الطيب على ذلك بقوله: وقول الشيخ حميد لرجال مزينة إن حرب من بلاد اليمن يؤكد أن أجداد الصوالحة حتى عام 949هـ يحفظون أنسابهم ليس إلى حرب فقط ولكن يحفظون نسب حرب إلى بلاد اليمن أي للقحطانية وهذا يؤكد لنا صحة قول الهمداني في «الأكليل» إن حرب من خولان القحطانية قدمت للحجاز بعد عام 131هـ وقارعت القبائل العدنانية على كثير من المواضع وأجلتها عنها من بينها عنزة وسليم ومزينة.
قبيلة الصوالحة إحدى قبائل الطور في سيناء، وهي ترجع في أصولها إلى قبيلة حرب الخولانية وبالتحديد فإن الصوالحة من فروع ميمون من بني سالم من حرب.
وقد أكد ذلك نعوم شقير في كتابه الشهير «تاريخ سيناء» كما ذكر الأستاذ محمد الطيب أنه جاء في إحدى وثائق كتاب «الأم» مؤرخة بتاريخ 18 جمادى الآخرة عام 800هـ أن جد الصوالحة هو صالح بن حميد بن سليم من حرب الحجاز وكان له أربعة أولاد هم عارم ومنه العوارمة وحميد ومنه الحميدات ورضوان ومنه الرضاونة وناصر ومنه النواصرة. ثم قال الطيب: وأضاف الرواة من كبار الصوالحة أنهم من فروع ميمون من بني سالم من حرب.
قال محمد الحربي: للمزيد من التفاصيل انظر كتاب «موسوعة القبائل العربية» لمحمد الطيب من ص623 إلى ص633.
العلامة النسابة الفقيه محمد بن الحسن الكلاعي الحميري المتوفى سنة 404هـ والذي كان حياً يافعاً سنة 320هـ. ذكر في بعض كتبه المفقودة قبيلة حرب وأكد انتسابها إلى خولان من قضاعة من حمير من قحطان كما ذكر بعض أخبارها يدل على ذلك أن الإمام أحمد بن محمد الأشعري المتوفى سنة 550هـ وقيل 600هـ حين ذكر انتساب حرب إلى خولان وبعض أخبارها وأشعارها أورد ما يفيد أنه إنما نقل ذلك عن الكلاعي(3) والكلاعي قد عاش فترة من الزمن في صعدة كما ذكر أحمد بن أبي الرجال المتوفى سنة 1092هـ في الجزء الرابع من كتابه «مطلع البدور».
وصعدة من بلاد خولان فلا شك أن علماء صعده وخولان قد أكدوا له انتساب حرب إلى خولان كما أكدوا للهمداني من قبله بزمن قريب.
كما أن الكلاعي من حمير وكذلك قبيلة حرب من خولان من قضاعة من حمير وقد عرف عن الكلاعي شدة اعتناءه بأنساب قبائل حمير وبطونها وذكر مفاخرها وأيامها ومآثرها وملوكها وفرسانها وله في ذلك قصيدة سماها ذات الفنون تزيد على ثلاث مئة بيت يقول في أولها:
خليلي هل ربع بخيوان مقفر -- يرق لشكوى ذي الجوى ويخبر
الإمام محمد بن نشوان بن سعيد الحميري المتوفي (في الربع الأول من القرن السابع) العالم الأديب النسابة والي مخلاف خولان صعدة والمطلع على أنسابها عن قرب ووالده العلامة اللغوي النساب نشوان بن سعيد الحميري صاحب القصيدة المشهورة في ذكر نسب خولان وفخوذها والتي مطلعها(4) .
بصعدة من أولاد خولان سبعة
أحلهم فيها القنا والصفائح
صحار ورشوان وحي هانئ
وأزمع أيضاً ثم سعد ورازح
قلت: ومحمد بن نشوان هو صاحب «مختصر الأكليل» الذي وصل إلينا وفيه تأكيد انتساب حرب إلى خولان.
إن ابن حزم صاحب الخطأ الأول في نسب حرب أبعد من حيث الزمان والمكان والنسب من الهمداني والكلاعي.
كما أن ابن حزم أيضاً أبعد من حيث المكان والنسب من الأشعري ومحمد بن نشوان الحميري.
فابن حزم كان في الأندلس أما الهمداني والكلاعي والأشعري والحميري فهم أبناء الجزيرة العربية عاشوا في بلاد اليمن قريباً للجحاز والقاعدة هنا معروفة فصاحب الدار أعلم بما فيها خاصة إذا علمنا أن ثلاثة من هؤلاء العلماء وهم الهمداني والكلاعي والحيمري قد عاشوا فترة من حياتهم في صعدة أي في بلاد حرب القديمة قبل هجرتها إلى الحجاز.
ملاحظة:
إن قولي إن ابن حزم هو صاحب الخطأ الأول في نسب حرب لأن كل من نسب قبيلة حرب إلى بني هلال كالقلقشندي وابن خلدون وغيرهما إنما نقل هذا عن ابن حزم في كتابه «جمهرة أنساب العرب».
ذكر الأستاذ محمد سليمان الطيب في كتابه «موسوعة القبائل العربية» في ص678 ما نصه: (لو أن حرب مؤكد نسبهم إلى بني هلال بن عامر كما وقع ابن حزم في الخطأ لأكد ذلك الحمداني في القرن السابع للهجرة وهو أكثر احتكاكاً بقبائل العرب لأنه كان مهمنداراً للديار المصرية ويسجل أنساب القبائل من خلال دار الضيافة لها عندما تأتي وفود هذه القبائل العربية من داخل مصر ومن الجزيرة العربية ومن الشام وبلاد المغرب لمقابلة سلاطين مصر إبان القرن السابع الهجري. والحقيقة أن ابن حزم في الجمهرة قد قال نسب حرب إلى هلال بن عامر في ثلاث كلمات دون توضيح وقد انساق ابن خلدون وراء ابن حزم لأنه جاء بعده).
ثم ذكر محمد الطيب أن القلقشندي قد استند عليهما أي ابن حزم وابن خلدون ولم يؤكد القلقشندي ذلك النسب بل ذكره في ثلاث كلمات والدليل على عدم تأكيده لهذا النسب أنه قال: وذكرهم الحمداني من عرب الحجاز ولم ينسبهم في قبيلة.
جاء في كتاب مختصر رحلتي ابن عبد السلام الدرعي المغربي للشيخ حمد الجاسر ص148 ما نصه: أن الدرعي اجتمع وهو في رابغ بعربي قال عنه عليه أثر الصدق والخير وهو من قبيلة حرب من سكان الأبواء ـ قال الدرعي وسألته عن تعيين أسماء قبائل الحجاز اليوم فعين بينها قبائل شتى وقال: يا سيدي لا نجد بالحجاز قبيلة واحدة ذات شوكة إلا قد حدث سكناها بالحجاز بعد العهد النبوي وأما الذين أدركوا العهد النبوي كثقيف بناحية الطائف ونحوهم فلا تجدهم إلا ضعفاء مستضعفين متمسكين ببعض آثار الدين والخير.
قلت: لا شك أن هذا الأعرابي الحربي لم تغب عنه قبيلة بني هلال من هوازن لأنها أشهر من أن تنسى ولو كانت قبيلة حرب تنتمي إلى بني هلال لعرف ذلك ولأَخْبر به الرحالة الدرعي.
كما أن هذه الأعرابي الحربي قد أشار إلى أن قبيلة حرب سكنت الحجاز بعد العهد النبوي وذلك حين قال (لا نجد بالحجاز قبيلة واحدة ذات شوكة إلا وقد حدث سكناها بالحجاز بعد العهد النبوي) أضف إلى ذلك أن في كلام هذا الأعرابي الحربي ما يفيد بأن قبيلة حرب لا تنتمي أصلاً إلى أي قبيلة من قبائل الحجاز في العهد النبوي كهوازن وثقيف وغيرها(5) .
هذا ولا أنسى أن أذكر أن الرحالة الدرعي قد التقى بهذا الأعرابي في سنة 1198هـ.
من الشواهد التي تفيد بأن قبيلة حرب قحطانية نازحة من اليمن هو أن جميع قبائل الحجاز القديمة احتفظت بأسمائها القديمة كهذيل وخزاعة وسليم وجهينة وبلي وغيرها فلماذا لم تحتفظ حرب باسم بني هلال ألا يدل ذلك على أن حرب ليست من بني هلال خاصة إذا عرفنا ما تتمتع به قبيلة بني هلال من صيت وذكر نابه بين العرب.
من المعروف لدى العارفين بأنساب حرب أن هناك ثلاثة فخوذ من حرب تسكن في جنوب المملكة العربية السعودية وبالتحديد في بلاد خولان الشمالية وبلاد خولان السفلى وهذه الفخوذ هي (المسارحة ـ العبادل ـ حرب (فخذ احتفظ باسم القبيلة الأم).
وكل من تسأله من المسارحة أو العبادل يؤكد لك انتسابه إلى قبيلة حرب الحجازية وهو الصحيح الذي لا شك فيه.
وقد رأيت بعض النسابين ينسبون المسارحة إلى خولان وهذا هو الصواب إن كان المقصود أن المسارحة من حرب ثم من خولان أما إن كان المقصود غير ذلك فلا شك أنه وهم(6) .
سارحة من مسروح من حرب انتقلوا من الحجاز إلى هذه البلاد منذ عدة قرون أما العبادل وحرب فهم من بني سالم من حرب انتقلوا قبل مئتي عام وإن كان هناك من يرى أنهم من بقايا قبيلة حرب في اليمن.
ذكر الهمداني في «الإكليل» الجزء الأول أن محمود بن علي بن عمرو الحربي أمير بني حرب كافة كان يرق لبني سليم ويبقي عليهم لأن أمه من جشم من هوزن غير أنه في وقعة الحرة استنجد ببعض جهينة وقتلهم قتلاً ذريعاً ثم جمع لهم فصحبهم يوم الرغامة وكانت عليهم يومئذٍ عمائم خز زرق فلم يلبس سلمي بعدها عمامة زرقاء. وقد عقب على ذلك الأستاذ عاتق بن غيث البلادي في كتابه «نسب حرب» ص173 بقوله: (وهنا تحضرني قصة لطيفة فإن بني سليم الجهلة منهم طبعاً لا يطيقون ذكر محمود ولا أعلم سبب ذلك غير أن هذه القصة التي ساقها الهمداني قد تكون هي السبب فترسبت في أذهان المتأخرين دون أن يعلموا هم سببها).
وعندما كنا صغاراً كانت تمر بنا قوافل جيراننا بني سليم فنسارع نحن الصغار نقول لهم: محمود! محمود! وكان ردهم محمود عند أمك!
وحدث صاحب دكان في عسفان من أهل التقوى والصلاح فقال جاءني نفر من سليم فأخذوا يكتالون من عندي وأعجبتهم سماحتي ولما انتهيت من الكيل سألوني عن اسمي وهم يكثرون من الثناء علي وكان اسم الرجل محموداً قال فقلت لهم: اسمي محمود. ولم يعلم الرجل إنهم يكرهون هذه الكلمة.
قال: فأخذوا ينسلون واحداً بعد الآخر ولم يعودوا لأغراضهم.
قلت: وهذا من الشواهد على صدق رواية الهمداني عن نسب حرب وأخبارها.
اسم على مسمى
يستغرب كثيرون من بعض الروايات عن بطولات حرب و عليهم أن يرجعوا للاصل و البيئه اللتي خرجت منها حرب ليعلموا اي قبيله هي حرب.
فقبيلة خولان ورد ذكرها في النقوش الحميريه قبل الميلاد كقبيلة قويه و مستقله تحسب لها دولة سبأ ألف حساب بل و تسير لقتالها الجيوش الجرارهـ.
قبيلة خولان كان لها الدور الرئيسي في اخراج القرامطه من اليمن و انشاء دوله خاصه بها في صعده كما فعلت ايام الجاهليه فقد أقامت دولتها, فهي قبيلة اشبه ما تكون بدوله.
خولان منذ آلاف السنين و أرضها في اليمن لم تتغير برغم حسد الحاسدين لها و كثرة الأعداء و رغبتهم في أرضهم.
خولان ,, يقول عنها أحد ضباط الجيش المصري (هي المسئول رقم واحد عن قتل ستين ألف عسكري مصري من نخبة الجيش المصري اللذين دربهم الجيش الأحمر الروسي اللذي انتصر بدوره على الجيش النازي و احتل أجزاء كبيره من ألمانيا).
قبائل فيفاء في الجنوب من خولان ,, و قد قامت بينهم من جهه و بين قبيلة يام القويه و شريف تهامه معركتين مهمتين و كانت الأخيره بقيادة اسماعيل المكرمي بنفسه و قد منيت تلك الجموع بهزيمتين قاسيتين رغم أن أعداهم لا تصل الى نصف عدد المهاجمين و سلاحهم ليس بكثرة و جودة مهاجميهم, حتى أن أحدهم من رجال فيفاء يسد جرحه بأعواد الشجر و يقاتل حتى آخر قطرة دم ولا يسقط على الأرض الا على ظهره ليعلم الجميع أن الضربات وقعت في نحره و لكبريائهم المعروف لا يرضون أن تلتصق وجوههم بالتراب حتى لو ماتوا.
شدة البأس و قوة الشكيمة صفات تتغير بين الناس و تتفاوت.
احتج بعض من شكك في رواية الهمداني عن نسب حرب بأنه كيف يمكن لقبيلة قحطانية جالية من اليمن أن تنزل وسط قبائل عدنانية ثم تنتصر عليها وتجليها عن ديارها
نقول: هذه حجة واهية بشهادة التاريخ المدون وساورد مثالين على سبيل الاستشهاد وليس على سبيل الحصر ولعل فيهما الكفاية: ـ
المثال الأول: قال محمد سليمان الطيب وهو ينتمي إلى قبيلة سليم في كتابه «موسوعة القبائل العربية» ص650 ما نصه: (قبلة الصوالحة في جنوب سيناء ببلاد الطور والصوالحة فرع انفصل من حرب قبل سبعة قرون سكنوا بلاد الطور قبل ستة قرون فإذا نظرنا إلى هؤلاء في قوة شكيمتهم ومن ثم اعتراف الدولة المصرية بهم فور وجودهم وإعهاد حماية الحجاج المصريين وتسليم الممتلكات للدير وحدائقه إلى شيخهم قويضي بن خبيزات بن منجد رغم أن وجوده هو وجماعته لم يتجاوز اثنين وعشرين عاماً حينئذٍ ثم نرى العجب في عام 949هـ من هؤلاء الصوالحة من حرب الحجاز يخوضون ملحمة رائعة تشبه الأسطورة وهي قيامهم بهزيمة قبيلتين وهم النفيعات والعليقات رغم أن فرسان هاتين القبيلتين كانتا ضعفي عدد فرسان الصوالحة أي مئة ضد ثلاث مئة والنسبة 1/3 أي لكل رجل من الصوالحة ثلاثة رجال يقاتلهم! وهنا القتال بالسيوف وليس بالبارود يمكن لقوة مثلاً أن تأخذ ستاراً وتتصيد القوة المعادية رغم كثرتها أي هنا مواجهة رجال الصوالحة حتمية مع خصومهم والمبارزة والنزال وجهاً لوجه. والهدف من ذكر هذا المثال عن هذا العنصر ألا وهو قبيلة حرب ذات البأس والقوة وليس هذا جديداً على هؤلاء فإن اللَّه سبحانه وتعالى صنف البشر خاصة في حومة الوغى كما رأينا أن الأنصار من الأزد القحطانية اشتهروا بالصبر والجلد عند اللقاء أي في حومة الميدان وملاقاة الفرسان وأقرب دليل هو نداء العباس عم الرسول صلى الله عليه وسلّم فيهم في غزوة حنين مع هوازن واندفاعهم كالسيل الجارف على صفوف المسلمين.
فقال الأنصار لبيك لبيك ولما نظر النبي صلى الله عليه وسلّم مجتلدهم مع هوازن قال «الوطيس الآن» ويقصد صلى الله عليه وسلّم وطيس الحرب أي شدتها وضراوتها.
وكما رأينا في معركة وادي الحمام قرب قلعة الطور أن الصوالحة من حرب قد قتلوا مئتين وخمسين من أعدائهم رغم أن عددهم كان فوق المئة بقليل!! وقد أسروا أربعين رجلاً بقائدهم كما أسفلنا في سرد هذه الحرب التاريخية المدونة في وثائق كتاب «الأم» وبشهود عيان محايدين يمثلهم العايدي مشرف بعثة الحجاج المصريين المكلف من قبل الدولة وقاضي محكمة شرعية في مصر فأي فروسية مثل هذه وأي بأس لهؤلاء البشر؟!!
المثال الثاني: ذكر المؤرخون والرحالة أنه:
ـ في سنة 912هـ اضطر شريف مكة إلى الاستنجاد بسلطان نجد أجود بن زامل الجبري لدفع غائلة البادية من قبيلة حرب وبني إبراهيم فأرسل إليه جيشاً يقارب خمسين الفاً بقيادة ابنه محمد كما ذكر مؤلف كتاب «السلاح والعدة في تاريخ جدة».
ــ في عهد الشريف سعد بن زيد في سنة 1104هـ اجتمعت على الشريف قبائل العرب نحو 37 قبيلة وقصدهم أن يغزوا قبيلة حرب لأنها خرجت عن طاعة الإمام وأخذوا ذخائر أهل المدينة من حبوب وزيت وقمح وتحزبوا في وادي الصفراء كما ذكر عبد الغني النابلسي في رحلته.
قلت: ورغم انتصار الشريف إلا أنه لم يتمكن من إخضاع قبيلة حرب بدليل لجوء الشريف سعيد وهو ابن الشريف سعد بن زيد إلى شيخ حرب سنة 1116هـ.
ـ وفي سنة 1291هـ أرسل الشريف سرور إلى قبائل هذيل وثقيف وعتيبة فجمع منها جيشاً حاشداً واستنفر الأشراف فخرجوا في نصرته وقد قيل إنه كان ينثر الذهب بين المتطوعين المقاتلين وإنه جعل لكل من قطع رأساً خمسة مشاخص فنشطت القبائل للعمل معه ولما وصل بجيشه إلى مستورة بين رابغ والمدينة أرسل من يغزوا جبل صبح حتى احتله ثم اشتبك مع بطون حرب عدة اشتباكات كان له فيها الظفر.
وقد علق الشيخ عاتق بن غيث البلادي على هذه الحوادث وأمثالها بقوله: وقل إن نجد قبيلة أو شعباً تعرض لمثل هذا الاضطهاد فثبت في دياره لا يتزعزع (انظر نسب حرب ص120).
قلت: ولذلك اطلق العرب على قبيلة حرب عدة ألقاب منها حرابة الدول وحرب الروم ومنزحة القبائل وغيرها.
ختــــــــــاما
(حرب قبيلة قحطانية الأصل حجازية نجدية الموطن) ,لا صحة لقول من قال من المؤرخين المعاصرين أن حرب قبيلة ذات جذرين قحطاني وعدناني أو من قال أنها قحطانية امتزجت بها فروع عدنانية قلت لعل هؤلاء المؤرخين احتجوا بكثرة بطون هذه القبيلة ووفرة عددها لأني رأيتهم قالوا نفس الشيء عن القبائل الكبيرة الأخرى مثل مطير وقحطان وعتيبة وغيرها فزعموا أن هذه القبائل أحلاف من قحطان وعدنان وليتهم حين زعموا ذلك بينوا لنا الفخوذ العدنانية والفخوذ القحطانية في هذه القبائل لكنهم سكتوا عن ذلك مما يدل على ضعف قولهم ووهنه. ثم متى كانت الكثرة أو القلة حجة في مثل هذه الأمور ألم يقل الشاعر العربي:
وجرثومة لم يدخل الذل وسطها -- قريبة أنسابها كثير عديدها
ألم يذكر الزركلي في كتابه «الأعلام» المجلد 3 ص262: أن ذرية العباس بن عبد المطلب رضي اللَّه عنه خلال قرنين ونيف قد بلغوا ثلاثين ألفاً.
قلت: ولا شك أيضاً أن هناك من المعاصرين للعباس بن عبد المطلب رضي اللَّه عنه من انقرض نسله كأبي ذر رضي اللَّه عنه. وخذ مثلاً قبيلة شهران كانت في الجاهلية وصدر الإسلام تعد أحد فخوذ خثعم ثم مع مرور الأيام والسنين أصبح الفخذ أوفر عدداً وأكثر بطوناً وأوسع دياراً حتى أصبحت خثعم اليوم تعد أحد فخوذ قبيلة شهران.
وخذ مثلاً آخر ما ذكره ابن خلدون في كتابه «العبر» من أن قيلة المعقل كانت في عام 443هـ عند دخول الهلالية إلى بلاد المغرب لا يزيد عددها عن مئتين وهم الآن من أقوى قبائل مراكش وتفرقوا بطوناً. إذن لا يستغرب أن تبلغ قبيلة حرب زهاء أربع مئة ألف خلال ما يزيد عن ألف عام كما أنه ليس من المستغرب أن تقل قبائل أخرى أو تزيد ثم إني لم أكن السابق إلى هذا القول أقصد قولي بأن حرب ذات أرومة خولانية قحطانية لم يدخل فيها فروع عدنانية إلا فخوذ صغيرة لا تكاد تذكر.
فقد قال عبد الملك العصامي في كتابه «سمط النجوم العوالي» (4/511) وفي معرض حديثه عن حوادث سنة 1080هـ ما نصه: (وهؤلاء العرب من قبيلة تعرف بحرب ولم نعلم حرباً هذا جدهم لمن ينسب وإلى أي جيل يحسب وهم جمع كبير يشتمل على قريب من خمسين فخذاً كل فخذ يشتمل على جماعة لهم جد خاص وعليهم الدرك في حفظ الطريق من عسفان إلى المدينة الشريفة).
فهذا عبد الملك العصامي من المتقدمين يرى أن هذه الفخوذ ذات الجدود الخاصة أي المنسوبة إليها تعود إلى الجد الأكبر حرب.
وخذ من المعاصرين الأستاذ الأديب علي بن حسن العبادي رئيس نادي الطائف الأدبي قال في كتابه «نظرات في الأدب والتاريخ والأنساب» ص49 ما نصه: (فبنو حرب ليسوا قبائل شتى كما قلت آنفاً وإن انضوى إلى لوائها وانحاز إليها ولبس جلدتها مزينة وسليم وهوازن وعبيدة وبشر وهم خمس غرباء حلفاء قبيلتان وثلاث فصائل من ثلاثة وستين بطناً وفخذاً أو تزيد كلها من بني حرب صريحة محضة خالصة النسب ولولا ضيق المجال لسردت تلك البطون والفخوذ ليعلم بها من رغب الإطالة والإسهاب)
خاتمتي: هذا المقال يعود الفضل في كثير من معلوماته للاخوه الباحثين من حرب و بعض البحوث من عندي. أنا لست من قبيلة حرب و لكنهم ابناء عمنا من جبال فيفاء. اكتب هذا المقال للتأريخ و لاحقاق الحق في النسب و البطوله.
سعد بن خولان
منقول
من الاخ سعد ابن خولان