ونفي وهب بن منبه وإبن الكلبي بأن يكون النبي هود عليه السلام أباً لليمن.
قال المسعودي :
وكان الهيثم بن عدي الطائي(اليماني) ينكر أيضاً ان يكون قحطان من ولد اسماعيل، وإنما إسماعيل تكلم بلغة جرهم، لأن اسماعيل سرياني اللسان على لغة أبيه خليل الرحمن حين أسكنه هو وأمه هاجر مكة على ما ذكرنا، فصاهر جرهم، ونشأ على لغتهم.
قال :
ونزار تأبى أن يكون إسماعيل نشأ على لغة جُرْهم، ويقولون: إن الله عز وجل أعطاه هذه اللغة، وذلك أن إبراهيم خلفه هو وأمه هاجر، وإسماعيل ابن ست عشرة سنة، وقيل: ابن أربع عشرة سنة، في واد غير ذي زرع، ولا أنيس، فحفظها الله تعالى، وأنبع لها زمزم، وعَلّم إسماعيل هذه اللغة العربية.
قالوا: ولغة جرهم غير هذه اللغة، ووجدنا لغة ولد قحطان بخلاف لغة ولد نزار بن معد، فهذا يقضي بإبطال قول من قال: إن إسماعيل أعرب بلغة جرهم، ولو وجب أن يكون إسماعيل إنما كان عربي اللسان لأجل جرهم ونَشْئِه فيها لوجب أن تكون لغته موافقة للغة جرهم، أو لغير ممن نزل مكة، وقد وجدنا قحطان سرياني اللسان، وولده يعرب بخلاف لسانه، وليس منزلة يعرب عند اللّه أعلى من منزلة إسماعيل، ولا منزل قحطان أعلى من منزلة إبراهيم خليل الرحمن فيمنع إسماعيل فضيلة اللسان العربي التي أعطيها يعرب بن قحطان.
قلت وقد ذكرنا ما قاله أبو عمرو بن العلاء وهو قوله : مالسان حمير بلساننا ولا عربيتهم كعربيتنا
قلت وقوله كان لسان ابراهيم سريانيا يقصد ان لسانه اراميا لان السريانية متأخرة عن زمن ابراهيم عليه السلام ومن الارامية جاءت السريانية كما هو معروف.
وهذا دليل على كذب مقولة ان اسماعيل تعلم اللغة من جرهم.
خرافة جرهم وتفنيد ابن كثير لها
قال ابن عباس: قال النبي ﷺ:
« يرحم الله أم اسماعيل لو تركت زمزم ».
أو قال: « لو لم تغرف من الماء لكانت زمزم عينًا معينًا »
فشربت وأرضعت ولدها، فقال لها الملك: لا تخافي الضيعة، فإن ههنا بيت الله يبني هذا الغلام وأبوه، وإن الله لا يضيع أهله.
وكان البيت مرتفعًا من الأرض كالرابية، تأتيه السيول فتأخذ عن يمينه وعن شماله، فكانت كذلك حتى مرت بهم رفقة من جرهم، أو أهل بيت من جرهم، مقبلين من طريق كذا، فنزلوا في أسفل مكة فرأوا طائرًا عائفًا.
فقالوا: إن هذا الطائر ليدور على الماء، لعهدنا بهذا الوادي وما فيه ماء، فأرسلوا جريًا أو جريين فإذا هم بالماء، فرجعوا فأخبروهم بالماء فأقبلوا، قال: وأم إسماعيل عند الماء.
فقالوا: تأذنين لنا أن ننزل عندك؟ قالت: نعم، ولكن لا حق لكم في الماء.
قالوا: نعم.
قال عبد الله بن عباس: قال النبي ﷺ:
فألقى ذلك أم إسماعيل وهي تحب الإنس، فنزلوا وأرسلوا إلى أهليهم فنزلوا معهم، حتى إذا كان بها أهل أبيات منهم، وشب الغلام وتعلم العربية منهم، وأنفسهم وأعجبهم حين شب، فلما أدرك زوجوه امرأة منهم إلى آخر القصة.
قال: حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا أبو عامر عبد الله بن عمرو، حدثنا إبراهيم بن نافع، عن كثير بن كثير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال:
لما كان من إبراهيم وأهله ما كان، خرج بإسماعيل وأم إسماعيل ومعهم شنة فيها ماء، وذكر تمامه بنحو ما تقدم،
لاحظ هنا قول إبن كثير :
وهذا الحديث من كلام ابن عباس، وموشح برفع بعضه، وفي بعضه غرابة وكأنه مما تلقاه ابن عباس عن الإسرائيليات.
وفيه أن إسماعيل كان رضيعًا إذ ذاك، وعند أهل التوراة أن إبراهيم أمره الله بأن يختن ولده إسماعيل، وكل من عنده من العبيد وغيرهم، فختنهم وذلك بعد مضي تسع وتسعين سنة من عمره، فيكون عمر إسماعيل يومئذ ثلاث عشرة سنة.
وليس في هذا السياق ذكر قصة الذبيح، وأنه إسماعيل، ولم يذكر في قدمات إبراهيم عليه السلام إلا ثلاث مرات، أولاهن: بعد أن تزوج إسماعيل بعد موت هاجر، وكيف تركهم من حين صغر الولد على ما ذكر إلى حين تزويجه، لا ينظر في حالهم.
وقد ذكر أن الأرض كانت تطوى له، وقيل: إنه كان يركب البراق إذا سار إليهم، فكيف يتخلف عن مطالعة حالهم، وهم في غاية الضرورة الشديدة والحاجة الأكيدة.
لاحظ هنا قول ابن كثير
وكأن بعض هذا السياق متلقى من الإسرائيليات، ومطرز بشيء من المرفوعات، ولم يذكر فيه قصة الذبيح، وقد دللنا على أن الذبيح هو إسماعيل على الصحيح في سورة الصافات.
(هود عليه السلام ليس أباً لأهل اليمن)
قال في الانباه على قبائل الرواة
ورأيت بخط أبي جعفر العقيلي قال نا محمد بن إسماعيل قال حدثنا سلام بن مسكين قال نا عون بن ربيعة عن يزيد الفارسي عن ابن عباس قال العرب العاربة (يقصد عرب اليمن وليس العاربة) قحطان بن الهميسع ( قلت (والهميسع من ولد اسماعيل عليه السلام) والأمداد والسالفات وحضرموت وهذا حديث حسن الإسناد وهو أعلى ما روي في هذا الباب وأولى بالصواب والله أعلم قال ابن الكلبي قول الناس إن هودا هو عابر باطل لأن هودا ابن عبد الله بن الجلود بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح وأما وهب بن منبه فقال في هود هود بن عبد الله بن رياح بن حوبا بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح قال وهب بن منبه وليس هو بأب لليمن لأن اليمن من ولد قحطان بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح قال وهب وإنما ادعت اليمن هودا أبا حين وقعت العصبية بين اليمن ومضر ففخرت مضر بأبيها إسماعيل فادعت اليمن عند ذلك هودا.