الطبقة الأولى من صنهاجة و ما كان لهم من الملك
كان أهل هذه الطبقة بنو ملكان بن كرت و كانت مواطنهم بالمسيلة إلى حمرة إلى الجزائر و لمدية و مليناتة من مواطن بني يزيد و حصين و العطاف من زغبة ومواطن الثعالبة لهذا العهد و كان معهم بطون كثيرة من صنهاجة أعقابهم هنالك من متنان و أنوغة و بنو مزغنه و بنو جعد و ملكانة و بطوية و بنو يفرن و بنو خليل و بعض أعقاب ملكانة بجهات بجاية و نواحيها و كان التقدم منهم جميعا لبلكانة و كان أكثرهم لعهده الأغالبة مناد بن منقوش بن صنهاج الأصغر و هو صناك بن واسفاق بن جريل بن يزيد بن واسلي بن سمليل بن جعفر بن إلياس بن عثمان بن سكاد بن ملكان بن كرت بن صنهاج الأكبر هكذا نسبه ابن النحوي من مؤرخي الأندلس و ذكر بعض مؤرخي المغرب أن مناد بن منقوش ملك جانبي أفريقية و المغرب الأوسط مقيما لدعوة ابن العباس و راجعا إلى أمر الأغالبة
و أقام أمره من بعده إبنه زيري بن مناد و كان من أعظم ملوك البربر و كانت بينه و بين مغراوة من زناتة المجاورين له من جهة المغرب الأوسط كما نذكر حروب و فتن طويلة
و لما استوسق الملك للشيعة بأفريقية تحيز إليهم للولاية التي لعلي رضي الله عنه فيهم و كان من أعظم أوليائهم و استطال بهم على عدوه من مغراوة فكانوا ظهرا له عليهم و انحرفت لذلك مغراوة و سائر زناتة عن الشيعة سائر أيامهم و تحيزوا عن المروانيين ملوك العدوة بالأندلس فأقاموا دعوتهم بالمغرب الأوسط و الأقصى كما نذكره بعد إن شاء الله تعالى
و لما كانت فتنة أبي يزيد و التاث أمر العبيديين بالقيروان و المهدية كان لزيري بن مناد منافرة إلى الخوارج أصحاب أبي يزيد و أعقابهم و شريف بالحشود إلى مناصرة العبيديين بالقيروان كما ستراه
و أحفظ مدينة واشين للتحصن بها سفح الجبل المسمى تيطرا لهذا العهد حيث مواطن حصين و حصنها بأمر المنصور و كانت من أعظم مدن المغرب و اتسعت بعد ذلك خطتها و استبحر عمرانها و رحل إليها العلماء و التجار من القاصية و حين نازل إسمعيل المنصور أبا يزيد لقلعة كتامة جاءه زيري في قومه و من انضم إليه من حشود البربر و عظمت نكايته في العدو و كان الفتح و صحبه المنصور إلى أن انصرف من المغرب و وصله صلات سنية و عقد له على قومه و أذن له في اتخاذ القصور و المنازل و الحمامات بمدينة أشير و عقد له على تاهرت و أعمالها
ثم اختط ابنه بلكين بأمره و على عهده مدينة الجزائر المنسوبة لبني مزغنة بساحل البحر و مدينة مليانة بالعدوة الشرقية من شلف و مدينة لمدونة و هم بطن من بطون صنهاجة و هذه المدن لهذا العهد من أعظم مدن المغرب الأوسط و لم يزل زيري على ذلك قائما بدعوة العبيديين منابذا لمغراوة و اتصلت الفتنة فيهم و لما نهض جوهر الكاتب إلى المغرب الأقصى أيام معد المعز لدين الله أمره أن يستصحب زيري بن مناد فصحبه إلى المغرب و ظاهره على أمره و لما ظهر يعلى بن محمد النفري اتهمه زناتة بالممالأة عليه و لما نزل جوهر فاس و بها أحمد بن بكر الجذامي و طال حصاره إياه كان لزيري في حصارها أعظم العياء و كان فتحها على يده سهر ذات ليلة و صعد سورها فكان الفتح
و لما استمرت الفتنة بين زيري بن مناد و مغراوة و وصلوا أيديهم بالحاكم المتسنصر و أقاموا دعوة المروانية بالمغرب الأوسط و شمر محمد بن الخير بن محمد بن خزر لذلك رماه معد لقريعة زيري في قومه و احتشد أهل وطنه و قد جمع له محمد بن الخير و زناتة فسرح إليهم ولده بلكين في مقدمة و عارضهم قبل استكمالهم التعبية فدارت بينهم حرب شديدة بعد العهد بمثلها يومئذ و اختل مصاف مغراوة و زناتة و لما أيقن محمد بن الخير بالمهلكة و علم أحيط به مال إلى ناحية من العسكر و تحامل على سيفه فذبح نفسه و انفض جموع زناتة و استمرت الهزيمة عليهم سائر يومهم فاستلحموا و مكثت عظامهم ماثلة بمصارعهم عصورا
و هلك فيما زعموا بضعة عشر أميرا منهم و بعث زيري برؤسهم إلى المعز بالقيروان فعظم سروره و هش لها الحكم المستنصر صاحب الدعوة بما أوهنوا من أمره و استطال زيري و صنهاجة على بوادي المغرب و غلب يده على جعفر بن علي صاحب المسيلة و الزاب و سما به في الرتب عند الخلافة و تاخمه في العمالة و استدعى معد جعفر بن علي من المسيلة لتولية أفريقية حين اعتزم على الرحيل إلى القاهرة فاستراب مما كانت السعاية كبرت فيه و بعث معد المعز بعض مواليه فخافه جعفر على نفسه و هرب من المسيلة و لحق بمغراوة فاشتملوا عليه و ألقوا بيده زمام أمرهم و قام فيهم بدعوة الحكم المستنصري و كانوا أقدم لها إجابة و فاوضهم زيري الحرب قبل استفحالهم فزحف إليهم و اقتتلوا قتالا شديدا
و كانت على زيري الدبرة و كبابه فرسه و أجلت الهزيمة عن مصرعه و مصارع حاميته من قومه فجزوا رأسه و بعثوا به الى الحكم المستنصر بقرطبة في وفد أوفدوه عليه من أمرائهم يؤدون الطاعة و يؤكدون البيعة و يجمعون لقومهم النصرة و كان مقدم وفدهم يحيى بن علي أخو جعفر هذا كما ذكرناه و هلك زيري هذا سنة ستين و ثلثمائة لست و عشرين سنة من ولايته و لما وصل خبره إلى ابنه بلكين و هو بأشير نهض إلى زناتة ودارت بينهم حرب شديدة فانهزمت زناتة و ثأر بلكين بأبيه و قومه و اتصل ذلك بالسلطان محمد أثره و عقد له على عمل أبيه بأشير و تيهرت و سائر أعمال المغرب و ضم إليه المسيلة و الزاب و سائر عمل جعفر فاستعتب و استفحل أمره و اتسعت ولايته و أثخن في البربر أهل الخصوص من أحرابه و هوارة و نفزة و توغل في المغرب في طلب زناتة فأثخن فيهم ثم رجع و استقدمه السلطان لولاية أفريقية فقدم سنة إحدى و ستين و ثلثمائة و استبلغ السلطان في تكريمه و نفس ذلك عليه كتامة ثم نهض السلطان إلى القاهرة و استخلفه كما نذكره و كان ذلك أول دولة آل
كان أهل هذه الطبقة بنو ملكان بن كرت و كانت مواطنهم بالمسيلة إلى حمرة إلى الجزائر و لمدية و مليناتة من مواطن بني يزيد و حصين و العطاف من زغبة ومواطن الثعالبة لهذا العهد و كان معهم بطون كثيرة من صنهاجة أعقابهم هنالك من متنان و أنوغة و بنو مزغنه و بنو جعد و ملكانة و بطوية و بنو يفرن و بنو خليل و بعض أعقاب ملكانة بجهات بجاية و نواحيها و كان التقدم منهم جميعا لبلكانة و كان أكثرهم لعهده الأغالبة مناد بن منقوش بن صنهاج الأصغر و هو صناك بن واسفاق بن جريل بن يزيد بن واسلي بن سمليل بن جعفر بن إلياس بن عثمان بن سكاد بن ملكان بن كرت بن صنهاج الأكبر هكذا نسبه ابن النحوي من مؤرخي الأندلس و ذكر بعض مؤرخي المغرب أن مناد بن منقوش ملك جانبي أفريقية و المغرب الأوسط مقيما لدعوة ابن العباس و راجعا إلى أمر الأغالبة
و أقام أمره من بعده إبنه زيري بن مناد و كان من أعظم ملوك البربر و كانت بينه و بين مغراوة من زناتة المجاورين له من جهة المغرب الأوسط كما نذكر حروب و فتن طويلة
و لما استوسق الملك للشيعة بأفريقية تحيز إليهم للولاية التي لعلي رضي الله عنه فيهم و كان من أعظم أوليائهم و استطال بهم على عدوه من مغراوة فكانوا ظهرا له عليهم و انحرفت لذلك مغراوة و سائر زناتة عن الشيعة سائر أيامهم و تحيزوا عن المروانيين ملوك العدوة بالأندلس فأقاموا دعوتهم بالمغرب الأوسط و الأقصى كما نذكره بعد إن شاء الله تعالى
و لما كانت فتنة أبي يزيد و التاث أمر العبيديين بالقيروان و المهدية كان لزيري بن مناد منافرة إلى الخوارج أصحاب أبي يزيد و أعقابهم و شريف بالحشود إلى مناصرة العبيديين بالقيروان كما ستراه
و أحفظ مدينة واشين للتحصن بها سفح الجبل المسمى تيطرا لهذا العهد حيث مواطن حصين و حصنها بأمر المنصور و كانت من أعظم مدن المغرب و اتسعت بعد ذلك خطتها و استبحر عمرانها و رحل إليها العلماء و التجار من القاصية و حين نازل إسمعيل المنصور أبا يزيد لقلعة كتامة جاءه زيري في قومه و من انضم إليه من حشود البربر و عظمت نكايته في العدو و كان الفتح و صحبه المنصور إلى أن انصرف من المغرب و وصله صلات سنية و عقد له على قومه و أذن له في اتخاذ القصور و المنازل و الحمامات بمدينة أشير و عقد له على تاهرت و أعمالها
ثم اختط ابنه بلكين بأمره و على عهده مدينة الجزائر المنسوبة لبني مزغنة بساحل البحر و مدينة مليانة بالعدوة الشرقية من شلف و مدينة لمدونة و هم بطن من بطون صنهاجة و هذه المدن لهذا العهد من أعظم مدن المغرب الأوسط و لم يزل زيري على ذلك قائما بدعوة العبيديين منابذا لمغراوة و اتصلت الفتنة فيهم و لما نهض جوهر الكاتب إلى المغرب الأقصى أيام معد المعز لدين الله أمره أن يستصحب زيري بن مناد فصحبه إلى المغرب و ظاهره على أمره و لما ظهر يعلى بن محمد النفري اتهمه زناتة بالممالأة عليه و لما نزل جوهر فاس و بها أحمد بن بكر الجذامي و طال حصاره إياه كان لزيري في حصارها أعظم العياء و كان فتحها على يده سهر ذات ليلة و صعد سورها فكان الفتح
و لما استمرت الفتنة بين زيري بن مناد و مغراوة و وصلوا أيديهم بالحاكم المتسنصر و أقاموا دعوة المروانية بالمغرب الأوسط و شمر محمد بن الخير بن محمد بن خزر لذلك رماه معد لقريعة زيري في قومه و احتشد أهل وطنه و قد جمع له محمد بن الخير و زناتة فسرح إليهم ولده بلكين في مقدمة و عارضهم قبل استكمالهم التعبية فدارت بينهم حرب شديدة بعد العهد بمثلها يومئذ و اختل مصاف مغراوة و زناتة و لما أيقن محمد بن الخير بالمهلكة و علم أحيط به مال إلى ناحية من العسكر و تحامل على سيفه فذبح نفسه و انفض جموع زناتة و استمرت الهزيمة عليهم سائر يومهم فاستلحموا و مكثت عظامهم ماثلة بمصارعهم عصورا
و هلك فيما زعموا بضعة عشر أميرا منهم و بعث زيري برؤسهم إلى المعز بالقيروان فعظم سروره و هش لها الحكم المستنصر صاحب الدعوة بما أوهنوا من أمره و استطال زيري و صنهاجة على بوادي المغرب و غلب يده على جعفر بن علي صاحب المسيلة و الزاب و سما به في الرتب عند الخلافة و تاخمه في العمالة و استدعى معد جعفر بن علي من المسيلة لتولية أفريقية حين اعتزم على الرحيل إلى القاهرة فاستراب مما كانت السعاية كبرت فيه و بعث معد المعز بعض مواليه فخافه جعفر على نفسه و هرب من المسيلة و لحق بمغراوة فاشتملوا عليه و ألقوا بيده زمام أمرهم و قام فيهم بدعوة الحكم المستنصري و كانوا أقدم لها إجابة و فاوضهم زيري الحرب قبل استفحالهم فزحف إليهم و اقتتلوا قتالا شديدا
و كانت على زيري الدبرة و كبابه فرسه و أجلت الهزيمة عن مصرعه و مصارع حاميته من قومه فجزوا رأسه و بعثوا به الى الحكم المستنصر بقرطبة في وفد أوفدوه عليه من أمرائهم يؤدون الطاعة و يؤكدون البيعة و يجمعون لقومهم النصرة و كان مقدم وفدهم يحيى بن علي أخو جعفر هذا كما ذكرناه و هلك زيري هذا سنة ستين و ثلثمائة لست و عشرين سنة من ولايته و لما وصل خبره إلى ابنه بلكين و هو بأشير نهض إلى زناتة ودارت بينهم حرب شديدة فانهزمت زناتة و ثأر بلكين بأبيه و قومه و اتصل ذلك بالسلطان محمد أثره و عقد له على عمل أبيه بأشير و تيهرت و سائر أعمال المغرب و ضم إليه المسيلة و الزاب و سائر عمل جعفر فاستعتب و استفحل أمره و اتسعت ولايته و أثخن في البربر أهل الخصوص من أحرابه و هوارة و نفزة و توغل في المغرب في طلب زناتة فأثخن فيهم ثم رجع و استقدمه السلطان لولاية أفريقية فقدم سنة إحدى و ستين و ثلثمائة و استبلغ السلطان في تكريمه و نفس ذلك عليه كتامة ثم نهض السلطان إلى القاهرة و استخلفه كما نذكره و كان ذلك أول دولة آل