منتديات السادة الهوارة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات السادة الهوارة

د/مصطفى سليمان أبو الطيب الهوارى

د مصطفى سليمان ابوالطيب ابويوسف عايد الهوارى من مواليد محافظة الاسكندرية 8-6-1973 الاصل من محافظه اسيوط مركز صدفا قرية الدوير عايد قبيلة هوارة عايد الهوارى دكتوراة فى التاريخ الاسلامى فى انساب القبائل العربية عام 2015 من اكاديمة مشكاة للدرسات الاسلامية عن القبائل النازحة لمصر عقب الفتح الاسلامى سفير النوايا الحسنة المنظمه الضمير العالمى لحقوق الإنسان إحدى منظمات التابعه للامم المتحده رئيس ومؤسس الجمعية الخيرية لأبناء الهوارة عام 2012 المشهرة برقم 3107 ومؤلف مجلد قاموس القبائل العربية المصرية( مفاتيح الانارة فى انساب قبائل العرب والمرابطين والهوارة) و موسوعه القبائل والعائلات العربية والمصرية وهم1-تاريخ الامارة فى أنساب قبائل وعائلات الهوارة 2- القول السليم فى بطون وعشائر بنى سليم 3- القول المتين فى تاريخ وأنساب قبائل المرابطين وبنى سليم 4-رجال العصر فى أنسابهوازن وبنى هلال وبنى نصر 5-الأقوال الجلية فى أنساب وقبائل سيناء والشرقية -6-القول الشاف فى أنساب قبائل الأنصار والأشراف و الامين العام لمجلس للقبائل المصرية والعربية بالاسكندرية حاصل على درع وشهادة تقدير من المجلس المصرى للقبائل المصرية والعربية رئيس اللجنة العليا لدعم الجيش والشرطة والمصالحات بالمنظمة المصرية لحقوق الانسان بالاسكندرية حاصل على شهادة تفدير من المنظمة المصرية لحقوق الانسان [رئيس الجمعية الخيرية لأبناء محافظة أسيوطفرع عبدالقادرالعامرية الإسكندرية/ وكيل مؤسسين حزب التحرير العربى حزب لم يكتمل امين عام التنظيم بحزب مصر الثورة سابقا مرشح مجلس الشعب بالدائرة الرابعه بالاسكندرية عن الشباب والجمعيات الاهلية عام 2011 حاصل على العديد من شهادات التقدير من الجمعيات الاهلية والمجالس عن دورة فى المجتمع المدنى رئيس لجنة المساعدات الطبية بالجمعيات الاهلية شعبة العامرية وباحث ومؤرخ فى تاريخ القبائل العربية بمصر والوطن العربى موبايل رقم 01224369577 01002920977 01119825377
من هـو د:مصطفي سليمان أبوالطيب أبوعايـد الهواري د:مصـطفى سليمان السـيد أبو الطيب محمد أبو الطيب محمد أبويـوسف بن شيخ العـرب محمد بن شيخ عربان هوارة حمد بن شيخ العرب محمود بن شيخ العرب حمد بن الأمير حماد بن الأمير ريان بن الأمير عايد الهوارى الملقب بسيد العرب الأمير منصور بن الأمير ناصر بن الأميرسليم بن الأمير بهنان بن الأمير عوف بن الأمير مالك بن الأمير ناصر بن الأمير قيس بن الأميرالحارث بن الأمير سعد بن الأمير مالك بن الأميرغندور بن الأمير سرحان بن الأمير مالك بن الأميرعمرو بن الأمير عمارة بن الأمير عمران بن الأمير حمدان بن الأمير عامر بن الأمير عمرو بن سعد بن مسعود بن عمر بن عمير بن عامر بن ربيعة بن معاوية بن عامر بن ربيعة فارس العرب الذى قتل أول فارسى فى معركة القادسية منه بنو ربيعه بن عثمان بن ربيعة بن النابغة بن عنز بن حبيب بن وائلة بن دهمان ومنه بنو دهمان بن نصر ومنه بنو نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن ومنه القبائل الهوازنية بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس ومنه القبائل القيسية بن عيلان بن مضر ومنه بنو مضر بن نزار بن معد بن عدنان هو جد القبائل العدنانية بجزيرة العرب بن أد بن أدد بن هميسع بن سلامان ابن عوص بن بوز بن قموال بن أبي بن عوام بن ناشد بن بلداس بن يدلاف بن طانج بن جاحم بن ناحش بن ماخي بن عيض بن عبقر بن عبيد بن الدعا بن حمدان بن سنبر بن يثربي بن يحزن بن يلحن بن ارعوى بن عيض بن ديشان بن عيص بن أفناد بن أيهام بن مقصر بن ناحث بن زارح بن سمي بن مزي بن عوضه بن عرام بن قيدار بن إسماعيل عليه السلام بن إبراهيم عليه السلام أبن تارح بن ناحور بن ساروع أو ساروغ بن راعو بن فالخ بن عابر بن شالخ ابن ارفخشد بن سام بن نوح عليه السلام بن لامك بن متوشلخ بن أخنوخ بن إدريس عليه السلام ابن يرد بن مهلائيل بن قينان بن آنوشة بن شيت بن آدم عليهما السلام من مواليد محافظـة الإسكندرية 8-6-1973 الأصل من محافظه أسيوط مركز صدفا قرية الدوير عايد قبيـلة هوارة عايد الهوارى مسقـط رأس شيـخ مشايـخ عربان هوارة أسيوط الأمير عايد الهواري الملقب بسيـد العرب دكتوراة فى التاريخ الاسلامى فى انساب القبائل العربية عام 2015 من اكاديمية مشكـاة للدرسات العربية والاسلامية عن القبائـل النازحة لمصـر عقب الفتح الاسلامى سفير النوايا الحسنة المنظمه الضمير العالمى لحقوق الإنسان إحدى منظمات التابعه للامم المتحده رئيس ومؤسس الجمعية الخيرية لأبناء هوارة عام 2012 المشهرة برقم 3107 سفيـر النوايا الحسنة من منظـمة الضميـر التابعة للامم المتحدة ومؤلف مجـلد قاموس القبائل العربية المصرية 1:مفاتيح الانارة فى انساب قبائل العرب والمرابطين والهوارة 2:موسوعه القبائل والعائلات العربية والمصرية وهــم 1:تاريخ الامارة فى أنساب قبائل وعائلات الهوارة 2: القول السليم فى بطون وعشائر بنى سليم 3:القول المتين فى تاريخ وأنساب قبائل المرابطين وبنى سليم 4:رجال العصر فى أنساب هوازن وبنى هلال وبنى نصر 5:الأقوال الجلية فى أنساب وقبائل سيناء والشرقية 6:القول الشاف فى أنساب قبائل الأنصار والأشراف الامين العام لمجلس القبائل المصرية والعربية بالإسكندرية حاصل على درع وشهادة تقدير من المجلس المصري للقبائل المصرية والعربية رئيس اللجنة العليا لدعم الجيش والشرطة والمصالحات بالمنظمة المصرية لحقوق الانسان بالإسكندرية حاصل على شهادة تقدير من المنظمة المصرية لحقوق الانسان رئيس الجمعية الخيرية لأبناء محافظة أسيوط فرع عبدالقادر العامرية الإسكندرية وكيل مؤسسين حزب التحرير العربي حزب لم يكتمل امين عام التنظـيم بحزب مصر الثـورة سابقاً مرشح مجلس الشعب بالدائرة الرابعة بالإسكندرية عن الشباب والجمعيات الاهلية عام 2011 حاصـل على العديد من شهادات التقدير من الجمعيات الاهلية والمجالس عن دورة فى المجتمع المدني. رئيس لجـنة المساعدات الطبية بالجمعيات الاهلية شعبة العامرية باحث ومؤرخ فى تاريخ القبائل العربية والمصرية بمصر والوطن العربي أمين عام المجلس الأعلى للقبائل العربية والمصرية بالإسكندريــة
من هـو د:مصطفي سليمان أبوالطيب أبوعايـد الهواري د:مصـطفى سليمان السـيد أبو الطيب محمد أبو الطيب محمد أبويـوسف بن شيخ العـرب محمد بن شيخ عربان هوارة حمد بن شيخ العرب محمود بن شيخ العرب حمد بن الأمير حماد بن الأمير ريان بن الأمير عايد الهوارى الملقب بسيد العرب الأمير منصور بن الأمير ناصر بن الأميرسليم بن الأمير بهنان بن الأمير عوف بن الأمير مالك بن الأمير ناصر بن الأمير قيس بن الأميرالحارث بن الأمير سعد بن الأمير مالك بن الأميرغندور بن الأمير سرحان بن الأمير مالك بن الأميرعمرو بن الأمير عمارة بن الأمير عمران بن الأمير حمدان بن الأمير عامر بن الأمير عمرو بن سعد بن مسعود بن عمر بن عمير بن عامر بن ربيعة بن معاوية بن عامر بن ربيعة فارس العرب الذى قتل أول فارسى فى معركة القادسية منه بنو ربيعه بن عثمان بن ربيعة بن النابغة بن عنز بن حبيب بن وائلة بن دهمان ومنه بنو دهمان بن نصر ومنه بنو نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن ومنه القبائل الهوازنية بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس ومنه القبائل القيسية بن عيلان بن مضر ومنه بنو مضر بن نزار بن معد بن عدنان هو جد القبائل العدنانية بجزيرة العرب بن أد بن أدد بن هميسع بن سلامان ابن عوص بن بوز بن قموال بن أبي بن عوام بن ناشد بن بلداس بن يدلاف بن طانج بن جاحم بن ناحش بن ماخي بن عيض بن عبقر بن عبيد بن الدعا بن حمدان بن سنبر بن يثربي بن يحزن بن يلحن بن ارعوى بن عيض بن ديشان بن عيص بن أفناد بن أيهام بن مقصر بن ناحث بن زارح بن سمي بن مزي بن عوضه بن عرام بن قيدار بن إسماعيل عليه السلام بن إبراهيم عليه السلام أبن تارح بن ناحور بن ساروع أو ساروغ بن راعو بن فالخ بن عابر بن شالخ ابن ارفخشد بن سام بن نوح عليه السلام بن لامك بن متوشلخ بن أخنوخ بن إدريس عليه السلام ابن يرد بن مهلائيل بن قينان بن آنوشة بن شيت بن آدم عليهما السلام من مواليد محافظـة الإسكندرية 8-6-1973 الأصل من محافظه أسيوط مركز صدفا قرية الدوير عايد قبيـلة هوارة عايد الهوارى مسقـط رأس شيـخ مشايـخ عربان هوارة أسيوط الأمير عايد الهواري الملقب بسيـد العرب دكتوراة فى التاريخ الاسلامى فى انساب القبائل العربية عام 2015 من اكاديمية مشكـاة للدرسات العربية والاسلامية عن القبائـل النازحة لمصـر عقب الفتح الاسلامى سفير النوايا الحسنة المنظمه الضمير العالمى لحقوق الإنسان إحدى منظمات التابعه للامم المتحده رئيس ومؤسس الجمعية الخيرية لأبناء هوارة عام 2012 المشهرة برقم 3107 سفيـر النوايا الحسنة من منظـمة الضميـر التابعة للامم المتحدة ومؤلف مجـلد قاموس القبائل العربية المصرية 1:مفاتيح الانارة فى انساب قبائل العرب والمرابطين والهوارة 2:موسوعه القبائل والعائلات العربية والمصرية وهــم 1:تاريخ الامارة فى أنساب قبائل وعائلات الهوارة 2: القول السليم فى بطون وعشائر بنى سليم 3:القول المتين فى تاريخ وأنساب قبائل المرابطين وبنى سليم 4:رجال العصر فى أنساب هوازن وبنى هلال وبنى نصر 5:الأقوال الجلية فى أنساب وقبائل سيناء والشرقية 6:القول الشاف فى أنساب قبائل الأنصار والأشراف الامين العام لمجلس القبائل المصرية والعربية بالإسكندرية حاصل على درع وشهادة تقدير من المجلس المصري للقبائل المصرية والعربية رئيس اللجنة العليا لدعم الجيش والشرطة والمصالحات بالمنظمة المصرية لحقوق الانسان بالإسكندرية حاصل على شهادة تقدير من المنظمة المصرية لحقوق الانسان رئيس الجمعية الخيرية لأبناء محافظة أسيوط فرع عبدالقادر العامرية الإسكندرية وكيل مؤسسين حزب التحرير العربي حزب لم يكتمل امين عام التنظـيم بحزب مصر الثـورة سابقاً مرشح مجلس الشعب بالدائرة الرابعة بالإسكندرية عن الشباب والجمعيات الاهلية عام 2011 حاصـل على العديد من شهادات التقدير من الجمعيات الاهلية والمجالس عن دورة فى المجتمع المدني. رئيس لجـنة المساعدات الطبية بالجمعيات الاهلية شعبة العامرية باحث ومؤرخ فى تاريخ القبائل العربية والمصرية بمصر والوطن العربي أمين عام المجلس الأعلى للقبائل العربية والمصرية بالإسكندريــة
من هـو د:مصطفي سليمان أبوالطيب أبوعايـد الهواري د:مصـطفى سليمان السـيد أبو الطيب محمد أبو الطيب محمد أبويـوسف بن شيخ العـرب محمد بن شيخ عربان هوارة حمد بن شيخ العرب محمود بن شيخ العرب حمد بن الأمير حماد بن الأمير ريان بن الأمير عايد الهوارى الملقب بسيد العرب الأمير منصور بن الأمير ناصر بن الأميرسليم بن الأمير بهنان بن الأمير عوف بن الأمير مالك بن الأمير ناصر بن الأمير قيس بن الأميرالحارث بن الأمير سعد بن الأمير مالك بن الأميرغندور بن الأمير سرحان بن الأمير مالك بن الأميرعمرو بن الأمير عمارة بن الأمير عمران بن الأمير حمدان بن الأمير عامر بن الأمير عمرو بن سعد بن مسعود بن عمر بن عمير بن عامر بن ربيعة بن معاوية بن عامر بن ربيعة فارس العرب الذى قتل أول فارسى فى معركة القادسية منه بنو ربيعه بن عثمان بن ربيعة بن النابغة بن عنز بن حبيب بن وائلة بن دهمان ومنه بنو دهمان بن نصر ومنه بنو نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن ومنه القبائل الهوازنية بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس ومنه القبائل القيسية بن عيلان بن مضر ومنه بنو مضر بن نزار بن معد بن عدنان هو جد القبائل العدنانية بجزيرة العرب بن أد بن أدد بن هميسع بن سلامان ابن عوص بن بوز بن قموال بن أبي بن عوام بن ناشد بن بلداس بن يدلاف بن طانج بن جاحم بن ناحش بن ماخي بن عيض بن عبقر بن عبيد بن الدعا بن حمدان بن سنبر بن يثربي بن يحزن بن يلحن بن ارعوى بن عيض بن ديشان بن عيص بن أفناد بن أيهام بن مقصر بن ناحث بن زارح بن سمي بن مزي بن عوضه بن عرام بن قيدار بن إسماعيل عليه السلام بن إبراهيم عليه السلام أبن تارح بن ناحور بن ساروع أو ساروغ بن راعو بن فالخ بن عابر بن شالخ ابن ارفخشد بن سام بن نوح عليه السلام بن لامك بن متوشلخ بن أخنوخ بن إدريس عليه السلام ابن يرد بن مهلائيل بن قينان بن آنوشة بن شيت بن آدم عليهما السلام من مواليد محافظـة الإسكندرية 8-6-1973 الأصل من محافظه أسيوط مركز صدفا قرية الدوير عايد قبيـلة هوارة عايد الهوارى مسقـط رأس شيـخ مشايـخ عربان هوارة أسيوط الأمير عايد الهواري الملقب بسيـد العرب دكتوراة فى التاريخ الاسلامى فى انساب القبائل العربية عام 2015 من اكاديمية مشكـاة للدرسات العربية والاسلامية عن القبائـل النازحة لمصـر عقب الفتح الاسلامى رئيس ومؤسس الجمعية الخيرية لأبناء هوارة عام 2012 المشهرة برقم 3107 سفيـر النوايا الحسنة من منظـمة الضميـر التابعة للامم المتحدة ومؤلف مجـلد قاموس القبائل العربية المصرية 1:مفاتيح الانارة فى انساب قبائل العرب والمرابطين والهوارة 2:موسوعه القبائل والعائلات العربية والمصرية وهــم 1:تاريخ الامارة فى أنساب قبائل وعائلات الهوارة 2: القول السليم فى بطون وعشائر بنى سليم 3:القول المتين فى تاريخ وأنساب قبائل المرابطين وبنى سليم 4:رجال العصر فى أنساب هوازن وبنى هلال وبنى نصر 5:الأقوال الجلية فى أنساب وقبائل سيناء والشرقية 6:القول الشاف فى أنساب قبائل الأنصار والأشراف الامين العام لمجلس القبائل المصرية والعربية بالإسكندرية حاصل على درع وشهادة تقدير من المجلس المصري للقبائل المصرية والعربية رئيس اللجنة العليا لدعم الجيش والشرطة والمصالحات بالمنظمة المصرية لحقوق الانسان بالإسكندرية حاصل على شهادة تقدير من المنظمة المصرية لحقوق الانسان رئيس الجمعية الخيرية لأبناء محافظة أسيوط فرع عبدالقادر العامرية الإسكندرية وكيل مؤسسين حزب التحرير العربي حزب لم يكتمل امين عام التنظـيم بحزب مصر الثـورة سابقاً مرشح مجلس الشعب بالدائرة الرابعة بالإسكندرية عن الشباب والجمعيات الاهلية عام 2011 حاصـل على العديد من شهادات التقدير من الجمعيات الاهلية والمجالس عن دورة فى المجتمع المدني. رئيس لجـنة المساعدات الطبية بالجمعيات الاهلية شعبة العامرية باحث ومؤرخ فى تاريخ القبائل العربية والمصرية بمصر والوطن العربي أمين عام المجلس الأعلى للقبائل العربية والمصرية بالإسكندريــة

من هـو د:مصطفي سليمان أبوالطيب أبوعايـد الهواري د:مصـطفى سليمان السـيد أبو الطيب محمد أبو الطيب محمد أبويـوسف بن شيخ العـرب محمد بن شيخ عربان هوارة حمد بن شيخ العرب محمود بن شيخ العرب حمد بن الأمير حماد بن الأمير ريان بن الأمير عايد الهوارى الملقب بسيد العرب الأمير منصور بن الأمير ناصر بن الأميرسليم بن الأمير بهنان بن الأمير عوف بن الأمير مالك بن الأمير ناصر بن الأمير قيس بن الأميرالحارث بن الأمير سعد بن الأمير مالك بن الأميرغندور بن الأمير سرحان بن الأمير مالك بن الأميرعمرو بن الأمير عمارة بن الأمير عمران بن الأمير حمدان بن الأمير عامر بن الأمير عمرو بن سعد بن مسعود بن عمر بن عمير بن عامر بن ربيعة بن معاوية بن عامر بن ربيعة فارس العرب الذى قتل أول فارسى فى معركة القادسية منه بنو ربيعه بن عثمان بن ربيعة بن النابغة بن عنز بن حبيب بن وائلة بن دهمان ومنه بنو دهمان بن نصر ومنه بنو نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن ومنه القبائل الهوازنية بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس ومنه القبائل القيسية بن عيلان بن مضر ومنه بنو مضر بن نزار بن معد بن عدنان هو جد القبائل العدنانية بجزيرة العرب بن أد بن أدد بن هميسع بن سلامان ابن عوص بن بوز بن قموال بن أبي بن عوام بن ناشد بن بلداس بن يدلاف بن طانج بن جاحم بن ناحش بن ماخي بن عيض بن عبقر بن عبيد بن الدعا بن حمدان بن سنبر بن يثربي بن يحزن بن يلحن بن ارعوى بن عيض بن ديشان بن عيص بن أفناد بن أيهام بن مقصر بن ناحث بن زارح بن سمي بن مزي بن عوضه بن عرام بن قيدار بن إسماعيل عليه السلام بن إبراهيم عليه السلام أبن تارح بن ناحور بن ساروع أو ساروغ بن راعو بن فالخ بن عابر بن شالخ ابن ارفخشد بن سام بن نوح عليه السلام بن لامك بن متوشلخ بن أخنوخ بن إدريس عليه السلام ابن يرد بن مهلائيل بن قينان بن آنوشة بن شيت بن آدم عليهما السلام من مواليد محافظـة الإسكندرية 8-6-1973 الأصل من محافظه أسيوط مركز صدفا قرية الدوير عايد قبيـلة هوارة عايد الهوارى مسقـط رأس شيـخ مشايـخ عربان هوارة أسيوط الأمير عايد الهواري الملقب بسيـد العرب دكتوراة فى التاريخ الاسلامى فى انساب القبائل العربية عام 2015 من اكاديمية مشكـاة للدرسات العربية والاسلامية عن القبائـل النازحة لمصـر عقب الفتح الاسلامى رئيس ومؤسس الجمعية الخيرية لأبناء هوارة عام 2012 المشهرة برقم 3107 سفيـر النوايا الحسنة من منظـمة الضميـر التابعة للامم المتحدة ومؤلف مجـلد قاموس القبائل العربية المصرية 1:مفاتيح الانارة فى انساب قبائل العرب والمرابطين والهوارة 2:موسوعه القبائل والعائلات العربية والمصرية وهــم 1:تاريخ الامارة فى أنساب قبائل وعائلات الهوارة 2: القول السليم فى بطون وعشائر بنى سليم 3:القول المتين فى تاريخ وأنساب قبائل المرابطين وبنى سليم 4:رجال العصر فى أنساب هوازن وبنى هلال وبنى نصر 5:الأقوال الجلية فى أنساب وقبائل سيناء والشرقية 6:القول الشاف فى أنساب قبائل الأنصار والأشراف الامين العام لمجلس القبائل المصرية والعربية بالإسكندرية حاصل على درع وشهادة تقدير من المجلس المصري للقبائل المصرية والعربية رئيس اللجنة العليا لدعم الجيش والشرطة والمصالحات بالمنظمة المصرية لحقوق الانسان بالإسكندرية حاصل على شهادة تقدير من المنظمة المصرية لحقوق الانسان رئيس الجمعية الخيرية لأبناء محافظة أسيوط فرع عبدالقادر العامرية الإسكندرية وكيل مؤسسين حزب التحرير العربي حزب لم يكتمل امين عام التنظـيم بحزب مصر الثـورة سابقاً مرشح مجلس الشعب بالدائرة الرابعة بالإسكندرية عن الشباب والجمعيات الاهلية عام 2011 حاصـل على العديد من شهادات التقدير من الجمعيات الاهلية والمجالس عن دورة فى المجتمع المدني. رئيس لجـنة المساعدات الطبية بالجمعيات الاهلية شعبة العامرية باحث ومؤرخ فى تاريخ القبائل العربية والمصرية بمصر والوطن العربي أمين عام المجلس الأعلى للقبائل العربية والمصرية بالإسكندريــة

    أنساب القبائل العربية المؤرخ أحمد رضا

    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14549
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    أنساب القبائل العربية  المؤرخ أحمد رضا - صفحة 2 Empty رد: أنساب القبائل العربية المؤرخ أحمد رضا

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الجمعة سبتمبر 16, 2022 7:18 pm

    تاريــــخ العــــرب قبــــل الاســــلام

    【صلة العـــرب بالكلدانيين والفـــرس】
    ـ
    ومعارفنا بصلات العرب بالأخمينيين "Achaemenian" وبالبارثيين "الفـــرث" "Parthians" قليلة جدًّا.

    ويـــرى بعض المــؤرخين أن العـــرب كانـــوا في أيـــام "الأخمينيين" قـــد تقـــدموا في زحفهـــم نحـــو الشمال فــدخلت قبـــائل منهم إلى العـــراق ووسعت مساحة الأرضين التي كــان العـــرب قـــد استوطنوها سابقًا ، كما تقــدموا في هـــذا العهد نحو الغــرب فتوسعوا في بلاد الشام وفي طـــور سيناء إلى شواطئ نهـر النيل ، حيث كانـــوا قـــد استوطنوها ، وقد قاموا بخدمات كبيـــرة نحـــو ملوك الفرس في زحفهم على مصـــر.

    ولــم يلاقِ العـــرب أية مقاومة كانت في أثنـــاء حـــركاتهم وتنقلاتهــم ودخـــولهم الأرضيـن التي كـــان الأخمينيون قد استولوا عليها ، ولكن وجدوا أنفسهم في حرية تامة ، لهم الحـــق في الذهـــاب إلى أي مكـــان شاءوا ، وهذا مما مكنهم من الدخول إلى أرضين جـــديدة وإلى تـــوسيع هجـــرتهم في الأرضين التي كـــان الأخمينيون قـــد بسطـــوا سلطانهم عليها.

    لقد ذكر "أكسنوفون" "Xenophon" العرب في جملة أتباع الملك "كيرش" "Cyrus" "Kyros" الثاني "557-529 ق. م." "559-529 ق. م." وذكر أن هذا الملك عين واليًا عنه على "العـــربية" "Arabiai" "Arabioi" ويظهر مــن ورود لفظة "Arabiai" بعد "Kappadokia" أن المـــراد بها "الجـــزيرة", أي "Mesopotamia"، أو جـــزء منها. ويظهر من موضع آخـــر أن "العربية" هي المنطقة الـواقعة في شرق "Araxes" أي : "الخـابور".

    وقــد ورد في أخبـــار حملة "كيرش" على "بابل" أن جمـــاعة مـن العـــرب كـــانت تحـــارب معــه , وكــانت تلك الجمـــاعة مــن الأعـــراب الـــراكبين للجمال , وذلك في سنة "539" قبل الميـــلاد.

    ويتبين من مراجعة الموارد اليونانية التي تعـــرضت لتــأريخ وجغرافية العـــراق ، أن اليـونان أخذوا يطلقون لفظة "Arabioi" من هـذا الوقت فما بعده بمعنى "العـــرب" و"عرب" ، أي : علـــم لقوم وشعب على نحو ما كانوا يطلقــون مــن أسمـــاء على الشعوب الأخـــرى. وقــد ذكـــروهم في جملة شعوب الجـــزيرة ، أي "Mesopotamia". وقـــد أخـــذوا ذلك مــن "الأيونيين" "Ionien". وعلى هـــذا فسيكون مـــراد "أكسينوفون" وغيـــره مــن العـــربية الأرض التي غلب عليها العـــرب. ومعنى هـذا توسع العرب في زحفهم وتقدمهم نحـــو الشمال وتغلبهم على أرضين جديدة كان سكانها من "بني إرم" وغيرهم ، وتعرب كثير من "بني إرم" وتكوين طبقة عربية مستعربة.
    ـ
    ـ
    ولما قـام "قمببز" الثاني "قمباسوس" "Cambyses" بغـــزو "مصر" سنة "525 ق. م." وطلب معونة العـــرب, أمــدوه بالجمال وبالماء ، وساعــدوه مساعدة كبيـــرة لولاها لما تمكن مـن الوصـــول إلى "مصر".
    ويـــزعم "هيرودوتس" أن "فانس" "Phanes"، الذي خان سيده فرعون مصـــر ، فهرب منه وذهب خلسة إلى "قمبيز" وحثه على فتـح مصر ، أشار على المــلك بـــأن يستعين بالعـــرب ليساعدوه في اجتياز الصحراء وكان المــلك يفكـــر في الصعوبــات التي ستعترض جيـــوشه في قطـــع تــلك الفيافي والقفار , ومــن أهمهـا قلـة الماء.
    فلمـا اقتنــع المــلك بصـــواب رأي "فانس" وصــدقه ، أرسل رسـولًا إلى ملك العـــرب ليتفاوض معه في هــذا الأمـــر ، فــوافق العـــرب على تقديم المساعدات فهيئوا قِرَبًا كثيرة ملئوها بالماء ، وحملوها على ظهور جمــالهم حيث قــدموها إلى "الفـــرس".

    ولـــم يشر "هيرودوتس" إلى اسم الملك العـربي الذي وافق على تموين الجيش الفارسي بما يحتاج إليـه في حملته على مصـــر بالماء ، ولــم يشر أيضـا إلى الأرض التي كــان يحكمها. وقـــد يكـــون هـذا الملك أحــد ملوك "النبط" الــذين كانـــوا يحكمون في أعالي الحجاز وفي الأقسام الجنوبية من الأردن وطور سيناء ، وقـد يكون أحــد كبـــار سادات القبائل العـــربية الكبيرة في طـــور سيناء ، حيث كان لــه سلطان واسع كبير على الأعــراب الساكنين في هـــذه الأرضين.

    وأشار "هيرودوتس" في معـــرض كـــلامه على تــزويد العـــرب "قمبيز" بالماء ، إلى وجود نهر عظيم في بلاد العـــرب ، دعاه : "كوريس" "قوريس" "Corys" ، زعم أنه يصب في "البحر الأريتري" "البحر الأرتيري" "Erythraean Sea" أي البحـــر الأحمر ، قائلًا : إن هناك من يزعم أن ملك العـــرب عمــل أنبوبًا من جلـــود الثيـــران والحيوانات الأخـــرى لنقـل المياه مـــن النهر إلى صهاريج ، أمـــر بحفرهـا وعملها في الصحراء لخـــزن الماء فيها ، وإن هناك ثـــلاثة خطوط مــن هـــذه الأنــابيب تنقـل الماء إلى مسافة اثني عشر يومًا من النهر إلى موضـــع هـــذه الصهاريج.

    ولا يعقل أن يكــون في بلاد العـــرب نهـــر على الـوصف الـــذي ذكـــره "هيرودوتس" في ذلك العهد , كما أن الأنابيب المذكـــورة الممتدة إلى تلك المسافات المـذكورة ، هي مــن مخيلات القصاص الذين أخـــذ منهم ذلك المؤرخ خبره. والظاهـر أن الذين حـــدثوه عــن ذلك النهـر ، كانــوا قـد سمعـوا أو شاهـــدوا السيـــول التي تصب في البحــر الأحمـر في مواسم الأمطــار الشديدة ، فتصوروها أنهارًا عظيمة تجـــري طـــول السنة.
    أما الصهاريج، فإنها معروفة في بلاد العـــرب ، ولا سيما شمـــال العـــربية الغـــربية ، تــأتي إليها ميـــاه الأمطار فتملؤها ، وتغطي فتحاتها، فلا يعرف مواضعها إلا أصحابها ، فــإذا داهمهم عـــدو ، سدُّوا منافذها، فلا يصل إلى مائها أحــد.
    والظاهـــر أن الــذين أمــدوا الفــرس بالماء كانـــوا يأخذونه من الصهاريج المنتشرة في مختلف الأماكن ، ومــن هنــا ظهرت أسطورة نقل المياه إليها من ذلك النهر , في ثلاثة خطوط من الأنـــابيب المصنوعة مــن الجلــود.

    وذكـــر "هيرودوتس" في أثناء الكلام على "دارا" "داريوش" "داريوس" "Darius" ، أن جميـــع سكـــان آسيا الــذين أذلهــم "كيرش" "كورش" ثــم "قمبيز" بعده قد اعترفوا بسلطانه إلا العــرب , فهؤلاء لم يخضعوا كالرقيق ألبتة لسلطان الفرس ، وإنما كانوا قد تحــالفوا معهــم ، وأصبحـوا حلفـــاء وأصـــدقاء لهم منـذ مهدوا الطـــريق لقمبيز للوصول إلى مصــر. ولو كانت علاقاتهم غيــر ودية معهم , لما تمكن الفـرس من القيام بذلك الغزو. وأثنى هــذا المؤرخ على إباء العـرب ، وعلى شهامتهم ، وعلى محافظتهم على الوعـــد والعهود.

    وذكــر "هيرودوتس" أن الأرضين بين "Phoenicia" ، أي "فينيقية" ومدينة "Cadytis" ، كـــانت تابعــة "للسريان الفلسطينيين" "Palaestine Syrian" , أمــا الأرضون بين مـــدينة "Cadytis" وموضـــع "Jenysus" "Ienysos" فقد كانت تابعة للملوك العرب، ويريد بهــم عــددًا مــن سادات القبــائل ولا شك.
    ويـــرى "جيمس رنل" "James Rennell" أن مـــدينة "Cadytis" هي القـــدس , ويـــرى آخـــرون أنهـا "غـــزة".
    وأمـا "Jenysus" فهي "خــان يونس" في جنوب غربي "غـزة" على رأي "جيمس رنل".

    يتبين من قول "هيرودوتس" هـذا أن العرب كانوا في أيـــام "قمبيز" أي : قبــل الميلاد بعدة قـــرون ، في هـذه المنطقة من فلسطين , وأنهم كانـــوا قد انتشروا في "طور سيناء"، ونزلوا المنــاطق الشرقية مــن مصـــر حتى ضفة نهر النيل , ولهـــذا السبب أطلق عليها اسم "العربية" دلالةً على توغل العـــرب فيها.

    لقـــد كـــانت "غـــزة" مـــدينة عـربية يحكمها ملوك عـــرب , وقد كانت في حكـــم مــلك عـــربي في أيـــام "هيرودوتس" ، وكـانت كــل الأرضين الواقعـــة بيـن "غـــزة "وبين "Rhinokolura" تحت حكم العــرب أيضا وذلك منـــذ أيام الفلسطينيين.

    وقــد كان يحكـــم "غـــزة" في أيــام "هيرود الكبير" ملك من أهل غـــزة , وقد كانت "غـزة" قبيل الإسلام وعند ظهوره فُرْضَة العــرب ، يقصدها أهل العـــربية الغربية للبيــع والشراء , ولا أستبعد أن تكون "غــزة" فرضة عرب العربية الغربية في هذا الوقت أيضا. وقــد كـان تجـــار العـــربية الشرقية يقصدونها أيضا على الرغـم من بعــد المسافة واتساع الشقة، فقد كان أهل "الجرعاء" "جرها" "Gerrha" يقصدونها ، حاملين معهــم تجـــارة الهند وما وراء الهند، فتأخذهم إبلهم عــن طـــريق الواحـــات والآبـــار إلى "دومة الجندل" ومنهـا إلى جنـــوب فلسطين فغـــزة , حيـث يبيعون مــا عندهم ويشترون ما يحتاجون إليــه مــن حاصلات البحر المتوسط , ثــم يعــودون بأمــوالهم الجــديدة إلى بلادهم لبيعها هنـــاك ، أو لشحنها إلى مــا وراء الخليج مـن أرضين.

    وفطن "دارا" لخطــورة المشروع القديم، مشروع ربط البحر المتوسط بالبحر الأحمر عن طريق نهر "النيل" فاحتفره.
    وقــد وضـــع أساس هـــذا المشروع "رامسيس الثاني" ، غير أنه امتلأ بعد ذلك بالرمال مرارًا ، فاحتفره من جاء مــن بعـــده مــن الملوك.

    وذكـــر "هيرودوتس" أن الفـــرعون "نخو" "Necos" كان قد أرسل بعثة دخلت الخليج العـــربي ، أي :
    البحــر الأحمر في اصطلاح اليـــونان عــن طــريق القناة التي حفــرت بين النيل وهذا البحر ، وكانت هذه البعثة من "الفينيقيين" للبحث عـن أعمـــدة "هـــرقل" "Hercules".

    ويـــرى بعض الباحثين احتمال كــون الملك الــذي حكـــم "غـــزة" في هـذا العهــد, ملكًا مــن ملــوك اللحيانيين.

    واهتــم "دارا" بأمــر التجارة البحرية فأمـــر "Skylax" مــن اليونانيين بالذهــاب إلى البحر الأحمر والمحيط الهندي لكشف تلك المناطق وتكــوين صـــلات تجـــارية معها ، فوصل هذا المكتشف اليـــوناني -على رواية هيرودوتس- إلى الهند.
    وهــو بذلك أول يــوناني يبلغنا خبره حتى الآن , يدخـــل البحـــر الأحمـــر ويطوف حول جزيرة العرب للوصول إلى الهند.
    ويفتخر "دارا" في كتــابته التي أشار فيها إلى مشروع القناة، بأنه استطاع أن يسير السفن عبــرها من مصر إلى أرض فارس, وقد كانت هذه الخطوة مــن أعظـــم الخطـــوات في تـــأريخ العالـــم ، ولا شك.

    وقــد أثرت تأثيرًا خطيرًا في التجارة العــربية في البحار ، إذ فتحت البحر الأحمـــر والبحـــر العـــربي والمحيط الهنـــدي لمنافسين أقـــوياء ، صـــار بإمكانهم شراء تجارة أفريقية والهند وسواحـل جـــزيرة العـــرب بأسعـــار رخيصة , لبيعها في الأمـــاكن التي تريدها والتي كـــانت تشتريها بأثمان عـــالية ، وبــذلك أخـــذت من التجار العـــرب جـــزءًا كبيـــرًا مـن أرباحهم وألحقت بتجارتهـــم مـــع البحـــر المتوسط ضـــررًا لا يستهان بــه.

    ولما تحدث "دارا" عن الأرضين التي خضعت لحكمه ، أدخـــل "عـــرباية" "أرباية" "Arabaya" في جملة تلك البـــلاد , وقـد دعــاها بـ"ماتو أريبي" "Matu A-ra-bi" في النص البابلي. ولـم يقصد "دارا بـ"عرباية" كل البلاد العـــربية ، أي جـزيرة العرب وبـــادية الشام، وإنما أراد بها بادية الشام، كما تحدثت عن ذلك في شرح المراد من "ماتو أريبي" في الكتابات المسمارية.
    وقــد كانت هــذه البادية مثل جزيرة العـــرب مـــوطنًا للأعــراب منذ وجد العـــرب.

    وقد ذكر "هيرودوتس" أن بلاد العرب كانت تقــدم جزية سنوية من الطيب إلى "دارا" , إلا أنــه لـــم يحدد مكان البـــلاد العـربية ، ولم يشر إلى العرب الذين دفعوا هذه الجزية. ولما كانت هـذه الجزية طيبًا ، فإنها تحملنا على التفكير في أن العــرب الذين دفعوها كانـــوا من رجـــال القـوافل المتاجرة التي تـأتي بتجارة العـــربية الجنوبية لبيعها في بــلاد الشام ومصــر ، وكان الطيب والبخــور مــن أهـــم المـــواد الرائجة في أسواق تلك البلاد. وهذه الجـــزية لـم تكـــن بالمعنى السياسي المفهوم الــذي يـــدل على خضـــوع العـــرب للفـــرس , وإنما كانت جعالة سنوية تــدفع للسلطات الحاكمة على تلك الأســـواق مقـــابل السمـــاح لها بالاتجـــار ، أو أن "هيرودوتس" عنى ببـــلاد العـــرب الأرضين التي كـــان يسكنها العـــرب ودخلت تحت حكم الفرس ، وعنى بالعرب الذين دفعوها بعض القبائل العربية التي كانت تقيم في مصـــر أو طـــور سيناء أو بـادية الشام.
    ويـــلاحظ أن "هيرودوتس" كان قــد ذكــر ، كما بينت قبل قليل، أن العرب لم يخضعوا للفـــرس في أيام كورش ولا في أيام قمبيز، وإنما كانوا حلفاء الفـــرس.
    فيظهر من كلام "هيرودوتس" الأخير أن العـــرب الـذين خضعوا للفـــرس ولدارا , هـم من أعـــراب بادية الشام ومــن كـــانت منـــازلهم وديارهم في فلسطين وفي طـــور سيناء.

    ويـــرى بعض المؤرخين أن "العربية" التي خضعت لحكـــم "دارا" لـــم تكن جزيرة العـرب ، وإنما منطقة الجزيرة الواقعـــة بيــن "بابل" وآشور ، مثــل منطقة "سنجار" "Singara" و"الحضر" ، وكان العـــرب قـد توغلوا فيها.

    وقـــد ورد في خبـــر للمـــؤرخ "أكسينوفون" "Xenophon" وفي كتابة لـ" كيرش الثاني" "Kyros II" "Kyrush II" ، ما يفيـــد أن العـــرب كانـوا قد خضعوا لحكم الأخمينيين. فـــورد في كتـــابة "كيرش" مثلًا : "ملـــوك الأرضين الغـــربية الـــذين يقطنون في الخيام"، وذلك في جملة مــن اعتـــراف بسلطان الملك عليهم. غيـــر أن هـــذه الإشارات لا تفيـد أن العـــرب كانـــوا قــد خضعوا لهم مدة طويلة، كما أنها لا تــدل على خضوع حقيقي لهم ، ولا سيما وقد ذكرنا أن "هيرودوتس" قد صرح أن العرب لم يخضعوا لحكم الفرس.

    وأشار "هيرودوتس" إلى وجود فرقة عسكـــرية مـن العـــرب في الجيوش الفارسية التي كانت بمصر ، كان على رأسها قائد فارسي دعاه "أرسامس" "Arsames"، وقـــال :
    إنـــه أحـــد أولاد "دارا".

    ويظهر أن هـــؤلاء الجنـــود هـــم من عرب مصر ، أي : من العرب القاطنين هنـــاك ، ولعلهم مــن سكان الأرضين المحصورة بين النيل والبحر الأحمر.

    وقد كان العرب ينزلون هذه المنطقة والمنطقة شرقي النيل وجنوب البحر المتوسط والمتصلة بطور سيناء منذ القديم.
    فالعـرب كانوا من قدماء سكان مصر لا كما يتصور بعضهم من أنهم دخلوا مصر في الفتح ، وأنهم لذلك غرباء لا صلة هنـــاك بينهـــم وبيـن المصريين قبـــل الإسلام.
    والمعـــروف أن "الهكسوس" الـــذين حكموا مصر كانوا من العرب في رأي كثيــر من العلماء ، بل في نظر قدماء المصريين ، كمـــا حكى ذلك الــراهب المصري المـــؤرخ "مانيتو" "Manetho" في كتـــابه المـــؤلف باليونانية في القـــرن الثـــالث قبـــل الميـــلاد.

    وقــد ذهـــب بعض الباحثين إلى أن "هيرودوتس" قصد بـ"العرب" "النبط غيـر أن بعضًا آخــر يخالف هذا الرأي ويعترض عليه ، فيرى أن "النبط" لــم يظهروا ظهورًا بينًا إلا في أواخر أيام "الأخمينيين" ، وكـــان ظهــورهم في "بطرا" "Petra" ومــا حـــولها.
    أما مملكتهم فلـــم تقــم إلا في القرن الثاني قبل الميلاد , ولهذا فإن العرب الذين قصدهم المـؤرخ اليوناني هــم عرب آخرون، وإن الأرض التي أرادها ذلك المـــؤرخ هي: طـور سيناء حتى شواطئ نهر النيل.

    وظهـــر مــن الإشـارات الـــواردة في التـــوراة ، أن عـــرب الضواحي كانوا يقيمــون في مستوطنات ، عـــرفت بــــ"حاصير" "حازير" "حاصور" "حصور" "Haser" في العبـــرانية, ومعناها : "محاط".
    وقـــد كانوا أشباه بــدو في الواقـــع, أناخوا في هـــذه المواضع واستقروا بها وامتهنوا الـــرعي.

    وكـــان الجنــود العـــرب يلبسون كما يقــول "هيرودوتس" نوعًا من الثياب يسمى "زيرا" "Zeira"، وهي ثيـــاب طـــويلة تشد عليها الحُـــزُم , ويحمل مرتدوها على أكتـــافهم اليمنى قِسِيًّا طـــوالًا. أما في حاله عدم استعمالها فيعلقونها على طهورهم. والظاهر أن هــذه الكلمة هي تحـــريف "السِّيرا", و"السِّيرا" : "ضرب من البرود، وقيل: ثـــوب مسير ، فيـه خطوط تعمل من القز كالسيور. وقيـل : بــرود يخالطها حـــرير. وقيـــل : هي ثيـــاب اليمن". ويـــلاحظ أن الثياب المخططة كانت ولا تـــزال شائعة بين شعـوب الشرق الأدنى ، فـلا تستبعد أن تكـــون كلمة "Zeira" تصحيفًا أو تحريفًا للسيراء وهي أقـــرب إليها من لفظة "إزار" أو مئــزر على مــا أرى.

    وقـــد ألف الفـــرس -بالإضـــافة إلى الجنود العـــرب المشاة- كتائب عربية من الهجانة تقاتل على الإبل، يلبسون ملابس المشاة ، ويحملون أسلحتهم. يقـــول "هيرودوتس" :
    إنهــم كانـــوا يوضعون في مؤخـــرة الفرسان, تجنبًا لانزعاج الخيل إذا ما سارت مـــع الإبـــل.

    وقــد استعملت دول أخـــرى كتــائب عــربية من الهجانة في جملة القوات المحاربة؛ للعمل في البوادي خاصة حيث يصعب على المشاة والفرسان اجتيازها وتعقب الأعراب. ولا تزال كتائب الهجانة محافظة على حياتها بين القوات المحاربة، ولحماية الحدود الصحراوية حتى الآن.

    وقـد ألف العـــرب فــرقة محاربة من الرمـــاة بالسهام ومــن المقاتلين اشتركت في جيش "أحشويرش" "Xerxes" "485-465 ق. م.".

    وقـــد أدخل الملك "أحشويرش" "العربية" "Arabia" في جملة البلاد التي كانت قد خضعت لحكمه ، وذلك في نص من أيامه عثر عليه.
    وقــد ذكـــر "العـــربية" بعـــد موضع "Maka" وقبل موضع "Gandara".

    __________


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14549
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    أنساب القبائل العربية  المؤرخ أحمد رضا - صفحة 2 Empty رد: أنساب القبائل العربية المؤرخ أحمد رضا

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الجمعة سبتمبر 16, 2022 7:18 pm

    【صلة العـــرب بالكلدانيين والفـــرس】

    لا نعلم شيئًا كثيرًا عن صلات العــرب بالكلدانيين ، فلـــم تصل إلينا كتابات منهم تفصح عــن علاقتهم بالعـــرب. غيـــر أن سكوت هذه الكتابات وعدم وصولها إلينا ، لا يمكن أن يكون سببًا يحملنا على التفكير في عــدم قيـــام صلات بين العـــرب والكلدانيين فقد رأينا فيما مضى أنهــم ساعدوا أهــل بابل في نزاعهم مــع آشور ، ثـــم إن العــرب كانوا يجاورون البابليين منذ القـديم ، وهذه المجاورة القديمة في حــد ذاتهــا واسطة طبيعية لتكــوين الاتصال المبـاشر بين العــرب والكلدانيين.
    وقــد تحــدث الأخباريون عن غـــزو "بخت نصر" "بختنصر" "604-561 ق. م." للعـــرب في أيـــام "معـــد بن عـــدنان"، ووصوله إلى موضع "ذات عـــرق"، كما تحـــدثت عــن ذلك في فصل "طبقات العرب" ، وقـــد قلت :
    ـــ إن رواتــه أخــذوا مــادته مـن أهل الكتـــاب ، وأضافوا إليه مادة جديدة أنتجها ابتداعهم لــه ، فصـــار نسيجًا جديدًا هو المدون في الكتب , وهـــو حديث لا قيمة تأريخية له ؛ ولذلك لا يمكن الاطمئنان إليه والأخـــذ بــه.

    وقــد قص علينــا الأخباريون ألــوانًا كثيرة من هذا القصص الذي بان لونه وعــرف أصله في القـــرن العشرين.
    وأنــا لا أريد أن أستبعد احتمال قتال "بخت نصر" مع القبائل العربية فذلك
    ممكن جـــدا ، ولا سيما أن "بــابــل" مجاورة للعرب، وأن توسع هذا الملك ودخــوله فلسطين جعــل "البابليين" يتصلون اتصالًا مباشرًا بالأعراب، فلا بــد أن يكون "بخت نصر" قــد احتك بالعـــرب واتصل بهـــم , وقـــد يكون حاربهم وأوقع خسائر بهم؛ لتحرشهم بجيوشه وبحدود إمبراطوريته التي شملت الباديـــة الواسعة الفاصلة بين العـــراق وبـــلاد الشام. ولكـــن الــذي نتوقف عنــده وننظر إليه بحذر ، هـو هــذا الطابع المعروف عن الأخباريين الـــذي يـــروون بـه كيفية غـــزو ذلك الملك لــــ"معــد بن عـــدنان".

    وقـــد يكــون "بخت نصر" قـــد بلـــغ مــوضع "ذات عرق" وقــد يكون بلــغ موضعًا آخـــر أبعد منه ، إلا أن الــذي أراه أن استيلاء "البابليين" على الأماكـــن التي احتلوها مــن جــزيرة العـــرب إن وقـــع فعلًا ، فإنه لم يدم طويلًا ؛ فقد كانت فتوحات الفاتحين لجزيرة العرب كالسيول ، تأتي جارفة عـــارمة ، تكتسح كـــل شيء تجـــده أمامها ، ثم لا تلبث أن تزول وتختفي آثارها بعد مــدة قصيرة لأسباب منها بُعـــد طرق المواصلات عن عواصـــم الغازين الفاتحين وعدم وجود مـــواد غـــذائية كافية في البـــلاد المفتوحة لإعاشة جيش كبير ، ليستطيع ضبط القبـــائل والمحافظة على الأمـــن ومهاجمة القبائل للقــوافل التي تـــرد لتموين الحاميات وللحاميات نفسها وعــدم تمكن الفاتح مـن وضع جيش كبيـــر جـــاهز في كـــل لحظة للقتال ليصـد غـــارات القبائــل التي تـــؤلف غالبية سكان جزيرة العــرب في ذلك العهد.
    ثــم إن القسم الأكبر من الذين قاتلوا وفتحـــوا, أناس مــرتزقة سِيقوا إلى القتال سَوْقًا ، خوفًا أو طمعًا، وقبائل اشترى الفاتحون ساداتها بإطماعهم في مغانـــم يجنونها أو لدوافع حقد قبليّ، ومن عادة سادات القبائل أنهم مــع الفاتح مــا دام قويا سخيا يبذل لهم بكل سخاء، فإذا ضعف أو أمسك أو دارت الـدنيا عليه ، كانوا هــم أول من ينقلب عليه؛ ولذلك صارت أمثال هـــذه الفتوحات غـــارات انتقامية سريعة ، لا يلجأ إليها إلا بعـد تفكيـــر وإعــداد خطط ووجـــود ضـــرورات ملحة تستوجب إرسال مثـــل هـــذه الحملات.
    ويرى بعض علماء التوراة والبابليات ما جاء في كتاب "دانيال" الذي كتب بعد أيام "بخت نصر" من نبوءة ومن رسالـــة أرسلها النبي إلى ذلك الملك ومــن فتوحات في بلاد العــرب ، هو مــن وضع كاتب تلك الرسالة ، وضعه ليثبت نبـوءته ، وأن ذلك الكاتب أخذ فتـوحات "نبونيد" فنسبها إلى "بخت نصر".
    أمـا أنــا ، فلا أريـد أن أثبت فتوحات "بخت نصــر" ولا أريــد أن أنفيها في هذا العهد ، فوصول "بخت نصر" إلى الحجاز أمـــر ممكن ، وسوف نـرى أن "نبونيد" قـــد وصـــل إلى مـــدينة "يثـــرب" ، فليس بمستبعد وصـــول "بخت نصـــر" إلى الحجاز ، بعـــد أن استولى جيشه على فلسطين ، وصار في إمكـــانه الزحــف نحـو الجنـــوب ولكن الذي أراه الآن هو التريث فلعل الزمــن يجــود علينا بنصــوص قـــد تتحدث عـــن حـروب وفتوح أمر بها هـــذا الملك في بلاد العـــرب. وكتاب "دانيال"، وإن كُتب على شكل نبوءة لا يستبعد أن يكـــون قد استمد خبر النبـــوءة مــن وثيقة أو خبـــر شائــع فصـــاغه في شكـــل نبـــوءة ليثبت نبـــوءته "لبني إسرائيل".

    وقــد أخبــرتنا الكتـــابات البابلية أن "بختنصر" "Nebuchadrezzar" أرسل في شهر "كسلو" "Kislev" "Kislew" مــن السنة السادسة مــن ملكــه المقابلة لسنة "599 ق. م." حملـة على العـــرب الساكنين في الباديــة ، نهبت أملاكهم ومـا عنـدهم مــن مـــواشٍ ، وسرقت آلهتهم ثـــم عادت.
    ولم يذكـــر النص البابلي اسم البادية التي هاجمها الجيش البابلي ولا اسم القبائل التي هاجمها ، ولم يذكر أيضا اسم المـــواضع التي تحـــرك منهـا الجيش لمهاجمة العـــرب. ويـــرى الباحثون احتمال مهاجمة "البابليين" للعـــرب مـن "حماة" "Hamath" أو "ربلة" "Riblah" ، أو "قــادش" "Kadesh" ، فتـــوغل جيش "بختنصر" في البادية ، ثم عاد حاملًا معــه مــا ذكـــر في النص من أسلاب ومــن مواشٍ وآلهة العـــرب أي : "الأصنـــام".
    وكـــانت غـــاية "البابليين" مـــن أسر الأصنام وأخذها ، هــو إكــراه القبائل على الاستسلام والخضوع لهـــم ؛ لما للأغنام من أثر كبير في نفوسها، وقد رأينـا أن ملــوك الآشوريين مثـــل : "سرجون" و"سنحريب" و"أسرحدون" كانوا قـد أسروا أصنام العـــرب وأخـــذوها معهـم إلى آشور وكتبوا عليها شهادة الأسر والوقــوع في أيـدي الآشوريين ؛ ليؤثروا بذلك نفسيًّا في نفـــوس أتباعها وعبَّـادها
    ويكرهوهم على الخضوع لهم وعلى مساومة الآشوريين لاستردادها في مقابل الاستسلام لهم وتأييد سياستهم وعدم التحرش بهم , ولم يذكر النص البابلي أسماء تلك الآلهة.

    وكـانت غـــاية "بختنصر" من إرسال حملته هذه على العـــرب ، هو حماية حـــدود "حماة" وبقية مشارف فلسطين وبـــلاد الشام من الأعـــراب وإخضاعهم لحكمه ، ثـم تأديب بعض القبـــائل التي تحـرشت بــه على مــا يظهر حين دخـــوله بــلاد الشام وفي جملة ذلك فلسطين.
    واستنادًا إلى مــا جـــاء في "سفر إرميا" نستطيع أن نقول : إن "قيدار" كانـــوا على رأس القبـــائل العـــربية البارزة التي غــزاها جيش "بختنصر" وكذلك "بنو المشرق" "أبناء المشرق" و"ممالك حاصور".
    ونظرًا لوجود تشابه كبير بين الرواية البابلية عــن حملة "بختنصر" على العـــرب وبين مـا جـــاء في "سفر إرميا" ، أرى أن مدون السفر قـد أخذ خبـــره هــذا الذي صيَّره نبـــوءة مـن مـــوارد بابلية ثـــم كيَّفــه على النحو المذكـــور.

    ولـــدينا خبـــر رواه لنا "إكسينوفون" "Xenophon" ، يفيد أن "بختنصر" لما حمـل على "مصـــر" أخضع "ملك العربية". وقد قصد بذلك حملته على مصـــر سنة "567" قبـــل الميلاد.

    والخبر التأريخي الثاني الـــذي وصل إلينا عـــن صلات البابليين المتأخرين بالعرب هو ما ورد عن الملك "نبونيد" "Nabonid" "Nabonidus" "555-538 ق. م." "556-539 ق. م." من اتخاذه "تيماء" مقرًّا لـه. ففي السنة الثالثة مــن حكمه جـــرد حملة على "أدومو" "Adumu" "Adummu" أي "دومة" "دومــة الجنـــدل" ، وسار منهـا إلى "تيماء" سالكًا طـــريقًا لم تعـــرف في الزمــن الغابر على رأس جيشه ، جيش أرض "أكد" "أكاد". فلما وصــل إليها ، أعمل فيها السيف ، وقتـل أميـــرها وأهلها والظاهر أن ذلك بسبب مقاومتهم له وعنادهم في الدفاع عن مدينتهم ثم طـــاب لـه أن يستقر بها ، فابتنى بها قصرًا ضخمًا لــه جعلوه كالقصر الذي في بابل ، وحلت "تيماء" محل بابل أي صارت عاصمة لملك البابليين.

    ويرى العلماء أن حملة "نبونيد" على "دومــة الجندل" "أدومو" "Adummu" و"تيماء" "Tema" كانت في سنة "552 ق. م.".
    وقــد جاء إليهما سالكًا الطريق البرية المــؤدية من بــلاد الشام إلى شرقي الأردن ، الطــريق التي يسلكها حجاج بــلاد الشام في الإسلام إلى مكــة وبعـد أن قضى على حكام المدينتين استقر في "تيماء" ومعـه حــرسه البابليون.
    ويظهر مـن إشارته في نصه المــدون عــن أخبــار فتــوحاته أنــه سلك في وصوله إلى "تيماء" سبيلًا لم يسلكها الأقدمون من قبل ، ومن إشارته إلى قتله "ملك تيماء" وسكان المدينة أن المــدينة في أيـامه كــانت مستقلة يحكمها ملك من أهلها ، وأن البابليين لــم يكونوا قد حكموها قبله.

    وقــد أقــام "نبونيد" سنين في عاصمته الجديدة, أما ابنه "بلشاصر" "بلشصر" "بلشسر" "Belsharrusur" "Belsazar" فكــان بـــ"بابل" مع الجنود البابليين. ويظهر أنــه أقــام بهذه المدينة حتى السنة الحادية عشرة من حكمه وربما أقــام بها أكثر مــن ذلك قليلًا ، حتى اضطر إلى تركها والعــودة إلى بابل بظهور الفرس الذين هددوا البابليين ووسعوا ملكهم ، وصاروا على مقربة مــن بــابــل.
    فقــد تغلب "كيرش" "كورش" "cyrus" على العــربية وأدخلها في جملة أملاكــه ، وعيـن عليها مقيمًا سياسيًّا فارسيًّا "ستراب" "satrap" ويظهر أن حملته هــذه على العــربية كــانت حوالي سنة "540-539 ق. م." وأن "نبونيد" كان قد ترك "تيماء" وجــاء إلى بابل قبــل تغلب "كيرش" على العــربية.

    وقد يتساءل المرء عن الأسباب التي حملـت "نبونيد" على تــرك بــابــل والالتجاء هــذه السنين إلى "تيماء" : أهي شئون سياسية خطيــرة حملته على السكنى في هـــذه المـــدينة البعيدة عن عاصمته القديمة ، أم هي عـــوامل عسكرية , أو اقتصادية , أو بـــواعث شخصية لا تتعلق بهذه ولا بتلك؟ أمـا إجــابات المؤرخين ، فهي مختلفة ومتنوعة.
    منهم من رأى أن لتيماء أهمية كبيرة من الناحية الاقتصادية لوقوعها في ملتقى طــرق تجارية عالمية بالنسبة إلى ذلك العهــد ، والاستيـــلاء عليها والبقاء فيها معناه كسب عظيم وربح كبير بالنسبة إلى عـــالم السياسة في ذلك اليـــوم. ومنهم مــن رأى أن ذلك كـــان لأثـــر مـــزاج الملك وطبيعته ورغبته في التخلص مــن أمـــراض بابل ؛ بسكناه في محــل جاف مرتفع زهاء "3400" قدم عن سطح البحر.

    وتيماء مركز مهم ، ذكــر كما رأينا في نصوص الآشوريين، وهو من الأماكن القــديمة المذكورة في التـوراة ، وهو فيها كنـاية عن أحد أبناء "إسماعيل" مما يـدل على أنـــه كان من المواطن "الإسماعيلية" ويقـــع على مسافــة "200" ميل إلى الجنوب الشرقي من رأس خليـــج العقبة ، وبمثـــل هـــذه المسافــة إلى الشمال مــن المـــدينة وعلى بعـــد "65" ميـــلًا من شمالي العـــلا. وبها عين غــزيرة المياه ، هي التي بعثت الحيـــاة في هــذا المكان وتعـــد أشهر عين مـــاء في جـــزيرة العـــرب , تستعمل للسقي ، ولإرواء المـــزارع التي تنبت مختلف الفواكه والتمـور والحبــوب. وهـواؤها صحي جيد، ولا تزال مأهولة فهي في الزمن الحاضر كنـــاية عن قـــرية يزيد عدد سكانها على الألفين , يسكنون في بيوت من طين وفي أكـــواخ.

    وعلى مقـــربة من "تيماء" خربة فيها أحجار ضخمة مــربعة ، وبقايا عمران قديم , يظن بعض العلماء أنها موضع معبــد عتيق. ويـــرى بعض من زارها أنها كانت مــدينة لا تقل ضخامةً عن "الحجر" وعــن المــدن الأخــرى التي ترى آثارها في العربية النبطية حتى الآن. ولــم تفحص هــذه الخربة التي يسميها الناس "توما" "Tuma" فحصا علميا.
    وقـد يعثــر فيها على كتابات آشورية وبابليـة ويـونانية وإرميـة وعـــربية تـــرينا أثر الاتصال الثقافي الذي كان في هـــذه المواضع التي تعــد ملتقى القوافل والتجار والثقافات.

    وقــد عثر في هذه الخربة على حجر مكتوب بلغة بني إرم ، يرجـع تأريخه إلى القـرن الخامس قبل الميلاد ، ورد فيــه أن أحـــد الكهان استورد صنمًا جديدًا إلى "تيماء" ، وبنى لـــه معبدًا وعين له كهانًا توارثوا خـــدمة "صلم هجم" , و "صلم" بمعنى صنـــم. وقد مثـــل صنم "هجم" في زي آشـــوري وظهر في أسفل الرسم رسم الكـاهن الذي شيد ذلك النصب , وقــد نشرت ترجمة الكتابة الإرمية. ويرى "سدني سمث" أن تأريخها يرجـــع إلى أيـــام "نبونيد" ، فلعله صنـع في ذلك الزمن بتأثير البابليين.

    ولطول إقامة "نيونيد" في "تيماء" لا يستبعد أن يجيء يــوم قد يعثر فيه على كتابات أو آثــار أخرى ترجع إلى هـــذا الملك.
    فــلا يعقل أن تذهب ذكـــريات أيامه كلها من هــذه المدينة ، وينطمس أثر قصـــره عنها ، ذلك القصر الذي بالـــغ الملك في وصفه وأراد أن يجعله في مستوى قصور بابل. وقـــد يعثر فيها على مراسلاته مــع مدينته بابل ومع الحكومات الأجنبية التي كـــانت في أيامه ومع الأعــراب. وإذا حدث ذلك فقــد نجــد شيئًا جديدًا لا نعرفه عن أيـــام تيمـــاء في عهد "نبونيد".

    وقــد ذهــب بعض الباحثين إلى أن "تيماء" التي استقر بها "نبونيد" هي تيماء أخـــرى تقع في العروض على ساحل الخليج، وحجتهم في ذلك أن المسافة بين تيمــاء الحجاز وبــابـل كبيـــرة واسعة ، تجعــل مـن الصعب تصور إقامة "نبونيد" في هذا المكان. أما العـروض فــإنه على اتصال ببابل ولا يفصل بينهما حاجز أو فاصل أو عـائق ولهذا ذهبوا إلى احتمال وقوع "تيماء" في العروض، كما ذهب بعض آخر إلى احتمال كون "تيماء" "تيمان" المذكـــورة في التـــوراة.
    وهي أرض "أبناء الشرق" ، وملتقى طرق القوافل القادمة من بلاد الشام ومصــر والعراق والجنوب , غيـــر أن الباحثين في هذا اليوم متأكدون من أن "تيماء" "نبونيد" هي "تيماء" الحجاز ، في المملكة العربية السعودية.

    فقــد عثـــر في "حــرَّان" على كتــابة مهمة جـــدًّا في بحثنا هـــذا ، دَوَّنها الملك "نبونيد" ، عثـــر عليها في سنة "1956م"، وكــانت مـــدفونة في خرائب جامع حران الكبير ، وترجمت إلى الإنجليزية ، وإذا بها تتحدث عن تأريخ أعمال ذلك الملك. ومما جـــاء فيها :
    أنه لما ترك "بابل" وجاء إلى "تيماء" أخضع أهلها ، ثـــم ذهب إلى "ددانو" "ديدان" و"بداكو" و"خبرا" و"إيديخو" حتى بلـــغ "أتريبو". ثـــم تحدث بعد ذلك عن عقده صلحًا مع "مصر" و"ميديا" "ما، دا، ا، ا" "مادا ا" "Ma-da-a-a" "Medes" ومـــع "العـــرب" "مات ا، را، بي، أو" "Mat A-ra-bi-u". وقـــد ختم العمود الذي جــاء فيه هــذا الخبر بأسطر تهشمت جمل منها ؛ يفهم من مآلها أن العـرب المذكورين أرسلوا إليه رسلا، عرضوا عليه عقد صلـــح معه ، واستسلامهم لـــه ، فوافق على ذلك بعد أن كبَّدهم جيشه خسائر فـــادحة ، وأسر منهــم ونهـــب, ولـــم تذكـــر تلك الأسطر المواضـــع التي حـــارب فيها جيش "نبونيد" أولئك الأعـــراب. وقد يفهم مـــن هـذه السطور الأخيرة أيضا أن بعض هؤلاء العرب هاجموا البابليين ونهبوا المناطق الخاضعة لهم بالرغم مــن عقدهم الصلح معه ، وموافقتهم على أن يسالموه ، وهــذا ما دعاه إلى إرسال حملات تأديبية عليهم ، أنزلت بهم خسائر فـــادحة.

    ولم يكــن نص "نبونيد" معــروفًا بين العلماء يـــوم اختلفوا في تعيين موضـــع "تيماء" , أما اليوم وقـد نشر النص وترجـم ترجمة دقيقة صحيحة وعـــرفنا منــه "فـــدك" و"خيبـــر" "ويثـــرب" ، وهي مواضـع معـــروفة مشهورة حتى اليـــوم وتذكـــر مـــع "خيبر" ، فقـــد أجمـع العلماء على أن "تيماء "نبونيد" هي "تيماء" الحجاز من دون أي شك ، وأن موضع إقامــة ملك بابل وقصــره كـــان في هـــذا المكـــان مــن الحجاز.

    ولما كـــان استيــلاء "بنونيد" على "تيماء" في حدود سنة "551-552 ق. م." وجب أن يكـــون زحفـه على الأماكن المذكورة بعد ذلك.
    والظاهـــر أن الذي حمله على التوغل في الجنـــوب , رغبتــه في السيطرة على أخطر طريق برية للتجارة تربط بـــلاد الشام بالعربية الجنوبية ، وهي طـــريق قـــديمة مسلوكة , تسلكها القـــوافل التجـــارية المحملة بأنفس التجارات المطلوبة في ذلك العهد ثم السيطرة على البحر الأحمـــر , وذلك بالاستيلاء على الحجــاز وعسير واليمن وربما على العـــربية الجنوبية كلها ولو تم له ذلك، لكان ملكه قد بلغ المحيط الهندي. ومــن يــدري , فلعل اختياره "تيماء" مقرا له ، وتجوله في الأرضين الواقعة بينها وبين "يثــرب" كـــان لهذا السبب ، أي : لتنفيذ تلك الفكرة الخطيرة، فكرة السيطرة على جـــزيرة العرب وبلوغ المياه الدافئة للوصول إلى إفريقية والهند والعربية الجنوبية , إلا أن فكـــرته هـــذه لـــم تتحقق كما يتبين مـــن النص ، فكان أقصى مــا وصل إليــه "يثـــرب" ، ثم تـــوقف عنـــد ذلك المكان.

    ويـــرى بعض الباحثين الـذين درسوا كتـــابة "حران" هــذه أن الصلح الذي أشار إليه الملك يجب أن يكــون قــد عقـــد في حوالي سنة "548 ق. م." في مـــدينة "تيماء" عـــاصمة الملك الجـديدة ، وأن الصلح الذي عقد مــع الأعـــراب قد وقــع في "تيماء" أيضا وأن الهجمات التي هاجـــم بها بعض الأعراب البابليين وقعت إبان وجوده في هـــذه العاصمة وقبل رحيله عنها إلى "بابل" ، ولكن مــن هـــم العـــرب الــذين عقدوا الصلح مـــع "نبونيد"؟ ومن هم العـرب الذين هاجموا جيشه والأرضون التي خضعت لـــه؟
    إن النص لم يشر إليهم ، ولم يتحدث عنهم، وهم بالطبع قبائل عديدة , قد يكـــون منها قبــائل سالمت البابليين وحالفتهم ، ومنها قبـــائل عارضتهم وكرهتهم. ثـم إن بين القبائل منافسةً وأحقادًا وحسدًا ، فــإذا حالفت قبائل حكومة ما حسدتها القبائل المنافسة فهاجمتها وهاجمت الحكـــومة التي عقـــدت معها الحلف , لإثبات نفسها ولإظهار وجـــودها , ولأخذ الزعـامة منها , وهـــذا داء القبـــائل منـــذ كان النظام القبلي.

    والذي أراه أن الحجاز لــم يكن آنذاك تحت حكـــومة واحـــدة يرأسها ملك واحـــد ، وإنما كان على نحـو ما كان عليه عنـــد ظهور الإسلام ، حكومات قـــرى ومدن وقبائل. ويــؤيد ذلك ما جاء في النص البابلي عـن "تيماء" أن "نبونيد" ، "قتـل بالسلاح ملك تيماء" "ملكو".
    ومعنى هـــذا أنها كـــانت في حكـــم حاكم يلقب نفسه بألقاب الملوك.
    ولا أستبعد أن يكون حـــال "ديدان" و"خيبر" و"فــدك" و"يديع" و"يثرب" مثل حـــال هـذه المدينة ، أي : عليها حكــام يلقبون أنفسهم بألقاب الملوك ولا أستبعد أيضًـــا أن يكون حالها أو حـــال بعضها على نحــو حال هـــذه المدن يـــوم ظهور الإسلام , أي :
    تحت حكـــم سادات المـــدينة والأشراف يشتركون معًا في الحكم ويتشاورون فيما بينهم عنـدما يحـدث حـادث مـا في مدينتهم أو قريتهم في أمور السلم , وفي أمـــور الحـــرب.

    ووضـــع سياسي على هـــذا النحو لا يمكـــن أن يقـــاوم جيشًا لجبًا قــويًّا عـــارمًا كجيش "بابل" المـــدرب على القتال ، والـــذي يعيش على الحروب ولذلك انهار بسرعة وسلم أمـــره إلى البابليين. ومـن هنـــا نشتم مـن نص "نبونيد" رائحة الاستخفاف بأسلحة "العـــرب" ، أي : الأعراب سَكَنَة هذه المواضع ، وبأسلحة تلك المدن التي استسلمت له. وكل ما فعله الأعراب أنهم تراجعوا إلى البـــوادي ، وصاروا يشنـــون منها غـــارات على البابليين ليأخـــذوا منهم مـا يجـدونه أمامهم فـــإذا تعقبهم البابليون عـــادوا إلى معاقلهم وحصونهم : الصحراء.

    وقـد عثـــر على كتابة ثمودية وردت فيها جملة : "رمـح ملك بابل" ، وعلى كتابة ثمودية أخرى جاء فيها: "حرب دون" "حــرب ديدان".
    وقــد فسر العلماء الجملتين المذكورتين بأنهما إشارة إلى الحرب التي نشبت بيـن "البابليين" وأهـــل ديـدان في أيــام "نبونيد"، وأن أهــل تلك المناطق صـــاروا يـــؤرخون بها لأهميتها عندهـــم كحادث تأريخي. فالكتابتان إذًا تحــددان وقـــت تلك الحـــرب ، وتعينان مبدأ تقويم يؤرخ بموجبه عند أهل ثمـــود , غير أننا لم نتمكن مـن الوقوف على ذلك المبدأ من الكتابتين المذكورتين ؛ لقصرهما ولعدم وجـــود مفتاح معهما يفتح لنا الباب لنصل منــه إلى الموضـــع الذي حفظ فيـــه سر ذلك التأريخ.

    أما موضـــع "Da-da-nu" "دادانو" فـــإنه "ديدان" ، وهو موضع معروف مشهور ورد ذكره في "العهد القديم" وفي عدد من الكتابات,وتحدثت عنه في مواضع من هذا الكتاب, فكان إذن في جملة الأرضين التي خضعت لحكم "نبونيد".

    وأما "Pa-dak-ku" "بداكو"، فهو موضع "فدك"، ولم يكن مشهورًا في الأخبار القديمة، وإنما اشتهر في أيام الرسول، إلا أن عدم اشتهاره لا يمكن أن يكون دليلًا على عدم وجوده في أيام "نبونيد".
    وربما لا يستبعد أن يعثر في خرائبه على آثار من عهد "نبونيد" وقبل عهده؛ إذ كان معروفًا قبل أيامه، بدليل ذكره في جملة المواضع التي استولى عليها هذا الملك.

    وأما "Hi-ib-ra-a" "خي، اب، را، ا" "خيبرا" فهو موضع "خيبر", وهو موضع معروف وقد كان من مواطن يهود في أيام النبي. وهو موضع "خيبر" الذي أرخ بحرب وقعت فيه في حوالي سنة "568م" "بعد مفسد خيبر بعام".

    وموضع "Ia-di-hu-u" "Iadihu"، وهو موضع "يديع"، ويقع بين "فدك" و"خيبر"، وقد ذكره "ياقوت الحموي" والهمداني.

    وأما "Iatribu" "إيتريبو"، فهو موضع "يثرب" أي المدينة. وقد ذكر في جغرافية "بطلميوس"، فيكون نص "حران" إذًا أقدم نص ذكر اسم هذا المكان.
    و"يثرب" إذن آخر موضع استولى عليه البابليون في الحجاز وألحقوه بمملكتهم مملكة بابل؛ لسكوت النص عن ذكر مواضع أخرى تقع في جنوبها, ولو كانوا قد تجاوزوها لذكروا اسم الأماكن التي استولوا عليها من دون شك.

    وقد استطعنا بفضل هذا النص التأريخي الخطير من العثور على خبر "يثرب" في وثيقة تعود إلى ما قبل الميلاد بكثير، فعلمنا منه أنها كانت مدينة عامرة قديمة، وأنها كانت أقدم بكثير مما تصوره أهل الأخبار عن نشوئها، ثم استطعنا أن نفهم أن العراقيين كانوا قد استولوا على منطقة مهمة من الحجاز في ذلك العهد، وأن بعد المسافات بين الحجاز والعربية الجنوبية لم يحل بين الآشوريين والبابليين من التوغل مسافات شاسعة في جزيرة العرب من طرفيها ومن اجتياز نجد أيضا، كما رأينا من وصولهم إلى جنوب البحرين على الخليج, وإلى سبأ وإلى يثرب في هذا العهد.

    وقد تنقل "نبونيد" مدة عشر سنوات في هذه المنطقة التي فتحها من الحجاز، في أرض يبلغ طولها حوالي "250" ميلًا من "تيماء" إلى "يثرب" وحوالي "100" ميلٍ عرضًا، يراجع أهلها وينزل بين قبائلها، ويختلط بها، ثم يعود إلى عاصمته تيماء، حيث يسير منها أمور الدولة. ويظهر أنه تطبع من خلال إقامته هذه المدة بين العرب ببعض طباعهم، واقتبس بعض مصطلحاتهم حيث وردت في النص.
    ويرى بعض من عالج هذا النص ودرسه أن الملك البابلي نقل معه خلقًا من العراق، وأسكنهم في هذه الأماكن الحجازية في المواضع المذكورة, وكان يأتي إليهم من تيماء؛ ليتفقد أحوالهم، وليرى بنفسه سبل الدفاع عنهم وحمايتهم من غارات الأعداء. ويرون أيضا أن في جملة ما جاء بهم إلى هذه الأماكن اليهود: يهود من بابل، ويهود من فلسطين، كما رأوا أن اليهود كانوا قد سكنوا هذه المواضع من قبل، وربما كان ذلك منذ جاء اليهود إلى فلسطين، فأقاموا بها إلى أيام النبي.

    ويظهر أن الملك "نبونيد" كان قد وضع خطة للهيمنة على الأرضين ولإلحاقها نهائيا ببابل، وذلك بإسكان أتباعه بها وإجبارهم على الإقامة فيها. وقد نفذ خطته هذه فعلًا، ووزع من كان قد جاء بهم معه على هذه المواضع, بأن انتزع الأملاك من أصحابها العرب وأعطاها للمستوطنين الجدد، وحماهم بجيش وضعه في كل مكان؛ لصد غارات الأعراب عليهم. ولتقوية معنوياتهم ولتثبيت قلوبهم في البقاء في هذه الأرضين الجديدة, صار يتفقد شئونهم بين الحين والحين ويزورهم, ولكن الخطة لم تنجح؛ لأن الظروف السياسية والعسكرية أكرهته على العودة إلى بابل، فمات مشروعه مع عودته، فلم تُلحَق تلك الأرضون ببابل، غير أن أكثر المستوطنين الجدد بقوا في هذه الأماكن، وفي جملتهم اليهود الذين ازداد عددهم بمرور الأيام وكونوا مستعمرات يهودية وصلت "يثرب" في الجنوب.

    لقد ترك فتح "نبونيد" لهذه الأرضين من الحجاز وبقاء بعض من نقلهم إلى هذه المواضع فيها للاستيطان بها أثرًا كبيرًا من الناحية الثقافية والاقتصادية والحضارية، وهي نواحٍ لم تدرس حتى الآن، ولم يهتم بها أحد. ولكن وجود ألفاظ عراقية قديمة في لغة أهل "يثرب" والمناطق الأخرى التي تقع إلى الشمال منها، وخاصة في الزراعة، يدل دلالة واضحة على أثر العراق في أهل هذه المواضع، فقد يكون قسم منه من بقايا أثر أولئك العراقيين الذين نقلوا إلى هذه الأماكن، وقد يكون قسم منه من مؤثرات أخرى وقعت قبل هذا الحادث, قد يكون في أيام "بخت نصر" أو قبله، وقد يكون بعضه من مؤثرات حوادث وقعت بعد ذلك.

    وفي نسخة "قمران" الحاوية لبعض الإصحاحات من العهد القديم، وقد عثر عليها في نفس الوقت الذي عثر فيه على نص "حران" -أخبار قد تساعدنا في توضيح أسباب سوق "نبونيد" لليهود وأخذهم معه، وإرسائهم بهذه الأرضين الجديدة من أعالي الحجاز، إرساءً أقرهم فيها وأبقاهم حتى جاء الإسلام فأبعدهم عن الحجاز.

    إننا لا نملك نصوصًا بابلية عن مدى بلوغ سلطان البابليين السياسي في جزيرة العرب وعن صلاتهم بالقبائل العربية؛ لذلك انحصر علمنا بعلاقة بابل بالعرب في الأمور التي ذكرتها. وقد عثر على نص في مدينة "عانة" يثبت وجود صلات تجارية بين بابل والبلاد العربية, كما يشير إلى أثر بابل في الحياة العربية.

    أما علاقات البابليين بأهل الخليج، فلا نعرف من أمرها شيئًا، فلم يرد في النصوص البابلية التي تتحدث عن هذه الحقبة شيءٌ ما عن الفتوحات البابلية في هذه الأرضين. وقد يعثر على شيء من الكتابات في المستقبل، تتحدث عن نوع الصلات التي كانت بين حكومة "بابل" وأهل الخليج في هذا العهد.
    ========


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14549
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    أنساب القبائل العربية  المؤرخ أحمد رضا - صفحة 2 Empty رد: أنساب القبائل العربية المؤرخ أحمد رضا

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الجمعة سبتمبر 16, 2022 7:19 pm

    تاريــــخ العــــرب قبــــل الاســــلام

    《العرب في الهلال الخصيب》

    لقـــد وردت في أخبـــار حمـــلات الآشوريين على العـــرب ، أسماء مواضــع منها ما يمكن التعــرف عليه ومنها ما ليس في الإمكان تشخيصه الآن ، وقد تحدثت عن بعضها.
    ويــرى بعض العلمـاء أن موضـــع "أزريلو" "Azarilu" المذكـــور في أخبـــار انتصارات "آشور بانبال" على العـــرب ، هــو موضع يقع في بــادية الشام.

    وأما لفظة "أدومة" "Udume" فيرى "موسل" أنها تعني "إدوم" "Edom" أرض "الأدوميين" مـن ذريــة "عيسو بن إسحاق" على رواية التوراة, وهم شعب استــوطن في الأصـــل جبـــل "سعير" ، ثم توسع فسكن في منطقة شملت كل تخوم كنعـان الجنوبية من البحــر الميت إلى الخليـــج الشرقي للبحر الأحمر ، ومـن ضمنها جبـــل "سعير".
    وقــد كــان "الأدوميون" مـن أعـــداء "العبرانيين".

    ولما زاحـــم "النبــط" الأدوميين على أرضهم ، زحفوا نحـو الشمال فسكنوا في "اليهودية" "judah" ، وتوسعوا حتى تجاوزوا شمال "حبرون" ولذلك دعيت هــذه المنطقة باسم "الأدومية" "Idumaea".

    وذكر المؤرخ اليهودي "يوسفوس" أن من أصنامهم صنمًا يدعى "Koze" ويذكرنا اسم هذا الصنم باسم الصنم "قزاح" ، وهــو صنم كان يعبـــد على مقربة من مكـــة.

    العرب والآشوريون :

    إن أول إشـــارة إلى العـــرب في الكتابات الآشورية، هي الإشارة التي وردت في كتـــابات الملك "شلمنصر الثالث" "شلمناصر" ملك آشور.
    فقد كان هذا الملك أول من أشار إلى العـــرب في نص مـن النصوص التأريخية التي وصلت إلينا، إذ سجل نصرًا حربيًّا تم له في السنة السادسة مــن حكمـــه على حلف تـــألف ضده عقده ملك "دمشق" وعدد من الملوك الإرميين الذين كانوا يحكمون المدن السورية وملك إسرائيل ورئيس قبيلة عربي اسمه "جندب", وقد كان هذا النصر في سنة "853" أو "854 ق. م".
    وقــد قصد "شلمنصر" بلفظة "عـــرب "الأعراب، أي: البدو، كما شرحت ذلك في المنشور السابق .

    أما العـــرب الحضر , أهل المدر , أي : المستقرون ، فقــد كانــوا يدعون كما ذكرت ذلك أيضا بأسماء الأماكن التي يقيمون فيهــا أو التسميات التي اشتهروا بهـا ذلك لأن لفظة "العــرب" لــم تكن قـــد صارت علمًا على جنس من بدو ومن حضر ، بالمعنى المفهوم من اللفظة عندنا.
    ولــم يكـــن هــذا الاستعمال مقتصرًا على الآشوريين عــددها على تسع للانتقام من الأعــراب الذين كانوا قد تعــودوا التحرش بهــم ، ومضايقتهم عنــد اجتيـــاز البـــوادي ، ومهاجمة قـــوافلهم وحــدود إمبراطوريتهم تحرضهم بابل في بعض الأحيان ، أو حكـومة مصـــر ، أو يدفعهم إلى ذلك أملهــم في الحصول على غنائـــم يتعيشون منها.
    وقــد أزعجت هـــذه التحرشات الآشوريين كثيرًا وأغضبتهم، يتجلى غضبهم هذا فيما دونوه عنهم , وفي الصــور التي رسموهــا للعـــرب في قصورهم ، فصوروهم يقبلون أرجــل ملوك "نينوى" ليرضوا عنهم، مقدمين إليهــم الهدايا فيها الـذهب والحجارة الكـــريمة وأنـــواع الطيب والكحل واللبان والجمال, وصوروا الآشوريين وهــم يحرقون خيام الأعـــراب وهم نيـــام ، وصـــوروا عساكرهم يقاتلون الأعـــراب ويطاردونهم وهـــم على ظهور خيـولهم المطهمة , أما العـــرب فـــإنهم على ظهور الجمــال لا يستطيعون الإفـــلات مــن الآشوريين.
    وترجــع هـــذه الصور إلى أيام "آشور بانبال" ، حيث عثـــر عليها في قصره بــــ"نينوى".
    وقـــد صور العـــرب ولهم لحى وقــد تــدلى شعـــر رءوسهم على أكتافهــم ضفـــائر ، وشد أحيـــانا بخيط , وأما الشوارب ، فإنها محفوفة في الغالب. وقــد صـــور العـــرب وهـــم يركبون الجمال عـــراةً في بعض الأحيان ، أو تمنطقوا بمنطقة ثخينة , أو ائتزروا إزارًا يمتــد مـن البطن إلى الركبتين. ولا تصور هـــذه الصور كل الأعـــراب بالضرورة , بل هي تمثل أولئك الذين تحـــاربوا مـــع الآشوريين.
    لقــد أقام الآشوريون لهم مسالح في أقاصي الأمـــاكن التي بلـــغ نفوذهم الحــربي والسياسي إليها ، كما أقاموا حصونًا في مفـــارق الطــرق المؤدية إلى البادية , وذلك لحماية حــدودهم مــن غـــزو أبناء البادية.
    كمــا وضعــوا مـراقبين آشوريين ، أو مندوبين سياسيين في مواطن سكن سادات القبائل وذلك لمراقبة حركات القبـــائل وإخبــار حكوماتهم بنـــوايا وبأعمال ساداتها, وللتأثير على أولئك السادات لحملهم على تنفيذ ما يريده ملوك آشور , وهي خطــة قلدها مــن جاء بعد الآشوريين من أجانب. ولم يكن الآشوريون هــم أول مــن ابتدع هذه السياسة ، فلا بـد وأن يكون من سبقهم قد سار على هذا الدرب ومهد أرضه للآشوريين ولمــن جـــاء بعـــد الآشوريين مـن حكـــام.
    ========


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14549
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    أنساب القبائل العربية  المؤرخ أحمد رضا - صفحة 2 Empty رد: أنساب القبائل العربية المؤرخ أحمد رضا

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الجمعة سبتمبر 16, 2022 7:19 pm

    تاريــــخ العــــرب قبــــل الاســــلام

    《العرب في الهلال الخصيب》

    ويـــرى بعض الباحثين أن "مسأى" "مسا" "Mas'a" هي قبيلة "مسا" "Massa" المـــذكورة في التـــوراة وهي قبيلة إسماعيلية كانت منازلها في شرق "مرآب" ، أو في جنـــوب شرقيها ويظهر أنها لـــم تكـــن بعيدة جـــدا عن فلسطين.

    ورأى "ذورمه" "Dhorme" أنها قبيلة من قبـــائل العـــربية الجنوبية وهـــو رأي بعيد الاحتمال فـــلا يعقل وصـــول نفـــوذ الآشوريين في ذلك ألزمن إلى تلك المواضع ثم إن "مسا" وهـــو أحد أبناء "إسماعيل" كما ورد في التـوراة والقبائل الإسماعيلية لم تكن تسكن العـــربية الجنـوبية ، بـــل المـــواضع التي ذكـــرتها في أثنـــاء حـــديثي عنهم.
    ثــم إن أحد المقيمين الآشوريين كان قد كتب تقريرًا إلى ملكه ، يذكــر فيه أن "ملك قهرور" "مالك قهرو"، وهـــو ابن "عم يثع" "عم يطع" "عمي يطع" "Amme'uta'" من قبيلة "مسا"، غزا بعد خروج الملك وارتحاله عن قبيلة "نبأ أتى" "نبي أتي" "Nabi'ati" هذه القبيلة وذبح أفرادها ، وسرقها وقـــد تمكن أحدهم من النجاة بنفسه، فبلغ الملك وأخبره بالحـــادث.
    ويشير المقيم السياسي الآشوري في تقريره هذا إلى الحادث؛ ليكون ملكه على علـــم بـــه.

    وقبيلة "نبي أتي" "نبأ أتى" "Nabi'ati" هي قبيلة "نبايـــوت" "Nabajot" "Nebaioth" المذكورة في التـــوراة وهي مثل "مسا" إحدى القبــائل الإسماعيلية , ولهذا تكـــون منـــازل قبيلة "مسا" في الشمال أو في الشمال الغـــربي مـــن منـــازل "نبايـــوت".

    وأمــا "تيما" "Tema"، فإنها "تيماء" المذكـــورة في التـــوراة والمعـــروفة حتى في الإسلام. وتقع على الطريق التجاري الخطير الذي يربط العـــربية الجنوبية والحجاز والشام والعـــراق ومصـــر ، ثم بموانئ البحر المتوسط كما عـــرف التيمائيون باشتغالهم بالتجــارة , فلعلهم دفعوا الجزية إلى آشور حفظًا لمصالحهم التجـــارية ولكي يسمح لهـــم الآشوريون بمرور تجـــارتهم في الطـــرق التي تختــرق العـــراق وبـــلاد الشام وموانئ البحر المتوسط بعـــد أن أصبحت تحـــت سيطرتهم.
    وقـــد ذكــرت "تيماء" مع "ددان" في مـــواضع مـن التـــوراة وذكـــرت مع "ددان" و"بوز" كذلك.
    ومعنى هـــذا أن هـذه المواضع كانت متقـــاربة لا يبعــد بعضها عـــن بعض كثيـــرًا ، وأشير إلى "قوافل تيماء" و"سيارة سبأ" ويدل ذلك على اتصال تجـــاري كـــان بين التيمائيين والسبئيين في ذلك العهد.

    ويــدل ورود اسم "سبأ" بعـــد "تيما" في نص "تغلث فلاسر" ، على أن السبئيين المقصودين كانوا يعيشون على مقربة من التيمائيين ومن بقية مــن دفـــع الجزية للآشوريين.
    ويرى "موسل" أنهم كانوا يقيمون إذ ذاك في "ددان" "ديدان" ، وأنهم مــن السبئيين الـــذين أخـــذوا مكـــان المعينيين ، وكانت لهم قـــوافل تنقل التجارة على الطرق البرية, كما كانوا يقومون بتربية الإبل والماشية.

    وأمــا "خيابه" "Hajapa" ، فـــإننا لا نعـــرف عنهم اليوم شيئًا غير الاسم. وقـــد ذهب بعض الباحثين إلى أنهم "عيفة" المذكورون في التوراة, ومن
    هـــؤلاء "فرديش دلج" و"شرادر" و"موسل" وآخرون. وهو على رواية نسابي العهد العتيـــق مـــن نسل "مــديان" "مـــدين" ومـــن حَفَـــدة "إبراهيم" من زوجه "قطورة". ويفهم من "أشعياء" أنهم كانوا يتاجرون مع "شبا" مثل "مديان" يحملون الذهب واللبان ويظهر أنهم كانـــوا يقطنون منطقة "حسمي".
    ومن الصعب تشخيص قبيلة "بطنه" "بطنا" "بدنه" "Batana" "Badana", ولم يرد في التوراة ما يقـــابل الاسم أو مــا يقاربه.

    وقـــد قـــرأ "موسل" الاسم "بدنه" "Badana" وذهب إلى أنــه اسم قبيلة "بدون" أو "مدون" ، بإبـــدال "الباء" ميمًا ، وهـــذا أمر مألوف. وتقـــع منـــازلها في "العـــلا" أي في "ددان" "ديدان" القـــديمة ويعتقـــد أفرادها أنهم من سلالة قديمة جـــدًّا وليست لهـــم صلات قـــربى بالقبائل الأخـــرى , وتسكن بطـــون منهم عند "البتراء" "Petra" أي : "الرقيـــم".

    وأشار "موسل" أيضًا إلى اسم موضع ذكـــر أنه ورد في كتاب "بلينيوس" وهو "Badanatha", غير أنه لاحظ أن هـــذا الاسم مشكـــوك في صحة ضبطه ، فـــإن بعضهم قـــد قـــرأه "Baclanaza. فـــإذا كانت القـراءة "Badanatha" صحيحة ، فمــن الممكن إذن أن يكـــون لهـــذا الاسم عـــلاقة بــــ"بدون" ، أو "مــدون" وبـ"بطنه" "Batana" الوارد في نص ملك آشور.
    والموضـــع الـــذي ذكـــره "بلينيوس" قـــريب من "Domata" أي : "دومة الجندل" ، ومـن "ثمود" فهو في هذه المنطقة التي دفـــع أصحابها الجـزية إلى الآشوريين.

    وتقـــع ديـــار "خطي" "Hatti" على مقربة من "أدوم"، على رأي "موسل". وأما "كلاسر" ، فيذهب إلى أنها كانت تسكن "الخط"، سيف البحرين ، أي : على ساحـــل الخليـــج وهي منطقة قريبة من العراق ، يرى أن من السهل الاستيلاء عليها.
    وقـــد ذكـــر "بلينيوس" موضعًا دعاه "خطيني" "Chateni" يقـــع على ساحل الخليج ؛ ولهذا رجـح "كلاسر" أن "Hatti" هم "خطيني" هؤلاء وقد ذكـــر "ياقوت الحموي" جبـــلًا بمكــة دعـــاه "الخط".
    أعـــرابية تتبعها إبلها, مــن الألـــواح المنحوتة التي عثـــر عليها في قصر "تغلث فلاسر" الثالث
    وقد نقـــل اللـــوح إلى المتحف البريطاني , Helmuth Tb. Bossert , 1394
    وقــد يكون سكان المنطقة المجاورة لــه عـــرفوا باسم "الخطيون" ، وقــد مـــارسوا التجارة ، وبعثوا كالقبـــائل الأخـــرى بتجاراتهم إلى اليمن وبــلاد الشام والعراق ؛ ولـذا دفعوا الجـــزية إلى الآشوريين ليسمحوا لقوافلهم باجتياز الطرق البـــرية التي خضعت
    لسلطانهم وللاتجار في أسواق مملكة آشور.

    ويظهر أن "إدبئيل" "إدبعيل" "Idiba'il" القبيلة المذكـورة في نص "تغلث فلاسر" ، هي قبيلة "أدبئيل" "Adabeel" في التـــوراة , وهي إحـــدى القـــبائل "الإسماعيلية" على حسب روايـــة نسابي العبرانيين.. وكـــانت منـــازلها في جنوب غـــربي البحر الميت على مقـــربة من غـــزة وإلى جنوب غربها عند حدود مصـــر وفي طـــور سيناء. وكان يسكن إلى الشرق منهـــم ومــن قبيلة "خطي" وكذلك إلى الجنوب الشرقي وشرقي "بئر السبع"
    "Beersheba" "مبسام" "Mibsam" و"مشماع"، وهما ولدان من ولـد "إسماعيل" ويمثلان قبيلتين من القبائل الإسماعيلية. ويظهر من "أخبار الأيام الأول" أن بني "مبسام" و"مشماع" كانوا من بني "شمعون" وكانوا من بطون "الشمعونيين" القوية ولهم أرضون واسعة.

    ويشير هــذا إلى أن "المبساميين" و"المشماعيين" كانـــوا قـــد توسعوا وتصـــاهروا مـــع "الشمعونيين" واختلطوا بهم فاختلط الأمر , وعـــد الــذين تصـــاهروا مع "الشمعونيين" واختلطوا بهم منهم مـــع أن أصلهم من الإسماعيليين أي : مـــن العـــرب الشماليين.

    وقـــد عيـن "تغلث فلاسر" في سنة "734 ق. م." عــربيًّا "Arubu" اسمه "إدبئيل" "Idiba'il" في وظيفة "قيبو" "Kepu" ، أي : والٍ على "مصري" , ليدير شئونها بالنيابة عنه وجعل تحت تصرفه خمسة وعشرين موضعًا من "عسقلان".

    ويحتمل أن يكون هـــذا الرجل -على رأي "موسل"- شيخًـــا مـــن قبيلة "إدبئيل" ، كـــان مقيمًا مع قبيلته في "طور سيناء"، وكان له سلطان واسع بلـــغ حدود مدينة "غزة" . ولــم يكن هـــذا الشيخ الـــذي اعتمد طليه ملك آشور فعينه واليًا عنه ، إلا سيد قبيلة كلف حماية الحـــدود وحفظ مصالح الآشوريين بحفظ الأمـن والسلامـــة ومنع الغــزو والتحرش بالحدود. ولما كان مــن الصعب على الجيوش النظامية ولـــوج البوادي وتعقب أثــر الأعراب ، فكــرت الحكومات القديمة والحكومات الحـــديثة في القـــرن العشرين في حمـاية مصالحها بدفــع جعالات شهرية وسنوية وهــدايا إلى سادات المشايخ، وتعيين بعضهم في مناصب كبيرة ليتولوا حماية الحدود وكبح جماح البدو ومنعهم من الغــزو والاستفادة منهـــم في إزعـــاج خصومهم بغـــزوهم ومحاربتهم أو محـــاربة القبـــائل المتحالفة معهـــم كالـــذي فعلـــه الفـــرس واليـــونان والـــرومان والـــدول المستعمرة في القرن التاسع عشر والقرن العشرين.

    ويظهر أن بلوغ جيوش "تغلا تبلاسر الثالث" غـــزة كان في حــوالي السنة "738 ق. م".
    فسيطر الآشوريون بـــذلك على هـذا الميناء المهم الــذي كان نهـــاية طرق القـــوافل التجارية الآتيـــة بصـــورة خــاصة مـن الحجاز وهــو ميناء كان مقصد تجار يثــرب ومكــة حتى عند ظهور الإسلام.

    ويحدثنا "سرجون الثاني" "724-705ق. م" أنـــه في السنة السابعة من حكمه، سنة "715ق. م" أدَّب "تمودي" "Tamudi" و"أباديدي" "عباديدي" و"مرسماني" "Marsimani" و"خيابه" "Hajapa" وهزمهم , ونقل من وقع في يــديه منهـــم إلى "السامرة" "Samaria". ثم يذكر بعد هذا الخبر أنــه تلقى الجـــزية مـــن "سمسي" "Samsi" ملكة "أريبي" ومن "برعو" "pir'u" ملك "مصـــري" "Musuri" ومـــن "يتع أمر" "It'amra" السبئي. وذكــر أن الجــزية كانت مـن الـذهب وحاصـلات الجبل والحجارة الكريمة والعـــاج وأنـــواع البـــذور والنبـــات والخيل والإبـــل.

    ويتبين من أسماء المواضع والقبائل التي ذكرها "سرجون"أن تلك المعارك كانت قــد وقعت في أرضين تقع في الشمال الغربي مــن جـــزيرة العـــرب وفي المنطقة الواقعة فيما بين خليج العقبة و"تيماء" والبادية, ولا بــد وأن تكـــون الجيـــوش الآشورية قـــد هاجمتها من الشمال أي : مــن فلسطين.
    وقــد ورد في بعض تـــرجمات نص "سرجون" أنــه نقل الأعـــراب الذين ينزلون في مواضع نائية مــن البادية ولم يعرفوا حاكمًا رسميًّا ولا موظفًا ولم يدفعوا جزية إلى أي ملك سابق نقلهم إلى "السامرة" وأسكنهم فيها. ويظهر أن هـــذه الجملة لا تخص الجملة السابقة التي ذكر فيها "ثمود" وبقيــة الأسماء ، وليست معطوفة عليها ؛ لأنه وصف هـــؤلاء الأعـــراب بأنهم سكان بوادٍ نائية ، ولم يدفعوا الجـــزية لأحـــد من قبل ، على حين يقيم المذكورون في أرض معـــروفة ولمنـــازلهم أسماء ، وهي ليست مــن البـــوادي.
    وورد في هــذه الترجمات بعــد جملة "ويثع أمر السبئي" : "
    ومــن هـــؤلاء الملـــوك ملـــوك على الساحل ، ومنهم ملـــوك في البـــادية تسلمت منهم جــزية : تبرًا ، وأحجارًا كـــريمة ... إلخ" , مما يـــدل على أن أولئك الملوك كانــوا يحكمون أرضين واسعة تمتــد مــن البـادية إلى البحر الأحمـــر.
    ووردت في نص "سرجون" المشار إليه أسماء مواضع هي "Uaidaue" و"Bustis" و"Agazi" و"Ambanda" و"Dananu" ووردت معها جملة: "أريبي الساكنين في مشرق الشمس" "أريبي مطلـــع الشمس" ولهذا ذهب بعض الباحثين إلى أن الأسماء المذكورة هي أسماء مواضع في أرض "أريبي" أي البادية. وهــو رأي يعارضه باحثون آخـــرون لغموض العبارة ، ولتعذر القـــول : إن أسماء هذه المواضع تعود إلى "أريبي الساكنين في مشرق الشمس".

    أمــا "تمودي" "Tamudi" فإنهم "ثمود" الذين سبق أن تحدثت عنهم. وأما "أباديدي" "Ibadidi" فشعب لا نعـــرف مـن أمــره شيئًا , وقــد ذهب "موسل" إلى احتمال كونهم "أبيداع" "Abida" المذكـــورين في التـــوراة
    وهو فيها ابن "مديان" ، أي "مدين".
    ويرى أن مساكنهم كانت في جنوبي شرقي "أيلة" "Elath" أي : العقبـــة على الطـــريق التجــارية المهمة التي تـــربط ديـــار الشام بالحجاز.

    ورأى "كلاسر" أن "الأباديدي" هـــم "Apataei" المذكورون في جغرافية "بطلميوس"وكانوا يقيمون في مكان يقـــال لـــه :
    "وادي العبابيد" أو"العباديد" على مقــربة من العقيق أو أن فــرعًا منهم كـــان يقيم في هـــذا المكان.
    وذهــب "فورستر" إلى أن شعب "APATAEI" هــم شعب آخـــر ، وأن الكلمة هي في الأصل "Nabataei" وهو شعب كانوا يقيمون في موضع "نبت" على ساحل الحجاز.

    ولا نعـــرف مــن أمـــر "مرسماني" "Marsimani" شيئا يذكر ، ولم يرد لهذه القبيلة اسم في التوراة.
    غيـــر أن بعض الكتبة "الكلاسيكيين" ذكروا قبيلة عـــربية يظهر أنها كانت تقيـــم في جنـــوب شرقي "العقبة" سموها "Batmizomaneis" "Banizomaneis"، وقـد كانت في جـــوار قبيلة "Thamudenoi" أي ثمود , ويـــرى "موسل" احتمال كون هذه القبيلة هي "مرسماني" ، تحرف اسمها في النص الآشوري أو حـــرفه الكتبـــة "الكلاسيكيون" حتى صــار على نحو ما نرى. وعلى كل حال فإن على لفظة "Marsimani" طابـــع العـــروبة فـــلا يستبعد أن تكون مـن "مرسم" أو أسماء أخرى عربية قريبة منها.
    ويظهر أن كـــراهية الأعـــراب للآشوريين كـانت شديدة جـدًّا ، لـــم تخفف مـن حـــدتها لا سياسة القــوة والعنف ولا سياسة التـــودد واللين. لقد حملت هذه الكراهية القبائل على مــد يـــد المساعـــدة إلى كل مبغض للآشوريين، أو متمرد عليهم، فقدمت المعـــونة إلى "مردخلبلدان" "مردخ بلذان" "مردخ بلادان" "Merodachbaladan" ملك بـابـل خصم وعدو "سنحاريب" "سنحريب" وأرسلت "ياتيعة" "يثعة" "يطيعة" "Ja'iti'e" ، ملكـــة "أريبي" جيشًا لمساعدته ومناصرته في كفاحه هــذا مـــع الآشوريين وضعته تحت قيادة أخيها "بسقانو" "بصقانو" "Basqanu" ، إلا أنه لم يتمكن مــن الوقوف أمام الآشوريين ، فنزلت بــه خسارة فادحة، وأُسِرَ "بسقانو" وأُسِرَ معـه معظم جيشه. وكـــانت هـــذه الهزيمة في موضع "كيش" "Kish", وقد كانت في حوالي سنة "703" أو "702" قبـل الميلاد , على رأي بعض الباحثين.
    ويظهر أن لفظة "Iati'e" هي تحريف لاسم عـــربي مــن أسماء النساء لعله "بطيعة" أو ما يشابه ذلك, وقد كانت ملكـــة إذ ذاك ، أي : إنها كـــانت مثل "زبيبة" و"شمس" المذكورتين.

    وأمــا اسم "بسقانو" "Basqanu" فالظاهر أنه "الباسق" , فـــإنه قــريب منه.
    ويحــدثنا "سرجون" في كتاباته عـن أيامه وعن أعماله المجيدة, أن الملك "أبيري" "Uperi" ملك "دلمون" سمع بقدرة آشور وبعظمتها فأرسل هداياه إليه. ومعنى هذا أن البحرين كانت إذ ذاك تحت حكـــم ملك اسمه "أبيري" ، لعله "أبير" ، وأن الصـلات السياسية كــانت وثيقة بيـن "آشور" و"البحرين في" ذلك العهد. وقد ذكر "سرجون" أن "أبيري" "ملك دلمون" "كان يعيش كالسمكة في وسط بحر الشروق ، البحـــر الـــذي تشرق عليه الشمس ، وعلى مسافة ثلاثين ساعة مضاعفة ، وكـــان قـــد سمع بجلال عظمتي فأرسل بـــالهدايا إليَّ".
    وفي هـــذا الخبـر إشارة واضحة إلى استقلال البحرين أي جزيرة "دلمون" وخضوعها لحكــم ملك لعله كـان مـن أهلها.
    ولما كــان القسم الجنوبي من العراق تحت حكــم الآشوريين في هـــذا العهد , وللبحرين عـــلاقات تجـــارية متينة مــع هـــذا القسم لــذلك أرسل هـــدايا ثمينة إلى ملك آشور.
    ويظهر من خبــر آشوري يعــود عهده إلى أيـــام الملك "سنحاريب" "سنحريب" ، وهو ابن "سرجون" ، أن ملك البحرين لما سمع بخبـــر اجتياز هـــذا الملك نهر الفـــرات ودخـــوله الخليـــج ووصـــوله أرض جـــزيرة "دلمون" أسرع فاعترف بسيادة ملك آشور عليه. وكـــان هذا الملك قد دَكَّ أرض بابل في حوالي سنة "689 ق. م."، وسار منها متوجهًا نحـــو أرض الخليج. وفي هـــذا الخبر إشارة إلى أن علاقة الآشوريين بالبحرين كانت وثيقة في هذا العهد أيضا ، وأن ملك البحرين كان يخشى ملك آشور لذلك اعتـــرف بسيادته الاسمية عليه.

    وأخبـــرنا "سنحاريب" "سنحريب" "705-681 ق. م." أنــه تسلم هــدايا مــن "كرب إيل" "كريبي ، إيلو" "Karibi–ilu" ملك سبأ "Saba'i" إذ بنى بيتًا أو معبدًا "بيت أكيتو" "Bit–Akitu" , للاحتفال فيــه بعيـد رأس السنة والأعيـــاد الأخرى. وكان مــن جملة هذه الهدايا أحجار كريمة وأنــواع من أفخر الطيب ذي الرائحة الــزكية الطيبة "Rikke Tabutu" وفضة وذهب وأحجار ثمينة أخـــرى وهي أمـــور اشتهرت بها العـــربية الجنوبية ، كما عرفت بتصديرها هذه المواد إلى الخارج، وقد تحدثت عنها التوراة في مواضع من الأسفار.

    وقــد ذهــب "هــومل" إلى أن "كـربي إيلو" هـــذا هو "كرب ال" "كرب إيل" أحـــد "مكربي" "مقربي" سبأ ، أي : الكهان الحكام ، ولـم يكـــن ملكًا على عـــرش سبأ وإن دعـــاه "سنحاريب" ملكًا ذلك لأن الآشوريين لـــم يعرفوا لقبه الرسمي أو لأنهم لم يهتموا بذلك فجعلوه ملكًـــا.
    وهـــذه الهدايا لم تكن جـزية فرضت عليه ، بل كانت هــدية من حاكم إلى حكام ، وقد بعث بها إليه مع القوافل الذاهبــة إلى الشام بطريق غـــزة ، أو طريق مكـــة ، فالبادية إلى العراق. وعنـــدي أن مــن الجـــائز أن يكـــون "كريبي ، إيلو" هـــذا سيـــد قبيلة أو أميرًا مــن الأمـــراء الذين كانــوا في العربية الشمالية، من المجاورين لتلك القبــائل التي تحدثت عنها وسبق لها أن قدمت هــدايا لآشور ، وكــان مـن السبئيين النازحين إلى الشمال الذين حلوا محل المعينيين.
    ولما قضى "سنحاريب" على مقاومة البابليين وعين عليهم ملكًا منهم كان قــد تـــربى في قصـــور الآشوريين فأخلص لهم ، سار إلى بـــلاد الشام لإخضــاع "العمونيين" و "المؤابيين" والأدوميين والعرب والعبرانيين, فقد كان هـــؤلاء قــد انتهزوا فـرصة قيام "البابليين" وقبـــائل "إرم" و"العرب" و"العيلاميين" على "الآشوريين" للتخلص منهم، فألفوا حلفًا بينهم في جنوب بلاد الشام ، أي : في فلسطين والأردن ، واتحـــدوا لمحـــاربة "سنحاريب". فلما وصـــل إلى ساحل البحر المتوسط، أخذ جيشه يستولي على المـــدن الفينيقية والفلسطينية ويتقـــدم نحـــو الجنــوب حتى بلـــغ "عسقلان" "Ashkelon".
    ولما وصـــل إلى موضـــع "التقه" "علتقه" "Eltekeh" "Altekeh" اصطدم بالعرب وبالمصريين, غير أنه تغلب عليهم واستولى على "التقه" وعلى "تمنة" "تمنث" "ثمنة" "1Timnath" و"عقرون" "عاقر" "Ekro.
    وفي أنباء الانتصارات التي سجلها "سنحاريب" لنفسه أنــه قـــام في حوالي سنة "689 ق. م." بحملة على الأعـــراب التابعين للملكة "تلخونو" "Telhunu" ملكة العـــرب "Arabi" أي : أعراب البادية، وعلى الملك "خزا إيلي" "حزا إيلي" "Haza-ili"، ملك "قيــدري" "Qidri" ، أي : القيداريين فسارت جيوشه في اتجاه "أدوماتو" "دومة" "Adummatu"، فتغلبت على العـــرب وعلى "القيداريين". ويقصد بـ"أدوماتو" "دومة الجندل" وقـــد كـــانت "أدوماتو" "Adummatu" من مواضع "أريبي" "عـــريبي" الحصينة.

    وهي في موضـــع بعيد عــن عواصم الدول الكبرى، إلا أنها لم تنجُ مع ذلك من غـــزوات تلك الدول , وقد ذكرها "بطلميوس" باسم "Doumatha" "Adomatho.
    وقـد جــاء في نص آشوري أن الملك "سنحريب" أرسل حملة إلى الخليج فانتصرت وحققت رغباته ، وقد فـــر ملك "أرض البحر" إلى أرض "عيلام". ويظهر أنــه بنى أسطولًا قـــويًّا حمل جنــوده إلى تلك الأنحاء ، فلم يتمكن أهــل الخليج مـن مقاومته واضطروا إلى الخضوع لآشور.

    ويظهر أن "سنحريب" كان قــد تمكن فعـــلًا من إخضاع الأعــراب لـه ومن السيطرة عليهـــم ، ويـــرى بعض الباحثين في نعــت "هيرودوتس" لـه بأنه "ملك العرب والآشوريين" تعبيرًا عــن إخضــاع "سنحريب" الأعـــراب لحكمه وإن كــان ذلك قـد وقــع لأمد محـــدود.
    وفي نص دونــه "أسرحدون" "680-669 ق. م." عــن أعماله وعـن أعمال والـــده , أن أبــاه "سنحاريب" أخضـع "أدومو" "Adumu" "معقـــل أريبي" ، واستولى على أصنامها وحملها معــه إلى عاصمته ، وأسر ملكتها "Iskallatu" التي كـــانت كاهنة للإله "دلبات" "Dilbat"، وأسر الأميرة "تبؤة" "Tabua" كذلك.
    فهو يــؤيد بــذلك ما ذكـــره أبوه من انتصاراته على العـــرب.
    ولـــم يتحــدث النص الآشوري عــن الجهة التي هاجـــم منها "سنحاريب" "دومة الجندل" أي "Adummatu" "Adumu".
    ويرى "موسل" أنه هاجمها من إقليم "بابل"، ويرى أيضا أن سلطان الملكة "تلخونو" كـــان يشمل منطقة واسعة تمتــد مـن "أدومو" إلى حـــدود بابل. وقد كان أعــرابها يمتارون ويبتاعون الطحين والملابس والمواد الضرورية الأخـــرى من بابل ، فيسلكون البادية ومـن هــذه البــادية وصلت أمـــداد الملكة وقـــواتها إلى بابل لمساعدتها في مقاومـة آشور ، فاشتركت مـــع البابليين في الحرب على حين هاجم فـــريق آخـــر مــن أتبـــاع الملكــة المقاطعات الآشورية في بلاد الشام.

    فلما تغلب "سنحاريب" على بابل وانتصر عليها في سنة 689 ق. م تفـــرغ لمحاربة الملكة والانتقام منها فأمـــر قـــواته بالضغط على أتبـــاع الملكة ، وتعقبهم في البـــادية لحفظ الحـــدود. ثم حاصر "أدومو" ، حتى تغلب عليها، وانتصر على هذا المعقل الـــذي التجأ إليــه أتبـــاع هذه الملكة وغيـــرهم للخلاص مـن الآشوريين.

    ويظهر مــن النصوص الآشورية أن خـــلافًا وقـــع بيـن الملكة "تلخونو" والملك "خزا إيلي" ، قد تكون أسبابه الهزيمة التي حـــاقت بهما ومحاصرة "سنحاريب" لهما في "دومة الجندل".
    وقـد كـــان "خزا إيلي" على ما يظهر هو الذي تولى قيادة الجيش، وتنظيم خطط الدفاع والهجوم. فسببت الهزائم التي حلت بهما غضب الملكة عليه وعلى سوء قيادته "فغضبت تلخونو على خزا إيلي ملك أريبي"ولعلهما اختلفا أيضا بسبب محاصرة "دومة الجندل" والدفاع عنها أو عدمه.
    ومهما يكن من شيء، فقد استسلمت الملكة "تلخونو" للآشوريين، وتغلبت جيوش "سنحاريب" على هذا المعقل ، وأخذت الأصنام أسرى إلى "نينوى", كما أخذت الأميرة" تبؤة" "Tabua" أسيرة إلى عاصمة آشور لتربى هناك تربية يرضى عنها الآشوريون ، ولتهذب تهذيبًا سياسيًّا خاصًّا يؤهلها أن تكون ملكة على "أريبي".

    أما "خزا إيلي" فقد تمكن من خرق حصار الآشوريين على "دومة الجندل" ومن الاعتصام مع أتباعه بالبادية ، حيث لم يكن في قدرة "سنحاريب" مطاردتهم وإيقاع خسائر بهم ، وبقي في هذه البادية طول حياة "سنحاريب". فلما توفي هذا الملك ، وانتقل الملك إلى ابنه "أسرحدون" ، وزالت أسباب الجفاء قصد نينوى لمقابلة الملك الجديد، ومعه هدايا كثيرة ، سُرَّ بها الملك واستقبله بلطف ورعاية ، وسلمه الأصنام الأسيرة السيئة الحظ التي كان عليها أن تشارك أتباعها الحياة الأرضية المزعجة ، وتمكنت كل من "عتر سماين" "عثتر السماء" و"دبلات" و"دايا" "ديه" "Daja" و"نوهيا" "نهيا" "نهى" "Nuhaia" و"إبيريلو" "Ebirillu" و"عثتر قرمية" "عثر قرمي" "Atar Kurumaia"، وهي الآلهة التي كتب عليها أن تسجن من استنشاق ريح الحرية ثانية، ومن استعادة مقامها بين عبادها، فوضعت في أماكنها وسر أتباعها ولا شك بهذه العودة.
    وفي أثناء وجود تلك الأصنام في الأسر، أصيبت ببعض التلف ، فمَنَّ "أسرحدون" عليها بالأمر بإصلاح ما أصابها وإعادتها إلى ما كانت عليه، ثم تلطف فأمر بإرجاعها إلى "خزا إيلي" "خزائيل"، بعد أن نقشت عليها كتابة تفيد تفوق إله آشور على تلك الأصنام ، وبعد أن نقش عليها اسم الملك.
    وأراد "أسرحدون" تنصيب "تبؤة" "Tabua" التي تربت تربية آشورية ملكة على "أريبي" ليضمن بذلك فرض سلطان آشور على الأعراب. وهو حلم تحقق , ولكنه لم يدم طويلًا , لأن العداء بين الآشوريين والعرب كان عميقًا، لا يقضي عليه منح تاج، ونصب ملك أو ملكة.
    واعترف "أسرحدون" بـ"خزا إيلي" ملكًا على قبيلة "قيدار" ، في مقابل إتاوة يدفعها، قدرها خمسة وستون جملًا. فلما توفي "خزا إيلي" سنة "675 ق. م" , اعتـــرف "أسرحدون" بابنه "يايتع" "يايطع" "يطع" "يثع" "Uaite'" ملكًا مكان أبيـه ، على أن يدفـــع إتـــاوة سنوية كبيرة مقدارها ألف من "Minae" من الذهب ، وألف حجر كريمة, وخمسون جملًا، وطيب أي أكثر مما كان يدفعه أبوه , وقـــد رضي الابن بذلك على أمل أن ينعم عليه بتاج كيفما كانت الشروط. غير أن حسابه هذا لم يكن دقيقا ، فقـــد ثـــار عليه شعبه الذي أبى أن يخضع لرجل فــرض عليه فرضًا، وأبى قبوله ملكًا عليه.
    وقـــام -وعلى رأسه "الزعيم" "أوبو" "وهبو"- "وهب" ، "أوب" "Uabo" "Uaboa" بثورة عامة للتخلص منه ومن سلطان الآشوريين.

    وأسرع الآشوريون فأرسلوا جيشًا لإخماد هذه الثورة ، فأطفأها وأسر "أوبو" "Uabo" وأخذ إلى "نينوى" إلا أن الانتصار عليـــه لــم يقضِ على مقاومة العـــرب للآشوريين وثورتهم عليهم، فقاد "يابتئ" "يثع" "Uaite'" الثورة هذه المرة، ورفــع راية الحرب على الآشوريين ، وغزا هـــو وأتباعه حـــدود الإمبراطورية الآشورية المحاذية للبادية، واضطر الآشوريون إلى تجهيز حملة جديدة انتصرت عليه، وهاجمت مضـــاربه ، وقبضت على أصنـــامه ، وأخذتها معها أسرى للمرة الثانية.

    أما "يابتئ" ، فقـــد فـــر "وحيدًا إلى أصقـــاع بعيدة" على مـــا جـــاء في النص. والأصقاع البعيدة هي البادية ولا شك ، حيث يصعب على الآشوريين التوغل فيها للتوصل إليه لذلك صارت مأوى لكل ثائر تحل به خسارة, فإذا نجا بنفسه، وتمكن من الفرار من ساحة الهزيمة إلى البادية صـــار في حصن أمين ، لا تمتد إليه الأيدي بسوء إلا إذا كـــان المهاجمون من أبناء جنسه الأعـــراب.

    وقام "أسرحدون" بعد هـــذه الحملة بحملة أخرى على قبائل عربية تنزل أرض "بازو" "Bazu" و"خازو" "Hazu".
    وقــد ابتدأ بها في اليوم الثاني مـــن شهر "تشرى" من السنة الخامسة من سني حكمه, وهي تقابل سنة "676 ق. م.".
    وقـــد قتل فيها ثمانية ملوك , هم : "كيو" "kiau قيسو "kisu" و"ki-i-su" ملك "خلديلي" "Haldilli", و"أكبرو" "Agbaru" "AK-baru"، وهو ملك "ال بياتي" "البياتي" "إيل بياتي" "Na-pi-a-te"، "Ilpiati"منسكو" "منساكو" "منسك" "Mansaku" "Ma-an-sa-ku"، ملك "مجل أني" "مجلاني" "Magal'ani" "Ma-gal-a-ni" ، والملكـة "يافأ" "إيفع" "يفع" "Iapa'" "Ja-pa'" ملكة "دخراني" "دحراني" "دخر" "Dihrani" "Didhrani" و"خيبصو" "خابصو" "جيبسو" "Habisu" "Kha-bi-su" ملك "قدايأ" "Qadab" , و"نخارو" "نيخرو" "نحارو" "نحر" "Niharu" "Ni-kha-ru" ملك "جأباني" "جعباني" "جعفاني" "Ga'pani" والملكة "با إيلو" "بائلة" "Ba'ilu" "Ba-i-lu" ملكة "إخيلو" "Ihilu"
    آشوريون يحرقون خيمة أعراب نيام Helmuth Bossert, Altsyrien, 1397
    و"خبن إمـــرو" "خبن عمرو" "حبن إمرو" "حبان إمرو" "Habanamru" "Kha-ba-zi-ru" ملك "بداء" "بدع" "Buda'", وأسر خلقًا مـن أتبـــاعهم أخـــذهم إلى أرض آشور كمــا حمل آلهتهم معه. وتمكن أحد الملوك، وهو الملك "ليلى" "Laili" "ليلة" "Laiale" ملك "يادئ" "ياديا" "يدع" "Iadi" "Jadi'" من النجاة، غير أنه ذهب إلى نينوى بعدئذٍ ، حيث طلب العفو والصفح عما بـــدر منه ، فقبل "أسرحدون" منـــه ذلك ، وتآخى معه وأعاد إليه أصنامه ، وعينه ملكًا على أرض "خازو" "وبازو" "بازي" على أن يدفع الجزية إليه.
    وقـــد ورد في التـــوراة اسم "بوز" و"حزو" أما "بوز" فهو ابن "ناحـــور" أخي "إبراهيم" ويظن أن لاسمه صلة باسم أرض "بوز" , وأمـا "حزو" فــإنه أحد أولاد "ناحور". وقــد ذكرت كلمة "بوز" بعد "تيماء" في سفـــر "إرميا" حيث ورد : "وكل اللفيف وكل ملــوك أرض "عوص" ، وكـــل ملـــوك أرض فلسطين وأشقلون وغـــزة وعقرون وبقية أشدود ، وأدوم ومؤاب وبني عمون ، وكل ملوك صور ، وكل ملوك صيدون، وكل ملوك الجزائر التي في عبر البحر، وددان وتيماء وبوز ، وكل مقصوصي الشعر مستديرًا ، وكـــل ملـــوك العـــرب وكل ملـــوك اللفيف الساكنين في البـــرية". فـ"بـــوز" في التـــوراة اسم موضـــع ، واسم شعب وقـــد ورد في التوراة اسم رجل من "بوز" سمي "اليهو" "Elihu" البوزي وهــو ابن "برخيئل" ، وكـان صـــديق "أيوب" وحكمًــا في المحـــاورة التي جـــرت بين أيـــوب وأصحابه الثلاثة الـــذين أتـــوا ليعـــزوه في المصائب والبلايا التي نزلت بــه. وأيـــوب كان من سكان أرض "عوص" ، وهو عربي على رأي عـــدد من علماء التـــوراة.
    ولم يحدد مــوقع "بـوز" في التوراة" ولكـــن ورود "بــوز" بعد ددان وتيماء في الموضع الـــذي ذكـــرته من إرميا وقبل جملة "وكـــل مقصوصي الشعر مستديرًا" يحملنا على التفكير في أن أرض "بـــوز" كـانت في جـــوار تيماء وليست بعيـــدة جـــدا عـــن "ددان" "ديدان" ، وقريبة من الأعـراب الذين كانـــوا يحلقون شعـــور رءوسهم إلا دائرة تبقى في أعلى الرأس ، أي : غيــر بعيدة عن البادية وعن الأعراب الإسماعيليين.
    ولهذا ذهــب "كلاسر" و"دلج" "F. Delitzsch" وغيــرهما إلى أن بـــوز هي "بـــازو" الـــواردة في نص "سنحاريب" ، وتقـــع في العـــربية الشمالية, ورأى "ذورمة" "Dhorme" أنها في منطقة تقـــع في جنـــوب شرقي الجـــوف.

    وأمــا "موسل" فيستند أيضا إلى الوصف الذي جاء في النص الآشوري عن "بازو" التي تقع في موضع قاصٍ ويبـــدأ مـن السباخ وبـــادية مجدبة "140 بيرو من الرمال" ، وليس فيها غيـــر الشوك ونـــوع من حجر يعرف بــــ"حجر فم الغزال" ، ثـــم سهل فيه الأفـــاعي والعقارب مثـــل "الزربابو" الجـــراد , تليه "خـــازو" ، وهي أرض جبلية اتساعها "20 بيرو" من حجر الـ"Saggilmut.
    ويــرى مــن هـــذا الوصف أن موضع "بازو" في غــرب وفي جنوب "تدمر" وفي "وادي السرحان" ، وأن الملوك الثمانية الــذين قتلهـــم "أسرحدون" كانـــوا يقيمــون في وادي السرحان عند الحدود الشرقية لحـــوران وفي "الرحبـة" و"قطبة" إلى وادي "القطامي".
    ويرى أيضا أن "يدئ" "يادئ" "يدي" وهـــو موضـــع الملك "ليلى" ، هـــو "الجاف"، أو "الودي" وذلك بإبـــدال الحرف الأول من كلمة "يدي" بحرف الواو.
    وهو أمر يرى أنه كثير الحدوث، فمن المحتمل أن يكـــون موضع "الوادي" -على رأيه- هو "يدي" أو "يدئ" مقر الملك "ليلى" "Laili..
    فـــرأي "موسل" أن "بـــازو" تعني النصف الشمالي مــن "وادي السرحان", وأما الأرض الواقعة في شرق "السرحان" وفي شمال السرحان في المنطقة الجبلية ، فإنها "خازو" "حازو"، وقد سلك الجيش الآشوري -كما يقول- الطريق التجارية المارة من الحافات الشرقية لحوران إلى دمشق.
    وقد صيرت أرض "بوز" و"بوزي" بـ"أرض أوسيتس" "Ausitis" في الترجمة السبعينية للتوراة "العهد العتيق" ولذلك رأى بعض العلماء أن المراد بها اسم "Aiseitai" "إيسايتاي" "إيسايته"، وهو اسم موضع ذكره الجغرافي "بطلميوس" في داخل بادية بلاد العرب, ورأوا أن بوز هي هذا المكان.

    ورأى آخرون أن "بازو" هي نجد، وأن البادية التي تحدث عنها "أسرحدون" هي "النفود", وأما "خازو" فإنها الإحساء.
    وذهب "رولنسن" إلى احتمال كون هذه المنطقة هي أرض مملكة الحيرة، وما يتصل بها إلى جبل شمر لأن الوصف المذكور ينطبق -في رأيه- على هذا المكان.

    وذهب "كلاسر" في مكان آخر من بحوثه المستفيضة عن "بازو" و"خازو" إلى أن "خازو" هي "حزو" وإلى أن "بازو" و"حازو" في الأقسام الشرقية والجنوبية من "اليمامة" إلى أرض "مأكن" "Maken" إلى مرتفعات "رأس الخيمة". وأشار أيضًا إلى "حزوى"، وهي "السدوسية" لبني سعد في اليمامة ، وقـــد ذكـــرها "الهمداني" , ويـــرى أن اللفظة قريبة جدًّا من "حزو" التوراة ومن "خازو" النص الآشوري.
    وعلى هذا تكون أرض "خازو" في اليمامة، وهي أرض ذات آثار قديمة وعاديات وخرائب تقع بين وادي "ملهم" و"وادي حنيفة".

    ورأى بعض الباحثين المحدثين أن أرض "بازو" هي الساحل المقابل لجزر البحرين، أي : جزيرة "تلمون" كما كانت تعــرف عند القدامى.

    وأما "خازو" أي "حازو" في قـــراءة فهي "الأحساء", ونرى بين اللفظتين "حازو" و"أحساء" تقاربًا كبيرًا.
    ولم يذكر "أسرحدون" كيف رجع إلى بلاده بعد حملته الطويلة هذه ، ومن أي سبيل رجع إلى ملكه؟ غيـــر أن بعض الباحثين يرون أنه سلك طريقًا غيـــر الطريق الأول الـــذي سلكه في حملته على الشعوب والأرضين المذكورة.
    يرون أنه سلك طريقًا موازيًا لساحل الخليج، فاخترق أرض "بازو" و"خازو"، "حاسو", ثم سار شمالا إلى إقليم بابل.
    و"حاسو" عندهم هي الأحساء، وهي بين "نجـــد" والخليج وكــان "أسرحدون" قــد سلك في حملته الأولى كما يروون طريقًا اخترق "نجدًا", فلما قرر العودة سلك الطريق الثاني.
    ويرى "موسل" أن اسم "دخراني" "Di-ih-ra-ani" هو "Dacharenoi" المذكور عند "إصطيفان البيزنطي" "Stephen of Byzantium".

    أمـــا "كلاسر" فيـــرى أن قبيلة "Dachareni"، التي ذكـــرها "بطلميوس" بعـــد اسم قبيلة "Malangite" هي القبيلة المذكورة في نص "أسرحدون" , وأن قبيلة "Malangite" هي قبيلة "Ma-gal-a-ni" المذكورة في نص "أسرحدون", ورأى احتمال كـــون "Gauuani" هي "جوجان" و"Ikhilu" هي "أجلة" أو "أخلة" وهما عنـــد الخـــرج.

    ويرى "كلاسر" احتمال وجود علاقة بين "Bi-i-lu" وهو اسم الملكة و"باهلة" وهو اسم القبيلة المعروفة التي تقع منازلها منذ القديم في هذه المنطقة. وعنده أن حملة "أسرحدون" قد كانت في اليمامة حيث ينطبق وصف هذه المنطقة على وصف الأماكن المذكورة في حملة "أسرحدون" أحسن انطباق. وبعد وفاة "أسرحدون" رأى "يثع" "يطع" "يايطع" "Uaite'" أن من الأصلح مصالحة الآشوريين، فذهب إلى "آشور بانبال" ، "آشور بنبال" وقابله وأرضاه ، فأعاد إليه أصنامه ومنها الصنم "عثتر السماء" ، "أتر سمائين" "Atarsamain" "A-tar-sa-ma-a-a-in"، أي "عثتر السماوات" ، وهو الإله "عثتر" إله السماء ، الـــذي سأتحدث عنــه عنـــد كـــلامي على ديـــانة العـــرب قبـــل الإسلام ، ورضي عنه وأعـــاده إلى منصبه.
    ويذكر "آشور بانبال" أن "Uaite'" حنث بيمينه ، وخالف عهده وميثاقه معه، لما أعلن "شمش ، شوم ، أوكن" "Schamaschschumukin" شقيق آشور بانبال العصيان عليه وخاصمه، فانضم إليه ، وأيده بمدد يساعده، جعله تحت قيادة "إب يثع" "أب يثع" "Abjate'" و"إيمو" ابني "تارى" "ثأر" "تور" ، "Te'ri".
    وقام على رأس أتباعه بغزو الحدود الغربية لأرض بلاد الشام التي سبق أن استولى عليها الآشوريون وأصبحت من المقاطعات الخاصة لهم، من "أدو" "Adom" في الجنوب إلى جنوب "حماة" في الشمال. غير أن السعد لم يحالف "Uaite'" في هذه المرة أيضا، فتصدت الجيوش الآشورية للمدد الذي أرسل لمساعدة "شمش، شوم، أوكن" ، وشتَّتَتْ شمله قبل وصوله إلى "بابل".
    أما الذين تمكنوا من الهرب والوصول إلى "بابل" ، فقد أُبيد أكثرهم كذلك. وقد اضطر "أب يتئ" "أب يتع" "Abjate" أن ينجو بنفسه بالهرب إلى البادية خشية أن يقع في الأسر وذهب من ثم إلى "نينوى" حيث مثل أمام الملك طالبًا منه العفو والصفح ، وقبل الملك عذره وصفح عنه، ثم أصدر أمره بتعيينه ملكا في مكان "Uaite'" الذي كان مشغولًا بغزو حدود الشام وفلسطين الشرقية المتاخمة للصحراء أي حدود أرض "أمورو" "Amurru" على رأي بعض العلماء , وذلك بعد هزيمة "Uaite'" وتغلب الآشوريين عليه في حوالي سنة "648ق. م.". وقد وافق "أب يتئ" "Abjate'" أن يدفع جزية إلى الآشوريين، تتألف من ذهب وأحجار كريمة وجمال وحمير.
    ولم يتمكن "Uaite'" من الثبات طويلًا والاستمرار على مهاجمة الآشوريين، إذ كلف الملك "آشور بانبال" حرس الحدود والقوات الآشورية التي كانت هناك مهاجمة أتباعه، ومعاقبة "Uaite'" الذي نسي الجميل، وخاس بعهده على حد قول "آشور بانبال". وبعد مصادمات ومعارك وقعت بالقرب من "أزريلو" "Azarilu", و"خير أتكاسي" "khiratakasi" و"أدومة" "Udume" في ممر "يبردو" "Jabrudu", في "بيت أماني" "بيت عماني" "Bit Ammani" في منطقة "خوينه" "Khaurina" و"موابه" "Mu'aba" و"ساري" "Sa'ari" و"خرجه" "Kharge" و"صويبتي" "Subiti"، اضطر أتباع "أويتي" "Uaite'" إلى الرجوع إلى البادية للاحتماء بها, ويظهر أنهم أصيبوا في أثناء ذلك بخسائر فادحة. وقد أكره "أويتئ" بعد هذه الخسائر على الالتجاء إلى الملك "نتنو" "Natnu" ملك "نبيتي" "نبيطي" "Nabaitai" "Nabaiti" تاركًا زوجته بين أتباعه من قبيلة "قيدار" "Qidri" "kedar.
    ولما هاجم "أمولاني" "عمولاطي" "أمولاطي" "Ammulati" ملك قبيلة "قيدار" "قيدري" أرض مملكة "مؤاب" "Moab" أصيبت جيوشه بخسارة كبيرة ، وسقط أسيرًا, ومعه "أديا" "عادية" "عدية" "Adija" زوجة "Uaite'" ملك "أريبي" في أيدي الملك "Kamashkalta" "Kamaskhalta" ملك مؤاب "648 ق. م" , فأرسلا أسيرين إلى نينوى حيث سلما إلى "آشور بانبال". وكان "Ammulati" قد ساعد "شمش، شوم ، أوكن" في ثورته على أخيه، وهاجم أرض المغرب "أمورو" "Ammurru" لذلك سر "آشور بانبال" بهذا الانتصار الذي أحرزه "مؤاب". وقد رسم منظر غلب "آشور بانبال" وأسر "Ammulati" و"Adija" على جدار إحدى غرف قصر الملك "آشور بانبال".
    لقد أثرت الانتصارات التي أحرزتها جيوش "آشور" في نفس "نتنو" "ناتنو" "Natnu" ملك "Nabaiti" فأخذ يتقرب إلى "آشور بانبال" ومن جملة ما فعله في التقرب إليه أنه أرسل "Uaite'" -الذي كان قد التجأ إليه- إلى نينوى حيث سلم إلى الملك الذي أمر بوضعه في قفص ليعرض على الناس عند أحد أبواب المدينة.

    وذكـــر "آشور بانبال" في كتــابته أن منازل "Nabaiti" قبيلة "Natnu" بعيدة، ولم يسبق لها أن أرسلت رسلًا إلى بلاط أحد من أجداده وآبائه في نينوى مــن قبـــل وأن هذه هي المرة الأولى التي يصـــل فيها مـــن هـــذه القبيلة رسول.
    وقد وصف "آشور بنبال" موقف الأعراب وصفًا مؤثرًا بهذه الكلمات : "اشتدت عليهم وطأة الجوع.
    ولكي يسدوا رمقهم ، أكلوا لحوم صغارهم ... وقد سأل أهل العربية بعضهم بعضًا : ما بال بلاد العرب قد أحدق بها هذا الشر؟ فكان الجواب : تلك عاقبة من ينكث العهد، ويخرق المـــواثيق التي قطعناها لآشور".
    وذكـــر "آشور بانبال" أنــه عـــامل "Uaite'" على هـــذه الصورة ، وذلك في عبـــاراته التي أمــر بتدوينها في النص: "حبسته في مـــربط الكـــلاب وضعته مـــع بنـــات آوى والكـــلاب وأقمته على حـــراسة الباب في نينوى".

    ووصف حملته على الأعـــراب ومطاردته لهم بهذه الكلمات :
    "في رمضاء البادية وقيظها، حيث لا تـــرى طيور السماء وحيث لا يـــرى حمار الوحش ولا الغزال" وذلك من شدة جدب البادية ، وعدم احتمالها الأحياء.
    لـــم تنفـــع الشدة التي استعملها الآشوريون في القضاء على مقاومة الأعراب شيئًا. فما كاد "آشور بانبال" يشغل نفسه بقتال ملك "عيلام" وحربه في عام "640-641 ق. م." حتى ثارت القبائل العربية على آشور بزعامة "أبيتأ" "أبي يثع" "Abijate'" بن "تاري" "Te'ri" الذي تحدثت عنه سابقًا، و"أويتئ" "Uaite'" الثاني، وهو ابن "بير دادا" "Bir Dadda" وأخـــذت تتحرش ثـــانية بحـــدود المقاطعات الآشورية المتصلة بالبادية.
    ولما أرسل الآشوريون جيوشًا قوية لصـــد هــذه الهجمات ، طلبت قبيلة "قيدري" "قيـــدار" مساعدة "نتنو" ملك "نبتي" "Nabaiti"؛ فلبى الطلب وتحالف معهم ، وأخـــذوا يهاجمون الحدود ومعهم قبيلتا "يسمع" يسمأ" "Isamme'" و"عثتر سمين" "Atarsamain". غير أن الجيوش الآشورية تمكنت -مع ذلك كما تدعي كتاباتهم- من الانتصار على "قيدار" وعلى حلفائهم , فانتصرت على "Isamme'" وعلى "Atarsamain" و"Nabaiti" في موضع في البادية بين "ياركي" "يركي" "Jarki" "أرك" شرق تدمــر و"أزلة" "Azalla"، وشتتت شملهم. ثــم انتصرت في معـــركة أخرى على "Atarsamain" على "قيـــدار" وقعـــت عنـــد "Qurasiti" ، وغنمت فيها غنائـــم كبيـــرة مـــن الحميـــر والجمال والأغنام ، كما أسرت أصنام "Uaite'" وأمه وزوجته وعددًا كبيرًا من أتباعه, وأخذوا إلى دمشق، وأسر "أبي يثأ" "Abjate'" وشقيقه "أيمو" "Aimnu" في المعـــركة التي وقعت عنـــد "خوكريتا" "Khukkurina" "Khukruna".

    أما الملك "Uaite'"، فقد اعتصم مع عــدد مــن أتباعه بالصحراء ، غير أن الأمراض والأوبئة التي انتشرت بين أتبـــاعه أكـــرهته على الذهـــاب إلى الآشوريين الـــذين نقلوه إلى نينوي وعـــرضوه أمام الملك. وقـــد عُوقب عقًابا قاسيًا، وعُذِّب عذابًا شديدًا، ثم عفا عنه الملك بعد ذلك غيـــر أنه لم يسمح لـــه بالعودة إلى البادية، حيث أهله وأتباعه ومنازله، ولعله مات في نينوى.

    تابع 》》


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14549
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    أنساب القبائل العربية  المؤرخ أحمد رضا - صفحة 2 Empty رد: أنساب القبائل العربية المؤرخ أحمد رضا

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الجمعة سبتمبر 16, 2022 7:20 pm

    تاريــــخ العــــرب قبــــل الاســــلام :

    ( إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام )

    و"إسماعيل" هـــو الجد الأكبر للعـرب المستعربة بحسب زعمهم ، أي :
    العـــرب العدنانيين, وهـــو "يشمئيل" "Ishmael" في التـــوراة, ومــعنى الاسم "إلهي يسمع" أو "يسمع إلهي"

    وهـــو إبـــن "إبـــراهيم" مــن زوجــه "هاجـــر".

    وتقـــول التوراة :
    إنــه "ختن" وهـــو في الثالثة عشـرة من عمره، ورحــل إلى بَرِّية "فــاران" فتزوج فيها من إمرأة مصرية، وعاش فيهـــا راميًــا بالسهام حيــث اشتهــر بالـــرماية....•

    ولــم تــذكر التوراة بعد ذلك شيئا عنه إلا مــا ورد مــن أنــه حضر دفــن أبيه "إبراهيم"، وأنــه عاش "137" سنة.

    هـــذا مجمل مــا ورد في التوراة عنه أمــا ما أورده أهـل الأخبار عنه، فــإنه يستند إلى هـــذا الـــوارد في التـوراة عنـــه، إلا ما ذكــروه عن إمــرأته، فقد جعلوها إمــرأة مــن "جـــرهم"، ومــا أوردوه عنه من أنــه هاجــر إلى مكــة وأنـه عــاش هناك، وتعلم العربية فيها وقبــر في "الحجر" عنـــد قبــر أمـــه "هاجر"، وأمور أخرى صغيرة تختلف بإختـــلاف الـــروايات.....

    وقــد جعلت التـــوراة لــ"إسماعيــل" ولـــدًا، عدتهم اثنا عشر ولدًا، هـــم :
    1-نبايـــوت ، "هـــو بكـــر إسماعيل"
    2-وقيــدار
    3-وأدبئيل
    4-ومبسام
    5-ومشماع
    6-ودومـة
    7-ومسـا
    8-وحـــدار
    9-وتيـــما
    10-ويطـــور
    11-ونـــافيش
    12-وقـــدمة.
    ذكــرتهم على حسب مواليدهــم، كـما نص على ذلك فيها وهـــو عــدد يظهر أنــه من وضع كتاب الأسفار وترتيبهم

    تكلمنا سابقا عن :
    قيدار و نبايوت

    الأن .
    أدبئيل بن إسماعيل :

    وأما "أدبئيل" "Adbeel"، فكناية عن قبيلة عربية أخرى من القبائل الإسماعيلية، يرى بعض علماء التوراة أنها عاشت في جنوب غربي البحر الميت. ويظن أنها قبيلة "إدب إيلة" "Idibaila" "Dibiila" "إدبئيلة" "إدبعيلة" "دبئيلة" و"بعيلة" المذكورة في كتابة من كتابات الملك "تغلا تبلسر الثالث". وقد ذكر هذا الملك أنه عين نائبا عنه، أو "مندوبا ساميا" "قيبو" "Kepu" على خمسة عشر موضعًا، وكان اسم هذا المندوب "أدب أل" "أدب أبل" "أدبئيل" "Idibiil"، وهو سيد قبيلة عرفت بهذا الاسم.
    والظاهر أنه فوض إليه أمر حماية الحدود والمحافظة عليها من الغزو وتقع أرض هذه القبيلة على مقربة من الحدود المصرية وفي الجنوب من غزة.
    وكانت هذه القبيلة لا تزال موجودة في أيام المؤرخ اليهودي "يوسف فلافيوس".
    ويلي "أدبئيل" "أدب أل" "أدب أيل" في تسلسل أولاد إسماعيل

    مبسام بن إسماعيل :

    مبسام "Mibsam"، وقد سُمي في بعض الكتب العربية "ميشا"، ولا نعرف من أمر هذه القبيلة شيئًا.

    مشماع بن إسماعيل :

    وأما "مشماع"، وقد سُمي "منسى" و"منشى" و"مسمع" و"مشماعة" في بعض الكتب العربية، فلا نعرف من أمره شيئًا. ويتصور بعض العلماء أن لهذا الاسم علاقة بقبيلة "بني مسماع" أو "جبل مسماع" "جبل مسمع" قرب تيماء.
    ورأى "فورستر" أن "مشماع" هي قبيلة "Masmaos" التي ذكرها "يوسفوس"، على أنها من القبائل العربية التي كانت تعيش في أيامه. ويرى "فورستر" أيضا أن قبيلة "Masaemanes" التي ذكرها "بطلميوس" هي هذه القبيلة كذلك. وهذا الاسم قريب من اسم "ماء السماء".

    دومة بن إسماعيل :

    و"دومة" هو "دوما" في بعض الكتب العربية، وهو كناية عن موضع "دومة الجندل" وقد عرف بـ"دوماتا" "Domatha" عند "بلينيوس" وبـ"Doumaetha" "Dumaetha" عند "بطلميوس" ، وبـ"Adumu" "أدومو" في الكتابات الآشورية وهو كناية عن موضع وعن اسم قبيلة عربية؛ فقد ورد أن شعبًا اسمه "Dumathii" كان يقدم قربانًا "ولدًا" في كل سنة إلى آلهته، ويدفن ذلك القربان في معبد الإله ويراد به شعب "دومة الجندل".

    مسا بن إسماعيل :

    وقد ورد اسم "مسا" "Massa" في النصوص الآشورية مقرونًا بـ"تيما" "تيماء", ويرى بعض العلماء أنه كناية عن قبيلة كانت منازلها في الشرق والجنوب الشرقي من "موآب". ويرى بعض آخر أن مواطنها في الأرضين الجنوبية من وادي السرحان ،، وفي غرب منازل "عريبي" "أريبي".
    وجاء في رسالة أرسلها أحد "المقيمين" الآشوريين إلى ملك آشوري لم يرد اسمه في الكتابة أن "ملك قمرو" "مالك قمرو" بن "عميطع" سيد قبيلة "مسئا" "Masa" غزا قبيلة "Nabaati"، وقتل عددًا من أتباعها. والظاهر أن هذه القبيلة ، هي القبيلة المذكورة في التوراة.

    حدار بن إسماعيل :

    وأما "حدد" أو "حدار"، كما دُوِّن في سفر التكوين فإنه "أدد" عند بعض أهل الأخبار.
    وقد تكون لاسمه علاقة باسم الإله "حدد" أو "أدد" المعبود الشهير الذي تعبد له الآراميون وقبائل عربية كثيرة وكذلك الآشوريون والبابليون. ولا نعرف من أمر قبيلة "حدد" هذه شيئًا يذكر في الزمن الحاضر.

    تيما بن إسماعيل :

    وأما "تيما"، فإنه "طما" في الكتب العربية ، وهو كناية عن "تيماء" 》》وسوف أتحدث عنها.

    يطور بن إسماعيل :

    وأما "يطور" وهو "وطور" وما أشبه ذلك في الكتب العربية، فقبيلة عرفت بـ"Ituraea" في المؤلفات اليونانية واللاتينية ، وقد حاربت العبرانيين, وكانت تقيم شرقي نهر الأردن في أيام الملك "شاءول". ويظهر أنها هاجرت نحو الشمال، فسكنت في الأقسام الجنوبية من لبنان وفي الحافات الشرقية من جبال لبنان, وقد أجبر الملك اليهودي "أرسطوبولس الأول" "Aristobulus I" "107 قبل الميلاد" قسمًا من اليطوريين على التهود, وكان قد استولى على أرضهم ،، وكان لهم ملوك. وفي أيام ملكهم "سوهومس" "سوحومس" "سوخومس" "Sohumus" أدخلت أرضهم في مقاطعة "سورية" وذلك في سنة "50" ب. م. وقد كابدت دمشق مصائب شديدة من غزوات اليطوريين.
    وكانت مواطن اليطوريين فيما بين "اللجاة" "Trachonitis" و"الجليل" وعرفت بـ"جدورا"، وبـ"إيطورية". وقد عرفوا بمهارتهم في الرماية, وقد ذكرهم "سترابو".
    والظاهر أن مواطنهم الأصلية كانت في البادية ،،، ومنها جاءوا إلى "إيطورية" ثم ذهبوا إلى الأقسام الجنوبية من لبنان وإلى سهل البقاع. وقد ضيق عليهم الرومان في حوالي الميلاد وأجبروا بعضهم على الرجوع إلى البادية ويظهر أن سبب ذلك هو عدم خضوعهم للسلطات وغاراتهم على الحضر. وقد قتل "مارقوس أنطونيوس" "Marcus Antonius"، ملك اليطوريين في سنة "34" ق. م. وكان يدعى "ليسانياس" "Lysanias ، وتوفي "زنودوروس" "Zenodorus" الذي خلفه في سنة "20" ق. م ، واستولى "هيرود الكبير" "Herodes the Great" على قسم من أرض اليطوريين.
    ولما قسمت مملكة "هيرود"، صارت هذه الأرضون من نصيب "فيليب".
    وفي أيام "لوقا" ، كانت "Ituraea" منطقة تقع على ما يظهر في شمال شرقي "بحر الجليل" , ويخترق الطريق الروماني الذي عمله الرومان من "دمشق" إلى "طبرية" "طبريا" هذه المنطقة.
    وقد كوَّن اليطوريون لهم إمارة أو مملكة في "البقاع" كان حكامها رجال دين أي : كهانًا وملوكًا في آن واحد. وقد عرفنا منهم رجلًا اسمه "Mennaios" وهو اسم قريب من الأسماء العربية ، فلعله "معن" , أما ابنه فقد سمَّى نفسه باسم يوناني هو "بطلميوس" "Ptolemaios". وكان لهذا الملك ، أي "بطلميوس" ولدان، هما: "Lysanias"، وقد تولى الملك من بعد والده و"فيليب" "Philippion", وأما "زينودور" "Zenodor"، فقد خلف "Lysanias" وأما "Sohaimos" "Sohumus"، فإنه اسم قريب من "سحيم" ومن "سهيم" و"سخيم" و"سهم"، وأمثال ذلك، وهي أسماء عربية معروفة.
    ويظهر أن ارتحال "اليطوريين" من الأقسام الشرقية من الأردن نحو الشمال، نحو دمشق، ثم سهل البقاع حتى ساحل البحر الأبيض، كان قبل القرن الثاني قبل الميلاد. ولعلهم هم العرب الذين ذكر أن الإسكندر الكبير كان قد حاربهم بعد حصاره لمدينة "صور" "Tyros.

    وقد كون الرومان فرقًا محاربة من "اليطوريين" ،، اشتركت معهم في الحروب ،، وقد امتازت بعض هذه الفرق في حذقها بالرمي.
    وكون "مارك أنتوني" "Marcus Antonius" حرسًا خاصًّا منهم أشير إليهم في الموارد اليونانية واللاتينية.

    نافش بن إسماعيل :

    و"نافش" "Naphish" هو "نفيس" عند الأخباريين , ويرى بعض علماء التوراة احتمال كون "بنو نفسيم" "Naphisim" المذكورون في سفر "عزرا" هم "نافش" هؤلاء.

    قدمة بن إسماعيل :

    وأما "قدمة" فهو "قيدمان" و"قيذما" وما شاكل ذلك في المؤلفات العربية ولا نعرف من أمرهم شيئًا يذكر في الزمان الحاضر, ولعلهم "القدموينين" الذي أدخلت أرضهم في جملة "الأرض الموعودة" المذكورة في التوراة وكانت مواطنهم عند "البحر الميت".
    ومن العلماء من يظن أن لهم صلة بـ"بني قديم" "Bene Kedem"، أي: "أبناء الشرق". وذهب "فورستر" إلى احتمال كون "قدمة" موضع "رأس كاظمة" على الخليج. ولما كانت "قدمة" من القبائل الإسماعيلية، وقد ذكرت مع القبائل الإسماعيلية في التوراة ، ومواطنها كلها لا تبعد كثيرًا عن فلسطين ، فإني أرى أن مواطن هذه القبيلة يجب أن تكون أيضًا في هذه المواضع ، أي في مكان لا يبعد كثيرًا عن فلسطين.
    والغالب على أبناء إسماعيل البداوة أي : حياة التنقل والغزو والرماية لذلك كانت ملاحظة التوراة عن إسماعيل من أنه سينشأ راميًا
    ملاحظة حسنة تدل على تبصر بأمور "الإشماعيليين" الذين كانوا يقومون بالغزو ويرمون بالسهام.

    """"""""""


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14549
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    أنساب القبائل العربية  المؤرخ أحمد رضا - صفحة 2 Empty رد: أنساب القبائل العربية المؤرخ أحمد رضا

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الجمعة سبتمبر 16, 2022 7:20 pm

    【أوائل الشعراء】
    الجزء الأول :
    يقول علماء الشعر :
    "لـــم يكن لأوائل الشعراء إلا الأبيات القليلة يقولها الرجـــل عنــــد حدوث الحاجة".
    ثم تزايد عدد الأبيات وتنوعت طرق الشعـــراء في نظـــم الشعر ، بتقـــدم الزمــان ، وبازدياد الخبــرة والمـــران وبتقـــدم الفكـــر ، فظهرت القصائـــد المقصـــدة الطــــويلة ، التي تــوّجت بالمعلقات. قــال الأصمعي :
    "أول مــن يروى لــه كلمة تبلغ ثلاثين بيتًا مــن الشعر مهلهل ، ثم ذؤيب بن كعب بن عمرو بن تميم ، ثـــم ضمرة رجــل من "بني كنانة" ، والأضبط بن قريع".
    فهؤلاء هـم أوائل الشعراء الجاهليين في نظر "الأصمعي"، ممن نظــم كلمة بلــــغ عــــدد أبياتها ثـــلاثين بيتًا فما بعـــدها. "وقال ابن خالويه في كتاب ليس :
    أول مــن قـــال الشعر "ابن خدام".

    وذكــر بعض العلماء أن القصائــد إنما قصدت ، والشعر إنما طــول في عهد "عبد المطلب" أو "هاشم بن عبد مناف"، وذلك يدل على إسقاط "عاد" و"ثمود" و"حمير" و"تبع". ولم يذكروا اسم أول مــن قصد القصائد وطــوّل الشعر ، ولكن رأي معظم علماء الشعر أن "المهلهل" هـــو أول مـــن قصـــد القصــائد وأول مــن قــــال كلمة تبلغ
    ثلاثين بيتًا من الشعر. وزعم بعضهم أن "الأفوه الأودي" أقدم من المهلهل، وهو أول من قصد القصيد. وإذا ذهبنا مذهب من يقول إن القصائد إنما ظهرت في أيام "عبد المطلب" أو "هاشم"، فيكون ذلك قبل الهجرة بمائة سنة على الأكثر.

    وزعمت بكر بن وائل أن أول من قال الشعر وقصد القصيد، هو "عمرو بن قميئة"، وكان في عصر "مهلهل بن ربيعة"، وعمر حتى جاوز التسعين.

    وكـــان "امرؤ القيس"، قـد استصحبه لمّا شخص إلى قيصــر ، فمــات في سفره ذلك.

    وذكر "ابن قتيبة" أن من قديم الشعر قول "دُويد بن نهد القضاعي" :

    اليوم يبنى لدويد بيته ... لو كان للدهر بلى أبليته
    أو كان قرني واحدا كفيته ... يا رب نهب صالح حويته
    وربّ عبل خشن لويته.

    وذكـــر من بعــده اسم :
    "أعصر بن سعد بن قيس بن عيلان" ثــم "الحارث بن كعب".

    ولــم يكن المذكورون أول مــن قصد القصيد وتفنن في أبواب الشعر وإنما هـم أقدم من وصل اسمه إلى مسامع علماء الشعر ، فصاروا مــن ثم أقــدم شعـــراء الجاهلية.
    وقد نسب إلى "زهير بن أبي سلمى" قـــوله :

    "ما أرانا نقول إلا مُعارا ... أو معادًا من قولنا مكرورا"

    وإذا صح أن هذا البيت هو من شعره حقًّا ، دلّ على اعتقـــاد الشاعر ومــن كــان في أيامه بقدم الشعر، وبتقدمه وبتطوره ، وبتفنن الشعــراء الـــذين عـــاشوا قبله ، في طـــرق الشعـــر وذهابهم فيــه كل مذهب ، حتى صار مــن جــاء بعدهم من الشعراء عـــالة عليهم فـــلا يقول إلا معارًا ، أو معادًا من الشعر مكرورًا.
    وإلى هــذا المعنى ذهب "عنترة" في قـــوله :

    هل غـــادر الشعراء من متردم ... أم هل عــرفت الدار بعــد توهــم.

    فقد سبق الشعراء "عنترة" في قــول الشعر، وفي الإبداع والتفنن به، حتى لــم يتركـوا لــه شيئًا جـــديدًا ليقوله.

    ونجـــد الشاعـــر "لبيدًا" ، يشير في شعـــره إلى الشعراء الـــذين تقــدموا عليــه ، ويقــول عنهــم إنهـــم سلكوا طـــريق "مــرقش" و "مهلهل" ، حيث يقـــول :

    والشاعرون الناطقون أراهم ... سلكوا طريق مرقش ومهلهل.

    ولقــد تعــرض "الفرزدق" في قصيد لـه إلى مــن تقــدم عليه من الشعراء فقـــال :

    وهب القصائدَ لي النوابغُ إذ مضوا ... وأبو يزيد وذو القروح وجرولُ
    والفحل علقمةُ الذي كانت له ... حلل الملوك كلامه لا ينحل
    وأخو بني قيسٍ وهن قَتَلْنَهُ ... ومهلهل الشعراء ذاك الأول
    والأعشيان كلاهما ومرقش ... وأخو قضاعة قوله يتمثل
    وأخو بني أسد عبيدٌ إذ مضى ... وأبو دُؤاد قوله يتنخل
    وابنا أبي سُلْمى زهيرٌ وابنه ... وابن الفريعة حين جد المقول
    والجعفريُّ وكان بشر قبله ... لي من قصائده الكتابُ المجمل
    ولقد ورثتُ لآل أوسٍ منطقًا ... كالسّمّ خالط جانبيه الحنظل
    والحارثي أخو الحماس ورثته ... صَدْعا كما صدع الصّفاة المعول

    فهؤلاء هم من أقدم الشعراء العرب الذين وصل خبرهم إلينا على وفق هذه الأخبار والروايات. وهم ونفر آخر من أمثالهم قد عاشوا في أيام لا نستطيع أن نبتعد بها عن الإسلام بأكثر من قرن أو قرن ونصف قرن. وقـد عسر على الذاكـــرة حفظ شيء عــن أخبارهـــم وأيامهم ، فلم تـــذكر عنهم غير أسمائهم وغير شيء يسير جدًّا عنهم، وخلا أبيات، لا ندري أهي من نظمهم حقًّا ، أم هي من نظم من تحدث عنهم ! وعلى موجب روايات أهل الأخبار تكون تلك الأبيات أقدم مــا عنــدنا مـن شعر عربي.

    وقـــد ولـــع بعض المحدثين بوضـــع سنين لتثبيت سنين مواليد ووفيات الشعراء ، واكتفى بعضهـــم بوضـــع سنين لــوفياتهم ، وفعلهم هـــذا لا يستنــد إلى أساس علمي ، لأننـــا لا نملك أدلــة مقبـولة صحيحة ، تخولنا حتى وضع مثل هـذه الأرقام ، ثم إن في الكثير مــن هذا المروي عن حياة الشعراء مـــا هـــو غير صحيح، ولهذا فليس من المعقول أبدًا ، وضع سنين لتحــديد مـــواليد ووفيـــات أولئك الشعراء ، والشيء الوحيـــد الـــذي نستطيع فعله هذا اليوم هو أن نشير إلى زمان مـن عاصروهم مــن الملوك كملـــوك الحيــرة والغساسنة ، فنحن على شيء من العلم بأوقات حكمهم، وأن نربط بين أيامهم وبين الحوادث الجسام التي أدركــوها أو ساهمـوا فيها.
    ونحــن لا نستطيع تـــرتيب الشعراء ترتيبًــا زمنيًّـا يستنـد على سنوات الـوفيات ، فنقدم شاعـــرا على شاعر آخـر استنادا إلى سنة الوفاة ، لأننا لا نملك نصوصا فيها سني الوفاة. ثـــم إن حياة أقدم شاعر جاهلي لا يمكن أن تتجاوز المائة والخمسين سنة عن الإسلام على أكثر تقدير، وإن أكثرهم قد كانــوا متعاصرين ، وإن بين حياة الشاعــر القــديم منهم ، وبين الشاعر المتأخر، فترات غير طويلة ، تتطاول على العشرة سنين أو العشرين، وهي أزمنة لا تعد شيئًا بالنسبة إلى تأريخ هــذا الشعر القصير الأجـــل.

    ويجــب ألا تخـدعنا بعض العبـــارات التي نقـــرأها في كتب الأدب مثـــل قولهم: "وهو شاعر جاهلي قديم"، أو "هــو شاعر قديم" ، أو "هما قديمان" أو "وهو جاهلي قديم"، وأمثال ذلك من تعابير تشير إلى قـــدم الشاعر أو الشعراء فنأخذها على الصحة ونقول بقدم الشاعر أو الشاعرين أو الشعراء فإن أكثر من ذكـــر أهل الأخبار أنهم من الشعراء القدماء ، هم من الذين كانوا في أيام حكم الملك "عمرو بن هند"، وقد كان حكم هذا الملك فيما بين السنة "554" والسنة "569" للميلاد.
    وإذا ما تذكرنا أن ميلاد الـــرسول كــان في سنة "570" أو "571" للميلاد، عـــرفنا إذن أي قدم هـــو هـــذا القـــدم الذي توهموه ..

    أمثاله >>
    عن الشعر والشعراء
    في الجزء الثاني تابع 》》》


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14549
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    أنساب القبائل العربية  المؤرخ أحمد رضا - صفحة 2 Empty رد: أنساب القبائل العربية المؤرخ أحمد رضا

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الجمعة سبتمبر 16, 2022 7:21 pm

    القصص :

    والقصص ، مظهر من مظـــاهر الفكــر الجاهلي ،، أشير إليـــه في القـــرآن الكريم وكان شائعًا عند الجاهليين.

    ودراسته تمكن الـدارس مــن تحليل عقلية صاحب القصص ، وفهم عقلية الزمـــن الذي شاع فيــه.
    وقـــد ورد في المـــؤلفات الإسلامية شيء منه ، وفي بعضه ملامح يمكن إرجاعها إلى عناصر أعجمية : دينية وغيــر دينية تسرب إلى الجـــاهليين مــن اتصالهم بالأعـــاجم ، واتصـــال الأعاجـــم بهم.
    والقصص البيان ، والقاص مـن يــأتي بالقصة على وجهها ، كــأنه يتتبـــع معانيها وألفاظها.

    وقيـــل : القاص يقص القصص لأتباعه ، خبرًا بعد خبر وسوقه الكلام سوقًا.
    وقـــد كــان القص شائعًا متفشيًا بين الجاهليين والإسلاميين ،، وكانـــوا يقبلون عليه إقبالًا شديدًا ، ومن هنا ورد في الحـــديث
    "إن بني إسرائيل لما قصــوا هلكوا.
    وفي روايــة لما هلكوا قصوا ، أي : اتكلوا على القول وتركوا العمل فكان ذلك سبب هـــلاكهم ،، أو بالعكس لما هلكـــوا بتـــرك العمل أخلـــدوا إلى القصص".
    ولما نزل القـــرآن : "قالوا : يا رسول الله، لو قصصت علينا ، قال : فنزلت: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ} .

    وذكر أن أصحاب رسول الله سألوه أن يقص عليهم فنـــزل :
    {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ}

    "مــن الكتب الماضية وأمـــور الله السالفة في الأمـــم".
    وورد أنهم قالوا له : "يـــا رسول الله حـــدثنا فــوق الحديث ودون القرآن يعنون القصص
    " فأنـــزل الله الآية المـــذكورة.

    وفي هـــذا الإلحاح على الرسول بأن يقص عليهم ، دلالة على مـــدى حب الجـــاهليين وإعجـــابهم بالقصص وللجاهليين غايات من الاستماع إلى القصص ، منها : العبـــرة والاتعاظ.

    وإلى ذلك أشير في القرآن الكريم : {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} .

    وقــد كان في مكــة وفي غيرها قوم يقصون على الناس ويعظونهم ، ولما جـــاء الإسلام كانـــوا على عـــادتهم يقصون لإثـــارة العقــول إلى أنبـــاء الماضين وأخبـــار السالفين ، ولإثارة تفكيرهم في الكون وفي الخلق وفي شئون الحيـــاة ، كالـــذي يظهر مـــن القرآن الكـــريم :
    {فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} و {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ} و {تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا}

    ويـدخل في هذا النوع القصص الذي يدخلونه في بــاب "الحكمة"، ومعناه القصص التعليمي ، الـــذي يتعظ بــه ويستفاد منــه ،، إذ يعــد دروسًا تعلم الإنسان في حيـــاته وتـــرشده إلى النجاح، ويشمل قصص الماضين ، ما قامـوا بــه من خيـــر ، وما عملوا في أيامهم مــن شر ، فأصابهم مــن أجله الهلاك وسوء المصيــر ، وقصص الأشخاص ، أما القصص المروي على ألسنة الحيوانات على نمط قصص "كليلة ودمنة"
    فـــإننا لا نجد منه مــادة غــزيرة في القصص المروي عن الجاهليين ، وهو قليل المادة أيضًـــا في الأدب الإسلامي ولا سيما في القصص الطويل.
    وقــد نجــد بقــايا قصص على ألسنة الحيوانات مـــرويًّا في كتـــب الأدب لكنــه مـن النوع القصير الذي لا يمثل نفسًا طـــويلًا في القصّ.

    وأغلب الظن أنــه منتزع مــن قصص قـــديم ، فقد طـــوله ، بسبب قـــدمه فبقيت منه هـــذه البقايا.

    ومــن أبـــواب القصص ، المقال على ألسنة الحيوانات ، كالقصص المقـــال على لسان "النعامة" ، مــن أنها ذهبت تطلب قــرنين فرجعت بـــلا أذنين.

    والقصص الـذي وضعوه عن الغـــراب وعـــن الضفدع ، والهدهد ، والهديل وغيـــر ذلك مما يميل إليـــه العامـــة بصورة خاصة ، لما يتركه من أثر في نفوسهم.

    ومــن القصص ، قصص الملوك والأبطال وسادات القبـــائل والأيـــام ويلعب قصص الأيام الدور الأول في هـــذا القصص ، لما لـــه من أثـــر في العصبية.
    وكان هذا القصص من أحب القصص إلى نفوسهم وقد زوّق ونمق ، وتولى قصه قصاصون كانت لهــم مـــواهب خـــاصة وقابلية على القص والتأثير في النفوس ، وكان أصحاب الرسول حيـــن يتسامرون يتناشدون الشعـــر ويتذاكرون الأيــام جريًا على سنتهم في الجـــاهلية ، وقـــد استمر هـــذا القصص إلى عهـــد قـــريب ولا زال معروفًا في القرى وفي بعض الأقطار العـــربية ،، لا سيما في أيــام رمضان حيث تقـــرأ قصص أبو زيد الهلالي وقصة عنترة وغيـــرها في المقاهي يقـــرأها قصاصون متخصصون بأسلوب مؤثر جـــذاب يتلاعبون بــه في عقــول السامعين ويثيرون فيهم الحماس ، ينصتون بكــل خشوع إلى صــوت القاص يريدون منـــه سماع المـــزيد من الأخبـــار.

    وفي قصص أهــل الأخبــار المنسوب إلى الجـــاهلية ، قصص عــن الأسفار وعــن مشقات السفر وعــن الأهــوال التي كان يلاقيها المسافرون في ذلك العهد مــن الجــن والسعالي والغيلان وقد رصع بأبيات من الشعر وبقصائد أحيـــانًا ، في وصف تلك المخلوقات الـــرهيبة المفـــزعة ، ولم ينس بعض هــذا القصص من إيــراد شعر لها في محـــاورة الأشخاص الذين تعــرضوا لها ، تجـــد فيـــه الجن والسعالى والغيلان ، تنظم الشعر بلسان عـــربي مبين ، وتجيب فيـــه الشعراء بشعــر مثــل شعرهم ، قــد تظهر رقــة وأدبًا فيه ، مع ما عرف عن هذه القوى من الميل إلى الأذى والشر.

    وفي قصصهم قصص لهم أصــل تاريخي ، لكنه لم يحافظ على نقاوته وأصله ، وإنمـا غلـــب عليـــه عنصـــر الخيال فحوله إلى أسطورة ، رصعت بالشعر في الغالب ، وبالجنس ، لتثير الغــرائز ، فتقبل الأنفس على سماعها ومــن هـــذا القبيل قصص "طسم" و"جديس".
    وقصص الزباء ، والتبابعة ، والأقــوام الغابـرة حيث تجد قصصهم في كتب الأخبار والأدب.
    وفي أبـــواب القصص ، بـاب للمجون والخلاعة، وأحاديث الهوى والتشبب.

    وهـــو بـاب يقدم على سماعه الشبان طـــلاب هــذا الفن في هذا الدور من أدوار الحيـــاة ، أمــا الشبيبة ومـــن تقدمت بهم السن، فإن الجنس يكون قــد ابتعـــد عنهم وتركهم في الغالب وما تمسكهم بــه وهم في أرذل العمر إلا مـــن بـــاب التـــذكر بــأيام الزمان وذكـــريات الشباب ، لتطـــرية العمــر والترويح عن كربة التقدم في السن.

    والقاص من الشخصيات المحببة إلى نفـــوس الجاهليين يقص على أبناء حيه القصص المسلية، مستمدًا مادته مــن الأساطير والخـــرافات السائرة المتنقلة بين الأمـــم ، ومـن الأخبـــار والحـــاديث الخـــرافية والتاريخية المأثورة عن العرب، أو عمن جاورهم.

    ومــن ذلك قصص الأقـــوام القـديمة التي بقيت ذكـــرياتها في أذهـــان الجاهليين ، وقصص الملـــوك مثـــل الزباء ، التي كيفت قصتها ، وابتعدت عن التاريخ وقصص جذيمة الأبرش وقصير ، وعمرو بن عدي ، والتبابعة وغيـــر ذلك مـن قصص ، لــه أصـــل تاريخي ، لكنه تغير وتبدل حتى صار مــن الأساطيـــر.
    وهـــو يصلح أن يكون اليــوم موضع دراسة خـــاصة للوقوف على مقــدار عناصر الابتكار والخيال فيه، ومقدار التحوير الــذي ألمَّ بـه ، وسببه ومــن أدخله عليه من جاهليين أو مسلمين.

    وقصص النوادر والنكات من القصص المعروف عنــد أهــل الجاهلية. وقــد اتخـــذ الملوك والأشراف لهـــم ندماء عـــرفوا بإغـــراقهم في قـــول الملح والنـــوادر والأمور الغريبة المضحكة حتى اشتهر أمرهم بين الناس وحتى بالـــغ الناس في نسبة النـــوادر إليهم وحـــولوا بعضهم إلى شخصايت أسطورية ، من كثـرة ما تقولوا عليهم وما نسبوه إليهم. ومنهم مــن سجلت كتب أهل الأخبـــار والأدب أسماءهم لما حصلوا عليه من شهرة بين الناس في أيامهم. منهم "سعد" المعروف بـ"سعد القرقرة" هـــازل "النعمان بن المنذر" ملك الحيرة ، كـــان يضحك منـــه.
    ذكــر أنـه كان مــن أهل "هجر"، فدعا النعمان بفرسه اليحموم ، وقال لــه : اركبه واطلب الوحش ، فقال سعد : إذن والله أصرع. فأبى النعمان إلا أن يركبه.
    فلما ركبــه سعد نظر إلى بعض ولــده قال: وا بأبى وجوه اليتامى ثم قال :

    نحن بغرس الودي أعلمنا ... منا بركض الجياد في السدف

    وفيــه قـــال الشاعـــر "أبو قُردُودة" وكـــان "سعد القرقرة" قــد أكل عنــد النعمان بن المنذر مسلوخًا بعظامه :

    بين النعامِ وبين الكلب منبته ... وفي الذئب له ظئر وأخوال

    ومنهــم "النعيمان بن عمرو بن رفاعة بن الحرث" مــن "بني النجار" مــن يثرب ، المتوفى في أيام "معاوية". كان هازلًا ومازحًا لطيفًا ذكر أنـه كان لا يــدخل المدينة طـــرفة إلا اشترى منها ثم جاء بها إلى النبي ، فيقول : هــا أهديته لك ، فـــإذا جـاء صاحبها يطلب نعيمان بثمنها أحضــره إلى النبي ، وقـــال :
    أعط هذا ثمن متاعه ، فيقول : "أولم تهده لي! " فيقول : إنـه والله لم يكن عنــدي ثمنه ولقــد أحببت أن تـــأكله فيضحك ويأمـــر لصاحبه بثمنه.

    ودخـــل أعــرابي على النبي ، وأنــاخ ناقتــه بفنائه ، فقــال بعض الصحابة للنعيمان لو عقرتها فأكلناها ، فإنا قـد قــرمنا إلى اللحــم. ففعـــل. فخـــرج الأعرابي وصاح وا عقراه يا محمد! فخرج النبي ، فقال : "من فعل هذا؟ " فقالوا : النعيمان فاتبعه يسأل عنــه حتى وجده قد دخل دار ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب واستخفى تحــت ســرب لها فـــوقه جـــريد.
    فأشار رجـــل إلى النبي حيــث هـــو فأخرجه ، فقال لــه :
    "ما حملك على ما صنعت؟ " قـــال : الذين دلـــوك علي يا رسول الله ، هم الذين أمــروني بــذلك. فجعل يمسح التـــراب عــن وجهه ويضحـك ، ثـــم غـــرمها للأعرابي.

    وروي أن "مخرمة بن نوفل". كان قد كبر وقد عمي فقام في المسجد يريد أن يبـــول ، فصاح به الناس المسجد المسجد! فأخذه نعيمان بيده وتنحى بــه ، ثم أجلسه في ناحية أخرى مـن المسجد فقال له : بل ههنا. فصاح بـه الناس. فقـــال : ويحكم فمن أتى بي إلى هذا الموضع! قالوا: نعيمان. قال: أمــا إن لله علي إن ظفـــرت بـــه أن أضربه بعصاي هذه ضربة تبلغ منه ما بلغت. فبلـــغ ذلك نعيمان. فمكث مــا شاء الله ، ثـم أتاه يومًا وعثمان قائم يصلي في نـــاحية المسجد. فقـــال لمخرقه : هـــل لك في نعيمان.
    قال : نعـــم. فأخذه بيده حتى أوقفه على عثمان، وكان إذا صلى لا يلتفت.
    فقال : دونك هــذا نعيمان فجمع يده بعصـــاه فضـــرب عثمـــان فشجه فصاحوا بـــه ضربت أمير المؤمنين.

    وروي أن "أبـــا بكر" خــرج تاجرًا إلى "بصـــرى" ومعـه "نعيمان" و"سويبط بن حرملة" ، وكـــان "سويبط" على الـــزاد ، فجـــاءه "نعيمان" ، فقـــال : أطعمني. فقال : لا ، حتى يجيء "أبو بكر" ، فقال : لأغيظنك ، فـذهب إلى ناس جلبوا ظهرًا. فقال : ابتاعوا مني غــلامًا عـــربيًّا فارهًا ، وهو ذو لسان ولعله يقول : أنا حر فإن كنتم تاركيه لذلك فدعوه لا تفسدوا عليّ غلامي. فقالوا : بلى نبتـاعه منـــك بعشر قلائص ، فأقبل بها يسوقها ، وأقبـــل بالقــوم حتى عقلها ، ثم قال : دونكم هــو هذا. فجاء القـــوم. فقالوا : قـــد اشتريناك ، فقال سويبط : هو كــاذب أنا رجل حر. قالوا : قــد أخبرنا خبرك فطرحوا الحبل في رقبته فذهبوا به. وجـــاء "أبو بكر" ، فأخبر. فذهب هـو وأصحاب له فردوا القلائص وأخذوه. فضحك النبي وأصحــابه مـــن ذلك حـــولًا.
    وبعض القصص الشائـــع المتواتر عن الجاهليين ، مثل قصة يـومي البؤس والنعيــم ، وقصــة "شريك" مع الملك "المنذر" ، وقصـة "سنمار" وأمثـــال ذلك ، قصص وإن اقتـــرن بـــأسماء جـــاهلية ، إلا أن أصوله غير عـــربية دخلت العرب من منابع خارجية ، من منابـــع يونانية وفارسية ، ونصرانية وهـــو أيضًا من القصص الواردة عند شعوب أخـــرى ، بـدليل وجـــود شبه ومثيل لــه في أساطير الأعاجم وفي حكـــايات النصارى.
    وقــاص ذلك اليــوم ، هو أديب الحي وأديب القوم وهـو لا بد أن يكون من أصحاب المـــواهب والفطنـة وممن رزق مـــوهبة التــأثير على القلـــوب بفضـــل مــا رزق مــن حسن عـــرض الكـــلام وتخريج القصص ، وتنسيقها وإظهـــار الأدوار البــارزة للأبطال وعـــرضها بأسلـــوب مشوق مـــرغب تنسي السامـــع كـــل شيء إلا تتبـــع الحكـــاية.
    ولا بــد وأن يُملّـــح القـاص قصصه بإدخال شيء من الشعر فيها لا سيما شعر الفرسان والحروب والمغامرات.
    ولا نعـــرف مــن أسماء قصاص الجاهلية أسماء كثيرة ، وأشهر اسم نعرفه هو اسم "النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة بن عبد مناف" "النضر بــن الحارث ابـن كلدة بـن علقمة بـن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي" وكــان مـن "شياطين قريش" ، أي : أذكيائهم وممن يؤذون الرسول وكان يحـدث قـــريشًا بـــأحاديث "رستم واسفنديار" وما تعلم في بلاد فـارس مــن أخبـــارهم ، ويـــزعم أنّ في استطاعته أن يــأتي بمثل ما أتى بــه الرسول من أمـــر القرآن ، فأشير إليه في الآيـــة :
    {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ}
    وذكـــر أن كل ما ذكــر في القرآن من "الأساطير" فـإنما قصـد بــه "النضر" وقد نزلت في حقه ثماني آيات تدل على أنــه كـــان يتحـــدى الـــرسول ويخاصمه ويقول في القرآن : إنه من صنع محمد وكان يـــأتي بقصص يـــزعم أنــه يضاهي بها كتاب الله.
    وقد أرسلته قريش مع "عقبة بن أبي معيط" إلى يهود "يثرب ليأخذا منهم من أمور التوراة والدين ما يجادلا به الرسول، فعلموهما ما يجب أن يسألا بــه فجـاءا وسألا الرسول وحاججاه وقــد أشير إلى هـــذه المحاججة في القـــرآن.
    وقد أمر الرسول بقتل "النضر"، فقتله "عليّ" وهـــو بالصفراء ، فقالت فيـــه "ليلى" ابنته ، أو "قتيلة" ابنته ، وهي ابنته في رواية ، أو أخته في روايــة أخرى ، شعرًا تبكيه وتتوجع فيه على قتلـــه. أولـــه :

    يا راكِبًا إنَّ الأُثَيْلَ مَظِنَّةٌ ... مِنْ صُبْحِ خامِسَةٍ وأَنتَ مُوَفَّقُ
    أبلِغْ بها مَيْتًا بأنَّ قصيدةً ... ما إنْ تَزالُ بها الرّكائِبُ تَخْفُقُ
    فليَسْمَعَنَّ النَّضْرُ إنْ نادَيْتُه ... إنْ كانَ يَسْمَعُ مَيِّتٌ لا يَنْطِقُ
    ظَلَّتْ سُيُوفُ بَنِي أَبِيه تَنُوشُهُ ... للهِ أَرْحامٌ هُناكَ تشققُ
    قَسرًا يُقادُ إلى المَنِيّةِ مُتعَبًا ... رَسفُ المقيد وهو عانٍ موثقُ
    أَمحمّد ها أَنْتَ ضَنُ نَجِيبَةٍ ... في قَوْمِها والفَحْلُ فَحْلٌ مُعْرِقُ
    ما كانَ ضَرَّكَ لَوْ مَنَنْتَ ورُبَّما ... مَنَّ الفَتَى وهوَ المَغيطُ المُحْنَقُ
    فالنَّضْرُ أَقْرَبُ مَنْ تركت قرابة ... أَحَقُّهُمْ إنْ كانَ عتقٌ يُعْتَقُ.

    وورد اســم رجـــل أدخـــل للمسلمين القصص الديني ، هو "تميم بن أوس بن خارجة" الداري ذكر أنه أسلم سنة تسع من الهجرة وأنــه كـــان نصرانيًّا وأنـــه لقي النبي فقص عليـــه قصـة الجساسة والـــدجّال.
    وذكـر أنه كان يترهب ويسلك مسلك رجـــال الرهبانية حتى بعد إسلامـــه وأنـــه استأذن الخليفة "عمر" أو الخليفة "عثمان" في أن يذكر الناس في يوم الجمعة، فأذن له فكان يقص في مسجد الرسول. وكـان بذلك أول من قص في الإسلام. وروي أنــه أول من أسرج السراج في المسجد. وكان قــد قـدم مع أخيه "نعيم" الداري في وفــد الداريين على الرسول منصرفه من تبـــوك.
    وكان مقامــه في الشام وربما وضـــع القصص على اسمه. وهــذا النوع من التذكير والوعظ والإرشاد القائم على الترغيب والترهيب بذكـــر أساطير الأولين والقصص والحكايات والغـــرائب والعجـائب والقصص المتعلق بالحيوانات أو المـــدون على ألسنتها، هو نوع من الوعظ الذي كان يقـــوم بــه رجـــال الـــدين اليهـــود والنصـــارى في تهذيب أبنـــاء دينهم وفي إرشادهم إلى سواء السبيل على نحـــو مـا كانـــوا يتخيلونه ويتصورونه. ومـن مدرستهم في الوعظ ، تعلم صاحبنا تميم علمه هذا على مــا يظهر.
    ويمكن الوقـــوف على طبيعة قصص "تميــم" ونوعيته وعلى درجة ثقافته ومقدار عقليته بالرجوع إلى ما نسب إليه مـن قصص ، وما ورد على لسانه مــن وعـــظ.
    ولكننا لا نجــد في الكتب مـــادة من قصصه تكفي للحكـم بموجبها على نوعيته ولكننا لا نستبعد أن يكون قد خلــط بيــن القصص النصراني وبين الأساطير العربية. فقـــد كان نصرانيًّا يسمع أقــوال وعاظ الكنائس ، فتعلم منهم ، وطبق ما تعلمه في الإسلام.
    وذكـــروا أن "الأسود بن سريع بن حمير "خمير" بن عبادة بن النزال" التميمي ، السعدي كـان قــاصًّا وكـان شاعــرًا مشهورًا ، وهــو مـن الصحابة وكـــان أول مـــن قص في مسجد البصـــرة.
    قيل : إنـه مات سنة اثنتين وأربعين.
    ولعله كـــان مــن النصـــارى كـــذلك.
    ويجب أن نشير إلى قـاص آخــر هــو "عبيد بن شرية الجرهمي"، وإن كـان مــن المتأخـــرين.
    فقد كان في أيام "معاوية"، وقد كان مــن الملازمين لــه.
    وكــان الخليفة يحنّ إليـــه ، ويتلـذذ بسماع قصصه عــن الأخبار المتقدمة وملوك العـــرب والعجـم وسبب تبلبل الألسنة ، وأمـــر افتـــراق الناس في البلاد. وهو شخص لا نعرف من أمره شيئًا يذكـــر. وذكـــر "ابن النديم" أنه عاش إلى أيام "عبد الملك بن مروان وأن معاوية أمــر غلمانه بتـدوين مــا كـــان يقصــه وينسب إليـــه ولـه من الكتب :
    كتاب الأمثال، وكتــاب الملوك وأخبار الماضين.

    ▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14549
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    أنساب القبائل العربية  المؤرخ أحمد رضا - صفحة 2 Empty رد: أنساب القبائل العربية المؤرخ أحمد رضا

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الجمعة سبتمبر 16, 2022 7:21 pm

    فتوح الشام المؤلف : الواقـــدي

    يقـــول :

    بسم الله الرحمن الرحيم قال :

    حـــدثني من أثق بــه من الرواة ممن تقـــدم ذكرهــم قال لما فتح عمر بن الخطاب رضي الله عنه مصر والاسكندرية والبحيرة والوجه البحري كله جميعا كان بالصعيد نوبة وبربر وديلــــم وصقالبة وروم وقبط وكانت الغلبة للروم كان أكثرهم روما ثم استشار عمرو بن العاس اصحابه أي جهة يقصد وهل يسير بالجيوش شرقا أو غــــربا ومـــا يصنع فاشاروا عليه بمكاتبة أميـــر المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فكتب إليــــه يقـــول :
    بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله عمرو بن العاص عامل أمير المؤمنين على مصـــر ونواحيها إلى عبــــد الله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنـــه سلام عليك ورحمـــة الله وبركاته أمـــا بعـــد فـــإني أحمد الله واثني عليه واصلي على نبيه محمد صلى الله عليه وسلــــم والسلام على من بالمدينة من المهاجرين والانصار والحمـــد لله قـــد فتحت لنا مصــــر والــــوجه البحري والاسكندرية ودمياط ولم يبق في الوجــه البحري مدينة ولا قرية إلا وقد فتحت وأذل الله المشركين وأعلى كلمــة الـــدين وقــد اجتمعت أصحـــاب رسول الله صلى الله عليه وسلـــم مــن السادات والأمـــراء والاخيـــار المهاجـــرين والانصـــار يطلبون الاذن مــن أميـــر المؤمنين هل يسيرون إلى الصعيد أو إلى الغـــرب والامـــر أمـــرك يا أميــر المؤمنين فـــإنهم على الجهاد قلقون وباعـــوا نفـــوسهم لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد خاتـــم النبيين وعلى إله وصحبه اجمعين وسلم وكتب هـــذه الابيـــات :

    صوارمنا تشكو الظمأ في اكفنا. ... وأرحامنا تشكو القطيعة كالهجر.
    اليك افتقاد الحرب يا طيب الثنا. ... ويامن أقام الدين بالعز والنصر.
    فقد ولعت خير الكرام إلى العدا. ... بنوشيبة الحمد السري وبنو فهر
    وصالت لؤي مع معد وغالب. ... وسادات مخزوم الكرام ذوي المفخر.
    تروم مسيرا للأعادي على شفا. ... تمكن من أعلاهم البيض كالسمر.
    ترى كل علج عائص في دلاصه. ... تجعجع في نقع تأجج كالحمر.
    بكل كميت صادق الوعد صائل. ... يرى درعه الزاهي تمكن بالصبر.
    نرى الموت في وقع الوقائع مغنما. ... ونكسب من قتل العدا غاية الأجر.

    _________


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14549
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    أنساب القبائل العربية  المؤرخ أحمد رضا - صفحة 2 Empty رد: أنساب القبائل العربية المؤرخ أحمد رضا

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الجمعة سبتمبر 16, 2022 7:22 pm

    نــــزار :

    وهو جد القبائل "النزارية" المنحدرة على رأي النسابين مــن :
    "نزار بن معد" من زوجه "معانة بنت جوشم بن جلهمة" ، أو "معــانة بنت جهلة" من جــــرهم...(١).

    وهو على زعم الأخباريين والد أربعة أولاد ، هــــم :
    "ربيعــة" ، و "مضــر" ، و "أنمــار" , و "إيــاد" (٢) , وهم أجداد قبائل كثيرة في الوقـــت نفسه.

    وقد انتشرت هذه القبائل في أواسط بلاد العرب وشماليها، وهناك أسطورة رواهـــا المـــؤرخون والنسابـــون عن اختصاص كل ولـد من أولاد "نـــزار" وعن المناطق التي نزلت بها قبائلهم واحتكامهم إلى "الأفعى الجرهمي"(٣) أو "أفعى نجران".(٤)

    وقــد زعــم بعض أصحاب الأخبار أن أم "ربيعة" و"أنمار" :
    "حـــدالة" "جــدالة" بنت وعلان بن جــوشم بن جلهمة بن عمـــرو , مـــن جرهـــم ..... وأن أم "مضـــر"
    "سودة بنت عك" (٥) ، كما زعم بعض المـــورخين أن "إيادًا" و"أنمارًا" همـا مــن أبنـــاء "معـــد".

    وأمــا "نـــزار" ، فقـــد كــان من عقبه البطنان : "ربيعة" ، و "مضر"..... (٦).

    وقد نعتت مضر بـ "الحمراء"، فقيل : "مضر الحمراء"..(٧) ، ونعتت "إياد" بـ"الشمطاء"، و"البلقاء"، وقيل لربيعة "الفرس"، ولأنمار "الحمار" (٨).

    ويقال للنزاريين: "نزارية" و"بنو نزار" و"أبناء نــزار". أمـا التنزر ، فالانتساب إلى "نزار" ، ويقال : تنزر الرجـل ، إذا تشبه بالنزارية ، أو أدخل نفسه فيهم (٩).
    واستعملت "النـــزارية" في مقـــابل "اليمانيـــة" في أيـــام الأمويين (١٠).
    ويــرى "ليفي ديلافيدا" أن "النزارية" فكـــرة سياسية نجمت في العصـــر الأمـــوي ، في وسط ذلك الصـــراع الحزبي المعروف، وعلى الأخص بعد معــــركة "مرج راهط" ، وأنها لا تمثل حقيقة تأريخية ، فهي لا تعني رابطة قبائل بالمعنى المفهوم.

    ومــن رأيـــه أن هـــذا الموضوع لـــم يـــدرس دراسة كافيـــة بعـــد ، وأن المـــواد اللازمة لدراسته غيـــر متوافرة (١١).

    وقد ذهب أيضا إلى أن أقدم من ذكر اسم "نـــزار" مـن الشعراء الجاهليين هــــو :
    "بشر بن أبي خازم" (١٢) ، و"كعب بن زهيـــر" مـــن الشعراء المخضرمين (١٣) ، ويــــرى أن "بني نـزار" الواردة في شعـــر "حسان بن ثابت" لا تعني النــــزارية ، أي :
    أبناء "نزار بن معد بن عدنان" على نحو ما يذهب إليه أهل الأنساب، بل جماعة أخــــرى هي مـــن نسل :
    "نـــزار بن معيص بن عامر بن لؤي" مــــن "قــــريش" (١٤). !

    ويــرى "ليفي ديلافيدا" أيضــا أن مـا ورد في شعـــر "أمية بن أبي الصلت" مــن شعــــر ، نسب فيــه "ثقيفًا" إلى "نزار"... (١٥) ، ومـــا ورد في قصـــة "الأقرع بن حابس التميمي" من ذكر "نـــزار"، لا يمكن أن يبعث الثقة إلى النفــوس ولا الاطمئنان إلى القلــوب بـــل يظهر أن مــا ورد إنمــا وضــــع لأغــــراض واضحة هي على زعمــــه إلحاق نسب "ثقيف" بنزار ، وقد كان ذلك مــوضع جـــدل في ذلك العهـــد وإثبات نسب "بجيلة" وهو نسب كان مــــوضع جــــدل أيضا... (١٦).

    أما أنـا ، فأرى أن "نزارًا" مــن القبائل التي كانت معروفة في القرن الرابع بعــد الميلاد، بــدليل ورود اسمها في النص المعروف بـ"نص النمارة" الذي وضع على قبر "امرئ القيس"، ويعود عهده إلى سنة "238" للميلاد. فقد ذكرت في جملة القبائل التي خضعت لحكمه, ولكن النص لـــم يتحدث عن نسب نزار ومواضعها في ذلك الزمن. وفي الجملة :
    إنها ذكــــرت مــــع قبيلة "أسد".

    نكتفي بهذا القدر
    ______

    مصادر :

    (١) تاج العروس "3/ 563"، السهيلي، روض الأنف "1/ 8"، الطبري "2/ 190", الطبقات "جـ1، ق1، ص30"، المحبر "ص132".
    (٢) Enc, vol., p., 939, wuestenfeld, geneal. Tab., a. 3
    (٣) الفاخر "ص155 فما بعدها"، حكم الأفعى، الطبري "1/ 1108", مروج "2/ 35"، طبعة محمد محيي الدين عبد الحميد، لقد تأثر بهذه القصة الفيلسوف الفرنسي "فولتير" في Enc., Vol., 3, P., 940., "Zadig"
    (٤) ابن خلدون "2/ 300"، البلاذري، أنساب "1/ 29".
    (٥) الطبري "2/ 198"، خبية بنت عك بن عدنان، نسب قريش "ص6".
    (٦) ابن خلدون "2/ 300".
    (٧) قال بشر بن أبي خازم الأسدي:
    دعوا منبت السيفين إنهما لنا ... إذا مضر الحمراء شبت حروبها
    (٨) اللسان "7/ 59".
    (٩) ديوان حسان "ص36"، الجمحي، طبقات الشعراء "ص5"، اللسان "7/ 59",
    Enc., Vol., 3, P., 940.
    (١٠) التنبيه "ص70".
    (١١) Enc., Vol., 3, P., 940.f.
    (١٢) المفضليات "ص667"، قال بشر بن أبي خازم:
    مضى سلافنا حتى حللنا ... بأرض قد تحامتها نزار
    ديوان بشر "ص67"، المفضليات "ص162"، "السندوبي"،
    Enc., Vol., 3, P., 940.

    (١٣) صدموا عليًّا يوم بدر صدمة ... ذلت لوقعتها جميع نزار
    الجمحي، طبقات "ص21"، الطبري "1/ 1106"، "طبعة أوروبا".
    (١٤) وكل محارب وبني نزار ... تبين في مشافره الرضاع
    ديوان حسان "ص36"، البرقوقي، شرح ديوان حسان "ص266".
    ENC., VOL., 3, P., 940, wuestenfeld, genea., s., 15
    (١٥) ديوان أمية "ص69"، وهو من الشعر المنسوب إليه، Enc., Vol., 3, P., 940
    (١٦) النقائض "طبعة بيفان"، "ص141 فما بعدها"، ابن هشام "1/ 50"، "طبعة وستنفلد" Enc., Vol., 3, P., 940
    __________


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14549
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    أنساب القبائل العربية  المؤرخ أحمد رضا - صفحة 2 Empty رد: أنساب القبائل العربية المؤرخ أحمد رضا

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الأربعاء سبتمبر 21, 2022 4:28 pm

    【 المجتمع العربي 】

    【النسب】

    النسب هو جرثومة العصبية وأساسها؛ ولهذا حرص العربي على حفظ نسبه، ولا يزال يحرص عليه، فيروي لك شجرة نسبه حفظًا ويرفعها إلى جملة أجداد.
    وقد وجد السياح أعرابًا سردوا لهم نسبهم سردًا من غير كتاب مكتوب, إلى عشرات من الأجداد، وقد تأكدوا بعد فحوص واختبارات أن ما قيل لهم وسرد عليهم كان صحيحا في الغالب.
    وأما أهل المدر، فإن حرصهم على حفظ نسبهم, وإن لم يكن حرص أهل الوبر، غير أن فيهم من يحفظ شجرة نسبه، وفيهم من يحتفظ بها مكتوبة وقد شهد على صحتها جماعة من النسابين. وفي جملة من يعتني بنسبه اعتناءً كبيرًا، ويأبى الزواج من غير الأسر الكفوءة له, السادة المنتمون إلى الرسول من ذوي الجاه والحسب والنسب، والأشراف السادات من أهل الحضر والوبر.

    وحفظ النسب هذا هو استمرار لما كان عليه الجاهليون من حرص على حفظ أنسابهم.

    وإذا كنا لا نملك اليوم جرائد جاهلية في النسب، فإن في بعض الكتابات الجاهلية تأييدًا لما نقول؛ فبين أيدينا في هذا اليوم كتابات جاهلية ذكرت أسماء جملة أجداد لأشخاص دونوا أسماءهم في تلك الكتابات، وقد دون على شاهد قبر "معنو" "معن"، اسم أبيه وجدين من أجداده. كما عثر على أسماء عشرة أجداد في بعض الكتابات الصفوية. وهنالك أمثلة أخرى من هذا القبيل، تثبت عناية العرب في الجاهلية بتدوين أنسابهم وحفظها, وهي من أهم المزايا التي حافظ عليها العرب إلى هذا اليوم.
    ويبدأ النسب بالأب في الغالب، وبـ"الأم" في الأقل في حالات تتغلب فيها شهرة الأم على شهرة الأب، ويكون "البيت" إذن جرثومة النسب, وحين ينسب إنسان يقول: إنه "ابن فلان".
    ويشمل نسب البيت الأب والأولاد والبنات والزوجة أو الزوجات، وهم أكثر الناس التصاقًا بالأب، وقد يقال: إنه من "بيت فلان" تعبيرًا عن الانتساب إلى رئيس ذلك البيت. وقد عرف بعض علماء اللغة النسب: أنه القرابة، أو هو في الآباء خاصة، وأن النسب : أن تذكر الرجل فتقول : هو فلان ابن فلان، وذكر أنه يكون من قبل الأم والأب .

    والبيت هو بيت أب. ولما كان المجتمع مجتمع بيوت، صار النظام فيه نظامًا أبويًّا, السلطة العليا فيه للأب، إليه يُنتسب وهو المسئول قانونًا عن العائلة, يتساوى في ذلك مجتمع الحضر ومجتمع أهل الوبر.
    ويذكر أهل الأخبار أن العرب تنسب ولد المرأة إلى زوجها الذي يخلف عليها بعد أبيهم، وذلك عنى حسان بن ثابت بقوله :

    ضربوًا عليًّا يوم بدر ضربة ... دانت لوقعتها جميع نزار

    أراد بني عليّ هؤلاء من كنانة، وهم بنو عبد مناة. وإنما قيل لهم: بنو على عزوة إلى علي بن مسعود الأزدي وهو أخو عبد مناة لأمه، فخلف على أم ولد عبد مناة. وهم : بكر وعامر ومرة وأمهم : هند بنت بكر بن وائل النزارية, فرباهم في حجره فنسبوا إليه.
    وإذا توفي والد وله مولود في بطن زوجته، أو كان طفلًا رضيعًا وكان له أعمام، تركه أعمامه عند أمه حتى يكبر، ثم يأخذه أعمامه، وقد تأتي أمه معه. ولكن العادة أن الأم تبع أهلها أي: عشيرتها، فإذا توفي زوجها وهي من عشيرة أخرى، تركت عشيرته لتعود إلى عشيرتها، فإذا كبر المولود خُيِّر بين البقاء مع أمه أو الالتحاق بأعمامه، أي : بعشيرة والده.

    والأغلب أن يختار الولد عشيرة الوالد؛ لأن نسب الولد من نسب والده، فيلتحق المولود بعشيرة الأب, وتقدم عشيرته على عشيرة الأم, إذ يشعر أن عشيرة أمه وإن كانت قريبة منه، إلا أن قربه منها ليس كقربه من عشيرة والده، وقد يعير باختياره عشيرة أمه عشيرة له. ولدينا أمثلة تشير إلى تعيير الأولاد أولادًا آخرين؛ لالتحاقهم بعشيرة أمهم وتركهم عشيرة والدهم، كالذي كان من أمر عبد المطلب يوم كان طفلًا, إذ عيره أطفال عشيرة أمه بلجوئه إلى عشيرتهم، إذ لا عشيرة له ولو كانت له عشيرة للحق بها؛ مما حمله على ترك يثرب والرجوع إلى أعمامه بمكة. فالعم في نظرهم بمنزلة الوالد، وهو أقرب الناس إليه، وهو وريثه في العصبات.
    وبهذه الحجة احتج العباسيون على العلويين في تقدمهم عليهم بحق الخلافة.

    ومن هنا نجد العرب يوصون بأولاد العم خيرًا، وألا يتهاتروا معهم ولا يختلفوا مهما وقع بينهم من خلاف. وفي هذا المعنى يقول أبو الطمحان:
    إذا كان في صدر ابن عمك إحنة ... فلا تستثرها سوف يبدو دفينها
    وللخئولة مكانة كبيرة في العصبة عند العرب, قد تقوى على العمومة، فإذا هلك إنسان وكان إخوته على خلاف مع زوجته أو كان حالهم ضعيفًا قامت الخئولة مقام العمومة في رعاية الأولاد وحمايتهم ومدهم بالعصبية. بل قد نجد أن عصبية الخئولة أقوى عند العرب في الغالب من عصبية العمومة، وفي تأريخ الجاهلية والإسلام أمثلة كثيرة على ذلك.

    ومن حسن حظ الإنسان في الجاهلية أن يكون له أعمام وأخوال كثيرون، خاصة إذا كانوا أصحاب جاه وسيادة؛ لأنه سيعتز بهم، ويفتخر بكثرتهم. وكان الجاهليون يقولون: رجل معم ورجل مخوِل وأخول، إذا كان له أعمام وأخوال, ويقال: كريم الأعمام والأخوال، على سبيل المدح والتقدير.

    ومنه قول امرئ القيس: بجيد معم في العشيرة مخول. وقول الشاعر :

    تروح بالعشي بكل خرق ... كريم الأعممين وكل خال

    والنسب نسب أهل، ويقوم على الدم القريب، ونسب قبيلة، ويقوم على العصبية للدم الأبعد، دم جد القبيلة يجري في عروق المنتسبين إليه.

    والعرب من حيث النسب صرحاء وحلفاء وجيران وموالٍ وشركاء يستلحقون بالنسب. أما الصريح، فهو المحض من كل شيء، والخالص النسب، ويقال: جاء بنو فلان صريحة إذا لم يخالطهم غيرهم.

    والنسب إذن نسب آباء، وهو نسب الصرحاء الخلص من العرب المنحدرين من صلب جد القبيلة، على حد تعبير أهل الأنساب، ونسب حلف أو جوار، أي: نسب استلحاق. والغالب أن يتحول نسب الاستلحاق إلى نسب صريح، حين تطول إقامة الدخيل بين من دخل بينهم, فينسى أصله، ويأخذ أحفاده نسب من دخل جدهم فيهم, ويشمل ذلك نسب القبائل أيضًا. ونجد في كتب أهل الأخبار أمثلة كثيرة من أمثلة تحول الأنساب، حيث نجدها تنص على دخول نسب فلان في نسب بني فلان، ونسب قبيلة في نسب قبيلة أخرى.

    ويقال للقوم الذين ينتسبون إلى من ليسوا منهم "الدخل", والدخيل هو الرجل الغريب الذي ينتسب إلى قوم ليس هو بواحد منهم. وذكر أيضًا أن "الدخل" بمعنى الخاصة، وأيضًا الحشوة الذين يدخلون في قوم وليسوا منهم, أي: في المعنى المتقدم.

    وفي كتب أهل الأخبار أمثلة عديدة على تنقل الأنساب وإثبات نسب قوم في قوم ليسوا منهم لغاية ومأرب، وقع ذلك في الجاهلية وفي الإسلام. قال "الكندي": "كان أبو رجب الخولاني وفلان وفلان يتحرشون أهل الحرس ويؤذونهم، فمشى أهل الحرس إلى زكريا بن يحيى كاتب العمري، فقالوا له حتى متى نؤذى ويطعن في أنسابنا. فأشار. عليهم زكريا بجمع مال يدفعونه إلى العمري ليسجل لهم سجلاً بإثبات أنسابهم، فجمعوا له ستة آلاف دينار، فلما صار المال إلى العمري لم يجسر على إن يسجل لهم، وقال: ارفعوا إلى الرشيد في ذلك، فخرج وفد منهم إلى العراق وانفق مالا عظيماً هناك، وادعى الوفد إن المفضل بن فضالة قد كان حكم لهم بإثبات أنسابهم وانهم بنو خوتكة بن الحاف ابن قضاعة، ثم عاد الوفد بكتاب محمد الأمين إلى العمري بالتسجيل لهم، فدعاهم العمري إلى إقامة البينة عنده على أنسابهم فأتوا بأهل الجوف الشرفي و آهل الشرقية. وقدم جماعة من بادية الشام، فشهدوا. انهم عرب فسجل لهم العمري. ثم تجدد نظر القضية فيما بعد وفسخ حكم القاضي العمري. ورد أهل الحرس إلى أصلهم القبطي".
    وأشار أهل الأخبار إلى قبائل كانت تتنقل من قوم إلى قوم، فتنتمي إليهم، قالوا لها: "النواقل". والنواقل من انتقل من قبيلة إلى قبيلة أخرى فانتمى إليها. والتنقل دليل على إن النسب لم يكن من الصرامة والشدة على نحو ما يصوره لنا النسابون المتأخرون.

    وفي الذي يذكره علماء النسب عن أنساب القبائل، أمور لا يمكن لنا قبولها، لا سيما ما يتعلق منها بالتعصب القبلي وبسرد الأنساب وتشجيرها وفي تفرعها.

    وأنساب القبائل موضوع لم يبحث بعد بحثاً علمياً، وهو يحتاج إلى تفرغ وتتبع والى مقارنة ما جاء عند العرب فيه بما جاء عند غيرهم من الساميين وغيرهم عنه. فقد لعبت الأنساب دوراً خطيراً عند البشرية، لأنها كانت الحماية والوقاية للإنسان، قبل إن تتولد الحكومات الكبيرة التي رعت الأمن وبسطت سلطانها، وبذلك خففت من غلواء النسب و الانتساب.


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14549
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    أنساب القبائل العربية  المؤرخ أحمد رضا - صفحة 2 Empty رد: أنساب القبائل العربية المؤرخ أحمد رضا

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الأربعاء سبتمبر 21, 2022 6:55 pm

    تاريــــخ العــــرب قبــــل الاســــلام

    【صلة العـــرب بالكلدانيين والفـــرس】
    ـ
    ومعارفنا بصلات العرب بالأخمينيين "Achaemenian" وبالبارثيين "الفـــرث" "Parthians" قليلة جدًّا.

    ويـــرى بعض المــؤرخين أن العـــرب كانـــوا في أيـــام "الأخمينيين" قـــد تقـــدموا في زحفهـــم نحـــو الشمال فــدخلت قبـــائل منهم إلى العـــراق ووسعت مساحة الأرضين التي كــان العـــرب قـــد استوطنوها سابقًا ، كما تقــدموا في هـــذا العهد نحو الغــرب فتوسعوا في بلاد الشام وفي طـــور سيناء إلى شواطئ نهـر النيل ، حيث كانـــوا قـــد استوطنوها ، وقد قاموا بخدمات كبيـــرة نحـــو ملوك الفرس في زحفهم على مصـــر.

    ولــم يلاقِ العـــرب أية مقاومة كانت في أثنـــاء حـــركاتهم وتنقلاتهــم ودخـــولهم الأرضيـن التي كـــان الأخمينيون قد استولوا عليها ، ولكن وجدوا أنفسهم في حرية تامة ، لهم الحـــق في الذهـــاب إلى أي مكـــان شاءوا ، وهذا مما مكنهم من الدخول إلى أرضين جـــديدة وإلى تـــوسيع هجـــرتهم في الأرضين التي كـــان الأخمينيون قـــد بسطـــوا سلطانهم عليها.

    لقد ذكر "أكسنوفون" "Xenophon" العرب في جملة أتباع الملك "كيرش" "Cyrus" "Kyros" الثاني "557-529 ق. م." "559-529 ق. م." وذكر أن هذا الملك عين واليًا عنه على "العـــربية" "Arabiai" "Arabioi" ويظهر مــن ورود لفظة "Arabiai" بعد "Kappadokia" أن المـــراد بها "الجـــزيرة", أي "Mesopotamia"، أو جـــزء منها. ويظهر من موضع آخـــر أن "العربية" هي المنطقة الـواقعة في شرق "Araxes" أي : "الخـابور".

    وقــد ورد في أخبـــار حملة "كيرش" على "بابل" أن جمـــاعة مـن العـــرب كـــانت تحـــارب معــه , وكــانت تلك الجمـــاعة مــن الأعـــراب الـــراكبين للجمال , وذلك في سنة "539" قبل الميـــلاد.

    ويتبين من مراجعة الموارد اليونانية التي تعـــرضت لتــأريخ وجغرافية العـــراق ، أن اليـونان أخذوا يطلقون لفظة "Arabioi" من هـذا الوقت فما بعده بمعنى "العـــرب" و"عرب" ، أي : علـــم لقوم وشعب على نحو ما كانوا يطلقــون مــن أسمـــاء على الشعوب الأخـــرى. وقــد ذكـــروهم في جملة شعوب الجـــزيرة ، أي "Mesopotamia". وقـــد أخـــذوا ذلك مــن "الأيونيين" "Ionien". وعلى هـــذا فسيكون مـــراد "أكسينوفون" وغيـــره مــن العـــربية الأرض التي غلب عليها العـــرب. ومعنى هـذا توسع العرب في زحفهم وتقدمهم نحـــو الشمال وتغلبهم على أرضين جديدة كان سكانها من "بني إرم" وغيرهم ، وتعرب كثير من "بني إرم" وتكوين طبقة عربية مستعربة.
    ـ
    ـ
    ولما قـام "قمببز" الثاني "قمباسوس" "Cambyses" بغـــزو "مصر" سنة "525 ق. م." وطلب معونة العـــرب, أمــدوه بالجمال وبالماء ، وساعــدوه مساعدة كبيـــرة لولاها لما تمكن مـن الوصـــول إلى "مصر".
    ويـــزعم "هيرودوتس" أن "فانس" "Phanes"، الذي خان سيده فرعون مصـــر ، فهرب منه وذهب خلسة إلى "قمبيز" وحثه على فتـح مصر ، أشار على المــلك بـــأن يستعين بالعـــرب ليساعدوه في اجتياز الصحراء وكان المــلك يفكـــر في الصعوبــات التي ستعترض جيـــوشه في قطـــع تــلك الفيافي والقفار , ومــن أهمهـا قلـة الماء.
    فلمـا اقتنــع المــلك بصـــواب رأي "فانس" وصــدقه ، أرسل رسـولًا إلى ملك العـــرب ليتفاوض معه في هــذا الأمـــر ، فــوافق العـــرب على تقديم المساعدات فهيئوا قِرَبًا كثيرة ملئوها بالماء ، وحملوها على ظهور جمــالهم حيث قــدموها إلى "الفـــرس".

    ولـــم يشر "هيرودوتس" إلى اسم الملك العـربي الذي وافق على تموين الجيش الفارسي بما يحتاج إليـه في حملته على مصـــر بالماء ، ولــم يشر أيضـا إلى الأرض التي كــان يحكمها. وقـــد يكـــون هـذا الملك أحــد ملوك "النبط" الــذين كانـــوا يحكمون في أعالي الحجاز وفي الأقسام الجنوبية من الأردن وطور سيناء ، وقـد يكون أحــد كبـــار سادات القبائل العـــربية الكبيرة في طـــور سيناء ، حيث كان لــه سلطان واسع كبير على الأعــراب الساكنين في هـــذه الأرضين.

    وأشار "هيرودوتس" في معـــرض كـــلامه على تــزويد العـــرب "قمبيز" بالماء ، إلى وجود نهر عظيم في بلاد العـــرب ، دعاه : "كوريس" "قوريس" "Corys" ، زعم أنه يصب في "البحر الأريتري" "البحر الأرتيري" "Erythraean Sea" أي البحـــر الأحمر ، قائلًا : إن هناك من يزعم أن ملك العـــرب عمــل أنبوبًا من جلـــود الثيـــران والحيوانات الأخـــرى لنقـل المياه مـــن النهر إلى صهاريج ، أمـــر بحفرهـا وعملها في الصحراء لخـــزن الماء فيها ، وإن هناك ثـــلاثة خطوط مــن هـــذه الأنــابيب تنقـل الماء إلى مسافة اثني عشر يومًا من النهر إلى موضـــع هـــذه الصهاريج.

    ولا يعقل أن يكــون في بلاد العـــرب نهـــر على الـوصف الـــذي ذكـــره "هيرودوتس" في ذلك العهد , كما أن الأنابيب المذكـــورة الممتدة إلى تلك المسافات المـذكورة ، هي مــن مخيلات القصاص الذين أخـــذ منهم ذلك المؤرخ خبره. والظاهـر أن الذين حـــدثوه عــن ذلك النهـر ، كانــوا قـد سمعـوا أو شاهـــدوا السيـــول التي تصب في البحــر الأحمـر في مواسم الأمطــار الشديدة ، فتصوروها أنهارًا عظيمة تجـــري طـــول السنة.
    أما الصهاريج، فإنها معروفة في بلاد العـــرب ، ولا سيما شمـــال العـــربية الغـــربية ، تــأتي إليها ميـــاه الأمطار فتملؤها ، وتغطي فتحاتها، فلا يعرف مواضعها إلا أصحابها ، فــإذا داهمهم عـــدو ، سدُّوا منافذها، فلا يصل إلى مائها أحــد.
    والظاهـــر أن الــذين أمــدوا الفــرس بالماء كانـــوا يأخذونه من الصهاريج المنتشرة في مختلف الأماكن ، ومــن هنــا ظهرت أسطورة نقل المياه إليها من ذلك النهر , في ثلاثة خطوط من الأنـــابيب المصنوعة مــن الجلــود.

    وذكـــر "هيرودوتس" في أثناء الكلام على "دارا" "داريوش" "داريوس" "Darius" ، أن جميـــع سكـــان آسيا الــذين أذلهــم "كيرش" "كورش" ثــم "قمبيز" بعده قد اعترفوا بسلطانه إلا العــرب , فهؤلاء لم يخضعوا كالرقيق ألبتة لسلطان الفرس ، وإنما كانوا قد تحــالفوا معهــم ، وأصبحـوا حلفـــاء وأصـــدقاء لهم منـذ مهدوا الطـــريق لقمبيز للوصول إلى مصــر. ولو كانت علاقاتهم غيــر ودية معهم , لما تمكن الفـرس من القيام بذلك الغزو. وأثنى هــذا المؤرخ على إباء العـرب ، وعلى شهامتهم ، وعلى محافظتهم على الوعـــد والعهود.

    وذكــر "هيرودوتس" أن الأرضين بين "Phoenicia" ، أي "فينيقية" ومدينة "Cadytis" ، كـــانت تابعــة "للسريان الفلسطينيين" "Palaestine Syrian" , أمــا الأرضون بين مـــدينة "Cadytis" وموضـــع "Jenysus" "Ienysos" فقد كانت تابعة للملوك العرب، ويريد بهــم عــددًا مــن سادات القبــائل ولا شك.
    ويـــرى "جيمس رنل" "James Rennell" أن مـــدينة "Cadytis" هي القـــدس , ويـــرى آخـــرون أنهـا "غـــزة".
    وأمـا "Jenysus" فهي "خــان يونس" في جنوب غربي "غـزة" على رأي "جيمس رنل".

    يتبين من قول "هيرودوتس" هـذا أن العرب كانوا في أيـــام "قمبيز" أي : قبــل الميلاد بعدة قـــرون ، في هـذه المنطقة من فلسطين , وأنهم كانـــوا قد انتشروا في "طور سيناء"، ونزلوا المنــاطق الشرقية مــن مصـــر حتى ضفة نهر النيل , ولهـــذا السبب أطلق عليها اسم "العربية" دلالةً على توغل العـــرب فيها.

    لقـــد كـــانت "غـــزة" مـــدينة عـربية يحكمها ملوك عـــرب , وقد كانت في حكـــم مــلك عـــربي في أيـــام "هيرودوتس" ، وكـانت كــل الأرضين الواقعـــة بيـن "غـــزة "وبين "Rhinokolura" تحت حكم العــرب أيضا وذلك منـــذ أيام الفلسطينيين.

    وقــد كان يحكـــم "غـــزة" في أيــام "هيرود الكبير" ملك من أهل غـــزة , وقد كانت "غـزة" قبيل الإسلام وعند ظهوره فُرْضَة العــرب ، يقصدها أهل العـــربية الغربية للبيــع والشراء , ولا أستبعد أن تكون "غــزة" فرضة عرب العربية الغربية في هذا الوقت أيضا. وقــد كـان تجـــار العـــربية الشرقية يقصدونها أيضا على الرغـم من بعــد المسافة واتساع الشقة، فقد كان أهل "الجرعاء" "جرها" "Gerrha" يقصدونها ، حاملين معهــم تجـــارة الهند وما وراء الهند، فتأخذهم إبلهم عــن طـــريق الواحـــات والآبـــار إلى "دومة الجندل" ومنهـا إلى جنـــوب فلسطين فغـــزة , حيـث يبيعون مــا عندهم ويشترون ما يحتاجون إليــه مــن حاصلات البحر المتوسط , ثــم يعــودون بأمــوالهم الجــديدة إلى بلادهم لبيعها هنـــاك ، أو لشحنها إلى مــا وراء الخليج مـن أرضين.

    وفطن "دارا" لخطــورة المشروع القديم، مشروع ربط البحر المتوسط بالبحر الأحمر عن طريق نهر "النيل" فاحتفره.
    وقــد وضـــع أساس هـــذا المشروع "رامسيس الثاني" ، غير أنه امتلأ بعد ذلك بالرمال مرارًا ، فاحتفره من جاء مــن بعـــده مــن الملوك.

    وذكـــر "هيرودوتس" أن الفـــرعون "نخو" "Necos" كان قد أرسل بعثة دخلت الخليج العـــربي ، أي :
    البحــر الأحمر في اصطلاح اليـــونان عــن طــريق القناة التي حفــرت بين النيل وهذا البحر ، وكانت هذه البعثة من "الفينيقيين" للبحث عـن أعمـــدة "هـــرقل" "Hercules".

    ويـــرى بعض الباحثين احتمال كــون الملك الــذي حكـــم "غـــزة" في هـذا العهــد, ملكًا مــن ملــوك اللحيانيين.

    واهتــم "دارا" بأمــر التجارة البحرية فأمـــر "Skylax" مــن اليونانيين بالذهــاب إلى البحر الأحمر والمحيط الهندي لكشف تلك المناطق وتكــوين صـــلات تجـــارية معها ، فوصل هذا المكتشف اليـــوناني -على رواية هيرودوتس- إلى الهند.
    وهــو بذلك أول يــوناني يبلغنا خبره حتى الآن , يدخـــل البحـــر الأحمـــر ويطوف حول جزيرة العرب للوصول إلى الهند.
    ويفتخر "دارا" في كتــابته التي أشار فيها إلى مشروع القناة، بأنه استطاع أن يسير السفن عبــرها من مصر إلى أرض فارس, وقد كانت هذه الخطوة مــن أعظـــم الخطـــوات في تـــأريخ العالـــم ، ولا شك.

    وقــد أثرت تأثيرًا خطيرًا في التجارة العــربية في البحار ، إذ فتحت البحر الأحمـــر والبحـــر العـــربي والمحيط الهنـــدي لمنافسين أقـــوياء ، صـــار بإمكانهم شراء تجارة أفريقية والهند وسواحـل جـــزيرة العـــرب بأسعـــار رخيصة , لبيعها في الأمـــاكن التي تريدها والتي كـــانت تشتريها بأثمان عـــالية ، وبــذلك أخـــذت من التجار العـــرب جـــزءًا كبيـــرًا مـن أرباحهم وألحقت بتجارتهـــم مـــع البحـــر المتوسط ضـــررًا لا يستهان بــه.

    ولما تحدث "دارا" عن الأرضين التي خضعت لحكمه ، أدخـــل "عـــرباية" "أرباية" "Arabaya" في جملة تلك البـــلاد , وقـد دعــاها بـ"ماتو أريبي" "Matu A-ra-bi" في النص البابلي. ولـم يقصد "دارا بـ"عرباية" كل البلاد العـــربية ، أي جـزيرة العرب وبـــادية الشام، وإنما أراد بها بادية الشام، كما تحدثت عن ذلك في شرح المراد من "ماتو أريبي" في الكتابات المسمارية.
    وقــد كانت هــذه البادية مثل جزيرة العـــرب مـــوطنًا للأعــراب منذ وجد العـــرب.

    وقد ذكر "هيرودوتس" أن بلاد العرب كانت تقــدم جزية سنوية من الطيب إلى "دارا" , إلا أنــه لـــم يحدد مكان البـــلاد العـربية ، ولم يشر إلى العرب الذين دفعوا هذه الجزية. ولما كانت هـذه الجزية طيبًا ، فإنها تحملنا على التفكير في أن العــرب الذين دفعوها كانـــوا من رجـــال القـوافل المتاجرة التي تـأتي بتجارة العـــربية الجنوبية لبيعها في بــلاد الشام ومصــر ، وكان الطيب والبخــور مــن أهـــم المـــواد الرائجة في أسواق تلك البلاد. وهذه الجـــزية لـم تكـــن بالمعنى السياسي المفهوم الــذي يـــدل على خضـــوع العـــرب للفـــرس , وإنما كانت جعالة سنوية تــدفع للسلطات الحاكمة على تلك الأســـواق مقـــابل السمـــاح لها بالاتجـــار ، أو أن "هيرودوتس" عنى ببـــلاد العـــرب الأرضين التي كـــان يسكنها العـــرب ودخلت تحت حكم الفرس ، وعنى بالعرب الذين دفعوها بعض القبائل العربية التي كانت تقيم في مصـــر أو طـــور سيناء أو بـادية الشام.
    ويـــلاحظ أن "هيرودوتس" كان قــد ذكــر ، كما بينت قبل قليل، أن العرب لم يخضعوا للفـــرس في أيام كورش ولا في أيام قمبيز، وإنما كانوا حلفاء الفـــرس.
    فيظهر من كلام "هيرودوتس" الأخير أن العـــرب الـذين خضعوا للفـــرس ولدارا , هـم من أعـــراب بادية الشام ومــن كـــانت منـــازلهم وديارهم في فلسطين وفي طـــور سيناء.

    ويـــرى بعض المؤرخين أن "العربية" التي خضعت لحكـــم "دارا" لـــم تكن جزيرة العـرب ، وإنما منطقة الجزيرة الواقعـــة بيــن "بابل" وآشور ، مثــل منطقة "سنجار" "Singara" و"الحضر" ، وكان العـــرب قـد توغلوا فيها.

    وقـــد ورد في خبـــر للمـــؤرخ "أكسينوفون" "Xenophon" وفي كتابة لـ" كيرش الثاني" "Kyros II" "Kyrush II" ، ما يفيـــد أن العـــرب كانـوا قد خضعوا لحكم الأخمينيين. فـــورد في كتـــابة "كيرش" مثلًا : "ملـــوك الأرضين الغـــربية الـــذين يقطنون في الخيام"، وذلك في جملة مــن اعتـــراف بسلطان الملك عليهم. غيـــر أن هـــذه الإشارات لا تفيـد أن العـــرب كانـــوا قــد خضعوا لهم مدة طويلة، كما أنها لا تــدل على خضوع حقيقي لهم ، ولا سيما وقد ذكرنا أن "هيرودوتس" قد صرح أن العرب لم يخضعوا لحكم الفرس.

    وأشار "هيرودوتس" إلى وجود فرقة عسكـــرية مـن العـــرب في الجيوش الفارسية التي كانت بمصر ، كان على رأسها قائد فارسي دعاه "أرسامس" "Arsames"، وقـــال :
    إنـــه أحـــد أولاد "دارا".

    ويظهر أن هـــؤلاء الجنـــود هـــم من عرب مصر ، أي : من العرب القاطنين هنـــاك ، ولعلهم مــن سكان الأرضين المحصورة بين النيل والبحر الأحمر.

    وقد كان العرب ينزلون هذه المنطقة والمنطقة شرقي النيل وجنوب البحر المتوسط والمتصلة بطور سيناء منذ القديم.
    فالعـرب كانوا من قدماء سكان مصر لا كما يتصور بعضهم من أنهم دخلوا مصر في الفتح ، وأنهم لذلك غرباء لا صلة هنـــاك بينهـــم وبيـن المصريين قبـــل الإسلام.
    والمعـــروف أن "الهكسوس" الـــذين حكموا مصر كانوا من العرب في رأي كثيــر من العلماء ، بل في نظر قدماء المصريين ، كمـــا حكى ذلك الــراهب المصري المـــؤرخ "مانيتو" "Manetho" في كتـــابه المـــؤلف باليونانية في القـــرن الثـــالث قبـــل الميـــلاد.

    وقــد ذهـــب بعض الباحثين إلى أن "هيرودوتس" قصد بـ"العرب" "النبط غيـر أن بعضًا آخــر يخالف هذا الرأي ويعترض عليه ، فيرى أن "النبط" لــم يظهروا ظهورًا بينًا إلا في أواخر أيام "الأخمينيين" ، وكـــان ظهــورهم في "بطرا" "Petra" ومــا حـــولها.
    أما مملكتهم فلـــم تقــم إلا في القرن الثاني قبل الميلاد , ولهذا فإن العرب الذين قصدهم المـؤرخ اليوناني هــم عرب آخرون، وإن الأرض التي أرادها ذلك المـــؤرخ هي: طـور سيناء حتى شواطئ نهر النيل.

    وظهـــر مــن الإشـارات الـــواردة في التـــوراة ، أن عـــرب الضواحي كانوا يقيمــون في مستوطنات ، عـــرفت بــــ"حاصير" "حازير" "حاصور" "حصور" "Haser" في العبـــرانية, ومعناها : "محاط".
    وقـــد كانوا أشباه بــدو في الواقـــع, أناخوا في هـــذه المواضع واستقروا بها وامتهنوا الـــرعي.

    وكـــان الجنــود العـــرب يلبسون كما يقــول "هيرودوتس" نوعًا من الثياب يسمى "زيرا" "Zeira"، وهي ثيـــاب طـــويلة تشد عليها الحُـــزُم , ويحمل مرتدوها على أكتـــافهم اليمنى قِسِيًّا طـــوالًا. أما في حاله عدم استعمالها فيعلقونها على طهورهم. والظاهر أن هــذه الكلمة هي تحـــريف "السِّيرا", و"السِّيرا" : "ضرب من البرود، وقيل: ثـــوب مسير ، فيـه خطوط تعمل من القز كالسيور. وقيـل : بــرود يخالطها حـــرير. وقيـــل : هي ثيـــاب اليمن". ويـــلاحظ أن الثياب المخططة كانت ولا تـــزال شائعة بين شعـوب الشرق الأدنى ، فـلا تستبعد أن تكـــون كلمة "Zeira" تصحيفًا أو تحريفًا للسيراء وهي أقـــرب إليها من لفظة "إزار" أو مئــزر على مــا أرى.

    وقـــد ألف الفـــرس -بالإضـــافة إلى الجنود العـــرب المشاة- كتائب عربية من الهجانة تقاتل على الإبل، يلبسون ملابس المشاة ، ويحملون أسلحتهم. يقـــول "هيرودوتس" :
    إنهــم كانـــوا يوضعون في مؤخـــرة الفرسان, تجنبًا لانزعاج الخيل إذا ما سارت مـــع الإبـــل.

    وقــد استعملت دول أخـــرى كتــائب عــربية من الهجانة في جملة القوات المحاربة؛ للعمل في البوادي خاصة حيث يصعب على المشاة والفرسان اجتيازها وتعقب الأعراب. ولا تزال كتائب الهجانة محافظة على حياتها بين القوات المحاربة، ولحماية الحدود الصحراوية حتى الآن.

    وقـد ألف العـــرب فــرقة محاربة من الرمـــاة بالسهام ومــن المقاتلين اشتركت في جيش "أحشويرش" "Xerxes" "485-465 ق. م.".

    وقـــد أدخل الملك "أحشويرش" "العربية" "Arabia" في جملة البلاد التي كانت قد خضعت لحكمه ، وذلك في نص من أيامه عثر عليه.
    وقــد ذكـــر "العـــربية" بعـــد موضع "Maka" وقبل موضع "Gandara".

    __________


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14549
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    أنساب القبائل العربية  المؤرخ أحمد رضا - صفحة 2 Empty رد: أنساب القبائل العربية المؤرخ أحمد رضا

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الأربعاء سبتمبر 21, 2022 6:56 pm

    【صلة العـــرب بالكلدانيين والفـــرس】

    لا نعلم شيئًا كثيرًا عن صلات العــرب بالكلدانيين ، فلـــم تصل إلينا كتابات منهم تفصح عــن علاقتهم بالعـــرب. غيـــر أن سكوت هذه الكتابات وعدم وصولها إلينا ، لا يمكن أن يكون سببًا يحملنا على التفكير في عــدم قيـــام صلات بين العـــرب والكلدانيين فقد رأينا فيما مضى أنهــم ساعدوا أهــل بابل في نزاعهم مــع آشور ، ثـــم إن العــرب كانوا يجاورون البابليين منذ القـديم ، وهذه المجاورة القديمة في حــد ذاتهــا واسطة طبيعية لتكــوين الاتصال المبـاشر بين العــرب والكلدانيين.
    وقــد تحــدث الأخباريون عن غـــزو "بخت نصر" "بختنصر" "604-561 ق. م." للعـــرب في أيـــام "معـــد بن عـــدنان"، ووصوله إلى موضع "ذات عـــرق"، كما تحـــدثت عــن ذلك في فصل "طبقات العرب" ، وقـــد قلت :
    ـــ إن رواتــه أخــذوا مــادته مـن أهل الكتـــاب ، وأضافوا إليه مادة جديدة أنتجها ابتداعهم لــه ، فصـــار نسيجًا جديدًا هو المدون في الكتب , وهـــو حديث لا قيمة تأريخية له ؛ ولذلك لا يمكن الاطمئنان إليه والأخـــذ بــه.

    وقــد قص علينــا الأخباريون ألــوانًا كثيرة من هذا القصص الذي بان لونه وعــرف أصله في القـــرن العشرين.
    وأنــا لا أريد أن أستبعد احتمال قتال "بخت نصر" مع القبائل العربية فذلك
    ممكن جـــدا ، ولا سيما أن "بــابــل" مجاورة للعرب، وأن توسع هذا الملك ودخــوله فلسطين جعــل "البابليين" يتصلون اتصالًا مباشرًا بالأعراب، فلا بــد أن يكون "بخت نصر" قــد احتك بالعـــرب واتصل بهـــم , وقـــد يكون حاربهم وأوقع خسائر بهم؛ لتحرشهم بجيوشه وبحدود إمبراطوريته التي شملت الباديـــة الواسعة الفاصلة بين العـــراق وبـــلاد الشام. ولكـــن الــذي نتوقف عنــده وننظر إليه بحذر ، هـو هــذا الطابع المعروف عن الأخباريين الـــذي يـــروون بـه كيفية غـــزو ذلك الملك لــــ"معــد بن عـــدنان".

    وقـــد يكــون "بخت نصر" قـــد بلـــغ مــوضع "ذات عرق" وقــد يكون بلــغ موضعًا آخـــر أبعد منه ، إلا أن الــذي أراه أن استيلاء "البابليين" على الأماكـــن التي احتلوها مــن جــزيرة العـــرب إن وقـــع فعلًا ، فإنه لم يدم طويلًا ؛ فقد كانت فتوحات الفاتحين لجزيرة العرب كالسيول ، تأتي جارفة عـــارمة ، تكتسح كـــل شيء تجـــده أمامها ، ثم لا تلبث أن تزول وتختفي آثارها بعد مــدة قصيرة لأسباب منها بُعـــد طرق المواصلات عن عواصـــم الغازين الفاتحين وعدم وجود مـــواد غـــذائية كافية في البـــلاد المفتوحة لإعاشة جيش كبير ، ليستطيع ضبط القبـــائل والمحافظة على الأمـــن ومهاجمة القبائل للقــوافل التي تـــرد لتموين الحاميات وللحاميات نفسها وعــدم تمكن الفاتح مـن وضع جيش كبيـــر جـــاهز في كـــل لحظة للقتال ليصـد غـــارات القبائــل التي تـــؤلف غالبية سكان جزيرة العــرب في ذلك العهد.
    ثــم إن القسم الأكبر من الذين قاتلوا وفتحـــوا, أناس مــرتزقة سِيقوا إلى القتال سَوْقًا ، خوفًا أو طمعًا، وقبائل اشترى الفاتحون ساداتها بإطماعهم في مغانـــم يجنونها أو لدوافع حقد قبليّ، ومن عادة سادات القبائل أنهم مــع الفاتح مــا دام قويا سخيا يبذل لهم بكل سخاء، فإذا ضعف أو أمسك أو دارت الـدنيا عليه ، كانوا هــم أول من ينقلب عليه؛ ولذلك صارت أمثال هـــذه الفتوحات غـــارات انتقامية سريعة ، لا يلجأ إليها إلا بعـد تفكيـــر وإعــداد خطط ووجـــود ضـــرورات ملحة تستوجب إرسال مثـــل هـــذه الحملات.
    ويرى بعض علماء التوراة والبابليات ما جاء في كتاب "دانيال" الذي كتب بعد أيام "بخت نصر" من نبوءة ومن رسالـــة أرسلها النبي إلى ذلك الملك ومــن فتوحات في بلاد العــرب ، هو مــن وضع كاتب تلك الرسالة ، وضعه ليثبت نبـوءته ، وأن ذلك الكاتب أخذ فتـوحات "نبونيد" فنسبها إلى "بخت نصر".
    أمـا أنــا ، فلا أريـد أن أثبت فتوحات "بخت نصــر" ولا أريــد أن أنفيها في هذا العهد ، فوصول "بخت نصر" إلى الحجاز أمـــر ممكن ، وسوف نـرى أن "نبونيد" قـــد وصـــل إلى مـــدينة "يثـــرب" ، فليس بمستبعد وصـــول "بخت نصـــر" إلى الحجاز ، بعـــد أن استولى جيشه على فلسطين ، وصار في إمكـــانه الزحــف نحـو الجنـــوب ولكن الذي أراه الآن هو التريث فلعل الزمــن يجــود علينا بنصــوص قـــد تتحدث عـــن حـروب وفتوح أمر بها هـــذا الملك في بلاد العـــرب. وكتاب "دانيال"، وإن كُتب على شكل نبوءة لا يستبعد أن يكـــون قد استمد خبر النبـــوءة مــن وثيقة أو خبـــر شائــع فصـــاغه في شكـــل نبـــوءة ليثبت نبـــوءته "لبني إسرائيل".

    وقــد أخبــرتنا الكتـــابات البابلية أن "بختنصر" "Nebuchadrezzar" أرسل في شهر "كسلو" "Kislev" "Kislew" مــن السنة السادسة مــن ملكــه المقابلة لسنة "599 ق. م." حملـة على العـــرب الساكنين في الباديــة ، نهبت أملاكهم ومـا عنـدهم مــن مـــواشٍ ، وسرقت آلهتهم ثـــم عادت.
    ولم يذكـــر النص البابلي اسم البادية التي هاجمها الجيش البابلي ولا اسم القبائل التي هاجمها ، ولم يذكر أيضا اسم المـــواضع التي تحـــرك منهـا الجيش لمهاجمة العـــرب. ويـــرى الباحثون احتمال مهاجمة "البابليين" للعـــرب مـن "حماة" "Hamath" أو "ربلة" "Riblah" ، أو "قــادش" "Kadesh" ، فتـــوغل جيش "بختنصر" في البادية ، ثم عاد حاملًا معــه مــا ذكـــر في النص من أسلاب ومــن مواشٍ وآلهة العـــرب أي : "الأصنـــام".
    وكـــانت غـــاية "البابليين" مـــن أسر الأصنام وأخذها ، هــو إكــراه القبائل على الاستسلام والخضوع لهـــم ؛ لما للأغنام من أثر كبير في نفوسها، وقد رأينـا أن ملــوك الآشوريين مثـــل : "سرجون" و"سنحريب" و"أسرحدون" كانوا قـد أسروا أصنام العـــرب وأخـــذوها معهـم إلى آشور وكتبوا عليها شهادة الأسر والوقــوع في أيـدي الآشوريين ؛ ليؤثروا بذلك نفسيًّا في نفـــوس أتباعها وعبَّـادها
    ويكرهوهم على الخضوع لهم وعلى مساومة الآشوريين لاستردادها في مقابل الاستسلام لهم وتأييد سياستهم وعدم التحرش بهم , ولم يذكر النص البابلي أسماء تلك الآلهة.

    وكـانت غـــاية "بختنصر" من إرسال حملته هذه على العـــرب ، هو حماية حـــدود "حماة" وبقية مشارف فلسطين وبـــلاد الشام من الأعـــراب وإخضاعهم لحكمه ، ثـم تأديب بعض القبـــائل التي تحـرشت بــه على مــا يظهر حين دخـــوله بــلاد الشام وفي جملة ذلك فلسطين.
    واستنادًا إلى مــا جـــاء في "سفر إرميا" نستطيع أن نقول : إن "قيدار" كانـــوا على رأس القبـــائل العـــربية البارزة التي غــزاها جيش "بختنصر" وكذلك "بنو المشرق" "أبناء المشرق" و"ممالك حاصور".
    ونظرًا لوجود تشابه كبير بين الرواية البابلية عــن حملة "بختنصر" على العـــرب وبين مـا جـــاء في "سفر إرميا" ، أرى أن مدون السفر قـد أخذ خبـــره هــذا الذي صيَّره نبـــوءة مـن مـــوارد بابلية ثـــم كيَّفــه على النحو المذكـــور.

    ولـــدينا خبـــر رواه لنا "إكسينوفون" "Xenophon" ، يفيد أن "بختنصر" لما حمـل على "مصـــر" أخضع "ملك العربية". وقد قصد بذلك حملته على مصـــر سنة "567" قبـــل الميلاد.

    والخبر التأريخي الثاني الـــذي وصل إلينا عـــن صلات البابليين المتأخرين بالعرب هو ما ورد عن الملك "نبونيد" "Nabonid" "Nabonidus" "555-538 ق. م." "556-539 ق. م." من اتخاذه "تيماء" مقرًّا لـه. ففي السنة الثالثة مــن حكمه جـــرد حملة على "أدومو" "Adumu" "Adummu" أي "دومة" "دومــة الجنـــدل" ، وسار منهـا إلى "تيماء" سالكًا طـــريقًا لم تعـــرف في الزمــن الغابر على رأس جيشه ، جيش أرض "أكد" "أكاد". فلما وصــل إليها ، أعمل فيها السيف ، وقتـل أميـــرها وأهلها والظاهر أن ذلك بسبب مقاومتهم له وعنادهم في الدفاع عن مدينتهم ثم طـــاب لـه أن يستقر بها ، فابتنى بها قصرًا ضخمًا لــه جعلوه كالقصر الذي في بابل ، وحلت "تيماء" محل بابل أي صارت عاصمة لملك البابليين.

    ويرى العلماء أن حملة "نبونيد" على "دومــة الجندل" "أدومو" "Adummu" و"تيماء" "Tema" كانت في سنة "552 ق. م.".
    وقــد جاء إليهما سالكًا الطريق البرية المــؤدية من بــلاد الشام إلى شرقي الأردن ، الطــريق التي يسلكها حجاج بــلاد الشام في الإسلام إلى مكــة وبعـد أن قضى على حكام المدينتين استقر في "تيماء" ومعـه حــرسه البابليون.
    ويظهر مـن إشارته في نصه المــدون عــن أخبــار فتــوحاته أنــه سلك في وصوله إلى "تيماء" سبيلًا لم يسلكها الأقدمون من قبل ، ومن إشارته إلى قتله "ملك تيماء" وسكان المدينة أن المــدينة في أيـامه كــانت مستقلة يحكمها ملك من أهلها ، وأن البابليين لــم يكونوا قد حكموها قبله.

    وقــد أقــام "نبونيد" سنين في عاصمته الجديدة, أما ابنه "بلشاصر" "بلشصر" "بلشسر" "Belsharrusur" "Belsazar" فكــان بـــ"بابل" مع الجنود البابليين. ويظهر أنــه أقــام بهذه المدينة حتى السنة الحادية عشرة من حكمه وربما أقــام بها أكثر مــن ذلك قليلًا ، حتى اضطر إلى تركها والعــودة إلى بابل بظهور الفرس الذين هددوا البابليين ووسعوا ملكهم ، وصاروا على مقربة مــن بــابــل.
    فقــد تغلب "كيرش" "كورش" "cyrus" على العــربية وأدخلها في جملة أملاكــه ، وعيـن عليها مقيمًا سياسيًّا فارسيًّا "ستراب" "satrap" ويظهر أن حملته هــذه على العــربية كــانت حوالي سنة "540-539 ق. م." وأن "نبونيد" كان قد ترك "تيماء" وجــاء إلى بابل قبــل تغلب "كيرش" على العــربية.

    وقد يتساءل المرء عن الأسباب التي حملـت "نبونيد" على تــرك بــابــل والالتجاء هــذه السنين إلى "تيماء" : أهي شئون سياسية خطيــرة حملته على السكنى في هـــذه المـــدينة البعيدة عن عاصمته القديمة ، أم هي عـــوامل عسكرية , أو اقتصادية , أو بـــواعث شخصية لا تتعلق بهذه ولا بتلك؟ أمـا إجــابات المؤرخين ، فهي مختلفة ومتنوعة.
    منهم من رأى أن لتيماء أهمية كبيرة من الناحية الاقتصادية لوقوعها في ملتقى طــرق تجارية عالمية بالنسبة إلى ذلك العهــد ، والاستيـــلاء عليها والبقاء فيها معناه كسب عظيم وربح كبير بالنسبة إلى عـــالم السياسة في ذلك اليـــوم. ومنهم مــن رأى أن ذلك كـــان لأثـــر مـــزاج الملك وطبيعته ورغبته في التخلص مــن أمـــراض بابل ؛ بسكناه في محــل جاف مرتفع زهاء "3400" قدم عن سطح البحر.

    وتيماء مركز مهم ، ذكــر كما رأينا في نصوص الآشوريين، وهو من الأماكن القــديمة المذكورة في التـوراة ، وهو فيها كنـاية عن أحد أبناء "إسماعيل" مما يـدل على أنـــه كان من المواطن "الإسماعيلية" ويقـــع على مسافــة "200" ميل إلى الجنوب الشرقي من رأس خليـــج العقبة ، وبمثـــل هـــذه المسافــة إلى الشمال مــن المـــدينة وعلى بعـــد "65" ميـــلًا من شمالي العـــلا. وبها عين غــزيرة المياه ، هي التي بعثت الحيـــاة في هــذا المكان وتعـــد أشهر عين مـــاء في جـــزيرة العـــرب , تستعمل للسقي ، ولإرواء المـــزارع التي تنبت مختلف الفواكه والتمـور والحبــوب. وهـواؤها صحي جيد، ولا تزال مأهولة فهي في الزمن الحاضر كنـــاية عن قـــرية يزيد عدد سكانها على الألفين , يسكنون في بيوت من طين وفي أكـــواخ.

    وعلى مقـــربة من "تيماء" خربة فيها أحجار ضخمة مــربعة ، وبقايا عمران قديم , يظن بعض العلماء أنها موضع معبــد عتيق. ويـــرى بعض من زارها أنها كانت مــدينة لا تقل ضخامةً عن "الحجر" وعــن المــدن الأخــرى التي ترى آثارها في العربية النبطية حتى الآن. ولــم تفحص هــذه الخربة التي يسميها الناس "توما" "Tuma" فحصا علميا.
    وقـد يعثــر فيها على كتابات آشورية وبابليـة ويـونانية وإرميـة وعـــربية تـــرينا أثر الاتصال الثقافي الذي كان في هـــذه المواضع التي تعــد ملتقى القوافل والتجار والثقافات.

    وقــد عثر في هذه الخربة على حجر مكتوب بلغة بني إرم ، يرجـع تأريخه إلى القـرن الخامس قبل الميلاد ، ورد فيــه أن أحـــد الكهان استورد صنمًا جديدًا إلى "تيماء" ، وبنى لـــه معبدًا وعين له كهانًا توارثوا خـــدمة "صلم هجم" , و "صلم" بمعنى صنـــم. وقد مثـــل صنم "هجم" في زي آشـــوري وظهر في أسفل الرسم رسم الكـاهن الذي شيد ذلك النصب , وقــد نشرت ترجمة الكتابة الإرمية. ويرى "سدني سمث" أن تأريخها يرجـــع إلى أيـــام "نبونيد" ، فلعله صنـع في ذلك الزمن بتأثير البابليين.

    ولطول إقامة "نيونيد" في "تيماء" لا يستبعد أن يجيء يــوم قد يعثر فيه على كتابات أو آثــار أخرى ترجع إلى هـــذا الملك.
    فــلا يعقل أن تذهب ذكـــريات أيامه كلها من هــذه المدينة ، وينطمس أثر قصـــره عنها ، ذلك القصر الذي بالـــغ الملك في وصفه وأراد أن يجعله في مستوى قصور بابل. وقـــد يعثر فيها على مراسلاته مــع مدينته بابل ومع الحكومات الأجنبية التي كـــانت في أيامه ومع الأعــراب. وإذا حدث ذلك فقــد نجــد شيئًا جديدًا لا نعرفه عن أيـــام تيمـــاء في عهد "نبونيد".

    وقــد ذهــب بعض الباحثين إلى أن "تيماء" التي استقر بها "نبونيد" هي تيماء أخـــرى تقع في العروض على ساحل الخليج، وحجتهم في ذلك أن المسافة بين تيمــاء الحجاز وبــابـل كبيـــرة واسعة ، تجعــل مـن الصعب تصور إقامة "نبونيد" في هذا المكان. أما العـروض فــإنه على اتصال ببابل ولا يفصل بينهما حاجز أو فاصل أو عـائق ولهذا ذهبوا إلى احتمال وقوع "تيماء" في العروض، كما ذهب بعض آخر إلى احتمال كون "تيماء" "تيمان" المذكـــورة في التـــوراة.
    وهي أرض "أبناء الشرق" ، وملتقى طرق القوافل القادمة من بلاد الشام ومصــر والعراق والجنوب , غيـــر أن الباحثين في هذا اليوم متأكدون من أن "تيماء" "نبونيد" هي "تيماء" الحجاز ، في المملكة العربية السعودية.

    فقــد عثـــر في "حــرَّان" على كتــابة مهمة جـــدًّا في بحثنا هـــذا ، دَوَّنها الملك "نبونيد" ، عثـــر عليها في سنة "1956م"، وكــانت مـــدفونة في خرائب جامع حران الكبير ، وترجمت إلى الإنجليزية ، وإذا بها تتحدث عن تأريخ أعمال ذلك الملك. ومما جـــاء فيها :
    أنه لما ترك "بابل" وجاء إلى "تيماء" أخضع أهلها ، ثـــم ذهب إلى "ددانو" "ديدان" و"بداكو" و"خبرا" و"إيديخو" حتى بلـــغ "أتريبو". ثـــم تحدث بعد ذلك عن عقده صلحًا مع "مصر" و"ميديا" "ما، دا، ا، ا" "مادا ا" "Ma-da-a-a" "Medes" ومـــع "العـــرب" "مات ا، را، بي، أو" "Mat A-ra-bi-u". وقـــد ختم العمود الذي جــاء فيه هــذا الخبر بأسطر تهشمت جمل منها ؛ يفهم من مآلها أن العـرب المذكورين أرسلوا إليه رسلا، عرضوا عليه عقد صلـــح معه ، واستسلامهم لـــه ، فوافق على ذلك بعد أن كبَّدهم جيشه خسائر فـــادحة ، وأسر منهــم ونهـــب, ولـــم تذكـــر تلك الأسطر المواضـــع التي حـــارب فيها جيش "نبونيد" أولئك الأعـــراب. وقد يفهم مـــن هـذه السطور الأخيرة أيضا أن بعض هؤلاء العرب هاجموا البابليين ونهبوا المناطق الخاضعة لهم بالرغم مــن عقدهم الصلح معه ، وموافقتهم على أن يسالموه ، وهــذا ما دعاه إلى إرسال حملات تأديبية عليهم ، أنزلت بهم خسائر فـــادحة.

    ولم يكــن نص "نبونيد" معــروفًا بين العلماء يـــوم اختلفوا في تعيين موضـــع "تيماء" , أما اليوم وقـد نشر النص وترجـم ترجمة دقيقة صحيحة وعـــرفنا منــه "فـــدك" و"خيبـــر" "ويثـــرب" ، وهي مواضـع معـــروفة مشهورة حتى اليـــوم وتذكـــر مـــع "خيبر" ، فقـــد أجمـع العلماء على أن "تيماء "نبونيد" هي "تيماء" الحجاز من دون أي شك ، وأن موضع إقامــة ملك بابل وقصــره كـــان في هـــذا المكـــان مــن الحجاز.

    ولما كـــان استيــلاء "بنونيد" على "تيماء" في حدود سنة "551-552 ق. م." وجب أن يكـــون زحفـه على الأماكن المذكورة بعد ذلك.
    والظاهـــر أن الذي حمله على التوغل في الجنـــوب , رغبتــه في السيطرة على أخطر طريق برية للتجارة تربط بـــلاد الشام بالعربية الجنوبية ، وهي طـــريق قـــديمة مسلوكة , تسلكها القـــوافل التجـــارية المحملة بأنفس التجارات المطلوبة في ذلك العهد ثم السيطرة على البحر الأحمـــر , وذلك بالاستيلاء على الحجــاز وعسير واليمن وربما على العـــربية الجنوبية كلها ولو تم له ذلك، لكان ملكه قد بلغ المحيط الهندي. ومــن يــدري , فلعل اختياره "تيماء" مقرا له ، وتجوله في الأرضين الواقعة بينها وبين "يثــرب" كـــان لهذا السبب ، أي : لتنفيذ تلك الفكرة الخطيرة، فكرة السيطرة على جـــزيرة العرب وبلوغ المياه الدافئة للوصول إلى إفريقية والهند والعربية الجنوبية , إلا أن فكـــرته هـــذه لـــم تتحقق كما يتبين مـــن النص ، فكان أقصى مــا وصل إليــه "يثـــرب" ، ثم تـــوقف عنـــد ذلك المكان.

    ويـــرى بعض الباحثين الـذين درسوا كتـــابة "حران" هــذه أن الصلح الذي أشار إليه الملك يجب أن يكــون قــد عقـــد في حوالي سنة "548 ق. م." في مـــدينة "تيماء" عـــاصمة الملك الجـديدة ، وأن الصلح الذي عقد مــع الأعـــراب قد وقــع في "تيماء" أيضا وأن الهجمات التي هاجـــم بها بعض الأعراب البابليين وقعت إبان وجوده في هـــذه العاصمة وقبل رحيله عنها إلى "بابل" ، ولكن مــن هـــم العـــرب الــذين عقدوا الصلح مـــع "نبونيد"؟ ومن هم العـرب الذين هاجموا جيشه والأرضون التي خضعت لـــه؟
    إن النص لم يشر إليهم ، ولم يتحدث عنهم، وهم بالطبع قبائل عديدة , قد يكـــون منها قبــائل سالمت البابليين وحالفتهم ، ومنها قبـــائل عارضتهم وكرهتهم. ثـم إن بين القبائل منافسةً وأحقادًا وحسدًا ، فــإذا حالفت قبائل حكومة ما حسدتها القبائل المنافسة فهاجمتها وهاجمت الحكـــومة التي عقـــدت معها الحلف , لإثبات نفسها ولإظهار وجـــودها , ولأخذ الزعـامة منها , وهـــذا داء القبـــائل منـــذ كان النظام القبلي.

    والذي أراه أن الحجاز لــم يكن آنذاك تحت حكـــومة واحـــدة يرأسها ملك واحـــد ، وإنما كان على نحـو ما كان عليه عنـــد ظهور الإسلام ، حكومات قـــرى ومدن وقبائل. ويــؤيد ذلك ما جاء في النص البابلي عـن "تيماء" أن "نبونيد" ، "قتـل بالسلاح ملك تيماء" "ملكو".
    ومعنى هـــذا أنها كـــانت في حكـــم حاكم يلقب نفسه بألقاب الملوك.
    ولا أستبعد أن يكون حـــال "ديدان" و"خيبر" و"فــدك" و"يديع" و"يثرب" مثل حـــال هـذه المدينة ، أي : عليها حكــام يلقبون أنفسهم بألقاب الملوك ولا أستبعد أيضًـــا أن يكون حالها أو حـــال بعضها على نحــو حال هـــذه المدن يـــوم ظهور الإسلام , أي :
    تحت حكـــم سادات المـــدينة والأشراف يشتركون معًا في الحكم ويتشاورون فيما بينهم عنـدما يحـدث حـادث مـا في مدينتهم أو قريتهم في أمور السلم , وفي أمـــور الحـــرب.

    ووضـــع سياسي على هـــذا النحو لا يمكـــن أن يقـــاوم جيشًا لجبًا قــويًّا عـــارمًا كجيش "بابل" المـــدرب على القتال ، والـــذي يعيش على الحروب ولذلك انهار بسرعة وسلم أمـــره إلى البابليين. ومـن هنـــا نشتم مـن نص "نبونيد" رائحة الاستخفاف بأسلحة "العـــرب" ، أي : الأعراب سَكَنَة هذه المواضع ، وبأسلحة تلك المدن التي استسلمت له. وكل ما فعله الأعراب أنهم تراجعوا إلى البـــوادي ، وصاروا يشنـــون منها غـــارات على البابليين ليأخـــذوا منهم مـا يجـدونه أمامهم فـــإذا تعقبهم البابليون عـــادوا إلى معاقلهم وحصونهم : الصحراء.

    وقـد عثـــر على كتابة ثمودية وردت فيها جملة : "رمـح ملك بابل" ، وعلى كتابة ثمودية أخرى جاء فيها: "حرب دون" "حــرب ديدان".
    وقــد فسر العلماء الجملتين المذكورتين بأنهما إشارة إلى الحرب التي نشبت بيـن "البابليين" وأهـــل ديـدان في أيــام "نبونيد"، وأن أهــل تلك المناطق صـــاروا يـــؤرخون بها لأهميتها عندهـــم كحادث تأريخي. فالكتابتان إذًا تحــددان وقـــت تلك الحـــرب ، وتعينان مبدأ تقويم يؤرخ بموجبه عند أهل ثمـــود , غير أننا لم نتمكن مـن الوقوف على ذلك المبدأ من الكتابتين المذكورتين ؛ لقصرهما ولعدم وجـــود مفتاح معهما يفتح لنا الباب لنصل منــه إلى الموضـــع الذي حفظ فيـــه سر ذلك التأريخ.

    أما موضـــع "Da-da-nu" "دادانو" فـــإنه "ديدان" ، وهو موضع معروف مشهور ورد ذكره في "العهد القديم" وفي عدد من الكتابات,وتحدثت عنه في مواضع من هذا الكتاب, فكان إذن في جملة الأرضين التي خضعت لحكم "نبونيد".

    وأما "Pa-dak-ku" "بداكو"، فهو موضع "فدك"، ولم يكن مشهورًا في الأخبار القديمة، وإنما اشتهر في أيام الرسول، إلا أن عدم اشتهاره لا يمكن أن يكون دليلًا على عدم وجوده في أيام "نبونيد".
    وربما لا يستبعد أن يعثر في خرائبه على آثار من عهد "نبونيد" وقبل عهده؛ إذ كان معروفًا قبل أيامه، بدليل ذكره في جملة المواضع التي استولى عليها هذا الملك.

    وأما "Hi-ib-ra-a" "خي، اب، را، ا" "خيبرا" فهو موضع "خيبر", وهو موضع معروف وقد كان من مواطن يهود في أيام النبي. وهو موضع "خيبر" الذي أرخ بحرب وقعت فيه في حوالي سنة "568م" "بعد مفسد خيبر بعام".

    وموضع "Ia-di-hu-u" "Iadihu"، وهو موضع "يديع"، ويقع بين "فدك" و"خيبر"، وقد ذكره "ياقوت الحموي" والهمداني.

    وأما "Iatribu" "إيتريبو"، فهو موضع "يثرب" أي المدينة. وقد ذكر في جغرافية "بطلميوس"، فيكون نص "حران" إذًا أقدم نص ذكر اسم هذا المكان.
    و"يثرب" إذن آخر موضع استولى عليه البابليون في الحجاز وألحقوه بمملكتهم مملكة بابل؛ لسكوت النص عن ذكر مواضع أخرى تقع في جنوبها, ولو كانوا قد تجاوزوها لذكروا اسم الأماكن التي استولوا عليها من دون شك.

    وقد استطعنا بفضل هذا النص التأريخي الخطير من العثور على خبر "يثرب" في وثيقة تعود إلى ما قبل الميلاد بكثير، فعلمنا منه أنها كانت مدينة عامرة قديمة، وأنها كانت أقدم بكثير مما تصوره أهل الأخبار عن نشوئها، ثم استطعنا أن نفهم أن العراقيين كانوا قد استولوا على منطقة مهمة من الحجاز في ذلك العهد، وأن بعد المسافات بين الحجاز والعربية الجنوبية لم يحل بين الآشوريين والبابليين من التوغل مسافات شاسعة في جزيرة العرب من طرفيها ومن اجتياز نجد أيضا، كما رأينا من وصولهم إلى جنوب البحرين على الخليج, وإلى سبأ وإلى يثرب في هذا العهد.

    وقد تنقل "نبونيد" مدة عشر سنوات في هذه المنطقة التي فتحها من الحجاز، في أرض يبلغ طولها حوالي "250" ميلًا من "تيماء" إلى "يثرب" وحوالي "100" ميلٍ عرضًا، يراجع أهلها وينزل بين قبائلها، ويختلط بها، ثم يعود إلى عاصمته تيماء، حيث يسير منها أمور الدولة. ويظهر أنه تطبع من خلال إقامته هذه المدة بين العرب ببعض طباعهم، واقتبس بعض مصطلحاتهم حيث وردت في النص.
    ويرى بعض من عالج هذا النص ودرسه أن الملك البابلي نقل معه خلقًا من العراق، وأسكنهم في هذه الأماكن الحجازية في المواضع المذكورة, وكان يأتي إليهم من تيماء؛ ليتفقد أحوالهم، وليرى بنفسه سبل الدفاع عنهم وحمايتهم من غارات الأعداء. ويرون أيضا أن في جملة ما جاء بهم إلى هذه الأماكن اليهود: يهود من بابل، ويهود من فلسطين، كما رأوا أن اليهود كانوا قد سكنوا هذه المواضع من قبل، وربما كان ذلك منذ جاء اليهود إلى فلسطين، فأقاموا بها إلى أيام النبي.

    ويظهر أن الملك "نبونيد" كان قد وضع خطة للهيمنة على الأرضين ولإلحاقها نهائيا ببابل، وذلك بإسكان أتباعه بها وإجبارهم على الإقامة فيها. وقد نفذ خطته هذه فعلًا، ووزع من كان قد جاء بهم معه على هذه المواضع, بأن انتزع الأملاك من أصحابها العرب وأعطاها للمستوطنين الجدد، وحماهم بجيش وضعه في كل مكان؛ لصد غارات الأعراب عليهم. ولتقوية معنوياتهم ولتثبيت قلوبهم في البقاء في هذه الأرضين الجديدة, صار يتفقد شئونهم بين الحين والحين ويزورهم, ولكن الخطة لم تنجح؛ لأن الظروف السياسية والعسكرية أكرهته على العودة إلى بابل، فمات مشروعه مع عودته، فلم تُلحَق تلك الأرضون ببابل، غير أن أكثر المستوطنين الجدد بقوا في هذه الأماكن، وفي جملتهم اليهود الذين ازداد عددهم بمرور الأيام وكونوا مستعمرات يهودية وصلت "يثرب" في الجنوب.

    لقد ترك فتح "نبونيد" لهذه الأرضين من الحجاز وبقاء بعض من نقلهم إلى هذه المواضع فيها للاستيطان بها أثرًا كبيرًا من الناحية الثقافية والاقتصادية والحضارية، وهي نواحٍ لم تدرس حتى الآن، ولم يهتم بها أحد. ولكن وجود ألفاظ عراقية قديمة في لغة أهل "يثرب" والمناطق الأخرى التي تقع إلى الشمال منها، وخاصة في الزراعة، يدل دلالة واضحة على أثر العراق في أهل هذه المواضع، فقد يكون قسم منه من بقايا أثر أولئك العراقيين الذين نقلوا إلى هذه الأماكن، وقد يكون قسم منه من مؤثرات أخرى وقعت قبل هذا الحادث, قد يكون في أيام "بخت نصر" أو قبله، وقد يكون بعضه من مؤثرات حوادث وقعت بعد ذلك.

    وفي نسخة "قمران" الحاوية لبعض الإصحاحات من العهد القديم، وقد عثر عليها في نفس الوقت الذي عثر فيه على نص "حران" -أخبار قد تساعدنا في توضيح أسباب سوق "نبونيد" لليهود وأخذهم معه، وإرسائهم بهذه الأرضين الجديدة من أعالي الحجاز، إرساءً أقرهم فيها وأبقاهم حتى جاء الإسلام فأبعدهم عن الحجاز.

    إننا لا نملك نصوصًا بابلية عن مدى بلوغ سلطان البابليين السياسي في جزيرة العرب وعن صلاتهم بالقبائل العربية؛ لذلك انحصر علمنا بعلاقة بابل بالعرب في الأمور التي ذكرتها. وقد عثر على نص في مدينة "عانة" يثبت وجود صلات تجارية بين بابل والبلاد العربية, كما يشير إلى أثر بابل في الحياة العربية.

    أما علاقات البابليين بأهل الخليج، فلا نعرف من أمرها شيئًا، فلم يرد في النصوص البابلية التي تتحدث عن هذه الحقبة شيءٌ ما عن الفتوحات البابلية في هذه الأرضين. وقد يعثر على شيء من الكتابات في المستقبل، تتحدث عن نوع الصلات التي كانت بين حكومة "بابل" وأهل الخليج في هذا العهد.
    ========


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14549
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    أنساب القبائل العربية  المؤرخ أحمد رضا - صفحة 2 Empty رد: أنساب القبائل العربية المؤرخ أحمد رضا

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الأربعاء سبتمبر 21, 2022 6:57 pm

    تاريــــخ العــــرب قبــــل الاســــلام

    《العرب في الهلال الخصيب》

    لقـــد وردت في أخبـــار حمـــلات الآشوريين على العـــرب ، أسماء مواضــع منها ما يمكن التعــرف عليه ومنها ما ليس في الإمكان تشخيصه الآن ، وقد تحدثت عن بعضها.
    ويــرى بعض العلمـاء أن موضـــع "أزريلو" "Azarilu" المذكـــور في أخبـــار انتصارات "آشور بانبال" على العـــرب ، هــو موضع يقع في بــادية الشام.

    وأما لفظة "أدومة" "Udume" فيرى "موسل" أنها تعني "إدوم" "Edom" أرض "الأدوميين" مـن ذريــة "عيسو بن إسحاق" على رواية التوراة, وهم شعب استــوطن في الأصـــل جبـــل "سعير" ، ثم توسع فسكن في منطقة شملت كل تخوم كنعـان الجنوبية من البحــر الميت إلى الخليـــج الشرقي للبحر الأحمر ، ومـن ضمنها جبـــل "سعير".
    وقــد كــان "الأدوميون" مـن أعـــداء "العبرانيين".

    ولما زاحـــم "النبــط" الأدوميين على أرضهم ، زحفوا نحـو الشمال فسكنوا في "اليهودية" "judah" ، وتوسعوا حتى تجاوزوا شمال "حبرون" ولذلك دعيت هــذه المنطقة باسم "الأدومية" "Idumaea".

    وذكر المؤرخ اليهودي "يوسفوس" أن من أصنامهم صنمًا يدعى "Koze" ويذكرنا اسم هذا الصنم باسم الصنم "قزاح" ، وهــو صنم كان يعبـــد على مقربة من مكـــة.

    العرب والآشوريون :

    إن أول إشـــارة إلى العـــرب في الكتابات الآشورية، هي الإشارة التي وردت في كتـــابات الملك "شلمنصر الثالث" "شلمناصر" ملك آشور.
    فقد كان هذا الملك أول من أشار إلى العـــرب في نص مـن النصوص التأريخية التي وصلت إلينا، إذ سجل نصرًا حربيًّا تم له في السنة السادسة مــن حكمـــه على حلف تـــألف ضده عقده ملك "دمشق" وعدد من الملوك الإرميين الذين كانوا يحكمون المدن السورية وملك إسرائيل ورئيس قبيلة عربي اسمه "جندب", وقد كان هذا النصر في سنة "853" أو "854 ق. م".
    وقــد قصد "شلمنصر" بلفظة "عـــرب "الأعراب، أي: البدو، كما شرحت ذلك في المنشور السابق .

    أما العـــرب الحضر , أهل المدر , أي : المستقرون ، فقــد كانــوا يدعون كما ذكرت ذلك أيضا بأسماء الأماكن التي يقيمون فيهــا أو التسميات التي اشتهروا بهـا ذلك لأن لفظة "العــرب" لــم تكن قـــد صارت علمًا على جنس من بدو ومن حضر ، بالمعنى المفهوم من اللفظة عندنا.
    ولــم يكـــن هــذا الاستعمال مقتصرًا على الآشوريين عــددها على تسع للانتقام من الأعــراب الذين كانوا قد تعــودوا التحرش بهــم ، ومضايقتهم عنــد اجتيـــاز البـــوادي ، ومهاجمة قـــوافلهم وحــدود إمبراطوريتهم تحرضهم بابل في بعض الأحيان ، أو حكـومة مصـــر ، أو يدفعهم إلى ذلك أملهــم في الحصول على غنائـــم يتعيشون منها.
    وقــد أزعجت هـــذه التحرشات الآشوريين كثيرًا وأغضبتهم، يتجلى غضبهم هذا فيما دونوه عنهم , وفي الصــور التي رسموهــا للعـــرب في قصورهم ، فصوروهم يقبلون أرجــل ملوك "نينوى" ليرضوا عنهم، مقدمين إليهــم الهدايا فيها الـذهب والحجارة الكـــريمة وأنـــواع الطيب والكحل واللبان والجمال, وصوروا الآشوريين وهــم يحرقون خيام الأعـــراب وهم نيـــام ، وصـــوروا عساكرهم يقاتلون الأعـــراب ويطاردونهم وهـــم على ظهور خيـولهم المطهمة , أما العـــرب فـــإنهم على ظهور الجمــال لا يستطيعون الإفـــلات مــن الآشوريين.
    وترجــع هـــذه الصور إلى أيام "آشور بانبال" ، حيث عثـــر عليها في قصره بــــ"نينوى".
    وقـــد صور العـــرب ولهم لحى وقــد تــدلى شعـــر رءوسهم على أكتافهــم ضفـــائر ، وشد أحيـــانا بخيط , وأما الشوارب ، فإنها محفوفة في الغالب. وقــد صـــور العـــرب وهـــم يركبون الجمال عـــراةً في بعض الأحيان ، أو تمنطقوا بمنطقة ثخينة , أو ائتزروا إزارًا يمتــد مـن البطن إلى الركبتين. ولا تصور هـــذه الصور كل الأعـــراب بالضرورة , بل هي تمثل أولئك الذين تحـــاربوا مـــع الآشوريين.
    لقــد أقام الآشوريون لهم مسالح في أقاصي الأمـــاكن التي بلـــغ نفوذهم الحــربي والسياسي إليها ، كما أقاموا حصونًا في مفـــارق الطــرق المؤدية إلى البادية , وذلك لحماية حــدودهم مــن غـــزو أبناء البادية.
    كمــا وضعــوا مـراقبين آشوريين ، أو مندوبين سياسيين في مواطن سكن سادات القبائل وذلك لمراقبة حركات القبـــائل وإخبــار حكوماتهم بنـــوايا وبأعمال ساداتها, وللتأثير على أولئك السادات لحملهم على تنفيذ ما يريده ملوك آشور , وهي خطــة قلدها مــن جاء بعد الآشوريين من أجانب. ولم يكن الآشوريون هــم أول مــن ابتدع هذه السياسة ، فلا بـد وأن يكون من سبقهم قد سار على هذا الدرب ومهد أرضه للآشوريين ولمــن جـــاء بعـــد الآشوريين مـن حكـــام.
    ========


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14549
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    أنساب القبائل العربية  المؤرخ أحمد رضا - صفحة 2 Empty رد: أنساب القبائل العربية المؤرخ أحمد رضا

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الأربعاء سبتمبر 21, 2022 6:57 pm

    تاريــــخ العــــرب قبــــل الاســــلام

    《العرب في الهلال الخصيب》

    ويـــرى بعض الباحثين أن "مسأى" "مسا" "Mas'a" هي قبيلة "مسا" "Massa" المـــذكورة في التـــوراة وهي قبيلة إسماعيلية كانت منازلها في شرق "مرآب" ، أو في جنـــوب شرقيها ويظهر أنها لـــم تكـــن بعيدة جـــدا عن فلسطين.

    ورأى "ذورمه" "Dhorme" أنها قبيلة من قبـــائل العـــربية الجنوبية وهـــو رأي بعيد الاحتمال فـــلا يعقل وصـــول نفـــوذ الآشوريين في ذلك ألزمن إلى تلك المواضع ثم إن "مسا" وهـــو أحد أبناء "إسماعيل" كما ورد في التـوراة والقبائل الإسماعيلية لم تكن تسكن العـــربية الجنـوبية ، بـــل المـــواضع التي ذكـــرتها في أثنـــاء حـــديثي عنهم.
    ثــم إن أحد المقيمين الآشوريين كان قد كتب تقريرًا إلى ملكه ، يذكــر فيه أن "ملك قهرور" "مالك قهرو"، وهـــو ابن "عم يثع" "عم يطع" "عمي يطع" "Amme'uta'" من قبيلة "مسا"، غزا بعد خروج الملك وارتحاله عن قبيلة "نبأ أتى" "نبي أتي" "Nabi'ati" هذه القبيلة وذبح أفرادها ، وسرقها وقـــد تمكن أحدهم من النجاة بنفسه، فبلغ الملك وأخبره بالحـــادث.
    ويشير المقيم السياسي الآشوري في تقريره هذا إلى الحادث؛ ليكون ملكه على علـــم بـــه.

    وقبيلة "نبي أتي" "نبأ أتى" "Nabi'ati" هي قبيلة "نبايـــوت" "Nabajot" "Nebaioth" المذكورة في التـــوراة وهي مثل "مسا" إحدى القبــائل الإسماعيلية , ولهذا تكـــون منـــازل قبيلة "مسا" في الشمال أو في الشمال الغـــربي مـــن منـــازل "نبايـــوت".

    وأمــا "تيما" "Tema"، فإنها "تيماء" المذكـــورة في التـــوراة والمعـــروفة حتى في الإسلام. وتقع على الطريق التجاري الخطير الذي يربط العـــربية الجنوبية والحجاز والشام والعـــراق ومصـــر ، ثم بموانئ البحر المتوسط كما عـــرف التيمائيون باشتغالهم بالتجــارة , فلعلهم دفعوا الجزية إلى آشور حفظًا لمصالحهم التجـــارية ولكي يسمح لهـــم الآشوريون بمرور تجـــارتهم في الطـــرق التي تختــرق العـــراق وبـــلاد الشام وموانئ البحر المتوسط بعـــد أن أصبحت تحـــت سيطرتهم.
    وقـــد ذكــرت "تيماء" مع "ددان" في مـــواضع مـن التـــوراة وذكـــرت مع "ددان" و"بوز" كذلك.
    ومعنى هـــذا أن هـذه المواضع كانت متقـــاربة لا يبعــد بعضها عـــن بعض كثيـــرًا ، وأشير إلى "قوافل تيماء" و"سيارة سبأ" ويدل ذلك على اتصال تجـــاري كـــان بين التيمائيين والسبئيين في ذلك العهد.

    ويــدل ورود اسم "سبأ" بعـــد "تيما" في نص "تغلث فلاسر" ، على أن السبئيين المقصودين كانوا يعيشون على مقربة من التيمائيين ومن بقية مــن دفـــع الجزية للآشوريين.
    ويرى "موسل" أنهم كانوا يقيمون إذ ذاك في "ددان" "ديدان" ، وأنهم مــن السبئيين الـــذين أخـــذوا مكـــان المعينيين ، وكانت لهم قـــوافل تنقل التجارة على الطرق البرية, كما كانوا يقومون بتربية الإبل والماشية.

    وأمــا "خيابه" "Hajapa" ، فـــإننا لا نعـــرف عنهم اليوم شيئًا غير الاسم. وقـــد ذهب بعض الباحثين إلى أنهم "عيفة" المذكورون في التوراة, ومن
    هـــؤلاء "فرديش دلج" و"شرادر" و"موسل" وآخرون. وهو على رواية نسابي العهد العتيـــق مـــن نسل "مــديان" "مـــدين" ومـــن حَفَـــدة "إبراهيم" من زوجه "قطورة". ويفهم من "أشعياء" أنهم كانوا يتاجرون مع "شبا" مثل "مديان" يحملون الذهب واللبان ويظهر أنهم كانـــوا يقطنون منطقة "حسمي".
    ومن الصعب تشخيص قبيلة "بطنه" "بطنا" "بدنه" "Batana" "Badana", ولم يرد في التوراة ما يقـــابل الاسم أو مــا يقاربه.

    وقـــد قـــرأ "موسل" الاسم "بدنه" "Badana" وذهب إلى أنــه اسم قبيلة "بدون" أو "مدون" ، بإبـــدال "الباء" ميمًا ، وهـــذا أمر مألوف. وتقـــع منـــازلها في "العـــلا" أي في "ددان" "ديدان" القـــديمة ويعتقـــد أفرادها أنهم من سلالة قديمة جـــدًّا وليست لهـــم صلات قـــربى بالقبائل الأخـــرى , وتسكن بطـــون منهم عند "البتراء" "Petra" أي : "الرقيـــم".

    وأشار "موسل" أيضًا إلى اسم موضع ذكـــر أنه ورد في كتاب "بلينيوس" وهو "Badanatha", غير أنه لاحظ أن هـــذا الاسم مشكـــوك في صحة ضبطه ، فـــإن بعضهم قـــد قـــرأه "Baclanaza. فـــإذا كانت القـراءة "Badanatha" صحيحة ، فمــن الممكن إذن أن يكـــون لهـــذا الاسم عـــلاقة بــــ"بدون" ، أو "مــدون" وبـ"بطنه" "Batana" الوارد في نص ملك آشور.
    والموضـــع الـــذي ذكـــره "بلينيوس" قـــريب من "Domata" أي : "دومة الجندل" ، ومـن "ثمود" فهو في هذه المنطقة التي دفـــع أصحابها الجـزية إلى الآشوريين.

    وتقـــع ديـــار "خطي" "Hatti" على مقربة من "أدوم"، على رأي "موسل". وأما "كلاسر" ، فيذهب إلى أنها كانت تسكن "الخط"، سيف البحرين ، أي : على ساحـــل الخليـــج وهي منطقة قريبة من العراق ، يرى أن من السهل الاستيلاء عليها.
    وقـــد ذكـــر "بلينيوس" موضعًا دعاه "خطيني" "Chateni" يقـــع على ساحل الخليج ؛ ولهذا رجـح "كلاسر" أن "Hatti" هم "خطيني" هؤلاء وقد ذكـــر "ياقوت الحموي" جبـــلًا بمكــة دعـــاه "الخط".
    أعـــرابية تتبعها إبلها, مــن الألـــواح المنحوتة التي عثـــر عليها في قصر "تغلث فلاسر" الثالث
    وقد نقـــل اللـــوح إلى المتحف البريطاني , Helmuth Tb. Bossert , 1394
    وقــد يكون سكان المنطقة المجاورة لــه عـــرفوا باسم "الخطيون" ، وقــد مـــارسوا التجارة ، وبعثوا كالقبـــائل الأخـــرى بتجاراتهم إلى اليمن وبــلاد الشام والعراق ؛ ولـذا دفعوا الجـــزية إلى الآشوريين ليسمحوا لقوافلهم باجتياز الطرق البـــرية التي خضعت
    لسلطانهم وللاتجار في أسواق مملكة آشور.

    ويظهر أن "إدبئيل" "إدبعيل" "Idiba'il" القبيلة المذكـورة في نص "تغلث فلاسر" ، هي قبيلة "أدبئيل" "Adabeel" في التـــوراة , وهي إحـــدى القـــبائل "الإسماعيلية" على حسب روايـــة نسابي العبرانيين.. وكـــانت منـــازلها في جنوب غـــربي البحر الميت على مقـــربة من غـــزة وإلى جنوب غربها عند حدود مصـــر وفي طـــور سيناء. وكان يسكن إلى الشرق منهـــم ومــن قبيلة "خطي" وكذلك إلى الجنوب الشرقي وشرقي "بئر السبع"
    "Beersheba" "مبسام" "Mibsam" و"مشماع"، وهما ولدان من ولـد "إسماعيل" ويمثلان قبيلتين من القبائل الإسماعيلية. ويظهر من "أخبار الأيام الأول" أن بني "مبسام" و"مشماع" كانوا من بني "شمعون" وكانوا من بطون "الشمعونيين" القوية ولهم أرضون واسعة.

    ويشير هــذا إلى أن "المبساميين" و"المشماعيين" كانـــوا قـــد توسعوا وتصـــاهروا مـــع "الشمعونيين" واختلطوا بهم فاختلط الأمر , وعـــد الــذين تصـــاهروا مع "الشمعونيين" واختلطوا بهم منهم مـــع أن أصلهم من الإسماعيليين أي : مـــن العـــرب الشماليين.

    وقـــد عيـن "تغلث فلاسر" في سنة "734 ق. م." عــربيًّا "Arubu" اسمه "إدبئيل" "Idiba'il" في وظيفة "قيبو" "Kepu" ، أي : والٍ على "مصري" , ليدير شئونها بالنيابة عنه وجعل تحت تصرفه خمسة وعشرين موضعًا من "عسقلان".

    ويحتمل أن يكون هـــذا الرجل -على رأي "موسل"- شيخًـــا مـــن قبيلة "إدبئيل" ، كـــان مقيمًا مع قبيلته في "طور سيناء"، وكان له سلطان واسع بلـــغ حدود مدينة "غزة" . ولــم يكن هـــذا الشيخ الـــذي اعتمد طليه ملك آشور فعينه واليًا عنه ، إلا سيد قبيلة كلف حماية الحـــدود وحفظ مصالح الآشوريين بحفظ الأمـن والسلامـــة ومنع الغــزو والتحرش بالحدود. ولما كان مــن الصعب على الجيوش النظامية ولـــوج البوادي وتعقب أثــر الأعراب ، فكــرت الحكومات القديمة والحكومات الحـــديثة في القـــرن العشرين في حمـاية مصالحها بدفــع جعالات شهرية وسنوية وهــدايا إلى سادات المشايخ، وتعيين بعضهم في مناصب كبيرة ليتولوا حماية الحدود وكبح جماح البدو ومنعهم من الغــزو والاستفادة منهـــم في إزعـــاج خصومهم بغـــزوهم ومحاربتهم أو محـــاربة القبـــائل المتحالفة معهـــم كالـــذي فعلـــه الفـــرس واليـــونان والـــرومان والـــدول المستعمرة في القرن التاسع عشر والقرن العشرين.

    ويظهر أن بلوغ جيوش "تغلا تبلاسر الثالث" غـــزة كان في حــوالي السنة "738 ق. م".
    فسيطر الآشوريون بـــذلك على هـذا الميناء المهم الــذي كان نهـــاية طرق القـــوافل التجارية الآتيـــة بصـــورة خــاصة مـن الحجاز وهــو ميناء كان مقصد تجار يثــرب ومكــة حتى عند ظهور الإسلام.

    ويحدثنا "سرجون الثاني" "724-705ق. م" أنـــه في السنة السابعة من حكمه، سنة "715ق. م" أدَّب "تمودي" "Tamudi" و"أباديدي" "عباديدي" و"مرسماني" "Marsimani" و"خيابه" "Hajapa" وهزمهم , ونقل من وقع في يــديه منهـــم إلى "السامرة" "Samaria". ثم يذكر بعد هذا الخبر أنــه تلقى الجـــزية مـــن "سمسي" "Samsi" ملكة "أريبي" ومن "برعو" "pir'u" ملك "مصـــري" "Musuri" ومـــن "يتع أمر" "It'amra" السبئي. وذكــر أن الجــزية كانت مـن الـذهب وحاصـلات الجبل والحجارة الكريمة والعـــاج وأنـــواع البـــذور والنبـــات والخيل والإبـــل.

    ويتبين من أسماء المواضع والقبائل التي ذكرها "سرجون"أن تلك المعارك كانت قــد وقعت في أرضين تقع في الشمال الغربي مــن جـــزيرة العـــرب وفي المنطقة الواقعة فيما بين خليج العقبة و"تيماء" والبادية, ولا بــد وأن تكـــون الجيـــوش الآشورية قـــد هاجمتها من الشمال أي : مــن فلسطين.
    وقــد ورد في بعض تـــرجمات نص "سرجون" أنــه نقل الأعـــراب الذين ينزلون في مواضع نائية مــن البادية ولم يعرفوا حاكمًا رسميًّا ولا موظفًا ولم يدفعوا جزية إلى أي ملك سابق نقلهم إلى "السامرة" وأسكنهم فيها. ويظهر أن هـــذه الجملة لا تخص الجملة السابقة التي ذكر فيها "ثمود" وبقيــة الأسماء ، وليست معطوفة عليها ؛ لأنه وصف هـــؤلاء الأعـــراب بأنهم سكان بوادٍ نائية ، ولم يدفعوا الجـــزية لأحـــد من قبل ، على حين يقيم المذكورون في أرض معـــروفة ولمنـــازلهم أسماء ، وهي ليست مــن البـــوادي.
    وورد في هــذه الترجمات بعــد جملة "ويثع أمر السبئي" : "
    ومــن هـــؤلاء الملـــوك ملـــوك على الساحل ، ومنهم ملـــوك في البـــادية تسلمت منهم جــزية : تبرًا ، وأحجارًا كـــريمة ... إلخ" , مما يـــدل على أن أولئك الملوك كانــوا يحكمون أرضين واسعة تمتــد مــن البـادية إلى البحر الأحمـــر.
    ووردت في نص "سرجون" المشار إليه أسماء مواضع هي "Uaidaue" و"Bustis" و"Agazi" و"Ambanda" و"Dananu" ووردت معها جملة: "أريبي الساكنين في مشرق الشمس" "أريبي مطلـــع الشمس" ولهذا ذهب بعض الباحثين إلى أن الأسماء المذكورة هي أسماء مواضع في أرض "أريبي" أي البادية. وهــو رأي يعارضه باحثون آخـــرون لغموض العبارة ، ولتعذر القـــول : إن أسماء هذه المواضع تعود إلى "أريبي الساكنين في مشرق الشمس".

    أمــا "تمودي" "Tamudi" فإنهم "ثمود" الذين سبق أن تحدثت عنهم. وأما "أباديدي" "Ibadidi" فشعب لا نعـــرف مـن أمــره شيئًا , وقــد ذهب "موسل" إلى احتمال كونهم "أبيداع" "Abida" المذكـــورين في التـــوراة
    وهو فيها ابن "مديان" ، أي "مدين".
    ويرى أن مساكنهم كانت في جنوبي شرقي "أيلة" "Elath" أي : العقبـــة على الطـــريق التجــارية المهمة التي تـــربط ديـــار الشام بالحجاز.

    ورأى "كلاسر" أن "الأباديدي" هـــم "Apataei" المذكورون في جغرافية "بطلميوس"وكانوا يقيمون في مكان يقـــال لـــه :
    "وادي العبابيد" أو"العباديد" على مقــربة من العقيق أو أن فــرعًا منهم كـــان يقيم في هـــذا المكان.
    وذهــب "فورستر" إلى أن شعب "APATAEI" هــم شعب آخـــر ، وأن الكلمة هي في الأصل "Nabataei" وهو شعب كانوا يقيمون في موضع "نبت" على ساحل الحجاز.

    ولا نعـــرف مــن أمـــر "مرسماني" "Marsimani" شيئا يذكر ، ولم يرد لهذه القبيلة اسم في التوراة.
    غيـــر أن بعض الكتبة "الكلاسيكيين" ذكروا قبيلة عـــربية يظهر أنها كانت تقيـــم في جنـــوب شرقي "العقبة" سموها "Batmizomaneis" "Banizomaneis"، وقـد كانت في جـــوار قبيلة "Thamudenoi" أي ثمود , ويـــرى "موسل" احتمال كون هذه القبيلة هي "مرسماني" ، تحرف اسمها في النص الآشوري أو حـــرفه الكتبـــة "الكلاسيكيون" حتى صــار على نحو ما نرى. وعلى كل حال فإن على لفظة "Marsimani" طابـــع العـــروبة فـــلا يستبعد أن تكون مـن "مرسم" أو أسماء أخرى عربية قريبة منها.
    ويظهر أن كـــراهية الأعـــراب للآشوريين كـانت شديدة جـدًّا ، لـــم تخفف مـن حـــدتها لا سياسة القــوة والعنف ولا سياسة التـــودد واللين. لقد حملت هذه الكراهية القبائل على مــد يـــد المساعـــدة إلى كل مبغض للآشوريين، أو متمرد عليهم، فقدمت المعـــونة إلى "مردخلبلدان" "مردخ بلذان" "مردخ بلادان" "Merodachbaladan" ملك بـابـل خصم وعدو "سنحاريب" "سنحريب" وأرسلت "ياتيعة" "يثعة" "يطيعة" "Ja'iti'e" ، ملكـــة "أريبي" جيشًا لمساعدته ومناصرته في كفاحه هــذا مـــع الآشوريين وضعته تحت قيادة أخيها "بسقانو" "بصقانو" "Basqanu" ، إلا أنه لم يتمكن مــن الوقوف أمام الآشوريين ، فنزلت بــه خسارة فادحة، وأُسِرَ "بسقانو" وأُسِرَ معـه معظم جيشه. وكـــانت هـــذه الهزيمة في موضع "كيش" "Kish", وقد كانت في حوالي سنة "703" أو "702" قبـل الميلاد , على رأي بعض الباحثين.
    ويظهر أن لفظة "Iati'e" هي تحريف لاسم عـــربي مــن أسماء النساء لعله "بطيعة" أو ما يشابه ذلك, وقد كانت ملكـــة إذ ذاك ، أي : إنها كـــانت مثل "زبيبة" و"شمس" المذكورتين.

    وأمــا اسم "بسقانو" "Basqanu" فالظاهر أنه "الباسق" , فـــإنه قــريب منه.
    ويحــدثنا "سرجون" في كتاباته عـن أيامه وعن أعماله المجيدة, أن الملك "أبيري" "Uperi" ملك "دلمون" سمع بقدرة آشور وبعظمتها فأرسل هداياه إليه. ومعنى هذا أن البحرين كانت إذ ذاك تحت حكـــم ملك اسمه "أبيري" ، لعله "أبير" ، وأن الصـلات السياسية كــانت وثيقة بيـن "آشور" و"البحرين في" ذلك العهد. وقد ذكر "سرجون" أن "أبيري" "ملك دلمون" "كان يعيش كالسمكة في وسط بحر الشروق ، البحـــر الـــذي تشرق عليه الشمس ، وعلى مسافة ثلاثين ساعة مضاعفة ، وكـــان قـــد سمع بجلال عظمتي فأرسل بـــالهدايا إليَّ".
    وفي هـــذا الخبـر إشارة واضحة إلى استقلال البحرين أي جزيرة "دلمون" وخضوعها لحكــم ملك لعله كـان مـن أهلها.
    ولما كــان القسم الجنوبي من العراق تحت حكــم الآشوريين في هـــذا العهد , وللبحرين عـــلاقات تجـــارية متينة مــع هـــذا القسم لــذلك أرسل هـــدايا ثمينة إلى ملك آشور.
    ويظهر من خبــر آشوري يعــود عهده إلى أيـــام الملك "سنحاريب" "سنحريب" ، وهو ابن "سرجون" ، أن ملك البحرين لما سمع بخبـــر اجتياز هـــذا الملك نهر الفـــرات ودخـــوله الخليـــج ووصـــوله أرض جـــزيرة "دلمون" أسرع فاعترف بسيادة ملك آشور عليه. وكـــان هذا الملك قد دَكَّ أرض بابل في حوالي سنة "689 ق. م."، وسار منها متوجهًا نحـــو أرض الخليج. وفي هـــذا الخبر إشارة إلى أن علاقة الآشوريين بالبحرين كانت وثيقة في هذا العهد أيضا ، وأن ملك البحرين كان يخشى ملك آشور لذلك اعتـــرف بسيادته الاسمية عليه.

    وأخبـــرنا "سنحاريب" "سنحريب" "705-681 ق. م." أنــه تسلم هــدايا مــن "كرب إيل" "كريبي ، إيلو" "Karibi–ilu" ملك سبأ "Saba'i" إذ بنى بيتًا أو معبدًا "بيت أكيتو" "Bit–Akitu" , للاحتفال فيــه بعيـد رأس السنة والأعيـــاد الأخرى. وكان مــن جملة هذه الهدايا أحجار كريمة وأنــواع من أفخر الطيب ذي الرائحة الــزكية الطيبة "Rikke Tabutu" وفضة وذهب وأحجار ثمينة أخـــرى وهي أمـــور اشتهرت بها العـــربية الجنوبية ، كما عرفت بتصديرها هذه المواد إلى الخارج، وقد تحدثت عنها التوراة في مواضع من الأسفار.

    وقــد ذهــب "هــومل" إلى أن "كـربي إيلو" هـــذا هو "كرب ال" "كرب إيل" أحـــد "مكربي" "مقربي" سبأ ، أي : الكهان الحكام ، ولـم يكـــن ملكًا على عـــرش سبأ وإن دعـــاه "سنحاريب" ملكًا ذلك لأن الآشوريين لـــم يعرفوا لقبه الرسمي أو لأنهم لم يهتموا بذلك فجعلوه ملكًـــا.
    وهـــذه الهدايا لم تكن جـزية فرضت عليه ، بل كانت هــدية من حاكم إلى حكام ، وقد بعث بها إليه مع القوافل الذاهبــة إلى الشام بطريق غـــزة ، أو طريق مكـــة ، فالبادية إلى العراق. وعنـــدي أن مــن الجـــائز أن يكـــون "كريبي ، إيلو" هـــذا سيـــد قبيلة أو أميرًا مــن الأمـــراء الذين كانــوا في العربية الشمالية، من المجاورين لتلك القبــائل التي تحدثت عنها وسبق لها أن قدمت هــدايا لآشور ، وكــان مـن السبئيين النازحين إلى الشمال الذين حلوا محل المعينيين.
    ولما قضى "سنحاريب" على مقاومة البابليين وعين عليهم ملكًا منهم كان قــد تـــربى في قصـــور الآشوريين فأخلص لهم ، سار إلى بـــلاد الشام لإخضــاع "العمونيين" و "المؤابيين" والأدوميين والعرب والعبرانيين, فقد كان هـــؤلاء قــد انتهزوا فـرصة قيام "البابليين" وقبـــائل "إرم" و"العرب" و"العيلاميين" على "الآشوريين" للتخلص منهم، فألفوا حلفًا بينهم في جنوب بلاد الشام ، أي : في فلسطين والأردن ، واتحـــدوا لمحـــاربة "سنحاريب". فلما وصـــل إلى ساحل البحر المتوسط، أخذ جيشه يستولي على المـــدن الفينيقية والفلسطينية ويتقـــدم نحـــو الجنــوب حتى بلـــغ "عسقلان" "Ashkelon".
    ولما وصـــل إلى موضـــع "التقه" "علتقه" "Eltekeh" "Altekeh" اصطدم بالعرب وبالمصريين, غير أنه تغلب عليهم واستولى على "التقه" وعلى "تمنة" "تمنث" "ثمنة" "1Timnath" و"عقرون" "عاقر" "Ekro.
    وفي أنباء الانتصارات التي سجلها "سنحاريب" لنفسه أنــه قـــام في حوالي سنة "689 ق. م." بحملة على الأعـــراب التابعين للملكة "تلخونو" "Telhunu" ملكة العـــرب "Arabi" أي : أعراب البادية، وعلى الملك "خزا إيلي" "حزا إيلي" "Haza-ili"، ملك "قيــدري" "Qidri" ، أي : القيداريين فسارت جيوشه في اتجاه "أدوماتو" "دومة" "Adummatu"، فتغلبت على العـــرب وعلى "القيداريين". ويقصد بـ"أدوماتو" "دومة الجندل" وقـــد كـــانت "أدوماتو" "Adummatu" من مواضع "أريبي" "عـــريبي" الحصينة.

    وهي في موضـــع بعيد عــن عواصم الدول الكبرى، إلا أنها لم تنجُ مع ذلك من غـــزوات تلك الدول , وقد ذكرها "بطلميوس" باسم "Doumatha" "Adomatho.
    وقـد جــاء في نص آشوري أن الملك "سنحريب" أرسل حملة إلى الخليج فانتصرت وحققت رغباته ، وقد فـــر ملك "أرض البحر" إلى أرض "عيلام". ويظهر أنــه بنى أسطولًا قـــويًّا حمل جنــوده إلى تلك الأنحاء ، فلم يتمكن أهــل الخليج مـن مقاومته واضطروا إلى الخضوع لآشور.

    ويظهر أن "سنحريب" كان قــد تمكن فعـــلًا من إخضاع الأعــراب لـه ومن السيطرة عليهـــم ، ويـــرى بعض الباحثين في نعــت "هيرودوتس" لـه بأنه "ملك العرب والآشوريين" تعبيرًا عــن إخضــاع "سنحريب" الأعـــراب لحكمه وإن كــان ذلك قـد وقــع لأمد محـــدود.
    وفي نص دونــه "أسرحدون" "680-669 ق. م." عــن أعماله وعـن أعمال والـــده , أن أبــاه "سنحاريب" أخضـع "أدومو" "Adumu" "معقـــل أريبي" ، واستولى على أصنامها وحملها معــه إلى عاصمته ، وأسر ملكتها "Iskallatu" التي كـــانت كاهنة للإله "دلبات" "Dilbat"، وأسر الأميرة "تبؤة" "Tabua" كذلك.
    فهو يــؤيد بــذلك ما ذكـــره أبوه من انتصاراته على العـــرب.
    ولـــم يتحــدث النص الآشوري عــن الجهة التي هاجـــم منها "سنحاريب" "دومة الجندل" أي "Adummatu" "Adumu".
    ويرى "موسل" أنه هاجمها من إقليم "بابل"، ويرى أيضا أن سلطان الملكة "تلخونو" كـــان يشمل منطقة واسعة تمتــد مـن "أدومو" إلى حـــدود بابل. وقد كان أعــرابها يمتارون ويبتاعون الطحين والملابس والمواد الضرورية الأخـــرى من بابل ، فيسلكون البادية ومـن هــذه البــادية وصلت أمـــداد الملكة وقـــواتها إلى بابل لمساعدتها في مقاومـة آشور ، فاشتركت مـــع البابليين في الحرب على حين هاجم فـــريق آخـــر مــن أتبـــاع الملكــة المقاطعات الآشورية في بلاد الشام.

    فلما تغلب "سنحاريب" على بابل وانتصر عليها في سنة 689 ق. م تفـــرغ لمحاربة الملكة والانتقام منها فأمـــر قـــواته بالضغط على أتبـــاع الملكة ، وتعقبهم في البـــادية لحفظ الحـــدود. ثم حاصر "أدومو" ، حتى تغلب عليها، وانتصر على هذا المعقل الـــذي التجأ إليــه أتبـــاع هذه الملكة وغيـــرهم للخلاص مـن الآشوريين.

    ويظهر مــن النصوص الآشورية أن خـــلافًا وقـــع بيـن الملكة "تلخونو" والملك "خزا إيلي" ، قد تكون أسبابه الهزيمة التي حـــاقت بهما ومحاصرة "سنحاريب" لهما في "دومة الجندل".
    وقـد كـــان "خزا إيلي" على ما يظهر هو الذي تولى قيادة الجيش، وتنظيم خطط الدفاع والهجوم. فسببت الهزائم التي حلت بهما غضب الملكة عليه وعلى سوء قيادته "فغضبت تلخونو على خزا إيلي ملك أريبي"ولعلهما اختلفا أيضا بسبب محاصرة "دومة الجندل" والدفاع عنها أو عدمه.
    ومهما يكن من شيء، فقد استسلمت الملكة "تلخونو" للآشوريين، وتغلبت جيوش "سنحاريب" على هذا المعقل ، وأخذت الأصنام أسرى إلى "نينوى", كما أخذت الأميرة" تبؤة" "Tabua" أسيرة إلى عاصمة آشور لتربى هناك تربية يرضى عنها الآشوريون ، ولتهذب تهذيبًا سياسيًّا خاصًّا يؤهلها أن تكون ملكة على "أريبي".

    أما "خزا إيلي" فقد تمكن من خرق حصار الآشوريين على "دومة الجندل" ومن الاعتصام مع أتباعه بالبادية ، حيث لم يكن في قدرة "سنحاريب" مطاردتهم وإيقاع خسائر بهم ، وبقي في هذه البادية طول حياة "سنحاريب". فلما توفي هذا الملك ، وانتقل الملك إلى ابنه "أسرحدون" ، وزالت أسباب الجفاء قصد نينوى لمقابلة الملك الجديد، ومعه هدايا كثيرة ، سُرَّ بها الملك واستقبله بلطف ورعاية ، وسلمه الأصنام الأسيرة السيئة الحظ التي كان عليها أن تشارك أتباعها الحياة الأرضية المزعجة ، وتمكنت كل من "عتر سماين" "عثتر السماء" و"دبلات" و"دايا" "ديه" "Daja" و"نوهيا" "نهيا" "نهى" "Nuhaia" و"إبيريلو" "Ebirillu" و"عثتر قرمية" "عثر قرمي" "Atar Kurumaia"، وهي الآلهة التي كتب عليها أن تسجن من استنشاق ريح الحرية ثانية، ومن استعادة مقامها بين عبادها، فوضعت في أماكنها وسر أتباعها ولا شك بهذه العودة.
    وفي أثناء وجود تلك الأصنام في الأسر، أصيبت ببعض التلف ، فمَنَّ "أسرحدون" عليها بالأمر بإصلاح ما أصابها وإعادتها إلى ما كانت عليه، ثم تلطف فأمر بإرجاعها إلى "خزا إيلي" "خزائيل"، بعد أن نقشت عليها كتابة تفيد تفوق إله آشور على تلك الأصنام ، وبعد أن نقش عليها اسم الملك.
    وأراد "أسرحدون" تنصيب "تبؤة" "Tabua" التي تربت تربية آشورية ملكة على "أريبي" ليضمن بذلك فرض سلطان آشور على الأعراب. وهو حلم تحقق , ولكنه لم يدم طويلًا , لأن العداء بين الآشوريين والعرب كان عميقًا، لا يقضي عليه منح تاج، ونصب ملك أو ملكة.
    واعترف "أسرحدون" بـ"خزا إيلي" ملكًا على قبيلة "قيدار" ، في مقابل إتاوة يدفعها، قدرها خمسة وستون جملًا. فلما توفي "خزا إيلي" سنة "675 ق. م" , اعتـــرف "أسرحدون" بابنه "يايتع" "يايطع" "يطع" "يثع" "Uaite'" ملكًا مكان أبيـه ، على أن يدفـــع إتـــاوة سنوية كبيرة مقدارها ألف من "Minae" من الذهب ، وألف حجر كريمة, وخمسون جملًا، وطيب أي أكثر مما كان يدفعه أبوه , وقـــد رضي الابن بذلك على أمل أن ينعم عليه بتاج كيفما كانت الشروط. غير أن حسابه هذا لم يكن دقيقا ، فقـــد ثـــار عليه شعبه الذي أبى أن يخضع لرجل فــرض عليه فرضًا، وأبى قبوله ملكًا عليه.
    وقـــام -وعلى رأسه "الزعيم" "أوبو" "وهبو"- "وهب" ، "أوب" "Uabo" "Uaboa" بثورة عامة للتخلص منه ومن سلطان الآشوريين.

    وأسرع الآشوريون فأرسلوا جيشًا لإخماد هذه الثورة ، فأطفأها وأسر "أوبو" "Uabo" وأخذ إلى "نينوى" إلا أن الانتصار عليـــه لــم يقضِ على مقاومة العـــرب للآشوريين وثورتهم عليهم، فقاد "يابتئ" "يثع" "Uaite'" الثورة هذه المرة، ورفــع راية الحرب على الآشوريين ، وغزا هـــو وأتباعه حـــدود الإمبراطورية الآشورية المحاذية للبادية، واضطر الآشوريون إلى تجهيز حملة جديدة انتصرت عليه، وهاجمت مضـــاربه ، وقبضت على أصنـــامه ، وأخذتها معها أسرى للمرة الثانية.

    أما "يابتئ" ، فقـــد فـــر "وحيدًا إلى أصقـــاع بعيدة" على مـــا جـــاء في النص. والأصقاع البعيدة هي البادية ولا شك ، حيث يصعب على الآشوريين التوغل فيها للتوصل إليه لذلك صارت مأوى لكل ثائر تحل به خسارة, فإذا نجا بنفسه، وتمكن من الفرار من ساحة الهزيمة إلى البادية صـــار في حصن أمين ، لا تمتد إليه الأيدي بسوء إلا إذا كـــان المهاجمون من أبناء جنسه الأعـــراب.

    وقام "أسرحدون" بعد هـــذه الحملة بحملة أخرى على قبائل عربية تنزل أرض "بازو" "Bazu" و"خازو" "Hazu".
    وقــد ابتدأ بها في اليوم الثاني مـــن شهر "تشرى" من السنة الخامسة من سني حكمه, وهي تقابل سنة "676 ق. م.".
    وقـــد قتل فيها ثمانية ملوك , هم : "كيو" "kiau قيسو "kisu" و"ki-i-su" ملك "خلديلي" "Haldilli", و"أكبرو" "Agbaru" "AK-baru"، وهو ملك "ال بياتي" "البياتي" "إيل بياتي" "Na-pi-a-te"، "Ilpiati"منسكو" "منساكو" "منسك" "Mansaku" "Ma-an-sa-ku"، ملك "مجل أني" "مجلاني" "Magal'ani" "Ma-gal-a-ni" ، والملكـة "يافأ" "إيفع" "يفع" "Iapa'" "Ja-pa'" ملكة "دخراني" "دحراني" "دخر" "Dihrani" "Didhrani" و"خيبصو" "خابصو" "جيبسو" "Habisu" "Kha-bi-su" ملك "قدايأ" "Qadab" , و"نخارو" "نيخرو" "نحارو" "نحر" "Niharu" "Ni-kha-ru" ملك "جأباني" "جعباني" "جعفاني" "Ga'pani" والملكة "با إيلو" "بائلة" "Ba'ilu" "Ba-i-lu" ملكة "إخيلو" "Ihilu"
    آشوريون يحرقون خيمة أعراب نيام Helmuth Bossert, Altsyrien, 1397
    و"خبن إمـــرو" "خبن عمرو" "حبن إمرو" "حبان إمرو" "Habanamru" "Kha-ba-zi-ru" ملك "بداء" "بدع" "Buda'", وأسر خلقًا مـن أتبـــاعهم أخـــذهم إلى أرض آشور كمــا حمل آلهتهم معه. وتمكن أحد الملوك، وهو الملك "ليلى" "Laili" "ليلة" "Laiale" ملك "يادئ" "ياديا" "يدع" "Iadi" "Jadi'" من النجاة، غير أنه ذهب إلى نينوى بعدئذٍ ، حيث طلب العفو والصفح عما بـــدر منه ، فقبل "أسرحدون" منـــه ذلك ، وتآخى معه وأعاد إليه أصنامه ، وعينه ملكًا على أرض "خازو" "وبازو" "بازي" على أن يدفع الجزية إليه.
    وقـــد ورد في التـــوراة اسم "بوز" و"حزو" أما "بوز" فهو ابن "ناحـــور" أخي "إبراهيم" ويظن أن لاسمه صلة باسم أرض "بوز" , وأمـا "حزو" فــإنه أحد أولاد "ناحور". وقــد ذكرت كلمة "بوز" بعد "تيماء" في سفـــر "إرميا" حيث ورد : "وكل اللفيف وكل ملــوك أرض "عوص" ، وكـــل ملـــوك أرض فلسطين وأشقلون وغـــزة وعقرون وبقية أشدود ، وأدوم ومؤاب وبني عمون ، وكل ملوك صور ، وكل ملوك صيدون، وكل ملوك الجزائر التي في عبر البحر، وددان وتيماء وبوز ، وكل مقصوصي الشعر مستديرًا ، وكـــل ملـــوك العـــرب وكل ملـــوك اللفيف الساكنين في البـــرية". فـ"بـــوز" في التـــوراة اسم موضـــع ، واسم شعب وقـــد ورد في التوراة اسم رجل من "بوز" سمي "اليهو" "Elihu" البوزي وهــو ابن "برخيئل" ، وكـان صـــديق "أيوب" وحكمًــا في المحـــاورة التي جـــرت بين أيـــوب وأصحابه الثلاثة الـــذين أتـــوا ليعـــزوه في المصائب والبلايا التي نزلت بــه. وأيـــوب كان من سكان أرض "عوص" ، وهو عربي على رأي عـــدد من علماء التـــوراة.
    ولم يحدد مــوقع "بـوز" في التوراة" ولكـــن ورود "بــوز" بعد ددان وتيماء في الموضع الـــذي ذكـــرته من إرميا وقبل جملة "وكـــل مقصوصي الشعر مستديرًا" يحملنا على التفكير في أن أرض "بـــوز" كـانت في جـــوار تيماء وليست بعيـــدة جـــدا عـــن "ددان" "ديدان" ، وقريبة من الأعـراب الذين كانـــوا يحلقون شعـــور رءوسهم إلا دائرة تبقى في أعلى الرأس ، أي : غيــر بعيدة عن البادية وعن الأعراب الإسماعيليين.
    ولهذا ذهــب "كلاسر" و"دلج" "F. Delitzsch" وغيــرهما إلى أن بـــوز هي "بـــازو" الـــواردة في نص "سنحاريب" ، وتقـــع في العـــربية الشمالية, ورأى "ذورمة" "Dhorme" أنها في منطقة تقـــع في جنـــوب شرقي الجـــوف.

    وأمــا "موسل" فيستند أيضا إلى الوصف الذي جاء في النص الآشوري عن "بازو" التي تقع في موضع قاصٍ ويبـــدأ مـن السباخ وبـــادية مجدبة "140 بيرو من الرمال" ، وليس فيها غيـــر الشوك ونـــوع من حجر يعرف بــــ"حجر فم الغزال" ، ثـــم سهل فيه الأفـــاعي والعقارب مثـــل "الزربابو" الجـــراد , تليه "خـــازو" ، وهي أرض جبلية اتساعها "20 بيرو" من حجر الـ"Saggilmut.
    ويــرى مــن هـــذا الوصف أن موضع "بازو" في غــرب وفي جنوب "تدمر" وفي "وادي السرحان" ، وأن الملوك الثمانية الــذين قتلهـــم "أسرحدون" كانـــوا يقيمــون في وادي السرحان عند الحدود الشرقية لحـــوران وفي "الرحبـة" و"قطبة" إلى وادي "القطامي".
    ويرى أيضا أن "يدئ" "يادئ" "يدي" وهـــو موضـــع الملك "ليلى" ، هـــو "الجاف"، أو "الودي" وذلك بإبـــدال الحرف الأول من كلمة "يدي" بحرف الواو.
    وهو أمر يرى أنه كثير الحدوث، فمن المحتمل أن يكـــون موضع "الوادي" -على رأيه- هو "يدي" أو "يدئ" مقر الملك "ليلى" "Laili..
    فـــرأي "موسل" أن "بـــازو" تعني النصف الشمالي مــن "وادي السرحان", وأما الأرض الواقعة في شرق "السرحان" وفي شمال السرحان في المنطقة الجبلية ، فإنها "خازو" "حازو"، وقد سلك الجيش الآشوري -كما يقول- الطريق التجارية المارة من الحافات الشرقية لحوران إلى دمشق.
    وقد صيرت أرض "بوز" و"بوزي" بـ"أرض أوسيتس" "Ausitis" في الترجمة السبعينية للتوراة "العهد العتيق" ولذلك رأى بعض العلماء أن المراد بها اسم "Aiseitai" "إيسايتاي" "إيسايته"، وهو اسم موضع ذكره الجغرافي "بطلميوس" في داخل بادية بلاد العرب, ورأوا أن بوز هي هذا المكان.

    ورأى آخرون أن "بازو" هي نجد، وأن البادية التي تحدث عنها "أسرحدون" هي "النفود", وأما "خازو" فإنها الإحساء.
    وذهب "رولنسن" إلى احتمال كون هذه المنطقة هي أرض مملكة الحيرة، وما يتصل بها إلى جبل شمر لأن الوصف المذكور ينطبق -في رأيه- على هذا المكان.

    وذهب "كلاسر" في مكان آخر من بحوثه المستفيضة عن "بازو" و"خازو" إلى أن "خازو" هي "حزو" وإلى أن "بازو" و"حازو" في الأقسام الشرقية والجنوبية من "اليمامة" إلى أرض "مأكن" "Maken" إلى مرتفعات "رأس الخيمة". وأشار أيضًا إلى "حزوى"، وهي "السدوسية" لبني سعد في اليمامة ، وقـــد ذكـــرها "الهمداني" , ويـــرى أن اللفظة قريبة جدًّا من "حزو" التوراة ومن "خازو" النص الآشوري.
    وعلى هذا تكون أرض "خازو" في اليمامة، وهي أرض ذات آثار قديمة وعاديات وخرائب تقع بين وادي "ملهم" و"وادي حنيفة".

    ورأى بعض الباحثين المحدثين أن أرض "بازو" هي الساحل المقابل لجزر البحرين، أي : جزيرة "تلمون" كما كانت تعــرف عند القدامى.

    وأما "خازو" أي "حازو" في قـــراءة فهي "الأحساء", ونرى بين اللفظتين "حازو" و"أحساء" تقاربًا كبيرًا.
    ولم يذكر "أسرحدون" كيف رجع إلى بلاده بعد حملته الطويلة هذه ، ومن أي سبيل رجع إلى ملكه؟ غيـــر أن بعض الباحثين يرون أنه سلك طريقًا غيـــر الطريق الأول الـــذي سلكه في حملته على الشعوب والأرضين المذكورة.
    يرون أنه سلك طريقًا موازيًا لساحل الخليج، فاخترق أرض "بازو" و"خازو"، "حاسو", ثم سار شمالا إلى إقليم بابل.
    و"حاسو" عندهم هي الأحساء، وهي بين "نجـــد" والخليج وكــان "أسرحدون" قــد سلك في حملته الأولى كما يروون طريقًا اخترق "نجدًا", فلما قرر العودة سلك الطريق الثاني.
    ويرى "موسل" أن اسم "دخراني" "Di-ih-ra-ani" هو "Dacharenoi" المذكور عند "إصطيفان البيزنطي" "Stephen of Byzantium".

    أمـــا "كلاسر" فيـــرى أن قبيلة "Dachareni"، التي ذكـــرها "بطلميوس" بعـــد اسم قبيلة "Malangite" هي القبيلة المذكورة في نص "أسرحدون" , وأن قبيلة "Malangite" هي قبيلة "Ma-gal-a-ni" المذكورة في نص "أسرحدون", ورأى احتمال كـــون "Gauuani" هي "جوجان" و"Ikhilu" هي "أجلة" أو "أخلة" وهما عنـــد الخـــرج.

    ويرى "كلاسر" احتمال وجود علاقة بين "Bi-i-lu" وهو اسم الملكة و"باهلة" وهو اسم القبيلة المعروفة التي تقع منازلها منذ القديم في هذه المنطقة. وعنده أن حملة "أسرحدون" قد كانت في اليمامة حيث ينطبق وصف هذه المنطقة على وصف الأماكن المذكورة في حملة "أسرحدون" أحسن انطباق. وبعد وفاة "أسرحدون" رأى "يثع" "يطع" "يايطع" "Uaite'" أن من الأصلح مصالحة الآشوريين، فذهب إلى "آشور بانبال" ، "آشور بنبال" وقابله وأرضاه ، فأعاد إليه أصنامه ومنها الصنم "عثتر السماء" ، "أتر سمائين" "Atarsamain" "A-tar-sa-ma-a-a-in"، أي "عثتر السماوات" ، وهو الإله "عثتر" إله السماء ، الـــذي سأتحدث عنــه عنـــد كـــلامي على ديـــانة العـــرب قبـــل الإسلام ، ورضي عنه وأعـــاده إلى منصبه.
    ويذكر "آشور بانبال" أن "Uaite'" حنث بيمينه ، وخالف عهده وميثاقه معه، لما أعلن "شمش ، شوم ، أوكن" "Schamaschschumukin" شقيق آشور بانبال العصيان عليه وخاصمه، فانضم إليه ، وأيده بمدد يساعده، جعله تحت قيادة "إب يثع" "أب يثع" "Abjate'" و"إيمو" ابني "تارى" "ثأر" "تور" ، "Te'ri".
    وقام على رأس أتباعه بغزو الحدود الغربية لأرض بلاد الشام التي سبق أن استولى عليها الآشوريون وأصبحت من المقاطعات الخاصة لهم، من "أدو" "Adom" في الجنوب إلى جنوب "حماة" في الشمال. غير أن السعد لم يحالف "Uaite'" في هذه المرة أيضا، فتصدت الجيوش الآشورية للمدد الذي أرسل لمساعدة "شمش، شوم، أوكن" ، وشتَّتَتْ شمله قبل وصوله إلى "بابل".
    أما الذين تمكنوا من الهرب والوصول إلى "بابل" ، فقد أُبيد أكثرهم كذلك. وقد اضطر "أب يتئ" "أب يتع" "Abjate" أن ينجو بنفسه بالهرب إلى البادية خشية أن يقع في الأسر وذهب من ثم إلى "نينوى" حيث مثل أمام الملك طالبًا منه العفو والصفح ، وقبل الملك عذره وصفح عنه، ثم أصدر أمره بتعيينه ملكا في مكان "Uaite'" الذي كان مشغولًا بغزو حدود الشام وفلسطين الشرقية المتاخمة للصحراء أي حدود أرض "أمورو" "Amurru" على رأي بعض العلماء , وذلك بعد هزيمة "Uaite'" وتغلب الآشوريين عليه في حوالي سنة "648ق. م.". وقد وافق "أب يتئ" "Abjate'" أن يدفع جزية إلى الآشوريين، تتألف من ذهب وأحجار كريمة وجمال وحمير.
    ولم يتمكن "Uaite'" من الثبات طويلًا والاستمرار على مهاجمة الآشوريين، إذ كلف الملك "آشور بانبال" حرس الحدود والقوات الآشورية التي كانت هناك مهاجمة أتباعه، ومعاقبة "Uaite'" الذي نسي الجميل، وخاس بعهده على حد قول "آشور بانبال". وبعد مصادمات ومعارك وقعت بالقرب من "أزريلو" "Azarilu", و"خير أتكاسي" "khiratakasi" و"أدومة" "Udume" في ممر "يبردو" "Jabrudu", في "بيت أماني" "بيت عماني" "Bit Ammani" في منطقة "خوينه" "Khaurina" و"موابه" "Mu'aba" و"ساري" "Sa'ari" و"خرجه" "Kharge" و"صويبتي" "Subiti"، اضطر أتباع "أويتي" "Uaite'" إلى الرجوع إلى البادية للاحتماء بها, ويظهر أنهم أصيبوا في أثناء ذلك بخسائر فادحة. وقد أكره "أويتئ" بعد هذه الخسائر على الالتجاء إلى الملك "نتنو" "Natnu" ملك "نبيتي" "نبيطي" "Nabaitai" "Nabaiti" تاركًا زوجته بين أتباعه من قبيلة "قيدار" "Qidri" "kedar.
    ولما هاجم "أمولاني" "عمولاطي" "أمولاطي" "Ammulati" ملك قبيلة "قيدار" "قيدري" أرض مملكة "مؤاب" "Moab" أصيبت جيوشه بخسارة كبيرة ، وسقط أسيرًا, ومعه "أديا" "عادية" "عدية" "Adija" زوجة "Uaite'" ملك "أريبي" في أيدي الملك "Kamashkalta" "Kamaskhalta" ملك مؤاب "648 ق. م" , فأرسلا أسيرين إلى نينوى حيث سلما إلى "آشور بانبال". وكان "Ammulati" قد ساعد "شمش، شوم ، أوكن" في ثورته على أخيه، وهاجم أرض المغرب "أمورو" "Ammurru" لذلك سر "آشور بانبال" بهذا الانتصار الذي أحرزه "مؤاب". وقد رسم منظر غلب "آشور بانبال" وأسر "Ammulati" و"Adija" على جدار إحدى غرف قصر الملك "آشور بانبال".
    لقد أثرت الانتصارات التي أحرزتها جيوش "آشور" في نفس "نتنو" "ناتنو" "Natnu" ملك "Nabaiti" فأخذ يتقرب إلى "آشور بانبال" ومن جملة ما فعله في التقرب إليه أنه أرسل "Uaite'" -الذي كان قد التجأ إليه- إلى نينوى حيث سلم إلى الملك الذي أمر بوضعه في قفص ليعرض على الناس عند أحد أبواب المدينة.

    وذكـــر "آشور بانبال" في كتــابته أن منازل "Nabaiti" قبيلة "Natnu" بعيدة، ولم يسبق لها أن أرسلت رسلًا إلى بلاط أحد من أجداده وآبائه في نينوى مــن قبـــل وأن هذه هي المرة الأولى التي يصـــل فيها مـــن هـــذه القبيلة رسول.
    وقد وصف "آشور بنبال" موقف الأعراب وصفًا مؤثرًا بهذه الكلمات : "اشتدت عليهم وطأة الجوع.
    ولكي يسدوا رمقهم ، أكلوا لحوم صغارهم ... وقد سأل أهل العربية بعضهم بعضًا : ما بال بلاد العرب قد أحدق بها هذا الشر؟ فكان الجواب : تلك عاقبة من ينكث العهد، ويخرق المـــواثيق التي قطعناها لآشور".
    وذكـــر "آشور بانبال" أنــه عـــامل "Uaite'" على هـــذه الصورة ، وذلك في عبـــاراته التي أمــر بتدوينها في النص: "حبسته في مـــربط الكـــلاب وضعته مـــع بنـــات آوى والكـــلاب وأقمته على حـــراسة الباب في نينوى".

    ووصف حملته على الأعـــراب ومطاردته لهم بهذه الكلمات :
    "في رمضاء البادية وقيظها، حيث لا تـــرى طيور السماء وحيث لا يـــرى حمار الوحش ولا الغزال" وذلك من شدة جدب البادية ، وعدم احتمالها الأحياء.
    لـــم تنفـــع الشدة التي استعملها الآشوريون في القضاء على مقاومة الأعراب شيئًا. فما كاد "آشور بانبال" يشغل نفسه بقتال ملك "عيلام" وحربه في عام "640-641 ق. م." حتى ثارت القبائل العربية على آشور بزعامة "أبيتأ" "أبي يثع" "Abijate'" بن "تاري" "Te'ri" الذي تحدثت عنه سابقًا، و"أويتئ" "Uaite'" الثاني، وهو ابن "بير دادا" "Bir Dadda" وأخـــذت تتحرش ثـــانية بحـــدود المقاطعات الآشورية المتصلة بالبادية.
    ولما أرسل الآشوريون جيوشًا قوية لصـــد هــذه الهجمات ، طلبت قبيلة "قيدري" "قيـــدار" مساعدة "نتنو" ملك "نبتي" "Nabaiti"؛ فلبى الطلب وتحالف معهم ، وأخـــذوا يهاجمون الحدود ومعهم قبيلتا "يسمع" يسمأ" "Isamme'" و"عثتر سمين" "Atarsamain". غير أن الجيوش الآشورية تمكنت -مع ذلك كما تدعي كتاباتهم- من الانتصار على "قيدار" وعلى حلفائهم , فانتصرت على "Isamme'" وعلى "Atarsamain" و"Nabaiti" في موضع في البادية بين "ياركي" "يركي" "Jarki" "أرك" شرق تدمــر و"أزلة" "Azalla"، وشتتت شملهم. ثــم انتصرت في معـــركة أخرى على "Atarsamain" على "قيـــدار" وقعـــت عنـــد "Qurasiti" ، وغنمت فيها غنائـــم كبيـــرة مـــن الحميـــر والجمال والأغنام ، كما أسرت أصنام "Uaite'" وأمه وزوجته وعددًا كبيرًا من أتباعه, وأخذوا إلى دمشق، وأسر "أبي يثأ" "Abjate'" وشقيقه "أيمو" "Aimnu" في المعـــركة التي وقعت عنـــد "خوكريتا" "Khukkurina" "Khukruna".

    أما الملك "Uaite'"، فقد اعتصم مع عــدد مــن أتباعه بالصحراء ، غير أن الأمراض والأوبئة التي انتشرت بين أتبـــاعه أكـــرهته على الذهـــاب إلى الآشوريين الـــذين نقلوه إلى نينوي وعـــرضوه أمام الملك. وقـــد عُوقب عقًابا قاسيًا، وعُذِّب عذابًا شديدًا، ثم عفا عنه الملك بعد ذلك غيـــر أنه لم يسمح لـــه بالعودة إلى البادية، حيث أهله وأتباعه ومنازله، ولعله مات في نينوى.

    تابع 》》


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14549
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    أنساب القبائل العربية  المؤرخ أحمد رضا - صفحة 2 Empty رد: أنساب القبائل العربية المؤرخ أحمد رضا

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الأربعاء سبتمبر 21, 2022 6:58 pm

    تاريــــخ العــــرب قبــــل الاســــلام

    《العرب في الهلال الخصيب》

    ليس من السهل علينا التعرض في الوقت الحاضر للصلات التي كانت بين العرب الشماليين وبين حكومات الهلال الخصيب في أقدم العهود التأريخية المعروفة التي وقفنا على بعض ملامحها ومعالمها من الآثار فبينها وبيننا حجب كثيفة ثخينة لم تتمكن الأبصار من النفاذ منها لاستخراج ما وراءها من أخبار عن صلات العرب في تلك العهود بالهلال الخصيب.
    ولعل خبر "نرام ، سن" "نرام ، سين" "Naram–Sin" الأكادي "2270-2223 ق. م." عن استيلائه على الأرضين المتصلة بـــأرض بابل والتي كـــان سكانها مـــن العـــرب "Aribu" "Arabu" هـــو أقـــدم خبر يصل إلينا في موضوع صلات العرب بالعـــراق.
    وهو خبر ينبئك بأن عرب أيام "نرام سن" ، كانـــوا في تلك المنازل قبـــل أيامه بالطبع؛ وهي منازل كونوا فيها "مشيخات" و"إمارات" مثل إمارة "الحيـــرة" الشهيرة التي ظهرت بعــد الميلاد.
    ويحـــدثنا سفر "القضاة" بـــأن "المدينيين" والعمالقة وبني المشرق كانـــوا ينتزعون ما بأيـــدي الإسرائيليين من غلة زراعــة ، وما عندهم من ماشية ، ويغيرون.
    ـــ
    وأما "Muaba" ، فيرى "موسل" أنها "مؤاب" المذكورة في التوراة ، وهي أرض المؤابيين، أبناء "مــــؤاب".
    وأسمـــاء الأشخاص الــــواردة في النصوص الآشورية هي أقــدم أسماء نعــــرفها وردت في نصوص تأريخية عند العــــرب الشماليين، مثل "زبيبة" و"شمس" و"الباسق" الــــذي كتــب "بسقانو" "Basqanu" في النص الآشوري، و"أيم" الذي هو "إيمو" في النصوص الآشورية ، و"جندب" الـذي صار "جنديبو" "Gindibu" في اللغة الآشوريـــة "Kiau" "Kisu" "Ki–i–su" الــــذي يحتمل أنــه "قيس" ، و"Agbaru" "Akbaru" القريب مــن أكبر أو "أخبر" أو "أجبر" "وخبيصو" "جيصو" "Habisu" "kha–bi–su" الــــذي يحتمل أنــه "خبيص" أو "خابص" أو "حبيس" أو "حابس" أو "قبيصة" أو ما شابه ذلك من أسماء، و"نخرو" "نحرو" "Niharu" "Ni–kha–ru" الذي يحتمل أنه "نخر"، أو "ناخر" أو "نهار"، و"ليلى" "Laili" "Laiale"، الذي هــــو "ليلي" إلى آخـــر ذلك من أسماء.
    وورد في جملة الأرضين التي استولى عليها "آشور بانبال" في بلاد العرب، اسم موضع دعي "إنزلكرمة" "Enzilkarme" "Al–en–zi–kar–me"، وهــــو كنايـــة عـــن واحــــة ، يـــرى "ديلج" "Delitzsch" أنها تقــــع جنــــوب حــــوران.
    وقـــد افتخــــر "آشور بانبال , الملك العظيم , الملك الحق الشرعي , ملك العالم , ملك آشور , ملك الجهات الأربــــع ، ملك الملوك ، الأمير الذي لا ينازعه منازع ، الذي يحكم من البحر الأعلى إلى البحــــر الأسفل ، والــذي جعل كل الحكام الآخرين يخرون لــه سجدا ويقبلون أقدامه" ، بــأنه ملك من البحر الأعلى حتى جـــزيرة "دلمون" من البحر الأسفل.
    ومعنى هــذا أن ملكه امتدَّ من أعالي العراق إلى البحرين.
    يظهـــر مــن النصوص الآشورية أن الآشوريين قاموا بعدد من الحملات يزيد, بل كان ذلك عامًّا حتى بين العرب أنفسهم ؛ وقد أدى ذلك إلى جهلنا بهويات شعوب ذكرت في النصوص الآشورية وفي النصوص الأخرى وفي التوراة، دون أن يشار إلى جنسيتها، فلم نستطع أن نضيفها إلى العرب للسبب المذكور.

    وكـــان ملك "دمشق" "بيرادري" "Bir–Idri" "Biridri"، المعـــروف باسم "بنهــدد" "Benhaddad" في التوراة ، قـد هــاله توسع الآشوريين وتدخلهم في شئون الممالك الصغيرة والإمارات، ولا سيما بعد تدخلهم في شئون مملكة "حلب" ، وخضوع هذه المملكة لهـــم بـدفعها الجـــزية واعترافهم بسيادة آشور عليها.
    فعـــزم على الوقوف أمام الآشوريين وذلك بتأليف حلف مـن الملـــوك السوريين وسادات القبـــائل العــربية لـدرء هذا الخطر الداهم. وقــد انضم إليه "آخاب" ملك إسرائيل ، وأمـــراء الفينيقيين ، فكـــان مجمـــوع مـــن استجاب لدعوته اثني عشر ملكًا من ملـــوك سوريـة ، "وجنديبو" ملك "العـرب" ، وقد أمد الحلف بألف جمل وبمحاربين ، وكل هـــؤلاء كانـــوا قـد أصيبوا بضـــربات عنيفة مــن الآشوريين وتعلموا بتجاربهم معهـــم مبلـــغ قوتهم وغلظتهم على الشعوب التي غلبوها على أمرها، فأرادوا بهذا الحلف التخلص مـن شرهم والانتقام منهم والقضاء عليهم.
    وعند مـــدينة "قرقر" ، الواقعة شمال "حمـــاة" وعلى مقـــربة منها ، وقعت الواقعــة ، وتــلاقى الجيشان : جيش "آشور" تسيّره نشوة النصر، وجيوش الإرميين والعـــرب والفينيقيين ومن انضـــم إليهـــم ، تجمــع بينهم رابطة الدفاع عن أنفسهم، وبغضهم الشديد للآشوريين.
    لقــد تجمع ألـــوف مـن جنود الحلفاء في "قرقر" على روايـــة ملك آشـــور لمقاومة الآشوريين وصـــدهم مـــن التوسع نحو الجنوب ، واشتركت في المعـــركة مئـــات مــن المركبات.
    أمــا النصـــر فكـان حليف "شلمنصر" انتصر عليهم بيسر وسهولة ، وأوقــع بهم خسائر كبيرة ، وغنم منهم غنائم كثيرة، وتفرق الشمل ، وهرب الجميع وانحلَّ العقد ، ورجــع ملك آشور إلى بلده منتصرًا، مخلدًا انتصاره هذا في كتابة ليقف عليها الناس.

    وإليـــك بعضَ مـــا جـــاء في نص "شلمنصر" عـن معـــركة "قرقر" لتقف على ما قـــاله عنها : "قرقر : عاصمته الملكية ، أنا أتلفتها ، أنا دمرتها ، أنا أحرقتها بالنار ، 1200 عجلة، 1200 فـارس ، 20.000 جندي "لهدد عازر" صاحب "إرم" ... ألف جمل "لجندب" العــربي ... هـــؤلاء الملوك الاثنا عشر الــذين استقدمهم لمساعدته ، برزوا إلى المعركة والقتال، تألبوا عليَّ ... ".

    ويـــلاحظ كثـــرة عـــدد العجـــلات المستخدمة في المعركة بالنسبة إلى تلك الأيـــام ، وهـــذه الأرقــام ليست بالطبع أرقامًا مضبوطة ، فقــد عودنا الملـــوك الأقدمون المبالغة في ذكـــر العـــدد ، والتهويل في تــدوين أخبار المعارك والحـــوادث ؛ للتضخيم مــن شأنهم وللتعظيم ، وتلك عادة قديمة نجــدها عنـد غيــر الآشوريين أيضا.
    و"جنديبو" اسم من الأسماء العــربية المعروفة هــو "جندب", ويكون هـــذا الاسم أول اسم عـــربي يسجـــل في الكتابات الآشورية. ولـــم يشر "شلمنصر" إلى أرضــه والمكان الــذي كان يحكم فيه. غيــر أن القرائن تدل على أنها كـــانت في أطــراف البادية ويـــرى "موسل" أنها كانت تقـــع في مكان ما جنوب مملكة "دمشق" وأرى أنـــه كـــان ملكًا على غـــرار الملـــوك سادات القبائل مثل ملـــوك الحيـــرة والغساسنة، حكم على قبائل خضعت لحكمـــه وسلطانه ،، وكـــان يتنــاول الإتـــاوات مــن الحكومات الكبيرة مقـــابل حماية حدودها مـن الغارات والاشتراك معها في الحروب.
    وقـــد أبلغنا "شلمنصر" الثالث "858-824 ق. م." أيضا، أنه زحف نحو الجنوب، نحو أرض "كلدو"، أي : أرض الكلدانيين ، فاستولى عليها وتوغل بعـــد ذلك نحو الجنوب حتى بلغ "البحر المر" "البحر المالح" "Nar Marratu" أي الخليج العربي ، فقهر كـــل السكان الـــذين وصلت جيوشه إليهم. ويظهر أنه بلغ حــدود الكويت فاتصل بذلك بجزيرة العـرب وبقبائل عربية ساكنة في هذه الأرضين.

    وفي السنة الثالثة مـن حكـــم "تغلث فلاسر" "تغلاتبلاسر الثالث" "Tiglath Pileser" "745-727 ق. م." تقريبًا ، دفعت ملكة عربية اسمها "زبيبي" الجـــزية إلى هـــذا الملك وكانت تحكم "أريبي"، أي العرب. ولم يتحدث النص الذي سجل هذا الخبر عـن مكـــان الأعـــراب أتباع "زبيبي".
    معـــركة بيـن العـــرب والآشوريين
    وقد ذهب "موسل" إلى أنه "أدومو" "Adumu" ، أي "دومـة" "دومة الجندل" ، وذهــب أيضـــا أن الملكــة كـــانت كـــاهنة على قبيلة "قيـــدار" "kedar. و"زبيبي" هـــو تحـــريف لاسم "زبيبة" ، وهـــو مـــن الأسماء العـــربية المعروفة.
    ويحدثنا هـــذا الملك أيضـــا أنـه في السنة التاسعة مــن ملكه ، قهر ملكة عـــربية أخـــرى اسمها "سمسي" "Samsi" "شمسي" "Shamsi" واضطرها إلى دفـع الجزية له بعد أن تغلبت عليها جيوش آشور.
    ويـــدعي الملك أنها حنثت بيمينها وكفـــرت بالعهد الــذي قطعته للإلـــه العظيم "شماش" "Schamash" بألا تتعـــرض للآشوريين بسوء ، وبـــأن تخلص لهم ، فانتصر عليها، واستولى على مدينتين من مدنها، وتغلب على معسكرها ، فلـــم يبـــقَ أمامها غيـــر الخضوع والاستسلام وتأدية الجزية إبـــلًا : جمالًا ونوقًا.

    والظاهر أنها انضمت إلى ملك دمشق في معارضته للآشوريين ، وتعرضت لقـــوافل آشور ، فجهز المـــلك عليها حملة عسكرية تغلبت عليها. ولضمان تنفيذ مصالح الآشوريين ، قرر الملك تعيين "قيبو" أي : مقيــم أو منـدوب ساميّ آشوري لـــدى بلاطها ؛ لإرسال تقاريره إلى الحـــاكم الآشوري العــام في سورية عن نيات الملكة واتجاهات الأعــراب ، وميول قبيلتها ولتوجيه سياسة الملكة على النحـــو الـــذي تـــريده "آشور".

    وقــد ذكـــر النص الآشوري أن الملكة أصيبت بخسائر فـــادحة جدًّا ، وهي ألف ومـائة رجل ، وثلاثون ألف جمل وعشرون ألف مــن الماشيــة ، وهي أرقـــام بُـــولغ فيها جـــدا ، ولا شك.
    ويـــذكرنا اسم الملكة "شمسي" "سمسي" باسم عربي هو "شمس" أو "شمسة", و"شمسة" مــن الأسماء العـــربية القديمة التي ما تــزال حية. وقـد كان في المدينة امرأة نصرانية اسمهـا "شمسة" ، أسلمت على يـــدي الحسن بن علي بن أبي طالب فحــرف الآشوريون الاســـم وفـــق نطقهـــم وكتبـــوه على هـــذا الشكل.
    وقـــد صور على اللوح الذي ورد فيه خبر الانتصار المذكور، منظر فارسين آشوريين يحملان رمحين ، يتعقبان أعـــرابيًّا راكبًا جمــلًا ، وتحت أعقاب الفــرسين وأمـامهما جثث الأعـــراب الـــذين خـــروا صـــرعى على الأرض وصور شعرهـــم طويلًا وقد قعد إلى الـــوراء ، وأمـــا اللحى فكثَّة ، وأمـا أجسامهم فعـارية إلا مــن مئزر شـــد بحـــزام. وقـــد حـــرص الفنـان على تصويره الأعرابي الراكب قريبا جــدا من الفارسين ، مادًّا يده اليمنى إليهما متـــوسلا ومسترحما ومستسلما وصـــورت الملكـة "سمس" "شمسي" "سمسي" حـــافية ، ناشــرة شعـــرها تحمل جرة من الجرار الإحدى عشرة المقدسة ، بعـــد أن أضنـــاها الجــوع والتعب في فـــرارها إلى "بازو"، وقد خـــارت قـــواها المعنوية.

    وورد في الكتابة الآشورية أن الملكة أرسلت وفـــدًا إلى مـــلك آشور لمصالحته واسترضائه، ضم عددًا من سادات قبيلتها وأتباعها، منهم "يربع" "يربأ" "Jarapa" وكان رئيس الوفد و"ختــرنو" "حتــرنو" "Hataranu" و"جنبو" "Ganabu"، و"تمرنو" "Tamranu. وهي أسماء عربية لا غبـــار عليها ، كتبت بحسب النطـــق الآشوري ؛ فـ"Jarapa" مثلا ، يمكن أن يكـــون أصله "يرفع" أو "يربع" أو يـــربوع ، و"Hataranu" جـــائز أنـه "خـــاطر" أو "خطـر" ، و"Ganabu" جـــائز أنـه جناب أو "جنب" و"Tamranu" جـــائز أنـــه "تمر" أو "تمار" أو مــا شابـه ذلك. ولا أرى بنا حـــاجة إلى ذكـر أمثلة عديدة وردت فيها أسماء مـن مثـــل "يربوع" و"جناب" و"جنب" وأمثــال ذلك لدى الإسلاميين.
    وبعـــد أداء "شمس" الجزية إلى ملك آشور ، دفعت عـــدة قبــائل وشعوب عـــربية الجزية إليه. وقد جعل بعض الباحثين ذلك في حوالي سنة "738 ق. م" , وجـــاء في الترجمة العربية لكتاب "حتي" أن ذلك كــان في عــام "728 ق. م". وإذا كــان أداء العـــرب المذكورين الجزية في السنة التاسعة مــن حكمـــه ، فيجب أن تكون السنة سنة "736 ق. م." تقــريبًا ؛ لأن حكم الملك كـــان في "745 ق. م". وقـــد ذكـــر الملك أنــه تسلم الجـــزية ذهبًا وفضة وإبـــلًا وطيوبًا مـــن "مساي" "مسأى" "Masa" و"تيما" و"سبأ" "سبا" و"خيابة" "خيابه" "Hajapa" "Hayapa" "Hajappa" و"بطنه" "Batana" "Badana" و"خطي" "Hatti"، "Hatte" و"إدبئيل" "1Ibida'il.
    وقد ورد أنها كانت تقطن في أرضين تقـــع في الغـــرب في أماكن بعيـــدة ويقصـــد أنها كـــانت غـــرب آشـــور والغالب أنه كان يريد من قوله : في مواضع بعيدة ، البادية حيث يصعب الوصول إليها.

    تابع 》》》


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14549
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    أنساب القبائل العربية  المؤرخ أحمد رضا - صفحة 2 Empty رد: أنساب القبائل العربية المؤرخ أحمد رضا

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الأربعاء سبتمبر 21, 2022 6:58 pm

    تاريــــخ العــــرب قبــــل الاســــلام :

    ( إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام )

    و"إسماعيل" هـــو الجد الأكبر للعـرب المستعربة بحسب زعمهم ، أي :
    العـــرب العدنانيين, وهـــو "يشمئيل" "Ishmael" في التـــوراة, ومــعنى الاسم "إلهي يسمع" أو "يسمع إلهي"

    وهـــو إبـــن "إبـــراهيم" مــن زوجــه "هاجـــر".

    وتقـــول التوراة :
    إنــه "ختن" وهـــو في الثالثة عشـرة من عمره، ورحــل إلى بَرِّية "فــاران" فتزوج فيها من إمرأة مصرية، وعاش فيهـــا راميًــا بالسهام حيــث اشتهــر بالـــرماية....•

    ولــم تــذكر التوراة بعد ذلك شيئا عنه إلا مــا ورد مــن أنــه حضر دفــن أبيه "إبراهيم"، وأنــه عاش "137" سنة.

    هـــذا مجمل مــا ورد في التوراة عنه أمــا ما أورده أهـل الأخبار عنه، فــإنه يستند إلى هـــذا الـــوارد في التـوراة عنـــه، إلا ما ذكــروه عن إمــرأته، فقد جعلوها إمــرأة مــن "جـــرهم"، ومــا أوردوه عنه من أنــه هاجــر إلى مكــة وأنـه عــاش هناك، وتعلم العربية فيها وقبــر في "الحجر" عنـــد قبــر أمـــه "هاجر"، وأمور أخرى صغيرة تختلف بإختـــلاف الـــروايات.....

    وقــد جعلت التـــوراة لــ"إسماعيــل" ولـــدًا، عدتهم اثنا عشر ولدًا، هـــم :
    1-نبايـــوت ، "هـــو بكـــر إسماعيل"
    2-وقيــدار
    3-وأدبئيل
    4-ومبسام
    5-ومشماع
    6-ودومـة
    7-ومسـا
    8-وحـــدار
    9-وتيـــما
    10-ويطـــور
    11-ونـــافيش
    12-وقـــدمة.
    ذكــرتهم على حسب مواليدهــم، كـما نص على ذلك فيها وهـــو عــدد يظهر أنــه من وضع كتاب الأسفار وترتيبهم

    تكلمنا سابقا عن :
    قيدار و نبايوت

    الأن .
    أدبئيل بن إسماعيل :

    وأما "أدبئيل" "Adbeel"، فكناية عن قبيلة عربية أخرى من القبائل الإسماعيلية، يرى بعض علماء التوراة أنها عاشت في جنوب غربي البحر الميت. ويظن أنها قبيلة "إدب إيلة" "Idibaila" "Dibiila" "إدبئيلة" "إدبعيلة" "دبئيلة" و"بعيلة" المذكورة في كتابة من كتابات الملك "تغلا تبلسر الثالث". وقد ذكر هذا الملك أنه عين نائبا عنه، أو "مندوبا ساميا" "قيبو" "Kepu" على خمسة عشر موضعًا، وكان اسم هذا المندوب "أدب أل" "أدب أبل" "أدبئيل" "Idibiil"، وهو سيد قبيلة عرفت بهذا الاسم.
    والظاهر أنه فوض إليه أمر حماية الحدود والمحافظة عليها من الغزو وتقع أرض هذه القبيلة على مقربة من الحدود المصرية وفي الجنوب من غزة.
    وكانت هذه القبيلة لا تزال موجودة في أيام المؤرخ اليهودي "يوسف فلافيوس".
    ويلي "أدبئيل" "أدب أل" "أدب أيل" في تسلسل أولاد إسماعيل

    مبسام بن إسماعيل :

    مبسام "Mibsam"، وقد سُمي في بعض الكتب العربية "ميشا"، ولا نعرف من أمر هذه القبيلة شيئًا.

    مشماع بن إسماعيل :

    وأما "مشماع"، وقد سُمي "منسى" و"منشى" و"مسمع" و"مشماعة" في بعض الكتب العربية، فلا نعرف من أمره شيئًا. ويتصور بعض العلماء أن لهذا الاسم علاقة بقبيلة "بني مسماع" أو "جبل مسماع" "جبل مسمع" قرب تيماء.
    ورأى "فورستر" أن "مشماع" هي قبيلة "Masmaos" التي ذكرها "يوسفوس"، على أنها من القبائل العربية التي كانت تعيش في أيامه. ويرى "فورستر" أيضا أن قبيلة "Masaemanes" التي ذكرها "بطلميوس" هي هذه القبيلة كذلك. وهذا الاسم قريب من اسم "ماء السماء".

    دومة بن إسماعيل :

    و"دومة" هو "دوما" في بعض الكتب العربية، وهو كناية عن موضع "دومة الجندل" وقد عرف بـ"دوماتا" "Domatha" عند "بلينيوس" وبـ"Doumaetha" "Dumaetha" عند "بطلميوس" ، وبـ"Adumu" "أدومو" في الكتابات الآشورية وهو كناية عن موضع وعن اسم قبيلة عربية؛ فقد ورد أن شعبًا اسمه "Dumathii" كان يقدم قربانًا "ولدًا" في كل سنة إلى آلهته، ويدفن ذلك القربان في معبد الإله ويراد به شعب "دومة الجندل".

    مسا بن إسماعيل :

    وقد ورد اسم "مسا" "Massa" في النصوص الآشورية مقرونًا بـ"تيما" "تيماء", ويرى بعض العلماء أنه كناية عن قبيلة كانت منازلها في الشرق والجنوب الشرقي من "موآب". ويرى بعض آخر أن مواطنها في الأرضين الجنوبية من وادي السرحان ،، وفي غرب منازل "عريبي" "أريبي".
    وجاء في رسالة أرسلها أحد "المقيمين" الآشوريين إلى ملك آشوري لم يرد اسمه في الكتابة أن "ملك قمرو" "مالك قمرو" بن "عميطع" سيد قبيلة "مسئا" "Masa" غزا قبيلة "Nabaati"، وقتل عددًا من أتباعها. والظاهر أن هذه القبيلة ، هي القبيلة المذكورة في التوراة.

    حدار بن إسماعيل :

    وأما "حدد" أو "حدار"، كما دُوِّن في سفر التكوين فإنه "أدد" عند بعض أهل الأخبار.
    وقد تكون لاسمه علاقة باسم الإله "حدد" أو "أدد" المعبود الشهير الذي تعبد له الآراميون وقبائل عربية كثيرة وكذلك الآشوريون والبابليون. ولا نعرف من أمر قبيلة "حدد" هذه شيئًا يذكر في الزمن الحاضر.

    تيما بن إسماعيل :

    وأما "تيما"، فإنه "طما" في الكتب العربية ، وهو كناية عن "تيماء" 》》وسوف أتحدث عنها.

    يطور بن إسماعيل :

    وأما "يطور" وهو "وطور" وما أشبه ذلك في الكتب العربية، فقبيلة عرفت بـ"Ituraea" في المؤلفات اليونانية واللاتينية ، وقد حاربت العبرانيين, وكانت تقيم شرقي نهر الأردن في أيام الملك "شاءول". ويظهر أنها هاجرت نحو الشمال، فسكنت في الأقسام الجنوبية من لبنان وفي الحافات الشرقية من جبال لبنان, وقد أجبر الملك اليهودي "أرسطوبولس الأول" "Aristobulus I" "107 قبل الميلاد" قسمًا من اليطوريين على التهود, وكان قد استولى على أرضهم ،، وكان لهم ملوك. وفي أيام ملكهم "سوهومس" "سوحومس" "سوخومس" "Sohumus" أدخلت أرضهم في مقاطعة "سورية" وذلك في سنة "50" ب. م. وقد كابدت دمشق مصائب شديدة من غزوات اليطوريين.
    وكانت مواطن اليطوريين فيما بين "اللجاة" "Trachonitis" و"الجليل" وعرفت بـ"جدورا"، وبـ"إيطورية". وقد عرفوا بمهارتهم في الرماية, وقد ذكرهم "سترابو".
    والظاهر أن مواطنهم الأصلية كانت في البادية ،،، ومنها جاءوا إلى "إيطورية" ثم ذهبوا إلى الأقسام الجنوبية من لبنان وإلى سهل البقاع. وقد ضيق عليهم الرومان في حوالي الميلاد وأجبروا بعضهم على الرجوع إلى البادية ويظهر أن سبب ذلك هو عدم خضوعهم للسلطات وغاراتهم على الحضر. وقد قتل "مارقوس أنطونيوس" "Marcus Antonius"، ملك اليطوريين في سنة "34" ق. م. وكان يدعى "ليسانياس" "Lysanias ، وتوفي "زنودوروس" "Zenodorus" الذي خلفه في سنة "20" ق. م ، واستولى "هيرود الكبير" "Herodes the Great" على قسم من أرض اليطوريين.
    ولما قسمت مملكة "هيرود"، صارت هذه الأرضون من نصيب "فيليب".
    وفي أيام "لوقا" ، كانت "Ituraea" منطقة تقع على ما يظهر في شمال شرقي "بحر الجليل" , ويخترق الطريق الروماني الذي عمله الرومان من "دمشق" إلى "طبرية" "طبريا" هذه المنطقة.
    وقد كوَّن اليطوريون لهم إمارة أو مملكة في "البقاع" كان حكامها رجال دين أي : كهانًا وملوكًا في آن واحد. وقد عرفنا منهم رجلًا اسمه "Mennaios" وهو اسم قريب من الأسماء العربية ، فلعله "معن" , أما ابنه فقد سمَّى نفسه باسم يوناني هو "بطلميوس" "Ptolemaios". وكان لهذا الملك ، أي "بطلميوس" ولدان، هما: "Lysanias"، وقد تولى الملك من بعد والده و"فيليب" "Philippion", وأما "زينودور" "Zenodor"، فقد خلف "Lysanias" وأما "Sohaimos" "Sohumus"، فإنه اسم قريب من "سحيم" ومن "سهيم" و"سخيم" و"سهم"، وأمثال ذلك، وهي أسماء عربية معروفة.
    ويظهر أن ارتحال "اليطوريين" من الأقسام الشرقية من الأردن نحو الشمال، نحو دمشق، ثم سهل البقاع حتى ساحل البحر الأبيض، كان قبل القرن الثاني قبل الميلاد. ولعلهم هم العرب الذين ذكر أن الإسكندر الكبير كان قد حاربهم بعد حصاره لمدينة "صور" "Tyros.

    وقد كون الرومان فرقًا محاربة من "اليطوريين" ،، اشتركت معهم في الحروب ،، وقد امتازت بعض هذه الفرق في حذقها بالرمي.
    وكون "مارك أنتوني" "Marcus Antonius" حرسًا خاصًّا منهم أشير إليهم في الموارد اليونانية واللاتينية.

    نافش بن إسماعيل :

    و"نافش" "Naphish" هو "نفيس" عند الأخباريين , ويرى بعض علماء التوراة احتمال كون "بنو نفسيم" "Naphisim" المذكورون في سفر "عزرا" هم "نافش" هؤلاء.

    قدمة بن إسماعيل :

    وأما "قدمة" فهو "قيدمان" و"قيذما" وما شاكل ذلك في المؤلفات العربية ولا نعرف من أمرهم شيئًا يذكر في الزمان الحاضر, ولعلهم "القدموينين" الذي أدخلت أرضهم في جملة "الأرض الموعودة" المذكورة في التوراة وكانت مواطنهم عند "البحر الميت".
    ومن العلماء من يظن أن لهم صلة بـ"بني قديم" "Bene Kedem"، أي: "أبناء الشرق". وذهب "فورستر" إلى احتمال كون "قدمة" موضع "رأس كاظمة" على الخليج. ولما كانت "قدمة" من القبائل الإسماعيلية، وقد ذكرت مع القبائل الإسماعيلية في التوراة ، ومواطنها كلها لا تبعد كثيرًا عن فلسطين ، فإني أرى أن مواطن هذه القبيلة يجب أن تكون أيضًا في هذه المواضع ، أي في مكان لا يبعد كثيرًا عن فلسطين.
    والغالب على أبناء إسماعيل البداوة أي : حياة التنقل والغزو والرماية لذلك كانت ملاحظة التوراة عن إسماعيل من أنه سينشأ راميًا
    ملاحظة حسنة تدل على تبصر بأمور "الإشماعيليين" الذين كانوا يقومون بالغزو ويرمون بالسهام.

    """"""""""


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14549
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    أنساب القبائل العربية  المؤرخ أحمد رضا - صفحة 2 Empty رد: أنساب القبائل العربية المؤرخ أحمد رضا

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الأربعاء سبتمبر 21, 2022 6:59 pm

    【أوائل الشعراء】
    الجزء الأول :
    يقول علماء الشعر :
    "لـــم يكن لأوائل الشعراء إلا الأبيات القليلة يقولها الرجـــل عنــــد حدوث الحاجة".
    ثم تزايد عدد الأبيات وتنوعت طرق الشعـــراء في نظـــم الشعر ، بتقـــدم الزمــان ، وبازدياد الخبــرة والمـــران وبتقـــدم الفكـــر ، فظهرت القصائـــد المقصـــدة الطــــويلة ، التي تــوّجت بالمعلقات. قــال الأصمعي :
    "أول مــن يروى لــه كلمة تبلغ ثلاثين بيتًا مــن الشعر مهلهل ، ثم ذؤيب بن كعب بن عمرو بن تميم ، ثـــم ضمرة رجــل من "بني كنانة" ، والأضبط بن قريع".
    فهؤلاء هـم أوائل الشعراء الجاهليين في نظر "الأصمعي"، ممن نظــم كلمة بلــــغ عــــدد أبياتها ثـــلاثين بيتًا فما بعـــدها. "وقال ابن خالويه في كتاب ليس :
    أول مــن قـــال الشعر "ابن خدام".

    وذكــر بعض العلماء أن القصائــد إنما قصدت ، والشعر إنما طــول في عهد "عبد المطلب" أو "هاشم بن عبد مناف"، وذلك يدل على إسقاط "عاد" و"ثمود" و"حمير" و"تبع". ولم يذكروا اسم أول مــن قصد القصائد وطــوّل الشعر ، ولكن رأي معظم علماء الشعر أن "المهلهل" هـــو أول مـــن قصـــد القصــائد وأول مــن قــــال كلمة تبلغ
    ثلاثين بيتًا من الشعر. وزعم بعضهم أن "الأفوه الأودي" أقدم من المهلهل، وهو أول من قصد القصيد. وإذا ذهبنا مذهب من يقول إن القصائد إنما ظهرت في أيام "عبد المطلب" أو "هاشم"، فيكون ذلك قبل الهجرة بمائة سنة على الأكثر.

    وزعمت بكر بن وائل أن أول من قال الشعر وقصد القصيد، هو "عمرو بن قميئة"، وكان في عصر "مهلهل بن ربيعة"، وعمر حتى جاوز التسعين.

    وكـــان "امرؤ القيس"، قـد استصحبه لمّا شخص إلى قيصــر ، فمــات في سفره ذلك.

    وذكر "ابن قتيبة" أن من قديم الشعر قول "دُويد بن نهد القضاعي" :

    اليوم يبنى لدويد بيته ... لو كان للدهر بلى أبليته
    أو كان قرني واحدا كفيته ... يا رب نهب صالح حويته
    وربّ عبل خشن لويته.

    وذكـــر من بعــده اسم :
    "أعصر بن سعد بن قيس بن عيلان" ثــم "الحارث بن كعب".

    ولــم يكن المذكورون أول مــن قصد القصيد وتفنن في أبواب الشعر وإنما هـم أقدم من وصل اسمه إلى مسامع علماء الشعر ، فصاروا مــن ثم أقــدم شعـــراء الجاهلية.
    وقد نسب إلى "زهير بن أبي سلمى" قـــوله :

    "ما أرانا نقول إلا مُعارا ... أو معادًا من قولنا مكرورا"

    وإذا صح أن هذا البيت هو من شعره حقًّا ، دلّ على اعتقـــاد الشاعر ومــن كــان في أيامه بقدم الشعر، وبتقدمه وبتطوره ، وبتفنن الشعــراء الـــذين عـــاشوا قبله ، في طـــرق الشعـــر وذهابهم فيــه كل مذهب ، حتى صار مــن جــاء بعدهم من الشعراء عـــالة عليهم فـــلا يقول إلا معارًا ، أو معادًا من الشعر مكرورًا.
    وإلى هــذا المعنى ذهب "عنترة" في قـــوله :

    هل غـــادر الشعراء من متردم ... أم هل عــرفت الدار بعــد توهــم.

    فقد سبق الشعراء "عنترة" في قــول الشعر، وفي الإبداع والتفنن به، حتى لــم يتركـوا لــه شيئًا جـــديدًا ليقوله.

    ونجـــد الشاعـــر "لبيدًا" ، يشير في شعـــره إلى الشعراء الـــذين تقــدموا عليــه ، ويقــول عنهــم إنهـــم سلكوا طـــريق "مــرقش" و "مهلهل" ، حيث يقـــول :

    والشاعرون الناطقون أراهم ... سلكوا طريق مرقش ومهلهل.

    ولقــد تعــرض "الفرزدق" في قصيد لـه إلى مــن تقــدم عليه من الشعراء فقـــال :

    وهب القصائدَ لي النوابغُ إذ مضوا ... وأبو يزيد وذو القروح وجرولُ
    والفحل علقمةُ الذي كانت له ... حلل الملوك كلامه لا ينحل
    وأخو بني قيسٍ وهن قَتَلْنَهُ ... ومهلهل الشعراء ذاك الأول
    والأعشيان كلاهما ومرقش ... وأخو قضاعة قوله يتمثل
    وأخو بني أسد عبيدٌ إذ مضى ... وأبو دُؤاد قوله يتنخل
    وابنا أبي سُلْمى زهيرٌ وابنه ... وابن الفريعة حين جد المقول
    والجعفريُّ وكان بشر قبله ... لي من قصائده الكتابُ المجمل
    ولقد ورثتُ لآل أوسٍ منطقًا ... كالسّمّ خالط جانبيه الحنظل
    والحارثي أخو الحماس ورثته ... صَدْعا كما صدع الصّفاة المعول

    فهؤلاء هم من أقدم الشعراء العرب الذين وصل خبرهم إلينا على وفق هذه الأخبار والروايات. وهم ونفر آخر من أمثالهم قد عاشوا في أيام لا نستطيع أن نبتعد بها عن الإسلام بأكثر من قرن أو قرن ونصف قرن. وقـد عسر على الذاكـــرة حفظ شيء عــن أخبارهـــم وأيامهم ، فلم تـــذكر عنهم غير أسمائهم وغير شيء يسير جدًّا عنهم، وخلا أبيات، لا ندري أهي من نظمهم حقًّا ، أم هي من نظم من تحدث عنهم ! وعلى موجب روايات أهل الأخبار تكون تلك الأبيات أقدم مــا عنــدنا مـن شعر عربي.

    وقـــد ولـــع بعض المحدثين بوضـــع سنين لتثبيت سنين مواليد ووفيات الشعراء ، واكتفى بعضهـــم بوضـــع سنين لــوفياتهم ، وفعلهم هـــذا لا يستنــد إلى أساس علمي ، لأننـــا لا نملك أدلــة مقبـولة صحيحة ، تخولنا حتى وضع مثل هـذه الأرقام ، ثم إن في الكثير مــن هذا المروي عن حياة الشعراء مـــا هـــو غير صحيح، ولهذا فليس من المعقول أبدًا ، وضع سنين لتحــديد مـــواليد ووفيـــات أولئك الشعراء ، والشيء الوحيـــد الـــذي نستطيع فعله هذا اليوم هو أن نشير إلى زمان مـن عاصروهم مــن الملوك كملـــوك الحيــرة والغساسنة ، فنحن على شيء من العلم بأوقات حكمهم، وأن نربط بين أيامهم وبين الحوادث الجسام التي أدركــوها أو ساهمـوا فيها.
    ونحــن لا نستطيع تـــرتيب الشعراء ترتيبًــا زمنيًّـا يستنـد على سنوات الـوفيات ، فنقدم شاعـــرا على شاعر آخـر استنادا إلى سنة الوفاة ، لأننا لا نملك نصوصا فيها سني الوفاة. ثـــم إن حياة أقدم شاعر جاهلي لا يمكن أن تتجاوز المائة والخمسين سنة عن الإسلام على أكثر تقدير، وإن أكثرهم قد كانــوا متعاصرين ، وإن بين حياة الشاعــر القــديم منهم ، وبين الشاعر المتأخر، فترات غير طويلة ، تتطاول على العشرة سنين أو العشرين، وهي أزمنة لا تعد شيئًا بالنسبة إلى تأريخ هــذا الشعر القصير الأجـــل.

    ويجــب ألا تخـدعنا بعض العبـــارات التي نقـــرأها في كتب الأدب مثـــل قولهم: "وهو شاعر جاهلي قديم"، أو "هــو شاعر قديم" ، أو "هما قديمان" أو "وهو جاهلي قديم"، وأمثال ذلك من تعابير تشير إلى قـــدم الشاعر أو الشعراء فنأخذها على الصحة ونقول بقدم الشاعر أو الشاعرين أو الشعراء فإن أكثر من ذكـــر أهل الأخبار أنهم من الشعراء القدماء ، هم من الذين كانوا في أيام حكم الملك "عمرو بن هند"، وقد كان حكم هذا الملك فيما بين السنة "554" والسنة "569" للميلاد.
    وإذا ما تذكرنا أن ميلاد الـــرسول كــان في سنة "570" أو "571" للميلاد، عـــرفنا إذن أي قدم هـــو هـــذا القـــدم الذي توهموه ..

    أمثاله >>
    عن الشعر والشعراء
    في الجزء الثاني تابع 》》》


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14549
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    أنساب القبائل العربية  المؤرخ أحمد رضا - صفحة 2 Empty رد: أنساب القبائل العربية المؤرخ أحمد رضا

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الأربعاء سبتمبر 21, 2022 7:00 pm

    القصص :

    والقصص ، مظهر من مظـــاهر الفكــر الجاهلي ،، أشير إليـــه في القـــرآن الكريم وكان شائعًا عند الجاهليين.

    ودراسته تمكن الـدارس مــن تحليل عقلية صاحب القصص ، وفهم عقلية الزمـــن الذي شاع فيــه.
    وقـــد ورد في المـــؤلفات الإسلامية شيء منه ، وفي بعضه ملامح يمكن إرجاعها إلى عناصر أعجمية : دينية وغيــر دينية تسرب إلى الجـــاهليين مــن اتصالهم بالأعـــاجم ، واتصـــال الأعاجـــم بهم.
    والقصص البيان ، والقاص مـن يــأتي بالقصة على وجهها ، كــأنه يتتبـــع معانيها وألفاظها.

    وقيـــل : القاص يقص القصص لأتباعه ، خبرًا بعد خبر وسوقه الكلام سوقًا.
    وقـــد كــان القص شائعًا متفشيًا بين الجاهليين والإسلاميين ،، وكانـــوا يقبلون عليه إقبالًا شديدًا ، ومن هنا ورد في الحـــديث
    "إن بني إسرائيل لما قصــوا هلكوا.
    وفي روايــة لما هلكوا قصوا ، أي : اتكلوا على القول وتركوا العمل فكان ذلك سبب هـــلاكهم ،، أو بالعكس لما هلكـــوا بتـــرك العمل أخلـــدوا إلى القصص".
    ولما نزل القـــرآن : "قالوا : يا رسول الله، لو قصصت علينا ، قال : فنزلت: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ} .

    وذكر أن أصحاب رسول الله سألوه أن يقص عليهم فنـــزل :
    {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ}

    "مــن الكتب الماضية وأمـــور الله السالفة في الأمـــم".
    وورد أنهم قالوا له : "يـــا رسول الله حـــدثنا فــوق الحديث ودون القرآن يعنون القصص
    " فأنـــزل الله الآية المـــذكورة.

    وفي هـــذا الإلحاح على الرسول بأن يقص عليهم ، دلالة على مـــدى حب الجـــاهليين وإعجـــابهم بالقصص وللجاهليين غايات من الاستماع إلى القصص ، منها : العبـــرة والاتعاظ.

    وإلى ذلك أشير في القرآن الكريم : {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} .

    وقــد كان في مكــة وفي غيرها قوم يقصون على الناس ويعظونهم ، ولما جـــاء الإسلام كانـــوا على عـــادتهم يقصون لإثـــارة العقــول إلى أنبـــاء الماضين وأخبـــار السالفين ، ولإثارة تفكيرهم في الكون وفي الخلق وفي شئون الحيـــاة ، كالـــذي يظهر مـــن القرآن الكـــريم :
    {فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} و {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ} و {تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا}

    ويـدخل في هذا النوع القصص الذي يدخلونه في بــاب "الحكمة"، ومعناه القصص التعليمي ، الـــذي يتعظ بــه ويستفاد منــه ،، إذ يعــد دروسًا تعلم الإنسان في حيـــاته وتـــرشده إلى النجاح، ويشمل قصص الماضين ، ما قامـوا بــه من خيـــر ، وما عملوا في أيامهم مــن شر ، فأصابهم مــن أجله الهلاك وسوء المصيــر ، وقصص الأشخاص ، أما القصص المروي على ألسنة الحيوانات على نمط قصص "كليلة ودمنة"
    فـــإننا لا نجد منه مــادة غــزيرة في القصص المروي عن الجاهليين ، وهو قليل المادة أيضًـــا في الأدب الإسلامي ولا سيما في القصص الطويل.
    وقــد نجــد بقــايا قصص على ألسنة الحيوانات مـــرويًّا في كتـــب الأدب لكنــه مـن النوع القصير الذي لا يمثل نفسًا طـــويلًا في القصّ.

    وأغلب الظن أنــه منتزع مــن قصص قـــديم ، فقد طـــوله ، بسبب قـــدمه فبقيت منه هـــذه البقايا.

    ومــن أبـــواب القصص ، المقال على ألسنة الحيوانات ، كالقصص المقـــال على لسان "النعامة" ، مــن أنها ذهبت تطلب قــرنين فرجعت بـــلا أذنين.

    والقصص الـذي وضعوه عن الغـــراب وعـــن الضفدع ، والهدهد ، والهديل وغيـــر ذلك مما يميل إليـــه العامـــة بصورة خاصة ، لما يتركه من أثر في نفوسهم.

    ومــن القصص ، قصص الملوك والأبطال وسادات القبـــائل والأيـــام ويلعب قصص الأيام الدور الأول في هـــذا القصص ، لما لـــه من أثـــر في العصبية.
    وكان هذا القصص من أحب القصص إلى نفوسهم وقد زوّق ونمق ، وتولى قصه قصاصون كانت لهــم مـــواهب خـــاصة وقابلية على القص والتأثير في النفوس ، وكان أصحاب الرسول حيـــن يتسامرون يتناشدون الشعـــر ويتذاكرون الأيــام جريًا على سنتهم في الجـــاهلية ، وقـــد استمر هـــذا القصص إلى عهـــد قـــريب ولا زال معروفًا في القرى وفي بعض الأقطار العـــربية ،، لا سيما في أيــام رمضان حيث تقـــرأ قصص أبو زيد الهلالي وقصة عنترة وغيـــرها في المقاهي يقـــرأها قصاصون متخصصون بأسلوب مؤثر جـــذاب يتلاعبون بــه في عقــول السامعين ويثيرون فيهم الحماس ، ينصتون بكــل خشوع إلى صــوت القاص يريدون منـــه سماع المـــزيد من الأخبـــار.

    وفي قصص أهــل الأخبــار المنسوب إلى الجـــاهلية ، قصص عــن الأسفار وعــن مشقات السفر وعــن الأهــوال التي كان يلاقيها المسافرون في ذلك العهد مــن الجــن والسعالي والغيلان وقد رصع بأبيات من الشعر وبقصائد أحيـــانًا ، في وصف تلك المخلوقات الـــرهيبة المفـــزعة ، ولم ينس بعض هــذا القصص من إيــراد شعر لها في محـــاورة الأشخاص الذين تعــرضوا لها ، تجـــد فيـــه الجن والسعالى والغيلان ، تنظم الشعر بلسان عـــربي مبين ، وتجيب فيـــه الشعراء بشعــر مثــل شعرهم ، قــد تظهر رقــة وأدبًا فيه ، مع ما عرف عن هذه القوى من الميل إلى الأذى والشر.

    وفي قصصهم قصص لهم أصــل تاريخي ، لكنه لم يحافظ على نقاوته وأصله ، وإنمـا غلـــب عليـــه عنصـــر الخيال فحوله إلى أسطورة ، رصعت بالشعر في الغالب ، وبالجنس ، لتثير الغــرائز ، فتقبل الأنفس على سماعها ومــن هـــذا القبيل قصص "طسم" و"جديس".
    وقصص الزباء ، والتبابعة ، والأقــوام الغابـرة حيث تجد قصصهم في كتب الأخبار والأدب.
    وفي أبـــواب القصص ، بـاب للمجون والخلاعة، وأحاديث الهوى والتشبب.

    وهـــو بـاب يقدم على سماعه الشبان طـــلاب هــذا الفن في هذا الدور من أدوار الحيـــاة ، أمــا الشبيبة ومـــن تقدمت بهم السن، فإن الجنس يكون قــد ابتعـــد عنهم وتركهم في الغالب وما تمسكهم بــه وهم في أرذل العمر إلا مـــن بـــاب التـــذكر بــأيام الزمان وذكـــريات الشباب ، لتطـــرية العمــر والترويح عن كربة التقدم في السن.

    والقاص من الشخصيات المحببة إلى نفـــوس الجاهليين يقص على أبناء حيه القصص المسلية، مستمدًا مادته مــن الأساطير والخـــرافات السائرة المتنقلة بين الأمـــم ، ومـن الأخبـــار والحـــاديث الخـــرافية والتاريخية المأثورة عن العرب، أو عمن جاورهم.

    ومــن ذلك قصص الأقـــوام القـديمة التي بقيت ذكـــرياتها في أذهـــان الجاهليين ، وقصص الملـــوك مثـــل الزباء ، التي كيفت قصتها ، وابتعدت عن التاريخ وقصص جذيمة الأبرش وقصير ، وعمرو بن عدي ، والتبابعة وغيـــر ذلك مـن قصص ، لــه أصـــل تاريخي ، لكنه تغير وتبدل حتى صار مــن الأساطيـــر.
    وهـــو يصلح أن يكون اليــوم موضع دراسة خـــاصة للوقوف على مقــدار عناصر الابتكار والخيال فيه، ومقدار التحوير الــذي ألمَّ بـه ، وسببه ومــن أدخله عليه من جاهليين أو مسلمين.

    وقصص النوادر والنكات من القصص المعروف عنــد أهــل الجاهلية. وقــد اتخـــذ الملوك والأشراف لهـــم ندماء عـــرفوا بإغـــراقهم في قـــول الملح والنـــوادر والأمور الغريبة المضحكة حتى اشتهر أمرهم بين الناس وحتى بالـــغ الناس في نسبة النـــوادر إليهم وحـــولوا بعضهم إلى شخصايت أسطورية ، من كثـرة ما تقولوا عليهم وما نسبوه إليهم. ومنهم مــن سجلت كتب أهل الأخبـــار والأدب أسماءهم لما حصلوا عليه من شهرة بين الناس في أيامهم. منهم "سعد" المعروف بـ"سعد القرقرة" هـــازل "النعمان بن المنذر" ملك الحيرة ، كـــان يضحك منـــه.
    ذكــر أنـه كان مــن أهل "هجر"، فدعا النعمان بفرسه اليحموم ، وقال لــه : اركبه واطلب الوحش ، فقال سعد : إذن والله أصرع. فأبى النعمان إلا أن يركبه.
    فلما ركبــه سعد نظر إلى بعض ولــده قال: وا بأبى وجوه اليتامى ثم قال :

    نحن بغرس الودي أعلمنا ... منا بركض الجياد في السدف

    وفيــه قـــال الشاعـــر "أبو قُردُودة" وكـــان "سعد القرقرة" قــد أكل عنــد النعمان بن المنذر مسلوخًا بعظامه :

    بين النعامِ وبين الكلب منبته ... وفي الذئب له ظئر وأخوال

    ومنهــم "النعيمان بن عمرو بن رفاعة بن الحرث" مــن "بني النجار" مــن يثرب ، المتوفى في أيام "معاوية". كان هازلًا ومازحًا لطيفًا ذكر أنـه كان لا يــدخل المدينة طـــرفة إلا اشترى منها ثم جاء بها إلى النبي ، فيقول : هــا أهديته لك ، فـــإذا جـاء صاحبها يطلب نعيمان بثمنها أحضــره إلى النبي ، وقـــال :
    أعط هذا ثمن متاعه ، فيقول : "أولم تهده لي! " فيقول : إنـه والله لم يكن عنــدي ثمنه ولقــد أحببت أن تـــأكله فيضحك ويأمـــر لصاحبه بثمنه.

    ودخـــل أعــرابي على النبي ، وأنــاخ ناقتــه بفنائه ، فقــال بعض الصحابة للنعيمان لو عقرتها فأكلناها ، فإنا قـد قــرمنا إلى اللحــم. ففعـــل. فخـــرج الأعرابي وصاح وا عقراه يا محمد! فخرج النبي ، فقال : "من فعل هذا؟ " فقالوا : النعيمان فاتبعه يسأل عنــه حتى وجده قد دخل دار ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب واستخفى تحــت ســرب لها فـــوقه جـــريد.
    فأشار رجـــل إلى النبي حيــث هـــو فأخرجه ، فقال لــه :
    "ما حملك على ما صنعت؟ " قـــال : الذين دلـــوك علي يا رسول الله ، هم الذين أمــروني بــذلك. فجعل يمسح التـــراب عــن وجهه ويضحـك ، ثـــم غـــرمها للأعرابي.

    وروي أن "مخرمة بن نوفل". كان قد كبر وقد عمي فقام في المسجد يريد أن يبـــول ، فصاح به الناس المسجد المسجد! فأخذه نعيمان بيده وتنحى بــه ، ثم أجلسه في ناحية أخرى مـن المسجد فقال له : بل ههنا. فصاح بـه الناس. فقـــال : ويحكم فمن أتى بي إلى هذا الموضع! قالوا: نعيمان. قال: أمــا إن لله علي إن ظفـــرت بـــه أن أضربه بعصاي هذه ضربة تبلغ منه ما بلغت. فبلـــغ ذلك نعيمان. فمكث مــا شاء الله ، ثـم أتاه يومًا وعثمان قائم يصلي في نـــاحية المسجد. فقـــال لمخرقه : هـــل لك في نعيمان.
    قال : نعـــم. فأخذه بيده حتى أوقفه على عثمان، وكان إذا صلى لا يلتفت.
    فقال : دونك هــذا نعيمان فجمع يده بعصـــاه فضـــرب عثمـــان فشجه فصاحوا بـــه ضربت أمير المؤمنين.

    وروي أن "أبـــا بكر" خــرج تاجرًا إلى "بصـــرى" ومعـه "نعيمان" و"سويبط بن حرملة" ، وكـــان "سويبط" على الـــزاد ، فجـــاءه "نعيمان" ، فقـــال : أطعمني. فقال : لا ، حتى يجيء "أبو بكر" ، فقال : لأغيظنك ، فـذهب إلى ناس جلبوا ظهرًا. فقال : ابتاعوا مني غــلامًا عـــربيًّا فارهًا ، وهو ذو لسان ولعله يقول : أنا حر فإن كنتم تاركيه لذلك فدعوه لا تفسدوا عليّ غلامي. فقالوا : بلى نبتـاعه منـــك بعشر قلائص ، فأقبل بها يسوقها ، وأقبـــل بالقــوم حتى عقلها ، ثم قال : دونكم هــو هذا. فجاء القـــوم. فقالوا : قـــد اشتريناك ، فقال سويبط : هو كــاذب أنا رجل حر. قالوا : قــد أخبرنا خبرك فطرحوا الحبل في رقبته فذهبوا به. وجـــاء "أبو بكر" ، فأخبر. فذهب هـو وأصحاب له فردوا القلائص وأخذوه. فضحك النبي وأصحــابه مـــن ذلك حـــولًا.
    وبعض القصص الشائـــع المتواتر عن الجاهليين ، مثل قصة يـومي البؤس والنعيــم ، وقصــة "شريك" مع الملك "المنذر" ، وقصـة "سنمار" وأمثـــال ذلك ، قصص وإن اقتـــرن بـــأسماء جـــاهلية ، إلا أن أصوله غير عـــربية دخلت العرب من منابع خارجية ، من منابـــع يونانية وفارسية ، ونصرانية وهـــو أيضًا من القصص الواردة عند شعوب أخـــرى ، بـدليل وجـــود شبه ومثيل لــه في أساطير الأعاجم وفي حكـــايات النصارى.
    وقــاص ذلك اليــوم ، هو أديب الحي وأديب القوم وهـو لا بد أن يكون من أصحاب المـــواهب والفطنـة وممن رزق مـــوهبة التــأثير على القلـــوب بفضـــل مــا رزق مــن حسن عـــرض الكـــلام وتخريج القصص ، وتنسيقها وإظهـــار الأدوار البــارزة للأبطال وعـــرضها بأسلـــوب مشوق مـــرغب تنسي السامـــع كـــل شيء إلا تتبـــع الحكـــاية.
    ولا بــد وأن يُملّـــح القـاص قصصه بإدخال شيء من الشعر فيها لا سيما شعر الفرسان والحروب والمغامرات.
    ولا نعـــرف مــن أسماء قصاص الجاهلية أسماء كثيرة ، وأشهر اسم نعرفه هو اسم "النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة بن عبد مناف" "النضر بــن الحارث ابـن كلدة بـن علقمة بـن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي" وكــان مـن "شياطين قريش" ، أي : أذكيائهم وممن يؤذون الرسول وكان يحـدث قـــريشًا بـــأحاديث "رستم واسفنديار" وما تعلم في بلاد فـارس مــن أخبـــارهم ، ويـــزعم أنّ في استطاعته أن يــأتي بمثل ما أتى بــه الرسول من أمـــر القرآن ، فأشير إليه في الآيـــة :
    {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ}
    وذكـــر أن كل ما ذكــر في القرآن من "الأساطير" فـإنما قصـد بــه "النضر" وقد نزلت في حقه ثماني آيات تدل على أنــه كـــان يتحـــدى الـــرسول ويخاصمه ويقول في القرآن : إنه من صنع محمد وكان يـــأتي بقصص يـــزعم أنــه يضاهي بها كتاب الله.
    وقد أرسلته قريش مع "عقبة بن أبي معيط" إلى يهود "يثرب ليأخذا منهم من أمور التوراة والدين ما يجادلا به الرسول، فعلموهما ما يجب أن يسألا بــه فجـاءا وسألا الرسول وحاججاه وقــد أشير إلى هـــذه المحاججة في القـــرآن.
    وقد أمر الرسول بقتل "النضر"، فقتله "عليّ" وهـــو بالصفراء ، فقالت فيـــه "ليلى" ابنته ، أو "قتيلة" ابنته ، وهي ابنته في رواية ، أو أخته في روايــة أخرى ، شعرًا تبكيه وتتوجع فيه على قتلـــه. أولـــه :

    يا راكِبًا إنَّ الأُثَيْلَ مَظِنَّةٌ ... مِنْ صُبْحِ خامِسَةٍ وأَنتَ مُوَفَّقُ
    أبلِغْ بها مَيْتًا بأنَّ قصيدةً ... ما إنْ تَزالُ بها الرّكائِبُ تَخْفُقُ
    فليَسْمَعَنَّ النَّضْرُ إنْ نادَيْتُه ... إنْ كانَ يَسْمَعُ مَيِّتٌ لا يَنْطِقُ
    ظَلَّتْ سُيُوفُ بَنِي أَبِيه تَنُوشُهُ ... للهِ أَرْحامٌ هُناكَ تشققُ
    قَسرًا يُقادُ إلى المَنِيّةِ مُتعَبًا ... رَسفُ المقيد وهو عانٍ موثقُ
    أَمحمّد ها أَنْتَ ضَنُ نَجِيبَةٍ ... في قَوْمِها والفَحْلُ فَحْلٌ مُعْرِقُ
    ما كانَ ضَرَّكَ لَوْ مَنَنْتَ ورُبَّما ... مَنَّ الفَتَى وهوَ المَغيطُ المُحْنَقُ
    فالنَّضْرُ أَقْرَبُ مَنْ تركت قرابة ... أَحَقُّهُمْ إنْ كانَ عتقٌ يُعْتَقُ.

    وورد اســم رجـــل أدخـــل للمسلمين القصص الديني ، هو "تميم بن أوس بن خارجة" الداري ذكر أنه أسلم سنة تسع من الهجرة وأنــه كـــان نصرانيًّا وأنـــه لقي النبي فقص عليـــه قصـة الجساسة والـــدجّال.
    وذكـر أنه كان يترهب ويسلك مسلك رجـــال الرهبانية حتى بعد إسلامـــه وأنـــه استأذن الخليفة "عمر" أو الخليفة "عثمان" في أن يذكر الناس في يوم الجمعة، فأذن له فكان يقص في مسجد الرسول. وكـان بذلك أول من قص في الإسلام. وروي أنــه أول من أسرج السراج في المسجد. وكان قــد قـدم مع أخيه "نعيم" الداري في وفــد الداريين على الرسول منصرفه من تبـــوك.
    وكان مقامــه في الشام وربما وضـــع القصص على اسمه. وهــذا النوع من التذكير والوعظ والإرشاد القائم على الترغيب والترهيب بذكـــر أساطير الأولين والقصص والحكايات والغـــرائب والعجـائب والقصص المتعلق بالحيوانات أو المـــدون على ألسنتها، هو نوع من الوعظ الذي كان يقـــوم بــه رجـــال الـــدين اليهـــود والنصـــارى في تهذيب أبنـــاء دينهم وفي إرشادهم إلى سواء السبيل على نحـــو مـا كانـــوا يتخيلونه ويتصورونه. ومـن مدرستهم في الوعظ ، تعلم صاحبنا تميم علمه هذا على مــا يظهر.
    ويمكن الوقـــوف على طبيعة قصص "تميــم" ونوعيته وعلى درجة ثقافته ومقدار عقليته بالرجوع إلى ما نسب إليه مـن قصص ، وما ورد على لسانه مــن وعـــظ.
    ولكننا لا نجــد في الكتب مـــادة من قصصه تكفي للحكـم بموجبها على نوعيته ولكننا لا نستبعد أن يكون قد خلــط بيــن القصص النصراني وبين الأساطير العربية. فقـــد كان نصرانيًّا يسمع أقــوال وعاظ الكنائس ، فتعلم منهم ، وطبق ما تعلمه في الإسلام.
    وذكـــروا أن "الأسود بن سريع بن حمير "خمير" بن عبادة بن النزال" التميمي ، السعدي كـان قــاصًّا وكـان شاعــرًا مشهورًا ، وهــو مـن الصحابة وكـــان أول مـــن قص في مسجد البصـــرة.
    قيل : إنـه مات سنة اثنتين وأربعين.
    ولعله كـــان مــن النصـــارى كـــذلك.
    ويجب أن نشير إلى قـاص آخــر هــو "عبيد بن شرية الجرهمي"، وإن كـان مــن المتأخـــرين.
    فقد كان في أيام "معاوية"، وقد كان مــن الملازمين لــه.
    وكــان الخليفة يحنّ إليـــه ، ويتلـذذ بسماع قصصه عــن الأخبار المتقدمة وملوك العـــرب والعجـم وسبب تبلبل الألسنة ، وأمـــر افتـــراق الناس في البلاد. وهو شخص لا نعرف من أمره شيئًا يذكـــر. وذكـــر "ابن النديم" أنه عاش إلى أيام "عبد الملك بن مروان وأن معاوية أمــر غلمانه بتـدوين مــا كـــان يقصــه وينسب إليـــه ولـه من الكتب :
    كتاب الأمثال، وكتــاب الملوك وأخبار الماضين.

    ▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14549
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    أنساب القبائل العربية  المؤرخ أحمد رضا - صفحة 2 Empty رد: أنساب القبائل العربية المؤرخ أحمد رضا

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الأربعاء سبتمبر 21, 2022 7:00 pm

    فتوح الشام المؤلف : الواقـــدي

    يقـــول :

    بسم الله الرحمن الرحيم قال :

    حـــدثني من أثق بــه من الرواة ممن تقـــدم ذكرهــم قال لما فتح عمر بن الخطاب رضي الله عنه مصر والاسكندرية والبحيرة والوجه البحري كله جميعا كان بالصعيد نوبة وبربر وديلــــم وصقالبة وروم وقبط وكانت الغلبة للروم كان أكثرهم روما ثم استشار عمرو بن العاس اصحابه أي جهة يقصد وهل يسير بالجيوش شرقا أو غــــربا ومـــا يصنع فاشاروا عليه بمكاتبة أميـــر المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فكتب إليــــه يقـــول :
    بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله عمرو بن العاص عامل أمير المؤمنين على مصـــر ونواحيها إلى عبــــد الله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنـــه سلام عليك ورحمـــة الله وبركاته أمـــا بعـــد فـــإني أحمد الله واثني عليه واصلي على نبيه محمد صلى الله عليه وسلــــم والسلام على من بالمدينة من المهاجرين والانصار والحمـــد لله قـــد فتحت لنا مصــــر والــــوجه البحري والاسكندرية ودمياط ولم يبق في الوجــه البحري مدينة ولا قرية إلا وقد فتحت وأذل الله المشركين وأعلى كلمــة الـــدين وقــد اجتمعت أصحـــاب رسول الله صلى الله عليه وسلـــم مــن السادات والأمـــراء والاخيـــار المهاجـــرين والانصـــار يطلبون الاذن مــن أميـــر المؤمنين هل يسيرون إلى الصعيد أو إلى الغـــرب والامـــر أمـــرك يا أميــر المؤمنين فـــإنهم على الجهاد قلقون وباعـــوا نفـــوسهم لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد خاتـــم النبيين وعلى إله وصحبه اجمعين وسلم وكتب هـــذه الابيـــات :

    صوارمنا تشكو الظمأ في اكفنا. ... وأرحامنا تشكو القطيعة كالهجر.
    اليك افتقاد الحرب يا طيب الثنا. ... ويامن أقام الدين بالعز والنصر.
    فقد ولعت خير الكرام إلى العدا. ... بنوشيبة الحمد السري وبنو فهر
    وصالت لؤي مع معد وغالب. ... وسادات مخزوم الكرام ذوي المفخر.
    تروم مسيرا للأعادي على شفا. ... تمكن من أعلاهم البيض كالسمر.
    ترى كل علج عائص في دلاصه. ... تجعجع في نقع تأجج كالحمر.
    بكل كميت صادق الوعد صائل. ... يرى درعه الزاهي تمكن بالصبر.
    نرى الموت في وقع الوقائع مغنما. ... ونكسب من قتل العدا غاية الأجر.

    _________


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14549
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    أنساب القبائل العربية  المؤرخ أحمد رضا - صفحة 2 Empty رد: أنساب القبائل العربية المؤرخ أحمد رضا

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الأربعاء سبتمبر 21, 2022 7:00 pm

    نــــزار :

    وهو جد القبائل "النزارية" المنحدرة على رأي النسابين مــن :
    "نزار بن معد" من زوجه "معانة بنت جوشم بن جلهمة" ، أو "معــانة بنت جهلة" من جــــرهم...(١).

    وهو على زعم الأخباريين والد أربعة أولاد ، هــــم :
    "ربيعــة" ، و "مضــر" ، و "أنمــار" , و "إيــاد" (٢) , وهم أجداد قبائل كثيرة في الوقـــت نفسه.

    وقد انتشرت هذه القبائل في أواسط بلاد العرب وشماليها، وهناك أسطورة رواهـــا المـــؤرخون والنسابـــون عن اختصاص كل ولـد من أولاد "نـــزار" وعن المناطق التي نزلت بها قبائلهم واحتكامهم إلى "الأفعى الجرهمي"(٣) أو "أفعى نجران".(٤)

    وقــد زعــم بعض أصحاب الأخبار أن أم "ربيعة" و"أنمار" :
    "حـــدالة" "جــدالة" بنت وعلان بن جــوشم بن جلهمة بن عمـــرو , مـــن جرهـــم ..... وأن أم "مضـــر"
    "سودة بنت عك" (٥) ، كما زعم بعض المـــورخين أن "إيادًا" و"أنمارًا" همـا مــن أبنـــاء "معـــد".

    وأمــا "نـــزار" ، فقـــد كــان من عقبه البطنان : "ربيعة" ، و "مضر"..... (٦).

    وقد نعتت مضر بـ "الحمراء"، فقيل : "مضر الحمراء"..(٧) ، ونعتت "إياد" بـ"الشمطاء"، و"البلقاء"، وقيل لربيعة "الفرس"، ولأنمار "الحمار" (٨).

    ويقال للنزاريين: "نزارية" و"بنو نزار" و"أبناء نــزار". أمـا التنزر ، فالانتساب إلى "نزار" ، ويقال : تنزر الرجـل ، إذا تشبه بالنزارية ، أو أدخل نفسه فيهم (٩).
    واستعملت "النـــزارية" في مقـــابل "اليمانيـــة" في أيـــام الأمويين (١٠).
    ويــرى "ليفي ديلافيدا" أن "النزارية" فكـــرة سياسية نجمت في العصـــر الأمـــوي ، في وسط ذلك الصـــراع الحزبي المعروف، وعلى الأخص بعد معــــركة "مرج راهط" ، وأنها لا تمثل حقيقة تأريخية ، فهي لا تعني رابطة قبائل بالمعنى المفهوم.

    ومــن رأيـــه أن هـــذا الموضوع لـــم يـــدرس دراسة كافيـــة بعـــد ، وأن المـــواد اللازمة لدراسته غيـــر متوافرة (١١).

    وقد ذهب أيضا إلى أن أقدم من ذكر اسم "نـــزار" مـن الشعراء الجاهليين هــــو :
    "بشر بن أبي خازم" (١٢) ، و"كعب بن زهيـــر" مـــن الشعراء المخضرمين (١٣) ، ويــــرى أن "بني نـزار" الواردة في شعـــر "حسان بن ثابت" لا تعني النــــزارية ، أي :
    أبناء "نزار بن معد بن عدنان" على نحو ما يذهب إليه أهل الأنساب، بل جماعة أخــــرى هي مـــن نسل :
    "نـــزار بن معيص بن عامر بن لؤي" مــــن "قــــريش" (١٤). !

    ويــرى "ليفي ديلافيدا" أيضــا أن مـا ورد في شعـــر "أمية بن أبي الصلت" مــن شعــــر ، نسب فيــه "ثقيفًا" إلى "نزار"... (١٥) ، ومـــا ورد في قصـــة "الأقرع بن حابس التميمي" من ذكر "نـــزار"، لا يمكن أن يبعث الثقة إلى النفــوس ولا الاطمئنان إلى القلــوب بـــل يظهر أن مــا ورد إنمــا وضــــع لأغــــراض واضحة هي على زعمــــه إلحاق نسب "ثقيف" بنزار ، وقد كان ذلك مــوضع جـــدل في ذلك العهـــد وإثبات نسب "بجيلة" وهو نسب كان مــــوضع جــــدل أيضا... (١٦).

    أما أنـا ، فأرى أن "نزارًا" مــن القبائل التي كانت معروفة في القرن الرابع بعــد الميلاد، بــدليل ورود اسمها في النص المعروف بـ"نص النمارة" الذي وضع على قبر "امرئ القيس"، ويعود عهده إلى سنة "238" للميلاد. فقد ذكرت في جملة القبائل التي خضعت لحكمه, ولكن النص لـــم يتحدث عن نسب نزار ومواضعها في ذلك الزمن. وفي الجملة :
    إنها ذكــــرت مــــع قبيلة "أسد".

    نكتفي بهذا القدر
    ______

    مصادر :

    (١) تاج العروس "3/ 563"، السهيلي، روض الأنف "1/ 8"، الطبري "2/ 190", الطبقات "جـ1، ق1، ص30"، المحبر "ص132".
    (٢) Enc, vol., p., 939, wuestenfeld, geneal. Tab., a. 3
    (٣) الفاخر "ص155 فما بعدها"، حكم الأفعى، الطبري "1/ 1108", مروج "2/ 35"، طبعة محمد محيي الدين عبد الحميد، لقد تأثر بهذه القصة الفيلسوف الفرنسي "فولتير" في Enc., Vol., 3, P., 940., "Zadig"
    (٤) ابن خلدون "2/ 300"، البلاذري، أنساب "1/ 29".
    (٥) الطبري "2/ 198"، خبية بنت عك بن عدنان، نسب قريش "ص6".
    (٦) ابن خلدون "2/ 300".
    (٧) قال بشر بن أبي خازم الأسدي:
    دعوا منبت السيفين إنهما لنا ... إذا مضر الحمراء شبت حروبها
    (٨) اللسان "7/ 59".
    (٩) ديوان حسان "ص36"، الجمحي، طبقات الشعراء "ص5"، اللسان "7/ 59",
    Enc., Vol., 3, P., 940.
    (١٠) التنبيه "ص70".
    (١١) Enc., Vol., 3, P., 940.f.
    (١٢) المفضليات "ص667"، قال بشر بن أبي خازم:
    مضى سلافنا حتى حللنا ... بأرض قد تحامتها نزار
    ديوان بشر "ص67"، المفضليات "ص162"، "السندوبي"،
    Enc., Vol., 3, P., 940.

    (١٣) صدموا عليًّا يوم بدر صدمة ... ذلت لوقعتها جميع نزار
    الجمحي، طبقات "ص21"، الطبري "1/ 1106"، "طبعة أوروبا".
    (١٤) وكل محارب وبني نزار ... تبين في مشافره الرضاع
    ديوان حسان "ص36"، البرقوقي، شرح ديوان حسان "ص266".
    ENC., VOL., 3, P., 940, wuestenfeld, genea., s., 15
    (١٥) ديوان أمية "ص69"، وهو من الشعر المنسوب إليه، Enc., Vol., 3, P., 940
    (١٦) النقائض "طبعة بيفان"، "ص141 فما بعدها"، ابن هشام "1/ 50"، "طبعة وستنفلد" Enc., Vol., 3, P., 940
    __________


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14549
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    أنساب القبائل العربية  المؤرخ أحمد رضا - صفحة 2 Empty رد: أنساب القبائل العربية المؤرخ أحمد رضا

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الأربعاء سبتمبر 21, 2022 7:01 pm

    【أولاد معـــد】

    وولد معد بن عدنان عددًا من الأولاد جعلهم بعض الأخباريين أربعة، هــم : "نزار بن معد"، و"قضاعة بن معد"، و"قنص بن معد"، و"إياد بن معد"(١).

    وجعلهم بعض آخـر أكثر من ذلك ، إذ أضافـــوا إلى المذكـــورين :
    "عبيد الرماح بن معد" ، وقــد دخـــل أبنـــاؤه في "بني مالك بن كنـــانة" و"الضحاك بن معد" ، قالـــوا :
    أغــار على بني إسرائيـ ــل (٢) ، و "قناصة بن معــد" ، و "سنامًا" ، و"حيــدان" ، و "حيدة" ، و "حيادة" ، و "جنيدًا" ، و "جنادة" ، و "القحم"، و "العرف"، و"عوفًا"، و"شكًّا"، وأمثـــال ذلك....(٣).

    وزعموا أن الإمارة كانت "لقنص" بعد أبيه على العــرب ، وأراد إخراج أخيه "نزار" مـن الحرم ، فأخرجه أهل مكة وقدموا عليه "نزارًا"...(٤).

    ويُخرج بعض أهل الأخبار "قضاعة" مـــن صُلب "معـــد" ، فيضيفها إلى "القحطانيين" ، على حين نـرى فريقًا آخــر مــن النسابين ومــن ورائهـــم القضاعيون يعدون أنفسهم من أقدم أبنـــاء "معـــد" , فيقولون :
    "قضاعة بن معد" ، وبـــه كـــان يكنى "معد" (٥) ، أي : إنهـــم أقـــدم أبنــاء "معـــد" , ويروون في ذلك شعرا من أشعار "قضاعة" في الجاهلية وبعـــد الجاهليـــة (٦) , وفي كــل ذلك أثـــر التعصب القبلي الذي كان يتحكم في النفوس ، ويظهر في النسب.

    ويذكـــر النسابون الـــذين يرجعـــون نسب "قضاعـة" إلى "حمير" أنها مـن نسل :
    "قضاعة بن مالك بن حمير بن سبأ" كمـــا رأيت.....(٧).

    ونـــرى "الكُميت" يعيـــر "قضاعـــة" ويهجوها بانتمائها إلى اليمــن وادعــائها أنها مــن "قضاعة بن مالك بن حمير"، وإنما هو "قضاعة بن معد بن عــدنان"....(٨).

    وقـــد شبهها بالرئال لمفارقتها "نزارًا" وانتقالها إلى اليمـــن (٩).

    ويشير اختـــلاف النسابين هـــذا في نسب "قضاعة" إلى اختلاط قبـــائل "قضاعة" بقبائل "معد" وبقبائل اليمن فانتمى قسم منهم إلى "معد" وقسم منهم إلى اليمن ، ومن هنا وقـــع هذا الاختـــلاف.
    وأرى أن لاختلاط قبـــائل "قضاعة" في بـــلاد الشام وفي أماكـــن أخرى بقبائل ترجع نسبها إلى قحطان دخلًا في إدخـــال نسبها في اليمن.

    وقـــد يكـــون ذلك في العصر الأموي بصـــورة خـــاصة ، حيث صار نـــزاع "قيس" و "كلب" ، أي :
    نـــزاع "عدنان" و "اليمن" نزاعـــا سياسيا عنيفا, قسم عرب بلاد الشام إلى جماعتين متباغضتين، تسعى كل جمـــاعة لضـــم أكثـــر ما يمكن مـــن القبائل إليها ، ولا سيما القبائل القوية المهمـة مثـــل "قضـــاعة" فـــأدخلها اليمانيون لــذلك فيهم وألحقوا نسبها باليمن.
    أما "قضاعة" الباقون الذين كانوا في أرضين أخـــرى ، فلم يقع عليهم مثل هذا التأثير ، وقد كانوا أكثر استقلالًا وعلى اتصال متين بالعدنانيين ولهذا أبوا إلحاق نسبهم بقحطان.

    وإذا غـــربلنا أخبـــار الأيـــام وبعــض الـــروايات التي يرويها أهـــل الأخبار فـــإننا نتوصل منها إلى أن "قضاعة" كانت قد اشتركت مع "ربيعة" و"معدّ في محاربة "يمن" فقد ذكر مثلًا :
    أن "عامـر بن الظرب العدواني" قـــاد "ربيعة" و"مضر" و"قضاعة كلها "يوم البيداء" لليمن , حين تمذحجت على "بني معد"..(١٠) , وذكر أن "ربيعة بن الحارث بن زهير التغلبي" قاد "مضر" و"ربيعة" و"قضاعة" يـوم السلان إلى أهـــل اليمـــن ، وأن ابنـــه "كليب بن ربيعـــة"، وهــو "كليب وائل" قـــاد "ربيعة" و "مضر" و "قضاعة" يـــوم "خرازى" إلى اليمن...(١١).

    ولعــل في هـــذه الأمثلة وفي غيرها تأييدًا لـــرأي غـــالب "قضاعة" وبقية النسابين الــذين يرجعـــون نسب "قضاعة" إلى بني "معـــد" ، أي : إنها كــانت في حلف مع "ربيعة" و"مضر" وهمــا مـن "بني معـــد".

    ولما كانت "ربيعة" و"مضر" في نزاع مع اليمن ، كانت "قضاعة" معهما في هـــذا النـــزاع.

    وتذكـــر "قضاعة" في الأخبـــار مـــع "مضر" و "ربيعة" و"اليمـــن", وهـــذا

    """"""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""
    المصادر :
    (١) ابن هشام "1/ 7"، وأكثر النسابين على أن إيادًا من نسل نزار بن معد، التنبيه "ص29"، سبائك الذهب "ص20"، البلاذري، أنساب، "1/ 13".
    (٢) ابن حزم، جمهرة "ص8"، اللسان "8/ 352"، ابن خلدون "2/ 300".
    (٣) الطبري "1/ 671" "2/ 190"، "طبعة أوروبا" الطبقات "جـ1، ق1، ص30" "1/ 58" "طبعة بيروت"، ابن حزم, جمهرة "9" البلاذري، أنساب "1/ 13", ابن خلدون "2/ 300".
    (٤) الطبقات "جـ1، ق1، ص30"، "1/ 58" "طبعة بيروت".
    (٥) نسب قريش "ص5".
    (٦) المعارف "ص29"، نسب قريش "ص5".
    (٧) رأيتكم من مالك وادعائه ... كرائمة الأوتاد من عدم النسل
    وحظك من قحطان إن كنت منهم ... ومن مالك حظ البغي من الحمل
    المعاني الكبير "1/ 524".
    (٩) فلما استرألت حسبت سواء ... مفارقة الرعيل إلى الرعيل
    (٨) المعاني الكبير "1/ 353".
    (٩) المحبر "ص246".
    (١٠) المحبر "ص249".
    (١١) المحبر "ص144".


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14549
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    أنساب القبائل العربية  المؤرخ أحمد رضا - صفحة 2 Empty رد: أنساب القبائل العربية المؤرخ أحمد رضا

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الأربعاء سبتمبر 21, 2022 7:04 pm

    【 عَكّ 】

    وقبائل عك، هي القسم الآخـر الشهير من أقسام قبائل عدنان ، وتقع أرضها في جنوب أرض "معد" شقيق "عك".

    وقــد زعم أهل الأخبار أن "بختنصر" لما هاجـم "حضورا" انطلق "عك" إلى أرض اليمن، فاستقر بها، فاختلط من ثَمَّ نسب عك باليمانيين (١).

    وقــد سكن العكيون تهامـة اليمن إلى جُدَّة.
    ومــن معــاني لفظة "عك" في اللغة : الحـــر الشديد (٢).

    وقــد تصـــور جمـــاعة مـن النسابين وجـــود صلة بيـن "عـك" و"الأزد"(٣)

    والظاهــر أن ذلك إنما وقــع لهم مــن اختلاظ منازل القبيلتين.

    وزعم بعض الأخباريين أن نسب عك كان في اليمن في الأصل ، ثــم انتقل إلى "معــد" بعد قتال وقع بين "عك" و"غسان" في تهامــة ، تغلبــت فيـــه "غسان" على "عــك" ، فأجلتها عــن أوطــانها ، فمن ثــم انتفت "عك" من اليمــن ، وانتسبت في "معـــد".(٤)

    وقــد سيق نسب "عـــك" على هــذه الصورة : "عك بن الديث بن عدنان" في بعض الروايات، وسيق على صور أخــرى مثل : "عك بن عدنان بن عبد الله" من بطون الأزد .(٥)

    وهنـاك بيت شعر للشاعر "العباس بن مرداس" يتكثر بعك على اليمن حيث يقـــول :

    《وعك بن عدنان الذين تلعبوا ... بغسان حتى طردوا كل مطرد》(٦)

    ومضمون هــذا البيت يخالف ما جاء في الرواية الأخـرى التي تدعي تغلب غسان على "عــك".

    وقد ذكر "ابن دريد" أن "عدنان" والد "عك" هـــو :
    "عدنان بن عبد الله بن الأزد"
    وأن مـن نسب "عكًّا" إلى الأزد ، نسبه إلى هـذه الصورة (٧) فجعل "عدنان" حفيدًا مــن حفــدة "الأزد".

    وقـــد ورد في جغـرافية "بطلميوس" اسم شعب من الشعوب العربية دعي بـــ Anchitae Achitae Akkitae Akkitai(٨) ، مــواطنه هي المواطن التي نسبها النسابون إلى "عــك" لهذا ذهــب الباحثـــون المحـدثون إلى أن هـــذا الشعب هـــو "عـــك"(٩).

    وعلى ذلك تكــون إشارة "بطلميوس" إليهم أقـــدم إشارة إلى هــذه القبيلة في التأريخ , وتكون "عـك" بذلك من القبائل المعروفة قبل الإسلام بزمـان.

    وهي لا بــد أن تكون قــد عرفت قبل "بطلميوس" وإلا لـــم يذكـــرها هـــذا الجغرافي في جغرافيته.

    غيـــر أن "بطلميوس" لـــم يشـــر إلى أصلها ونسبها ، ولا إلى صلتها بغيـرها مــن القبائل.
    وكــل مــا ذكـــره عنها أنها قبيلة مـن قبائل العـــرب ، تسكن في المواضـــع التي عينها في كتـــابه المـــذكور.
    """"::::::::"""":::::::"""""::::::"""""::::::"""

    أنظر المصارد :
    (١) تركنا ألايث إخوتنا وعكا ... إلى سمران فانعلقوا سراعا
    وكانوا من بني عدنان حتى ... أضاعوا الأمر بينهم فضاعا
    الطبري "2/ 191"، البكري: معجم، "1/ 53 فما بعدها"، البلاذري، أنساب "1/ 13".

    (٢) يوم عكاك، أي شديد الحرارة، مجالس ثعلب "ص248"، اللسان "2/ 253"، تاج العروس "7/ 163".

    (٣) ابن خلدون "2/ 299"، ابن حزم "309"، تاج العروس "7/ 163"، اللسان "12/ 357".

    (٤) وهذه الرواية اليمانية تتمثل في شعر "نشوان بن سعيد الحميري" الذي قال:
    ألم تَرَ عكا هامة الأزد أصبحت ... مذبذبة الأنساب بين القبائل
    وعقت أباها الأزد واستبدلت به ... أبا لم يلدها في القرون الأوائل
    منتخبات في أخبار اليمن من كتاب شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم، لنشوان بن سعيد الحميري، ليدن 1916 "ص74" قارن ذلك برواية الطبري "2/ 191".

    (٥) ابن خلدون "2/ 299"، ابن حزم "309"، تاج العروس "7/ 163"، اللسان "12/ 357".

    (٦) نسب قريش "ص5".

    (٧) اشتقاق "287".

    (٨) glaser, skizze, 2, s., 256, forster, vol., I, P., 89

    (٩) Enc., Vol., I, P., 241


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14549
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    أنساب القبائل العربية  المؤرخ أحمد رضا - صفحة 2 Empty رد: أنساب القبائل العربية المؤرخ أحمد رضا

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الأربعاء سبتمبر 21, 2022 7:04 pm

    تاريــــخ العــــرب قبــــل الاســــلام

    "الجاهلية ومصادر التاريخ الجاهلي"
    الجزء الأول

    【التوراة والتلمود والتفاسير والشروح العبرانية】

    وقــد جاء ذكر العرب في مواضع من أسفار التـــوراة تشرح عـــلاقات العبرانيين بالعرب. والتوراة مجموعة أسفار كتبها جماعـــة من الأنبياء في أوقـــات مختلفة ، كتبوا أكثـــرها في فلسطين. وأمـا مـا تبقى منها ، مثـــل حـــزقيال والمزاميـــر ؛ فقد كتب في وادي الفـــرات أيـــام السبي ، وأقـدم أسفار التـــوراة هـــو سفر "عاموس" "amos" ، ويظن أنــه كتب حـــوالي سنة 750 ق. م.

    وأمــا آخـــر مــا كتب منها ، فهو سفر "دانيال" "Daniel" والإصحاحان الرابع والخامس من سفر "المزامير".
    وقد كتب هذه في القرن الثاني قبل المسيح.
    فما ذكر في التوراة عن العـرب يرجع تاريخه إذن إلى ما بين سنة 750 والقــرن الثاني قبل المسيح.
    وقد وردت في التلمود "Talmud" إشارات إلى العـــرب كـــذلك.
    وهناك نوعان مـن التلمود الفلسطيني أو التلمود الأورشليمي "yeruschalmi" كما يسميه العبرانيون اختصارًا، والتلمود البابلي نسبة إلى "بابل" بالعـــراق ، ويعـــرف عندهـــم باسم "بابلي" اختصارًا.

    أما التلمود الفلسطيني ؛ فقد وضـــع كما يفهم مــن اسمه ، في فلسطين. وقـــد تعاونت على تحبيره المدارس اليهودية "academies" في الكنائس "الكنيس".
    وقد كانت هذه مراكز الحركة العلمية عنــد اليهود في فلسطين ، وأعظمها هـو مركز "طبرية" "tiberias"، وفي هـــذا المحل وضـــع الحبـــر "رابي يـــوحان" "rabbi jochanan" التلمود الأورشليمي في أقــدم صورة مـن صوره في أواسط القــرن الثالث الميلادي وتـــلاه بعـــد ذلك الأحبـــار الــذين جـاءوا بعـــد "يوحنان" وهــم الذين وضعوا شروحًا وتفاسير عـــدة تكــون منها هــذا التلمود الذي اتخــذ هيأتـه النهائية في القـــرن الرابـــع الميلادي.
    وأما التلمود البابلي ؛ فقد بدأ بكتابته –على ما يظهر- الحبـــر "آشي" "rabbi ashi" المتوفى عـــام 430م وأكمله الأحبار من بعده، واشتغلوا به
    حتى اكتسب صيغته النهائيـــة في أوائــل القـرن السادس للميلاد. ولكـل تلمـــود من التلمودين طابع خاص به هو طابع البلد الذي وضع فيه؛ ولذلك يغلب على التلمود الفلسطيني طابــع التمسك بالرواية والحديث.
    وأمــا التلمــود البابلي ، فيظهر عليــه الطابع العراقي الحـــر وفيه عمق في التفكيــر ، وتـــوسع في الأحكـــام والمحاكمات، وغني في المادة. وهذه الصفات غيــر موجــودة في التلمــود الفلسطيني.
    وبهــذا يكمل التلمود أحكـام التــوراة وتفيدنا إشارته من هــذه الناحية في تــدوين تأريخ العـرب. أما الفترة بين الزمـــن الذي انتهى فيـــه من كتـــابة التـــوراة والزمن الذي بدأ فيه بكتابة التلمــود ؛ فيمكن أن يستعان في تـــدوين تاريخها بعض الاستعانة بالأخبـــار التي ذكـــرها بعض الكتاب ومنهـــم المـــؤرخ اليهـــودي "يوسف فلافيوس" "جوسفوس فلافيوس "josephUs flavius" الـــذي عاش بين سنة 37 و 100 للمسيح تقريبًا. وله كتاب باللغة اليونانية في تــأريخ عاديـــات اليهـــود "Joudaike archaioloigia"، تنتهي حـــوادثه بسنة 66 للميـــلاد ، وكتاب آخــر في تأريخ حـــروب اليهـــود "peri tou JOUDIAKOU POLEMOU" من استيلاء "أنطيوخس أفيفانوس" "Antiochus epiphanos" على القــدس سنة 170 قبـل الميلاد ، إلى الاستيلاء عليها مـــرة ثـانية في عهد "طيطس" "titus" سنة 70 بعــد الميلاد ، وكـــان شاهـــد عيـــان لهذه الحــادثة. وقد نال تقدير "فسبازيان" "vespasIan" و"طيطس" وأنعـــم عليـــه بالتمتـــع بحقـــوق المـــواطن الرومـــاني.
    وفي كتبــه معلـــومات ثمينـة عــن العـــرب ، وأخبار مفصلة عن العـــرب الأنباط ، لا نجدها في كتاب ما آخــر قـــديم.
    وكان الأنبــاط في أيامه يقطنون في منطقة واسعة تمتد مــن نهر الفــرات فتتاخم بـــلاد الشام ، ثـم تنزل حتى تتصل بالبحر الأحمر. وقـــد عاصرهم هذا المؤرخ ؛ غير أنه لم يهتم بهم إلا من ناحية علاقـــة الأنباط بالعبرانين ولـــم تكن بلاد العرب عنده إلا مملكة الأنباط.

    【الكتب الكلاسيكية】

    وأقصد بالكتب "الكلاسيكية" الكتب اليوانية واللاتينية المـــؤلفة قبـــل الإسلام ولهـــذه الكتب -على ما فيها من خطأ- أهمية كبيـــرة ؛ لأنها وردت فيها أخبار تاريخية وجغرافية كبيرة الخطورة ، ووردت فيها أسماء قبائل عـــربية كثيـــرة لولاها لم نعرف عنها شيئًا.وقد استقى مؤلفوها وأصحابها معارفهم مـن الرجال الــذين اشتركوا في الحملات التي أرسلها اليــونان أو الرومان إلى بلاد العرب، ومن السياح الذين اختلطوا بقبائل بلاد العــرب أو أقاموا مـدة بين ظهرانيهم ، ولا سيما في بـــلاد الأنبـــاط ومـن التجـــار وأصحاب السفن الـــذين كانـــوا يتوغلون في البحار وفي بلاد العـرب للمتاجرة ، وتعـد الإسكندرية من أهم المراكز التي كانت تعنى عناية خاصة بجمع الأخبار عن بلاد العرب وعادات سكانها ومــا ينتـج فيها لتقديمها إلى مــن يـــرغب فيها مــن تجـــار البحـر المتوسط.
    وقـــد استقى كثيـــر مـــن الكتّـــاب "الكلاسيكيين" معارفهم عــن بـــلاد العـــرب من هـــذه المصارد التجارية العالمية.
    وتتحدث الكتب الكلاسيكية جـــازمةً عن وجود علاقات قــديمة كانت بين سواحل بـــلاد العرب وبـــلاد اليونان والرومان، وتتجاوز بعض هذه الكتب هـــذه الحدود فتتحدث عن نظـــرية قـــديمة كانــت شائعـة بين اليـــونان وهي وجــود أصل دموي مشترك بين بعض القبـــائل العـــربية واليـــونان. وتفصح هـــذه النظرية، على ما يبدو منها مــن سذاجـة ، على العـــلاقات العـــريقة في القِـدَم التي كانت تربط سكان البحـــر المتـــوسط الشماليين بسكان الجـــزيرة العـــربية.
    ومــن أقـــدم مـــن ذكــر العـــرب من اليونانيين "أخيلس" "aescylus" "525- 456 ق. م" ، و "هيرودتس" "480- 425 ق. م" وقـــد زار مصـــر وتتبـــع شئـــون الشرق وأخبـــاره بالمشاهدة والسماع، ودوّن ما سمعه ووصف مــا شاهـــده في كتـــاب تاريخي. وهـو أول أوروبي ألّف كتابًا بأسلوب منمق مبــوب في التاريـــخ ووصل مـــؤلفه إلينا ، وقـــد لقبـــه "شيشرون" "Cicero" الشهير بلقب "أبي التأريخ".
    تنـــاول "هيرودتس" تاريــخ الصـراع بين اليـــونان والفـــرس ، وإن شئت فسمه "النـــزاع الأوروبي الآسيوي" فألف عــن تاريخه.
    والظاهـــر أنــه لــم يتمكن من إتمامه ففيه فصول وضعت بعد وفاته. وهو أول كاتب يــوناني اتخذ من الماضي موضوعًا للحاضـــر ومــادة للمناقشة بعــد أن كـان البحث في أخبار الأيام السالفة مقصورًا على ذكـــر الأساطير والقصص الشعبية والدينية. وهـو مع حـــرصه على النقـــد والمحاكمة ، لم يتمكن أن يكــون بنجوة مــن الأفكار الساذجة التي كـانت تغلــب على ذلك العالـــم الابتـــدائي في ذلك العهــد فحشر في كتابـــه قصصًا ساذجًـــا وحكـــايات لا يصدقها العقل ، متأثرًا بعقلية زمـــانه في التصديق بــأمثال هـــذه الأمـــور.
    ومنهم "ثيوفراستوس" "Theophrastus"، "حوالي 371- 287 ق. م"، مؤلف كتاب "historia plantarum" وكتاب "de causis plantarum" وفي خـــلال حـــديثه عـــن النبات تطـــرّق إلى ذكــر البقاع العربية التي كـــانت تنمو بها مختلف الأشجار، ولا سيما المناطق الجنوبية التي كـــانت تصـــدر التمـــر واللبان والبخور والأفاويه. و "إيراتو ستينس" "eratosthenes" "276- 194 ق. م".
    وقد استفاد الكتّاب اليونانيون الذين جاءوا من بعده من كتاباته ، ونجـــد في مواضـــع مختلفة مـن جغرافية "سترابون أقـــوالًا معزوّة إليـــه".

    ونضيف إلى مــن تقدموا "ديودورس الصقلي" diodorus siculus" "40ق. م". وقـــد ألف باللغة اليونانية تاريخًا عـــامًا سماه "المكتبة التأريخية" bibliotheke historike ، تناول تاريــخ العالم من عصر الأساطير حتى فتــح "يوليوس قيصر" لإقليم "الغال".
    وهـــو في أربعين جزءًا ، لم يبقَ منها سوى خمسة عشر جــزءًا ، تبحث في الحقبة المهمة التي تبتدئ بسنة 480 ق. م. وتنتهي بسنة 323 ق. م. ويعوز هــذا المؤرخ النقد ؛ لأنــه جمع في كتابـه كل مــا وجـــده في الكتب القديمة من أخبار ولم يمحصها، وقد امتــلأ كتابه بالأساطير ، والعالم مــع ذلك مــدين لـــه إلى حد كبير بمعرفة أخبـــار الماضين ؛ ولا سيما الأساطير الدينية القديمة.
    ومــن المؤلفين الكلاسيكيين، "سترابون" "سترابو" "straabon" "strabo" "64ق. م- 19 م" وهـــو رحـــالة كتب كتـــابًا مهما باللغـــة اليونانية في سبعة عشر جــزءًا سماه "جغرافيا" "geographica".
    وقــد وصف فيه الأحـوال الجغرافية الطبيعية لمقاطعات الإمبراطورية الرومانية الرئيسية،وتاريخها وحالات سكانها، وغريب عهاداتهم وعقائدهم. وللكتاب شأن كبيــر ؛ إذا اشتمل على كثيــر مــن الأخبار التي لا تتيسر في كتاب آخـــر.
    وقد اعتمد فيه على ما ذكـره الكتّاب السابقون.
    وقــد أفـرد "سترابون" في جغرافيته فصــلًا خاصًـــا مــن الكتاب السادس عشر ببلاد العـــرب ، ذكــر فيه مدائن العـــرب وقبائلهم في عهده ، ووصف أحـــوالهم التجارية والاجتماعية والاقتصادية ، وحملة "أوليوس غالوس" "أوليوس كالوس" "aelius gallus" المعروفة لفتح بلاد العــرب وما كان مـن إخفاقه. ولأخبـــار هـذه الحملة التي دوّنها "سترابوان" في جغرافيته ، أهيمة خاصة ؛ إذ جــاءت بمعلومات عـــن نواحي مــن تأريـــخ العــرب نجهلها ، وقد شارك هو نفسه في الحملة ، وقد كان صديقًا لقائدها فوصفه وصف شاهـــد عيـــان. وقــد استهل وصف الحملة بهذه العبارة :

    "لقــد علمتنا الحملة التي قـــام بهــا الرومـــان على بلاد العـــرب بقيـــادة "أوليوس غالوس" في أيـــامنا هـــذه أشياء كثيـــرة عــن تلك البـــلاد.
    وممن تحدث عن العـــرب "بلينيوس" "بليني الأقدم" "pliny the elder" "galus plinius secundus" المتوفى سنة 79م، ومن كتبه المهمة كتـــابه "التأريخ الطبيعي" "naturalis historia" في سبعة وثـــلاثين قسمًا ، وقـد نقل في كتابه عمن تقــدمه ، ولا سيما معلوماته عن بلاد العـرب والشرق وجميع ما أمكنه جمعه ؛ غيـــر أنـــه أتى في أمـــاكن متعددة من كتـــابه بأخبار لم يرد لها ذكـــر من كتب المؤرخين الآخرين.
    وهناك مؤلف يــوناني مجهول ، وضع كتـــابًا سماه "الطـــواف حـــول بحـر الأريتريا" "The Periplus of the Erythraean Sea" "Periplus Maris Erythraei" أتمه في نهــاية القـــرن الأول للمسيح في رأي بعض العلماء ، أو بعـــد ذلك في حـــوالي النصف الأول مــن القـــرن الثالـــث للميـــلاد في رأي بعض آخـــر. وقـد وصف فيه تطـوافه في البحر الأحمر وسواحل البلاد العـــربية الجنوبية. والظاهر أنــه كان علامًا بأحوال الهند وشواطئ إفـــريقية الشرقية ، ولعله كـــان تاجـــرًا مـن التجار الذين كانوا يطوفون في هـــذه الأنحـــاء للاتجار ولـــم يعتنِ إلا بأحوال السواحل. أما الأقسام الداخلية مـن جــزيرة العرب فيظهر أنـــه لم يكـــن ملمًا بها إلمامًا كـــافيًا.
    وقـــد ذهب "إلبرايت" إلى أن الكتاب المذكور قـــد ألف في حـــوالي السنة "80" بعد الميلاد. وذهب آخرون إلى أن مـــؤلفه قد ألفه في حوالي السنة "225" أو "210" بعـــد الميلاد.

    وهناك طائفة من الكتاب الذين تركوا لنا آثـــارًا وردت فيهـــا إشارات إلى العـــرب والبـــلاد العـــربية ، مثـــل "أبولودورس" "apollodorus" "المتوفى سنة 140 بعد المسيح".
    و "بطلميوس" "claudius ptolemaes" الـــذي عـــاش في الإسكندرية في القـــرن الثـــاني للمسيح. وهـــو صاحب مــؤلفات في الرياضيات منها "كتاب المجسطي" المعروف في اللغة العربية. وله كتاب مهـــم في الجفرافية سمّاه "geographike hyphegesisi" ويعـــرف باسم "جغرافية بطلميوس". ولهـــذا الكتـــاب شهـــرة واسعة ، وقـــد درَّس في أكثـــر مـــن مـــدارس العالـــم إلى مــا بعد انتهاء القـــرون الوسطى. جمـــع فيـــه بطلميوس مــا عـــرفه العلماء اليونان وما سمعه هو بنفسه وما شاهده هو بعينه، وقسم الأقاليم بحسب درجات الطول والعرض. وقـد تكلم في كتابه على مـــدن البـــلاد العــربية وقبائلها وأحــوالها ، وزيّن الكتاب بالخارطات التي تصـــور وجهة نظـــر العلـــم إلى العالم في ذلك العهد.
    ويـــرى بعض الباحثين أن مـــا ذكـره "بطلميوس" عـــن حضرموت يشيـــر إلى أن المنبـــع الذي أخـــذ منــه كان يعلم شيئًا عنها ، وأنـــه كان قـد أقام مدة في "شبوة" العاصمة. ويرون أن ذلك المنبع قد يكون تاجرًا روميًّا، أو أحـــد المبعوثين الرومـــان في تلك المـــدينة ؛ لأن وصف "بطلميوس" للأوديــة ، والأماكن الحضرمية يشير إلى وجـــود معـــرفة بالأماكن عنـــد صاحبه. أما ما ذكره "بطلميوس" عن أرض "سبأ" والسبئيين ؛ فإنــه لا يدل على حــد قــول المذكورين على علم بالأماكن، وإجادة لأسمائها ، وأن الذي أخـــذ منـــه "بطلميوس" لم يكن قـد شاهدها.
    ومـن الذين أوردوا شيئًا عن أحـــوال بـــلاد العـــرب "أريان" "arrian" "flavius arrianus" "95- 175م"، وقـــد ألف كتبًا عـــديدة. منها كتــابه "anabasis Alexander the great" في خمسة عشر قسمًا وصف في سبعة منها حملات الإسكندر الكبير ، وفي الثمانية الأخـــرى وصف الهند وأحوال الهنود ورحلة القائـــد "nearchus" "نيرخس" "أميـــرال الإسكندر في الخليج العرابي. ومنهم "هيروديان" "herodianus" "165- 250 بــ. م" وهو مؤرخ سرياني ألف في اليونانية كتابًا في تأريخ قياصـــرة الــروم من وفـــاة القيصر "ماركوس أوربليوس" إلى سنة 238م.

    وقـــد أفاد هـــذا الكتاب فائدة كبيرة في معـــرفة تاريخ اليونان والرومان حتى سنة 325م ، ولم يبقَ من أصله غيــر قطع صغيرة ؛ غير أن له ترجمة باللاتينية عملها "جيروم" "Jerome" وأخـــرى باللغة الأرمنية وقـــد سدّ "جوزيف سكالكر" "joseph scaliger" النقص الـــذي طرأ على النسخة الأصلية، باستفادته مــن هاتين الترجمتين.
    ولهذا الأسقف كتب مهمة أخرى ، في مقدمتها كتـــاب "التاريخ الكنائسي" "ecclesiastical history" وهـــو في عشر كتب ، يبـــدأ بأيام المسيح وينتهي بوفـــاة الإمبراطور "licinius" سنة 324م. وقد استقى كتابه هذا من مصادر قديمة ، وأورد فيه أمـــورًا انفـرد بها. ومن مؤلفاته : كتاب "شهداء فلسطين" "the martyrs of palastine" تحدث فيــه عــن تعذيبهم واستشهادهم في أيام "Diocletian" و "maximin" "303- 310م" وكتـــاب "سيرة قسطنطين" "the life of Constantine"، وكتاب في فلسفة اليـــونان وديانتهم.
    ومـــن مـــؤرخي الكنيسة : "athanasius" "حـــوالي 296- 371"و "gelastius" "حوالي 320- 394م" أسقف قيصرية ، ولـــه تتمة لتاريخ "eusebius". و"روفينوس تيرانيوس" "rufinus tyranius" المتوفى سنة 410م، وصاحب كتاب "historiae ecclesiaticae" وقـد ضمّنه أقسامًا مـــن تاريـــخ "أوبسبيوس" و "إيرينوس" "irenaeus" م"444" ، وكان أسقفًا على "صور" "tyre" ، وقد كتب مؤلفًا عـــن مجمـــع "أفسوس" للنظـــر في النـــزاع مـــع النساطرة ، وكـان يميل إليهم. والمـــؤرخ "سقراط" "socrates"، وهـــو مـن الفقهاء في الكنيسة ، وقـــد اعتمد في تــواريخه على مـــن كتــب قبله مـن المؤرخين وقد وردت في ثناياها أخبار عن بلاد
    العـــرب. والمـــؤرخ "سوزومينوس" "sozomenus" "400- 443"، ولـه كتاب في التأريخ الكنائسي. و "ثيودوريث" "theodoret" المتوفى حـــوالي سنة 457 للميلاد.
    و "زوسيموس" "zosimus"، وهـــو مـــؤرخ يـــوناني ألّف في تاريـــخ الإمبراطورية الرومانية -اليونانية فأشار إلى العـــرب وعلاقاتهم بها. و "شمعون الأرشامسي" "simeon of beit arsham وهو صاحب "رسائل الشهداء الحميريين" التي تبحث في تعـــذيب "ذي نواس" للنصـــارى في نجران ، وقد جمع أخبارهم "على ما يـدعيه" من بـــلاط ملك الحيرة أيام أوفده إليه إمبراطور الروم في مهمة رسمية. و"بروكوبيوس" "procopius" من رجـــال القـــرن السادس للميلاد ، وكـــان أميـــن سر القائد "بليزاريوس" "belisarius" أعظم قـــوّاد "يوسطنيانوس" ، وقــد رافقـــه عـــدة سنين في بلاد فـارس وشمال إفـــريقية وجـــزيرة صقلية. ومن مؤلفاته مــؤلف في تأريخ زمانه لا سيما حـــروب "يوسطنيانوس"، وكتــاب "de bello persico" وقـد وردت فيـه أخبـــار ذات بال بالنسبة لبلاد العـــرب.
    ومــن هؤلاء "زكـريا" "zacharias"، المتوفى حـــوالي سنة 568م7. ويوحنا" ملالا" "john malalas" المتوفى سنة 578م. و "ميننذر" "menandar" "protector" المتـــوفى حـــوالي سنة 582م. و"يـــوحنا الأفسي" john of ephesus" وقـــد ولـــد في حـوالي سنة 505م ، وتـــوفي سنة 585 م تقريبًا ، وله مـــؤلفات عـــديدة منها كتـــابه : "التأريخ الكنائسي" "ecclesiastica historia"، وهــو في ثـــلاثة أقسام يبتدئ بـــأيام "يوليوس قيصر" وينتهي بسنة 585م4. وكتـــاب "تأريخ القديسين الشرقيين"، وقـد فرغ من تأليفه سنة 569م3.
    ومــن هـــؤلاء "إسطيفان البيزنطي" "stephanus byzantinus" المتـــوفى سنة 600م. و"إيواكريوس" "evagrius" المعروف بــــ "scholasticus" أي "المدرسي" المتـــوفى سنة 600م. وهـــو صاحب كتـــاب "التأريخ الكنائسي" "historiae ecclesiasticae" في ستة أقسام. يبتدئ بذكـــر "المجمع الأفسوسي" المنعقد عـــام 431 م وينتهي بسنة 593.وهـــو مــن الكتب المهمة ؛ لأن مـــؤلفه لم يكتب عن هوى شأن أكثر مؤرخي الكنيسة. وقـــد استعان بالنصوص الأصلية وبالكتب المــؤلفة سابقًا.
    ومـــن هـــؤلاء أيضًا "ثيوفليكت" "theophylactus simocatta" المتوفى سنة 640م و "ثيوفانس" "theophanes the confessor" المتوفى سنة 818 م.
    و"إيليا النصيبي" "dlijah "elis" of nisibis"، و"ميخائيل السوري"
    ---''


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14549
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    أنساب القبائل العربية  المؤرخ أحمد رضا - صفحة 2 Empty رد: أنساب القبائل العربية المؤرخ أحمد رضا

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الأربعاء سبتمبر 21, 2022 7:05 pm

    (الجاهلية ومصادر التاريخ الجاهلي)

    اعتاد الناس أن يسموا تأريخ العــرب قبـــل الإسلام "التأريخ الجاهلي" ، أو "تـــأريخ الجاهلية" ، وأن يذهبوا إلى أن العــرب كانت تغلب عليهم البداوة وأنهم كانــوا قـد تخلفوا عمن حولهم في الحضارة ؛ فعاش أكثرهــم عيشة قبائل رحّل ، في جهل وغفلة، لم تكن لهم صـــلات بالعالم الخارجي ، ولـــم يكــن للعــالم الخارجي اتصال بهـــم أميّون عبدة أصنام ، ليس لهم تاريخ حافل ، لذلك عرفت تلك الحقبة التي سبقت الإسلام عندهم بـــ"الجاهلية".

    و"الجاهلية" اصطلاح مستحدث ظهر بظهور الإسلام ، وقد أطلق على حــال قبل الإسلام تمييزًا وتفريقًا لها عــن الحــالة التي صار عليها العـــرب بظهور الــرسالة ، على النحــو الـــذي يحدث عندنا وعنـــد غيرنا من الأمم مـــن إطــلاق تسميات جديدة للعهود القائمــة ، والكيانات المــوجودة بعــد ظهـور أحــداث تــزلزلها وتتمكن منها وذلك لتمييزها وتفريقها عـــن العهود التي قــد تسميها أيضًـــا بتسميات جــديدة. وفي التسميات التي تطلـق على العهود السابقة ، ما يـــدل ضمنا على شيء مــن الازدراء والاستهجان للأوضاع السابقة في غـالب الأحيان.
    وقــد سبق للنصــارى أن أطلقوا على العصــور التي سبقت المسيح والنصرانيــة "الجاهلية" ، أي "أيــام الجاهلية" ، أو "زمـــان الجــاهلية" استهجانًا لأمـــر تلك الأيـام ، وازدراءً بجهل أصحــابها لحــالة الـوثنية التي كانـوا عليها ، ولجاهلة الناس ؛ إذ ذاك وارتكابهم الخطايا التي أبعدتهم، في نظـــر النصرانية ، عــن العلـــم ، وعن ملكـــوت الله. "وقـــد أغضى الله عن أزمنة هـــذا الجهل فيبشر الآن جميع الناس في كل مكان إلى أن يتوبوا".

    وقــد وردت لفظــة "الجاهليــة" ، في القـــرآن الكـــريم ، وردت في السور المدنية". دون السور المكية ؛ فـــدل ذلك على أن ظهورها كان بعـد هجرة الرسول ﷺ إلى المـــدينة وأن إطلاقها بهذا المعنى كان بعد الهجرة وأن المسلمين استعملوها منــذ هـــذا العهد فما بعـــده.
    وقـــد فهـــم جمهــور مـــن الناس أن الجاهلية مــن الجهل الـذي هـــو ضد العلم أو عدم اتباع العلم، ومن الجهل بالقـــراءة والكتابــة ، ولهذا تـــرجمت اللفظة في الإنكليزية بـ "the time of tgnorance" ، وفي الألمانية بـــ"zeit der unwissenheit" وفهمها آخــرون أنها مـن الجهل بالله وبـــرسوله وبشرائع الـــدين وباتبــاع الــوثنية والتعبد لغيـــر الله ، وذهــب آخـــرون إلى أنها مــن المفاخـــرة بالأنساب والتباهي بالأحساب والكبر والتجبر وغيـــر ذلك من الخلال التي كـــانت مـن أبـــرز صفات الجاهليين.
    ويـــرى المستشرق "كولدتزهير" goldziher" أن المقصود الأول مــن الكلمــة "السفه" الــذي هـــو الحلـــم والأنفة والخفة والغضب وماإلى ذلك مــن معــان ، وهي أمـــور كانت جــد واضحة في حياة الجاهليين ويقابلها الإسلام، الذي هو مصطلح مستحدث أيضًـــا ظهر بظهور الإسلام ، وعمادة الخضـــوع لله والانقيـــاد لـــه ونبـــذ التفاخـــر بالأحساب والأنساب والكبر ومــا إلى ذلك مــن صفــات نهى عنها القـــرآن الكـــريم والحـــديث.

    وقــد وردت الكلمة في القرآن الكريم في مواضـــع منــه ، منها آيـــة سورة الفرقان :
    {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا} ، وآيــة سورة البقرة : {قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} ، وآية سورة الأعراف : {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} ، وآية هود : {إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} .

    وفي كل هــذه المواضع مــا ينم على أخـــلاق الجاهلية. وقــد ورد في الحديث : "إذا كان أحدكم صائمًا، فلا يرفث ولا يجهل" ، وورد أيضًا : "إنك امــرؤ فيك جاهلية" وبهـــذا المعنى تقريبًا وردت الكلمة في قــول "عمرو بن كلثوم" :

    ألا لا يجهلن أحــد علينا ... فنجهل فـــوق الجاهلينا

    أي: لا يسفه أحد علينا، فنسفه عليهم فوق سفههم، أي نجازيهم جزاء يربي عليه.
    واستعمال هــذا اللفظ بهـــذا المعنى كثيـــر.
    وجـــاء في سورة المائدة : {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} أي أحكام الملة الجاهلية ومــا كانوا عليه من الضلال والجـــور في الأحكــام والتفريق بين الناس في المنـــزلة والمعاملة.

    وأطلقــوا على "الجـــاهلية الجهلاء" والجهلاء صفـــة للأولى يـــراد بهــا التـــوكيد وتعني "الجاهلية القديمة". وكانــوا إذا عابـــوا شيئًا واستبشعوه قالـــوا :
    "كـــان ذلك في الجاهلية الجهلاء". و"الجاهلية الجهلاء" هي "الوثنيـــة" التي حاربها الإسلام. وقد أنب القرآن المشركين على حميتهم الوثنيـــة
    فقـــال:
    {إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ} .

    والرأي عنــدي أن الجاهلية من السفه والحمق والأنفــة والخفـــة والغضب وعدم الانقياد لحكم وشريعة وإرادة إلهية ومــا إلى ذلك مـــن حـــالات انتقصها الإســـلام ؛ فهي في معنى "اذهب يا جاهل" نقـــولها في لمـــن يتسفه ويتحمق وينطـــق بكـلام لا يليق صدوره من رجل، فلا يبالي أدبًا ولا يــراعي عـــرفًا ، و "رجـل جاهل" نطلقه على مــن لا يهتــم بمجتمع ودين ، ولا يتورع من النطق بأفحش الكـــلام. ولا يشترط بالطبع أن يكون ذلك الرجــل جاهلًا أميا ، أي ليس لـه علـــم ، وليس بقارئ كاتب.
    وقد اختلف المفسرون في المراد من الجاهلية الأولى في قـــوله تعالى :

    {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} ، فقيل : "الجاهلية الأولى التي ولــد فيها "إبراهيم عليه السلام" والجاهلية الأخرى التي ولد فيها محمد ﷺ . وقيــل "الجاهلية الأولى بين عيسى ومحمد"، وقد أدى اختلافهم في مفهوم هـــذه الآية إلى تصـــور وجـــود جاهليتين جـــاهلية قـــديمة ، وجاهلية أخـــرى هي التي كـــانت عنــد ولادة الرسول ﷺ.
    واختلف العلماء في تحــديد مبـــدأ الجاهلية ، أو العصر الجاهلي؛ فذهب بعضهم إلى أن الجاهلية كـــانت فيما بين نوح وإدريس. وذهب آخـــرون إلى أنها كانت بين آدم ونوح، أو أنها بين موسى وعيسى، أو الفتـــرة التي كـــانت مـا بين عيسى ومحمد. وأمـا منتهاها ، فظهور الرسول ﷺ ونزول الوحي عند الأكثرين ، أو فتح مكـــة عند جماعـــة. وذهب ابن خالوية إلى أن هـــذه اللفظة أطلقت في الإسلام على الزمــن الــذي كان قبـــل البعثة.
    والذي يفهم خاصة من كتب الحديث أن أصحاب الرسول ﷺ كانوا يعنون بـ "الجاهلية" الزمان الذي عاشوا فيه قبـــل الإسلام ، وقبل نـــزول الوحي فكانوا يسألون الرسول عــن أحكامها وعـــن موقفهــم منها بعـــد إسلامهم وعـــن العهـــود التي قطعـــوها على أنفسهم في ذلك العهـــد ، وقــد أقـــر الرسول ﷺ بعضها ، ونهى عن بعض آخر ، وذلك يدل على أن هذا المعنى كان قد تخصص منذ ذلك الحين..
    ____


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14549
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    أنساب القبائل العربية  المؤرخ أحمد رضا - صفحة 2 Empty رد: أنساب القبائل العربية المؤرخ أحمد رضا

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الأربعاء سبتمبر 21, 2022 7:06 pm

    تاريــــخ العــــرب قبــــل الاســــلام

    【تحديد لفظة العرب】

    الجـــزء الثاني :

    الآن وقـــد انتهت مــن تحديد معنى "عـــرب" وتطورها إلى قبيل الإسلام أرى لزامًا عليّ أن أتحدث عن ألفاظ أخرى استعملت بمعنى "عـــرب" في عهد من العهود، وعند بعض الشعوب فقــد استعمل اليـــونان كلمــة "saraceni" و "saracenes" واستعملها اللاتين على هــذه الصورة "saracenus" ، وذلك في معنى "العـرب" وأطلقوها على قبائل عربية كانــت تقيــم في باديــة الشأم وفي طـــور سيناء ، وفي الصحراء بأدوم وقــد توسع مدلولها بعـد الميلاد ، ولا سيما في القـــرن الرابـــع والخامس والسادس فأطلقت على العـرب عامة حتى إن كتبة الكنيسة ومؤرخي هذا العصر قلما استعملوا كلمـــة "عـــرب" في كتبهم ، مستعيضين عنهـا بكلمــة "saraceni" ، وأقــدم من ذكرها هو "ديوسقوريدس dioscurides of anazarbos" الذي عاش في القـرن الأول للميلاد ، وشاع استعمالها في القـــرون الوسطى حيث أطلقها النصارى على جميع العــرب ، وأحيانًا على جميــع المسلمين. ونجــد الناس يستعملونها في الإنكليزية في موضع "عرب" ومسلمين حتى اليوم.

    وقد أطلق بعض المؤرخين من أمثال "يوسبيوس" "أويسبيوس" "eusebius" و"هيرونيموس""Hieronymus هذه اللفظة على "الإشماعيليين" الذين كانـوا يعيشون في البراري في "قــادش" في برية "فاران"، أو مدين حيث جيل "حوريب". وقــد عـــرفت أيضًا بـــ"الهاجريين" "hagerene ثـــم دعيت بـsaracenes.
    لــم يتحدث أحــد مـن الكتبة اليونان والرومــان والسريان عــن أصل لفظة "saraceni" "sarakenoi". ولــم يلتفت العلماء إلى البحث في أصـــل التسمية إلا بعـــد النهضة العلمية الأخيرة ؛ ولـذلك اختلفت آراؤهم في التعليل، فزعم بعضهم أنه مركب من "سارة" زوج إبراهيم ، ولفظ آخر ربما هـــو "قيـن" ، فيكـــون المعنى "عبيد سارة" ، وقـــال آخـــرون :
    إنه مشتق من "سرق"، فيكون المـراد مــن كلمة "saraceni" "سراكين" "السراقين" أو "السارقين" إشارة إلى غـــزوهم وكثـــرة سطوهم.
    أو من "saraka بمعنى "sherk" أي "شرق"، ويراد بذلك الأرض التي تقع إلى شرق النبط.
    وقال "ونكلر" إنــه من لفظة "شرقوا" وتعني "سكـــان الصحراء" أو "أولاد الصحراء".
    استنتج رأيــه هـــذا من ورود اللفظة في نصّ من أيام "سرجون". ويـــرى آخــرون أنــه تصحيف "شرقيين"، أو "شارق" على نحـــو ما يفهم من كلمة "قــدموني" "qadmoni" في التـــوراة ، بمعنى شرق ، أو أبنـــاء الشرق "bene kedem" "bene qedhem" ، وكـــانت تطلق خاصــة على القبـــائل التي رجـــع النسابون العبرانيون نسبها إلى "قطــورة".
    وقـد مال إلى هـذا الرأي الأخير أكثر مــن بحث في هـــذه التسمية مــن المستشرقين ؛ فعندهم أن "سرسين" أو "سركين" أو "sarakenoi" مـن "شرق" ، وإن "bene kedem و "qadmoni" العبرانيتين همـا ترجمتان للفظة "saraceni". ولهذا يرجحون هــذا الرأي ويأخذون بـــه.

    والقاتلون إن "سارقين" مــن أصــل لفظتين "سارة" ، زوج إبراهيم ، ومن "قين" بمعنى "عبـد" وأن المعنى هــو "عبيد سارة" ، متأثرون بـرواية التـــوراة عن سارة وبالشروح الواردة عنها، وليست لأصحاب هذا الرأي أية أدلــة أخرى غيـر هذا التشابه اللفظي الــذي نـــلاحظه بين "سرسين" وبين "سارقين" ، وهــو من قبيل المصادفة والتـــلاعب بالألفاظ ولا شك ، وغيــر هذه القصة الواردة في التوراة : قصـــة "سارة" التي لا عـــلاقة لها بالسرسين.
    هـــذا ومــا زال أهل العــراق يطلقون لفظــة "شروك" و "شروكية" على جماعـــة مـن العـــرب هــم من سكان "لواء العمارة" والأهـــوار في الغــالب وينظرون إليهم نظـــرة خـــاصة ، ولا شك عنــدي أن لهذه التسمية عــلاقة بتلك التسمية القديمة.
    ويستعمل أهــل العـــراق في الوقــت الحاضـر لفظة أخـــرى ، وهي "الشرجية"، أي "الشرقية"، ويقصدون بها جهـة المشرق. وتقابل لفظة "بني قــديم" في العبرانية ، وهي من بقايا المصطلحات العراقية القـــديمة التي تعبــر عن مصطلح "شركوني" و "بني قـــديم".
    هـــذا وقــد عـــرف العـــرب أن الروم يسمونهم "ساراقينوس" ؛ فقد ذكـــر "المسعودي" أن الروم إلى هذا الوقت "أي إلى وقتــه" تسمي العـــرب "ساراقينوس". وذكـر خبرًا طريفًا عن ملك الـــروم "نقفور" المعاصر لـــ"هارون الرشيد".
    فقد زعـــم أنـــه "أنكر على الروم تسميتهم العرب ساراقينوس.
    تفسير ذلك عبيـــد سارة ، طعنًا منهم على هاجــر وابنها إسماعيــل ، وأنها كانت أمــةً لسارة ، وقال :
    تسميتهم عبيد سارة ، كـــذب.

    وقـــد كـــانت منــازل "القدمونيين" ، "هقدمني" ، "هاقدموني" "kadmonites"، في المنــاطق الشرقيــة لفلسطين ، أي في بـــادية الشام ، ولما كـــان "قيـدما" "kedemeh" هـــو أحـــد أبنـــاء إسماعيل في اصطلاح "التـــوراة" ، فيكون أبنـــاء "قيدما" مـــن العـــرب الإسماعيليين.
    وقـد ذكر في موضع من التوراة أنهم كانـــوا يقطنون المناطــق الشرقيـــة لفلسطين قـــرب "البحر الميت" المعـــروف في العبـــرانية بـــ"هايـــم هقدموني" ، أي : "البحر القدموني" "البحر الشرقي".
    وقــد كـــان "القدمونيون" أي "بنـــو قديـــم" أعـــرابًا يقطنون في بـــادية الشام. وأشباه أعـــراب ، أي رعـــاة وأشباه حضريين ، واللفظة لا تعني قبيلة واحــدة معينة ، أي علمية ، ولا تعني قبـــائل معينة ؛ وإنما هي لفظة عـــامة أطلقــت على الساكنين في الأمـــاكن الشرقية بالنسبة إلى العبرانيين.
    ونجـــد في الكتب اليونانية لفظة لها عـــلاقة بطـــائفة مـــن العـــرب. هي "skenitae" "scenitae" ، وقـــد أطلقت خـــاصة على أعـــراب بــادية الشام.
    وقصد بها الأعراب سكان الخيام ، أي "أهل الوبر" في اصطلاح العـــرب. وقــد ذهب بعض العلماء إلى أنها من "الخيمة" التي هي منـــزل الأعــرابي لأن الخيمة هي "skene" "skynai" في اليونانية ؛ فالمعنى إذن "سكان الخيام".
    وقـــد ذكــر "سترابون" أن الـــ "senitae" كانوا نازلين على حــدود "سورية" الشرقية ، كما ذكـر أن منهم مــن كـــان ينـــزل شمـــال "العـــربية السعيدة" وهــم سكان خيـــام. وقــد فـــرق "سترابون" بينهم وبين البــدو تفريقًا ظاهرًا ، وميزهم عــن غيرهــم مـــن الأعـــراب بسكناهم في الخيام. وقـــال عنهم في موضع آخر : أنهـــم يمثلون بصورة عامة "بـــدو" العراق. وأنهـــم يعتنون بتـــربية الإبـــل.
    وقــد ذكـــرهم أيضا في أثناء كـلامه على ساحل "maranitae" فقـــال : إنـــه مأهــول بــالفلاحين وبـالـــ "scenitae" وأراد بهـــم الأعـــراب الـــذين لا يسكنون إلا الخيـــام ويعيشون على تربية الإبل ، وقد ذكر أنهـــم كانـــوا قبائـــل ومشيخات.
    وقــد ذكـــرهم "بلينيوس" كـــذلك فدعاهم بـــ"scenitae". وقــد كانوا يقيمون في الباديـــة. وقـــد حاربهم "سبتيموس سفيروس" ، وسأتحدث
    عــن ذلك فيما بعـــد ، كما أشار غيره إليهم. والظاهر أن لفظة "nomas" "nomadas" التي تعني "البـــدو" لا تـــؤدي معنى "scenitae" أي سكان الخيام ؛ إذ فــرَّق الكتبة اليــونان في مؤلفاتهم بين اللفظتين.
    وأغلب ظني أن المراد بسكان الخيام الأعراب المستقرون بعض الاستقرار أي الـــذين عاشوا في مضارب عيشة شِبْه مستقرة ، لهــم خيامهـــم وإبلهم وحيواناتهم على مَقْــربة مـــن الريف والحضارة. أمــا الــــ"نومادس" "nomades" "nomadas" ؛ فقـــد كانـــوا قبـــائل رحـــلًا يعيشون في البـوادي لا يستقرون في مكان واحد متى وجدوا فرصة اغتنموها فأغاروا على مــن يجدونهم أمامهـم ، للعيش على ما يقع في أيديهم. ولذلك كانت ظروف ضعف الحكومات أم انشغالها بالحروب من أحسن الفرص المناسبة لهم.
    ومن هنا فرّق الكتبة اليونان وغيرهم بين الجماعتين.
    إننا لا نستطيع أن نحـدد الزمان الذي ظهـــر فيــه مصطلح "سكينيته" بين اليــونان واللاتين. وقـد يكون ترجمة للفظة أخــذوها مــن الفـــرس أو الآشوريين أو غيــرهم مــن الشعوب. ومصطلح "أهــل الوبر" هــو مصطلح يقـــابل جملــة "سكان الخيام" في نظري.
    أمــا مصطلح "أهل بادية" أو "أعـراب بادية" أو "سكان البوادي"؛ فإنه تعبير يقـــابل "nomadas" عنــد اليونان.
    وعرف العــرب عند الفرس وعند بني إرم بتسمية أخرى ، هي : "tayayo" و"taiy". أمــا علماء عهد التلمود مـن العبرانيين ، فأطلقوا عليهم لفظة "ط ي ي ع ا" "طيعا" و"طيايا" "طياية" وأصل الكلمتين واحــد على ما يظهر أخــذ مــن لفظـة "طيء" اسم القبيلة العـــربية الشهيرة على رأي أكثـــر العلماء.
    وكان تنــزل في الباديـة في الأرضين المتاخمة لحدود إمبراطورية الفرس وكانت من أقــوى القبائل العربية في تلك الأيام ، ولهذا صـار اسمها مرادفًًا للفظة "العـــرب" "عـــرب".
    وقد ذكر "برديصان" اسم "tayaye" "tayoye" مـــع "sarakoye"

    وقـــد شاعت هـــذه التسمية قـــرب الميلاد ، وانتشرت في القرون الأولى للميلاد ، كما يتبين ذلك مـــن الموارد السريانية والموارد اليهودية.
    واستعملت النصوص "الفهلوية" "pahlawi" لفظة "تاجك" "tahdgik" "tachik" "tashik" في مقـــابل "عـــرب". كما استعملت الفارسية لفظة "تـــازي" بهــذا المعنى أيضًا ، واستعمل الأرمن كلمة "تجك" "tachik" في معنى عرب ومسلمين واستعمل الصينيون لفظة "تشي" tashi" لهذه التسمية. وقــد عُـــرف سكان آسية الوسطى الـــذين دخلوا في الإسلام بهذه التسمية ، كما أطلق الأتراك على الإيرانيين لفظة "تجك" من تلك التسمية ، حتى صارت لفظة "تجك" تعني "الإيراني" في لغـــة التركية.
    ويـــرى بعض العلماء أن "تاجك" و "تجك" , و "تازك" ، هي مــن الأصل المتقدم. مــن أصــل لفظة "طيء". ولكلمة "تازي" في الفارسية معنى "صحراوي" ، مـن "تاز" "taz"، بمعنى الأرض المقفرة الخالية ، ولذلك نسب بعض الباحثين كلمة "تازي" إلى هــذا المعنى ، فقالوا :
    إنها أطلقت على العـــرب لما اشتهر عنهم أنهم صحراويون.
    وقــد زعـــم "حمزة الأصفهاني" أن الفـــرس أطلقوا على العـــرب لفظــة "تاجيان" ، نسبة إلى "تاج بن فروان بن سيامك بن مشى بن كيومرث" ، وهـــو جـــد العـــرب.
    وبعض هــذه التسميات المذكورة ، لا يـــزال حيًا مستعملًا ، ولكنه لــم يبلغ مبلـــغ لفظة "عـــرب" و"العــرب" في الشهرة والانتشار ؛ فقـد صارت لفظة "عـــرب" ، علمًا على قـــومية وجنس معلوم ، لــه موطن معلوم ، وله لسان
    خاص به يميزه عن سائر الألسنة، من بعد الميلاد حتى اليوم.
    وقــد وسع الإسلام رقعة بـلاد العرب كما وسع مجال اللغة العــربية ، حتى صارت بفضله لغة عالمية خالدة ذات رسالة كبيرة. غمـــرت بفضل الإسلام بعض اللغات مثل الفارسية والتركية والأردية ولغات أخرى، فزودتها بمادة غزيرة من الألفاظ ، دخلت فيها حتى صارت جــزءًا مــن تلك اللغات ، يظن الجاهل أنها منها لاستعماله لها ولكنها في الواقـــع مـــن أصل عـــربي.

    وربّ سائل يقـــول :
    لقـــد كان للعـــرب قبل الإسلام لغات مثـــل المعينية، والسبئية، والحميرية والصفوية ، والثمودية ، واللحيانية وأمثالها ، اختلفت عن عربية القـــرآن الكريم اختلافًًا كبيرًا ؛ حتى إن أحدنا إذا قـــرأ نصًّا مــدوّنًا بلغـــة مــن تلك اللغات عجز عــن فهمه ، وظن إذا لـم يكن له علم بلغات العــرب الجاهليين أنه لغة مــن لغات البرابرة أو الأعاجم فمـاذا سيكون مــوقفنا مــن أصحاب هـــذه اللغات ، وهل نعدّهم عـــربًا؟
    والجـــواب أن هـــؤلاء ، وإن اختلفت لغتهــم عــن لغتنا وبـاينت ألسنتهم ألسنتنا فإنهم عـرب لحمًا ودمًا ولدوا ونشأوا في بلاد العـــرب ، لم يـــردّوا إليها من الخارج، ولم يكونوا طارئين عليها من أمة غريبة. فهم إذن عــرب مثل غيـرهم ، وكل لغات العــرب هي لغات عـــربية ، وإن اختلفت وتباينت وما اللغة التي نزل بها القرآن الكريم إلّا لغة واحدة من تلك اللغات ، ميّزت مـــن غيرها ، واكتسبت شرف التقدم والتصدر بفضل الإسلام ، وبفضل نـــزول الكتـاب بها ، فصارت "اللغـــة العـــربية الفصحى" ولغـــة العـــرب أجمعين.
    وحكمنا هــذا ينطبق على النبط أيضًا وعلى مــن كــان على شاكلتهم ، وإن عدهــم علماء النسب والتاريخ واللغة والأخبار من غير العــرب ، وأبعدوهم عن العـرب والعربية ؛ فقد كان أولئك وهــؤلاء عربًا أيضًا ، مثل عرب اليمن المذكــورين ومثل ثمــود والصفويين واللحيانيين ، لهم لهجاتهم الخـــاصة وإن تأثروا بالإرمية وكتبـوا بها ، فقد تكلــم اليهود بالإرميـــة ونسي كثيــر منهم العبرانية ، ولكـــن نسيان أولئك اليهود العبرانية، لم يخرجهم مع ذلك عــن العبرانيين.
    وسترد في بحثنا عن تاريخ الجاهلية أسماء قبائل عـــربية كثيرة عديدة لا عهد للإسلاميين بهــا ، ولا علـــم لهـم عنها ، ذُُكـروا في التـــوراة وفي كتب اليهود الأخرى وفي الموارد اللاتينية واليونانية والكتابات الجاهلية. وإذا جــاز لأحــد الشك في أصـــل بعض القبائل المذكورة في كتب اليهود أو في مـــؤلفات الكتبة "الكلاسيكيين" على اعتبار أنها أخطأت في إدخالها في جماعة العـــرب ، فإن هذا الجواز يسقط حتما بالنسبة إلى القبائل المذكورة في الكتابات الجاهلية وبالنسبة إلى القبائل التي دوّنت تلك الكتابات.
    فهي كتابات عربية، وإن اختلفت عن عربيتنا وباينت لغتها لغتنا لأنها لهجة قـــوم عاشوا في بلاد العـــرب ونبتوا فيها ، وقــد كــان لسانهم هذا اللسان العـــربي المكتوب.
    فسبيلنا في هــذا الكتـاب إذن ، هـــو البحث في كل العرب : العــرب الذين تعارف العلماء الإسلاميون على اعتبارهم عـــربًا.
    فمنحوهم شهادة العـــروبة ، بحسب طريقتهم في تقسيمهم إلى طبقات وفي وضعهــم في أشجـــار نسب ومخططات ، والعـــرب المجهولين الــذين لــم يمنحوا هــذه الشهادة بل حرموا منها، ونصّ على إخراجهم من العرب كالنبط على ما ذكرت، والعرب المجهولين كل الجهل الذين لـــم يكن للمسلمين علم مــا بهم ، ولم يكن لهم علـــم حتى بأسمائهم. سنتحدث عـن هؤلاء جميعًا ، على اعتبار أنهم عـرب جهلهم العـــرب ، لأنهـــم بـــادوا قبـل الإسلام ، أو لأنهــم عاشوا في بقـــاع معزولة نائية ، فلـم يصل خبرهم إلى الإسلاميين؛ فلما شرع المسلمون في التـــدوين ، لم يعــرفوا عنهــم شيئًا فأُهملوا، ونسوا مع كثير غيرهم من المنسيين.
    سئل أحــد علماء العـــربية عن لسان حمير ، فقـــال :
    ما لسان حمير وأقاصي اليمن بلساننا ولا عربيتهم بعربيتنا" ؛ ولكـــن علماء العربية لم يتنصلوا من عــروبة حمير ولا مــن عـــروبة غيـــرهم ممـن كان يتكلم بلسان آخر مخالف للساننا ، بل عــدّوهم من صميم العــرب ومن لبّها ونحن هنـــا لا نستطيع أن ننكـر على الأقـــوام العـــربية المنسية عــروبتها لمجــرد اختـــلاف لسانها عــن لساننا ووصول كتابات منها مكتوبة بلغة لا نفهمها، فلغتها هي لغة عربية، ما في ذلك شك ولا شبهة، وإن اختلفت عن لسان يعرب أو أي جدّ آخر يزعم أهل الأخبار أنـــه كان أول من أعــرب في لسانه ؛ فتكلـــم بهــذه العـــربية التي أخــذت تسميتها مــن ذلك الإعـراب.
    ______________


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 16, 2024 11:01 pm