Share
السبت 1/1/2011 الساعة 2: 27: 11 مساء
البابا شنودة في حديث خاص لــــــ ' الأسبوع'.. جريمة عيد الميلاد تستهدف أمن و استقرار مصر .. وتعيد إلي الأذهان ذكري حادث نجع حمادي
البابا خلال الحوار مع سناء السعيد
البابا خلال الحوار مع سناء السعيد
حوار أجرته: سناء السعيد
- القتلة أعداء للمسيحيين والمسلمين علي السواء .. وهدفهم إثارة الفتنة
- أشعر بالحزن والألم علي أولادي.. وأطالب بسرعة القبض علي الجناة
أكد البابا شنودة أن حادث الاسكندرية استهدف زعزعة استقرار البلاد وأمنها، وان هناك قوي لا تريد خيرًا لهذا البلد ارتكبت هذا العمل الاجرامي في ليلة الاحتفال بعيد الميلاد المجيد.
وقال البابا في تصريح خاص لـ'الأسبوع' بعد ساعات من إجراء هذا الحوار معه بمبني الكاتدرائية ان الشهداء الذين سقطوا جراء هذا العمل الإجرامي الغادر لم يرتكبوا جرمًا ضد أحد، بل كانوا يؤدون الصلوات ويقيمون الاحتفالات، لكنهم سقطوا ضحية هذه الجريمة الغادرة.
وأكد البابا لـ'الأسبوع' ان هذا الحادث أعاد الذكري الأليمة لشهداء نجع حمادي الذين سقطوا ليلة عيد الميلاد وتساءل بحسرة ما ذنب هؤلاء الذين يموتون والذين سالت دماؤهم وتناثرت أشلاؤهم بفعل هذا العمل الجبان.
وقال البابا .. ان الذين يستهدفون أمن مصر هم أعداء للمسيحين والمسلمين علي السواء، وهم لا يريدون خيرًا لهذا البلد ويسعون إلي إثارة الفتنة علي أراضيه.
وأكد البابا ان كل من يحاول إثارة الفتنة علي أرض هذا الوطن لن يجد سوي جسدًا منيعًا قويًا يأبي الانهيار، وهو قادر علي التصدي لكل هذه المؤامرات وكشفها ودحرها.
وطالب البابا بضرورة القبض سريعًا علي مرتكبي الحادث الاجرامي ومحاكمتهم ليكونوا عبرة لغيرهم ممن يحاولون المساس بأمن واستقرار هذا البلد.
وقال البابا .. انه من المبكر توجيه الاتهام لأي من القوي وقال اترك هذا الأمر لجهات التحقيق التي ستعلن بالقطع الحقائق أمام الرأي العام.
وأكد البابا .. انه يشعر بالحزن والألم العميق علي فقدان العشرات من أبناء مصر وأبناء الكنيسة في هذا الحادث الجبان الذي استهدف اغتيال فرحة المسيحين في عيد الميلاد وتهديد أمن واستقرا البلاد .. وهذا هو نص الحديث الذي جري معه في مبني الكاتدرائية بوسط القاهرة قبيل ساعات من الحادث الاجرامي الذي شهدته مدينة الإسكندرية :
> عقد كامل اختتم في العام المنصرم 2010 غلفته أحداث جسام وطفت علي سطحه حروب وآثام.. تعمقت في جنباته نزاعات وخلافات وسادته موجة من الفوضي ماذا عن العام الجديد 2011؟ وما الذي تأملونه؟
>> نأمل أن يأتي بالخير العميم لمصر وللمنطقة وأن يكون بداية عقد يتعافي من مشاكل أمراض حلت بالعالم، أرجو أن يكون العام الحالي جديدا في كل شيء بحيث لا تقتصر الجدة علي التقويم وإنما تسود كل شيء لتنعكس علي حياتنا وصفاتنا وعلاقاتنا مع الآخرين بالنسبة للناس العاديين هي حياة توبة وتجديد للحياة مرة أخري لتكوين علاقة طيبة مع ربنا وعلاقة طيبة مع الناس.. نتمناه عاما جديدا زاخرا بالعمل والنشاط وليس عاما يسهر الناس فيه لمنتصف الليل ويستيقظون في الصباح كما هم في طباعهم وخطاياهم.
> في الفترة '2001 إلي 2010' تعرضت المنطقة لمصاعب كثيرة كانت مليئة بالعثرات، بالمظالم، بالثغرات، بالمعايير المزدوجة وأكثر ما سيطر عليه هو بدء النزوع نحو مشروع تقسيم الدول؟
>> رجاء لا تدخليني في مجال السياسة لننحيها جانباً.
> هذه ليست سياسة إنني أخاطب فيكم الرأي الحكيم لقضايا تعصف بمنطقتنا؟
>> لا أريد أن أتدخل في السياسة.
> ولكن دول المنطقة مشرفة علي فترة حالكة، فلقد باتت مهددة بالتقسيم؟
>> أنا لست مسئولاً عن المنطقة ودولها، إذ إن لها أناسها وحكامها.
> في هذا السياق أمريكا تتطلع إلي أن يكون في مصر دولة للأقباط؟
>> أنا مالي بأمريكا.
> لكنك معني بأن ترد علي كل ما يتعلق بطرح دولة للأقباط في مصر؟
>> هذا الكلام لا أساس له هذه طرفة قالها الرئيس أنور السادات في الماضي ولم تحظ بتأييد من أحد وانتهي الأمر عند هذا الحد.
> قد لا يكون هناك تحرك من الداخل يسعي لتحقيق ذلك ولكن قد يفرض علينا هذا الوضع من الخارج؟
>> يفرض علي من؟
> علينا.. علي مصر؟
>> وهل مصر خاضعة للأجنبي حتي يفرض عليها أمرا كهذا؟ مثل تلك الأقوال ترهات ولا يمكن لنا تصديقها.
> ما رؤيتكم حول ما يقال بأن محور المواطنة مرتكز رئيسي لضمان حقوق المواطن ما هي رؤيتكم؟
>> كلمة المواطنة كلمة يستخدمها الكثيرون ولا يعرفون معناها بالضبط.
> ثنائية العدالة والاستقرار كيف يمكننا إحرازها حيث إننا إذا ضمنا وجود العدالة سنضمن الاستقرار بالتبعية؟
>> السؤال يجب أن يوجه للقضاة وليس لي أنا، فأنا لست مسئولاً عن العدالة.
> أنا أتحدث عن العدالة كمنطوق عام يجب أن يسود لكي نصل إلي الاستقرار؟
>> كل واحد يري أن العدالة تتحقق عندما يكون الحق إلي جانبه.
> هذا بالنسبة للفرد ولكن ماذا عن المجتمع؟ المفروض أن تطبق العدالة علي الجميع حتي يسود الاستقرار.
>> أسألك بدوري وهل ترين أن العدالة حالياً غير مطبقة؟
> أيا كان ولكن هل تتفقون معي في أن العدالة يجب أن تسود حتي نضمن وجود الاستقرار؟
>> بالطبع.. وهو ما نتوق إليه جميعاً، ولكن أعود لأتساءل: هل هي مجرد أمر نسعي إليه أم أنها أمر موجود بالفعل.
> نسعي إليه بالطبع؟
>> هل يعني هذا أنه غير موجود؟
> ما الذي ترونه أنتم؟
>> رجاء لا تدخلينا في مشاكل.
> في نوفمر من العام الماضي صدر تقرير الخارجية الأمريكية حول وضع الحريات الدينية في العالم وانتقد التقرير مصر حيال ممارسة التمييز الديني ضد المسيحيين؟
>> لا نريد إثارة مشاكل بالتطرق إلي هذا التقرير.
> ولكن التقرير انتقد أيضا عدم إصدار تشريع موحد لبناء دور العبادة في مصر حتي الآن؟
>> أنت ترين ما يحدث وليس هناك داع لأن أعلق علي ما ورد في هذا التقرير.
> بعد موجة من الهرج والمرج سادت الشارع المصري قبل نهاية العام المنصرم التقيتم بالرئيس مبارك وأتساءل ما الذي أثير من موضوعات في هذا اللقاء؟
>> كانت جلسة خاصة لا أتحدث عنها.
> فقط نريد الوقوف علي الموضوع الرئيسي الذي تطرقتم إليه خلال اللقاء؟
>> الرئيس مبارك تحدث بكلام وأنا تحدثت بكلام وإذا كنت مصرة علي أن تعرفي ما تحدثنا حوله عليك برئاسة الجمهورية اسأليها ولكني أؤكد أن علاقتي مع الرئيس مبارك علاقة طيبة وعندما نتحدث في أمور لا نختلف، مشاعري تجاه الرئيس مبارك كانت دوما مفعمة بالحب والتقدير وأطلب من الله أن يحفظه ويمتعه بالصحة ويعينه علي مسئوليات جسام يضطلع بها ولا يمكن حلها إلا به هو.
> عود إلي تقرير الخارجية الأمريكية حول وضع الحريات الدينية حيث انتقد منع الأقباط من الدراسة في جامعة الأزهر؟
>> أنا لا أريد أن أتعرض لمناقشة تقرير الخارجية الأمريكية هذا.
> إذن ماذا عن الدراسة للأقباط في جامعة الأزهر؟
>> رجاء مرة أخري لا تدخليني في السياسة.
> الحديث عن جامعة الأزهر ودخول أقباط فيها للدراسة ليس بالسياسة؟
>> وهل طلب أحد من الأقباط الالتحاق بها ورفض؟
> نعم.
>> أنا لا أعرف شيئاً عن هذا ثم إن هذه ليست نقطة أساسية في المنطقة وليس لها أي أهمية.
> بعض الأقباط أعلنوا أنهم ضد إعداد مشروع قانون للأحوال الشخصية للمسيحيين وأنه تدخل غير محمود من الحزب الوطني؟
>> من قال هذا؟ هذا خلط وترهات، إذ لا علاقة للحزب الوطني بهذا المشروع ولم يحدث أن كانت له أي علاقة به.. الدولة وليس الحزب الوطني هي التي تعكف علي إعداد مشروع قانون للأحوال الشخصية حيث قدمته وزارة العدل وبالتالي يتعين علينا عدم الانجرار لمناقشة أي شائعة أو أي رأي جزافي.
<<<
> إنجيل يهوذا بعد استعادته من أمريكا طالب البعض بعدم عرضه لأنه قد يتضمن أشياء تثير حساسيات في نفوس المسيحيين، بينما ذهب أقباط إلي أن عرضه لا يتعارض مع الدين المسيحي، لأنه أثر وتراث يعرض وجهة نظر مسيحية في حقبة تاريخية معينة فهو ملك للإنسانية ولا علاقة له بالإساءة إلي العقيدة المسيحية ما هي رؤيتكم؟
>> ليس هناك شيء اسمه انجيل يهوذا، حتي مجرد الاسم مقزز ولا يوجد أصلا هذا الانجيل ولا يمكن أن نناقش أي أمر مختلق أو أي أمر يأتي به أحد الأدعياء علينا بمناقشة الأمور المهمة الثابتة.
> قاعدة الغاية تبرر الوسيلة أثيرت مؤخراً في معرض أن أحد الحاخامات يبيح لليهوديات ممارسة الجنس مع العدو للحصول علي معلومات استخبارية وزعم أن الشريعة اليهودية تسمح بذلك من أجل الأمن القومي.
>> أظن أنك تعلمين الإجابة سلفا قبل أن تسألي ولا أعتقد أن في الشريعة اليهودية شيئاً من هذا النوع.. الشريعة اليهودية مستقاة من التوراة ولا يعقل أن يرد في التوراة أمر كهذا، وبالتالي لا يمكن لنا أن نناقش أي أمر يأتي به أحد من عندياته.
> حْكم علي 'طارق عزيز' وزير الخارجية العراقي السابق بالإعدام وهو حكم جائر وسارع الفاتيكان يطالب بعدم تنفيذه، ما هي رؤية قداستكم؟
>> إعدام طارق عزيز حرام .. وبدوري أطالب بعدم تنفيذ هذا الحكم .. طارق عزيز كان وزيرًا ينفذ أوامر رئيسه، فلا يمكن الحكم عليه بذلك، لأنه لم يكن يملك إدارة مستقلة أثناء عهد صدام.
> مسيحيون كثر في العراق تعرضوا لعمليات قتل واضطهاد مما دفع بعضهم إلي الهجرة للخارج.
>> هاجروا أم طردوا؟
> أغلبهم هاجر.
>> أمر خطير ما حدث للمسيحيين في العراق، لا يمكن لإنسان أن يباد لمجرد أنه مسيحي.. لقد قتل المسيحيون غيلة وجرت عمليات تهجير قسري لهم من العراق، وهو نوع من الاضطهاد الطائفي الذي لا يستقيم مع عراق يبحث عن استعادة وضعه كدولة متماسكة مترابطة بعيدة عن إثارة الفتنة المذهبية والإثنية العرقية، لقد سبق أن قتل بعض الأساقفة وهو أمر قابله العالم المسيحي باستياء بالغ، وأقول إن حماية هؤلاء منوطة بالدولة، ويجب وضع حد لما يتعرض له المسيحيون في العراق من قتل وسوء معاملة، فالعراق وبالتبعية العالم العربي لا يتحمل نزاعًا عرقيًا، كما أن الفوضي لا يمكن لأحد القبول بها، وأقول إن من استباح دم هؤلاء لا يمكن أن يكون مسلمًا، لأن المسلم الحقيقي هو من سلم المرء من يده ولسانه، المسلم الحقيقي هو الذي يعطي صورة مشرفة لدينه تحبب الناس فيه.
> ما أحوجنا اليوم إلي إعمال صوت الحكمة والعقل.
>> نعم .. ولابد لكل إنسان أن يعمل صوت الحكمة والعقل، ولكن إذا دعوت الآخرين إلي ذلك سيقولون ومن قال إننا لا نحكم صوت العقل والحكمة.
> ألستم معي بأن ما يحدث في مصر أحيانًا من زوابع وفوضي وارتكاب الجرائم قد يكون رد فعل تلقائيا لأزمات متفاقمة تتصدرها البطالة والفقر؟
>> البطالة تؤدي إلي نتائج كثيرة، أولي هذه النتائج أنها تولد الاحباط لدي الشباب، إذ يجد نفسه بعد الكد والجد والدراسة قد تخرج دون أن يكون هناك عمل له .. وعندئذ يجد نفسه لا شيء وهذا يولد لديه نوعًا من الاحباط واليأس، ويترتب علي البطالة أزمة الزواج، فلكي يكون الإنسان بيتًا وأسرة يحتاج لأن يكون لديه إيراد للمهر والشبكة ولشراء شقة يسكن فيها أو أسرة يصرف عليها فتكون النتيجة انه لن يتزوج، وعدم الزواج يؤدي إلي الانحراف وفساد الأخلاق فيما بعد .. كما أن البطالة تدفع الشباب نحو أمور غير صالحة يسلي بها نفسه وقد يلجأ إلي تعاطي المخدرات لكي تنسيه واقعه، كما أن البطالة قد تجعل البعض أحيانًا يثور ضد القائمين علي الحكم لأنهم لم يوفروا له حياة صالحة ولأنهم مسئولون عما آل إليه.
> حتي لو لم تكن هناك بطالة فهناك مشكلة الدخل المحدود.
>> البطالة أيضًا تذكرنا بشيء مهم، فكثيرًا ما يتحدث المسئولون عن أصحاب الدخل المحدود، ولكن هناك نوعا آخر وهم أصحاب الدخل المعدوم، ولذلك يستحسن أن توجد وظائف لهؤلاء وأولئك من خلال تدريبهم علي مشروعات صغيرة تدر عليهم دخلاً، فهو نوع من العمل يشتغلون فيه ويستغلون فيه طاقتهم ووقتهم ومهارتهم يدر عليهم إيرادًا يريحهم نفسيًا ويدبرون به حياتهم، ومن المفروض أن يدرس موضوع المشروعات الصغيرة هذه وان تعلن باستفاضة علي الشباب لكي يختار كل منهم ما يناسبه منها وبذلك نكون قد نفعنا المجتمع أيضًا بأن رسخنا لديه خبرات ونتائج إيجابية بدلاً من السلبيات.
> وكأن البطالة قد تنتج من جراء نوع التعليم الذي يحصله الشباب؟
>> نعم .. أحيانًا يكون من أسباب البطالة اهتمام دور التعليم بالدراسات النظرية البحتة، ولهذا أقول لو أمكن الاهتمام بالدراسات المهنية أيضًا فهذا سيصب بالايجاب في المجتمع.. بحيث يصبح العلم ليس لمجرد الثقافة وإنما يكون للثقافة والحياة.. إذ لا فائدة من أن يملأ الإنسان ذهنه بأفكار وهو لا يجد قوته.. فالأفكار هنا ليست هي التي ستجعله يعيش حياة آمنة.. وكل هذا يحتاج إلي تدبير وتفعيل بحيث لا يقتصر الأمر علي مجرد الكلام والوعود .. مفروض الاهتمام بمعدومي الدخل .. وهناك طبقة وسطي تعد من أصحاب الدخل شبه المعدوم.. فمرتبه يجعله شبه معدوم، إذ لا يكفيه في شيء بسبب غلو الأسعار والغلاء الذي يكتسح كل شيء حتي الدواء والسكن والأكل والشرب.
> هناك مشكلة أخري وهي المرور والاختناق والزحام الرهيب، فلقد تحولت الشوارع إلي جراجات متنقلة تولد الاحتقان.
>> مشكلة المرور تدل أيضًا علي كثرة المالكين للسيارات .. مطلوب أيضًا من كل شخص أن يعرف ان قيادته لسيارته ليست مجرد فن وإنما ذوق وأخلاق وأدب ومراعاة لكل القوانين، إن أصعب قيادة هي في مصر لأن بالخارج يوجد تنظيم عجيب، فالشخص ملتزم ويسير بسيارته وفقًا للقوانين، أما في مصر فنري من يقود دراجة أو موتوسيكلا ليعبر به بين السيارات دون مراعاة لمناطق مرور معينة، ولذلك كثرت حوادث المرور ومات فيها أشخاص كثيرون وبعضهم أجانب، ولا يمكن ان نعفل أيضًا ما يحدث إذا كانت هناك شبورة حيث يقع الكثير من حوادث التصادم.
> ألا يدعو هذا إلي وجوب تخفيف العبء عن العاصمة التي باتت تنوء بالزحام؟
>> كان مفيدًا في هذا السياق إقامة مناطق جديدة ولكن مازالت تفتقر إلي إدارات تتعلق بالمؤسسات والوزارات التي تضم مصالح الناس .. ولهذا يفد الكثيرون من المحافظات إلي القاهرة سعيًا لقضاء مصالحهم.
<<<
> ماذا عما تردد من أنكم ستتوجهون إلي إثيوبيا ردًا علي زيارة قام بها بطريرك إثيوبيا لمصر؟
>> بطريرك إثيوبيا وجه لي الدعوة للزيارة ولكن وضعي الصحي لن يسمح بذلك.
> استبشر الكثيرون خيرًا عندما علموا بأن قداستكم ستتوجهون إلي إثيوبيا حيث تطلعون إلي أن يلقي قداسة البابا بثقله في موضوع مياه النيل لتصفية الأجواء بين مصر واثيوبيا وحتي لا تطوق مصر بأزمة تتعلق بمياه النيل فيما بعد.
>> الدنيا تغيرت.. زمان كان الرئيس الديني في إثيوبيا يستطيع أن يتدخل وأن تكون له كلمته.. ولكن منذ ان جاء 'مانجستو هيلا مريام' وكان ملحدًا ولم يعط لرجال الدين فرصة.. تغيرت الأمور في عهده.. ورغم أنهم طردوه من إثيوبيا أخيرًا إلا أن آثاره مازالت باقية، فأصبح الحكم المدني هو المسيطر، أي أن 'مانجستو' لخبط الدنيا كلها، وهذا يطلعنا علي أهمية الإنسان من خلال أفعاله، فهناك إنسان يمكن أن يصلح الأجواء كلها وهناك آخر يمكن أن يربك كل الأجواء.
> من الناحية الروحية البحتة ما الذي تنصحون به الإنسان في العام الجديد الحالي ليعيش في وئام مع نفسه وربه ومجتمعه؟
>> لكي تكون سنة جديدة لابد من حياة جديدة .. يتعين علي الإنسان في بدء عام جديد ان يجلس إلي نفسه طبعًا ويستدعي حياته ويري ما هي الأخطاء التي وقع فيها وكيف له أن يتجنبها، وما هي الفضائل التي تنقصه وكيف يكتسبها، وما هي الأجواء التي تساعده علي أن يحيا حياة طاهرة مقدسة أمام الله، كما أنه أيضًا مطالب بأن ينتهز فرصة العام الجديد ليشكر الله علي كل إحساناته إليه في العام الماضي، وعلي كل إحساناته علي كل أقاربه وأصدقائه وعلي البلد كله لأنه لا توجد عطية بلا زيادة إلا تلك التي بلا شكر.
> هذا يتماشي مع ما أوصي به الإسلام 'ولئن شكرتم لأزيدنكم'.
>> نعم .. لابد من الشكر .. وتبقي هناك بداية جديدة قوية يشعر فيها الإنسان بأنه ارتقي ولو درجة واحدة نحو طريق حياة الروح.
> بعيدًا عن نوازع الشر، ولكن كيف يمكن للمرء أن يتجنبها؟
>> نوازع الشر إما أن تكون داخلية وإما خارجية، الأولي نابعة من رغبات الإنسان وشهواته وغرائزه وطموحاته وأفكاره وخارجية نابعة من التأثيرات الخارجية التي تدفعه صوب الخطيئة .. فعليه ان يبتعد عن كل ما يضره روحيًا سواء من الخارج أو من الداخل .. من الخارج حيث الصداقات التي تلحق به الضرر أو العلاقات البشرية التي تتعبه أو القراءات التي يقرؤها أو التأثير الفكري عليه أو النفسي أو العصبي، في كل هذا عليه أن يدبر نفسه بأن يبتعد عما قد يلحق به الضرر، ومن الداخل أيضًا عليه أن يدبر نفسه داخليًا عملا بما قاله أحد الآباء: 'إذا اصطلح الإنسان مع نفسه اصطلحت معه السماء والأرض'.. أي أن يصطلح مع نفسه لأنه من الجائز ان تكون نفسه هي الأمارة بالسوء وهي التي تدفعه دفعًا صوب الخطأ، ولا نقصد هنا بالخطأ، الخطأ الجسماني فقط، وإنما كل أنواع الخطأ الفكري والعصبي والطموحات الخاطئة.
> الكلام قد يكون سهلاً ولكن العمل قد يكون صعبًا، فالانسان العاطل الذي لا يملك وسيلة للعيش تعينه علي الحياة كيف يمكن أن ينأي بنفسه بعيدًا عن الزلل؟
>> يمكن للإنسان ان يحصل علي مال بطريقة شريفة ويمكن ان يدبر لنفسه طريقة للحياة تكون بقدر الامكان متاحة له بدون أن يلجأ إلي الشر، والإنسان في داخله أشياء كثيرة تدفعه نحو ما يريد، فإذا كان داخله بارًا تكون دوافعه بارة .. والعكس صحيح، وعليه، من لا يجد ما يسد به رمقه يجب أن يبحث عن أي عمل يسترزق منه.. هناك أناس اخترعوا لأنفسهم أبوابا للرزق لم يكن لأحد من قبل أن يفكر فيها.. علي كل إنسان ان يفكر كيف يمكن ان يلجأ إلي وسيلة سليمة يرتزق منها ولا يسمح للظروف الخارجية من فقر وبطالة ان تدفعه إلي الانجراف نحو الشر.
> ما هي الكلمة التي توجهونها لشعب مصر بمناسبة العام الجديد؟
>> نحن في هذه الأيام المباركة نطلب من الله ان يكون معنا وان يعطينا قوة ونعمة من عنده لكي نسلك حسنًا ولكي نفعل في كل حين ما يرضيه .. ونرجو لكم جميعًا كل خير وكل بركة وكل حياة طيبة مهداة من الله.
السبت 1/1/2011 الساعة 2: 27: 11 مساء
البابا شنودة في حديث خاص لــــــ ' الأسبوع'.. جريمة عيد الميلاد تستهدف أمن و استقرار مصر .. وتعيد إلي الأذهان ذكري حادث نجع حمادي
البابا خلال الحوار مع سناء السعيد
البابا خلال الحوار مع سناء السعيد
حوار أجرته: سناء السعيد
- القتلة أعداء للمسيحيين والمسلمين علي السواء .. وهدفهم إثارة الفتنة
- أشعر بالحزن والألم علي أولادي.. وأطالب بسرعة القبض علي الجناة
أكد البابا شنودة أن حادث الاسكندرية استهدف زعزعة استقرار البلاد وأمنها، وان هناك قوي لا تريد خيرًا لهذا البلد ارتكبت هذا العمل الاجرامي في ليلة الاحتفال بعيد الميلاد المجيد.
وقال البابا في تصريح خاص لـ'الأسبوع' بعد ساعات من إجراء هذا الحوار معه بمبني الكاتدرائية ان الشهداء الذين سقطوا جراء هذا العمل الإجرامي الغادر لم يرتكبوا جرمًا ضد أحد، بل كانوا يؤدون الصلوات ويقيمون الاحتفالات، لكنهم سقطوا ضحية هذه الجريمة الغادرة.
وأكد البابا لـ'الأسبوع' ان هذا الحادث أعاد الذكري الأليمة لشهداء نجع حمادي الذين سقطوا ليلة عيد الميلاد وتساءل بحسرة ما ذنب هؤلاء الذين يموتون والذين سالت دماؤهم وتناثرت أشلاؤهم بفعل هذا العمل الجبان.
وقال البابا .. ان الذين يستهدفون أمن مصر هم أعداء للمسيحين والمسلمين علي السواء، وهم لا يريدون خيرًا لهذا البلد ويسعون إلي إثارة الفتنة علي أراضيه.
وأكد البابا ان كل من يحاول إثارة الفتنة علي أرض هذا الوطن لن يجد سوي جسدًا منيعًا قويًا يأبي الانهيار، وهو قادر علي التصدي لكل هذه المؤامرات وكشفها ودحرها.
وطالب البابا بضرورة القبض سريعًا علي مرتكبي الحادث الاجرامي ومحاكمتهم ليكونوا عبرة لغيرهم ممن يحاولون المساس بأمن واستقرار هذا البلد.
وقال البابا .. انه من المبكر توجيه الاتهام لأي من القوي وقال اترك هذا الأمر لجهات التحقيق التي ستعلن بالقطع الحقائق أمام الرأي العام.
وأكد البابا .. انه يشعر بالحزن والألم العميق علي فقدان العشرات من أبناء مصر وأبناء الكنيسة في هذا الحادث الجبان الذي استهدف اغتيال فرحة المسيحين في عيد الميلاد وتهديد أمن واستقرا البلاد .. وهذا هو نص الحديث الذي جري معه في مبني الكاتدرائية بوسط القاهرة قبيل ساعات من الحادث الاجرامي الذي شهدته مدينة الإسكندرية :
> عقد كامل اختتم في العام المنصرم 2010 غلفته أحداث جسام وطفت علي سطحه حروب وآثام.. تعمقت في جنباته نزاعات وخلافات وسادته موجة من الفوضي ماذا عن العام الجديد 2011؟ وما الذي تأملونه؟
>> نأمل أن يأتي بالخير العميم لمصر وللمنطقة وأن يكون بداية عقد يتعافي من مشاكل أمراض حلت بالعالم، أرجو أن يكون العام الحالي جديدا في كل شيء بحيث لا تقتصر الجدة علي التقويم وإنما تسود كل شيء لتنعكس علي حياتنا وصفاتنا وعلاقاتنا مع الآخرين بالنسبة للناس العاديين هي حياة توبة وتجديد للحياة مرة أخري لتكوين علاقة طيبة مع ربنا وعلاقة طيبة مع الناس.. نتمناه عاما جديدا زاخرا بالعمل والنشاط وليس عاما يسهر الناس فيه لمنتصف الليل ويستيقظون في الصباح كما هم في طباعهم وخطاياهم.
> في الفترة '2001 إلي 2010' تعرضت المنطقة لمصاعب كثيرة كانت مليئة بالعثرات، بالمظالم، بالثغرات، بالمعايير المزدوجة وأكثر ما سيطر عليه هو بدء النزوع نحو مشروع تقسيم الدول؟
>> رجاء لا تدخليني في مجال السياسة لننحيها جانباً.
> هذه ليست سياسة إنني أخاطب فيكم الرأي الحكيم لقضايا تعصف بمنطقتنا؟
>> لا أريد أن أتدخل في السياسة.
> ولكن دول المنطقة مشرفة علي فترة حالكة، فلقد باتت مهددة بالتقسيم؟
>> أنا لست مسئولاً عن المنطقة ودولها، إذ إن لها أناسها وحكامها.
> في هذا السياق أمريكا تتطلع إلي أن يكون في مصر دولة للأقباط؟
>> أنا مالي بأمريكا.
> لكنك معني بأن ترد علي كل ما يتعلق بطرح دولة للأقباط في مصر؟
>> هذا الكلام لا أساس له هذه طرفة قالها الرئيس أنور السادات في الماضي ولم تحظ بتأييد من أحد وانتهي الأمر عند هذا الحد.
> قد لا يكون هناك تحرك من الداخل يسعي لتحقيق ذلك ولكن قد يفرض علينا هذا الوضع من الخارج؟
>> يفرض علي من؟
> علينا.. علي مصر؟
>> وهل مصر خاضعة للأجنبي حتي يفرض عليها أمرا كهذا؟ مثل تلك الأقوال ترهات ولا يمكن لنا تصديقها.
> ما رؤيتكم حول ما يقال بأن محور المواطنة مرتكز رئيسي لضمان حقوق المواطن ما هي رؤيتكم؟
>> كلمة المواطنة كلمة يستخدمها الكثيرون ولا يعرفون معناها بالضبط.
> ثنائية العدالة والاستقرار كيف يمكننا إحرازها حيث إننا إذا ضمنا وجود العدالة سنضمن الاستقرار بالتبعية؟
>> السؤال يجب أن يوجه للقضاة وليس لي أنا، فأنا لست مسئولاً عن العدالة.
> أنا أتحدث عن العدالة كمنطوق عام يجب أن يسود لكي نصل إلي الاستقرار؟
>> كل واحد يري أن العدالة تتحقق عندما يكون الحق إلي جانبه.
> هذا بالنسبة للفرد ولكن ماذا عن المجتمع؟ المفروض أن تطبق العدالة علي الجميع حتي يسود الاستقرار.
>> أسألك بدوري وهل ترين أن العدالة حالياً غير مطبقة؟
> أيا كان ولكن هل تتفقون معي في أن العدالة يجب أن تسود حتي نضمن وجود الاستقرار؟
>> بالطبع.. وهو ما نتوق إليه جميعاً، ولكن أعود لأتساءل: هل هي مجرد أمر نسعي إليه أم أنها أمر موجود بالفعل.
> نسعي إليه بالطبع؟
>> هل يعني هذا أنه غير موجود؟
> ما الذي ترونه أنتم؟
>> رجاء لا تدخلينا في مشاكل.
> في نوفمر من العام الماضي صدر تقرير الخارجية الأمريكية حول وضع الحريات الدينية في العالم وانتقد التقرير مصر حيال ممارسة التمييز الديني ضد المسيحيين؟
>> لا نريد إثارة مشاكل بالتطرق إلي هذا التقرير.
> ولكن التقرير انتقد أيضا عدم إصدار تشريع موحد لبناء دور العبادة في مصر حتي الآن؟
>> أنت ترين ما يحدث وليس هناك داع لأن أعلق علي ما ورد في هذا التقرير.
> بعد موجة من الهرج والمرج سادت الشارع المصري قبل نهاية العام المنصرم التقيتم بالرئيس مبارك وأتساءل ما الذي أثير من موضوعات في هذا اللقاء؟
>> كانت جلسة خاصة لا أتحدث عنها.
> فقط نريد الوقوف علي الموضوع الرئيسي الذي تطرقتم إليه خلال اللقاء؟
>> الرئيس مبارك تحدث بكلام وأنا تحدثت بكلام وإذا كنت مصرة علي أن تعرفي ما تحدثنا حوله عليك برئاسة الجمهورية اسأليها ولكني أؤكد أن علاقتي مع الرئيس مبارك علاقة طيبة وعندما نتحدث في أمور لا نختلف، مشاعري تجاه الرئيس مبارك كانت دوما مفعمة بالحب والتقدير وأطلب من الله أن يحفظه ويمتعه بالصحة ويعينه علي مسئوليات جسام يضطلع بها ولا يمكن حلها إلا به هو.
> عود إلي تقرير الخارجية الأمريكية حول وضع الحريات الدينية حيث انتقد منع الأقباط من الدراسة في جامعة الأزهر؟
>> أنا لا أريد أن أتعرض لمناقشة تقرير الخارجية الأمريكية هذا.
> إذن ماذا عن الدراسة للأقباط في جامعة الأزهر؟
>> رجاء مرة أخري لا تدخليني في السياسة.
> الحديث عن جامعة الأزهر ودخول أقباط فيها للدراسة ليس بالسياسة؟
>> وهل طلب أحد من الأقباط الالتحاق بها ورفض؟
> نعم.
>> أنا لا أعرف شيئاً عن هذا ثم إن هذه ليست نقطة أساسية في المنطقة وليس لها أي أهمية.
> بعض الأقباط أعلنوا أنهم ضد إعداد مشروع قانون للأحوال الشخصية للمسيحيين وأنه تدخل غير محمود من الحزب الوطني؟
>> من قال هذا؟ هذا خلط وترهات، إذ لا علاقة للحزب الوطني بهذا المشروع ولم يحدث أن كانت له أي علاقة به.. الدولة وليس الحزب الوطني هي التي تعكف علي إعداد مشروع قانون للأحوال الشخصية حيث قدمته وزارة العدل وبالتالي يتعين علينا عدم الانجرار لمناقشة أي شائعة أو أي رأي جزافي.
<<<
> إنجيل يهوذا بعد استعادته من أمريكا طالب البعض بعدم عرضه لأنه قد يتضمن أشياء تثير حساسيات في نفوس المسيحيين، بينما ذهب أقباط إلي أن عرضه لا يتعارض مع الدين المسيحي، لأنه أثر وتراث يعرض وجهة نظر مسيحية في حقبة تاريخية معينة فهو ملك للإنسانية ولا علاقة له بالإساءة إلي العقيدة المسيحية ما هي رؤيتكم؟
>> ليس هناك شيء اسمه انجيل يهوذا، حتي مجرد الاسم مقزز ولا يوجد أصلا هذا الانجيل ولا يمكن أن نناقش أي أمر مختلق أو أي أمر يأتي به أحد الأدعياء علينا بمناقشة الأمور المهمة الثابتة.
> قاعدة الغاية تبرر الوسيلة أثيرت مؤخراً في معرض أن أحد الحاخامات يبيح لليهوديات ممارسة الجنس مع العدو للحصول علي معلومات استخبارية وزعم أن الشريعة اليهودية تسمح بذلك من أجل الأمن القومي.
>> أظن أنك تعلمين الإجابة سلفا قبل أن تسألي ولا أعتقد أن في الشريعة اليهودية شيئاً من هذا النوع.. الشريعة اليهودية مستقاة من التوراة ولا يعقل أن يرد في التوراة أمر كهذا، وبالتالي لا يمكن لنا أن نناقش أي أمر يأتي به أحد من عندياته.
> حْكم علي 'طارق عزيز' وزير الخارجية العراقي السابق بالإعدام وهو حكم جائر وسارع الفاتيكان يطالب بعدم تنفيذه، ما هي رؤية قداستكم؟
>> إعدام طارق عزيز حرام .. وبدوري أطالب بعدم تنفيذ هذا الحكم .. طارق عزيز كان وزيرًا ينفذ أوامر رئيسه، فلا يمكن الحكم عليه بذلك، لأنه لم يكن يملك إدارة مستقلة أثناء عهد صدام.
> مسيحيون كثر في العراق تعرضوا لعمليات قتل واضطهاد مما دفع بعضهم إلي الهجرة للخارج.
>> هاجروا أم طردوا؟
> أغلبهم هاجر.
>> أمر خطير ما حدث للمسيحيين في العراق، لا يمكن لإنسان أن يباد لمجرد أنه مسيحي.. لقد قتل المسيحيون غيلة وجرت عمليات تهجير قسري لهم من العراق، وهو نوع من الاضطهاد الطائفي الذي لا يستقيم مع عراق يبحث عن استعادة وضعه كدولة متماسكة مترابطة بعيدة عن إثارة الفتنة المذهبية والإثنية العرقية، لقد سبق أن قتل بعض الأساقفة وهو أمر قابله العالم المسيحي باستياء بالغ، وأقول إن حماية هؤلاء منوطة بالدولة، ويجب وضع حد لما يتعرض له المسيحيون في العراق من قتل وسوء معاملة، فالعراق وبالتبعية العالم العربي لا يتحمل نزاعًا عرقيًا، كما أن الفوضي لا يمكن لأحد القبول بها، وأقول إن من استباح دم هؤلاء لا يمكن أن يكون مسلمًا، لأن المسلم الحقيقي هو من سلم المرء من يده ولسانه، المسلم الحقيقي هو الذي يعطي صورة مشرفة لدينه تحبب الناس فيه.
> ما أحوجنا اليوم إلي إعمال صوت الحكمة والعقل.
>> نعم .. ولابد لكل إنسان أن يعمل صوت الحكمة والعقل، ولكن إذا دعوت الآخرين إلي ذلك سيقولون ومن قال إننا لا نحكم صوت العقل والحكمة.
> ألستم معي بأن ما يحدث في مصر أحيانًا من زوابع وفوضي وارتكاب الجرائم قد يكون رد فعل تلقائيا لأزمات متفاقمة تتصدرها البطالة والفقر؟
>> البطالة تؤدي إلي نتائج كثيرة، أولي هذه النتائج أنها تولد الاحباط لدي الشباب، إذ يجد نفسه بعد الكد والجد والدراسة قد تخرج دون أن يكون هناك عمل له .. وعندئذ يجد نفسه لا شيء وهذا يولد لديه نوعًا من الاحباط واليأس، ويترتب علي البطالة أزمة الزواج، فلكي يكون الإنسان بيتًا وأسرة يحتاج لأن يكون لديه إيراد للمهر والشبكة ولشراء شقة يسكن فيها أو أسرة يصرف عليها فتكون النتيجة انه لن يتزوج، وعدم الزواج يؤدي إلي الانحراف وفساد الأخلاق فيما بعد .. كما أن البطالة تدفع الشباب نحو أمور غير صالحة يسلي بها نفسه وقد يلجأ إلي تعاطي المخدرات لكي تنسيه واقعه، كما أن البطالة قد تجعل البعض أحيانًا يثور ضد القائمين علي الحكم لأنهم لم يوفروا له حياة صالحة ولأنهم مسئولون عما آل إليه.
> حتي لو لم تكن هناك بطالة فهناك مشكلة الدخل المحدود.
>> البطالة أيضًا تذكرنا بشيء مهم، فكثيرًا ما يتحدث المسئولون عن أصحاب الدخل المحدود، ولكن هناك نوعا آخر وهم أصحاب الدخل المعدوم، ولذلك يستحسن أن توجد وظائف لهؤلاء وأولئك من خلال تدريبهم علي مشروعات صغيرة تدر عليهم دخلاً، فهو نوع من العمل يشتغلون فيه ويستغلون فيه طاقتهم ووقتهم ومهارتهم يدر عليهم إيرادًا يريحهم نفسيًا ويدبرون به حياتهم، ومن المفروض أن يدرس موضوع المشروعات الصغيرة هذه وان تعلن باستفاضة علي الشباب لكي يختار كل منهم ما يناسبه منها وبذلك نكون قد نفعنا المجتمع أيضًا بأن رسخنا لديه خبرات ونتائج إيجابية بدلاً من السلبيات.
> وكأن البطالة قد تنتج من جراء نوع التعليم الذي يحصله الشباب؟
>> نعم .. أحيانًا يكون من أسباب البطالة اهتمام دور التعليم بالدراسات النظرية البحتة، ولهذا أقول لو أمكن الاهتمام بالدراسات المهنية أيضًا فهذا سيصب بالايجاب في المجتمع.. بحيث يصبح العلم ليس لمجرد الثقافة وإنما يكون للثقافة والحياة.. إذ لا فائدة من أن يملأ الإنسان ذهنه بأفكار وهو لا يجد قوته.. فالأفكار هنا ليست هي التي ستجعله يعيش حياة آمنة.. وكل هذا يحتاج إلي تدبير وتفعيل بحيث لا يقتصر الأمر علي مجرد الكلام والوعود .. مفروض الاهتمام بمعدومي الدخل .. وهناك طبقة وسطي تعد من أصحاب الدخل شبه المعدوم.. فمرتبه يجعله شبه معدوم، إذ لا يكفيه في شيء بسبب غلو الأسعار والغلاء الذي يكتسح كل شيء حتي الدواء والسكن والأكل والشرب.
> هناك مشكلة أخري وهي المرور والاختناق والزحام الرهيب، فلقد تحولت الشوارع إلي جراجات متنقلة تولد الاحتقان.
>> مشكلة المرور تدل أيضًا علي كثرة المالكين للسيارات .. مطلوب أيضًا من كل شخص أن يعرف ان قيادته لسيارته ليست مجرد فن وإنما ذوق وأخلاق وأدب ومراعاة لكل القوانين، إن أصعب قيادة هي في مصر لأن بالخارج يوجد تنظيم عجيب، فالشخص ملتزم ويسير بسيارته وفقًا للقوانين، أما في مصر فنري من يقود دراجة أو موتوسيكلا ليعبر به بين السيارات دون مراعاة لمناطق مرور معينة، ولذلك كثرت حوادث المرور ومات فيها أشخاص كثيرون وبعضهم أجانب، ولا يمكن ان نعفل أيضًا ما يحدث إذا كانت هناك شبورة حيث يقع الكثير من حوادث التصادم.
> ألا يدعو هذا إلي وجوب تخفيف العبء عن العاصمة التي باتت تنوء بالزحام؟
>> كان مفيدًا في هذا السياق إقامة مناطق جديدة ولكن مازالت تفتقر إلي إدارات تتعلق بالمؤسسات والوزارات التي تضم مصالح الناس .. ولهذا يفد الكثيرون من المحافظات إلي القاهرة سعيًا لقضاء مصالحهم.
<<<
> ماذا عما تردد من أنكم ستتوجهون إلي إثيوبيا ردًا علي زيارة قام بها بطريرك إثيوبيا لمصر؟
>> بطريرك إثيوبيا وجه لي الدعوة للزيارة ولكن وضعي الصحي لن يسمح بذلك.
> استبشر الكثيرون خيرًا عندما علموا بأن قداستكم ستتوجهون إلي إثيوبيا حيث تطلعون إلي أن يلقي قداسة البابا بثقله في موضوع مياه النيل لتصفية الأجواء بين مصر واثيوبيا وحتي لا تطوق مصر بأزمة تتعلق بمياه النيل فيما بعد.
>> الدنيا تغيرت.. زمان كان الرئيس الديني في إثيوبيا يستطيع أن يتدخل وأن تكون له كلمته.. ولكن منذ ان جاء 'مانجستو هيلا مريام' وكان ملحدًا ولم يعط لرجال الدين فرصة.. تغيرت الأمور في عهده.. ورغم أنهم طردوه من إثيوبيا أخيرًا إلا أن آثاره مازالت باقية، فأصبح الحكم المدني هو المسيطر، أي أن 'مانجستو' لخبط الدنيا كلها، وهذا يطلعنا علي أهمية الإنسان من خلال أفعاله، فهناك إنسان يمكن أن يصلح الأجواء كلها وهناك آخر يمكن أن يربك كل الأجواء.
> من الناحية الروحية البحتة ما الذي تنصحون به الإنسان في العام الجديد الحالي ليعيش في وئام مع نفسه وربه ومجتمعه؟
>> لكي تكون سنة جديدة لابد من حياة جديدة .. يتعين علي الإنسان في بدء عام جديد ان يجلس إلي نفسه طبعًا ويستدعي حياته ويري ما هي الأخطاء التي وقع فيها وكيف له أن يتجنبها، وما هي الفضائل التي تنقصه وكيف يكتسبها، وما هي الأجواء التي تساعده علي أن يحيا حياة طاهرة مقدسة أمام الله، كما أنه أيضًا مطالب بأن ينتهز فرصة العام الجديد ليشكر الله علي كل إحساناته إليه في العام الماضي، وعلي كل إحساناته علي كل أقاربه وأصدقائه وعلي البلد كله لأنه لا توجد عطية بلا زيادة إلا تلك التي بلا شكر.
> هذا يتماشي مع ما أوصي به الإسلام 'ولئن شكرتم لأزيدنكم'.
>> نعم .. لابد من الشكر .. وتبقي هناك بداية جديدة قوية يشعر فيها الإنسان بأنه ارتقي ولو درجة واحدة نحو طريق حياة الروح.
> بعيدًا عن نوازع الشر، ولكن كيف يمكن للمرء أن يتجنبها؟
>> نوازع الشر إما أن تكون داخلية وإما خارجية، الأولي نابعة من رغبات الإنسان وشهواته وغرائزه وطموحاته وأفكاره وخارجية نابعة من التأثيرات الخارجية التي تدفعه صوب الخطيئة .. فعليه ان يبتعد عن كل ما يضره روحيًا سواء من الخارج أو من الداخل .. من الخارج حيث الصداقات التي تلحق به الضرر أو العلاقات البشرية التي تتعبه أو القراءات التي يقرؤها أو التأثير الفكري عليه أو النفسي أو العصبي، في كل هذا عليه أن يدبر نفسه بأن يبتعد عما قد يلحق به الضرر، ومن الداخل أيضًا عليه أن يدبر نفسه داخليًا عملا بما قاله أحد الآباء: 'إذا اصطلح الإنسان مع نفسه اصطلحت معه السماء والأرض'.. أي أن يصطلح مع نفسه لأنه من الجائز ان تكون نفسه هي الأمارة بالسوء وهي التي تدفعه دفعًا صوب الخطأ، ولا نقصد هنا بالخطأ، الخطأ الجسماني فقط، وإنما كل أنواع الخطأ الفكري والعصبي والطموحات الخاطئة.
> الكلام قد يكون سهلاً ولكن العمل قد يكون صعبًا، فالانسان العاطل الذي لا يملك وسيلة للعيش تعينه علي الحياة كيف يمكن أن ينأي بنفسه بعيدًا عن الزلل؟
>> يمكن للإنسان ان يحصل علي مال بطريقة شريفة ويمكن ان يدبر لنفسه طريقة للحياة تكون بقدر الامكان متاحة له بدون أن يلجأ إلي الشر، والإنسان في داخله أشياء كثيرة تدفعه نحو ما يريد، فإذا كان داخله بارًا تكون دوافعه بارة .. والعكس صحيح، وعليه، من لا يجد ما يسد به رمقه يجب أن يبحث عن أي عمل يسترزق منه.. هناك أناس اخترعوا لأنفسهم أبوابا للرزق لم يكن لأحد من قبل أن يفكر فيها.. علي كل إنسان ان يفكر كيف يمكن ان يلجأ إلي وسيلة سليمة يرتزق منها ولا يسمح للظروف الخارجية من فقر وبطالة ان تدفعه إلي الانجراف نحو الشر.
> ما هي الكلمة التي توجهونها لشعب مصر بمناسبة العام الجديد؟
>> نحن في هذه الأيام المباركة نطلب من الله ان يكون معنا وان يعطينا قوة ونعمة من عنده لكي نسلك حسنًا ولكي نفعل في كل حين ما يرضيه .. ونرجو لكم جميعًا كل خير وكل بركة وكل حياة طيبة مهداة من الله.