_________________________________
قبائل المحاميد بليبيا
اعداد م/ بيرى الزاوية ليبيا
من قبائل المحاميد : قبيلة (أولاد المرموري) الذين كانت لهم شُهرة واسعة بين قبائل بني سليم بفضل ما كان لديهم من فعاليات ، مكنتهم من امتلاك الأراضي الواسعة الخصبة ، التي كانت تقع في انصف الغربي من سهل الجفارة ، أكبر السهول الزراعية عامة في طرابلس الغرب .
وقبائل المحاميد ليست متعددة فكلها تمثل أربع قبائل رئيسة ، بما فيها قبيلة أولاد المر موري المذكورة ، وهي على النحو التالي : ( أولاد صولة ، وأولاد شبل ، وأولاد المرموري ، والسبعة ) ، ويلاحظ على هذه القبائل أنها لم تعد تحتفظ بلقبها (المحمودي) واستعاضت عنه بألقاب أخرى أقوى منه صدى ، ترمز إلى القوة ، والبسالة مثل (الشبلى) نسبة إلى شبل بن محمود بن طوق ، و(صولي) من صولة بن محمود ، و(السبعة) جاءت نسبة إلى سبع بن محمود بن طوق . وبناء على دور المحاميد البارز في تاريخ طرابلس الغرب الحديث ، أود أن ألقي الضوء في هذا الفصل على نسب المحاميد ، الذين كانت لهم اليد الطولي في التأثير على مجرى الأحداث السياسية والاجتماعية التي شهدتها المنطقة بصفة عامة ، قرابة أربعة قرون ، إبان حكم العثمانيين المباشر ، وغير المباشر على مناطق برقــة ، وطرابلس وفزان .
أولاً: نسب المحاميد :-
ينتمي المحاميد إلى بني سليم ، الذين وصلوا إلى جهات برقة وطرابلس وفزان حوالي 443هـ /1051م ، عن طريق صعيد مصر، بعد عبورهم نهر النيل في اتجاه الغرب .
ومن أهم بطون بني سليم الذين فضلوا الاستقرار الدائم هنا أربع بطون هم :-
أ -بنو زغـب : نسبة إلى زغب بن ناصر بن خفاف بن امرئ القيس بن بهثة بن سليم،استقروا خاصة بنواحي الجبل الغربي وفزان . ومن أشهر بطونهم (المقارحة) و(أولاد ذويب) بالزنتان) و(الشعيبات) بسرت ، و(الميامين) بالزهراء . ب-بنو دياب : نسبة إلى دياب بن مالك بن سُليم ، يقول المقريزي (ومن بني سُليم بنو دياب من مالك ، ينزلون ما بين قابس وبرقة ، وهم ببرقة بجوار (هيب) ، ومنهم بنو سليمان بن دياب في جهة فزان وودان ، ورؤساء دياب الأن ما بين طرابلس وقابس ، وبينهم (منهم) بنو صابر والمحامد (المحاميد) بنواحي فاس وبيتهم ورئاستهم في بني رحاب . وتوجد عدة قبائل من المحاميد موزعين في انحاء الوطن العربي على النحو التالي:- المحاميد من عشائر حوران بسوريـا . المحاميد من عشائر معــان بالأردن . المحاميد من عشائر البلقـاء بالأردن . المحاميد بالصحراء العربيـة . المحاميد ما بين مكة والمدينة بالسعودية . المحاميد بغربي ليبيـا . ج-بنو هيب : نسبة إلى هيب بن بهثة بن سُليم ، ويتحدث المقريزي في كتابه (البيان والإعراض) حول اصل وموطن (بني هيب) فيقول :- (( أبن بهثة .. ما بين السدرة من برقة إلى حدود الإسكندرية ، وبنو أحمد منهم بأجدابيا ولهيب في سليم عزة لاستيلائها على إقليم طويل خربت مدنه وصارت ولايته لأشياخهم )) . وقد ذكر أن (المغاربة) الذين يشكلون سكان شرقي سرت من بطون بني هيب . ويتضح من هذا أن بني دياب قد شكلوا غالبية سكانية كبيرة عبر الزمن ، بين منطقة طرابلس خاصة سكان ترهونة والرقيعات ، والنواحي الأربع مثل العلاونة ، والعمائم وساحل الأحامد ، وأولاد سليمان بفزان ، ومن دياب أيضاً عرب غربي طرابلس خاصة أولاد نائل ، وأولاد سنان ، وأولاد أبى العز ، وأولاد وشاح ، والمحاميد ، والجواري . د -بنو عوف : نسبة إلى عوف بن بهثة : بن سليم . ومن بطون بني عوف (العلالقة) بصبراته والعجيلات ، و(أولاد بالليل) بصرمان ، وغدامس ، و(أولاد بريك) و(أولاد بركات) بترهونة ، ومصراته ، و(أولاد بالهول) بالزنتان ، و(اولاد أبي القاسم) بالزنتان .
ثانياً: قبائل المحاميد في القرن التاسع عشر :- سبقت الإشارة إلى أن قبائل المحاميد تتكون من أربع قبائل رئيسة هي :-
أ -أولاد المرموري ( أولاد عبدالله ) . أولاد صولة . أولاد شبـل . السبعـــة . وإن جميع هذه القبائل من نسل وشاح الذي ينتسب إلى الدبابيين يضاف إلى هذا أن هذه القبائل تنتمي إلى محمود بن طوق ، الذي قتله قراقوش مملوك صلاح الدين الأيوبي بقصر العروسين بقابس في أواخر القرن السابع الهجري (الثالث عشر الميلادي) . وكان قد تولى رئاسة المحاميد بعد ذلك شيخ قوي تمكن من السيطرة على أرض شاسعة هو الشيخ يعقوب بن عطية أحد أحفاد محمود بن طوق ، الذي استطاع أن يخلف لأبنائه من المحاميد الهيبة ، والاحترام ، والتقدير من قبل الآخرين فترة طويلة من الزمن حتي النصف الأول من القرن التاسع عشر حينما حاول العثمانيون زحزحة قبائل المحاميد منها ، فتصدى لهم الشيخ غومة بن خليفة المحمودي ، كي يفوت عليهم الفرصة الذهبية ، كما فوتت من قبل على يوسف باشا القرمانلي عام 1818 م و1820م برغم قتله شيخ المحاميد أبي القاسم بن خليفة المحمودي وفيما يلي ملخصاً عن كل قبيلة من قبائل المحاميد :-
أولاً: أولاد المرموري (أولاد عبدالله) : منذ الربع الأخير من القرن الثامن عشر ، وحتى نهاية القرن التاسع عشر ، تركزت رئاسة قبائل المحاميد في بيت الشيخ غومة بن خليفة المحمودي حيث تعاقب عدة مشايخ على الرئاسة ، من أمثال الشيخ عون ، والشيخ خليفة بن عون ، والشيخ أبي القاسم بن خليفة ، والشيخ محمد بن أبي القاسم ، ثم الشيخ غومة بن خليفة ، وهو آخر وأبرز شيوخ المحاميد حتى النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي الذي كان قد ولد في نهاية القرن الثامن عشر حيث قاد المحاميد في ثورة عارمة طيلة ربع قرن محاولاً أن يضع حداً لقسوة الولاة العثمانيين الذين كانت ترسل بهم الآستانة إلى طرابلس الغرب . وقبيلة أولاد المرموري كانت تضم عدة فروع أهمها :- أ -أولاد عون : كان الشيخ غومة بن خليفة من أولاد عون ، والذين كانوا يتنقلون عبر فصول السنة بين صرمان والصابرية ، وأبى عيسي ، والزاوية ، ووادي الأثل ، ويفرن ، وغريان , وككلة ، وعدة مناطق أخرى ساحلية ، وداخلية لأنهم كانوا يملكون مساحات هامة من أراضي المناطق المذكورة يديرها أشخاص من قبلهم . ب-أولاد سلطان : كانت منازلهم متنقلة عبر سهل الجفارة ما بين وادي الأثل ، والصابرية ، بقرب الزاوية ، حيث كان البعض منهم يملك مزارع متوسطة المساحة . وعادت فترة بقائهم عليهم بالفائدة برغم اقتصارها على فصل الخريف من كل عام في تعليم أبنائهم القراءة والكتابة في الكتاتيب التي تكثر بالمنطقة ، وكثيراً ما كان يترك بعض الآباء أبناءهم لمواصلة طلب العلم بإحدى الزوايا القرآنية . وساعد هذا العامل على ظهور عدة أشخاص تقلدوا وظائف إدارية هامة في العهد الثماني الثاني مثل قاسم بيري باشا ، وأخيه أحمد بيرى الذي كان مديراً على غريان عدة سنوات حتى 1272هـ/ 1854م . ج-أولاد المنتصر : اعتمد الشيخ غومة عليهم اعتماداً كثيراً فى ثورته يقودهم شخص يحمل هو أيضاً أسم غومة ، الذي أبلى مع فرسان أولاد المنتصر في التصدي للغارات التي كانت تشن عليهم من قبل قبائل ورغمة ، والهمامة التونسية . أمان أماكن إقامتهم فكانت غير مستقرة في بادئ الأمر مثل أبناء عمومتهم المحاميد الذين يتخذون من وادي الأثل مقراً لإقامتهم لفترات مؤقتة في شهور معينة من السنة وكانوا يتنقلون وراء قطعان حيواناتهم في المنطقة الممتدة بين الزاوية ووادي الأثل ويفرن . د -أولاد خليفة : ويعرفون أيضاً بأولاد الأعور ، وإليهم يرجع الفضل عام 1830م في منع الشيخ غومة من إشعال نار الحرب بين أولاد عون وأولاد سلطان بسبب مقتل الشيخ أبي القاسم المحمودي أخي الشيخ غومة ، بتحريض من يوسف باشا القرمانلي ، الذي كان يرغب في التخلص منه ، وقد نجح يوسف باشا في هدفه قبض على القاتل وأعدمه سراً ، حتى لا تثير محاكمته العلنية الحقيقة الخفية ، وأحضر خبازين وأعدمهما علناً بتهمة مقتل الشيخ أبي القاسم المحمودي ، الذي ما كاد خبر مقتله يصل باديته حتى دقت طبول الحرب ، وتجمع الفرسان حول نجع الشيخ غومة الذي كان قد أمر بقرع الطبول ، وما كادت أولاد خليفة تسمع ما حدث حتي جمعت فرسانها وأعلنت وقوفها على الحياد لأن القاتل نال عقابه . وكان أولاد خليفة يشتركون مع أبناء عمومتهم المذكورين في السكن والمرعي بمناطق "قصور المرة" الواقعة غربي بئر الغنم وفي أودية المنطقة وسهولها .
ثانياً: أولاد سبع ( السبعة ) :
نسبة إلى سبع بن محمود بن طوق ، وكانوا أشد قبائل المحاميد ضراوة وتحدياً للقبائل التونسية مثل "الهمامة" و"ورغمة" التي كانت تشن الغارات داخل التراب الطرابلسي عامة ، وقصر الحاج خاصة موطن السبعة ... وأهم بطون السبعة :- أ -أولاد جلال : من سكان "الدناجي" و"البيضاء" و"صنغو" بجهة (قصر الحاج) الذي يقع على طريق نالوت - بئر الغنم ، حيث كانت تربطهم بالشيخ غومة رابطة المصاهرة . ب-القوائدة : كانت رئاسة السبعة في بيت الشيخ "الهكي" الذي نجح في قيادة قبيلته في التصــدي لهجوم القبائل المغيرة عليهم وو ما كان شائعاً في القرن التاسع عشر . ج-المازين : كانت علاقتهم قوية مع القوائدة خاصة ، كما كانوا يرتحلون بين الزنتان والرجبان ومزدة وقصر الحاج ، حيث اتخذوا من قريتي صنغو والدناجي سكناً لهم . د -الجبائدية : كانوا يشكلون ثقلاً هاماً في قوة فرسان السبعة ، كما كانوا يقطنون بجوار بطون السبعة بقصر الحاج وتوجد مجموعة كبيرة منهم بالزاوية . هـ-أولاد مرسيط :
ثالثاً: قبيلة أولاد شبل :-
نسبة إلى شبل بن محمود بن طوق ، وكانوا يتنقلون وراء قطعان الماشية بسهل الجفارة والجبل الغربي ، حيث كانت قرية الشكشوك المأوى الرئيسي لهم في فصل الصيف ، نظراً لوفرة مائها وكثرة أشجار النخيل بها . أما أهم بطون قبيلة أولاد شبل فهي :- أ-القواسم . ب-الحقفاء . ح_الفواخر . د -أولاد أحمد .
رابعاً : قبيلة أولاد صولة :
نسبة إلى صولة أحد أبناء محمود بن طوق ، وكانت تسكن في جهة بادية " قطيس" في الشرق من بئر الغنم ، وامتدت مناطق إقامتهم أحياناً إلى الجهات الجنوبية من قطيس من الجبل الغربي مثل وادي الميت (الحي) والرياينة والرحيبات وغريان ، وكثيراً ما كانون يتجهون إلى الشمال نحو الزاوية في فصل الخريف بحثاً عن شراء حاجاتهم ، وكانوا في تحالف مع ورشفانة ضد أي معتد عليها . ومن بطون أولاد صولة :- أ -التياب . ب_الصلاب . ج-أولاد الصغير . د -أولاد صولـة . وقد ظهر عدة مشايخ أقوياء في قبيلة أولا صولة مثل الشيخ سعيد المائل والشيخ المرموري بن على بالهوشات . لقد كانت قبائل المحاميد ، حتى منتصف القرن السادس عشرة الميلادي (العاشر الهجري) صاحبة أكبر نفوذ وسيطرة في البلاد ، إلا أن قدوم العثمانيين في عام 1551 كانت سبباً فى إعادة توزيع القوى المسيطرة في داخل طرابلس الغرب تبعاً لمواقفها السياسية من الحكم العثماني على البلاد مما كان له أثره الكبير على قبائل المحاميد الذين تحملوا العبء الأكبر في التصدي لظلم بعض الولاة العثمانيين . وكانت حركة الشيخ غومة وما لقيته تلك القبائل في أثناء تلك الحركة من قتل وتشريد ونفي ووجودهم اليوم في عدة بلدان مثل تونس ، والجزائر ، وتشاد ، والسودان ، ومصر بأعداد هائلة خير مثال على ذلك وأكبر دليل على ما أصابهم . ( ما تقدم كان نقلاً من كتاب " مقاومة الشيخ غومة المحمودي " للحكم العثماني في آيالة طرابلس الغرب الصادر عام 1988 عن مركز دراسات جهاد الليبيين ضد الغزو الإيطالي لمؤلفه محمد أحمد الطوير ) . المحاميد أصلهم ,منازلهم ينتمي "غومة" إلى قبيلة المحاميد التي اشتهرت بالفروسية ، وبرز منها عديد من مشايخ الباديـة وفرسان الصحراء .. وهم ذو كرم ونخوة ، شأن القبائل العربية في الوطن الليبي . وهذه القبائل التي تنتمي إلى عروبة خالصة صافية .. والتي برهنت في مختلف ادوار التاريخ على حب صادق للوطن ، وبسالة في صد قوات الظلم والاستبداد ، وتضحية من أجل الوطن الحبيب ... وجاءت هذه القبائل في الموجة العربية التي اكتسحت الصحراء ، وكانت معروفة بهجرة "بني هلال وسليم" في سنة 477هـ 1084م ، أناخت قبائل "بني سليم" في ربوع برقة وطرابلس وشطوط صحراء فزان . وانطلق "بنو هلال" صوب تونس والشمال الإفريقي ... وبقيت بطون "بني سليم" في أرض ليبيا عديدة وفيرة ، ثم اندمجت في الوطن الليبي منذ قدومها في القرن الخامس الهجري . من هؤلاء على حسب المثال : لا على سبيل الحصر والتعداد ، أولاد سليمان ، الرقيعات ، العمايم ، أولاد معرف ، أولاد علي ، أولاد جارية ، الاصابعة ، العلاونة ، أولاد قايد ، أولاد ذويب ، الحسون ، المقارحة ، البراعصة ، درسة ، مغاربة ، جوازي ، السعادى ، عواقير ، عريبات ، افايد ، عرفا ، عبيدات، أولاد علي ، عيلة فايد ، أولاد أحــمد ، النوايل ، مرازيق .. أولاد بوليل . هؤلاء .. وغير هؤلاء من القبائل العربية الأصيلة أناخوا واختلطوا وغدت لبنتهم تكون تراثاً قومياً في الوطن الليبي العزيز . ومن هذه القبائل ... المحاميد والجواري .. والجواري منها قبائل فى " صرمان " مثل ... التبينات ، الجوامعية ، الحرايزة . وفي " ترهونة " ... الحميدات ، أولاد علي .. وفي الرقيعات أصلهم جواري .. وبقي أسم الجواري إلى الآن في منطقة "صرمان" . وأصل الجواري من أولاد " حميد بن جارية " ... ويرى الرحالة " التيجاني" الذي أقام بطرابلس عاماً ونصف يقول عن المحاميد . ( .... وانتقلنا من قابس يوم السبت عشر منه بمفارقتنا أرضاً للنوايل ودخلنا أرض اخوتهم الوشاحيين في أرض المحاميد والوشاحيين ) ثم يقول : (( والجواري والمحاميد قبيلتان متكافئتان في العدد والقوة ، ورئاسة المحاميد في بني رحاب وهم بنو رحاب بن محمود بن طوق أبن بقية بن وشاح .. وشاح ونائل اخوان ، وفي وشاح بن عامر يقوم الشاعر القديم :- صنعت صنيعاً ضاع في نجل عامر***كما ضاع في الاصنام واد زرود.. الخ ومن القبيلة التي انحدر منها "غومة" فارس الصحراء قام قبله فرسان .. وتحركات .. في عهد ولاية " عثمان الساقزللي" في العهد العثماني الأول قامت حركة مناوأة .. وكان للمحاميد سهم فيها .. وكانت قبل حركة "غومة" بحوالي قرنين ( وكان للشيخ نوير) من المحاميد شهامة وبأس .. وقامت حركة شيخ بني نوير حوالي سنة 1080هـ 1669م ومن حركات قبائل المحاميد - أيضاً- قبل غومة بقرن من الزمان أن الشيخ "أحمد بن نوير" كان قد اشترك في حركة أيام حمد القره ماللي ، وجاء مؤيداً في جانب خليل الوالي السابق .. كان ذلك في شهر جماد الآخر 21 منه سنة 1123هـ - 1711م . ولقبائل المحاميد - إيضاً- حركات في الجبل ونواحي "نالوت" ورئاستهم - يومئذ- للشيخ "ابوالقاسم بن خليفة بن عون المحمودي" كان ذلك سنة 1231هـ - 1815م أي قبل حركة "غومة" فارس الصحراء ... والمحاميد في طرابلس فرعان :- -أولا د سعيد بن صولة .. وكان موطنهم .. الرابطة وأنحاء ما بين ككله وغريان . -أولاد المرموري .. وموطنهم الزاوية وصرمان وهذه الأنحاء ؛ و"غومة" و"بيرى" من فرع محاميد المرموري . وكان بين الفرعين . الأصوال والمرامير - شأن حياة القبائل فى القرن الثامن عشر والتاسع عشر - مصاولات .. ومنافسات .. انتهت بصلح جرى مع "النائب بن سعيد المائل" سنة 1250هـ - 1834م . وكان ( النائب بن سعيد ) فارساً مغواراً واتفق مع غومة في سبيل الصلح.. وجاء "غومة" وهو شاب في أربعين فارساً ، وعقد مجلس بالبادية عند شجيرات زيتون معروفة .. وتصافح الجميع . وقرأوا الفاتحة . ومما يذكره رواة البادية عن اجدادهم الذين حضروا مجلس الصلح أن (النائب بن سعيد) كان مرتدياً "كاط" من الملف الجيد وبندقية منقوشة بالفضة .. وبرنوسه من نوع ممتاز .. به شراريب حرير .. و"غومة" جاء مهرولاً بثوب عادي بسيط .. وبندقية عادية رخيصة . ولما لمحه من بعيد النائب أبن سعيد .. اسرع فلف الحزام الحريري .. والثوب الفاخر وخبأ بندقيته المطرزة المنقوشة .. لف وخبأ كل ذلك تحت عبائته لئلا يتأثر وتجرح خواطر "غومة" عندما يقف بجانبه وهو في حالة دون حالته في الملبس والمظهر . دس ذلك لئلا يجرح شعور صاحبه .. وتصافحا .. وتصالحا . وخلا "غومة" بصاحبه (النائب بن سعيد) - بعد الصلح- واتفقا على الود .. وأن ينفرد "غومة" بالرئاسة على الفرعين للمحاميد ، الاصوال .. والمرمير .. وكان في صف هؤلاء السبعة واولاد شبل والغنائمة والزنتان والرجبان وأولاد عون ، أولاد سلطان ، - منهم أحمد بيري وقاسم بيري باشا ، وابوالقاسم السعداوية - . والنوايل .. والعلالقة ، وبلاغزه ، الرياينة ، الرحيبات ... اجتمعت كلها على الاتفاق والصفاء وعدم إثارة القلاقل . محلات (المحاميد) منطقة (صرمان) ، وفي حالة تنقلاتهم يرحلون إلى (وادي الأثل) ومركزهم المعروف هو قصر بن نيران بالقرب من يفرن - . هذا قديما .. وفي الحالة الحاضرة . يقيم بعض منهم بصرمان ويطلق عليهم أولاد عون .. وقسم منهم يقطن بالصابرية ويطلق عليم (أولاد سلطان) والقسم الثالث يقطن (بقطيس) ويطلق عليهم (أولاد صولة) ... (( من كتاب غومة فارس الصحراء منشورات مكتب الفرجاني لمؤلفه / على مصطفي المصراتي .) لقد كتب وقيل الكثير من المحاميد وما عرف عنهم من شجاعة وكرم ونورد فيما يلى ابياتا من قصيدة للشاعر المرحوم /أحمد الشارف في رثاء المرحوم /عون محمد سوف :
وكم فئة لم أنس تاريخ مجدها ولكن تاريخ المحاميد أمجــدُ
وكانوا مثالاً للشجاعة في الوغي وفي حومة الهيجاوكانت لهم يدُ
يهون عليهم أن تراق دماؤهـم وخير دماء في العــلاء تُبدّدُ
يرون من الأمر المحكـم أنهم إذا استنجدوا يوم الكريهة أنجدوا
ومن رام إيضاحاً وفي الوقت فرصة لديــه فتاريخ الحوادث يشهـــدُ
من رجالات المحاميد :
أولا: أبوالقاسم بن خليفة بن عون المحمودي :- هو شيخ قبيلة المحاميد ، القبيلة العربية المشهورة ، وهي تنتسب إلى محمود ابن طوق ، بن بقية ، بن وشاح ، بن عامر ، بن جابر ، بن فائد - بالفاء- أبن رافع ، بن ذُباب ، بن مالك ، بن بكر ، بن بُهثة ، بن سُليم . فهم في صميم العرب من قبيلة بني سُليم التي جاءت إلى إفريقية سنة 442 هـ . كان أبوالقاسم هذا صاحب التفوذ في الجبل - جبل نفُوسة - وإليه تنتهي كلمة العرب .. ولكثرة ما كان في مدينة طرابلس من اضطرابات ومنافسات بين رؤساء الترك بعضهم مع بعض ، وبينهم وبين العرب ، كان هو في شبه استقلال بالجبل منذ أن ظهرت الأسرة القرمنلية إلى سنة 1231 . وفى هذه السنة - نتيجة لاضطراب الأمر في مدينة طرابلس - اشتدت الفوضى في جهة نالوت ، واختل الأمن ، وحاول الشيخ أبوالقاسم إصلاح الأمر فلم يقدر ، فاستعان بيوسف باشا القرمنلى سنة 1233 ، فأمده بجيش استعان به على القضاء على الفوضى ، واستولى على نالوت بعد حرب شديدة وتم له الأمر فيها . ولم تطب نفس يوسف باشا أن يكون صاحب الكلمة والنفوذ في نالوت عربياً من صميم العرب وأن كان يدين له بالولاء ، فأضمر الغدر للشيخ أبى القاسم . ولتنفيذ المؤامرة دعاه إلى طرابلس بالأمان ، ولسلامة نيته قدم عليه سنة 1236 فأكرم مثواه ، أنزله منزلاً كريما ، وأنعم عليه بهدايا نفيسة ، ولم يلبث أن أمر بقتله ، فاغتيل ليلاً على غرة منه بدار الضيافة سنة 1236 . ولم يقتصر هذا التركي على قتل الشيـــــــخ أبى القاسم ، بل أتى باثنين من الخبازين وقتلهما ظلماً بدعوى أنهما قتلا الشيخ أبا القاسم دفعاً للشبهة عنه . وهذا أقل ما يفعله الترك برجلات العرب بطرابلس . ( من كتاب إعلام ليبيا الصادر عن مكتبة الفرجاني طرابلس عام 1961 لمؤلفه طاهر أحمد الزاوي ) ثانياً: الشيخ غومة بن خليفة بن عون المحمودي : *ولد عام 1795 فى منطقة الحوض حيث يقيم المحاميد من أولاد المرمورى وله أخوة هم : اسماعيل ومحمد وسعيد وابوالقاسم . *قاد حركة مقاومة ضد الحكم العثماني بسبب سوء الإدارة والرغبة في حصول الجبل الغربي على استقلال ذاتي وتولى إدارته من قبله . وتعتبر حركة الشيخ غومة المحمودي (1835-1858م) من أهم الحركات التي شدتها إيالة طرابلس الغرب إبان الحكم العثماني (1551-1911) وأبرزها ، فقد كانت حركة شعبية بمعني أنها شملت قطاعاً كبيراً من سكان الإيالة ضم بعض القبائل الكبيرة ذات القوة والنفوذ واتسع تأثيرها في منطقة جغرافية واسعة ضمت معظم الجبل الغربي والمنطقة الغربية من الإيالة ، واستمرت فترة زمنية طويلة ناهزت الربع قرن ، فشكلت بذلك خطورة كبيرة هددت الوجود الثماني في البلاد ، وألحقت بجيشه الهزائم في عدة مواقع ، واستنزفت إمكاناته الاقتصادية وسببت له الأزمات السياسية التي أدت إلى سقوط الولاة وتغيير القيادات العسكرية ، كما كانت موضوع اهتمام الباب العالي والسلطان العثماني بصورة شخصية ، وكانت لها تأثيراتها على الأوضاع القبلية ومراكز النفوذ في الإيالة ، واسترعت على الصعيد الخارجي انتباه الإنجليز والفرنسيين فأقحمت ولو بصورة غير مباشرة في الصراع الدائر بينهما .. *قبل عام 1842 تصالح مع العثمانيين واستدعي لمدينة طرابلس حيث منح وظيفة رئيس الحجات وعضو لجنة إدارة المدنية مع وسام ، إلا أنه سرعان ما لوحظ عليه الخروج على شروط الصلح . *نفى إلى تركيا مع عدد من زملائه في المقاومة فى عام 1842 إلى عام 1854 أى لمدة اثنتي عشرة سنة . *استشهد في معركة مع الجنود العثمانيين في وادي وال بين (درج وغدامس) يوم 26/3/1858 بعد مقاومة وكر وفر لمدة ثلاثة وعشرين عاماً . *تضرب الامثال الشعبية في ليبيا حول غومة ومن ذلك :- 1) (جاب راس غومة ) : يضرب للشيء الكبير الهام .. ويسخر الإنسان من صاحبه فيقول : امال جاب راس غومة . ويذكرنا في الادب العربي القديم "جاب رأس الكليب" . 2) (الضرب للمحاميد والثناء لغومة) : يضرب لمن يحوز صيتاً ويطوي صيت من قام معه ، فالمحاميد كانت تبلي مع "غومة" وظل أسم "غومة" شائعاً دليلاً على الحركة . ثالثاً : ابوالقاسم بيري باشا بن علىالوحيشي المحمودي - : من الذين تولوا وظائف إدارية في العهد العثماني الثاني ومن أهمها :- 1) مديراً على قضاء الزاوية من 1253هـ إلى1260هـ (1837-1845م) . 2) مديراً بقضاء العجيلات والعلالقة من أول شهر ربيع الآخر 1260هـ( 20 من أبريل 1844م). 3) وفى نفس العام 1260هـ( 20 من أبريل 1844م) نقل قاسم باشا إلى زوارة كناظر لها . 4) وفي 1263 هـ (1846 - 1847) نقل إلى الزاوية مرة ثانية كمدير لها . 5) وفي نفس العام 21 من ذي الحجة 1263 هـ (1846 -1847م) نقل إلى غريان ليتولى نفس وظيفته التي كان معيناً بها في الزاوية . 6) وفي 1265 هـ (1848 - 1849م) رجع إلى الزاوية مرة ثانية . 7) وفي 1265 هـ أعيد إلى الجبل مرة ثانية حيث أسندت إليه قائمقامية الجبل الغربي التي استمر في إدارتها حتي 1271هـ (1854 - 1855م) . في الفترة من 3 محرم 1277 هـ وحتى 1281هـ(1860-1864م) أعيد قاسم باشا لتولي قائمقامية الجبل الغربي حيث كان يعمل بالخمس منذ 1272هـ . 9) فى 9 من شهر ربيع الأخر سنة 1281هـ (11 من سبتمبر 1864م) نقل قاسم باشا إلى قضاء غدامس وعين بدلاً منه على قو تسري باشا ، ثم أعيد متصرفياً علىالجبل الغربي . 10) وفي 1289 هـ (1872م) توفي قاسم باشا المحمودي . 11) كان قاسم باشا قد حصل على عدة أوسمة وأهمها (رتبة الباشوية) وكان أولها الوسام الذي حصل عليه بتاريخ 25 من شهر ربيع الآخر 1259 هـ (25من مايو 1843م) , رابعاً: محمد سُوف المحمودي :- *محمد سوف ، أبن الحاج محمد اللافي المحمودي ، وحفيد الشيخ غومة المحمودي ، من قبيلة المحاميد المشهورة في طرابلس الغرب ، ونسبه في صميم العرب من بني سليم . ولد رحمه الله في وادي سوف بأرض الجزائر سنة 1857م ، تربى في بيت العز والفروسية والكرم ، فكان عزيز الجانب ، فارساً مغواراً شجاعاً كريماً إلى أبعد حدود الشجاعة والكرم . *عرفته البيداء والخيــل ، وألفتـه معا مع الحروب وميادين القتال ، فكانت له فيها جولات حفظها له التاريخ في صحائف من عرفوا من العرب بالبطولة . *عينته السلطات العثمانية عام 1882 قائمقاماً في منطقة الحوض . *حارب الطليان في غير هوادة من سنة 1911 إلى سنة 1923 وقد عينه السلطان العثماني بإفريقيا ، (احمد الشريف) وكيل وال في المنطقة الغربية سنة 1915 ومنحه رتبة رائد شرف ووسام من الدرجة الرابعة ودعمته السلطات العثمانية لمواصلة المقاومة الايطالية . *كان عصمة الأرامل ، ومأوى اليتامى والمعوزين ، سمح النفس كريم الأخلاق ، متواضعاً ، ينسيك تواضعه أن هذا هو الرجل الذي تهاب الشجعانُ منازلته ، عليه من جلال الهيبة ، ومهابة الرجولة ما يحببه إليك . *خصب الخيال قوى ّ الذاكرة ، ومن نوابغ شعراء البادية وأفصحهم ، يعطي إعطاء من لا يخاف الفقر ، ولا يبقى في بيته شيئاً وفى جواره معوز ، يقدر العلم والعلماء ، ويعرب الفضل لأهل الفضل. ولا أتحدث عما له في رياسة الجيوش في الحـروب الإيطالية ، فقد ذكرناه مفصلا في كتابنا " جهاد الأبطال " . *اختير رئيساً أول لمجلس شورى الجمهورية الطرابلسية عام 1918 *ولما تغلب الطليان سنة 1924 هاجر إلى مصر وبقى فيها مرموقاً بعين الإجلال من سادات العرب وكبرائهم ، وانتهي به المطاف إلى المتراس (قرية من ضواحي الإسكندرية) فأقام بها . *لا يوجد في جسمه موضع شبر إلا وفيه ضربة بسيف أو جرح برصاصة . *حضرته الوفاة وهو على فراشه بقرية المتراس بالاسكندرية بمصر يوم 15 من يولية سنة 1930 ، ودفـن بها عليه رحمة الله ورضوانه . (( عن كتاب اعلام ليبيا منشورات مكتبة الفرجاني عام 1961 لمؤلفه طاهر أحمد الزاوي)) وكتاب الشيخ محمد سوف المحمودي لمؤلفه دكتور/مصطفي على هدويدى من منشورات دار الكلمة للطباعة والنشر والتوزيع بطرابلس عام 2002م. خامساً : أحمد محمد ابوالقاسم بيري باشا : *ولد بمنطقة الحوض حيث يقيم المحاميد وقتها عام 1885. *وفد للدراسة بالكلية العسكرية باستنبول في إطار الخطة التي وضعتها السلطات العثمانية بتعليم بعض أبناء الأسر المعروفة وقد تخرج منها برتبة ملازم ثان . *قام بدور كبير في الجهاد ضد الإيطاليين وبعد إبرام الدولتان العثمانية والإيطالية اتفاق الصلح فقد اختار البقاء في طرابلس مع الضباط الاتراك الذين انضموا للمجاهدين وأثناء مقاومة الغزو الإيطالي اعوام 1915- 1916 - 1917 ، التحق بالمجاهدين ومنحه الضابط التركي الذى يقود المقاومة لقب شرفى وعينه وكيل لمتصرف الجبل . *بعد تسمية الحكومة العثمانية أحمد الشريف نائباً للسلطان بليبيا فقد سمي عام 1915 بدوره محمد سوف وكيلاً له بالمنطقة الغربية والذي اتخذ من العزيزية مقراً له وعين حكام مناطق كان من بينهم أحمد بيري متصرفاً ليفرن ثم نقل منها إلى زواغة (العجيلات والعلالقة) . *أعدم فى مذبحة الصابرية التي تمت في 24،4،1922 من قبل السلطات الإيطالية مع أربعة من رفاقه . *رثاه محمد سوف والد زوجته (الشاردة) بقصيدة خاطب فيه أبنه محمد والذي هو حفيد سوف متوعداً بالانتقام من قاتلى والده جاء بها :- لزرق تبين شومه : وسيدك حضر وعده وهاكه يومه وراسك وراس خالك ورحمة غومة: مايشبحوا راحة وعيني حية وزيدزيد من راضع حلايم رومة :. اكان نحكمه الكلب بين يديه في وين لا شجرة ولا بطومة :. ولا باندت طليان لاحبشيه واللي باكته الشاردة المهمومة :. تبكيه بنته شابه وصبيه . (( ثم استخلاص ما تقدم من كتاب أحمد الزاوي "جهاد الأبطال" ودراسة محمد امحمد الطوير لمركز جهاز الليبيين حول معارك الزاوية ضد الغزو الإيطالي ووثائق رسمية لدى الاسرة من الارشيف الإيطالي.)) سادساً : عون بن محمد سوف المحمودي - من قبيلة المحاميد - : حضر الجهاد في طرابلس من أوله ، وهاجر سنة 1913 إلى الشام ورجع إلى طرابلس سنة 1920 ولما استأنفت الحرب سنة 1922 كان في مقدمة المجاهدين ، وفي مقدمة من أسندت إليهــــم رياستهم ، وكــان شجاعــاً مقدامـــاً ، لــه جولات في معارك بئر الغنم ومصراته .. وقد تجلت شجاعته في معارك مصراته سنة 1923 بمقدار قلّ أن وصل إليه غيره . وجرح في رجله في معركة (الكراريم) . وكان إذا احتدم القتال مشى بين الصفوف وهو ينادى " أنا عون بن سوف " وكان لا يهاب الموت ولا يعبأ بكثرة الأعداء . كريما ، سمح النفس ، رضىّ الأخلاق . ولما تغلب الطليان سنة 1923 هاجر مع والده إلى مصر سنة 1924 ورجع إلى طرابلس زائرا في مايو سنة 1930 ورجع إلى مصر وبقى فيها إلى سنة 1945 وفي هذه السنة كان الإنجليز طردوا الطليان من طرابلس فرجع إليها في هذه السنة . وكان يطالب باستقلال البلاد ومن أنصار الوحدة . وكان يتقدم إلى الإنجليز بحاجة ذوى الحاجة فيقضيها وفي سنة 1949 مرض فسافر إلى إيطاليا للتداوي وعملت له جراحة في بطنه توفى بسببها يوم14 اغسطس سنة 1947 وجئ به إلى طرابلس ودفن بمقبرة سيدى منيذر رحمه الله رحمة واسعة . (( من كتاب إعلام ليبيا منشورات مكتبة الفرجاني عام 1961 لمؤلفه طاهر احمد الزاوي))
ملاحظات على كتاب مقاومة الشيخ غومة/
أطلعت مؤخراً على الكتاب الذى صدر عن مركز دراسات جهــاد الليبييــــن سنة 1988 { سلسلة دراسات معاصرة -4} بعنوان [ مقاومة الشيخ غومة المحمودى للحكومة العثمانية في ايالة طرابلس 1835-1958] والذي تضمن بحثاً تقدم به الأخ/ محمد أمحمد الطوير سنة 1981 لنيل درجة الماجستير في التاريخ ، استحق به عن جدارة درجة الماجستير بعد مناقشة البحث في كلية التربية بجامعة الفاتح . ألا أن قيمة البحث أكبر من ذلك بكثير لعدة أسباب أهمها أنه رائد الأبحاث العلمية الأكاديمية عن الرواد الذين شاركوا في صنع تاريخنا ولأن الباحث لم يكتف بالمراجع الجاهزة والوثائق التي سبق انتقائها وترجمتها بل قام بالبحث عن المزيد من المراجع والوثائق والمعلومات في أماكن تواجدها وحاول أن يعيش الأحداث فزار مواقع حدوثها ومواطن نشوئها . لقـد عمل الأخ/ الطوير على تلافى كل السلبيات التي أثيرت حول البحث أثناء مناقشته واستمع بكل احترام لجميع وجهات النظر التي قيلت حول البحث وعمل خلال فترة ليست بالقصيرة على استكمال نواقص البحث لكي يكون أحد المراجع العلمية الهامة . كتاب الأخ / الطوير ليس سرداً للأحداث فقط وإنما دراسة وبحث يلاحظ من خلالهما الموضوعية في الطرح والتحليل والاستنتاج أن لزم الأمر وفي انتقاء المعلومة واختيار الوثيقة بعد تدقيق وتحقيق ووزن لها مع إحاطة شاملة بالأسباب والدوافع لمضمونها ذلك لأن الباحث ليس لديه نوايا سيئة يرغب في دسها أو أطماع في استمالة أحد إلى جانبه ، كما عمل الكثير من الكتاب الأجانب الذين أرخوا للفترة التي يتناولها كتاب الأخ / الطوير وترجمت وأصبحت (مع الأسف) مذكراتهم وأبحاثهم ودراساتهم مراجع معتمدة في التاريخ الوطني على الرغم من أن بعض اصحابها قد أعدوا كجنود لأداء مهمة التمهيد للاحتلال الإيطالي ، لقد بذل المؤلف جهوداً مضنية لتقصي الحقائق وجمع المعلومات المهمة واضعاً في اعتباره أن محاور البحث والدراسات التاريخية تعتمد على المعرفة والاحاطة بأحوال الإنسان والزمان والمكان وكما يقول أبن خلدون أن أحداث التاريخ ( ظاهرها لا يزيد على أخبار الأيام والدول ولكن باطنها نظر وتحقيق وتحليل للكائنات ومبادئها دقيق ، وعلم بكيفيات الوقائع وأسبابها عميق ) وليس غريباً أن ينتهج الباحث الأسلوب العلمي في دراسته وبحثه فهو الباحث المتخصص والهاوي المتحمس لمهنته الساعي لأن يكون أكثر من جامع للوثائق ومنسق للمعلومات وإنما مجتهد ومنقب وباحث عن الجديد ، ومحلّل للأحداث والوقائع بمراعاة مصادرها وكل الظروف المحيطة بها والتي لابد وأن تكون مؤثرة ومتأثرة بها . فتكوين وثقافة وتعليم المؤلف وما يتمتع بها الذين التقى بهم لاستطلاع معلوماتهم وارأيهم حول مادة الكتاب من احترام للآراء العلمية وتقدير للاستنتاجات الموضوعية كل ذلك وغيره ساعده على إعداد بحثه بكامل الحرية ولم يتعرض لاي عائق كالذي تعرض له / أحمد النائب الذى قال عنه الشيخ المرحوم/ الطاهر الزاوي { فأن ظروف أحمد النائب لم تكن تسمح له بالصراحة لأن مراعاة الظروف بالنسبة للمؤرخ فى الاقتصار على بعض الحقائق وترك بعضها للظرف المناسبة سنة متبعة منذ القدم وأن الذي يقرأ المنهل العذب يفهم منه صورة لما كان يشعر به الأستاذ/ أحمد النائب في نفسه ولم يصرح بها 1 .} لقد بين الباحث الأسباب والدوافع الكامنة وراء حركة الشيخ غومة ضد العثمانيين وقسمها إلى أسباب سياسية واقتصادية ودينية واجتماعية ووطنية وقومية وهي أسباب مقبولة وتؤكد الوثائق صدقها إلا أن ذلك لا يمنع من القول بأن محاربة المحاميد للعثمانيين قد بدأت قبل سنة 1207 واستمرت متواصلة ويؤكد التاريخ أن الشيخ/ احمد بن نوير والشيخ/ أبو القاسم بن خليفة بن عون وغيرهم من مشائخ المحاميد قد حاربوا العثمانيين وتعاونوا مع القره مانلليين الذين كانوا يعترفون بحكم المحاميد لمنطقة الجبل الغربي وأن يوسف باشا القره مانللي قد غدر بشيخ المحاميد / أبو القاسم بن خليفة واغتاله في دار ضيافته بطرابلس ... (( دعاه لطرابلس بالأمان ولسلامة نيته قدم عليه سنة 1236 فأكرم مثواه أنزله منزلاً كريمة وأنعم عليه بهدايا نفيسة ولم يلبث أن أمر بقتله فاغتيل ليلاً على غرة منه بدار الضيافة سنة 1236هـ 2.) )) وكان ذلك بهدف إخضاع الجبل الغربـــــــــي للقره مانليين مباشرة إلا أن اغتيال الشيخ أبو القاسم لم يحقق الهدف . والأستاذ/ على مصطفي المصراتي في كتابه غومة فارس الصحراء صفحة (209) يرجع الرأي القائل بأن الإدارة هي التي دبرت أمر اغتيال أبو القاسم وليس الحاكم المستضيف كما أكدت الكتب التاريخية 3 ) . وإذا ما أضيف إلى ما ورثه غومة عن أسرته وآله قناعاته الشخصية والتي نجح المؤلف في إبرازها وهي تولى أبناء البلاد إدارتها كما حدث في مناطق أخرى مثل البلقان فإن تحليل الأخ /الطوير للأحداث ومحاولته الجادة للرد على كثير من التساؤلات كانت إيجابية . وبعد وبما أن أكثر المراجع والمؤلفات التي تناولت مقاومة الشيخ غومة قد أشارت إلى الخلاف القائم بين غومة وأحد أبناء عمومته قاسم بيرى وبما أن الأخ / الطوير قد أشار هو كذلك إلى هذا الموضوع فإن الأمر يدعو إلى إيراد بعض الملاحظات حول هذا الموضوع :- أولاً:إن غومة وقاسم وأخويه أحمد وعبد الصمد قد تربوا في بيت خليفة والد غومة لوفاة والدهم ولأنه أقرب المحاميد نسباً إليهم ، حيث تولى الإشراف على تربيتهم وتنشئتهم وتكوينهم ، وأن غومة وقاسم كانا في عمرين متقاربين وأن كل واحد منهما كان يرى نفسه أفضل من الآخر ، وفي إحدى المرات اختلف غومة وقاسم على أمر يخص أحد أصحاب المحاميد فاتجها إلى والد غومة ليبت في الأمر ولما كان قد أيد وجهة نظر أبنه فقد غضب قاسم فاتفق مع أخويه على الانفصال عن غومة في الوقت المناسب والاتجاه إلى صرمان سراً (المقر الصيفي للمحاميد) ودبروا لذلك أمراً وهو أنه في اليوم الذي يتقرر فيه الرحيل إلى موقع آخر كما هي العادات وقتها يظهرون استعدادهم للبقاء إلى حين استكمال انتقال غومة ثم يلحقون به في اليوم التالي وهكذا حدث ، سافر آل غومة جنوباً وسافروا هم شمالاً إلى صرمان فلحق بهم غومة بعد عدة أيام ووجد أخاهم الأكبر عبد الصمد مختبياً في صرمان من العثمانيين بعد أن تم اعتقال قاسم وأحمد من العثمانيين باعتبارهما من اتباع غومة وجادل غومة عبد الصمد (الذي تسميه بعض المصادر محمد) في أمر العودة إلا أنه رفض رئاسته والعودة معه فكلف غومة أحد اتباعه بإطلاق النار عليه وقتله وتم ذلك فعلاً .. وعندما علم العثمانيون بالأمر افرجوا عن قاسم وأحمد واصبح المفرج عنهما في نظر العثمانيين بأنهم من اتباعهم مع أقربائهم ومؤيديهم من المحاميد وأصحابهم .. ثانياً:خلال مدة اعتقال غومة في تركيا (12) سنة كان قاسم من المهتمين برعاية شئون أسرة غومة التي أقامت بعض الوقت في بيت قاسم بالزاوية (الصابرية) وعندما رجع غومة من تركيا استقبلته والدته قبل وصوله يفرن وطلبت منه عدم التعرض لقاسم وطلبت من قاسم ذات الطلب ، وفعلاً تحقق لها ما أرادت فلم تقاوم قلعة يفرن هجوم غومة ولم يفعل غومة شيئاً يذكر لقاسم .... لقد كان الاختلاف في وجهات النظر قائما بين غومة وقاسم إلا أنه لم يرق إلى مستوى الخيانة والغدر ، وأبناء وأحفاد غومة وقاسم عاشوا ولا زالوا يعيشون مع بعضهم البعض وعلاقاتهم الاجتماعية دائمة ومنذ ذلك التاريخ مستمرة والمصاهرة بينهم كانت ولازالت قائمة ... مواقفهم تجاه القضايا الكبرى والمبادى والقيم واحدة .. ثالثاَ:نورد بعض ما اختلق حول خلاف غومة وقاسم :- أ -(.. وكان غومة وأبن عمه بيرى يتنفسان على الاستيلاء وحوزة المناطق الجبلية والمنافذ الهامة وفي ليلة غير مقمرة .. في ظلمة هادئة إلا من همهمات فرس مدرب أطلقت على أبن آخى بيرى وذهب ضحية يلفه الظلام وتطوقه الرمال .. وكان صاحب الطلقات يهدف صدر بيرى ولكنه الحظ العاثر .. من هذه المحاولة نشأت فرقة بين هذه القبائل التي تنظوى تحت لواء غومة وانقسمت إلى شطرين : فريق ينحاز إلى بيرى وفريق إلى أبن عمه غومة .. وكان أكثر شجاعة .. وأشد بأسا وجراءة لا يعرف المحال 3.) ب-( وفي هذه المرة حاول راغب باشا أن يقترب من الحقيقة ولو خطوة ، فاصدر أمره أن يعين نائبا عنه في المنطقة الجبلية (قاسم) الشيخ (قاسم المحمودى) فهو عربي .. مواطن .. غير عسكري ، بل هو من أقارب غومة فكرة قد تكون صائبة 3 ) . كما وكتب الأستاذ/ على المصراتي فقال (الدولة تحمي ظهره " أي قاسم") .. وتمده بما يريد .. وستكون له رتبة .. أن لقب الباشوية في انتظاره ورضا الباب العالي يضع له مكانه .. وسيسبغ عليه ثوباً فضفاضاً .. ودغدغت الأحلام - قاسم المحمودي - ووافق على الفكرة .. وأغراه ما لقي من مظاهر التبجيل والإكرام .. ويقوم رواة التاريخ من شيوخ البادية كما سمعوا من أجدادهم أن قاسم طوى عريضة غومة التي كانت في جيبه وأهمل شأن الوساطة التي قطع عهداً لغومة أن يقوم بها . خان الأمانة .. خان بنى قومه .. ولحق قاسم بمعسكر اللواء أحمد باشا الارنؤوطي 3 ) . للاستاذ/ على المصراتي مع احترامنا لمصادر معلوماته إلا أن ذلك لا يحول دون إثبات أن الحادثة التي يشير لها في (ج) وهي الحملة التي أعدت لمحاربة غومة كانت بعد فراره من تركيا ورجوعه للجبل ، وكما هو معلوم ومؤكد لدى جميع المؤرخين أن رتبة الباشوية قد منحت لقاسم المحمودى قبل فرار غومة من تركيا فغومة نفسه يؤكد ذلك إذ أرسل في سنة 1855 رسالة إلى بأي تونس جاء فيها (.. حين غبنا عن وطننا وليتوه عنه وهو ليس من حقه هذه الرتبة التي وصلتوه لها باشا فساد وخرق العوائد ... إحنا رؤوس العروبة نعرفوا قيمة السلطنة ونعطوها كارها ..4 ) . الباشوية استحقها قاسم لاخلاصه للدولة العثمانية ومقدرته ولم ينلها للغدر ومنحت له كما منحت لغيره من الليبيين والعرب المسلمين (صفة الباشوية) ولا علاقة لحصول قاسم عليها بمحاربة غومة فهما لم يتحاربا على الإطلاق وأن تخيل البعض ذلك .. والمنح والتقليد لها كان وقت غياب غومة عن الوطن وتوقف مقاومته في الجبل لمدة (12) سنة ، وما ينطبق على باشوية قاسم ينطبق على كل ما قيل واختلق حوله من قبل الأوربيين الذين كانوا يحفرون قبر الإمبراطورية العثمانية وغيرهم فالمسابقة على الفوز بالفتاة ، وإطلاق النار بالليل في الظلام الدامس وعدم تحمل قساوة الصحراء وغدر قاسم لغومة (وعدم غدر غومة لبيرى) كل ذلك اختلاق وافتراء لا علاقة له بالحقيقة والتي نعتقد بأنها تنافس شريف على الزعامة واختلاف في وجهات النظر في قضايا وأمور أكثر عمقاً مما استنتج السطحيون أو اختلق المتآمرون على العرب والمسلمين . د-( وفي ربيع 1837 بدأ طاهر باشا حملته ضد المتمردين في الدواخل مدفوعا إلى ذلك بالحادث التالي :-كان من العادات الشائعة في يفرن أن يقوم المتطلعون إلى الزواج من فتاة جميلة بالتنافس في سباق للخيل يطلقون أثناءه الأعيرة النارية ، فوق ظهور خيولهم التي تعدو بسرعة خيالية وعلى مشهد من الأهالي الذين يتابعون هذا السباق وتكون الفتاة من نصيب الفائز فيه ... وحدث أن حضر غومة إحدى هذه المناسبات وتسابق مع أبن عمه بيرى الذى تغلب عليه بإقرار والد غومة الشيخ خليفة ، وشعر غومة بأنه قد طعن في كرامته وكبريائه فانتقم لذلك بارتكاب جريمة ، إذ أطلق النار ليلا على أبن عمه فأصاب شقيق بيرى وانقسم الناس وانحاز كل منهم إلى فريق يؤيده أما بعطف أو بقرابة .. 5) هـ)(وبعد ذلك بمدة قصيرة علم الناس بمقتل غومة الذي قيل أنه قتل في إحدى المعارك كانت تلك هي الرواية التي بثها الأتراك ، غير أنه سرعان ما ظهرت الحقيقة ، ذلك أن أحد أفراد قبيلة المحاميد ويدعى بيرى كان قد مل الحياة القاسية التي كان يحياها متنقلا مع سيده غومة فصمم على أن يضع حداً لذلك على نحو شنيع ، ذلك أن بيرى هذا هو الذي أشار على القوات التركية بمغادرة مدينة طرابلس حيث انضم إليها بعد ذلك كمرشد وجاسوس لها لمباغتة غومة وكان رجال هذا الأخير قد سرحوا وراء قطعان ماشيتهم عبر المراعي فيما ظل غومة مع بعض خدمه فقط منعزلا تحت الجبل ولقد وقع الهجوم عليه ليلاً بناء على مشورة بيري الغدار ..2) . أن ما ورد في الروايتين (د ، هـ) اختلاق فلم تطلق النار داخل تجمع المحاميد حيث جرى السباق ولا في غيره ن والنار أطلقت على أخ قاسم في صرمان وهي تبعد عن الموقع في وادي الأثل بأكثر من مائة كيلو متر أما بشأن أن بيرى قد مل حياة الصحراء فغدر فهذه أكذوبة مضحكة كان يجب نفيها لأن الكتاب الذي وردت فيه يرد عليها من سياق الحوادث (فبيرى) سواء أكان قاسما أو احمد أو عبد الصمد الذي أمر بقلته فلم يكن أي منهم عند وقوع الحادثة أو قبلها بأكثر من عشرين عاما تابعاً لغومة ولم يتنقل معه في الصحراء ولم يكن سيداً له كما أن آل بيري كما يؤكد الكتاب ذاته كانوا مواليين للدولة ومعينين حكاماً ولا يعقل أن ينطبق عليهم ما أشار إليه المؤلف من الحياة القاسية ، وحقد حكومة السيد شارل فيرو ورسالته المعروفة في شمال إفريقيا لا تبيح له الكذب على كل ما لا يحارب الإمبراطورية الثمانية أو (الرجل المريض) كما سموها وخططوا لها أن تكون ، وفرنسا وممثلها (شارل فيرو) هي التي (عن طريق الأميرال روز) اشترطت بالقوى على السلطات العثمانية . (عزل قائمقام زوارة / احمد بك بيرى شقيق قاسم من منصبه مع الالتزام بعدم إعادته إلى ذلك المنصب أو إسناد منصب أخر إليه ..2) باعتباره أحد أفراد الأسر المعادية لنشاطهم في ليبيا وممثلاً للإدارة العثمانية العدو المستهدف من أوربا . و-اعتراض غومة الدائم على تعيين قاسم بن على بن الوحيشي بن محمد بن سعيد السلطاني حاكما للجبل ومنحه رتبة (باشا) كما ورد في الصفحة (75) من كتاب الأخ/الطوير موضوع البحث ومطالبته الدائمة بإحلاله محله لم يكن بسبب طغيان أو ظلم قاسم أو لعيب أخر فيه وإنما لأن العادات والتقاليد المعمول بها تعطي الحق لغومة في أن يكون شيخ القبيلة باعتباره وارثاً لها من أبيه وعدم اقتناعه بانتقالها إلى بيت آخر ووجود قاسم حاكما للجل مع لقب الباشوية في ذلك الوقت يعني أن الزعامة لدى قاسم وهو أمر حز في نفسه وتعذر عليه القبول به ويتأكد ذلك في الوثيقة رقم 6 صفحة 359 من كتاب الأخ الطوير..... إلا أن كلا الرجلين لم يكونا خائنين أو غدارين فغومة تعاون لأسباب قومية ووطنية وشخصية مع القره مانليين وغيرهم وقاسم تعاون لمصلحة الدولة الإسلامية ولمصالحه الشخصية ولكل مهما وجهة نظر ينبغي أن تحترم والمؤرخون الأوربيون يرون أن كل من يحارب العثمانيين ولو كان عدوا وكارها لهم صديقاً والذين أرخوا من المسلمين في تلك الحقبة للعثمانيين والمتعاونين معهم يرون أن كل من حارب الامراطرية العثمانية عدواً خائناً وربما كافراً ولو كانت محاربته لها قاصرة على مساوئها وعيوبها . والقره مانليون الذين سبق التعاون معهم لمصالح قومية قد أبدوا استعدادهم لمساعدة الإيطاليين ، إذ صرح حسونة باشا سنة 1890 : ( باستعداده لتوفير التسهيلات للاحتلال الإيطالي إذا عمل هذا الاحتلال على أن يقيم بطرابلس الغرب حكماً شبيهاً بالحكم القائم بتونس . 6 ) وكانت حربهم للعثمانيين بسبب رغبتهم في حكم ايالة طرابلس لأنهم عثمانيون استوطنوا طرابلس وبالتالي فإنهم أولى بها من المبعوثين من تركيا .) وعندما قامت حرب الجهاد ضد الغزو الإيطالي لليبيا وجد احفاد غومة مثل محمد سوف وأبنه عون دعماً قوياً من العثمانيين لمواصلة الجهاد وكان لأسرة بيرى دوراً كبيراً فيه خاصة وأن أحمد بيري باشا حفيد قاسم بيرى باشا (متزوج الشاردة بنت محمد سوف والتي تزوجها بعد استشهاده خاله أحمد امحمد أحمد بيري ) كان ضابطا مؤهلاً وخريجاً من أرقى الكليات العسكرية باستنبول والذي اعدمه الإيطاليون مع مجموعة أخرى من الليبيين فى منطقة الصابرية بعد الاحتلال الإيطالي وضعف حركة الجهاد وسيطرة المتعاونيين على طرد الإيطاليين ... كما وأن احفاد غومة عند تواجدهم بمصر قد تعاونوا مع الحلفاء على طرد الإيطاليين من ليبيا عن طريق استعمال بيت أحفاد أحمد بيرى بالصابرية شقيق قاسم بيرى باشا ، وكان العمل الجهادى ينطلق برئاسة حسني بن سعيد أبن أخت عون سوف (فاطمة) من ذلك المنزل بالصابرية والعدو الإيطالى لازال محتلاً للبلاد الأمر الذى أعتبره الكثيرون انتحاراً أكثر منه جهاداً .
ما تقدم ذكره ملاحظات عامة وددنا بها التأكيد على :-
أولاً:الإشادة بالمجهود الذي بذله الاستاذ/ محمد الطوير في تأليف كتابه مقاومة الشيخ غومة والنزاهة والموضوعية التي تحلى بها في الانتقاء والعرض والتحليل ومساهمته الفعالة في إثراء المكتبة الوطنية بمرجع تاريخي قيم . ثانياً:لقد أجمعت الكتب التي أرخت للمرحلة التي قاوم فيها المحاميد العثمانيين والإيطاليين على أن المحاميد قد تمتعوا بخصال كريمة كالشجاعة والكرم والصدق وا