ما ينفعش تبقى مهتم بالتاريخ وتجهل المعلومة دي..
بُص حضرتك، المؤرخين بيقسموا الدولة المملوكيَّة لفرعين، دولتين، الأولى دولة المماليك البحرية والتانية دولة المماليك البرجية"، بُص، تعال معايا نجيب الموضوع من البداية، المماليك البحرية هم سلالة من المماليك أغلبها من الأتراك القبجاق، ولفظ "البحرية" بتعني النهر، وهي إشارة لجزيرة الروضة في القاهرة اللي عاش فيها المماليك، وبنى فيها السلطان الأيوبي "الصالح أيوب" قلعة الروضة، وانتقل للعيش فيها مع مماليكه، وفيه نظرية تانية عن حول أصل الاسم، بتقول إن لقب "البحرية" لأنها جاءت عن طريق البحر، وعلى كل حال، كانت المماليك في مصر هم الترك البحرية، اللي بدأوا حكاياتهم مع عرش مصر، في 1250م لما مات السلطان الأيوبي "الصالح أيوب"، أثناء الحملة الصليبية السابعة بقيادة ملك فرنسا "لويس التاسع"، وخلال معركة المنصورة المجيدة مات السلطان الأيوبي فقامت زوجته "شجر الدر" بكتم الخبر، وبعد الانتصار في المعركة قام المماليك بقتل ابنه ووريثه "توران شاه"، وتم تنصيب "شجر الدر" سلطانة، لكن الخليفة العباسي في بغداد "المستعصم بالله"، بعت رسالة لمصر وقال فيها: "إن كانت الرجال قد عُدِمَت عِندكم فأعلمونا حتى نُسيّرُ إليكم رجلًا"، فقامت بالزواج من القائد العام الأتابك الأمير "عز الدين أيبك"، وتنازلت له عن العرش، وبقى "أيبك" أول سلطان من المماليك البحرية بيحكم مصر، من سنة 1250-1257م، وأنا كتبت قبل كدا عن الأحداث دي بالتفصيل في مقال سابق، ممكن تقرأه من هنا: https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=709038230085382&id=100029376351171&mibextid=Nif5oz
معركة المنصورة دارت رحاها في مصر من 8 ل11 فبراير من سنة 1250م، فيها ظهر اسم أمير مملوكي اسمه "المنصور سيف الدين قلاوون الألفي الصالحي"، وهو كان واحد من رجال السلطان "الصالح أيوب"، عاصر تأسيس دولة المماليك، ولكن زادت مكانته وعلا شأنه بعد كدا، وبقى من كبار الأمراء أصحاب النفوذ في دولة السلطان "الظاهر بيبرس"، وبعد وفاة السلطان تم تنصيب ابنه السلطان "السعيد ناصر الدين محمد بركة خان"، اللي كان متجوز بنت "سيف الدين قلاوون"، "بركة خان" حكم سنتين من 1277 إلى 1279م، وخلع نفسه بعد أحداث كتيرة مملوءة بالتمرد والانقلاب من المماليك، وهابقى اكتب لكم مقال بالتفصيل عن الأحداث دي، اللي لازم تعرفه دلوقت إن "قلاوون" انضم للتمرد وأجبر السلطان -زوج بنته- على التنحي، وأبعده من مصر على الكرك، في ج2 من "السلوك" بيقول "المقريزي" إن المماليك اجتمعوا على تنصيب "قلاوون" سلطان، ولكنه رفض وقال: "أنا ما خلعت الملك السعيد طمعاً في السلطنة، والأولى ألا يخرج الأمر عن ذرية الملك الظاهر"، وهكذا، جابوا "سلامش بن بيبرس"، عيل عنده 7 سنين وحطوه على العرش، وبقى "قلاوون" هو الحاكم الفعلي للبلاد، وأمر بأن يخطب باسمه واسم "سلامش" مع بعض، في ج7 من "النجوم الزاهرة" بيقول "ابن تغري" إن "قلاوون" انتظر 100 يوم بيرتب لوصوله للعرش وإزاحة "سلامش"، قام بالقبض على الأمراء الظاهرية وإيداعهم السجون، راح يستميل المماليك الصالحية عن طريق منحهم الإقطاعات والوظائف والهبات بهدف سيطرته الكاملة على البلاد، تمهيدًا لاعتلائه تخت السلطنة، ولما أحس "قلاوون" إن البلاد بقت في قبضته بالكامل استدعى الأمراء والقضاة والأعيان بقلعة الجبل، وقال لهم: "قد علمتم أن المملكة لا تقوم إلا برجل كامل"، فوافقوه، وتم خلع "سُلامش" ونصب "قلاوون" سلطان..
وبدأ "سيف الدين قلاوون" عهد أسرة حكمت مصر والمشرق العربي مايزيد على قرن من الزمان، في عهده بدأ وجود المماليك الشركس أو المماليك البرجية أو مماليك البرج أو مماليك الحصن، المماليك البرجية هم عبارة عن لواء من المماليك كان مقيم في القلعة من أول ما جنده "قلاوون"، سُميت بالدولة البرجية لأن مماليكها كانوا يسكنوا أبراج قلعة الجبل، لكن فيه رأي تاني بيقول إن أبراج القلعة كانت للحراسة مش للسكن، ولكنهم كانوا بينتسبوا لقبيلة "برج" الشركسية، اللي يقال إن السلطان "سيف الدين قلاوون" كان في الأصل منها، واسمهم مماليك شركسية أو جركسية، لأن مماليكها كانوا من الشركس سكان المرتفعات الجنوبية في بلاد القبجاق، بين البحر الأسود وبحر قزوين، تم أسر أعداد كبيرة منهم وقت الغارات والحروب، واشترى السلطان "قلاوون" أعداد كبيرة منهم، وأسكنهم في قلعة الجبل عشان يبعدهم عن المماليك البحرية، وأعطى مناصب مقربة منه لعدد منهم، زي السلحدارية اللي هو ماسك السلاح، والجقمقدارية وهو المسؤول عن ملابس السلطان، والجاشنكيرية وهو ذواق طعام السلطان، والأوشاقية وهو مسؤول ركوب السلطان للأحصنة للمتعة والرياضة، وبالمناسبة، استخدام اسم البرجية أصح من الشركسية، لأن لفظ شركسية بيشير لجنس مش لنظام سياسة، وكمان فيه سلاطين من أصول شركسية حكموا في فترة دولة المماليك البحرية أصلًا، وخلال قرن كامل من حكم سلالة "قلاوون" لمصر، كانت المماليك البرجية بتثبت أقدامها في مراكز القوى في الدولة، لحد ما توفى واحد من أعظم سلاطين الدولة المملوكية وأسرة "قلاوون"، وهو السلطان "ناصر الدين أبو المعالي محمد بن قلاوون" اللي مات سنة 1341م..
بُص، "الناصر محمد بن قلاوون"، ناصر الدين، أبو المعالي، خاض حروب ضد الصليبيين والمغول وانتصر في كل معاركه، واتوسع مُلكه ليشمل البر والبحر في الشرق والغرب، وعمل قوانين إصلاحية في داخل الدولة ضد الفساد، وأسس لبناء امبراطورية إسلامية عفية، وحكم العالم من حاضنة الخلافة العباسية في القاهرة، بيقول عنه "ابن إياس" في ج2 من "بدائع الزهور": "خُطب له في أماكن لم يخطب فيها لأحد من الملوك غيره، وكاتبه سائر الملوك من مسلم وكافر"، لكنه مات وبدأ الانهيار، في ج3 من "السلوك" بيقول "المقريزي" إن السلطان "الناصر" ترك 14 ولداً وسبع بنات. وُلّيَ السلطنة ثمانية من أولاده من 1341 إلى 1361 م وهم: المنصور أبو بكر، والأشرف كجك، والناصر أحمد، والصالح إسماعيل، والكامل شعبان، والمظفر حاجي، والناصر حسن، والصالح صالح. ومن أحفاده أربعة من 1361 لسنة 1382 م وهم: المنصور محمد، والأشرف شعبان، والمنصور علي، والصالح حاجي، بُص، خلال الفترة دي كانت دولة المماليك البحرية بتحتضر، تتابع على عرش مصر المحروسة أولاده، لكن لم يكد أحدهم يستقر على تخت الملك كم شهر إلا ويتم الانقلاب عليه، ويبقى مصيره الخلع أو القتل، 5 ملوك أخوة تم سلطنتهم في خلال كم شهر، وبعد ما تم خلع الملك "شهاب الدين أحمد" وتنصيب أخوه الملك "عماد الدين اسماعيل"، "ابن إياس" بيقول في "بدائع الزهور" إن الأمير "منجك" السلاحدار راح الكرك ودخل على الملك المخلوع وخنقه، وقطع راسه ورجع بيها على القاهرة، كان جاي لتقديمها للسلطان "عماد الدين إسماعيل"، لكن السلطان لما شاف راس أخوه المقطوعة أصابه رعب شديد، ومرض، وبات ليلته يراه في نومه، كوابيس مرعبة ظلت تطارده..
السلطان أصابته علة غامضة، وكانت رؤية رأس أخوه بتخليه يخاف يغمض عينه، عانى من الأرق والكوابيس واشتد عليه المرض، ولما الخبر سرى بين الحاشية راح الأمراء له، بس كان في نزعه الأخير، هو حس باحتضاره فطلبوا منه أن يعهد بالسلطنة من بعده لأحدهم، بكى وأبكى الأمراء وقال لهم: "سلموا على النائب والأمراء، وعرفوهم أني إن مت يولوا أخى شعبان".. وبالفعل مات ليلتها، وقام أخوه "شعبان" السلطان الجديد بكتم الخبر، وأمر بالقبض على أخويه المتبقيين، "حاجي و حسين"، قال عنه "ابن تغري بردي" إنه من أشد الملوك ظلمًا، ولكنه ما لحقش يستقر في المُلك، وثار عليه الأمراء واعتقلوه وولوا مكانه أخوه "حاجي"، اللي بعت له أحد القتلة فذبحه في سجنه.. الأوضاع كانت ملتهبة في مصر، وبتنبئ بكارثة، صراع الأمراء المماليك على العرش أدى لتفكك الدولة واستنزفها وأضعفها، بقت شبه دولة، ما بقاش فيها من الدولة اللي أسسها "الناصر محمد بن قلاوون" إلا الاسم وبس، وبقى عرش السلطنة مغسول بدماء المماليك من أبنائه، السلطان "حاجي" حكم سنة وشوية وبعدين المماليك انقلبوا عليه، وواجههم بقواته، كانوا في رمضان ودرات العركة، ولكنه انهزم واتقتل يوم الأحد 16 ديسمبر 1347م، ومن بعده تم تنصيب "الناصر حسن بن الناصر محمد بن قلاوون"، صبي صغير لا يملك من الأمر شيء قليل الخبرة والتجارب، ما يقدرش على مواجهة الأمراء والكبار وتصريف الأمور، شهد 6 سنين من حكم أبوه الزاهر، وشهد على سقوط 6 سلاطين من إخواته على العرش، السلطان صاحب الجامع الشهير، اللي على الورقة أم 100 جنيه، اللي أنا حكيت لكم حكايته قبل كدا في مقال سابق، ممكن تقرأه من هنا: https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=712474569741748&id=100029376351171&mibextid=Nif5oz
لو قرأت المقال دا هتعرف إن في سنة 1350م أعلن القضاة أن السلطان بلغ سن الرشد، ويقدر على الحكم بدون وصاية من حد أو تدخل من أمير، وأول ما مسك مقاليد الأمور قام بالقبض على الأمراء الأوصياء عليه وصادر أملاكهم، فقرر باقي الأمراء التخلص منه قبل ما يتخلص هو منهم، وكانوا أسرع منه حركة فخلعوه عن العرش يوم 11 أغسطس 1351م، وبايعوا أخوه الملك "صلاح الدين بن محمد بن قلاوون"، فتى ما كملش 14 سنة، ولكن برضو حصل عليه انقلاب جديد ورجعوا الناصر "حسن" للحكم مرة تانية في سنة 1354م، ولكنه حاول ممارسة السلطنة لوحده بدون منازع، ولكن حصل عليه انقلاب، وقيل إنه اختفى ومفيش حد عرف له طرق، وقيل إنه اتقتل، وعلى كل حال، وصل العرش للسلطان المنصور "صلاح الدين محمد بن حاجي بن قلاوون"، حكم سنتين بس في الفترة من سنة 1361م لسنة 1363م، وهو أول حفيد للسلطان "الناصر محمد بن قلاوون" يتولى الحكم، وبرضو تم خلعه وجاء من بعده ابن عمه السلطان "شعبان"، الملك الأشرف "زين الدين شعبان بن حسن بن محمد بن قلاوون"، اللي تولى حكم مصر سنة 764هـ/1363م، في ج11 من "النجوم الزاهرة" بيقول "ابن إياس" إن لما اتفق الأمراء على سلطنته أحضر الخليفة العباسي في القاهرة "المتوكل على الله أبو عبد الله محمد"، والقضاة الأربعة، وأفيض عليه الخلعة الخليفتية السوداء بالسلطنة وقعد على تخت الملك، وكان عمره 10 سنين، تم تنصيبه بدون أي هرج في المملكة ولا اضطراب في الرعية..
قال إنه في أقل من قليل وقع خلع السلطان "المنصور" وسلطنة "الأشرف" وانتهى الأمر، ونزل الخليفة لداره وعليه التشريف، وما عرفتش الأهالي إن بقى بيحكمهم سلطان جديد إلا بدق البشاير والمناداة باسمه في الشوارع واتزينت القاهرة له.. متخيل، سلطان بيتخلع وغيره بيتم تنصيبه للحكم، والناس ما تعرفش حاجة، وقتها، كانت أوروبا بالكامل بتخطط لإسقاط مصر، مستغلين حالة التخبط والاقتتال الداخلي على الحكم فيها، أجهزة الدولة السيادية اتحولت لتكتلات بتضرب من تحت لتحت في بعضها البعض، والعسس كارهين المماليك البرجية اللي بيقاتلوا المماليك البحرية، ورئيس الديوان مع فريق ومسؤول النظام مع فريق مضاد، وفيه صراع شرس بين قائد الجيش الأتابك "يلبغا" ضد أمير السلاح "طيبغا الطويل"، حتى السلطان "شعبان" نفسه بيتحين الفرصة عشان يتخلص من الأوصياء وكبار قادة المماليك، عشان يقدر يحكم لوحده، وقال لخاصكيته إن المقال دا بتاع "أحمد الكراني"، واللي هيسرقه مش هياخد باله من السطر دا، المهم، عشان كدا طمعت أوروبا في مصر وجهز القبارصة حملة صليبية ضد مصر، نزلت اسكندرية وارتكبت مذبحة رهيبة، كتبت لكم عنها قبل كدا، ممكن تقرأ مقالي من هنا: https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=1032801927709009&id=100029376351171&mibextid=Nif5oz
"الأشرف شعبان بن قلاوون" كان مصيره أكتر بشاعة، وكتب النهاية لدولة المماليك البحرية، في ج2 من "السلوك" بيقول "المقريزي" إنه كان عيان ورغم كدا قرر إنه يخرج لأداء فريضة الحج، وأوصى السلطان المماليك بحفظ القلعة، وعهد إليهم إنه إذا أصابه الموت فولده الأمير "علي" هو السلطان من بعده، وركب من قلعة الجبل ومشي ركابه لسرياقوس، فبات بقصوره فيها ليلة التلات ونزل على بركة الحجاج، وكان معاه معظم أمراء الألوف والمشايخ والأعيان والقضاة وحصله كمان الخليفة العباسي، فلما كان يوم السبت 3 ذي القعدة، وقع الانقلاب في القاهرة، خرجت المماليك مع من تأخر بالقلعة من المماليك السلطانية، واجتمع لهم مماليك الأسياد ومماليك الأمراء المسافرين صحبة السلطان، وفي جماعة من المماليك البطالة وواعدوهم جميعًا على القيام معهم، على أن ينفقوا فيهم 500 دينار، عنها 10 آلاف درهم، لكل واحد منهم، فمالوا إليهم وتحالفوا على الاتفاق بالإطاحة بالسلطان، وركبوا بآلة الحرب وعليهم ثياب القتال، مدججين بالسلاح، ونزل المماليك السلطانية اللي بالطباق من قلعة الجبل، وصعد اللي كانوا أسفل القلعة إليها، واحتشدت فيالق جيوشهم عند باب الستارة، وفي داخله الطواشي سابق الدين مثقال زمام الدور، والأمير جلبان لالا الأسياد، والأمير أقبغا جركس اللالا، فأغلقوا باب الستارة، وبدأ الهرج لما قام الانقلابيين بالدق على الباب، وطلبوا منهم إنزال الأمير "علي بن السلطان شعبان"، وزعقوا وقالوا: " قد مات السلطان ونحن نريد نسلطن ابنه الأمير علي"، كذبوا الكذبة وصدقوها، قالوا إن السلطان مات في طريقه للحج وهم هما بادعاء إنهم بينفذوا وصية السلطان فقيل لهم: "من كبيركم حتى نسلم إليه ابن السلطان"، لكن تبلبل القوم وتناقروا فيما بينهم ساعة وجمعهم بيكتر، وبينضم لهم الغوغاء من صغار المماليك والجلبان..
وفجأة، كسروا شباك الزمام المطل على الجهة دي من باب الساعات في القلعة، واتسلقوا الحيطان وارتقوا فوق أسوار القلعة، واقتحموا البرج فنهبوا ما في بيت الزمام، ونزلوا لرحبة باب الستارة وقبضوا على الطواشي مثفال الزمام، وعلى الأمير حلبان، ودخلوا من باب الستارة بأجمعهم، وأخرجوا الأمير "علي" بالقوة الجبرية، وأجلسوه بباب الستارة وعليه عباءة الخلعة والعمامة، وأحضروا الأمير "أيدمر الشمسي"، وألزموه بتقبيل الأرض بين إيد السلطان الجديد، فقبلها، وأركبوا الأمير "علي" فوق حصان ومشيوا بيه وسط زفة على الإيوان المعروف بدار العدل، وأجلسوه على تخت الملك هناك، ولقبوه بالملك العادل علاء الدين، وبدأ المتمردين بالقبض على كل كبار القادة والموظفين في الحكومة، ولما استقر بيهم الأمر أمروا بأن ينادى في الناس بالأمان، فنودي في القاهرة ومصر بين يدي والي المحروسة: "الأمان والاطمئنان، افتحو دكاكينكم وبيعوا واشتروا، وترحموا على الملك الأشرف، والدعاء لولده الملك العادل علي، ونائبه الأمير آقتمر الحنبلي"، فكترت القيل والقال بين الناس، واستمرت الكوسات تدق بالقلعة بطبول الحرب، وطبلخاناة الأمراء أيضا تدق، والقوم وقوف تحت القلعة طول اليوم السبت، وليلة الأحد، والأمير "علي" مغلوب على أمره في الاصطبل السلطاني، وأصبح نهار الأحد، غيروا لقب الأمير "علي" وخلوه الملك المنصور، وأخدوا خطوط وتوقيعات جميع العلماء والأمراء إنهم رضوا بيه سلطان، ونادوا في القاهرة وأعمالهما تاني بالأمان والاطمئنان والدعاء للملك المنصور، وخرج البريد لإحضار الأمير "آقتمر الحنبلي" من بلاد الصعيد، وتقسموا الأمريات والألقاب بينهم..
لما أصبح في يوم الأربعاء كان السلطان بمنزلة العقبة، فجأة اتجمع عليه المماليك واتحججوا بطلب عليق وأكل دوابهم، فوعدهم السلطان بصرفه في منزلة الأزلم ، فسألوه أن ينفق فيهم مالا لينفقوه في غلمانهم، فقال: " ما عندي إلا البشماط والشعير " ، فرادوه مرارا حتى نهرهم وتوعدهم، فخرجوا وهم مستائين ولفوا على الأمراء الكبار بيشتكوا السلطان، وقالوها نصًا كدا: "إن لم ينفق فينا قتلناه"، وهاجت حفائظهم واتحركت أحقادهم، وتواعدوا على قتل السلطان وخاصكيته، ولبسوا السلاح، وأتوا على الأمير "طشتمر" واتوعدوه بالقتل إن لم يوافقهم، فألبس مماليكه السلاح، وركب معهم هو والأمير "مبارك الطازي"، وغيره من كبار الأمراء الألوف، وقصدوا السلطان، وكان في خيمته بيتكلم مع خاصكيته، وفجأة ارتفعت الضجة، فبعث من يكشف له الخبر، فقيل قد ركب المماليك بالسلاح، ففهم إنه إنقلاب، فأمر من عنده بلبس السلاح، فما تم كلامه حتى هجموا على الخيام، وقطعوا الأطناب، فأمر السلطان بطفي الشموع وخرج بمن معاه متخفي في الظلام وهرب على الخيول قاصدين القاهرة، ومفيش مع أمرائه وخاصكيته من دعم، ما يملكش كل واحد فيهم إلا نفسه، ومشيوا في طريقهم لحد ما وصلوا قبة النصر خارج القاهرة، ومن هناك سمعوا دق كوسات الحرب في القلعة، فتخوف السلطان من الأمر، وبعت مرسال لكشف الخبر، وتوجه السلطان ومعاه الأمير يلبغا الناصري على الجبل، ودخل بقية الأمراء من خاصكيته للاختباء في قبة النصر، وناموا، فبينما المماليك راكبين تحت القلعة، فقبضوا بعد الضهر على مرسال السلطان، فأتوا بيه لأكابرهم فعرفهم خبر وقعة العقبة، وإن السلطان رجع على القاهرة شريد هو ومن معاه من شراذم المماليك، ودلهم على موضع السلطان، واتوجه المتمردين في جماعة على قبة النصر، واقتحموها..
اتفاجئوا بخمسة من الأمراء الألوف منهكين ومتعبين ونايمين، فقاموا بذبحهم جميعًا، وأتوا برءوسهم معلقة على أسنة الرماح، لفوا بيها المحروسة احد ما استقروا بيها تحت القلعة وهم بيزعقوا عند كل ناصية وزقاق وشارع، بيقولوا: "صلوا على محمد"، وبعدين دفعوا الرءوس لأهلها، اللي راحوا يستكشفوا جثث الأمراء الخمسة وواروها التراب، وهكذا، اضطربت القاهرة، وخافت الناس على أرواها وأغلقوا ما فتح من الحوانيت، وكتر تخلقهم للحديث في أمر السلطان والقائمين بالدولة، ونودي بالقاهرة ومصر على السلطان، وتوعد من أخفاه، انفضحت الخطة اللي الأمراء أقاموا عليها الانقلاب، الناس عرفت إن سلطانهم لسة عايش، واللي بيحصل مجرد مؤامرة من المماليك للإطاحة بيه، ولكنهم انكتموا ومفيش حد قام بأي رد فعل إيجابي، كلهم سلبيين، والمتغطي بالناس عريان! الشعب كله بات ليلة الاتنين على تخوف وقلق شديد، ومترقب لمجريات الأمور، واللي هيحكم هيغني ويطبل ويرقص ويدعي له، فلما طلع النهار اتقبض رئيس هجانة السلطان واستجوبوه، فذكر إن آخر علمه بيه إنه فارق الأمراء وطلع الجبل، وقتها كان السلطان شاف الخيل اقتحمت قبة النصر في طلبه وقتلوا خاصكيته، فاختفي لحد الليل، وخرج على بيت أستادار الأمير الناصري، فآواه هو ومن معاه وحدثهم بقيام المماليك، وما كان منهم وذبح الأمراء، فاشتد خوف السلطان، وخرج من ليلته لوحده من بيت أستادار الناصري، وقصد بيت آمنة امرأة المشتولى بحارة المحمودية من القاهرة، وبات عندها بقية ليلة الاتنين، وأصبح فيه لحد آخر النهار، لكن واحدة جارتها شافته عندها فمضت وأعلمت القائمين بالدولة بمكانه، فركب المتمردين على الجياد وقصدوا بيت أمنة، وقبضوا عليها وعذبوها وأرهبوها، فأشارت بادهنج البيت، اللي هو المنور أو المسقط يعني..
فدخل الأمراء فوجدوا السلطان لابس جلابية حريمي، ومتخفي فيها بخمار ونقاب، ومستعد للهرب! قبضوا عليه، وخلعوا عنه زيه التنكري وألبسوه سلاح وملابس جندي منهم، وستروا وجهه بكيس قماش أسود، وخرجوا بيه من باب سعادة أحد أبواب القاهرة، لحد ما صعدوا بيه قلعة الجبل، فتسلمه الأمير أينبك، وعاقبه وعذبه بالضرب والإهانة والمد على الرجلين لحد ما دلهم على مكان كنوزه، وجمعوا بينه وبين ناظر الخاص شمس الدين المقسى، لحد ما يتحققوا من مكان الكنز بالفعل، نهبوه، ولعدين استدعوا القاضي "صدر الدين محمد بن إبراهيم المناوي"، واحد من خلفاء الحكم، يوم التلات، وأمروه بإثبات وصية الملك الأشرف، فقالهم: "لابد من إثبات وفاته"، اللي هو ازاي ننفذ وصيته أصلًا وهو لسة عايش! فدخل عليه مملوك منهم اسمه "جركس السيفي"، وخنقه، وبعدين أدخلوا عليه جماعة عاينوه وهو ميت، ورجعوا على القاضى فشهدوا عنده بموته، وإنه أوصى الأمير "عز الدين أينبك"، اللي أنعم على "جركس" قاتل السلطان بإمرة عشرة، جزاء بما فعله من خنق السلطان، وبعدين أخدوا جثة الأشرف ووضعوها في قفة وخيطوها عليه، وبعدين ألقيت في بير آخر نهار التلات، ومضت له أيام لحد ما ظهرت وفاحت ريحة نتنه، فأخرجه جيران البير وعرفوه ودفنوه بالكيمان اللي بجانب مشهد السيدة نفيسة، ولكن واحد من خدم السلطان راقبهم لحد ما انتهوا، وأخرجه بالليل من قبره وحمله على تربة أمه "خوند بركة" من التبانة، وغسله وكفنه وصلى عليه، ودفنه بالقبة التانية، في الجامع المعروف باسم جامع "أم السلطان شعبان"..
مات السلطان بشكل مأساوي سنة 1377م، بعد 14 سنة من الحكم، واتسلطن ابنه "المنصور علاء الدين علي"، تولى الحكم لمدة سنتين لحد ما مات واتسلطن الطفل "الصالح زين الدين حاجي"، وكان الوصي عليه هو الأمير "سيف الدين برقوق، اللي بعد سنة واحدة استجاب لإلحاح الأمراء ورغبتهم في تنصيبه سلطان فعل عليهم، بعد ما قضى على كل الموالين لحكم آل قلاوون، والبقية آرادوه بدل من السلطان الاسمي الصغير، فوافق، وبويع سلطان على مصر في 19 رمضان 784 هـ / 16 نوفمبر 1382 م، ولُقّب بالملك "الظاهر سيف الدين برقوق" فكان هو مؤسس الدولة التانية، دولة سلطنة المماليك البرجية في مصر، وهابقى اكتب عن الأكداث دي بالتفصيل بعدين، وهكذا، انتقل الحكم من دولة المماليك البحرية لدولة المماليك البرجية، اللي استمرت في حكم مصر لحد سنة 1517 م.. وكان آخر سلاطينها هو السلطان الشهيد الأشرف "طومان باي"، اللي انهزم أمام قوات الغزو العثمانلي، وقام "سليم الأول بإعدامه، وبكدا انتهت دولة المماليك للأبد، وفي النهاية، المقال دا وغيره لهم حقوق ملكية، وباكتبهم لحضرتك بكل محبة وتقدير، وبالمناسبة اللايك والكومنت والشير دي حاجات بتساعدني جدًا عشان أكمل في نشر المحتوى بتاعي، وعشان توصل لك مقالاتي بعد كدا يا ريت تفضل متفاعل عندي وما تنساش تعمل متابعة للحساب، واشترك في قناة اليوتيوب بتاعتي في التعليق الأول ..
فوتكم بعافية..
#أحمد_الكراني
بُص حضرتك، المؤرخين بيقسموا الدولة المملوكيَّة لفرعين، دولتين، الأولى دولة المماليك البحرية والتانية دولة المماليك البرجية"، بُص، تعال معايا نجيب الموضوع من البداية، المماليك البحرية هم سلالة من المماليك أغلبها من الأتراك القبجاق، ولفظ "البحرية" بتعني النهر، وهي إشارة لجزيرة الروضة في القاهرة اللي عاش فيها المماليك، وبنى فيها السلطان الأيوبي "الصالح أيوب" قلعة الروضة، وانتقل للعيش فيها مع مماليكه، وفيه نظرية تانية عن حول أصل الاسم، بتقول إن لقب "البحرية" لأنها جاءت عن طريق البحر، وعلى كل حال، كانت المماليك في مصر هم الترك البحرية، اللي بدأوا حكاياتهم مع عرش مصر، في 1250م لما مات السلطان الأيوبي "الصالح أيوب"، أثناء الحملة الصليبية السابعة بقيادة ملك فرنسا "لويس التاسع"، وخلال معركة المنصورة المجيدة مات السلطان الأيوبي فقامت زوجته "شجر الدر" بكتم الخبر، وبعد الانتصار في المعركة قام المماليك بقتل ابنه ووريثه "توران شاه"، وتم تنصيب "شجر الدر" سلطانة، لكن الخليفة العباسي في بغداد "المستعصم بالله"، بعت رسالة لمصر وقال فيها: "إن كانت الرجال قد عُدِمَت عِندكم فأعلمونا حتى نُسيّرُ إليكم رجلًا"، فقامت بالزواج من القائد العام الأتابك الأمير "عز الدين أيبك"، وتنازلت له عن العرش، وبقى "أيبك" أول سلطان من المماليك البحرية بيحكم مصر، من سنة 1250-1257م، وأنا كتبت قبل كدا عن الأحداث دي بالتفصيل في مقال سابق، ممكن تقرأه من هنا: https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=709038230085382&id=100029376351171&mibextid=Nif5oz
معركة المنصورة دارت رحاها في مصر من 8 ل11 فبراير من سنة 1250م، فيها ظهر اسم أمير مملوكي اسمه "المنصور سيف الدين قلاوون الألفي الصالحي"، وهو كان واحد من رجال السلطان "الصالح أيوب"، عاصر تأسيس دولة المماليك، ولكن زادت مكانته وعلا شأنه بعد كدا، وبقى من كبار الأمراء أصحاب النفوذ في دولة السلطان "الظاهر بيبرس"، وبعد وفاة السلطان تم تنصيب ابنه السلطان "السعيد ناصر الدين محمد بركة خان"، اللي كان متجوز بنت "سيف الدين قلاوون"، "بركة خان" حكم سنتين من 1277 إلى 1279م، وخلع نفسه بعد أحداث كتيرة مملوءة بالتمرد والانقلاب من المماليك، وهابقى اكتب لكم مقال بالتفصيل عن الأحداث دي، اللي لازم تعرفه دلوقت إن "قلاوون" انضم للتمرد وأجبر السلطان -زوج بنته- على التنحي، وأبعده من مصر على الكرك، في ج2 من "السلوك" بيقول "المقريزي" إن المماليك اجتمعوا على تنصيب "قلاوون" سلطان، ولكنه رفض وقال: "أنا ما خلعت الملك السعيد طمعاً في السلطنة، والأولى ألا يخرج الأمر عن ذرية الملك الظاهر"، وهكذا، جابوا "سلامش بن بيبرس"، عيل عنده 7 سنين وحطوه على العرش، وبقى "قلاوون" هو الحاكم الفعلي للبلاد، وأمر بأن يخطب باسمه واسم "سلامش" مع بعض، في ج7 من "النجوم الزاهرة" بيقول "ابن تغري" إن "قلاوون" انتظر 100 يوم بيرتب لوصوله للعرش وإزاحة "سلامش"، قام بالقبض على الأمراء الظاهرية وإيداعهم السجون، راح يستميل المماليك الصالحية عن طريق منحهم الإقطاعات والوظائف والهبات بهدف سيطرته الكاملة على البلاد، تمهيدًا لاعتلائه تخت السلطنة، ولما أحس "قلاوون" إن البلاد بقت في قبضته بالكامل استدعى الأمراء والقضاة والأعيان بقلعة الجبل، وقال لهم: "قد علمتم أن المملكة لا تقوم إلا برجل كامل"، فوافقوه، وتم خلع "سُلامش" ونصب "قلاوون" سلطان..
وبدأ "سيف الدين قلاوون" عهد أسرة حكمت مصر والمشرق العربي مايزيد على قرن من الزمان، في عهده بدأ وجود المماليك الشركس أو المماليك البرجية أو مماليك البرج أو مماليك الحصن، المماليك البرجية هم عبارة عن لواء من المماليك كان مقيم في القلعة من أول ما جنده "قلاوون"، سُميت بالدولة البرجية لأن مماليكها كانوا يسكنوا أبراج قلعة الجبل، لكن فيه رأي تاني بيقول إن أبراج القلعة كانت للحراسة مش للسكن، ولكنهم كانوا بينتسبوا لقبيلة "برج" الشركسية، اللي يقال إن السلطان "سيف الدين قلاوون" كان في الأصل منها، واسمهم مماليك شركسية أو جركسية، لأن مماليكها كانوا من الشركس سكان المرتفعات الجنوبية في بلاد القبجاق، بين البحر الأسود وبحر قزوين، تم أسر أعداد كبيرة منهم وقت الغارات والحروب، واشترى السلطان "قلاوون" أعداد كبيرة منهم، وأسكنهم في قلعة الجبل عشان يبعدهم عن المماليك البحرية، وأعطى مناصب مقربة منه لعدد منهم، زي السلحدارية اللي هو ماسك السلاح، والجقمقدارية وهو المسؤول عن ملابس السلطان، والجاشنكيرية وهو ذواق طعام السلطان، والأوشاقية وهو مسؤول ركوب السلطان للأحصنة للمتعة والرياضة، وبالمناسبة، استخدام اسم البرجية أصح من الشركسية، لأن لفظ شركسية بيشير لجنس مش لنظام سياسة، وكمان فيه سلاطين من أصول شركسية حكموا في فترة دولة المماليك البحرية أصلًا، وخلال قرن كامل من حكم سلالة "قلاوون" لمصر، كانت المماليك البرجية بتثبت أقدامها في مراكز القوى في الدولة، لحد ما توفى واحد من أعظم سلاطين الدولة المملوكية وأسرة "قلاوون"، وهو السلطان "ناصر الدين أبو المعالي محمد بن قلاوون" اللي مات سنة 1341م..
بُص، "الناصر محمد بن قلاوون"، ناصر الدين، أبو المعالي، خاض حروب ضد الصليبيين والمغول وانتصر في كل معاركه، واتوسع مُلكه ليشمل البر والبحر في الشرق والغرب، وعمل قوانين إصلاحية في داخل الدولة ضد الفساد، وأسس لبناء امبراطورية إسلامية عفية، وحكم العالم من حاضنة الخلافة العباسية في القاهرة، بيقول عنه "ابن إياس" في ج2 من "بدائع الزهور": "خُطب له في أماكن لم يخطب فيها لأحد من الملوك غيره، وكاتبه سائر الملوك من مسلم وكافر"، لكنه مات وبدأ الانهيار، في ج3 من "السلوك" بيقول "المقريزي" إن السلطان "الناصر" ترك 14 ولداً وسبع بنات. وُلّيَ السلطنة ثمانية من أولاده من 1341 إلى 1361 م وهم: المنصور أبو بكر، والأشرف كجك، والناصر أحمد، والصالح إسماعيل، والكامل شعبان، والمظفر حاجي، والناصر حسن، والصالح صالح. ومن أحفاده أربعة من 1361 لسنة 1382 م وهم: المنصور محمد، والأشرف شعبان، والمنصور علي، والصالح حاجي، بُص، خلال الفترة دي كانت دولة المماليك البحرية بتحتضر، تتابع على عرش مصر المحروسة أولاده، لكن لم يكد أحدهم يستقر على تخت الملك كم شهر إلا ويتم الانقلاب عليه، ويبقى مصيره الخلع أو القتل، 5 ملوك أخوة تم سلطنتهم في خلال كم شهر، وبعد ما تم خلع الملك "شهاب الدين أحمد" وتنصيب أخوه الملك "عماد الدين اسماعيل"، "ابن إياس" بيقول في "بدائع الزهور" إن الأمير "منجك" السلاحدار راح الكرك ودخل على الملك المخلوع وخنقه، وقطع راسه ورجع بيها على القاهرة، كان جاي لتقديمها للسلطان "عماد الدين إسماعيل"، لكن السلطان لما شاف راس أخوه المقطوعة أصابه رعب شديد، ومرض، وبات ليلته يراه في نومه، كوابيس مرعبة ظلت تطارده..
السلطان أصابته علة غامضة، وكانت رؤية رأس أخوه بتخليه يخاف يغمض عينه، عانى من الأرق والكوابيس واشتد عليه المرض، ولما الخبر سرى بين الحاشية راح الأمراء له، بس كان في نزعه الأخير، هو حس باحتضاره فطلبوا منه أن يعهد بالسلطنة من بعده لأحدهم، بكى وأبكى الأمراء وقال لهم: "سلموا على النائب والأمراء، وعرفوهم أني إن مت يولوا أخى شعبان".. وبالفعل مات ليلتها، وقام أخوه "شعبان" السلطان الجديد بكتم الخبر، وأمر بالقبض على أخويه المتبقيين، "حاجي و حسين"، قال عنه "ابن تغري بردي" إنه من أشد الملوك ظلمًا، ولكنه ما لحقش يستقر في المُلك، وثار عليه الأمراء واعتقلوه وولوا مكانه أخوه "حاجي"، اللي بعت له أحد القتلة فذبحه في سجنه.. الأوضاع كانت ملتهبة في مصر، وبتنبئ بكارثة، صراع الأمراء المماليك على العرش أدى لتفكك الدولة واستنزفها وأضعفها، بقت شبه دولة، ما بقاش فيها من الدولة اللي أسسها "الناصر محمد بن قلاوون" إلا الاسم وبس، وبقى عرش السلطنة مغسول بدماء المماليك من أبنائه، السلطان "حاجي" حكم سنة وشوية وبعدين المماليك انقلبوا عليه، وواجههم بقواته، كانوا في رمضان ودرات العركة، ولكنه انهزم واتقتل يوم الأحد 16 ديسمبر 1347م، ومن بعده تم تنصيب "الناصر حسن بن الناصر محمد بن قلاوون"، صبي صغير لا يملك من الأمر شيء قليل الخبرة والتجارب، ما يقدرش على مواجهة الأمراء والكبار وتصريف الأمور، شهد 6 سنين من حكم أبوه الزاهر، وشهد على سقوط 6 سلاطين من إخواته على العرش، السلطان صاحب الجامع الشهير، اللي على الورقة أم 100 جنيه، اللي أنا حكيت لكم حكايته قبل كدا في مقال سابق، ممكن تقرأه من هنا: https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=712474569741748&id=100029376351171&mibextid=Nif5oz
لو قرأت المقال دا هتعرف إن في سنة 1350م أعلن القضاة أن السلطان بلغ سن الرشد، ويقدر على الحكم بدون وصاية من حد أو تدخل من أمير، وأول ما مسك مقاليد الأمور قام بالقبض على الأمراء الأوصياء عليه وصادر أملاكهم، فقرر باقي الأمراء التخلص منه قبل ما يتخلص هو منهم، وكانوا أسرع منه حركة فخلعوه عن العرش يوم 11 أغسطس 1351م، وبايعوا أخوه الملك "صلاح الدين بن محمد بن قلاوون"، فتى ما كملش 14 سنة، ولكن برضو حصل عليه انقلاب جديد ورجعوا الناصر "حسن" للحكم مرة تانية في سنة 1354م، ولكنه حاول ممارسة السلطنة لوحده بدون منازع، ولكن حصل عليه انقلاب، وقيل إنه اختفى ومفيش حد عرف له طرق، وقيل إنه اتقتل، وعلى كل حال، وصل العرش للسلطان المنصور "صلاح الدين محمد بن حاجي بن قلاوون"، حكم سنتين بس في الفترة من سنة 1361م لسنة 1363م، وهو أول حفيد للسلطان "الناصر محمد بن قلاوون" يتولى الحكم، وبرضو تم خلعه وجاء من بعده ابن عمه السلطان "شعبان"، الملك الأشرف "زين الدين شعبان بن حسن بن محمد بن قلاوون"، اللي تولى حكم مصر سنة 764هـ/1363م، في ج11 من "النجوم الزاهرة" بيقول "ابن إياس" إن لما اتفق الأمراء على سلطنته أحضر الخليفة العباسي في القاهرة "المتوكل على الله أبو عبد الله محمد"، والقضاة الأربعة، وأفيض عليه الخلعة الخليفتية السوداء بالسلطنة وقعد على تخت الملك، وكان عمره 10 سنين، تم تنصيبه بدون أي هرج في المملكة ولا اضطراب في الرعية..
قال إنه في أقل من قليل وقع خلع السلطان "المنصور" وسلطنة "الأشرف" وانتهى الأمر، ونزل الخليفة لداره وعليه التشريف، وما عرفتش الأهالي إن بقى بيحكمهم سلطان جديد إلا بدق البشاير والمناداة باسمه في الشوارع واتزينت القاهرة له.. متخيل، سلطان بيتخلع وغيره بيتم تنصيبه للحكم، والناس ما تعرفش حاجة، وقتها، كانت أوروبا بالكامل بتخطط لإسقاط مصر، مستغلين حالة التخبط والاقتتال الداخلي على الحكم فيها، أجهزة الدولة السيادية اتحولت لتكتلات بتضرب من تحت لتحت في بعضها البعض، والعسس كارهين المماليك البرجية اللي بيقاتلوا المماليك البحرية، ورئيس الديوان مع فريق ومسؤول النظام مع فريق مضاد، وفيه صراع شرس بين قائد الجيش الأتابك "يلبغا" ضد أمير السلاح "طيبغا الطويل"، حتى السلطان "شعبان" نفسه بيتحين الفرصة عشان يتخلص من الأوصياء وكبار قادة المماليك، عشان يقدر يحكم لوحده، وقال لخاصكيته إن المقال دا بتاع "أحمد الكراني"، واللي هيسرقه مش هياخد باله من السطر دا، المهم، عشان كدا طمعت أوروبا في مصر وجهز القبارصة حملة صليبية ضد مصر، نزلت اسكندرية وارتكبت مذبحة رهيبة، كتبت لكم عنها قبل كدا، ممكن تقرأ مقالي من هنا: https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=1032801927709009&id=100029376351171&mibextid=Nif5oz
"الأشرف شعبان بن قلاوون" كان مصيره أكتر بشاعة، وكتب النهاية لدولة المماليك البحرية، في ج2 من "السلوك" بيقول "المقريزي" إنه كان عيان ورغم كدا قرر إنه يخرج لأداء فريضة الحج، وأوصى السلطان المماليك بحفظ القلعة، وعهد إليهم إنه إذا أصابه الموت فولده الأمير "علي" هو السلطان من بعده، وركب من قلعة الجبل ومشي ركابه لسرياقوس، فبات بقصوره فيها ليلة التلات ونزل على بركة الحجاج، وكان معاه معظم أمراء الألوف والمشايخ والأعيان والقضاة وحصله كمان الخليفة العباسي، فلما كان يوم السبت 3 ذي القعدة، وقع الانقلاب في القاهرة، خرجت المماليك مع من تأخر بالقلعة من المماليك السلطانية، واجتمع لهم مماليك الأسياد ومماليك الأمراء المسافرين صحبة السلطان، وفي جماعة من المماليك البطالة وواعدوهم جميعًا على القيام معهم، على أن ينفقوا فيهم 500 دينار، عنها 10 آلاف درهم، لكل واحد منهم، فمالوا إليهم وتحالفوا على الاتفاق بالإطاحة بالسلطان، وركبوا بآلة الحرب وعليهم ثياب القتال، مدججين بالسلاح، ونزل المماليك السلطانية اللي بالطباق من قلعة الجبل، وصعد اللي كانوا أسفل القلعة إليها، واحتشدت فيالق جيوشهم عند باب الستارة، وفي داخله الطواشي سابق الدين مثقال زمام الدور، والأمير جلبان لالا الأسياد، والأمير أقبغا جركس اللالا، فأغلقوا باب الستارة، وبدأ الهرج لما قام الانقلابيين بالدق على الباب، وطلبوا منهم إنزال الأمير "علي بن السلطان شعبان"، وزعقوا وقالوا: " قد مات السلطان ونحن نريد نسلطن ابنه الأمير علي"، كذبوا الكذبة وصدقوها، قالوا إن السلطان مات في طريقه للحج وهم هما بادعاء إنهم بينفذوا وصية السلطان فقيل لهم: "من كبيركم حتى نسلم إليه ابن السلطان"، لكن تبلبل القوم وتناقروا فيما بينهم ساعة وجمعهم بيكتر، وبينضم لهم الغوغاء من صغار المماليك والجلبان..
وفجأة، كسروا شباك الزمام المطل على الجهة دي من باب الساعات في القلعة، واتسلقوا الحيطان وارتقوا فوق أسوار القلعة، واقتحموا البرج فنهبوا ما في بيت الزمام، ونزلوا لرحبة باب الستارة وقبضوا على الطواشي مثفال الزمام، وعلى الأمير حلبان، ودخلوا من باب الستارة بأجمعهم، وأخرجوا الأمير "علي" بالقوة الجبرية، وأجلسوه بباب الستارة وعليه عباءة الخلعة والعمامة، وأحضروا الأمير "أيدمر الشمسي"، وألزموه بتقبيل الأرض بين إيد السلطان الجديد، فقبلها، وأركبوا الأمير "علي" فوق حصان ومشيوا بيه وسط زفة على الإيوان المعروف بدار العدل، وأجلسوه على تخت الملك هناك، ولقبوه بالملك العادل علاء الدين، وبدأ المتمردين بالقبض على كل كبار القادة والموظفين في الحكومة، ولما استقر بيهم الأمر أمروا بأن ينادى في الناس بالأمان، فنودي في القاهرة ومصر بين يدي والي المحروسة: "الأمان والاطمئنان، افتحو دكاكينكم وبيعوا واشتروا، وترحموا على الملك الأشرف، والدعاء لولده الملك العادل علي، ونائبه الأمير آقتمر الحنبلي"، فكترت القيل والقال بين الناس، واستمرت الكوسات تدق بالقلعة بطبول الحرب، وطبلخاناة الأمراء أيضا تدق، والقوم وقوف تحت القلعة طول اليوم السبت، وليلة الأحد، والأمير "علي" مغلوب على أمره في الاصطبل السلطاني، وأصبح نهار الأحد، غيروا لقب الأمير "علي" وخلوه الملك المنصور، وأخدوا خطوط وتوقيعات جميع العلماء والأمراء إنهم رضوا بيه سلطان، ونادوا في القاهرة وأعمالهما تاني بالأمان والاطمئنان والدعاء للملك المنصور، وخرج البريد لإحضار الأمير "آقتمر الحنبلي" من بلاد الصعيد، وتقسموا الأمريات والألقاب بينهم..
لما أصبح في يوم الأربعاء كان السلطان بمنزلة العقبة، فجأة اتجمع عليه المماليك واتحججوا بطلب عليق وأكل دوابهم، فوعدهم السلطان بصرفه في منزلة الأزلم ، فسألوه أن ينفق فيهم مالا لينفقوه في غلمانهم، فقال: " ما عندي إلا البشماط والشعير " ، فرادوه مرارا حتى نهرهم وتوعدهم، فخرجوا وهم مستائين ولفوا على الأمراء الكبار بيشتكوا السلطان، وقالوها نصًا كدا: "إن لم ينفق فينا قتلناه"، وهاجت حفائظهم واتحركت أحقادهم، وتواعدوا على قتل السلطان وخاصكيته، ولبسوا السلاح، وأتوا على الأمير "طشتمر" واتوعدوه بالقتل إن لم يوافقهم، فألبس مماليكه السلاح، وركب معهم هو والأمير "مبارك الطازي"، وغيره من كبار الأمراء الألوف، وقصدوا السلطان، وكان في خيمته بيتكلم مع خاصكيته، وفجأة ارتفعت الضجة، فبعث من يكشف له الخبر، فقيل قد ركب المماليك بالسلاح، ففهم إنه إنقلاب، فأمر من عنده بلبس السلاح، فما تم كلامه حتى هجموا على الخيام، وقطعوا الأطناب، فأمر السلطان بطفي الشموع وخرج بمن معاه متخفي في الظلام وهرب على الخيول قاصدين القاهرة، ومفيش مع أمرائه وخاصكيته من دعم، ما يملكش كل واحد فيهم إلا نفسه، ومشيوا في طريقهم لحد ما وصلوا قبة النصر خارج القاهرة، ومن هناك سمعوا دق كوسات الحرب في القلعة، فتخوف السلطان من الأمر، وبعت مرسال لكشف الخبر، وتوجه السلطان ومعاه الأمير يلبغا الناصري على الجبل، ودخل بقية الأمراء من خاصكيته للاختباء في قبة النصر، وناموا، فبينما المماليك راكبين تحت القلعة، فقبضوا بعد الضهر على مرسال السلطان، فأتوا بيه لأكابرهم فعرفهم خبر وقعة العقبة، وإن السلطان رجع على القاهرة شريد هو ومن معاه من شراذم المماليك، ودلهم على موضع السلطان، واتوجه المتمردين في جماعة على قبة النصر، واقتحموها..
اتفاجئوا بخمسة من الأمراء الألوف منهكين ومتعبين ونايمين، فقاموا بذبحهم جميعًا، وأتوا برءوسهم معلقة على أسنة الرماح، لفوا بيها المحروسة احد ما استقروا بيها تحت القلعة وهم بيزعقوا عند كل ناصية وزقاق وشارع، بيقولوا: "صلوا على محمد"، وبعدين دفعوا الرءوس لأهلها، اللي راحوا يستكشفوا جثث الأمراء الخمسة وواروها التراب، وهكذا، اضطربت القاهرة، وخافت الناس على أرواها وأغلقوا ما فتح من الحوانيت، وكتر تخلقهم للحديث في أمر السلطان والقائمين بالدولة، ونودي بالقاهرة ومصر على السلطان، وتوعد من أخفاه، انفضحت الخطة اللي الأمراء أقاموا عليها الانقلاب، الناس عرفت إن سلطانهم لسة عايش، واللي بيحصل مجرد مؤامرة من المماليك للإطاحة بيه، ولكنهم انكتموا ومفيش حد قام بأي رد فعل إيجابي، كلهم سلبيين، والمتغطي بالناس عريان! الشعب كله بات ليلة الاتنين على تخوف وقلق شديد، ومترقب لمجريات الأمور، واللي هيحكم هيغني ويطبل ويرقص ويدعي له، فلما طلع النهار اتقبض رئيس هجانة السلطان واستجوبوه، فذكر إن آخر علمه بيه إنه فارق الأمراء وطلع الجبل، وقتها كان السلطان شاف الخيل اقتحمت قبة النصر في طلبه وقتلوا خاصكيته، فاختفي لحد الليل، وخرج على بيت أستادار الأمير الناصري، فآواه هو ومن معاه وحدثهم بقيام المماليك، وما كان منهم وذبح الأمراء، فاشتد خوف السلطان، وخرج من ليلته لوحده من بيت أستادار الناصري، وقصد بيت آمنة امرأة المشتولى بحارة المحمودية من القاهرة، وبات عندها بقية ليلة الاتنين، وأصبح فيه لحد آخر النهار، لكن واحدة جارتها شافته عندها فمضت وأعلمت القائمين بالدولة بمكانه، فركب المتمردين على الجياد وقصدوا بيت أمنة، وقبضوا عليها وعذبوها وأرهبوها، فأشارت بادهنج البيت، اللي هو المنور أو المسقط يعني..
فدخل الأمراء فوجدوا السلطان لابس جلابية حريمي، ومتخفي فيها بخمار ونقاب، ومستعد للهرب! قبضوا عليه، وخلعوا عنه زيه التنكري وألبسوه سلاح وملابس جندي منهم، وستروا وجهه بكيس قماش أسود، وخرجوا بيه من باب سعادة أحد أبواب القاهرة، لحد ما صعدوا بيه قلعة الجبل، فتسلمه الأمير أينبك، وعاقبه وعذبه بالضرب والإهانة والمد على الرجلين لحد ما دلهم على مكان كنوزه، وجمعوا بينه وبين ناظر الخاص شمس الدين المقسى، لحد ما يتحققوا من مكان الكنز بالفعل، نهبوه، ولعدين استدعوا القاضي "صدر الدين محمد بن إبراهيم المناوي"، واحد من خلفاء الحكم، يوم التلات، وأمروه بإثبات وصية الملك الأشرف، فقالهم: "لابد من إثبات وفاته"، اللي هو ازاي ننفذ وصيته أصلًا وهو لسة عايش! فدخل عليه مملوك منهم اسمه "جركس السيفي"، وخنقه، وبعدين أدخلوا عليه جماعة عاينوه وهو ميت، ورجعوا على القاضى فشهدوا عنده بموته، وإنه أوصى الأمير "عز الدين أينبك"، اللي أنعم على "جركس" قاتل السلطان بإمرة عشرة، جزاء بما فعله من خنق السلطان، وبعدين أخدوا جثة الأشرف ووضعوها في قفة وخيطوها عليه، وبعدين ألقيت في بير آخر نهار التلات، ومضت له أيام لحد ما ظهرت وفاحت ريحة نتنه، فأخرجه جيران البير وعرفوه ودفنوه بالكيمان اللي بجانب مشهد السيدة نفيسة، ولكن واحد من خدم السلطان راقبهم لحد ما انتهوا، وأخرجه بالليل من قبره وحمله على تربة أمه "خوند بركة" من التبانة، وغسله وكفنه وصلى عليه، ودفنه بالقبة التانية، في الجامع المعروف باسم جامع "أم السلطان شعبان"..
مات السلطان بشكل مأساوي سنة 1377م، بعد 14 سنة من الحكم، واتسلطن ابنه "المنصور علاء الدين علي"، تولى الحكم لمدة سنتين لحد ما مات واتسلطن الطفل "الصالح زين الدين حاجي"، وكان الوصي عليه هو الأمير "سيف الدين برقوق، اللي بعد سنة واحدة استجاب لإلحاح الأمراء ورغبتهم في تنصيبه سلطان فعل عليهم، بعد ما قضى على كل الموالين لحكم آل قلاوون، والبقية آرادوه بدل من السلطان الاسمي الصغير، فوافق، وبويع سلطان على مصر في 19 رمضان 784 هـ / 16 نوفمبر 1382 م، ولُقّب بالملك "الظاهر سيف الدين برقوق" فكان هو مؤسس الدولة التانية، دولة سلطنة المماليك البرجية في مصر، وهابقى اكتب عن الأكداث دي بالتفصيل بعدين، وهكذا، انتقل الحكم من دولة المماليك البحرية لدولة المماليك البرجية، اللي استمرت في حكم مصر لحد سنة 1517 م.. وكان آخر سلاطينها هو السلطان الشهيد الأشرف "طومان باي"، اللي انهزم أمام قوات الغزو العثمانلي، وقام "سليم الأول بإعدامه، وبكدا انتهت دولة المماليك للأبد، وفي النهاية، المقال دا وغيره لهم حقوق ملكية، وباكتبهم لحضرتك بكل محبة وتقدير، وبالمناسبة اللايك والكومنت والشير دي حاجات بتساعدني جدًا عشان أكمل في نشر المحتوى بتاعي، وعشان توصل لك مقالاتي بعد كدا يا ريت تفضل متفاعل عندي وما تنساش تعمل متابعة للحساب، واشترك في قناة اليوتيوب بتاعتي في التعليق الأول ..
فوتكم بعافية..
#أحمد_الكراني