[rtl]كان المغرب وحدة سياسية واحدة في العصر الروماني، وينقسم إلى ولايات. وقبيل الفتح الإسلامى بقليل، كان المغرب مقتصرًا في الواقع على ما يعرف اليوم بتونس، وكان يسمى في التقسيم الإدارى للدولة البيزنطية باسم ولاية إفريقية، أما ما يلي تونس غربًا، فلم يكن فيه أثر واضح للسلطة السياسية البيزنطية.[/rtl]
[rtl]ويكشف الباحث التاريخي، أحمد الجارد، في دراسته "القبائل العربية النازحة من المغرب إلى مصر" عن الكثير من العائلات التونسية والجزائرية والمراكشية والفاسية، التي استقرت مصر حتى قبل الاحتلال العثماني لمصر، وذابت مع مرور الزمن في النسيج الاجتماعي للمصريين بالمحافظات المصرية كافة.
في حي طولون، قبل الفتح العثماني لمصر، كانت توجد أعداد كبيرة من الأسر والعائلات التونسية، كما يقول الجارد، لافتًا إلى أنه في بداية القرن السابع عشر، شهدت توافد أعداد كبيرة من التونسيين، وبخاصة الجربيين، "حيث تشير الوثائق إلى ذلك بوضوح، فتطلق على شيخ مغاربة طولون، وفي بعض الأحيان، شيخ المغاربة الجربيين. كما مثل الوجود التونسي في هذا الحي نسبة 45%. أما الطرابلسيون، فقد كانوا يمثلون حوالي 20%. بيد أن العناصر الجزائرية لم تكن تتجاوز 7% من سكان هذا الحي، والنسبة الباقية، وهي 28%، فقد كانت عناصر أخرى. فيما تغيب الفاسيون المغاربة عن الوجود في هذا الحي، بصورة شبه تقريبية".
تميزت العائلات الجزائرية في مصر، بحوزتها للعديد من الأسلحة النارية، بخاصة عند بداية استقرارها في مصر، ونتيجة للدور العسكري المهم، الذى أصبح يلعبه الجزائريون في الحياتين السياسية والعسكرية المصرية، خلال النصف الثاني من القرن الثامن عشر، استطاعوا بما لهم من النفوذ، أن يجعلوا الأمراء المماليك يقروا لهم بوجود بيت مال خاص بالجزائريين "بيت مال الجزايرلية" حيث كان أي جزائري يتوفى في مصر، سواء القادمين للحج أو المستقرين في مصر، دون أن يكون له وريث يحول ميراثه إلى بيت مالهم.
وأوضح الجارد، أن الوجود التونسي في مصر كان مهمًا أيضًا في ميناء بولاق. "فثمة عدد كبير من العائلات التونسية التي استقرت في رشيد والإسكندرية، قد هاجر بعض أفرادها، واستقروا في بولاق مثل عائلات الزحاف والحسيني والجربوعي والركراك وعاشور وغيرها، وقد أسهمت هذه العائلات بدور كبير في التجارة بين موانىء مصر الشمالية والقاهرة".
كما كان الوجود التونسي ملحوظًا للغاية في الإسكندرية ورشيد، حيث ظلت العائلات التونسية، تسيطر على مجريات الأمور الاقتصادية بالمدينتين لفترات طويلة. إذ قامت عائلات أبو النور واللوبري وجميع والسلمي وجميعي ودويب واللومي بالدور التجاري الأول بهما.
تميز النشاط الاقتصادي للعائلات التونسية في مصر في البحر المتوسط عنه في البحر الأحمر، فكانت العائلات التونسية أكثر انتشارًا وتواجدًا في موانئ البحر المتوسط في إسطنبول وأزمير وسالونيك وأدرنة وغيرها. وحتى الذين عملوا منهم في تجارة البحر الأحمر، كانوا أسسوا شبكات تجارية قوية في البحر المتوسط أولًا، ثم تطلعوا لتوسيع تجارتهم بالدخول في التجارة الدولية بالبحر الأحمر، مثل الخواجة محمد بن عطية اللوبري، الذي كان شهبندر التجار بثغر رشيد، خلال الربع الأول من القرن الثامن عشر، وكان له وكلاء في إسطنبول وسوسة وتونس، ثم في مكة وجدة ومخا.
كما لعب التونسيون دورًا ملحوظا في تجارة السلع التي أنتجتها بلادهم؛ حيث إنهم تخصصوا بالأساس في تجارة زيت الزيتون، وكانت وكالة الزيت في بولاق وكالة شبه تونسية، وثمة للتونسيين تواجد محسوس في وكالة الزيت بالفحامين منذ إنشائها في القرن الثامن عشر، كما قام التونسيون بدور مهم في صناعة الأحرمة في طولون، وسيطروا على تجارة الشاشية والطرابيش. علاوة على ذلك، كان للعائلات التونسية باع طويل فى تجارة المرجان، الذي كانت تنتجه سواحل بلادهم، وقد أسهمت العائلات التونسية في رشيد والإسكندرية، بدور كبير في تجارة مصر مع أوروبا، فكانت لهم تعاملاتهم المهمة مع التجار الأوروبيين، فاستوردوا الورق والأقمشة الأوربية الصوفية والأسلحة وغيرها، حيث شكلوا إلى جانب اليهود المحور الرئيس لتجارة مصر مع أوروبا.
ويوضح صاحب دراسة "مصر وبلاد المغرب العربي" أن أعدادًا قليلة من العائلات التونسية، كان يستقر منها أفراد في الموانئ المصرية، أو حتى القاهرة، لفترات قد تطول أو تقصر، يعملون خلالها بالتجارة، ويمتلكون العقارات وغير ذلك، ثم يقررون في النهاية تصفية أعمالهم في مصر والعودة إلى تونس، وهي خاصية تميزت بها العائلات التونسية دون غيرها من العائلات المغربية الأخرى.
دخل التونسيون الأوجاقات والفرق العسكرية، مثلهم مثل غيرهم من التجار المغاربة، إلا أنهم قاموا مثل الجزائريين بدور أكبر في البحرية العثمانية؛ حيث عملوا بحارة على السفن العثمانية، وامتلكوا العديد من السفن في البحر المتوسط، واستطاع عدد كبير منهم أن يصل إلى قيادة قلاع الإسكندرية ورشيد، وكان التونسيون الأكثر عددًا بين كل المغاربة في مصر، ليس في ميدان التجارة فحسب، بل أيضًا في الميدان العلمي؛ فشيخ رواق المغاربة ظل لفترات طويلة من التونسيين، وتكفي الإشارة إلى عائلة الشرفي ودورها في الرواق فقط. كما كان عدد الطلاب التونسيين في الرواق، هو الأكثر بين كل المغاربة.
يسرد الجارد أسماء الكثير من عائلات تونس، التي استقرت في مصر، مثل "بيـت جلمام" حيث كان أكبر العائلات التونسية الجربية التي استقرت في مصر، وربما تعود أصولها إلى الأندلس، وقد هاجرت إلى مصر في منتصف القرن السادس عشر، واستقر بها المقام في طولون، وإلى جانب مسجد ابن طولون، شيد الأخوان قاسم ومحمد، ولدا سالم بن أبي بكر، الشهير بجلمام الجزار، بيتهما، الذي لا يزال موجودًا إلى اليوم، ويعرف ببيت الكرتلية، وبيت آمنة بنة سالم. وقيد تميزت عائلة جلمام الجزار منذ هجرتها إلى مصر، بإزدواجية العمل والنشاط، فقد كان أغلب أفرادها يعملون في االعسكرية، وتقلدوا مناصب عسكرية رفيعة. ومارسوا التجارة بصورة واسعة إلى جانب ذلك.
وكذلك عائـلة "جميع"، وهي من العائلات الصفاقسية التي قامت بدور مهم في تجارة شرق البحر المتوسط، لاسيما في العلاقات التجارية التونسية المصرية، حيث عمل آل جميع بحارة على السفن في البداية، ثم امتلكوا مركبًا ضخمًا كانت تعمل في التجارة بين موانئ شرق البحر المتوسط، وكان أول من استقر من آل جميع في مصر، الريس عمر بن سلامة بن جميع، حيث عمل "ريسًا" على سفينة بين جربة والإسكندرية، وكذلك عائـلة "غراب"، وهي عائلة ذات أصول صفاقسية هاجرت إلى مصر في النصف الثاني من القرن السادس عشر، وقد استقرت في رشيد، ثم انتقل منها فرع إلى القاهرة، وقد ساعد ذلك على نمو دور هذه العائلة حيث عملوا وكلاء لبعضهم في القاهرة ـ رشيد ـ سفاقص.
غير أن الوثائق والمعلومات حول فرع العائلة في رشيد غير متاحة؛ حيث يكشف الباحث، أن محكمة رشيد "في وضع سيء للغاية يصعب العمل عليها بصورة كاملة، ويبدو أن رأس هذه العائلة، وهو الخواجة عبد العزيز بن علي الصفاقسي، الشهير بغراب، وقد هاجر من رشيد إلى القاهرة فى سبعينيات القرن السابع عشر، وتوضح الوثائق، أنه كان يمتلك غليونًا كبيرًا كان يعمل بين موانئ شرق البحر المتوسط العثمانية".
كما قام الجزائريون بحركتي هجرة كبيرتين إلى مصر، أولاهما حدثت خلال القرن السادس عشر، نتيجة للهجمات الإسبانية على الجزائر، وتدهور الأوضاع الاقتصادية في هذه الولاية، على الأقل بالنسبة للفئة التجارية التي أضيرت مصالحها جراء هذه الهجمات، لذلك فقد هاجرت عائلات تلمسانية وقسطنطينية ووهرانية عديدة إلى مصر إبان هذه الفترة، ويظهر هذا بجلاء من خلال مراجعة سجلات القاهرة والإسكندرية. ويضيف الجارد، أنه "لم يشكل المراكشيون مجموعة قوية في مصر قبل 1712م، ولم يكن عددهم في القاهرة كبيراً قبل هذا التاريخ، رغم أن شهبندر تجار مصر من أصل فاسي منذ سنة 1109هـ/1697م وهو محمد بن محمد بن قاسم الشرايبي".
والشرايبي التاجر الفاسي، لم يكن يستند في وجوده في هذا المنصب على دعم ووجود جالية فاسية قوية، بقدر ما كان يعتمد على ثروته الضخمة ومهارته التجارية، إضافة إلى ما كان يتمتع به من علاقات طيبة بالتجار الشوام، وبالطائفة المغربية بصفة عامة، فمن أجل اكتساب تأييد وتعاطف المغاربة في مصر، لم يحرص آل الشرايبى على لقب الفاسى، مكتفين فقط بلقب المغربي حتى يشعر كل المغاربة من طرابلس حتى مراكش، بأنهم من بني وطنهم، وبذلك اكتسب آل الشرايبي مساندة كل المغاربة في مصر، حتى صار لهم وجود بمرور الزمن.[/rtl]
اشهر العائلات التونسية والجزائرية التي استقرت بمصر
اشهر العائلات التونسية والجزائرية التي استقرت بمصر
اشهر العائلات التونسية والجزائرية التي استقرت بمصر
اشهر العائلات التونسية والجزائرية التي استقرت بمصر
اشهر العائلات التونسية والجزائرية التي استقرت بمصر