عمرو عبد العزيز منير
كاتب من مصر
في الشرقية «تتسع الرؤية وتضيق العبارة», فالاتساع بحجم التاريخ وعبقرية الجغرافيا وقراءة الأنثروبولوچية, والضيق بقدر المخزون الموروث منذ آلاف السنين, والذي تختزله الثقافة الشعبية في طيات الجيولوجيا الإنسانية لتعيد إنتاجه في اختزال شحيح. تلك البيئة المعطاءة مازالت ترفد الإنسان لتعيد إنتاجه في اختزال شحيح. تلك البيئة الكريمة المعطاءة مازالت ترفد الإنسان بزاد لا ينتهي وتسقيه من كوثر جنة الثوابت القيمة ـ العربية والإسلامية ـ وتطبع على بطاقته الجينية أبرز الصفات المنتقاة من سلالة الفراعين البنائين المحاربين. والسمات المصطفاة من مجد قبائل عرب الشمال وسؤدد وجسارة عرب الجنوب ونفحة المجاهدين الأوائل في فتوح الإسلام, فرض المكان قانونه, ومارس الزمان سلطته لتتحول التضاريس بدن يكتنز باللحم وينبت بالدم ويسيل من فرط العرق. ويفعل التاريخ فعل الكائن الحى في الواقع والوقائع ... في الشرقية فتش عن كل فرد تجد مخاضات السنين في المرآة تسقى بماء واحد يساقط من ذرا البدايات بمجرد هزة فى جذع نخلة أو رعشة فى ساق فسيلة.
حينما تمشي فى دروبها وبين مراعيها تجد أنك تنتقل بين دفات المعاجم وعجائب الآثار وكتب التاريخ ومرافئ الحكايات الشعبية وساحات الإنشاد الديني. أنت في عاصمة الرعامسة والهكسوس وفى تل بسطة, وحيناً فى قنتير و تانيس وفاقوس والختاعنة وبلبيس أو تسبح فى بحر (مويس) حيث طاف بالصندوق موسى «عليه السلام» وأنت فى كل الأحيان تحيا وسط الكلأ الآمن لهزيل وتميم وچهينه وبكر وتغلب وقيس وجذام. وتستطيع أن تقفز لأي قرن غابر بمجرد أن تنقل قدميك خطوة أو خطوتين لتشارك فى “ هوجة “ عرابي وتؤسس مع طلعت حرب وتكتب مع إدريس وتنشد مع عبد الصبور وتطرب للعندليب وتصيد مع عبد العاطى وتقاوم مع الشرقاوي[size=13]1
في محافظة الشرقية «بوابة مصر الشرقية» والتي استقبلت مواكب الإسلام واستقرت في ربوعها الأصالة العربية, في هذه المنطقة ظل تاريخ وعادات القبائل العربية التي استقرت في ربوعها لفترات متفاوتة مسكوتاً عنه (بقصد أو بدون وعي) في الدراسات العلمية ذات الصبغة التاريخية أو حتى الدراسات الشعبية رغم تزايد الاهتمام بدراسة الفئات والشرائح الاجتماعية داخل مصر وخارجها من جانب علماء الاجتماع والسياسة والقانون والتاريخ والفولكلور.
وأقصد بالقبائل العربية أولئك البدو الرحل الذين وفدوا على مصر من شبة جزيرة العرب بعد فتح عمرو بن العاص في فترات متفاوتة. ثم استقروا فيها إلى الآن أو قطنوها مدة ورحلوا عنها ثم عادوا إليها ولكن معظمهم حافظوا على عروبتهم وأنسابهم واحسابهم ولم يصاهروا أهل مصر وفوق ذلك اثبتوا عروبتهم أمام لجان فحص العربان في سنتي (1910م و1911م). وهي لجان شكلت من عمد القبائل ومن رؤساء مجالس القرعة وكانوا يثبتون اسم كل فرد وبصمة أصابعه وقد يسألون الكبار منهم عن أنسابهم وأحسابهم أو عن أعمال العرب الدقيقة فإن عجزوا سقطت عروبتهم .
وكان هؤلاء العربان سواقط قيد جعلت لهم دفاتر خاصة لقيد مواليدهم ووفايتهم في البلاد والمديريات وذلك ابتداء من سنة 1906.وقد أحصوا إحصاء تقريبياً في سنة 1883م في عهد الحملة الفرنسية وإحصاء آخر في سنة 1907م. ومع ذلك لا يزالوا منتشرين في الصحارى والمراعى والحدود الشرقية والشمالية للشرقية وهم رحل غير مستقرين ولا مقيدين2. وإذا كانوا ينوون الإقامة في أي بلدة اثناء عبورهم الطريق كان يتعين على عمدة البلد أن يتحقق من عددهم وحالتهم والقبيلة التي ينتمون إليها واسم كبيرهم ومشايخهم وكان يختار لهم محلاً قريباً من المساكن وبعيداً عن المزارع والسواقي حتى لايحدث احتكاك بينهم وبين الأهالي يكون سبباً في اختلال الأمن3 وهذا لا يمنع من وجود بيوت في مصر أصولها من شبة الجزيرة العربية ولكنهم لم يهتموا بإثبات عروبتهم أمام لجان فحص العربان المذكورة فضاعت وأصبحوا مقيدين كبقية المصريين.
[/size]
في مدة فتح عمرو بن العاص لمصر كانت قناة السويس غير موجودة. وكانت جل وسائل الري غير متوفرة والقناطر والسدود والخزانات الموجودة الآن في الشرقية غير مقامة. وكان النيل يغمر البلاد مدة الفيضان فإذا انحسرت المياه بعد الفيضان تركت مستنقعات وأراضى مغطاة بالبردي والكلأ والحشائش الصالحة لرعي الأغنام والماعز والإبل والخيل في معظم أراضى الشرقية وبخاصة الشمالية والمجاورة للصحراء منها. فشجع ذلك القبائل العربية بعد الفتح على الرحيل إليها لقربها من بلاد العرب واخذوا يتنقلون في ربوعها طلبا للرزق. ولم يجدوا فارقا كبيرا بين صحاري الشرقية ومراعيها ومناخها وبين صحاري بلادهم ومراعيها ومناخها واستوطنوا واخذوا يرعون ويتاجرون ويفلحون الأرض ويزرعونها وساعدهم على ذلك أن أغنامهم وماعزهم وإبلهم وخيلهم كانت تقطع الحشيش وتسمد الأرض فتجعلها صالحة للزرع ولذا كان من أقوالهم المأثورة عن الغنم (إن في جرتها سلاسل ذهب) يعنون أن الغنم تدر الخير بنتاجها وصوفها ولبنها وفوق ذلك تخصب الأرض فتصلح للزرع وإن كان في ذلك تضييق على رزقها. وتتسع الأراضي الزراعية. وإلى عهد قريب كان كثير من الفلاحين يقدمون الاراضي المنزرعة بالبرسيم الأخضر والقطن بعد جنيه والقمح والفول والشعير بعد حصادها للأعراب من أصحاب الأغنام والإبل فيرعونها بدون مقابل نظير تسميد الأرض. وبعد الفتح استوطن كثير من العرب فى الجهات الشرقية من مصر. واستمروا بعد ذلك يفدون وينتقلون ويستوطنون حتى أواخر أيام الدولة العباسية. إذ سادت الفوضى أرجاء الدولة العربية. وحل القحط بمصر. فرحلت بعض القبائل من الشرقية ومن مصر كلها إلى الغرب وبخاصة طرابلس. ولما عاد الأمن والرخاء إلى مصر في عهد الفاطميين عادت بعض القبائل إلى مصر ومنذ ذلك العهد يسمى العرب الذين لم يرحلوا إلى الغرب عرب الشرق والذين رحلوا وعادوا إلى مصر عرب الغرب. ومن القبائل التي رحلت إلى الغرب وعادت وأصبحت من عرب الغرب قبيلة الهنادي ومنها الطحاوية وسمالوس التي سميت بهذا الاسم نسبة إلى وادي سمالوس ببلاد المغرب4.
وبقيت الحال على ذلك حتى سنة 109هـ و(728م) إذ أحضر ابن الحبحاب وهو احد حكام مصر في ذلك الوقت مائة بيت من قيس وأقطعهم أرضا في بلبيس وزودهم بالخيل والإبل ثم أناط بهم حراسة القوافل بين ساحل البحر الأحمر وداخل البلاد. وأفادوا من ذلك الربح الواسع مما جذب بيوتاً أخرى من قيس لتلحق بهم حتى صاروا في عام واحد 150بيتا فأحدثوا نقلة اجتماعية كبيرة في البناء الاجتماعي لسكان الشرقية؛ حيث جاءت هجرتهم وفقاً لرغبات رجال الإدارة والحكم في الإكثار من القبائل التي ينتمون إليها في البلاد التي يديرونها.5كما جاءت لإحداث توازن القوى مع القبائل اليمنية من لخم وجذام في المنطقة, فضلاً عن التوازن في البناء الاجتماعي لسكان الشرقية من العرب وأهل الذمة.6
وأمرت قبيلة قيس بشراء الخيول وتربيتها وتدريبها خاصة مع انخفاض تكلفة تربيتها لجودة مراعي الشرقية. ولم تكتف قبيلة قيس بشراء الخيول وتربيتها وتدريبها فقط لاستخدام القبيلة وأفرادها بل إن الأمر تعدى ذلك إلى تجارتها مع باقي القبائل العربية الأخرى فضلاً عن إمداد القوات العسكرية العربية بالفسطاط بها أيضاً. وذكر المقريزي :«أن الرجل يشتري المهر فلا يمكث إلا شهر حتى يركب»7 ومعنى هذا توفر أعداد كبيرة من هذه الخيول التي يستفاد منها في الأغراض المختلفة وخاصة العسكرية منها.
ولما غامر محمد على باشا بحروبة في بلاد العرب ساهم عرب الشرقية وسينا في هذه الحملة بنصيب أكثر من غيرهم إذ قدموا له الخيل ودربوا له الجند على طريقة الكر والفر المعهودة في الحروب عند الوهابيين8 وفي هذه الحملة إلى السودان والشام عرض محمد على باشا على عرب الشرقية وغيرهم تشكيل فرق ترسل عددا من رجالها الأشداء تحت إمرة رئيس منهم يطلق عليه الصاري وكان بمثابة قائد لهم وكان محمد على باشا يجزل لهم العطاء لما كان يلمس فيهم من شجاعة وإخلاص وتضحية. وقد منحهم ما يسمى امتياز العرب وهو تعهد يعفى العرب من التجنيد الإجباري ومن حراسة جسور النيل ومن السخرة وحفر الترع وإقامة الجسور. وذلك نظير وعد العرب بتقديم الجند عند الطلب بوساطة عمد القبائل وقد ألغى هذا الامتياز بعد صدور القانون الجديد بالتجنيد الإجباري في 8 سبتمبر سنة 1947.9وقد منح محمد علي باشا العرب أراضي زراعية سميت إنعامات وذلك بدون ثمن نظير دفع ضريبة (أكياس) من النقود أو قدر من المحصولات الزراعية وقد طلب إلي عرب المشارقة حراسة حدود مصر.
وقد أفادت هذه الفرق الجيش من الوجهة العسكرية فكانت عليهم مهمة استطلاع العدو ومطاردته في أثناء الهزيمة وعند التقهقر وهم الذين اسروا رشيد باشا في موقعة قونية.10
وكان العرب في عهد محمد علي باشا يعرفون الدروب وطرق القوافل ويحملون البريد والمعدات وكانوا خبراء في معرفة الطرق والمسالك والدروب.11
وقد ساعدوا محمد علي باشا مساعدة كبيرة في حرب الوهابيين والسودان واليونان والشام ولازال أحفاد عرب الشرقية يذكرون ما استقر في ذاكرتهم الشعبية من أنهم حجوا بيت الله الحرام في حرب الوهابيين (وطيبوا أى فتحوا) عكا في حرب الشام وأن بعضهم قضى ما لا يقل عن عشر سنوات في جنوب الوادي في حرب السودان وتزوجوا من السودانيات وأنجبوا خلفا ومن هؤلاء الأجداد عامر ويونس وكريم ومجلي من الطحاوية والحاج عبد الله محمد من عائلة جمعة من سمالوس.
ولما أتى عباس باشا الأول غضب على بعض القبائل في الشرقية فأدى ذلك إلي ارتحال هذه القبائل إلى الشام. وأعطيت أملاكهم في الشرقية إلى أعدائهم من العرب نكاية بهم ولكنهم عادوا إلى أملاكهم ثانية في عهد سعيد باشا وفى أثناء وجودهم في الشام عين مجلي سليمان قائدا في الجيش العثماني.
ولما ظهرت العملية والسخرة في خفر الترع وإقامة الجسور ومد السكك الحديدية ولما كان العرب لم يألفوا هذه الأعمال ولم يألفوا الشدة والضيم ترك البعض ديارهم وأملاكهم وهربوا إلى جهات مختلفة في مصر أو في غيرها خشية ألا يراعى امتيازهم ويساقوا ضمن المصريين.12
وعندما ما قامت ثورة عرابي باشا (هوجة عرابي ) اندفع العرب بسليقتهم وميلهم للحرب وانضموا إلي جانب الثوار وقانلوا في كفر القنال والتل الكبير. وقبل أن تتعهد الحكومة المصرية بحراسة المحمل المصري إلى الحجاز ذهابا وإيابا كان عرب الشرقية والقليوبية بالتناوب يقدمون الإبل للمحمل وكانت كل قبيلة تقدم من 400 جمل إلى خمسمائة. 13
قبائلهم في الشرقية
ومن أشهر قبائل العرب في الشرقية الهنادي وهي تتفرع إلي بيوت منها الطحاوية وهم منتشرون في الشرقية وكان من أشهر عمدهم الشيخ محمد بك سعود والحاج عبد الحميد راجح وبيت سمالوس وكان من عمدهم الشيخ جوده خليفة غيث, والبهجة بجهة فاقوس. وكان من عمدهم الشيخ محمد صميده والشيخ عبد المطلب جايل والفواخر وكان عمدتها الشيخ عبد السلام رشوان والأفراد بجهة ههيا وكان عمدتهم أبو زيدان واسلم بجهة كفر صقر وكان عمدتهم الشيخ حسين عبد السميع. والنفيعات وكان من عمدهم الشيخ إبراهيم أبو صالح وأبو نصر الله والطميلات وكان عمدتهم أبو بغدادي والبياضيين وكان عمدتهم أبو مرزوق وهذه القبائل الثلاث من المشارقة وهيتم وكان عمدتهم الحاج سلامة شاهين والسعديون وكان عمدتهم الشيخ عبد الحميد شلبي وأولاد موسي وكان عمدتهم محمد بك بدران والأخارسة وعمدتهم الشيخ عبد السلام عطوان وبلى الضعفا بحري14 والعيايدة بحري, ومطيربحري والسماعنة والصوالح والحرابى وكان تعيين العمد وعزلهم وكذلك تعيين صاري الجيش بفرمان. وكان يمكن تعيين عمدة أو أكثر حسب تعداد القبيلة والتي قد تكون منتشرة في أكثر من مكان وهو المسؤول عن توطيد روابط الألفة بينهم وبين الأهالي, وصيانة حقوقهم وأملاكهم وأملاك الحكومة.15
وقد بلغ عدد عرب الشرقية حسب تعداد سنة1927 م نحو 46440 منهم نحو 23000 ذكور و23440 إناث وبلغ عدد عرب الشرقية بحسب تعداد سنة 1937م نحو 9319 ومنطقة القنال 308 ومنطقة سينا وهذا بخلاف العرب الرحل البالغ عددهم 12000 نفس وبلغ عدد العرب فى مصر بحسب تعداد سنة 1927 نحو 77686 ولكن الثابت أن عددهم آنذاك فى الشرقية و مصر كان أكثر من ذلك بكثير بسبب زيادة النسل ولصعوبة إحصاء المنتشرين في أطراف الشرقية والصحاري آنذاك.16معيشتهم
في أول قدوم العرب إلي الشرقية كانوا يعيشون علي رعي الغنم والماعز والإبل والخيل والمتاجرة في نتاجها وأوبارها وكانوا قوما رحلا يتنقلون من مكان إلى مكان طلبا للكلأ والمسرح. وكانت طبيعة البلاد حينئذ أكثر مساعد لهم على ذلك كما ذكرت. وكانوا يسكنون في خيام يطلقون عليها بيوت الشعر وهذه تكبر وتصغر بحسب طاقة كل أسرة. وهو بارعون وسريعون في نصبها وكان شبان كل بيت يرعون الأغنام والماشية ويساعدهم العبيد وبعض النسوة المسترجلات الكبيرات السن. وأما باقي النساء والبنات فيبقين في مقر الأسرة يغزلن الصوف في أثناء قيامهم بالرعي وكلهن ذوات براعة في هذه الأعمال وكن على عهد قريب موضع إعجاب في هذه الصناعات لجودة صناعتها وجمالها وثبات ألوانها غير أن الحضارة قضت على هذه الرف الآن ولم يبق لها من اثر سوى قطع من البسط (الأكلمة) ويقوم بصنعها بعض الأعراب الذين يسكنون أطراف المديرية وكان على النساء المقيمات في موطن الأسرة أن يعددن الطعام ويطحن الحبوب على الرحى أو الطاحونة.
أما كبار السن فعليهم تدبير شؤونها والبحث عن أما كن الكلأ وكان يكون من بعض هؤلاء الكبار مجلس يسمى (المجلس العرفي) يقضي في الخلافات التي تنشب بين أفراد القبيلة الواحدة أو بينهم وبين القبائل المختلفة وقد أتى على هذه المجالس حين من الدهر كان معترفا بها من الحكومة.
ويلاحظ أنه منذ عهد محمد علي باشا اخذ الاهتمام بوسائل الري يزداد وزادت معه مساحة الاراضي وضاقت أراضي المراعي فرحل كثير من عرب الشرقية إلى أطراف المديرية شمالا وشرقا وجنوبا ولا يزالون حتى الآن يعيشون عيشة البداوة ومعظمهم من قبائل المشارقة والبياضيين وهيتم والمعازة وهم لا يخالطون الاهالي إلا قليلا وذلك في الأسواق عندما يذهبون لشراء ما يحتاجون إليه من المأكل والعلف والحبوب والملابس أو في الصيف عند ما تجدب الأرض فينزحون إلى الريف حيث يجدون المراعي وبقايا القمح والفول والشعير والبرسيم التي حصدت. فيضربون خيامهم في اقرب مكان للرعي وقد ينزحون إلي الريف في الربيع لشراء البرسيم الأخضر مرعي لماشيتهم.
وأما بقية عرب الشرقية فقد أصبحت معيشتهم خليطاً بين البداوة والحضر إذ يزرعون بعض الأرض ويبنون المساكن والمضايف والاستراحات مع محافظتهم على خيامهم وأغنامهم وماعزهم وإبلهم وخيلهم يسرحونها إلي أماكن الكلأ وتعود من حين لآخر لترعى الحشائش والبرسيم وبقايا القمح والشعير والفول والبرسيم المحصود وأوراق القطن في أراضيهم الزراعية. وعلى توالي الأيام وتقدم وسائل الري اهتم العرب بالزراعة وأهملوا تربية الأغنام والحيوان وأصبحوا متحضرين وبعضهم يعتبر من أمهر الزراع وقد احتفظوا بقليل من الأغنام والماعز والخيل التي يكفيها البرسيم وأوراق القطن وبعض الأعشاب في الاراضي الزراعية.
من عادات العرب في الشرقية الكرم حتى يكلف احدهم نفسه ما لا يطيق ليكرم ضيفه والأخذ بالثأر والاعتداد بالنفس والكبر وحب السيطرة وحب الظهور وأن يحترم صغيرهم كبيرهم حتى انه لا يشرب القهوة ولا يدخن ولا يمزح في مجلسه واستمروا لفترة طويلة لا يخالطون بقية المصريين ويصاهرونهم ويسمونهم (الفلاحين). وكثيرا ما كانت تقوم بينهم المناوشات ويقولون فيما بينهم :«نرميها السباع ولا نرميها للفلاح» ولكن الآن قد بدأوا يتزوجون من بناتهم ولكنهم لا يزوجون بناتهم منهم إلا نادرا.ً وكانوا يتفاخرون بكثرة العبيد أو كما يسمونهم (في جزيرة سعود التابعة لمركز الحسينية بالشرقية) (الحبة السمراء)17 ولا يزال لديهم عدد محدود منهم وسبب ذلك أن العبيد ألفوا حياتهم ولم يقبلوا مفارقتهم ومنذ ما يقرب من عقدين أو أكثر من الزمان كانوا يكرهون التعليم ويحتقرون من يذهب إلى المدارس. ولكنهم الآن بدأوا يرسلون أبناءهم إلى المدارس ويوجد عدد كبير منهم أصبحوا أعلاماً في الأدب والطب والمحاماة وقد أظهر بعضهم نباهة وهم في قرارة أنفسهم لا يحبون الاشتغال بالفلاحة.
ولكن فشو الكرم فى الشرقية حبب إلى العرب مصاهرتهم ومجاورتهم مثل قبيلة “ طيء” التى صارت مضرب الأمثال الشعبية فى الكرم وخاصة حاتم الطائي الذى صار الكرم مرتبطا باسمه فقيل الكرم الحاتمي.وقد استقرت قبيلة طيء فى أطراف الشرقية وعلى حدودها وعلى طول الحافة الرملية فى شمال سيناء وفى دمياط وما حولها وفى ناحية بنى شبل (مركز الزقازيق) ومنزل حيان (مركز ههيا) والمعينة (الهجارسة – مركز كفر صقر شرقية).
فضلا عما كان لقبيلة جذام من إقطاعات فى الشرقية منها هربيط وتل بسطة ونوب وغيرها، ولهذا السبب على ما يبدو اشتهرت العديد من مناطق الشرقية التى استقرت فيها بطون قبيلة جذام بالكرم الشديد من تلك المناطق بلدتي الجواشنة (مركز ههيا ) والجواشنة ( مركز السنبلاوين) نسبة إلى بطن الجواشنة وهم بنو جوش بن منظور بن بعجة المضروب به المثل فى الكرم والشجاعة.
ولدينا أسر كثيرة هوت إلى هوة الفقر فى الشرقية من جراء ذلك. ولكن بيوتها المجيدة لا تزال تنطق بالفخار لتلك الأسر العريقة فى الكرم والوفاء حيث آثروا غيرهم بالثراء الذي حققوه حيث نشب الغلاء وحدث الجدب والقحط فى مصر أيام الشدة المستنصرية. فهب (طريف بن مكنون) أحد أبناء قبيلة جذام بالشرقية يمد الموائد فى مضيفته لتتسع لاثني عشر الفا يأكلون عنده كل يوم حتى اضطر إلى أن يهشم الثريد فى المراكب تحمل اللحم والثريد عبر الخلجان والترع لتسد حاجة الجوع ولم يتوقف الكرم النابع من الشرقية عند هذا الحد بل ان مهنا بن علوان وهو من بنى بعجة الذين استقروا بالشرقية حين طرقه الضيوف فى فصل الشتاء ولم يجد حطباَ يوقده ليدفئ ضيوفه ويصنع لهم الطعام فاستخدم أحمالا من أعواد القمح بمحصولها (بثمارها) فجعلها وقوداَ محتذيا فى ذلك بما فعله حاتم الطائي حين نزل به ضيوف ولم يجد ما يسد رمقهم سوى حصانه الوحيد فذبحه لهم واستحق بذلك ان يعد مثلاً للكرماء والكرم الحاتمي.18
وعرب قبائل الشرقية عندهم عناد ويميلون إلى تسمية أبنائهم بأسماء مخيفة او ثقيلة على السمع مثل ( حنظل – وغومة – وفدغم – وضرغام – متعب- زعار- ومناع ) ويسمون عبيدهم وبناتهم أسماء مبشرة أو مفرحة أو خفيفة على السمع مثل فرج وسعيد وسعد ومصباح وسعدة وعزيزة وغالية وذلك لأنهم يعتقدون أن للاسم تأثيرا في أذن السامع وفى ايحائه ففي جانب الرجل يخيف الاسم عدوه وفي ناحية العبد والمرآة يطمئن الاسم السامع ويشرح صدره وفى ذلك يقولون :
أسماؤنا لأعـدائنا وأسماء عـبيدنا لنـا 19
الحال نفسه في نظرتهم لتسمية خيولهم العربية الأصيلة فهم يسمون خيولهم بأسماء قوية حماسية تبعث على الهيبة والاحترام والخوف لدى من يسمعها. ومن تلك الأسماء التي يطلقونها على خيولهم: دهمان, المعنقي, صنديد, مشعان, جدعان, ناصر العرب, فارس الصحراء, جدران, ابن الليل, فارس العرب. ولهم وجهة نظر في ألوان خيولهم. فهم يرون أن اللون الأبيض واللون الأشهب (لونه أبيض والذيل أسود) هما أكثر الألوان تحملاً للعطش. ثم يرون أن اللون الأحمر واللون الأدهم (مابين الأحمر والأسود) واللون الأسود هي أقل الألوان تحملاً للعطش وأكثرها عرقاً, ومن الألوان الأخرى. الأشقر, الماوردي, والكستنائي والأزرق الحديدي (لون الحديد وشعره أميل للأسود), وقد يأتي المهر المولود لأبيه أو لأمه أو لأجداده في اللون وفي الحجل فلا غرابة في ذلك. ويفضل عرب الشرقية الحجل (البياض في أيدي وأرجل الخيل) في الخيل ويبحثون عنه عند الميلاد مباشرة. وهناك بعض الصفات التي تتوارثها الخيل من أجدادها من الرشاقة والجمال والحجل ومن الممكن أن تستمر هذه الصفات حتى الجيل الخامس.ومن بعض مجاريدهم (أشعارهم) في الخيل قولهم :
شوقك شوق كحيلة الأصيلة(أحد بيوت الخيل)
تغلب في الميز(السباق)وصُباره
ما فيها من الشين (العيب)وقية
تعجب في الناس النظارة
بالسـوم (أغــلـى ثمن) الـغـالــي مشــريـة
جيدة في الخيل وسيارة
وصـــاحبها عنده مــالية
ما يطلب من واحد بارة(عملة) ويحفظ كثير من عرب الشرقية وصفات طبية مفيدة. ولهم ثقة فائقة في الكي والخزام ولهما عندهم فن يجيده بعضهم. كما يلجأ بعض الناس إلى عرب الطحاوية ومعهم آنية من الأواني ويطلبون قليلاَ من لبن الخيل لمداواة بعض الأمراض, مثل أمراض العيون والأمراض الجلدية وما إلى ذلك. وأيضاَ يستخدم بعضهم سبيب الخيل (شعر الذيل) في علاج السنطة وهى أن تربط السنطة بالسبيبة حتى تجف وتسقط. وترى النساء أن للحدوة (برواز من الحديد يوضع أسفل الحافر ليحافظ عليه ) علاقة بالخير الوفير, ويرون أن هذه التميمة تجلب إليهم الرزق والفأل الحسن.
ومن الاعتقادات الشائعة أنه إذا كان عند جارك فرس فافتح بينك وبينه نافذة ليأتي منها الخير, وتربط خرزة زرقاء زجاجية في عرف أو ذيل الفرس أو شعر سنام الجمل ليجلب الحظ السعيد. وأدوات الخيل وكل ما يلزم الخيل عند عرب الطحاوية يصنعونها بأنفسهم، فهم ينسجون بأيديهم (مقاود) الخيل أي (الأمراس) المنسوجة من صوف الأغنام الطبيعي، والمغزول عندهم ذى الألوان الطبيعية (الأبيض، البني، الأسود) وكذلك ينسجون شرائح (العدة العربى) وبعض (الخراج)20 والتي تعلق على المسند الخلفي للعدة العربي وفيه جيبان يستخدمهما الفارس في حمل أغراضه الخاصة وأدوات القهوة وذلك أثناء ترحاله وسفره، فهم يستخدمون لقيادة الحصان (القرطمة)21. وهى تحل محل اللجام فهم لا يستخدمون اللجام بالمرة ولكنه يستخدم مع الخيل الشرسة الصعبة المراس. ويستخدمون مع القرطمة (الرشمة)22 على أن تكون سيورها مصنوعة من الصوف الطبيعي ذي الألوان الطبيعية وأحيانا يزينون حزام الرأس (عدار)23 بالودع مع استخدام الصوف المنسوج بأيديهم.
وأحيانا يصنعون من الصوف أيضا (لبب)24 به بعض الكراريت (شرابات) المدلاة ويعلق على صدر الحصان وينتهي أطرافه بالمسند الأمامي للعدة العربي، إلا أنهم لا يفضلون ذلك ويكتفون بلف المرس الصوف أو الشعر حول رقبة الحصان وعقده بعقدة معينة جميلة. أو ربط المرس في المسند الأمامي للعدة ويقومون بترك باقي المرس وبه عقدة السيف فيسمونها عقدة السيف وهم مهرة في صناعتها وحلها لها شكل جميل راق ومعبر.
لابد من وضع قلادة من الصوف تتماشى مع لون الخيل منذ صغرها ويغيرونها مع مراحل السن، وهذه تزين الفرس وتمنع الحسد، لأن الحسد معروف في عالم الخيل فيجعل من ينظر إلى الفرس يحول نظره إلى القلادة.25 ونساء عرب المشارقة محجبات ولا يخالطن الرجال إلا لضرورة العمل وأما نساء الغرب فسافرات ويخالطن الرجال بعد الزواج .
وزي العرب في الشرقية على أنواع كثيرة فرجال المشارقة يلبسون الطاقية الصوف أو الوبر (والكوفية ) والعقال ونساؤهم يلبسن نقابا محلى بقطع من الذهب أو الفضة. وعرب الغرب يلبسون الطربوش المغربي لا يعتمون عليه وبعضهم يلبس العمامة والشملة (الحرام) والبعض يلبس العقال والطاقية (الكوفية كعرب الشرق).
وكانوا إلى عهد قريب يلبسون جلاليب من الصوف من غزل ونسج وصبغ أيديهم ويغلب علي جميع رجال العرب لبس العباءة ونساء عرب الغرب سافرات ويتميز كل نساء العرب بلبس حزام عريض احمر أو ابيض ويلبسن الحلي من الذهب أو الفضة في أنوفهن ( الشناف) وآذانهن وأصابعهن ومعاصمهن ( الدملج) وأرجلهن ( الخلخال ) ونحورنهن وكلما كانت الحى كبيرة دل ذلك علي ثراء لابسته ولو أدي إلى تشويه آذانهن وأنوفهن ويتخذن الوشم الأخضر علي الشفة السفلى والذقن وظهر اليدين للزينة.
ولهجة عرب الشرقية عربية محرفة وتختلف في جهة عن الأخرى فمثلا ( يا وِلد بدل يا وَ لد ويا بِنِت بدل يا بِنْت والچمل بدل الجمل وهاضيش بدل ما هذا والغلا بدل الحب ، وغادي بدل هناك وإقهوى بدل قهوة ) .
ولعل أحسن العادات عندهم هو نظام المقاضاة. والقضايا نوعان: نوع خفيف وفي هذة الحالة يذهب الطرفان إلي قاض من قضاة العرب وهم أشخاص مشهور عنهم الاستقامة والصدق والعدل وقوة الحجة. وعادة لا تخلو كل قبيلة من عدد من الرجال تتوافر فيهم هذة الصفات ويرضى الطرفان بحكم القاضي وينفذونة في الحال أو بعد مدة وجيزة يحددها القاضي. أما النوع الثاني وهو المهم إذا كانت الخصومة شديدة لسبب من الأسباب فيذهب الطرفان المتخاصمان إلى رجل محترم من أفراد القبيلة ويجتمع الطرفان في منزله ويسمى صاحب المنزل في حالة (ملم) أي جامع بين الخصوم في منزله وهذا الرجل عليه أن يختار ثلاثة قضاة من رجال العرب ويعرض الأسماء الثلاثة على المتخاصمين وعلى الطرف الأول أن يختار اثنين من الثلاثة ويهدف الثالث أي لا يقبله وعلى الطرف الثاني أن يهدف قاضيا من الاثنين فيكون الطرفان قد قبلا التحكيم إلي قاض واحد ثم يذهب الطرفان إلى هذا القاضي في موعد محدد وأول ما يفعله القاضي أن يحدد مبلغا من المال يدفعه كل طرف ويسمى هذا المبلغ (الرزقة ) وهذا المبلغ يظل عند القاضي حتى ينتهي الفصل في الدعوى. فيأخذ القاضي مبلغ المحكوم عليه أما الأخر فإن مبلغه يرد إليه وهذه الرزقة يأخذها القاضي نظير ماصرف من مأكل ومشرب وغيرهما وفي كثير من الأحيان يرفض القاضي هذه الرزقه إذا كان موسراً وبعد أن يقدم كل من طرفي الخصومة الرزقة يطلب القاضي من كل منهما ضامناً ويسمي عند العرب الكفيل. يقوم بكل ما يتأخرفيه صاحبه.
وفي يوم الجلسة يطلب القاضي من طرفي الخصومة شخصا ليدلي بحجتة أمام القاضي وبعد سماع المرافعة وحجج كل فريق يصدر القاضي حكمة. فإن قبل الطرفان هذا الحكم نفذ في الحال أو في مدة يحددها القاضي وإذا لم يقبل احد من الطرفين هذا الحكم تحال القضية علي القاضي الثالث وفي هذة الحالة ينفذ الحكم الذي وافق عليه اثنان وهذا مجمل وجيز لنظام القضاء عند عرب المشارقة.
وهناك حكم فصل للقضايا المهمة التي لا يوجد أدلة وألا وهى (البشعة) وهى عبارة عن آنية من معدن كالنحاس أو الحديد لها يد طويلة تبلغ حوالي 60 سنتيمترا وقطرها يبلغ حوالي 20 سنتيمترا وصاحبها رجل يسمى جربيع من عرب المشارقة بمدينة بلبيس بالشرقية والطريقة أن يذهب إلى جربيع هذا كل من المتهم والمتهم ويدفع المتهم مبلغاً من المال لجربيع الذي يضع كومه من الخشب ويشعل فيها النار ويحمى فيها البشعة حتى تحمر تماماً وفى أثناء ذلك ينصح المتهم أن يصدقه القول ويعترف فإذا لم يعترف وأصر علي لحس البشعة كشف جربيع على فمه ولسانه واخرج البشعة من النار ومسحها بيده وقدمها لمتهم ليلحسها بلسانه وهم يعتقدون انه إذا كان بريئا فإنه لا يصاب بسوء أما إذا كان مذنبا فإنها تضره ضرراً بليغا ولا أدري ما السر في هذه الآنية اللهم إلا إذا كان الاضطراب والرعب يجفف الريق في حالة الشخص المذنب فتكون النتيجة وهو مطمئن القلب بمجرد لحسها في حين أن الاطمئنان والهدوء في حالة الشخص البريء يجعله يقدم عليها وهو مطمئن القلب فلا تصيبه بسوء وكثيرا ما دفعت هذه البشعة بعض المذنبين إلي الاعتراف وكثيرا ما كانت سببا في حقن الدماء وعادة لا يلجأ إلى البشعة إلا في الأمور الهامة كالقتل والأخذ بالثأر وجربيع هذا لا يبشع الفلاحين مطلقا ولا يبشع عرب الغرب إلا نادراً.26
ونظام التقاضي عند عرب الغرب يختلف قليلاً عنه عند عرب الشرق وذلك أنه عند حدوث أية خصومة يعقد ما يسمى المجلس العرفي وهو يشكل من قاضيين أو أربعة كل طرف النصف من بين الرجال المعروف عنهم العدل والفراسة وحصافة الرأي ويشتهرون بأنهم قضاة العرب. ثم يجتمع القضاة في مقر الأسرة أو القبيلة التي حدث فيها النزاع وقد يجتمعون ويقررون ما يسمى حق العرب يدفعه كل كأمانة تحت يد القضاة وهو عبارة عن مبلغ من المال يكبر ويصغر بحسب أهمية النزاع. فقد يكون خمسة جنيهات أو عشرة وقد يكون مائه أومائتين ثم يدلي كل طرف بحجتة. ثم يجتمع القضاة ويصدرون حكمهم فمن كان مذنبا ضاع وأعطى للأخر كما ترد للبريء أمانته وقد يتنازل صاحب الحق عن حقة فتصفو القلوب وتزول الأحقاد وكثيرا ما تعترف الحكومة بأحكام المجالس العرفية .
إنهم يهوون اقتناء الخيل وهم مهرة في تربيتها وتدريبها وركوبها ويعتقدون أن الخير معقود بنواصيها ويعرفون بيوتها وأنسابها واحسابها, ويدربونها علي جميع ألعاب الفروسية من كر وفر ورقص على المزمار والطبل وركوع ونوم وغيرها. ويجب هنا أن نذكر أن الخيل تنسب لأمهاتها لا لآبائها فهذا الحصان ابن فلان ولكنه من بيت أمه – الدهمة مثلا.
ومن بيوت الخيل التى أحضرها عرب الطحاوية وعليها تأسست مرابطهم (الدهمة – العبية – الصقلاوية – التامرية – الخلاوية – الشعيفية – النواقية – الشويمة – المعنقية – الخرساء – الكحيلة) وتتفرع من هذه البيوت فروع كثيرة، وعندما عمل عرب الطحاوية على شراء أمهات الخيل واستقدامها من الشام عمل كل شيخ على شراء أنواع من الخيل تختلف عما يقوم أخوه بشرائه من بيوت الخيل، ليتمكنوا من التبادل فيما بينهم من الطلائق الإنتاج.27
ويحبون الرماية ).
[size=31]56
[/size]
[size=31]55[/size]
[size=31]54[/size]
[size=31]53[/size]
[size=31]52[/size]
[size=31]51[/size]
[size=31]50[/size]
[size=31]49[/size]
[size=31]48[/size]
[size=31]47[/size]
[size=31]46[/size]
[size=31]45[/size]
[size=31]44[/size]
[size=31]43[/size]
[size=31]42[/size]
[size=31]41[/size]
[size=31]40[/size]
[size=31]39[/size]
[size=31]38[/size]
[size=31]37[/size]
[size=31]36[/size]
[size=31]35[/size]
[size=31]34[/size]
[size=31]33[/size]
[size=31]32[/size]
[size=31]31[/size]
[size=31]30[/size]
[size=31]29[/size]
[size=31]28[/size]
[size=31]27[/size]
[size=31]26[/size]
[size=31]25[/size]
[size=31]24[/size]
[size=31]23[/size]
[size=31]22[/size]
[size=31]21[/size]
PDF
كاتب من مصر
في الشرقية «تتسع الرؤية وتضيق العبارة», فالاتساع بحجم التاريخ وعبقرية الجغرافيا وقراءة الأنثروبولوچية, والضيق بقدر المخزون الموروث منذ آلاف السنين, والذي تختزله الثقافة الشعبية في طيات الجيولوجيا الإنسانية لتعيد إنتاجه في اختزال شحيح. تلك البيئة المعطاءة مازالت ترفد الإنسان لتعيد إنتاجه في اختزال شحيح. تلك البيئة الكريمة المعطاءة مازالت ترفد الإنسان بزاد لا ينتهي وتسقيه من كوثر جنة الثوابت القيمة ـ العربية والإسلامية ـ وتطبع على بطاقته الجينية أبرز الصفات المنتقاة من سلالة الفراعين البنائين المحاربين. والسمات المصطفاة من مجد قبائل عرب الشمال وسؤدد وجسارة عرب الجنوب ونفحة المجاهدين الأوائل في فتوح الإسلام, فرض المكان قانونه, ومارس الزمان سلطته لتتحول التضاريس بدن يكتنز باللحم وينبت بالدم ويسيل من فرط العرق. ويفعل التاريخ فعل الكائن الحى في الواقع والوقائع ... في الشرقية فتش عن كل فرد تجد مخاضات السنين في المرآة تسقى بماء واحد يساقط من ذرا البدايات بمجرد هزة فى جذع نخلة أو رعشة فى ساق فسيلة.
حينما تمشي فى دروبها وبين مراعيها تجد أنك تنتقل بين دفات المعاجم وعجائب الآثار وكتب التاريخ ومرافئ الحكايات الشعبية وساحات الإنشاد الديني. أنت في عاصمة الرعامسة والهكسوس وفى تل بسطة, وحيناً فى قنتير و تانيس وفاقوس والختاعنة وبلبيس أو تسبح فى بحر (مويس) حيث طاف بالصندوق موسى «عليه السلام» وأنت فى كل الأحيان تحيا وسط الكلأ الآمن لهزيل وتميم وچهينه وبكر وتغلب وقيس وجذام. وتستطيع أن تقفز لأي قرن غابر بمجرد أن تنقل قدميك خطوة أو خطوتين لتشارك فى “ هوجة “ عرابي وتؤسس مع طلعت حرب وتكتب مع إدريس وتنشد مع عبد الصبور وتطرب للعندليب وتصيد مع عبد العاطى وتقاوم مع الشرقاوي[size=13]1
في محافظة الشرقية «بوابة مصر الشرقية» والتي استقبلت مواكب الإسلام واستقرت في ربوعها الأصالة العربية, في هذه المنطقة ظل تاريخ وعادات القبائل العربية التي استقرت في ربوعها لفترات متفاوتة مسكوتاً عنه (بقصد أو بدون وعي) في الدراسات العلمية ذات الصبغة التاريخية أو حتى الدراسات الشعبية رغم تزايد الاهتمام بدراسة الفئات والشرائح الاجتماعية داخل مصر وخارجها من جانب علماء الاجتماع والسياسة والقانون والتاريخ والفولكلور.
وأقصد بالقبائل العربية أولئك البدو الرحل الذين وفدوا على مصر من شبة جزيرة العرب بعد فتح عمرو بن العاص في فترات متفاوتة. ثم استقروا فيها إلى الآن أو قطنوها مدة ورحلوا عنها ثم عادوا إليها ولكن معظمهم حافظوا على عروبتهم وأنسابهم واحسابهم ولم يصاهروا أهل مصر وفوق ذلك اثبتوا عروبتهم أمام لجان فحص العربان في سنتي (1910م و1911م). وهي لجان شكلت من عمد القبائل ومن رؤساء مجالس القرعة وكانوا يثبتون اسم كل فرد وبصمة أصابعه وقد يسألون الكبار منهم عن أنسابهم وأحسابهم أو عن أعمال العرب الدقيقة فإن عجزوا سقطت عروبتهم .
وكان هؤلاء العربان سواقط قيد جعلت لهم دفاتر خاصة لقيد مواليدهم ووفايتهم في البلاد والمديريات وذلك ابتداء من سنة 1906.وقد أحصوا إحصاء تقريبياً في سنة 1883م في عهد الحملة الفرنسية وإحصاء آخر في سنة 1907م. ومع ذلك لا يزالوا منتشرين في الصحارى والمراعى والحدود الشرقية والشمالية للشرقية وهم رحل غير مستقرين ولا مقيدين2. وإذا كانوا ينوون الإقامة في أي بلدة اثناء عبورهم الطريق كان يتعين على عمدة البلد أن يتحقق من عددهم وحالتهم والقبيلة التي ينتمون إليها واسم كبيرهم ومشايخهم وكان يختار لهم محلاً قريباً من المساكن وبعيداً عن المزارع والسواقي حتى لايحدث احتكاك بينهم وبين الأهالي يكون سبباً في اختلال الأمن3 وهذا لا يمنع من وجود بيوت في مصر أصولها من شبة الجزيرة العربية ولكنهم لم يهتموا بإثبات عروبتهم أمام لجان فحص العربان المذكورة فضاعت وأصبحوا مقيدين كبقية المصريين.
[/size]
القبائل العربية وتاريخهم
في مدة فتح عمرو بن العاص لمصر كانت قناة السويس غير موجودة. وكانت جل وسائل الري غير متوفرة والقناطر والسدود والخزانات الموجودة الآن في الشرقية غير مقامة. وكان النيل يغمر البلاد مدة الفيضان فإذا انحسرت المياه بعد الفيضان تركت مستنقعات وأراضى مغطاة بالبردي والكلأ والحشائش الصالحة لرعي الأغنام والماعز والإبل والخيل في معظم أراضى الشرقية وبخاصة الشمالية والمجاورة للصحراء منها. فشجع ذلك القبائل العربية بعد الفتح على الرحيل إليها لقربها من بلاد العرب واخذوا يتنقلون في ربوعها طلبا للرزق. ولم يجدوا فارقا كبيرا بين صحاري الشرقية ومراعيها ومناخها وبين صحاري بلادهم ومراعيها ومناخها واستوطنوا واخذوا يرعون ويتاجرون ويفلحون الأرض ويزرعونها وساعدهم على ذلك أن أغنامهم وماعزهم وإبلهم وخيلهم كانت تقطع الحشيش وتسمد الأرض فتجعلها صالحة للزرع ولذا كان من أقوالهم المأثورة عن الغنم (إن في جرتها سلاسل ذهب) يعنون أن الغنم تدر الخير بنتاجها وصوفها ولبنها وفوق ذلك تخصب الأرض فتصلح للزرع وإن كان في ذلك تضييق على رزقها. وتتسع الأراضي الزراعية. وإلى عهد قريب كان كثير من الفلاحين يقدمون الاراضي المنزرعة بالبرسيم الأخضر والقطن بعد جنيه والقمح والفول والشعير بعد حصادها للأعراب من أصحاب الأغنام والإبل فيرعونها بدون مقابل نظير تسميد الأرض. وبعد الفتح استوطن كثير من العرب فى الجهات الشرقية من مصر. واستمروا بعد ذلك يفدون وينتقلون ويستوطنون حتى أواخر أيام الدولة العباسية. إذ سادت الفوضى أرجاء الدولة العربية. وحل القحط بمصر. فرحلت بعض القبائل من الشرقية ومن مصر كلها إلى الغرب وبخاصة طرابلس. ولما عاد الأمن والرخاء إلى مصر في عهد الفاطميين عادت بعض القبائل إلى مصر ومنذ ذلك العهد يسمى العرب الذين لم يرحلوا إلى الغرب عرب الشرق والذين رحلوا وعادوا إلى مصر عرب الغرب. ومن القبائل التي رحلت إلى الغرب وعادت وأصبحت من عرب الغرب قبيلة الهنادي ومنها الطحاوية وسمالوس التي سميت بهذا الاسم نسبة إلى وادي سمالوس ببلاد المغرب4.
وبقيت الحال على ذلك حتى سنة 109هـ و(728م) إذ أحضر ابن الحبحاب وهو احد حكام مصر في ذلك الوقت مائة بيت من قيس وأقطعهم أرضا في بلبيس وزودهم بالخيل والإبل ثم أناط بهم حراسة القوافل بين ساحل البحر الأحمر وداخل البلاد. وأفادوا من ذلك الربح الواسع مما جذب بيوتاً أخرى من قيس لتلحق بهم حتى صاروا في عام واحد 150بيتا فأحدثوا نقلة اجتماعية كبيرة في البناء الاجتماعي لسكان الشرقية؛ حيث جاءت هجرتهم وفقاً لرغبات رجال الإدارة والحكم في الإكثار من القبائل التي ينتمون إليها في البلاد التي يديرونها.5كما جاءت لإحداث توازن القوى مع القبائل اليمنية من لخم وجذام في المنطقة, فضلاً عن التوازن في البناء الاجتماعي لسكان الشرقية من العرب وأهل الذمة.6
وأمرت قبيلة قيس بشراء الخيول وتربيتها وتدريبها خاصة مع انخفاض تكلفة تربيتها لجودة مراعي الشرقية. ولم تكتف قبيلة قيس بشراء الخيول وتربيتها وتدريبها فقط لاستخدام القبيلة وأفرادها بل إن الأمر تعدى ذلك إلى تجارتها مع باقي القبائل العربية الأخرى فضلاً عن إمداد القوات العسكرية العربية بالفسطاط بها أيضاً. وذكر المقريزي :«أن الرجل يشتري المهر فلا يمكث إلا شهر حتى يركب»7 ومعنى هذا توفر أعداد كبيرة من هذه الخيول التي يستفاد منها في الأغراض المختلفة وخاصة العسكرية منها.
ولما غامر محمد على باشا بحروبة في بلاد العرب ساهم عرب الشرقية وسينا في هذه الحملة بنصيب أكثر من غيرهم إذ قدموا له الخيل ودربوا له الجند على طريقة الكر والفر المعهودة في الحروب عند الوهابيين8 وفي هذه الحملة إلى السودان والشام عرض محمد على باشا على عرب الشرقية وغيرهم تشكيل فرق ترسل عددا من رجالها الأشداء تحت إمرة رئيس منهم يطلق عليه الصاري وكان بمثابة قائد لهم وكان محمد على باشا يجزل لهم العطاء لما كان يلمس فيهم من شجاعة وإخلاص وتضحية. وقد منحهم ما يسمى امتياز العرب وهو تعهد يعفى العرب من التجنيد الإجباري ومن حراسة جسور النيل ومن السخرة وحفر الترع وإقامة الجسور. وذلك نظير وعد العرب بتقديم الجند عند الطلب بوساطة عمد القبائل وقد ألغى هذا الامتياز بعد صدور القانون الجديد بالتجنيد الإجباري في 8 سبتمبر سنة 1947.9وقد منح محمد علي باشا العرب أراضي زراعية سميت إنعامات وذلك بدون ثمن نظير دفع ضريبة (أكياس) من النقود أو قدر من المحصولات الزراعية وقد طلب إلي عرب المشارقة حراسة حدود مصر.
وقد أفادت هذه الفرق الجيش من الوجهة العسكرية فكانت عليهم مهمة استطلاع العدو ومطاردته في أثناء الهزيمة وعند التقهقر وهم الذين اسروا رشيد باشا في موقعة قونية.10
وكان العرب في عهد محمد علي باشا يعرفون الدروب وطرق القوافل ويحملون البريد والمعدات وكانوا خبراء في معرفة الطرق والمسالك والدروب.11
وقد ساعدوا محمد علي باشا مساعدة كبيرة في حرب الوهابيين والسودان واليونان والشام ولازال أحفاد عرب الشرقية يذكرون ما استقر في ذاكرتهم الشعبية من أنهم حجوا بيت الله الحرام في حرب الوهابيين (وطيبوا أى فتحوا) عكا في حرب الشام وأن بعضهم قضى ما لا يقل عن عشر سنوات في جنوب الوادي في حرب السودان وتزوجوا من السودانيات وأنجبوا خلفا ومن هؤلاء الأجداد عامر ويونس وكريم ومجلي من الطحاوية والحاج عبد الله محمد من عائلة جمعة من سمالوس.
ولما أتى عباس باشا الأول غضب على بعض القبائل في الشرقية فأدى ذلك إلي ارتحال هذه القبائل إلى الشام. وأعطيت أملاكهم في الشرقية إلى أعدائهم من العرب نكاية بهم ولكنهم عادوا إلى أملاكهم ثانية في عهد سعيد باشا وفى أثناء وجودهم في الشام عين مجلي سليمان قائدا في الجيش العثماني.
ولما ظهرت العملية والسخرة في خفر الترع وإقامة الجسور ومد السكك الحديدية ولما كان العرب لم يألفوا هذه الأعمال ولم يألفوا الشدة والضيم ترك البعض ديارهم وأملاكهم وهربوا إلى جهات مختلفة في مصر أو في غيرها خشية ألا يراعى امتيازهم ويساقوا ضمن المصريين.12
وعندما ما قامت ثورة عرابي باشا (هوجة عرابي ) اندفع العرب بسليقتهم وميلهم للحرب وانضموا إلي جانب الثوار وقانلوا في كفر القنال والتل الكبير. وقبل أن تتعهد الحكومة المصرية بحراسة المحمل المصري إلى الحجاز ذهابا وإيابا كان عرب الشرقية والقليوبية بالتناوب يقدمون الإبل للمحمل وكانت كل قبيلة تقدم من 400 جمل إلى خمسمائة. 13
قبائلهم في الشرقية
ومن أشهر قبائل العرب في الشرقية الهنادي وهي تتفرع إلي بيوت منها الطحاوية وهم منتشرون في الشرقية وكان من أشهر عمدهم الشيخ محمد بك سعود والحاج عبد الحميد راجح وبيت سمالوس وكان من عمدهم الشيخ جوده خليفة غيث, والبهجة بجهة فاقوس. وكان من عمدهم الشيخ محمد صميده والشيخ عبد المطلب جايل والفواخر وكان عمدتها الشيخ عبد السلام رشوان والأفراد بجهة ههيا وكان عمدتهم أبو زيدان واسلم بجهة كفر صقر وكان عمدتهم الشيخ حسين عبد السميع. والنفيعات وكان من عمدهم الشيخ إبراهيم أبو صالح وأبو نصر الله والطميلات وكان عمدتهم أبو بغدادي والبياضيين وكان عمدتهم أبو مرزوق وهذه القبائل الثلاث من المشارقة وهيتم وكان عمدتهم الحاج سلامة شاهين والسعديون وكان عمدتهم الشيخ عبد الحميد شلبي وأولاد موسي وكان عمدتهم محمد بك بدران والأخارسة وعمدتهم الشيخ عبد السلام عطوان وبلى الضعفا بحري14 والعيايدة بحري, ومطيربحري والسماعنة والصوالح والحرابى وكان تعيين العمد وعزلهم وكذلك تعيين صاري الجيش بفرمان. وكان يمكن تعيين عمدة أو أكثر حسب تعداد القبيلة والتي قد تكون منتشرة في أكثر من مكان وهو المسؤول عن توطيد روابط الألفة بينهم وبين الأهالي, وصيانة حقوقهم وأملاكهم وأملاك الحكومة.15
وقد بلغ عدد عرب الشرقية حسب تعداد سنة1927 م نحو 46440 منهم نحو 23000 ذكور و23440 إناث وبلغ عدد عرب الشرقية بحسب تعداد سنة 1937م نحو 9319 ومنطقة القنال 308 ومنطقة سينا وهذا بخلاف العرب الرحل البالغ عددهم 12000 نفس وبلغ عدد العرب فى مصر بحسب تعداد سنة 1927 نحو 77686 ولكن الثابت أن عددهم آنذاك فى الشرقية و مصر كان أكثر من ذلك بكثير بسبب زيادة النسل ولصعوبة إحصاء المنتشرين في أطراف الشرقية والصحاري آنذاك.16معيشتهم
في أول قدوم العرب إلي الشرقية كانوا يعيشون علي رعي الغنم والماعز والإبل والخيل والمتاجرة في نتاجها وأوبارها وكانوا قوما رحلا يتنقلون من مكان إلى مكان طلبا للكلأ والمسرح. وكانت طبيعة البلاد حينئذ أكثر مساعد لهم على ذلك كما ذكرت. وكانوا يسكنون في خيام يطلقون عليها بيوت الشعر وهذه تكبر وتصغر بحسب طاقة كل أسرة. وهو بارعون وسريعون في نصبها وكان شبان كل بيت يرعون الأغنام والماشية ويساعدهم العبيد وبعض النسوة المسترجلات الكبيرات السن. وأما باقي النساء والبنات فيبقين في مقر الأسرة يغزلن الصوف في أثناء قيامهم بالرعي وكلهن ذوات براعة في هذه الأعمال وكن على عهد قريب موضع إعجاب في هذه الصناعات لجودة صناعتها وجمالها وثبات ألوانها غير أن الحضارة قضت على هذه الرف الآن ولم يبق لها من اثر سوى قطع من البسط (الأكلمة) ويقوم بصنعها بعض الأعراب الذين يسكنون أطراف المديرية وكان على النساء المقيمات في موطن الأسرة أن يعددن الطعام ويطحن الحبوب على الرحى أو الطاحونة.
أما كبار السن فعليهم تدبير شؤونها والبحث عن أما كن الكلأ وكان يكون من بعض هؤلاء الكبار مجلس يسمى (المجلس العرفي) يقضي في الخلافات التي تنشب بين أفراد القبيلة الواحدة أو بينهم وبين القبائل المختلفة وقد أتى على هذه المجالس حين من الدهر كان معترفا بها من الحكومة.
ويلاحظ أنه منذ عهد محمد علي باشا اخذ الاهتمام بوسائل الري يزداد وزادت معه مساحة الاراضي وضاقت أراضي المراعي فرحل كثير من عرب الشرقية إلى أطراف المديرية شمالا وشرقا وجنوبا ولا يزالون حتى الآن يعيشون عيشة البداوة ومعظمهم من قبائل المشارقة والبياضيين وهيتم والمعازة وهم لا يخالطون الاهالي إلا قليلا وذلك في الأسواق عندما يذهبون لشراء ما يحتاجون إليه من المأكل والعلف والحبوب والملابس أو في الصيف عند ما تجدب الأرض فينزحون إلى الريف حيث يجدون المراعي وبقايا القمح والفول والشعير والبرسيم التي حصدت. فيضربون خيامهم في اقرب مكان للرعي وقد ينزحون إلي الريف في الربيع لشراء البرسيم الأخضر مرعي لماشيتهم.
وأما بقية عرب الشرقية فقد أصبحت معيشتهم خليطاً بين البداوة والحضر إذ يزرعون بعض الأرض ويبنون المساكن والمضايف والاستراحات مع محافظتهم على خيامهم وأغنامهم وماعزهم وإبلهم وخيلهم يسرحونها إلي أماكن الكلأ وتعود من حين لآخر لترعى الحشائش والبرسيم وبقايا القمح والشعير والفول والبرسيم المحصود وأوراق القطن في أراضيهم الزراعية. وعلى توالي الأيام وتقدم وسائل الري اهتم العرب بالزراعة وأهملوا تربية الأغنام والحيوان وأصبحوا متحضرين وبعضهم يعتبر من أمهر الزراع وقد احتفظوا بقليل من الأغنام والماعز والخيل التي يكفيها البرسيم وأوراق القطن وبعض الأعشاب في الاراضي الزراعية.
عاداتهم
من عادات العرب في الشرقية الكرم حتى يكلف احدهم نفسه ما لا يطيق ليكرم ضيفه والأخذ بالثأر والاعتداد بالنفس والكبر وحب السيطرة وحب الظهور وأن يحترم صغيرهم كبيرهم حتى انه لا يشرب القهوة ولا يدخن ولا يمزح في مجلسه واستمروا لفترة طويلة لا يخالطون بقية المصريين ويصاهرونهم ويسمونهم (الفلاحين). وكثيرا ما كانت تقوم بينهم المناوشات ويقولون فيما بينهم :«نرميها السباع ولا نرميها للفلاح» ولكن الآن قد بدأوا يتزوجون من بناتهم ولكنهم لا يزوجون بناتهم منهم إلا نادرا.ً وكانوا يتفاخرون بكثرة العبيد أو كما يسمونهم (في جزيرة سعود التابعة لمركز الحسينية بالشرقية) (الحبة السمراء)17 ولا يزال لديهم عدد محدود منهم وسبب ذلك أن العبيد ألفوا حياتهم ولم يقبلوا مفارقتهم ومنذ ما يقرب من عقدين أو أكثر من الزمان كانوا يكرهون التعليم ويحتقرون من يذهب إلى المدارس. ولكنهم الآن بدأوا يرسلون أبناءهم إلى المدارس ويوجد عدد كبير منهم أصبحوا أعلاماً في الأدب والطب والمحاماة وقد أظهر بعضهم نباهة وهم في قرارة أنفسهم لا يحبون الاشتغال بالفلاحة.
ولكن فشو الكرم فى الشرقية حبب إلى العرب مصاهرتهم ومجاورتهم مثل قبيلة “ طيء” التى صارت مضرب الأمثال الشعبية فى الكرم وخاصة حاتم الطائي الذى صار الكرم مرتبطا باسمه فقيل الكرم الحاتمي.وقد استقرت قبيلة طيء فى أطراف الشرقية وعلى حدودها وعلى طول الحافة الرملية فى شمال سيناء وفى دمياط وما حولها وفى ناحية بنى شبل (مركز الزقازيق) ومنزل حيان (مركز ههيا) والمعينة (الهجارسة – مركز كفر صقر شرقية).
فضلا عما كان لقبيلة جذام من إقطاعات فى الشرقية منها هربيط وتل بسطة ونوب وغيرها، ولهذا السبب على ما يبدو اشتهرت العديد من مناطق الشرقية التى استقرت فيها بطون قبيلة جذام بالكرم الشديد من تلك المناطق بلدتي الجواشنة (مركز ههيا ) والجواشنة ( مركز السنبلاوين) نسبة إلى بطن الجواشنة وهم بنو جوش بن منظور بن بعجة المضروب به المثل فى الكرم والشجاعة.
ولدينا أسر كثيرة هوت إلى هوة الفقر فى الشرقية من جراء ذلك. ولكن بيوتها المجيدة لا تزال تنطق بالفخار لتلك الأسر العريقة فى الكرم والوفاء حيث آثروا غيرهم بالثراء الذي حققوه حيث نشب الغلاء وحدث الجدب والقحط فى مصر أيام الشدة المستنصرية. فهب (طريف بن مكنون) أحد أبناء قبيلة جذام بالشرقية يمد الموائد فى مضيفته لتتسع لاثني عشر الفا يأكلون عنده كل يوم حتى اضطر إلى أن يهشم الثريد فى المراكب تحمل اللحم والثريد عبر الخلجان والترع لتسد حاجة الجوع ولم يتوقف الكرم النابع من الشرقية عند هذا الحد بل ان مهنا بن علوان وهو من بنى بعجة الذين استقروا بالشرقية حين طرقه الضيوف فى فصل الشتاء ولم يجد حطباَ يوقده ليدفئ ضيوفه ويصنع لهم الطعام فاستخدم أحمالا من أعواد القمح بمحصولها (بثمارها) فجعلها وقوداَ محتذيا فى ذلك بما فعله حاتم الطائي حين نزل به ضيوف ولم يجد ما يسد رمقهم سوى حصانه الوحيد فذبحه لهم واستحق بذلك ان يعد مثلاً للكرماء والكرم الحاتمي.18
وعرب قبائل الشرقية عندهم عناد ويميلون إلى تسمية أبنائهم بأسماء مخيفة او ثقيلة على السمع مثل ( حنظل – وغومة – وفدغم – وضرغام – متعب- زعار- ومناع ) ويسمون عبيدهم وبناتهم أسماء مبشرة أو مفرحة أو خفيفة على السمع مثل فرج وسعيد وسعد ومصباح وسعدة وعزيزة وغالية وذلك لأنهم يعتقدون أن للاسم تأثيرا في أذن السامع وفى ايحائه ففي جانب الرجل يخيف الاسم عدوه وفي ناحية العبد والمرآة يطمئن الاسم السامع ويشرح صدره وفى ذلك يقولون :
أسماؤنا لأعـدائنا وأسماء عـبيدنا لنـا 19
الحال نفسه في نظرتهم لتسمية خيولهم العربية الأصيلة فهم يسمون خيولهم بأسماء قوية حماسية تبعث على الهيبة والاحترام والخوف لدى من يسمعها. ومن تلك الأسماء التي يطلقونها على خيولهم: دهمان, المعنقي, صنديد, مشعان, جدعان, ناصر العرب, فارس الصحراء, جدران, ابن الليل, فارس العرب. ولهم وجهة نظر في ألوان خيولهم. فهم يرون أن اللون الأبيض واللون الأشهب (لونه أبيض والذيل أسود) هما أكثر الألوان تحملاً للعطش. ثم يرون أن اللون الأحمر واللون الأدهم (مابين الأحمر والأسود) واللون الأسود هي أقل الألوان تحملاً للعطش وأكثرها عرقاً, ومن الألوان الأخرى. الأشقر, الماوردي, والكستنائي والأزرق الحديدي (لون الحديد وشعره أميل للأسود), وقد يأتي المهر المولود لأبيه أو لأمه أو لأجداده في اللون وفي الحجل فلا غرابة في ذلك. ويفضل عرب الشرقية الحجل (البياض في أيدي وأرجل الخيل) في الخيل ويبحثون عنه عند الميلاد مباشرة. وهناك بعض الصفات التي تتوارثها الخيل من أجدادها من الرشاقة والجمال والحجل ومن الممكن أن تستمر هذه الصفات حتى الجيل الخامس.ومن بعض مجاريدهم (أشعارهم) في الخيل قولهم :
شوقك شوق كحيلة الأصيلة(أحد بيوت الخيل)
تغلب في الميز(السباق)وصُباره
ما فيها من الشين (العيب)وقية
تعجب في الناس النظارة
بالسـوم (أغــلـى ثمن) الـغـالــي مشــريـة
جيدة في الخيل وسيارة
وصـــاحبها عنده مــالية
ما يطلب من واحد بارة(عملة) ويحفظ كثير من عرب الشرقية وصفات طبية مفيدة. ولهم ثقة فائقة في الكي والخزام ولهما عندهم فن يجيده بعضهم. كما يلجأ بعض الناس إلى عرب الطحاوية ومعهم آنية من الأواني ويطلبون قليلاَ من لبن الخيل لمداواة بعض الأمراض, مثل أمراض العيون والأمراض الجلدية وما إلى ذلك. وأيضاَ يستخدم بعضهم سبيب الخيل (شعر الذيل) في علاج السنطة وهى أن تربط السنطة بالسبيبة حتى تجف وتسقط. وترى النساء أن للحدوة (برواز من الحديد يوضع أسفل الحافر ليحافظ عليه ) علاقة بالخير الوفير, ويرون أن هذه التميمة تجلب إليهم الرزق والفأل الحسن.
ومن الاعتقادات الشائعة أنه إذا كان عند جارك فرس فافتح بينك وبينه نافذة ليأتي منها الخير, وتربط خرزة زرقاء زجاجية في عرف أو ذيل الفرس أو شعر سنام الجمل ليجلب الحظ السعيد. وأدوات الخيل وكل ما يلزم الخيل عند عرب الطحاوية يصنعونها بأنفسهم، فهم ينسجون بأيديهم (مقاود) الخيل أي (الأمراس) المنسوجة من صوف الأغنام الطبيعي، والمغزول عندهم ذى الألوان الطبيعية (الأبيض، البني، الأسود) وكذلك ينسجون شرائح (العدة العربى) وبعض (الخراج)20 والتي تعلق على المسند الخلفي للعدة العربي وفيه جيبان يستخدمهما الفارس في حمل أغراضه الخاصة وأدوات القهوة وذلك أثناء ترحاله وسفره، فهم يستخدمون لقيادة الحصان (القرطمة)21. وهى تحل محل اللجام فهم لا يستخدمون اللجام بالمرة ولكنه يستخدم مع الخيل الشرسة الصعبة المراس. ويستخدمون مع القرطمة (الرشمة)22 على أن تكون سيورها مصنوعة من الصوف الطبيعي ذي الألوان الطبيعية وأحيانا يزينون حزام الرأس (عدار)23 بالودع مع استخدام الصوف المنسوج بأيديهم.
وأحيانا يصنعون من الصوف أيضا (لبب)24 به بعض الكراريت (شرابات) المدلاة ويعلق على صدر الحصان وينتهي أطرافه بالمسند الأمامي للعدة العربي، إلا أنهم لا يفضلون ذلك ويكتفون بلف المرس الصوف أو الشعر حول رقبة الحصان وعقده بعقدة معينة جميلة. أو ربط المرس في المسند الأمامي للعدة ويقومون بترك باقي المرس وبه عقدة السيف فيسمونها عقدة السيف وهم مهرة في صناعتها وحلها لها شكل جميل راق ومعبر.
لابد من وضع قلادة من الصوف تتماشى مع لون الخيل منذ صغرها ويغيرونها مع مراحل السن، وهذه تزين الفرس وتمنع الحسد، لأن الحسد معروف في عالم الخيل فيجعل من ينظر إلى الفرس يحول نظره إلى القلادة.25 ونساء عرب المشارقة محجبات ولا يخالطن الرجال إلا لضرورة العمل وأما نساء الغرب فسافرات ويخالطن الرجال بعد الزواج .
ملابس عرب الشرقية
وزي العرب في الشرقية على أنواع كثيرة فرجال المشارقة يلبسون الطاقية الصوف أو الوبر (والكوفية ) والعقال ونساؤهم يلبسن نقابا محلى بقطع من الذهب أو الفضة. وعرب الغرب يلبسون الطربوش المغربي لا يعتمون عليه وبعضهم يلبس العمامة والشملة (الحرام) والبعض يلبس العقال والطاقية (الكوفية كعرب الشرق).
وكانوا إلى عهد قريب يلبسون جلاليب من الصوف من غزل ونسج وصبغ أيديهم ويغلب علي جميع رجال العرب لبس العباءة ونساء عرب الغرب سافرات ويتميز كل نساء العرب بلبس حزام عريض احمر أو ابيض ويلبسن الحلي من الذهب أو الفضة في أنوفهن ( الشناف) وآذانهن وأصابعهن ومعاصمهن ( الدملج) وأرجلهن ( الخلخال ) ونحورنهن وكلما كانت الحى كبيرة دل ذلك علي ثراء لابسته ولو أدي إلى تشويه آذانهن وأنوفهن ويتخذن الوشم الأخضر علي الشفة السفلى والذقن وظهر اليدين للزينة.
ولهجة عرب الشرقية عربية محرفة وتختلف في جهة عن الأخرى فمثلا ( يا وِلد بدل يا وَ لد ويا بِنِت بدل يا بِنْت والچمل بدل الجمل وهاضيش بدل ما هذا والغلا بدل الحب ، وغادي بدل هناك وإقهوى بدل قهوة ) .
نظام المقاضاة عندهم
ولعل أحسن العادات عندهم هو نظام المقاضاة. والقضايا نوعان: نوع خفيف وفي هذة الحالة يذهب الطرفان إلي قاض من قضاة العرب وهم أشخاص مشهور عنهم الاستقامة والصدق والعدل وقوة الحجة. وعادة لا تخلو كل قبيلة من عدد من الرجال تتوافر فيهم هذة الصفات ويرضى الطرفان بحكم القاضي وينفذونة في الحال أو بعد مدة وجيزة يحددها القاضي. أما النوع الثاني وهو المهم إذا كانت الخصومة شديدة لسبب من الأسباب فيذهب الطرفان المتخاصمان إلى رجل محترم من أفراد القبيلة ويجتمع الطرفان في منزله ويسمى صاحب المنزل في حالة (ملم) أي جامع بين الخصوم في منزله وهذا الرجل عليه أن يختار ثلاثة قضاة من رجال العرب ويعرض الأسماء الثلاثة على المتخاصمين وعلى الطرف الأول أن يختار اثنين من الثلاثة ويهدف الثالث أي لا يقبله وعلى الطرف الثاني أن يهدف قاضيا من الاثنين فيكون الطرفان قد قبلا التحكيم إلي قاض واحد ثم يذهب الطرفان إلى هذا القاضي في موعد محدد وأول ما يفعله القاضي أن يحدد مبلغا من المال يدفعه كل طرف ويسمى هذا المبلغ (الرزقة ) وهذا المبلغ يظل عند القاضي حتى ينتهي الفصل في الدعوى. فيأخذ القاضي مبلغ المحكوم عليه أما الأخر فإن مبلغه يرد إليه وهذه الرزقة يأخذها القاضي نظير ماصرف من مأكل ومشرب وغيرهما وفي كثير من الأحيان يرفض القاضي هذه الرزقه إذا كان موسراً وبعد أن يقدم كل من طرفي الخصومة الرزقة يطلب القاضي من كل منهما ضامناً ويسمي عند العرب الكفيل. يقوم بكل ما يتأخرفيه صاحبه.
وفي يوم الجلسة يطلب القاضي من طرفي الخصومة شخصا ليدلي بحجتة أمام القاضي وبعد سماع المرافعة وحجج كل فريق يصدر القاضي حكمة. فإن قبل الطرفان هذا الحكم نفذ في الحال أو في مدة يحددها القاضي وإذا لم يقبل احد من الطرفين هذا الحكم تحال القضية علي القاضي الثالث وفي هذة الحالة ينفذ الحكم الذي وافق عليه اثنان وهذا مجمل وجيز لنظام القضاء عند عرب المشارقة.
وهناك حكم فصل للقضايا المهمة التي لا يوجد أدلة وألا وهى (البشعة) وهى عبارة عن آنية من معدن كالنحاس أو الحديد لها يد طويلة تبلغ حوالي 60 سنتيمترا وقطرها يبلغ حوالي 20 سنتيمترا وصاحبها رجل يسمى جربيع من عرب المشارقة بمدينة بلبيس بالشرقية والطريقة أن يذهب إلى جربيع هذا كل من المتهم والمتهم ويدفع المتهم مبلغاً من المال لجربيع الذي يضع كومه من الخشب ويشعل فيها النار ويحمى فيها البشعة حتى تحمر تماماً وفى أثناء ذلك ينصح المتهم أن يصدقه القول ويعترف فإذا لم يعترف وأصر علي لحس البشعة كشف جربيع على فمه ولسانه واخرج البشعة من النار ومسحها بيده وقدمها لمتهم ليلحسها بلسانه وهم يعتقدون انه إذا كان بريئا فإنه لا يصاب بسوء أما إذا كان مذنبا فإنها تضره ضرراً بليغا ولا أدري ما السر في هذه الآنية اللهم إلا إذا كان الاضطراب والرعب يجفف الريق في حالة الشخص المذنب فتكون النتيجة وهو مطمئن القلب بمجرد لحسها في حين أن الاطمئنان والهدوء في حالة الشخص البريء يجعله يقدم عليها وهو مطمئن القلب فلا تصيبه بسوء وكثيرا ما دفعت هذه البشعة بعض المذنبين إلي الاعتراف وكثيرا ما كانت سببا في حقن الدماء وعادة لا يلجأ إلى البشعة إلا في الأمور الهامة كالقتل والأخذ بالثأر وجربيع هذا لا يبشع الفلاحين مطلقا ولا يبشع عرب الغرب إلا نادراً.26
ونظام التقاضي عند عرب الغرب يختلف قليلاً عنه عند عرب الشرق وذلك أنه عند حدوث أية خصومة يعقد ما يسمى المجلس العرفي وهو يشكل من قاضيين أو أربعة كل طرف النصف من بين الرجال المعروف عنهم العدل والفراسة وحصافة الرأي ويشتهرون بأنهم قضاة العرب. ثم يجتمع القضاة في مقر الأسرة أو القبيلة التي حدث فيها النزاع وقد يجتمعون ويقررون ما يسمى حق العرب يدفعه كل كأمانة تحت يد القضاة وهو عبارة عن مبلغ من المال يكبر ويصغر بحسب أهمية النزاع. فقد يكون خمسة جنيهات أو عشرة وقد يكون مائه أومائتين ثم يدلي كل طرف بحجتة. ثم يجتمع القضاة ويصدرون حكمهم فمن كان مذنبا ضاع وأعطى للأخر كما ترد للبريء أمانته وقد يتنازل صاحب الحق عن حقة فتصفو القلوب وتزول الأحقاد وكثيرا ما تعترف الحكومة بأحكام المجالس العرفية .
الألعاب الشعبية عند قبائل عرب الشرقية
إنهم يهوون اقتناء الخيل وهم مهرة في تربيتها وتدريبها وركوبها ويعتقدون أن الخير معقود بنواصيها ويعرفون بيوتها وأنسابها واحسابها, ويدربونها علي جميع ألعاب الفروسية من كر وفر ورقص على المزمار والطبل وركوع ونوم وغيرها. ويجب هنا أن نذكر أن الخيل تنسب لأمهاتها لا لآبائها فهذا الحصان ابن فلان ولكنه من بيت أمه – الدهمة مثلا.
ومن بيوت الخيل التى أحضرها عرب الطحاوية وعليها تأسست مرابطهم (الدهمة – العبية – الصقلاوية – التامرية – الخلاوية – الشعيفية – النواقية – الشويمة – المعنقية – الخرساء – الكحيلة) وتتفرع من هذه البيوت فروع كثيرة، وعندما عمل عرب الطحاوية على شراء أمهات الخيل واستقدامها من الشام عمل كل شيخ على شراء أنواع من الخيل تختلف عما يقوم أخوه بشرائه من بيوت الخيل، ليتمكنوا من التبادل فيما بينهم من الطلائق الإنتاج.27
ويحبون الرماية ).
[size=40]أعداد المجلة[/size]
[size=31]56
[/size]
PDF
[size=31]55[/size]
PDF
[size=31]54[/size]
PDF
[size=31]53[/size]
PDF
[size=31]52[/size]
PDF
[size=31]51[/size]
PDF
[size=31]50[/size]
PDF
[size=31]49[/size]
PDF
[size=31]48[/size]
PDF
[size=31]47[/size]
PDF
[size=31]46[/size]
PDF
[size=31]45[/size]
PDF
[size=31]44[/size]
PDF
[size=31]43[/size]
PDF
[size=31]42[/size]
PDF
[size=31]41[/size]
PDF
[size=31]40[/size]
PDF
[size=31]39[/size]
PDF
[size=31]38[/size]
PDF
[size=31]37[/size]
PDF
[size=31]36[/size]
PDF
[size=31]35[/size]
PDF
[size=31]34[/size]
PDF
[size=31]33[/size]
PDF
[size=31]32[/size]
PDF
[size=31]31[/size]
PDF
[size=31]30[/size]
PDF
[size=31]29[/size]
PDF
[size=31]28[/size]
PDF
[size=31]27[/size]
PDF
[size=31]26[/size]
PDF
[size=31]25[/size]
PDF
[size=31]24[/size]
PDF
[size=31]23[/size]
PDF
[size=31]22[/size]
PDF
[size=31]21[/size]
PDF