مملكة حضرموت القديمة.ببلاد اليمن
إذا كنت تبحث عن محافظة حضرموت،
شبام/حضرموت
مملكة حضرموت هي مملكة عربية قديمة، قامت في اليمن وبدات في الألفية الاولى قبل الميلاد حتى ضمت في الدولة الحميرية. وكانت عاصمتها شبوة. وهي الوحيدة التي لا يزال اسمها باقيا على مساحة كبيرة منها [1]
قرية الهجرين بوادي دوعن/حضرموت
التسمية
ذكر اليونانيون و الرومان حضرموت بشئ من التحريف، ذكرها إراتوستينس باسم (لاتينية: Chatramotitae) ونبوفراستوس باسم (لاتينية: Hadramyta) وذكرها كتبة العهد القديم باسم (عبرية: חֲצַרְמָוֶת Hazar maveth) وحرفيا تعني " فناء الموت " [2] وأنه الابن الثالث من أبناء يقطان [3] ويعتقد أن كتبة التوراة تأثروا بالأساطير الإغريقية عن حضرموت وكونها " وادي الموت " الذي يتجنب أصحاب السفن المرور عبر سواحله، وكان ملوك حضرموت يفرضون الضرائب على الممرات البحرية والبرية الخاضعة لهم [4] وكانت العقوبة على من يحاول الإلتفاف أو العبور من طرق أخرى هي الموت [5] وكانت هذه السياسة سبب الأسطورة وراء " وادي " أو " فناء " الموت التي ارتبطت بأذهان الإغريق والرومان ومن خالطهم ودافعا لأليوس غالوس حاكم مصر الروماني لغزو اليمن ومحاولته التي بائت بالفشل لإسقاط حضرموت وسبأ [6] وسهلت للحميريين الإنقضاض على كلاهما [7] وحضرموت حسب نصوص العربية الجنوبية القديمة اسم أرض وقبيلة، مثل السبئيين كان يحكمهم أول الأمر كهنة يسمى أحدهم " مكرب " وتعني " المقرب من الآلهة " [8] ومن المكربيين الذين عثر على أسمائهم في النصوص " يرعش بن أبيشع " والذي بنا سورا حول حضرموت لحمايتها من غزو الأعداء و الحميريين تحديدا [9] وكلف بإنشاء السور رجل مقرب من هذا المكرب يدعى " شكم سلحن بن رضون " (شكيم سلحان بن رضوان) الذي إستغرقه بناء السور ثلاثة أشهر وبني في القرن الخامس قبل الميلاد [10] كان الهدف من بناء الأسوار وأبراج " يذان " و"يذقان " و" يكن " هو منع المارة من دخول حضرموت دون إشراف الجنود الذي أشار إليهم النص باسم "أسدم" [9] وتولى الحكم بعد المكرب "يرعش" ابنه "علهن" كما تظهر النصوص اسمه " علهن بن يرعش". ولا يعرف على وجه الدقة ماإذا كان آخر المكربيين في حضرموت لإن الحضارم تركوا لقب "مكرب" وتلقب زعمائهم بلفظة "ملك" وجعل فيلبي الملك " صدق إيل " أول ملوك حضرموت بعد المكاربة [9] ويظهر أن حضرموت كانت على اتصال وثيق بمعين لإن بعض ملوك معين كانوا ملوكا على حضرموت وبعض الحضارم كان ملكا على معين [11][12] و البت في تاريخ حضرموت القديم أمر صعب لإن الكتابات المكتشفة أقل بكثير من نظيرتها السبئية و الحميرية [13] نهاية حكم مملكة حضرموت كان على يد الملك الحميري شمر يهرعش في القرن الميلادي الثالث وانضموا إلى مملكة سبأ وذو ريدان
نبذة
قامت مملكة حضرموت في جنوبي شبه الجزيرة العربية إلى الشرق من اليمن على ساحل بحر العرب، في منطقة واسعة تحيط بها رمال كثيفة تُعرف بالأحقاف، واشتهرت بوجود مدينتيّ تريم وشبوة، حيث أقيمت حولهما قرى وقلاع عديدة. ويرجع اسم حضرموت إما إلى اسم شخص هو حضرموت بن قحطان، الذي نزل في هذا المكان فسُمي باسمه، أو أنه لُقّب بهذا الاسم لأنه كان إذا حضر حربًا أكثر فيها من القتل، وإما إلى معناها اللغوي "دار الموت" أو "وادي الموت" المأخوذ من اللغة العبرية.[15] عاصرت هذه المملكة ممالك معين وسبأ وقتبان، ودخلت عندما ضعفت، تحت حكم الدولة الحميرية الثانية. كانت عاصمتها القديمة "ميفعة"، ثم انتقلت إلى شبوة التي تأسست في القرن الثاني قبل الميلاد، وعاش أهلها على الزراعة والتجارة، حيث كانت تُصدّر اللبانوالبخور والمر برًا وبحرًا.[16] خضعت مملكة حضرموت للسبئيين، وقضى الحميريون عليها في منتصف القرن الرابع الميلادي
مملكة قتبان، وامتدت أراضيها لتشمل ما يعرف حالياً بالمهرة وإقليم ظفار الغني بأشجار اللبان شرقاً وفي أقصى اتساع لها غرباً وصلت السيطرة الحضرمية الى وادي المعسال جنوب مدينة رداع.
وتدل النقوش المكتشفة حديثاً على أنَّ صراعاً قوياً وقع بين مملكة حضرموت وجارتها قتبان، تعرضت فيه مدن كثيرة في حضرموت للدمار على أيدي القوات القتبانية. وعلى الرغم من ذلك نجد كل من قتبان وحضرموت تقدمان دعماً للمكرب الملك السبئي كرب إل وتر في حربه الواسعة التي قضى فيها على مملكة أوسان في القرن السابع قبل الميلاد.
سيطرت مملكة حضرموت لفترة طويلة على مناطق انتشار شجرة اللبان المادة الأساسية في صناعة البخور والطيوب، ومثل إنتاج اللبان وتسويقه مورداً أساسياً لمملكة حضرموت إلى جانب الإنتاج الزراعي الضخم الذي يأتي من استغلال أراضي وادي حضرموت الخصبة. وتؤكد النقوش وجود علاقة خاصة بين مملكة حضرموت ومملكة معين الناشئة أواخر القرن الخامس قبل الميلاد حيث نجد أكثر من ملك يحكم المملكتين معاً.
كانت حضرموت تتطلع دوماً إلى مد نفوذها نحو الغرب، ولم يعيقها إلا وجود مملكة قتبان؛ لذلك كانت حضرموت طرفاً رئيسياً في الصراع الذي دار في منتصف القرن الثاني للميلاد وأدى إلى انهيار قتبان، وسيطرت حضرموت على معظم الأراضي القتبانية. وفي أواخر القرن الثاني للميلاد تحالف يدع أب غيلان ملك حضرموت مع الملك السبئي علهان نهفان وهو التحالف الذي ضم ملك الحبشة وكان موجهاً ضد الريدانيين. وتم تعزيز التحالف بمصاهرة سياسية بين الأسرتين الحاكمتين في سبأ وحضرموت. بعد أن حقق التحالف الجزء الأكبر من أهدافه وهو كسر شوكة الريدانيين. تعرضت مملكة حضرموت لثورة عرفت باسم ثورة أحرار يهبئر، الأمر الذي جعل الملك السبئي شاعر أوتر يرسل قواته لمناصرة صهره إل عز يلط ملك حضرموت وتم لهما القضاء على الثورة وإعادة ملك حضرموت إلى منصبه.
لم يمضِ وقت طويل حتى ساءت العلاقات بين الملكين وأرسل الملك شاعر أوتر قواته من جديد ولكن هذه المرة لمهاجمة أراضيها وإسقاط ملكها واستعادة أخته (ملك حلك)، وبالفعل نجحت تلك القوات في اقتحام العاصمة شبوة واستعادت أخت الملك وأسرت زوجها إل عز يلط ملك حضرموت واقتادته الى العاصمة السبئية مارب ليلاقي حتفه هناك. بعد ذلك سيطرت أسرة حضرمية جديدة من أحرار يهبئر على الحكم بزعامة يدع إل بين بن رب شمس، وفي عهد الملك الريداني كرب إل أيفع وقعت معركة بين قواته وبين قوات إل ريام يدم ملك حضرموت بن يدع إل بين حقق فيها الريدانيون نصراً كبيراً.
كانت تلك المعركة آخر ما وصلنا من معلومات عن مملكة حضرموت، حيث تختفي أخبارها حتى نهاية القرن الثالث حين أرسل الملك الريداني شمر يهرعش قواته الى حضرموت واستطاعت تلك القوات من اسقاط الحكم القائم وضم أراضي حضرموت إلى سلطة الريدانيين وعاصمتهم ظفار
النشأة
لحضرموت علاقة متينة بمعين أقوى من علاقتها بالحميريين والسبئيين. ففي نص يعود إلى 935 ق.م، ورد اسم ملك يدعى "شهر علن بن صدق إيل " كان ملكا حضرموت إلى جانب ملك معيني آخر يدعى " أب يدع يثع " وكانوا إخوة [11] تقربوا لإلهتهم " عثتر ذو قبضم " (عثتر ذو قبض) و"ود" (ود المشهور في الميثولوجيا العربية قبيل الإسلام) و"نكرح" [12] وذكر نفس النص العلاقات القوية التي كانت تربط حضرموت بمعين. وتشير النصوص تعود إلى عهد هذا الملك إلى معركة نشبت بين قبيلتين تابعتين له هما "مذي" و"مصران" ودون النص رجل يدعى " سعد بن ولج بن ذو ضفجن " وذكر أن ملوك حضرموت ومعين كانا من أسرة تدعى "ذو يفعن " (آل يفعان) [12][17] تشير بعض النصوص كذلك إلى أسماء ملوك هم " يدع آل بين " و" السمع ذبيان " و" يدع أب غيلان" وغيلان هذا أكثر وضوحا وتفصيلا ممن جاء قبله من الملوك حسب الكتابات المكتشفة [18] وقد تحالف " يدع أب غيلان " مع أحد ملوك سبأ وهو الملك الهمداني " علهن نفهن " ضد الحميريين وأنتصر عليهم الحلف في موقع "ذات عرمن" (ذات العرم) [19] تولى الحكم بعد "غيلان" ملك يدعى " العزيلط" (العز يلط) وقال فيلبي أنه ابن لغيلان [20] وعثرت كتابات في جبل قيل له "قرنم" (القرن) على اسم الملك "العزيلط" وعدد من مرافقيه ذكرت أسمائهم كذلك وهم "شهرم بن وايلم" (الشهر بن وائل) و"أبفل بن القثم " و" وهب إيل هكحد" [21] وورد في النص نفسه اسم والد "العزيلط" وهو " عمذخر" وهو مايعارض توجه فيلبي أن والد العزيلط كان يدع أب غيلان [22] ويشير نص آخر يعود لعهد الملك نفسه إلى توجهه إلى حصن يقال له "أنود" لتتويج نفسه ملكا على حضرموت، كتب النص زعيمان من زعماء حمير [23] وذكر حصن "أنود" هذا عدة مرات ويشير إلى نفس المناسبة وهي تولي أحد الملوك الحكم ويظهر أنه كان أحد الأماكن المقدسة لديهم [24] ونص النقش هو "العزيلط ملك حضرموت بن عمذخر سارن دلن أنود هلقب" وتعني (العزيلط بن عمذخر ملك حضرموت سار إلى أنود ليتلقب) [23] ويظهر أنه كان معاصرا لملك سبأ "ثارن يهنعم" كما يشير النص إلى رجلان مبعوثان من عنده لتهنئة ملك حضرموت. ويعتقد بعض الباحثين أن "العزيلط" كان لقبا أكثر مما هو اسم لوروده في نقوش ملوك حضارم أخرىن [25][26][27] وورد في كتابات تشير إلى ملك باسم "العزيلط" استقبل وفودا تجارية من الهند و تدمر وآراميون ومن قبيلة اسمها "قريشم" [28] ولا يدرى إن كانت "قريشم" هذه هي قبيلة قريش صاحبة مكة فلم يذكر النص موطنها, فإن كانت فهذا النص يعتبر النص الأركيولوجي الوحيد الذي يشير إليها قبل الإسلام [29] وتكمن أهمية في النص في الإشارة إلى علاقة ممالك اليمن القديمة بغيرها من دول العالم القديم عن طريق ميناء قنا الذي يبعد عن المكلا قرابة 120 كيلومتر. وذكر اسم ملك حضرمي هو "يدع ايل بن رب شمس" من قبيلة ذكرها النص باسم "يهبر" وأنه كان من "أحرر يهبر" (أحرار يهابر) [22] ويعود النص إلى سنة 180 - 200 للميلاد. ويظهر من نصوص أخرى تعود إلى عصر الملك نفسه أنه كان متحالفا مع مملكة قتبان ضد سبأ وذكرت أسماء القبائل المشاركة في الحرب وهي " ذرحن" (ذرحان) و"مرثد" من طرف سبأ و"خولن" (خولان) و"خصبح" و"مفحى" و"يام" و"كلب" في طرف ملك حضرموت [30] وورد كذلك نقش جاء فيه :"رب شمس خير اسدم بن يدع آل بين" أي (رب شمس أمير جنود أو أسود يدع آل بين) مما يظهر قيادة هذا الملك للجيش الذي حارب السبئيين في شبوة [31]
الديانة
كان الحضارم وثنيين يتعبدون للإله سين الذي كان إلها للبابليين والآشوريين كذلك
[32] [33] وكانوا الوحيدين دون السبئيين و القتبانيين و الحميريين ممن قدس هذا الإله وجعله كبيرا للآلهة، لإن السبئيين والحميريين قدسوا المقه و ذو سماوي من بعده [34][35] وهو مالم يظهر في حضرموت قبل إندماجهم في مملكة سبأ وذو ريدان على اليد الملك الحميري شمر يهرعش الذي أنزل الخراب على كثير من المدن وأحرقها كما جرت عادة ملوك اليمن القدامى مع أعدائهم [36] إلا أنهم أشتركوا مع غيرهم من ممالك اليمن القديم في تقديس عدد من الأصنام هي "عثتر" و" ذات حميم" و" ذات حشول" [32] و ذات حشول وحميم كانوا إناثا [37] وورد نص يشير إلى تقديم الملك "يدع إيل بن رب شمس " أضحية في معبد "علم" في شبوة عبارة عن 35 ثور و 82 خروف و 25 غزال و 8 فهود إلى الإله سين شكرا له على النجاح الذي حققه في طرد السبئيين من شبوة وإعادة إعمار المدينة من جديد بعد أن أحرقتها سبأ [38] ولم تذكر النصوص الحميرية حضرموت في جملة من اعتنق اليهودية في عهد يوسف آزار يثأر فقد ذكرت همدن (همدان) و كدت (كندة) و مذحجم (مذحج) ضمن من تهودوا وانضموا إلى ذو نواس الحميري في معاركه ولم تذكر حضرموت [39] وآمنت حضرموت بالمسيحية عند اعتناق الملوك الحميريين الذين وحدوا اليمن لها في القرن الميلادي الرابع [40] ولم يتركوها وكانوا ممن تعرض لمجازر ذو نواس والقبائل المذكورة التي كانت معه [41]
السقوط
انتهى حكم مملكة حضرموت في القرن الميلادي الثالث على يد شمر يهرعش وبقيت ضمن ممالك "ملوك سبأ وذو ريدان وحضرموت واليمن وتهامة والمرتفعات" إلى القرن الميلادي السادس عند سقوط مملكة حمير على يد مملكة أكسوم بدعم من ملك القسطنطينية جستين الأول [42] عاد بعض الاستقلال للحضارم بعدها إلا أنهم لم يسلموا من اعتداءات أعراب قبيلة كندة التي كانت تستوطن المناطق ما بين مذحج و حضرموت (شرق مأرب والجوف حاليا) [43] وتوغلت قبيلة "بني جبلة بن عدي" التي ينتمي إليها الأشعث بن قيس في حضرموت وسيطروا على أجزاء منها وبقيت الأمور سجال بين "جبلة بن عدي" هولاء وحضرموت حتى الإسلام ودخلت حضرموت الإسلام بعد الكتاب الذي تلقوه من النبي محمد وكان وائل بن حجر الحضرمي كبير الأقيال في حضرموت حينها وجاء في الكتاب الذي كتب بلهجتهم [44] :
بسم الله الرحمن الرحيم.
من محمد رسول الله إلى الأقيال العباهلة الأرواع المشايب بحضرموت، في التيعة شاة غير مقورة الألياط ولا ضناك، وأنطوا الثبجة، وفي السيوب الخمس، ومن زنى ممبكر فاصقعوه مائة واستوفضوه عاماً، ومن زنى ممثيب فضرجوه بالأضاميم، ولا توصيم في الدين، ولا غمة في فرائض الله تعالى، وكل مسكر حرام ،و وائل بن حجر يترفل على الأقيال
—رسالة النبي محمد إلى أقيال حضرموت
ودخل وائل بن حجر في الإسلام وتبعته حضرموت ودخلت في دولة الخلفاء الراشدين والخلافات التي تبعتها.
د ممصطفى سليمان ابوالطيب الهوارى
إذا كنت تبحث عن محافظة حضرموت،
شبام/حضرموت
مملكة حضرموت هي مملكة عربية قديمة، قامت في اليمن وبدات في الألفية الاولى قبل الميلاد حتى ضمت في الدولة الحميرية. وكانت عاصمتها شبوة. وهي الوحيدة التي لا يزال اسمها باقيا على مساحة كبيرة منها [1]
قرية الهجرين بوادي دوعن/حضرموت
التسمية
ذكر اليونانيون و الرومان حضرموت بشئ من التحريف، ذكرها إراتوستينس باسم (لاتينية: Chatramotitae) ونبوفراستوس باسم (لاتينية: Hadramyta) وذكرها كتبة العهد القديم باسم (عبرية: חֲצַרְמָוֶת Hazar maveth) وحرفيا تعني " فناء الموت " [2] وأنه الابن الثالث من أبناء يقطان [3] ويعتقد أن كتبة التوراة تأثروا بالأساطير الإغريقية عن حضرموت وكونها " وادي الموت " الذي يتجنب أصحاب السفن المرور عبر سواحله، وكان ملوك حضرموت يفرضون الضرائب على الممرات البحرية والبرية الخاضعة لهم [4] وكانت العقوبة على من يحاول الإلتفاف أو العبور من طرق أخرى هي الموت [5] وكانت هذه السياسة سبب الأسطورة وراء " وادي " أو " فناء " الموت التي ارتبطت بأذهان الإغريق والرومان ومن خالطهم ودافعا لأليوس غالوس حاكم مصر الروماني لغزو اليمن ومحاولته التي بائت بالفشل لإسقاط حضرموت وسبأ [6] وسهلت للحميريين الإنقضاض على كلاهما [7] وحضرموت حسب نصوص العربية الجنوبية القديمة اسم أرض وقبيلة، مثل السبئيين كان يحكمهم أول الأمر كهنة يسمى أحدهم " مكرب " وتعني " المقرب من الآلهة " [8] ومن المكربيين الذين عثر على أسمائهم في النصوص " يرعش بن أبيشع " والذي بنا سورا حول حضرموت لحمايتها من غزو الأعداء و الحميريين تحديدا [9] وكلف بإنشاء السور رجل مقرب من هذا المكرب يدعى " شكم سلحن بن رضون " (شكيم سلحان بن رضوان) الذي إستغرقه بناء السور ثلاثة أشهر وبني في القرن الخامس قبل الميلاد [10] كان الهدف من بناء الأسوار وأبراج " يذان " و"يذقان " و" يكن " هو منع المارة من دخول حضرموت دون إشراف الجنود الذي أشار إليهم النص باسم "أسدم" [9] وتولى الحكم بعد المكرب "يرعش" ابنه "علهن" كما تظهر النصوص اسمه " علهن بن يرعش". ولا يعرف على وجه الدقة ماإذا كان آخر المكربيين في حضرموت لإن الحضارم تركوا لقب "مكرب" وتلقب زعمائهم بلفظة "ملك" وجعل فيلبي الملك " صدق إيل " أول ملوك حضرموت بعد المكاربة [9] ويظهر أن حضرموت كانت على اتصال وثيق بمعين لإن بعض ملوك معين كانوا ملوكا على حضرموت وبعض الحضارم كان ملكا على معين [11][12] و البت في تاريخ حضرموت القديم أمر صعب لإن الكتابات المكتشفة أقل بكثير من نظيرتها السبئية و الحميرية [13] نهاية حكم مملكة حضرموت كان على يد الملك الحميري شمر يهرعش في القرن الميلادي الثالث وانضموا إلى مملكة سبأ وذو ريدان
نبذة
قامت مملكة حضرموت في جنوبي شبه الجزيرة العربية إلى الشرق من اليمن على ساحل بحر العرب، في منطقة واسعة تحيط بها رمال كثيفة تُعرف بالأحقاف، واشتهرت بوجود مدينتيّ تريم وشبوة، حيث أقيمت حولهما قرى وقلاع عديدة. ويرجع اسم حضرموت إما إلى اسم شخص هو حضرموت بن قحطان، الذي نزل في هذا المكان فسُمي باسمه، أو أنه لُقّب بهذا الاسم لأنه كان إذا حضر حربًا أكثر فيها من القتل، وإما إلى معناها اللغوي "دار الموت" أو "وادي الموت" المأخوذ من اللغة العبرية.[15] عاصرت هذه المملكة ممالك معين وسبأ وقتبان، ودخلت عندما ضعفت، تحت حكم الدولة الحميرية الثانية. كانت عاصمتها القديمة "ميفعة"، ثم انتقلت إلى شبوة التي تأسست في القرن الثاني قبل الميلاد، وعاش أهلها على الزراعة والتجارة، حيث كانت تُصدّر اللبانوالبخور والمر برًا وبحرًا.[16] خضعت مملكة حضرموت للسبئيين، وقضى الحميريون عليها في منتصف القرن الرابع الميلادي
مملكة قتبان، وامتدت أراضيها لتشمل ما يعرف حالياً بالمهرة وإقليم ظفار الغني بأشجار اللبان شرقاً وفي أقصى اتساع لها غرباً وصلت السيطرة الحضرمية الى وادي المعسال جنوب مدينة رداع.
وتدل النقوش المكتشفة حديثاً على أنَّ صراعاً قوياً وقع بين مملكة حضرموت وجارتها قتبان، تعرضت فيه مدن كثيرة في حضرموت للدمار على أيدي القوات القتبانية. وعلى الرغم من ذلك نجد كل من قتبان وحضرموت تقدمان دعماً للمكرب الملك السبئي كرب إل وتر في حربه الواسعة التي قضى فيها على مملكة أوسان في القرن السابع قبل الميلاد.
سيطرت مملكة حضرموت لفترة طويلة على مناطق انتشار شجرة اللبان المادة الأساسية في صناعة البخور والطيوب، ومثل إنتاج اللبان وتسويقه مورداً أساسياً لمملكة حضرموت إلى جانب الإنتاج الزراعي الضخم الذي يأتي من استغلال أراضي وادي حضرموت الخصبة. وتؤكد النقوش وجود علاقة خاصة بين مملكة حضرموت ومملكة معين الناشئة أواخر القرن الخامس قبل الميلاد حيث نجد أكثر من ملك يحكم المملكتين معاً.
كانت حضرموت تتطلع دوماً إلى مد نفوذها نحو الغرب، ولم يعيقها إلا وجود مملكة قتبان؛ لذلك كانت حضرموت طرفاً رئيسياً في الصراع الذي دار في منتصف القرن الثاني للميلاد وأدى إلى انهيار قتبان، وسيطرت حضرموت على معظم الأراضي القتبانية. وفي أواخر القرن الثاني للميلاد تحالف يدع أب غيلان ملك حضرموت مع الملك السبئي علهان نهفان وهو التحالف الذي ضم ملك الحبشة وكان موجهاً ضد الريدانيين. وتم تعزيز التحالف بمصاهرة سياسية بين الأسرتين الحاكمتين في سبأ وحضرموت. بعد أن حقق التحالف الجزء الأكبر من أهدافه وهو كسر شوكة الريدانيين. تعرضت مملكة حضرموت لثورة عرفت باسم ثورة أحرار يهبئر، الأمر الذي جعل الملك السبئي شاعر أوتر يرسل قواته لمناصرة صهره إل عز يلط ملك حضرموت وتم لهما القضاء على الثورة وإعادة ملك حضرموت إلى منصبه.
لم يمضِ وقت طويل حتى ساءت العلاقات بين الملكين وأرسل الملك شاعر أوتر قواته من جديد ولكن هذه المرة لمهاجمة أراضيها وإسقاط ملكها واستعادة أخته (ملك حلك)، وبالفعل نجحت تلك القوات في اقتحام العاصمة شبوة واستعادت أخت الملك وأسرت زوجها إل عز يلط ملك حضرموت واقتادته الى العاصمة السبئية مارب ليلاقي حتفه هناك. بعد ذلك سيطرت أسرة حضرمية جديدة من أحرار يهبئر على الحكم بزعامة يدع إل بين بن رب شمس، وفي عهد الملك الريداني كرب إل أيفع وقعت معركة بين قواته وبين قوات إل ريام يدم ملك حضرموت بن يدع إل بين حقق فيها الريدانيون نصراً كبيراً.
كانت تلك المعركة آخر ما وصلنا من معلومات عن مملكة حضرموت، حيث تختفي أخبارها حتى نهاية القرن الثالث حين أرسل الملك الريداني شمر يهرعش قواته الى حضرموت واستطاعت تلك القوات من اسقاط الحكم القائم وضم أراضي حضرموت إلى سلطة الريدانيين وعاصمتهم ظفار
النشأة
لحضرموت علاقة متينة بمعين أقوى من علاقتها بالحميريين والسبئيين. ففي نص يعود إلى 935 ق.م، ورد اسم ملك يدعى "شهر علن بن صدق إيل " كان ملكا حضرموت إلى جانب ملك معيني آخر يدعى " أب يدع يثع " وكانوا إخوة [11] تقربوا لإلهتهم " عثتر ذو قبضم " (عثتر ذو قبض) و"ود" (ود المشهور في الميثولوجيا العربية قبيل الإسلام) و"نكرح" [12] وذكر نفس النص العلاقات القوية التي كانت تربط حضرموت بمعين. وتشير النصوص تعود إلى عهد هذا الملك إلى معركة نشبت بين قبيلتين تابعتين له هما "مذي" و"مصران" ودون النص رجل يدعى " سعد بن ولج بن ذو ضفجن " وذكر أن ملوك حضرموت ومعين كانا من أسرة تدعى "ذو يفعن " (آل يفعان) [12][17] تشير بعض النصوص كذلك إلى أسماء ملوك هم " يدع آل بين " و" السمع ذبيان " و" يدع أب غيلان" وغيلان هذا أكثر وضوحا وتفصيلا ممن جاء قبله من الملوك حسب الكتابات المكتشفة [18] وقد تحالف " يدع أب غيلان " مع أحد ملوك سبأ وهو الملك الهمداني " علهن نفهن " ضد الحميريين وأنتصر عليهم الحلف في موقع "ذات عرمن" (ذات العرم) [19] تولى الحكم بعد "غيلان" ملك يدعى " العزيلط" (العز يلط) وقال فيلبي أنه ابن لغيلان [20] وعثرت كتابات في جبل قيل له "قرنم" (القرن) على اسم الملك "العزيلط" وعدد من مرافقيه ذكرت أسمائهم كذلك وهم "شهرم بن وايلم" (الشهر بن وائل) و"أبفل بن القثم " و" وهب إيل هكحد" [21] وورد في النص نفسه اسم والد "العزيلط" وهو " عمذخر" وهو مايعارض توجه فيلبي أن والد العزيلط كان يدع أب غيلان [22] ويشير نص آخر يعود لعهد الملك نفسه إلى توجهه إلى حصن يقال له "أنود" لتتويج نفسه ملكا على حضرموت، كتب النص زعيمان من زعماء حمير [23] وذكر حصن "أنود" هذا عدة مرات ويشير إلى نفس المناسبة وهي تولي أحد الملوك الحكم ويظهر أنه كان أحد الأماكن المقدسة لديهم [24] ونص النقش هو "العزيلط ملك حضرموت بن عمذخر سارن دلن أنود هلقب" وتعني (العزيلط بن عمذخر ملك حضرموت سار إلى أنود ليتلقب) [23] ويظهر أنه كان معاصرا لملك سبأ "ثارن يهنعم" كما يشير النص إلى رجلان مبعوثان من عنده لتهنئة ملك حضرموت. ويعتقد بعض الباحثين أن "العزيلط" كان لقبا أكثر مما هو اسم لوروده في نقوش ملوك حضارم أخرىن [25][26][27] وورد في كتابات تشير إلى ملك باسم "العزيلط" استقبل وفودا تجارية من الهند و تدمر وآراميون ومن قبيلة اسمها "قريشم" [28] ولا يدرى إن كانت "قريشم" هذه هي قبيلة قريش صاحبة مكة فلم يذكر النص موطنها, فإن كانت فهذا النص يعتبر النص الأركيولوجي الوحيد الذي يشير إليها قبل الإسلام [29] وتكمن أهمية في النص في الإشارة إلى علاقة ممالك اليمن القديمة بغيرها من دول العالم القديم عن طريق ميناء قنا الذي يبعد عن المكلا قرابة 120 كيلومتر. وذكر اسم ملك حضرمي هو "يدع ايل بن رب شمس" من قبيلة ذكرها النص باسم "يهبر" وأنه كان من "أحرر يهبر" (أحرار يهابر) [22] ويعود النص إلى سنة 180 - 200 للميلاد. ويظهر من نصوص أخرى تعود إلى عصر الملك نفسه أنه كان متحالفا مع مملكة قتبان ضد سبأ وذكرت أسماء القبائل المشاركة في الحرب وهي " ذرحن" (ذرحان) و"مرثد" من طرف سبأ و"خولن" (خولان) و"خصبح" و"مفحى" و"يام" و"كلب" في طرف ملك حضرموت [30] وورد كذلك نقش جاء فيه :"رب شمس خير اسدم بن يدع آل بين" أي (رب شمس أمير جنود أو أسود يدع آل بين) مما يظهر قيادة هذا الملك للجيش الذي حارب السبئيين في شبوة [31]
الديانة
كان الحضارم وثنيين يتعبدون للإله سين الذي كان إلها للبابليين والآشوريين كذلك
[32] [33] وكانوا الوحيدين دون السبئيين و القتبانيين و الحميريين ممن قدس هذا الإله وجعله كبيرا للآلهة، لإن السبئيين والحميريين قدسوا المقه و ذو سماوي من بعده [34][35] وهو مالم يظهر في حضرموت قبل إندماجهم في مملكة سبأ وذو ريدان على اليد الملك الحميري شمر يهرعش الذي أنزل الخراب على كثير من المدن وأحرقها كما جرت عادة ملوك اليمن القدامى مع أعدائهم [36] إلا أنهم أشتركوا مع غيرهم من ممالك اليمن القديم في تقديس عدد من الأصنام هي "عثتر" و" ذات حميم" و" ذات حشول" [32] و ذات حشول وحميم كانوا إناثا [37] وورد نص يشير إلى تقديم الملك "يدع إيل بن رب شمس " أضحية في معبد "علم" في شبوة عبارة عن 35 ثور و 82 خروف و 25 غزال و 8 فهود إلى الإله سين شكرا له على النجاح الذي حققه في طرد السبئيين من شبوة وإعادة إعمار المدينة من جديد بعد أن أحرقتها سبأ [38] ولم تذكر النصوص الحميرية حضرموت في جملة من اعتنق اليهودية في عهد يوسف آزار يثأر فقد ذكرت همدن (همدان) و كدت (كندة) و مذحجم (مذحج) ضمن من تهودوا وانضموا إلى ذو نواس الحميري في معاركه ولم تذكر حضرموت [39] وآمنت حضرموت بالمسيحية عند اعتناق الملوك الحميريين الذين وحدوا اليمن لها في القرن الميلادي الرابع [40] ولم يتركوها وكانوا ممن تعرض لمجازر ذو نواس والقبائل المذكورة التي كانت معه [41]
السقوط
انتهى حكم مملكة حضرموت في القرن الميلادي الثالث على يد شمر يهرعش وبقيت ضمن ممالك "ملوك سبأ وذو ريدان وحضرموت واليمن وتهامة والمرتفعات" إلى القرن الميلادي السادس عند سقوط مملكة حمير على يد مملكة أكسوم بدعم من ملك القسطنطينية جستين الأول [42] عاد بعض الاستقلال للحضارم بعدها إلا أنهم لم يسلموا من اعتداءات أعراب قبيلة كندة التي كانت تستوطن المناطق ما بين مذحج و حضرموت (شرق مأرب والجوف حاليا) [43] وتوغلت قبيلة "بني جبلة بن عدي" التي ينتمي إليها الأشعث بن قيس في حضرموت وسيطروا على أجزاء منها وبقيت الأمور سجال بين "جبلة بن عدي" هولاء وحضرموت حتى الإسلام ودخلت حضرموت الإسلام بعد الكتاب الذي تلقوه من النبي محمد وكان وائل بن حجر الحضرمي كبير الأقيال في حضرموت حينها وجاء في الكتاب الذي كتب بلهجتهم [44] :
بسم الله الرحمن الرحيم.
من محمد رسول الله إلى الأقيال العباهلة الأرواع المشايب بحضرموت، في التيعة شاة غير مقورة الألياط ولا ضناك، وأنطوا الثبجة، وفي السيوب الخمس، ومن زنى ممبكر فاصقعوه مائة واستوفضوه عاماً، ومن زنى ممثيب فضرجوه بالأضاميم، ولا توصيم في الدين، ولا غمة في فرائض الله تعالى، وكل مسكر حرام ،و وائل بن حجر يترفل على الأقيال
—رسالة النبي محمد إلى أقيال حضرموت
ودخل وائل بن حجر في الإسلام وتبعته حضرموت ودخلت في دولة الخلفاء الراشدين والخلافات التي تبعتها.
د ممصطفى سليمان ابوالطيب الهوارى