آل نصر مع قبائل بني هلال المهاجرة ( التغريبة )
_________________________
هجرة بني هلال من أشهر الهجرات العربية إلى شمال أفريقيا هي الهجرة الهلالية (بنو هلال) في القرن الخامس الهجري/ الحادي عشر الميلادي و تعرف " بالهجرة الهلالية " في التراث الشعبي العربي , فيما يصفها ابن خلدون بانتقال العرب إلى أفريقيا . و تعرف كذلك " بالهجرة القيسية " نسبة إلى ان اغلب القبائل المهاجرة تندرج تحت الفرع القيسي من العرب العدنانية .
و بالرغم ان بني هلال و بني سليم شكلوا أكبر القبائل المهاجرة الا انها ضمت قبائل هوازنية أخرى كجشم و سلول و( دهمان بن نصر ) والمنتفق و ربيعة و خفاجة و سعد و كعب و سواءة و كلاب و قبائل قيسية كفزارة و اشجع و عبس و عدوان و فهم و قبائل مضرية كهذيل و قريش و تميم و عنزة بل و قحطانية كجذام و كندة و مذحج .
وقد كان بنو هلال وبنو سليم و من جاء معهم من القبائل يقيمون في المنطقة الممتدة بين الطائف ومكة، وبين المدينة ونجد، وشاركوا في الفتوحات العربية الإسلامية ، ألا انهم احتفظوا بثقلهم و طابعهم البدوي في الجزيرة العربية حتى تاريخ هجرتهم 440 هـ . واستقرت هذه القبائل في شمال أفريقيا, وشاركت هذه القبائل في الحروب والفتوحات والصراعات السياسية والعسكرية التي قامت في المنطقة وفي حوض المتوسط، وكان لها الأثر الحاسم في تعريب شمال أفريقيا .
أما عن مواطنهم فقد تعددت مواطن هذه القبائل عبر التاريخ فكانت لها مواطنها في شبه الجزيرة العربية في الجاهلية ثم مواطن أخرى بعد ظهور الإسلام. وهكذا أثرت الأحداث والتحولات التي عرفتها جزيرة العرب والعالم الإسلامي في تغير مواطنها ، كما أثرت تلك التحولات على الخريطة البشرية في مناطق متعددة من البلدان التي وصلها الفتح الإسلامي . وأول ما يعرف عن مواطن تلك القبائل وتجمع المصادر أنها كانت تقطن الجزيرة العربية ثم هجرتها إلى الشام والعراق ومصر، ومنها انتقلت تلك القبائل العربية إلى المغرب. وقد كان بنو هلال وبنو سليم مقيمين قبل ظهور الإسلام في نجد، وهذه المنطقة كثيرة الأودية والهضاب ، وعرفت باعتدال مناخها وندرة أمطارها. وعن تلك المواطن يتحدث ابن خلدون "كانت بطون هلال وسليم من مصر لم يزالوا بادين منذ الدولة العباسية، وكانوا أحياء ناجعة بمجالاتهم من فقر الحجاز بنجد: فبنو سليم مما يلي المدينة وبنو هلال في جبل غزوان عند الطائف وربما كانوا يطوفون رحلة الصيف والشتاء أطراف العراق والشام...". كما سميت بإسم بني هلال مواطن كثيرة، منها بنو هلال قرية قديمة من أعمال الشرقية، وبنو هلال بالبحيرة تابعة لمركز دمنهور، وبنو هلال بقسم سوهاج. وكانت القبائل الهلالية في اغلبها قبائل بدوية ظاعنة وتنتقل ما بين البصرة ومكة من ناحية، وما بين مكة ويثرب من ناحية أخرى ومن المعلوم عنها أنها كانت تدين بالوثنية مثل بني هلال وبني سليم، فبنو هلال يعبدون صنم ذو الخلصة مع خثعم وبجيلة .
وقد كان بنو سليم "يسكنون عالية نجد قرب خيبر، في أماكن تسمى الحرة مثل حرة بني سليم. ويقول البعض بأن لسليم وهلال مواطن في العراق، ومن ذلك أن مجموعة منهم إتخذوا لهم محلة بوادي الكوفة حوالي 120هـ وكان هذا المكان يعرف بمسجد بني هلال، كما استوطن بنو هلال بنواحي حلب والموصل ونزلوا المنازل التي كانت قبلهم لربيعة وكهلان. "أما في مصر فإن صاحب الخراج فيها استقدم إلى الجوف الشرقي أيام هشام بن عبد الملك الأموي عام 109هـ أبياتا قيسية في نصر بن معاوية وعامر بن صعصعة وغيرهما من بطون هوازن". وينحى المقريزي هذا المنحى عندما يقول: أن عبيد الله بن الحبحاب لما ولاه هشام مصر قال: ما أرى لقيس فيها حظا إلا لناس من جديلة وفهم فيهم وعدنان" فكتب إلى هشام: "أن أمير المؤمنين أطال الله بقاءه قد شرف هذا الحي من قيس ونعشهم ورفع من ذكرهم وأني قدمت مصر فلم أر لهم فيها حظا إلا أبياتا من فهم، وفيها كور ليس فيها أحد وليس يضر بأهلها نزولهم معهم ولا يكسر خراجا وهو بلبيس فإن رأي أمير المؤمنين أن ينزلها هذا الحي من قيس فليفعل" فكتب إلى هشام: "أنت وذلك" فبعث إلى البادية فقدم عليه مائة أهل بيت من ( بني نصر ) ومائة أهل بيت من بني سليم فأنزلهم بلبيس وأمرهم بالزرع". وكان ذلك في بداية القرن الثاني للهجرة، وإستيطان هذه المجموعات إنعكس على المجموعات الأخرى التي بقيت قابعة بالجزيرة حيث تشكوا شظف العيش، وذلك مما دفع هذه الأخيرة إلى مغادرة البادية، والهجرة إلى مصر للإستيطان بالقرب من القبائل الأخرى.
ويبدو الحديث غامضا حول الأهداف الكامنة من وراء الهجرة القسرية لهذه القبائل، فهل يعود قرار هشام في نقل هذه القبائل القيسية من الجزيرة العربية إلى مصر إلى رغبة الأمويين في تعمير منطقة بلبيس بالسكان؟ وهل أراد الأمويون وضع حدا لتكاثر العناصر القحطانية في تلك الجهة ، وإقامة نوع من التوازن العددي بين عرب الشمال وعرب الجنوب ؟
إعداد وتجميع
د مصطفي سليمان أبو الطيب الهواري
رئيس جمعيه أبناء هوارة الخيرية
رئيس جمعيه أبناء أسيوط عبدالقادر بالاسكندرية ا
مؤرخ وباحث في تاريخ القبائل العربية والمصرية بمصر والوطن العربي
_________________________
هجرة بني هلال من أشهر الهجرات العربية إلى شمال أفريقيا هي الهجرة الهلالية (بنو هلال) في القرن الخامس الهجري/ الحادي عشر الميلادي و تعرف " بالهجرة الهلالية " في التراث الشعبي العربي , فيما يصفها ابن خلدون بانتقال العرب إلى أفريقيا . و تعرف كذلك " بالهجرة القيسية " نسبة إلى ان اغلب القبائل المهاجرة تندرج تحت الفرع القيسي من العرب العدنانية .
و بالرغم ان بني هلال و بني سليم شكلوا أكبر القبائل المهاجرة الا انها ضمت قبائل هوازنية أخرى كجشم و سلول و( دهمان بن نصر ) والمنتفق و ربيعة و خفاجة و سعد و كعب و سواءة و كلاب و قبائل قيسية كفزارة و اشجع و عبس و عدوان و فهم و قبائل مضرية كهذيل و قريش و تميم و عنزة بل و قحطانية كجذام و كندة و مذحج .
وقد كان بنو هلال وبنو سليم و من جاء معهم من القبائل يقيمون في المنطقة الممتدة بين الطائف ومكة، وبين المدينة ونجد، وشاركوا في الفتوحات العربية الإسلامية ، ألا انهم احتفظوا بثقلهم و طابعهم البدوي في الجزيرة العربية حتى تاريخ هجرتهم 440 هـ . واستقرت هذه القبائل في شمال أفريقيا, وشاركت هذه القبائل في الحروب والفتوحات والصراعات السياسية والعسكرية التي قامت في المنطقة وفي حوض المتوسط، وكان لها الأثر الحاسم في تعريب شمال أفريقيا .
أما عن مواطنهم فقد تعددت مواطن هذه القبائل عبر التاريخ فكانت لها مواطنها في شبه الجزيرة العربية في الجاهلية ثم مواطن أخرى بعد ظهور الإسلام. وهكذا أثرت الأحداث والتحولات التي عرفتها جزيرة العرب والعالم الإسلامي في تغير مواطنها ، كما أثرت تلك التحولات على الخريطة البشرية في مناطق متعددة من البلدان التي وصلها الفتح الإسلامي . وأول ما يعرف عن مواطن تلك القبائل وتجمع المصادر أنها كانت تقطن الجزيرة العربية ثم هجرتها إلى الشام والعراق ومصر، ومنها انتقلت تلك القبائل العربية إلى المغرب. وقد كان بنو هلال وبنو سليم مقيمين قبل ظهور الإسلام في نجد، وهذه المنطقة كثيرة الأودية والهضاب ، وعرفت باعتدال مناخها وندرة أمطارها. وعن تلك المواطن يتحدث ابن خلدون "كانت بطون هلال وسليم من مصر لم يزالوا بادين منذ الدولة العباسية، وكانوا أحياء ناجعة بمجالاتهم من فقر الحجاز بنجد: فبنو سليم مما يلي المدينة وبنو هلال في جبل غزوان عند الطائف وربما كانوا يطوفون رحلة الصيف والشتاء أطراف العراق والشام...". كما سميت بإسم بني هلال مواطن كثيرة، منها بنو هلال قرية قديمة من أعمال الشرقية، وبنو هلال بالبحيرة تابعة لمركز دمنهور، وبنو هلال بقسم سوهاج. وكانت القبائل الهلالية في اغلبها قبائل بدوية ظاعنة وتنتقل ما بين البصرة ومكة من ناحية، وما بين مكة ويثرب من ناحية أخرى ومن المعلوم عنها أنها كانت تدين بالوثنية مثل بني هلال وبني سليم، فبنو هلال يعبدون صنم ذو الخلصة مع خثعم وبجيلة .
وقد كان بنو سليم "يسكنون عالية نجد قرب خيبر، في أماكن تسمى الحرة مثل حرة بني سليم. ويقول البعض بأن لسليم وهلال مواطن في العراق، ومن ذلك أن مجموعة منهم إتخذوا لهم محلة بوادي الكوفة حوالي 120هـ وكان هذا المكان يعرف بمسجد بني هلال، كما استوطن بنو هلال بنواحي حلب والموصل ونزلوا المنازل التي كانت قبلهم لربيعة وكهلان. "أما في مصر فإن صاحب الخراج فيها استقدم إلى الجوف الشرقي أيام هشام بن عبد الملك الأموي عام 109هـ أبياتا قيسية في نصر بن معاوية وعامر بن صعصعة وغيرهما من بطون هوازن". وينحى المقريزي هذا المنحى عندما يقول: أن عبيد الله بن الحبحاب لما ولاه هشام مصر قال: ما أرى لقيس فيها حظا إلا لناس من جديلة وفهم فيهم وعدنان" فكتب إلى هشام: "أن أمير المؤمنين أطال الله بقاءه قد شرف هذا الحي من قيس ونعشهم ورفع من ذكرهم وأني قدمت مصر فلم أر لهم فيها حظا إلا أبياتا من فهم، وفيها كور ليس فيها أحد وليس يضر بأهلها نزولهم معهم ولا يكسر خراجا وهو بلبيس فإن رأي أمير المؤمنين أن ينزلها هذا الحي من قيس فليفعل" فكتب إلى هشام: "أنت وذلك" فبعث إلى البادية فقدم عليه مائة أهل بيت من ( بني نصر ) ومائة أهل بيت من بني سليم فأنزلهم بلبيس وأمرهم بالزرع". وكان ذلك في بداية القرن الثاني للهجرة، وإستيطان هذه المجموعات إنعكس على المجموعات الأخرى التي بقيت قابعة بالجزيرة حيث تشكوا شظف العيش، وذلك مما دفع هذه الأخيرة إلى مغادرة البادية، والهجرة إلى مصر للإستيطان بالقرب من القبائل الأخرى.
ويبدو الحديث غامضا حول الأهداف الكامنة من وراء الهجرة القسرية لهذه القبائل، فهل يعود قرار هشام في نقل هذه القبائل القيسية من الجزيرة العربية إلى مصر إلى رغبة الأمويين في تعمير منطقة بلبيس بالسكان؟ وهل أراد الأمويون وضع حدا لتكاثر العناصر القحطانية في تلك الجهة ، وإقامة نوع من التوازن العددي بين عرب الشمال وعرب الجنوب ؟
إعداد وتجميع
د مصطفي سليمان أبو الطيب الهواري
رئيس جمعيه أبناء هوارة الخيرية
رئيس جمعيه أبناء أسيوط عبدالقادر بالاسكندرية ا
مؤرخ وباحث في تاريخ القبائل العربية والمصرية بمصر والوطن العربي