الليبو والمشواش والتحنو والتمحو
قبائل الليبو والمشواش والتحنو والتمحو ( من هم ) ..
قبائل
الليبو والمشواش والتحنو والتمحو
اختلف في نسب البربر اختلافاً كثيراً، فذهبت طائفة من النسابين إلى أنهم من العرب ثم اختلف في ذلك فقيل أوزاع من اليمن، وقيل من غسان وغيرهم تفرقوا عند سيل العرم، وقيل خلفهم أبرهة ذو المنار أحد تبابعة اليمن حين غزا المغرب، وقيل من ولد لقمان بن حمير بن سبإ بعث سرية من بنيه إلى المغرب ليعمروه فنزلوا وتناسلوا فيه، وقيل من لخم وجذام كانوا نازلين بفلسطين من الشام إلى أن أخرجهم منها بعض ملوك فارس فلجأوا إلى مصر فمنعهم ملوكها من نزولها فذهبوا إلى المغرب فنزلوه، وذهب قوم إلى أنهم من ولد نقشان بن إبراهيم الخليل عليه السلام.
وذكر الحمداني أنهم من ولد بر بن قيذار بن إسماعيل عليه السلام، وأنه ارتكب ذنباً فقال له أبوه: البر البر، اذهب يا بر فما أنت ببر. قيل أيضا إنهم من ولد بربر بن كسلاجيم بن حام بن نوح، وقيل من ولد ثميلا بن ماراب بن عمرو بن علماق بن لاوذ بن إرم بن سام بن نوح، وقيل من ولد قبط بن حام بن نوح، وقيل أخلاط من كنعان والعماليق، وقيل من حمير ومصر والقبط، وقيل من ولد جالوت ملك بني إسرائيل وإنه لما قتله داود تفرقوا في البلاد، فلما غزا أفريقش المغرب نقلهم من سواحل الشام إلى المغرب... (صبح الأعشى بتصرف، أحمد بن علي القلقشندي).
هناك من جهة أخرى من يرى أن أصل سكان المغرب الأقدمين إنما يتأصل في أوروبا، إذ ثمة معطيات لغوية وبشرية كثيرة تشير إلى أن الإنسان الأمازيغي يمت بشكل أو بآخر بصلة إلى الجنس الوندالي الجرماني، والذي سبق له وأن استعمر شمال أفريقيا. ويذهب البعض إلى أن البربر عنصر بشري قد يكون قدم من شرق البحر الأبيض المتوسط خلال العصر البرونزي في حدود القرن الثامن قبل ميلاد المسيح. ويذهب البعض إلى أن البربر ينتسبون إلى يافت بن نوح عليه السلام خرجوا من الهند إلى فارس، إلى القوقاز، فالشمال الأوربي بفيلاندا واسكندينافيا، ثم فرنسا وإسبانيا قبل أن يستقروا بشمال إفريقيا. ومن هنا يفسر التشابه في النطق وبياض البشرة وزعورة الشعر التي نجدها عند العديد من أبناء البربر.
هذا التفسير ينطوي طبعا على مؤشرات قد تكون مغلوطة، خصوصا وأنها تركز أولا على الناحية اللغوية، فتدعي أن ثمة تماثلا لغويا بين الأمازيغية ولغة الوندال التي هي الجرمانية. لكن هذا التماثل لا يتعدى الجانب المعجمي حيث أن هناك بعض الكلمات الأمازيغية المعدودة التي لها مقابلات لفظية وليس دلالية في الجرمانية، وتستند ثانيا إلى ذلك التشابه الكائن بين ملامح البربر والأوروبيين كلون العينين الأزرق، ولون الشعر الأشقر وغير ذلك، غير أن هذا الدليل يظل نسبيا مادام أن الأوروبيين قد استعمروا بلاد الشمال الأفريقي غير ما مرة، لذلك ليس ببعيد أن يكون قد تم التزاوج والتمازج بين هذين الجنسين، مما نتج عنه ظهور أجيال أمازيغية تحمل ملامح أوروبية.
ويرتكز آخرون على الرأي القائل بوجود صلة بين الإسبان الباسك والبربر على طروحات معجمية متشابهة، وأول من نحى هذا المنحى هو الفرنسي (L. de Gèzeen ) سنة 1885، ثم تبعه الألماني (G. Von der Gabelenz) سنة 1894. وقد تعزز هذا الطرح بمقالات كتبها سنة 1964 (HANS G. Mukarovsky) مفادها أن لغة سبقت لغة البربر سماها اللغة الموريتانية انتقلت من الصحراء، حيث كان يعيش البربر الطوارق، إلى بلاد الباسك بإسبانيا. بقايا هذه اللغة هو ما يشكل الموروث اللغوي المشترك بين الباسك والبربر، إضافة إلى تشابه كبير بين نظام الكتابة الباسكية ونظام الكتابة الليبية القديمة. ولم يتوقف الإفتراض عنذ هذا الحد، بل، ومنذ سنة 1995، اعتمدت الأبحات التي يقوم بها العالم Antonio Arnaiz في إسبانيا على إبراز رصيد جيني مشترك بين البربر بالقبايل الجزائرية والبسكيين بإسبانيا. (للمزيد من المعلومات اطلع على ما كتبه الدكتور M. A. Haddadou).
وعموما يبقى الرأي الذي يدافع عنه أصحاب النزعة الأمازيغية هو أن الإنسان الأمازيغي لم يهاجر إلى شمال أفريقيا من أي منطقة كانت، وإنما كان فيها منذ بداية تاريخ الإنسانية. ويعترف الإغريق قديما أن الأمازيغ أحد الشعوب الأقدم في العالم. لكن، قد ينطوي بدوره هذا الطرح الثالث على نزعة انفصالية تريد أن تجمع البربر تحت أصل واحد وتفرق بينهم وبين العرب وتقضي نهائيا على كل دعوى لانتساب مشترك.
هذا عن أصلهم، أما عن دلالة تسميتهم بالبربر فهناك من يرجع كلمة بربر إلى النظرة الإستعلائية للإغريق حيث سموا كل ناطق بغير الإغريقية بارباروس ، وهناك من يرجعه إلى الكلمة الرومانية اللاتينية برابرة كتعبير قدحي عن الشعوب التي توجد خارج الحضارة أو يصم البربر بكونهم رحل لم يسبق أن جمعهم كيان سياسي لتشكيل دولة بالمفهوم القديم للدولة عند الإغريق أو الرومان مثلا. وقد ذهب كثير من المؤرخين الأوربيون إلى أن البربر كانوا دائما يميلون إلى التمرد، وبالتالي إلى التخلص من كل من يسعى إلى إحكام قبضته عليهم وتنظيمهم، وقد نتج من ذلك تتابع الثورات والفتن وعدم التفكير في بناء كيان حضاري متمدن واسع.
إلا أن العرباوي يذهب إلى أن: البربر وهو اسم عربي قديم، ليس خاصا بسكان شمال إفريقيا وحدهم بل كان يطلق أيضا علي جماعات بالعراق وشرق إفريقيا ولا علاقة له البتة بكلمة varvaras اليونانية ولا كلمة Barbarus اللاتينية. وكلمة البربر ذات الطابع البدوي الصحراوي، اكتسبت قيمتها التاريخية منذ مجيء العرب المسلمين حيث صارت منذ ذلك الزمن علما متميزا يطلقه الناس جميعا علي سكان شمال أفريقيا، بعيدا تماما عن معاني الاستنقاص الموجودة في اللغتين اليونانية واللاتينية. (محمد المختار العرباوي، مجلة الآداب المصرية).
وأيا كان المبرر، فإننا نعتبر أن كلمة بربر قد تطور معناها وأصبحت إسم علم يشير إلى شعوب شمال إفريقيا بالبلاد الممتدة من المحيط الأطلسي إلى حدود مصر الغربية بصحراء سيوة، ومن البحر الأبيض المتوسط إلى جنوب الصحراء الكبرى. لذا، فإننا لا نرى غضاضة في استعمال كلمة بربر (Berbères/Berbers) للإشارة إلى سكان المغرب الأولون، بل نفضل استعمالها في بعض الأحيان، أولا لأنه الإسم المعروف في اللغات الأجنبية، وثانيا حتى لا ندخل في نقاشات جوفاء حول كلمتي بربر و أمازيغ ، تاركين النقاش الحقيقي الذي نسعى إلى إبراز معالمه عبر القراءة المتأنية والمعمقة لتاريخ المغرب عامة، وتاريخ البربر خاصة.
إن الشعب الذي تواجد بأرضه منذ ما يزيد عن 33 قرنا (أنظر كتاب ثلاثة وثلاثين قرنا من تاريخ الأمازيغيين – العلامة محمد شفيق)، وحافظ على لغته وثقافته وعاداته أمام اكتساح فينيقي وإغريقي وفارسي ووندالي وروماني وبزنطي وعربي وأوربي، والشعب الذي انحدر منه ملوك وكتاب ورجال دين عظام، لا يمكن أن تلصق به كلمة البرابرة (Barbares) في مفهومها القدحي. وأيا كان، فإننا نعتبر الكلمة قد تطور مفهومها لتدل على شعب أصيل تميز بموضوعيته وتواضعه وواقعيته.
أما اليوم، فيذهب البعض إلى أن البربري أو الأمازيغي هو كل من يتكلم اللغة الأمازيغية. إنهم يعتبرون أن الأسس التي تسعفهم أكثر لتحديد إمازيغن هي اللغة، ويبررون ذلك بكون مجال الثقافة واسع لا يمكن ضبطه، وأنها، أي الثقافة، إضافة إلى ذلك، تتطور في اتجاهات مختلفة من رقعة جغرافية إلى أخرى، خصوصا أن مناطق تواجد البربر تنفصل عن بعضها البعض جغرافيا، أي أنها تمثل جزرا متفاوتة المساحة يحيط بها العرب من كل حذب وصوب. ويخلص أصحاب هذا الرأي إلى أن تعريف البربر كشعب، هو ذاك الشعب الذي يتكلم لغة مميزة تسمى الأمازيغية، وإن اختلفت لهجاتها من منطقة إلى أخرى، فإن هناك رصيد مشترك قد يصل ستين في المائة إذا استثنينا طريقة النطق وتعويض حرف بحرف آخر، من منطقة إلى أخرى.
وإن كان هذا التميز والتصنيف اللغوي هو المعتمد اليوم عموما للحديث عن البربر، إلا أننا نظن من جهتنا بأن الإحساس بالإنتماء إلى الكيان الأمازيغي هو أولا إثني، ثم مجالي، ثم ثقافي واسع... وأخيرا لغوي محصور. ومن ثم فإن الإنتماء الإثني يدخل في خانة البربر الكثيرين من أصحاب اللسان العربي الذين عربوا على مر القرون منذ دخول الإسلام وهيمنة اللغة العربية على بلاد البربر، وكذا الذين هاجر آباؤهم إلى الحواضر، واضطروا إلى الحديث باللسان العربي الدارج، أو أبناء الذين تزوجوا عربيات وغلب اللسان العربي في بيوتهم، أو الذين صاحبوا الفاطميين إلى مصر ولبنان (قبيلة كتامة)، أو الذين هاجروا إلى الأندلس وبقوا بها أو حملوا جنودا أو عبيدا إلى الكارييب وكوبا وأمريكا الشمالية والجنوبية، أو الذين هاجروا إلى أوربا طلبا للرزق في العهود الحديثة... واللائحة تطول.
لا نرى أي مبرر لغلق الحلقة واقتصارها على الذين يتكلمون اليوم اللغة الأمازيغية فقط. إن تحديد البربر في المتكلمين للأمازيغية يعد تجنيا على شعب عريض قد نسعى إلى جعله أقلية بشرية في وطنه الأصلي. لذا يجدر بنا في الحقيقة أن نميز بين أمرين اثنين: البربر كشعب يمثل أغلبية (Berbères - Berbers)، والناطقين باللغة الأمازيغية الذين أصبحوا يمثلون أقلية في بعض دول المغرب الكبير (Berbèrophones - Amazighophones).
يميل أصحاب النزعة الأمازيغية إلى تسمية البربر بالأمازيغ. ولربما هذه التسمية الموحدة هي رغبة في التخلص من الإسم الذي التصق بهم عبر التاريخ، أي البربر، أو هي كذلك محاولة لتجميع جميع مكونات البربر تحت أصل واحد مشترك (رأي الأستاذ محمد شفيق). يتكلم البربر تمازيغت، أي اللغة الأمازيغية، وتعني لفظة أمازيغ : الرجل الحر النبيل. وقد ذكر الإدريسي المعروف بالشريف من علماء القرن الثاني عشر الميلادي، مرسى على المحيط الأطلسي ترد عليه مراكب الأندلس يسمّى "مرسى مازيغن" أو مزاغان (كتاب نزهة المشتاق...، للشريف الإدريسي، حقّقه ونقله محمد حاج صادق).
ويقول العرباوي: تؤكد المصادر من يونانية ولاتينية أنّ إسم أمازيغ قديم جدّاً، كان معروفا في العهد الفينيقي، وورد بصيغ متعددة منها "مازيس" والتحريف الطارئ عليها ناجم من ناحية عن صعوبة النطق بكلمة "أمازيغ" في حد ذاتها، وناجم من ناحية ثانية عمّا يوجد بين اللّغات ـ في حالات النقل ـ من اختلاف في أصول الأصوات، وهو أمر يصعب تفاديه لدى تلك الجماعات الأوروبية من إغريق ولاتين وغيرها. ونجد في الأخبار المتفرقة أن "مازيس" كان يطلق على شعب قوي أقلق الرومان كثيراً بثوراته، وتذكر المصادر البيزنطية أنه كان أيضاً يطلق على أهل أفريقية. ومن المعاصرين الذين تعرّضوا لهذا الإسم المؤرّخ شارل أندري جوليان الذي قال: وقد أطلق الإسم على قبائل عديدة قبيل الاحتلال الروماني . ويضيف عالم البربريات رسل: والجدير بالملاحظة أننا نعرف من المكتشفات الحديثة أن اللوبيين كانوا يطلقون على أنفسهم اسم "أمازيغ" المعروف عند اللاتينيين بـ Mazax، فاسم "أمازيغ" اسم حقيقي كان شائعاً في العهدين الفينيقي والروماني . (محمد المختار الغرباوي، في مواجهة النزعة البربريّة وأخطارها الانقساميّة، دراسة ـ من منشورات اتحاد الكتاب العرب دمشق – 2005).
لكن تعميم إسم أمازيغ على جميع قبائل البربر أمر مستحدث. ويواصل العرباوي، وهو من المدافعين على الانتماء العربي للبربر: لايوجد في الوثائق المصرية الفرعونية من أقدمها إلي أحدثها أي تسمية كانت تطلق من قبل المصريين علي عموم القبائل البربرية، بل كانوا يسمون كل قبيلة أو مجموعة بالإسم الذي عرفت به، وهي ليست كثيرة وأهمها أربعة، أذكرها فيما يلي علي التوالي بحسب أقدميتها التاريخية وظهورها في الوثائق المصرية.
- التحنو: المسجل ظهورهم في الثلث الأخير من الألف الرابعة قبل الميلاد. ظل اسمهم يتردد في الوثائق المصرية حتى عهد رمسيس الثالث (1198 ق.م. -1166) مؤسس الأسرة العشرين. يتميزون ببشرتهم السمراء ويعيشون غرب مصر من ناحية الدلتا.
- التمحو: المسجل ظهورهم في منتصف الألف الثالثة قبل الميلاد، في عهد الأسرة السادسة (2434 ق.م. -2242). والتمحو من ذوي البشرة البيضاء والعيون الزرقاء والشعر الضارب إلي الشقرة يعيشون أيضا إلي الغرب من مصر من الناحية الجنوبية، ويبدو أن لهم امتدادا داخل الواحات الليبية.
- الليبو: أول ظهور لهم عرف إلي حد الآن كان في عهد الملك رمسيس الثاني (1298¬- 1232 ق.م) من الأسرة الفرعونية التاسعة عشرة، وفي نصوص الملك مرنبتاح حوالي (1227 ق.م) الذي صد هجمة قوية علي الدلتا تزعمتها قبيلة الليبو تحت إمرة قائدها مرابي بن دد بمشاركة القهق و المشواش ، وهما قبيلتين بربريتين، وبتحالف مع شعوب البحر. ومن هذا التاريخ لمع اسم الليبو . وتشير تحريات الباحثين أنهم كانوا منتشرين غرب مواقع التحنو في منطقة برقة الحالية بليبيا.
وقد أطلق قدماء المصريين وفراعنة مصر على قبائل البربر التي تقطن غرب مصر اسم الليبيين. وعندما آلت المنطقة إلى الإغريقين، أطلقوا هذا الاسم على كل شمال أفريقيا إلى الغرب من مصر. وقد استعمل أيضا هذا الإسم المؤرخ هيرودوت الذي زار ليبيا ، وذلك في بداية النصف الثاني من القرن الخامس ق م.
- المشواش: تشير أقدم المعلومات المتوافرة حولهم إلي حد الآن أن اسمهم ورد لأول مرة علي جزء من آنية فخارية من قصر الملك أمنحتب الثالث من الأسرة الثامنة عشرة حيث جاء في الشطر الأول ما يدل علي وصول أواني تحتوي علي دهن طازج من أبقار المشواش. كما ورد اسمهم في نصوص رمسيس الثاني الذي استخدمهم مع القهق و الشردن في جيشه وكذلك ورد في نصوص مرنبتاح ... وظهر اسمهم بشكل بارز في نصوص رمسيس الثالث (1198 ¬1166 ق.م) مؤسس الأسرة العشرين الذي أحبط هجمتين قويتين، الأولي في العام الخامس من حكمه تضم القبائل البربرية: الليبو، والسبد، بتحالف أيضا مع شعوب البحر، والثانية في العام الحادي عشر بزعامة قبيلة المشواش هذه المرة، وبمشاركة عدة قبائل منها: الليبو، والأسبت والقايقش والشيت، والهسا، والبقن... وكانت مناطق هذه القبيلة الحيوية حسب تحريات الباحثين توجد إلي الغرب من الليبو . ويقال إن انتشارهم يمتد غربا إلي الجنوب التونسي الحالي. (أنظر محمد المختار العرباوي، مجلة الآداب المصرية).
هذا التقسيم طبعا الذي سرده الغرباوي لا يشمل إلا القبائل الأمازيغية التي وصلت إلى مصر، وتستثني بربر غرب شمال إفريقيا. ونذكرهم على التوالي:
- الجيتول: Gétules : هي إحدى المجموعات البربرية القديمة التى ذكرها المؤرخون الكلاسيكيون. وهى مجموعة من القبائل كانت منتشرة جنوب الممتلكات القرطاجية ومملكة نوميديا، وهى تمتد جنوبا حتى تحادي أطراف الصحراء من الشمال. وإذا تتبعنا إسم هذه المجموعة السكانية فإننا نجد أول ذكر لها كان عن طريق المؤرخ اللاتينى (سالوست) (القرن الأول قبل الميلاد).
ويبدو أن إسم الجيتول دخل عليه بعض التحريف عندما بدأ نقل هذا الاسم من اللغتين اليونانية واللاتينية إلى اللغة العربية، حيث كتب مرة بصورة جيتــول ، وكتــب مرة أخرى بصورة عربية صــرفة وهى جدالة ، وهم أهل جزولة الحالية على ما يظهر، حسب افتراض الأستاذ عبد العزيز بنعبدالله.
- المور: كما سمي أمازيغ الجزء الغربي بالمور، وهم السكان الذين سكنوا القسم الغربي الشمالي لأفريقيا من طنجة إلى نهر ملوية وجزء من الجزائر. ويفسر البعض كلمة المور ككلمة سامية الأصل أصلها هوريم ما يعني الغربي أو الغربيين لدى الساميين، خاصة الفنيقيين، أما البعض الآخر فيرجعها الى أصل محلي ما يعني أصحاب الأرض. ويعتقد أن اسم موريتانيا إسم اشتق من اسم المور (نقصد مملكة موريتانيا الطنجية خلال حكم الرومان لشمال إفريقيا).
نعم، لقد عرف سكان المغرب الأولون في الفترات التاريخية بأسماء مختلفة: الأمازيغ ، البربر ، الليبيون ، المشواش ، النوميديون ، الجيتوليون ، المور ... ويمكن تقسيم المغرب الكبير إلى ثلاث مماليك مع حلول القرن الثالث قبل الميلاد :
الموريون في المغرب الأقصى .
المازاسيلي غرب الجزائر .
والماسيلي على طول الشريط الممتد جنوب قسنطينة بالجزائر إلى شواطئ قابس بتونس ثم إلى طرابلس.
قبائل الليبو والمشواش والتحنو والتمحو ( من هم ) ..
قبائل
الليبو والمشواش والتحنو والتمحو
اختلف في نسب البربر اختلافاً كثيراً، فذهبت طائفة من النسابين إلى أنهم من العرب ثم اختلف في ذلك فقيل أوزاع من اليمن، وقيل من غسان وغيرهم تفرقوا عند سيل العرم، وقيل خلفهم أبرهة ذو المنار أحد تبابعة اليمن حين غزا المغرب، وقيل من ولد لقمان بن حمير بن سبإ بعث سرية من بنيه إلى المغرب ليعمروه فنزلوا وتناسلوا فيه، وقيل من لخم وجذام كانوا نازلين بفلسطين من الشام إلى أن أخرجهم منها بعض ملوك فارس فلجأوا إلى مصر فمنعهم ملوكها من نزولها فذهبوا إلى المغرب فنزلوه، وذهب قوم إلى أنهم من ولد نقشان بن إبراهيم الخليل عليه السلام.
وذكر الحمداني أنهم من ولد بر بن قيذار بن إسماعيل عليه السلام، وأنه ارتكب ذنباً فقال له أبوه: البر البر، اذهب يا بر فما أنت ببر. قيل أيضا إنهم من ولد بربر بن كسلاجيم بن حام بن نوح، وقيل من ولد ثميلا بن ماراب بن عمرو بن علماق بن لاوذ بن إرم بن سام بن نوح، وقيل من ولد قبط بن حام بن نوح، وقيل أخلاط من كنعان والعماليق، وقيل من حمير ومصر والقبط، وقيل من ولد جالوت ملك بني إسرائيل وإنه لما قتله داود تفرقوا في البلاد، فلما غزا أفريقش المغرب نقلهم من سواحل الشام إلى المغرب... (صبح الأعشى بتصرف، أحمد بن علي القلقشندي).
هناك من جهة أخرى من يرى أن أصل سكان المغرب الأقدمين إنما يتأصل في أوروبا، إذ ثمة معطيات لغوية وبشرية كثيرة تشير إلى أن الإنسان الأمازيغي يمت بشكل أو بآخر بصلة إلى الجنس الوندالي الجرماني، والذي سبق له وأن استعمر شمال أفريقيا. ويذهب البعض إلى أن البربر عنصر بشري قد يكون قدم من شرق البحر الأبيض المتوسط خلال العصر البرونزي في حدود القرن الثامن قبل ميلاد المسيح. ويذهب البعض إلى أن البربر ينتسبون إلى يافت بن نوح عليه السلام خرجوا من الهند إلى فارس، إلى القوقاز، فالشمال الأوربي بفيلاندا واسكندينافيا، ثم فرنسا وإسبانيا قبل أن يستقروا بشمال إفريقيا. ومن هنا يفسر التشابه في النطق وبياض البشرة وزعورة الشعر التي نجدها عند العديد من أبناء البربر.
هذا التفسير ينطوي طبعا على مؤشرات قد تكون مغلوطة، خصوصا وأنها تركز أولا على الناحية اللغوية، فتدعي أن ثمة تماثلا لغويا بين الأمازيغية ولغة الوندال التي هي الجرمانية. لكن هذا التماثل لا يتعدى الجانب المعجمي حيث أن هناك بعض الكلمات الأمازيغية المعدودة التي لها مقابلات لفظية وليس دلالية في الجرمانية، وتستند ثانيا إلى ذلك التشابه الكائن بين ملامح البربر والأوروبيين كلون العينين الأزرق، ولون الشعر الأشقر وغير ذلك، غير أن هذا الدليل يظل نسبيا مادام أن الأوروبيين قد استعمروا بلاد الشمال الأفريقي غير ما مرة، لذلك ليس ببعيد أن يكون قد تم التزاوج والتمازج بين هذين الجنسين، مما نتج عنه ظهور أجيال أمازيغية تحمل ملامح أوروبية.
ويرتكز آخرون على الرأي القائل بوجود صلة بين الإسبان الباسك والبربر على طروحات معجمية متشابهة، وأول من نحى هذا المنحى هو الفرنسي (L. de Gèzeen ) سنة 1885، ثم تبعه الألماني (G. Von der Gabelenz) سنة 1894. وقد تعزز هذا الطرح بمقالات كتبها سنة 1964 (HANS G. Mukarovsky) مفادها أن لغة سبقت لغة البربر سماها اللغة الموريتانية انتقلت من الصحراء، حيث كان يعيش البربر الطوارق، إلى بلاد الباسك بإسبانيا. بقايا هذه اللغة هو ما يشكل الموروث اللغوي المشترك بين الباسك والبربر، إضافة إلى تشابه كبير بين نظام الكتابة الباسكية ونظام الكتابة الليبية القديمة. ولم يتوقف الإفتراض عنذ هذا الحد، بل، ومنذ سنة 1995، اعتمدت الأبحات التي يقوم بها العالم Antonio Arnaiz في إسبانيا على إبراز رصيد جيني مشترك بين البربر بالقبايل الجزائرية والبسكيين بإسبانيا. (للمزيد من المعلومات اطلع على ما كتبه الدكتور M. A. Haddadou).
وعموما يبقى الرأي الذي يدافع عنه أصحاب النزعة الأمازيغية هو أن الإنسان الأمازيغي لم يهاجر إلى شمال أفريقيا من أي منطقة كانت، وإنما كان فيها منذ بداية تاريخ الإنسانية. ويعترف الإغريق قديما أن الأمازيغ أحد الشعوب الأقدم في العالم. لكن، قد ينطوي بدوره هذا الطرح الثالث على نزعة انفصالية تريد أن تجمع البربر تحت أصل واحد وتفرق بينهم وبين العرب وتقضي نهائيا على كل دعوى لانتساب مشترك.
هذا عن أصلهم، أما عن دلالة تسميتهم بالبربر فهناك من يرجع كلمة بربر إلى النظرة الإستعلائية للإغريق حيث سموا كل ناطق بغير الإغريقية بارباروس ، وهناك من يرجعه إلى الكلمة الرومانية اللاتينية برابرة كتعبير قدحي عن الشعوب التي توجد خارج الحضارة أو يصم البربر بكونهم رحل لم يسبق أن جمعهم كيان سياسي لتشكيل دولة بالمفهوم القديم للدولة عند الإغريق أو الرومان مثلا. وقد ذهب كثير من المؤرخين الأوربيون إلى أن البربر كانوا دائما يميلون إلى التمرد، وبالتالي إلى التخلص من كل من يسعى إلى إحكام قبضته عليهم وتنظيمهم، وقد نتج من ذلك تتابع الثورات والفتن وعدم التفكير في بناء كيان حضاري متمدن واسع.
إلا أن العرباوي يذهب إلى أن: البربر وهو اسم عربي قديم، ليس خاصا بسكان شمال إفريقيا وحدهم بل كان يطلق أيضا علي جماعات بالعراق وشرق إفريقيا ولا علاقة له البتة بكلمة varvaras اليونانية ولا كلمة Barbarus اللاتينية. وكلمة البربر ذات الطابع البدوي الصحراوي، اكتسبت قيمتها التاريخية منذ مجيء العرب المسلمين حيث صارت منذ ذلك الزمن علما متميزا يطلقه الناس جميعا علي سكان شمال أفريقيا، بعيدا تماما عن معاني الاستنقاص الموجودة في اللغتين اليونانية واللاتينية. (محمد المختار العرباوي، مجلة الآداب المصرية).
وأيا كان المبرر، فإننا نعتبر أن كلمة بربر قد تطور معناها وأصبحت إسم علم يشير إلى شعوب شمال إفريقيا بالبلاد الممتدة من المحيط الأطلسي إلى حدود مصر الغربية بصحراء سيوة، ومن البحر الأبيض المتوسط إلى جنوب الصحراء الكبرى. لذا، فإننا لا نرى غضاضة في استعمال كلمة بربر (Berbères/Berbers) للإشارة إلى سكان المغرب الأولون، بل نفضل استعمالها في بعض الأحيان، أولا لأنه الإسم المعروف في اللغات الأجنبية، وثانيا حتى لا ندخل في نقاشات جوفاء حول كلمتي بربر و أمازيغ ، تاركين النقاش الحقيقي الذي نسعى إلى إبراز معالمه عبر القراءة المتأنية والمعمقة لتاريخ المغرب عامة، وتاريخ البربر خاصة.
إن الشعب الذي تواجد بأرضه منذ ما يزيد عن 33 قرنا (أنظر كتاب ثلاثة وثلاثين قرنا من تاريخ الأمازيغيين – العلامة محمد شفيق)، وحافظ على لغته وثقافته وعاداته أمام اكتساح فينيقي وإغريقي وفارسي ووندالي وروماني وبزنطي وعربي وأوربي، والشعب الذي انحدر منه ملوك وكتاب ورجال دين عظام، لا يمكن أن تلصق به كلمة البرابرة (Barbares) في مفهومها القدحي. وأيا كان، فإننا نعتبر الكلمة قد تطور مفهومها لتدل على شعب أصيل تميز بموضوعيته وتواضعه وواقعيته.
أما اليوم، فيذهب البعض إلى أن البربري أو الأمازيغي هو كل من يتكلم اللغة الأمازيغية. إنهم يعتبرون أن الأسس التي تسعفهم أكثر لتحديد إمازيغن هي اللغة، ويبررون ذلك بكون مجال الثقافة واسع لا يمكن ضبطه، وأنها، أي الثقافة، إضافة إلى ذلك، تتطور في اتجاهات مختلفة من رقعة جغرافية إلى أخرى، خصوصا أن مناطق تواجد البربر تنفصل عن بعضها البعض جغرافيا، أي أنها تمثل جزرا متفاوتة المساحة يحيط بها العرب من كل حذب وصوب. ويخلص أصحاب هذا الرأي إلى أن تعريف البربر كشعب، هو ذاك الشعب الذي يتكلم لغة مميزة تسمى الأمازيغية، وإن اختلفت لهجاتها من منطقة إلى أخرى، فإن هناك رصيد مشترك قد يصل ستين في المائة إذا استثنينا طريقة النطق وتعويض حرف بحرف آخر، من منطقة إلى أخرى.
وإن كان هذا التميز والتصنيف اللغوي هو المعتمد اليوم عموما للحديث عن البربر، إلا أننا نظن من جهتنا بأن الإحساس بالإنتماء إلى الكيان الأمازيغي هو أولا إثني، ثم مجالي، ثم ثقافي واسع... وأخيرا لغوي محصور. ومن ثم فإن الإنتماء الإثني يدخل في خانة البربر الكثيرين من أصحاب اللسان العربي الذين عربوا على مر القرون منذ دخول الإسلام وهيمنة اللغة العربية على بلاد البربر، وكذا الذين هاجر آباؤهم إلى الحواضر، واضطروا إلى الحديث باللسان العربي الدارج، أو أبناء الذين تزوجوا عربيات وغلب اللسان العربي في بيوتهم، أو الذين صاحبوا الفاطميين إلى مصر ولبنان (قبيلة كتامة)، أو الذين هاجروا إلى الأندلس وبقوا بها أو حملوا جنودا أو عبيدا إلى الكارييب وكوبا وأمريكا الشمالية والجنوبية، أو الذين هاجروا إلى أوربا طلبا للرزق في العهود الحديثة... واللائحة تطول.
لا نرى أي مبرر لغلق الحلقة واقتصارها على الذين يتكلمون اليوم اللغة الأمازيغية فقط. إن تحديد البربر في المتكلمين للأمازيغية يعد تجنيا على شعب عريض قد نسعى إلى جعله أقلية بشرية في وطنه الأصلي. لذا يجدر بنا في الحقيقة أن نميز بين أمرين اثنين: البربر كشعب يمثل أغلبية (Berbères - Berbers)، والناطقين باللغة الأمازيغية الذين أصبحوا يمثلون أقلية في بعض دول المغرب الكبير (Berbèrophones - Amazighophones).
يميل أصحاب النزعة الأمازيغية إلى تسمية البربر بالأمازيغ. ولربما هذه التسمية الموحدة هي رغبة في التخلص من الإسم الذي التصق بهم عبر التاريخ، أي البربر، أو هي كذلك محاولة لتجميع جميع مكونات البربر تحت أصل واحد مشترك (رأي الأستاذ محمد شفيق). يتكلم البربر تمازيغت، أي اللغة الأمازيغية، وتعني لفظة أمازيغ : الرجل الحر النبيل. وقد ذكر الإدريسي المعروف بالشريف من علماء القرن الثاني عشر الميلادي، مرسى على المحيط الأطلسي ترد عليه مراكب الأندلس يسمّى "مرسى مازيغن" أو مزاغان (كتاب نزهة المشتاق...، للشريف الإدريسي، حقّقه ونقله محمد حاج صادق).
ويقول العرباوي: تؤكد المصادر من يونانية ولاتينية أنّ إسم أمازيغ قديم جدّاً، كان معروفا في العهد الفينيقي، وورد بصيغ متعددة منها "مازيس" والتحريف الطارئ عليها ناجم من ناحية عن صعوبة النطق بكلمة "أمازيغ" في حد ذاتها، وناجم من ناحية ثانية عمّا يوجد بين اللّغات ـ في حالات النقل ـ من اختلاف في أصول الأصوات، وهو أمر يصعب تفاديه لدى تلك الجماعات الأوروبية من إغريق ولاتين وغيرها. ونجد في الأخبار المتفرقة أن "مازيس" كان يطلق على شعب قوي أقلق الرومان كثيراً بثوراته، وتذكر المصادر البيزنطية أنه كان أيضاً يطلق على أهل أفريقية. ومن المعاصرين الذين تعرّضوا لهذا الإسم المؤرّخ شارل أندري جوليان الذي قال: وقد أطلق الإسم على قبائل عديدة قبيل الاحتلال الروماني . ويضيف عالم البربريات رسل: والجدير بالملاحظة أننا نعرف من المكتشفات الحديثة أن اللوبيين كانوا يطلقون على أنفسهم اسم "أمازيغ" المعروف عند اللاتينيين بـ Mazax، فاسم "أمازيغ" اسم حقيقي كان شائعاً في العهدين الفينيقي والروماني . (محمد المختار الغرباوي، في مواجهة النزعة البربريّة وأخطارها الانقساميّة، دراسة ـ من منشورات اتحاد الكتاب العرب دمشق – 2005).
لكن تعميم إسم أمازيغ على جميع قبائل البربر أمر مستحدث. ويواصل العرباوي، وهو من المدافعين على الانتماء العربي للبربر: لايوجد في الوثائق المصرية الفرعونية من أقدمها إلي أحدثها أي تسمية كانت تطلق من قبل المصريين علي عموم القبائل البربرية، بل كانوا يسمون كل قبيلة أو مجموعة بالإسم الذي عرفت به، وهي ليست كثيرة وأهمها أربعة، أذكرها فيما يلي علي التوالي بحسب أقدميتها التاريخية وظهورها في الوثائق المصرية.
- التحنو: المسجل ظهورهم في الثلث الأخير من الألف الرابعة قبل الميلاد. ظل اسمهم يتردد في الوثائق المصرية حتى عهد رمسيس الثالث (1198 ق.م. -1166) مؤسس الأسرة العشرين. يتميزون ببشرتهم السمراء ويعيشون غرب مصر من ناحية الدلتا.
- التمحو: المسجل ظهورهم في منتصف الألف الثالثة قبل الميلاد، في عهد الأسرة السادسة (2434 ق.م. -2242). والتمحو من ذوي البشرة البيضاء والعيون الزرقاء والشعر الضارب إلي الشقرة يعيشون أيضا إلي الغرب من مصر من الناحية الجنوبية، ويبدو أن لهم امتدادا داخل الواحات الليبية.
- الليبو: أول ظهور لهم عرف إلي حد الآن كان في عهد الملك رمسيس الثاني (1298¬- 1232 ق.م) من الأسرة الفرعونية التاسعة عشرة، وفي نصوص الملك مرنبتاح حوالي (1227 ق.م) الذي صد هجمة قوية علي الدلتا تزعمتها قبيلة الليبو تحت إمرة قائدها مرابي بن دد بمشاركة القهق و المشواش ، وهما قبيلتين بربريتين، وبتحالف مع شعوب البحر. ومن هذا التاريخ لمع اسم الليبو . وتشير تحريات الباحثين أنهم كانوا منتشرين غرب مواقع التحنو في منطقة برقة الحالية بليبيا.
وقد أطلق قدماء المصريين وفراعنة مصر على قبائل البربر التي تقطن غرب مصر اسم الليبيين. وعندما آلت المنطقة إلى الإغريقين، أطلقوا هذا الاسم على كل شمال أفريقيا إلى الغرب من مصر. وقد استعمل أيضا هذا الإسم المؤرخ هيرودوت الذي زار ليبيا ، وذلك في بداية النصف الثاني من القرن الخامس ق م.
- المشواش: تشير أقدم المعلومات المتوافرة حولهم إلي حد الآن أن اسمهم ورد لأول مرة علي جزء من آنية فخارية من قصر الملك أمنحتب الثالث من الأسرة الثامنة عشرة حيث جاء في الشطر الأول ما يدل علي وصول أواني تحتوي علي دهن طازج من أبقار المشواش. كما ورد اسمهم في نصوص رمسيس الثاني الذي استخدمهم مع القهق و الشردن في جيشه وكذلك ورد في نصوص مرنبتاح ... وظهر اسمهم بشكل بارز في نصوص رمسيس الثالث (1198 ¬1166 ق.م) مؤسس الأسرة العشرين الذي أحبط هجمتين قويتين، الأولي في العام الخامس من حكمه تضم القبائل البربرية: الليبو، والسبد، بتحالف أيضا مع شعوب البحر، والثانية في العام الحادي عشر بزعامة قبيلة المشواش هذه المرة، وبمشاركة عدة قبائل منها: الليبو، والأسبت والقايقش والشيت، والهسا، والبقن... وكانت مناطق هذه القبيلة الحيوية حسب تحريات الباحثين توجد إلي الغرب من الليبو . ويقال إن انتشارهم يمتد غربا إلي الجنوب التونسي الحالي. (أنظر محمد المختار العرباوي، مجلة الآداب المصرية).
هذا التقسيم طبعا الذي سرده الغرباوي لا يشمل إلا القبائل الأمازيغية التي وصلت إلى مصر، وتستثني بربر غرب شمال إفريقيا. ونذكرهم على التوالي:
- الجيتول: Gétules : هي إحدى المجموعات البربرية القديمة التى ذكرها المؤرخون الكلاسيكيون. وهى مجموعة من القبائل كانت منتشرة جنوب الممتلكات القرطاجية ومملكة نوميديا، وهى تمتد جنوبا حتى تحادي أطراف الصحراء من الشمال. وإذا تتبعنا إسم هذه المجموعة السكانية فإننا نجد أول ذكر لها كان عن طريق المؤرخ اللاتينى (سالوست) (القرن الأول قبل الميلاد).
ويبدو أن إسم الجيتول دخل عليه بعض التحريف عندما بدأ نقل هذا الاسم من اللغتين اليونانية واللاتينية إلى اللغة العربية، حيث كتب مرة بصورة جيتــول ، وكتــب مرة أخرى بصورة عربية صــرفة وهى جدالة ، وهم أهل جزولة الحالية على ما يظهر، حسب افتراض الأستاذ عبد العزيز بنعبدالله.
- المور: كما سمي أمازيغ الجزء الغربي بالمور، وهم السكان الذين سكنوا القسم الغربي الشمالي لأفريقيا من طنجة إلى نهر ملوية وجزء من الجزائر. ويفسر البعض كلمة المور ككلمة سامية الأصل أصلها هوريم ما يعني الغربي أو الغربيين لدى الساميين، خاصة الفنيقيين، أما البعض الآخر فيرجعها الى أصل محلي ما يعني أصحاب الأرض. ويعتقد أن اسم موريتانيا إسم اشتق من اسم المور (نقصد مملكة موريتانيا الطنجية خلال حكم الرومان لشمال إفريقيا).
نعم، لقد عرف سكان المغرب الأولون في الفترات التاريخية بأسماء مختلفة: الأمازيغ ، البربر ، الليبيون ، المشواش ، النوميديون ، الجيتوليون ، المور ... ويمكن تقسيم المغرب الكبير إلى ثلاث مماليك مع حلول القرن الثالث قبل الميلاد :
الموريون في المغرب الأقصى .
المازاسيلي غرب الجزائر .
والماسيلي على طول الشريط الممتد جنوب قسنطينة بالجزائر إلى شواطئ قابس بتونس ثم إلى طرابلس.