كتب التاريخ تاريخ ابن خلدون
أخبار البرانس من البربر و لنبدأ أولا بالخبر عن هوارة من شعوبهم و ذكر بطونهم و تصاريف أحوالهم و افتراق شعوبهم في عمالات أفريقية و المغرب
و هوارة هؤلاء من بطون البرانس باتفاق من نسابه العرب و البربر ولد هوار بن أوريغ بن برنس إلا ما يزعم بعضهم أنهم من عرب اليمن تارة يقولون من عاملة إحدى بطون قضاعة و تارة يقولون من ولد المسور بن السكاسك بن وابل بن حمير و اذا تحروا الصواب المسور بن السكاسك بن أشريس بن كندة و ينسيونه هكذا : هوار بن أوريغ بن جنون بن المثنى بن المسور و عند هؤلاء أن هوارة و صنهاجة و لمطة و كزولة و هسكورة يعرف جميعهم بني ينهل و أن المسور جدهم جميعا و أنه وقع إلى البتر و نزل على بني زحيك بن مادغيس الأبتر و كانوا أربعة إخوة : لوا و ضرا و أداس و نفوس و أنهم زوجوه أختهم بصكي العرجاء بنت زحيك فولدت منه المثنى أبا هوارة و تزوجها بعد المسور بن عافيل بن زعزاع أبو صنهاجة و لمطة و كزولة و هسكورة كما يأتي فيما بعد أنهم إخوة المثنى لأمه و بها عرف جميعهم
قالوا : و ولد المثنى بن المسور خبوز و ولد خبوز بن المثنى ريغ الذي يقال فيه أوريغ بن برنس و منه عرفت قبائل هوارة قالوا : إنما سميت هوارة لأن المسور لما جال البلاد و وقع في المغرب قال : لقد تهورنا هكذا عند بعض نسابه البربر و عندي و الله أعلم أن هذا الخبر مصنوع و أن أثر الصنعة باد عليه و يعضد ذلم أن المحققين و نسابتهم مثل سابق و أصحابه قالوا : إن بطون أداس بن زحيك دخلت كلها في هوارة من أجل أن هوار خلف زحيك على أم أداس فربي أداس في حجره و زحيك على ما في الخبر الأول هو جد هوار لأن المثنى جده الأعلى هو ابن بصكي و هي بنت زحيك فهو الخامس من زحيك فكيف يخلفه على إمرأته هذا بعيد و الخبر الثاني أصح عند نسابتهم من الأول
و أما بطون هوارة فكثير و أكثرهم بنو نبه و أوريغ اشتهروا نسبة لشهرته و كبر سنه من بينهم فانتسبوا جميعا إليه و كان لأوريغ أربعة من الولد : هوار و هو أكبرهم و مغر و قلدن و مندر و لكل واحد منهم بطون كثيرة و كلهم ينسبون إلى هوار فمن بطون مغر ماوس و زمور و كياد و سواي ذكر هذه البطون الأربعة ابن حزم و زاد سابق المطماطي و أصحابه و رجين و منداسة و كركوده و من بطون قلدن : خماصه و ورصطيف و بيانة و بل ذكر هذه الأربعة ابن حزم و سابق و من بطون ملد مليلة و سطط و روفل و اسيل و مسارتة ذكرها ابن حزم و قال : جميعهم بنو لهال بن ملك و كذا عند سابق و يقال : إن ورنيفن أيضا من نهانه
و من بطون هوارة بنو كهلان و يقال : إن مليلة من بطونهم و عند نسابه البربر من بطونهم غريان و ورغة و زكاوة و مسلاتة و مجريس
و يقال إن ونيفن منهم و مجريس لهذا العهد ينتسبون إلى ونيفن و عند سابق و أصحابه أن بني كهلان و ريحن إحدى بطون مغر و أن من بطون بني كهلان بني كسى و رتاكط و لشوه و هيوارة و أما بطون أداس بن زحيك بن مادغيس الأمراء الذين دخلوا في هوارة فكثير فمنهم هزاعة و ترهوتة و شتاتة و أنداوة و هيزونة و أوطيعة و ضبرة هؤلاء باتفاق من ابن حزم و سابق و أصحابه
و كانت مواطن الجمهور من هوارة هؤلاء و من دخل في نسبهم من إخوانهم البرانس و الصمغر لأول الفتح بنواحي طرابلس و ما يليها من برقة كما ذكره المسعودي و البكري و كانوا ظواعن و آهلين و منهم من قطع الرمل إلى بلاد القفر و جاوزوا لمطة من قبائل الملثمين فيما يلي بلاد كوكو من السودان تجاه أفريقية و يعرفون بنسبهم هكارة قلبت العجمة واوه كافا أعجمية تخرج بين الكاف العربية و القاف و كان لهم في الردة و حروبها آثار و مقامات كان لهم في الخارجية و القيام بها ذكر و خصوصا بالاباضية منها و خرج على حنظلة منهم عبد الواحد بن يزيد مع عكاشة الفزاري فكانت بينهما و بين حنظلة حروب شديدة ثم هزمهما و قتلهما و ذلك سنة أربع و عشرين و مائة أيام هشام بن عبد الملك و خرج على يزيد بن حاتم سنة ست و خمسين و مائة يحيى بن فوناس منهم و اجتمع إليه كثير من قومه و غيرهم
و زحف إليه قائد طرابلس عبد الله بن السمط الكندي على شاطىء البحر بسواريه من سواحلهم فانهزم و قتل عامة هوارة و كان منهم مع عبد الرحمن بن حبيب مجاهد ابن مسلم من قواده ثم أجاز منهم إلى الأندلس مع طارق رجالات مذكورون و استقروا هنالك و كان من خلفهم بنو عامر بن وهب أمير رندة أيام لمتونة و بنو ذي النون الذين ملكوها من أيديهم و استضافوا معها طليلطة و بنو رزين أصحاب السهلة ثم ثارت هوراة من بعد ذلك ابراهيم بن الأغلب سنة ست و تسعين و مائة و حاصروا طرابلس و افتتحوها فخربوها و تولى كبر ذلك منهم عياض بن وهب و سرح إبراهيم إليهم ابنه أبا العباس فهزمهم و قتلهم وبنى طرابلس
و جأجأ هوارة بعبد الوهاب بن رستم من مكان إمارتهم بتاهرت فجاءهم و اجتعموا إليه و معهم قبائل نفوسة و حاصروا أبا العباس بن الأغلب بطرابلس إلى أن هلك أبوه ابراهيم بالقيروان و قد عهد إليه فصالحهم على أن يكون الصحراء لهم و انصرف عبد الوهاب إلى نفوسه ثم أصبحوا بعد ذلك و غزوا مع الجيوش صقلية وشهد فتحها منهم زواوة بن نعم الحلفاء ثم كان لهم مع أبي يزيد النكاري و في حروبه مقامات مذكورة اجتمعوا إليه من مواطنهم بجبل أوراس و مرماجنه لما غلب عليه و أخذ أهلها بدعوته فاغاشوا إلى ولايته و فعلوا الأفاعيل و كان من أظهرهم في تلك الفتنة بنو كهلان
و لما هلك أبو يزيد كما نذكره سطا اسمعيل المنصور بهم و أثخن فيهم و انقطع ذكر بني كهلان ثم جرت الدول عليهم أذيالها و أناخت بكلا كلها و أصبحوا في عداد القبائل الغارمة من كل ناحية فمنهم لهذا العهد بمصر أوزاع متفرقون أوطنوها أكره و عبارة و شاوية و آخرون موطنون ما بين برقة و الاسكندرية يعرفون بالمئانية و يظعنون مع الحرة من بطون هيث من سليم بأرض التلول من أفريقية ما بين تبسه إلى مرماجنة إلى باجة ظواعن صاروا في عداد الناجعة عرب بني سليم في اللغة و الزي و سكنى الخيام و ركوب الخيل و كسب الإبل و ممارسة الحروب و إيلاف الرحلتين في الشتاء والصيف في تلولهم قد نسوا رطانة البربر و استبدلوا منها بفصاحة العرب فلا يكاد يفرق بينهم فأولهم مما يلي تبسة قبيلة وينفن و رياستهم لهذا العهد في ولد يفرن بن حناش لأولاد سليم بن عبد الواحد بن عسكر بن محمد بن يفرن ثم لأولاد زيتون بن محمد بن يفرن و لأولاد دحمان بن فلان بعده و كانت الرياسة قبلهم لسارية من بطون ونيفن و مواطنهم ببسائط مزماحة و تبسة و ما إليهما
و بينهم قبيلة أخرى في الجانب الشرقي منهم يعرفون بقيصرون و رياستهم في بيت بني مرمن ما بين ولد زعازع و ولد حركات و مواطنهم بفحص آبه و ما إليها من نواحي الأربس و تليهم إلى جانب الشرق قبيلة أخرى منهم يعرفون بنصورة و رياستهم في بيت الرمامنة لولد سليمان بن جامع منهم و يراد بهم في رياسة نصرة قبيلة وربهامة و مواطنهم ما بين تبسة إلى حامة إلى جبل الزنجار إلى أطار على ساحل تونس و بسائطها و يجاورهم متساحلين إلى ضواحي باجة قبيلة أخرى من هوارة يعرفون ببني سليم و معهم بطن من عرب نصر من هذيل بن مدركة بن إلياس
جاؤا من مواطنهم بالحجاز مع العرب الهلاليين عند دخولهم إلى المغرب و أوطنوا بهذه الناحية من أفريقية و اختلطوا بهوارة و حملوا في عدادهم
و معهم أيضا بطن آخر من بطون رياح من هلال ينتمون إلى عتبة بن مالك بن رياح صاروا في عدادهم و جروا على مجراهم و الظعن و المغرم و معهم أيضا بطن من مرداس بني سليم يعرفون ببني حبيب و يقولون هو حبيب بن مالك و هم غارمة مثل سائر هوارة و ضواحي أفريقية من هذا العهد معهودة لهؤلاء الظواعن و معظمهم من هوارة و هم أهل بقروشاء و ركوب للخيل و للسلطان بأفريقية عليهم وظائف من الجباية وضعها عليهم دهاقين العمال بديوان الخراج قوانين مقررة و تضرب عليهم مع ذلك البعث في غزوات السلطان بعسكر مفروض يحضر بمعسكر السلطان متى استنفروا لذلك
و لرؤسائهم آراء ذلك قاطعات و مكان في الدول بين رجالات البدو و يربطون هوارة بمواطنهم الأولى من نواحي طرابلس ظواعن و آهلين توزعتهم العرب من دبان فيما توزعوه من الرعايا و غلبوهم على أمرهم منذ ضحا عملهم من ظل الدولة فتملكوهم تملك العبيد للجباية منهم و الاستكثار منهم في الانتجاع و الحرب مثل : ترهونه و ورقلة الظواعن و مجريس الموطنين بزر نزور من ونيفن و هي قرية من قرى طرابلس و من هوارة هؤلاء بآخر عمل طرابلس مما يلي بلد سرت و برقة قبيلة يعرفون بمسراتة لهم كثرة و اعتزار و وضائع العرب عليهم قليلة و يعطونها من عزة و كثيرا ما ينقلون في سبيل التجارة ببلاد مصر و الإسكندرية و في بلاد الجريد من أفريقية و بأرض السودان إلى هذه العهد
( و أعلم ) أن في قبلة قابس و طرابلس جبالا متصلا بعضها ببعض من المغرب إلى المشرق فأولها من جانب الغرب جبل دمر يسكنه أمم من لواتة و يتصلون في بسيطة إلى فاس و صفاقس من جانب الغرب و أمم أخرى من نفوسة من جانب الشرق و في سبع طوله سبع مراحل و يتصل به شرقا جبل نفوسة تسكنه أمة كبيرة من نفوسة و مغراوة و سدارته و هو قبلة طرابلس على ثلاث مراحل عنها و في طوله سبع مراحل و يتصل به من جانب الشرق جبل مسلاتة و يعتمره قبائل هوارة إلى بلد مسراتة و برقة و هو آخر جبال طرابلس و كانت هذه الجبال من مواطن هوارة و نفوسة و لواتة و كانت هنالك مدينة صغيرة بلد نفوسة قبل الفتح و كانت برقة من مواطن هوارة هؤلاء و منهم مكان بني خطاب ملوك زويلة إحدى أمصار برقة كانت قاعدة ملكهم حتى عرفت بهم فكان يقال زويلة بن خطاب
و لما خرجت انتقلوا منها إلى فزان من بلاد الصحراء و أوطنوها و كان لهم بها ملك و دولة حتى إذا جاء قراقوش الغزي الناصري مملوك تقي الدين ابن أخي صلاح الدين كما نذكره في مكانه عند ذكر الغوري ابن مسوفة و أخباره و افتتح زلة و أوجلة و افتتح فزان بعدها و تقبض على عاملها محمد بن خطاب بن يصلتن بن عبد الله بن صنفل بن خطاب آخر ملوكهم و امتحنه و طالبه بالأموال و بسط عليه العذاب إلى أن هلك و انقرض أمر بني خطاب هؤلاء الهواريين
( و من قبائل ) هوارة هؤلاء بالمغرب أمم كثيرة في مواطن من أعمال تعرف بهم و ظواعن شاوية تنتجع لمسرحها في نواحيها و قد صاروا عبيدا للمغارم في كل ناحية و ذهب ما كان لهم من الاعتزار و المنعة أيام الفتوحات بسبب الكثرة و صاروا إلى الافتراق في الأودية بسبب القلة و الله مالك الأمور و من أشهرهم بالمغرب الأوسط أهل الجبل المطل على البطحاء و هو مشهور باسم هوراة و فيه من مسراتة و غيرهم من بطونهم و يعرف رؤسائهم من بني إسحق و كان الجبل من قبلهم فيما زعموا لبني يلومين فلما انقرضوا صار إليه هوارة و أوطنوه و كانت رياستهم في بني عبد العزيز منهم ثم ظهر من بني عمهم رجل إسمه إسحق و استعمله ملوك القلعة و صارت رياستهم في عقبة بني إسحق و اختط كبيرهم محمد بن إسحق القلعة المنسوبة إليهم
و ورث رياسته فيهم أخوه حيون و صارت في عقبه و اتصلوا بالسلطان أيام ملك بني عبد الواد على المغرب الأوسط و انتظموا في شرائعهم و استعمل أبو تاشفين من ملوكهم يعقوب بن يوسف بن حيون قائدا على بني توجين عندما غلبهم على أمرهم و فرض المغارم عليهم فقام بها أحسن قيام و دوخ بلادهم و أذل من عزهم و بعد أن غلب بنو مرين بني عبد الواد على المغرب الأوسط استعمل السلطان أبو الحسن عبد الرحمن بن يعقوب على قبيلة هؤلاء ثم استعمل بعده عمه عبد الرحمن ثم ابنه محمد بن عبد الرحمن بن يوسف ثم تلاشى هذا القبيل و خف ساكن الجبل بما اضطرم بهم دولة بني عبد الواد و أجحفت بهم في الظلامات و انقرض بيت بني إسحق و الأمر على ذلك لهذا العهد و الله وارث الأرض و من عليها
أخبار البرانس من البربر و لنبدأ أولا بالخبر عن هوارة من شعوبهم و ذكر بطونهم و تصاريف أحوالهم و افتراق شعوبهم في عمالات أفريقية و المغرب
و هوارة هؤلاء من بطون البرانس باتفاق من نسابه العرب و البربر ولد هوار بن أوريغ بن برنس إلا ما يزعم بعضهم أنهم من عرب اليمن تارة يقولون من عاملة إحدى بطون قضاعة و تارة يقولون من ولد المسور بن السكاسك بن وابل بن حمير و اذا تحروا الصواب المسور بن السكاسك بن أشريس بن كندة و ينسيونه هكذا : هوار بن أوريغ بن جنون بن المثنى بن المسور و عند هؤلاء أن هوارة و صنهاجة و لمطة و كزولة و هسكورة يعرف جميعهم بني ينهل و أن المسور جدهم جميعا و أنه وقع إلى البتر و نزل على بني زحيك بن مادغيس الأبتر و كانوا أربعة إخوة : لوا و ضرا و أداس و نفوس و أنهم زوجوه أختهم بصكي العرجاء بنت زحيك فولدت منه المثنى أبا هوارة و تزوجها بعد المسور بن عافيل بن زعزاع أبو صنهاجة و لمطة و كزولة و هسكورة كما يأتي فيما بعد أنهم إخوة المثنى لأمه و بها عرف جميعهم
قالوا : و ولد المثنى بن المسور خبوز و ولد خبوز بن المثنى ريغ الذي يقال فيه أوريغ بن برنس و منه عرفت قبائل هوارة قالوا : إنما سميت هوارة لأن المسور لما جال البلاد و وقع في المغرب قال : لقد تهورنا هكذا عند بعض نسابه البربر و عندي و الله أعلم أن هذا الخبر مصنوع و أن أثر الصنعة باد عليه و يعضد ذلم أن المحققين و نسابتهم مثل سابق و أصحابه قالوا : إن بطون أداس بن زحيك دخلت كلها في هوارة من أجل أن هوار خلف زحيك على أم أداس فربي أداس في حجره و زحيك على ما في الخبر الأول هو جد هوار لأن المثنى جده الأعلى هو ابن بصكي و هي بنت زحيك فهو الخامس من زحيك فكيف يخلفه على إمرأته هذا بعيد و الخبر الثاني أصح عند نسابتهم من الأول
و أما بطون هوارة فكثير و أكثرهم بنو نبه و أوريغ اشتهروا نسبة لشهرته و كبر سنه من بينهم فانتسبوا جميعا إليه و كان لأوريغ أربعة من الولد : هوار و هو أكبرهم و مغر و قلدن و مندر و لكل واحد منهم بطون كثيرة و كلهم ينسبون إلى هوار فمن بطون مغر ماوس و زمور و كياد و سواي ذكر هذه البطون الأربعة ابن حزم و زاد سابق المطماطي و أصحابه و رجين و منداسة و كركوده و من بطون قلدن : خماصه و ورصطيف و بيانة و بل ذكر هذه الأربعة ابن حزم و سابق و من بطون ملد مليلة و سطط و روفل و اسيل و مسارتة ذكرها ابن حزم و قال : جميعهم بنو لهال بن ملك و كذا عند سابق و يقال : إن ورنيفن أيضا من نهانه
و من بطون هوارة بنو كهلان و يقال : إن مليلة من بطونهم و عند نسابه البربر من بطونهم غريان و ورغة و زكاوة و مسلاتة و مجريس
و يقال إن ونيفن منهم و مجريس لهذا العهد ينتسبون إلى ونيفن و عند سابق و أصحابه أن بني كهلان و ريحن إحدى بطون مغر و أن من بطون بني كهلان بني كسى و رتاكط و لشوه و هيوارة و أما بطون أداس بن زحيك بن مادغيس الأمراء الذين دخلوا في هوارة فكثير فمنهم هزاعة و ترهوتة و شتاتة و أنداوة و هيزونة و أوطيعة و ضبرة هؤلاء باتفاق من ابن حزم و سابق و أصحابه
و كانت مواطن الجمهور من هوارة هؤلاء و من دخل في نسبهم من إخوانهم البرانس و الصمغر لأول الفتح بنواحي طرابلس و ما يليها من برقة كما ذكره المسعودي و البكري و كانوا ظواعن و آهلين و منهم من قطع الرمل إلى بلاد القفر و جاوزوا لمطة من قبائل الملثمين فيما يلي بلاد كوكو من السودان تجاه أفريقية و يعرفون بنسبهم هكارة قلبت العجمة واوه كافا أعجمية تخرج بين الكاف العربية و القاف و كان لهم في الردة و حروبها آثار و مقامات كان لهم في الخارجية و القيام بها ذكر و خصوصا بالاباضية منها و خرج على حنظلة منهم عبد الواحد بن يزيد مع عكاشة الفزاري فكانت بينهما و بين حنظلة حروب شديدة ثم هزمهما و قتلهما و ذلك سنة أربع و عشرين و مائة أيام هشام بن عبد الملك و خرج على يزيد بن حاتم سنة ست و خمسين و مائة يحيى بن فوناس منهم و اجتمع إليه كثير من قومه و غيرهم
و زحف إليه قائد طرابلس عبد الله بن السمط الكندي على شاطىء البحر بسواريه من سواحلهم فانهزم و قتل عامة هوارة و كان منهم مع عبد الرحمن بن حبيب مجاهد ابن مسلم من قواده ثم أجاز منهم إلى الأندلس مع طارق رجالات مذكورون و استقروا هنالك و كان من خلفهم بنو عامر بن وهب أمير رندة أيام لمتونة و بنو ذي النون الذين ملكوها من أيديهم و استضافوا معها طليلطة و بنو رزين أصحاب السهلة ثم ثارت هوراة من بعد ذلك ابراهيم بن الأغلب سنة ست و تسعين و مائة و حاصروا طرابلس و افتتحوها فخربوها و تولى كبر ذلك منهم عياض بن وهب و سرح إبراهيم إليهم ابنه أبا العباس فهزمهم و قتلهم وبنى طرابلس
و جأجأ هوارة بعبد الوهاب بن رستم من مكان إمارتهم بتاهرت فجاءهم و اجتعموا إليه و معهم قبائل نفوسة و حاصروا أبا العباس بن الأغلب بطرابلس إلى أن هلك أبوه ابراهيم بالقيروان و قد عهد إليه فصالحهم على أن يكون الصحراء لهم و انصرف عبد الوهاب إلى نفوسه ثم أصبحوا بعد ذلك و غزوا مع الجيوش صقلية وشهد فتحها منهم زواوة بن نعم الحلفاء ثم كان لهم مع أبي يزيد النكاري و في حروبه مقامات مذكورة اجتمعوا إليه من مواطنهم بجبل أوراس و مرماجنه لما غلب عليه و أخذ أهلها بدعوته فاغاشوا إلى ولايته و فعلوا الأفاعيل و كان من أظهرهم في تلك الفتنة بنو كهلان
و لما هلك أبو يزيد كما نذكره سطا اسمعيل المنصور بهم و أثخن فيهم و انقطع ذكر بني كهلان ثم جرت الدول عليهم أذيالها و أناخت بكلا كلها و أصبحوا في عداد القبائل الغارمة من كل ناحية فمنهم لهذا العهد بمصر أوزاع متفرقون أوطنوها أكره و عبارة و شاوية و آخرون موطنون ما بين برقة و الاسكندرية يعرفون بالمئانية و يظعنون مع الحرة من بطون هيث من سليم بأرض التلول من أفريقية ما بين تبسه إلى مرماجنة إلى باجة ظواعن صاروا في عداد الناجعة عرب بني سليم في اللغة و الزي و سكنى الخيام و ركوب الخيل و كسب الإبل و ممارسة الحروب و إيلاف الرحلتين في الشتاء والصيف في تلولهم قد نسوا رطانة البربر و استبدلوا منها بفصاحة العرب فلا يكاد يفرق بينهم فأولهم مما يلي تبسة قبيلة وينفن و رياستهم لهذا العهد في ولد يفرن بن حناش لأولاد سليم بن عبد الواحد بن عسكر بن محمد بن يفرن ثم لأولاد زيتون بن محمد بن يفرن و لأولاد دحمان بن فلان بعده و كانت الرياسة قبلهم لسارية من بطون ونيفن و مواطنهم ببسائط مزماحة و تبسة و ما إليهما
و بينهم قبيلة أخرى في الجانب الشرقي منهم يعرفون بقيصرون و رياستهم في بيت بني مرمن ما بين ولد زعازع و ولد حركات و مواطنهم بفحص آبه و ما إليها من نواحي الأربس و تليهم إلى جانب الشرق قبيلة أخرى منهم يعرفون بنصورة و رياستهم في بيت الرمامنة لولد سليمان بن جامع منهم و يراد بهم في رياسة نصرة قبيلة وربهامة و مواطنهم ما بين تبسة إلى حامة إلى جبل الزنجار إلى أطار على ساحل تونس و بسائطها و يجاورهم متساحلين إلى ضواحي باجة قبيلة أخرى من هوارة يعرفون ببني سليم و معهم بطن من عرب نصر من هذيل بن مدركة بن إلياس
جاؤا من مواطنهم بالحجاز مع العرب الهلاليين عند دخولهم إلى المغرب و أوطنوا بهذه الناحية من أفريقية و اختلطوا بهوارة و حملوا في عدادهم
و معهم أيضا بطن آخر من بطون رياح من هلال ينتمون إلى عتبة بن مالك بن رياح صاروا في عدادهم و جروا على مجراهم و الظعن و المغرم و معهم أيضا بطن من مرداس بني سليم يعرفون ببني حبيب و يقولون هو حبيب بن مالك و هم غارمة مثل سائر هوارة و ضواحي أفريقية من هذا العهد معهودة لهؤلاء الظواعن و معظمهم من هوارة و هم أهل بقروشاء و ركوب للخيل و للسلطان بأفريقية عليهم وظائف من الجباية وضعها عليهم دهاقين العمال بديوان الخراج قوانين مقررة و تضرب عليهم مع ذلك البعث في غزوات السلطان بعسكر مفروض يحضر بمعسكر السلطان متى استنفروا لذلك
و لرؤسائهم آراء ذلك قاطعات و مكان في الدول بين رجالات البدو و يربطون هوارة بمواطنهم الأولى من نواحي طرابلس ظواعن و آهلين توزعتهم العرب من دبان فيما توزعوه من الرعايا و غلبوهم على أمرهم منذ ضحا عملهم من ظل الدولة فتملكوهم تملك العبيد للجباية منهم و الاستكثار منهم في الانتجاع و الحرب مثل : ترهونه و ورقلة الظواعن و مجريس الموطنين بزر نزور من ونيفن و هي قرية من قرى طرابلس و من هوارة هؤلاء بآخر عمل طرابلس مما يلي بلد سرت و برقة قبيلة يعرفون بمسراتة لهم كثرة و اعتزار و وضائع العرب عليهم قليلة و يعطونها من عزة و كثيرا ما ينقلون في سبيل التجارة ببلاد مصر و الإسكندرية و في بلاد الجريد من أفريقية و بأرض السودان إلى هذه العهد
( و أعلم ) أن في قبلة قابس و طرابلس جبالا متصلا بعضها ببعض من المغرب إلى المشرق فأولها من جانب الغرب جبل دمر يسكنه أمم من لواتة و يتصلون في بسيطة إلى فاس و صفاقس من جانب الغرب و أمم أخرى من نفوسة من جانب الشرق و في سبع طوله سبع مراحل و يتصل به شرقا جبل نفوسة تسكنه أمة كبيرة من نفوسة و مغراوة و سدارته و هو قبلة طرابلس على ثلاث مراحل عنها و في طوله سبع مراحل و يتصل به من جانب الشرق جبل مسلاتة و يعتمره قبائل هوارة إلى بلد مسراتة و برقة و هو آخر جبال طرابلس و كانت هذه الجبال من مواطن هوارة و نفوسة و لواتة و كانت هنالك مدينة صغيرة بلد نفوسة قبل الفتح و كانت برقة من مواطن هوارة هؤلاء و منهم مكان بني خطاب ملوك زويلة إحدى أمصار برقة كانت قاعدة ملكهم حتى عرفت بهم فكان يقال زويلة بن خطاب
و لما خرجت انتقلوا منها إلى فزان من بلاد الصحراء و أوطنوها و كان لهم بها ملك و دولة حتى إذا جاء قراقوش الغزي الناصري مملوك تقي الدين ابن أخي صلاح الدين كما نذكره في مكانه عند ذكر الغوري ابن مسوفة و أخباره و افتتح زلة و أوجلة و افتتح فزان بعدها و تقبض على عاملها محمد بن خطاب بن يصلتن بن عبد الله بن صنفل بن خطاب آخر ملوكهم و امتحنه و طالبه بالأموال و بسط عليه العذاب إلى أن هلك و انقرض أمر بني خطاب هؤلاء الهواريين
( و من قبائل ) هوارة هؤلاء بالمغرب أمم كثيرة في مواطن من أعمال تعرف بهم و ظواعن شاوية تنتجع لمسرحها في نواحيها و قد صاروا عبيدا للمغارم في كل ناحية و ذهب ما كان لهم من الاعتزار و المنعة أيام الفتوحات بسبب الكثرة و صاروا إلى الافتراق في الأودية بسبب القلة و الله مالك الأمور و من أشهرهم بالمغرب الأوسط أهل الجبل المطل على البطحاء و هو مشهور باسم هوراة و فيه من مسراتة و غيرهم من بطونهم و يعرف رؤسائهم من بني إسحق و كان الجبل من قبلهم فيما زعموا لبني يلومين فلما انقرضوا صار إليه هوارة و أوطنوه و كانت رياستهم في بني عبد العزيز منهم ثم ظهر من بني عمهم رجل إسمه إسحق و استعمله ملوك القلعة و صارت رياستهم في عقبة بني إسحق و اختط كبيرهم محمد بن إسحق القلعة المنسوبة إليهم
و ورث رياسته فيهم أخوه حيون و صارت في عقبه و اتصلوا بالسلطان أيام ملك بني عبد الواد على المغرب الأوسط و انتظموا في شرائعهم و استعمل أبو تاشفين من ملوكهم يعقوب بن يوسف بن حيون قائدا على بني توجين عندما غلبهم على أمرهم و فرض المغارم عليهم فقام بها أحسن قيام و دوخ بلادهم و أذل من عزهم و بعد أن غلب بنو مرين بني عبد الواد على المغرب الأوسط استعمل السلطان أبو الحسن عبد الرحمن بن يعقوب على قبيلة هؤلاء ثم استعمل بعده عمه عبد الرحمن ثم ابنه محمد بن عبد الرحمن بن يوسف ثم تلاشى هذا القبيل و خف ساكن الجبل بما اضطرم بهم دولة بني عبد الواد و أجحفت بهم في الظلامات و انقرض بيت بني إسحق و الأمر على ذلك لهذا العهد و الله وارث الأرض و من عليها