شديد المحال" أي شديد الهدى لخلقه وتغيير "حالهم" من الضلال للهدى
صوت الرعدِ أقوى صوتٍ يسمعه الإنسان في الطبيعة. فإنْ كان كذلك فلابد وأنَّ لسورةِ الرعد صوتاً أو صيحة واضحةً وضوح فرقعةِ الرعد في الليلية الهادئة! وضوح نور البرق في الظلمات ...
فما الأمر الواضح في الرعد؟
كمقدمة، ما الذي يميزُ الرعد عن غيرها من السور كي تظهر؟
الرعد مُميَّزة من حيثيَّةِ ذِكْر "الكتب" إذ تستهلُ بقولِه عزَّ وجلَّ:
المر تِلكَ ءَايَتُ الكِتَبِ ... {13:1}
وتنتهي بقوله تعالى:
وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً، قُلْ كَفَى بِالله شَهِيدًا بَيْنى وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتبِ {13:43}
ولم تردْ عبارةُ "عِلْمُ الْكِتبِ" في المُصحفِ إلَّا هنا وبِصِيغةٍ مشابهةٍ في سُورةِ النمل في الآيةِ 40: { ... قَالَ الَّذِى عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَبِ ...}.
فالرعد مُحاطةٌ بكلمتي {كتب} من أوَّلِها وآخرِها، ولا توجدُ سُورةٌ أخرى في المُصحفِ الشريفِ بهذه الميزةِ، بل لا تنتهي أي سُورةٍ بكلمةِ {الكتب} سواها في المصحف الشريف.
هذا أحد الأمور الظاهرة في السورة وهو مرتبط بقوة بالكتاب وبعلمه.
مما قيل في الذي عنده "عِلْمُ الْكِتبِ" أنهم علماءُ بني إسرائيلَ، وهذا قول لا ينبغي ولا أساس له. فكيف يكونُ علماءُ بني إسرائيلَ شهوداً على صِدق نبوءةِ سيدنا محمدٍ، وهم أنفسُهم الذين وصَفهم العليمُ بهم تبارك وتعالى في الكثير من الآياتِ بالكذبِ وتحريفِ الكتاب؟
كما إنَّه سُبحانَهُ رفعَ من صِدْق هذا الشاهدِ إلى أنْ يكونَ شاهداً معه سُبحانَهُ وأنَّ شهادتَه تُغْني عن شهادةِ غَيره من المخلوقين! فكيف يكونُ من أَّضَّلَ قومَهُ وحرَّفَ كُتبَ الله سُبحانَهُ شاهدَ صِدقٍ على كُتب الآخرين؟
عند دراسة سورة مريم من منظور العدد 19 قلنا إن العدد 9 يعني الخضوع والمعاناة والإنسان وبالتالي بحثنا في قضيتين حولها وهما أولا إظهار أن معانيها تختصُ بتوضيح ضعف ومعاناة الجنس البشري، وثانيا أنها - لأنَّ ترتيبها 19 يستدعي ذلك - تَسْتعمِلُ مُفردات تحمل معاني "القرب والبعد" في إشارةٍ إلى قرب وبعد الإنسان 9 من ربِّه الواحد 1 ...
وسنتخذ في هذا المقال لسورة الرعد والتي ترتيبها 13 النهج نفسه، بحيث نضع تصورا لمعنى الرقم 3 ثم نبحث عن معاني هذا الرقم فيها، ثم ثانيا نبحث في معاني تقريب هذا الرقم 3 من الواحد 1 ليظهر معنى ترتيب السورة 13.
الآن، الرقم 3 كما ندعي وكما سيجري بيانه وإثباته يُمثلُ المبدأ الكوني المتمثل بخروج الشيء من ضده والذي تكلمنا عنه عند دراسة سور الأحزاب والنور وغيرها. لذا سنبحث عن أمرين في الرعد:
الأمر الأول: معاني متصادمة بجوار بعضها البعض، لأن خروج الشيء من عكسه يتطلب ذلك.
الأمر الثاني: أهم ما في خروج الشيء من عكسه في الكون هو هداية الإنسان من الضلال، إذ إن هذا هو الأساس في خلق الإنسان الذي خلق لينيب ويهتدي لربه الواحد سبحانه، كما كانت عودة آدم عليه السلام وإنابته، وكما ورد في الأحاديث النبوية: والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم غيركم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم.
فقد بيَّنا عند دراسة سورة الأحزاب والتي ترتيبها 33 في المصحف أن الرقم 3 يُمثلُ المبدأ الكوني المتمثل بخروج الشيء من عكسه. وقلنا أن أهم ما في خروج الشيء من عكسه هو هداية الإنسان من الجهل أو الضلال، إذ إن الهدى هو الأساس في خلق الإنسان الذي خلق لينيب ويهتدي لله سبحانه، فالرقم 3 يعني الهدى أو النور والبيان. كما إن الإنسان بحد ذاته يمثل ضربا من ضروب خروج الشيء من ضده إذ هو الخليفة لكن أصل خلقه من طين ثم من ماء مهين.
ولذا فالآيات والسور التي تحمل في ترتيبها الرقم 3 تحوي عادة مفردات تدل على النور، الأنبياء، الهدى، وخروج الأشياء من أضدادها والذي يستدعي أيضا معاني الظهور والغياب والتحول والتغير.
وتكلمنا في مقالات عدة عن السور والآيات التي تحمل في ترتيبها الرقم 3 ونذكر هنا:
أول ذكر لاستخلاف الإنسان أي إصطفاءه جاء في البقرة (2 : 30 – 33)
إصطفاء إبراهيم وذريته في البقرة (2 : 130 – 133)
ترتيب سورة آل عمران 3
خروج الأشياء من عكسها جاء في آل عمران: (3 : 3×3×3)
إصطفاء آل عمران على العالمين: (3 : 33)
إظهار الإسلام على الدين كله في التوبة: (3×3 : 33)
إظهار الإسلام على الدين كله في الصف: (61: 3×3)
إظهار شدة هدى الله تعالى في الرعد، وهو شديد المحال: (13: 13)
ذكر البسملة الغائبة من التوبة في النمل: (3×3×3 : 30)
إختصاص الأحزاب ببيت النبوة الهاشمية الكريمة وترتيبها 33
إختصاص التحريم ببيت النبوة الهاشمية الكريمة وترتيبها 2×33
ذكر تطهير أهل البيت الكرام في الأحزاب: (33 : 33)
ظهور اسمه تعالى الباطن في الحديد: (3×19 : 3)
أمر التسعة عشر من المدثر: (74: 30)
ذكر الرسول الكريم في التكوير: (3×3×3×3 : 19)
كما ورد القمر وتصريفاته 3×3×3 مرة في المُصحفِ.
ووردت الشمسِ وتصريفاتِها 33 مرةً في المُصحفِ.
وردتْ كلمة {النَّبِى} أو {للنَّبِى} معرفةً بهذا الرسمِ بقصدِ سيدنا محمدٍ في المُصحفِ 33 مرة ((مع العلم أنَّه لا تأتي هاتان الكلمتان إلا بقصدِ سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم، ولم تأتيان بقصدِ غيره من الأنبياء قط.))
ولأن ترتيب النمل 27 أي 3×3×3 نتوقع فيها معاني ومفردات تشير إلى معاني الرقم 3 أعلاه.
لذا سنبحث عن معاني الإناية والعودة إلى الله الواحد 1 لتكوين العدد 13 ... وخاصةً في الآيات التي يحمل ترتيبها رقم 3 أو مُضعفاته ...
من هذا المنظور، فالعدد 13 يرمز لـ : تغير حالة الأمم من الضلال إلى الهدى ومن الظلام إلى النور وتقربها من الواحد 1 جلّ جلاله.
واختصارا للمساحة فسنستعرض الأمرين معاً تالياً:
اسم السورة الرعد، والرعد صوت ناتج عن تصادم سحب بشحنات كهربائية موجبة بأخرى سالبة فيحدث تفريغ كهربائي ينتج عنه الصوت.
كما إن الرعد يتبع البرقِ وهو عادة نورٌ يخرجُ من الظلام لأنَّ السحب التي تخرج البرق تكون في العادة مثقلة داكنة. وبذا نجد ظلاما ونورا في ذات الوقت.
ويسبب الرعد خوفاً وطمعاً للناس في آنٍ واحدٍ. فهم يخافونه وفي نفس الوقت يحبونه ويطمعون في غيثه:
هُوَ الذى يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشئ السَّحَابَ الثِّقَالَ {الرعد: 12}
كذلك من الملفت تكرار الشطر الأول من الآييتين 7 و 27:
وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لولا أُنزِلَ عَلَيْهِ ءايَةٌ مِّن رَّبِّهِ، إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ (الرعد: 7)
وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لولا أُنزِلَ عَلَيْهِ ءايَةٌ مِّن رَّبِّهِ، قُلْ إِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدى إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ (الرعد:27)
الشطر الأول يسأل عن آية {لولا أُنزِلَ عَلَيْهِ ءايَةٌ مِّن رَّبِّهِ؟}، فلابد من وجودِ آية منزلة فيما يلي من الجُملة! فأين هي؟
الجواب على السؤال موجود في الآيتين وهو إخراج الهداية من الضلال. هذه هي الآية المنزلة المطلوبة.
نلفت النظر إلى أنَّ الآية 27 أي الرقم 3 للقوة 3 (3 × 3 × 3) من سورة السجدة تتحدث أيضاً عن إخراج الحياة من الموت:
أوَلَمْ يَرَوْا أنَّا نَسُوقُ المَاءَ إلَى الأرْضِ الجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ، أَفَلَا يُبْصِرُونَ
{3 × 3 × 3}
فإحياءُ الأرضِ الميتةِ (الجُرُزِ) بالماءِ المُنزلِ من السماءِ يعني إحياءَ الأنفسِ والأمم الميتةِ بالهُدى المنزلِ من السماءِ.
فكما إنَّ الماءَ يُحْيي الأرضَ الجُرُزَ بعد مَوتِها، فإنَّ رَحْمةَ الله تُحْيي الأنفسَ الميتةَ وسُورَ القُرآن بعد موتِها في العقولِ والقلوبِ ... فلا حَياةَ بلا ماء، ولا هدىً ولا فتحاً بلا رَحْمةٍ من الله تبارك وتعالى ...
نعود الآن للرعد:
تأمل في العباراتِ التاليةِ التي تشير إلى أنَّ السورةَ في مجملها تُعنى بإخراج الشيء من ضِدِّه وذكر المتعاكسات:
ففي الآية 3 جاء ذكر {مَدّ الأَرْضَ}: وَهُوَ الَّذِى مَدَّ الأَرْضَ ...
وفي الآية 41 جاء ذكر {نقصان الأرض}: أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِى الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا ... والمدّ عكسُ النقص ...
والليل وعكسه "النهار" في الآية 3: وَمِن كُلِّ الثَّمَراتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ، يُغْشِى الَّيل النَّهَارَ ... {3}
... وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ ... {4}
وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ {6}
اللهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شىءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ {8}
عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ {9}
سَوَاءٌ مِّنكُم مَّنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَن جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاليلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ {10}.
لَهُ مُعَقِّباتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حتى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ {11}.
وفي الآية 15 تتوالى ثلاثة متعاكسات: ولله يَسْجُدُ مَن فِى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ {15}.
وهذه المتعاكسات هي:
الأشياء تسجد لله تعالى وظلها ... والظل هو عكسٌ للشيء ...
الطوع وعكسه الكره ... والغدو وعكسه الآصال ...
وظِّل الشيء ملازمٌ له، كما إنَّ الغُدُوَّ ملازمٌ للآصال ...
لاَ يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا، قُلْ هَلْ يَسْتَوى الأعمى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوى الظُّلُماتُ وَالنُّورُ ... {16}
كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِى الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الأَمْثَالَ {17}
لِلَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمُ الْحُسْنى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُواْ ... {18}
أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى، {19} ...
ثم في الآيات 20 ، 21 و 25: الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَلاَ يِنقُضُونَ الْمِيثاقَ {20} وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ {21} ...
ونلحظ كلمات الصلة: المثاق، الوفاء، والوصل.
وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِن بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فى الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ {25} ...
وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً، وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ {22} ...
مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتى وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرى مِن تَحْتِهَا الأَنْهارُ أُكُلُهَا دائِمٌ وِظِلُّهَا، تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّعُقْبَى الْكافِرِينَ النَّارُ {35} ...
يَمْحُوا اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ ... {39}
وإن مَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِى نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ {40} ...
الَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالِحتِ طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مآبٍ {29} ...
قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُوا وَإِلَيْهِ مآبِ {36}
والمآب هو العودة والاستقرار والراحة.
في الآية 13، وردت عبارة {وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَال} ولم يرد هذا الاسم العظيم في أي موضع آخر من المصحف، ولم يرد في معناه أي علم موثق. سنبين بعد قليل أنَّ {الْمِحَال} هو الهُدى، فتكون {وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَال} أي شديد الهُدى للناس بعد الضلال.
ثم وفي الآية 30، نجدُ أنَّها تنتهي بذكر التوبةِ في إشارة للتحول من الضلال للهدى.
{... قُلْ هُوَ رَبِّى لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ} ...
وفي الآية 33 نجدُ أيضاً إشارةً أخرى إلى الهُدى والضلال: {... وَمَن يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} ...
النَصُّ القُرآنيُّ من أوَّلِ سُورةِ الرعدِ إلى نهايةِ الآيةِ 13 والرَّقيمُ
وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاءُ
وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِى الله
{{ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَال }}
{ 13 : 13 : 13 }
آيةُ 13 أميَزُ الأميزِ. فمنها اشتُقَ اسمُ السُورةِ وفيها ذُكِر اسمه تعالى {شدِيدُ المِحَال} ولم يأتي في أيِّ موضِعٍ آخر من المُصحفِ ... ولا يُعرفُ معناه على وجه الدقة ...
تتميز الآيةُ الكريمةُ أيضاً بأنَّ ترتيبَها في السُورةِ هو نفسه رقم السُورة ... وهو نفسه رقم الجزء ...
كذلك فعددُ الأحرفِ الكُلي من بدايةِ السُورة إلى نهايةِ لفظ الجلالة عند قولِه تعالى {وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِى الله} يساوى ألفَ حرفٍ، أي 1000 حرف ....
وعددُ أحرفِ {وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَال} = 13 ! فيكونُ العدد الكلى للأحرف من أوَّلِ السُورةِ إلى نِهايةِ الآيةِ 13 في السُورةِ 13 الواقعة في الجزءِ 13 من القُرآنِ هو:
1000 + 13 = 1013
كذلك فعددُ أحرفِ "ل" من أوَّلِ السُورةِ إلى نهايةِ كلمةِ {المحال} يُسَاوي 130 لاماً ...
والحكمة من هذا أن (جُمّلَ) أي وزن الحرف ( ل ) هو 30 ...
وهذا العددُ 130 له صورة العددِ 13 المُمَيَّزُ في السُورةِ وفي هذا النصِّ تحديداً ....
وكذلك فعددُ أحرف ألف المدِّ ((ا)) والذي يرمُزُ لله تبارك وتعالى في نفس النصِّ يُساوي 109 وهذا العدد أيضاً يعني العبوديَّةَ كما بيَّناه مراراً في بحوثنا ...
يقودُنا ما سبق إلى سؤالِ: ما المقصودُ بـ {الْمِحَال}؟ وما هي علاقته بـ "الرعد" وبموضوع السورة الذي بينا أنَّه يتمحور حول إخراج الشيء من ضدِّه وتحديداً إخراج الهدى من الضلال؟
نقول أنَّ المِحالَ هو الهُدَى وتغير حالة الخلائق دوما وباستمرار وبلا توقف ... فكما يُخرجُ تبارك وتعالى نور البرق من السحب الداكنة، فهو يُخرجُ الهُدى من الضلال ... فهو شدِيدُ الهُدَى ...
فالمحال لغة من حال يحول أي يتغير، ومنها الحَوْل أي السنة التي تتغير باستمرار. فحَالَ الشيءُ إذا تغير من حال إلى لآخر، وحَوّلَه أي غيّرَه.
فمعنى "وهو شديد المحال" هو أنه تعالى "شديد تغير أحوال الناس" وبالأخص من الضلال إلى الهدى.
ومن هذا المنظور ننظر إلى الآيتين 13 و 14:
ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء، وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال (13) له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه وما دعاء الكافرين إلا في ضلال (14)
أثبتنا في مقال منفصل منشور أن الماء في عالم الشهادة يقابله الهدى في عالم الغيب.
والرعد تتحدث عن خروج الهدى من الضلال. بهذا، الآية 13 تتحدث عن الأمر الإلهي بنزول الماء من "الأعلى" أي نزول الهدى وتغيير الحال منه تعالى، بينما الآية 14 تتحدث عن النقيض وهو ماء في الأسفل في وعاء أو بئر أي هدى الأمم السابقة.
فالناس في الآية 14 يركنون إلى أسلافهم ويمجدونهم ويرجون الخير منهم ولا يعملون بأنفسهم كي يكونوا مثلهم في الخير والصلاح والعمل كمن يرجو أن يرتفع له ماء البئر أو الوعاء بالنظر إليه وبسط الكفين إليه بلا عمل.
كما إنهم يجادلون في قدرته تعالى على هداية الناس وتحوّل حالهم ويقنطون من رحمته "وهم يجادلون في الله"، بينما لا يدركون أنه تعالى "شديد المحال" أي شديد في هدى الناس وقادر على التغيير من السماء وأنه كما أنزل رحمته على من سبقهم قادر على إنزال الرحمة لهم متى آمنوا بذلك.
وللتأكيدِ على هذا المعنى حِسابيَّاً نجمعُ أحرفَ كلمةِ {المحال} في المقتطف القرآني من أوَّلِ السُورةِ إلى نهايةِ كلمةِ {المحال} فنجِدُ أنَّها 324 (ألف مد=109 + ل=130 + م=73 + ح=12) ...
ونجمعُ أحرفَ كلمةِ (الهدى) فنجِدُ أنَّها أيضاً 324 (ألف مد=109 + ل=130 + هـ =43 + د=25 + ياء غير منقوطة=17) ...
ملاحظة: عند حساب الأحرف فإننا نميز بين الياء المنقوطة والياء المنقوطة لأننا نعتقد أن لكل نقطة في كلامه تعالى حكمة وسبب.
فالنصُّ من أوَّلِ السُورةِ إلى نهايةِ كلمةِ {المحال} يقول حِسابيَّاً ...
المحال هو الهُدى
لاحظْ أنَّ الآية 13 تنتهي بالمحال أي الهدى بينما 14 تنتهي بكلمة {ضَلَالٍ}.
وقد بيَّنا أنَّ هذه السورةَ يكثرُ فيها ذِكرُ الأضدادِ، ولأنَّ الضِدَّ من الضلالِ هو الهدى، فإنَّ آخر الكلماتِ من الآيتين 13 و 14 تومئ إلى أنَّ المحالَ هو الهدى ...
كذلك لو جمعنا أحرفَ كلمة {رعد} في النصِّ السابقِ أي من أوَّلِ السُورةِ إلى نهايةِ كلمةِ {المحال} نجِدُ أنَّها 103 (ر=49 + ع=29 + د=25) ، وهو يأخذُ صورةَ العددِ 13 ...
وهو أيضا جُمَّلُ كلمةِ (السجدة) ( ألف=1 + ل=30 + س=60 + ج=3 + د=4 +ة=5). أي أنَّ الأحرفَ من أوَّلِ السُورةِ إلى نهايةِ كلمةِ {المحال} تقول حِسابيَّاً:
يسجد الرعد
والسُجُودُ والتسبيحُ عبادتانِ مترادفتانِ في القُرآنِ. فتصبحُ هذه المساواة ذاتَ مغزىً جميلٍ إذ أنَّ سُجُود الرعد هو نوع من التسبيح وقد اقترن الرعد بالتسبيح لغوياً {ويسبح الرعد} في أوَّلِ الآيةِ 13 وها هو يقترن به حِسابيَّاً.
كذلك فالمساواة بين أحرف كلمة (رعد) التي وجدنا أنَّها 103 وجُمَّل كلمة (السجدة) تختزن العددين 3 و 1 والمُكونانِ لرقم السُورةِ ورقم الآية.
كذلك وللبيانِ أنَّ العدد 13 مُميزٌ في سورةِ الرعد نُشيرُ إلى أنَّه إذا أحصينا كلمات "كتاب" و "الكتاب" من أولِ المصحفِ الشريفِ إلى نهاية سورة الرعد، فإنَّ ترتيب كلمةِ "الكتاب" في آخر سورةِ الرعد هو 130 ....
وأخيراً فقد فصلنا عن {الم} في مقال أخر وقلنا أنَّها الأحرف الثلاثة الأولى من كلمة {المـــبين}، وأنَّ الحرف {ر} أول حرف من كلمة {رقم}، فيكون معنى {المــر} الذي تستهل به الرعد:
المــر ... تلك آيات الكتاب والذي أنزل إليك من ربك الحق ولكن أكثر الناس لا يؤمنون (الرعد:1)
هو {المبين رقم} ... وبذا يصبح:
المبين رقم ... تلك آيات الكتاب والذي أنزل إليك من ربك الحق ...
ولأننا في هذا الفصل بيّنا أنَّ الآيات التي تحمل في ترتيبها الرقم 3 تشيرُ إلى خروج الشيء من ضدِّه، ولأنَّه ليس أبين من ذلك، فالرقم المبين في الرعد هو الرقم 3 ...
بهذا،
لو قلنا أنَّ الر ترمزُ لـ الرقم كما بيناه في مقالات أخرى ... وأعدنا كِتابةَ آخرِ آيةٍ من الرعدِ وأولِ آيةٍ من إبراهيم التي تتبعها كما يلي، نجد:
وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً، قُلْ كَفَى بِالله شَهيداً بَيْنى وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ، الَرَّ ((قمُ ))، كِتَبٌ
أنزَلنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ...
وبهذا وصلنا بين الرعد وإبراهيم من منظور الرقم 3.
ومن الملفت الآن معرفة أنَّ عددَ أحرفِ الرعد هو 3500 وأنَّ عددَ أحرفِ سورة إبراهيم هو 3497 فيكونُ الفرقُ بينهما هو 3 أحرفٍ ...
نشير إلى أن لموضوع سورة الرعد مفاهيم , وأدلة أخرى التي لم نتطرق لها خوفا من الإطالة، ونحسب أن ما أظهرناه يكفي لتوضيح الفكرة.
وسبحانه وتعالى عما نقول علوا كبيرا
والحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على سيدنا محمد المصطفى الأمين
وآله وصحبه ومن سار على هديه ببصيرة إلى يوم الدين
صوت الرعدِ أقوى صوتٍ يسمعه الإنسان في الطبيعة. فإنْ كان كذلك فلابد وأنَّ لسورةِ الرعد صوتاً أو صيحة واضحةً وضوح فرقعةِ الرعد في الليلية الهادئة! وضوح نور البرق في الظلمات ...
فما الأمر الواضح في الرعد؟
كمقدمة، ما الذي يميزُ الرعد عن غيرها من السور كي تظهر؟
الرعد مُميَّزة من حيثيَّةِ ذِكْر "الكتب" إذ تستهلُ بقولِه عزَّ وجلَّ:
المر تِلكَ ءَايَتُ الكِتَبِ ... {13:1}
وتنتهي بقوله تعالى:
وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً، قُلْ كَفَى بِالله شَهِيدًا بَيْنى وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتبِ {13:43}
ولم تردْ عبارةُ "عِلْمُ الْكِتبِ" في المُصحفِ إلَّا هنا وبِصِيغةٍ مشابهةٍ في سُورةِ النمل في الآيةِ 40: { ... قَالَ الَّذِى عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَبِ ...}.
فالرعد مُحاطةٌ بكلمتي {كتب} من أوَّلِها وآخرِها، ولا توجدُ سُورةٌ أخرى في المُصحفِ الشريفِ بهذه الميزةِ، بل لا تنتهي أي سُورةٍ بكلمةِ {الكتب} سواها في المصحف الشريف.
هذا أحد الأمور الظاهرة في السورة وهو مرتبط بقوة بالكتاب وبعلمه.
مما قيل في الذي عنده "عِلْمُ الْكِتبِ" أنهم علماءُ بني إسرائيلَ، وهذا قول لا ينبغي ولا أساس له. فكيف يكونُ علماءُ بني إسرائيلَ شهوداً على صِدق نبوءةِ سيدنا محمدٍ، وهم أنفسُهم الذين وصَفهم العليمُ بهم تبارك وتعالى في الكثير من الآياتِ بالكذبِ وتحريفِ الكتاب؟
كما إنَّه سُبحانَهُ رفعَ من صِدْق هذا الشاهدِ إلى أنْ يكونَ شاهداً معه سُبحانَهُ وأنَّ شهادتَه تُغْني عن شهادةِ غَيره من المخلوقين! فكيف يكونُ من أَّضَّلَ قومَهُ وحرَّفَ كُتبَ الله سُبحانَهُ شاهدَ صِدقٍ على كُتب الآخرين؟
عند دراسة سورة مريم من منظور العدد 19 قلنا إن العدد 9 يعني الخضوع والمعاناة والإنسان وبالتالي بحثنا في قضيتين حولها وهما أولا إظهار أن معانيها تختصُ بتوضيح ضعف ومعاناة الجنس البشري، وثانيا أنها - لأنَّ ترتيبها 19 يستدعي ذلك - تَسْتعمِلُ مُفردات تحمل معاني "القرب والبعد" في إشارةٍ إلى قرب وبعد الإنسان 9 من ربِّه الواحد 1 ...
وسنتخذ في هذا المقال لسورة الرعد والتي ترتيبها 13 النهج نفسه، بحيث نضع تصورا لمعنى الرقم 3 ثم نبحث عن معاني هذا الرقم فيها، ثم ثانيا نبحث في معاني تقريب هذا الرقم 3 من الواحد 1 ليظهر معنى ترتيب السورة 13.
الآن، الرقم 3 كما ندعي وكما سيجري بيانه وإثباته يُمثلُ المبدأ الكوني المتمثل بخروج الشيء من ضده والذي تكلمنا عنه عند دراسة سور الأحزاب والنور وغيرها. لذا سنبحث عن أمرين في الرعد:
الأمر الأول: معاني متصادمة بجوار بعضها البعض، لأن خروج الشيء من عكسه يتطلب ذلك.
الأمر الثاني: أهم ما في خروج الشيء من عكسه في الكون هو هداية الإنسان من الضلال، إذ إن هذا هو الأساس في خلق الإنسان الذي خلق لينيب ويهتدي لربه الواحد سبحانه، كما كانت عودة آدم عليه السلام وإنابته، وكما ورد في الأحاديث النبوية: والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم غيركم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم.
فقد بيَّنا عند دراسة سورة الأحزاب والتي ترتيبها 33 في المصحف أن الرقم 3 يُمثلُ المبدأ الكوني المتمثل بخروج الشيء من عكسه. وقلنا أن أهم ما في خروج الشيء من عكسه هو هداية الإنسان من الجهل أو الضلال، إذ إن الهدى هو الأساس في خلق الإنسان الذي خلق لينيب ويهتدي لله سبحانه، فالرقم 3 يعني الهدى أو النور والبيان. كما إن الإنسان بحد ذاته يمثل ضربا من ضروب خروج الشيء من ضده إذ هو الخليفة لكن أصل خلقه من طين ثم من ماء مهين.
ولذا فالآيات والسور التي تحمل في ترتيبها الرقم 3 تحوي عادة مفردات تدل على النور، الأنبياء، الهدى، وخروج الأشياء من أضدادها والذي يستدعي أيضا معاني الظهور والغياب والتحول والتغير.
وتكلمنا في مقالات عدة عن السور والآيات التي تحمل في ترتيبها الرقم 3 ونذكر هنا:
أول ذكر لاستخلاف الإنسان أي إصطفاءه جاء في البقرة (2 : 30 – 33)
إصطفاء إبراهيم وذريته في البقرة (2 : 130 – 133)
ترتيب سورة آل عمران 3
خروج الأشياء من عكسها جاء في آل عمران: (3 : 3×3×3)
إصطفاء آل عمران على العالمين: (3 : 33)
إظهار الإسلام على الدين كله في التوبة: (3×3 : 33)
إظهار الإسلام على الدين كله في الصف: (61: 3×3)
إظهار شدة هدى الله تعالى في الرعد، وهو شديد المحال: (13: 13)
ذكر البسملة الغائبة من التوبة في النمل: (3×3×3 : 30)
إختصاص الأحزاب ببيت النبوة الهاشمية الكريمة وترتيبها 33
إختصاص التحريم ببيت النبوة الهاشمية الكريمة وترتيبها 2×33
ذكر تطهير أهل البيت الكرام في الأحزاب: (33 : 33)
ظهور اسمه تعالى الباطن في الحديد: (3×19 : 3)
أمر التسعة عشر من المدثر: (74: 30)
ذكر الرسول الكريم في التكوير: (3×3×3×3 : 19)
كما ورد القمر وتصريفاته 3×3×3 مرة في المُصحفِ.
ووردت الشمسِ وتصريفاتِها 33 مرةً في المُصحفِ.
وردتْ كلمة {النَّبِى} أو {للنَّبِى} معرفةً بهذا الرسمِ بقصدِ سيدنا محمدٍ في المُصحفِ 33 مرة ((مع العلم أنَّه لا تأتي هاتان الكلمتان إلا بقصدِ سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم، ولم تأتيان بقصدِ غيره من الأنبياء قط.))
ولأن ترتيب النمل 27 أي 3×3×3 نتوقع فيها معاني ومفردات تشير إلى معاني الرقم 3 أعلاه.
لذا سنبحث عن معاني الإناية والعودة إلى الله الواحد 1 لتكوين العدد 13 ... وخاصةً في الآيات التي يحمل ترتيبها رقم 3 أو مُضعفاته ...
من هذا المنظور، فالعدد 13 يرمز لـ : تغير حالة الأمم من الضلال إلى الهدى ومن الظلام إلى النور وتقربها من الواحد 1 جلّ جلاله.
واختصارا للمساحة فسنستعرض الأمرين معاً تالياً:
اسم السورة الرعد، والرعد صوت ناتج عن تصادم سحب بشحنات كهربائية موجبة بأخرى سالبة فيحدث تفريغ كهربائي ينتج عنه الصوت.
كما إن الرعد يتبع البرقِ وهو عادة نورٌ يخرجُ من الظلام لأنَّ السحب التي تخرج البرق تكون في العادة مثقلة داكنة. وبذا نجد ظلاما ونورا في ذات الوقت.
ويسبب الرعد خوفاً وطمعاً للناس في آنٍ واحدٍ. فهم يخافونه وفي نفس الوقت يحبونه ويطمعون في غيثه:
هُوَ الذى يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشئ السَّحَابَ الثِّقَالَ {الرعد: 12}
كذلك من الملفت تكرار الشطر الأول من الآييتين 7 و 27:
وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لولا أُنزِلَ عَلَيْهِ ءايَةٌ مِّن رَّبِّهِ، إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ (الرعد: 7)
وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لولا أُنزِلَ عَلَيْهِ ءايَةٌ مِّن رَّبِّهِ، قُلْ إِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدى إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ (الرعد:27)
الشطر الأول يسأل عن آية {لولا أُنزِلَ عَلَيْهِ ءايَةٌ مِّن رَّبِّهِ؟}، فلابد من وجودِ آية منزلة فيما يلي من الجُملة! فأين هي؟
الجواب على السؤال موجود في الآيتين وهو إخراج الهداية من الضلال. هذه هي الآية المنزلة المطلوبة.
نلفت النظر إلى أنَّ الآية 27 أي الرقم 3 للقوة 3 (3 × 3 × 3) من سورة السجدة تتحدث أيضاً عن إخراج الحياة من الموت:
أوَلَمْ يَرَوْا أنَّا نَسُوقُ المَاءَ إلَى الأرْضِ الجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ، أَفَلَا يُبْصِرُونَ
{3 × 3 × 3}
فإحياءُ الأرضِ الميتةِ (الجُرُزِ) بالماءِ المُنزلِ من السماءِ يعني إحياءَ الأنفسِ والأمم الميتةِ بالهُدى المنزلِ من السماءِ.
فكما إنَّ الماءَ يُحْيي الأرضَ الجُرُزَ بعد مَوتِها، فإنَّ رَحْمةَ الله تُحْيي الأنفسَ الميتةَ وسُورَ القُرآن بعد موتِها في العقولِ والقلوبِ ... فلا حَياةَ بلا ماء، ولا هدىً ولا فتحاً بلا رَحْمةٍ من الله تبارك وتعالى ...
نعود الآن للرعد:
تأمل في العباراتِ التاليةِ التي تشير إلى أنَّ السورةَ في مجملها تُعنى بإخراج الشيء من ضِدِّه وذكر المتعاكسات:
ففي الآية 3 جاء ذكر {مَدّ الأَرْضَ}: وَهُوَ الَّذِى مَدَّ الأَرْضَ ...
وفي الآية 41 جاء ذكر {نقصان الأرض}: أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِى الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا ... والمدّ عكسُ النقص ...
والليل وعكسه "النهار" في الآية 3: وَمِن كُلِّ الثَّمَراتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ، يُغْشِى الَّيل النَّهَارَ ... {3}
... وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ ... {4}
وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ {6}
اللهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شىءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ {8}
عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ {9}
سَوَاءٌ مِّنكُم مَّنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَن جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاليلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ {10}.
لَهُ مُعَقِّباتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حتى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ {11}.
وفي الآية 15 تتوالى ثلاثة متعاكسات: ولله يَسْجُدُ مَن فِى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ {15}.
وهذه المتعاكسات هي:
الأشياء تسجد لله تعالى وظلها ... والظل هو عكسٌ للشيء ...
الطوع وعكسه الكره ... والغدو وعكسه الآصال ...
وظِّل الشيء ملازمٌ له، كما إنَّ الغُدُوَّ ملازمٌ للآصال ...
لاَ يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا، قُلْ هَلْ يَسْتَوى الأعمى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوى الظُّلُماتُ وَالنُّورُ ... {16}
كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِى الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الأَمْثَالَ {17}
لِلَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمُ الْحُسْنى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُواْ ... {18}
أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى، {19} ...
ثم في الآيات 20 ، 21 و 25: الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَلاَ يِنقُضُونَ الْمِيثاقَ {20} وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ {21} ...
ونلحظ كلمات الصلة: المثاق، الوفاء، والوصل.
وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِن بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فى الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ {25} ...
وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً، وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ {22} ...
مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتى وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرى مِن تَحْتِهَا الأَنْهارُ أُكُلُهَا دائِمٌ وِظِلُّهَا، تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّعُقْبَى الْكافِرِينَ النَّارُ {35} ...
يَمْحُوا اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ ... {39}
وإن مَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِى نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ {40} ...
الَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالِحتِ طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مآبٍ {29} ...
قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُوا وَإِلَيْهِ مآبِ {36}
والمآب هو العودة والاستقرار والراحة.
في الآية 13، وردت عبارة {وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَال} ولم يرد هذا الاسم العظيم في أي موضع آخر من المصحف، ولم يرد في معناه أي علم موثق. سنبين بعد قليل أنَّ {الْمِحَال} هو الهُدى، فتكون {وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَال} أي شديد الهُدى للناس بعد الضلال.
ثم وفي الآية 30، نجدُ أنَّها تنتهي بذكر التوبةِ في إشارة للتحول من الضلال للهدى.
{... قُلْ هُوَ رَبِّى لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ} ...
وفي الآية 33 نجدُ أيضاً إشارةً أخرى إلى الهُدى والضلال: {... وَمَن يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} ...
النَصُّ القُرآنيُّ من أوَّلِ سُورةِ الرعدِ إلى نهايةِ الآيةِ 13 والرَّقيمُ
وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاءُ
وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِى الله
{{ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَال }}
{ 13 : 13 : 13 }
آيةُ 13 أميَزُ الأميزِ. فمنها اشتُقَ اسمُ السُورةِ وفيها ذُكِر اسمه تعالى {شدِيدُ المِحَال} ولم يأتي في أيِّ موضِعٍ آخر من المُصحفِ ... ولا يُعرفُ معناه على وجه الدقة ...
تتميز الآيةُ الكريمةُ أيضاً بأنَّ ترتيبَها في السُورةِ هو نفسه رقم السُورة ... وهو نفسه رقم الجزء ...
كذلك فعددُ الأحرفِ الكُلي من بدايةِ السُورة إلى نهايةِ لفظ الجلالة عند قولِه تعالى {وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِى الله} يساوى ألفَ حرفٍ، أي 1000 حرف ....
وعددُ أحرفِ {وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَال} = 13 ! فيكونُ العدد الكلى للأحرف من أوَّلِ السُورةِ إلى نِهايةِ الآيةِ 13 في السُورةِ 13 الواقعة في الجزءِ 13 من القُرآنِ هو:
1000 + 13 = 1013
كذلك فعددُ أحرفِ "ل" من أوَّلِ السُورةِ إلى نهايةِ كلمةِ {المحال} يُسَاوي 130 لاماً ...
والحكمة من هذا أن (جُمّلَ) أي وزن الحرف ( ل ) هو 30 ...
وهذا العددُ 130 له صورة العددِ 13 المُمَيَّزُ في السُورةِ وفي هذا النصِّ تحديداً ....
وكذلك فعددُ أحرف ألف المدِّ ((ا)) والذي يرمُزُ لله تبارك وتعالى في نفس النصِّ يُساوي 109 وهذا العدد أيضاً يعني العبوديَّةَ كما بيَّناه مراراً في بحوثنا ...
يقودُنا ما سبق إلى سؤالِ: ما المقصودُ بـ {الْمِحَال}؟ وما هي علاقته بـ "الرعد" وبموضوع السورة الذي بينا أنَّه يتمحور حول إخراج الشيء من ضدِّه وتحديداً إخراج الهدى من الضلال؟
نقول أنَّ المِحالَ هو الهُدَى وتغير حالة الخلائق دوما وباستمرار وبلا توقف ... فكما يُخرجُ تبارك وتعالى نور البرق من السحب الداكنة، فهو يُخرجُ الهُدى من الضلال ... فهو شدِيدُ الهُدَى ...
فالمحال لغة من حال يحول أي يتغير، ومنها الحَوْل أي السنة التي تتغير باستمرار. فحَالَ الشيءُ إذا تغير من حال إلى لآخر، وحَوّلَه أي غيّرَه.
فمعنى "وهو شديد المحال" هو أنه تعالى "شديد تغير أحوال الناس" وبالأخص من الضلال إلى الهدى.
ومن هذا المنظور ننظر إلى الآيتين 13 و 14:
ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء، وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال (13) له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه وما دعاء الكافرين إلا في ضلال (14)
أثبتنا في مقال منفصل منشور أن الماء في عالم الشهادة يقابله الهدى في عالم الغيب.
والرعد تتحدث عن خروج الهدى من الضلال. بهذا، الآية 13 تتحدث عن الأمر الإلهي بنزول الماء من "الأعلى" أي نزول الهدى وتغيير الحال منه تعالى، بينما الآية 14 تتحدث عن النقيض وهو ماء في الأسفل في وعاء أو بئر أي هدى الأمم السابقة.
فالناس في الآية 14 يركنون إلى أسلافهم ويمجدونهم ويرجون الخير منهم ولا يعملون بأنفسهم كي يكونوا مثلهم في الخير والصلاح والعمل كمن يرجو أن يرتفع له ماء البئر أو الوعاء بالنظر إليه وبسط الكفين إليه بلا عمل.
كما إنهم يجادلون في قدرته تعالى على هداية الناس وتحوّل حالهم ويقنطون من رحمته "وهم يجادلون في الله"، بينما لا يدركون أنه تعالى "شديد المحال" أي شديد في هدى الناس وقادر على التغيير من السماء وأنه كما أنزل رحمته على من سبقهم قادر على إنزال الرحمة لهم متى آمنوا بذلك.
وللتأكيدِ على هذا المعنى حِسابيَّاً نجمعُ أحرفَ كلمةِ {المحال} في المقتطف القرآني من أوَّلِ السُورةِ إلى نهايةِ كلمةِ {المحال} فنجِدُ أنَّها 324 (ألف مد=109 + ل=130 + م=73 + ح=12) ...
ونجمعُ أحرفَ كلمةِ (الهدى) فنجِدُ أنَّها أيضاً 324 (ألف مد=109 + ل=130 + هـ =43 + د=25 + ياء غير منقوطة=17) ...
ملاحظة: عند حساب الأحرف فإننا نميز بين الياء المنقوطة والياء المنقوطة لأننا نعتقد أن لكل نقطة في كلامه تعالى حكمة وسبب.
فالنصُّ من أوَّلِ السُورةِ إلى نهايةِ كلمةِ {المحال} يقول حِسابيَّاً ...
المحال هو الهُدى
لاحظْ أنَّ الآية 13 تنتهي بالمحال أي الهدى بينما 14 تنتهي بكلمة {ضَلَالٍ}.
وقد بيَّنا أنَّ هذه السورةَ يكثرُ فيها ذِكرُ الأضدادِ، ولأنَّ الضِدَّ من الضلالِ هو الهدى، فإنَّ آخر الكلماتِ من الآيتين 13 و 14 تومئ إلى أنَّ المحالَ هو الهدى ...
كذلك لو جمعنا أحرفَ كلمة {رعد} في النصِّ السابقِ أي من أوَّلِ السُورةِ إلى نهايةِ كلمةِ {المحال} نجِدُ أنَّها 103 (ر=49 + ع=29 + د=25) ، وهو يأخذُ صورةَ العددِ 13 ...
وهو أيضا جُمَّلُ كلمةِ (السجدة) ( ألف=1 + ل=30 + س=60 + ج=3 + د=4 +ة=5). أي أنَّ الأحرفَ من أوَّلِ السُورةِ إلى نهايةِ كلمةِ {المحال} تقول حِسابيَّاً:
يسجد الرعد
والسُجُودُ والتسبيحُ عبادتانِ مترادفتانِ في القُرآنِ. فتصبحُ هذه المساواة ذاتَ مغزىً جميلٍ إذ أنَّ سُجُود الرعد هو نوع من التسبيح وقد اقترن الرعد بالتسبيح لغوياً {ويسبح الرعد} في أوَّلِ الآيةِ 13 وها هو يقترن به حِسابيَّاً.
كذلك فالمساواة بين أحرف كلمة (رعد) التي وجدنا أنَّها 103 وجُمَّل كلمة (السجدة) تختزن العددين 3 و 1 والمُكونانِ لرقم السُورةِ ورقم الآية.
كذلك وللبيانِ أنَّ العدد 13 مُميزٌ في سورةِ الرعد نُشيرُ إلى أنَّه إذا أحصينا كلمات "كتاب" و "الكتاب" من أولِ المصحفِ الشريفِ إلى نهاية سورة الرعد، فإنَّ ترتيب كلمةِ "الكتاب" في آخر سورةِ الرعد هو 130 ....
وأخيراً فقد فصلنا عن {الم} في مقال أخر وقلنا أنَّها الأحرف الثلاثة الأولى من كلمة {المـــبين}، وأنَّ الحرف {ر} أول حرف من كلمة {رقم}، فيكون معنى {المــر} الذي تستهل به الرعد:
المــر ... تلك آيات الكتاب والذي أنزل إليك من ربك الحق ولكن أكثر الناس لا يؤمنون (الرعد:1)
هو {المبين رقم} ... وبذا يصبح:
المبين رقم ... تلك آيات الكتاب والذي أنزل إليك من ربك الحق ...
ولأننا في هذا الفصل بيّنا أنَّ الآيات التي تحمل في ترتيبها الرقم 3 تشيرُ إلى خروج الشيء من ضدِّه، ولأنَّه ليس أبين من ذلك، فالرقم المبين في الرعد هو الرقم 3 ...
بهذا،
لو قلنا أنَّ الر ترمزُ لـ الرقم كما بيناه في مقالات أخرى ... وأعدنا كِتابةَ آخرِ آيةٍ من الرعدِ وأولِ آيةٍ من إبراهيم التي تتبعها كما يلي، نجد:
وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً، قُلْ كَفَى بِالله شَهيداً بَيْنى وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ، الَرَّ ((قمُ ))، كِتَبٌ
أنزَلنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ...
وبهذا وصلنا بين الرعد وإبراهيم من منظور الرقم 3.
ومن الملفت الآن معرفة أنَّ عددَ أحرفِ الرعد هو 3500 وأنَّ عددَ أحرفِ سورة إبراهيم هو 3497 فيكونُ الفرقُ بينهما هو 3 أحرفٍ ...
نشير إلى أن لموضوع سورة الرعد مفاهيم , وأدلة أخرى التي لم نتطرق لها خوفا من الإطالة، ونحسب أن ما أظهرناه يكفي لتوضيح الفكرة.
وسبحانه وتعالى عما نقول علوا كبيرا
والحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على سيدنا محمد المصطفى الأمين
وآله وصحبه ومن سار على هديه ببصيرة إلى يوم الدين