أم الكتاب الألف ( ا )
مصدر الكتاب والعلوم الإنسانية كلها
جاءت عبارةُ {أُمِّ الْكِتَبِ} في ثلاثة مواضع من المصحفِ الشريف.
هُوَ الَّذِى أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَبَ مِنْهُ ءَايَتٌ مُّحْكَمَتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَبِ وَأُخَرُ مُتَشبهتٌ (آل عمران:7)
يَمْحُوا اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ، وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتبِ {الرعد:39}
وَإِنَّهُ فِى أُمِّ الْكِتَبِ لَدَيْنَا لَعَلِىٌّ حَكِيمٌ {الزخرف:4}
أمَّ الكتبِ من منظورنا تعني أول الأحرف والأرقام، أي حرف (ا) والرقم (1)
فحرف الألف في اللغة سميت ألفاً لأنها تألفُ الحروف كلها، وهي أكثر الحروف دخولا في المنطق، ويقولون: هذه ألفٌ مؤلَّفةٌ، وقد جاء في قول بعضهم في قوله تعالى: (الم) أن الألف اسم من أسماء الله تعالى وتقدس.
كذلك من معاني "الأم" لغة الأصل والعماد والمُولدة. وأمُّ الكتاب هي فاتحة الكتاب لأنها مقدمة المصحف الشريف، ولأنها المقدمة أمام كلِّ سورة في جميع الصلوات.
للكتاب عدة معاني منها "الأحرف والأرقام" إذ إنَّ :
الحرف أو الرقم يُكتبُ فهو كِتاب،
كما إنّ الخبزَ يُطْعَمُ فهو طعام ...
والشايَ يُشْرَبُ فهو شراب.
وأول الأحرف الأبجدية ومقدمته هو الألف ( ا ) : ا – ب – ت - ،
أو في ترتيب أبجد هوز: ا – ب – ج – د – هـ – و – ز ... ،
وأول ومقدمة الأرقام هو ( 1 ) : 1 – 2 – 3 – 4 - ...
وبالتالي يمكن فهم حرف الألف ((ا)) والرقم ((1)) على أنهما أم الكتاب ... أي مقدمة وأوَّلُ الكتابة والحروف والأرقام.
فمعنى "كتاب" لا ينحصر فقط على ما هو متعارفٌ بمعنى مجموعةٍ من الأوراق مثلِ الدفترِ أو الكراسِ، بل إنَّ من معاني "كتاب" في اللغة هو كلُّ ما كتبَ. فجميع الأحرفِ والأرقامِ إنَّما هي "كُتُبٌ" ... فحرفُ الألفِ، أو الباءِ، أو الجيمِ، أو الدَّالِ، إلى آخر الأحرف، والأرقامُ واحدٌ، اثنانٌ، ثلاثةٌ، إلى آخره إنَّما هي "كُتُبٌ" ... أيضاً ...
ومن الأدلة القرآنية الكريمة على إنّ "الكتاب" يمكن أن يكون "حرفا" ما جاء في سورة البينة الكريمة:
رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُوا صُحُفاً مُّطَهَّرَةً {2} فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ {3}
فالصحف هنا الأوراق، والكتب القيمة هي الأحرف والكلمات عليها.
فالأحرف الأبجدية "المعوجة المثنية مثاني" في رسمها مثلاً (ح – ج – خ) أو (ب – ن – ت - ث) أو (ر – ز – د – ذ) ... متشابهةٌ في رسمِها وصورِها.
أمَّا حرفُ ألفِ المدِّ ((ا)) فلا مُشابهَ له في استقامتِه بين الحروف، إذ هو من منظورنا أمُّ الكتب أي أمُّ الحروف أي أصلُها ومُوَّلِدُها
ولأن من معاني الأم هو "المولدة" ... ولأن حرف الألف هو "الأم" فيمكن تصور أن الأحرف المتشابهة المثنية مثاني مولدة وخارجة من أمّها وأصلها التي لا عوج لها... أم الحروف أي أمّ الكتاب حرف الألف ا
فحرف الـ ( هـ ) يتوَّلدُ من أمِّ الكتاب ((ا)) بليِّها كالأنشوطةِ،
وحروف الـ (ب، ن، ت، ث) تتوَّلدُ من ( ا ) بإسقاطها أولاً ثُمَّ ليِّ طرفيها للأعلى،
وحروفُ الـ (ر، ز، د، ذ) تتوَّلدُ من ((ا)) بليِّ طرفها السُفلي للأمام،
والرقم ( 9 ) يتوَّلدُ من ((ا)) بليِّ رأسها على شكل دائرة وثَنيِّ الذيلِ قليلاً،
وهكذا لجميع الأحرف والأرقام ...
فالله تعالى جعل في كلِّ خلقٍ من خلقه مثلاً ورمزاً له يشيرُ له تعالى ويشهدُ بوحدانيته. وهذا المثلُ والرمزُ يكونُ بمثابة المرجعِ أو الأصلِ أو الموَّلدِ والأمِّ لغيره. وهو كالمحور الرئيسي الذي تدورُ الأشياءُ من حوله وتهتدي بهديه، وتتعلق به وتستنير بنوره وتسبَحُ في فلكِه.
ومن هذا المنظور، فأمَّ الكتابِ هي حرف ألف المدِّ ا الذي لا عِوجَ له وهو رمزٌ لله الواحد بين الأحرف، ومنه ومن استقامته تولدت وتحوّرت وتشكلت جميع الأحرف الأخرى بِليِّه وثنيِّه وبالتالي خرجت وانبثقت منه اللغات المختلفة وما تحويه من آدابٍ وعلوم وفنون ...
ولأنَّ الكلماتِ مجموعةُ أحرفٍ، فإنَّ القرآنَ الكريم كلَّه من منظورنا توَّلدَ من أمِّ الكتابِ ا الذي هو رمزٌ لله تعالى، وهو أول حرف من لفظ الجلالة العظيم، فهو كالينبوع تتفجَّرُ منه الكلمات كالأنهار ...
والرقم 1 هو أمُّ وأصلُ الأرقام ومنه ومن مضعفاته نشأت الأرقام الأخرى كلَّها ونشأت العلوم الرياضية ومن ثم العلوم الكونية كالفيزياء والكيمياء والفلك والهندسة ...
بمعنى أن كل شيء في الخلق يرجع ويعتمد على شيء من ذات جنسه في إشارة للإنسان إلى أنه يرجع لربه الواحد.
فاللغةُ العربيةُ أمُّ اللغات ... وأمُّ السُور الفاتحةُ ... وأمُّ القُرى مكةُ المكرمةُ ... وأمُّ البيوتِ الكعبةُ المشرفةُ ... وأم الكواكب الشمس ... وأمّ الجبال الطور ... وأم أصابع اليد الإبهام ... وكذلك فإنَّ أمَّ المؤمنينَ هُنَّ زوجاتُ سيِّدي رسُولِ الله الشريفاتِ الطاهرات، لذلك فقد أمرنا بأنْ نقتدي بهن ونهتدي بهديهن ...
نجدُ كثيراً من الشواهد لما نقول به من حولنا في الطبيعة، فالأشياءُ تنطلق من مراكزها وكأنَّها تتولدُ من هذه المراكز. كانتشارِ الصوتِ والضوء، وورقاتُ الأزهار التي تبدو وكأنَّها مُوَّلدةٌ وخارجةٌ من مراكزها ... والكواكبُ والنجوم والمجراتُ والذراتُ التي تدورُ حولَ مراكزها ...
فكلُّ الأشياءِ تخرجُ وتتوَّلدُ من مراكزها، وتطوفُ وتسبحُ حول هذه المراكز ... وذلك يتناغمُ مع ما نقول به من تولدِ وخروجِ جميع الأحرفِ من مركزها وأمِّها ... حرفِ الألفِ ... أمِّ الكتاب ... مصدرِ النورِ والجمالِ ...
فلا غرابة إذن من أنَّ رسم كلمتي {يُسبِّحُون} بتشديد الباء بمعنى تسبيح الله تعالى و {يَسْبَحُون} بتخفيف الباء بمعنى الدَّوران في مدارٍ هو الرسم نفسه تماماً. فالخلائقُ، كلُّ الخلائق {تُسَبِّحُ} خالقها وفي نفس الوقت {تَسْبَحُ} في مداراتها كما جاء في العديد من الآيات القرآنية. فكلُّ شيءٍ {يُسَبِّحُ} - بتشديد الباء وضمِّ الياء - لله تعالى كما جاء في الآية 20 من سورة الأنبياء على سبيل المثال: يُسَبِّحُونَ الَّيلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ {الأنبياء: 20} ...
وفي نفس الوقت فكلُّ شيءٍ {يَسْبَحُ} - بتخفيف الباء وفتح الياء - في مداره حول مركزه كما جاء أيضاً في العديد من الآيات القرآنية، وعلى سبيل المثال من سورة الأنبياء آية 33: وهُوَ الَّذى خَلَقَ الَّيلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فى فَلَكٍ يَسْبَحُونَ {الأنبياء: 33} ...
فكلٌ يطوف حول مركزه الواحد ويشيرُ إلى الله الواحد جلّ جلاله، سواءٌ في كتاب القرآن الكريم أو في كتاب الخلق العظيم. فطواف المخلوقات حول مركزٍ واحد كطواف الإنسان حول بيت الله، وطواف الأصابعَ الأربعة حول مركزها – الإبهام - والذرة ومكوناتها، والأجرام السماوية والمجرات بأشكالها وأنواعها، إنَّما هو إخبارٌ بلطفٍ وخِفية منه، وهو اللطيف الخبير، بأنَّ كل شيءٍ – صغُرَ أم كَبُرَ – محتاجٌ فقيرٌ ومتعلق ٌ به، ومُستنيرٌ بنوره، وآخذٌ مسببات وجودِهِ وحياتِهِ وبقائِهِ منه عزّ وجلّ. فكما ستهلكُ الأرضُ ومن عليها إنْ هي أفلتت من مسارها حول الشمس، فإنَّ الخلق – كلَّ الخلق – سيهلكُ إنْ هو عصاهُ وأفلتَ وخرج من رحمته تعالى ...
وهذا المفهوم هو المقصود بقوله تعالى من سورة آل عمران: الم {1} اللهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الحَىُّ الْقَيُّومُ {2} ...
فهو اللهُ الواحدُ المُبينُ بآياته، لأنَّه وكما سنبين لاحقا أنَّ {الم} تعني {المبين}، وهو الحيُّ الذي يقومُ عليه كلُّ شيءٍ، ويستظلُ بظله ورحمته وإنعامه كلُّ مخلوق، ويستمدُ منه وجودَه وحياتَه وبقائَه ... فأكرم به من ربٍّ كريم ...
وفي الخلاصة: لأنَّ الكتابَ حرفٌ والحرفَ كتابٌ، فأمَّ الحرفِ أو الكتابِ أي أولُه هو حرفُ الألفِ ا والرقمِ 1 لأنهما يأتيانِ أولَ الأحرفِ الأبجديةِ وأولَ الأرقامِ ... ومنهما وبليِّهِما وثَنيِّهما توَّلدت وتحوَّرت جميع الأحرف والأرقام الأخرى ...
ومن منظور أمّ الكتاب الكريم المولد المعطاء هذا ننظر إلى الآيات الثلاثة التي وردت عبارةَ "أمّ الكتب" فيها ... فبسم الله ...
مصدر الكتاب والعلوم الإنسانية كلها
جاءت عبارةُ {أُمِّ الْكِتَبِ} في ثلاثة مواضع من المصحفِ الشريف.
هُوَ الَّذِى أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَبَ مِنْهُ ءَايَتٌ مُّحْكَمَتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَبِ وَأُخَرُ مُتَشبهتٌ (آل عمران:7)
يَمْحُوا اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ، وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتبِ {الرعد:39}
وَإِنَّهُ فِى أُمِّ الْكِتَبِ لَدَيْنَا لَعَلِىٌّ حَكِيمٌ {الزخرف:4}
أمَّ الكتبِ من منظورنا تعني أول الأحرف والأرقام، أي حرف (ا) والرقم (1)
فحرف الألف في اللغة سميت ألفاً لأنها تألفُ الحروف كلها، وهي أكثر الحروف دخولا في المنطق، ويقولون: هذه ألفٌ مؤلَّفةٌ، وقد جاء في قول بعضهم في قوله تعالى: (الم) أن الألف اسم من أسماء الله تعالى وتقدس.
كذلك من معاني "الأم" لغة الأصل والعماد والمُولدة. وأمُّ الكتاب هي فاتحة الكتاب لأنها مقدمة المصحف الشريف، ولأنها المقدمة أمام كلِّ سورة في جميع الصلوات.
للكتاب عدة معاني منها "الأحرف والأرقام" إذ إنَّ :
الحرف أو الرقم يُكتبُ فهو كِتاب،
كما إنّ الخبزَ يُطْعَمُ فهو طعام ...
والشايَ يُشْرَبُ فهو شراب.
وأول الأحرف الأبجدية ومقدمته هو الألف ( ا ) : ا – ب – ت - ،
أو في ترتيب أبجد هوز: ا – ب – ج – د – هـ – و – ز ... ،
وأول ومقدمة الأرقام هو ( 1 ) : 1 – 2 – 3 – 4 - ...
وبالتالي يمكن فهم حرف الألف ((ا)) والرقم ((1)) على أنهما أم الكتاب ... أي مقدمة وأوَّلُ الكتابة والحروف والأرقام.
فمعنى "كتاب" لا ينحصر فقط على ما هو متعارفٌ بمعنى مجموعةٍ من الأوراق مثلِ الدفترِ أو الكراسِ، بل إنَّ من معاني "كتاب" في اللغة هو كلُّ ما كتبَ. فجميع الأحرفِ والأرقامِ إنَّما هي "كُتُبٌ" ... فحرفُ الألفِ، أو الباءِ، أو الجيمِ، أو الدَّالِ، إلى آخر الأحرف، والأرقامُ واحدٌ، اثنانٌ، ثلاثةٌ، إلى آخره إنَّما هي "كُتُبٌ" ... أيضاً ...
ومن الأدلة القرآنية الكريمة على إنّ "الكتاب" يمكن أن يكون "حرفا" ما جاء في سورة البينة الكريمة:
رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُوا صُحُفاً مُّطَهَّرَةً {2} فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ {3}
فالصحف هنا الأوراق، والكتب القيمة هي الأحرف والكلمات عليها.
فالأحرف الأبجدية "المعوجة المثنية مثاني" في رسمها مثلاً (ح – ج – خ) أو (ب – ن – ت - ث) أو (ر – ز – د – ذ) ... متشابهةٌ في رسمِها وصورِها.
أمَّا حرفُ ألفِ المدِّ ((ا)) فلا مُشابهَ له في استقامتِه بين الحروف، إذ هو من منظورنا أمُّ الكتب أي أمُّ الحروف أي أصلُها ومُوَّلِدُها
ولأن من معاني الأم هو "المولدة" ... ولأن حرف الألف هو "الأم" فيمكن تصور أن الأحرف المتشابهة المثنية مثاني مولدة وخارجة من أمّها وأصلها التي لا عوج لها... أم الحروف أي أمّ الكتاب حرف الألف ا
فحرف الـ ( هـ ) يتوَّلدُ من أمِّ الكتاب ((ا)) بليِّها كالأنشوطةِ،
وحروف الـ (ب، ن، ت، ث) تتوَّلدُ من ( ا ) بإسقاطها أولاً ثُمَّ ليِّ طرفيها للأعلى،
وحروفُ الـ (ر، ز، د، ذ) تتوَّلدُ من ((ا)) بليِّ طرفها السُفلي للأمام،
والرقم ( 9 ) يتوَّلدُ من ((ا)) بليِّ رأسها على شكل دائرة وثَنيِّ الذيلِ قليلاً،
وهكذا لجميع الأحرف والأرقام ...
فالله تعالى جعل في كلِّ خلقٍ من خلقه مثلاً ورمزاً له يشيرُ له تعالى ويشهدُ بوحدانيته. وهذا المثلُ والرمزُ يكونُ بمثابة المرجعِ أو الأصلِ أو الموَّلدِ والأمِّ لغيره. وهو كالمحور الرئيسي الذي تدورُ الأشياءُ من حوله وتهتدي بهديه، وتتعلق به وتستنير بنوره وتسبَحُ في فلكِه.
ومن هذا المنظور، فأمَّ الكتابِ هي حرف ألف المدِّ ا الذي لا عِوجَ له وهو رمزٌ لله الواحد بين الأحرف، ومنه ومن استقامته تولدت وتحوّرت وتشكلت جميع الأحرف الأخرى بِليِّه وثنيِّه وبالتالي خرجت وانبثقت منه اللغات المختلفة وما تحويه من آدابٍ وعلوم وفنون ...
ولأنَّ الكلماتِ مجموعةُ أحرفٍ، فإنَّ القرآنَ الكريم كلَّه من منظورنا توَّلدَ من أمِّ الكتابِ ا الذي هو رمزٌ لله تعالى، وهو أول حرف من لفظ الجلالة العظيم، فهو كالينبوع تتفجَّرُ منه الكلمات كالأنهار ...
والرقم 1 هو أمُّ وأصلُ الأرقام ومنه ومن مضعفاته نشأت الأرقام الأخرى كلَّها ونشأت العلوم الرياضية ومن ثم العلوم الكونية كالفيزياء والكيمياء والفلك والهندسة ...
بمعنى أن كل شيء في الخلق يرجع ويعتمد على شيء من ذات جنسه في إشارة للإنسان إلى أنه يرجع لربه الواحد.
فاللغةُ العربيةُ أمُّ اللغات ... وأمُّ السُور الفاتحةُ ... وأمُّ القُرى مكةُ المكرمةُ ... وأمُّ البيوتِ الكعبةُ المشرفةُ ... وأم الكواكب الشمس ... وأمّ الجبال الطور ... وأم أصابع اليد الإبهام ... وكذلك فإنَّ أمَّ المؤمنينَ هُنَّ زوجاتُ سيِّدي رسُولِ الله الشريفاتِ الطاهرات، لذلك فقد أمرنا بأنْ نقتدي بهن ونهتدي بهديهن ...
نجدُ كثيراً من الشواهد لما نقول به من حولنا في الطبيعة، فالأشياءُ تنطلق من مراكزها وكأنَّها تتولدُ من هذه المراكز. كانتشارِ الصوتِ والضوء، وورقاتُ الأزهار التي تبدو وكأنَّها مُوَّلدةٌ وخارجةٌ من مراكزها ... والكواكبُ والنجوم والمجراتُ والذراتُ التي تدورُ حولَ مراكزها ...
فكلُّ الأشياءِ تخرجُ وتتوَّلدُ من مراكزها، وتطوفُ وتسبحُ حول هذه المراكز ... وذلك يتناغمُ مع ما نقول به من تولدِ وخروجِ جميع الأحرفِ من مركزها وأمِّها ... حرفِ الألفِ ... أمِّ الكتاب ... مصدرِ النورِ والجمالِ ...
فلا غرابة إذن من أنَّ رسم كلمتي {يُسبِّحُون} بتشديد الباء بمعنى تسبيح الله تعالى و {يَسْبَحُون} بتخفيف الباء بمعنى الدَّوران في مدارٍ هو الرسم نفسه تماماً. فالخلائقُ، كلُّ الخلائق {تُسَبِّحُ} خالقها وفي نفس الوقت {تَسْبَحُ} في مداراتها كما جاء في العديد من الآيات القرآنية. فكلُّ شيءٍ {يُسَبِّحُ} - بتشديد الباء وضمِّ الياء - لله تعالى كما جاء في الآية 20 من سورة الأنبياء على سبيل المثال: يُسَبِّحُونَ الَّيلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ {الأنبياء: 20} ...
وفي نفس الوقت فكلُّ شيءٍ {يَسْبَحُ} - بتخفيف الباء وفتح الياء - في مداره حول مركزه كما جاء أيضاً في العديد من الآيات القرآنية، وعلى سبيل المثال من سورة الأنبياء آية 33: وهُوَ الَّذى خَلَقَ الَّيلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فى فَلَكٍ يَسْبَحُونَ {الأنبياء: 33} ...
فكلٌ يطوف حول مركزه الواحد ويشيرُ إلى الله الواحد جلّ جلاله، سواءٌ في كتاب القرآن الكريم أو في كتاب الخلق العظيم. فطواف المخلوقات حول مركزٍ واحد كطواف الإنسان حول بيت الله، وطواف الأصابعَ الأربعة حول مركزها – الإبهام - والذرة ومكوناتها، والأجرام السماوية والمجرات بأشكالها وأنواعها، إنَّما هو إخبارٌ بلطفٍ وخِفية منه، وهو اللطيف الخبير، بأنَّ كل شيءٍ – صغُرَ أم كَبُرَ – محتاجٌ فقيرٌ ومتعلق ٌ به، ومُستنيرٌ بنوره، وآخذٌ مسببات وجودِهِ وحياتِهِ وبقائِهِ منه عزّ وجلّ. فكما ستهلكُ الأرضُ ومن عليها إنْ هي أفلتت من مسارها حول الشمس، فإنَّ الخلق – كلَّ الخلق – سيهلكُ إنْ هو عصاهُ وأفلتَ وخرج من رحمته تعالى ...
وهذا المفهوم هو المقصود بقوله تعالى من سورة آل عمران: الم {1} اللهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الحَىُّ الْقَيُّومُ {2} ...
فهو اللهُ الواحدُ المُبينُ بآياته، لأنَّه وكما سنبين لاحقا أنَّ {الم} تعني {المبين}، وهو الحيُّ الذي يقومُ عليه كلُّ شيءٍ، ويستظلُ بظله ورحمته وإنعامه كلُّ مخلوق، ويستمدُ منه وجودَه وحياتَه وبقائَه ... فأكرم به من ربٍّ كريم ...
وفي الخلاصة: لأنَّ الكتابَ حرفٌ والحرفَ كتابٌ، فأمَّ الحرفِ أو الكتابِ أي أولُه هو حرفُ الألفِ ا والرقمِ 1 لأنهما يأتيانِ أولَ الأحرفِ الأبجديةِ وأولَ الأرقامِ ... ومنهما وبليِّهِما وثَنيِّهما توَّلدت وتحوَّرت جميع الأحرف والأرقام الأخرى ...
ومن منظور أمّ الكتاب الكريم المولد المعطاء هذا ننظر إلى الآيات الثلاثة التي وردت عبارةَ "أمّ الكتب" فيها ... فبسم الله ...