بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الريف المصري في
القرن الثامن عشر
تأليف الدكتور – عبد الرحيم عبدالرحمن عبد الرحيم
ص 92
نظام الالتزام
هو نظام مطور لنظام المقاطعات او الامانات , كانت الدولة العثمانية قد وجدته مطبقا في بعض البلاد التي خضعت لها في الاناضول والرومللي (4) وشمال العراق , فابقت عليه حيث اثبت نجاحه ولما عجز نظام المقاطعات في مصر , عن ادارة الارض للاسباب التي سبق ذكرها , اضطرت الدولة الي تطبيق هذا النظام في مصر , وهو نظام لا يخضع لموظفين تابعين للحكومة , وانما يتكفل فيه من يشاء , من الامراء المماليك ورجال العسكرية ومشايخ العرب وغيرهم بتحصيل الضرائب المقرره علي اراضي قرية , او اكثر , او اقل عن مدة معينه , وذلك بناء علي اتفاق بين هذا الشخص ---- الذي اصبح رسميا يحمل لقب ملتزم 00000 وبين الروزنامة نيابة عن الحكومة .
وكانت الالتزامات تعطي في مزاد علني , ومن يرسو عليه المزاد , تقوم الروزنامة باعطائه تقسيطا , اي سندا بذلك , وامرا " نميقة " الي مشايخ حصة التزامه وفلاحيها تأمرهم فيه بالخضوع لاوامره ودفع الاموال المقررة علي ارض الحصة, حيث انه بمقتضي تقسيط الالتزام يصبح الملتزم ممثلا للحكومة 2
ولم تكن الروزنامة تسمح للملتزم بالتصرف في حصة التزامه الا بعد دفع مبلغ من المال يعادل ضريبة سنة من الاموال المقررة علي الحصة يسمي "حلوانا" يدفع للروزنامه مقدما 3 .
وكانت حصص الالتزام تمنح للملتزمين , في الفترة الاولي من تطبيق هذا النظام في مصر , لمدة سنة او عدة سنوات , ينص عليها التقسيط , الذي يتم بين الملتزم والروزنامه ولكن بعد مرور فترة من الزمن , وخاصة في القرن الثامن عشر اصبح حق التوريث هو الشائع في الالتزامات , ولم تعد حصة الالتزام تخرج من حوزة الملتزم , او ورثته او ارقائه , او اتباعه الا في حالات معينه مثل انقراض ذرية الملتزم , او اتباعه , او انحلال حصة الالتزام عنه لعدم سداده ما عليها من اموال اميريه , او في حالة مصادرة حصص الالتزامات , كما حدث لبعض التزامات الامراء المماليك في فترات الاضطراب السياسي في القرن الثامن عشر , وكذلك في عهد الحملة الفرنسية , حيثي امرت الادارة الفرنسية بمصادرة حصص الامراء المماليك 4
وقد سبقت الاشارة الي ان ارض كل ناحية في معظم الاحيان - عدا ارض الرزق والاطلاق الواقعه فيها - كانت تقسم الي قسمين هما ارض الفلاحة , وارض الاوسية وهما يمثلان ارض الملتزم , وسنناقش فيما يلي كيف ادير كل من النوعين , في ظل نظام الالتزام .
ص 147
الفلاحون
قبل البدء في دراسة الفلاحين كطبقه من طبقات المجتمع الريفي , ودورهم في الحياة الاجتماعية , لا بد من القاء نظرة سريعه علي الصعوبات التي تواجه هذه الدراسة والضوابط التي يجب ان تقوم علي اساسها , فعند دراسة سكان الريف المصري , وحياتهم الاجتماعية , في القرن الثامن عشر لا بد ان توضع في الاعتبار العوامل التالية , التي تجعل دراسة هذا الموضوع صعبة الي حد ما .
اولا- عدم وجود احصاءات علمية او يقينية .
ثانيا - عدم وجود اية دراسة عن سكان مصر في القرن الثامن عشر والفترة السابقة عليه . ادوارد وليم , في منتصف العشرينات من القرن التاسع عش , فقد قدر عدد سكان مصر , بما يقرب من المليونين , ووضع الاحصاء التالي لسكان مصر وفئاتهم :
1 – المسلمون من الفلاحين واهل المدن 1750000
2 – الاقباط 150000
3 – الاتراك 10000
4 – السوريون 5000
5 – اليونان 5000
6 – الارمن 2000
7 – اليهود 5000
الجملة 1927000
اتضح ان فئات السكان التي كانت تقطن الريف المصري في القرن الثامن عشر وتكون طبقاته الاجتماعية بالمعني الواسع للكلمة هي
1 – الفلاحون المسلمون منهم والاقباط
2 – القبائل العربية
هذا بالاضافة الي فئة قليلة من المماليك والاتراك
فئة اخري صغيرة عاشت في بعض قري الريف , هي فئة السادة او الاشراف . ومما يلاحظ ان هذه الفئة , كانت علي علاقات طيبة , بكل قطاعات المجتمع الريفي وتحظي بالاحترام من كل فئاته , ومن اجهزة الادارة كذلك , نظرا لنسبتها الي البيت النبوي الشريف .
الفلاحون
عاش الفلاحون , في القرن الثامن عشر , في قراهم , عيشة غاية في البساطه , فمنازل معظمهم , مبنية من الطوب النئ ( غير المحروق ) , مكونة في معظمها من طابق حسب قدرة الفلاح وحالته الاقتصادية .
وكانت ماشية الفلاح , ولا زالت , حتي الان , تتشاركه مسكنه , الذي لم يكن صحيا علي حد وصف المصادر المعاصرة له .
اما حياة الفلاح المعيشية , فقد كانت كما يستفاد م اشارات المصادر المعاصرة , حياة بائسه , فأكله الدائم الشعير , والجبن القريش , والبصل , والكشك , والفول المدمس , والعدس , والبيسار والويكه والملوخية , .اما اللحوم والطيور فاكلها عنده يعد عيدا , وكانت ملابسه , كذلك بسيطه , معظمها من صنع يده , او من صنع المناسج المحلية التي كانت منتشرة في كثر من القري , والتي كانت تنسج الملابس للفلاحين من القطن او الصوف بعد غزلها .
وقد صور صاحب مر القحوف حياة الفلاح هذه , في كثير من المواضع في شرحه لقصيد الشاعر الشعبي " ابوشادوف " .
وقد كان الفلاحون , رغم هذا , يشكلون الطبقة المنتجه في الريف , وان شاركها بعض العربان , ورغم ان افراد هذه الطبقه ظلوا هم الادوات المنتجه التي يعتمد عليها اقتصاد مصر في ذلك الوقت , فانهم حرموا من ثمرة انتاجهم , ولم يعد لهم من خيرات ارضهم الا القليل . وذلك نتيجة للنظم الادارية والاقتصادية التي كانت سائدة في ذلك الحين . فقد وقع افراد هذه الطبقه , تحت ضغط من اجهزة الادارة جعلهم يعيشون في حالة سيئة صورها احد المعاصرين بقوله " فهم دائما في انقباض , وطرد , وجري , وكر وفر , وحبس وضرب , ولعن وسب وهوان وشجار وشيل تراب وحفر ابار , وخروج للعونة علي جهة السخرة , وتعب شديد بلا اجرة , واذا كان ذو فضل ضاع فضلة , او ذو عقل ذهب عقله , او ذو مال اغروا عليه الحكام , او ذو تجارة نهبوه في الظلام.
ص 153
ص 169
العربان
............... وكذلك فان الاهتمام بالعربان وامرائهم هو الذي دفع السيد محمد مرتضي الزبيدي في القرن الثامن عشر الي تأليف رسالة خاصة بنسب الهواره وامرائهم , وربما كان الشيخ مرتضي الزبيدي متأثرا في ذلك باكرام الشيخ همام الهواري له عند زيارته لفرشوط , وقد اسمي الشيخ الزبيدي رسالته هذه " رفع الستارة عن نسب الهواره " وهذه الرسالة مفقودة ولا شك كما هو واضح من عنوانها انها تزيح كثيرا من الغموض الذي يحيط بنسب الهواره واضطراب المصادر ازاء هذا النسب .
توزيع القبائل العربية في مصر في القرن الثامن عشر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 – جرجا - الهوارة , العبابدة , زناتي , هنادي
2 – اسيوط – عرب عايد , هوارة
3 – منفلوط – عرب العطايات , عربان ابن وافي المغربي
4 – ملوي – عرب ابو كرايم
5 – بني سويف – الفوايد , العدايدة , السحارات , عرب المحارب , بني واصل , عرب العزايزي ,عرب ضعفا .
6 – المنيا – عرب بني واصل
7 – اطفيحية - عرب بني حرام
8 – بهنسا – عرب بني خويلد ,نجما , عربان ابن وافي المغربي
9 – جيزة – غزالة او خبيري , عرب زيدية , بلي .
10 – البحيرة – عرب الجويلي , الهنادي , غزالة , عرب الطارة , هوارة
11 – المنوفية – عرب ابن بغداد
12 – الشرقية – العبابدة , حرام , وائل , بنو عطية
13 – قليوبية , الحبايبه , بنو بدر , بنو مازن
14 – النطرون – عرب الحوايث , عرب سمالو ,مسنيد , اولاد علي , مطيريد .
ص 257
الحياة الثقافية – اولا التعليم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كذلك عمل بعض مشايخ العربان المستقرين علي تثقيف ابناء المناطق التي يقيمون فيها , وقد كان هذا العمل مرتبطا , بالشعور الديني اولا وقبل كل شئ فالمقصود من التعليم في هذه الناحية تعليم الناس وتعريفهم بامور الدين الصحيحة , فالجبرتي يذكر ان احد مشايخ الهوارة , وهو شيخ العرب اسماعيل بن عبد الله , طلب احد العلماء لنفع الناحية , فذهب اليه الشيخ عبد الكريم بن علي المسيري الشافعي , حيث انزله منزلة طيبة وعمل الشيخ عبد الكريم علي تعليم اهل الناحية امور دينهم وازداد امره ولقي كل احترام وتقدير من اهل الناحية (1) ولكن هذه الظاهرة لم تكن عامة بل كانت نادرة .
ذكر الجبرتي ذلك في ترجمته للشيخ عبد الكريم بن علي المسيري الشافعي المعروف بالزيات , كتب الجبرتي فقال :
توفي في منتصف ذي الحجة سنة 1180 هجرية
(ومات ) الامام العالم العلامة احد العلماء الاذكياء وافراد الدهر الباحث في المعضلات الفتاح للمقفلات الشيخ عبد الكريم بن علي المسيري الشافعي المعروف بالزيات لملازمته شيخه سليمان الزيات , حضر دروس فضلاء الوقت وانضوي الي الشيخ سليمان الزيات ولازمه حتي صار معيدا لدروسه ومهر ونجب وتطلع في الفنون ودرس واملي وكان اوحد زمانه في المعقولات ولازم اخرا دروس الشيخ الحفني وتلقن منه العهد ثم ارسله الشيخ الي بلاد الصعيد لانه جاءه كتاب من احد مشايخ الهوارة ممن يعتقد في الشيخ بأن يرسل اليهم احد تلامذته ينفع الناس بالناحية فكان هو المعين لهذا المهم فالبسه واجازه , ولما وصل الي ساحل بهجورة تلقته الناس بالقبول التام وعين له منزل واسع وحشم وخدم واقطعوا له جانبا من الارض ليزرعها فقطن بالبهجورة واعتني به اميرها شيخ العرب اسماعيل بن عبد الله , فدرس وافتي وقطع العهود واقام مجلس الذكر وراج امره وراش جناحه ونفع وشفع واثري جدا وتملك عقارات ومواشي وعبيدا وزروعات ثم تقلبت الاحوال بالصعيد واوذي المترجم واخذ ما بيده من الاراضي وزحزحت حاله فاتي الي مصر فلم يجد من يعينه لوفاة شيخه ثم عاد ولم يحصل علي طائل ومازال بالبهجورة حتي مات في اواخر سنة احدي وثمانين ومائة والف .
ثانيا - القصص الشعبي وشاعر الربابة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شجعت الظروف السياسية والاحوال الاجتماعية والاقتصادية التي كان يمر بها المجتمع القروي انذاك , انتشار نوع من الادب الشعبي , حرص الفلاح كل الحرص علي سماعه مثل الف ليله وليلة , وعنتر بن شداد , وسيف بن ذي يزن , وابو زيد الهلالي , والزير سالم وغير ذلك من القصص الشعبي .
ذكر احد المهتمين بالفلكلور الشعبي ان من بين هذه الاشعار التي ذاعت في الريف قول .
كل المجاريح طابو ,,,,,,,,, بس انا فاضل
وطبيب الجراح دوا الناس ,,,, وانا فاضل
انا قلت يا طبيب ما عندكشي دوا فاضل
عسس علي القلب , والتفت قال لي
روح يا قتيل القلب ,,, ما عد لك دوا فاضل .
كذلك عبر له عن صبره في عمله , واستمراره فيه رغم ما به من علل فاصبح ينشد له , ما يسليه اثناء عمله علي الشادوف بقوله .
جرحي من المي -------------------- مكران علي
مكتوب يا ناس --------------------- من الجدم للراس
كتبوا سيدي ----------------------- ونا ايش بيدي
جرحي من المي ------------------- مكران علي
كواني البين ----------------------- بدل الكي اثنين
كتاب الريف المصري في
القرن الثامن عشر
تأليف الدكتور – عبد الرحيم عبدالرحمن عبد الرحيم
ص 92
نظام الالتزام
هو نظام مطور لنظام المقاطعات او الامانات , كانت الدولة العثمانية قد وجدته مطبقا في بعض البلاد التي خضعت لها في الاناضول والرومللي (4) وشمال العراق , فابقت عليه حيث اثبت نجاحه ولما عجز نظام المقاطعات في مصر , عن ادارة الارض للاسباب التي سبق ذكرها , اضطرت الدولة الي تطبيق هذا النظام في مصر , وهو نظام لا يخضع لموظفين تابعين للحكومة , وانما يتكفل فيه من يشاء , من الامراء المماليك ورجال العسكرية ومشايخ العرب وغيرهم بتحصيل الضرائب المقرره علي اراضي قرية , او اكثر , او اقل عن مدة معينه , وذلك بناء علي اتفاق بين هذا الشخص ---- الذي اصبح رسميا يحمل لقب ملتزم 00000 وبين الروزنامة نيابة عن الحكومة .
وكانت الالتزامات تعطي في مزاد علني , ومن يرسو عليه المزاد , تقوم الروزنامة باعطائه تقسيطا , اي سندا بذلك , وامرا " نميقة " الي مشايخ حصة التزامه وفلاحيها تأمرهم فيه بالخضوع لاوامره ودفع الاموال المقررة علي ارض الحصة, حيث انه بمقتضي تقسيط الالتزام يصبح الملتزم ممثلا للحكومة 2
ولم تكن الروزنامة تسمح للملتزم بالتصرف في حصة التزامه الا بعد دفع مبلغ من المال يعادل ضريبة سنة من الاموال المقررة علي الحصة يسمي "حلوانا" يدفع للروزنامه مقدما 3 .
وكانت حصص الالتزام تمنح للملتزمين , في الفترة الاولي من تطبيق هذا النظام في مصر , لمدة سنة او عدة سنوات , ينص عليها التقسيط , الذي يتم بين الملتزم والروزنامه ولكن بعد مرور فترة من الزمن , وخاصة في القرن الثامن عشر اصبح حق التوريث هو الشائع في الالتزامات , ولم تعد حصة الالتزام تخرج من حوزة الملتزم , او ورثته او ارقائه , او اتباعه الا في حالات معينه مثل انقراض ذرية الملتزم , او اتباعه , او انحلال حصة الالتزام عنه لعدم سداده ما عليها من اموال اميريه , او في حالة مصادرة حصص الالتزامات , كما حدث لبعض التزامات الامراء المماليك في فترات الاضطراب السياسي في القرن الثامن عشر , وكذلك في عهد الحملة الفرنسية , حيثي امرت الادارة الفرنسية بمصادرة حصص الامراء المماليك 4
وقد سبقت الاشارة الي ان ارض كل ناحية في معظم الاحيان - عدا ارض الرزق والاطلاق الواقعه فيها - كانت تقسم الي قسمين هما ارض الفلاحة , وارض الاوسية وهما يمثلان ارض الملتزم , وسنناقش فيما يلي كيف ادير كل من النوعين , في ظل نظام الالتزام .
ص 147
الفلاحون
قبل البدء في دراسة الفلاحين كطبقه من طبقات المجتمع الريفي , ودورهم في الحياة الاجتماعية , لا بد من القاء نظرة سريعه علي الصعوبات التي تواجه هذه الدراسة والضوابط التي يجب ان تقوم علي اساسها , فعند دراسة سكان الريف المصري , وحياتهم الاجتماعية , في القرن الثامن عشر لا بد ان توضع في الاعتبار العوامل التالية , التي تجعل دراسة هذا الموضوع صعبة الي حد ما .
اولا- عدم وجود احصاءات علمية او يقينية .
ثانيا - عدم وجود اية دراسة عن سكان مصر في القرن الثامن عشر والفترة السابقة عليه . ادوارد وليم , في منتصف العشرينات من القرن التاسع عش , فقد قدر عدد سكان مصر , بما يقرب من المليونين , ووضع الاحصاء التالي لسكان مصر وفئاتهم :
1 – المسلمون من الفلاحين واهل المدن 1750000
2 – الاقباط 150000
3 – الاتراك 10000
4 – السوريون 5000
5 – اليونان 5000
6 – الارمن 2000
7 – اليهود 5000
الجملة 1927000
اتضح ان فئات السكان التي كانت تقطن الريف المصري في القرن الثامن عشر وتكون طبقاته الاجتماعية بالمعني الواسع للكلمة هي
1 – الفلاحون المسلمون منهم والاقباط
2 – القبائل العربية
هذا بالاضافة الي فئة قليلة من المماليك والاتراك
فئة اخري صغيرة عاشت في بعض قري الريف , هي فئة السادة او الاشراف . ومما يلاحظ ان هذه الفئة , كانت علي علاقات طيبة , بكل قطاعات المجتمع الريفي وتحظي بالاحترام من كل فئاته , ومن اجهزة الادارة كذلك , نظرا لنسبتها الي البيت النبوي الشريف .
الفلاحون
عاش الفلاحون , في القرن الثامن عشر , في قراهم , عيشة غاية في البساطه , فمنازل معظمهم , مبنية من الطوب النئ ( غير المحروق ) , مكونة في معظمها من طابق حسب قدرة الفلاح وحالته الاقتصادية .
وكانت ماشية الفلاح , ولا زالت , حتي الان , تتشاركه مسكنه , الذي لم يكن صحيا علي حد وصف المصادر المعاصرة له .
اما حياة الفلاح المعيشية , فقد كانت كما يستفاد م اشارات المصادر المعاصرة , حياة بائسه , فأكله الدائم الشعير , والجبن القريش , والبصل , والكشك , والفول المدمس , والعدس , والبيسار والويكه والملوخية , .اما اللحوم والطيور فاكلها عنده يعد عيدا , وكانت ملابسه , كذلك بسيطه , معظمها من صنع يده , او من صنع المناسج المحلية التي كانت منتشرة في كثر من القري , والتي كانت تنسج الملابس للفلاحين من القطن او الصوف بعد غزلها .
وقد صور صاحب مر القحوف حياة الفلاح هذه , في كثير من المواضع في شرحه لقصيد الشاعر الشعبي " ابوشادوف " .
وقد كان الفلاحون , رغم هذا , يشكلون الطبقة المنتجه في الريف , وان شاركها بعض العربان , ورغم ان افراد هذه الطبقه ظلوا هم الادوات المنتجه التي يعتمد عليها اقتصاد مصر في ذلك الوقت , فانهم حرموا من ثمرة انتاجهم , ولم يعد لهم من خيرات ارضهم الا القليل . وذلك نتيجة للنظم الادارية والاقتصادية التي كانت سائدة في ذلك الحين . فقد وقع افراد هذه الطبقه , تحت ضغط من اجهزة الادارة جعلهم يعيشون في حالة سيئة صورها احد المعاصرين بقوله " فهم دائما في انقباض , وطرد , وجري , وكر وفر , وحبس وضرب , ولعن وسب وهوان وشجار وشيل تراب وحفر ابار , وخروج للعونة علي جهة السخرة , وتعب شديد بلا اجرة , واذا كان ذو فضل ضاع فضلة , او ذو عقل ذهب عقله , او ذو مال اغروا عليه الحكام , او ذو تجارة نهبوه في الظلام.
ص 153
ص 169
العربان
............... وكذلك فان الاهتمام بالعربان وامرائهم هو الذي دفع السيد محمد مرتضي الزبيدي في القرن الثامن عشر الي تأليف رسالة خاصة بنسب الهواره وامرائهم , وربما كان الشيخ مرتضي الزبيدي متأثرا في ذلك باكرام الشيخ همام الهواري له عند زيارته لفرشوط , وقد اسمي الشيخ الزبيدي رسالته هذه " رفع الستارة عن نسب الهواره " وهذه الرسالة مفقودة ولا شك كما هو واضح من عنوانها انها تزيح كثيرا من الغموض الذي يحيط بنسب الهواره واضطراب المصادر ازاء هذا النسب .
توزيع القبائل العربية في مصر في القرن الثامن عشر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 – جرجا - الهوارة , العبابدة , زناتي , هنادي
2 – اسيوط – عرب عايد , هوارة
3 – منفلوط – عرب العطايات , عربان ابن وافي المغربي
4 – ملوي – عرب ابو كرايم
5 – بني سويف – الفوايد , العدايدة , السحارات , عرب المحارب , بني واصل , عرب العزايزي ,عرب ضعفا .
6 – المنيا – عرب بني واصل
7 – اطفيحية - عرب بني حرام
8 – بهنسا – عرب بني خويلد ,نجما , عربان ابن وافي المغربي
9 – جيزة – غزالة او خبيري , عرب زيدية , بلي .
10 – البحيرة – عرب الجويلي , الهنادي , غزالة , عرب الطارة , هوارة
11 – المنوفية – عرب ابن بغداد
12 – الشرقية – العبابدة , حرام , وائل , بنو عطية
13 – قليوبية , الحبايبه , بنو بدر , بنو مازن
14 – النطرون – عرب الحوايث , عرب سمالو ,مسنيد , اولاد علي , مطيريد .
ص 257
الحياة الثقافية – اولا التعليم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كذلك عمل بعض مشايخ العربان المستقرين علي تثقيف ابناء المناطق التي يقيمون فيها , وقد كان هذا العمل مرتبطا , بالشعور الديني اولا وقبل كل شئ فالمقصود من التعليم في هذه الناحية تعليم الناس وتعريفهم بامور الدين الصحيحة , فالجبرتي يذكر ان احد مشايخ الهوارة , وهو شيخ العرب اسماعيل بن عبد الله , طلب احد العلماء لنفع الناحية , فذهب اليه الشيخ عبد الكريم بن علي المسيري الشافعي , حيث انزله منزلة طيبة وعمل الشيخ عبد الكريم علي تعليم اهل الناحية امور دينهم وازداد امره ولقي كل احترام وتقدير من اهل الناحية (1) ولكن هذه الظاهرة لم تكن عامة بل كانت نادرة .
ذكر الجبرتي ذلك في ترجمته للشيخ عبد الكريم بن علي المسيري الشافعي المعروف بالزيات , كتب الجبرتي فقال :
توفي في منتصف ذي الحجة سنة 1180 هجرية
(ومات ) الامام العالم العلامة احد العلماء الاذكياء وافراد الدهر الباحث في المعضلات الفتاح للمقفلات الشيخ عبد الكريم بن علي المسيري الشافعي المعروف بالزيات لملازمته شيخه سليمان الزيات , حضر دروس فضلاء الوقت وانضوي الي الشيخ سليمان الزيات ولازمه حتي صار معيدا لدروسه ومهر ونجب وتطلع في الفنون ودرس واملي وكان اوحد زمانه في المعقولات ولازم اخرا دروس الشيخ الحفني وتلقن منه العهد ثم ارسله الشيخ الي بلاد الصعيد لانه جاءه كتاب من احد مشايخ الهوارة ممن يعتقد في الشيخ بأن يرسل اليهم احد تلامذته ينفع الناس بالناحية فكان هو المعين لهذا المهم فالبسه واجازه , ولما وصل الي ساحل بهجورة تلقته الناس بالقبول التام وعين له منزل واسع وحشم وخدم واقطعوا له جانبا من الارض ليزرعها فقطن بالبهجورة واعتني به اميرها شيخ العرب اسماعيل بن عبد الله , فدرس وافتي وقطع العهود واقام مجلس الذكر وراج امره وراش جناحه ونفع وشفع واثري جدا وتملك عقارات ومواشي وعبيدا وزروعات ثم تقلبت الاحوال بالصعيد واوذي المترجم واخذ ما بيده من الاراضي وزحزحت حاله فاتي الي مصر فلم يجد من يعينه لوفاة شيخه ثم عاد ولم يحصل علي طائل ومازال بالبهجورة حتي مات في اواخر سنة احدي وثمانين ومائة والف .
ثانيا - القصص الشعبي وشاعر الربابة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شجعت الظروف السياسية والاحوال الاجتماعية والاقتصادية التي كان يمر بها المجتمع القروي انذاك , انتشار نوع من الادب الشعبي , حرص الفلاح كل الحرص علي سماعه مثل الف ليله وليلة , وعنتر بن شداد , وسيف بن ذي يزن , وابو زيد الهلالي , والزير سالم وغير ذلك من القصص الشعبي .
ذكر احد المهتمين بالفلكلور الشعبي ان من بين هذه الاشعار التي ذاعت في الريف قول .
كل المجاريح طابو ,,,,,,,,, بس انا فاضل
وطبيب الجراح دوا الناس ,,,, وانا فاضل
انا قلت يا طبيب ما عندكشي دوا فاضل
عسس علي القلب , والتفت قال لي
روح يا قتيل القلب ,,, ما عد لك دوا فاضل .
كذلك عبر له عن صبره في عمله , واستمراره فيه رغم ما به من علل فاصبح ينشد له , ما يسليه اثناء عمله علي الشادوف بقوله .
جرحي من المي -------------------- مكران علي
مكتوب يا ناس --------------------- من الجدم للراس
كتبوا سيدي ----------------------- ونا ايش بيدي
جرحي من المي ------------------- مكران علي
كواني البين ----------------------- بدل الكي اثنين