كنت قد نشرت هذا البحث في منتدى قبيلة المساعيد في ملتقى القبائل العربية بتاريخ 21 / 6 / 2004 م بعنوان أمراء المساعيد على الرابط التالي :
http://www.moltaqa1.com/vb/showthread.php?t=79&
وقد سطى بعض من لا يراعي حرمة العلم على هذا البحث فراح ينشره هنا وهناك دون نسبته إلى كاتبه راشد الأحيوي واليوم نعيد نشر هذا البحث كما نُشر في حينه منوّهين إلى ما يلي :
1ــ أن هذا البحث عبارة عن مسودة قديمة تبيّن فيها بعض الأخطاء كحال مسودات الكتب والبحوث
2ــ أنّ هذا البحث تمّ تحديثه ليخرج بأدق صورة وقد استجدّت عليه نصوص كثيرة وتم تصحيح ما وقع فيه من أخطاء
3ــ أن هذا البحث سينشر قريبا بعون الله تعالى في إحدى الدراسات عن قبيلة المساعيد ضمن سلسلة كتاب المساعيد أمراء المساعيد
* تمهيد حول إمرة العرب *
في حديثه عن إمرة العرب التي أصبح بموجبها شيوخ بعض قبائل العرب الكبرى أمراء على قبائلهم قال الدكتور مصطفى الحياري : " كانت إمرة العرب حتى سلطنة الملك العادل الأيوبي الأولى على دمشق ( 592 ــ 615هــ 1196 ــ 1218م ) وحلب ( في حلب 579 ــ 582هــ 1183 ــ 1186 م ) إمرة قبلية ليس لها ارتباط محدد بالسلطنة في دمشق أو القاهرة مع أننا نجد إشارات من زمن الفاطميين تدل على أن مراسيم الإمرة على الرملة قد أرسلت إلى أمراء آل الجراح على الأقل في بداية قيام إمارة طيء " قال : " وفي زمن الملك العادل الأيوبي الأول أصبحت الإمرة رسمية ويذكر ابن فضل الله العمري أنه : لم يصرح لأحد من هذا البيت ( آل فضل ) بإمرة على العرب بتقليد من السلطان إلا أيام العادل" ( الإمارة الطائية ص63 ) . وقال ابن فضل الله العمري في ذكر آل ربيعة : " لم يصرح لأحد من هذا البيت بإمرة على العرب بتقليد من السلطان إلا في أيام العادل أبي بكر أخي السلطان صلاح الدين أمر منهم حديثة ثم إن ابنه الكامل قسم الإمرة نصفين نصف لمانع بن حديثة ونصف لغنام أبي طاهر بن غنام " ( قبائل العرب في القرنين السابع والثامن الهجريين ص117 ) . وقد بين ابن فضل الله العمري أحوال قبائل العرب الذين كانت السلطنة تكاتبهم فقال : " فاعلم أن المكاتبين من العربان بديار مصر وبرقة واليمن والحجاز والشام والعراق والبحرين أمم لا يقدر فيهم على الاستيعاب وانما نذكر جملا كافية دالة " ( التعريف بالمصطلح الشريف ص107 ) ثم بين أحوالهم وفق ما يلي
1ــ أولا : عرب مصر
قال ابن فضل الله العمري : " أما العرب بمصر في الوجهين القبلي والبحري فجماعات كثير وشعوب وقبائل لكنهم على سعة أموالهم واتساع نطاق جماعاتهم ليسوا عند السلطان في الذروة ولا السنام إذ كانوا أهل حاضرة وزرع ليس فيهم من ينجد ولا يتهم ولا يعرق ولا يشئم ولا يخرجون عن جدر الجدران " قال : " وأنبههم أمراء عرب البحيرة " قال : " والإمرة لمحمد بن أبي سليمان وفائد بن مقدم " قال : " ورسم المكاتبة إلى كل منهما : صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس السامي الأميري ، والعلامة السلطانية ( أخوه ) " قال : " وأما من دونهما فنجم بن هجل شيخ عايذ بالشرقية " ( التعريف بالمصطلح الشريف ص107 ــ 108 ) ثم ذكر عددا من أمراء عرب الديار المصرية وبرقة وكلهم دون أمراء البحيرة في المخاطبة ( التعريف بالمصطلح الشريف ص108 ــ 109 ) 2ــ ثانيا : عرب اليمن قال ابن فضل الله العمري : " وممن يكاتب من عرب اليمن : الدواسر وزبيد ، كان يكتب إلى رجال منهم بسبب خيل تسمى للسلطان عندهم وكنا نكتب إليهم على قدر ما يظهر لنا بالاستخبار عن مكانة الرجل منهم وكلها ما بين المجلس السامي الأمير وما بين مجلس الأمير ليس إلا " ( التعريف بالمصطلح الشريف ص110 ) 3ــ ثالثا : عرب الحجاز قال ابن فضل الله العمري : " وأما الحجاز فعربانه على قسمين : قسم منهم أهل الدربين المصري والشامي وليس فيهم من هو في عير ولا نفير ولا يحل في ذروة ولا غارب وأجل من فيهم إذا كتب له : مجلس الأمير كان كمن سور وطوق لا بل طيلس وتوج . وأما أمراؤه السراة : فشيوخ لأم وخالد والمنتفق وعائذ الحجاز وهؤلاء من كان منهم المشار إليهم كتب إليه : صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس الأميري والعلامة إليه : ( أخوه ) ثم من يليهم بالسامي بغير ياء ثم الأعيان من بقيتهم : مجلس الأمير " ( التعريف بالمصطلح الشريف ص110 ــ 111 ) 4ــ رابعا : عرب العراق قال ابن فضل الله العمري : " وأما عرب العراق وهم : عبادة وخفاجة ومن بني عبادة بنو عز وهم جماعة فأجل من يكتب إليه منهم رسمه : هذه المكاتبة إلى المجلس السامي الأمير " ( التعريف بالمصطلح الشريف ص113 ــ 114 ) 5ــ خامسا : عرب البحرين قال ابن فضل الله العمري : " وأما عرب البحرين فهم قوم يصلون إلى باب السلطان وصول التجار يجلبون جياد الخيل وكرام المهاري واللؤلؤ وأمتعة من أمتعة العراق والهند " قال : " الكلمة قد صارت فيهم شتى والجماعة متفرقة " قال : " ورسم المكاتبة إلى كبرائهم : بالسامي بالياء والعلامة الشريفة ( أخوه ) ثم دون ذلك لمن دونهم فاعلم ذلك " ( التعريف بالمصطلح الشريف ص114 ) 6ــ سادسا : عرب الشام قال ابن فضل الله العمري : " وأما عر ب الشام فهم جل القوم وعين الناس ولا عناية للملوك إلا بهم ولا مبالاة بغيرهم ورأس الكل آل فضل وآل مرا وآل علي وهم من آل فضل وفضل ومرا أخوان وهما من سلسلة من طيء " ( التعريف بالمصطلح الشريف ص111 ) قال : " والبداة بآل فضل إذ كانوا في نحور العدو ولهم العديد الأكثر ولهم المال الأوفر " قال : " والمكاتبة إلى الأمير منهم : أدام الله تعالى نعمة المجلس العالي الأميري بألقاب جليلة معظمة مفخمة وأما من هو نظيره أو مدانيه وعدته الإمرة فرسم المكاتبة إليه : صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي . ومن هو دونه : المجلس السامي الأميري . وكل هؤلاء لهم العلامة الشريفة ( أخوه ) فمن دون هؤلاء : السامي الأمير والعلامة الشريفة : الاسم الشريف " ( التعريف بالمصطلح الشريف ص112 ) قال : " وأما آل على فرسم المكاتبة إليه : صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس السامي الأميري والعلامة الشريفة ( أخوه ) وكذلك آل مراء ومنازلهم بلاد حوران ومن دون هؤلاء من أقاربهم لأعيانهم : السامي الأمير . ولمن دونهم من الصغار : مجلس الأمير فهؤلاء الأمراء المنظور إليهم بالإجلال الموفر لهم حظ الإقبال " . قال : " ودون هؤلاء بنو عقبة ورسم المكاتبة إلى أميرهم مثل أمير آل مرا وكذلك رسم المكاتبة إلى أقربائه " قال : " وأما بنو مهدي ومنازلهم البلقاء " وذكر أمرائهم وقال : " ورسم المكاتبة إلى كل منهم : مجلس الأمير وكذلك عرب غزة " قال : " وأما العرب الذين بالجفار وهي منازل الرمل فلا يؤبه لهم ولا يعبا بهم " قال : " وأما بقية عرب الشام نحو : زبيد المرج وزبيد حوران وخالد حمص والمشارقة وغزية ــ إذا أطاعوا ــ وزبيد الأحلاف فأجل كبرائهم من يكتب له مجلس الأمير وهؤلاء جملة عرب الشام " ( التعريف بالمصطلح الشريف ص112 ــ 113 ) .وقال يصف عرب زمانه : " وهم نزال حول الحاضرة وذوو توغل في البادية ومنهم أسوار المدن وحفظة الطرق ولم يزل منهم أئمة للطلائع وجناح للجيوش ومنهم بممالكنا ــ مصر والشام ــ حفظة الدروب والقومة بخيل البريد والحملة للسياق في غالب المملكة ولم تزل الملوك تهش لوفادتهم وتهب لهم جزائل الأموال وتقطعهم جل البلاد هذا إلى التنويه بأقدارهم والتعويل على أخيارهم ورفعهم في المجالس " ( قبائل العرب في القرنين السابع والثامن الهجريين ص69 ــ 70 ) قلت : ومما سبق بيانه تتضح لنا جملة من الأمور منها : 1ــ أن إمرة العرب إمرة رسمية وأن الدولة قد جعلت بعض شيوخ القبائل الكبرى أمراء لهم ارتباط بالسلطنة في القاهرة أي أن الإمرة أصبحت منصبا من مناصب الدولة وكان ذلك في النصف الثاني من القرن السادس للهجرة 2ــ أن أهمية القبائل تكمن في أهميتها في المرابطة على الثغور مع التتار والصليبيين ومن ثم مساهمة القبيلة في التصدي لهم والجهاد ضدهم مع جيوش الدولة ومن هنا اهتمت الدولة بهذه القبائل واحتفت بأمرائها 3ــ أن أجل وأرفع قبائل العرب عند الدولة هم آل ربيعة بفروعهم الثلاثة ( آل فضل ، آل علي ، آل مرا ) وأعلاهم منزلة آل فضل وهم رؤوس العرب ويليهم إخوانهم آل مرا 4ــ أن قبيلة بني عقبة تأتي بالمنزلة الثانية بعد آل فضل حيث أن أمرائهم يماثلون أمراء أل مرا أخوة آل فضل أي أن أمراء بني عقبة يشاركون أمراء آل مرا المرتبة الثانية بعد آل فضل
* المساعيد أمراء بني عقبة * 1ــ أولا : نصوص وأخبار عن الأمراء 1ــ الأمير سابق الدين عبية بن مهدي ؟ 2ــ الأمير ناصر الدين غنام بن جوذر 3ــ الأمير جمال الدين سكل بن نجاد 4ــ الأمير وهيبة بن نجاد إن الأمير سابق الدين عبية هو من أقدم أمراء قبائل بني عقبة وأجلهم قدرا برز ذكره في عهد الدولة المملوكية وقد وردت نصوص حول هذا الأمير إلا أنني لم أعثر له على ترجمة ومما ورد حوله : 1ــ عام 661هــ ــ قال ابن شداد في ذكر الوافدين على الظاهر بيبرس : " ووفد عليه عرب الكرك .... ووفد عليه : 1ــ سابق الدين عقبة 2ــ وناصر الدين غنام بن جوذر وهما أمراء بني عقبة ووفد عليه لما فتح الشوبك : 1ــ جما الدين سكل بن نجاد أمير بني عقبة الذين بالبلقاء 2ــ وأخوه وهيبة بن نجاد وغيرهما من المشايخ فأقطعهم " ( تاريخ الملك الظاهر ص334 ــ 335 ) قلت : سابق الدين هو سابق الدين عبية وليس عقبة فعقبة تصحيف عبية وقال ابن خلدون في ذكر الظاهر بيبرس في الكرك : " ... ووفد عليه عرب الضاحية من بني عقبة وغيرهم فاعطوه طاعتهم وفشا الخبر في النواحي فتساقط إليه مماليكه من كل جهة " ( تاريخ ابن خلدون ج5 ص572 ) وقال المقريزي في ذكر حوادث ربيع الأول سنة 661هــ في ذكر الظاهر بيبرس : " ثم سار السلطان إلى الكرك فنزله يوم الخميس ثالث عشرينه بعساكره ....... واحضر الأمير عبية وغيره من عرب بني مهدي وألزمهم أدراك البلاد وخفرهم إلى أرض الحجاز " ( السلوك ج1 ص557 ) وقال الدكتور يوسف غوانمة : " ... كذلك أمر بإحضار سابق الدين عتبة بن مهدي وغيره من أمراء بني مهدي وبني عقبة وهم من القبائل التي تقطن إمارة الكرك وخاطب الأمير سابق الدين فأخبره بأنه ــ أي الظاهر ــ إنما كان يغمره بإحسانه ويغفر له زلاته من أجل الكرك وأنه ما دام الكرك قد أصبح تحت سلطانه فان أي تفريط فيه ستكون تبعته على عاتق سابق وأقسم أنه إن فقد خيط من الكرك فهو مطالب به وسوف ينتزعه منه كذلك أمره بمنع جميع العربان من السقاية من صهاريج المدينة وآبارها خوفا من نضوبها مما يؤدي إلى معاناة الناس من العطش وقلة الماء " ومن فعل ذلك شنقته " ثم ضمنهم خفر وحراسة الطريق المؤدية إلى الحجاز وحمايتها من قطاع الطرق كي تسير قوافل الحجاج والتجار بأمان من الجزيرة العربية إلى الشام ومصر فأجابوه إلى ما طلبي ثم أشهد على الأمير سابق الدين عتبة وعلى جميع مشايخ بني مهدي واخذ منهم الرهائن " ( إمارة الكرك ص326 ــ 327 ) وجاء في أحد النصوص بشان الأمير سابق الدين عبية : " فجاء الأمير سابق الدين مكفرا عن هفوته فما وسعه إلا أن حضر إليه بمفرده ومعه كفنه وسيفه فأعجب السلطان ذلك منه وزاد اقطاعه وأحسن إلى اخوته " ( الشوبك ج1 ص46 )