وقد كانت علاقته مع باقي القبائل علاقة مودة واحترام فقد كان قاضياً عشائرياً ورث ذلك عن جده وأبيه(ابن مهيد)أو الأمير(الأمهدي)وعرف عنه العدل وصواب النظر في الأمور،لذلك كانت تأتيه الخصوم لينهي الخصومة بينهم والأمثلة كثيرة على ذلك منها ما أورده كتاب تاريخ الفحيص لمؤلفه أديب ألعديلي في(القضوة)للأمير بن مؤنس ألعبادي الذي كان في ماحص وأهل الفحيص على نبع الماء،وكان كريماً عفيف النفس فلم يذكر عنه أنه هضم حق أحد من الناس ممن حوله وكان فارساً سليل فارس وكان ضيوفه أكثر من أقاربه حوله ولهذا التسامح نجد أن النصارى قطنوا الفحيص وماحص طلباً للأمان بجوار هذا الشيخ الجليل ولم يذكر أنه تعرض لهم بسوءٍ يذكر.
أما ما كان يروى على ألسنة بعض الناس ممن يجيدون حبك الروايات وتلوين الصور(قصة الأمير المهداوي مع ابنه خوري الفحيص)والتي حرفت لأكثر من صيغة كما يحلو للراوي تعديله وتبديله.فإننا نورد القصة امتثالاً لحرية الرأي(الرأي الآخر)،تاركين للقارئ الكريم حرية الحكم عليها وتتلخص فيما يلي:
تسلم الأمير جودة إمارة البلقاء حوالي عام1630م من والده محمد وكان الخوري قدم إلى الفحيص منذ أربعة شهور ترافقه ابنته(مريم)ماريا وسكن في مغارة في قلعة دير الروم وأمامها شجرة كبيرة فذهب الأمير جوده إليه عندما سمع عن جمال تلك الفتاة عاقداً النية على الزواج منها إن راق له الأمر فذهب ضيفاً ولما ذهب إلى بيت ألخوري(مكان إقامته)شاهد الفتاة جالسة تحت الشجرة فقال لها شعراً،ثم طلب الفتاة من والدها،فوعده بالزواج منها بعد إعطائه مهلة لاستشارة الفتاة،وبعث الخوري إلى أهل الفحيص يثيرهم ضد الأمير جودة ومستنجداً بهم.
وكان أن تم الاتفاق بين أهل الفحيص والخوري على قتل الأمير جودة قتل الأمير جوده،وأثاروا البعض للاستعانة بالعدوان الذين لهم ميول للخلاص من قوة هذا الأمير فأرسلوا رسولاً يدعى(عفانه)من عشيرة الزيادات فجاء العدوان واتفق الجميع على قتل الأمير المهداوي(جودة).
فرسمت خطة محكمة حيث حددوا يوم الزفاف يكون يوم تنفيذ الخطة فوضعوا حراسات حول البلدة وحول مكان وجود الخوري وتحديد من يقوم على خدمة الأمير وأرسلوا للعبد المرافق للأمير المهداوي من يشتري منه ضميره بالمال ليفك أسرجه خيول المرافقين للأمير المهداوي ذلك اليوم،وإنه كعادات العرب سيكون الأمير ضيفاً على الخوري أولاً ثم يأخذ عروسته وطلبوا منه ألا يرافقه عدد كبير نظراً لحالة الخوري المادية،وكان ذلك اليوم من نهاية شهر آب وقيل أن الأمير قدم حسب الاتفاق بالموعد المحدد وعلى الطريق وجد ذرة مزروعة فتناول حبة(عرنوس)وطلب من مرافقه(عفانه)أن يعد حباته ونزعها من أصلها ليلتهمها الأمير فكانت منه مثلاً من مقتل رجال من العدوان بعدد حبات الذرة وكان كما يقال أن عدد العدوان كان أربعين رجلاً وكان ذلك الموقف أمام رجال العدوان مما اهاجهم ذلك التحدي لهم ولكنهم كظموا غيظهم لكي لا تنكشف الخطة،ولما قدم الطعام للأمير ووضع يده فيه وذاق طعمه فلم يجد(الملح)فعرف أنها نية الغدر والمكيدة وهي من عادات العرب،إذا أرادت الغدر فقام الأمير وقال(بقتم)يا أهل الفحيص فأجابه أحدهم:"البوق بدا منكم يا أمير"وهوا عليه بالسيف فقتله وأطلق الرصاص وهي إشارة لبقية الخطة فهجم من كان بالخارج على مرافقي الأمير وقاتلوهم فقتل حسن وسميت أبو الحسن وكذلك ذيب بمنطقة أبو الذيب وصقر في منطقة الصقيرية.وقتل غنام واستمر القتال بين قبيلة المهداوي والعدوان مع حلفائهم من أهل الفحيص وخلف الأمير جودة على القبيلة ابنه ضمّان فلما رأى تحالف القبائل ضده نزل إلى غور الكفرين،وما لبث العدوان أن هاجموه وقتلوا ابنه مشهور ثم ارتحل إلى غور بيسان وإلى غور نمرين.وتلك القصة تتنافى مع الحقيقة كان الهدف منها تشويه نهاية أسرة بني مهدي.
بطون بنو مهدي:تشير معاجم اللغة إلى أن كلمة مهدي لغة"هي بالأصل الثلاثي (مَهَدَ) ومهد الشيء بسطه وجعله سوياً،ويقال مُمهّداً وجمعه (مهود) والمهيد هو الماء العذب الخالص الزلال وحرارته بين البارد والساخن (الفاتر) وأما تسمية القبيلة بهذا الاسم فهو يعود للجد الأعلى وهو إمهدي وقد تكرر هذا الاسم بأشكال مثل (مهيد،مهدي، إمهادي،مهداوي..الخ) ولكن التسمية تعود إلى
إمهادي بن عايد الله بن حسن بن علي،وينتهي الاسم إلى طريف وطريف هو من نسل الشهيد الأول في الإسلام بأرض الشام (فروة بن عمر