منتديات السادة الهوارة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات السادة الهوارة

د/مصطفى سليمان أبو الطيب الهوارى

د مصطفى سليمان ابوالطيب ابويوسف عايد الهوارى من مواليد محافظة الاسكندرية 8-6-1973 الاصل من محافظه اسيوط مركز صدفا قرية الدوير عايد قبيلة هوارة عايد الهوارى دكتوراة فى التاريخ الاسلامى فى انساب القبائل العربية عام 2015 من اكاديمة مشكاة للدرسات الاسلامية عن القبائل النازحة لمصر عقب الفتح الاسلامى سفير النوايا الحسنة المنظمه الضمير العالمى لحقوق الإنسان إحدى منظمات التابعه للامم المتحده رئيس ومؤسس الجمعية الخيرية لأبناء الهوارة عام 2012 المشهرة برقم 3107 ومؤلف مجلد قاموس القبائل العربية المصرية( مفاتيح الانارة فى انساب قبائل العرب والمرابطين والهوارة) و موسوعه القبائل والعائلات العربية والمصرية وهم1-تاريخ الامارة فى أنساب قبائل وعائلات الهوارة 2- القول السليم فى بطون وعشائر بنى سليم 3- القول المتين فى تاريخ وأنساب قبائل المرابطين وبنى سليم 4-رجال العصر فى أنسابهوازن وبنى هلال وبنى نصر 5-الأقوال الجلية فى أنساب وقبائل سيناء والشرقية -6-القول الشاف فى أنساب قبائل الأنصار والأشراف و الامين العام لمجلس للقبائل المصرية والعربية بالاسكندرية حاصل على درع وشهادة تقدير من المجلس المصرى للقبائل المصرية والعربية رئيس اللجنة العليا لدعم الجيش والشرطة والمصالحات بالمنظمة المصرية لحقوق الانسان بالاسكندرية حاصل على شهادة تفدير من المنظمة المصرية لحقوق الانسان [رئيس الجمعية الخيرية لأبناء محافظة أسيوطفرع عبدالقادرالعامرية الإسكندرية/ وكيل مؤسسين حزب التحرير العربى حزب لم يكتمل امين عام التنظيم بحزب مصر الثورة سابقا مرشح مجلس الشعب بالدائرة الرابعه بالاسكندرية عن الشباب والجمعيات الاهلية عام 2011 حاصل على العديد من شهادات التقدير من الجمعيات الاهلية والمجالس عن دورة فى المجتمع المدنى رئيس لجنة المساعدات الطبية بالجمعيات الاهلية شعبة العامرية وباحث ومؤرخ فى تاريخ القبائل العربية بمصر والوطن العربى موبايل رقم 01224369577 01002920977 01119825377
من هـو د:مصطفي سليمان أبوالطيب أبوعايـد الهواري د:مصـطفى سليمان السـيد أبو الطيب محمد أبو الطيب محمد أبويـوسف بن شيخ العـرب محمد بن شيخ عربان هوارة حمد بن شيخ العرب محمود بن شيخ العرب حمد بن الأمير حماد بن الأمير ريان بن الأمير عايد الهوارى الملقب بسيد العرب الأمير منصور بن الأمير ناصر بن الأميرسليم بن الأمير بهنان بن الأمير عوف بن الأمير مالك بن الأمير ناصر بن الأمير قيس بن الأميرالحارث بن الأمير سعد بن الأمير مالك بن الأميرغندور بن الأمير سرحان بن الأمير مالك بن الأميرعمرو بن الأمير عمارة بن الأمير عمران بن الأمير حمدان بن الأمير عامر بن الأمير عمرو بن سعد بن مسعود بن عمر بن عمير بن عامر بن ربيعة بن معاوية بن عامر بن ربيعة فارس العرب الذى قتل أول فارسى فى معركة القادسية منه بنو ربيعه بن عثمان بن ربيعة بن النابغة بن عنز بن حبيب بن وائلة بن دهمان ومنه بنو دهمان بن نصر ومنه بنو نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن ومنه القبائل الهوازنية بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس ومنه القبائل القيسية بن عيلان بن مضر ومنه بنو مضر بن نزار بن معد بن عدنان هو جد القبائل العدنانية بجزيرة العرب بن أد بن أدد بن هميسع بن سلامان ابن عوص بن بوز بن قموال بن أبي بن عوام بن ناشد بن بلداس بن يدلاف بن طانج بن جاحم بن ناحش بن ماخي بن عيض بن عبقر بن عبيد بن الدعا بن حمدان بن سنبر بن يثربي بن يحزن بن يلحن بن ارعوى بن عيض بن ديشان بن عيص بن أفناد بن أيهام بن مقصر بن ناحث بن زارح بن سمي بن مزي بن عوضه بن عرام بن قيدار بن إسماعيل عليه السلام بن إبراهيم عليه السلام أبن تارح بن ناحور بن ساروع أو ساروغ بن راعو بن فالخ بن عابر بن شالخ ابن ارفخشد بن سام بن نوح عليه السلام بن لامك بن متوشلخ بن أخنوخ بن إدريس عليه السلام ابن يرد بن مهلائيل بن قينان بن آنوشة بن شيت بن آدم عليهما السلام من مواليد محافظـة الإسكندرية 8-6-1973 الأصل من محافظه أسيوط مركز صدفا قرية الدوير عايد قبيـلة هوارة عايد الهوارى مسقـط رأس شيـخ مشايـخ عربان هوارة أسيوط الأمير عايد الهواري الملقب بسيـد العرب دكتوراة فى التاريخ الاسلامى فى انساب القبائل العربية عام 2015 من اكاديمية مشكـاة للدرسات العربية والاسلامية عن القبائـل النازحة لمصـر عقب الفتح الاسلامى سفير النوايا الحسنة المنظمه الضمير العالمى لحقوق الإنسان إحدى منظمات التابعه للامم المتحده رئيس ومؤسس الجمعية الخيرية لأبناء هوارة عام 2012 المشهرة برقم 3107 سفيـر النوايا الحسنة من منظـمة الضميـر التابعة للامم المتحدة ومؤلف مجـلد قاموس القبائل العربية المصرية 1:مفاتيح الانارة فى انساب قبائل العرب والمرابطين والهوارة 2:موسوعه القبائل والعائلات العربية والمصرية وهــم 1:تاريخ الامارة فى أنساب قبائل وعائلات الهوارة 2: القول السليم فى بطون وعشائر بنى سليم 3:القول المتين فى تاريخ وأنساب قبائل المرابطين وبنى سليم 4:رجال العصر فى أنساب هوازن وبنى هلال وبنى نصر 5:الأقوال الجلية فى أنساب وقبائل سيناء والشرقية 6:القول الشاف فى أنساب قبائل الأنصار والأشراف الامين العام لمجلس القبائل المصرية والعربية بالإسكندرية حاصل على درع وشهادة تقدير من المجلس المصري للقبائل المصرية والعربية رئيس اللجنة العليا لدعم الجيش والشرطة والمصالحات بالمنظمة المصرية لحقوق الانسان بالإسكندرية حاصل على شهادة تقدير من المنظمة المصرية لحقوق الانسان رئيس الجمعية الخيرية لأبناء محافظة أسيوط فرع عبدالقادر العامرية الإسكندرية وكيل مؤسسين حزب التحرير العربي حزب لم يكتمل امين عام التنظـيم بحزب مصر الثـورة سابقاً مرشح مجلس الشعب بالدائرة الرابعة بالإسكندرية عن الشباب والجمعيات الاهلية عام 2011 حاصـل على العديد من شهادات التقدير من الجمعيات الاهلية والمجالس عن دورة فى المجتمع المدني. رئيس لجـنة المساعدات الطبية بالجمعيات الاهلية شعبة العامرية باحث ومؤرخ فى تاريخ القبائل العربية والمصرية بمصر والوطن العربي أمين عام المجلس الأعلى للقبائل العربية والمصرية بالإسكندريــة
من هـو د:مصطفي سليمان أبوالطيب أبوعايـد الهواري د:مصـطفى سليمان السـيد أبو الطيب محمد أبو الطيب محمد أبويـوسف بن شيخ العـرب محمد بن شيخ عربان هوارة حمد بن شيخ العرب محمود بن شيخ العرب حمد بن الأمير حماد بن الأمير ريان بن الأمير عايد الهوارى الملقب بسيد العرب الأمير منصور بن الأمير ناصر بن الأميرسليم بن الأمير بهنان بن الأمير عوف بن الأمير مالك بن الأمير ناصر بن الأمير قيس بن الأميرالحارث بن الأمير سعد بن الأمير مالك بن الأميرغندور بن الأمير سرحان بن الأمير مالك بن الأميرعمرو بن الأمير عمارة بن الأمير عمران بن الأمير حمدان بن الأمير عامر بن الأمير عمرو بن سعد بن مسعود بن عمر بن عمير بن عامر بن ربيعة بن معاوية بن عامر بن ربيعة فارس العرب الذى قتل أول فارسى فى معركة القادسية منه بنو ربيعه بن عثمان بن ربيعة بن النابغة بن عنز بن حبيب بن وائلة بن دهمان ومنه بنو دهمان بن نصر ومنه بنو نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن ومنه القبائل الهوازنية بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس ومنه القبائل القيسية بن عيلان بن مضر ومنه بنو مضر بن نزار بن معد بن عدنان هو جد القبائل العدنانية بجزيرة العرب بن أد بن أدد بن هميسع بن سلامان ابن عوص بن بوز بن قموال بن أبي بن عوام بن ناشد بن بلداس بن يدلاف بن طانج بن جاحم بن ناحش بن ماخي بن عيض بن عبقر بن عبيد بن الدعا بن حمدان بن سنبر بن يثربي بن يحزن بن يلحن بن ارعوى بن عيض بن ديشان بن عيص بن أفناد بن أيهام بن مقصر بن ناحث بن زارح بن سمي بن مزي بن عوضه بن عرام بن قيدار بن إسماعيل عليه السلام بن إبراهيم عليه السلام أبن تارح بن ناحور بن ساروع أو ساروغ بن راعو بن فالخ بن عابر بن شالخ ابن ارفخشد بن سام بن نوح عليه السلام بن لامك بن متوشلخ بن أخنوخ بن إدريس عليه السلام ابن يرد بن مهلائيل بن قينان بن آنوشة بن شيت بن آدم عليهما السلام من مواليد محافظـة الإسكندرية 8-6-1973 الأصل من محافظه أسيوط مركز صدفا قرية الدوير عايد قبيـلة هوارة عايد الهوارى مسقـط رأس شيـخ مشايـخ عربان هوارة أسيوط الأمير عايد الهواري الملقب بسيـد العرب دكتوراة فى التاريخ الاسلامى فى انساب القبائل العربية عام 2015 من اكاديمية مشكـاة للدرسات العربية والاسلامية عن القبائـل النازحة لمصـر عقب الفتح الاسلامى سفير النوايا الحسنة المنظمه الضمير العالمى لحقوق الإنسان إحدى منظمات التابعه للامم المتحده رئيس ومؤسس الجمعية الخيرية لأبناء هوارة عام 2012 المشهرة برقم 3107 سفيـر النوايا الحسنة من منظـمة الضميـر التابعة للامم المتحدة ومؤلف مجـلد قاموس القبائل العربية المصرية 1:مفاتيح الانارة فى انساب قبائل العرب والمرابطين والهوارة 2:موسوعه القبائل والعائلات العربية والمصرية وهــم 1:تاريخ الامارة فى أنساب قبائل وعائلات الهوارة 2: القول السليم فى بطون وعشائر بنى سليم 3:القول المتين فى تاريخ وأنساب قبائل المرابطين وبنى سليم 4:رجال العصر فى أنساب هوازن وبنى هلال وبنى نصر 5:الأقوال الجلية فى أنساب وقبائل سيناء والشرقية 6:القول الشاف فى أنساب قبائل الأنصار والأشراف الامين العام لمجلس القبائل المصرية والعربية بالإسكندرية حاصل على درع وشهادة تقدير من المجلس المصري للقبائل المصرية والعربية رئيس اللجنة العليا لدعم الجيش والشرطة والمصالحات بالمنظمة المصرية لحقوق الانسان بالإسكندرية حاصل على شهادة تقدير من المنظمة المصرية لحقوق الانسان رئيس الجمعية الخيرية لأبناء محافظة أسيوط فرع عبدالقادر العامرية الإسكندرية وكيل مؤسسين حزب التحرير العربي حزب لم يكتمل امين عام التنظـيم بحزب مصر الثـورة سابقاً مرشح مجلس الشعب بالدائرة الرابعة بالإسكندرية عن الشباب والجمعيات الاهلية عام 2011 حاصـل على العديد من شهادات التقدير من الجمعيات الاهلية والمجالس عن دورة فى المجتمع المدني. رئيس لجـنة المساعدات الطبية بالجمعيات الاهلية شعبة العامرية باحث ومؤرخ فى تاريخ القبائل العربية والمصرية بمصر والوطن العربي أمين عام المجلس الأعلى للقبائل العربية والمصرية بالإسكندريــة
من هـو د:مصطفي سليمان أبوالطيب أبوعايـد الهواري د:مصـطفى سليمان السـيد أبو الطيب محمد أبو الطيب محمد أبويـوسف بن شيخ العـرب محمد بن شيخ عربان هوارة حمد بن شيخ العرب محمود بن شيخ العرب حمد بن الأمير حماد بن الأمير ريان بن الأمير عايد الهوارى الملقب بسيد العرب الأمير منصور بن الأمير ناصر بن الأميرسليم بن الأمير بهنان بن الأمير عوف بن الأمير مالك بن الأمير ناصر بن الأمير قيس بن الأميرالحارث بن الأمير سعد بن الأمير مالك بن الأميرغندور بن الأمير سرحان بن الأمير مالك بن الأميرعمرو بن الأمير عمارة بن الأمير عمران بن الأمير حمدان بن الأمير عامر بن الأمير عمرو بن سعد بن مسعود بن عمر بن عمير بن عامر بن ربيعة بن معاوية بن عامر بن ربيعة فارس العرب الذى قتل أول فارسى فى معركة القادسية منه بنو ربيعه بن عثمان بن ربيعة بن النابغة بن عنز بن حبيب بن وائلة بن دهمان ومنه بنو دهمان بن نصر ومنه بنو نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن ومنه القبائل الهوازنية بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس ومنه القبائل القيسية بن عيلان بن مضر ومنه بنو مضر بن نزار بن معد بن عدنان هو جد القبائل العدنانية بجزيرة العرب بن أد بن أدد بن هميسع بن سلامان ابن عوص بن بوز بن قموال بن أبي بن عوام بن ناشد بن بلداس بن يدلاف بن طانج بن جاحم بن ناحش بن ماخي بن عيض بن عبقر بن عبيد بن الدعا بن حمدان بن سنبر بن يثربي بن يحزن بن يلحن بن ارعوى بن عيض بن ديشان بن عيص بن أفناد بن أيهام بن مقصر بن ناحث بن زارح بن سمي بن مزي بن عوضه بن عرام بن قيدار بن إسماعيل عليه السلام بن إبراهيم عليه السلام أبن تارح بن ناحور بن ساروع أو ساروغ بن راعو بن فالخ بن عابر بن شالخ ابن ارفخشد بن سام بن نوح عليه السلام بن لامك بن متوشلخ بن أخنوخ بن إدريس عليه السلام ابن يرد بن مهلائيل بن قينان بن آنوشة بن شيت بن آدم عليهما السلام من مواليد محافظـة الإسكندرية 8-6-1973 الأصل من محافظه أسيوط مركز صدفا قرية الدوير عايد قبيـلة هوارة عايد الهوارى مسقـط رأس شيـخ مشايـخ عربان هوارة أسيوط الأمير عايد الهواري الملقب بسيـد العرب دكتوراة فى التاريخ الاسلامى فى انساب القبائل العربية عام 2015 من اكاديمية مشكـاة للدرسات العربية والاسلامية عن القبائـل النازحة لمصـر عقب الفتح الاسلامى رئيس ومؤسس الجمعية الخيرية لأبناء هوارة عام 2012 المشهرة برقم 3107 سفيـر النوايا الحسنة من منظـمة الضميـر التابعة للامم المتحدة ومؤلف مجـلد قاموس القبائل العربية المصرية 1:مفاتيح الانارة فى انساب قبائل العرب والمرابطين والهوارة 2:موسوعه القبائل والعائلات العربية والمصرية وهــم 1:تاريخ الامارة فى أنساب قبائل وعائلات الهوارة 2: القول السليم فى بطون وعشائر بنى سليم 3:القول المتين فى تاريخ وأنساب قبائل المرابطين وبنى سليم 4:رجال العصر فى أنساب هوازن وبنى هلال وبنى نصر 5:الأقوال الجلية فى أنساب وقبائل سيناء والشرقية 6:القول الشاف فى أنساب قبائل الأنصار والأشراف الامين العام لمجلس القبائل المصرية والعربية بالإسكندرية حاصل على درع وشهادة تقدير من المجلس المصري للقبائل المصرية والعربية رئيس اللجنة العليا لدعم الجيش والشرطة والمصالحات بالمنظمة المصرية لحقوق الانسان بالإسكندرية حاصل على شهادة تقدير من المنظمة المصرية لحقوق الانسان رئيس الجمعية الخيرية لأبناء محافظة أسيوط فرع عبدالقادر العامرية الإسكندرية وكيل مؤسسين حزب التحرير العربي حزب لم يكتمل امين عام التنظـيم بحزب مصر الثـورة سابقاً مرشح مجلس الشعب بالدائرة الرابعة بالإسكندرية عن الشباب والجمعيات الاهلية عام 2011 حاصـل على العديد من شهادات التقدير من الجمعيات الاهلية والمجالس عن دورة فى المجتمع المدني. رئيس لجـنة المساعدات الطبية بالجمعيات الاهلية شعبة العامرية باحث ومؤرخ فى تاريخ القبائل العربية والمصرية بمصر والوطن العربي أمين عام المجلس الأعلى للقبائل العربية والمصرية بالإسكندريــة

من هـو د:مصطفي سليمان أبوالطيب أبوعايـد الهواري د:مصـطفى سليمان السـيد أبو الطيب محمد أبو الطيب محمد أبويـوسف بن شيخ العـرب محمد بن شيخ عربان هوارة حمد بن شيخ العرب محمود بن شيخ العرب حمد بن الأمير حماد بن الأمير ريان بن الأمير عايد الهوارى الملقب بسيد العرب الأمير منصور بن الأمير ناصر بن الأميرسليم بن الأمير بهنان بن الأمير عوف بن الأمير مالك بن الأمير ناصر بن الأمير قيس بن الأميرالحارث بن الأمير سعد بن الأمير مالك بن الأميرغندور بن الأمير سرحان بن الأمير مالك بن الأميرعمرو بن الأمير عمارة بن الأمير عمران بن الأمير حمدان بن الأمير عامر بن الأمير عمرو بن سعد بن مسعود بن عمر بن عمير بن عامر بن ربيعة بن معاوية بن عامر بن ربيعة فارس العرب الذى قتل أول فارسى فى معركة القادسية منه بنو ربيعه بن عثمان بن ربيعة بن النابغة بن عنز بن حبيب بن وائلة بن دهمان ومنه بنو دهمان بن نصر ومنه بنو نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن ومنه القبائل الهوازنية بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس ومنه القبائل القيسية بن عيلان بن مضر ومنه بنو مضر بن نزار بن معد بن عدنان هو جد القبائل العدنانية بجزيرة العرب بن أد بن أدد بن هميسع بن سلامان ابن عوص بن بوز بن قموال بن أبي بن عوام بن ناشد بن بلداس بن يدلاف بن طانج بن جاحم بن ناحش بن ماخي بن عيض بن عبقر بن عبيد بن الدعا بن حمدان بن سنبر بن يثربي بن يحزن بن يلحن بن ارعوى بن عيض بن ديشان بن عيص بن أفناد بن أيهام بن مقصر بن ناحث بن زارح بن سمي بن مزي بن عوضه بن عرام بن قيدار بن إسماعيل عليه السلام بن إبراهيم عليه السلام أبن تارح بن ناحور بن ساروع أو ساروغ بن راعو بن فالخ بن عابر بن شالخ ابن ارفخشد بن سام بن نوح عليه السلام بن لامك بن متوشلخ بن أخنوخ بن إدريس عليه السلام ابن يرد بن مهلائيل بن قينان بن آنوشة بن شيت بن آدم عليهما السلام من مواليد محافظـة الإسكندرية 8-6-1973 الأصل من محافظه أسيوط مركز صدفا قرية الدوير عايد قبيـلة هوارة عايد الهوارى مسقـط رأس شيـخ مشايـخ عربان هوارة أسيوط الأمير عايد الهواري الملقب بسيـد العرب دكتوراة فى التاريخ الاسلامى فى انساب القبائل العربية عام 2015 من اكاديمية مشكـاة للدرسات العربية والاسلامية عن القبائـل النازحة لمصـر عقب الفتح الاسلامى رئيس ومؤسس الجمعية الخيرية لأبناء هوارة عام 2012 المشهرة برقم 3107 سفيـر النوايا الحسنة من منظـمة الضميـر التابعة للامم المتحدة ومؤلف مجـلد قاموس القبائل العربية المصرية 1:مفاتيح الانارة فى انساب قبائل العرب والمرابطين والهوارة 2:موسوعه القبائل والعائلات العربية والمصرية وهــم 1:تاريخ الامارة فى أنساب قبائل وعائلات الهوارة 2: القول السليم فى بطون وعشائر بنى سليم 3:القول المتين فى تاريخ وأنساب قبائل المرابطين وبنى سليم 4:رجال العصر فى أنساب هوازن وبنى هلال وبنى نصر 5:الأقوال الجلية فى أنساب وقبائل سيناء والشرقية 6:القول الشاف فى أنساب قبائل الأنصار والأشراف الامين العام لمجلس القبائل المصرية والعربية بالإسكندرية حاصل على درع وشهادة تقدير من المجلس المصري للقبائل المصرية والعربية رئيس اللجنة العليا لدعم الجيش والشرطة والمصالحات بالمنظمة المصرية لحقوق الانسان بالإسكندرية حاصل على شهادة تقدير من المنظمة المصرية لحقوق الانسان رئيس الجمعية الخيرية لأبناء محافظة أسيوط فرع عبدالقادر العامرية الإسكندرية وكيل مؤسسين حزب التحرير العربي حزب لم يكتمل امين عام التنظـيم بحزب مصر الثـورة سابقاً مرشح مجلس الشعب بالدائرة الرابعة بالإسكندرية عن الشباب والجمعيات الاهلية عام 2011 حاصـل على العديد من شهادات التقدير من الجمعيات الاهلية والمجالس عن دورة فى المجتمع المدني. رئيس لجـنة المساعدات الطبية بالجمعيات الاهلية شعبة العامرية باحث ومؤرخ فى تاريخ القبائل العربية والمصرية بمصر والوطن العربي أمين عام المجلس الأعلى للقبائل العربية والمصرية بالإسكندريــة

    من مقالات ظ ابوردة السعدنى

    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14543
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    من مقالات ظ ابوردة السعدنى Empty من مقالات ظ ابوردة السعدنى

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب السبت فبراير 12, 2022 1:22 pm

    منصب شيخ الجامع الأزهر (3) :
    **************************
    ... يمكن القول بأن منصب شيخ الجامع الأزهر مر بمرحلتين متعاقبتين :


    المرحلة الأولى :
    *************
    تشمل تلك المرحلة المدة الزمنية من دخول مصر تحت الحكم العثماني سنة 923 /1517 وحتى منتصف القرن الحادي عشر الهجري ( السابع عشر الميلادي ) ،  في هذه المدة الزمنية لم تستقر وظيفة " شيخ الجامع الأزهر " كوظيفة رسمية معترف بها من قبل السلطات الحاكمة ، بدليل : أن " قانون نامه مصر " الذي صدر في عهد السلطان سليمان القانوني (920-974 /1520-1566)  ، لتنظيم أوضاع مصر الإدارية والاقتصادية ، لم يشر في مواده إلى وجود وظيفة بهذا الاسم ، كما أن المصادر التاريخية التي عاصر مؤلفوها تلك الحقبة الزمنية ،مثل : ابن إياس الحنفي - ت930/1523 - ، وابن زنبل الرمال -ت974/1566- ،وعبدالقادر الجزيري -ت977/1569 - ، والدميري المالكي -ت 1029/1619 - ، ومحمد بن عبدالمعطي الإسحاقي -ت1060/1650 - ، ومرعي الحنبلي -ت 1069/1658- ، وابن أبي السرور البكري الصديقي -ت1087/1676- في كتبه العديدة والمتنوعة في تاريخ مصر ، لم يشر واحد من هؤلاء المؤرخين ، الذين عاشوا في القرنين العاشر والحادي عش الهجريين إلى وجود وظيفة تخص علماء الأزهر باسم " شيخ الجامع الأزهر " ، وطبعي أنه لو وجدت وظيفة بهذا الاسم لكان من الضروري أن يشير اليها واحد منهم على أقل تقدير ، خاصة وأنهم - جميعا - من طبقة العلماء ، وعنوا - في مؤلفاتهم - بالجامع الأزهر وعلمائه عناية فائقة ، ولايمكن أن يكون سكوتهم عن ذكر هذه الوظيفة إجماعا منهم على عدم الإشارة إليها ..!!...


    ... ومن ناحية أخرى  يتضح للباحث - من استقراء المصادر التاريخية المعاصرة - أن وظيفة " شيخ الجامع الأزهر " - إبان تلك الحقبة من تاريخ مصر في العصر العثماني - كانت في مرحلة " التكوين " ، وإن لم تظهر ظهورا رسميا ، فيمكن أن نعد مواقف بعض العلماء الذين برزت شخصياتهم ومواهبهم القيادية ، في تصديهم للدفاع عن حقوق علماء الأزهر ، إلى جانب مشاركتهم في الحياة العامة في مصرمشاركة إيجابية ، يمكن القول : إن تلك المواقف الشجاعة التي وقفها بعض علماء الأزهر ، كانت " الرحم " التي تكونت فيها وظيفة " شيخ الجامع الأزهر " ، حتى خرجت إلى الوجود رسميا في منتصف القرن الحادي عشر الهجري (السابع عشر الميلادي ) ، وما زالت قائمة حتى الآن ....


    ... وسوف نذكر - تدليلا على صواب ما ذهبنا إليه -  ثلاثة مواقف لعلماء الأزهر أثناء تلك المرحلة  :


    أولا : مظاهرة طلاب الأزهر ضد خاير بك :
    *********************************
    ... بعد أن تم للعثمانيين الاستيلاء على مصر سنة 923(1517 ،  وتولى الأمير المملوكي " خاير بك" حكم مصر ، شرع هذا الأمير - الذي لقب بلقب ملك الأمراء - في تطبيق القوانين العثمانية تطبيقا صارما ، خاصة فيما يتصل بالضرائب ، فتم فرض رسوم باهظة على الزواج والطلاق ،  وصلت إلى ستين " نصفا " من الفضة على زواج البكر ، وثلاثين " نصفا " على زواج الثيب ، الأمر الذي ضج منه المصريون بصفة عامة ، ورأى طلاب العلم بالأزهر أن المغالاة في رسوم الزواج والطلاق أمر يخالف الشريعة الاسلامية التي تدعو إلى التيسير في مثل تلك الأمور ، فنظم هؤلاء الطلاب - وكان عددهم مائة طالب - مظاهرة احتجاج صاخبة - في السابع من محرم سنة 928/1521 - ، وقادهم الشيخ " شمس الدين اللقاني " المالكي - ت930/1523-  إلى حيث يقيم خاير بك ، وحين التقوا به خاطبه الشيخ اللقاني قائلا :
    - يا ملك الأمراء : قد أبطلتم سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أمر النكاح ، وصرتم تأخذون على زواج البكر ستين نصفا ، وعلى زواج الثيب ثلاثين نصفا ، ويتبع ذلك أجر الشهود وغير ذلك ، وهذا يخالف الشرع الشريف ، فقد عقد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على خاتم فضة ، وعلى ستة أنصاف فضة ، وعقد على آية من كتاب الله تعالى ، وقد ضعف الإسلام في هذه الأيام ، وتجاهر الناس بالمعاصي والمنكرات ، وتزايد الأمر في ذلك !!...


    رد خاير بك على الشيخ " اللقاني " قائلا :
    _ اسمع يا سيدي الشيخ : من أكون أنا ؟ ، الخوندكار ( السلطان ) رسم يهذا ، وقال امشوا في مصر على اليسق ( القانون ) العثماني ....


    فصاح طالب  يدعي الشيخ " عيسى المغربي " قائلا :


    - هذا يسق الكفر !!


    فأمر خاير بك بالقبض على الطالب المذكور ، ثم أطلق سراحه - بعد ذلك - خوفا من طلاب الأزهر الذين أعلنوا عن استعدادهم للسفر إلى " إستانبول" - عاصمة الدولة العثمانية - لمقابلة السلطان سليمان القانوني نفسه ، كما هددوا بغلق المساجد ودور العلم - وفي مقدمتها الجامع الأزهر - احتجاجا على الرسوم التي فرضها العثمانيون على الزواج ، وعلى انتشار المعاصي والمنكرات في مدينة القاهرة ...


    ... أحدثت ثورة طلاب الأزهر صدى كبيرا داخل مصر ، إذ كثر الدعاء - في مساجد القاهرة - على خاير بك ، الذي حاول استرضاء علماء الأزهر وطلابه ، فأرسل  رسولا إلى الشيخ شمس الدين اللقاني يطيب خاطره ويقول له :  "لا تؤاخذ ملك الأمراء ، فإنه لم يكن يعرفك " ، كما أرسل إلى " المجاوين " في الجامع الأزهر مائتي دينار وأربع بقرات ، تذبح وتوزع عليهم ، لكن ابن إياس يعلق على محاولة خاير بك بقوله :


    قصد أن يستجلب خواطر العلماء والفقهاء ، بما فعله من الأفعال الشنيعة ، ليمحو ذلك بذلك ، وهذا من المحالات ..!!...


    ثانيا : الشيخ السنباطي وداود باشا :
    ****************************
    الشيخ السنباطي ، هو : شهاب الدين أحمد بن عبدالحق بن محمد السنباطي ، الشافعي المصري  ، من كبار علماء الأزهر ، ومن أسرة عريقة في العلم ، نعتته المصادر التاريخية ب " الإمام العالم العلامة " ، كان واعظا بالجامع الأزهر ولم يكن شيخا له - كما يذهب كثير جدا من الباحثين - ، قال عنه " معاصره " الشيخ عبدالوهاب الشعراني -ت 973/1565 - : " لم نر أحدا من الوعاظ  أقبل عليه الخلائق مثله ، كان  إذا نزل عن الكرسي يقتتل الناس عليه " ، وقال  عنه أيضا : " اشتهر في آفاق الأرض كالشام والحجاز واليمن والروم ، وصاروا يضربون به المثل ، وأذعن له علماء مصر ، الخاص منهم والعام " ، وحين لحق بالرفيق الأعلى سنة 950/ 1544 " أظلمت مصر لموته ، وانهدم ركن عظيم من الدين "....


    ... تولى حكم مصر - في حياته - "داود باشا " ، وكان " خصيا " من عبيد السراي العثمانية ، غشوما سفاكا للدماء ، حين نشب خلاف بين الباشا المذكور وعلماء الأزهر ، تصدى له الشيخ أحمد السنباطي ، قائلا له :


    - أنت لاتصلح للحكم وأنت تحت الرق ، وما دمت غير معتوق فأحكامك باطلة !!...


    فهم الباشا بإعدامه ، إلا أنه لم يمكن من ذلك ، وحين رفع الأمر إلى السلطان سليمان القانوني ، أرسل كتابا أعلن فيه عتق داود باشا ، وأمره بحسن معاملة الرعية ، كما أرسل كتابا آخر للشيخ السنباطي شكره فيه على موقفه وشجاعته....


    ... ولما كان الشيخ السنباطي يتزعم علماء الجامع الأزهر وطلبته - في تلك الآونة - ، ويرفض الهدايا التي تقدم له من الحكومة العثمانية ، أمر السلطان العثماني بصرف " راتب" خاص له من خزينة مصر ، ويسجل في السجلات الرسمية ....


    ثالثا : الشيخ البكري وحقوق الأزهريين :
    ******************************


    ... الشيخ أبو السرور البكري من كبار علماء الأزهر في أوائل القرن الحادي عشر الهجري ( السادس عشر الميلادي ) ، من أسرة البكري الشهيرة في مصر ، ووالد المؤرخ محمد بن أبي السرور البكري - صاحب التآليف العديدة في تاريخ مصر - ، كان خطيبا للجامع الأزهر ، وأول من شغل وظيفة " مفتي السلطنة " بمصر ، وأول من لقب بهذا اللقب ، برز في ميدان العلوم تدريسا وتأليفا ، درس في الجامع الأزهر ، وفي المشهد الحسيني ، اتسعت حلقات درسه اتساعا كبيرا ، حتى إن أحد باشاوات مصر كان يحضر دروس الشيخ أبي السرور - في المشهد الحسيني - فيخرج " متعجبا من الدرس وبهجته ".....


    ... تميزت شخصية الشيخ أبي السرور بالشجاعة النادرة في الذود عن حقوق العلماء وطلبة العلم ، فيذكر ابنه : أن " خضر باشا " - والي مصر سنة 1006/ 1598- كان يغلب عليه الشح الزائد ، وشرع في قطع أرزاق العلماء من القمح " فطلع له والدي ... وكلمه بكلام زائد ، وأنكاه بالكلام ، فقال للوالد :


    - يا مولانا : الغالب على الذين لهم قمح تجار ، وليس فيهم علماء ...


    فقال له الوالد :


    - يا مولانا الوزير : نحن نكتب لكم دفترا بأسماء العلماء الذين لهم قمح ...


    فأجاب الوزير إلى ذلك ، وأمر المقاطعجي ( المختص بسجلات الغلال الأميرية ) بالذهاب لمنزل الوالد في غير  أيام الديوان للنظر في هذه القضية ، ثم لم يزل الوالد -رحمه الله - يتلطف بالوزير إلى أن أجاز الإعطاء للخاص والعام " ....


    .... وبناء على هذا الموقف الشجاع للشيخ أبي السرور البكري ، يمكن أن نقرر : أنه كان أبرز شخصية في علماء الجامع الأزهر ، وأهلته تلك المكانة لينوب عنهم في المطالبة بحقوقهم لدى السلطات الحاكمة ، لكنه - على أية حال - لم يكن شيخا رسميا للجامع الأزهر ، ولو كانت هذه الوظيفة  - الجليلة القدر - موجودة - في تلك الآونة - ، وحظي بها الشيخ البكري ، لحرص ولده على ذكرها في ترجمته الطويلة التي أوردها لوالده ، ولكانت أولى بالذكر من وظيفة " مفتي السلطنة " في مصر ، وقد توفي الشيخ البكري سنة 1007/1598.....


    المرحلة الأخرى :
    ************
    ... تبدأ هذه المرحلة بتولي الشيخ " سلطان المزاحي " مشيخة الجامع الأزهر عام 1053/1643 ، تميزت بظهور شخصية شيخ الجامع الأزهر ظهورا رسميا ، واعتراف الدولة العثمانية ، ممثلة في الباشا - حاكم مصر - ، والجهازين الإداري والعسكري بالأزهر ، هيئة ذات كيان مستقل ، له نظمه وقوانينه التي يتعارف ويتفق عليها علماؤه ، ولشيخه سلطاته في رئاسة الجهاز الإداري الخاص بالأزهر ، إلى جانب رئاسته الدينية والعلمية للقائمين على التدريس فيه ، لأنه المتصدر لخدمة العلماء وطلاب العلم ، والممثل لهم عند أرباب الدولة والحكام ....


    ....تولى مشيخة الجامع الأزهر - إبان العصر العثماني - علماء أفاضل ، تحلوا بالموسوعية في العلم ، والجرأة في الحق ، فتمكنوا من فرض آرائهم - المطابقة للشرع الحنيف - على حكام مصر من الباشاوات وغيرهم ، بل تعدوا هؤلاء الى سلاطين الدولة العثمانية أنفسهم .....


    ****************************
    * نشر لأول مرة عام ١٩٩٤م ، نعيد نشره بتصرف يسير 
    ** تكرم الأستاذ الدكتور إبراهيم سلامة Ibrahim Salama  بإهدائي نسخة من بحثه الموسوم Sad بنو عبدالحق السنباطي وأثرهم في الحياة العلمية بمكة المكرمة ، ٨٦٥ -٩٨٩/١٤٧٠-١٥٩٩)  ، وسوف نعرض له مستقبلاً ...


    **************************


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14543
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    من مقالات ظ ابوردة السعدنى Empty رد: من مقالات ظ ابوردة السعدنى

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب السبت فبراير 12, 2022 1:22 pm

    ... قال المقريزي عن الجامع الأزهر سنة 818 من الهجرة : 
    ..........................................................................


    ...ولم يزل هذا الجامع - منذ بني - يجاور به طوائف من الناس ، مابين عجم ومغاربة وزيالع ، ومن يرد من أرض الريف إلى القاهرة من طلبة العلم ، ولكل طائفة رواق يختص بهم ، فلا يبرح عامرا بتلاوة القرآن ودراسته وتعليمه، والاشتغال بأنواع العلوم من الفقه والنحو وسماع الحديث ، وعقد مجالس الوعظ ، فيجد الإنسان إذا دخل إليه من الأنس بالله، والارتياح وترويح النفس، مالا يجده قبل أن يصير فيه ..
    وصار أرباب الأموال يقصدون هذا الجامع بأنواع البر ، من الذهب والفضة والفلوس، مساعدة للمقيمين به على التفرغ للعبادة، وفي كل قليل تحمل إليهم أنواع الأطعمة والخبز والحلاوات  ، لاسيما في المواسم ، وبلغ عدد مجاوريه إلى سبعماية وخمسين رجلا .....


    ...........


    من كتاب السلوك لمعرفة دول الملوك ج 6 ص 390


    ........ ....


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14543
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    من مقالات ظ ابوردة السعدنى Empty رد: من مقالات ظ ابوردة السعدنى

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب السبت فبراير 12, 2022 1:23 pm

    منصب شيخ الجامع الأزهر (2) 
    ************************
    ... تناولت في كتاب ( الجامع الأزهر وشيوخه في العصر العثماني ) قضية " منصب شيخ الجامع الأزهر" ، ارتأيت أن أعرض - للأصقاء الكرام - جانبا من تلك القضية ...


    .....ثار جدل كبير حول تحديد تاريخ معين لظهور منصب " شيخ الجامع الأزهر" ، فتذهب إحدى الدراسات العلمية إلى أن هذا المنصب كان موجودا في العصر المملوكي ، وتولاه عدد من كبار العلماء ، من بينهم : الإمام البلفيني ، وابن حجر العسقلاني ، وزكريا الأنصاري ، وغيرهم ، واستند صاحب تلك الدراسة - في تأييد ما ذهب إليه - إلى أن هؤلاء العلماء لقبوا بألقاب تدل على توليهم مشيخة الأزهر ، كلقب " شيخ الاسلام "....


    ... والحقيقة التي تجدر الإشارة إليها ، أننا إذا رجعنا إلى المصادر التاريخية ، خاصة كتب التراجم التي عنيت بحياة العلماء في العصور الإسلامية المتعاقبة ، سنجد أن  إلصاق عبارة " شيخ الإسلام " ، أو "شيخ الإسلام والمسلمين " ، لاتدل بحال من الأحوال على أنها مرادفة لمنصب شيخ الأزهر ، ولا تدل - أيضا - على مفهوم وظيفي ، وإنما هي صفة من الصفات العلمية أو التشريفية  ، كانت تذكر بجانب اسم أحد الشوامخ  من علماء المسلمين ، سواء كان هذا العالم من علماء الأزهر ، أو من العلماء الذين تخرجوا أو تصدروا للتدريس في الجوامع الاسلامية الشهيرة ، كالجامع الأموي في دمشق أو جامع القرويين في المغرب ....


    ... ومن جهة أخرى ، فان المصادر التاريخية  التي أرخت لعصر سلاطين المماليك  ، عنيت عناية بالغة بالعلماء ، وذكرت الوظائف التي شغلوها في النظام الإداري ، كوظائف القضاء والحسبة وغيرذلك ، لكنها لم تشر - من قريب أومن بعيد - إلى وجود وظيفة تسمى " شيخ الجامع الأزهر " ، ويبدو - من استقراء تلك المصادر - أن الجامع الأزهر - في عصر المماليك - لم يكن له شيخ يتولى رئاسته الدينية والعلمية ويدير شئونه الإدارية ، وإنما كان يتولاه الولاية العامة سلاطين مصر وأمراؤها ، كباقي المساجد الجامعة في الديار المصرية ، ويباشر شئونه الداخلية قضاة القضاة ، ومشايخ المذاهب الأربعة ، ومشايخ الأروقة ، يعاونهم خطيب الجامع ، هذا إلى جانب أن " ناظر الأزهر" - وهو عادة من أمراء المماليك - كان ينوب عن السلطان في الإشراف على شئون الأزهر ، والقيام على تنفيذ الأوامر والأحكام السلطانية ، والسهر على رعاية مصالح الجامع الأزهر ، ومصالح أهله من علماء وطلاب ...


    .... وعلى ذلك ، يمكن أن نقرر أن منصب شيخ الجامع الأزهر من مستحدثات العصر العثماني ، وأن هذه المشيخة كانت - ولاتزال - من أعظم مناصب العلماء في مصر ، لأن صاحبها  "يتصدر لخدمة العلماء والطلاب ، وقضاء حوائجهم عند أرباب الدولة والحكام " ، كما أنه  الرئيس الأعلى لهيئة التدريس بالجامع الأزهر وغيره من المدارس أو الكليات التي كانت موجودة في مصر - إبان العصر العثماني - ...


    ... لكن السؤال الذي يفرض نفسه : ما الأسباب أو الدواعي التي أدت إلى وجود هذا المنصب في العصر العثماني ؟....


    ... يمكن القول : إن أوضاع مصر في العصر العثماني اختلفت عنها في العصر المملوكي ، لأن مصر في عصر المماليك كانت دولة مستقلة ، والقاهرة - مقر الجامع الأزهر - عاصمة هذه الدولة ، يقيم فيها سلاطين المماليك وكبار رجال الدولة من أمراء ووزراء ، إلى جانب أنها كانت عاصمة الخلافة في العالم الإسلامي ، لوجود الخليفة العباسي وإقامته بها إقامة دائمة ، وعلى الرغم من أن الخليفة " لم يكن له أمر ولانهي وحسبه أن يقال أمير المؤمنين " ، الا أن إقامته بالقاهرة أضفت عليها زعامة روحية للعالم الاسلامي ، كما أن كبار العلماء - في مصر - كانوا يشغلون الوظائف الدينية والإدارية الكبرى ، كالقضاء والحسبة والوزارة ، وعلى اتصال مباشر بكبار رجال السلطة ، فلم تكن هناك ضرورة تدعو إلى جعل الأزهر - بعلمائه وطلابه - هيئة أو طائفة مستقلة ، لمشاركة علمائه في إدارة دفة الحكم في مصر ....


    ... أما في العصر العثماني : فقد تبدل الوضع ، إذ فقدت مصر استقلالها ، وغدت مجرد ولاية تابعة للدولة العثمانية ، يحكمها وال يأتي من إستانبول ، وبعض هؤلاء الولاة كانوا يجهلون اللغة العربية ، إلى جانب قصر مدة حكمهم التي لم تزد عن سنة واحدة - في معظم الأحوال - ، فآثر بعضهم الإقامة في القلعة - مقر الحكم - ، ولم يكونوا على اتصال مباشر بطوائف الشعب المصري ، ومن بينهم علماء الأزهر ....


    ومن ناحية أخرى : طبق العثمانيون نظمهم القضائية - تدريجيا  - في مصر إثر استيلائهم عليها ، فبعد أن كان القضاء - إبان العصر المملوكي - يسير وفق المذاهب الفقهية الأربعة ، وكان لكل مذهب قضاته ، يرأسهم قاض يلقب بقاضي القضاة ، وكان هؤلاء القضاة  - على اختلاف درجاتهم - من زمرة علماء الأزهر ، ومن المصريين أو المقيمين بها من العلماء الوافدين إليها  - على أقل تقدير - ، غير العثمانيون هذا النظام ، وجعلوا رئاسة القضاء للمذهب الحنفي - مذهب الدولة العثمانية الرسمي - ، وغدا قاضي قضاة مصر ، أو " قاضي العسكر " ، عثمانيا يأتي  من إستانبول مباشرة إلى مصر ، وحرصت الإدارة العثمانية على أن لا يستقر قاضي العسكر في منصبه طويلا ، فشعر علماء الأزهر أن قاضي العسكر - رغم كونه من زمرة العلماء - لايمثلهم بحال من الأحوال ، كما كان الوضع مع قضاة القضاة في العصر السابق على العصر العثماني ....


    .... يضاف الى ما تقدم : أن طبيعة الحكم في مصر - في العصر العثماني - قسمت المجتمع المصري إلى طوائف ، وكانت الطائفة بمثابة منظمة اجتماعية واقتصادية لها دستورها غير المكتوب ، من العادات والتقاليد  الموروثة ، ولها " شيخ " يتولى شئونها وتنظيم علاقاتها بالحكومة ، فيما يختص بالضرائب وحفظ النظام داخل الطائفة ورعاية مصالحها ، فكانت هناك طائفة للجزارين ، وطائفة للطحانين ، وطائفة للخبازين ، وطائفة للعسكرية ، وطائفة للنحاسين ، وطائفة للعطارين ، إلى غير ذلك من الطوائف ، حتى إن  التسول ( الشحاذة ) شكل أفراده طائفة خاصة بهم ، لها رئيس معترف به  ،  يمثل أتباعها لدى السلطات القائمة في مصر ، فلعل انقسام المجتمع المصري إلى طوائف متعددة - إلى جانب ما سبق ذكره - كان من العوامل التي جعلت علماء الأزهر - وهم أرقى طوائف المجتمع المصري - يشعرون بحاجتهم القصوى  إلى كيان خاص بهم ، وإلى رئيس يتولى أمورهم  ويرعى مصالحهم ويدافع عن قضاياهم ، الأمر الذي أدى إلى وجود منصب " شيخ الجامع الأزهر " في العصر العثماني ، ليكون بمثابة رئيس لهيئة العلماء ، والممثل الشرعي لهم لدى السلطات الحاكمة في مصر ......


    **********
    نشر لأول مرة عام 1994 م
    ***********************


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14543
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    من مقالات ظ ابوردة السعدنى Empty رد: من مقالات ظ ابوردة السعدنى

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب السبت فبراير 12, 2022 1:24 pm

    أثر ابن شحاذة اليمني القاهري المقرئ في الحياة العلمية بمصر والحجاز ( حتى منتصف ق١١ ه/ ق١٧ م ) :
    *************************************


    ... بحث قيم ، تكرم بإهدائي نسخة ألكترونية منه ، الأستاذ الدكتور : إبراهيم عبدالمنعم سلامة  Ibrahim Salama  ، أستاذ ورئيس قسم التاريخ و الٱثار المصرية الإسلامية في كلية الآداب جامعة الإسكندرية ....


    ... تناول المؤلف حياة عالم من علماء الجامع الأزهر في مصر إبان العصر العثماني ، وهو الشيخ عبدالرحمن بن شحاذة اليمني القاهري ، شيخ القراء وإمام المجودين في زمانه ، وفقيه عصره ،  الذي أسهم بقسط وافر في إثراء الحياة العلمية في مصر والحجاز حتى منتصف القرن الحادي عشر الهجري / السابع عشر الميلادي ....


    ... جاء البحث في ستة مباحث ،  يسبقها تمهيد ويعقبها خاتمة وقائمة بالمصادر والمراجع ....


    .... تحدث المؤلف عن نشأة الشيخ ابن شحاذة ، فذكر أنه سليل بيت علم وورع وصلاح وتقوى ، وأن والده كان من مشاهير القراء في مصر والحجاز ، إلى جانب قيامه بالتدريس والإفتاء في الجامع الأزهر ، وقد توفي والده في المدينة المنورة ودفن في البقيع سنة ٩٨٧/١٥٧٨ ...


    .... تحدث المؤلف عن شيوخ ابن شحاذة ، فذكر أنه تلقي العلم عن أعلام علماء مصر - في تلك الآونة - ، منهم -  على سبيل المثال ، وليس الحصر ، :
    الشيخ أحمد بن أحمد بن عبدالحق السنباطي - ت٩٩٩/١٥٩٠ ، والشيخ شهاب الدين الرملي الملقب بالشافعي الصغير - ت١٠٠٤/١٥٩٠ - ، والشيخ سلطان المزاحي ( شيخ الجامع الأزهر  ت١٠٧٥/١٦٦٤ ، وغيرهم من العلماء الذين اشتهروا بالموسوعية في العلم ....


    ... تناول المؤلف مكانة الشيخ ابن شحاذة العلمية في مصر والحجاز ، فذكر أنه حين تصدر لتدريس الفقه الشافعي وقراءة القرآن الكريم  -  في الجامع الأزهر - أقبل على حلقته العلمية مجاورو الجامع الأزهر - من مختلف بلاد العالم الإسلامي ، ينهلون من معين علمه الفياض ، وقد ذاع صيته وعمت شهرته في تدريس الفقه وعلم القراءات ، ونعت ب " شيخ الفقهاء والقراء" ، وأنه أحد " رجال الرحمن  ، الذين يمشون على الأرض هونا ، وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ، وممن جمع سعادة الدارين فطاب مقاما " ..  


    .... واصل الشيخ عبدالرحمن بن شحاذة عطاءه العلمي في مصر وفي بلاد الحجاز ، وتتلمذ عليه طلاب العلم من معظم أرجاء العالم الإسلامي ، إلى أن وافاه أجله سنة ١٠٥٠/١٦٤١ ...


    ...  اتبع الأستاذ الدكتور إبراهيم سلامة  المنهجين الوصفي والتحليل الاستقرائي  ، وألقى الضوء على الدور العلمي للجامع الأزهر وعلمائه في العصر العثماني ....


    .... جزاه الله خيرا ....


    ************


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14543
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    من مقالات ظ ابوردة السعدنى Empty رد: من مقالات ظ ابوردة السعدنى

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب السبت فبراير 12, 2022 1:24 pm

    الكوراني : شيخ الاسلام
    *******************
    ... عجيب أمر علماء الحضارة الاسلامية ، كأن الله قد أودع قلوبهم شغف طلب العلم ،  فجرى مجرى الدم في العروق ، اصطنعهم الله على عينه ،  فاصطفاهم اصطفاء دفعهم إلى تحمل فراق بلادهم وأهليهم إلى حيث تلقي بهم يد الترحال طلبا للعلم ، وكأني بالمولى : شمس الدين ، ثم :شهاب الدين أحمد الكوراني الشافعي ثم الحنفي ، كأني به واحد من هؤلاء العلماء الذين فارقوا أوطانهم ، وودعوا أهليهم وداعا لا لقاء بعده طلبا للعلم ...


    ... تذكر المصادر التاريخية أن الكوراني  ولد عام 813 /١٤١١  ، في قرية " جلولاء" من أعمال "كوران" القريبة من " شهرزور" - حلبجة " ، الآن ، التابعة لمحافظة السليمانية  الكردية شمال شرق العراق  -  ، وقد خرج من تلك المنطقة من الأجلة والكبراء ، والأئمة والعلماء ، وأعيان القضاة والفقهاء ، ما يفوت الحصر عده ، ويعجز عن إحصائه النفس ومده ، وأغلب فقهائها شافعيو المذهب ....


    .... العجيب في أمر الكوراني أن يتطلع  الى المعالي ولم يبلغ من العمر مبلغ الرجال  ، تعلقت روحه واشرأبت نفسه إلى مدينة القاهرة - عاصمة دولة سلاطين المماليك - ، التي طبقت شهرتها آفاق العالم الاسلامي بأزهرها ومدارسها وعلمائها ، فحمل على ظهره ما تيسر له حمله من كتب العلم ، وما خف من الثياب ،  موليا وجهه شطر كعبة العلم في مصر - رحل رحيلا دون رجعة - وعمره لم يتجاوز الثانية عشر عاما على أحسن تقدير ...!!...


    ...  تنقل الكوراني بين مراكز الحضارة الإسلامية - في طريقه إلى القاهرة - متتلمذا على علماء تلك الحواضر العلمية ، فتنوعت
     مشاربه ، و توسعت مداركه ، لتعدد شيوخه وأساتذته ، فنهل من علم علماء : حصن كيفا - بلدة تركية قديمة - ، وجزيرة ابن عمر ، ودياربكر ،وبغداد ، ودمشق _ أقام بها خمسة أعوام - ، و القدس ، ثم ألقت به عصا الترحال إلى مدينة القاهرة عام 835/١٤٣٢  ، وكان عمره اثنين وعشرين عاما ، خالي الوفاض ، فقيرا جدا ،  لايملك فتيلا ولا قطميرا...!!..


    ... وهكذا أخذ ( بضم الأول وكسر الثاني ) الكوراني بالقاهرة  ، حاضرة الجامع الأزهر والمدارس العلمية والعلماء ،  الذين ذاع صيتهم وعمت شهرتهم العالم الاسلامي ، فانكب على طلب العلم من أكابر علمائها كالمقريزي ، وابن حجر ، والشرواني  ، وغيرهم من الأعلام ، فكان نابغا مرموقا بين طلاب العلم ، حتى قال عنه المقريزي :" ... قرأ علي - أي على المقريزي - صحيح  مسلم والشاطبية ، فبلوت منه براعة وفصاحة ومعرفة تامة لفنون من العلم ، ما بين فقه وعربية وقراءات وغير ذلك " ،هذا إلى جانب إجادته اللغات : الكردية والعربية والفارسية والتركية ...


    .... أتم الكوراني تحصيله العلمي ، فلما أجازه أساتذته ، حرص على حضور "مجالس الكبار " ، كمجلس قراءة صحيح البخاري  الذي يحضره السلطان ، وأهلته اللغات التي أجادها للتواصل مع كبار المباشرين من العلماء والأمراء ، كان من بينهم " كاتب السر " في مصر " كمال الدين محمد البارزي - ت856 /١٤٥٢ - صهر السلطان جقمق -ت857 /١٤٥٣- الذي نعته ابن تغري بردي ب " عظيم الديار المصرية وعالمها ورئيسها " ، وعرف - أي البارزي - بالشهامة والكرم والإحسان إلى طلبة العلم -لاسيما الغرباء -  ، ومحبتهم وإجراء الرواتب الشهرية والسنوية عليهم   ، نوه البارزي بالكوراني  ، وقدمه إلى صهره السلطان الظاهر جقمق ، فقربه إليه ، وصار أحد ندمائه وخواصه ، فعلا شأنه وارتفعت مكانته ، وانثالت الدنيا عليه : من وظائف ورواتب وعطايا ، وتزوج الحسناوات " مرة بعد أخرى ،لمزيد رغبته في النساء ، مع كونه مطلاقا " ...!!....


    .... أقام الكوراني في القاهرة تسعة أعوام ينعم برغيد العيش والقرب من السلطان وكبار العلماء والمباشرين والوزراء ، إلى أن نكب نكبة هزت كيانه وزلزلت أركانه ، فقد اتهم بسب الإمام أبي حنيفة النعمان -رضي الله - في مباحثة جرت بينه وبين " حميد الدين النعماني " - ت٨٧٦/١٤٦٢ -  ، الذي ادعي أنه من ذرية أبي حنيفة ، فلما أمر السلطان بسجنه وتقديمه للمحاكمة ، حكم عليه بالجلد والنفي إلى بلادالشام ، فخرج منفيا - بعد جلده ثمانين جلدة - مخفورا إلى دمشق  سنة844/١٤٤١  ، بعد أن بيع أثاثه ، وأخرجت وظائفه ومرتباته ، وطلقت نساؤه ، وزال عنه  مجده وجاهه ...!!....


    .... كان وقع تلك النكبة التي مني بها الكوراني كالصاعقة ،  شديد الألم على نفسه ، لنفيه من القاهرة " كعبة العلم " التي هفت إليها روحه منذ أن كان صبيا ، وطرده شريدا لايملك من حطام الدنيا شيئا ، لكنه قرر المخاطرة  والخروج  رفقة قافلة الحج الشامي لأداء فريضة الحج  ، ومحاولة العودة الى القاهرة ، لعله يتمكن من دخولها  واستعادة مكانته التي فقدها ، غير أنه تم إلقاء القبض عليه في مدينة " الطور" المصرية ، وأعيد - تحت حراسة مشددة - إلى الشام ....!!...


    ... رجع الكوراني إلى دمشق مهيض الجناح ،  متدثرا بالكآبة والحزن ، وظن أن أبواب الفرج قد غلقت في وجهه ، غير أنه التقى بشيخ الإسلام في الدولة العثمانية ، المولى " شمس الدين محمد يكان " - ت 875-1453- الذي ناظره ، فوقف  على مكانة الكوراني العلمية ، وقرر اصطحابه ليقدمه هدية للسلطان العثماني " مراد الثاني " -ت ٨٢٤/١٤٢١ - الذي كان حريصا على استقطاب كبار العلماء من العالم الاسلامي لبناء نهضة الدولة العثمانية ، ويعلق الشوكاني -ت ١٢٥٠/١٨٣٤ - على معاناة الكوراني ونفيه من القاهرة ، وذهابه إلي الدولة العثمانية قائلا : لاجرم أن الله قد أبدله بسلطان خير من سلطانه ، وجيران أفضل من جيرانه ، ورزق أوسع مما منعوه منه ، وجاه  أرفع مما حسدوه عليه ...


    .... يعد انتقال الكوراني إلي الدولة العثمانية - في عهد السلطان مراد الثاني - حدثا تاريخيا ، كان له عظيم الأثر في فتح مدينة القسطنطينية ، فلقد طلب السلطان مراد الثاني من الكوراني تغيير مذهبه الديني ، فصار حنفيا ، ثم عينه معلما لولده وولي عهده محمد - أمير مانيسا - ، فكان للكوراني - ولغيره من العلماء ، أثر كبير في إقناع الأمير محمد أن فتح مدينة القسطنطينية سيكون على يديه ، وتذكر المصادر التاريخية أن الكوراني كان يقول للأمير محمد :
    ... يابني : آمل أن تنال هذا الفتح الكبير ، إلا أنني لا أريدك أن تكون سلطانا جاهلا ، بل أريدك أن تكون حاكما عالما صاحب فراسة ، لاسيما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر أن القسطنطينية ستفتح ، وأكد ذلك في حديثه الشريف : لتفتحن القسطنطينية ، فلنعم الأمير أميرها ، ولنعم الجيش ذلك الجيش ...، ثم يواصل الكوراني نصحه للأمير محمد قائلا : إن هذا الفتح المشرف الذي بشر به النبي - صلى الله عليه وسلم - ومدح صاحبه ، سيتحقق على يد سلطان عادل عالم ، وأرغب - من كل قلبي - أن تبادر الى تحقيقه بعد استكمال تربيتك وتعليمك ....


    .....كان للدور الذي قام به الكوراني والمولى آق شمس الدين والمولى خسرو وغيرهم في تربية الأمير محمد أثر عظيم ،  فلقد وقر في قلبه أنه المقصود بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فسعى جاهدا إلى فتحها عام 857-1453، وقام رجال الدين ودراويش الطرق الصوفية  بدور محمود في تشجيع المقاتلين وحثهم على الثبات والصبر ، كانت أصداء التكبيرات في صفوف المجاهدين ، والدعاء الذي ردده رجال الدين وغيرهم  ، يتجسد أمواجا من المقاتلين المتسورين أسوار مدينة القسطنطينية ، فتحققت البشارة النبوية ، وتم الفتح بعون الله ....


    ... عاش الكوراني حياة مترفة في العاصمة العثماية  تفوق حياته في القاهرة التي نفي منها ، فكان أثيرا لدى تلميذه السلطان محمد الفاتح _ ت٨٨٦/١٤٨١ - ، رغم قسوته ومعاقبته إياه بالضرب في مرحلة تعليمه ، فلم يتقيد بالبروتوكولات التي تقيد بها غيره من العلماء والأمراء عند مثولهم بين يدي السلطان ، وكثيرا ما نصح السلطان بتحري الحلال في مأكله ومشربه ، رفض قبول منصب الوزارة - رغم المغريات التي تحيط بها - ، اختلف مع تلميذه الفاتح ، فرحل إلى مصر في عهد السلطان قايتباي  - ت ٩٠١/١٤٩٦ - ، الذي رحب بقدومه ، وحاول إغراءه بالإقامة الدائمة في القاهرة ، غير أن الكوراني اعتذر عن قبول عرض قايتباي وآثر العودة إلي العاصمة العثمانية ، استجابة لإلحاح السلطان الفاتح الذي لم يستطع - على فراقه  - صبرا .....


    .... تولى الكوراني منصب " قاضي عسكر " الدولة العثمانية ، ثم تولى منصب " شيخ الاسلام " عام 855-1480  ، وخلف آثارا علمية جليلة - رغم ضيق وقته - ، منها :
    غاية الأماني في تفسير السبع المثاني 
    الكوثر الجاري على رياض البخاري
    الدرر اللوامع مع شرح جمع الجوامع 
    وقصائد شعر كثيرة 


    ... ترك الكوراني أوقافا كثيرة ، منها : جوامع ومدارس ومكاتب لتحفيظ القرآن الكريم ، ومدرسة لتدريس الحديث النبوي ، أطلق عليها " دار الحديث " ....


    .... ظل الكوراني يشغل منصب شيخ الاسلام في الدولة العثمانية ، مقربا من السلاطين الذين عاصرهم ، الى أن وافاه أجله سنة 893-1488 ، في العاصمة العثمانية " إستانبول " ، فصلى عليه السلطان العثماني " بايزيد الثاني "-ت ٩١٨/١٥١٢- ومن دونه  ،  وفي " يوم وفاته امتلأت المدينة بالضجيج والبكاء ، من الصغار والكبار حتى النساء والصبيان ، وكانت جنازته مشهودة ، وانثلمت بموته ثلمة من الاسلام "........


    ******************************************


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14543
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    من مقالات ظ ابوردة السعدنى Empty رد: من مقالات ظ ابوردة السعدنى

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب السبت فبراير 12, 2022 1:24 pm

    السلطان العثماني بايزيد الأول بين النصر والأسر
    **************************************


    ... عنوان دراسة - للراجي عفو ربه - صدرت منذ أكثر من عقدين ، أدعو الله أن يوفقني إلى تنقيحها وإعادة طبعها ، ارتأيت أن أنشر أهم نتائج تلك الدراسة ، لعلها تعود بالفائدة على بعض الأصدقاء الكرام ....


    ... السلطان بايزيد الأول رابع سلاطين الدولة العثمانية ، جلس على العرش عقب استشهاد والده السلطان مراد الأول سنة 791/1389 ، إثر انتصاره على الصليبيين في معركة " قوصوه " الشهيرة ....


    تمتع بايزيد الأول بشخصية قوية ، فلقد كان حاضر البديهة ، سريع الحركات ، موفور الذكاء والجسارة ،حتى لقب بلقب  " يلدريم "  ، أي البرق أو الصاعقة  بجدارة  ،  لانقضاضه على أعدائه - في ساحات الوغى والنزال بطريقة سريعة خاطفة ،  كالصاعقة التي تبدد شمل الأعداء فتبيدهم عن آخرهم ...


    ... خاض السلطان بايزيد الأول معارك عدة ، حيث سار النصر في ركابه ، ورفرفت راياته - في كل معاركه - عالية خفاقة ، ولعل أعظم انتصاراته كان في صليبية " نيكوبوليس " - عام 798/1396 - ، التي تداعى إليها ملوك أوربا وأباطرتها للقضاء على الخطر العثماني الذي لايبقي ولايذر ، اذ حمل العثمانيون - بقيادة الصاعقة  - حملة صادقة  ، وألحقوا يجحافل الصليبيين هزيمة ساحقة ، فكانوا يقتلون فريقا ويأسرون فريقا ، ولم ينج منهم الا من كان في عمره بقية ....


    .... وفي خضم تلك المعارك الظافرة ، وضع الصاعقة - نصب عينيه  مدينة " القسطنطينية "  ، لفتحها وتحويلها من عاصمة مسيحية إلى عاصمة اسلامية ، فحاصرها مرتين ، سنة 795/1393 ، وسنة 802/1399 ، وكادت تسقط في يديه ، غير أنه اضطر إلى رفع الحصار عنها - بعد فرض شروطه على إمبراطورها - ، ليواجه الخطر الإسلامي الداهم المفاجيء الزاحف على بلاده من جهة الشرق ، بقيادة القائد المغولي المسلم " تيمورلنك " - ت ٨٠٧/١٤٠٥ - ، حيث دارت رحى معركة حامية الوطيس سنة 804/1402 ، بين سلطانين مسلمين ،عرفت باسم معركة " أنقرة "  ، قاتل فيها الصاعقة قتال الأبطال ، وأبت عليه شجاعته أن يفر مع الفرار ، فظل يقاتل في صبر وثبات  ، حتى لم يعد في طوق المقاومة دفع الهزيمة أكثر مما دفعت ، فلما جن الليل ،  أرسل تيمورلنك فرقة عسكرية للقبض على بايزيد ، الذي ظل يقاتلهم إلى أن  كبا به جواده ، فألقوا عليه بساطا ، ثم ألقوا بأجسادهم فوق البساط  ، حتى تمكنوا من أسره بعد جهد جهيد ، وساقوه إلى تيمورلنك ، فوضعه في قفص من حديد !!.....


    .... على الرغم من أن معركة " أنقرة " ليست من المعارك الحاسمة التي غيرت وجه التاريخ ، إلا أنها تمخضت عن نتائج مهمة وخطيرة  ، نذكر منها :


    ....تعد تلك المعركة من أكبر المعارك الميدانية ، التي دارت أحداثها ووقائعها في العالم الاسلامي حتى أوائل القرن العاشر الهجري ( الخامس عشر الميلادي )  ، إذ احتدم فيها النزال بين جيشين من أكبر الجيوش الاسلامية في العالم ، تبارى - لإحراز النصر فيها - خاقانان تركيان مسلمان ، كانا يقتسمان الأقطار الاسلامية بين الصين شرقا  والبحر الأدرياتيكي غربا  ، ظهرت  فيها آيات البطولة والثبات في القتال ، وأزهقت - خلالها - أرواح لا تحصى من جنود الطرفين ...!!..


    ... توقفت - إلى حين - الفتوحات العثمانية في قارة أوربا ، وتأخر فتح مدينة القسطنطينية خمسين عاما تقريبا ، ويلاحظ أن إنقاذ القسطنطينية أتى من الشرق الاسلامي  ، ولم يأت من الغرب الأوربي المسيحي ...!!.....


    ... استغلت الشعوب المسيحية - في البلقان - هزيمة " أنقرة" ، وقامت بحركات تمرد ضد العثمانيين ، رغبة في التخلص من حكمهم ، فاستقلت كل من : بلغاريا ، والأفلاق ( رومانيا ) ، ودولة الصرب ، بعد أن كانت تلك الدول ولايات عثمانية ...!!...


    .... انهارت وحدة الأناضول التي جاهد السلطان بايزيد الأول لتحقيقها ، وانفرط عقد السلطنة العثمانية  انفراطا فجائيا ، وتحول الأناضول من دولة موحدة - تقريبا - الى إمارات صغيرة مستقلة متناحرة ، تذكرنا بملوك الطوائف في الأندلس ...!!...


     .... اشتعلت الحروب الأهلية بين أبناء السلطان بايزيد الأول ، لاختلافهم على وراثة العرش  ، وأطلق على تلك الفترة " فترة دوري " ، ولم تتوحد الدولة العثمانية إلا سنة 816/1413 ، على يد السلطان " محمد الأول " الذي لقب بلقب " مجدد الدولة ".....


    .... من النتائج المؤسفة : وقوع السلطان العثماني بايزيد الأول في أسر تيمورلنك ، الذي وضعه في قفص من حديد ، وصار يدخل به المدن ويعجب عليه ، وأذاقه أقسى صنوف الإيلام النفسي ، الذي لا يليق بسلطان في مثل مكانة السلطان بايزيد الأول في إبائه وشجاعته ، فابتلع خاتما - كان في أصبعه - ، وفاضت روحه الى بارئها سنة 805 /1403....!!!.....


    ..... وبأسر السلطان العثماني بايزيد الأول ، ثم وفاته ، فقد العالم الاسلامي سلطانا عظيما رفع راية الجهاد في سبيل الله ، سلطانا نال - بصورة رسمية -  من الخليفة العباسي - بالقاهرة - لقب " سلطان اقليم الروم " ، سلطاناً نظر اليه المسلمون على أنه " سلطان الغزاة " ، و " أكبر بطل اسلامي " ، نعته طاشكبري زاده ب " المجاهد "  ، وقال عنه ابن حجر : " كان من خيار ملوك الأرض " ، وقال عنه ابن تغري بردي : " كان من أجل الملوك :  حزما ، وعزما ، وشجاعة ".......


    ************************************************


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14543
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    من مقالات ظ ابوردة السعدنى Empty رد: من مقالات ظ ابوردة السعدنى

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب السبت فبراير 12, 2022 1:25 pm

    الحياة العلمية بين مصر والدولة العثمانية قبل دخول مصر
    *********************************************
    تحت الحكم العثماني :
    ******************


    ... انتويت  - منذ عدة أعوام  -  أن أعد بحثا يحمل العنوان المذكور ، جمعت مادته العلمية ، ولعل الله يوفقني لإنجازه ، لكن - على أية حال - سأوجز بعض ما توصلت اليه من نتائج ،  ربما يسفيد من ذكرها أصدقاء الصفحة الكرام ....


    .... معلوم - سلفا - أن كارثة بغداد سنة 656 /١٢٥٨ , وما نجم عنها من فقدان مجدها السياسي ،  أدى - أيضا - الى أفول شمس حضارتها التي أشرقت قرونا طوالا ....


    واكب تلك النكبة الانتصار الذي أحرزه المماليك على المغول سنة 658 /١٢٦٠ ،  في موقعة " عين جالوت " ، وإحيائهم الخلافة العباسية الإسلامية في القاهرة ...


    هذا في الوقت الذي كانت فيه دولة المسلمين في بلاد الأندلس - بحضارتها الزاهرة - آخذة في الاحتضار ، الذي أودى بها - في النهاية - الى الزوال !!...


    ... كما أن موقع مصر الجغرافي المتميز دينيا واقتصاديا جعلها مقصدا لأعداد - تجل عن الحصر - من المسلمين الذين شدوا رحالهم لأداء فريضة الحج ، إلى جانب الرخاء الذي نعمت به لتعدد مواردها الاقتصادية ....


    .... كان للعوامل السالف ذكرها  أثر كبير في سطوع شمس مصر حضاريا في عصر دولة سلاطين المماليك ، هؤلاء السلاطين  الذين دعموا تلك النهضة بكل السبل ، فأوقفوا الأوقاف على المساجد والمدارس والبيمارستانات ، وقربوا العلماء اليهم  ، وولوهم المناصب المرموقة  ، وعقدوا المناظرات العلمية في قصورهم ، وحضروا  مجالس العلم التي عقدها كبار العلماء ...


    .... لكن الأمر المهم الذي يجدر ذكره : أن الجامع الأزهر كان قد اكتمل انشاؤه عام 361 / 972 م ، أي قبل قيام الدولة العثمانية - سنة699 /1299م -بأكثر من ثلاثة قرون ، وكان للأزهر - وغيره من مدارس مصر في العصر المملوكي - أثر كبير جدا في الحياة العلمية في الدولة العثمانية منذ نشأتها ، فأول مدرسة أنشئت في الدولة العثمانية - في مدينة أزنيق في عهد السلطان أورخان ،  سنة 731/1331م - تولى التدريس فيها العالم الصوفي " داود القيصري " -ت751/1350 ،الذي تلقى تعليمه في الجامع الأزهر ....


    .... والسلطان " بايزيد الأول - ت ٨٠٥/١٤٠٣- حين ألم به مرض عضال عالجه طبيب مصري بدواء مصنوع في مصر ...


    والسلطان مراد الثاني -ت٨٥٥/١٤٥١- يستفتي علماء مصر في حاكم " إمارة قرمان " الذي دأب على نقض العهود والمواثيق وأرهق العثمانيين من أمرهم عسرا ، فأفتاه كبار علماء مصر كابن حجر العسقلاني - ت٨٥٢/١٤٤٩ -  وغيره من العلماء الأعلام ....


    وحرص عدد من سلاطين الدولة العثمانية على الظفر بتقليد من الخليفة العباسي بعد جلوسهم على العرش العثماني ، وعدد من شيوخ الإسلام في الدولة العثمانية تلقوا تعليمهم في مصر...


    ....وهكذا أدرك العثمانيون أهمية مصرومعاهدها العلمية ، فولوا وجوههم شطرها ، لينهلوا من فيض علومها ، بالتتلمذ على علمائها الذين ذاع صيتهم وعمت شهرتهم أرجاء العالم الاسلامي  ، خاصة وأن علماء مصر لم يرحل منهم عالم واحد - في العصرالمملوكي - إلى الدولة العثمانية للإقامة فيها - رغم الإغراءات المادية والأدبية - ، على النقيض من علماء وسط آسيا وبلاد فارس وبلاد الشام ....


    ... وفد طلاب العلم من الدولة العثمانية إلى مصر زرافات ووحدانا ، فمنهم من اغتنم فرصة أداء فريضة الحج ليقيم في مصر - مدة تطول أوتقصر - طلبا للعلم ، ومنهم  من رحل إلى مصر بغية تحصيل العلوم والمعارف ، ثم رجع إلى بلاده لينشر ما حصل من علم ، ومنهم من أقام - في مصر بعد إجازته علميا - سنين عددا ، ثم رحل قافلا إلى موطنه ، ومنهم من طاب له العيش فآثر الإقامة الدائمة في مصر ، وحاز مكانا عليا فتولى الوظائف الدينية والعلمية ....


    ..... الملحوظ في الحياة العلمية في الدولة العثمانية - إبان تلك المرحلة التاريخية - أن الذين شدوا رحالهم إلى المدارس العثمانية ،  العلماء المتبحرون في العلم ،  وليس طلاب العلم ، أما الذين رحلوا إلى مصر فكان العلماء وطلاب العلم - الذين وفدوا من كل أرجاء العالم الاسلامي  - على حد سواء ، وعلى هذا ، كانت الحياة العلمية في الدولة العثمانية محلية الطابع ، لاقتصارها على طلبة العلم  العثمانيين ، أما الحياة العلمية في مصر فكانت عالمية الطابع ، وأروقة الجامع الأزهر تؤكد ذلك ...


    ... لغة التعليم - في المدرستين - كانت اللغة العربية  - لغة الذكر الحكيم  -  ، غير أن المدرسة العثمانية اتخذت اللغة الفارسية لغة للأدب والشعر ، واللغة العثمانية لغة للدواوين والمكاتبات الرسمية ....


    ... تمتعت الحياة العلمية - في مصر والدولة العثمانية - بالاستقلال العلمي ، و أيضا بالاستقلال المالى ، فلم تتدخل السلطات - في كلتا الدولتين - في شئون التعليم  ، أو في توجيه مساراته ، كما أن التعليم في المدرستين - المملوكية والعثمانية - كان سني المذهب...


    ... خرجت المدرستان - المملوكية والعثمانية - الكفاءات العلمية  ، للقيام بالواجبات الدينية والعلمية والقضائية ، وأمدت الدولتين بالموظفين القادرين على إدارة مؤسساتهما الادارية والاقتصادية ....


    .... وفرت الأوقاف في مصر والدولة العثمانية كل سبل الراحة لطلاب العلم  : المطعم  ، والملبس  ، والراتب   ، وأيضا أماكن الإقامة  المجانية للطلاب ، بل وللأساتذة - في كثير من الأحيان - ، أطلق عليها في مصر " أروقة " وفي الدولة العثمانية " حجرات"  ....


    ... وإذا كان الشيئ بالشيئ يذكر  ،  فرواتب علماء الدولة العثمانية تنوعت بين رواتب يومية ورواتب شهرية ورواتب سنوية ، أطلق على الراتب اليومي " مياومة " ، والراتب الشهري " مشاهرة " ، والراتب السنوي " مسانهة " ....


    .... حرص سلاطين الدولة العثمانية - شأنهم سلاطين دولة المماليك - على توقير العلماء وإجلالهم ، والإغداق عليهم ، وتقريبهم ، ومشاركتهم موائد طعامهم ، وحضور مناظراتهم العلمية ، واستشارتهم في معظم ما يتعلق بأمور الدولة....


    ******************


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14543
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    من مقالات ظ ابوردة السعدنى Empty رد: من مقالات ظ ابوردة السعدنى

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب السبت فبراير 12, 2022 1:25 pm

    السلطان أحمد الأول : لمحات من سيرته
    ********************************


    ... وكأني بالسلطان أحمد الأول ، الذي لم يتجاوز الأربعة عشر عاما ، أثناء تجهيزه  جثمان والده السلطان محمد الثالث ليواريه الثرى  ،  يوم الأحد ، الثامن عشر من شهر رجب سنة 1012 /1603 ، تسترجع ذاكرته مشهدا انخلع له قلبه ، وهو في الخامسة من عمره ،  حين استدعي والده من مدينة الأمراء مانيسا - القريبة من استانبول في غرب الأناضول ، يوم الجمعة السادس عشر من جمادى الآخرة سنة 1003 /1594 ، ليعتلي عرش الدولة العثمانية ، إثر وفاة السلطان مراد الثالث ، الذي ما أن دفن في قبره  ، ورجع السلطان محمد الثالث الى قصره ، حتي أمر بقتل اخوته خنقا ودفنهم بجوار والدهم  ، وكانوا تسعة عشرا ذكرا ، في مشهد تنفطر من هوله القلوب ، وتقشعر لفظاعته الأبدان !!


    ... تذكر السلطان أحمد - أيضا - أن والده محمد الثالث  ، طوعت له نفسه قتل ولده الأكبر ، الأمير محمود ،  بدم  بارد ،  لوشاية كاذبة ، فحواها :  أنه يسعى للجلوس على العرش العثماني !!


    .... تلفت السلطان أحمد حوله ، فلم يجد على قيد الحياة - من آل عثمان - الا هو ، وشقيقه الأصغر الأمير مصطفى ( السلطان مصطفى الأول فيما بعد ) ، رآه منتحيا جانبا ،  منتحبا ،ترتعد فرائصه ، منتظرا مصير أعمامه التسعة عشر ، وأنه سيلحق بوالده بين لحظة  أو أخرى ، فكر السلطان الشاب الذي أخذته الرحمة والشفقة بأخيه ، وبدولته التي أمست دولة بلا أمراء ، ماذا لو أقدم على قتل أخيه  دون اثم اقترفه أو جرم ارتكبه ، إلا الخوف من منافسته له على العرش ، ثم ما مصير الدولة العثمانية لو حان حينه ، وهو لم يتزوج بعد ، بل لم تجر له جراحة الختان  حتى الآن  ؟!!  ...


    ... لم يطل التفكير بالسلطان ، فأصدر فرمانه بعدم قتل أخيه ، والعرش للأرشد من آل عثمان ، فتوقفت جرائم قتل الاخوة ، وأنقذت الدولة العثمانية من الزوال ...


    ... ما أن جلس السلطان أحمد الأول على عرش الدولة العثمانية حتى برهن أنه - رغم صغر سنه - يتمتع برؤى صائبة وقدرات عقلية متميزة ، فلقد أدرك أن السلطانين السابقين : مرادا الثالث و محمداً الثالث قد فرطا في شؤون الدولة العثمانية ، وكانا سببا في تراجعها وتقهقرها ، وسمحا للنساء بالتدخل في أمور الحكم ، فاتخذ عدة إجراءات صارمة ، كان أهمها :


    ... أبعد جدته " صافية سلطان " عن قصر الحكم ، حتى لا تتدخل في السياسة ، ولم يقبل أن يكون ألعوبة في أيدي النساء ...


    ...استخدم رجالا أكفاء اعتمد عليهم في إدارة شؤون الدولة ، وكان لا يتردد في قتل المرتشين و المفسدين  ، حتى لو كان الصدر الأعظم ( رئيس الوزراء ) ...


    .... قرر الاسترشاد برأي شيخ الإسلام في اختيار الأصلح لتولي منصب الصدارة العظمى ومناصب الوزراء والولاة ...


    ... قام بترتيب وتدوين قوانين الدولة ،  مستعيناً في ذلك بأهل العلم والخبرة...


    ... أمر بمنع بيع الخمور في كل أرجاء الدولة ، وعدم تحصيل ضرائب على تلك الموبقات ، وإراقة الموجود منها ...


    ...  اعتاد القيام بجولات تفقدية في عدد من الولات  ، للوقوف على أحوال الرعية ....


    .... أما الجوانب الحضارية فقد كان لها نصيب كبير من اهتمام السلطان أحمد الأول - رغم صغر سنه - ،  نشير إلى طرف منها :


    ... أنشأ مكتبتين عامتين كبيرتين في إستانبول ،  إضافة إلى المكتبات القائمة ...


    ... أصدر أوامره بعدم بيع الكتب أو تهريبها خارج الدولة العثمانية ، خوفاً من اندراس العلم فيها ...


    ... أولى الحرمين الشريفين عناية  فائقة ، وكان له الأثر الطيب فيهما  ، فلقد أرسل إلى الروضة الشريفة ما عرف باسم " الكوكب الدري " ، وهو قطعة من الألماس ، كان والده السلطان محمد الثالث ،  قد اشتراها بخمسين ألف دينار ذهباً ،  علقت على جدار الروضة المطهرة ، عرفت تلك الألماسة باسم " شب جراغ Ceb Cerag " ، لأنها كانت تنشر الضياء حولها ليلا ، وقد أرسلت الماسة المذكورة بعد أن وضعت على لوحة زينت أطرافها بمائتين وعشرين ألماسة ثمينة  غيرها ...


    ... أما الكعبة المشرفة : فحين رفع شريف مكة تقريراً يفيد " باندراس جدران البيت وسقفه بحيث قربت من الانهدام " ، أمر - على الفور -  بتجهيز المهمات واللوازم لعمارته ، وكان السلطان - من شدة تعظيمه للكعبة المشرفة - اعتزم أن يعيد بناءها ، فيضع لبنة من ذهب وأخرى من فضة ، لولا أن أثناه شيخ الإسلام عن ذلك ، قائلاً : لو أراد الله سبحانه وتعالى لخلقها من الزبرجد والعقيق ...


    ... أمر - أيضاً - بإرسال كسوة الكعبة  - لأول مرة - من العاصمة العثمانية ، فكان يشرف بنفسه على نسجها وتطريزها   وتزيينها ، كما صنع " ميزابا ذهبياً " للكعبة وعتبة لبابها ، وأمر بتغليف نطاقها بطبقتين ، الأولى من الذهب الخالص ، والأخرى من الفضة الخالصة ....


    ...  جدير بالذكر  : أنه أنشأ جامعه الشهير في مدينة إستانبول  والذي عرف باسمه " جامع السلطان أحمد " ،  بلغت مساحته ٤٦٠٨ متراً ، قطر قبته ٢٣,٥ متراً  وارتفاعها ٤٣ متراً ، به ستة مٱذن ،  يطلق عليه -  أيضاً -  " الجامع الأزرق " لأن جدره مغطاة بالخزف اللازوردي الأزرق الضارب إلى حمرة ، وقد جلبوه من جبال أرمينيا ...


    ... نشير -  أخيراً - إلى  أن السلطان المملوكي "  الأشرف قايتباي" - ت ١٤٩٦ م - كان قد ابتاع " أثرا للقدم النبوي الشريف " بعشرين ألف دينار ذهباً من أحد الأشراف ، فأمر السلطان أحمد الأول بإحضاره من القاهرة ليتعطر بوجوده جامعه ، لكنه رأى ، فيما يرى النائم ، أن الأنبياء - عليهم السلام - عقدوا مجلساً قضائياً  ، يرأسه خاتم النبيين والمرسلين - صلى الله عليه وسلم- ، للفصل في الدعوى التي أقامها السلطان قايتباي ضد السلطان أحمد الأول ، فقضى رسول الله- صلى الله عليه وسلم - بإعادة الأثر  الشريف إلى  جامع السلطان قايتباي بالقاهرة ، امتثل السلطان أحمد الأول ، وأعاده ، بعد أن أمر بصنع ريشة على شكل أثر القدم الشريف من الذهب الخالص ، مرصعة بالأحجار الكريمة ، ليزين بها عمامته  أيام الجمع والأعياد ...


    ... هذا ، وقد لحق السلطان الشاب أحمد الأول بالرفيق الأعلى سنة ١٠٢٦ /١٦١٧ ،  عن عمر يناهز الثمانية والعشرين عاما ، بعد أن حكم الدولة العثمانية أربع عشرة سنة ،  نعت بأنه " كان ملكاً ملكي الخصلة ، يحب العلماء والصلحاء ، لا سيما الأشراف ، ويحسن إليهم إحسانا بالغا " 


    ****************************


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14543
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    من مقالات ظ ابوردة السعدنى Empty رد: من مقالات ظ ابوردة السعدنى

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب السبت فبراير 12, 2022 1:26 pm

    بين المماليك والعثمانيين   :
    -------------------------------------------------------------
    .... قامت دولة سلاطين المماليك 648 /1250 ، وحكمت مصر والشام والحجاز  274 عاما ، وأسدت إنجازات جليلة للعالم الإسلامي والحضارة الإسلامية  ، فلقد رفع سلاطينها راية الجهاد الإسلامي ،  وحققوا انتصارات سجلتها صفحات التاريخ بمداد من نور  : أوقفوا زحف جحافل المغول بهزيمتهم  - إياهم  - في معركة عين جالوت 658/1260  ، وتصدوا لزحف الصليبيين في معارك عدة  ، وألحقوا بهم هزائم موجعة  ، توجوها بفتح مدينة  عكا آخر معقل صليبي 690/1291. ..


    ...وعصر دولة سلاطين المماليك كان  - بحق  - العصر الذهبي للإبداع العلمي والازدهار الحضاري للحضارة الإسلامية  في مختلف المجالات ،   ولعل ما تزخر به المكتبات العالمية من  مصادر مخطوطة ومطبوعة  ،   دونت في عصر المماليك ،  يعد دليلا واضحا وقاطعا على ما قام به سلاطين تلك الدولة من توفير الأجواء الملائمة للإبداع العلمي والفكري في عصرهم  ...


    ...ظلت دولة سلاطين المماليك قائمة حتى اعتورها ما اعتور غيرها من الدول التي سبقتها  ، كالدولة الأموية التي زالت سنة 132 / 750  ، وقامت على أنقاضها الدولة العباسية التي انتهت - هي الأخري - بنكبة بغداد على أيدي المغول سنة 656/1258  ،  حيث سقطت دولة سلاطين المماليك سنة 923 /1517 ، ودخل العالم الإسلامي في مرحلة أخرى من مراحله التاريخية ،  تحت حكم الدولة العثمانية   الإسلامية   ،  التي حكمت معظم أرجاء العالم الإسلامي قرونا طويلة. ...


    ... أسهمت الدولة العثمانية بقسط وافر في إثراء الحضارة الإسلامية  سياسيا وحضاريا  ،  وتبوأت مكانا عليا في قلوب المسلمين وغير المسلمين  ، حتى اعترف سفير البندقية في القرن السابع عشر الميلادي  ب : أنها دولة لا تضاهيها دولة أخرى ....


    لقد نعم رعايا الدولة العثمانية بنعمة التسامح التي أظلتهم  جميعا دون تمييز  ، وحسبنا الإشارة إلى أن عدد سكان العاصمة العثمانية - على مدار تاريخها - كان : 58% مسلمين ، و42% من غير المسلمين ، وكان بها في سنة1547 م 67 كنيسة أرثوذكسية ، وعشر كنائس  - معظمها كاثوليكية - في حي غلطة الذي يقيم فيه الأوربيون ،  وأن عدد الكنائس التي بنيت في إستانبول - في أواخرالقرن السابع عشر الميلادي  - يفوق بكثير  عدد الكنائس التي بنيت في عهد الإمبراطور البيزنطي جستنيان الأول  ،  الذي حكم الإمبراطورية البيزنطية  خمسين عاما (ت565 م) .....


    ......................


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14543
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    من مقالات ظ ابوردة السعدنى Empty رد: من مقالات ظ ابوردة السعدنى

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب السبت فبراير 12, 2022 1:28 pm

    عصر الألبان في مصر
    ******************


    ... أظن  - وليس كل الظن إثما  - أن تاريخ مصر في عصر أسرة محمد علي  يمكن تقسيمه إلى مرحلتين  :


    المرحلة الأولى من سنة 1805 م إلى سنة 1914 م :


    أي من ولاية محمد علي باشا حكم مصر  - بإرادة المصريين واختيارهم ، وحتى إعلان مصر سلطنة تناطح الدولة العثمانية صاحبة السيادة عليها  - بناء على إرادة بريطانيا  - عند قيام الحرب العالمية الأولى سنة  1914 م ...


    ... يذهب جمهور من المؤرخين  إلى أن نهضة مصر ظهرت ظهورا جليا في تلك المرحلة  ، فلقد سعى محمد علي باشا  " الألباني " إلى  إحياء الإمبراطورية المصرية على حساب الدولة العثمانية  !!


    ... وأنه أنشأ جيشا مصريا يحفظ لمصر حريتها واستقلالها  !!


    ... وأنه نفخ من روحه ،  فأرسى دعائم نهضة علمية بعد أن أفلت  شمس العلم في مصر  على  أيدي العثمانيين  !!


    ... وأنه شق الترع والقنوات  ونهض بمصر اقتصاديا  ، وأخرجها من قاع الفقر إلى دوحة الثراء والرفاهية  !!


    ... وحفرت قناة السويس  في عهد ولده سعيد باشا  - ت1863م  - وافتتحت في عهد حفيده إسماعيل باشا سنة  1869م  !!..


    ... إلى غير ذلك من الإنجازات  التي يتغنى بها  المغرمون بحكم أسرة محمد علي باشا  ،  أو  الأسرة  " العلوية " !!...


    ... لكنني  أعتقد  - وقد أكون مخطئا  - أن النهضة التي تنسب لمحمد علي  " الألباني " وأبنائه لم تكن نهضة مصرية في يوم من الأيام  ، وإنما كانت نهضة " ألبانية " لحمة وسدى  ، دفع المصريون أثمانا غالية  ، بل وفادحة ، في سبيلها  ليجني الألبان ومن وراءهم  ثمارها  !! ...


    ...  قامت تلك النهضة على لحوم المصريين وعظامهم  ، وارتوت بدمائهم  ، وأغرقت مصر في محيط تتقاذفه الأمواج العاتية من الديون !!  ...


     ... نهضة تمخضت عن احتلال مصر سنة 1882م  ، ودخول الخديوي توفيق  مدينة القاهرة في حماية جيش الاحتلال البريطاني !!


    نهضة تجرعت مصر علقمها لينعم الألبان وحماتهم الأوربيون  بعسلها  ولبنها !! 


    المرحلة الأخرى من سنة 1914م إلى سنة 1952م  :


    وتلك مرحلة خطيرة  - في تاريخ مصر  - ارتضى فيها  " الألبان " أن يكونوا  " دمى " يحركهم الإنجليز أنى شاؤوا  ، فقبلوا أن تكون مصر  " سلطنة " في مواجهة  السلطنة العثمانية سنة 1914م  ،  ورحبوا بإعلان الحماية البريطانية على مصر  ، ثم اغتبطوا بتعيينهم ملوكا عليها  !!..


    ... تلاعبت بريطانيا بمشاعر المصريين  - بإصدار دستور  ،  وانتخاب مجلس نيابي  ، وتشكيل أحزاب اصطنعتها على عينها  ، تنافست في تقديم فروض الخنوع والولاء والطاعة لبريطانيا  ،  كي يظفر زعماؤها بالمناصب والمغانم  ، في الوقت  الذي كابد فيه المصريون الخسف والتنكيل  ، والفقر والجهل والمرض  !!...


    ...وقد لخص الإمام محمد عبده  - ت1905م  -  رأيه في سياسة محمد علي ،  قائلا : 


    ما الذي صنعه محمد علي ؟! ، لم يستطع أن يحيي ، ولكن استطاع أن يميت ... أخذ يرفع الأسافل ويعليهم في البلاد والقرى.... حتى انحط الكرام وساد اللئام ....فمحق بذلك جميع عناصر الحياة الطيبة من : رأي وعزيمة واستقلال نفسي ، لتصير البلاد المصرية - جميعها - إقطاعا واحداً له ولأولاده ، على أثر إقطاعات كثيرة كانت لأمراء عدة !!.... 


    ...ووسط كل تلك المدلهمات كان الأزهر الشريف ، بالمخلصين من علمائه العاملين ، يسطع من بين جنباته بريق يحيي الأمل في قلوب المصريين ....


    ***************


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14543
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    من مقالات ظ ابوردة السعدنى Empty رد: من مقالات ظ ابوردة السعدنى

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب السبت فبراير 12, 2022 1:29 pm

    ٱخرة العثمانيين
    *************


    .. تمخض  الانقلاب على السلطان عبدالحميد الثاني سنة 1908م  ثم عزله سنة 1909م  عن نتائج كارثية ، لعل أخطرها أن الدولة العثمانية لفظت أنفاسها الأخيرة في التاريخ المذكور  ، فالسنوات التي تلت ذلك التاريخ لم يكن لها من الوجود إلا الاسم فقط  ، ذلك الاسم الذي تدثر به الأتراك الطورانيون الماسون ، الحكام الحقيقيون الذين  أوردوا المسلمين موارد الردي ، فشتتوا شملهم وفرقوهم شيعا وأحزابا  !!..


    ... يمكن تقسيم تاريخ الدولة العثمانية  - بعد عزل السلطان عبدالحميد الثاني  - إلى مرحلتين  :


    المرحلة الأولى  : من سنة 1908م إلى سنة 1918م  ، تلك المرحلة التي تولى فيها رجال الاتحاد والترقي زمام الأمور في الدولة  ، فكانوا  - بقادتهم الثلاثة : أنور وجمال وطلعت  - الحكام الفعليين  ولم يكن للسلطان العثماني إلا الاسم فقط  ، ليس له من الأمر شئ  ، كرسوا شعار القوميات  ، أكثروا  في الدولة الفساد  ، باءت كل مخططاتهم  بالخيبة والخسران  ، أدخلوا الدولة العثمانية الحرب العالمية الأولى  إلى جانب ألمانيا والنمسا والمجر  ، فكانت نتيجة سياستهم الخرقاء  الهزيمة النكراء  ، وعقد هدنة " مدوروس " ، واحتلال إستانبول  سنة 1918م ، وهرب " الجبناء " الثلاثة  ، إلى أن قتلوا  واحدا بعد الآخر  ، جزاء وفاقا لجرائمهم التي ارتكبوها في حق الإسلام والمسلمين  ...!!


    المرحلة الأخرى : تمتد من سنة 1919 إلى سنة 1924م  ، ويمكن أن نطلق عليها المرحلة  " الأتاتوركية " ، تلك المرحلة التي تولى كبرها المدعو  " مصطفى كمال "  !!


    ... قيل : إنه مجهول النسب  ، لأن أمه كانت  " بغيا " في مدينة "سالونيك " اليونانية ذات الأغلبية اليهودية  ، وأنه نسب إلى موظف في جمارك سالونيك تزوج بأمه بعد ولادته  ، ولن ندخل في تفاصيل نشأته  ، ويهوديته المتخفية  ،ووصمه ب " التنين ذي السبعة رؤوس "، لكنه كان عضوا في جمعية " الاتحاد والترقي " ، تمكن بدهائه أن يتقرب من  ولي العهد  الأمير  " محمد وحيد الدين " وأن يحظى بثقة القصر العثماني ، حتى أطلق عليه " روز دور " - أي الوردة الذهبية  - لفرط ثقة العثمانيين فيه  !!


    ... تولى السلطان محمد وحيد الدين - محمد السادس - حكم الدولة العثمانية سنة 1918م ، وكانت العاصمة العثمانية والمضايق تحت احتلال جيوش الحلفاء  ، والأوضاع متردية سياسيا واقتصاديا وعسكريا  ، والجيش  في شرق الأناضول ليس تحت السيطرة  ، فلم يكن أمام السلطان إلا خله وصفيه  " مصطفي كمال  " ليستعين به في تلك الظروف الحالكة  فعينه  " مفتشا عاما "لجيش الأناضول بصلاحيات واسعة  ، غير أنه تبين بعد ذلك أن تعيينه كان  - أيضا  -بإيعاذ من بريطانيا ، التي أعدت مصطفى كمال ليسدل الستار على الفصل الأخير في  تاريخ الدولة العثمانية  ....


    .... استغل مصطفى كمال  وجوده في الأناضول الموقف الصعب الذي تمر به الدولة  ، وشرع في قيادة دفة الأمور لصالحه  - بتخطيط بريطاني  -- متظاهرا بمقاومة المحتلين  ، وبولائه وإخلاصه لسلطان المسلمين وخليفتهم  ، ثم تطورت الأمور وتلاحقت الأحداث ، فأعلن مصطفى كمال عصيانه واتخاذه  مدينة " أنقرة " عاصمة له ، اعترف بها الحلفاء في معاهدة " سيفر " سنة 1920م ، أجريت انتخابات برلمانية  ، و أقيمت  دوائر حكومية  ، حاول السلطان  محمد السادس  إرسال جيش للقضاء على عصيان مصطفى كمال ، لكن بريطانيا حالت دون ذلك وفقا لشروط هدنة " مدوروس " !! ....


    ... وهكذا كشف  مصطفى كمال  عن وجهه الحقيقي  ، وظهر بمظهر البطل  القومي الذي  يجاهد لتحرير  بلاده  من  المحتلين  ، وتأكيدا من بريطانيا وترسيخا منها  لأقدامه  ، رغبة  منها  في اجتثاث بقايا  الدولة العثمانية الإسلامية  - اصطنعت له  نصرا  زائفا  على اليونان تحريرا  لمدينة  " أزمير " من احتلالهم سنة 1922م   ، حيث هرب الجيش اليوناني  من ساحة القتال  - بإيعاذ من بريطانيا  -  ، فظهر  مصطفي كمال  في صورة القائد  البطل  المنقذ  الذي يجدر بالمسلمين  أن يعلقوا عليه الآمال ، أذاعت بريطانيا  أخبار ذلك النصر " الميمون " في كل أرجاء العالم الإسلامي  ، خدع بتلك الدعاية المسلمون  ، حتى إن أمير الشعراء  " أحمد شوقي  " نظم قصيدة طويلة  - 88 بيتا  - تمجيدا لمصطفى كمال  ، رفعه - فيها  - إلى مرتبة وقدر الصحابي الجليل ،  سيف  الله المسلول  " خالد بن الوليد " - رضي الله عنه  - ، استهلها بقوله :


    الله أكبر  ، كم في النصر من عجب 
    يا خالد الترك جدد خالد العرب 


    نقول لولا الفتى التركي لحل بنا 
    يوم  كيوم يهود كان عن  كثب  !!


    ... تمادى  مصطفى كمال  في عتوه وغروره  ، مخيبا آمال المسلمين  ، محققا أهداف الأوربيين المشتعلة قلوبهم  عداء  للدولة  العثمانية  ، فأعلن  إلغاء السلطنة العثمانية في نوفمبر سنة 1922م  ، واضطر السلطان محمد السادس  إلى الهرب  - ليلا  -  إلى مالطة  بواسطة  زورق بريطاني  -- خاوي الوفاض  ، ليس معه إلا القليل من المال  ، برفقة ولده وخادمه  !!...


    .... تم تعيين  عبدالمجيد الثاني خليفة للمسلمين في الشهر نفسه سنة 1922م ، حتى عقدت معاهدة  "لوزان " سنة 1923م  ، وكان من بين شروطها  " إلغاء الخلافة الإسلامية العثمانية ، وطرد الخليفة  ومصادرة أمواله  ، وإعلان علمانية  الجمهورية التركية " ....


    .... وفي الثالث من مارس سنة 1924م  ، صدق البرلمان  التركي  - تحت قوة وتهديد السلاح  - على إلغاء الخلافة الإسلامية العثمانية  وفصل الدين عن الدولة  ...


    ... وفي الليلة نفسها  ، فجرا  ، صدرت أوامر أتاتورك بطرد الخليفة عبدالمجيد الثاني   ، فحملته سيارة عسكرية  ألقت به  خارج الحدود صوب سويسرا  ، لا يحمل إلا حقيبة فيها القليل من الثياب  وبضعة جنيهات انجليزية  !! ...


    .... وهكذا  : تم هدم الخلافة وتدميرها  ، وإلغاء الشريعة الإسلامية كدستور دولة  ، وتشريع أمة  ، ونظام حياة  بواسطة الإنجليز  وعميلهم مصطفى كمال أتاتورك  !! 


    .... كان زوال الخلافة الإسلامية العثمانية كابوسا جثم بكلكله على قلوب المسلمين في كل  أرجاء العالم الإسلامي ، سادت موجة حزن شديدة  ، بكى المسلمون مجدهم الذي  ضاع  ، ووحدتهم التي مزقت  ، وكرامتهم التي أهينت وأهدرت ، وتعالت أصوات الشعراء عويلا ونواحا على الخلافة الإسلامية، في طليعتهم  أميرهم  أحمد شوقي  ، الذي كان من بين المخدوعين  بأتاتورك  ، فراح يرثي الخلافة بحزن شديد ، ويهاجم  مصطفى كمال في عنف لا يعدله إلا تحمسه له بالأمس  ، وذلك حين قال  :


    ضجت عليك مآذن ومنابر 
    وبكت عليك ممالك ونواح 


    الهند والهة  ، ومصر حزينة 
    تبكي عليك بمدمع سحاح 


    والشام تسأل والعراق وفارس 
    أمحا من الأرض الخلافة ماح 


    نزعوا من الأعناق خير قلادة 
    ونضوا عن الأعطاف خير وشاح 


    بكت الصلاة  ، وتلك فتنة عابث 
    بالشرع عربيد القضاء وقاح 


    أفتى خزعبلة  ، وقال ضلالة 
    وأتى بكفر في البلاد براح 


    ***************************


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14543
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    من مقالات ظ ابوردة السعدنى Empty رد: من مقالات ظ ابوردة السعدنى

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب السبت فبراير 12, 2022 1:29 pm

    ؛؛؛*؛؛؛•{ إذا كنت ترغب العلم شد الرحال لأهله }•؛؛؛*؛؛؛


    # : عبدالمجيد الأول السلطان الحادي والثلاثون من سلاطين
          الدولة العثمانية ، والد السلاطين : مراد الخامس وعبد
         الحميد الثاني ومحمد رشاد الخامس ومحمد وحيد
         الدين ، الابن الأكبر للسلطان محمود الثاني ، جلس على
        عرش الدولة العثمانية إثر وفاة والده سنة 1255 /1839 ،
         جمع بين الثقافتين الإسلامية والغربية ، أجاد اللغات
        العربية والفارسيةوالفرنسية ، وكان مولعابالموسيقى
        الكلاسيكية 


    # : شهد عهده صدور خطين همايونيين لمواصلة تحديث
         الدولة العثمانية وفق النظم الأوربية ، ومع اقتفائه خطى
        والده إلا أنه كان يهيم حبا لرسول الله - صلى الله عليه
        وسلم - و يرى- كما رأى أسلافه السلاطين - " أن المدينة
       المنورة أعلى قدرا ومقاما من العاصمة العثمانية " ، تجلى
       ذلك في العمارة العظمى التي شهدها الحرم النبوي الشريف
       في عهده


    # : ورد تقرير من شيخ الحرم النبوي الشريف أن المسجد
         النبوي " آل بعض سقوفه إلى السقوط والخراب " ، فشمر 
        السلطان الشاب عن ساعد الجد ، وأرسل العمال وغيرهم
        من خبراء المعمار إلى المدينة المنورة ، ورصد الأموال
       للإنفاق على ما تتطلبه عملية الإعمار ، فوصل المكلفون إلى
        المدينة المنورة وأقاموا "الورش " في محيط المسجد
        النبوي ، كما توجهوا إلى الجبال خارج المدينة المنورة ، إلى
        منطقة " الحرة " في الجهة الشرقية لجلب الصخور
        السوداء منها وتمكنوا من الوصول إلى جبل في وادي
        العقيق ، على مسافة أربع ساعات غربي المدينة المنورة ،
       وكان جبلا شامخا، تميل صخوره إلى لون العقيق الأحمر ،
       فأقاموا " ورشةعمل " وقطعه صخوره لصنع الاسطوانات
       المطلوبة في عملية إعادة بناء المسجد النبوي الشريف


    # : استغرقت عمارة مسجد الرسول -صلى الله عليه وسلم - 
        إثنتي عشرة سنة ، من سنة١٢٦٥ / ١٨٤٨ م / كلإلى أوائل 
        سنة 1277 /1860 ، لم ينقطع - خلالها - وصول المؤن 
        والحديد والخشب والرصاص والأدهان وكل متطلبات
        عمارة المسجد النبوي من العاصمة العثمانية إلى المدينة
        المنورة،أنفق عليها مائة وأربعون ألف كيس من الذهب
        المجيدي ، وصل عدد العمال أكثر من ثلاثمائة وخمسين
        عاملا ، من البنائين والحجارين والنقاشين والجباسين
        والنجارين والحدادين والسباكين ومن إليهم ، بالإضافة إلى
        المهندسين والموظفين وغيرهم من مباشري عملية العمارة


    # : جدير بالذكر أن القائمين على عمارة الحرم النبوي الشريف 
         كانوا يحرصون حرصا شديدا على أن يكون عملهم في
         هدوء وسكينة ، وأن لا يحدثوا صخبا أو ضجيجا ، تعظيما
        وتوقير الرسول الله صلى الله عليه ، كما حرصوا - أيضا -
        على راحة سكان مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
        وعدم تعطيل الصلاة في المسجد النبوي الشريف 


    # : يذكر البرزنجي -ت1317 /1899 - أن المسئولين في
          المدينة المنورة رأوا تخليد اسم السلطان عبدالمجيد
         الأول ، بأبيات من الشعر تكتب على لوحة منحوتة من
        الجرانيت الأحمر تعلق في " المسقف القبلي " في المسجد
        النبوي، واختاروا قصيدتين ، نذكر من الأولى :


    * بشرى مليك الورى عبدالمجيد بما
                                    قد فاز من فخر دنياه وعقباه
    *    توجهت لعظيم الأجر همته
                                     وكي ينال من المختار زلفاه
    *   فجددت مسجدا تهوى ملائكة
                                     لو أصبحت فيه من عمال مبناه
    #  : ومن الأخرى &


    * الله أكبر فاز سلطان الورى
                            عبدالمجيد بأعظم الإحسان
    * : طوبى له قد شاد أرفع مسجد
                            يسمو على الأفلاك بالعدنان
    * : بشرى لقد حاز الثواب مليكنا
                          وحوى عظيم الأجر من رحمان


    # : لكن السلطان عبدالمجيد الأول - حين عرض الأمر عليه -
          أجاز الشاعرين بجائزة قيمة ، ورفض كتابة الشعر في
         مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وأخذ برأي
        شيخ الإسلام وكبار العلماء ، فأمر بكتابة حديث رسول
        الله - صلى الله عليه وسلم - " صلاة في مسجدي هذا
        أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام " 


    # : تجدر الإشارة - أخيرا - إلى أن هدايا السلطان عبدالمجيد
          الأول للمسجد النبوي الشريف كانت متواصلة ، منها 
          على سبيل المثال وليس الحصر :مباخر وقماقم ، و
        "شمعدانات" من الذهب الخالص ، وأخرى من الذهب
        المرصع بالألماس لإضاءته ليلا


    # : وقد لحق السلطان عبدالمجيد الأول بالرفيق الأعلى في
          شهر ذي الحجة سنة 1277 /1861 ، إثر إصابته بمرض "
         السل " بعد حكم دام اثنين وعشرين عاما - عن عمر ناهز
        ستا وثلاثين سنة ، عانت الدولة العثمانية خلال حكمه
        مشاكل داخلية وخارجية لا يتسع المقام لذكرها 


                        بقلم الأستاذ الدكتور / أبووردة السعدني  


     أستاذ الحضارة والتاريخ بجامعة الازهر بالزقازيق كلية
                              اللغة العربية 


              تقديم : #الحسيني_مسلم_أبورويس__أبورويس


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14543
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    من مقالات ظ ابوردة السعدنى Empty رد: من مقالات ظ ابوردة السعدنى

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب السبت فبراير 12, 2022 1:30 pm

    يوم أن بكت إستانبول   :
    ********************


    .... إنه اليوم الذي نزف فيه قلب عاصمة الدولة العثمانية الإسلامية بعد أن تحجرت العيون عن أن تذرف الدموع  ، يوم الثاني عشر من نوفمبر سنة 1918م  ، اليوم الذي دخلت ، فيه ،  قوات الحلفاء  عاصمة الخلافة العثمانية  دخول الظافرين المنتصرين ، في مواكب ضخمة فخمة   ، في طليعتها الجنرال الفرنسي " فرانشي ديسبيري  Franhet D, Esberey "   بأعلامه  ، منتشيا ، عالي الرأس ، مرتديا قبعة حمراء وقميصا فضفاضا  ، ممتطيا صهوة جواد رائع ناصع البياض  ، ردا على ما فعله السلطان العثماني  محمد الثاني  ، حين فتح المدينة عينها  سنة 1453 م  ، ودخلها دخول الفاتحين  على ظهر جواد أبيض  ،  وحولها من عاصمة مسيحية إلى عاصمة إسلامية  !!  ، ثم جاءخلفه جنرال بريطاني بأعلامه وجنوده ، ثم جنرال إيطالي - أيضا -  بأعلامه وجنوده ، وأخيرا كتيبة من الجيش اليوناني - تشفيا في العثمانيين !!


    .... تجرعت عاصمة الخلافة العثمانية كأس الاحتلال تنفيذا  لشروط هدنة " مدوروس " التي وقعتها مع الحلفاء في الثلاثين من أكتوبر سنة 1918 م ، تلك الهدنة التي أنهت القتال بين الدولة العثمانية والحلفاء في الحرب العالمية الاولى  ، وكان من بين شروطها - المهينة - تسريح الجيش العثماني وتسليم أسلحته  ، والاستيلاء على مضيقي الدردنيل والبسفور  ، واحتلال ما يراه المنتصرون -  من ممتلكات العثمانيين  - ضروريا لأمنهم  '!!....


    .... هرب الأشاوس المغاوير الثلاثة من العاصمة العثمانية بعد أن أوردوها موارد الردي  ، هربوا  - جبنا  - بعد تسع سنوات  من حكم استبدادي  متغطرس متعجرف  ، عانى خلاله المسلمون ، وغيرهم  من الرعايا ، الفرقة بعد الاتحاد  ، والعداء بعد  الإخاء  ، والفاقة بعد الرخاء  ، حتى إن النسوة كن يصرخن ويولولن - جوعاً  وألما وحسرة  - وقت تشييع جنازة السلطان عبدالحميد الثاني  (10 فبراير 1918 م ) ، قبل ثمانية شهور من هذا اليوم الحزين ،  قائلات  :
    لم تركتنا وتخليت عنا ؟! ، في زمانك كان لدينا  خبز نأكله  ، أما اليوم  فنحن نموت جوعا  !! ....


    ..... لقد حكم  الثلاثي التركي الطوراني : أنور باشا  وطلعت باشا  وجمال باشا السفاح " جلاد الشام"  حكما مطلقا  ، حجروا على السلطان  محمد رشاد الخامس  - ت 30 /7 /1918 م - فلم يكن له من الأمر شيئ  ، أدخلوا الدولة العثمانية الحرب العالمية الاولى سنة  1914  ، دون إذنه أو حتى مشورته  ، أجبروه على التصديق على إعدام  أحد أصهاره  - ظلما وعدوانا  - فصدق  - صاغرا  - وهو ينتحب من شدة البكاء  ، أرغموه على النزول - إذلالا له - من قصره  - مخالفا البروتوكولات العثمانية المتبعة طوال قرون  - لاستقبال الإمبراطور الألماني " ولهلم الثاني"  في محطة وصوله إلى  إستانبول  سنة 1917م !!....


    ... حرص الثالوث التركي المتعجرف  على إقامة الاحتفالات  وتعليق الزينات  ابتهاجا بالانتصارات في  ميادين القتال في الحرب العالمية الأولى  ، في الوقت الذي كانت تلحق ، فيه ، بجيوشهم الهزائم الساحقة الماحقة  ، حتى فاقت أعداد القتلى والجرحى كل عد أوحصر  ، تفشت الأمراض والمجاعات  ،  وعز وجود الأقوات  ، وانتشر التسول في العاصمة العثمانية  التي كانت تباهي بالرخاء ،  و تشع نورا حضاريا طوال قرون عديدة  ، تحولت  من مدينة ينعم سكانها  - على اختلاف أديانهم وأعراقهم - بالوئام والسلام  ،  من عاصمة قاهرة  ، ترتعد من ذكرها فرائص دول أوربا رهبا وفرقا  ، إلى عاصمة مقهورة  ،  ترفرف في جنباتها  الأعلام البريطانية والفرنسية والإيطالية  واليونانية ، حتى الأعلام الأرمينية  !! ، ومن يمر من سكانها المسلمين على علم من تلك الأعلام دون أن يؤدي له التحية  يعاقب عقابا شديدا  !!


    ..... تحولت إستانبول من مدينة زاهرة تصدح في سمائها  مٱذن المساجد  منادية  " حي على الصلاة  " ، ومن مدينة تحفل بمدارس العلم ومعاهده  ، إلى مدينة يكثر فيها الرقص  والمجون  و معاقرة الخمر  ، ومواقعة النساء !! ....


    .... إنها إستانبول التي كانت !!......


    ***********************


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14543
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    من مقالات ظ ابوردة السعدنى Empty رد: من مقالات ظ ابوردة السعدنى

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب السبت فبراير 12, 2022 1:30 pm

    الشريف الحسين بن علي يجتر ذكرياته 
    *******************************


    ... أتخيل الشريف الحسين بن علي في منفاه الإجباري في مدينة نيقوسيا بجزيرة قبرص  ،  بعد أن زال عنه جاهه وملكه ، وقد اتكأ على وسادته  وحيدا  حزينا  ، يجتر ذكرياته  ، فيسترجع ذلك اليوم الذي جاءه فيه ولده عبدالله  - أمير إمارة شرق الأردن - يطلب منه ضرورة الرحيل من  مدينة العقبة الأردنية استجابة لرغبة بريطانيا  ، في الوقت نفسه يتلقى إنذارا بريطانيا بوجوب رحيله  ، ثم تصل بوارج انجليزية تحمله إلى حيث لا يدري  ، فيجد نفسه في جزيرة قبرص شريدا طريدا ، طالت مدة نفيه ست سنوات تقريبا  ، تضيق بريطانيا عليه الخناق  ، لا يزوره زائر إلا بتصريح بريطاني  حتى ولو كان الزائر أحد أبنائه  ، كما ضيقت عليه في وصول المساعدات المالية إليه حتى اضطر  - وهو سليل العترة النبوية ، صاحب الجلالة الهاشمية ،  ملك البلاد العربية  ، وأمير المؤمنين "سابقا "  - إلى الاقتيات بالدين  !!..


    ... قارن الحسين بن علي بين منفاه في قبرص وإقامته في العاصمة العثمانية  ، حين استدعاه السلطان عبدالحميد الثاني للإقامة فيها سنة 1893 م - بسبب خلاف بينه وبين عمه الشريف عون الرفيق أمير مكة المكرمة  - إذ عاش  - في قصر  على مضيق البسفور  - 
    حياة مترفة طوال خمسة عشر عاما  ، ينعم بعيش رغيد  ، وثيق القربى من سلطان المسلمين وخليفتهم  ، أنعم عليه برتبة الوزارة وعضوية مجلس الشورى  ، أمر السلطان بتعليم أبنائه في مدرسة أبناء السلاطين  ، رغم أن عبدالحميد الثاني كان واثقا أن الحسين بن علي سيهدد عرشه يوما ما  ، لاتصلاته السرية مع سفراء الدول الأوربية ، والتي رصدتها  المخابرات العثمانية !!...


    ... تذكر الحسين بن علي  أنه عين أميرا على مكة سنة 1908م بعد الانقلاب على السلطان عبدالحميد الثاني ،  الذي مالبث أن عزله الاتحاديون سنة 1909 م ، وأن ثورته  سنة 1916 م  - بعد مراسلاته الشهيرة مع مكماهون البريطاني  - كانت ضد الاتحاديين الطورانيين الماسونيين وليست ضد الدولة العثمانية  ، وأنه بويع ملكا على الحجاز في السنة نفسها  ، ولقب ب" ملك العرب " ، وأن بريطانيا أوعزت إليه عن طريق ولده الأمير عبدالله أن يعلن نفسه  " أميرا للمؤمنين " ، الأمر الذي رفضه المسلمون في معظم بلاد العالم الإسلامي  !!..


    ... تناول الشريف الحسين قدحا من القهوة  ، مع شهيق وزفير يقطران حسرة وندما ،  مسترجعا خذلان بريطانيا له  ، بإعلانها الحياد في الحروب التي اشتعلت بينه وبين ابن سعود  ، وخداعها له في اتفاقية سايكس بيكو سنة 1916م  ، وتصريح بالفور سنة 1917م بتمكين اليهود من فلسطين  !! ...


    ... لكنه  ربما نسي أو تناسي  - في خضم ذكرياته  - استعانته  برجال المخابرات البريطانية في تخريب وتدمير سكة حديد الحجاز  بالمتفجرات والطائرات الإنجليزية  ، وتعهد  ابنه الأمير فيصل لحاييم وايزمان  - الزعيم الصهيوني وأول رئيس لإسرائيل  - بتوفير كل الضمانات لتنفيذ وعد بالفور سنة 1917م  ، وتشجيع هجرة اليهود إلى فلسطين  !!... 


    .... ولعله نسي  - أيضا  - أن بريطانيا اقتطعت شرق الأردن وجعلته إمارة سنة 1921م  ، وعينت ابنه عبدالله أميرا عليها  ، ليكون حارس حدود للدولة اليهودية المرتقبة  !! ...


    .. ولعله نسي  - ضمن ما نسي  - أن بريطانيا عينت ابنه الأمير فيصلا ملكا على سوريا سنة 1920م  ، ثم طردته فرنسا شر طردة ،  ولم يمض أربعة أشهر على  تتويجه  !! ...


    ... ولعله نسي  - أخيرا  -- أن بريطانيا حين أخفقت في إخماد  ثورة العشرين العراقية  ، وضاقت بها السبل ، لم  تجد إلا فيصلا بن الحسين وسيلة لتهدئة العراقيين  ، فعينته ملكا على العراق سنة 1921م  ، لقبول العراقيين  - على اختلاف طوائفهم وأعراقهم  - له ،  لانحداره من سلالة آل البيت  !!...


    .... حين اشتد المرض بالشريف الحسين بن علي أذنت بريطانيا لابنيه فيصل وعبدالله بزيارته ، كما سمحت لهما بنقله إلى مدينة عمان  ، لكنه قبل أن يلحق بالرفيق الأعلى أوصى ولديه بعدم الوقوع في شرك الإنجليز مرة أخرى  ،  وأن ابن سعود أقرب إليهما لحمة وسدى من الإنجليز ومن غيرهم  !!...


    ...وقد وافاه أجله سنة 1931م ودفن في مدينة القدس الفلسطينية. ...


    ******************


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14543
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    من مقالات ظ ابوردة السعدنى Empty رد: من مقالات ظ ابوردة السعدنى

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب السبت فبراير 12, 2022 1:31 pm

    مصرية محمد علي باشا 
    ********************


    .... تعود بي الذاكرة إلى عام 2000م ، حين حضرت محاضرة  في نادي الرياض الأدبي  ، رفقة زميلين عزيزين  - رحمهما الله تعالى رحمة واسعة  - الأستاذ الدكتور حسين علي محمد  والأستاذ الدكتور أحمد زلط  ، كانا أستاذين في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، ألقى المحاضرة عميد كلية اللغة العربية  ،  كانت المحاضرة
     عن مدينة الرياض  ،  بمناسبة اختيارها عاصمة للثقافة الإسلامية  ،  غير أن المحاضر تطرق  في حديثه إلى القضاء على الدولة السعودية الأولى  ، وألقي باللائمة على مصر وعلى الجيش المصري لارتكابه تلك الجريمة  !! ...


    ... ما أن انتهى المحاضر من إلقاء محاضرته حتى انبرى عدد من الأساتذة المصريين بمداخلات كالوا فيها الثناء لعميدهم على محاضرته الماتعة ، ثم جاء دوري  ،  فأثنيت كما أثنوا  ، لكنني قلت  : إن المحاضرة حوت مغالطات تاريخية أنصح بتصويبها  ، فالمصريون لم يكن لهم دور في القضاء على الدولة السعودية الأولى سنة 1233 /1818،  لأن مصر كانت ولاية تابعة  للدولةالعثمانية  ، ومحمد علي باشا قام - بواسطة ولديه - بالقضاء على الدولة السعودية الأولى تنفيذا لفرمانات صادرة من  الدولةالعثمانية  ، و الجيش الذي توجه إلى الجزيرةالعربية  لم يكن مصريا بأي حال من الأحوال  ، بل يمكن القول : إن المصريين كانوا متعاطفين مع الإمام عبدالله بن سعود الذي اقتيد إلى العاصمةالعثمانية -  عن طريق القاهرة - وقتل سنة1818م ،  يظهر ذلك واضحا جليا في تاريخ الشيخ عبدالرحمن الجبرتي. ...


    .... وإذا كان الشيئ بالشيئ   يذكر  ،  فلا يجوز  - في رأيي  - أن نعد حروب إبراهيم باشا بن محمد علي  في بلاد الشام  حروبا مصرية  ، ولا يجوز  أن  نطلق على إبراهيم باشا " إبراهيم باشا المصري "  ، فالحروب التي خاضها   - من سنة  1831 م والتي  انتهت بمعاهدة لندن سنة 1840 م -- لا تزيد عن كونها  تمردا  وخروجا على الحاكم الأعلى وهو السلطان العثماني  ، شأنها شأن ثورة جان بردي الغزالي  وأحمد باشا  " الخائن " في القرن السادس عشر الميلادي  ، فلم يكن محمد علي باشا - ت1849 م - ولا ابنه  إبراهيم باشا  - ت1848م -- مصريين في يوم من الأيام  ......


    *************************


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14543
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    من مقالات ظ ابوردة السعدنى Empty رد: من مقالات ظ ابوردة السعدنى

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب السبت فبراير 12, 2022 1:31 pm

    عمارة المسجد النبوي في عهد السلطان عبدالمجيد الأول 
    *********************************************


    عبدالمجيد الأول السلطان الحادي والثلاثون من سلاطين الدولة العثمانية  ، والد السلاطين  : مراد الخامس  وعبد الحميد الثاني  ومحمد رشاد الخامس ومحمد وحيد الدين ،  الابن الأكبر للسلطان محمود الثاني  ، جلس على عرش الدولة العثمانية  إثر وفاة والده سنة 1255 /1839  ، جمع بين الثقافتين الإسلامية والغربية ، أجاد اللغات العربية والفارسيةوالفرنسية  ، وكان مولعا بالموسيقى الكلاسيكية ....


    .... شهد عهده صدور خطين  همايونيين لمواصلة تحديث الدولة العثمانية وفق النظم الأوربية  ، ومع اقتفائه خطى والده  إلا أنه كان يهيم حبا  لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -  و يرى - كما رأى أسلافه السلاطين  - " أن المدينة المنورة أعلى قدرا ومقاما من العاصمة العثمانية " ،  تجلى ذلك في العمارة العظمى التي شهدها الحرم النبوي الشريف في عهده.....


    .... ورد تقرير من شيخ الحرم النبوي الشريف  أن المسجد النبوي  " آل بعض سقوفه إلى السقوط والخراب  " ، فشمر السلطان الشاب عن ساعد الجد ،  وأرسل العمال وغيرهم من خبراء المعمار  إلى المدينة المنورة  ، ورصد الأموال للإنفاق على ما تتطلبه عملية الإعمار  ، فوصل المكلفون إلى المدينة المنورة  وأقاموا  "الورش " في محيط المسجد النبوي  ، كما توجهوا إلى الجبال خارج المدينة المنورة  ، إلى منطقة  " الحرة " في الجهة الشرقية  لجلب الصخور السوداء منها  ، وتمكنوا من الوصول إلى جبل في وادي العقيق  ، على مسافة أربع ساعات غربي المدينة المنورة  ، وكان جبلا شامخا، تميل صخوره إلى لون العقيق الأحمر  ، فأقاموا  " ورشةعمل " وقطعوا صخوره لصنع الاسطوانات المطلوبة في عملية إعادة بناء المسجد النبوي الشريف. ...


    .... استغرقت  عمارة مسجد الرسول -صلى الله عليه وسلم - إثنتي عشرة سنة  ، من سنة 1265 /1848  إلى أوائل سنة 1277 /1860  ،  لم ينقطع  - خلالها  - وصول المؤن والحديد والخشب والرصاص والأدهان وكل متطلبات عمارة المسجد النبوي من العاصمة العثمانية إلى المدينة المنورة  ، أنفق عليها مائة وأربعون ألف كيس من الذهب المجيدي  ، وصل عدد العمال أكثر من ثلاثمائة وخمسين عاملا  ، من البنائين والحجارين والنقاشين والجباسين والنجارين والحدادين والسباكين ومن إليهم  ، بالإضافة إلى المهندسين والموظفين وغيرهم من مباشري عملية العمارة. ...


     .... جدير بالذكر أن القائمين على عمارة الحرم النبوي الشريف  كانوا يحرصون حرصا شديدا على أن يكون عملهم في هدوء وسكينة  ، وأن لا يحدثوا صخبا أو ضجيجا ، تعظيما وتوقيرا لرسول الله صلى الله عليه  ، كما حرصوا  - أيضا  -  على راحة سكان مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعدم تعطيل الصلاة في المسجد النبوي الشريف   . ...


    .... يذكر البرزنجي  -ت1317 /1899  - أن المسئولين في المدينة المنورة رأوا تخليد اسم السلطان عبدالمجيد الأول ،  بأبيات من الشعر تكتب على لوحة منحوتة من الجرانيت الأحمر تعلق في " المسقف القبلي " في المسجد النبوي  ، واختاروا قصيدتين  ، نذكر من الأولى  :


    بشرى مليك الورى عبدالمجيد بما 
    قد فاز من فخر دنياه وعقباه 


    توجهت لعظيم الأجر همته 
    وكي ينال من المختار زلفاه 


    فجددت مسجدا تهوى ملائكة 
    لو أصبحت فيه من عمال مبناه 


    ومن الأخرى  :


    الله أكبر فاز سلطان الورى 
    عبدالمجيد بأعظم الإحسان 


    طوبى له قد شاد أرفع مسجد 
    يسمو على الأفلاك بالعدنان 


    بشرى لقد حاز الثواب مليكنا 
    وحوى عظيم الأجر من رحمان 


    .... لكن السلطان  عبدالمجيد الأول  - حين عرض الأمر عليه  -- أجاز الشاعرين بجائزة قيمة  ، ورفض كتابة الشعر في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  ، وأخذ برأي شيخ الإسلام وكبار العلماء ،  فأمر بكتابة حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم  -  " صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام " ....


    .... تجدر الإشارة  - أخيرا - إلى أن هدايا السلطان عبدالمجيد الأول للمسجد النبوي الشريف كانت متواصلة  ، منها  - على سبيل المثال وليس الحصر -  :  مباخر وقماقم  ، و " شمعدانات " من الذهب الخالص  ، وأخرى من الذهب المرصع بالألماس لإضاءته ليلا. ...


    .... وقد لحق السلطان  عبدالمجيد الأول بالرفيق الأعلى في شهر ذي الحجة سنة 1277 /1861  ، إثر إصابته بمرض  " السل " - بعد حكم دام اثنين وعشرين عاما  - عن عمر ناهز ستا وثلاثين سنة  ، عانت الدولة العثمانية خلال حكمه  مشاكل داخلية وخارجية لا يتسع المقام لذكرها .....


    **********************


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14543
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    من مقالات ظ ابوردة السعدنى Empty رد: من مقالات ظ ابوردة السعدنى

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب السبت فبراير 12, 2022 1:32 pm

    ... مصر التي كانت :
    _______________


    ... كانت مصر  ،  في عصر دولة سلاطين المماليك  ،  كعبة العلم التي حرص طلاب العلم في الدولة العثمانية على أن يشدوا رحالهم إليها  ، لينهلوا من معينها العذب الفياض بالمعارف والعلوم  المتنوعة  ، فاستقبلتهم مصر بسلاطينها  وعلمائها برحابة وسعة، وعاملتهم كما تعامل أبناءها  ، فيسرت لهم  سبل الإقامة والعيش الطيب الرغيد  ، فمنهم من رجع إلى بلاده بعد حصوله على  إجازته العلمية  ،  من علماء مصر ،  لينشر ما حصل من علم ، ومنهم من طاب له العيش  فأقام بمصر  إقامة دائمة  أو إقامة مؤقتة  ،  وشغل بعضهم وظائف القضاء والتدريس والطب  وغيرها من الوظائف المهمة  ، بل صار العديد من العلماء العثمانيين من مجالسي سلاطين مصر ومستشاريهم ومترجميهم  ...


    ..من الظواهر التي تسترعي الانتباه : أننا لم نقف - في المصادر - على اسم عالم مصري رحل إلى بلاد العثمانيين  -- معلما أو متعلما  --- قبل الفتح العثماني لمصر سنة  ١٥١٧ م  ، على النقيض  -- تماما  -- من بلاد فارس ووسط  آسيا التي شد علماؤها رحالهم إلى الدولة العثمانية  ، يرجع ذلك إلى الاستقرار السياسي والرخاء الاقتصادي ، و من ثم الازدهار الحضاري  ، الذي نعمت به مصر في عصر دولة سلاطين المماليك  ، بينما عانت بلاد فارس ووسط  ٱسيا من تواصل الفتن والحروب  ، فهجرها علماؤها  ....


    .... عالم  مصري واحد  -- فقط  -- سافر رسولا  إلى الدولة العثمانية  من  قبل سلطان مملوكي  ، حاول السلطان العثماني  -- وقتها -- إغراءه وإقناعه بالبقاء  في العاصمة العثمانية  ، إلا أنه رفض كل الإغراءات  ،  و آثر العودة إلى مصر  ....


    ..............


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14543
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    من مقالات ظ ابوردة السعدنى Empty رد: من مقالات ظ ابوردة السعدنى

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب السبت فبراير 12, 2022 1:32 pm

    .... برسباي والعيني  :
    __________________


    .... عجيب أمر سلاطين دولة المماليك  ، أقوام تم شراؤهم من أسواق النخاسة ،  يحكمون مصر والشام والحجاز 274 عاما  ، يجمعون بين المتناقضات   :


    ...استند حكمهم إلى مبدأ القوة والبطش وتدبير الدسائس وصولا إلى كرسي العرش  ، يتباهون بحماية الإسلام وتطبيق شريعته  ،  يحرصون على إقامة المنشآت الدينية والعمائر الإسلامية  :  من الأسبلة والحمامات ، والخانات والبيمارستانات  ، والجوامع والخوانق  ، والمكاتب والمدارس  ، وحبس الأوقاف عليها  ، فضلا عن تشجيع العلم وأهله ، بالإغداق على الشيوخ والطلاب  ، والحرص على حضور مجالس العلم  ، ورغم كل ما سبق  كان بعض هؤلاء السلاطين يجهلون اللغة العربية  ، ولا يتحدثون غير التركية  - لغة بلادهم التي جلبوا منها  - !!...


    ..من هؤلاء السلاطين  : السلطان الأشرف سيف الدين برسباي ، الذي حكم السلطنة 17 عاما ( 825 /1422  _ 841 /1437  ) ، كان كما ذكر ابن تغري بردي  : غير سباب ولا فحاش في لفظه  ، حسن الخلق  ،  لين الجانب  ، حريصاً على إقامة ناموس الملك  ، يحب سماع تلاوة القرآن. ... 


     ...في عهده تم فتح جزيرة قبرص وأسر حاكمها  ، ومع ذلك كان أميا لا يقرأ ولا يكتب  ، فاختار نديما حكيما  حرص على إرشاده إلى جادة الصواب بطريق غير مباشر  ، وهو قاضي القضاة الفقيه المحدث المؤرخ بدر الدين العيني  ،  لم يكن _ هو الٱخر  _  مصريا  ، بل كان تركيا  من بلدة  عينتاب  _ جنوب تركيا  _ كان   : (  يقرأ له تواريخ الملوك السالفة و أفعالهم الجميلة ... ثم يفسر له ذلك باللغة التركية ...ثم يأخذ في تحبيبه لفعل الخير والنظر في مصالح المسلمين   ، ويرجعه عن  كثير من المظالم .... ) 


    .... لذلك كان السلطان  برسباي  دائم  القول في مجالسه  : ( لولا القاضي العيني ما حسن إسلامنا  ، ولا عرفنا كيف نسير المملكة  ) ...


    .... وقد توفي قاضي القضاة العيني سنة 855 /1451  ، بعد حياة حافلة بالخير والعطاء  ، والتراث العلمي  ، الذي يقتات على موائده طلاب العلم  والمعرفة ،  إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. ....


    __________________


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14543
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    من مقالات ظ ابوردة السعدنى Empty رد: من مقالات ظ ابوردة السعدنى

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب السبت فبراير 12, 2022 1:33 pm

    سكة حديد الحجاز 
    ********************


    يعد خط سكة حديد الحجاز من الإنجازات العملاقة من النواحي السياسية والدينية والحضارية للسلطان العثماني عبدالحميد الثاني  ، إذ كان الهدف من إنشائه  : خدمة حجاج بيت الله الحرام  ، بإيجاد وسيلة نقل عصرية يتوفر فيها الأمن والراحة وقصر مدة الرحلة  ، وأيضا دعم حركة الجامعة الإسلامية التي كانت تهدف إلى جمع كلمة المسلمين تحت راية الخلافة الإسلامية العثمانية لمواجهة الأطماع الأوربية في العالم الإسلامى .


    شرعت الدولة العثمانية في إنشاء خط سكة حديد الحجاز في مستهل سنة 1900 م ، وأذاعت بيانا عاما أهابت فيه بالمسلمين في كل أنحاء العالم إلى التبرع لإقامة الخط الحديدي الذي يخدم حجاج بيت الله الحرام  ، كان خليفة المسلمين وسلطانهم أول المتبرعين   ، إذ تبرع عبدالحميد الثاني بخمسين ألف ليرة من ماله الخاص  ، فتسابق المسلمون في كل أرجاء الأرض إلى التبرع بأموالهم زرافات ووحدانا  ، غطت تلك التبرعات التلقائية ثلث تكاليف إنشاء خط سكة حديد الحجاز. ...


    ... وإذا كان الشيئ بالشيئ يذكر  : فإن تيودور هرتزل  - الزعيم الصهيوني  الشهير - ت1904 م - حاول بعد أن تحطمت آماله وتبددت أوهامه ،  على صخرة إباء وصلابة السلطان عبدالحميد الثاني ،  في الموافقة على هجرة اليهود إلى فلسطين  ، حاول  - كدأب الصهاينة  - التقرب إلى السلطان عبدالحميد الثاني بطريقة ملتوية ،   فأرسل إليه ، من باريس ، مبلغا كبيرا من الأموال تبرعا منه في إنشاء سكة حديد الحجاز  ، غير أن السلطان العثماني  كان يقظا مدركا حيله وألاعيبه  ، رفض رفضا قاطعا قبول تبرع كبير الصهاينة  ، ورد إليه أمواله مع من حملها إليه  !! ، هذا في الوقت الذي كان يسعى فيه الزعيم الوطني مصطفى كامل ، ت1908م ، في العاصمة الفرنسية  ، إلى كسب ود هرتزل لتأييد القضية المصرية ضد الاحتلال البريطاني لمصر !! ....


    كان لإنشاء خط سكة حديد الحجاز فوائد جمة  ، نذكر منها  :


    زاد عدد الحجاج الوافدين في قافلة الحج الشامي من ثمانين ألف حاج إلى ثلاثمائة ألف حاج سنويا  .


    صارت رحلة الحج إلى الأراضي المقدسة سهلة ميسورة تكاد تكون دون عناء  ، حيث قصرت مدة الرحلة من أربعين يوما  - من دمشق إلى المدينة المنورة  - إلى خمسة أيام فقط (  72 ساعة سفر  +48 ساعة استراحة ، المسافة 1200 كم  ) .


    تم تخصيص إحدى عربات القطار على هيئة مسجد لتقام فيه الصلوات في أوقاتها  ، وتعيين مؤذن للإعلام بدخول وقت الصلاة  ، وإمام ليؤم المسافرين في الصلاة  ، وتخصيص عربة أخرى لتقديم المأكل والمشرب للمسافرين. 


    قامت الدولة العثمانية ببناء العديد من المخافر على طول الخط الحديدي ،  لتوفير احتياجات حجاج بيت الله الحرام من ماء وغذاء ،  وحمايتهم من مخاطر غارات البدو في طريق الحج  .


    ولاريب  في أن من أهم فوائد الخط الحديدي حمل الصرة الهمايونية  أو  "الصرة الرومية " التي حرص سلاطين الدولة العثمانية على إرسالها سنويا إلى سكان الحرمين الشريفين  .


    أيضا  : عزز  إنشاء سكة حديد الحجاز سلطة الدولة العثمانية في الجزيرة العربية  ، فأصبح إرسال القوات العسكرية إليها أمرا ميسورا. 


    ... وصل أول قطار يقل زائري بيت الله الحرام  وقبر رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، إلى المدينة المنورة في 22 من شهر رجب سنة 1326 هجرية  (23 /8/ 1908 م )  ، فكان لوصوله صدى طيب في قلوب المسلمين  ،إذ انهمرت الدموع  ، وانهالت الدعوات لخليفة المسلمين وسلطانهم عبدالحميد الثاني  ، الذي كان قد أمر بوضع كساء على قضبان الحديد  ، قبل الوصول إلى  المدينة المنورة  ،  حتى لا تزعج حركة سير القطار رسول الله  - صلى الله عليه وسلم -  في مرقده الشريف  .


    وقد واكب وصول خط سكة حديد الحجاز إلى المدينة المنورة استخدام أول مصباح كهربائي في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  فلقد رفض السلطان عبدالحميد الثاني إنارة قصره بالكهرباء إلا بعد إنارة المسجد النبوي الشريف  ، حتى لاتكون له الأفضلية على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  ...


    ... جدير بالذكر أن  خط سكة حديد الحجاز قد أقض مضاجع بريطانيا  ، إذ رأت في إنشائه خطرا يهدد وجودها ومشاريعها الاستعمارية في العالم الإسلامى  ، فبذلت جهدا كبيرا  - بطريقة غير مباشرة  - لمنع إنشائه  : 


     أذاعت أخبارا  كاذبة  - في مصر والهند  - أن الدعوة إلى التبرع  لإنشاء سكة حديد الحجاز  دعوة مغرضة هدفها استيلاء السلطان عبدالحميد الثاني على أموال المسلمين  ، منعت مسلمي الهند من تعليق الأوسمة العثمانية على صدورهم  والتي كانت الدولة العثمانية قد منحتهم إياها تقديرا لهم على دعمهم وتبرعهم  ، أيضاً  : وقفت حائلا دون وصول خط سكة حديد الحجاز  إلى ميناء العقبة  !!


    تجدر الإشارة  - أخيرا  - إلى أن تشغيل سكة حديد الحجاز سنة 1908 م كان من العوامل التي عجلت بالانقلاب على السلطان عبدالحميد الثاني في السنة نفسها ، ثم عزله في السنة التي تلتها  !!


    **************************


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14543
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    من مقالات ظ ابوردة السعدنى Empty رد: من مقالات ظ ابوردة السعدنى

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب السبت فبراير 12, 2022 1:34 pm

    ،         .؛؛؛*؛؛؛•{ الزهاوي بين الشعر والسياسة }•؛؛؛*؛؛؛


    # : جميل صدقي بن محمد فيضي الزهاوي  ، شاعر من طلائع
         نهضة الأدب العربي في العصر الحديث  ، ورائد من رواد
        التفكير العلمي والنهج الفلسفي ، يرجع نسبه إلى الصحابي
        الشهير خالد بن الوليد  - رضي الله عنه  -،  نشأ في بيت
        علمي عريق  ، فقد كان والده مفتي مدينة بغداد في أواخر
        العصر العثماني  ، يملك مكتبة زاخرة بالعلوم والمعارف
       الدينية والعربية  ، اتخذ من بيته منتدى للعلماء والأدباء  


    # : ولد جميل الزهاوي في بغداد سنة 1863 م ، لم يدرس
         في مدارس ولم يلتحق بجامعات  ، وإنما  تلقي العلم على
         والده  ، وانكب على مطالعة الكتب فأحرز كثيرا من العلوم
        الدينية والعربية والمعارف الأوربية  وأجاد عدة لغات
       أجنبية  ، شأنه شأن المفكر المصري عباس العقاد 


    # : تقلد الزهاوي عددا من الوظائف العلمية و القضائية في
         بغداد  ، وذاع صيته وارتفع ذكره حتى وصل إلى السلطان
         العثماني عبدالحميد الثاني  ، فدعاه  - ضمن من دعاهم من
         العلماء العرب  -- إلى العاصمة العثمانية  سنة 1896 م  ،
        وكانت الدولة العثمانية  - في تلك المرحلة  - قد تداعى
        عليها الأمم خارجيا وداخليا كما تداعى الأكلة إلى قصعتها
        أكرم السلطان العثماني وفادة الزهاوي  ، كما منحه الوسام 
        " المجيدي " تقديرا لشخصه وعلمه  ، غير أن العاصمة
         العثمانية كانت تموج بالتيارات المناهضة للسلطان
         العثماني  ، فانضم الزهاوي  سرا  إلى " جمعية تركيا الفتاة
         " ، فوشى به الشيخ أبوالهدى الصيادي  ، ووضع تحت
        المراقبة  ، بعد أن نظم قصيدة ينتقد فيها سياسة السلطان
         عبدالحميد الثاني  ، قال فيها  :


        أيأمر ظل الله في أرضه 
                            بما نهى الله عنه والرسول المبجل 


        فيفقر ذا مال وينفي مبرأ 
                            ويسجن مظلوما ويسبي ويقتل 


      تمهل قليلا لا تغظ إنه إذا 
                            تحرك فيها الغيظ لا تتمهل 


      وأيديك إن طالت فلا تغترر بها 
                            فإن يد الأيام منهن أطول 


    # : أيد الزهاوي الاتحاديين في ثورتهم ضد السلطان
         عبدالحميد الثاني  ، وانتخب مرتين  عضوا في مجلس  "
         المبعوثان " العثماني  ، ثم عاد إلى بغداد بعد هزيمة الدولة
         العثمانية في الحرب العالمية الاولى  ، وواصل مسيرته
         العلمية والأدبية  ، غير أنه كان مغاليا في شعره ونثره  ،
        اتهم بالطعن في أمور كثيرة تتعلق بالإسلام  ، أنكر التعدد  ،
         وأنكر الحور العين للرجال في الجنة  ، ولماذا تحرم المرأة
         من الحق الممنوح للرجال في الآخرة وتقتصر على زوجها
         فقط  ؟!  ، دعا إلى السفور وتحرير المرأة ،  فثارالبغداديون
         ضده وكادوا يفتكون به  ، من نظمه الداعي إلى السفور  :


      مزقي يا ابنة العراق الحجابا 
                                    أسفري فالحياة تبغي انقلابا 


      مزقيه وأحرقيه بلا ريث 
                                     فقد كان حارسا كذابا 


     # : من قصائده عن  "الحب " :


      أول الحب في القلوب شراره 
                                  تختفي تارة وتظهر تاره 


      ثم يرقى حتى يكون سراجا 
                                 لذويه فيه هدى وإناره 


      ثم يرقى حتى يكون مع الأيام 
                                  نارا حمراء ذات حراره 


      ثم يرقى حتى يكون أتونا 
                                  بحرارته تذوب الحجاره 


      ثم يرقى حتى يكون حريقا 
                                   فيه هلك لأهله وخساره 


      ثم يرقى حتى يمثل بركانا 
                                  يرى الناس من بعيد ناره 


      ثم يرقى حتى يكون جحيما 
                                  عن تفاصيلها تضيق العباره 


    $ : جدير بالذكر أن الزهاوي كان يدعى في صباه بالمجنون  ،
         وفي شبابه بالطائش  ، وفي كهولته بالجرئ  ، وفي
           شيخوخته بالزنديق  !...


    # : كانت وفاته في مدينة بغداد ( ١٩٣٦ م 


                               بقلم  الأستاذ الدكتور /أبووردة السعدني 


               تحياتي لكم / الحسيني مسلم أبو رويس البلوي


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14543
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    من مقالات ظ ابوردة السعدنى Empty رد: من مقالات ظ ابوردة السعدنى

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب السبت فبراير 12, 2022 1:34 pm

    الزهاوي بين الشعر و السياسة 
    ************************


    جميل صدقي بن محمد فيضي الزهاوي  ، شاعر من طلائع نهضة الأدب العربي في العصر الحديث  ، ورائد من رواد التفكير العلمي والنهج الفلسفي ، يرجع نسبه إلى الصحابي الشهير خالد بن الوليد  - رضي الله عنه  -،  نشأ في بيت علمي عريق  ، فقد كان والده مفتي مدينة بغداد في أواخر العصر العثماني  ، يملك مكتبة زاخرة بالعلوم والمعارف الدينية والعربية  ، اتخذ من بيته منتدى للعلماء والأدباء  ...


    ولد جميل الزهاوي في بغداد سنة 1863 م ، لم يدرس في مدارس ولم يلتحق بجامعات  ، وإنما  تلقي العلم على والده  ، وانكب على مطالعة الكتب فأحرز كثيرا من العلوم الدينية والعربية والمعارف الأوربية  وأجاد عدة لغات أجنبية  ، شأنه شأن المفكر المصري عباس العقاد ....


    ....تقلد الزهاوي عددا من الوظائف العلمية و القضائية في بغداد  ، وذاع صيته وارتفع ذكره حتى وصل إلى السلطان العثماني عبدالحميد الثاني  ، فدعاه  - ضمن من دعاهم من العلماء العرب  -- إلى العاصمة العثمانية  سنة 1896 م  ، وكانت الدولة العثمانية  - في تلك المرحلة  - قد تداعى عليها الأمم خارجيا وداخليا كما تداعى الأكلة إلى قصعتها  ، أكرم السلطان العثماني وفادة الزهاوي  ، كما منحه الوسام  " المجيدي " تقديرا لشخصه وعلمه  ، غير أن العاصمة العثمانية كانت تموج بالتيارات المناهضة للسلطان العثماني  ، فانضم الزهاوي  سرا  إلى " جمعية تركيا الفتاة " ، فوشى به الشيخ أبوالهدى الصيادي  ، ووضع تحت المراقبة  ، بعد أن نظم قصيدة ينتقد فيها سياسة السلطان عبدالحميد الثاني  ، قال فيها  :


    أيأمر ظل الله في أرضه 
    بما نهى الله عنه والرسول المبجل 


    فيفقر ذا مال وينفي مبرأ 
    ويسجن مظلوما ويسبي ويقتل 


    تمهل قليلا لا تغظ إنه إذا 
    تحرك فيها الغيظ لا تتمهل 


    وأيديك إن طالت فلا تغترر بها 
    فإن يد الأيام منهن أطول 


    ... أيد الزهاوي الاتحاديين في ثورتهم ضد السلطان عبدالحميد الثاني  ، وانتخب مرتين  عضوا في مجلس  " المبعوثان " العثماني  ، ثم عاد إلى بغداد بعد هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الاولى  ، وواصل مسيرته العلمية والأدبية  ، غير أنه كان مغاليا في شعره ونثره    ،  مثيرا للجدل ،  اتهم بالطعن في أمور كثيرة تتعلق بالإسلام  ، أنكر التعدد  ، وأنكر الحور العين للرجال في الجنة  ، ولماذا تحرم المرأة من الحق الممنوح للرجال في الآخرة وتقتصر على زوجها فقط  ؟!  ، دعا إلى السفور وتحرير المرأة ،  فثار البغداديون ضده وكادوا يفتكون به  ، من نظمه الداعي إلى السفور  :


    مزقي يا ابنة العراق الحجابا 
    أسفري فالحياة تبغي انقلابا 


    مزقيه وأحرقيه بلا ريث 
    فقد كان حارسا كذابا 


    ... من قصائده عن  "الحب " :


    أول الحب في القلوب شراره 
    تختفي تارة وتظهر تاره 


    ثم يرقى حتى يكون سراجا 
    لذويه فيه هدى وإناره 


    ثم يرقى حتى يكون مع الأيام 
    نارا حمراء ذات حراره 


    ثم يرقى حتى يكون أتونا 
    بحرارته تذوب الحجاره 


    ثم يرقى حتى يكون حريقا 
    فيه هلك لأهله وخساره 


    ثم يرقى حتى يمثل بركانا 
    يرى الناس من بعيد ناره 


    ثم يرقى حتى يكون جحيما 
    عن تفاصيلها تضيق العباره 


    ....جدير بالذكر أن الزهاوي كان يدعى في صباه بالمجنون  ، وفي شبابه بالطائش  ، وفي كهولته بالجرئ  ، وفي شيخوخته بالزنديق  !...


    ..... كانت وفاته في مدينة بغداد سنة 1936 م  .....


    *************************


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14543
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    من مقالات ظ ابوردة السعدنى Empty رد: من مقالات ظ ابوردة السعدنى

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب السبت فبراير 12, 2022 1:35 pm

    لم أصل إليها حتى الآن !!
    *******************


    هل تاهت مني خطواتي ؟
    أم زاغت عيني عن العنوان؟


    هي جزء من وطني الأكبر
    اسم يتردد في الوجدان


    وصداها لحن عربي
    تهتز لهيبته الأركان


    وصلاة داخل أقصاها
    يكتمل بروعتها الإيمان


    يا مسرى محمد للقيا
    حين دعاه رحيم رحمن


    معراج من نور أسمى
    ترتجف لرؤيته الأبدان


    يا مهبط جبريل ليسمو
    برسول الله عن الأحزان


    يرفعه المولى منزلة
    لم يصل إليها نبي كان


    إذ يغشى السدرة إجلال
    لا يوصف ببديع وبيان


    والأمر بفرض لصلاة
    فتعادل عشرًا في الميزان


    أتكون القدس بهيبتها
    والأقصى في ذل وهوان!!


    و يعيث المحتل فسادًا
    ويدنس أركان الإيمان   


    أين خرائطكم هل ضلت؟ 
    فتواري الأقصى عن الحسبان


    يا من أقصيتم أقصاكم
    أنذركم برحيل الفرقان


    كي يشكو لله تعالى
    كم فرطتم عبر الأزمان


    أنعي حطين وقائدها
    وجنود الله من الفرسان


    لو علموا ما يحدث فيها
    ستصير سماء القدس دخان


    ولحرقوا من يعبث غيًّا
    وأقاموا بشرع الله أذان


    ترتج بقوته الدنيا
    ويزلزل أركان الطغيان


    فسلام الله على الأقصى
    حتى يصحو ضمير الأوطان


    د. عزة محمود علي حسن


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14543
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    من مقالات ظ ابوردة السعدنى Empty رد: من مقالات ظ ابوردة السعدنى

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب السبت فبراير 12, 2022 1:36 pm

    "وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ" (سبأ: 39)
    :
    تَدَبَّرْ وتأمَّلْ .. 
    قال: "مِنْ شَيْءٍ" .. ولمْ يقُلْ: منْ مالِ
    فكلُّ ما تنفقه من: برِّ الوالدين، وصلةِ الرحمِ، والإحسانِ إلى الجيرانِ، وحبِّك للناسِ، وطلبِ الخيرِ لهم، وجبْرِ خواطرِهِم، والسعْيِ في مصالحِهِم، وتفريجِ كروبِهِم، وإزالةِ هُمومِهِمْ وغُمومِهِم. 
    • حتى ما تنفقُهُ من راحتِكَ ومشاعرِكَ 
    • وما تبذلُهُ للنَّاسِ من وقتِكَ وعملِكَ .. رغمَ كثرةِ أعبائِكَ 
    • وما تمنحه للآخرين من سعادةٍ وفرحٍ .. رغْمَ آلامِك 
    يُخْلِفُهُ الله لك انشراحًا وانبساطًا وسعادةً، تجدُها في قلبك وبيتك، وأولادك وحياتك.
    :
    عن كمِّيَّةِ الرَّاحةِ والسَّعادةِ والسَّكينةِ والهدوءِ والطُمأنينةِ الموجودة في هذه الآية .. حدِّث ولا حرج: 
    "وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ"
    فالَّذي يُخلفك ويُعوِّضك ويُكافئُك عن أعمالك هو اللهُ "فَهُوَ يُخْلِفُهُ". 
    ومن المعلومِ .. أنَّ العطايا والمنحَ والجوائزَ تكونُ على قدر المعطي، فكيف إذا كان المعطي ربَّ الكون، ومالكَ الدنيا كلِّها؟
    لذلك:
    • إذا وصلْتَ رَحِمَك، وقُوبلتَ بالقطيعةِ والجفاء فَلَا تَحْزَنْ .. "فَهُوَ يُخْلِفُهُ".
    • إذا عاشرْتَ صديقَكَ بالمعرُوف، وبذلتَ له من الخيرِ والبرِّ، وقابل ذلك بالخسَّةِ والنَّدالةِ فَلَا تَحْزَنْ .. "فَهُوَ يُخْلِفُهُ".
    • إذا ربَّيت أولادَك، وتعبتَ وعملتَ وشقيتَ، وصرفتَ وأنفقتَ، وقابلوا ذلك بالجُحُود والعُقُوق فَلَا تَحْزَنْ .. "فَهُوَ يُخْلِفُهُ".
    • إذا عِشْتَ بين النَّاسِ طيبًا نقيًّا، صافيًا صفيًّا، ولقيتَ منهم مَكْرًا وخُبْثًا ودهاءً وخديعةً فَلَا تَحْزَنْ .. "فَهُوَ يُخْلِفُهُ".
    • إذا كُنتَ موظفًا تؤدِّي عملكَ بجدٍّ ونشاطٍ، ويأتي الطبَّالون والدجَّالون ليأخذوا حقَّك وترقيتك فَلَا تَحْزَنْ .. "فَهُوَ يُخْلِفُهُ".
    • إذا كنتَ طالبًا مُجدًّا مُجتهدًا، حريصًا على دروسك، مواظبًا على مُذاكرتك، تصلُ ليلك بنهارك، وبذل أهلُك من أجلك الغالي والنفيس، حتَّى دفعوا (دمّ قلبهم)، ثم لمْ تحصلْ على الكلية التي تهواها، أو التَّقدير الذي يليق بك فَلَا تَحْزَنْ .. "فَهُوَ يُخْلِفُهُ".
    :
    واعلمْ –هداني الله وإياك- أنَّ الجزاءُ من جنس العمل:
    • برُّ الوالدين يعودُ عليك برًّا من أولادك: فعَنْ جَابِرٍ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): «بِرُّوا آبَاءَكُمْ تَبَرَّكُمْ أَبْنَاؤُكُمْ" (مستدرك الحاكم)
    • وصلةُ الرحم تعودُ عليك حفظًا ورعاية وكنفًا وسترًا من الله: فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِّي، وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ، وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ، فَقَالَ: «لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ، فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ الْمَلَّ، وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِنَ اللهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ» (صحيح مسلم)
    • وإسعادُ الناس يعودُ عليك بالسعادةِ وانشراح النفس: قيل لحكيمٍ: مَنْ أَسْعَدُ النَّاس؟ قال: مَنْ أَسْعَدَ النَّاسَ.
    • وجبرُ خواطرِ الناسِ وإرضاؤُهم صاحبه محفوفٌ برعاية الله وعنايته: وفي الحكم: من عاش بين الناس جابرًا للخواطر، أدركه اللهُ في جوف المخاطر.
    • ومن فرَّج كربًا، أو يسَّر على معسر، أو ستر مسلمًا، إن كان هذا في الدنيا الحقيرة الفانية، فإنه يجد المكافأة من الله، ولكن في يوم العرض الأكبر: فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ" (صحيح مسلم).
    "وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ".
    :
    وَكَتَبَهُ:
    رَاجِي عفوَ ذِي الجَلَال: محمدُ بنُ عبْدِالعال


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14543
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    من مقالات ظ ابوردة السعدنى Empty رد: من مقالات ظ ابوردة السعدنى

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب السبت فبراير 12, 2022 1:36 pm

    ذكريات  رمضانية  :
    --------------------------


    ....في الثلث الأخير من القرن الماضي كنت طالبا في المرحلة الجامعية الأولى ،  في كلية اللغة العربية جامعة الأزهر بالقاهرة  ، فكنا نقضي شهر رمضان المبارك في مدينة القاهرة ،  في حي الإمام الحسين  -رضي الله عنه  -  ، وكانت الجامعة تقدم لطلابها وجبة إفطار ساخنة يوميا ، تحتوي على : لحم أو دجاج أو أسماك  ،بالإضافة إلى خضار وأرز وفاكهة  ، وكانت وجبة شهية ، لم يشك طالب منها  يوما  ،  أو من عدم نظافة القائمين عليها  ، لم يزد ثمنها عن ثلاثة قروش  ، إي والله ثلاثة قروش فقط  !!


    ....وأحيانا كان يقام في الكلية مهرجان شعري يدعى إليه كبار شعراء مصر  ، يقوم على إعداده شاعر الفصحى الطالب الشرقاوي  : صابر عبدالدايم  (  العميد الأسبق لكلية اللغة العربية بالزقازيق  ) ، وزميله شاعر العامية الطالب الدمياطي  : السيد الجنيدي  ، الذي كان يفتتح المهرجان  - غالبا  - بيتين من شعره العامي  ، لعلهما  :


    الشعر مش مسطرة 
    ولا قلم مرعوش 


    الشعر زي الورد 
    شمه ، ما تدعكهوش 


    ...من الأبيات التي لا تزال عالقة في الذاكرة  للشاعرة روحية القليني :


    تسعى الخلائق كل جمع في اتجاه 
    إما لمال أو لحب أو لجاه 


    فتنوا فباعوا للحياة نفوسهم 
    وأنا لوجه الله 
    قد بعت الحياه


    ...وجرت العادة أن نصلي العشاء في جامع الإمام الحسين  ، حيث كانت تقام الاحتفالات الدينية التي  كان يحاضر فيها كبار العلماء  ، منهم على سبيل المثال : الشيخ محمد الغزالي  ، والشيخ أحمد حسن الباقوري  ، والشيخ محمد بن فتح الله بدران  ،والشيخ الطيب النجار  - رحم الله الجميع  - ، كما كنا ننصت  - خاشعين  - لأعلام قراء تلك الآونة  : الشيخ مصطفى إسماعيل  ، والشيخ عبدالباسط عبدالصمد  ، والشيخ محمود علي البنا  - رحمهم الله  - ، وأما المبتهلون  فكان منهم : المرحوم الشيخ سيد النقشبندي  ، الذي كان ينشد ، بصوته الجهوري الذي يأخذ بمجامع القلوب ،  شعر عبدالله بن رواحة  - رضي  الله عنه  - :


    اللهم لولا أنت ما اهتدينا 
    ولا تصدقنا ولا صلينا 


    فأنزلن سكينة علينا 
    وثبت الأقدام إن لاقينا 


    ...أما الشيخ نصر الدين طوبار  - رحمه الله  - فكنا نحرص على مشاهدته والاستمتاع بابتهالاته في صلاة الفجر  ، حيث كان يصدح بحنجرته الذهبية  ، فيعرج بالأرواح والقلوب إلى ذرا السماوات العلا  ....


    .... ولم تخل  ليالي شهر رمضان  - في تلك المرحلة   - من الترفيه  ، حيث كانت وزارة الثقافة تقيم  سرادقا كبيرا في  المكان الذي أقيم فيه مستشفى الحسين الجامعي  ، للاحتفال بشهر رمضان  ، يحيه أشهر فناني الغناء الشعبي  ، منهم  : الشيخ زكريا الحجاوي  ، والمطربة خضرة محمد خضر  ، والفنان الشعبي محمد طه  ، وغيرهم  ، وكان سعر تذكرة الدخول عشرة قروش فقط  !!...


    ألا ليت الشباب يعود يوما 
    فأخبره بما فعل المشيب  !!


    .......................


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14543
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    من مقالات ظ ابوردة السعدنى Empty رد: من مقالات ظ ابوردة السعدنى

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب السبت فبراير 12, 2022 1:37 pm

    #الجامع_الأزهر_وشيوخه_في_العصر_العثماني
    #كتاب_جديد_للدكتور_أبووردة_السعدني
    #يصدر_قريبا_إن_شاء_الله


    أهالي الشرقية والانتفاضة الكبرى :
    شهدت مصر –بعد فشل حملة حسن باشا القبطان سنة 1200ه/1786م- انتفاضات شعبية صاخبة، احتجاجاً على المظالم التي انهالت على المصريين من الأميرين المملوكين إبراهيم بك ومراد بك، فقد تقاسما الحكم الفعلي في البلاد، وجعلا من نفسيهما سيدين يشتركان في حكم مصر، وتماديا في ظلمهما لجموع المصريين، من نهب للأموال، ومصادرة للحاصلات الزراعية، وفرض ضرائب جزافية، وقروض إجبارية، إلى غير ذلك من الأرزاء التي ناءت بها كواهل المصريين.
    وكان للشيخ عبد الله الشرقاوي، شيخ الجامع الأزهر، حصة في إحدى القرى القريبة من مدينة بلبيس( ) -عاصمة إقليم الشرقية في تلك الآونة- ، فقدم أهل هذه القرية إلى القاهرة –في شهر ذي الحجة سنة 1209ه/1795م- مستعينين بالشيخ الشرقاوي لينقذهم من الظلم الذي حل بهم من الأمير محمد بك الألفي الذي أسرف في فرض الضرائب الجائرة عليهم، وحين علم شيخ الأزهر بما حدث اتصل بالأميرين ابراهيم بك ومراد بك، وأخبرهما بجرائم الألفي، فلم يعيراه اهتماماً، الأمر الذي أغضبه أشد الغضب، فاتجه إلى الجامع الأزهر، وجمع مشايخه وطلابه، واتفق رأيهم على تعطيل الدراسة، واغلاق أبواب الأزهر، ونادوا في الناس "بغلق الأسواق والحوانيت"، وبذلك تحولت شكوى أهالي قرية الشرقية، إلى انتفاضة عامة شملت كل أحياء مدينة القاهرة .
    ففي صبيحة اليوم التالي، اكتظ حي الأزهر بالمصريين، الذين قادهم الشيخ الشرقاوي وسائر علماء الأزهر، واتجهوا إلى منزل الشيخ محمد أبي الأنوار السادات –شيخ السجادة الوفائية-، لقربه من قصر ابراهيم بك –شيخ البلد-، الذي انزعج انزعاجاً شديداً عند رؤيته هذه الجموع الحاشدة، فأرسل إليهم أحد أعوانه يستفسر عن مطالبهم، فوقف بينهم : "وسألهم عن مرادهم، فقالوا له : نريد العدل، ورفع الظلم والجور، وإقامة الشرع، وإبطال الحوادث والمكوسات التي ابتدعتموها واحدثتموها".
    فقال : "لا يمكن الاجابة إلى هذا كله، فإننا إن فعلنا ذلك ضاقت علينا المعايش والنفقات" . فردوا عليه –في حدة وغضب- : (هذا ليس بعذر عند الله ولا عند الناس، وما الباعث على الإكثار من النفقات وشراء المماليك؟ والأمير يكون أميراً بالإعطاء لا بالأخذ)( )، فوعدهم بنقل مطالبهم إلى إبراهيم بك، فانفض المجلس، وعاد المشايخ إلى الأزهر، الذي امتلأ عن آخره بعامة المصريين انتظاراً لرد ابراهيم بك .
    وفي اليوم التالي، حاول ابراهيم بك تهدئة العلماء، فأبلغهم أنه معهم، وأن ما حدث من مظالم لم يكن موافقاً عليها، ثم بعث –في الوقت نفسه- إلى قسيمه مراد بك، يحذره ويخيفه من خطورة الموقف، ويحضه على ضرورة الموافقة على شروط السادة العلماء، فحاول مراد بك مخادعة العلماء، متظاهراً بالإقلاع عن الظلم، وطلب أربعة من العلماء لبحث الأمر معهم، فلما توجهوا إليه أحسن استقبالهم والتمس منهم تهدئة الجماهير الغاضبة، والسعي في الصلح بين المماليك والمصريين .
    وفي اليوم الثالث، أدرك صالح باشا –والي مصر وقتئذ- خطورة الانتفاضة، فقرر التدخل حسماً للأمور وخوفاً من تفاقمه، فتوجه إلى منزل ابراهيم بك –شيخ البلد- وعقد اجتماعاً كبيراً حضره الأمراء الصناجق، وقادة الفرق العسكرية، وقاضي العسكر العثماني، وطلبوا وفداً من كبار العلماء لحضور هذا الاجتماع المهم، فذهب اليهم الشيخ عبد الله الشرقاوي –شيخ الجامع الأزهر-، والسيد عمر مكرم –نقيب السادة الأشراف-، والشيخ خليل البكري –شيخ السجادة البكرية-، والشيخ السادات –شيخ السجادة الوفائية- والشيخ محمد الأمير –من كبار علماء الأزهر- .
    ودارت مناقشات حادة بين العلماء والأمراء، قرر المماليك في ختام الاجتماع : "إنهم تابوا، ورجعوا، والتزموا بما شرطه العلماء عليهم"، وتم الصلح بين الطرفين، على أن يرسل المماليك الأموال والغلال المرصودة للحرمين الشريفين، وأن يقلعوا عن المظالم المستحدثة، وأن يكفوا أتباعهم عن امتداد أيديهم إلى أموال الناس بالباطل، وأن يسيروا في الناس سيرة حسنة، وكتب قاضي العسكر حجة شرعية سجل فيها العهود والمواثيق التي قطعها المماليك على أنفسهم، وقع عليها كل من إبراهيم بك ومراد بك، كما وقع عليها الباشا العثماني .
    ويصور الجبرتي –في ختام حديثه عن تلك الانتفاضة- الفرحة التي عمت جموع المصريين بانتصار علماء الجامع الأزهر على أمراء المماليك بقوله :
    (وانجلت الفتنة، ورجعت المشايخ، وحول كل واحد منهم، وأمامه، وخلفه، جملة عظيمة من العامة، وهم ينادون : حسب ما رسم ساداتنا العلماء، بأن جميع المظالم، والحوادث، والمكوس، بطالة من مملكة الديار المصرية، وفرح الناس .. وفتحت الأسواق، وسكن الحال على ذلك)( ).


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة مايو 10, 2024 7:30 am