المَقْصِد العَلِيّ
في
مناقب الإمام محمد أحمد الرمليّ
بقلم
أ.د. محمد عبد الجليل حسن
استاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر
هو شيخ شيوخنا وعمدة طريقنا إمام الشريعة والحقيقة حسنة الزمان ونعمة المكان وآية من آيات الله تعالى على مر السنون والأيام الذي تخلّق بأخلاق سيّد الأنام ودعا إلى الله على بصيرة في قول يسبقه عمل وسلوك وإحسان قاصدا به وجه الملك العلام فآتت دعوته المباركة أُكُلها وأثمرت جميل ثمارها حتى أنتجت جهابذة فضلاء عمروا الأرض شرقها وغربها وأئمة أفذاذا ساروا على المنهاج وأتقنوا السبيل والمعراج حتى بلغت دعوتهم أقاصي البلاد ونوّرت بنورها قلوب وعقول ذوي الألباب وبها سمت الأرواح مع النفوس في عمق وثبات لأنه ربيب الصالحين وابن المفلحين الذي عُدّ هو فيهم كالبخاري في أهل الحديث كما وصفه شيخه وقدوته الإمام الدومي رضي الله عنه.
إنه شيخنا الإمام الكبير صاحب الفضل والفضيلة وحيد دهره وفريد عصره وإمام وقته وجهبذ زمانه وحجة أقرانه وقِبلة قُصّاده الشيخ الإمام محمد أحمد الرملي الشهير بالبيه الرملي المولود في القاهرة سنة 1890م.
من أسرة كريمة تنتمي إلى: رملة العطاره وهي قرية معروفة من قرى بنها وكان أبوه رحمه الله رجلاً صالحاً تقيا ورعا وجده من خيار الصالحين والمقدَّمين فيهم . وكانت نشأته فى حى شبرا بالقاهرة عمارات الأوقاف وله جدٌ أعلى مدفون ببلدهم، له ذكرى طيبة، وسيرة ذاتية حسنة ومآثر معروفة.
و شيخنا الإمام محمد الرملي عليه شآبيب الرحمة والرضوان نشأ مهذباً فاضلاً، سليم الفكرة، وافر العقل، نزيه النفس، طيب القلب متعلقاً بالله تعالى مولعاً بحبه دائما في طاعته وذكْره، إذا نام نام مشغولاً به وإذا استيقظ استيقظ مشغولاً به، متفننا في دوام الطاعة مستمرا فيها في ليله ونهاره محباً للصالحين معتقداً فيهم معظما لأهل العلم متقربا إليهم خاشعا قانتا حلو الحديث عفيف اللسان صادق القول طيب الفعل جميل العشرة لا يشبع الإنسان من مجالسته ولا من حلاوة منطقه عظيم الحياء واسع الصدر لا يضيق ولا يضجر ولا يتسرع ولا يتعجل زاهدا في الدنيا زهدا حقيقيا بعيدا عن التصنع والتكلف لا يأسى منها على مفقود ولا يُكثر الفرح بموجود ولا يطمع في غير ما قسم له بل كان راضيا قانعا صبورا فرحا مسرورا.
وكان من جميل صفاته_ وصفاته كلها جميلة_ قد سدّ على نفسه باب ملاحظة الخلق لا يحفل بثنائهم ولا يتبرم بذمهم ونقدهم يبالغ في إخفاء عباداته وأحواله ويضيق من كثرة إقبال الناس عليه حتى إنه إذا جلس في مكان ورآهم قد كثروا حوله تركهم وقام في غير كبر ولا عُجب ولا كُره لأحد.
يحكِى عنه تلميذه البار شيخنا الإمام الكبير محمد أحمد الطاهر الحامدي رضي الله تعالى عنه أنه قال له مرة بصدد الحديث عن كثرة الإخوان وقِلتهم: والله لو انفضوا جميعاً من حولي ما تحركت منى شعرة واحدة!.
لانه قد وكل أموره كلها لله تعالى راضيا عنه واثقا به في كل حال ..
كما أنه رضي الله عنه كان محبا للصدقة عطوفا يجود بما قل وكثر لا يمر عليه يوم إلا ويحسن فيه إلى محتاج حسبة لوجه الله الكريم .
جعل رأس ماله دوام المسامحة وعمومها بحيث لا تنحصر المسامحة لإخوانه فحسب بل كانت مسامحته للناس عامة حتى من يسيئون إليه ويظاهرون بجفوته! ولا يكاد يمضى أسبوع أو نحوه حتى يسامح الإخوان ويطلب منهم مسامحته وكان يقول: إن الإخوان لا يتحقق لهم مطلوب ولا يرفع لهم دعاء إلا إذا تصافت قلوبهم وسامح بعضهم بعضا. وكان لا يحقر فقيرا ولا يجحد لفاضل فضله.
شيوخه: تلقى الشيخ محمد البيه الرملي الطريق عن شيخنا العارف بالله تعالى الشيخ الإمام عبد الجواد الدومى رضي الله تعالى عنه
سنة 1911م. وتربى في حجره وتم عليه سيره وخدَمه ولازمه ملازمة صدق وحب مدة حياته وجعله حجة بينه وبين الله تعالى، يعمل بنصائحه ويقف عند أوامره لا ينازعه ولا يماريه
ولكن يسأله عما يحتاج إليه بأدب ويتلقى جوابه بقبول ويحمل ما يراه منه على أحسن محامله بل كان يلتمس المعاذير لكل إنسان ما أمكنه.
ولطهارة قلبه وصفاء لُبه فتح الله له أقفال الطريق ومنّ عليه بنور البصيرة وصدق الفراسة في أمد قريب ومع ذلك فحين أذن له أستاذه وشيخه بالإرشاد ودعوة الخلق إلى طريق السداد استعفاه مرارا معتذرا له بقصور همته وقلة علمه ولم يقبل هذا التكليف المحاط بالتشريف حتى قال له الأستاذ: إن توقفك هذا يغضب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويعتبر عقوقا لأهل الطريق.
وكم هدى الله تعالى به من الحيرة وأيقظ به من الغفلة ونفع به خلقا كثيرا وقد أجرى الله تعالى النفع على يديه في الدنيا كما أجرى النفع على يديه في الدين.
والشيخ الرملي كان قد التحق بمصلحة السكك الحديدية ومكث فيها أكثر من أربعين عاما تولى أثناءها أعمالا هامة ورأس عُمالا كثيرين فما ظلم أحدا ولا تسبب في مظلمة ولا تدنست يده الطاهرة بشيء قط بل كان على الدوام سببا في إيصال الخير ووصل العيش لطالبيه. هذا مع العفة والنزاهة النادرة والخلق الحسن الجميل. وحسبك أنه عاش في مرحلة طفولته في القاهرة وعاصر في عمله الرسمي بعض الأوساط التي لا تعرف الطريق ولا تهتم بشعائر الدين والاعتقاد في الصالحين فلم يزل بعناية الله محفوظا من كل ما يشوش عقله أو يكدر صفاء قلبه.
مذهبه الفقهي: كان رضي الله عنه في بداية أمره على مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه ولكنه بعد ما صحب شيخه العارف الدومى رضي الله عنه وهو مالكي المذهب انتقل إلى مذهبه وحضر عليه كثيرا من دروس الفقه والتوحيد والحديث والتفسير والتصوف حتى كان - مع عدم شهرته في العلم - بصيرا بدينه فقيها في نفسه صافيا في معرفته بل كان عالي القدر في علوم التوحيد والتصوف وفقه السنة النبوية، يتكلم عن ذوق ويعبر عن وجدان ...
الشيخ الرملي في عيون تلامذته: مما لا شك أن الإمام الرملي كان على قدر كبير من التقدير والاحترام والتبجيل بما هو أهله ومعرفة ما يجب أن يكون عليه في عيون وقلوب وعقول مريديه وتلامذته لانهم يعرفون من هو الشيخ الرملي وكيف كان وصفه وحاله من الصلاح والتقوى والزهد والورع والخوف من الله على الدوام .
ولقد وصفه تلميذه وأحبّ مريديه إليه مولانا الإمام الشيخ محمد الطاهر الحامدي رضي الله عنه في بعض قصائده بما هو له أهل مُظهرا شيئا من كريم أحواله ومُشيدا بما وهبه الله تعالى من كبير السجايا وعظيم العطايا ومُشيرا إلى ما وصل إليه من مقامات تدِق عن الأفهام ولا تستطيع بيان حقيقتها الأقلام حيث قال:
يا سيدا كَمُلت أخلاقُه وزكَت
مقامُك الفذّ فوق الشِّعر والخُطَب
هبنى وصفتُ معانيك التي ظهرت
فكيف وصفى لسرّ فيك محتجِب
سرّ المقام الذي أوتيتَه هبة
وقد تسامى عن التسطير والكتب
فإن من ضمنه ما لو أفوّه به
رُميتُ بالزور والبهتان والكذب
أخفيتَ حالك حتى ضله نفر
وأصبحوا فيك في شك وفى رِيَب
لم يُبصِرُوا من محيّاك البهيّ سنا
وهل ترى مقلة العمى سنا الشهب؟!
ظنوا الحقيقة والعرفان سفسطة
يجيدُها كل معتاد على الصخب
وما دروا أنها فيض منحت به
وإن تكن أنت ما قصرت في طلب
وجاء في منظومة أسماء الحسنى:
وبالجهبذ الداعي لحضرة ربه
محمد الرملي شيخ طريقنا
هو العارف المعروف بالفضل والتقي
ومن أخذ الأوراد والذكر ديدنا
فيا رب أكرم بالرضا منك نزله
وشيد له في حضرة القدس موطنا
وعنا مدي الأوقات يارب رضه
وبالرشد والتوفيق منك أمدنا
ذريته المباركة رضي الله عنه:
رزق الله شيخنا الرملي بالبنين والبنات وهم السادة:
١- محمود منير محمد أحمد الرملى( رئيس دار المحفوظات ) انتقل ١٩٨٤م ودفن بجوار والده ولم يعقب.
٢- حسين محمد أحمد الرملى( رئيس أقلام سكك حديد مصر ) دفن بجوار والده وأعقب أحمد وأختا واحدة.
٣-فاروق محمد أحمد الرملى( رئيس مجلس إدارة شركة المنسوجات المصرية ) دفن بجوار والده واعقب:
- محمد فاروق ( مستشار ) - نورالدين فاروق( دكتور في البورصة ) - أنثى واحدة.
٤-سمير محمد أحمد الرملى( عقيد سابق في الجيش ومدير أمن وزارة الصناعة ) إانتقل ودفن ببقيع المعلاه في مكة المكرمة.
- أربعة إناث .
وبعد حياة حافلة بالعطاء المتواصل والجود الدعوي علما وتعليما وفقها وإرشادا وسلوكا لقي الشيخ الرملي ربه سنة 1954م مقبلا غير مدبر مستبسرا بعطائه وكريم وعده- و عده لا يتخلف - ليلحق بركب شيوخه العظماء لينعم معهم وبهم في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك.
فسلام من الله عليك شيخنا الإمام الرملي ورضوانه وتحياته وبركاته ونفحاته وعطياته وعظيم رحماته في فراديس الجنان مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. اللهم آمين يارب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
في
مناقب الإمام محمد أحمد الرمليّ
بقلم
أ.د. محمد عبد الجليل حسن
استاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر
هو شيخ شيوخنا وعمدة طريقنا إمام الشريعة والحقيقة حسنة الزمان ونعمة المكان وآية من آيات الله تعالى على مر السنون والأيام الذي تخلّق بأخلاق سيّد الأنام ودعا إلى الله على بصيرة في قول يسبقه عمل وسلوك وإحسان قاصدا به وجه الملك العلام فآتت دعوته المباركة أُكُلها وأثمرت جميل ثمارها حتى أنتجت جهابذة فضلاء عمروا الأرض شرقها وغربها وأئمة أفذاذا ساروا على المنهاج وأتقنوا السبيل والمعراج حتى بلغت دعوتهم أقاصي البلاد ونوّرت بنورها قلوب وعقول ذوي الألباب وبها سمت الأرواح مع النفوس في عمق وثبات لأنه ربيب الصالحين وابن المفلحين الذي عُدّ هو فيهم كالبخاري في أهل الحديث كما وصفه شيخه وقدوته الإمام الدومي رضي الله عنه.
إنه شيخنا الإمام الكبير صاحب الفضل والفضيلة وحيد دهره وفريد عصره وإمام وقته وجهبذ زمانه وحجة أقرانه وقِبلة قُصّاده الشيخ الإمام محمد أحمد الرملي الشهير بالبيه الرملي المولود في القاهرة سنة 1890م.
من أسرة كريمة تنتمي إلى: رملة العطاره وهي قرية معروفة من قرى بنها وكان أبوه رحمه الله رجلاً صالحاً تقيا ورعا وجده من خيار الصالحين والمقدَّمين فيهم . وكانت نشأته فى حى شبرا بالقاهرة عمارات الأوقاف وله جدٌ أعلى مدفون ببلدهم، له ذكرى طيبة، وسيرة ذاتية حسنة ومآثر معروفة.
و شيخنا الإمام محمد الرملي عليه شآبيب الرحمة والرضوان نشأ مهذباً فاضلاً، سليم الفكرة، وافر العقل، نزيه النفس، طيب القلب متعلقاً بالله تعالى مولعاً بحبه دائما في طاعته وذكْره، إذا نام نام مشغولاً به وإذا استيقظ استيقظ مشغولاً به، متفننا في دوام الطاعة مستمرا فيها في ليله ونهاره محباً للصالحين معتقداً فيهم معظما لأهل العلم متقربا إليهم خاشعا قانتا حلو الحديث عفيف اللسان صادق القول طيب الفعل جميل العشرة لا يشبع الإنسان من مجالسته ولا من حلاوة منطقه عظيم الحياء واسع الصدر لا يضيق ولا يضجر ولا يتسرع ولا يتعجل زاهدا في الدنيا زهدا حقيقيا بعيدا عن التصنع والتكلف لا يأسى منها على مفقود ولا يُكثر الفرح بموجود ولا يطمع في غير ما قسم له بل كان راضيا قانعا صبورا فرحا مسرورا.
وكان من جميل صفاته_ وصفاته كلها جميلة_ قد سدّ على نفسه باب ملاحظة الخلق لا يحفل بثنائهم ولا يتبرم بذمهم ونقدهم يبالغ في إخفاء عباداته وأحواله ويضيق من كثرة إقبال الناس عليه حتى إنه إذا جلس في مكان ورآهم قد كثروا حوله تركهم وقام في غير كبر ولا عُجب ولا كُره لأحد.
يحكِى عنه تلميذه البار شيخنا الإمام الكبير محمد أحمد الطاهر الحامدي رضي الله تعالى عنه أنه قال له مرة بصدد الحديث عن كثرة الإخوان وقِلتهم: والله لو انفضوا جميعاً من حولي ما تحركت منى شعرة واحدة!.
لانه قد وكل أموره كلها لله تعالى راضيا عنه واثقا به في كل حال ..
كما أنه رضي الله عنه كان محبا للصدقة عطوفا يجود بما قل وكثر لا يمر عليه يوم إلا ويحسن فيه إلى محتاج حسبة لوجه الله الكريم .
جعل رأس ماله دوام المسامحة وعمومها بحيث لا تنحصر المسامحة لإخوانه فحسب بل كانت مسامحته للناس عامة حتى من يسيئون إليه ويظاهرون بجفوته! ولا يكاد يمضى أسبوع أو نحوه حتى يسامح الإخوان ويطلب منهم مسامحته وكان يقول: إن الإخوان لا يتحقق لهم مطلوب ولا يرفع لهم دعاء إلا إذا تصافت قلوبهم وسامح بعضهم بعضا. وكان لا يحقر فقيرا ولا يجحد لفاضل فضله.
شيوخه: تلقى الشيخ محمد البيه الرملي الطريق عن شيخنا العارف بالله تعالى الشيخ الإمام عبد الجواد الدومى رضي الله تعالى عنه
سنة 1911م. وتربى في حجره وتم عليه سيره وخدَمه ولازمه ملازمة صدق وحب مدة حياته وجعله حجة بينه وبين الله تعالى، يعمل بنصائحه ويقف عند أوامره لا ينازعه ولا يماريه
ولكن يسأله عما يحتاج إليه بأدب ويتلقى جوابه بقبول ويحمل ما يراه منه على أحسن محامله بل كان يلتمس المعاذير لكل إنسان ما أمكنه.
ولطهارة قلبه وصفاء لُبه فتح الله له أقفال الطريق ومنّ عليه بنور البصيرة وصدق الفراسة في أمد قريب ومع ذلك فحين أذن له أستاذه وشيخه بالإرشاد ودعوة الخلق إلى طريق السداد استعفاه مرارا معتذرا له بقصور همته وقلة علمه ولم يقبل هذا التكليف المحاط بالتشريف حتى قال له الأستاذ: إن توقفك هذا يغضب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويعتبر عقوقا لأهل الطريق.
وكم هدى الله تعالى به من الحيرة وأيقظ به من الغفلة ونفع به خلقا كثيرا وقد أجرى الله تعالى النفع على يديه في الدنيا كما أجرى النفع على يديه في الدين.
والشيخ الرملي كان قد التحق بمصلحة السكك الحديدية ومكث فيها أكثر من أربعين عاما تولى أثناءها أعمالا هامة ورأس عُمالا كثيرين فما ظلم أحدا ولا تسبب في مظلمة ولا تدنست يده الطاهرة بشيء قط بل كان على الدوام سببا في إيصال الخير ووصل العيش لطالبيه. هذا مع العفة والنزاهة النادرة والخلق الحسن الجميل. وحسبك أنه عاش في مرحلة طفولته في القاهرة وعاصر في عمله الرسمي بعض الأوساط التي لا تعرف الطريق ولا تهتم بشعائر الدين والاعتقاد في الصالحين فلم يزل بعناية الله محفوظا من كل ما يشوش عقله أو يكدر صفاء قلبه.
مذهبه الفقهي: كان رضي الله عنه في بداية أمره على مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه ولكنه بعد ما صحب شيخه العارف الدومى رضي الله عنه وهو مالكي المذهب انتقل إلى مذهبه وحضر عليه كثيرا من دروس الفقه والتوحيد والحديث والتفسير والتصوف حتى كان - مع عدم شهرته في العلم - بصيرا بدينه فقيها في نفسه صافيا في معرفته بل كان عالي القدر في علوم التوحيد والتصوف وفقه السنة النبوية، يتكلم عن ذوق ويعبر عن وجدان ...
الشيخ الرملي في عيون تلامذته: مما لا شك أن الإمام الرملي كان على قدر كبير من التقدير والاحترام والتبجيل بما هو أهله ومعرفة ما يجب أن يكون عليه في عيون وقلوب وعقول مريديه وتلامذته لانهم يعرفون من هو الشيخ الرملي وكيف كان وصفه وحاله من الصلاح والتقوى والزهد والورع والخوف من الله على الدوام .
ولقد وصفه تلميذه وأحبّ مريديه إليه مولانا الإمام الشيخ محمد الطاهر الحامدي رضي الله عنه في بعض قصائده بما هو له أهل مُظهرا شيئا من كريم أحواله ومُشيدا بما وهبه الله تعالى من كبير السجايا وعظيم العطايا ومُشيرا إلى ما وصل إليه من مقامات تدِق عن الأفهام ولا تستطيع بيان حقيقتها الأقلام حيث قال:
يا سيدا كَمُلت أخلاقُه وزكَت
مقامُك الفذّ فوق الشِّعر والخُطَب
هبنى وصفتُ معانيك التي ظهرت
فكيف وصفى لسرّ فيك محتجِب
سرّ المقام الذي أوتيتَه هبة
وقد تسامى عن التسطير والكتب
فإن من ضمنه ما لو أفوّه به
رُميتُ بالزور والبهتان والكذب
أخفيتَ حالك حتى ضله نفر
وأصبحوا فيك في شك وفى رِيَب
لم يُبصِرُوا من محيّاك البهيّ سنا
وهل ترى مقلة العمى سنا الشهب؟!
ظنوا الحقيقة والعرفان سفسطة
يجيدُها كل معتاد على الصخب
وما دروا أنها فيض منحت به
وإن تكن أنت ما قصرت في طلب
وجاء في منظومة أسماء الحسنى:
وبالجهبذ الداعي لحضرة ربه
محمد الرملي شيخ طريقنا
هو العارف المعروف بالفضل والتقي
ومن أخذ الأوراد والذكر ديدنا
فيا رب أكرم بالرضا منك نزله
وشيد له في حضرة القدس موطنا
وعنا مدي الأوقات يارب رضه
وبالرشد والتوفيق منك أمدنا
ذريته المباركة رضي الله عنه:
رزق الله شيخنا الرملي بالبنين والبنات وهم السادة:
١- محمود منير محمد أحمد الرملى( رئيس دار المحفوظات ) انتقل ١٩٨٤م ودفن بجوار والده ولم يعقب.
٢- حسين محمد أحمد الرملى( رئيس أقلام سكك حديد مصر ) دفن بجوار والده وأعقب أحمد وأختا واحدة.
٣-فاروق محمد أحمد الرملى( رئيس مجلس إدارة شركة المنسوجات المصرية ) دفن بجوار والده واعقب:
- محمد فاروق ( مستشار ) - نورالدين فاروق( دكتور في البورصة ) - أنثى واحدة.
٤-سمير محمد أحمد الرملى( عقيد سابق في الجيش ومدير أمن وزارة الصناعة ) إانتقل ودفن ببقيع المعلاه في مكة المكرمة.
- أربعة إناث .
وبعد حياة حافلة بالعطاء المتواصل والجود الدعوي علما وتعليما وفقها وإرشادا وسلوكا لقي الشيخ الرملي ربه سنة 1954م مقبلا غير مدبر مستبسرا بعطائه وكريم وعده- و عده لا يتخلف - ليلحق بركب شيوخه العظماء لينعم معهم وبهم في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك.
فسلام من الله عليك شيخنا الإمام الرملي ورضوانه وتحياته وبركاته ونفحاته وعطياته وعظيم رحماته في فراديس الجنان مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. اللهم آمين يارب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.