تاريخ السلاجقة والدانشمند ... (18)
-------------------------------------------------------------------
ملكشاه و الخليفة المقتدي؛ وكرامة تظهر للخليفة
️ الوزير نظام الملك
---------------------------------------------------------------------
️ملخص ما سبق
استطاع الحسن الصباح برسائله المطولة إلى السلطان ملكشاه و التى تملؤها الأكاذيب و يغشاها التلون و النفاق استطاع أن يكسر من حدة عداوة السلطان له و أن يقلل من مطاردته و ارسال الحملات العسكرية لمهاجمته وملاحقة أتباعه ... ويبدو أنه استطاع أيضا أن يزعزع ثقة ملكشاه في الخلفاء العباسيين بمروياته المفتراه على تاريخهم .
لم يكد الحسن الصباح يستولي على قلعة الموت حتى بادر بالاستيلاء على القلاع المجاورة، ولم يمض وقت طويل حتى كان الصباح قد استولى على المنطقة الواقعة جنوبي بحر قزوين برمتها بعد أن سيطر دعاته على القلاع المتناثرة في أرجائها، والتي تبلغ نحو الستين قلعة،..
كانت هذه القلاع تقع في الغالب وسط وديان صالحة للزراعة وبالقرب من موارد ثابتة للمياه، وكانت القلعة تكون وحدة اقتصادية عسكرية مستقلة بذاتها، يعيش أهلها معتمدين على أنفسهم في زراعة الأرض والدفاع عن القلعة وما حولها في مواجهة أي غزو أو اعتداء،
وكان للوفرة والتنوع الذي امتازت به المحاصيل التي يمكن أن تزرع في هذه المنطقة أكبر الأثر في تحقيق استقلالها وتكاملها الاقتصادي وكانت المحاصيل تزرع في الأرض المحيطة بالقلاع، ..
ويبدو أن الإسماعيلية كانوا يضطرون إلى الامتناع بقلاعهم في أثناء الحملات التي كان يشنها عليهم أعداؤهم ويتركون الأراضي المنزرعة حول القلعة دون حماية مما كان يعرض محاصيلهم ومزروعاتهم للنهب والغارة والتلف،
وكانت المناطق التي تسيطر عليها هذه القلاع جميعاً تمثل رقعة واحدة من الأرض تقع جنوبي بحر قزوين وتمتد فتشمل الطالقان في الجنوب الشرقي حتى حدود قزوين جنوباً كما تمتد غرباً حتى بهرام آباد ورودبار على الحدود المتاخمة لشرقي آذربيجان ..
وذلك يعني أن المناطق التي سيطر عليها الإسماعيلية كانت ذات حدود سياسية تفصلها عن المناطق المجاورة لها ..
---------------------------------------------------------------------
️الوزير السلجوقي نظام الملك ومشروعه في محاربته للمد الباطني
إن كتب الفرق لأهل السنة يعتبرون الإسماعيلية بجميع فروعها من فاطمية " عبيدية " أو قرامطة أو نزارية " حشيشية " أو غيرها من فرق الغلاة الباطنية لأنهم تطرفوا في العقيدة وانحرفوا عن الإسلام الصحيح،
و وللرد على مزاعم الإسماعيلية الباطنية، ألف مثلاً أبو حامد الغزالي كتابه " الموسوم بفضائح الباطنية " داحضاً لادعاءاتهم،
ثم أن السلطنة السلجوقية حاربت البدع الإسماعيلية، وتميز من السلاجقة وزيرهم نظام الملك الذي أدرك نشاط الدعوة الإسماعيلية في كسب إعداد كبيرة من عامة الناس، فبدأ بتأسيس عدد من دور الثقافة والتعليم من أجل نشر الوعي والثقافة الإسلامية الصحيحة لتحصين الفرد ضد دعوات الإسماعيلية ..
وهذه المؤسسات عرفت بالمدارس النظامية وقد انشئت في بغداد والموصل واصفهان ونيسابور ومرو وبلخ وهراة وغيرها من المدن، بل أن رواية تاريخية تشير إلى أنه أنشأ في كل مدينة عراقية وخراسانية مدرسة وسيأتي وسيأتي الحديث عن المدارس النظامية في العهد السلجوقي بالتفصيل بإذن الله تعالى.
️ وفاة الخليفة القائم بأمر الله وتولي أمر الخلافة المقتدي بالله
في عهد السلطان ملكشاه وفي سنة 467ﻫ توفي أمير المؤمنين القائم بأمر الله، أبو جعفر عبد الله بن القادر بالله أحمد بن الأمير إسحاق بن المقتدر بالله جعفر بن المعتضد العباسي البغدادي، كان مولده في سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة وأمه أرمينية تُسمى بدر الُّدجى وقيل : قطر الندى،
كان رحمه الله جميلاً وسيماً أبيض بحمرة ذا دين وخير وبر وعلم وعدل بويع سنة اثنتين وعشرين وأربع مائة، وأنه نكب سنة خمسين في كائنة البساسيري، ففّر إلى البرية في ذِمَام أمير للعرب، ثم عادّ إلى خلافته بعد عام بهمة السلطان طغرلبك، وأُزيلت خطبة خليفة مصر المستنصر بالله الفاطمي من العراق وقتل البساسيري -
وقد ظهر عليه مَاشَراً فافتصد ونام، فانفجر مضاده، وخرج دم كثير، وضعف،وخارت قواه، وكان ذا حظ من تعبد وصيام وتهجد، لما أعيد إلى خلافته قيل : إنه لم يسترد شيئاً مما نُهب من قصره، ولا عاقب من آذاه، واحتسب وصبر.
وكان تاركاً للملاهي – رحمه الله – وكانت خلافته خمساً وأربعين سنة وغسله شيخ الحنابلة أبو جعفر بن أبي موسى الهاشمي، وعاش ستاً وسبعين سنة، وبديع بعده ابن ابنه المقتدي بالله .
️خلافة المقتدي بالله
هو أبو القاسم عدّة الدين عبد الله بن الأمير ذخيرة الدين محمد بن الخليفة القائم بأمر الله عبد الله بن القادر العباسيُّ وأمه أرمينية تسمى أرجوان، وتدعى قرّة العين، وأدركت خلافته وخلافة ولديه : المستظهر والمسترشد،
وقد كان أبوه توفي وهو حمل، فحين ولد ذكراً فرح جده والمسلمون به فرحاً شديداً ؛ إذ حفظ الله على المسلمين بقاء الخلافة في البيت القادري، لأنَّ من عداهم يبتذلون في الأسواق مع العوامَّ، وكانت القلوب تنفر من تولية مثل أولئك الخلافة على الناس،
ونشأ المقتدي هذا في حجر جدَّه القائم بأمرالله يرُبيه بما يليق بأمثاله، ويدربه على أحسن السجايا، وكان عمر المقتدي حين ولي الخلافة عشرين سنة وهو في غاية الجمال خلْقاً وخُلُقاً،
وكانت بيعته يوم الجمعة الثالث عشر من شعبان من هذه السنة، وجلس في دار الشجرة بقميص أبيض، وعمامة بيضاء لطيفة،... وجاء الوزراء والأمراء والأشراف ووجوه الناس فبايعوه، فكان أوّل من بايعه الشريف أبو جعفر بن أبي موسى الحنبلي ..
وبايعه من شيوخ العلم الشيخ أبو إسحاق الشيرازي، والشيخ أبو نصر بن الصَّباغ، الشافعيان، والشيخ أبو محمد التميمي الحنبلي، وبرز فصلّى بالناس العصر، ثم بعد ساعة أخرج تابوت جده بسكون ووقار من غير صراخ ولا نواح فصلىَّ عليه وحمل إلى المقبرة رحمه الله،
وقد كان المقتدي بالله شهماً شُجاعاً، أيامه كلها مباركة، والرزق دار، والخلافة معظمة جدَّاً، وتصاغرت الملوك له، وتفاءلوا بين يديه، وخطب له بالحرمين وبيت المقدس، والشام كلها،
واسترجع المسلمون في عهده الرُّها وأنطاكية من أرض العدو، وعُمَّرت بغداد وغيرها من البلاد، واستوزر ابن جهير ثم أبا شجاع، ثم أعاد ابن جهير وقاضيه الدّمغاني، ثم أبو بكر الشامي وهؤلاء من خيار القضاة والوزراء ولله الحمد ،
وفي شعبان من خلافته أخرج المفسدات(بائعات الهوى) من الخواطئ من بغداد على حُمُرات ينادين على أنفسهن بالعار والفضيحة، وخرّب دورهن وأسكنهن الجانب الغربيَّ، وخرَّب أبرجة الحمام، ومنع من اللعب بها، وألزم الناس بالمآزر في الحمّامات ومنع أصحاب الحمّامات أن يصرفوا فضلاتها إلى دجلة وألزمهم بحفر آبار لتلك المياه القذرة صيانة لماء الشرب .
️
️ تدهور العلاقة بين ملكشاه والمقتدي
أخذت علاقة الخليفة بالسلطان تسوء شيئاً فشياً، وكانت بداية هذه الانتكاسة تعود إلى سوء التفاهم الذي وقع بين المقتدي وزوجته خاتون ابنة السلطان ملكشاه سنة 482ﻫ وقد تطور هذا الخلاف وانكشف أمره عندما أخبرت خاتون أباها بالأمر وشكت له أعراض المقتدي عنها،
وعلى الفور أرسل السلطان إلى الخليفة يطلب ابنته التي توجهت إلى بيت أبيها في أصبهان بموكب يليق بها مع ابنها الأمير أبي الفضل جعفر ابن المقتدي وما كادت تستريح في بيت والدها حتى فارقت الحياة في السنة نفسها، فتمت التعزية بها في أصبهان ومدينة بغداد،
وبدأ السلطان ملكشاه من الآن فصاعداً يخطط لإزعاج الخليفة والانتقام منه عند ما تسنح الفرصة ...
وفي سنة 484ﻫ دخل السلطان مدينة بغداد ومكث في دار المملكة حتى يكون على مقربة من المقتدي، الذي بدأ نفوذه يتقلص أكثر فأكثر حتى لم يعد له من الأمر إلاَّ الاسم، لا يتعدى حكمه بابه ولا يتجاوز جنابه ، وأقام السلطان أيضاً عيد ميلاده على نهر دجلة واشتركت بغداد بزينة باهرة في هذه المناسبة، في البر والنهر، ..
وبعد كل ما جرى من تحطيم لمعنويات المقتدي، أقدم السلطان ملكشاه على التدخل المباشر في مصير الخلافة العباسية، وطلب من المقتدي أن يجعل أبا الفضل جعفراً ابن بنت السلطان ولياً لعهده بدلاً من ابنه الأكبر الإمام المستظهر بالله الذي كان المقتدي قد بايع له بالخلافة من بعده ،
وحاول الخليفة أن يتملص من هذا الأمر، إلا أن السلطان كان مصمماً على الانتقام من المقتدي وإجلائه نهائياً عن مدينة بغداد، فحين دخلها سنة 485ﻫ، بعث إلى الخليفة يقول له : لا بد أن تترك لي بغداد وتنصرف إلى أي البلاد شئت، فانزعج الخليفة من هذا انزعاجاً شديداً ثم طلب من السلطان أن يمهله شهراً واحداً فرفض السلطان وقال ولا ساعة واحدة.
ثم اتصل الخليفة بوزير السلطان تاج الملك أبي الغنائم الذي تمكن من اقناع السلطان أن يمهل الخليفة عشرة أيام كي يرتب أموره ويرحل على البصرة أو على أي بلد يختاره .
وهكذا حل بالمقتدي ذل وهوان لا مثيل له في حياته كلها وهو لا يستطيع أن يرد عن نفسه ولا يستطيع أن يقف في وجه ملكشاه، فالتجأ إلى ربه يدعوه ليلاً ونهاراً أن يفرج عنه ويخرجه من هذا المأزق وكان يقوم الليل ويصوم النهار خاشعاً متضرعاً إلى الله تعالى ..
وفي هذه الفترة خرج السلطان ملكشاه إلى الصيد فعاد مريضاً ومات قبل أن تنتهي فترة الإنذار التي أعطاها للخليفة !!!
و قدعد هذا الأمر كرامة للمقتدي، وقد تخلص من عار محقق ومأساة واقعة،..
وقد علق ابن كثير على دخول ملكشاه إلى بغداد وإرادته إخراج الخليفة منها بقوله:
{ وقدم السلطان بغداد في رمضان بنية غير صالحة، فلقَّاه الله في نفسه ما يتمنَّاه لأعدائه، وذلك أنه لما استقر ركابه ببغداد، وجاء الناس للسّلام عليه والتهنئة بقدومه، وأرسل إليه الخليفة يُهنئَّهُ بعث إلى الخليفة يقول له : لا بَّد أن تترك لي بغداد وتتحَّول إلى أيَّ البلاد شئت، ...
فأرسل إليه الخليفة يستنظره شهراً، فقال : ولا ساعة واحدة، فأرسل يتوسل إليه في إنظاره عشرة أيام، فأجاب إلى ذلك بعد تمنُّع شديد، فما استتّم الأجل حتى خرج السلطان يوم عيد الفطر إلى العيد، فأصابته حُمىَّ شديدة، فافتصد فما قام منها حتى مات قبل العشرة أيام ولله الحمد والمنة } ..
وبموت السلطان ملكشاه انقضى العصر الذهبي للسلطة السلجوقية وبدأ، عهد الانقسامات السياسية والحروب بين ورثة العرش السلجوقي مما أدى إلى تشتيت صفوفهم وإضعاف سلطتهم ...
ولكن رغم هذا الضعف فقد حرص سلاطين السلاجقة على الاستئثار بالسلطة دون الخلفاء وكانوا ينتهزون كل فرصة للتعبير عن هذه الرغبة ، وقبل الحديث عن عهد تدهور الدولة السلجوقية لا بد من الإشارة إلى شيء من سيرة نظام الملك رحمه الله.
----------
️من هو نظام الملك
قال عنه الذهبي :
" الوزير الكبير، نظام الملك، قوام الدين، أبو علي الحسن بن علي بن إسحاق الطوسي، عاقل، سائس،..
خبير سعيد متدين، محتشم، عامر المجلس بالقّراء والفقهاء، وإنشاء المدرسة الكبرى ببغداد وأخرى بنيسابور، وأخرى بطوس، ..
ورغب في العلم وأدّر على الطلبة الصلات، وأملى الحديث، وبعد صيته تنقلت به الأحوال إلى أن وزر للسلطان ألب أرسلان، ثم لابنه ملكشاه، فدبر ممالكه على أتم ما ينبغي، وخفف المظالم، ورفق بالرعايا، وبنى الوقوف، وهاجرت الكبار إلى جانبه ، ...
وأشار إلى ملكشاه بتعيين القواد والأمراء الذين فيهم خلق ودين وشجاعة وظهرت آثار تلك السياسة فيما بعد، ومن هؤلاء القواد الذين وقع عليهم الاختيار آق سنقر جد نور الدين محمود، الذي ولي على حلب وديار بكر، والجزيرة، ..."
قال عنه ابن كثير :
"من أحسن الملوك سيرة وأجودهم سريرة ، وقام ولده عماد الدين زنكي ببداية الجهاد ضد الصليبيين، ثم قام من بعده نور الدين محمود،...
هذه الأسرة هي التي وضعت الأساس لانتصارات صلاح الدين والظاهر بيبرس وقلاوون ضد الصليبيين، وافتتحت عهد التوحيد والوحدة في العالم الإسلامي ، وكذلك كان آق سنقر البرسقي من قواد السلطان محمود السلجوقي، وكان أميراً للموصل، واشتغل بجهاد الصليبيين، ..
وفي سنة 520ﻫ قتله الباطنيون، وهو يصلي في الجامع الكبير في الموصل ...
قال عنه ابن الأثير :
"وكان مملوكاً تركياً خيراً، يحب أهل العلم والصالحين ويرى العدل ويفعله، وكان خير الولاء، يحافظ على الصلوات في أوقاتها، ويصلي من الليل متهجداً ".
ويحدثنا المؤرخ أبو شامة من آثار السلاجقة لا سيما في زمن نظام الملك :
" فلما ملك السلجوقية جددوا من هيبة الخلافة ما كان قد درس لاسيما في وزارة نظام الملك، فإنه أعاد الناموس والهيبة إلى أحسن حالاتها ."
------------------
️ خطوات نظام الملك الإصلاحية
لما تولى ملكشاه أمور الدولة انفلت أمر العسكر وبسطوا أيديهم في أموال الناس وقالوا ما يمنع السلطان أن يعطينا الأموال إلا نظام الملك، وتعرض الناس لأذى شديد، فذكر ذلك نظام الملك للسلطان ، وبين له ما في هذا الفعل من الضعف، وسقوط الهيبة والوهن ودمار البلاد، وذهاب السياسة،
فقال له : أفعل في هذا ما تراه مصلحة، فقال له نظام الملك: ما يمكنني أن أفعل إلاّ بأمرك، فقال السلطان : قد رددت الأمور كلها كبيرها وصغيرها إليك، فأنت الوالد، ..
وحلف له، وأقطعه إقطاعاً زائداً على ما كان، وخلع عليه، ولقبه ألقاباً من جملتها : أتابك، ومعناه الأمير الوالد، فظهرت من كفايته وشجاعته وحسن سيرته ما أثلج صدور الناس،
فمن ذلك أن امرأة ضعيفة استغاثت به، فتوقف يكلمها وتكلمه، فدفعها بعض حجّابه، فأنكر ذلك عليه، وقال : إنما استخدمتك لأمثال هذه، فإن الأمراء والأعيان لا حاجة لهم إليك، ثم صرفه عن حجابته .
----------------
️ نظام الملك يضع كتابا لسياسة الدولة (سياست نامه)
كان نظام الملك مؤمناً بالإسلام مقدساً لتعاليمه كما كان شغوفاً بعلومه محترماً لأعلامه حتى صار الإسلام دينه ودولته على السواء،
وكان يرى أن الدولة وسيلة من وسائل نشر الإسلام وإذاعته بين الناس وقد ظهر علماء كرام في عهد النظام، بينوا ارتباط الدين بالدولة، بحيث صار وسيلة لها وغاية في آن واحد،
فالإمام الغزالي والماوردي يقولان :
إنه ليس دين زال سلطانه إلاّ بدلت أحكامه وطمست أعلامه وكان لكل زعيم فيه بدعة، كما إن السلطان إن لم يكن على دين تجتمع به القلوب حتى يرى أهل الطاعة فيه فرضاً والتناصر له حتماً .
وقيل : الدين أس والسلطان حارس، ومالاً أس له فمهزوم ومالا حارس له فضائع .
وشاعت هذه المقولة أيضاً في شرق العالم الإسلامي وأخذ يرددّها الطرطوشي وابن خلدون وغيرهم في غربه ...
وبذلك الدافع من إيمانه القوي في الدين واعتقاده الراسخ في إصلاحه ، وبذلك اليقين من أعماق نفسه بضرورة الدولة العادلة لرعاية الناس وإسعادهم كتب رسالته في السياسة ووضع فيها الأسس العامة للدولة الجديدة وقد انطلقت رؤيته للدولة من أصول المذهب السني ،
وقد كان سلاطين السلاجقة الأوائل يدينون بالإسلام وكانوا في أشد الحاجة لفهمه...
لذلك تكلم في الكتاب عن:
- السلطان وعن واجباته واختصاصه،
- خزينة الدولة والمراسيم السلطانية، والحاشية السلطانية، والمائدة السلطانية، والاستقبالات السلطانية، والحرس السلطاني،و ناظر الخاصة.
- الوزير والوزارة،
- الموظفون في الدولة، والسفراء بين الدول،
- القضاة والقضاء، والمحتسبون للمراقبة،
- الولاة وأمراء الإقطاع،
- الغلمان والتجنيد، والجيش وإعداده، والألقاب وتحديدها .
--------------
️اهتمام نظام الملك بالتنظيمات الإدارية
كان الوزير نظام الملك هو الموجه لأداء الدولة في عهد السلطان ألب أرسلان، واتسعت سلطاته في عهد السلطان ملكشاه ، فأشرف بنفسه على رسم سياسة الدولة الداخلية والخارجية بشكل كبير، مستفيداً من فهمه ومعرفته لنظم الإدارة، ..
ويظهر من خلال كتاب " سياست نامه " أهم الطرق الإدارية التي اتبعها الوزير نظام الملك في إدارته للدولة السلجوقية،
ويأتي في مقدمتها :
- وقوفه بشدة ضد تدخل أصدقاء السلطان المقربين في شؤون الدولة، حتى لا يتسبب ذلك في اضطراب إدارتها .
- كان يهتم بشكل خاص بالبريد الذي كان رجاله يوافون الحكومة فيه بكافة أخبار البلاد الخاضعة لها .
- حرصه الشديد على إرسال المخبرين إلى جميع الأطراف في هيئة التجار والسياح والمتصوفة والدراويش والعقارين ، ليتنسموا الأخبار، ويرسلونها للسلطان أولاً بأول حتى لا يخفى على شيء عن أمور مملكته .
وقد نجح نظام الملك في أحباط عدد من المؤامرات ضد الحكومة المركزية بفضل ما كان يصل إليه عن طريق أولئك المخبرين ،
- كما عمل نظام الملك على الحد من استغلال الموظفين والعمال لسلطاتهم حتى لا يرهقوا الرعية بالرسوم والضرائب الباهظة ،..
وكان يغير الولاة والعمال مرة كل سنتين أو ثلاث ضماناً لعدم تلاعبهم في أعمالهم ،..
ولما ألغى السلطان ألب أرسلان وظيفة " صاحب البريد " ووظيفة صاحب الخبر " ، رتب وزيره نظام الملك في كل مدينة رجلاً نزيهاً لمراقبة الوالي والقاضي والمحتسب ومن يجري مجراهم من الموظفين وموافاتهم بأخبارهم أولاً بأول،
- كذلك كان نظام الملك يدقق في اختيار الموظفين، فيختار من كان منهم أغزر علماً وأزهد نفساً وأعف يداً وأقل طمعاً.
وكان يختار لوظيفتي " صاحب البريد " وصاحب الخبر" أناساً لا يرقى الشك إليهم لحساسية هذا العمل، ويتم تعيينهم من قِبل السلطان نفسه،
وكان نظام الملك يصرف مرتبات مجزية لموظفي الدولة، خشية أن يضطر الموظف إلى الاختلاس من مال الدولة، أو يستغل منصبه ويتسلط على أموال الرعية .
كما كان حريصاً على مراجعة حسابات الدولة في نهاية كل عام لمعرفة الدخل والمنصرف والموازنة بينهما،
- ولكي يضمن تنفيذ خطته الإدارية بدقة استعان بعدد من كبار موظفي الدولة المخلصين والأكفاء، وكون منهم ما يشبه المجلس الاستشاري ، مهمته فيما يبدو – دراسة ما يعرض عليه من أمور هامة ووضع الحلول الملائمة لها، ومن ثم متابعة تنفيذها بدقة ،
لقد كانت شؤون دولة السلاجقة قبل تولي نظام الملك الوزارة غير منظمة، فتطرق الخلل إلى إدارة الولايات التابعة لها، وساءت الحالة المالية فيها نتيجة لخراب أراضيها، ولعدم قيام المشرفين عليها بما تحتاج إليه من عمارة وإصلاح، ...
فلما جاء نظام الملك إلى الوزارة ونظم شؤون تلك الولايات، وعمر أراضيها، وأقر سلطة الدولة في النواحي التي كادت أن تخرج من حظيرتها.
---------------‐---------------------‐-------------------------------
نظام الملك ص 610 ، 611. ص 612.ص 613.
البداية والنهاية (16/133).
دولة الإسماعيلية في إيران ، محمد السعيد ص 95. ص 96. ص 97.
الخلافة العباسية (2/191).
سير أعلام النبلاء (18/318). (18/307).(18/308).
* الماشرا : في عرف الأطباء ك ورم حارّ عن دم صفراوي يعم الوجه.
البداية والنهاية (16/49، 50). (16/51).
المنتظم (9/46/47) ؛(9/57). الحضارة الإسلامية في بغداد، محمد حسين ص 37.
وفيات الأعيان (5/288).
المنتظم (9/62) الحضارة الإسلامية في بغداد ص 39.
وفيات الأعيان (5/8389) الحضارة الإسلامية في بغداد ص 39.
البداية والنهاية (16/122،123).
الكامل في التاريخ نقلاً عن الحضارة الإسلامية في بغداد في النصف الثاني من القرن الخامس الهجري ص 40.
سير أعلام النبلاء (19/94). (19/95).
البداية والنهاية (12/157).
أيعيد التاريخ نفسه ص 68.
الكامل في التاريخ نقلاً عن أيعيد التاريخ نفسه ؟ص 68؟
الروضتين في أخبار الدولتين نقلاً عن أيعيد التاريخ نفسه.
الدولة العثمانية للصَّلابي نقلاً عن الكامل في التاريخ.
أدب الدين والدنيا ص 115، نظام الملك ص 412.
الاقتصاد في الاعتقاد للغزالي ص 135.
المقدمة ص 115، نظام الملك ص 413.
نظام الملك ص 413. ص 409 إلى 451.
نظام الوزارة في الدولة العباسية ، د محمد الزهراني 17 ص 172.
نظام الملك : سياست نامه ص 234.ص 102.
* العقارين : باعة العقاقير الطبية.
سياست نامة 107.ص 51 ، 52. ص 69.ص 102.
نظام الوزارة في الدولة العباسية للزهراني ص 174.
أخبار الدولة السلجوقية للحسين ص 68، 69.
نظام الوزارة في الدولة العباسية ص 174.
☆☆☆☆☆☆
☆ السلاجقة د. علي الصلابي ص 117-125
---------------------------------------------------------------------
تابعونا
#تاريخ_السلاجقة_والدانشمند_جواهر (18)