عرب البادية وأنـواع الاحلاف قديـماً
بسم الله والحمد لله وصل الله على محمد واله ومن والاه
يتصور المشهـور ممن عاش حياة الحاضرة وثقافتها وانقطع تمام الانقطاع عن البادية ونظامها أن القبائل البدوية عبارة عن قبائل تعود كل منها الى رجل وأحد وجذم وأحد ومن هذا المنطلق نشأ تسميتها بالقبيلة ؛ والحال فهذا تصور ناشئ من الفهم السطحي لمجريات الأمور , وهو اشبه بالتصور القائل إن أبناء ذلك الشخص الذي تسمى باسمه افراد القبيلة انهم قد ركبوا بسفينة مثلاً ثم عبروا الزمن بعد أن تكاثروا وأصبحوا بعد خمسمائة سنة مثلاً يقال لهم : بنو فلان أو آل فلان كربيعة وشمر و لام وغيرهم من تسميات القبائل البدوية القديمة فالقبيلة التي حملت اسم معين في بوادي المنطقة العربية لم تكن بهذا الشكل خلال مراحل حياتها بل هي بشكل الدول الحديثة اليوم ولعلها بشكل مقارب لنفس الانظمة والقوانين الموجودة في عالمنا المعاصر مع فارق المستوى العقلي والتنظيمي والتكنولوجي.
فالقبيلة البدوية وبعد نشؤها من قبل شخص معين وتزايدها بشكل متوالية هندسية تشكل مجموعة من التحالفات مع قبائل ذات انساب شتى نشأت بنفس الطريقة , وهذه التحالفات اشبه بالنظام الكونفدرالي القائم بين اتحاد دولتين او اكثر في عالمنا المعاصر كما في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والإمارات المتحدة وغيرها , والتحالفات القبلية كانت لأسباب شتى منها اقتصادية ومنها سياسية ومنها اجتماعية , وهناك انواع مختلفة من تلك الاحلاف ومنها:
النوع الأول : حلف المشيخة:
وهو ما تقوم به قبيلة كبيرة كانت أو صغيرة من تقديم رجل أو أسرة أو حمولة حاملة لبعض الصفات الحميدة كالكرم أو الشجاعة او شرافة النسب فيكون ذلك الرجل او تلك الاسرة أو
الحمولة شيخاً على تلك القبيلة وهذا النوع هو حلف المشيخة بين تلك الحمولة وتلك القبيلة وقد تستمر مشيخة تلك القبيلة بتلك الحمولة وتصبح الحمولة فيما بعد جزءا لا يتجزأ من نسب تلك القبيلة بسبب ضياع التدوين وعدم اهتمام البدو به وفي احسن الحالات تبقى مجرد الاخبار في عدم انتساب حمولة المشيخة لتلك القبيلة وفي اغلب الاحيان يرفض ابناء تلك الحمولة تلك الاخبار التي تشير الى عدم انتسابهم لتلك القبيلة وخاصة بعد ان تطول الفترة الزمنية لمشيختهم لتلك القبيلة ويصبحون بشكل لا يعرفوا إلا تحت ذلك العنوان.
النوع الثاني - حلف حماية:
وهو تحالف قبيلة صغيرة مع قبيلة كبيرة من اجل الحماية وفي نفس الوقت فان هذه القبيلة الصغيرة لا يحارب افرادها مع افراد القبيلة الكبيرة التي دخلت معها ومقابل ذلك تدفع الاموال المتفق عليها مقابل تلك الحماية وبمرور الزمن يصبح افراد القبيلة الصغيرة عنوانا اصغر وجزءاً لا يتجزأ من نسب تلك القبيلة.
النوع الثالث - حلف دخالة :
وهو الحلف الناشئ بين حمولة صغيره وبين قبيلة كبيرة او تجمع قبلي وهذا النوع من الاحلاف قائم من اجل الحماية ويختلف عن حلف الحماية بان الحمولة الدخيلة في هذا النوع من الحلف تقاتل مع القبيلة المتحالفة معها اضافة الى دفع الاموال لها بخلاف حلف الحماية والذي لا يتم فيه مشاركهم بالقتال سوى دفع الاموال.
النوع الرابع - حلف راية :
وهو نوع من انواع الاحلاف والقائم على اتحاد مجموعة قبائل صغيرة فيما بينها تحت راية واحدة ترفعها في الحرب والسلم وبمرور الزمن تصبح قبيلة واحدة ذات نسب واحد ,وهو اشبه بالنظام الكونفيدرالي اليوم والقائم على اتحاد دولتين او اكثر كما في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والإمارات المتحدة وغيرها.
وبعض الحمائل شكلت من خلال حلف الراية اقاليم ودول.
واسباب الاحلاف متعددة فمنها اسباب اقتصادية كالصيد والاجتماع على عيون الماء , ومنها اسباب امنية كالحروب والغزو ، وهذا ما نراه قائما اليوم في بعض الدول من الاتحاد في النظام الاقتصادي كتوحيد العملة في الاتحاد الاوربي او الاتحاد في النظام السياحي او الامني وغيرها.
•كما ان من نظام القبائل البدوية ان لكل قبيلة منها شعاراً خاصاً بها وهو الوشم (وسم الابل) ويحق لمن يدخل حلفاً مع تلك القبيلة ان يحمل ذلك الشعار وهو اشبه بالجنسية او جواز السفر اليوم , كما ان القبيلة ملزمة بالدفاع عن ابل(جمال) قبيلتها الحاملة لذلك الوشم وهو اشبه اليوم برعاية الدول لمصالح افرادها والدفاع عن حقوقهم في الدول الاخرى.
•كما يحصل في دولة قبيلة البادية الانقلابات والحروب الداخلية والتي تؤدي في اغلب الاحيان الى تفكك تلك الاحلاف والتجمعات القبلية وغالب تلك الصراعات قائم على امارة القبيلة ومشيختها او دفع الخوة وهو اشبه من نراه اليوم من الصراعات الداخلية على سدة الحكم في اغلب الدول ؛ وهذه الاسباب هي التي تجعلنا لا نرى اسماء القبائل القديمة قائمة اليوم مثل هوزان والخزرج وغيرها فإنها ذابت في قبائل اليوم بشكل احلاف نتيجة الانقلابات والحروب الداخلية التي حدثت فيها وليس من الصحيح ان نلتزم بما كتبه المؤرخون (عليهم السلام) بانقراضها ! لان اغلب من ارخ لتلك القبائل لم يفهم ديناميكية تاريخها.
وهنالك اشارات واضحة لتلك الاحلاف في كتب المؤرخين وعلى سبيل المثال لا الحصر فصاحب كتاب " الدرر المفاخر في اخبار العرب الأواخر" محمد البسام التميمي النجدي المتوفى سنة ١٢٤٦هج ذكر قائلاً :
(ومنهم الخزاعل نازلين غربي السماوة , القول فيهم انهم السحاب اذا انهالت والأسود اذا صالت , كرامهم شجعان وشجعانهم اكرم من كان , الى ان قال : ومن الخزاعل المذكورين عفك والأقرع وجليحة والفتلة...).
فالاكرع وعفك بنسب غير انساب جليحة والفتلة والجميع لا علاقة لهم بنسب الخزاعل.
والسبب في هذا الشكل من التدوين هو ظاهرة الاحلاف التي اشرنا اليها ولو استمرت راية الخزاعل قديما لفترة طويلة مع ضياع التدوين لذابت تلك العناوين في نسب الخزاعل.
وأوضح مصداق لدولة قبيلة البادية فان بعض حكومات الدول العربية اليوم ما هي إلا زعامات قبلية سابقاً قد اتسع نفوذها فأصبح لها زعامة الدولة بسبب الاحلاف وما نتج عنه من قوة النفوذ والسيطرة.
#تشتت الحمائل في البادية :
الظاهرة الملفتة للنظر عند دراسة انساب قبائل البادية يلاحظ وجود حمائل فيها تحمل موروثا وعنوانا متشابه فتجد مثلا "ال فلان " في عنزة وشمر ومطير وحرب وغيرها من قبائل البادية بموروث واحداث وعناوين متشابه الى حد دقيق جدا ولا تجد احدا ينسب تلك الحمائل المختلفة الانتماء لجد واحد بل يلحقوها بتلك القبائل شهرة ولمعرفة حقيقة الامر فلندقق بكلام احد الرحالة الذي كتب شيئا عن طبيعة قبائل البادية وهي بحقيقتها دراسة أنثروبولوجية تعبر عن التحولات الكبرى التي طرأت على نمط المجتمعات العربية اذ قال:
((هناك في الصحراء تعيش شعوب عربية يطلق عليها اسم بدو، لا مساكن مستقرة لها، بل هي دائمة الترحال في هذه المنطقة بمجموعات بحثاً عن مراعيَ جيدة لأغنامها وإبلها فالبحث المستمر عن مراعيَ وفيرة العشب يعتبر في المراجع المختصة السببَ الرئيسي لحركة البدو مربِّي الماشية.
بالإضافة إلى ذلك هناك عامل آخر لا يقل أهمية، ألا وهو توفر مياه الشرب للإنسان والحيوان. سواء على شكل تجمعات مائية سطحية، أو على شكل آبار. وفي مناطق الجزيرة تتغير أحوال الماء والمرعى تغييراً كبيراً، ولهذا هناك ترحال شبه دائم. فهناك فترتان للترحال عند شمر مثلا :
١-الترحال بمجموعات صغيرة تضم ما بين خمسة إلى عشر خيام خلال موسم الأمطار [من كانون أول/ ديسمبر، حتى نيسان/ أبريل، أو أيار/ مايو].
٢- بعد توقف هطول المطر، ومع ارتفاع درجة حرارة الجو بدءاً من أيار/ مايو، تجف مصادر المياه السطحية المتجمعة, فيضطر البدو إلى الإقامة حول آبار المياه الجوفية)).
ويعتبر الكتاب، أن نمط حياة شمر خلال فترة الجفاف يتميز بما يمكن أن يُطلق عليه مصطلح « البداوة المستقرة » لأن الترحال إلى مناطق المراعي يقتصر في هذه الفترة على الرعاة الذين يرافقون قطعان الماشية، فيما يظل بقية أفراد العشيرة في الصيف قرب البئر.
هذا الترحال الدائم وطبيعة العيش الصحراوي للقبائل البدوية شكل منها نمط انتماء على شكل احلاف حسب طبيعة المراعي والمياه والجهة التي تسيطر عليها وهو ما سبب بتفرق الحمولة الواحدة الى عدة حمائل موزعة على قبائل مختلفة وبمرور الزمن اصبحت تلك الحمائل عنوانا مستقلا تابعا للقبيلة التي تحالفت معها طلبا للمرعى والماء وتنقطع عن قبيلتها الام بشكل نهائي ومع ضياع التدوين واهتمام البدو بالحفظ فياتي المؤرخون (عليهم السلام) فينسبون تلك الحمائل كلا منها للقبيلة التي تحالفت معها او لجد معين من دون اي دراسة تاريخية وجغرافية لها ولا اي محاولة لفك الموروث الاجتماعي الذي تحمله تلك الحمولة ( كتبوا بلا تحقيق) ؛ والا فالعديد من قبائل البادية ما هي الا احلاف مركبة اوجدتها بالشكل الذي نراه اليوم ظروف اقتصادية بالدرجة الاولى وسياسية واجتماعية "نمط حياة".
وفي تلك القبائل البدوية عددا من بيوتات وحمائل الاشراف.
د: مصطفي سليمان أبوالطيب أبوعايد الهواري
أمين عام المجلس الأعلى لقبائـل هـوارة
أمين عام المجلس الأعلى للقبائل العربية والمصـرية بالإسكندريـة
البـاحث والمؤرخ في تاريخ القبائل العربية والمصرية بمصـر والوطن العربي
بسم الله والحمد لله وصل الله على محمد واله ومن والاه
يتصور المشهـور ممن عاش حياة الحاضرة وثقافتها وانقطع تمام الانقطاع عن البادية ونظامها أن القبائل البدوية عبارة عن قبائل تعود كل منها الى رجل وأحد وجذم وأحد ومن هذا المنطلق نشأ تسميتها بالقبيلة ؛ والحال فهذا تصور ناشئ من الفهم السطحي لمجريات الأمور , وهو اشبه بالتصور القائل إن أبناء ذلك الشخص الذي تسمى باسمه افراد القبيلة انهم قد ركبوا بسفينة مثلاً ثم عبروا الزمن بعد أن تكاثروا وأصبحوا بعد خمسمائة سنة مثلاً يقال لهم : بنو فلان أو آل فلان كربيعة وشمر و لام وغيرهم من تسميات القبائل البدوية القديمة فالقبيلة التي حملت اسم معين في بوادي المنطقة العربية لم تكن بهذا الشكل خلال مراحل حياتها بل هي بشكل الدول الحديثة اليوم ولعلها بشكل مقارب لنفس الانظمة والقوانين الموجودة في عالمنا المعاصر مع فارق المستوى العقلي والتنظيمي والتكنولوجي.
فالقبيلة البدوية وبعد نشؤها من قبل شخص معين وتزايدها بشكل متوالية هندسية تشكل مجموعة من التحالفات مع قبائل ذات انساب شتى نشأت بنفس الطريقة , وهذه التحالفات اشبه بالنظام الكونفدرالي القائم بين اتحاد دولتين او اكثر في عالمنا المعاصر كما في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والإمارات المتحدة وغيرها , والتحالفات القبلية كانت لأسباب شتى منها اقتصادية ومنها سياسية ومنها اجتماعية , وهناك انواع مختلفة من تلك الاحلاف ومنها:
النوع الأول : حلف المشيخة:
وهو ما تقوم به قبيلة كبيرة كانت أو صغيرة من تقديم رجل أو أسرة أو حمولة حاملة لبعض الصفات الحميدة كالكرم أو الشجاعة او شرافة النسب فيكون ذلك الرجل او تلك الاسرة أو
الحمولة شيخاً على تلك القبيلة وهذا النوع هو حلف المشيخة بين تلك الحمولة وتلك القبيلة وقد تستمر مشيخة تلك القبيلة بتلك الحمولة وتصبح الحمولة فيما بعد جزءا لا يتجزأ من نسب تلك القبيلة بسبب ضياع التدوين وعدم اهتمام البدو به وفي احسن الحالات تبقى مجرد الاخبار في عدم انتساب حمولة المشيخة لتلك القبيلة وفي اغلب الاحيان يرفض ابناء تلك الحمولة تلك الاخبار التي تشير الى عدم انتسابهم لتلك القبيلة وخاصة بعد ان تطول الفترة الزمنية لمشيختهم لتلك القبيلة ويصبحون بشكل لا يعرفوا إلا تحت ذلك العنوان.
النوع الثاني - حلف حماية:
وهو تحالف قبيلة صغيرة مع قبيلة كبيرة من اجل الحماية وفي نفس الوقت فان هذه القبيلة الصغيرة لا يحارب افرادها مع افراد القبيلة الكبيرة التي دخلت معها ومقابل ذلك تدفع الاموال المتفق عليها مقابل تلك الحماية وبمرور الزمن يصبح افراد القبيلة الصغيرة عنوانا اصغر وجزءاً لا يتجزأ من نسب تلك القبيلة.
النوع الثالث - حلف دخالة :
وهو الحلف الناشئ بين حمولة صغيره وبين قبيلة كبيرة او تجمع قبلي وهذا النوع من الاحلاف قائم من اجل الحماية ويختلف عن حلف الحماية بان الحمولة الدخيلة في هذا النوع من الحلف تقاتل مع القبيلة المتحالفة معها اضافة الى دفع الاموال لها بخلاف حلف الحماية والذي لا يتم فيه مشاركهم بالقتال سوى دفع الاموال.
النوع الرابع - حلف راية :
وهو نوع من انواع الاحلاف والقائم على اتحاد مجموعة قبائل صغيرة فيما بينها تحت راية واحدة ترفعها في الحرب والسلم وبمرور الزمن تصبح قبيلة واحدة ذات نسب واحد ,وهو اشبه بالنظام الكونفيدرالي اليوم والقائم على اتحاد دولتين او اكثر كما في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والإمارات المتحدة وغيرها.
وبعض الحمائل شكلت من خلال حلف الراية اقاليم ودول.
واسباب الاحلاف متعددة فمنها اسباب اقتصادية كالصيد والاجتماع على عيون الماء , ومنها اسباب امنية كالحروب والغزو ، وهذا ما نراه قائما اليوم في بعض الدول من الاتحاد في النظام الاقتصادي كتوحيد العملة في الاتحاد الاوربي او الاتحاد في النظام السياحي او الامني وغيرها.
•كما ان من نظام القبائل البدوية ان لكل قبيلة منها شعاراً خاصاً بها وهو الوشم (وسم الابل) ويحق لمن يدخل حلفاً مع تلك القبيلة ان يحمل ذلك الشعار وهو اشبه بالجنسية او جواز السفر اليوم , كما ان القبيلة ملزمة بالدفاع عن ابل(جمال) قبيلتها الحاملة لذلك الوشم وهو اشبه اليوم برعاية الدول لمصالح افرادها والدفاع عن حقوقهم في الدول الاخرى.
•كما يحصل في دولة قبيلة البادية الانقلابات والحروب الداخلية والتي تؤدي في اغلب الاحيان الى تفكك تلك الاحلاف والتجمعات القبلية وغالب تلك الصراعات قائم على امارة القبيلة ومشيختها او دفع الخوة وهو اشبه من نراه اليوم من الصراعات الداخلية على سدة الحكم في اغلب الدول ؛ وهذه الاسباب هي التي تجعلنا لا نرى اسماء القبائل القديمة قائمة اليوم مثل هوزان والخزرج وغيرها فإنها ذابت في قبائل اليوم بشكل احلاف نتيجة الانقلابات والحروب الداخلية التي حدثت فيها وليس من الصحيح ان نلتزم بما كتبه المؤرخون (عليهم السلام) بانقراضها ! لان اغلب من ارخ لتلك القبائل لم يفهم ديناميكية تاريخها.
وهنالك اشارات واضحة لتلك الاحلاف في كتب المؤرخين وعلى سبيل المثال لا الحصر فصاحب كتاب " الدرر المفاخر في اخبار العرب الأواخر" محمد البسام التميمي النجدي المتوفى سنة ١٢٤٦هج ذكر قائلاً :
(ومنهم الخزاعل نازلين غربي السماوة , القول فيهم انهم السحاب اذا انهالت والأسود اذا صالت , كرامهم شجعان وشجعانهم اكرم من كان , الى ان قال : ومن الخزاعل المذكورين عفك والأقرع وجليحة والفتلة...).
فالاكرع وعفك بنسب غير انساب جليحة والفتلة والجميع لا علاقة لهم بنسب الخزاعل.
والسبب في هذا الشكل من التدوين هو ظاهرة الاحلاف التي اشرنا اليها ولو استمرت راية الخزاعل قديما لفترة طويلة مع ضياع التدوين لذابت تلك العناوين في نسب الخزاعل.
وأوضح مصداق لدولة قبيلة البادية فان بعض حكومات الدول العربية اليوم ما هي إلا زعامات قبلية سابقاً قد اتسع نفوذها فأصبح لها زعامة الدولة بسبب الاحلاف وما نتج عنه من قوة النفوذ والسيطرة.
#تشتت الحمائل في البادية :
الظاهرة الملفتة للنظر عند دراسة انساب قبائل البادية يلاحظ وجود حمائل فيها تحمل موروثا وعنوانا متشابه فتجد مثلا "ال فلان " في عنزة وشمر ومطير وحرب وغيرها من قبائل البادية بموروث واحداث وعناوين متشابه الى حد دقيق جدا ولا تجد احدا ينسب تلك الحمائل المختلفة الانتماء لجد واحد بل يلحقوها بتلك القبائل شهرة ولمعرفة حقيقة الامر فلندقق بكلام احد الرحالة الذي كتب شيئا عن طبيعة قبائل البادية وهي بحقيقتها دراسة أنثروبولوجية تعبر عن التحولات الكبرى التي طرأت على نمط المجتمعات العربية اذ قال:
((هناك في الصحراء تعيش شعوب عربية يطلق عليها اسم بدو، لا مساكن مستقرة لها، بل هي دائمة الترحال في هذه المنطقة بمجموعات بحثاً عن مراعيَ جيدة لأغنامها وإبلها فالبحث المستمر عن مراعيَ وفيرة العشب يعتبر في المراجع المختصة السببَ الرئيسي لحركة البدو مربِّي الماشية.
بالإضافة إلى ذلك هناك عامل آخر لا يقل أهمية، ألا وهو توفر مياه الشرب للإنسان والحيوان. سواء على شكل تجمعات مائية سطحية، أو على شكل آبار. وفي مناطق الجزيرة تتغير أحوال الماء والمرعى تغييراً كبيراً، ولهذا هناك ترحال شبه دائم. فهناك فترتان للترحال عند شمر مثلا :
١-الترحال بمجموعات صغيرة تضم ما بين خمسة إلى عشر خيام خلال موسم الأمطار [من كانون أول/ ديسمبر، حتى نيسان/ أبريل، أو أيار/ مايو].
٢- بعد توقف هطول المطر، ومع ارتفاع درجة حرارة الجو بدءاً من أيار/ مايو، تجف مصادر المياه السطحية المتجمعة, فيضطر البدو إلى الإقامة حول آبار المياه الجوفية)).
ويعتبر الكتاب، أن نمط حياة شمر خلال فترة الجفاف يتميز بما يمكن أن يُطلق عليه مصطلح « البداوة المستقرة » لأن الترحال إلى مناطق المراعي يقتصر في هذه الفترة على الرعاة الذين يرافقون قطعان الماشية، فيما يظل بقية أفراد العشيرة في الصيف قرب البئر.
هذا الترحال الدائم وطبيعة العيش الصحراوي للقبائل البدوية شكل منها نمط انتماء على شكل احلاف حسب طبيعة المراعي والمياه والجهة التي تسيطر عليها وهو ما سبب بتفرق الحمولة الواحدة الى عدة حمائل موزعة على قبائل مختلفة وبمرور الزمن اصبحت تلك الحمائل عنوانا مستقلا تابعا للقبيلة التي تحالفت معها طلبا للمرعى والماء وتنقطع عن قبيلتها الام بشكل نهائي ومع ضياع التدوين واهتمام البدو بالحفظ فياتي المؤرخون (عليهم السلام) فينسبون تلك الحمائل كلا منها للقبيلة التي تحالفت معها او لجد معين من دون اي دراسة تاريخية وجغرافية لها ولا اي محاولة لفك الموروث الاجتماعي الذي تحمله تلك الحمولة ( كتبوا بلا تحقيق) ؛ والا فالعديد من قبائل البادية ما هي الا احلاف مركبة اوجدتها بالشكل الذي نراه اليوم ظروف اقتصادية بالدرجة الاولى وسياسية واجتماعية "نمط حياة".
وفي تلك القبائل البدوية عددا من بيوتات وحمائل الاشراف.
د: مصطفي سليمان أبوالطيب أبوعايد الهواري
أمين عام المجلس الأعلى لقبائـل هـوارة
أمين عام المجلس الأعلى للقبائل العربية والمصـرية بالإسكندريـة
البـاحث والمؤرخ في تاريخ القبائل العربية والمصرية بمصـر والوطن العربي