أهمية علم النسب .
-------------------------------
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين سيدنا محمد بن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه الغر الميامين المنتجبين .
أما بعد ...
إن أهمية علم النسب والفلسفة في دراسته أصبحت من الضرورات المهمة في حياة الانسان العربي للنهوض بالمقومات الشرعية والمدنية والحضارية لما لها من أهمية قصوى في الحياة الا جتماعية .
حيث كانت ولا زالت الانظار تتجه الى الاهتمام بمعرفة الانساب والسلالات منذ القدم حتى وقتنا هذا عند الكثير من الاقوام البشرية .
وعند العرب كان معرفة أصول علم النسب والسبر في أغوارهِ من العلوم الاجتماعية والحياتية المهمة جداً وخاصة بعد ظهور الاسلام ، وفق الضوابط المنصوص عليها في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة .
حيث عبرت الايات البينات والاحاديث النبوية في مضامينها عن العمل بالوشائج الطيبة وديمومة صلة الرحم وبينت ضرورات التعامل الانساني والاجتماعي والاخلاقي بين أفراد الامة العربية والاسلامية .
ولان القبيلة كانت تمثل الوحدة السياسية والاجتماعية عند العرب قبل الاسلام وبعده .
وأحد أركان مقومات الدين الاسلامي فيما بعد وساهمت في بلورة النواة الاساسية لتأسيس الدولة الاسلامية وأصبحت ركناً مهماً من أركانها فلولا القبائل لما تكونت الاقوام والشعوب بكياناتها وعاداتها واختلاف لهجاتها واشكالها وكذلك تأريخها.
حيث كان النسب يمثل الرابطة الاولية التي تجمع أبناء القبيلة بروابط صلة الدم والرحم أضافه الى الروابط الحسنة الاخرى الذي كان يتصف بها العرب كالشرف والاخلاق والكرم والشهامة والشجاعة وحسن الجوار وفق قوانين وضعية وعرفية متوارثة كابراً عن كابر يتصف بها الانسان العربي ويقدسها ويعتبرها سر الحياة عنده وينظر الى الاخلال بها مخالفة واضحة وصريحة وعيب يجب أصلاحه وتقويمه .
وعندما جاء نور الإسلام اشترط على الانسان المسلم المؤمن مبدأ التعامل بالتقوى (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)( ) واعتبرها الميزان العادل في التعاملات ...
حيث ورد في السنة النبوية أنه قيل للرسول الاعظم () .. يارسول الله من أكرم الناس .. قال : أتقاهم .. ؟ ولذلك كان أساس البناء الاجتماعي الاسلامي هو فعل الخير والعمل بالفضيلة .
وقد جعل البارئ سبحانه وتعالى تعارف الناس بأنسابهم (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا )( ) فأوجب به مكون التعارف بين البشرية ، من هنا تأكد لنا ان البارئ سبحانه حين خاطب رسوله الكريم () بقوله : (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ)( ) تأكيد على ضرورة الترابط الاجتماعي نحو قوله سبحانه وتعالى : (وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)( ) وقوله : (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ)( ) وقد صح عن رسول الله () قوله : (أية الايمان حب الانصار وأية النفاق بغض الانصار)( ) ومن هذا الحديث الشريف نستدل على وجوب معرفة الانصار() ومعرفة أنسابهم .
قال أبن حزم الاندلسي في مقدمة كتابهِ (جمهرة أنساب العرب) .. ما نصه (فأن لم نعرف انساب الانصار لم نعرف الى من نحسن وعمن نتجاوز ، ومعرفة من يجب له حق الخمس من ذوي القربى وكذلك من تحرم عليه الصدقة من آل محمد() ممن لا يحق لهم الخمس) ( ) .. وكل هذا جزء من علم النسب وهذا يعني أن علم الفقه في الاسلام في تحديد المستحقات يستوجب المعرفة في كل جوانب علم النسب والتي من اساسياته قسمة المواريث ومعرفة احكام الوقف والنكاح واحكام العاقلة في الدية وغيرها من الامور التي تهتم بتنظيم شؤون حياة الاسرة والمجتمع.
ومما تقدم يتبين لنا أن عدم المعرفة في علم النسب جهل واضح .. ؟ وكل علم هذه صفاته فهو علم فاضل لا ينكر حقهِ الا جاهل أو معاند على حد قول أبن حزم .
وقد ورد في السيرة أن رجال أفذاذ من الصحابة الميامين كانوا من نوابغ الناس المهتمين بعلم النسب أضافه الى علمهم بالفقه والسنَّة منهم سيدنا أبو بكر الصديق وسيدنا عقيل بن أبي طالب وسعيد بن المسيب() وغيرهم.
كما ان تدوين الدواوين وفرض العطاء كتب ونظم على اساس قبلي في زمن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب() .
إذن فالمعرفة بعلم الانساب من الامور المهمة فالنسب هو صنو علم الشرائع وأساس الشرف وجذم العشيرة و القبيلة ومناط الفخر ومرتكز لواء العظمة وبه يعرف الوضيع واللصيق من الصميم والمفتعل من العريق وهو مجلبة للعز ومدعاة للقوة والفخر .
إن الدراية بعلم النسب والتحقيق بحلقاته النسبية يوجب على الباحث والمتقصي أن يكون أميناً ودقيقاً وصابراً ومتأني في سلامة التقرير بالاحساب والاجداد على ضوء التواريخ الصحيحة والاخبار الموثقة التي لايتسرب اليها الشك والتحريف ولذلك على النساب أن يتسلح بعلم التأريخ ومعرفة أيام العرب واخبارهم وتنقلاتهم كي يستطيع ان يعرف انساب القبائل على حقيقتها ويسهل عليه أيصال الفروع بالاصول دون ارتباك او خلل .
وهذا ما دفع بالغيارى من علماء الامة ومؤرخيها وفقهاها من المختصين في هذا العلم المبارك ان يضعوا شروط منهجية محكمة للعمل بهذا العلم وتحديد شخصية الباحث فيه كأن يكون من أصحاب الدين والمروءة والعلم بالقرآن والسَّنة ويكون عارفاً بتواريخ العرب وان يتحرى الصدق ويجتنب الكذب ويعمل بما يرضي الله الى غيرها من الشروط الاخرى.
إن النسب هو مفتاح معرفة اصول الشعوب وسبب في تعارفها وتعاونها وهو جسر مشتركة للتواصل بين ابناء الامة وهو بمثابة هوية الانتماء اليها كما أنه يهدف الى تعميق صلة الانسان بأخية وبأرضيه ولا ريب ان تحديد نسب الانسان ليس من الامور الفنية التي تحتاج الى مطاوعة وترتيب بل هي بحق قضية بسيطة ان توفرت النية الحسنة والمصداقية .
والطعن بنسب الانسان ليس من الامور السهلة لانه شرعاً يخالف حديث رسول الله() (الناس امناء على أنسابهم) .
والانساب المتسلسلة لا ريب تنشأ منها مجتمعات مستقرة متحضرة تتميز بالعراقة والاصالة والنظام الحضاري القوي بينما الانساب الا منتظمة تنشأ منها مجتمعات غير مستقرة تفقد كثيراً من المقومات التاريخية والاجتماعية وستظل تعاني من المشاكل والعقد والازمات المهلكة .
ولهذه الاسباب وغيرها شرعنا بتقديم هذه الدراسة المتواضعة عن قواعد علم النسب وطبقاتها والفلسفة في دراسة أصولها من الناحية الاجتماعية والتأريخية والدينية .
وإن البحث في هذا الموضوع يحتاج الى مجلدات واسفار ودراسات كبيرة وكثيرة وهي على العموم يجب أن تؤسس على المنهجية والموضوعية الناشدة لاقرار الحقيقة والتوصل الى النتائج المرضية .
-------------------------------
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين سيدنا محمد بن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه الغر الميامين المنتجبين .
أما بعد ...
إن أهمية علم النسب والفلسفة في دراسته أصبحت من الضرورات المهمة في حياة الانسان العربي للنهوض بالمقومات الشرعية والمدنية والحضارية لما لها من أهمية قصوى في الحياة الا جتماعية .
حيث كانت ولا زالت الانظار تتجه الى الاهتمام بمعرفة الانساب والسلالات منذ القدم حتى وقتنا هذا عند الكثير من الاقوام البشرية .
وعند العرب كان معرفة أصول علم النسب والسبر في أغوارهِ من العلوم الاجتماعية والحياتية المهمة جداً وخاصة بعد ظهور الاسلام ، وفق الضوابط المنصوص عليها في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة .
حيث عبرت الايات البينات والاحاديث النبوية في مضامينها عن العمل بالوشائج الطيبة وديمومة صلة الرحم وبينت ضرورات التعامل الانساني والاجتماعي والاخلاقي بين أفراد الامة العربية والاسلامية .
ولان القبيلة كانت تمثل الوحدة السياسية والاجتماعية عند العرب قبل الاسلام وبعده .
وأحد أركان مقومات الدين الاسلامي فيما بعد وساهمت في بلورة النواة الاساسية لتأسيس الدولة الاسلامية وأصبحت ركناً مهماً من أركانها فلولا القبائل لما تكونت الاقوام والشعوب بكياناتها وعاداتها واختلاف لهجاتها واشكالها وكذلك تأريخها.
حيث كان النسب يمثل الرابطة الاولية التي تجمع أبناء القبيلة بروابط صلة الدم والرحم أضافه الى الروابط الحسنة الاخرى الذي كان يتصف بها العرب كالشرف والاخلاق والكرم والشهامة والشجاعة وحسن الجوار وفق قوانين وضعية وعرفية متوارثة كابراً عن كابر يتصف بها الانسان العربي ويقدسها ويعتبرها سر الحياة عنده وينظر الى الاخلال بها مخالفة واضحة وصريحة وعيب يجب أصلاحه وتقويمه .
وعندما جاء نور الإسلام اشترط على الانسان المسلم المؤمن مبدأ التعامل بالتقوى (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)( ) واعتبرها الميزان العادل في التعاملات ...
حيث ورد في السنة النبوية أنه قيل للرسول الاعظم () .. يارسول الله من أكرم الناس .. قال : أتقاهم .. ؟ ولذلك كان أساس البناء الاجتماعي الاسلامي هو فعل الخير والعمل بالفضيلة .
وقد جعل البارئ سبحانه وتعالى تعارف الناس بأنسابهم (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا )( ) فأوجب به مكون التعارف بين البشرية ، من هنا تأكد لنا ان البارئ سبحانه حين خاطب رسوله الكريم () بقوله : (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ)( ) تأكيد على ضرورة الترابط الاجتماعي نحو قوله سبحانه وتعالى : (وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)( ) وقوله : (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ)( ) وقد صح عن رسول الله () قوله : (أية الايمان حب الانصار وأية النفاق بغض الانصار)( ) ومن هذا الحديث الشريف نستدل على وجوب معرفة الانصار() ومعرفة أنسابهم .
قال أبن حزم الاندلسي في مقدمة كتابهِ (جمهرة أنساب العرب) .. ما نصه (فأن لم نعرف انساب الانصار لم نعرف الى من نحسن وعمن نتجاوز ، ومعرفة من يجب له حق الخمس من ذوي القربى وكذلك من تحرم عليه الصدقة من آل محمد() ممن لا يحق لهم الخمس) ( ) .. وكل هذا جزء من علم النسب وهذا يعني أن علم الفقه في الاسلام في تحديد المستحقات يستوجب المعرفة في كل جوانب علم النسب والتي من اساسياته قسمة المواريث ومعرفة احكام الوقف والنكاح واحكام العاقلة في الدية وغيرها من الامور التي تهتم بتنظيم شؤون حياة الاسرة والمجتمع.
ومما تقدم يتبين لنا أن عدم المعرفة في علم النسب جهل واضح .. ؟ وكل علم هذه صفاته فهو علم فاضل لا ينكر حقهِ الا جاهل أو معاند على حد قول أبن حزم .
وقد ورد في السيرة أن رجال أفذاذ من الصحابة الميامين كانوا من نوابغ الناس المهتمين بعلم النسب أضافه الى علمهم بالفقه والسنَّة منهم سيدنا أبو بكر الصديق وسيدنا عقيل بن أبي طالب وسعيد بن المسيب() وغيرهم.
كما ان تدوين الدواوين وفرض العطاء كتب ونظم على اساس قبلي في زمن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب() .
إذن فالمعرفة بعلم الانساب من الامور المهمة فالنسب هو صنو علم الشرائع وأساس الشرف وجذم العشيرة و القبيلة ومناط الفخر ومرتكز لواء العظمة وبه يعرف الوضيع واللصيق من الصميم والمفتعل من العريق وهو مجلبة للعز ومدعاة للقوة والفخر .
إن الدراية بعلم النسب والتحقيق بحلقاته النسبية يوجب على الباحث والمتقصي أن يكون أميناً ودقيقاً وصابراً ومتأني في سلامة التقرير بالاحساب والاجداد على ضوء التواريخ الصحيحة والاخبار الموثقة التي لايتسرب اليها الشك والتحريف ولذلك على النساب أن يتسلح بعلم التأريخ ومعرفة أيام العرب واخبارهم وتنقلاتهم كي يستطيع ان يعرف انساب القبائل على حقيقتها ويسهل عليه أيصال الفروع بالاصول دون ارتباك او خلل .
وهذا ما دفع بالغيارى من علماء الامة ومؤرخيها وفقهاها من المختصين في هذا العلم المبارك ان يضعوا شروط منهجية محكمة للعمل بهذا العلم وتحديد شخصية الباحث فيه كأن يكون من أصحاب الدين والمروءة والعلم بالقرآن والسَّنة ويكون عارفاً بتواريخ العرب وان يتحرى الصدق ويجتنب الكذب ويعمل بما يرضي الله الى غيرها من الشروط الاخرى.
إن النسب هو مفتاح معرفة اصول الشعوب وسبب في تعارفها وتعاونها وهو جسر مشتركة للتواصل بين ابناء الامة وهو بمثابة هوية الانتماء اليها كما أنه يهدف الى تعميق صلة الانسان بأخية وبأرضيه ولا ريب ان تحديد نسب الانسان ليس من الامور الفنية التي تحتاج الى مطاوعة وترتيب بل هي بحق قضية بسيطة ان توفرت النية الحسنة والمصداقية .
والطعن بنسب الانسان ليس من الامور السهلة لانه شرعاً يخالف حديث رسول الله() (الناس امناء على أنسابهم) .
والانساب المتسلسلة لا ريب تنشأ منها مجتمعات مستقرة متحضرة تتميز بالعراقة والاصالة والنظام الحضاري القوي بينما الانساب الا منتظمة تنشأ منها مجتمعات غير مستقرة تفقد كثيراً من المقومات التاريخية والاجتماعية وستظل تعاني من المشاكل والعقد والازمات المهلكة .
ولهذه الاسباب وغيرها شرعنا بتقديم هذه الدراسة المتواضعة عن قواعد علم النسب وطبقاتها والفلسفة في دراسة أصولها من الناحية الاجتماعية والتأريخية والدينية .
وإن البحث في هذا الموضوع يحتاج الى مجلدات واسفار ودراسات كبيرة وكثيرة وهي على العموم يجب أن تؤسس على المنهجية والموضوعية الناشدة لاقرار الحقيقة والتوصل الى النتائج المرضية .