منتديات السادة الهوارة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات السادة الهوارة

د/مصطفى سليمان أبو الطيب الهوارى

د مصطفى سليمان ابوالطيب ابويوسف عايد الهوارى من مواليد محافظة الاسكندرية 8-6-1973 الاصل من محافظه اسيوط مركز صدفا قرية الدوير عايد قبيلة هوارة عايد الهوارى دكتوراة فى التاريخ الاسلامى فى انساب القبائل العربية عام 2015 من اكاديمة مشكاة للدرسات الاسلامية عن القبائل النازحة لمصر عقب الفتح الاسلامى سفير النوايا الحسنة المنظمه الضمير العالمى لحقوق الإنسان إحدى منظمات التابعه للامم المتحده رئيس ومؤسس الجمعية الخيرية لأبناء الهوارة عام 2012 المشهرة برقم 3107 ومؤلف مجلد قاموس القبائل العربية المصرية( مفاتيح الانارة فى انساب قبائل العرب والمرابطين والهوارة) و موسوعه القبائل والعائلات العربية والمصرية وهم1-تاريخ الامارة فى أنساب قبائل وعائلات الهوارة 2- القول السليم فى بطون وعشائر بنى سليم 3- القول المتين فى تاريخ وأنساب قبائل المرابطين وبنى سليم 4-رجال العصر فى أنسابهوازن وبنى هلال وبنى نصر 5-الأقوال الجلية فى أنساب وقبائل سيناء والشرقية -6-القول الشاف فى أنساب قبائل الأنصار والأشراف و الامين العام لمجلس للقبائل المصرية والعربية بالاسكندرية حاصل على درع وشهادة تقدير من المجلس المصرى للقبائل المصرية والعربية رئيس اللجنة العليا لدعم الجيش والشرطة والمصالحات بالمنظمة المصرية لحقوق الانسان بالاسكندرية حاصل على شهادة تفدير من المنظمة المصرية لحقوق الانسان [رئيس الجمعية الخيرية لأبناء محافظة أسيوطفرع عبدالقادرالعامرية الإسكندرية/ وكيل مؤسسين حزب التحرير العربى حزب لم يكتمل امين عام التنظيم بحزب مصر الثورة سابقا مرشح مجلس الشعب بالدائرة الرابعه بالاسكندرية عن الشباب والجمعيات الاهلية عام 2011 حاصل على العديد من شهادات التقدير من الجمعيات الاهلية والمجالس عن دورة فى المجتمع المدنى رئيس لجنة المساعدات الطبية بالجمعيات الاهلية شعبة العامرية وباحث ومؤرخ فى تاريخ القبائل العربية بمصر والوطن العربى موبايل رقم 01224369577 01002920977 01119825377
من هـو د:مصطفي سليمان أبوالطيب أبوعايـد الهواري د:مصـطفى سليمان السـيد أبو الطيب محمد أبو الطيب محمد أبويـوسف بن شيخ العـرب محمد بن شيخ عربان هوارة حمد بن شيخ العرب محمود بن شيخ العرب حمد بن الأمير حماد بن الأمير ريان بن الأمير عايد الهوارى الملقب بسيد العرب الأمير منصور بن الأمير ناصر بن الأميرسليم بن الأمير بهنان بن الأمير عوف بن الأمير مالك بن الأمير ناصر بن الأمير قيس بن الأميرالحارث بن الأمير سعد بن الأمير مالك بن الأميرغندور بن الأمير سرحان بن الأمير مالك بن الأميرعمرو بن الأمير عمارة بن الأمير عمران بن الأمير حمدان بن الأمير عامر بن الأمير عمرو بن سعد بن مسعود بن عمر بن عمير بن عامر بن ربيعة بن معاوية بن عامر بن ربيعة فارس العرب الذى قتل أول فارسى فى معركة القادسية منه بنو ربيعه بن عثمان بن ربيعة بن النابغة بن عنز بن حبيب بن وائلة بن دهمان ومنه بنو دهمان بن نصر ومنه بنو نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن ومنه القبائل الهوازنية بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس ومنه القبائل القيسية بن عيلان بن مضر ومنه بنو مضر بن نزار بن معد بن عدنان هو جد القبائل العدنانية بجزيرة العرب بن أد بن أدد بن هميسع بن سلامان ابن عوص بن بوز بن قموال بن أبي بن عوام بن ناشد بن بلداس بن يدلاف بن طانج بن جاحم بن ناحش بن ماخي بن عيض بن عبقر بن عبيد بن الدعا بن حمدان بن سنبر بن يثربي بن يحزن بن يلحن بن ارعوى بن عيض بن ديشان بن عيص بن أفناد بن أيهام بن مقصر بن ناحث بن زارح بن سمي بن مزي بن عوضه بن عرام بن قيدار بن إسماعيل عليه السلام بن إبراهيم عليه السلام أبن تارح بن ناحور بن ساروع أو ساروغ بن راعو بن فالخ بن عابر بن شالخ ابن ارفخشد بن سام بن نوح عليه السلام بن لامك بن متوشلخ بن أخنوخ بن إدريس عليه السلام ابن يرد بن مهلائيل بن قينان بن آنوشة بن شيت بن آدم عليهما السلام من مواليد محافظـة الإسكندرية 8-6-1973 الأصل من محافظه أسيوط مركز صدفا قرية الدوير عايد قبيـلة هوارة عايد الهوارى مسقـط رأس شيـخ مشايـخ عربان هوارة أسيوط الأمير عايد الهواري الملقب بسيـد العرب دكتوراة فى التاريخ الاسلامى فى انساب القبائل العربية عام 2015 من اكاديمية مشكـاة للدرسات العربية والاسلامية عن القبائـل النازحة لمصـر عقب الفتح الاسلامى سفير النوايا الحسنة المنظمه الضمير العالمى لحقوق الإنسان إحدى منظمات التابعه للامم المتحده رئيس ومؤسس الجمعية الخيرية لأبناء هوارة عام 2012 المشهرة برقم 3107 سفيـر النوايا الحسنة من منظـمة الضميـر التابعة للامم المتحدة ومؤلف مجـلد قاموس القبائل العربية المصرية 1:مفاتيح الانارة فى انساب قبائل العرب والمرابطين والهوارة 2:موسوعه القبائل والعائلات العربية والمصرية وهــم 1:تاريخ الامارة فى أنساب قبائل وعائلات الهوارة 2: القول السليم فى بطون وعشائر بنى سليم 3:القول المتين فى تاريخ وأنساب قبائل المرابطين وبنى سليم 4:رجال العصر فى أنساب هوازن وبنى هلال وبنى نصر 5:الأقوال الجلية فى أنساب وقبائل سيناء والشرقية 6:القول الشاف فى أنساب قبائل الأنصار والأشراف الامين العام لمجلس القبائل المصرية والعربية بالإسكندرية حاصل على درع وشهادة تقدير من المجلس المصري للقبائل المصرية والعربية رئيس اللجنة العليا لدعم الجيش والشرطة والمصالحات بالمنظمة المصرية لحقوق الانسان بالإسكندرية حاصل على شهادة تقدير من المنظمة المصرية لحقوق الانسان رئيس الجمعية الخيرية لأبناء محافظة أسيوط فرع عبدالقادر العامرية الإسكندرية وكيل مؤسسين حزب التحرير العربي حزب لم يكتمل امين عام التنظـيم بحزب مصر الثـورة سابقاً مرشح مجلس الشعب بالدائرة الرابعة بالإسكندرية عن الشباب والجمعيات الاهلية عام 2011 حاصـل على العديد من شهادات التقدير من الجمعيات الاهلية والمجالس عن دورة فى المجتمع المدني. رئيس لجـنة المساعدات الطبية بالجمعيات الاهلية شعبة العامرية باحث ومؤرخ فى تاريخ القبائل العربية والمصرية بمصر والوطن العربي أمين عام المجلس الأعلى للقبائل العربية والمصرية بالإسكندريــة
من هـو د:مصطفي سليمان أبوالطيب أبوعايـد الهواري د:مصـطفى سليمان السـيد أبو الطيب محمد أبو الطيب محمد أبويـوسف بن شيخ العـرب محمد بن شيخ عربان هوارة حمد بن شيخ العرب محمود بن شيخ العرب حمد بن الأمير حماد بن الأمير ريان بن الأمير عايد الهوارى الملقب بسيد العرب الأمير منصور بن الأمير ناصر بن الأميرسليم بن الأمير بهنان بن الأمير عوف بن الأمير مالك بن الأمير ناصر بن الأمير قيس بن الأميرالحارث بن الأمير سعد بن الأمير مالك بن الأميرغندور بن الأمير سرحان بن الأمير مالك بن الأميرعمرو بن الأمير عمارة بن الأمير عمران بن الأمير حمدان بن الأمير عامر بن الأمير عمرو بن سعد بن مسعود بن عمر بن عمير بن عامر بن ربيعة بن معاوية بن عامر بن ربيعة فارس العرب الذى قتل أول فارسى فى معركة القادسية منه بنو ربيعه بن عثمان بن ربيعة بن النابغة بن عنز بن حبيب بن وائلة بن دهمان ومنه بنو دهمان بن نصر ومنه بنو نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن ومنه القبائل الهوازنية بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس ومنه القبائل القيسية بن عيلان بن مضر ومنه بنو مضر بن نزار بن معد بن عدنان هو جد القبائل العدنانية بجزيرة العرب بن أد بن أدد بن هميسع بن سلامان ابن عوص بن بوز بن قموال بن أبي بن عوام بن ناشد بن بلداس بن يدلاف بن طانج بن جاحم بن ناحش بن ماخي بن عيض بن عبقر بن عبيد بن الدعا بن حمدان بن سنبر بن يثربي بن يحزن بن يلحن بن ارعوى بن عيض بن ديشان بن عيص بن أفناد بن أيهام بن مقصر بن ناحث بن زارح بن سمي بن مزي بن عوضه بن عرام بن قيدار بن إسماعيل عليه السلام بن إبراهيم عليه السلام أبن تارح بن ناحور بن ساروع أو ساروغ بن راعو بن فالخ بن عابر بن شالخ ابن ارفخشد بن سام بن نوح عليه السلام بن لامك بن متوشلخ بن أخنوخ بن إدريس عليه السلام ابن يرد بن مهلائيل بن قينان بن آنوشة بن شيت بن آدم عليهما السلام من مواليد محافظـة الإسكندرية 8-6-1973 الأصل من محافظه أسيوط مركز صدفا قرية الدوير عايد قبيـلة هوارة عايد الهوارى مسقـط رأس شيـخ مشايـخ عربان هوارة أسيوط الأمير عايد الهواري الملقب بسيـد العرب دكتوراة فى التاريخ الاسلامى فى انساب القبائل العربية عام 2015 من اكاديمية مشكـاة للدرسات العربية والاسلامية عن القبائـل النازحة لمصـر عقب الفتح الاسلامى سفير النوايا الحسنة المنظمه الضمير العالمى لحقوق الإنسان إحدى منظمات التابعه للامم المتحده رئيس ومؤسس الجمعية الخيرية لأبناء هوارة عام 2012 المشهرة برقم 3107 سفيـر النوايا الحسنة من منظـمة الضميـر التابعة للامم المتحدة ومؤلف مجـلد قاموس القبائل العربية المصرية 1:مفاتيح الانارة فى انساب قبائل العرب والمرابطين والهوارة 2:موسوعه القبائل والعائلات العربية والمصرية وهــم 1:تاريخ الامارة فى أنساب قبائل وعائلات الهوارة 2: القول السليم فى بطون وعشائر بنى سليم 3:القول المتين فى تاريخ وأنساب قبائل المرابطين وبنى سليم 4:رجال العصر فى أنساب هوازن وبنى هلال وبنى نصر 5:الأقوال الجلية فى أنساب وقبائل سيناء والشرقية 6:القول الشاف فى أنساب قبائل الأنصار والأشراف الامين العام لمجلس القبائل المصرية والعربية بالإسكندرية حاصل على درع وشهادة تقدير من المجلس المصري للقبائل المصرية والعربية رئيس اللجنة العليا لدعم الجيش والشرطة والمصالحات بالمنظمة المصرية لحقوق الانسان بالإسكندرية حاصل على شهادة تقدير من المنظمة المصرية لحقوق الانسان رئيس الجمعية الخيرية لأبناء محافظة أسيوط فرع عبدالقادر العامرية الإسكندرية وكيل مؤسسين حزب التحرير العربي حزب لم يكتمل امين عام التنظـيم بحزب مصر الثـورة سابقاً مرشح مجلس الشعب بالدائرة الرابعة بالإسكندرية عن الشباب والجمعيات الاهلية عام 2011 حاصـل على العديد من شهادات التقدير من الجمعيات الاهلية والمجالس عن دورة فى المجتمع المدني. رئيس لجـنة المساعدات الطبية بالجمعيات الاهلية شعبة العامرية باحث ومؤرخ فى تاريخ القبائل العربية والمصرية بمصر والوطن العربي أمين عام المجلس الأعلى للقبائل العربية والمصرية بالإسكندريــة
من هـو د:مصطفي سليمان أبوالطيب أبوعايـد الهواري د:مصـطفى سليمان السـيد أبو الطيب محمد أبو الطيب محمد أبويـوسف بن شيخ العـرب محمد بن شيخ عربان هوارة حمد بن شيخ العرب محمود بن شيخ العرب حمد بن الأمير حماد بن الأمير ريان بن الأمير عايد الهوارى الملقب بسيد العرب الأمير منصور بن الأمير ناصر بن الأميرسليم بن الأمير بهنان بن الأمير عوف بن الأمير مالك بن الأمير ناصر بن الأمير قيس بن الأميرالحارث بن الأمير سعد بن الأمير مالك بن الأميرغندور بن الأمير سرحان بن الأمير مالك بن الأميرعمرو بن الأمير عمارة بن الأمير عمران بن الأمير حمدان بن الأمير عامر بن الأمير عمرو بن سعد بن مسعود بن عمر بن عمير بن عامر بن ربيعة بن معاوية بن عامر بن ربيعة فارس العرب الذى قتل أول فارسى فى معركة القادسية منه بنو ربيعه بن عثمان بن ربيعة بن النابغة بن عنز بن حبيب بن وائلة بن دهمان ومنه بنو دهمان بن نصر ومنه بنو نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن ومنه القبائل الهوازنية بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس ومنه القبائل القيسية بن عيلان بن مضر ومنه بنو مضر بن نزار بن معد بن عدنان هو جد القبائل العدنانية بجزيرة العرب بن أد بن أدد بن هميسع بن سلامان ابن عوص بن بوز بن قموال بن أبي بن عوام بن ناشد بن بلداس بن يدلاف بن طانج بن جاحم بن ناحش بن ماخي بن عيض بن عبقر بن عبيد بن الدعا بن حمدان بن سنبر بن يثربي بن يحزن بن يلحن بن ارعوى بن عيض بن ديشان بن عيص بن أفناد بن أيهام بن مقصر بن ناحث بن زارح بن سمي بن مزي بن عوضه بن عرام بن قيدار بن إسماعيل عليه السلام بن إبراهيم عليه السلام أبن تارح بن ناحور بن ساروع أو ساروغ بن راعو بن فالخ بن عابر بن شالخ ابن ارفخشد بن سام بن نوح عليه السلام بن لامك بن متوشلخ بن أخنوخ بن إدريس عليه السلام ابن يرد بن مهلائيل بن قينان بن آنوشة بن شيت بن آدم عليهما السلام من مواليد محافظـة الإسكندرية 8-6-1973 الأصل من محافظه أسيوط مركز صدفا قرية الدوير عايد قبيـلة هوارة عايد الهوارى مسقـط رأس شيـخ مشايـخ عربان هوارة أسيوط الأمير عايد الهواري الملقب بسيـد العرب دكتوراة فى التاريخ الاسلامى فى انساب القبائل العربية عام 2015 من اكاديمية مشكـاة للدرسات العربية والاسلامية عن القبائـل النازحة لمصـر عقب الفتح الاسلامى رئيس ومؤسس الجمعية الخيرية لأبناء هوارة عام 2012 المشهرة برقم 3107 سفيـر النوايا الحسنة من منظـمة الضميـر التابعة للامم المتحدة ومؤلف مجـلد قاموس القبائل العربية المصرية 1:مفاتيح الانارة فى انساب قبائل العرب والمرابطين والهوارة 2:موسوعه القبائل والعائلات العربية والمصرية وهــم 1:تاريخ الامارة فى أنساب قبائل وعائلات الهوارة 2: القول السليم فى بطون وعشائر بنى سليم 3:القول المتين فى تاريخ وأنساب قبائل المرابطين وبنى سليم 4:رجال العصر فى أنساب هوازن وبنى هلال وبنى نصر 5:الأقوال الجلية فى أنساب وقبائل سيناء والشرقية 6:القول الشاف فى أنساب قبائل الأنصار والأشراف الامين العام لمجلس القبائل المصرية والعربية بالإسكندرية حاصل على درع وشهادة تقدير من المجلس المصري للقبائل المصرية والعربية رئيس اللجنة العليا لدعم الجيش والشرطة والمصالحات بالمنظمة المصرية لحقوق الانسان بالإسكندرية حاصل على شهادة تقدير من المنظمة المصرية لحقوق الانسان رئيس الجمعية الخيرية لأبناء محافظة أسيوط فرع عبدالقادر العامرية الإسكندرية وكيل مؤسسين حزب التحرير العربي حزب لم يكتمل امين عام التنظـيم بحزب مصر الثـورة سابقاً مرشح مجلس الشعب بالدائرة الرابعة بالإسكندرية عن الشباب والجمعيات الاهلية عام 2011 حاصـل على العديد من شهادات التقدير من الجمعيات الاهلية والمجالس عن دورة فى المجتمع المدني. رئيس لجـنة المساعدات الطبية بالجمعيات الاهلية شعبة العامرية باحث ومؤرخ فى تاريخ القبائل العربية والمصرية بمصر والوطن العربي أمين عام المجلس الأعلى للقبائل العربية والمصرية بالإسكندريــة

من هـو د:مصطفي سليمان أبوالطيب أبوعايـد الهواري د:مصـطفى سليمان السـيد أبو الطيب محمد أبو الطيب محمد أبويـوسف بن شيخ العـرب محمد بن شيخ عربان هوارة حمد بن شيخ العرب محمود بن شيخ العرب حمد بن الأمير حماد بن الأمير ريان بن الأمير عايد الهوارى الملقب بسيد العرب الأمير منصور بن الأمير ناصر بن الأميرسليم بن الأمير بهنان بن الأمير عوف بن الأمير مالك بن الأمير ناصر بن الأمير قيس بن الأميرالحارث بن الأمير سعد بن الأمير مالك بن الأميرغندور بن الأمير سرحان بن الأمير مالك بن الأميرعمرو بن الأمير عمارة بن الأمير عمران بن الأمير حمدان بن الأمير عامر بن الأمير عمرو بن سعد بن مسعود بن عمر بن عمير بن عامر بن ربيعة بن معاوية بن عامر بن ربيعة فارس العرب الذى قتل أول فارسى فى معركة القادسية منه بنو ربيعه بن عثمان بن ربيعة بن النابغة بن عنز بن حبيب بن وائلة بن دهمان ومنه بنو دهمان بن نصر ومنه بنو نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن ومنه القبائل الهوازنية بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس ومنه القبائل القيسية بن عيلان بن مضر ومنه بنو مضر بن نزار بن معد بن عدنان هو جد القبائل العدنانية بجزيرة العرب بن أد بن أدد بن هميسع بن سلامان ابن عوص بن بوز بن قموال بن أبي بن عوام بن ناشد بن بلداس بن يدلاف بن طانج بن جاحم بن ناحش بن ماخي بن عيض بن عبقر بن عبيد بن الدعا بن حمدان بن سنبر بن يثربي بن يحزن بن يلحن بن ارعوى بن عيض بن ديشان بن عيص بن أفناد بن أيهام بن مقصر بن ناحث بن زارح بن سمي بن مزي بن عوضه بن عرام بن قيدار بن إسماعيل عليه السلام بن إبراهيم عليه السلام أبن تارح بن ناحور بن ساروع أو ساروغ بن راعو بن فالخ بن عابر بن شالخ ابن ارفخشد بن سام بن نوح عليه السلام بن لامك بن متوشلخ بن أخنوخ بن إدريس عليه السلام ابن يرد بن مهلائيل بن قينان بن آنوشة بن شيت بن آدم عليهما السلام من مواليد محافظـة الإسكندرية 8-6-1973 الأصل من محافظه أسيوط مركز صدفا قرية الدوير عايد قبيـلة هوارة عايد الهوارى مسقـط رأس شيـخ مشايـخ عربان هوارة أسيوط الأمير عايد الهواري الملقب بسيـد العرب دكتوراة فى التاريخ الاسلامى فى انساب القبائل العربية عام 2015 من اكاديمية مشكـاة للدرسات العربية والاسلامية عن القبائـل النازحة لمصـر عقب الفتح الاسلامى رئيس ومؤسس الجمعية الخيرية لأبناء هوارة عام 2012 المشهرة برقم 3107 سفيـر النوايا الحسنة من منظـمة الضميـر التابعة للامم المتحدة ومؤلف مجـلد قاموس القبائل العربية المصرية 1:مفاتيح الانارة فى انساب قبائل العرب والمرابطين والهوارة 2:موسوعه القبائل والعائلات العربية والمصرية وهــم 1:تاريخ الامارة فى أنساب قبائل وعائلات الهوارة 2: القول السليم فى بطون وعشائر بنى سليم 3:القول المتين فى تاريخ وأنساب قبائل المرابطين وبنى سليم 4:رجال العصر فى أنساب هوازن وبنى هلال وبنى نصر 5:الأقوال الجلية فى أنساب وقبائل سيناء والشرقية 6:القول الشاف فى أنساب قبائل الأنصار والأشراف الامين العام لمجلس القبائل المصرية والعربية بالإسكندرية حاصل على درع وشهادة تقدير من المجلس المصري للقبائل المصرية والعربية رئيس اللجنة العليا لدعم الجيش والشرطة والمصالحات بالمنظمة المصرية لحقوق الانسان بالإسكندرية حاصل على شهادة تقدير من المنظمة المصرية لحقوق الانسان رئيس الجمعية الخيرية لأبناء محافظة أسيوط فرع عبدالقادر العامرية الإسكندرية وكيل مؤسسين حزب التحرير العربي حزب لم يكتمل امين عام التنظـيم بحزب مصر الثـورة سابقاً مرشح مجلس الشعب بالدائرة الرابعة بالإسكندرية عن الشباب والجمعيات الاهلية عام 2011 حاصـل على العديد من شهادات التقدير من الجمعيات الاهلية والمجالس عن دورة فى المجتمع المدني. رئيس لجـنة المساعدات الطبية بالجمعيات الاهلية شعبة العامرية باحث ومؤرخ فى تاريخ القبائل العربية والمصرية بمصر والوطن العربي أمين عام المجلس الأعلى للقبائل العربية والمصرية بالإسكندريــة

    تدرج الصوم في الإسلام

    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14756
    السٌّمعَة : 30
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 51

    تدرج الصوم في الإسلام Empty تدرج الصوم في الإسلام

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الخميس مايو 09, 2019 7:10 pm

    تدرج الصوم في الإسلام


    عندما قدم الرسول صلَّى الله عليه وسَلَّم والمهاجرون معه، إلى المدينة، وجد اليهود يصومون يوم عاشوراء، فلما سأل عن السبب قيل له: إن هذا يوم صالح، نجّى الله بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى، ولأن دين الإسلام يؤمن بكل الرسل ومنهم موسى فقد قال الرسول صلَّى الله عليه وسَلَّم إنه أحق بموسى من اليهود، فصام ذلك اليوم وأمر المسلمين بصيامه، مع زيادة يوم هو التاسع، فيكون صيام تاسوعاء وعاشوراء، مخالفة من المسلمين لليهود حتى لا يكونوا مثلهم، مثلما حدث وتغيرت القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام، ومثلما حدث وشرع الأذان للصلاة مخالفة للنصارى بعد أن كاد المسلمون يستعملون الناقوس للإعلام عن الصلاة.

    وليست مخالفة الإسلام لما سبقه من أديان في العبادات - طقوسها وشعائرها - مخالفة عناد بقدر ما هي مخالفة تدريب وتعليم للمسلمين بألا يكونوا إمعة، كما علمهم رسولهم وأمرهم أن يحسنوا إذا أحسن الناس وأن يتجنبوا إساءتهم إذا أساءوا.

    ولا يحسنون إذا أحسن الناس فقط بل يزيدون في الإحسان حسنًا، ولأننا بصدد الحديث عن الصوم، فإن الرسول لما صام وأمر المسلمين أن يصوموا يوم عاشوراء الذي يصومه اليهود احتفالا بذكرى نجاة موسى وقومه من فرعون وعمله، وزاد على ذلك اليوم، يومًا آخر يصومه المسلمون.

    وإذا كان الصوم عن الكلام قد عرفته الشريعتان المسيحية واليهودية، فإن الإسلام وإن لم يعرف الصوم عن الكلام وإن كان قد حرمه إذا استمر إلى الليل، فإن الرسول قد حبب صوم الصمت وحث عليه إن كان الكلام سيجر شرًّا ويؤدي إلى فساد، فقال صلَّى الله عليه وسَلَّم : ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت))، وليس الصمت الذي يدعو إليه الرسول، هو صوم الصم البكم الذين لا يعقلون، بل هو صمت الفكر والتدبر والتأمل، وقد امتدح الله أصحاب العقول الذين يكون صمتُهم فكرًا فقال سبحانه: ﴿ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ [آل عمران: 191].

    إذن فحتى صوم الصمت عن الكلام جعله الإسلام صوم عبادة.

    وأما الصوم عن العمل الذي رأيناه عند اليهود يوم السبت، فإن الإسلام لم يعترف بالصيام عن العمل إلا وقت صلاة الجمعة، وإلا بالقدر الذي لا يؤخر صلاة عن وقتها.

    وكذلك الإسلام دين تصحيح واستكمال فيما يتصل بكل جوانب الحياة والعبادة، مما لا يوجد في الأديان والأمم السابقة، والدليل على أن الإسلام لا يخالف الأديان السابقة لمجرد المخالفة، هو أنه قد أقر الجيد والحسن من أخلاق الجاهلية مع أنها جاهلية، فلم ينكر كرم الضيافة، ولا نجدة الملهوف، ولا حلف نصرة المظلوم، بل أكد هذه الأخلاق المحمودة.

    فإذا جاء الإسلام يفرض الصوم، فهو يفرض عبادة عرفتها أمم سابقة، ولأنه الدين الذي لا دين بعده فهو حينما يشرع فريضة فإن التدرج أساس من قواعد التشريع الإسلامي لتهيئة النفوس لاستقبال عبادة من العبادات، حتى إذا أحست النفس لها حلاوة واطمأنت بها، أكمل الله كل الأسس والقواعد التي تحكم العبادة التي شرعها، وهي هنا في هذا المقام، الصيام الذي بدأ بصوم عاشوراء وتاسوعاء كما بينا في بدء هذا الحديث، كما بدأ الصوم أيضًا في الإسلام، بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، حتى إذا كانت السنة الثانية من هجرة الرسول إلى المدينة نزل أمر الله قرآنًا بالصيام في قوله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ ﴾ [البقرة: 183، 184].

    ولكن هذا الصوم الذي فرضه الله كان "فرض تخيير"؛ من شاء صامه، ومن شاء أفطر وأطعم مسكينا فأجزأ ذلك عنه، وذلك ما يوضحه القرآن: ﴿ فَمَن كَانَ مِنكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 184].

    ثم انتقل "صوم التخيير" إلى "صوم الفرض" مخصصًا ومحددًا ومبينًا فيه من يحق له بعذر أن يفطر ليقضي بعدها صومًا بعدد الأيام التي أفطر فيها، بعد أن يزول العذر، فيقول الحق: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة: 185].

    فقد حدد الله شهر رمضان شهرًا للصيام، ولكن لماذا شهر رمضان بالذات دون غيره من الشهور؟

    مع أنه من المسلّم به أن الله سبحانه لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، فإنه جل عُلاه لم يحرم الاجتهاد، بل أعلى شأن العقل وميز به الإنسان على سائر مخلوقاته، وجعل أول آياته العلم قراءة وكتابة حين شرف القراءة وشرف القلم الذي يكتب به، وذلك في أول آيات أوحى بها الخالق الأعظم إلى خاتم رسله إذ يقول: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ [العلق: 1 - 5].

    فعلم الله الإنسان ما لم يكن يعلم وذكر في قرآنه الحكمة من أشياء وسكت عن ذكر الحكمة في أشياء أخرى قد يكشف عنها العلم الذي ييسر الله كشفه للإنسان كلما أعمل عقله وفكر وتأمل وبحث واستكشف، ومن الأشياء التي ذكرت لنا الحكمة فيها، اختيار شهر رمضان، موعدًا يلتقي فيه المسلمون معه من كل عام لأداء إحدى الفرائض الخمس التي كتبها الله على المسلمين، تقربًا وعبادة ودوامًا للاتصال به، فهو شهر أنزل الله فيه القرآن جملة إلى السماء الدنيا، وتتابع نزوله على مدى ثلاث وعشرين سنة تبعًا للمواقف والأحداث التي مرت بها الدعوة الإسلامية، وليس القرآن وحده هو الذي شرف به رمضان، بل إن صحف إبراهيم وتوراة موسى وزبور داود وإنجيل عيسى قد شرف رمضان بنزولها فيها، مع اختلاف اسم رمضان من زمن إلى زمن.

    وقد يكون لاختيار الله لرمضان شهرًا للصوم حكم أخرى اختص بها علمه غير ما علمنا به من قرآنه وأحاديث رسوله، تمامًا كما لم يعلم الناس في عصور سابقة تفاصيل أسرار حكمة الصوم نفسها التي بسطها لنا الطب الحديث وشاء الله لنا أن نعلمها زيادة يقين في أن الله ما فرض شيئًا إلا وفيه الخير لعباده المؤمنين، وليس معنى هذا أننا كنا نشك في هذه الحقيقة، ولكن نقول كما قال خليل الله لربه: ﴿ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ﴾ [البقرة: 260].

    وقد اطمأنت قلوب المسلمين الأوائل إيمانًا وتسليمًا لله الذي أراد بهم وبنا اليسر لا العسر، ولكن الملاحظ في تدرج فرض الصوم أنه بدأ اختياريًّا من شاء صامه ومن شاء أفطره وأطعم مسكينًا ولا شيء عليه، ثم نزل القرآن قاطعًا بصيام شهر رمضان، وكانت مدة الإفطار ومقاربة النساء محدودة من أذان المغرب إلى أذان العشاء، فمن تخيير إلى فرض وتحديد، فهل كان في ذلك تضييق على المسلمين بعد أن وسع عليهم؟ خاصة وأن أحد الأنصار وقع مغشيًّا عليه بعد أن فاته الإفطار حتى نام ومرت صلاة العشاء ولم يستطيع أن يأكل إلا بعد مغرب اليوم التالي حسب قواعد الصوم الأولى التي فرضها الله، بل إن عمر بن الخطاب نفسه الذي كان القرآن ينزل مصدقًا بعض ما يقول، قد اختان نفسه وجامع امرأته في الوقت المحظور، فلماذا لم يبح الله المفطرات من أذان المغرب إلى أذان الفجر كما نزلت الآيات بعد ذلك، خاصة وأن التخيير في بداية الصوم كان يجب أن يتبعه هذا التخفيف الأخير؟

    إن الله أراد أن يدرب الفئة الأولى المسلمة في مجال العبادة - وهي هنا الصوم - تدريبًا عمليًّا لما سوف يلاقونه خلال مسيرة الدعوة الإسلامية، فهم وإن استراحوا في المدينة عن مكة وأصبح لهم من الأنصار إخوان وأعوان، فإن هذا اليسر وتلك السعة لا دوام لهما، فهم وإن كانوا سينتصرون في بدر، فسوف ينهزمون في أحد، وإن كانوا سيوقفون زحف قريش والأحزاب المتحالفة معها بحفر الخندق، فسوف يتعرضون لغدر اليهود في الداخل بجانب الحصار من الخارج، ثم بعد الضيق يأتي الفرج، وبعد العسر يأتي اليسر، ليلمس المسلمون فضل الله عليهم ويكونوا موصولين به، فلا تضعف صلتهم به بعد نصر أو فتح، فتأتي هزيمة أو شدة تجعلهم يعتصمون بحبل الله المتين فيكونون دائمًا في فضل الله، يحمدونه إن جعل لهم بعد العسر يسرًا، وبعد الهزيمة نصرًا، وبعد الضيق فرجا، ويتذكرون ماذا سيكون حالهم لو امتدت بهم هزيمة أكثر مما امتدت أو طال بهم عسر أكثر مما طال، فيسجدون الله شكرًا وامتنانًا.

    وكذلك كانت فريضة الصيام يسرًا بالاختيار، ثم عسرًا بالفرض تضييقًا للزمن المباح فيه المفطرات حتى صلاة العشاء، ثم يسرًا بتوسيع الزمن حتى مطلع الفجر، ليعلم المسلمون علم يقين قائم على التجربة والدليل أن الله أراد بهم اليسر حقًّا ولم يرد بهم العسر، وليعلم كل من أراد أن يشدد على نفسه أنه لن يقدر مثلما حاول هؤلاء الرهط في عهد الرسول أن يلتزموا نظامًا في العبادة يشق عليهم فعزم أحدهم على أن يقوم الليل كله متعبدًا لا ينام، وعزم آخر على أن يصوم الدهر كله فلا يفطر يومًا، وعزم ثالث ألا يقرب النساء ولا يتزوج أبدًا تقربًا إلى الله، وكان هؤلاء المسلمون يريدون بذلك أن يدركوا مكانة الرسول عند ربه، وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، مسوغين بذلك في ظنهم قلة عبادة الرسول عندما أخبروا بها، فلما علم الرسول بأمرهم أنَّبهم إلى حد التبرؤ منهم إن لم يقلعوا عن تشددهم وقال: ((أما إني أتقاكم لله وأخشاكم له، ولكني أصلى وأرقد، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني)).

    وهؤلاء القوم الذين شددوا على أنفسهم وعدوا عبادة الرسول قليلة قياسًا إلى ما كانوا يتصورون، ثم أقنعوا أنفسهم بأن الرسول له عذره في ذلك وقد أخبره ربه ووعده وعدًا لا رجعه فيه: ﴿ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا ﴾ [الفتح: 1، 2]

    هؤلاء القوم يبدو أنهم لم يعلموا أن الرسول لم يستغل وعد ربه له بأن غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فاتكل على هذا الوعد الذي لا رجعة فيه، ونسي حقوق ربه عليه، بل إن هذا الوعد الإلهي لرسوله كان أدعى لمزيد من العبادة والشكر لدرجة أن ابن مسعود كان يصلي مع النبي وحده فلم يطق، وكاد يجلس من طول قيام الرسول وهو يحكي عن ذلك فيقول: "صليت مع النبي صلَّى الله عليه وسَلَّم ليلة فأطال القيام حتى هممت بأمر سوء، قيل: وما هممت به؛ قال: هممت أن أجلس وأدعه".

    بل إن عائشة زوجة النبي الأثيرة لديه قد تعجبت من همة الرسول في عبادته وقالت له ما قاله الرهط الذين أرادوا التشديد على أنفسهم؛ تقول عائشة رضي الله عنها: "إن النبي صلَّى الله عليه وسَلَّم كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فقلت له: لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أحب أن أكون عبدًا شكورًا".

    وهكذا عندما يرى المسلمون أن الله قد خفف عنهم ويسر لهم أمور عباداتهم؛ فجعل فرض الصلاة من خمسين فرضًا إلى خمسة، وجعل الحج لمن استطاع إليه سبيلا، وجعل الصيام لمن استطاعه صحيحًا سليمًا مقيمًا بالغًا، وجعل المباحات حتى طلوع الفجر من رمضان، وجعل من يأكل أو يشرب ناسيًا لا شيء عليه وليتم صومه.

    عندما يرى المسلمون ذلك التيسير، ألا يكون ذلك أدعى لمزيد من شكر الله صلاة أكثر مما افترضه سننا ونوافل، وصيامًا أكثر مما افترضه، كل يومي اثنين وخميس أو ثلاثة من كل شهر أو حسبما تيسر لكل مسلم، وهو شكر عبادة له أجره وثوابه الذي لا يضيع، ومن اكتفى بما فرضه الله عليه فحسبه ذلك وكفى.

    ولكن هناك من يشددون على أنفسهم، حتى يندمون بعد ذلك، كما فعل عبد الله بن عمرو الذي يحكي للمتشددين من بعده قصته ليعتبر بها كل مبالغ متشدد في أمور الدين في كل عصر.

    يقول عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: أُخبر رسول الله صلَّى الله عليه وسَلَّم أنى أقول: "لأقومن الليل ولأصومن النهار ما عشت"، فقال رسول الله صلى الله عليهم وسلم: "أنت الذي تقول ذلك؟ فقلت: قد قلته يا رسول الله، فقال: إنك لا تستطيع ذلك فصم وأفطر، ونم وقم، وصم من الشهر ثلاثة أيام، فإن الحسنة بعشر أمثالها، وذلك مثل صيام الدهر"، قلت: فإني أطيق أفضل من ذلك، قال: صم يوما وأفطر يومين"، قلت: فإني أطيق أفضل من ذلك يا رسول الله، قال: صم يومًا وأفطر يومًا، وذلك صيام داود عليه السلام، وهو أعدل الصيام"، قلت: فإني أطيق أفضل من ذلك، قال: لا أفضل من ذلك".

    وذلك حتى يقطع الرسول على عبد الله تماديه في التشديد على نفسه، وقال له إن صيام يوم وإفطار يوم أفضل من صيام كل الأيام، حتى يكون ذلك وسيلة للقدرة على الدوام، وأفضل العبادة إلى الله تعالى أدْوَمُها وإن قل، ولذلك ندم عبد الله بن عمرو بعد أن كبرت سنه وضعف عن دوام العبادة التي تمسك بأدائها أمام رسول الله صلَّى الله عليه وسَلَّم وقال: "لأن أكون قبلت الثلاثة الأيام صيامًا من كل شهر التي قال رسول الله صلَّى الله عليه وسَلَّم أحب إلي من أهلي ومالي، فندم لأنه لم يقبل إرشاد النبي ولم يسر في عبادته على هذه الرخصة السهلة التي يمكنه الدوام عليها، ولكنه لم يرض لنفسه أن يترك عبادة قال للنبي صلَّى الله عليه وسَلَّم إنه يطيقها، ولذلك ورد أنه كان يفطر أيامًا حتى يقوى، ثم يصوم ما فاته.

    ولهذا أكد الرسول ضرورة الأخذ برخصة الله في العبادة؛ لأن الله أدرى بعباده منهم حينما أباح لهم ما أباح من تيسير، لذا قال صلَّى الله عليه وسَلَّم: ((عليكم برخصة الله التي رخص لكم))، وإن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه.

    وبلغ من تيسيرات الله أن من أفطر لعذر في رمضان، فليس عليه أن يقضي ما أفطر من أيام إلا بعد زوال العذر، ولا يجب عليه التتابع في القضاء.

    وعلى المسلم أن يختار الأيسر؛ لأنه كما قال الرسول صلَّى الله عليه وسَلَّم : "إن خير دينكم أيسره"، وهذا اليسر الذي اتسم به الإسلام هو خير يسر وضعه الله في دين من الأديان السابقة، ومع هذا اليسر لم يحرم الإسلام على أتباعه أن يأخذوا بالعزم ويدربوا أنفسهم، منذ نعومة أظفارهم على العبادة حتى يألفوها إذا ما كبروا ولا تشق عليهم فيفاجأون حين يبلغون التكليف بالقيام بأعبائها فينفرون منها.

    صحيح أن الصبيان غير مكلفين بصيام إلا حين يبلغون سن التكليف، إلا أن الإسلام أباح تدريبهم عليه، مما يدل عليه ما روته الصحابية الأنصارية الرُّبَيِّع بنت مُعَوِّذ رضي الله عنها قالت: أرسل النبي صلَّى الله عليه وسَلَّم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار: من أصبح مفطرًا فليتم بقية يومه، ومن أصبح صائمًا فليصم"، قالت: فكنا نصومه بعد ونُصوّم صبيانَنا، ونجعل لهم اللعبة من العهن - الصوف - فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذاك، حتى يكون عند الإفطار"، فمباح تعويد الأطفال على الصيام وشغلهم عن الطعام بأية وسيلة مسلية من لعبة أو غيرها، حتى يحين موعد الإفطار، وقياسًا على الصوم، يكون تدريب الأطفال على الصلاة باصطحابهم إلى المسجد، والصلاة أمامهم، لينشأ الأطفال على حب العبادة ويستمتعوا بحلاوة الإيمان حين يكبرون.


    --------------------------------------------------------------------------------


    رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/3518/#ixzz5nToEjVFQ


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14756
    السٌّمعَة : 30
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 51

    تدرج الصوم في الإسلام Empty رد: تدرج الصوم في الإسلام

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الخميس مايو 09, 2019 7:10 pm

    مفسدات الصيام المعاصرة التي تعم بها البلوى


    مقدِّمة:

    شَرَع الله الصِّيام مَحْدودًا بِحُدود شرعيَّة، مَن تجاوزها أفْسَد صِيامه أو نقَّصه، فيجب على المسلم أن يعرفَ حُدُود ما أنزل الله على رسوله، ممَّا يَتَعَلَّق بالعِبادات التي فُرِضَتْ فَرْض عَيْنٍ على كُلِّ مسلمٍ ومنها الصِّيام، وخاصَّة فيما يَتَعَلَّق بِمَعْرفته، بِمَا يُؤَدِّي إلى فساد صَوْمه وبُطْلانه، وقد ظهر في عصرنا هذا منَ المُفْطرات المُتَعَلِّقة بالجَوَانب الطِّبيَّة ما ينبغي النَّظَر فيه، ودراسته؛ للتَّوَصُّل إلى القول الذي تدل عليه النُّصوص، والقَوَاعد الشَّرعيَّة.

    ولم أَقِف على كتابٍ، أو بحثٍ مُستقلٍّ حول هذه الموضوعات، عدا ما وَرَدَ ذِكْره في بُحُوث المجمع الفِقهي، أو كُتُب الفتاوى المُعَاصِرة، وهي تعتمد في الخَوْض فيها على دراستها في ضوء نصوص الكتاب والسُّنَّة، وتأصيل هذه المسائل وإرجاعها إلى قواعدها الشَّرعيَّة المُتعلِّقة بالصِّيام، وتخريج هذه المسائل على ما ذَكَرَه فُقَهاؤنا المُتَقَدِّمونَ رحمهم الله.

    ومُفسدات الصِّيام التي ذَكَرَها الفُقهاء قديمًا، والمُتفق على أنَّها منَ المُفطرات، والتي يدل عليها النَّص والإجماع، على أنَّها مُفسدة للصِّيام، ما يلي:

    1 - الأَكْل.

    2 - الشُّرب.

    3 - الجِماع.




    ودليلُ هذه الثلاثة قوله تعالى: ﴿ فَالْآَنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ﴾[1].

    1 - دم الحَيْض والنِّفاس:

    ودليلُه حديث أبي سعيد الخدري رضيَ الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أليس إذا حاضَتْ، لَمْ تصلِّ، ولم تَصُم))[2].

    2 - السَّعوط:

    وهو إيصال شيءٍ إلى الجوف، من طريق الأنف، فهذا مُفطر؛ ودليله قوله صلى الله عليه وسلم: ((وبالِغ في الاستنشاق، إلاَّ أن تكونَ صائمًا))[3]، وَلَعَلَّ علَّة هذا النَّهي هي: خشية دخول الماء منَ الأنف إلى الجوف عند المُبَالغة.

    3 - القيء:

    وهو تَعَمُّد إخراج ما في المَعِدة منَ الطعام، ودَلَّ على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ((مَن ذَرَعه القَيء فَلَيس عليه قضاء، ومَنِ استقاء عمدًا فَلْيَقْضِ))[4].

    4 - الاستمناء:

    وهو استدعاء خُرُوج المَنِي بِنَحْو لَمْس، أو ضَمٍّ، أو تقبيل، ونحو ذلك مما يدخل تحت اختيار المرء، وهو منَ المفطرات عند عامَّة أهل العلم، قال ابن قدامة[5]: "يفطر به الصَّائم بِغَيْر خلاف نعلمه"، ولِعُموم قوله صلى الله عليه وسلم: ((يَدَع شهوته وأكله وشُربه من أجلي))[6].

    أمَّا المسائل المعاصرة المُسْتَجَدَّة، والتي ينبغي البحث في كونِها مُفسدة للصِّيام فكثيرةٌ؛ منها ما يلي:

    بخَّاخُ الرَّبْو، والأقراص التي توضَع تحت اللسان، والمناظير الطِّبيَّة "منظار المعدة"، وقطرة الأنف، والأذن، والعين، وغاز الأوكسجين، وبخَّاخ الأنف، وغازات التخدير "البنج"، والحقن العلاجيَّة بأنواعها: (الجلديَّة، والعَضَليَّة، والوَرِيديَّة)، والدهانات، والمَرَاهم، واللصقات العلاجيَّة، وإدخال القسطرة (أنبوب دقيق) في الشَّرايين للتصوير أوِ العلاج، وإدخال منظار البطن، أو تنظير البطن، والغسيل الكلوي، وما يدخل إلى الجسم عبر المِهْبل: كالغسول المهبلي، والتحاميل، والمنظار المهبلي، وأصبع الفحص الطبي، وما يدخل إلى الجسم عبر فتحة الشرج: كالحقن، والتحاميل الشرجيَّة، والمنظار الشَّرَجي، وما يدخل إلى الجسم عبر مَجْرى البول: كإدخال القسطرة أوِ المنظار، أو إدخال دواء أو محلول لغسل المثانة، أو مادة تُسَاعد على وضوح الأشعة، والتَّبَرُّع بالدم.

    غير أنِّي أكتَفِي بالحديث عنِ المسائل التي تَعُم بها البَلْوى، والتي تقع شاملة للمُكلَّفين باسْتِمرار، بِحَيث يعسُر على المكلَّف الاحتراز منها، ويصعُب الاستغناء عَنِ العمل بها، والتي في ظَنِّي أن منها ما يلي:

    المسألة الأولى: غسيل الكُلى وقياسه على الحجامة، وأَثَر ذلك على الصيام.

    المسألة الثانية: بخَّاخ الرَّبو، وأثرُ استعماله على الصيام.

    المسألة الثالثة: استِعمال الصَّائم قطرة الأنف.

    المسألة الرابعة: استعمال الصَّائم قطرة العين.

    المسألة الخامسة: الحُقَن العلاجيَّة (الجلديَّة، العَضَليَّة، الوَرِيديَّة).




    ولكن قبل البَدْء بِذِكْر مختصر ما قيلَ في كل واحدةٍ منَ المسائل الخمس السابقة، أَذْكُر الجامِع الذي يجمع هذه المسائل، وكل المسائل السَّابقة، وهو وصولُ شَيءٍ إلى الجوف لِيَكُون بِمَعْنى الأكل أوِ الشرب؛ لأنَّ القارئ لِكَلام الفقهاء يجد أنهم يستخدمون هذا المصطلح، ويبنون عليه حكم الإفطار مِن عدمه، فما المقصود بالجوف في كلام الفُقَهاء؟

    اختلفتْ أقوال المذاهب الأربعة في ذلك على النَّحو التالي:

    المذهب الحنفي:

    بيَّن الأحناف مُرَادهم بالجوف عند حَدِيثهم عنِ الجائفة؛ فالجائفة عندهم: هي التي تصل إلى الجوف، والمواضع التي تنفذ الجراحة منها إلى الجوف[7]: هي الصدر، والظهر، والبطن، والجنبان، وما بين الأنثيين والدُّبر، ولا تكون في اليدين والرِّجلَيْنِ، ولا في الرَّقَبة والحلق جائفة؛ لأنَّه لا يصل إلى الجوف[8]، وفرقوا بين المعدة والجوف، فإنَّ الجوف يشمل المعدة وغيرها مما يوجد في التَّجويف البطني، أمَّا الحلق فقد جعلوا الدَّاخل إليه مفطرًا؛ لكونه منفذًا إلى الجوف، كما قال الكاساني: "يُكره للمرأة أن تذوق المَرَقة لِتَعْرفَ طعمها؛ لأنه يخاف وصول شيء منه إلى الحلق، فتفطر"[9].

    كذلك الدماغ، جعلوا الدَّاخل إليه مفطرًا؛ لكونه منفذًا إلى الجوف، وكذلك المنافذ الأخرى، كالإحليل، وقبل المرأة وغيرها جعلوا الداخل إليه مفطرًا؛ لكونه منفذًا إلى الجوف.

    فهم بذلك لا يقصرون الجوف على المعدة؛ بل يشمل كلَّ التَّجويف البطني، أما باقي المنافذ فقد جعلوا الدَّاخل إليه مفطرًا؛ لكونه منفذًا إلى الجوف[10].

    المذهب المالكي:

    تَكَلَّموا كذلك عنِ الجوف عند حديثهم عنِ الجائفة، كما جاء في "المدونة": أنَّ الجائفة ما أفضى إلى الجوف، وإن مدخل إبرة[11]، وهم يَرَوْن أنَّ الجوف هو كل البطن، وليس فقط المعدة، ويُفطرون بِمُجَرد الوصول إلى الحلق ولو لم ينزل، واختلفوا في الدِّماغ، أما باقي المنافذ فلا بدَّ من وصول الداخل منها إلى الجوف[12].

    المذهب الشافعي:

    يُطلق الشافعية مسمَّى الجوف على كل مجوف كباطن الأُذن، وداخل قحف الرأس، وباطن الإحليل، وإن لم يصل الدَّاخل إليها إلى المعدة، وأمَّا وصول الداخل إلى الحلق، فإنه يبطل الصوم وإن لم يصل إلى المعدة؛ بل ذهبوا إلى أكثر من ذلك، فإنَّ الصائم يفطر عندهم إذا وصل الداخل إلى باطن الفم، وحَدُّه مخرج الحاء، أو الخاء، فما بعده باطن.

    وإن غلبه القيء فلا بأس، وكذا لا يفطر لو اقتلع نخامة منَ الدماغ أو الباطن وَلَفَظَها - أي: رماها - لأنَّ الحاجة لذلك تَتَكَرر، فرُخص فيه، لكن يسن قضاء يوم، أمَّا إذا لم يقتلعها بأن نزلت من محلها منَ الباطن إليه، أو قلعها بسعال، أو غيره، فَلَفَظَها فإنه لا يفطر قطعًا، وأمَّا لوِ ابْتَلَعها مع قُدرته على لَفْظها بعد وصولها لحد الظاهر، فإنه يفطر قطعًا، فلو نزلت من دماغه وحصلت في حد الظاهر منَ الفم، وهو مخرج الحاء المهمَلَة، فما بعده باطن فليقطعها من مجراها، وليمجها إن أمكنه، حتى لا يصلَ منها شيءٌ للباطن، فإن تَرَكَها مع القُدرة على لَفْظِها فَوَصَلَتِ الجوفَ، أفطر في الأصح لتقصيره[13].

    المذهب الحنبلي:

    يرى الحنابِلة أنَّ ما وصل إلى أحد الجوفين جوف البدن أو الدماغ، فهو مفطر، قال ابن قدامة في "الكافي": "وإن أوصل إلى جوفه شيئًا مِن أي موضع كان، أو إلى دماغه، مثل: أنِ احتقن، أو داوى جائفة بما يصل جوفه، أو طعن نفسه، أو طعنه غيره بِإِذنه بما يصل جوفه، أو قطر في أذنه فوصل إلى دماغه، أو داوى مأمومة[14] بما يصل إليه أفطر؛ لأنه إذا بطل بالسَّعوط، دَلَّ على أنه يبطل بِكُل واصل مِن أي موضع كان؛ ولأنَّ الدِّماغ أحد الجوفين"[15].

    وقال في "المغني"[16]: "إنَّه يفطر بِكُل ما أدخله إلى جوفه، أو مجوف في جَسَده: كدماغه، وحلقه ونحو ذلك، مما ينفذ إلى مَعِدته، إذا وصل باختياره وكان مما يمكن التَّحَرُّز منه".

    والذي يظهر أنَّ الحنابِلة يقصدون بالجوف المَعِدة، فقد صَرَّح ابن قدامة - كما سبق - بذلك أي إنَّ المُفَطر ما يصلُ إلى المعدة.


    الخُلاصَة والتَّرْجيح:

    إنَّ الفقهاء منهم الذين يَرَوْن فساد الصوم بِغَير الواصل إلى الجوف: كالواصل إلى الدِّماغ والدُّبر، والأذن والأنف، ونحوها، بناءً على وصوله إلى الجوف. ومنهم الذين يَرَوْن أنَّ هذه المنافذ (الدماغ والدبر، والأذن والأنف، ونحوها) - جوف بِحَد ذاتها، ولو لم يصل ما يدخل مِن طريقها إلى التَّجويف البَطْني.

    ولكن المُتَأمل سيظهر له أنَّ الجوف هو المَعِدة فقط، أي إنَّ المفطر هو ما يصل إلى المَعِدة دون غيرها من تجاويف البدن؛ لأن المعدة - كما هو معروف - مكان التَّغذية، ووصول الطَّعام إليه ليمدَّ الجسم بالطاقة، وبناء عليه؛ يمكن في المسائل التالية، محاولة معرفة هل ما يتناوله الصائم عبر المنافذ المختلفة في البدن يصل به إلى المعدة، أو لا؟ وذلك للوصول للحكم على أنَّ ذلك الشَّيء الذي تناوله الصائم قد دخل إلى الجوف (المعدة)، فتغذى الجسم منه فأفطر؛ أم لا.

    وعند التأمُّل في قول الله تعالى: ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ﴾ [17]، يَتَبَيَّن أنَّ الشَّارع علَّق الفطر على الأكل والشُّرب، وكما هو معلوم أنَّ الأكل والشُّرب في حالة الإنسان الطبعي - أي: في صحَّة تامَّة، غير مريض - يكون بالفم، والغرض غالبًا منَ الأكل والشُّرب هو تغذية الجسم، فإذا لم يَتَحَقَّق هذا الأمر فيما يصل إلى الجوف (المعدة)، فلا يُسمَّى أكلاً ولا شربًا.

    وبِمَعنًى آخر: فإنَّ الفطر يحصُل بِأَحد أمرين[18]:

    الأول: الأكل والشُّرب، وهو إيصال الطعام أوِ الشَّرَاب إلى الجوف (المعدة)، من طريق الفم أو الأنف، بِشَرط أن يستقرَّ الداخل في الجوف (المعدة)، ويتحلل فيه، فأمَّا ما لا يستقر؛ كما لو أدخل خيطًا أو منظارًا ثم أخرجه، فلا يفطر، وكذا إذا كان لا يتحلل في جوفه: كالحصاة، والنُّقود المعدنيَّة، ونحوها.

    الثاني: ما كان بِمَعْنى الأكل والشُّرب، وهو كل ما ينفذ إلى البدن، ولو مِن غير الفم أو الأنف مما فيه تغذية للبَدَن، فأمَّا ما ليس بِمُغذٍّ (ليس مقصودًا لذاته)، فليس بِمُفطر؛ لأنَّه ليس أكلاً ولا شُربًا ولا بمعناهما، وهذه مقدمة هامَّة أرجع إليها فيما يأتي مِن مسائل معاصرةٍ، هل هي مُفسدة للصِّيام، أو لا؟






    رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/3505/#ixzz5nToVkbHi


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14756
    السٌّمعَة : 30
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 51

    تدرج الصوم في الإسلام Empty رد: تدرج الصوم في الإسلام

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الخميس مايو 09, 2019 7:11 pm

    المسألة الأولى

    غسيل الكُلى وقياسه على الحجامة

    وأَثَر ذلك على الصِّيام

    يعتبر الفَشَل الكُلوي منَ الأمراض الشائعة التي انتشرت في هذا العصر، والكُلية ذلك العضو مع صغر حجمه، إلاَّ أنَّه يقوم بوظائف أساسيةٍ، ترتكز عليها حياة الإنسان، فلا يستطيع العيش بدونها، إلاَّ أن الطبَّ الحديث قدِ استحدثَ ثلاث طُرُق لِمَرضى الفَشَل الكُلوي، وهي:

    1 - الغسيل الدموي (الديلزة الدموية).

    2 - الغسيل البريتوني (الديلزة الصفاقية).

    3 - زراعة كُلية جَدِيدة.

    فأمَّا زراعة كُلية جديدة فهو موضوع آخر، يَتَعَلَّق بِحُكم زراعة الأعضاء، وأمَّا الطريقتان الأوليان فهما الحَلُّ الأسرع والمبدئي، الذي يُعمل لِسَائر مرضى الفشل الكُلوي.

    والمريض المُصَاب بِهَذا المرض في شهر رمضان مُضطر للدُّخول في إحدى هاتين الطريقتين، وفيما يلي أُلقي نظرةً طبِّيَّة سريعةً عليهما؛ حتى يمكن تَصَوُّر الحكم في كونهما مُفطرتينِ أم لا.

    الطريقة الأولى: طريقة الغسيل الدموي للكُلى، ويُعرف بالديلزة الدموية:

    تعتمد هذه الطَّريقة على ضَخِّ الدم من خلال الكُلية الصناعية، التي يتم من خلالها إزالة السُّموم، ومِن ثَمَّ إعادة الدم إلى الجسم.

    والكُلية الصناعيَّة: هي عبارة عنِ اسطوانة، تَحْتوي على غشاء يفصل بين الدم وبين سائل التَّنقية، ويوجد في هذا الغشاء فتحات صغيرة جدًّا، تسمح بِمُرور السموم والأملاح إلى سائل التنقية، وسائل التنقية عبارة عن ماء يُضاف إليه بعض الأملاح، وسكر، ومعادن، تُعادل الكميات الموجودة في الدم، تَعْبر الفضلات السَّامة والأملاح الزَّائدة منَ الدم إلى سائل التنقية، يحدث العكس كذلك، أي: تعبر الفضلات السامة والأملاح الزائدة من سائل التنقية إلى الدم، ومِن ثَمَّ يتم ضخ الدَّم إلى الجسم مَرَّة أُخرى، بينما يطرد سائل التنقية المُحَمَّل بِالفَضلات السامة إلى الصَّرْف الصِّحي.

    وتستلزم عمليَّة التنقية الدَّمويَّة هذه إعطاء أدوية متعددة كمسيلات مثل: الهرمونات، والفيتامينات، كما تستغرق هذه العملية من 3 - 4 ساعات، ثلاث مرات أُسبوعيًّا.

    الطريقة الثانية: التنقية البريتونية (الديلزة الصفاقية):

    أشرت في الطريقة السابقة إلى الغشاء الموجود في الكُلية الصناعيَّة، والذي يفصل بين الدم وبين سائل التنقية، وهذا الغِشاء يوجد مثله في بطن الإنسان، يحيط بالأمعاء والأعضاء الأخرى، وهو يسمح لأمعاء البطن بالتَّحَرُّك، دون حُدُوث احتكاكٍ فيما بينها، كذلك في هذه الطريقة يوجد الغِشاء البريتوني، الذي يحتوي على فتحات صغيرة جدًّا تشبه المنخل، يوضع في تجويف البطن، حيث يتم إدخال أنبوب صغير في البطن، وينفذ منَ الجسم بِجَانب السُّرة؛ لِيَقوم بإدخال سائل التَّنقية إلى تجويف البطن؛ لتَتَرَشح الفضلات السامة منَ الدم الموجود في الأوعية الدَّمَوية لأعضاء البطن، إلى سائل التنقية، ويَتَكَوَّن سائل التنقية المستخدم في هذه الطريقة منَ الماء النَّقي، مُضافًا إليه الأملاح، والمعادن، والسكر.

    وهناك طريقتان في استخدام الغسيل البريتوني هما:

    1 - الطَّريقة اليدوية.

    2 - الطَّريقة الأوتوماتيكية (الآلية).

    الطريقة اليدوية:

    في هذه الطريقة يقوم المريض بِوَضع السَّائل النَّقي في تَجْويف البطن، حيث يُترك السائل من 4 إلى 6 ساعات، خلال هذه الفترة تنتقل الفضلات السامة منَ الدم إلى تجويف البطن إلى السائل، وبعد مرور هذه الفترة يُعاود المريض إلى فتح الأنبوب، وتفريغ السائل المُحَمَّل بالسموم والسوائل الزائدة عن حاجة الجسم، ثم يتم وضع سائل نقي مرة أُخرى في تجويف البطن، وفي كل مرة يضع المريض كميات تَتَرَاوح بين 1 إلى 3 لترات، حسب حجم جسمه، وتَتَكَرَّر هذه العمليَّة من 4 إلى 5 مرات يوميًّا.

    الطريقة الثانية:

    تعتمد هذه الطَّريقة على استخدام جهاز يقوم بِوَضع السائل النقي، وسحب السائل المُحَمَّل بالسموم، لِفَترة تَتَرَاوح من 7 إلى 9 ساعات، أثناء النَّوم فقط، وخلال هذه الفترة يظل المريض مُتَّصل بجهاز الغسيل البريتوني، وتمتاز هذه الطَّريقة بِعَدم حاجة المريض لِفَصْل وإعادة شبك الأنبوب الموجود في البطن، كذلك عدم حاجته إلى وَضْع وتفريغ السائل بِنَفْسه؛ ولكن هذه الطريقة تَتَطَلَّب وجود المريض في السرير خلال فترة الديلزة[19].

    وبعد هذا العَرْض الطِّبي السريع في كيفيَّة غسيل الكُلى، والتَّصَوُّر الواضح الذي خرجنا به عمَّا يتم فيه منَ الناحية الطِّبية، أَنْتَقِل إلى ذِكْر شيءٍ مما قيل في الحجامة؛ لكونها قريبة شيئًا ما منَ الغسيل الكُلوي، إضافةً إلى أنَّ عددًا منَ الباحثين المعاصرين يقيسون غسيل الكُلى بالحجامة، وفي هذا القياس نَظَر، وأعده منَ القياس مع الفارق - من الناحية الطبية - حيث إنَّ الحجامة - كما هو معروف - استخراج دم فاسد منَ البَدَن - من أي جزءٍ منه - ولا يُعوض بِبَدِيل عنه، بينما غسيل الكُلى هو إخراج دم مُحَمّل بالسموم وإعادته دمًا منقى؛ بل مضافًا إليه بعض المواد المُغَذية، وأُخرى غير المُغَذية.

    ومع ذلك كله، فَلْنَنْظُر فيما ذكر عنِ الحجامة من خلاف، وأدلة، عَلَّنا نخرج بعدها وبعد عرضنا الطبي السابق بِنَتِيجة في مسألتنا.

    فالحجامة - كما هي معروفة -: إخراج الدَّم منَ البَدَن للتَّداوي، وفيها خلاف طويل لأهْلِ العلم في كونها مُفطرة أم لا، وهل يفطر الحاجم والمحجوم بها، ومُلَخَّص ذلك كما يلي:

    القول الأول:

    وهو القول بِفَساد الصوم بالحجامة، وبفطر الحاجم والمحجوم بِفِعْلها، وهو مذهب الحنابلة، ونُقِل عن جماعة منَ الصحابة رضي الله عنهم أنهم كانوا يحتجمون ليلاً، ويَتَجَنّبون الحجامة بالنَّهار، نُقل هذا عن ابن عمر، وابن عباس، وأنس، وغيرهم، رضي الله عنهم[20].

    والدليل العُمْدة الذي يحتج به مَن قال بِفَساد الصوم بالحجامة، هو قول النبي: صلى الله عليه وسلم: ((أفطر الحاجم والمحجوم))[21].

    القول الثاني:

    وهو القول بأن الحجامة لا تفسد الصوم، ولا يفطر بها لا الحاجم ولا المحجوم، وهذا مذهب الحنفية[22]، والمالكية[23]، والشافعية[24].

    ومما استُدل به لِهَذا القول ما يلي:

    1 - عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم "احتجم وهو محرم، واحتجم وهو صائم"[25].

    2 - عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم رخص في الحجامة للصائم[26].



    وجه الدلالة منه: وقوله "رخص"، دليل على أنه كان ممنوعًا، ثم رخص فيه، فهذا حجة لِمَن قالوا بأن آخر الأمرين هو الرُّخصة بالحجامة للصائم[27]،وقال ابن حزم: "صَحَّ حديث: ((أفطر الحاجم والمحجوم))[28] بلا ريب؛ لكن وَجَدْنا من حديث أبي سعيد: ((أرخص النبي صلى الله عليه وسلم في الحجامة للصَّائم))، وإسناده صحيح، فوَجَبَ الأخْذ به؛ لأنَّ الرُّخصة إنما تكون بعد العزيمة، فدَلَّ على نسخ الفطر بالحجامة، سواء كان حاجمًا أم محجومًا"[29].

    3 - وكذلك حديث أنس رضي الله عنه أنه سُئِل: أكنتم تكرهون الحجامة للصائم؟ قال: "لا، إلاَّ من أجل الضَّعف"[30]؛ أي: لم يكونوا يكرهون الحجامة؛ لأنها تفطر، ولكن كانوا يكرهونها خشيةَ أن يضعف الصائم فيفطر، إلى غير ذلك مِن أقوال الصَّحابة والتَّابعين.

    وقد وَرَدَتْ بعض المناقشات على دليل أصحاب القول الأول: ((أفطر الحاجم والمحجوم))، أذكر بعضًا منها:

    1 - بأنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم مرَّ على رجلينِ، وهما يغتابان، وكان أحدهما حاجمًا والآخر محجومًا، فقال صلى الله عليه وسلم: ((أفطرا))؛ بسبب الغِيبة، وهذا ضَعيف سندًا، وضعيفٌ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم عَلَّق الفطر بالحجامة، ولأن الغيبة لا تفطر، باتِّفاق العلماء أو ما يُشبه الاتفاق[31].

    2 - وأجاب بعضهم بأن معنى أفطر - أي قارب الفطر - أي: كادا أن يفطرا؛ لأن الغالب أنه إذا احتجم، فإنه يضعف عن مُوَاصَلة الصيام، وقد يحتاج إلى الأكل أوِ الشُّرب، وهذا إن صحَّ في حال المحجوم، فليس بِوَاضح في حال الحاجم؛ لأنَّه لم يُسْتخرج منه شيء[32].

    3 - وقيل: إنَّ حديث: ((أفطر الحاجم والمحجوم))، منسوخ بِحَديث ابن عباس رضي الله عنهما السابق[33].

    الخلاصة والترجيح:

    وَلَعَلَّ القول الذي استند إلى الحجَّة الأقوى، هو ما ذَهَب إليه الجمهور مِن أنَّ الحجامة لا تفسد الصَّوم.

    الخِلاف في مسألة غسيل الكُلى، وأَثَره على الصِّيام:

    وبناءً على ما سَبَق، فقد تَوجه الخلاف في مسألة غسيل الكُلى، هل يُفطر، أو لا؟ وقد حاولتُ جَمْع الأقوال في ذلك، فَوَجَدت أنَّ مَرَدَّها إلى قولينِ، بناءً على ما ذكرت منَ الخلاف في مسألة الحجامة:

    القول الأول:

    ذَهَب عدد منَ العلماء المعاصرينَ إلى أنَّ غسيل الكُلى مفسدٌ للصوم، ومُفَطر للصائم الذي يقوم به، وعليه قضاء ذلك اليوم الذي يقوم بالغسيل فيه[34]، ومما استند به مَن قال ذلك ما يلي:

    1 - أنَّ غسيل الكلى يُزَوِّد الجسم بالدم النقي، وقد يُزَود مع ذلك بمواد أُخرى مغذية، وهو مفطر آخر، فاجتمع لمريض الكُلى مفطران: تزويد الجسم بالدم النقي، وتزويده بالمواد المغذية[35].



    2 - القِياس على الحجامة، كما في حديث: ((أفطر الحاجم والمحجوم))[36]، بِجامع أنَّ في العَمَلَيَّتينِ إضعاف للبدن، وإخراج للدم، وهذا القياس أضفته دليلاً لأصحاب هذا القول؛ لما رأيته من كلام العلماء المعاصرين قياسهم بذلك، وقد ذكرت سابقًا[37] أني أعده منَ القياس مع الفارق - منَ الناحية الطِّبية - حيثُ إنَّ الحجامة - كما هو معروف - استخراج دم فاسد من البدن - من أي جزء منه - ولا يُعوض بِبَدِيلٍ عنه، بينما غسيل الكُلى هو إخراج دم محمل بالسُّموم وإعادته دمًا منقى، بل مضافًا إليه بعض المواد المغذية، وأُخرى غير المغذية، حتى إنَّ الشيخ ابن العثيمين عندما سُئل عن صوم مَن يعمل غسيل الكلى، قال: "وأما بالنسبة للصيام فأنا في تَرَدُّد من ذلك، أحيانًا أقول: إنه ليس كالحجامة، الحجامة يستخرج منها الدم ولا يعود إلى البدن، وهذا مفسد للصوم كما جاء في الحديث، والغسيل يخرج الدم وينظف ويُعاد إلى البدن"[38].

    القول الثاني:

    وهو القول بِعَدم فساد الصوم بغسيل الكُلى، وإخراج الدم وإدخاله، ولو كان كثيرًا، كما هو واقع غسيل الدم، ولا يَفطر الصائم بذلك، بل يُكمل صيامه ولا شيء عليه، سواء كان ذلك بواسطة الحُقَن المستعمَلة في علاج الفشل الكلوي، حقنًا في الصفاق[39] البريتوني، أو بالكلية الصناعية[40].

    ومما استدل به مَن قال بِعَدم فساد الصوم بغسيل الكُلى، ما يلي:

    1 - أنَّ غسيل الكُلى ليس أكلاً، ولا شربًا، إنما هو حقن للسوائل في صفاق البطن، ثم استخراجه بعد مدة، أو سحب للدم ثم إعادته بعد تنقيته، عن طريق جهاز الغسيل الكُلوي[41].

    2 - أنَّ الأحاديث مُتَعارضة متدافعة، في إفساد صوم من احتجم، فأقل أحواله أن يسقط الاحتجاج بها، والأصل أنَّ الصائم لا يُقضى بأنه مُفطر إذا سَلِم من الأكل والشرب والجِماع، إلا بسنّة لا معارض لها[42].

    3 - أنَّ الأصل في العبادات - والصوم منها - الوقوف عند النُّصوص، والأحكام التَّعَبُّديَّة، لا يُقاس عليها[43].

    4 - الحجة - هنا - عدم الحجة؛ لأنَّ الصَّوم عبادة شرع فيها الإنسان على وجه شرعي، فلا يُمكن أن نفسدَ هذه العبادة إلاَّ بدليل[44].

    5 - الأصل عدم التفطير، وسلامة العبادة حتى يثبت لدينا ما يفسدها[45].

    6 - أننا إذا شككنا في الشيء، أمفطر هو أم لا؟ فالأصل: عدم الفطر، فلا نجرؤ أن نفسد عبادة متعبِّدٍ لله، إلاَّ بدليل واضح، يكون لنا حجة عند الله - عز وجل[46].

    7 - أنَّ سائل التنقية والمواد المضافة إليه في عملية غسيل الكلى، لا يُقصد بها التغذية، من حيث الأصل لبدن المريض المعالج، حتى ولو كان في هذه المواد ما يمكن وصفه بالتغذية؛ بل تحولت إلى كونها مواد علاجية دوائيَّة، لإعادة التوازن لمكونات الدم في بدن المريض، فالأصل المقصود بها: العلاج والدواء والتغذية تابعة، والتابع تابع[47].

    8 - إنما نُهِيَ الصائم عن إخراج ما يُضعفه، ويُخرج مادته التي بها يتغذى كالمني، كما نهي الصائم عن أخذ ما يقويه منَ الطعام والشراب الواصل إلى المعدة، وغسل الكُلى إخراجًا وإدخالاً ليس كذلك.

    9 - أن القائم بغسيل الكلى يقوم بأمر طبيعي من وظائف البدن، لا مندوحة عنه في فعله، ولا اختيار له في تركه[48].

    10 - وأرجع لما ذكرتُه سابقًا في خلاف (الجوف)، فغسيل الكُلى بنوعيه البريتوني، والإنفاذ الدموي، لم يدخل إلى الجوف من منفذ طبيعي مفتوح؛ بل لم يدخل إلى الجوف أصلاً؛ لأني كما قررت سابقًا أن الجوف هو المعدة.

    الخلاصة والترجيح:

    منَ العرض الطِّبي السابق، وكذا ما ذكرته منَ الخلاف في الحجامة وغسيل الكلى، وما صحب ذلك من عرض لأدلة كل فريق ممن قال بفساد الصوم بهما (الحجامة، وغسل الكلى)، وممن قال بِعَدم الفساد في ذلك، فإني أُعيد القول في ذلك كله إلى طريقتي الغسيل الكلوي التي ذكرتهما بداية، وبِتَطبيق هاتينِ الطَّريقتينِ على مريض الفشل الكلوي المُزْمن، والمحتاج إلى العلاج بِعَملية الغسيل الكلوي؛ فإنه سيكون أمامه أن يعمل ما يلي:

    أولاً: المريض القائم بِغَسيل الكُلى بِطَريقة الغسيل الدموي (الديلزة الدموية):

    سيكون في يوم الغسيل مُفطرًا، وسيكون عليه قضاء بعد ذلك إن قدر عليه بعد شهر رمضان، في الأيام التي لا يقوم فيها بالغسيل، وهذه العمليَّة - كما ذكرت سابقًا - تستغرق من 3 إلى 4 ساعات ثلاثة أيام أسبوعيًّا.

    وهذا المريض في هذه الحالة، الذي أراه أنه يمكنه الأخذ بِقَول مَن رأى بِعَدم فساد الصوم بذلك، وإن كنتُ أنصح هؤلاء المرضى الذين يستخدمون هذه الطريقة بالقيام بِعَملية الغسيل ليلاً، خاصَّة وأنِّي سألتُ أحد الأطباء ممن أثق به أنه يمكن للمريض برمجة وقته ليكون الغسيل ليلاً، فالمهم أن تكون ثلاث مرات، إلاَّ أن بعض المرضى قد تزداد لديهم الحالة فيحتاجون إلى الغسيل في أيِّ لحظةٍ من ليل أو نهار، وحينئذٍ جازَ له فعل ذلك ولو كان صائمًا.

    ثانيًا: المريض القائم بِغَسيل الكُلى بِطَريقة الغسيل البريتوني (الديلزة الصفاقية):

    فهذا كما لاحَظْنا منَ العرض الطبي لا يقدر على الصيام نهائيًّا؛ لأن هذا النوع من الغسيل - كما ذكرنا سابقًا - يجب أن يستمر يوميًّا من 7 إلى 9 ساعات، ولا يمكن أن يتوقَّف عنه، ولو ليوم واحد، فهذا - والعلم عند الله - يسقط عنه الصيام؛ لأنه في حكم المريض، ومرضه هذا قد يكون منَ النوع الذي لا يُرجى بُرْؤُه، فقد شاهدنا مرضى نعرفهم مصابين بهذا المرض كانت نهايتهم الوفاة - والله المستعان - لذا فالذي يظهر والله أعلم أنَّ له الفطر، ومما يدل على ذلك قوله تعالى: ﴿ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ [49].

    وهذا المريض عليه أن يسألَ طَبيبَه المختص عن حالته؛ فإن كانت هناكَ طريقة يمكنه عملها ويشفى بإذن الله؛ فهذا يفطر، على أمل الشفاء والقضاء، أما أذا لم يكن لِمَرضه حلٌّ طبيٌّ، وأن النهاية ستكون الوفاة، فله أن يُفطر ويُطعم عن كل يوم مسكينًا؛ كما في قوله تعالى: ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ﴾ [50]، وقد رأينا منَ الشريعة السمحة مراعاتها أمر التَّيسير، ورَفْع الحَرَج؛ كما في قوله تعالى: ﴿ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [51]، وقوله تعالى: ﴿ لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ ﴾ [52]، إلى غير ذلك منَ الأدلة الشَّرعيَّة الدَّالَّة على هذا المقصد العظيم[53].





    رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/3505/#ixzz5nTogDHeM


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14756
    السٌّمعَة : 30
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 51

    تدرج الصوم في الإسلام Empty رد: تدرج الصوم في الإسلام

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الخميس مايو 09, 2019 7:12 pm

    المسألة الثانية

    بخَّاخ الربو، وأثر استعماله على الصيام

    بداية أذكر تعريفًا لِمَرض الربو:

    مرض الرَّبْوِ هو: التهاب مُزمن يصيب القَصَبات الهوائيَّة، مما يُؤدي إلى ضيقها عند تعرض المريض للمواد الحساسة، مما يؤدِّي إلى صعوبة دخول وخروج الهواء أثناء التَّنَفُّس، وهذا ما يعرف بالنوبة القلبية[54].

    وأنواع الأدوية المستخدمَة في علاج الربو كثيرة، وما يهمنا هنا هي تلك الأدوية، التي يستخدمها المريض عنْ طريق الاستنشاق بالفم، كبخاخ الربو خاصَّة.

    تعريف بخاخ الربو وطريقة استعماله:

    وهو عبارة عن علبة فيها دواء سائل، وهذا الدواء يحتوي على ثلاثة عناصر: الماء، والأكسجين، وبعض المستحضرات الطِّبية، ويتم استعماله بأخذ شهيق عميق مع الضغط على البخَّاخ في نفس الوقت، وبعد استنشاقه يترسب جزء منه في الفم والبلعوم، ويصل إلى المعدة والأمعاء الدقيقة بعد البلع، إلاَّ أنَّ معظم الدَّواء يذهب إلى القصبات، والقصيبات الهوائيَّة.

    وحجم المادة الدوائية التي تصل إلى الجوف (المعدة) ضئيل جدًّا؛ بل قد لا يذكر من أجزاء المليلتر، وغالب حديثي هنا يرتكز على الأدوية التي تستخدم كموسعات للشُّعَب الهوائية، والتي هي عبارة عن أدوية وقتية، ويستمر مفعولها من 4 - 6 ساعات، وتعمل هذه الأدوية على ارتخاء عضلات الشُّعَب الهوائيَّة، ومنع إفراز المواد الكيميائيَّة المُسَببة لتَقَلُّص العضلات مدة مفعولها، وهي ما تُعَرف بالفينتولين (Ventolin)، ويستخدم في علاج ذلك (البخاخ المضغوط)، وهذه علبة يكون الدواء فيها على شكل سائل مضغوط مع الهواء في أنابيب؛ أي: يَتَكَوَّن من ثلاث عناصر - كما ذكرت: الماء، والأكسجين، وبعض المستحضرات الطبية -.

    وتستعمل هذه البخاخات بِطَريقتينِ:

    الطريقة الأولى: تكون مباشرة: وهي الشهيرة والمنتشرة والتي تعم بها البلوى، وذلك بأن توضع فتحة البخاخ في الفم وتغلق الشفتان، ثم يضغط على جهاز البخاخ؛ لإخراج الدواء ليستنشقه المريض بفمه، فينتشر في الرئة داخل القصبات الهوائية.

    الطريقة الثانية: وهي استعمال الأقماع الهوائية التي تغطي الفم والأنف معًا، وهي ليست مدار بحثنا[55].

    وهل بخاخ الربو يُفطِّر أو لا؟ اختلف في ذلك العلماء المعاصرون على قولَيْنِ:

    القول الأول:

    أنَّ استخدام بخاخ الربو في نهار رمضان لا يفطر الصائم باستعماله، ولا يفسد الصوم[56]، ومما استند عليه أصحاب هذا القول ما يلي:

    1 - أنَّ الصائم له أن يَتَمَضمَضَ ويستنشقَ، وإذا تَمَضْمَضَ سيبقى شيء مِن أَثَر الماء، مع بلع الريق سيدخل المعدة، والداخل من بخاخ الربو إلى المريء ثم إلى المعدة هذا قليل جدًّا، فيُقاس على الماء المتبقي بعد المضمضة، ووجه ذلك أنَّ العبوة الصغيرة تشتمل على 10 مليلتر منَ الدواء السائل، وهذه الكمية وُضعت لمائتي بخة، فالبخة الواحدة تستغرق نصف عُشر المليلتر، وهذا يسير جدًّا[57].

    2 - وأيضًا: أنَّ دخول شيء إلى المعدة من بخاخ الربو ليس أمرًا قطعيًّا؛ بل مشكوك فيه، والأصل بقاء الصوم وصحته، واليقين لا يزول بالشك[58].

    3 - أن هذا لا يشبه الأكل ولا الشُّرب، ولا ما في حكمها[59].

    4 - أن الأطباء ذكروا أن السواك يحتوي على ثمان مواد كيميائية، وهو جائز للصائم مطلقاًَ - على الراجح - ولا شك أنه سينزل شيء من هذا السواك إلى المعدة، فنزول السائل الدوائي كنزول أثر السواك([60]).

    القول الثاني:

    أنه لا يجوز للصائم أن يستعمل بخاخ الربو، وإن احتاج إلى ذلك فإنه يتناوله ويعتبر مفطرًا، وعليه قضاء صيام اليوم الذي استعمله فيه[61]، وحجتهم في ذلك ما يلي:

    1 - أنَّ جزءًا من بخاخ الربو الدوائية، تشتمل على الماء، فهو يصل إلى الجوف (المعدة)، فيكون مفطرًا للصائم بذلك.

    2 - ولأنه دواء يستنشقه الصائم عن طريق فمه فيفطر به[62].

    وقد يناقش هذا: بأنَّه إذا سُلِّم بِنُزوله، فإنَّ النازل شيء قليل جدًّا يُلْحَق بما ذكرنا من أثر المضمضة، و يجاب عنه كذلك بالدليل الأول لأصحاب القول الأول[63].

    الخلاصة والترجيح:

    والذي يظهر والله أعلم أن استعمال الصائم بخاخ الربو لا يُفطر، ولا يفسد صومه بذلك، خاصة أن المادة العلاجية فيها مُوجهة إلى مجرى النفس، وهو الحويصلات والقصبات الهوائية، وليس إلى مجرى الطعام (المعدة)، وما يصل منها إلى الجوف (المعدة) ضئيل وقليل جدًّا، بل ولا يُقصد إيصالها إليها، وليس موجه إليها، وهو يسير غير مقصود، وما كان كذلك فإنه لا يُفطر، لا سيما مع عموم البلوى بهذا الدواء، فكثير من الناس يشتكون من هذا المرض العصري، إضافةً إلى أنه يشق على الصائم تأخير استعماله إلى الليل، إذا ما أصابته أزمة تنفسية شديدة نهار رمضان، فلا سبيل للتخلص والخروج منها إلاَّ بِتناول ذلك واستعماله.

    وممكن أن يُقاس استعمال بخاخ الربو، على عدد منَ النظائر التي نَصَّ عليها الفقهاء المتقدمين والمعاصرين على أنها لا تُفطر؛ ومن ذلك ما يلي[64]:

    1 - البَلَل اليسير الذي يبقى في جدار الفم بعد المضمضة، فإنه يختلط بالرِّيق، وينزل إلى الجوف ولا يفطر به الصائم؛ لأنه يسير غير مقصود، قال في "الدُّر المختار": "إذا بقي في فِيهِ بَلَل بعد المضمضة لم يفطر؛ لأنه واصل بِغَير قصد"[65]، وقال في "كشاف القناع": "إذا بلغ ما بقي من أجزاء الماء بعد المضمضة لم يفطر؛ لأنه واصل بغير قصد"[66]، ومنَ المعلوم أن ما يصل إلى الجوف من هذا البلل أكثر بكثير مما يصل إلى الجوف عند استعمال بخاخ الربو.

    2 - الأثر المنفصل عنِ السواك الرطب عند استعمال الصائم له، لا يفطر به الصائم، ولو وصل إلى جوفه؛ لكونه يسيرًا غير مقصود.

    3 - قطرة الأنف - وسيأتي الكلام عنها إن شاء الله - فقد جاء في مجلة مجمع الفقه الإسلامي في عددها العاشر[67] بأنها لا تفطر.



    المسألة الثالثة

    استعمال الصَّائم قطرة الأنف

    الأنف منفذ إلى الحلق كما هو معلوم بدلالة السُّنَّة، والواقع، والطِّب الحديث، فمنَ السُّنَّة قوله صلى الله عليه وسلم: ((وبالِغ في الاستنشاق إلاَّ أن تكون صائمًا))[68]، فدل هذا الحديث على أنَّ الأنف منفذ إلى الحلق، ثم المعدة، والطب الحديث أثبت ذلك، فإن التشريح لم يدع مجالاً للشَّك باتصال الأنف بالحلق[69].

    واختلف العلماء المُعاصِرون في تفطيرها للصائم، إذا استعملها حال صيامه على قولينِ:

    القول الأول:

    أنَّ القطرة في الأنف تفطر[70]، وهؤلاء يشترطون وصولها إلى الجوف (المعدة)، واستدلوا بما يلي: بقوله صلى الله عليه وسلم: ((وبالِغ في الاستنشاق إلاَّ أن تكونَ صائمًا))[71].



    وجه الدَّلالة منه:

    1 - فيه دليل على أنَّ الأنف منفذ إلى المعدة، وإذا كان كذلك فاستخدام هذه القطرة نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم.

    2 - وأيضًا: نَهْي النبي صلى الله عليه وسلم عنِ المبالغة في الاستنشاق، يتضمن النهي عنْ إدخال أي شيء عن طريق الأنف، ولو كان يسيرًا؛ لأن الدَّاخل عن طريقِ المُبَالَغة شيء يَسير.

    القول الثاني:

    أنَّ القطرة في الأنف لا تفطر، وليس لها أثرٌ في الصوم[72]، ومما عللوا به لهذا القول ما يلي:

    3 - أن ما يصل إلى المعدة من هذه القطرة قليل جدًّا، فإنَّ الملعقة الواحدة الصغيرة تتسع إلى 3 - 5 سم، من السَّوائل، وكل 3 سم يمثل خمس عشرة قطرة، فالقطرة الواحدة تمثل جزءًا من خمسة وسبعين جزءًا مما يوجد في الملعقة الصغيرة، وبعبارة أخرى حجم القطرة الواحدة (0.06) من 3سم[73]، وهذا القليل الواصل أقل مما يصل منَ المتبقي منَ المضمضة، فيعفى عنه قياسًا على المتبقي منَ المضمضة.

    4 - أنَّ الدواء الذي في هذه القطرة مع كونه قليلاً فهو لا يُغَذي، وعلة التفطير هي التقوية والتغذية، وقطرة الأنف ليست أكلاً ولا شربًا - كما سبق تقريره - والله تعالى إنما علق الفطر بالأكل والشُّرب.

    الخلاصة والترجيح:

    لقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في تعليم الوضوء: ((وبالِغ في الاستنشاق، إلاَّ أن تكون صائمًا))، وما أفهمه مِن هذا الحديث تَنْزيلاً على مسألتنا أمران:

    1 - أنَّ القطرة الخفيفة التي لا تصل إلى الحلق لا تبطل الصوم؛ لأنَّه صلى الله عليه وسلم لم يَنْه الصائم عنِ الاستنشاق مطلقًا، وإنما أمره بِعَدم المُبَالغة فيه.

    2 - وأمَّا القطرات الكثيرة التي تصل إلى الحلق فإنها تفسد الصَّوم؛ لأنه صلى الله عليه وسلم نهى الصائم عنِ المبالغة في الاستنشاق، والمُبَالغة من شأنها أن توصل الماء إلى الحلق، ويتبع ذلك الابتلاع فساد الصوم.






    رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/3505/#ixzz5nTorbQOd


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 12:57 pm