العصر الإسلامي
أما في العصور الإسلامية فقد ذهب الكثير من رجالات الكرد إلى مصر والقاهرة على شكل جنود وقادة عسكريين وطلبة علم لتلقي المعرفة من الجامع الأزهر، ومن الشخصيات الكردية التي برزت في مصر في العصر الفاطمي أحمد بن ضحاك أحد الأمراء الأكراد، الذي تولى في عهد الخليفة الفاطمي القادر بالله مناصب مهمة في الجيش المصري، واتفق أن جردت حكومة روما الشرقية جيشاً على قلعة ( آفاميا ) بالقرب من نهر العاصي تحت قياد القادة (دوقس داميانوس ــ دهلاسينوس )، واحتدمت المعارك بين الجيش الرومي والجيش المصري الذي كان بقياد القائد ( جيش بن محمد بن الصمصامة )، وأسفرت عن اندحار الجيش المصري الذي لم يبق منه سوى خمسمائة خيال، في حين كان قائد الجيش المنتصر يتمتع بنشوة الظفر من فوق ربوة عالية . فلم يتمالك القائد الكردي أحمد بن ضحاك من الاندفاع نحو القائد الرومي فهجم عليه بمفرده وأراده قتيلاً. وصاح عندئذ بصوت جهوري قائلاً : " إن عدو الله قد قضى نحبه "، فأثر ذلك على معنوية الجيش المصري المدحور وعاد إلى ميدان النضال فهزم الجيش الرومي، فكتب النصر بذلك للجيش الفاطمي(3).
وبرز أيضاً الملك العادل أبو الحسن سيف الدين علي بن سالار، وزير الظافر العبيدي صاحب مصر. وكان كرديا من عشيرة ( زرزائي ) الساكنة في إيران، وقد ربي في القصر بالقاهرة، وتقلبت به الأحوال في الولايات بالصعيد، فعيّن والياً على الإسكندرية، وتولى الوزارة للظافر في القاهرة في رجب سنة (543 هـ)، ونُعِتَ بالعادل أمير الجيوش. واستمر في الوزارة إلى أن قتل بيد حفيد امرأته أم عباس ( نصر بن عباس ) في سنة(548 هـ/ 1152م)، بعد أن كان شهماً مقداماً ذا سطوة مع صحبته لأصحاب العلم والإصلاح. وعمر بالقاهرة المساجد، وبنى مدرسة في الإسكندرية للشافعية(4).
الكرد يؤسسون الدولة الأيوبية في مصر
من أرض مصر استطاع البطل الكردي الخالد صلاح الدين الأيوبي ( 1137-1193م) تأسيس دولته العظيمة التي استمرت أكثر من مائة عام، ومن القاهرة انطلق إلى الشرق لتوحيد بلاد الشام، ومن هناك قاد الجيوش الإسلامية لمقارعة الصليبين ودك معاقلهم، واستطاع هزيمتهم وكسر شوكتهم عقب معركة حطين الشهيرة 1187م، والتي مهدت السبيل لاسترجاع القدس وتحرير المنطقة من الغزو الصليبي.
يعد الملك المنصور أسد الدين شيركوه أول من ولي مصر من الأكراد الأيوبيين، وهو أخو نجم الدين أيوب، وعمّ السلطان صلاح الدين، وكان من كبار القواد في جيش نور الدين زنكي بدمشق، وقد أرسله على رأس جيش إلى مصر (سنة 558هـ) لنجدة شاور بن مجير السعدي الوزير الفاطمي في مصر، واشتبك مع جيش ضرغام في بلبيس وانتصر عليه وحاصره في القاهرة، ومن ثم وقعت الفسطاط في يده، واستلم القاهرة وقتل ضرغام. وبعد ذلك نبذ شاور صداقة شيركوه ومنعه من دخول القاهرة. وعلى اثر ذلك أرسل شيركوه الأمير صلاح الدين لاحتلال بلبيس والشرقية، فلما علم شاور بالأمر استعان بملك القدس الصليبي وطلب مساعدته. وأرسل له جيشا قوياً ووجهه إلى بلبيس، ودافع شيركوه عن بلبيس ثلاثة أشهر دفاع الأبطال وانتهى الأمر باتفاق ملك القدس مع شيركوه وأخلى الاثنان مصر سنة 558هـ .
رجع شيركوه مع جيشه إلى الشام. ولكن جيش ملك القدس خلافاً للمعاهدة وبدسيسة من شاور بقي في مصر، وعلى إثر ذلك قرر السلطان نور الدين زنكي مع شيركوه احتلال مصر. وبعد ثلاث سنوات من الحملة الأولى قام شيركوه على جيش يربو على ألفي محارب وتوجه إلى مصر بقصد احتلالها سنة 562هـ ، وبعد متاعب كثيرة وصل إلى الجيزة وتقابل مع جيش القدس الإفرنجي على الضفة اليسرى من نهر النيل، وعلى حين غرة هجم جيش القدس ولولا قيادة وحزم شيركوه لانتصروا عليه، ولكنه لم يقبل بالمصادمة وتوجه إلى الصعيد واشتبك في الحرب معه بالقرب من البابين وانتصر، واحتل الإسكندرية ونصب الأمير صلاح الدين قائداً عليها وترك نصف جيشه هناك، وأخذ الباقي وتوجه إلى الصعيد. أما ملك القدس فقد انسحب بعد خذلانه إلى القاهرة، وأخذ معه جيش مصر وحاصر الإسكندرية. وعلاوة على ذلك أرسل أسطوله لمحاصرة القلعة بحراً. فدافع الأمير صلاح الدين مقابل تلك القوة البحرية والبرية سبعين يوماً دفاعاً لا نظير له.
أما شيركوه فإنه تقدم بالقسم الباقي من جيشه وحاصر مصر. فإدارة شيركوه الحازمة وبطولة الأمير صلاح الدين أدخل الذعر إلى قلوب الأعداء واضطرهم إلى طلب الصلح، فلم يقبل شيركوه الصلح إلا على شرط إخلاء مصر من قبل الطرفين.
وفي الواقع أخليت مصر ورجع شيركوه إلى الشام، ولكن بعد فترة قصيرة أرسل ملك القدس جيشاً إلى بلبيس بقصد الاستيلاء على مصر وقام بأفظع الأعمال فيها، مما أجبر الحكومة الفاطمية نفسها أن ترسل هيئة من قبلها حاملة كتاباً وفي طيه جدائل نساء القصر تستغيث بالسلطان نور الدين زنكي. فأرسل السلطان شيركوه للمرة الثالثة على رأس جيش كبير إلى مصر قدر بنحو سبعين ألفا. فلما وصل خبر جيش الشام إلى ملك القدس خاف عواقب عمله وعاد إلى القدس في سنة 564هـ.
وصل شيركوه إلى القاهرة واستقبله أهلها استقبالاً حاراً ورحبوا به، وعلم بأن شاور بن مجير يأتمر به لقتله هو ومن ومعه من كبار القواد. فتعاون مع صلاح الدين على قتل شاور وأرسل رأسه إلى الخليفة " العاضد" . الذي خلع عليه السلطنة ولقبه بالملك المنصور أمير الجيوش، وولاه الوزارة سنة 564هـ. ولم يقم غير شهرين وخمسة أيام . فتوفي فجأة سنة 564هـ /1169م. ودفن بالقاهرة. ثم نقل مع أخيه نجم الدين أيوب إلى المدينة المنورة ودفنا هناك، وقلد العاضد منصبه إلى ابن أخيه صلاح الدين الأيوبي ولقبه بالملك الناصر(5).
تولى صلاح الدين الوزارة وقيادة الجيش ولقب بالملك الناصر، ثم أنهى حكم الفاطميين وأصبح صاحب السلطة في مصر واستقل بها.
بعد وفاة نور الدين زنكي شهدت الشام اضطرابات دعي صلاح الدين إلى ضبطها، فقام هناك بتهدئة الأوضاع وتوحيد البلدان حولها، وبدأ إصلاحات فيها وكذلك في مصر التي بنى قلعتها الشهيرة ( قلعة الجبل) والعديد من المدارس والمستشفيات والمساجد والطرق، وحافظ على المذهب السني وأعاد نشره من مخالب التشيع الخطير آنذاك، وتتابعت إنجازاته حتى دانت له البلاد، وأصبحت دولته الأيوبية تمتد من النوبة في أقصى جنوب مصر إلى بلاد الأرمن شمالاً، والجزيرة والموصل شرقاً إلى برقة غرباً، وحينها بدأ يكرس جهده لمواجهة حملات الصليبيين وغاراتهم.
تمكن صلاح الدين من توحيد شتات المسلمين بعد تفرقهم في دويلات متناحرة هيأت للصليبيين السيطرة على أراضيهم ومنها بيت المقدس سنين طويلة، وكان رجل سياسة وحرب بعيد النظر، كما عرف بعطائه وإنفاقه في سبيل الله حتى إنه لم يدخر لنفسه مالاً ولا عقاراً، وكان يهتم بإصلاح الشؤون العامة من عمران، ومجالس علم، وحلقات أدب.
كما يسجل لصلاح الدين حماية المسيحيين الشرقيين، وبالأخص أقباط مصر الذين أحبوه ووضعوا صورته في كنائسهم وأديرتهم، فصورة صلاح الدين المنشورة اليوم في جميع أرجاء العالم منقولة من كتاب روسي مأخوذ من دير قديم بمصر. ويدل البيتان الآتيان لحكيم الزمان عبد المنعم الأندلسي، الذي هبط مصر في عهد صلاح الدين، ونظم قصائد في مدحه، على أن المسيحيين في ذلك العهد رسموه ووضعوا رسمه في الكنائس؟ فهو يقول :
فحطوا بأرجاء الكنائس صورة لك اعتقدوها كاعتقاد الأقانم
يدين لها قس ويرقى بوصفهـا ويكتبه يشفي به في التمائــم
وعن هذا الموضوع كتب أحمد زكي باشا المصري مقالة في مجلة" رعمسيس" يقول فيها: " كان القبط يحبون هذا الملك العظيم صلاح الدين، الذي حماهم ورعاهم، وعرفوا في كل أيامه السعادة والهنا، وأي دليل على هذا أكبر من وضع صورته إلى جانب الأيقونة المقدسة".
كان صلاح الدين بطلاً كردياً عربياً إسلامياً عالميا، ومن أهم الشخصيات في التاريخ الإسلامي، شهد له بذلك الشرق والغرب معا، ودخل الحروب وخرج منها مرفوع الرأس، مخالفا سير العظماء أمثال الإسكندر المكدوني ونابليون وغيرهما، فالإسكندر انتصر في البداية لكنه اندحر في النهاية ومات قتيلا على يد عبيده، ونابليون دوخ العالم لكنه مات منفياً مسموماً في إحدى الجزر النائية... نعم سيبقى العالم يذكر انتصارات صلاح الدين وإنجازاته السياسية والعمرانية على مر الأيام والسنين، وخير من رثاه بأفصح عبارة يوم وفاته والدته التي خاطبته وهو مسجى في قبره:" سأضع سيفك في كفنك، وسيعرفك الله، فأنت سيفه"(6).
وحكم مصر الملك العادل الكبير سيف الإسلام أبو الفتح محمد أبو بكر بن نجم الدين أيوب بن شادي بن مروان (1145ـ 1218م)، وكان نائب السلطنة بمصر عن أخيه صلاح الدين أثناء غيبته في الشام، وتنقل في الولايات إلى أن استقل بملك الديار المصرية (سنة 596 ) وضم إليها الديار الشامية، وأرمينية وبلاد اليمن حتى أصبح سلطان الدولة الأيوبية سنة 596هـ/1199م. ولما صفا له جو الملك قسم البلاد بين أولاده، وعاش أرغد العيش. ملكا ً عظيماً حنكته التجارب، حسن السيرة محباً للعلماء. توفي بقرية عالقين في حوران سنة 615هـ/1218م، وهو يجهز العساكر لقتال الإفرنج، ودفن في مدرسته المعروفة إلى اليوم بالعادلية وهي المتخذة أخيرا ً دارا ً للمجمع العلمي" بدمشق. وفي أيامه زال أمر الإسماعيلية من ديار مصر، بعد أن قبض على كثير منهم، ولم يجسر أحد بعدها أن يتظاهر بمذهبهم(7).
ومن سلاطين الأيوبيين في مصر الملك الكامل ناصر الدين أبو المعالي محمد ابن الملك العادل محمد أبي بكر ابن أيوب، كان عارفاً بالأدب، له شعر، وسمع الحديث ورواه. ولد بمصر سنة 576هـ/1180م، أعطاه أبوه الديار المصرية، فتولاّها مستقلا بعد وفاته سنة 615هـ ، وحسنت سياسته فيها. واتجه إلى توسيع نظام حكمه، فكانت الخطبة باسمه، ودعي له بلقب " مالك مكة وعبيدها، واليمن وزبيدها، ومصر وصعيدها، والشام وصناديدها، والجزيرة ووليدها...الخ"، وله موقع مشهور في الجهاد بدمياط ، إذ قاوم الحملة الصليبية الخامسة التي احتلتها، وأعادها سنة 630هـ ، وعقد اتفاقية مع فردريك الثاني الإمبراطور الجرماني. وكان حازماً عفيفا عن الدماء، مهيبا، كان فيه جبروت، ومن آثاره بمصر المدرسة" الكاملية ".
كان ملكا جليلا مهابا، حازما حسن السيرة، يباشر أمور مملكته بنفسه، وأنفق الأموال الكثيرة، وكان يحب أهل العلم ويجالسهم، ويؤثر العدل، وكانت الطرق آمنة في أيامه، مات بدمشق بعد شهرين من فتحها سنة 635هـ/ 1238م(
.
ومن كبار الملوك الأيوبيين الذين حكموا مصر الملك الصالح نجم الدين أبو الفتوح أيوب بن السلطان الملك الكامل: وهو زوج شجرة الدر.
ولد ونشأ بالقاهرة 1206. سلطنه أبوه على آمد وحران وسنجار وحصن كيفا. وملك دمشق، ثم ملك الديار المصرية ودانت له الممالك. وقد ضبط الدولة بحزم، وأعاد وحدة الدولة الأيوبية من جديد سنة 1245م. واستعان بالأتراك الخوارزميين، فاستعاد القدس من الصليبين، وفي أواخر أيامه أغار الإفرنج على دمياط واحتلوها وأصاب البلاد ضيق شديد، وكان الصالح غائباً في دمشق، فقدم ونزل أمام الفرنج وهو مريض بالسلّ فمات بناحية المنصورة 1249م، ونقل إلى القاهرة.
كان نجم الدين أيوب سياسيا بارعاً، وكان يطمح إلى إنشاء دولة كدولة صلاح الدين والكامل تتألف من مصر وفلسطين والشام وبلاد ما بين النهرين، وكانت قصوره في شبه جزيرة الروضة بالنيل وفي الكبش، ومدرسته، ذائعة الصيت في تلك الأيام(9).
وهناك الملك المعظم توران شاه ابن الملك الصالح نجم الدين أيوب ابن الملك الكامل: ثامن سلاطين الدولة الأيوبية بمصر وآخرهم، كانت إقامته في حصن كيفا (بديار بكر) نائباً عن أبيه. ولما توفي أبوه سنة 1249م كتمت ( شجرة الدر) خبر موته، فاستدعته، فسار إلى القاهرة، والحرب ناشبة بين المصريين والفرنسيين على أبواب ( المنصورة) فلبس خلعة السلطان بعد أربعة أشهر من وفاة أبيه، وقاتل الفرنج، وهزمهم واسترد دمياط، ففرح الناس وتيمنوا بوجهه.
ثم تنكر لشجرة الدر، فحرضت عليه المماليك البحرية فقتلوه في" فارسكور" 1250م، وبمقتله انقرضت دولة بني أيوب بمصر ومدتها 86 سنة (10).
اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين-عمان-الأردن
الهوامش
(1) فيليب حتي: تاريخ سورية ولبنان وفلسطين، بيروت دار الثقافة، 1951 ص162-163 محمد أمين زكي: خلاصة تاريخ الكرد:ص97.
(2) جوليا سامسون: نفرتيتي، ترجمة مختار السويفي، القاهرة: الدار المصرية اللبنانية للنشر، 1992.
(3)مشاهير الكرد:1/96-97، كتاب تجارب الأمم: 3/228 ، خلاصة تاريخ الكرد:134.
(4)مشاهير الكرد:2/82 .
(5)ابن خلكان 1/227، ابن خلدون 5/282، لبن الأثير 11/128، أعلام النبلاء، 4/258 ومنتخبات التواريخ، وفيه:كان شيركوه من بلد دوين، قصد العراق هو وأخوه أيوب، وخدما بهروز شحنة السلجوقي ببغداد، ثم لحقا بخدمة عماد الدين زنكي، وبقي شيركوه مع نور الدين محمود، بعد موت أبيه زنكي، وأقطعه نور الدين حمص والرحمة، ولما رأى من شجاعته، وزاده عليها أن جعله مقدم عسكره.مفرج الكروب 1/148-168بعض أخباره، الاعلام4/183، مشاهير الكرد:1/266-267، شذرات الذهب:4/211
(6)وفيات الأعيان:2/376، تاريخ الخميس: 2/378، تاريخ ابن خلدون:4/79، و5/250-330، الكامل:12/37، السلوك:1/41-114، طبقات السبكي:4/325، الدارس:2/178-188، مرآة الزمان:8/425، مفرج الكروب: 1/168، ترويح القلوب:87، 88، الأعلام لابن قاضي شهبة، النجوم الزاهرة:6/3-63، شذرات الذهب:4/298، الشرفنامة:1/80-91، دائرة المعارف الإسلامية:14/263-277، الأعلام للزركلي:8/220، مشاهير الكرد:1/1-12، بدائع الزهور:1/69 ، البداية والنهاية:12/13،معجم البلدان:3/151، سنا البرق الشامي:42المواعظ والاعتبار:2/233 ، تاريخ حلب:2/154-162 ، الموسوعة العربية:2/1128، صلاح بدر الدين: موضوعات كردية، 25، تاريخ الدول والإمارات الكردية في التاريخ الإسلامي:المقدمة
(7) الوافي بالوفيات:2/235، ابن خلكان: 2/48 وفيه: ولادته بدمشق سنة 540 وقيل 538، ابن إياس: 1/75، السلوك1:/194 وفيه مولده سنة 538 ، مرآة الزمان: 8/594، الأعلام: 6/47 ، حي الأكراد: 126، معجم الأنساب والأسرات الحاكمة:150، خطط المقريزي:2/236.
(
الوافي بالوفيات:1/194، الكامل 12/126،135، 186، السلوك 1/194- 260 وفيات الاعيان2/50، الدارس 2/277،مرآة الزمان 8/705، الأعلام 7/28، خطط الشام:2/92، معجم الأنساب والأسر الحاكمة:151.
(9) المنهل الصافي:3/227، الدليل الشافي:1/178،النجوم الزاهرة:6/319، أعيان العصر:1/95، الوافي بالوفيات:10/55، خطط المقريزي 2/236، ابن إياس 1/83، السلوك 1/339، تاريخ الاسحاقي 189، مرآة الزمان 8/775، الأعلام 2/38 ، شذرات الذهب:5/237، دائرة المعرف الإسلامية:14/115-120
(10)الدليل الشافي:1/230، المنهل الصافي:4/183، ابن إياس:1/85، ابن الوردي: 2/181، ابن شاكر 1/97، السلوك1:/361 وفيه ما يخالف رواية غيره، فهو يذكر أن الملك المعظم ساءت سيرته مع المماليك البحرية فقتلوه، ولا يذكر شجرة الدر، ويقول: أن مدة بني أيوب بمصر 81 سنة ، مرآة الزمان: 8/781، مجلة المجمع العلمي: 16/308، الأعلام: 2/90 ، فوات الوفيات:1/263، شذرات الذهب:5/292، طبقات الشافعية:8/134.
الكرد في بلاد مصر
من أعلام الكرد في مصر في العصور الوسطى
هاجر إلى أرض الكنانة عشرات من العائلات والعناصر الكردية خلال العصر العباسي والفاطمي والأيوبي والمملوكي والعثماني، وقطنوا في أغلب المدن المصرية من الإسكندرية شمالاً حتى أسوان جنوبا، وظهر من بينهم القائد والجندي والتاجر والعالم والمزارع، و نبغ منهم أعلام في شتى مناحي الحياة السياسية والعسكرية والأدبية والفقهية والدينية، واستطعنا الاستدلال عليهم من خلال انتسابهم إلى المناطق الكردية التي قدموا منها في كردستان كمدن: الدينور، واسعرد، وخلاط، وميافارقين، ودنيسر، وماردين، وهكاري، وحران، وشهرزور، ودوين، واربل، وآمد ... أو من خلال انتسابهم إلى أصلهم الكردي فعرفوا به، مع أننا تجنبنا ذكر الأعلام الكرد الذين نزلوا القاهرة ومصر لتحصيل العلم وممارسة الوظائف المختلفة ومن ثم عودتهم إلى ديارهم بعد انتهاء فترة عملهم هناك، لذا انحصر الحديث هنا على الكرد الذين نزلوا مصر وعاشوا في مدنها واتخذوها دار سكن وإقامة، وأدركتهم الوفاة فيها، مع ملاحظة أن بعض الكرد نسب نفسه إلى المدن المصرية كالقاهري نسبة إلى القاهرة، والدمياطي نسبة إلى دمياط،و الإسنائي نسبة إلى أسنا.
وفي هذا المقال نستعرض أبرز أعلام الكرد الذين نبغوا في ديار مصر خلال العصر العباسي والأيوبي والمملوكي، مستعرضين سيرهم حسب تاريخ سني الوفاة:
1ـ النحوي واللغوي أحمد بن جعفر الدينوري (أبا علي ). وهو أحد النحاة المبرزين المصنفين في نحاة مصر. وأصله من ( دينور ) بلدة في الجبال في بلاد الكرد عند قوميسين = كرمنشاه، خرج منها خلق كثير. قدم البصرة، وأخذ عن المازني، ثم دخل بغداد فقرأ على المبرُد. و قدم مصر، وهناك ألف كتاب " المهذب في النحو". و" مختصر في ضمائر القرآن" استخرجه من كتاب المعاني للفراء، و"إصلاح المنطق". توفي بها سنة 289هـ /901م(11).
2ـ الأمير مجير الدين أو (مجد الدين ) أبو الهيجاء بن عيسى الازكشي الكردي. كان من أعيان الأمراء وشجعانهم. ولد بمصر سنة 567 هـ / 1171م، وقد شارك نيابة الشام مع الأمير علم الدين سنجر الحلبي في دور سلطان مصر الملك الظاهر بيبرس، توفي سنة 661 هـ/1267م(12).
3ـ القاضي أبو القاسم صدر الدين عبد الملك بن درباس الماراني، تولى القضاء بالديار المصرية. وكان رجلا فاضلا ذا مكانة عالية، لبث في الحكم في القاهرة فترة طويلة، إلى أن توفي سنة 605هـ/1208م ، وكان مولده في سنة 516 هـ/1111م(13).
4ـ المحدث الشاعر إبراهيم بن عثمان بن عيسى بن درباس الماراني،الهذباني، الكردي، المصري المولد والمنشأ ( أبو اسحق). ولد بالقاهرة سنة572 هـ/1175، ونشأ بها، وكان قاضيها، ورحل إلى خراسان. وقيل كان من أهم من رحلوا في طلب الحديث، كتب وسمع الكثير، توفي سنة 622هـ/ 1226م.ومن شعره:
حكمتَ يا دهرُ أمري بإفـــــراط وما عدلتَ إلى عدلٍ وإقســـــــــاط
إني وقد طرحت أيدي النوى حـنقاً جسمي بحمص وروحي ثغر دمياط(14)
5ـ الشيخ عثمان بن محمد بن أبي محمد بن أبي علي الكردي الحميدي: قاض، مدرس. تفقه في الموصل ثم رحل إلى أبي سعيد بن أبي عصرون وتفقه عليه. قدم مصر فولي قضاء ( دمياط )، ثم ناب في القاهرة عن قاضي القضاة عبد الملك الماراني، ودرس في المدرسة السيفية والجامع الأقمر، حج وجاور الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أن توفي سنة 626 هـ /1228م(15).
6ـ النحوي والفقيه المالكي عثمان بن عمر بن أبي بكر بن يونس الكردي الإسنائي، الدويني الأصل، المالكي المشهور بابن الحاجب الكردي (جمال الدين، أبو عمرو). من كبار علماء العربية والأصول.
ولد في بلدة (أسنا ) بصعيد مصر سنة 570هـ /1174م، وكان والده حاجباً للأمير عز الدين موسك الصلاحي، تعلم بالقاهرة التي نشأ بها، ثم ارتحل إلى دمشق، ودرس بجامعها بزاوية المالكية، وأكب الناس على الاشتغال به، وأخذ الفضلاء عنه، وكان الأغلب عليه علم النحو، ورحل إلى الكرك بالأردن، ثم نزح عن دمشق هو والشيخ عز الدين بن عبد السلام في دولة الملك الصالح إسماعيل، عندما أنكرا عليه، ودخلا مصر وتصدر بالمدرسة الفاضلية بالقاهرة، ولازمه طلابه، وانتقل إلى الإسكندرية، فلم تطل مدته هناك، وتوفي بها سنة 646هـ /1248م.
وقد جمع بين آراء المغاربة والمصريين من الفقهاء المالكيين. وخالف النحاة الأقدمين وتقدم. وكان من أحسن خلق الله ذهناً.
من مؤلفاته : " الكافية" في النحو، و" الشافية " في الصرف. و"الإيضاح" في شرح مفصل الزمخشري، و" الأمالي ". وقصيدة " المقصد الجليل في علم الخليل " في العروض. و" القصيدة الموشحة بالأسماء المؤنثة" وغيرها. وألف بالفقه المالكي " مختصرمنتهى السؤل والأمل، في علم الأصول والجدل " ومختصره. و" جامع الأمهات" في فروع الفقه المالكي(16).
7ـ الأمير الكبير والأديب شمس الدين أبو عبد الله محمد بن إسماعيل ابن أبي سعيد بن علي بن المنصور بن محمد بن الحسين الشيباني الآمدي، ثم المصري الحنبلي، وعرف بابن التيتي.
ولد بمصر سنة 633هـ /1235م، وسمع بها وبدمشق وماردين من جماعة، ونشأ بماردين. وكان والده شرف الدين من العلماء الفضلاء، عمل تاريخا لمدينة آمد ( ديار بكر). وكان وزيرا للملك السعيد الأرتقي صاحب ماردين. وله نظم ونثر، سمع الحديث ورواه، وكان محدثا فاضلا متقنا، وطلب إلى مصر، وترقى إلى أن صار نائب دار العدل. وأصبح مع ابن الملك المظفر بن السعيد نائباً للمملكة ومدبرا لدولته، إلى أن ذهب رسولا إلى الملك المنصور قلاوون صاحب مصر فحبسه ست سنين، فلما ولي ابنه الملك الأشرف أخرجه وانعم عليه، وولاه نيابة دار العدل فباشرها.
كان عالما فاضلا أديبا متقنا ذا معرفة بالحديث والتاريخ والنحو واللغة، وافر العقل، مليح العبارة، حسن الخط والنظم والنثر، جميل الهيبة، له خبرة تامة بسير الملوك المتقدمين ودولهم، ولا تمل مجالسته. وسمع من الشيخ تقي الدين بن تيمية والمزي والذهبي وغيرهم. وتوفي بمصر بعد أن سقط من على ظهر فرسه فكسرت أعضاؤه، وبقي أياما ومات سنة 704هـ/1317م (17) .
8ـ الشيخ المحدث أحمد بن أحمد بن الحسين بن موسى بن موسك بن جكو، الكردي الأصل، شهاب الدين الهكاري، عارف بالرجال، كان شيخ الإقراء في مدرسة المنصورة بالقاهرة، وتولى مشيخة الحديث بالمنصورية.
من تصانيفه " الكتب الستة "، و" طبقات بني سعد"، و" كتاب في رجال الصحيح". وكثير من أجزاء الحديث . توفي في القاهرة سنة 740هـ /1350م(18).
9ـ المحدث والفقيه والمؤرخ نجيب الدين أبو الفرج عبد اللطيف بن الإمام الحافظ أبي محمد عبد المنعم بن علي بن الصيقل النميري الحراني الحنبلي، مسند الديار المصرية. التاجر السُّفار، ولد بحران سنة 587هـ /1191م، ولي مشيخة دار الحديث الكاملية، وتوفي بقلعة الجبل بالقاهرة سنة 672هـ /1273م.
من مؤلفاته : " السباعيات والثمانيات في الحديث " في عدة أجزاء، و"المعجم" في أسماء الشيوخ الذين أجازوا له، في سبعة أجزاء(19).
10ـ القاضي والفقيه محمد بن علي الحسين الخلاطي. تعلم ببغداد وبدمشق، وانتقل إلى القاهرة، فولى قضاء الشارع بظاهرها، وناب بالحكم بالقاهرة، وتوفي في رمضان سنة 675 هـ ،1276م بالقاهرة .
له كتاب " قواعد الشرح وضوابط الأصل والفرع " في شرح الوجيز للغزالي، وله مصنفات أخرى(20).
11ـ الوزير والكاتب إبراهيم بن لقمان بن أحمد بن محمد، فخر الدين الشيباني الإسعردي. ولد في بلدة ( إسعرد) قرب ميافارقين شرقي نهر دجلة سنة 612هـ/1215م، ولي وزارة الملك السعيد محمد بن الظاهر بيبرس(1277-1279م)، ثم وزر مرتين للملك المنصور قلاوون( 1279-1290م).
كان قليل الظلم، وفيه إحسان للرعية، ولما فتح الملك الكامل محمد بن أيوب آمد- ديار بكر- كانت الرسائل ترد إليه بخط ابن لقمان، فأعجب بها كاتبه البهاء زهير واستدعاه، وناب عنه في ديوان الإنشاء، ثم خدم في ديوان الإنشاء في الدولة الصلاحية وهي دولة السلطان الملك الصالح أيوب في مصر(1240-1249م)، ثم في أوائل الدولة الناصرية المملوكية دولة السلطان الناصر محمد بن قلاوون (1293م)، توفي بمصر سنة 693هـ /1293م(21).
12ـ الأمير شمس الدين محمد بن باخل الهكاري، متولي الإسكندرية. كان أميرا فاضلا كريما، له نظم وأدب، توفي سنة 683هـ /1299م بالإسكندرية. ومن شعره:
كم رامها فيما مضى من جاهل ليفوز منها بالذي هو يطمع
ويكون فيها آمنا في سربــــــه لا يختشي ريبا ولا يتوقـــع
قلبت له ظهر المجن فما درى إلا وأسياف المنية تلمـــــــع(22)
13ـ بهاء الدين يعقوب بيك الشهر زوري، نشأ في بلاده نشأة عسكرية، ورحل إلى مصر والتحق بالمظفر( قطز ) سلطان مصر حين اعتزم الزحف على الكرك لمناوئة التتر الزاحفين على مصر. وقد خدم الحكومة المصرية مدة طويلة حتى توفي سنة707 هـ/ 1307م(23).
14ـ قاضي القضاة شرف الدين عبد الغني بن يحيى بن محمد بن أبي بكر بن عبد الله بن نصر بن أبي بكر بن محمد، شرف الدين أبو محمد بن بدر الدين أبي زكريا بن قاضي القضاة شمس الدين الحراني الحنبلي. خرج من حران سنة 656هـ فأقام بدمشق سنين، وأجاز له الشيخ عبد السلام بن تيمية، وأخوه عبد القادر، وحدث مراراً بالقاهرة ودمشق، وسمع منه أبو حيان وذكره في معجمه.
توجه إلى مصر واستمر بها، وولي نظر الخزانة، ثم ولي منصب الحكم بالديار المصرية على مذهب الإمام أحمد بن حنبل، ودرس بالناصرية والصالحية، وكان مشكور السيرة، بشوش الوجه، توفي بالقاهرة ودفن بالقرافة سنة 709هـ/1309م (24).
15ـ عبد العزيز بن أحمد بن عثمان بن عيسى بن عمر بن الخضر الكردي ، الهكاري، الشافعي، وكنيته الشيخ (عماد الدين أبو العز)، ويعرف بابن خطيب الأشموني (666-1327م).
من القضاة. سمع بمكة وبدمشق، ولي قضاء الأعمال القوصية، ودرّس بالمقرية بمصر، وأفتى، وتوفي بالقاهرة سنة (727 هـ).
كان عالما فاضلا له مؤلفات كثيرة حسنة، وأدب وشعر، من تصانيفه:"الكلام على حديث المجامع"، في مجلدين( 25).
16ـ المؤرخ محمد بن محمد بن محمد بن حسن الجذامي،الفارقي الأصل، المصري (أبو الفضائل، ابن نباته، أصله من مدينة ميافارقين (بجوار ديار بكر)، ولد بالقاهرة 686هـ /1287م، وسكن الشام، وتوفي بالقاهرة 768هـ /1366م.
من تصانيفه: " سلوك دول الملوك "(26).
17ـ الصوفي جمال الدين أبو المحاسن يوسف بن عبد الله بن عمر الكردي، الكوراني الأصل ويعرف بالعجمي. مصري الدار والوفاة سنة 768هـ /1367م. كانت له زاوية مشهورة في قرافة مصر، وعدة زوايا في بلدان مختلفة.
له مصنفات مثل " شرائط التوبة ولبس الخرقة"، وسماه" ريحانة القلوب في التواصل إلى المحبوب ـ خ" ، و" حزب ـ خ"، و" بديع الانتفاث بشرح القوافل الثلاث ـ خ" في جامعة الرياض ( 27).
18ـ المحدث والمسند ناصر الدين أبو عبد الله محمد بن علي بن يوسف الدمياطي الحراوي الطبردار، الكردي الأصل. ولد بثغر دمياط سنة 697هـ/ 1297م، وتوفي سنة 781هـ /1379م (28).
19ـ الشاعر الأديب أحمد بن محمد بن العطار الدنيسري، أصله من مدينة (دنيسر) قرب ماردين بالجزيرة الفراتية. اشتهر وتوفي في القاهرة سنة 794هـ / 1392م.
له نظم كثير وكان يمدح الأكابر. وله كتب، منها " نزهه الناظر في المثل السائر "، و" المستأنس في هجو بني مكانس "، و" ثقل العيار" خمريات" و"منشأ الخلاعة " مجون، و" مرقص المطرب "، و" حسن الاقتراح في وصف الملاح " ذكر فيه ألف مليح وصفاتهم ، و" بديع المعاني في أنواع التهاني"، و"لطائف الظرفاء "، و" عنوان السعادة" في المدائح النبوية ، و" المسلك الناجز" موشحات نبوية، و ديوان " قطع المناظر بالبرهان الحاضر" (29).
20ـ العالم بصناعة الكيمياء الشريف إبراهيم بن عبد الله برهان الدين الاخلاطي، وكان أول أمره قدم حلب قادما من بلاد العجم التي نشأ بها، فنزل بجامعها منقطعا عن الناس، فكان يعرف الطب معرفة جيده، فأحضر إلى القاهرة ليداوي ولد السلطان الملك الظاهر برقوق من مرض حصل له في رجليه، فلم ينجح، فاستمر مقيما بمنزل على شاطئ النيل إلى أن توفي سنة 799هـ /1396م، وخلف مالا كثيرا من ذهب ودنانير وكتباً(30).
21ـ المحدث والمؤرخ أحمد بن أحمد بن درباس، المازني، الكردي، القاهري، الحنبلي( فخر الدين، أبو إسحاق) (توفي 1414م) جمع كتابا في " آل بنيه بني درباس"، وآخر في " آل ابن العجمي". وله " قراءة الكمال"، " وتعليق التعليق" ، واختصر" التبصرة في الوعظ " لابن الجوزي بالزيادات(31) .
22ـ المحدث الواعظ يوسف بن عبد الله المارديني الحنفي. أصله من ماردين. قدم القاهرة وحدث ووعظ الناس بالجامع الأزهر، كان لين الجانب، والتواضع، والاستحضار لكثير من التفسير والمواعظ. توفي بالطاعون، بعد سنة 819هـ/ 1415م(32) .
23ـ أحمد بن عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن أبي بكر الكردي الرازياني، ثم القاهري، المهراني، أبو زرعة ولي الدين العراقي : محدث، أصولي، فقيه، من أئمة الشافعية، قاضي القضاة بالديار المصرية. مولده ووفاته في القاهرة(1361-1423م). وهو من بيت أسرة عريقة في العلم. رحل به أبوه ( الحافظ العراقي ) إلى دمشق، واتجه إلى بيت المقدس، وعاد إلى القاهرة وأخذ عن شيوخها، ورحل إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة، وسمع بهما، ثم رجع إلى القاهرة، وجدّ في الطلب والاشتغال. ودرس فظهرت براعته، وبهر به الطلبة، وتخرج على يديه جماعة من العلماء والأئمة.
في سنة 790هـ ناب في القضاء نحو عشرين سنة، وفرغ نفسه للإفتاء والتدريس والتصنيف، ثم تولى قضاء القضاة بالديار المصرية 824هـ ، بعد وفاة جلال الدين البلقيني، فسار في القضاء بعفة، ونزاهة، وصرامة، حتى تعصب عليه بعض أهل الدولة لعدالته، فعزل نفسه مختاراً في سلطنة الملك الظاهر قطز، ثم أعاده إلى القضاء، وبايع ولده الصالح محمد بالسلطنة قبل انفصال السنة، ثم بايع بعده الأشرف برسباي سنة 825هـ واستمر في القضاء، حتى صرف منه سنة 825هـ لإقامته العدل، وعدم محاباته لأحد فيه، وتصميمه في أمور لا يحتملها أهل الدولة، حتى شق على كثيرين، فصرف عن القضاء بعد أن مكث فيه ثلاثة عشر شهرا، وتكدرت معيشته بعد عزله، فلزم العبادة والعلم والتصنيف والإفادة إلى أن توفي مبطوناً شهيدا سنة 826هـ /1423م، وصلي عليه بالجامع الأزهر، ودفن ظاهر القاهرة .
من كتبه " التحرير لما في منهاج الأصول من المنقول والمعقول"، و"شرح النجم الوهاج في نظم المنهاج"، وهو شرح على نظم والده نظم فيه "منهاج الوصول" ، " البيان والتوضيح لمن أخرج له في الصحيح " ، و"فضل الخيل" و" الإطراف بأوهام الأطراف" للمزي ، و" رواة المراسيل"، و" حاشية على الكشاف"، و" أخبار المدلسين "و" شرح سنن أبي داود، و" تذكرة " في عدة مجلدات ، و" ذيل " في الوفيات من سنة مولده إلى سنة 793 هـ ، و" مبهمات الأسانيد ـ خ" في الأزهرية ، و" تحرير الفتاوى ـ خ" ، و" الغيث الهامع في شرح جمع الجوامع" للسبكي، في أصول الفقه، وهو من المؤلفات التي ينتفع بها، و" المعين على فهم أرجوزة ابن الياسمين في الجبر والمقابلة" وغير ذلك. وله نظم ونثر كثير(33).
24ـ القاضي الفقيه الطبيب محمد بن محمد بن عبد الله بن عبد الحليم بن عبد السلام ناصر الدين بن الشمس بن الجمال الدمشقي، ويعرف بابن تيمية (1350-1433م. كان يتعانى في التجارة ، ولي قضاء الإسكندرية مدة، وكان عارفاً بالطب.
وكان ينوب عن قضاء الإسكندرية عن قضائها في الأيام المؤيدية وغيرها، وله مرتب خاص انتقل بعده لولده، توفي بالقاهرة وقد جاوز السبعين من عمره(34).
25ـ الأديب والمؤرخ محمد بن ناهض الكردي الأصل، الجهني الحلبي ،ولد بحلب 757هـ / 1356م، ولع بالأدب. سكن القاهرة، ونزل الجمالية ومدح أعيانها، وعمل " سيرة المؤيد شيخ ". قال السخاوي: أجاد ما شاء، وقرضها له خلق سنة 819 هـ ،وسافر إلى دمشق وسكنها، ورقت حاله، فاستجدى الناس بالمدح، وله نظم حسن. توفي بالقاهرة 831هـ/ 1438م. ولعل من تأليفه أيضاً " بستان الناظر وأنس الخاطر".
ومن شعره قوله:
كم دولة بفنون الظلم قد فنــــــيت وراح آثارهم من عكسهم ومحوا
وجاء من بعدهم من يفرحون بها وقال سبحانه ( حتى إذا فرحوا)(35)
26ـ الفقيه الشاعر أبو بكر بن علي بن عبد الله بن احمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر البرمكي، الاربلي، المارديني الأصل.
المولود بالقاهرة سنة 770هـ/1369م ، والمتوفى بها 855هـ /1451م، من آثاره" مصنف في صناعة الشهود"، و" منسك"، و" قصيدة في الكعبة"(36).
27ـ الصوفي عمر بن إبراهيم بن أبي بكر، البانياسي الكردي ثم القاهري الشافعي، ويعرف بعمر الكردي. نشا ببلاده. وقدم القاهرة بعد 840هـ. وتنزل في صوفية سعيد السعداء . وبعد مدة تحول لجامع قيدان على الخليج الناصري ظاهر القاهرة، وعمرت تلك الناحية لكثرة من يقصده من الخاصة والعامة للزيارة والتبرك بدعائه. وقد اجتمع به السخاوي وأثنى عليه. توفى سنة (868 هـ /1461م)، وكانت جنازته حاشدة(37).
28ـ المدرس والمحدث عمر بن خليل بن حسن بن يوسف الركن الكردي الأصل، ثم القاهري الشافعي (1396-1482م). كان يقال له ابن المشطوب لشطب كان بوجه والده. ولد بالقاهرة ونشأ فيها، وتعلم عن مشايخها، وسار إلى الشام وسمع من علمائها، ولي نظر جامع أصلم والتحدث على أوقاف طرنطاي الحساب، حدث، واشتغل بالتدريس، واستفاد من علمه خلق كثير مثل السخاوي، وقد بر وحسن ولزم بيته مديماً للتلاوة حتى توفي، ودفن بجامع سوق الغنم(38).
29ـ الأمير حسين الكردي القائد العسكري أيام السلطان قانصوه الغوري المملوكي. في آخر أيام هذا السلطان ظهرت الفرنج البرتغال وعاثوا في أرض الهند، ووصل أذاهم إلى جزيرة العرب وبنادر اليمن وجدة، فلما بلغ السلطان قانصوه الغوري ذلك جهز إليهم جيشا عظيماً بقيادة الأمير حسين الكردي، وجعل له مدينة جدة إقطاعا، وأمره بتحصينها، وعندما وصلها شرع في بناء سورها، وأحكم أبراجها في أقل من عام. ثم توجه بعساكره إلى الهند في حدود سنة 921هـ فاجتمع بسلطان كجرات خليل شاه فأكرمه وعظمه، وهرب الإفرنج عن البنادر لما سمعوا بوصوله، ثم عاد إلى اليمن وفتحها من ملوكها بني طاهر وقتلهم، وترك بها نائباً في زبيد اسمه برسباي الشركسي، وتم الأمر الذي لابد منه، وبعد ذلك عاد حسن الكردي إلى مدينة جده، وقدم مكة قبيل زوال دولة المملوكية. وورد أمر السلطان العثماني سليم الأول بقتله، فأخذه شريف مكة بغتة وقيده وشمت به، وأماته غرقاً في البحر الأحمر أمام جدة سنة 922هـ/ 1515م(39).
الهوامش:
(11) أنباه الرواة: 1/68-69، بغية الوعاة: 1/301، الوافي بالوفيات: 6/ 285، معجم الأدباء: 1/435-436، الأعلام: 1/107، كشف الظنون:1078، 1914 المعجم المفصل في اللغويين العرب: 1/34. الدينور: من مدن الجبال في إقليم ماوي، دخلها العرب سنة 22هـ /642م بعد معركة نهاوند.
(12) مشاهير الكرد:1/64
(13) مشاهير الكرد:2/52
(14) تاريخ إربل:1/215، شذرات الذهب:5/7 وفيه سيرة والده عثمان بن درباس الكردي المتوفى سنة 602هـ/1206م
(15) مشاهير الكرد:2/59
(16) المنهل الصافي:7/421-424، الدليل الشافي: 1/440، النجوم الزاهرة: 6/36، البداية والنهاية:13/176، طبقات القراء:1/508، شذرات الذهب:5/234، بغية الوعاة:2/134، الموسوعة العربية 1/ 13، مشاهير الكرد:2/68 ، معجم المؤلفين:6/265، سير أعلام النبلاء:13/287، معجم المؤلفين:6/265.
(17) الوافي بالوفيات :1/227، شذرات الذهب:6/11.
(18) النجوم الزاهرة:1/248، الدرر الكامنة:1/198، غاية النهاية:1/27، السلوك:2/811، أعيان العصر:1/168، معجم المؤلفين:1/145،حسن المحاضرة:1/203.
(19) كشف الظنون:523، 975، الأعلام:4/182، 183، هدية العارفين:1/616، شذرات الذهب:5/336، الدليل الشافي: 1/428.
(20) هدية العارفين:6/132، مشاهير الكرد:2/137.
(21) المنهل الصافي:1/138، الدليل الشافي:1/24السلوك:1/3:804، فوات الوفيات: 1/43، حسن المحاضرة:2/233.
(22) الوافي بالوفيات:2/242، الدليل الشافي:2/602.
(23) مشاهير الكرد:2/223.
(24) المنهل الصافي:7/318، الدليل الشافي: 1/421، النجوم الزاهرة: 8/278 وفيه مولده سنة 645هـ، السلوك:2/84، البداية والنهاية: 14/57، تالي كتاب وفيات الأعيان:124، تذكرة التنبيه:2/27.
(25) طبقات الشافعية للسبكي:6/125، البداية والنهاية:14/131، الدرر الكامنة:2/368/ 369، حسن المحاضرة:1/240،شذرات الذهب:6/77، معجم المؤلفين:5/242.
(26) معجم المؤلفين:11/274، معجم مصنفي الكتب العربية،577.
(27) الدرر الكامنة 4/463، الكتبخانة 2/131، 7/227،هدية العارفين 2/557، 558،الأعلام: 8/240، إيضاح المكنون:1/171، 605، كشف الظنون:260، 940، حسن المحاضرة:1/251، معجم المؤلفين:13/314 .
(28) الدليل الشافي:2/658، الدرر الكامنة:4/206، وفيه ولد بدمياط سنة 687هـ، النجوم الزاهرة:11/200، شذرات الذهب:6/272.
(29) السلوك: 3/2، الدليل الشافي"1/80الأعلام 1/225، الدرر الكامنة:1/287، شذرات الذهب: 6/333.
(30) المنهل الصافي:5/171، الدليل الشافي:1/276، بدائع الزهور: 1/ 488، وفيه برهان الدين الأخلاطي، وكان ينسب إلى صناعة الكيمياء، شذرات الذهب: 6/356، السلوك:3/885.
(31) الضوء اللامع:1/216،217 وفيه بن عبد الرحيم ، معجم المؤلفين:1/151، معجم مصنفي الكتب العربية، 23.
(32) الضوء اللامع:10/309، شذرات الذهب:7/144.
(33) البدر الطالع:1/51-53، الذيل على العبر:1/7-32، كشف الظنون:1/595، 2/1880،شذرات الذهب:7/173، المنهل الصافي:1/312-315، حسن المحاضرة:1/201،فهرس الفهارس: 2/435، معجم المؤلفين:1/271الأعلام:1/148، الضوء اللامع: 1/336-344، المكتبة الأزهرية: 2/46، لحظ الالحاظ: 284.
(34) الضوء اللامع:9/124-125.
(35) الضوء اللامع:10/67، وفيه وفاته سنة 841هـ/1437م، كشف الظنون:244، الدرر الكامنة:4/272،هدية العارفين:2/147، الأعلام:7/ 122 ، مشاهير الكرد:2/163.
(36) الضوء اللامع:11/52، 53، معجم المؤلفين:3/67.
(37) مشاهير الكرد:2/92.
(38) الضوء اللامع: 6/84-85، مشاهير الكرد:2/93.
(39) شذرات الذهب:8/175-176 ، مشاهير الكرد:1/183 وفيه حسين الكردي.
الدور الكردي يتجدد مرة أخرى خلال القرن التاسع عشر