الخبر عن القرامطة و استبداد أمرهم و ما استقر لهم من الدولة بالبحرين و أخبارها إلى حين انقراضها
هذه الدعوة لم يظهرها أحد من أهل نسب العلوية و لا الطالبيين و إنما قام بها دعاة المهدي من أهل البيت على اختلاف منهم في تعيين هذا المهدي كما نذكره و كان مدار دعوتهم على رجلين أحدهما يسمى الفرج بن عثمان القاشاني من دعاة المهدي و يسمى أيضا كرويه بن مهدويه و هو الذي انتهى إليه دعاتهم بسواد الكوفة ثم بالعراق و الشام و لم يتم لهؤلاء دولة و الآخر يسمى أبا سعيد الحسن بن بهرام الجنابي كانت دعوته بالبحرين و استقرت له هنالك دولة و لبنيه و انتسب بعض مزاعمهم إلى دعاة الإسماعيلية الذين كانوا بالقيروان كما نذكره و دعوى هؤلاء القرامطة في غاية الاضطراب مختلة العقائد و القواعد منافية للشرائع و الإسلام في الكثير من مزاعمهم و أول من قام بها بسواد الكوفة سنة ثمان و سبعين و مائتين رجل أظهر الزهد و التقشف و زعم أنه يدعو إلى المهدي و أن الصلوات المفروضة خمسون كل يوم و استجاب له جمع كثير و لقب قرمط و أصلها بالكاف و كان يأخذ من كل من يجيب دعوته دينارا للإمام و جعل عليهم نقباء و سماهم الحواريين و شغل الناس بذلك عن شؤنهم و حبسه عامل الناحية ففر من محبسه و لم يوقف له على خبر فازداد أتباعه فتنة فيه ثم زعم أنه الذي بشر به أحمد بن محمد بن الحنفية و أن أحمد نبي و فشا هذا المذهب في السواد و قرئ بينهم كتاب زعموا أنه جاءهم من داعيه المهدي نصه بعد البسملة يقول الفرج بن عثمان : الحمد لله بكلمته و تعالى باسمه المنجد لأوليائه بأوليائه قل إن الأهلة مواقيت للناس ظاهرها لتعلم عدد السنين و الحساب و الشهور و الأيام و باطنها أوليائي الذين عرفوا عبادي سبيلي اتقوني يا أولي الألباب و أنا الذي لا أسأل عما أفعل و أنا العليم الحكيم و أنا الذي أبلو عبادي و أستخبر خلقي فمن صبر على بلائي و محنتي و اختباري ألقيته في جنتي و أخلدته في نعمتي و من زال عن أمري و كذب رسلي أخلدته مهانا في عذابي و أتممت أجلي و أظهرت على ألسنة رسلي فأنا الذي لا يتكبر علي جبار إلا وضعته و لا عزيز إلا ذللته فليس الذي أصر على أمره و دام على جهالته و قال لن نبرح عليه عاكفين و به مؤمنين أولئك هم الكافرون ثم يركع و يقول في ركوعه مرتين سبحان ربي و رب العزة تعالى عما يصف الظالمون و في سجوده الله أعلى مرتين الله أعظم مرة و الصوم مشروع يوم المهرجان و النيروز و النبيذ حرام و الخمر حلال و الغسل من الجنابة كالوضوء و لا يوكل ذو ناب و لا ذو مخلب و من خالف و حارب وجب قتله و من لم يحارب أخذت منه الجزية انتهى إلى غير ذلك من دعاوي شنيعة متعارضة يهدم بعضها بعضا و شاهد عليهم بالكذب و الذي حملهم على ذلك إنما هو ما اشتهر بين الشيعة من أمر المهدي مستندين فيه إلى الأحاديث التي خرجها بعضهم و قد أريناك عللها في مقدمة الكتاب في باب الفاطمي فلهجوا به و بالدعوة إليه فمن الصادق فيمن يعينه و إن كان كاذبا في استحقاقه و منهم من بنى أمره على الكذب و الانتحال عساه يستولي بذلك على حظ من الدنيا ينال بها صففة و قد يقال إن ظهور هذا الرجل كان قبل مقتل صاحب الزنج و إنه سار على الأمان و قال له : إن ورائي مائة ألف سيف فناظرني لعلنا نتفق و نتعاون ثم اختلفا و انصرف قرمط عنه وكان يسمي نفسه القائم بالحق و زعم بعض الناس أنه كان يرى رأي الأزارقة من الخوارج ثم زحف إليه أحمد بن محمد الطائي صاحب الكوفة في العساكر فأوقع بهم و فتك بهم و تتابعت للعساكر في السواد في طلبهم و أبادوهم و فر هو إلى أحياء العرب فلم يجبه أحد منهم فاختفى في القفر في جب بناه و اتخذه لذلك و جعل عليه باب حديد و اتخذ بجانبه تنورا سحرا إن أرهقه الطلب فلا يفطن له ولما اختفى في الجب بعث أولاده في كاب بن دبرة بأنهم من و لد إسمعيل الإمام مستجيرون بهم ثم دعوا إلى دعوتهم أثناء ذلك و كانوا ثلاثة يحيى و حسين و علي فلم يجبهم أحد إلى ذلك إلا بنو القليص بن ضمضم بن علي بن جناب فبايعوا ليحيى على أنه يحيى ابن عبد الله بن محمد بن إسمعيل الإمام و كنوه أبا القاسم و لقبوه الشيخ ثم حول اسمه وادعى أنه محمد بن عبد الله و أنه كان يكتم هنا الاسم و أن ناقته التي يركبها مأمورة و من تبعها منصور فزحف إليه سبك مولى المعتضد في العساكر فهزمها وقتل فسار إليه محمد بن أحمد الطائي في العساكر فانهزمت القرامطة و جيء ببعضهم أسيرا فاحتضره المعتضد و قال : هل تزعمون أن روح الله و أنبيائه تحل فيكم فتعصمكم من الزلل وتوفقكم لصالح العمل فقال له : يا هذا أرأيت لو حلت روح إبليس فما ينفعك فاترك مالا يعنيك إن ما يعنيك فقال له : قل فيما يعنيني ! فقال له : قبض رسول الله صلى الله عليه و سلم و أبوكم العباس حي نم يطلب هذا الأمر و لا بايعه أحد ثم قبض أبو بكر واستخلف عمر و هو يرى العباس و لم يعهد إليه عمر و لا جعله من أهل الشورى و كانوا ستة و فيهم الأقرب و الأبعد و هذا إجماع منهم على دفع جدك عنها فبماذا تستحقون أنتم الخلافة ؟ فأمر المعتضد به فعذب وخلعت عظامه ثم قطع مرتين ثم قتل ثم زحف القرامطة إلى دمشق و عليها طفج مولى ابن طولون سنة تسعين و استصرخ بابن سيده بمصر فجاءت العساكر لإمداده فقاتلهم مرارا و قتل يحيى بن ذكرويه المسمى بالشيخ في خلق من أصحابه و اجتمع فأمهم على أخيه الحسين و تسمى أحمد أبا العباس و كانت في وجهه شامة يزعم أنها مقدسة فلقب صاحب الشامة المهدي أمير المؤمنين و أتاه ابن عمه عيسى بن مهدي و هو عبد الله بن أحمد بن محمد بن إسمعيل الإمام و لقبه المدثر و عهد إليه وزعم أنه المذكور في القرآن و لقب غلاما من أهله المطوق ثم دعا الناس فأجابه كثير من أهل البوادي و سار إلى دمشق فحاصرها حتى صالحوه على مال و دفعوه له ثم سارا إلى حمص و حماة و المعرة و بعلبك فخطب له بها و استباحها جميعا ثم إلى سلمية و بها جماعة من بني هاشم فاستلحمهم حتى الصبيان بالمكاتب و البهائم ثم خرج المكتفي إليه و قدم عساكره فكبسهم و نجا فلهم إن حلب و انتهى المكتفي إلى الرقة و قد سار بدر مولى ابن طولون في اتباع القرامطة فهزمهم و أثخن فيهم و بعث المكتفي العساكر مع يحيى بن سليمان الكاتب و فيهم الحسين بن حمدان من بني تغلب و معهم بنو شيبان فواقعوا القرامطة سنة إحدى و تسعين فهزموهم و قتل منهم خلق من أصحاب القرمطي و نجا ابنه أبو القاسم ببعض ذخيرته و سار هو مستخفيا إلى ناحية الكوفة و معه المدثر و المطوق و غلام له و انتهوا إلى الرحبة فوشى بهم إلى العامل فقبض عليهم و بعث بهم إلى المكتفي بالرقة و رجع إلى بغداد فقطعهم بعد أن ضرب صاحب الشامة مائتي سوط و أما علي بن ذكرويه ففر بعد مقتل أخيه يحيى على دمشق إلى ناحية الفرات و اجتمع إليه فل من القرامطة فاستباح طبربة ثم لما اتبعهم الحسين بن حمدان فر إلى اليمن و اجتمع إليه دعاتهم هنالك و تغلب على كثير من مدنه و قصد صنعاء فهرب عنها ابن يعفر فاستباحها و تجافى عن صعدة لذمة العلوية بينه و بين بني الرسى و نازل بني زياد بن بيد و مات في نواحي اليمن و في خلال ذلك بعث أبوه ذكرويه إلى بني القليص بعد أن كانوا استكانوا و أقاموا بالسماوة فبعث إليهم من أصحابه عبد الله بن سعيد و يسمى أبا غانم فجاءهم بكتابه سنة ثلاث و تسعين بأنه أوحى إليه بأن صاحب الشامة و أخاه الشيخ مقبلان و أن إمامه يظهر من بعدهما و يملأ الأرض عدلا و يظهر و طاب أبو غانم على إحياء كلب فاجتمع إليه جماعة منهم و قصد الشام فاستباح بصرى و أذرعات و نازل دمشق وعاملها يومئذ أحمد بن كيغلع و هو غائب بمصر في محاربة الجليجي الثائر من شيعة بني طولون على عساكر المكتفي و قابله خلفاؤه فهزمهم و قتل بعضهم و سار إلى الأردن فقتل عاملها و نهب طبرية و بعث المكتفي الحسين بن حمدان في العساكر ففر أبو غانم إلى السماوة و غور مياهها و اتبعته العساكر إلى أن جهدهم العطش ثم رجع الحسين بهم إلى الرحبة و قيل إنهم تقبضوا على أبي غانم و قتلوه و افترق جمعهم وذلك سنة ثلاث و تسعين
هذه الدعوة لم يظهرها أحد من أهل نسب العلوية و لا الطالبيين و إنما قام بها دعاة المهدي من أهل البيت على اختلاف منهم في تعيين هذا المهدي كما نذكره و كان مدار دعوتهم على رجلين أحدهما يسمى الفرج بن عثمان القاشاني من دعاة المهدي و يسمى أيضا كرويه بن مهدويه و هو الذي انتهى إليه دعاتهم بسواد الكوفة ثم بالعراق و الشام و لم يتم لهؤلاء دولة و الآخر يسمى أبا سعيد الحسن بن بهرام الجنابي كانت دعوته بالبحرين و استقرت له هنالك دولة و لبنيه و انتسب بعض مزاعمهم إلى دعاة الإسماعيلية الذين كانوا بالقيروان كما نذكره و دعوى هؤلاء القرامطة في غاية الاضطراب مختلة العقائد و القواعد منافية للشرائع و الإسلام في الكثير من مزاعمهم و أول من قام بها بسواد الكوفة سنة ثمان و سبعين و مائتين رجل أظهر الزهد و التقشف و زعم أنه يدعو إلى المهدي و أن الصلوات المفروضة خمسون كل يوم و استجاب له جمع كثير و لقب قرمط و أصلها بالكاف و كان يأخذ من كل من يجيب دعوته دينارا للإمام و جعل عليهم نقباء و سماهم الحواريين و شغل الناس بذلك عن شؤنهم و حبسه عامل الناحية ففر من محبسه و لم يوقف له على خبر فازداد أتباعه فتنة فيه ثم زعم أنه الذي بشر به أحمد بن محمد بن الحنفية و أن أحمد نبي و فشا هذا المذهب في السواد و قرئ بينهم كتاب زعموا أنه جاءهم من داعيه المهدي نصه بعد البسملة يقول الفرج بن عثمان : الحمد لله بكلمته و تعالى باسمه المنجد لأوليائه بأوليائه قل إن الأهلة مواقيت للناس ظاهرها لتعلم عدد السنين و الحساب و الشهور و الأيام و باطنها أوليائي الذين عرفوا عبادي سبيلي اتقوني يا أولي الألباب و أنا الذي لا أسأل عما أفعل و أنا العليم الحكيم و أنا الذي أبلو عبادي و أستخبر خلقي فمن صبر على بلائي و محنتي و اختباري ألقيته في جنتي و أخلدته في نعمتي و من زال عن أمري و كذب رسلي أخلدته مهانا في عذابي و أتممت أجلي و أظهرت على ألسنة رسلي فأنا الذي لا يتكبر علي جبار إلا وضعته و لا عزيز إلا ذللته فليس الذي أصر على أمره و دام على جهالته و قال لن نبرح عليه عاكفين و به مؤمنين أولئك هم الكافرون ثم يركع و يقول في ركوعه مرتين سبحان ربي و رب العزة تعالى عما يصف الظالمون و في سجوده الله أعلى مرتين الله أعظم مرة و الصوم مشروع يوم المهرجان و النيروز و النبيذ حرام و الخمر حلال و الغسل من الجنابة كالوضوء و لا يوكل ذو ناب و لا ذو مخلب و من خالف و حارب وجب قتله و من لم يحارب أخذت منه الجزية انتهى إلى غير ذلك من دعاوي شنيعة متعارضة يهدم بعضها بعضا و شاهد عليهم بالكذب و الذي حملهم على ذلك إنما هو ما اشتهر بين الشيعة من أمر المهدي مستندين فيه إلى الأحاديث التي خرجها بعضهم و قد أريناك عللها في مقدمة الكتاب في باب الفاطمي فلهجوا به و بالدعوة إليه فمن الصادق فيمن يعينه و إن كان كاذبا في استحقاقه و منهم من بنى أمره على الكذب و الانتحال عساه يستولي بذلك على حظ من الدنيا ينال بها صففة و قد يقال إن ظهور هذا الرجل كان قبل مقتل صاحب الزنج و إنه سار على الأمان و قال له : إن ورائي مائة ألف سيف فناظرني لعلنا نتفق و نتعاون ثم اختلفا و انصرف قرمط عنه وكان يسمي نفسه القائم بالحق و زعم بعض الناس أنه كان يرى رأي الأزارقة من الخوارج ثم زحف إليه أحمد بن محمد الطائي صاحب الكوفة في العساكر فأوقع بهم و فتك بهم و تتابعت للعساكر في السواد في طلبهم و أبادوهم و فر هو إلى أحياء العرب فلم يجبه أحد منهم فاختفى في القفر في جب بناه و اتخذه لذلك و جعل عليه باب حديد و اتخذ بجانبه تنورا سحرا إن أرهقه الطلب فلا يفطن له ولما اختفى في الجب بعث أولاده في كاب بن دبرة بأنهم من و لد إسمعيل الإمام مستجيرون بهم ثم دعوا إلى دعوتهم أثناء ذلك و كانوا ثلاثة يحيى و حسين و علي فلم يجبهم أحد إلى ذلك إلا بنو القليص بن ضمضم بن علي بن جناب فبايعوا ليحيى على أنه يحيى ابن عبد الله بن محمد بن إسمعيل الإمام و كنوه أبا القاسم و لقبوه الشيخ ثم حول اسمه وادعى أنه محمد بن عبد الله و أنه كان يكتم هنا الاسم و أن ناقته التي يركبها مأمورة و من تبعها منصور فزحف إليه سبك مولى المعتضد في العساكر فهزمها وقتل فسار إليه محمد بن أحمد الطائي في العساكر فانهزمت القرامطة و جيء ببعضهم أسيرا فاحتضره المعتضد و قال : هل تزعمون أن روح الله و أنبيائه تحل فيكم فتعصمكم من الزلل وتوفقكم لصالح العمل فقال له : يا هذا أرأيت لو حلت روح إبليس فما ينفعك فاترك مالا يعنيك إن ما يعنيك فقال له : قل فيما يعنيني ! فقال له : قبض رسول الله صلى الله عليه و سلم و أبوكم العباس حي نم يطلب هذا الأمر و لا بايعه أحد ثم قبض أبو بكر واستخلف عمر و هو يرى العباس و لم يعهد إليه عمر و لا جعله من أهل الشورى و كانوا ستة و فيهم الأقرب و الأبعد و هذا إجماع منهم على دفع جدك عنها فبماذا تستحقون أنتم الخلافة ؟ فأمر المعتضد به فعذب وخلعت عظامه ثم قطع مرتين ثم قتل ثم زحف القرامطة إلى دمشق و عليها طفج مولى ابن طولون سنة تسعين و استصرخ بابن سيده بمصر فجاءت العساكر لإمداده فقاتلهم مرارا و قتل يحيى بن ذكرويه المسمى بالشيخ في خلق من أصحابه و اجتمع فأمهم على أخيه الحسين و تسمى أحمد أبا العباس و كانت في وجهه شامة يزعم أنها مقدسة فلقب صاحب الشامة المهدي أمير المؤمنين و أتاه ابن عمه عيسى بن مهدي و هو عبد الله بن أحمد بن محمد بن إسمعيل الإمام و لقبه المدثر و عهد إليه وزعم أنه المذكور في القرآن و لقب غلاما من أهله المطوق ثم دعا الناس فأجابه كثير من أهل البوادي و سار إلى دمشق فحاصرها حتى صالحوه على مال و دفعوه له ثم سارا إلى حمص و حماة و المعرة و بعلبك فخطب له بها و استباحها جميعا ثم إلى سلمية و بها جماعة من بني هاشم فاستلحمهم حتى الصبيان بالمكاتب و البهائم ثم خرج المكتفي إليه و قدم عساكره فكبسهم و نجا فلهم إن حلب و انتهى المكتفي إلى الرقة و قد سار بدر مولى ابن طولون في اتباع القرامطة فهزمهم و أثخن فيهم و بعث المكتفي العساكر مع يحيى بن سليمان الكاتب و فيهم الحسين بن حمدان من بني تغلب و معهم بنو شيبان فواقعوا القرامطة سنة إحدى و تسعين فهزموهم و قتل منهم خلق من أصحاب القرمطي و نجا ابنه أبو القاسم ببعض ذخيرته و سار هو مستخفيا إلى ناحية الكوفة و معه المدثر و المطوق و غلام له و انتهوا إلى الرحبة فوشى بهم إلى العامل فقبض عليهم و بعث بهم إلى المكتفي بالرقة و رجع إلى بغداد فقطعهم بعد أن ضرب صاحب الشامة مائتي سوط و أما علي بن ذكرويه ففر بعد مقتل أخيه يحيى على دمشق إلى ناحية الفرات و اجتمع إليه فل من القرامطة فاستباح طبربة ثم لما اتبعهم الحسين بن حمدان فر إلى اليمن و اجتمع إليه دعاتهم هنالك و تغلب على كثير من مدنه و قصد صنعاء فهرب عنها ابن يعفر فاستباحها و تجافى عن صعدة لذمة العلوية بينه و بين بني الرسى و نازل بني زياد بن بيد و مات في نواحي اليمن و في خلال ذلك بعث أبوه ذكرويه إلى بني القليص بعد أن كانوا استكانوا و أقاموا بالسماوة فبعث إليهم من أصحابه عبد الله بن سعيد و يسمى أبا غانم فجاءهم بكتابه سنة ثلاث و تسعين بأنه أوحى إليه بأن صاحب الشامة و أخاه الشيخ مقبلان و أن إمامه يظهر من بعدهما و يملأ الأرض عدلا و يظهر و طاب أبو غانم على إحياء كلب فاجتمع إليه جماعة منهم و قصد الشام فاستباح بصرى و أذرعات و نازل دمشق وعاملها يومئذ أحمد بن كيغلع و هو غائب بمصر في محاربة الجليجي الثائر من شيعة بني طولون على عساكر المكتفي و قابله خلفاؤه فهزمهم و قتل بعضهم و سار إلى الأردن فقتل عاملها و نهب طبرية و بعث المكتفي الحسين بن حمدان في العساكر ففر أبو غانم إلى السماوة و غور مياهها و اتبعته العساكر إلى أن جهدهم العطش ثم رجع الحسين بهم إلى الرحبة و قيل إنهم تقبضوا على أبي غانم و قتلوه و افترق جمعهم وذلك سنة ثلاث و تسعين