الخبر عن بطون كهلان من القحطانية و شعوبهم و اتصال بعضها مع بعض و انقضائها
هؤلاء بنو كهلان بن سبا بن يشجب بن يعرب بن قحطان إخوة بني حمير بن سبا و تداولوا معهم الملك أول أمرهم ثم انفرد بنو حمير به و بقيت بطون بني كهلان تحت ملكتهم باليمن ثم لما تقلص ملك حمير بقيت الرياسة على العرب البادية لبني كهلان لما كانوا بادين لم يأخذ ترف الحضارة منهم و لا أدركهم الهرم الذي أودى بحمير إنما كانوا أحياء ناجعة في البادية و الرؤساء و الأمراء في العرب إنما كانوا منهم و كان لكندة من بطونهم ملك باليمن و الحجاز ثم خرجت الأزد من شعوبهم أيضا من اليمن مع مزيقيا و افترقوا بالشام و كان لهم ملك بالشام في بني جفنة و ملك بيثرب في الأوس و الخزرج و ملك بالعراق في بني فهم ثم خرجت لخم وطيء من شعوبهم أيضا من اليمن و كان لهم ملك بالحيرة في آل المنذر حسبما نذكر ذلك كله
و أما شعوبهم فهي كلها تسعة من زيد بن كهلان في مالك بن زيد و عريب بن زيد فمن مالك بطون همدان و ديارهم لم تزل باليمن في شرقيه و هم بنو أوسلة و هو همدان بن مالك بن زيد بن أوسلة بن ربيعة بن الجبار بن مالك بن زيد بن نوف بن همدان و من شعوب حاشد بنويام بن أصغى بن مانع بن مالك بن جشم بن حاشد و منهم طلحة بن مصرف و لما جاء الله بالإسلام افترق كثير من همدان في ممالكه و بقي منهم من بقي باليمن و كانوا شيعة لعلي كرم الله وجهه و رضي عنه عندما شجر بين الصحابة و هو المنشد فيهم متمثلا :
( فلو كنت بوابا على باب جنة ... لقلت لهمدان ادخلوا بسلام )
و لم يزل التشيع دينهم أيام الإسلام كلها و منهم كان علي بن محمد الصليحي من بني يام القائم بدعوة العبيديين باليمن في حصن حرار من بني يام و هو من بطونهم و هو من بني يام من بطون حاشد فاستولى عليه و ورث ملكه لبنيه حسبما نذكره في أخبارهم و كانت بعد ذلك و قبله دولة بني الرسى أيام الزيدية بصعدة فكانت على يدهم و بمظاهرتهم و لم يزل التشيع دينهم لهذا العهد
و قال البيهقي : و تفرقوا في الإسلام فلم تبق لهم قبيلة و برية إلا باليمن و هم أعظم قبائله و هم عصبة المعطي من الزيدية القائمين بدعوته باليمن و ملكوا جملة من حصون اليمن باليمن و لهم بها إقليم بكيل و إقليم حاشد من بطونهم
قال ابن سعيد : و من همدان بنو الزريع و هم أصحاب الدعوة و الملك في عدن و الحيرة و هم زيدية و إخوة همدان الهان بن مالك بن زيد بن أوسلة و من مالك بن زيد أيضا الأزد و هو أزد بن الغوث بن نبت بن مالك و خثعم و بجيلة ابنا أنمار بن أراش أخي الأزد بن الغوث وقد يقال أنمار هو ابن نزار بن معد و ليس بصحيح فأما الأزد فبطن عظيم متسع و شعوب كثيرة فمنهم بنو دوس من بني نصر بن الأزد و هو دوس بن عدثان بالثاء المثلثة ابن عبد الله بن زهران بن كعب بن الحرث بن كعب بن مالك بن نصر بن الأزد بطن كبير و منهم كان جذيمة بن مالك بن فهم بن غنم بن دوس و ديارهم بنواحي عمان و كان بعد دوس و جذيمة ملك بعمان في إخوانهم بني نصر بن زهران بن كعب كان منهم قبيل الإسلام المستكبر بن مسعود بن الجرار بن عبد الله بن مغولة بن شمس بن عمرو بن غنم بن غالب بن عثمان بن نصر زهران و الذي أدرك الإسلام منهم جيفر بن الجلندي بن كركر بن المستكبر و أخوه عبد الله ملك عمان كتب إليهما النبي صلى الله عليه و سلم فأسلموا و استعمل على نواحيهما عمرو بن العاص
و من الأزد من بني مازن بن الأزد بنو عمرو مزيقيا بن عامر و يلقب ماء السماء ابن حارثة الغطريف ابن امرئ القيس البهلول ابن ثعلبة بن مازن بن الأزد و عمرو هذا و آباؤه كانوا ملوكا على بادية كهلان باليمن مع حمير و استحفل لهم الملك من بعدهم و كانت أرض سبأ باليمن لذلك العهد من أرفه البلاد و أخصبها و كانت مدافع للسيول المنحدرة بين جبلين هنالك فضرب بينهما سد بالصخر و القار يحبس سيول العيون والأمطار حتى يصرفوه خروق في ذلك السد على مقدار ما يحتاجون إليه في سقيهم و مكث كذلك ما شاء الله أيام حمير فلما تقلص ملكهم و انحل نظام دولتهم و تغلب بادية كهلان على أرض سبأ و انطلقت عليها الأيدي بالعبث و الفساد و ذهب الحفظة القائمون بأمر السد نذروا بخرابه و كان الذي ندر به عمرو مزيقيا ملكهم لما رأى من اختلال أحواله و يقال : إن أخاه عمران الكاهن أخبره و يقال طريفة الكاهنة و قال السهيلي : طريفة الكاهنة امرأة عمرو بن عامر و هي طريفة بنت الخبر الحميرية لعهده
و قال ابن هشام : عن أبي زيد الأنصاري أنه رأى جرذا تحفر السد فعلم أنه لا بقاء للسد مع ذلك فأجمع النقلة من اليمن و كاد قومه بأن أمر أصغر بنيه أن يلطمه إذا أغلظ له ففعل فقال لا أقيم في بلد يلطمني فيها أصغر ولدي و عرض أمواله فقال أشرف اليمن اغتنموا غضبة عمرو فاشتروا أمواله و انتقل في ولده و ولد ولده فقال الأزد لا نتخلف عن عمرو فتجشموا للرحلة و باعوا أموالهم و خرجوا معه و كان رؤساءهم في رحلتهم بنو عمرو مزيقيا و من إليهم من بني مازن ففصل الأزد من بلادهم باليمن إلى الحجاز
قال السهيلي : كان فصولهم على عهد حسان بن تبان أسعد من ملوك التبابعة و لعهده كان خراب السد و لما فصل الأزد من اليمن كان أول نزولهم ببلاد عك ما بين زبيد و زمع و قتلوا ملك عك من الأزد ثم افترقوا إلى البلاد و نزل بنو نصر بن الأزد بالشراة و عمان و نزل بنو ثعلبة بن عمرو مزيقيا بيثرب و أقام بنو حارثة بن عمرو بمر الظهران بمكة و هم فيما يقال خزاعة و مروا على ماء يقال له غسان بين زبيد و زمع فكل من شبه منه من بني مزيقيا سمي به و الذين شربوا منه بنو مالك و بنو الحرث و بنو جفنة و بنو كعب فكلهم يسمون غسان و بنو ثعلبة العتقاء لم يشربوا منه فلم يسموا به فمن ولد جفنة ملوك الشام الذين يأتي ذكرهم و دولتهم بالشام و من ولد ثعلبة العتقاء الأوس و الخزرج ملوك يثرب في الجاهلية و سنذكرهم و من بطن عمرو مزيقيا بنو أفصى بن حارثة بن عمرو و يقال إنه أفصى بن عامر بن قمعة بلا شك ابن إلياس بن مضر قال ابن حزم : فإن كان أسلم بن أفصى منهم فمن بني أسلم بلا شك و بنو أبان و هو سعد بن عدي بن حارثة بن عمرو و بنو العتيك من الأزد عمران بن عمرو
و أما بجيلة فبلادهم في سروات البحرين و الحجاز إلى تبالة وقد افترقوا على الآفاق أيام الفتح فلم يبق منهم بمواطنهم إلا القليل و يقدم الحاج منهم على مكة في كل عام عليهم أثر الشظف و يعرفون من أهل الموسم بالسرو و أما حالهم لأول الفتح الإسلامي فمعروف و رجالاتهم مذكورة فمن بطون بجيلة قسر و هو مالك بن عبقر بن أنمار و بنو أحمس بن الغوث بن أنمار
و أما بنو عريب بن زيد بن كهلان فمنهم طيء و الأشعريون و مذحج و بنو مرة و أربعتهم بنو أدد بن زيد بن يشجب بن عريب فأما الأشعريون فهم بنو أشعر و هو نبت بن أدد و بلادهم في ناحية الشمال من زبيد و كان لهم ظهور أول الإسلام ثم افترقوا في الفتوحات و كان لمن بقي منهم باليمن حروب مع ابن زياد لأول إمارته عليها أيام المأمون ثم ضعفوا عن ذلك و صاروا في عدد الرعايا
و أما بنو طيء بن أدد فكانوا باليمن و خرجوا منه على أثر الأزد إلى الحجاز و نزلوا سميرا وفيد في جوار بني أسد ثم غلبوهم على أجا و سلمى و هما جبلان من بلادهم فاستقروا بهما و افترقوا لأول الإسلام في الفتوحات قال ابن سعيد : و منهم في بلادهم الآن أمم كثيرة ملأوا السهل و الجبل حجازا وشاما وعراقا يعني قبائل طيء هؤلاء و هم أصحاب الدولة في العرب لهذا العهد في العراق و الشام و بمصر منهم سنبس و الثعالب بطنان مشهوران فسنبس بن معاوية بن شبل بن عمرو بن الغوث بن طيء و معهم بحتر بن ثعل قال ابن سعيد و منهم زبيد بن معن بن عمرو بن عس بن سلامان بن ثعل و هم في برية سنجار و الثعالب بنو ثعلبة بن رومان بن جندب بن خارجة بن سعد بن قطرة بن طيء و ثعلبة بن جدعا بن ذهل بن رومان قال ابن سعيد : و منهم لام بن ثعلبة منازلهم من المدينة إلى الجبلين و ينزلون في أكثر أوقاتهم مدينة يثرب و الثعالب الذين بصعيد مصر من ثعلب بن عمرو بن الغوث بن طيء قال ابن حزم : لام بن طريف بن عمرو بن ثمامة بن مالك بن جدعا و من الثعالب بنو ثعلبة بن ذهل بن رومان و بجهة بنيامين و الشام بنو صخر و من بطونهم غزية المرهوب صولتهم بالشام و العراق و هم بنو غزية بن أفلت بن معبد بن عمرو بن عس بن سلامان بن ثعل و بنو غزية كثيرون و هم في طريق الحاج بين العراق و نجد و كانت الرياسة على طيء في الجاهلية لبني هني بن عمرو بن الغوث بن طي و هم رمليون و إخوتهم جبليون و من ولده إياس بن قبيصة الذي أدال به كسرى أبرويز النعمان المنذر حين قتله و أنزل طيا بالحيرة مكان لخم قوم النعمان و ولى على العرب من إياسا هذا و هو إياس بن قبصة بن أبي يعفر بن النعمان بن خبيب بن الحرث بن الحويرث بن ربيعة بن مالك بن سعد بن هني فكانت لهم الرياسة إلى حين انقراض ملك الفرس و من عقب إياس هذا بنو ربيعة بن علي بن مفرح بن بدر بن سالم بن قصة بن بدر بن سميع و من ربيعة شعب آل مراد و شعيب آل فضل و آل فضل شعبان آل علي و آل مهنا فعلي و مهنا إبنا فضل و فضل و مراد ابنا ربيعة و سميع الذين ينسبون إليه من عقب قبيصة بن أبي يعفر و يزعم كثير من جهلة البادية إنه الذي جاءت به العباسة أخت الرشيد من جعفر بن يحيى زعما كاذبا لا أصل له و كانت الرياسة على طيء أيام العبيديين لبني المفرح ثم صارت لبني مراد بن ربيعة و كلهم ورثوا أرض غسان بالشام و ملكهم على العرب ثم صارت الرياسة لبني علي و بني مهنا ابني فضل بن ربيعة اقتسموها مدة ثم انفرد بها لهذا العهد بنو مهنا الملوك على العرب إلى هذا العهد بمشارف الشام و العراق و برية نجد و كان ظهورهم لأمر الدولة الأيوبية و من بعدهم من ملوك الترك بمصر و الشام و يأتي ذكرهم و الله وارث الأرض و من عليها
و أما مذحج و اسمه مالك بن زيد بن أدد بن زيد بن كهلان و منهم مراد و اسمه يخابر بن مذحج و منهم سعد العشيرة بن مذحج بطن عظيم لهم شعوب كثيرة منهم جعفر بن سعد العشيرة و زبيد بن صعب بن سعد العشيرة و من بطون مذحج النخع ورها و مسيلة و بنو الحرث بن كعب فأما النخع فهو جسر بن عمرو بن علة بن جلد بن مذحج و مسيلة ابن عامر بن عمرو بن علة و أما رها فهو ابن منبه بن حرب بن علة و بقي من مذحج و برية ينجعون مع أحياء طيء في جملة أيام بني مهنا مع العرب بالشام زمن أحلافهم و أكثرهم من زبيد و أما بنو الحرث فالحرث أبوهم ابن كعب بن علة و ديارهم بنواحي نجران يجاورون بها بني ذهل بن مزيقيا من الأزد و بني حارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد و كان نجران قبلهم لجرهم و منهم كان ملكها الأفعى الكاهن الذي حكم بين ولد نزار معد لما تنافروا إليه بعد موت نزار و إسمه الغلس بن غمر ماء بن همدان بن مالك بن منتاب بن زيد بن واثل بن حمير و كان داعية لسليمان عليه السلام بعد أن كان واليا لبلقيس على نجران و بعثته إلى سليمان فصدق و آمن و أقام على دينه بعد موته ثم نزل نجران بنو الحرث بن كعب بن علة بن جلد بن مذحج فغلبوا عليها بني الأفعى ثم خرجت الأزد من اليمن فمروا بهم و كانت بينهم حروب و أقام من أقام في جوارهم من بني نصر بن الأزد و بني ذهل بن مزيقيا و اقتسموا الرياسة فنجران معهم و كان من بني الحرث كعب هؤلاء المذحجيين بنو الزياد و اسمه يزيد بن قطن بن زياد بن الحرث بن مالك بن كعب بن الحرث و هم بيت مذحج و ملوك نجران و كانت رياستهم في عبد المدان بن الديان و انتهت قبيل البعثة إلى يزيد بن عبد المدان و وفد أخوه عبد الحجر بن عبد المدان على النبي صلى الله عليه و سلم على يد خالد بن الوليد و كان ابن أخيهم زياد بن عبد الله بن عبد المدان خال السفاح و ولاه نجران و اليمامة
و قال ابن سعيد : و لم يزل الملك بنجران في بني عبد المدان ثم في بني أبي الجواد منهم و كان منهم في المائة السادسة عبد القيس بن أبي الجاد ثم صار الأمر بهذا العهد إلى الأعاجم شأن النواحي كلها بالمشرق ثم من بطون الحرث بن كعب بنو معقل و هو ربيعة بن الحرث بن كعب وقد يقال إن المعقل الذين هم بالمغرب الأقصى لهذا العهد إنما هم من هذا البطن و ليسوا من معقل الذين هم بالمغرب الأقصى لهذا العهد إنما هم من هذا البطن و ليسوا من معقل بن كعب القضاعيين و يؤيد هذا أن هؤلاء المعقل جميعا ينتسبون إلى ربيعة و ربيعة اسم معقل هذا كما رأيت و الله تعالى أعلم
و أما بنو مرة بن أدد إخوة طيء و مذحج و الأشعريين فهم أبطن كثيرة و تنتهي كلها إلى الحرث بن مرة مثل خولان و معافر و لخم و جذام و عاملة و كندة فأما معافر فهم بنو يعفر بن مالك بن الحرث بن مرة و افترقوا في الفتوحات و كان منهم المنصور بن أبي عامر صاحب هشام بالأندلس و أما خولان و إسمه أفكل بن عمرو بن مالك و عمرو أخو يعفر و بلادهم في جبال اليمن من شرقيه و افترقوا في الفتوحات و ليس منهم اليوم و برية إلا اليمن و هم لهذا العهد و همدان أعظم قبائل العرب باليمن و لهم الغلب على أهله و الكثير من حصونه و أما لخم و إسمه مالك بن عدي بن الحرث بن مرة فبطن كبير متسع ذو شعوب و قبائل منهم الدار بن هانيء بن حبيب بن نمارة بن لخم و من أكبرهم بنو نصر بن ربيعة بن عمرو بن الحرث بن مسعود بن مالك بن عمم بن أنمارة بن لخم و يقال نمارة و هم رهط آل المنذر و حافده عمرو بن عدي بن نصر هو ابن اخت جذيمة الوضاح الذي أخذ بثأره من الزبا قاتلته و ولي الملك على العرب للأكاسرة بعد خاله جذيمة و أنزلوه بالحيرة حسبما يأتي الخبر عن ملكه و ملك بنيه و من شعوب بني لخم هؤلاء كان عباد ملوك أشبيلية و يأتي ذكرهم و أما جذام و إسمه عمرو بن عدي أخو لخم بن عدي فبطن متسع له شعوب كثيرة مثل غطفان و أمصى و بنو حرام بن جزام و بنو ضبيب و بنو مخرمة و بنو بعجة بنو نفاثة و ديارهم حوالي أيلة من أول أعمال الحجاز إلى الينبع من أطراف يثرب و كانت لهم رياسة في معان و ما حولها من أرض الشام لبني النافرة من نفاثة ثم لفروة بن عمرو بن النافرة منهم و كان عاملا للروم على قومه و على من كان حوالي معان من العرب و هو الذي بعث إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم بإسلامه و أهدى له بغلة بيضاء و سمع بذلك قيصر فأغرى بع الحارث بن أبي شمر الغساني ملك غسان فأخذه و صلبه بفلسطين و بقيتهم اليوم في مواطنهم الأولى في شعبين من شعوبهم يعرف أحدهما بنو عائد و هم ما بين بلبيس من أعمال مصر إلى عقبة أيلة إلى الكرك من ناحية فلسطين و تعرف الثانية بنو عقبة و هم من الكرك إلى الأزلم من برية الحجاز و ضمان السابلة ما بين مصر و المدينة النبوية إلى حدود غزة من الشام عليهم و غزة من مواطن جرم إحدى بطون قضاعة كما مر و بأفريقية لهذا العهد منهم
وبرية كبيرة ينتجعون مع ذياب بن سليم بنواحي طرابلس
و أما عامله و اسمه الحرث بن عدي و هم إخوة لخم و جذام و إنما سمي الحرث عاملة بأمه القضاعية و هم بطن متسع و مواطنهم ببرية الشام و أما كندة و إسمه ثور بن عفير بن عدي و عفير أخو لخم و جذام و تعرف كندة الملوك لأن الملك كان لهم على بادية الحجاز من بني عدنان كما نذكر و بلادهم بجبال اليمن مما يلي حضرموت و منها دمون التي ذكرها امرؤ القيس في شعره و بطونهم العظيمة ثلاثة : معاوية بن كندة و منه الملوك بنو الحرث بن معاوية الأصغر ابن ثور بن مرتع بن معاوية و السكون و سكسك و ابنهما أشرش بن كندة و من السكون بطن تجيب و هم بنو عدي و بنو سعد بن أشرش بن شبيب بن السكون و تجيب إسم أمهما و كان للسكون ملك بدومة الجندل و كان عليها عبد المغيث بن أكيدر بن عبد الملك بن عبد الحق بن أعمى بن معاوية ابن حلاوة بن أمامة بن شكامة بن شبيب بن السكون بعث إليه رسول الله صلى الله عليه و سلم في غزوة تبوك خالد بن الوليد فجاء به أسيرا و حقن صلى الله عليه و سلم دمه و صالحه على الجزية و رده إلى موضعه و من معاوية بن كندة بنو حجر ابن الحرث الأصغر ابن معاوية بن كندة منهم حجر آكل المرار ابن عمرو بن معاوية و هو حجر أبو الملوك ابن كندة الذين يأتي ذكرهم و الحرث الولادة أخو حجر و كان من عقبه الخارجين باليمن المسلمين طالب الحق و كان أباضيا و سيأتي ذكره و منهم الأشعث بن قيس بن معدي كرب بن معاوية و جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية بن الحرث الأكبر جاهلي إسلامي و ابنه محمد بن الأشعث و ابنه عبد الرحمن بن الأشعث القائم على عبد الملك و الحجاج و هو مشهور و ابن عمهم أيضا ابن عدي و هو الأدمر بن عدي بن جبلة له صحبة فيما يقال و هو الذي قتله معاوية على الثورة بأخيه زياد و خبره معروف
هذه قبائل اليمن من قحطان استوفينا ذكر بطونهم و أنسابهم و نرجع الآن إلى ذكر من كان الملك منهم بالشام و الحجاز و العراق حسبما نقصه و الله تعالى المعين بكرمه و منه لا رب غيره و لا خير إلا خيره
هؤلاء بنو كهلان بن سبا بن يشجب بن يعرب بن قحطان إخوة بني حمير بن سبا و تداولوا معهم الملك أول أمرهم ثم انفرد بنو حمير به و بقيت بطون بني كهلان تحت ملكتهم باليمن ثم لما تقلص ملك حمير بقيت الرياسة على العرب البادية لبني كهلان لما كانوا بادين لم يأخذ ترف الحضارة منهم و لا أدركهم الهرم الذي أودى بحمير إنما كانوا أحياء ناجعة في البادية و الرؤساء و الأمراء في العرب إنما كانوا منهم و كان لكندة من بطونهم ملك باليمن و الحجاز ثم خرجت الأزد من شعوبهم أيضا من اليمن مع مزيقيا و افترقوا بالشام و كان لهم ملك بالشام في بني جفنة و ملك بيثرب في الأوس و الخزرج و ملك بالعراق في بني فهم ثم خرجت لخم وطيء من شعوبهم أيضا من اليمن و كان لهم ملك بالحيرة في آل المنذر حسبما نذكر ذلك كله
و أما شعوبهم فهي كلها تسعة من زيد بن كهلان في مالك بن زيد و عريب بن زيد فمن مالك بطون همدان و ديارهم لم تزل باليمن في شرقيه و هم بنو أوسلة و هو همدان بن مالك بن زيد بن أوسلة بن ربيعة بن الجبار بن مالك بن زيد بن نوف بن همدان و من شعوب حاشد بنويام بن أصغى بن مانع بن مالك بن جشم بن حاشد و منهم طلحة بن مصرف و لما جاء الله بالإسلام افترق كثير من همدان في ممالكه و بقي منهم من بقي باليمن و كانوا شيعة لعلي كرم الله وجهه و رضي عنه عندما شجر بين الصحابة و هو المنشد فيهم متمثلا :
( فلو كنت بوابا على باب جنة ... لقلت لهمدان ادخلوا بسلام )
و لم يزل التشيع دينهم أيام الإسلام كلها و منهم كان علي بن محمد الصليحي من بني يام القائم بدعوة العبيديين باليمن في حصن حرار من بني يام و هو من بطونهم و هو من بني يام من بطون حاشد فاستولى عليه و ورث ملكه لبنيه حسبما نذكره في أخبارهم و كانت بعد ذلك و قبله دولة بني الرسى أيام الزيدية بصعدة فكانت على يدهم و بمظاهرتهم و لم يزل التشيع دينهم لهذا العهد
و قال البيهقي : و تفرقوا في الإسلام فلم تبق لهم قبيلة و برية إلا باليمن و هم أعظم قبائله و هم عصبة المعطي من الزيدية القائمين بدعوته باليمن و ملكوا جملة من حصون اليمن باليمن و لهم بها إقليم بكيل و إقليم حاشد من بطونهم
قال ابن سعيد : و من همدان بنو الزريع و هم أصحاب الدعوة و الملك في عدن و الحيرة و هم زيدية و إخوة همدان الهان بن مالك بن زيد بن أوسلة و من مالك بن زيد أيضا الأزد و هو أزد بن الغوث بن نبت بن مالك و خثعم و بجيلة ابنا أنمار بن أراش أخي الأزد بن الغوث وقد يقال أنمار هو ابن نزار بن معد و ليس بصحيح فأما الأزد فبطن عظيم متسع و شعوب كثيرة فمنهم بنو دوس من بني نصر بن الأزد و هو دوس بن عدثان بالثاء المثلثة ابن عبد الله بن زهران بن كعب بن الحرث بن كعب بن مالك بن نصر بن الأزد بطن كبير و منهم كان جذيمة بن مالك بن فهم بن غنم بن دوس و ديارهم بنواحي عمان و كان بعد دوس و جذيمة ملك بعمان في إخوانهم بني نصر بن زهران بن كعب كان منهم قبيل الإسلام المستكبر بن مسعود بن الجرار بن عبد الله بن مغولة بن شمس بن عمرو بن غنم بن غالب بن عثمان بن نصر زهران و الذي أدرك الإسلام منهم جيفر بن الجلندي بن كركر بن المستكبر و أخوه عبد الله ملك عمان كتب إليهما النبي صلى الله عليه و سلم فأسلموا و استعمل على نواحيهما عمرو بن العاص
و من الأزد من بني مازن بن الأزد بنو عمرو مزيقيا بن عامر و يلقب ماء السماء ابن حارثة الغطريف ابن امرئ القيس البهلول ابن ثعلبة بن مازن بن الأزد و عمرو هذا و آباؤه كانوا ملوكا على بادية كهلان باليمن مع حمير و استحفل لهم الملك من بعدهم و كانت أرض سبأ باليمن لذلك العهد من أرفه البلاد و أخصبها و كانت مدافع للسيول المنحدرة بين جبلين هنالك فضرب بينهما سد بالصخر و القار يحبس سيول العيون والأمطار حتى يصرفوه خروق في ذلك السد على مقدار ما يحتاجون إليه في سقيهم و مكث كذلك ما شاء الله أيام حمير فلما تقلص ملكهم و انحل نظام دولتهم و تغلب بادية كهلان على أرض سبأ و انطلقت عليها الأيدي بالعبث و الفساد و ذهب الحفظة القائمون بأمر السد نذروا بخرابه و كان الذي ندر به عمرو مزيقيا ملكهم لما رأى من اختلال أحواله و يقال : إن أخاه عمران الكاهن أخبره و يقال طريفة الكاهنة و قال السهيلي : طريفة الكاهنة امرأة عمرو بن عامر و هي طريفة بنت الخبر الحميرية لعهده
و قال ابن هشام : عن أبي زيد الأنصاري أنه رأى جرذا تحفر السد فعلم أنه لا بقاء للسد مع ذلك فأجمع النقلة من اليمن و كاد قومه بأن أمر أصغر بنيه أن يلطمه إذا أغلظ له ففعل فقال لا أقيم في بلد يلطمني فيها أصغر ولدي و عرض أمواله فقال أشرف اليمن اغتنموا غضبة عمرو فاشتروا أمواله و انتقل في ولده و ولد ولده فقال الأزد لا نتخلف عن عمرو فتجشموا للرحلة و باعوا أموالهم و خرجوا معه و كان رؤساءهم في رحلتهم بنو عمرو مزيقيا و من إليهم من بني مازن ففصل الأزد من بلادهم باليمن إلى الحجاز
قال السهيلي : كان فصولهم على عهد حسان بن تبان أسعد من ملوك التبابعة و لعهده كان خراب السد و لما فصل الأزد من اليمن كان أول نزولهم ببلاد عك ما بين زبيد و زمع و قتلوا ملك عك من الأزد ثم افترقوا إلى البلاد و نزل بنو نصر بن الأزد بالشراة و عمان و نزل بنو ثعلبة بن عمرو مزيقيا بيثرب و أقام بنو حارثة بن عمرو بمر الظهران بمكة و هم فيما يقال خزاعة و مروا على ماء يقال له غسان بين زبيد و زمع فكل من شبه منه من بني مزيقيا سمي به و الذين شربوا منه بنو مالك و بنو الحرث و بنو جفنة و بنو كعب فكلهم يسمون غسان و بنو ثعلبة العتقاء لم يشربوا منه فلم يسموا به فمن ولد جفنة ملوك الشام الذين يأتي ذكرهم و دولتهم بالشام و من ولد ثعلبة العتقاء الأوس و الخزرج ملوك يثرب في الجاهلية و سنذكرهم و من بطن عمرو مزيقيا بنو أفصى بن حارثة بن عمرو و يقال إنه أفصى بن عامر بن قمعة بلا شك ابن إلياس بن مضر قال ابن حزم : فإن كان أسلم بن أفصى منهم فمن بني أسلم بلا شك و بنو أبان و هو سعد بن عدي بن حارثة بن عمرو و بنو العتيك من الأزد عمران بن عمرو
و أما بجيلة فبلادهم في سروات البحرين و الحجاز إلى تبالة وقد افترقوا على الآفاق أيام الفتح فلم يبق منهم بمواطنهم إلا القليل و يقدم الحاج منهم على مكة في كل عام عليهم أثر الشظف و يعرفون من أهل الموسم بالسرو و أما حالهم لأول الفتح الإسلامي فمعروف و رجالاتهم مذكورة فمن بطون بجيلة قسر و هو مالك بن عبقر بن أنمار و بنو أحمس بن الغوث بن أنمار
و أما بنو عريب بن زيد بن كهلان فمنهم طيء و الأشعريون و مذحج و بنو مرة و أربعتهم بنو أدد بن زيد بن يشجب بن عريب فأما الأشعريون فهم بنو أشعر و هو نبت بن أدد و بلادهم في ناحية الشمال من زبيد و كان لهم ظهور أول الإسلام ثم افترقوا في الفتوحات و كان لمن بقي منهم باليمن حروب مع ابن زياد لأول إمارته عليها أيام المأمون ثم ضعفوا عن ذلك و صاروا في عدد الرعايا
و أما بنو طيء بن أدد فكانوا باليمن و خرجوا منه على أثر الأزد إلى الحجاز و نزلوا سميرا وفيد في جوار بني أسد ثم غلبوهم على أجا و سلمى و هما جبلان من بلادهم فاستقروا بهما و افترقوا لأول الإسلام في الفتوحات قال ابن سعيد : و منهم في بلادهم الآن أمم كثيرة ملأوا السهل و الجبل حجازا وشاما وعراقا يعني قبائل طيء هؤلاء و هم أصحاب الدولة في العرب لهذا العهد في العراق و الشام و بمصر منهم سنبس و الثعالب بطنان مشهوران فسنبس بن معاوية بن شبل بن عمرو بن الغوث بن طيء و معهم بحتر بن ثعل قال ابن سعيد و منهم زبيد بن معن بن عمرو بن عس بن سلامان بن ثعل و هم في برية سنجار و الثعالب بنو ثعلبة بن رومان بن جندب بن خارجة بن سعد بن قطرة بن طيء و ثعلبة بن جدعا بن ذهل بن رومان قال ابن سعيد : و منهم لام بن ثعلبة منازلهم من المدينة إلى الجبلين و ينزلون في أكثر أوقاتهم مدينة يثرب و الثعالب الذين بصعيد مصر من ثعلب بن عمرو بن الغوث بن طيء قال ابن حزم : لام بن طريف بن عمرو بن ثمامة بن مالك بن جدعا و من الثعالب بنو ثعلبة بن ذهل بن رومان و بجهة بنيامين و الشام بنو صخر و من بطونهم غزية المرهوب صولتهم بالشام و العراق و هم بنو غزية بن أفلت بن معبد بن عمرو بن عس بن سلامان بن ثعل و بنو غزية كثيرون و هم في طريق الحاج بين العراق و نجد و كانت الرياسة على طيء في الجاهلية لبني هني بن عمرو بن الغوث بن طي و هم رمليون و إخوتهم جبليون و من ولده إياس بن قبيصة الذي أدال به كسرى أبرويز النعمان المنذر حين قتله و أنزل طيا بالحيرة مكان لخم قوم النعمان و ولى على العرب من إياسا هذا و هو إياس بن قبصة بن أبي يعفر بن النعمان بن خبيب بن الحرث بن الحويرث بن ربيعة بن مالك بن سعد بن هني فكانت لهم الرياسة إلى حين انقراض ملك الفرس و من عقب إياس هذا بنو ربيعة بن علي بن مفرح بن بدر بن سالم بن قصة بن بدر بن سميع و من ربيعة شعب آل مراد و شعيب آل فضل و آل فضل شعبان آل علي و آل مهنا فعلي و مهنا إبنا فضل و فضل و مراد ابنا ربيعة و سميع الذين ينسبون إليه من عقب قبيصة بن أبي يعفر و يزعم كثير من جهلة البادية إنه الذي جاءت به العباسة أخت الرشيد من جعفر بن يحيى زعما كاذبا لا أصل له و كانت الرياسة على طيء أيام العبيديين لبني المفرح ثم صارت لبني مراد بن ربيعة و كلهم ورثوا أرض غسان بالشام و ملكهم على العرب ثم صارت الرياسة لبني علي و بني مهنا ابني فضل بن ربيعة اقتسموها مدة ثم انفرد بها لهذا العهد بنو مهنا الملوك على العرب إلى هذا العهد بمشارف الشام و العراق و برية نجد و كان ظهورهم لأمر الدولة الأيوبية و من بعدهم من ملوك الترك بمصر و الشام و يأتي ذكرهم و الله وارث الأرض و من عليها
و أما مذحج و اسمه مالك بن زيد بن أدد بن زيد بن كهلان و منهم مراد و اسمه يخابر بن مذحج و منهم سعد العشيرة بن مذحج بطن عظيم لهم شعوب كثيرة منهم جعفر بن سعد العشيرة و زبيد بن صعب بن سعد العشيرة و من بطون مذحج النخع ورها و مسيلة و بنو الحرث بن كعب فأما النخع فهو جسر بن عمرو بن علة بن جلد بن مذحج و مسيلة ابن عامر بن عمرو بن علة و أما رها فهو ابن منبه بن حرب بن علة و بقي من مذحج و برية ينجعون مع أحياء طيء في جملة أيام بني مهنا مع العرب بالشام زمن أحلافهم و أكثرهم من زبيد و أما بنو الحرث فالحرث أبوهم ابن كعب بن علة و ديارهم بنواحي نجران يجاورون بها بني ذهل بن مزيقيا من الأزد و بني حارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد و كان نجران قبلهم لجرهم و منهم كان ملكها الأفعى الكاهن الذي حكم بين ولد نزار معد لما تنافروا إليه بعد موت نزار و إسمه الغلس بن غمر ماء بن همدان بن مالك بن منتاب بن زيد بن واثل بن حمير و كان داعية لسليمان عليه السلام بعد أن كان واليا لبلقيس على نجران و بعثته إلى سليمان فصدق و آمن و أقام على دينه بعد موته ثم نزل نجران بنو الحرث بن كعب بن علة بن جلد بن مذحج فغلبوا عليها بني الأفعى ثم خرجت الأزد من اليمن فمروا بهم و كانت بينهم حروب و أقام من أقام في جوارهم من بني نصر بن الأزد و بني ذهل بن مزيقيا و اقتسموا الرياسة فنجران معهم و كان من بني الحرث كعب هؤلاء المذحجيين بنو الزياد و اسمه يزيد بن قطن بن زياد بن الحرث بن مالك بن كعب بن الحرث و هم بيت مذحج و ملوك نجران و كانت رياستهم في عبد المدان بن الديان و انتهت قبيل البعثة إلى يزيد بن عبد المدان و وفد أخوه عبد الحجر بن عبد المدان على النبي صلى الله عليه و سلم على يد خالد بن الوليد و كان ابن أخيهم زياد بن عبد الله بن عبد المدان خال السفاح و ولاه نجران و اليمامة
و قال ابن سعيد : و لم يزل الملك بنجران في بني عبد المدان ثم في بني أبي الجواد منهم و كان منهم في المائة السادسة عبد القيس بن أبي الجاد ثم صار الأمر بهذا العهد إلى الأعاجم شأن النواحي كلها بالمشرق ثم من بطون الحرث بن كعب بنو معقل و هو ربيعة بن الحرث بن كعب وقد يقال إن المعقل الذين هم بالمغرب الأقصى لهذا العهد إنما هم من هذا البطن و ليسوا من معقل الذين هم بالمغرب الأقصى لهذا العهد إنما هم من هذا البطن و ليسوا من معقل بن كعب القضاعيين و يؤيد هذا أن هؤلاء المعقل جميعا ينتسبون إلى ربيعة و ربيعة اسم معقل هذا كما رأيت و الله تعالى أعلم
و أما بنو مرة بن أدد إخوة طيء و مذحج و الأشعريين فهم أبطن كثيرة و تنتهي كلها إلى الحرث بن مرة مثل خولان و معافر و لخم و جذام و عاملة و كندة فأما معافر فهم بنو يعفر بن مالك بن الحرث بن مرة و افترقوا في الفتوحات و كان منهم المنصور بن أبي عامر صاحب هشام بالأندلس و أما خولان و إسمه أفكل بن عمرو بن مالك و عمرو أخو يعفر و بلادهم في جبال اليمن من شرقيه و افترقوا في الفتوحات و ليس منهم اليوم و برية إلا اليمن و هم لهذا العهد و همدان أعظم قبائل العرب باليمن و لهم الغلب على أهله و الكثير من حصونه و أما لخم و إسمه مالك بن عدي بن الحرث بن مرة فبطن كبير متسع ذو شعوب و قبائل منهم الدار بن هانيء بن حبيب بن نمارة بن لخم و من أكبرهم بنو نصر بن ربيعة بن عمرو بن الحرث بن مسعود بن مالك بن عمم بن أنمارة بن لخم و يقال نمارة و هم رهط آل المنذر و حافده عمرو بن عدي بن نصر هو ابن اخت جذيمة الوضاح الذي أخذ بثأره من الزبا قاتلته و ولي الملك على العرب للأكاسرة بعد خاله جذيمة و أنزلوه بالحيرة حسبما يأتي الخبر عن ملكه و ملك بنيه و من شعوب بني لخم هؤلاء كان عباد ملوك أشبيلية و يأتي ذكرهم و أما جذام و إسمه عمرو بن عدي أخو لخم بن عدي فبطن متسع له شعوب كثيرة مثل غطفان و أمصى و بنو حرام بن جزام و بنو ضبيب و بنو مخرمة و بنو بعجة بنو نفاثة و ديارهم حوالي أيلة من أول أعمال الحجاز إلى الينبع من أطراف يثرب و كانت لهم رياسة في معان و ما حولها من أرض الشام لبني النافرة من نفاثة ثم لفروة بن عمرو بن النافرة منهم و كان عاملا للروم على قومه و على من كان حوالي معان من العرب و هو الذي بعث إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم بإسلامه و أهدى له بغلة بيضاء و سمع بذلك قيصر فأغرى بع الحارث بن أبي شمر الغساني ملك غسان فأخذه و صلبه بفلسطين و بقيتهم اليوم في مواطنهم الأولى في شعبين من شعوبهم يعرف أحدهما بنو عائد و هم ما بين بلبيس من أعمال مصر إلى عقبة أيلة إلى الكرك من ناحية فلسطين و تعرف الثانية بنو عقبة و هم من الكرك إلى الأزلم من برية الحجاز و ضمان السابلة ما بين مصر و المدينة النبوية إلى حدود غزة من الشام عليهم و غزة من مواطن جرم إحدى بطون قضاعة كما مر و بأفريقية لهذا العهد منهم
وبرية كبيرة ينتجعون مع ذياب بن سليم بنواحي طرابلس
و أما عامله و اسمه الحرث بن عدي و هم إخوة لخم و جذام و إنما سمي الحرث عاملة بأمه القضاعية و هم بطن متسع و مواطنهم ببرية الشام و أما كندة و إسمه ثور بن عفير بن عدي و عفير أخو لخم و جذام و تعرف كندة الملوك لأن الملك كان لهم على بادية الحجاز من بني عدنان كما نذكر و بلادهم بجبال اليمن مما يلي حضرموت و منها دمون التي ذكرها امرؤ القيس في شعره و بطونهم العظيمة ثلاثة : معاوية بن كندة و منه الملوك بنو الحرث بن معاوية الأصغر ابن ثور بن مرتع بن معاوية و السكون و سكسك و ابنهما أشرش بن كندة و من السكون بطن تجيب و هم بنو عدي و بنو سعد بن أشرش بن شبيب بن السكون و تجيب إسم أمهما و كان للسكون ملك بدومة الجندل و كان عليها عبد المغيث بن أكيدر بن عبد الملك بن عبد الحق بن أعمى بن معاوية ابن حلاوة بن أمامة بن شكامة بن شبيب بن السكون بعث إليه رسول الله صلى الله عليه و سلم في غزوة تبوك خالد بن الوليد فجاء به أسيرا و حقن صلى الله عليه و سلم دمه و صالحه على الجزية و رده إلى موضعه و من معاوية بن كندة بنو حجر ابن الحرث الأصغر ابن معاوية بن كندة منهم حجر آكل المرار ابن عمرو بن معاوية و هو حجر أبو الملوك ابن كندة الذين يأتي ذكرهم و الحرث الولادة أخو حجر و كان من عقبه الخارجين باليمن المسلمين طالب الحق و كان أباضيا و سيأتي ذكره و منهم الأشعث بن قيس بن معدي كرب بن معاوية و جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية بن الحرث الأكبر جاهلي إسلامي و ابنه محمد بن الأشعث و ابنه عبد الرحمن بن الأشعث القائم على عبد الملك و الحجاج و هو مشهور و ابن عمهم أيضا ابن عدي و هو الأدمر بن عدي بن جبلة له صحبة فيما يقال و هو الذي قتله معاوية على الثورة بأخيه زياد و خبره معروف
هذه قبائل اليمن من قحطان استوفينا ذكر بطونهم و أنسابهم و نرجع الآن إلى ذكر من كان الملك منهم بالشام و الحجاز و العراق حسبما نقصه و الله تعالى المعين بكرمه و منه لا رب غيره و لا خير إلا خيره