شخصيات هوارية : ـ
د . عبد الـرحمن عـزام
( جيفارا العرب ومؤسس الجامعة العربية )
الدكتور عبد الرحمن حسن عزام ( 8 مارس 1893 ـ 2 يونيو 1976 ) من أصول ليبية ، وولد في الشوبك الغربي بالجيزة ، ودرس الطب في مصر . أصبح في 22 مارس 1945 الأمين العام الأول لجامعة الدول العربية في قمة أنشاص - وبقي أمينا عاما لها حتى عام 1952 . والده كان عضوا بأول مجلس تشريعي لمصر وجده كان ناظرا لمديرية أمن الجيزة .
] العزازمه بالشوبك هي أحدى عشائر هواره ولهم تواجد بمدينه الوقف - محافظه قنا , ضمن ثماني عشائر هواريه هي : المداكير , الهداوره , العزازمه , البهايجه , الحمادات, العمارنه , الجعافره , العمارات [
وعرف باسم جيفارا العرب لأنه شارك في حروب كثيره منها اشتراكه في الحرب ضد الصرب في صفوف العثمانيون وحارب الإنجليز مع أحمد الشريف السنوسي وحارب الفرنسيين وحارب ضد الطليان . قاتل مع العثمانيين في الحرب العالمية الأولى، ثم سافر إلى ليبيا ليشارك في القتال ضد الأيطاليين .
أنشأ الجيش المرابط خلال الحرب العالميه الثانيه وساهم في صنع أول جمهوريه في العالم العربي الجمهورية الطرابلسية ، وظل مستشارا لها إلى أن أصبح وزيرا للخارجية المصرية .
في 1924 انتخب في مجلس النواب المصري . في 1936 عينه الملك فاروق الأول وزيرا مفوضا وممثلا فوق العادة للمملكة المصرية . في 1939 أصبح وزيرا للأوقاف في وزارة علي ماهر ( 18اغسطس 1939 - 27 يونيو عام 1940 ) .
شارك في الوفد المصري لمؤتمر فلسطين في لندن سنة 1939. خلال وزارة أحمد ماهر ( 15 يناير 1945 - 24 فبراير 1945 ) ووزارة محمود فهمي النقراشي من ( 24 فبراير 1945 - 15 فبراير 1946 ) وكان أحد أعضاء وفد مصر لوضع ميثاق جامعة الدول العربية. ومن 22 مارس 1945 إلى 1952 شغل منصب أمين عام جامعة الدول العربية . بعد ذلك سافر إلى السعودية حيث عمل مستشاراً في النزاع المتعلق بواحات البوريمي حتى عام 1974 .
عبد الرحمن عزام والجامعة العربية - مقال للدكتور توفيق الشاوى (1918م-2009 )
لا يمكن أن يذكر عبد الرحمن عزام دون أن تذكر الجامعة العربية كما أن جيلنا الذي شهد مولد الجامعة العربية ونشأتها لايمكن إن يذكرها دون أن يمر بخاطره ظل تلك القامة المديدة والهامة العالية والسواعد الطويلة التي ترسم إمامه صورة عبد الرحمن عزام باعتباره صاحب فكرة إنشاء تلك المنظمة الدولية وأول أمين عام لها. وقد شهد جيلنا بعد عشرين عاما فقط من إنشاء الجامعة العربية مولد فكرة التضامن الإسلامي التي تمثلها الآن منظمة المؤتمر الإسلامي، هناك صورة عملاقة هي صورة الملك فيصل بن عبد العزيز ترتسم قي الذهن كلما ذكر التضامن الإسلامي وإذا كان كلاهما قد رحل عنا الآن بعد أن قام بدوره التاريخي فقد تركا للجيل الجديد من أبناء هذه الأمة مهمة كبيرة عي بناء وحدة الأمة الإسلامية على أساس التكامل بين هاتين المنظمتين وفى نظري إن كتابات عبد الرحمن عزام ومؤلفاته قد وضعت الأسس الفكرية لهذا التكامل ويكفى أن نذكر كتاب الرسالة الخالدة وكتاب محمد بطل الإبطال. إن الارتباط والتكامل بين الجامعة العربية والإسلام لايظهر فقط قي كتابات عبد الرحمن عزام بل انه عنصر بارز قي حياته كلها منذ شبابه حتى وفاته. لقد كان طالبا بكلية الطب بجامعة لندن عندما دعا الخليفة للجهاد قي حرب البلقان قبيل الحرب العالمية الأولى فلبى الطالب الشاب نداء الجهاد وسارع إلى ميدان القتال تحت الراية الإسلامية قي البلقان وعندما ثار شعب ليبيا ضد الاستعمار الايطالي الذي يهاجمه وضد الاستعمار الانجليزي الذي يساعده من قواعده قي مصر وكانت الدولة العثمانية الإسلامية تمد الثوار وغيرهم بالسلاح والمال والرجال سارع عبد الرحمن عزام بالانضمام إليهم وحمل السلاح معهم ضد الطليان والانجليز.
فكرة الجامعة العربية
لقد عرفت علاقة عبد الرحمن عزام بالجامعة العربية قبل إنشائها عام 1945م قبيل انتهاء الحرب العالمية الثانية من حديث دار قي مكتب الأستاذ أسعد داغر بدار الأهرام وكان قي مجلسه عدد من أصدقائه السوريين والفلسطينيين وكان حديثنا عن مصير فلسطين بعد انتهاء الحرب بانتصار الانجليز وماذا سيفعله العرب بعد هزيمة ألمانيا فقال المرحوم إسحاق درويش احد قادة الهيئة العربية العليا لفلسطين أن عبد الرحمن عزام يدعو لفكرة جريئة سيكون لها دور كبير قي قضية فلسطين فكرة إنشاء اتحاد عربي يضم جميع الشعوب العربية ومن بينها شعب فلسطين ودولة فلسطين وانه قدم مذكرة بذلك لعدد من ساسة الدول العربية وخاصة المصريين وكان واضحا من حديثه انه إذا وافقت مصر على المشروع فانه سينجح وفعلا تحمست الحكومة المصرية الوفدية برئاسة الزعيم مصطفى النحاس باشا قي ذلك الوقت للفكرة وانشأ الاتحاد باسم الجامعة العربية ولقد علمت منذ ذلك الوقت (قبل أن تنشا الجامعة) أن صاحب الفكرة هو عبد الرحمن عزام وانه لهذا السبب قد اختارته الدول العربية أول أمين عام لها.
عمله قي الجامعة
لكن عمل عزام بالجامعة العربية لم يكن عملا بيروقراطيا سياسيا دبلوماسيا فقط كما كان يريد بعض الحكام العرب لأنه بقي وفيا للمبادئ التي دفعته للتطوع قي ميادين الجهاد قي البلقان وفى برقة وطرابلس وأهمهما مبدآن : الأول انه لم يفرق بين العمل للعروبة والعمل للإسلام. والثاني : انه لم يفرق بيم العمل السياسي والجهاد قي ميادين القتال. لاشك أن بعض الساسة العرب وحكامهم الذين عاصروا عبد الرحمن عزام عندما كان أمينا عاما للجامعة العربية كانوا بعيدين عن هاتين الفكرتين وكانوا يكررون انه الجامعة العربية لاعلاقة لها بالإسلام وكانوا يقولون أن الجامعة ليست لها شخصية دولية وليس لها سياسة خاصة بها لأنها ليست دولة فوق الدول وإنما هي نظام بيروقراطي لتنفيذ سياسة الدول الأعضاء فلايمكن أن يكون لها نشاط الا عن طريق حكومات الدول الأعضاء وكثير منهم لم يكن يخفى معارضته لمواقف عبد الرحمن عزام وتصريحاته ومواقفه الجريئة الصريحة وخاصة بالنسبة لشمال إفريقيا. ومن المؤكد أن عبد الرحمن عزام لم يقتنع بحجج هؤلاء الساسة والحكام وانه استمر أثناء عمله بالجامعة العربية يعتبر نفسه مجاهدا كما كان قبلها وكان قي جهاده لايفرق بين العروبة والإسلام ولا بين ميادين القتال وميدان السياسة. ففي بداية عمله بالجامعة بدأت اندونيسيا كفاحها ضد الهولنديين فسارع إلى مساعدة الحركة الوطنية قي اندنوسيا وبدا سياسة للتقارب مع الهند التي أدت إلى تكوين كتلة دولية جديدة قي الأمم المتحدة تحمل اسم المجموعة العربية الأسيوية كان هدفها الأول هو الدفاع عن اندونيسيا حتى نالت استقلالها ولم يستمع لاحتجاجات بعض الزعماء العرب الذين قالوا أن اندونيسيا ليست دولة عربية فلا شان للجامعة العربية بقضيتها انه رد عليهم بأنه بحاجة إلى مساعدة جميع الحركات الوطنية والى التعاون مع المجموعة الأسيوية لقضية فلسطين وإنهم فعلا تعاونوا معنا قي قضية سوريا ولبنان ضد الحكم الفرنسي التي انتهت باعتراف فرنسا باستقلال الجمهوريتين العربيتين ولا يمكن أن نتخلى عن التعاون معم ومع جميع المدافعين عن الحريات والاستقلال لجميع الشعوب وقد سار قي دفاعه عن اندونيسيا حتى استقلت كما استقلت سوريا ولبنان. ولم تشغله قضية فلسطين ولا قضية سوريا ولبنان ولا اندونيسيا عن حبه الأول لأرض ليبيا وشعب ليبيا المكافح فقد جعل همه الأول عندما أنشئت الجامعة تمويل الحركة الوطنية قي ليبيا ومساعدتها ماليا وسياسيا والدفاع عن مطالبتها باستقلال ليبيا ووحدتها حتى استقلت ليبيا كما استقلت سوريا ولبنان واندونيسيا ودافع عن الحركات الوطنية قي إفريقيا الشمالية حتى استقلت المغرب وتونس والجزائر فيما بعد وظهر للحكام والساسة العرب الذين كانوا ينتقدونه ويهاجمونه انه وان كان فعلا قد خرج عن حدود العمل السياسي والبيروقراضى الذي رسموه للجامعة والامانه العامة الا انه كان ابعد منهم نظرا واصدق نبوءة وان أهدافه وان كانت سابقة لزمانه الا أنها قي اتجاه سير التاريخ الذي اثبت صحتها.
الخصوم
لم يكن خصوم عبد الرحمن عزام من العرب فقط بل إن أكبر خصومه وأخطرهم كانوا من غير العرب وخاصة الانجليز والفرنسيين. لقد كنت معه قي باريس عندما زارها لأول مرة عام 1946 م وحضرت مؤتمره الصحفي الذي تكلم فيه عن القضايا العربية وسياسة الجامعة العربية إزاءها ولم يقصر كلامه على قضية فلسطين ولا قضية ليبيا كما كان الفرنسيون يتوقعون وإنما تكلم عن قضايا تونس والمغرب والجزائر مما أثار الفرنسيين الرسميين وغير الرسميين ولقد تابعت تعليقات الصحف الفرنسية على زيارة عزام وتصريحاته وكانت خلاصتها إن هذا رجل مخرف جاء لباريس ليتكلم عن شعوب خاضعة للسيادة الفرنسية والاتحاد الفرنسي وان على الحكومة الفرنسية أن تلزم هذا الرجل حده أو تطرده من بلادها. بعد خمس سنوات فقط من الزيارة الأولى ذهبت معه إلى باريس قي زيارته الثانية قي خريف عام 1951م ليدافع عن قضية المغرب أمام الجمعية العمومية لهيئة الأمم المتحدة وعادت الصحف الفرنسية تهاجمه وحاصرته الحكومة الفرنسية هو ووفد الجامعة العربية (الذي اشتركت فيه) حصار شديدا حتى لا يتصل بأحد من زعماء الحركة الوطنية قي أقطار شمال إفريقيا ولكنه لم يأبه لهذا الحصار ولا لهذه الحملات الصحافية وحضرت حوار بينه وبين احد العقلاء من الفرنسيين الذي كان ينصحه بان تقنع الجامعة العربية بقضية فلسطين ولا تشغل نفسك بقضايا شمال أفريقيا الا عندما تنتهي من قضية فلسطين ولكن عزام قال له وأنا أنصح فرنسا بان تنصف شعوب شمال أفريقيا وتكسب ودهم وصداقتهم لأنهم لا يمكن أن يرضوا بالتبعية الفرنسية وإذا لم تنصفوهم سوف يلجئون للسلاح وإذا حملوا السلاح فلن يضعوه حتى ينالوا حقوقهم اننى اعرفهم أكثر منكم وتجربتي معهم تؤكد لي ذلك وقد أثبتت الأيام أنه كان صادقا. بعد بضع سنين من هذا الحوار حملت شعوب أفريقيا الشمالية السلاح قي تونس والمغرب والجزائر وكافحت حتى نالت استقلالها واليوم علم الفرنسيون أن عبد الرحمن عزام كان أبعد نظرا وأصدق نبوءة من جميع زعماء فرنسا وحكامها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حتى جاء ديجول وانهي حرب الجزائر. ولم يقصر عبد الرحمن عزام نصائحه على الفرنسيين وإنما سمعت بنفسي نصائحه لزعماء شمال أفريقيا الذين التقى بهم قي باريس والقاهرة وان بعضهم مازال حيا ويعلم أن عبد الرحمن عزام كان يقول لهم إن الجامعة العربية لن تحصل لكم على الاستقلال بل عليكم أن تأخذوه بجهادكم وتضحياتكم وكل ما تفعله الجامعة أو الدول العربية هو أن تساعدكم قي جهادكم وكان أول المساعدين فعلا وكان زعماء أفريقيا يعلمون بدوره ويقدرونه وكانوا يعلمون أن بعض حكام الدول العربية وزعمائها ووزرائها كانوا يفضلون أن يحتفظوا بصداقة فرنسا ولو أدى ذلك إلى التنكر للحركة الوطنية قي شمال أفريقيا وان هؤلاء كانوا يهاجمون سياسة عزام ويسعون لا بعاده عن الجامعة العربية ونجحوا قي ذلك بعد انقلاب يوليو 1952 م
الجهاد الشعبي :
أكثر من ذلك فان عزام قبل أنشاء الجامعة العربية وقبل الحرب العالمية الثانية دعا مصر إلى إنشاء قوات مسلحة شعبية واقنع بذلك على ماهر عندما كان رئيسا للوزارة وأنشئت هذه القوات تحت اسم الجيش المرابط والمصريون الذين عاصروا إنشاء هذا الجيش يعرفون كيف فزع الانجليز من هذا الاتجاه الخطر عليهم وكيف سعوا إلى إلغائه حتى نجحوا قي إقالة على ماهر وإخراج عبد الرحمن عزام من الوزارة واضطهاده شخصيا قي اقسي فترة مرت قي حياته. إن الجيش المرابط الذي كان قي نظره إحياء لفكرة الجاد الشعبي الإسلامي التطوعي ويقينا بان المصريين لن ينالوا حقوقهم الا بالجهاد الشعبي ضد الجيوش الاستعمارية لذلك سارع بعد ذلك وهو أمين عام الجامعة بان سخرها لمساعدة الفدائيين قي فلسطين عام 1947-1948 وطلب من الحكومات العربية أن تسمح لضباط جيوشها بالتطوع لقيادة الكتائب الشعبية التي تمولها الجامعة العربية وفعلا صدر قرار بذلك وتطوع كثير من الضباط لقيادة كتائب المقاومة الشعبية التي كان يقودها الشهيد القائد البطل احمد عبد العزيز. بل أن المتطوعين الذين بدءوا العمل الفدائي ضد الانجليز قي منطقة القنال عام 1950م يعلمون أن عبد الرحمن عزام لم يقصر في تدعيم الحركة الفدائية وتمويلها والدعاية لها حتى اعترفت بها الحكومة المصرية ودعمتها وشاركت فيها بقوات الشرطة كما هو معروف. وإذا كان عزام قد ابعد عن الجامعة العربية فانه استمر قي عزلته يدعوا لفكرتين أساسيتين يعتبرهما أهم خصائص الفكر الإسلامي هما فكرة الجهاد والفداء وفكرة الوحدة الإسلامية جميعا سواء كانوا عربا أو غير عرب ومن كان يريد معرفة مدى عمق الفكرة الإسلامية لدى عزام فعلية أن يقرا الرسالة الخالدة إن رسالة العرب الخالدة قي نظره هي الرسالة الإسلامية كما آمن بها وكما رسم خطواتها ودافع عنها قي هذا الكتاب وأول أسس هذه الرسالة أنها لا نقر الأعتزاز بعنصر أو جنس وان قيمة الإنسان قي عمله وفى ساحة العمل والجهاد ينعم الجميع بإخوة التضحية ووحدة المصير والتسابق للشهادة. لقد طلب عزام الشهادة ولم يخش الموت قي المعارك وساحات القتال لكن الموت قد جاءه فحمله إلى دار البقاء ليلقى زملائه قي الجهاد قي البلقان أو فى أرض برقة وطرابلس فهنيئا له ولهم لقد بقى وفيا لهم طوال حياته يذكرهم بكل خير وندعو الله أن يجمعه بهم قي صفوف الشهداء جزاء على ما قدمه من جهاد وما تحلى به من ثبات ووفاء واستعداد للبذل والتضحية قي كل مكان ترتفع فيه راية الجهاد قي سبيل الله
شخصيات هوارية : ـ د . عبد الـرحمن عـزام ( جيفارا العرب ومؤسس الجامعة العربية ) الدكتور عبد الرحمن حسن عزام ( 8 مارس 1893 ـ 2 يونيو 1976 ) من أصول ليبية ، وولد في الشوبك الغربي بالجيزة ، ودرس الطب في مصر . أصبح في 22 مارس 1945 الأمين العام الأول لجامعة الدول العربية في قمة أنشاص - وبقي أمينا عاما لها حتى عام 1952 . والده كان عضوا بأول مجلس تشريعي لمصر وجده كان ناظرا لمديرية أمن الجيزة . ] العزازمه بالشوبك هي أحدى عشائر هواره ولهم تواجد بمدينه الوقف - محافظه قنا , ضمن ثماني عشائر هواريه هي : المداكير , الهداوره , العزازمه , البهايجه , الحمادات, العمارنه , الجعافره , العمارات [ وعرف باسم جيفارا العرب لأنه شارك في حروب كثيره منها اشتراكه في الحرب ضد الصرب في صفوف العثمانيون وحارب الإنجليز مع أحمد الشريف السنوسي وحارب الفرنسيين وحارب ضد الطليان . قاتل مع العثمانيين في الحرب العالمية الأولى، ثم سافر إلى ليبيا ليشارك في القتال ضد الأيطاليين . أنشأ الجيش المرابط خلال الحرب العالميه الثانيه وساهم في صنع أول جمهوريه في العالم العربي الجمهورية الطرابلسية ، وظل مستشارا لها إلى أن أصبح وزيرا للخارجية المصرية . في 1924 انتخب في مجلس النواب المصري . في 1936 عينه الملك فاروق الأول وزيرا مفوضا وممثلا فوق العادة للمملكة المصرية . في 1939 أصبح وزيرا للأوقاف في وزارة علي ماهر ( 18اغسطس 1939 - 27 يونيو عام 1940 ) . شارك في الوفد المصري لمؤتمر فلسطين في لندن سنة 1939. خلال وزارة أحمد ماهر ( 15 يناير 1945 - 24 فبراير 1945 ) ووزارة محمود فهمي النقراشي من ( 24 فبراير 1945 - 15 فبراير 1946 ) وكان أحد أعضاء وفد مصر لوضع ميثاق جامعة الدول العربية. ومن 22 مارس 1945 إلى 1952 شغل منصب أمين عام جامعة الدول العربية . بعد ذلك سافر إلى السعودية حيث عمل مستشاراً في النزاع المتعلق بواحات البوريمي حتى عام 1974 . عبد الرحمن عزام والجامعة العربية - مقال للدكتور توفيق الشاوى (1918م-2009 ) لا يمكن أن يذكر عبد الرحمن عزام دون أن تذكر الجامعة العربية كما أن جيلنا الذي شهد مولد الجامعة العربية ونشأتها لايمكن إن يذكرها دون أن يمر بخاطره ظل تلك القامة المديدة والهامة العالية والسواعد الطويلة التي ترسم إمامه صورة عبد الرحمن عزام باعتباره صاحب فكرة إنشاء تلك المنظمة الدولية وأول أمين عام لها. وقد شهد جيلنا بعد عشرين عاما فقط من إنشاء الجامعة العربية مولد فكرة التضامن الإسلامي التي تمثلها الآن منظمة المؤتمر الإسلامي، هناك صورة عملاقة هي صورة الملك فيصل بن عبد العزيز ترتسم قي الذهن كلما ذكر التضامن الإسلامي وإذا كان كلاهما قد رحل عنا الآن بعد أن قام بدوره التاريخي فقد تركا للجيل الجديد من أبناء هذه الأمة مهمة كبيرة عي بناء وحدة الأمة الإسلامية على أساس التكامل بين هاتين المنظمتين وفى نظري إن كتابات عبد الرحمن عزام ومؤلفاته قد وضعت الأسس الفكرية لهذا التكامل ويكفى أن نذكر كتاب الرسالة الخالدة وكتاب محمد بطل الإبطال. إن الارتباط والتكامل بين الجامعة العربية والإسلام لايظهر فقط قي كتابات عبد الرحمن عزام بل انه عنصر بارز قي حياته كلها منذ شبابه حتى وفاته. لقد كان طالبا بكلية الطب بجامعة لندن عندما دعا الخليفة للجهاد قي حرب البلقان قبيل الحرب العالمية الأولى فلبى الطالب الشاب نداء الجهاد وسارع إلى ميدان القتال تحت الراية الإسلامية قي البلقان وعندما ثار شعب ليبيا ضد الاستعمار الايطالي الذي يهاجمه وضد الاستعمار الانجليزي الذي يساعده من قواعده قي مصر وكانت الدولة العثمانية الإسلامية تمد الثوار وغيرهم بالسلاح والمال والرجال سارع عبد الرحمن عزام بالانضمام إليهم وحمل السلاح معهم ضد الطليان والانجليز. فكرة الجامعة العربية لقد عرفت علاقة عبد الرحمن عزام بالجامعة العربية قبل إنشائها عام 1945م قبيل انتهاء الحرب العالمية الثانية من حديث دار قي مكتب الأستاذ أسعد داغر بدار الأهرام وكان قي مجلسه عدد من أصدقائه السوريين والفلسطينيين وكان حديثنا عن مصير فلسطين بعد انتهاء الحرب بانتصار الانجليز وماذا سيفعله العرب بعد هزيمة ألمانيا فقال المرحوم إسحاق درويش احد قادة الهيئة العربية العليا لفلسطين أن عبد الرحمن عزام يدعو لفكرة جريئة سيكون لها دور كبير قي قضية فلسطين فكرة إنشاء اتحاد عربي يضم جميع الشعوب العربية ومن بينها شعب فلسطين ودولة فلسطين وانه قدم مذكرة بذلك لعدد من ساسة الدول العربية وخاصة المصريين وكان واضحا من حديثه انه إذا وافقت مصر على المشروع فانه سينجح وفعلا تحمست الحكومة المصرية الوفدية برئاسة الزعيم مصطفى النحاس باشا قي ذلك الوقت للفكرة وانشأ الاتحاد باسم الجامعة العربية ولقد علمت منذ ذلك الوقت (قبل أن تنشا الجامعة) أن صاحب الفكرة هو عبد الرحمن عزام وانه لهذا السبب قد اختارته الدول العربية أول أمين عام لها. عمله قي الجامعة لكن عمل عزام بالجامعة العربية لم يكن عملا بيروقراطيا سياسيا دبلوماسيا فقط كما كان يريد بعض الحكام العرب لأنه بقي وفيا للمبادئ التي دفعته للتطوع قي ميادين الجهاد قي البلقان وفى برقة وطرابلس وأهمهما مبدآن : الأول انه لم يفرق بين العمل للعروبة والعمل للإسلام. والثاني : انه لم يفرق بيم العمل السياسي والجهاد قي ميادين القتال. لاشك أن بعض الساسة العرب وحكامهم الذين عاصروا عبد الرحمن عزام عندما كان أمينا عاما للجامعة العربية كانوا بعيدين عن هاتين الفكرتين وكانوا يكررون انه الجامعة العربية لاعلاقة لها بالإسلام وكانوا يقولون أن الجامعة ليست لها شخصية دولية وليس لها سياسة خاصة بها لأنها ليست دولة فوق الدول وإنما هي نظام بيروقراطي لتنفيذ سياسة الدول الأعضاء فلايمكن أن يكون لها نشاط الا عن طريق حكومات الدول الأعضاء وكثير منهم لم يكن يخفى معارضته لمواقف عبد الرحمن عزام وتصريحاته ومواقفه الجريئة الصريحة وخاصة بالنسبة لشمال إفريقيا. ومن المؤكد أن عبد الرحمن عزام لم يقتنع بحجج هؤلاء الساسة والحكام وانه استمر أثناء عمله بالجامعة العربية يعتبر نفسه مجاهدا كما كان قبلها وكان قي جهاده لايفرق بين العروبة والإسلام ولا بين ميادين القتال وميدان السياسة. ففي بداية عمله بالجامعة بدأت اندونيسيا كفاحها ضد الهولنديين فسارع إلى مساعدة الحركة الوطنية قي اندنوسيا وبدا سياسة للتقارب مع الهند التي أدت إلى تكوين كتلة دولية جديدة قي الأمم المتحدة تحمل اسم المجموعة العربية الأسيوية كان هدفها الأول هو الدفاع عن اندونيسيا حتى نالت استقلالها ولم يستمع لاحتجاجات بعض الزعماء العرب الذين قالوا أن اندونيسيا ليست دولة عربية فلا شان للجامعة العربية بقضيتها انه رد عليهم بأنه بحاجة إلى مساعدة جميع الحركات الوطنية والى التعاون مع المجموعة الأسيوية لقضية فلسطين وإنهم فعلا تعاونوا معنا قي قضية سوريا ولبنان ضد الحكم الفرنسي التي انتهت باعتراف فرنسا باستقلال الجمهوريتين العربيتين ولا يمكن أن نتخلى عن التعاون معم ومع جميع المدافعين عن الحريات والاستقلال لجميع الشعوب وقد سار قي دفاعه عن اندونيسيا حتى استقلت كما استقلت سوريا ولبنان. ولم تشغله قضية فلسطين ولا قضية سوريا ولبنان ولا اندونيسيا عن حبه الأول لأرض ليبيا وشعب ليبيا المكافح فقد جعل همه الأول عندما أنشئت الجامعة تمويل الحركة الوطنية قي ليبيا ومساعدتها ماليا وسياسيا والدفاع عن مطالبتها باستقلال ليبيا ووحدتها حتى استقلت ليبيا كما استقلت سوريا ولبنان واندونيسيا ودافع عن الحركات الوطنية قي إفريقيا الشمالية حتى استقلت المغرب وتونس والجزائر فيما بعد وظهر للحكام والساسة العرب الذين كانوا ينتقدونه ويهاجمونه انه وان كان فعلا قد خرج عن حدود العمل السياسي والبيروقراضى الذي رسموه للجامعة والامانه العامة الا انه كان ابعد منهم نظرا واصدق نبوءة وان أهدافه وان كانت سابقة لزمانه الا أنها قي اتجاه سير التاريخ الذي اثبت صحتها. الخصوم لم يكن خصوم عبد الرحمن عزام من العرب فقط بل إن أكبر خصومه وأخطرهم كانوا من غير العرب وخاصة الانجليز والفرنسيين. لقد كنت معه قي باريس عندما زارها لأول مرة عام 1946 م وحضرت مؤتمره الصحفي الذي تكلم فيه عن القضايا العربية وسياسة الجامعة العربية إزاءها ولم يقصر كلامه على قضية فلسطين ولا قضية ليبيا كما كان الفرنسيون يتوقعون وإنما تكلم عن قضايا تونس والمغرب والجزائر مما أثار الفرنسيين الرسميين وغير الرسميين ولقد تابعت تعليقات الصحف الفرنسية على زيارة عزام وتصريحاته وكانت خلاصتها إن هذا رجل مخرف جاء لباريس ليتكلم عن شعوب خاضعة للسيادة الفرنسية والاتحاد الفرنسي وان على الحكومة الفرنسية أن تلزم هذا الرجل حده أو تطرده من بلادها. بعد خمس سنوات فقط من الزيارة الأولى ذهبت معه إلى باريس قي زيارته الثانية قي خريف عام 1951م ليدافع عن قضية المغرب أمام الجمعية العمومية لهيئة الأمم المتحدة وعادت الصحف الفرنسية تهاجمه وحاصرته الحكومة الفرنسية هو ووفد الجامعة العربية (الذي اشتركت فيه) حصار شديدا حتى لا يتصل بأحد من زعماء الحركة الوطنية قي أقطار شمال إفريقيا ولكنه لم يأبه لهذا الحصار ولا لهذه الحملات الصحافية وحضرت حوار بينه وبين احد العقلاء من الفرنسيين الذي كان ينصحه بان تقنع الجامعة العربية بقضية فلسطين ولا تشغل نفسك بقضايا شمال أفريقيا الا عندما تنتهي من قضية فلسطين ولكن عزام قال له وأنا أنصح فرنسا بان تنصف شعوب شمال أفريقيا وتكسب ودهم وصداقتهم لأنهم لا يمكن أن يرضوا بالتبعية الفرنسية وإذا لم تنصفوهم سوف يلجئون للسلاح وإذا حملوا السلاح فلن يضعوه حتى ينالوا حقوقهم اننى اعرفهم أكثر منكم وتجربتي معهم تؤكد لي ذلك وقد أثبتت الأيام أنه كان صادقا. بعد بضع سنين من هذا الحوار حملت شعوب أفريقيا الشمالية السلاح قي تونس والمغرب والجزائر وكافحت حتى نالت استقلالها واليوم علم الفرنسيون أن عبد الرحمن عزام كان أبعد نظرا وأصدق نبوءة من جميع زعماء فرنسا وحكامها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حتى جاء ديجول وانهي حرب الجزائر. ولم يقصر عبد الرحمن عزام نصائحه على الفرنسيين وإنما سمعت بنفسي نصائحه لزعماء شمال أفريقيا الذين التقى بهم قي باريس والقاهرة وان بعضهم مازال حيا ويعلم أن عبد الرحمن عزام كان يقول لهم إن الجامعة العربية لن تحصل لكم على الاستقلال بل عليكم أن تأخذوه بجهادكم وتضحياتكم وكل ما تفعله الجامعة أو الدول العربية هو أن تساعدكم قي جهادكم وكان أول المساعدين فعلا وكان زعماء أفريقيا يعلمون بدوره ويقدرونه وكانوا يعلمون أن بعض حكام الدول العربية وزعمائها ووزرائها كانوا يفضلون أن يحتفظوا بصداقة فرنسا ولو أدى ذلك إلى التنكر للحركة الوطنية قي شمال أفريقيا وان هؤلاء كانوا يهاجمون سياسة عزام ويسعون لا بعاده عن الجامعة العربية ونجحوا قي ذلك بعد انقلاب يوليو 1952 م الجهاد الشعبي : أكثر من ذلك فان عزام قبل أنشاء الجامعة العربية وقبل الحرب العالمية الثانية دعا مصر إلى إنشاء قوات مسلحة شعبية واقنع بذلك على ماهر عندما كان رئيسا للوزارة وأنشئت هذه القوات تحت اسم الجيش المرابط والمصريون الذين عاصروا إنشاء هذا الجيش يعرفون كيف فزع الانجليز من هذا الاتجاه الخطر عليهم وكيف سعوا إلى إلغائه حتى نجحوا قي إقالة على ماهر وإخراج عبد الرحمن عزام من الوزارة واضطهاده شخصيا قي اقسي فترة مرت قي حياته. إن الجيش المرابط الذي كان قي نظره إحياء لفكرة الجاد الشعبي الإسلامي التطوعي ويقينا بان المصريين لن ينالوا حقوقهم الا بالجهاد الشعبي ضد الجيوش الاستعمارية لذلك سارع بعد ذلك وهو أمين عام الجامعة بان سخرها لمساعدة الفدائيين قي فلسطين عام 1947-1948 وطلب من الحكومات العربية أن تسمح لضباط جيوشها بالتطوع لقيادة الكتائب الشعبية التي تمولها الجامعة العربية وفعلا صدر قرار بذلك وتطوع كثير من الضباط لقيادة كتائب المقاومة الشعبية التي كان يقودها الشهيد القائد البطل احمد عبد العزيز. بل أن المتطوعين الذين بدءوا العمل الفدائي ضد الانجليز قي منطقة القنال عام 1950م يعلمون أن عبد الرحمن عزام لم يقصر في تدعيم الحركة الفدائية وتمويلها والدعاية لها حتى اعترفت بها الحكومة المصرية ودعمتها وشاركت فيها بقوات الشرطة كما هو معروف. وإذا كان عزام قد ابعد عن الجامعة العربية فانه استمر قي عزلته يدعوا لفكرتين أساسيتين يعتبرهما أهم خصائص الفكر الإسلامي هما فكرة الجهاد والفداء وفكرة الوحدة الإسلامية جميعا سواء كانوا عربا أو غير عرب ومن كان يريد معرفة مدى عمق الفكرة الإسلامية لدى عزام فعلية أن يقرا الرسالة الخالدة إن رسالة العرب الخالدة قي نظره هي الرسالة الإسلامية كما آمن بها وكما رسم خطواتها ودافع عنها قي هذا الكتاب وأول أسس هذه الرسالة أنها لا نقر الأعتزاز بعنصر أو جنس وان قيمة الإنسان قي عمله وفى ساحة العمل والجهاد ينعم الجميع بإخوة التضحية ووحدة المصير والتسابق للشهادة. لقد طلب عزام الشهادة ولم يخش الموت قي المعارك وساحات القتال لكن الموت قد جاءه فحمله إلى دار البقاء ليلقى زملائه قي الجهاد قي البلقان أو فى أرض برقة وطرابلس فهنيئا له ولهم لقد بقى وفيا لهم طوال حياته يذكرهم بكل خير وندعو الله أن يجمعه بهم قي صفوف الشهداء جزاء على ما قدمه من جهاد وما تحلى به من ثبات ووفاء واستعداد للبذل والتضحية قي كل مكان ترتفع فيه راية الجهاد قي سبيل الله
د . عبد الـرحمن عـزام
( جيفارا العرب ومؤسس الجامعة العربية )
الدكتور عبد الرحمن حسن عزام ( 8 مارس 1893 ـ 2 يونيو 1976 ) من أصول ليبية ، وولد في الشوبك الغربي بالجيزة ، ودرس الطب في مصر . أصبح في 22 مارس 1945 الأمين العام الأول لجامعة الدول العربية في قمة أنشاص - وبقي أمينا عاما لها حتى عام 1952 . والده كان عضوا بأول مجلس تشريعي لمصر وجده كان ناظرا لمديرية أمن الجيزة .
] العزازمه بالشوبك هي أحدى عشائر هواره ولهم تواجد بمدينه الوقف - محافظه قنا , ضمن ثماني عشائر هواريه هي : المداكير , الهداوره , العزازمه , البهايجه , الحمادات, العمارنه , الجعافره , العمارات [
وعرف باسم جيفارا العرب لأنه شارك في حروب كثيره منها اشتراكه في الحرب ضد الصرب في صفوف العثمانيون وحارب الإنجليز مع أحمد الشريف السنوسي وحارب الفرنسيين وحارب ضد الطليان . قاتل مع العثمانيين في الحرب العالمية الأولى، ثم سافر إلى ليبيا ليشارك في القتال ضد الأيطاليين .
أنشأ الجيش المرابط خلال الحرب العالميه الثانيه وساهم في صنع أول جمهوريه في العالم العربي الجمهورية الطرابلسية ، وظل مستشارا لها إلى أن أصبح وزيرا للخارجية المصرية .
في 1924 انتخب في مجلس النواب المصري . في 1936 عينه الملك فاروق الأول وزيرا مفوضا وممثلا فوق العادة للمملكة المصرية . في 1939 أصبح وزيرا للأوقاف في وزارة علي ماهر ( 18اغسطس 1939 - 27 يونيو عام 1940 ) .
شارك في الوفد المصري لمؤتمر فلسطين في لندن سنة 1939. خلال وزارة أحمد ماهر ( 15 يناير 1945 - 24 فبراير 1945 ) ووزارة محمود فهمي النقراشي من ( 24 فبراير 1945 - 15 فبراير 1946 ) وكان أحد أعضاء وفد مصر لوضع ميثاق جامعة الدول العربية. ومن 22 مارس 1945 إلى 1952 شغل منصب أمين عام جامعة الدول العربية . بعد ذلك سافر إلى السعودية حيث عمل مستشاراً في النزاع المتعلق بواحات البوريمي حتى عام 1974 .
عبد الرحمن عزام والجامعة العربية - مقال للدكتور توفيق الشاوى (1918م-2009 )
لا يمكن أن يذكر عبد الرحمن عزام دون أن تذكر الجامعة العربية كما أن جيلنا الذي شهد مولد الجامعة العربية ونشأتها لايمكن إن يذكرها دون أن يمر بخاطره ظل تلك القامة المديدة والهامة العالية والسواعد الطويلة التي ترسم إمامه صورة عبد الرحمن عزام باعتباره صاحب فكرة إنشاء تلك المنظمة الدولية وأول أمين عام لها. وقد شهد جيلنا بعد عشرين عاما فقط من إنشاء الجامعة العربية مولد فكرة التضامن الإسلامي التي تمثلها الآن منظمة المؤتمر الإسلامي، هناك صورة عملاقة هي صورة الملك فيصل بن عبد العزيز ترتسم قي الذهن كلما ذكر التضامن الإسلامي وإذا كان كلاهما قد رحل عنا الآن بعد أن قام بدوره التاريخي فقد تركا للجيل الجديد من أبناء هذه الأمة مهمة كبيرة عي بناء وحدة الأمة الإسلامية على أساس التكامل بين هاتين المنظمتين وفى نظري إن كتابات عبد الرحمن عزام ومؤلفاته قد وضعت الأسس الفكرية لهذا التكامل ويكفى أن نذكر كتاب الرسالة الخالدة وكتاب محمد بطل الإبطال. إن الارتباط والتكامل بين الجامعة العربية والإسلام لايظهر فقط قي كتابات عبد الرحمن عزام بل انه عنصر بارز قي حياته كلها منذ شبابه حتى وفاته. لقد كان طالبا بكلية الطب بجامعة لندن عندما دعا الخليفة للجهاد قي حرب البلقان قبيل الحرب العالمية الأولى فلبى الطالب الشاب نداء الجهاد وسارع إلى ميدان القتال تحت الراية الإسلامية قي البلقان وعندما ثار شعب ليبيا ضد الاستعمار الايطالي الذي يهاجمه وضد الاستعمار الانجليزي الذي يساعده من قواعده قي مصر وكانت الدولة العثمانية الإسلامية تمد الثوار وغيرهم بالسلاح والمال والرجال سارع عبد الرحمن عزام بالانضمام إليهم وحمل السلاح معهم ضد الطليان والانجليز.
فكرة الجامعة العربية
لقد عرفت علاقة عبد الرحمن عزام بالجامعة العربية قبل إنشائها عام 1945م قبيل انتهاء الحرب العالمية الثانية من حديث دار قي مكتب الأستاذ أسعد داغر بدار الأهرام وكان قي مجلسه عدد من أصدقائه السوريين والفلسطينيين وكان حديثنا عن مصير فلسطين بعد انتهاء الحرب بانتصار الانجليز وماذا سيفعله العرب بعد هزيمة ألمانيا فقال المرحوم إسحاق درويش احد قادة الهيئة العربية العليا لفلسطين أن عبد الرحمن عزام يدعو لفكرة جريئة سيكون لها دور كبير قي قضية فلسطين فكرة إنشاء اتحاد عربي يضم جميع الشعوب العربية ومن بينها شعب فلسطين ودولة فلسطين وانه قدم مذكرة بذلك لعدد من ساسة الدول العربية وخاصة المصريين وكان واضحا من حديثه انه إذا وافقت مصر على المشروع فانه سينجح وفعلا تحمست الحكومة المصرية الوفدية برئاسة الزعيم مصطفى النحاس باشا قي ذلك الوقت للفكرة وانشأ الاتحاد باسم الجامعة العربية ولقد علمت منذ ذلك الوقت (قبل أن تنشا الجامعة) أن صاحب الفكرة هو عبد الرحمن عزام وانه لهذا السبب قد اختارته الدول العربية أول أمين عام لها.
عمله قي الجامعة
لكن عمل عزام بالجامعة العربية لم يكن عملا بيروقراطيا سياسيا دبلوماسيا فقط كما كان يريد بعض الحكام العرب لأنه بقي وفيا للمبادئ التي دفعته للتطوع قي ميادين الجهاد قي البلقان وفى برقة وطرابلس وأهمهما مبدآن : الأول انه لم يفرق بين العمل للعروبة والعمل للإسلام. والثاني : انه لم يفرق بيم العمل السياسي والجهاد قي ميادين القتال. لاشك أن بعض الساسة العرب وحكامهم الذين عاصروا عبد الرحمن عزام عندما كان أمينا عاما للجامعة العربية كانوا بعيدين عن هاتين الفكرتين وكانوا يكررون انه الجامعة العربية لاعلاقة لها بالإسلام وكانوا يقولون أن الجامعة ليست لها شخصية دولية وليس لها سياسة خاصة بها لأنها ليست دولة فوق الدول وإنما هي نظام بيروقراطي لتنفيذ سياسة الدول الأعضاء فلايمكن أن يكون لها نشاط الا عن طريق حكومات الدول الأعضاء وكثير منهم لم يكن يخفى معارضته لمواقف عبد الرحمن عزام وتصريحاته ومواقفه الجريئة الصريحة وخاصة بالنسبة لشمال إفريقيا. ومن المؤكد أن عبد الرحمن عزام لم يقتنع بحجج هؤلاء الساسة والحكام وانه استمر أثناء عمله بالجامعة العربية يعتبر نفسه مجاهدا كما كان قبلها وكان قي جهاده لايفرق بين العروبة والإسلام ولا بين ميادين القتال وميدان السياسة. ففي بداية عمله بالجامعة بدأت اندونيسيا كفاحها ضد الهولنديين فسارع إلى مساعدة الحركة الوطنية قي اندنوسيا وبدا سياسة للتقارب مع الهند التي أدت إلى تكوين كتلة دولية جديدة قي الأمم المتحدة تحمل اسم المجموعة العربية الأسيوية كان هدفها الأول هو الدفاع عن اندونيسيا حتى نالت استقلالها ولم يستمع لاحتجاجات بعض الزعماء العرب الذين قالوا أن اندونيسيا ليست دولة عربية فلا شان للجامعة العربية بقضيتها انه رد عليهم بأنه بحاجة إلى مساعدة جميع الحركات الوطنية والى التعاون مع المجموعة الأسيوية لقضية فلسطين وإنهم فعلا تعاونوا معنا قي قضية سوريا ولبنان ضد الحكم الفرنسي التي انتهت باعتراف فرنسا باستقلال الجمهوريتين العربيتين ولا يمكن أن نتخلى عن التعاون معم ومع جميع المدافعين عن الحريات والاستقلال لجميع الشعوب وقد سار قي دفاعه عن اندونيسيا حتى استقلت كما استقلت سوريا ولبنان. ولم تشغله قضية فلسطين ولا قضية سوريا ولبنان ولا اندونيسيا عن حبه الأول لأرض ليبيا وشعب ليبيا المكافح فقد جعل همه الأول عندما أنشئت الجامعة تمويل الحركة الوطنية قي ليبيا ومساعدتها ماليا وسياسيا والدفاع عن مطالبتها باستقلال ليبيا ووحدتها حتى استقلت ليبيا كما استقلت سوريا ولبنان واندونيسيا ودافع عن الحركات الوطنية قي إفريقيا الشمالية حتى استقلت المغرب وتونس والجزائر فيما بعد وظهر للحكام والساسة العرب الذين كانوا ينتقدونه ويهاجمونه انه وان كان فعلا قد خرج عن حدود العمل السياسي والبيروقراضى الذي رسموه للجامعة والامانه العامة الا انه كان ابعد منهم نظرا واصدق نبوءة وان أهدافه وان كانت سابقة لزمانه الا أنها قي اتجاه سير التاريخ الذي اثبت صحتها.
الخصوم
لم يكن خصوم عبد الرحمن عزام من العرب فقط بل إن أكبر خصومه وأخطرهم كانوا من غير العرب وخاصة الانجليز والفرنسيين. لقد كنت معه قي باريس عندما زارها لأول مرة عام 1946 م وحضرت مؤتمره الصحفي الذي تكلم فيه عن القضايا العربية وسياسة الجامعة العربية إزاءها ولم يقصر كلامه على قضية فلسطين ولا قضية ليبيا كما كان الفرنسيون يتوقعون وإنما تكلم عن قضايا تونس والمغرب والجزائر مما أثار الفرنسيين الرسميين وغير الرسميين ولقد تابعت تعليقات الصحف الفرنسية على زيارة عزام وتصريحاته وكانت خلاصتها إن هذا رجل مخرف جاء لباريس ليتكلم عن شعوب خاضعة للسيادة الفرنسية والاتحاد الفرنسي وان على الحكومة الفرنسية أن تلزم هذا الرجل حده أو تطرده من بلادها. بعد خمس سنوات فقط من الزيارة الأولى ذهبت معه إلى باريس قي زيارته الثانية قي خريف عام 1951م ليدافع عن قضية المغرب أمام الجمعية العمومية لهيئة الأمم المتحدة وعادت الصحف الفرنسية تهاجمه وحاصرته الحكومة الفرنسية هو ووفد الجامعة العربية (الذي اشتركت فيه) حصار شديدا حتى لا يتصل بأحد من زعماء الحركة الوطنية قي أقطار شمال إفريقيا ولكنه لم يأبه لهذا الحصار ولا لهذه الحملات الصحافية وحضرت حوار بينه وبين احد العقلاء من الفرنسيين الذي كان ينصحه بان تقنع الجامعة العربية بقضية فلسطين ولا تشغل نفسك بقضايا شمال أفريقيا الا عندما تنتهي من قضية فلسطين ولكن عزام قال له وأنا أنصح فرنسا بان تنصف شعوب شمال أفريقيا وتكسب ودهم وصداقتهم لأنهم لا يمكن أن يرضوا بالتبعية الفرنسية وإذا لم تنصفوهم سوف يلجئون للسلاح وإذا حملوا السلاح فلن يضعوه حتى ينالوا حقوقهم اننى اعرفهم أكثر منكم وتجربتي معهم تؤكد لي ذلك وقد أثبتت الأيام أنه كان صادقا. بعد بضع سنين من هذا الحوار حملت شعوب أفريقيا الشمالية السلاح قي تونس والمغرب والجزائر وكافحت حتى نالت استقلالها واليوم علم الفرنسيون أن عبد الرحمن عزام كان أبعد نظرا وأصدق نبوءة من جميع زعماء فرنسا وحكامها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حتى جاء ديجول وانهي حرب الجزائر. ولم يقصر عبد الرحمن عزام نصائحه على الفرنسيين وإنما سمعت بنفسي نصائحه لزعماء شمال أفريقيا الذين التقى بهم قي باريس والقاهرة وان بعضهم مازال حيا ويعلم أن عبد الرحمن عزام كان يقول لهم إن الجامعة العربية لن تحصل لكم على الاستقلال بل عليكم أن تأخذوه بجهادكم وتضحياتكم وكل ما تفعله الجامعة أو الدول العربية هو أن تساعدكم قي جهادكم وكان أول المساعدين فعلا وكان زعماء أفريقيا يعلمون بدوره ويقدرونه وكانوا يعلمون أن بعض حكام الدول العربية وزعمائها ووزرائها كانوا يفضلون أن يحتفظوا بصداقة فرنسا ولو أدى ذلك إلى التنكر للحركة الوطنية قي شمال أفريقيا وان هؤلاء كانوا يهاجمون سياسة عزام ويسعون لا بعاده عن الجامعة العربية ونجحوا قي ذلك بعد انقلاب يوليو 1952 م
الجهاد الشعبي :
أكثر من ذلك فان عزام قبل أنشاء الجامعة العربية وقبل الحرب العالمية الثانية دعا مصر إلى إنشاء قوات مسلحة شعبية واقنع بذلك على ماهر عندما كان رئيسا للوزارة وأنشئت هذه القوات تحت اسم الجيش المرابط والمصريون الذين عاصروا إنشاء هذا الجيش يعرفون كيف فزع الانجليز من هذا الاتجاه الخطر عليهم وكيف سعوا إلى إلغائه حتى نجحوا قي إقالة على ماهر وإخراج عبد الرحمن عزام من الوزارة واضطهاده شخصيا قي اقسي فترة مرت قي حياته. إن الجيش المرابط الذي كان قي نظره إحياء لفكرة الجاد الشعبي الإسلامي التطوعي ويقينا بان المصريين لن ينالوا حقوقهم الا بالجهاد الشعبي ضد الجيوش الاستعمارية لذلك سارع بعد ذلك وهو أمين عام الجامعة بان سخرها لمساعدة الفدائيين قي فلسطين عام 1947-1948 وطلب من الحكومات العربية أن تسمح لضباط جيوشها بالتطوع لقيادة الكتائب الشعبية التي تمولها الجامعة العربية وفعلا صدر قرار بذلك وتطوع كثير من الضباط لقيادة كتائب المقاومة الشعبية التي كان يقودها الشهيد القائد البطل احمد عبد العزيز. بل أن المتطوعين الذين بدءوا العمل الفدائي ضد الانجليز قي منطقة القنال عام 1950م يعلمون أن عبد الرحمن عزام لم يقصر في تدعيم الحركة الفدائية وتمويلها والدعاية لها حتى اعترفت بها الحكومة المصرية ودعمتها وشاركت فيها بقوات الشرطة كما هو معروف. وإذا كان عزام قد ابعد عن الجامعة العربية فانه استمر قي عزلته يدعوا لفكرتين أساسيتين يعتبرهما أهم خصائص الفكر الإسلامي هما فكرة الجهاد والفداء وفكرة الوحدة الإسلامية جميعا سواء كانوا عربا أو غير عرب ومن كان يريد معرفة مدى عمق الفكرة الإسلامية لدى عزام فعلية أن يقرا الرسالة الخالدة إن رسالة العرب الخالدة قي نظره هي الرسالة الإسلامية كما آمن بها وكما رسم خطواتها ودافع عنها قي هذا الكتاب وأول أسس هذه الرسالة أنها لا نقر الأعتزاز بعنصر أو جنس وان قيمة الإنسان قي عمله وفى ساحة العمل والجهاد ينعم الجميع بإخوة التضحية ووحدة المصير والتسابق للشهادة. لقد طلب عزام الشهادة ولم يخش الموت قي المعارك وساحات القتال لكن الموت قد جاءه فحمله إلى دار البقاء ليلقى زملائه قي الجهاد قي البلقان أو فى أرض برقة وطرابلس فهنيئا له ولهم لقد بقى وفيا لهم طوال حياته يذكرهم بكل خير وندعو الله أن يجمعه بهم قي صفوف الشهداء جزاء على ما قدمه من جهاد وما تحلى به من ثبات ووفاء واستعداد للبذل والتضحية قي كل مكان ترتفع فيه راية الجهاد قي سبيل الله
شخصيات هوارية : ـ د . عبد الـرحمن عـزام ( جيفارا العرب ومؤسس الجامعة العربية ) الدكتور عبد الرحمن حسن عزام ( 8 مارس 1893 ـ 2 يونيو 1976 ) من أصول ليبية ، وولد في الشوبك الغربي بالجيزة ، ودرس الطب في مصر . أصبح في 22 مارس 1945 الأمين العام الأول لجامعة الدول العربية في قمة أنشاص - وبقي أمينا عاما لها حتى عام 1952 . والده كان عضوا بأول مجلس تشريعي لمصر وجده كان ناظرا لمديرية أمن الجيزة . ] العزازمه بالشوبك هي أحدى عشائر هواره ولهم تواجد بمدينه الوقف - محافظه قنا , ضمن ثماني عشائر هواريه هي : المداكير , الهداوره , العزازمه , البهايجه , الحمادات, العمارنه , الجعافره , العمارات [ وعرف باسم جيفارا العرب لأنه شارك في حروب كثيره منها اشتراكه في الحرب ضد الصرب في صفوف العثمانيون وحارب الإنجليز مع أحمد الشريف السنوسي وحارب الفرنسيين وحارب ضد الطليان . قاتل مع العثمانيين في الحرب العالمية الأولى، ثم سافر إلى ليبيا ليشارك في القتال ضد الأيطاليين . أنشأ الجيش المرابط خلال الحرب العالميه الثانيه وساهم في صنع أول جمهوريه في العالم العربي الجمهورية الطرابلسية ، وظل مستشارا لها إلى أن أصبح وزيرا للخارجية المصرية . في 1924 انتخب في مجلس النواب المصري . في 1936 عينه الملك فاروق الأول وزيرا مفوضا وممثلا فوق العادة للمملكة المصرية . في 1939 أصبح وزيرا للأوقاف في وزارة علي ماهر ( 18اغسطس 1939 - 27 يونيو عام 1940 ) . شارك في الوفد المصري لمؤتمر فلسطين في لندن سنة 1939. خلال وزارة أحمد ماهر ( 15 يناير 1945 - 24 فبراير 1945 ) ووزارة محمود فهمي النقراشي من ( 24 فبراير 1945 - 15 فبراير 1946 ) وكان أحد أعضاء وفد مصر لوضع ميثاق جامعة الدول العربية. ومن 22 مارس 1945 إلى 1952 شغل منصب أمين عام جامعة الدول العربية . بعد ذلك سافر إلى السعودية حيث عمل مستشاراً في النزاع المتعلق بواحات البوريمي حتى عام 1974 . عبد الرحمن عزام والجامعة العربية - مقال للدكتور توفيق الشاوى (1918م-2009 ) لا يمكن أن يذكر عبد الرحمن عزام دون أن تذكر الجامعة العربية كما أن جيلنا الذي شهد مولد الجامعة العربية ونشأتها لايمكن إن يذكرها دون أن يمر بخاطره ظل تلك القامة المديدة والهامة العالية والسواعد الطويلة التي ترسم إمامه صورة عبد الرحمن عزام باعتباره صاحب فكرة إنشاء تلك المنظمة الدولية وأول أمين عام لها. وقد شهد جيلنا بعد عشرين عاما فقط من إنشاء الجامعة العربية مولد فكرة التضامن الإسلامي التي تمثلها الآن منظمة المؤتمر الإسلامي، هناك صورة عملاقة هي صورة الملك فيصل بن عبد العزيز ترتسم قي الذهن كلما ذكر التضامن الإسلامي وإذا كان كلاهما قد رحل عنا الآن بعد أن قام بدوره التاريخي فقد تركا للجيل الجديد من أبناء هذه الأمة مهمة كبيرة عي بناء وحدة الأمة الإسلامية على أساس التكامل بين هاتين المنظمتين وفى نظري إن كتابات عبد الرحمن عزام ومؤلفاته قد وضعت الأسس الفكرية لهذا التكامل ويكفى أن نذكر كتاب الرسالة الخالدة وكتاب محمد بطل الإبطال. إن الارتباط والتكامل بين الجامعة العربية والإسلام لايظهر فقط قي كتابات عبد الرحمن عزام بل انه عنصر بارز قي حياته كلها منذ شبابه حتى وفاته. لقد كان طالبا بكلية الطب بجامعة لندن عندما دعا الخليفة للجهاد قي حرب البلقان قبيل الحرب العالمية الأولى فلبى الطالب الشاب نداء الجهاد وسارع إلى ميدان القتال تحت الراية الإسلامية قي البلقان وعندما ثار شعب ليبيا ضد الاستعمار الايطالي الذي يهاجمه وضد الاستعمار الانجليزي الذي يساعده من قواعده قي مصر وكانت الدولة العثمانية الإسلامية تمد الثوار وغيرهم بالسلاح والمال والرجال سارع عبد الرحمن عزام بالانضمام إليهم وحمل السلاح معهم ضد الطليان والانجليز. فكرة الجامعة العربية لقد عرفت علاقة عبد الرحمن عزام بالجامعة العربية قبل إنشائها عام 1945م قبيل انتهاء الحرب العالمية الثانية من حديث دار قي مكتب الأستاذ أسعد داغر بدار الأهرام وكان قي مجلسه عدد من أصدقائه السوريين والفلسطينيين وكان حديثنا عن مصير فلسطين بعد انتهاء الحرب بانتصار الانجليز وماذا سيفعله العرب بعد هزيمة ألمانيا فقال المرحوم إسحاق درويش احد قادة الهيئة العربية العليا لفلسطين أن عبد الرحمن عزام يدعو لفكرة جريئة سيكون لها دور كبير قي قضية فلسطين فكرة إنشاء اتحاد عربي يضم جميع الشعوب العربية ومن بينها شعب فلسطين ودولة فلسطين وانه قدم مذكرة بذلك لعدد من ساسة الدول العربية وخاصة المصريين وكان واضحا من حديثه انه إذا وافقت مصر على المشروع فانه سينجح وفعلا تحمست الحكومة المصرية الوفدية برئاسة الزعيم مصطفى النحاس باشا قي ذلك الوقت للفكرة وانشأ الاتحاد باسم الجامعة العربية ولقد علمت منذ ذلك الوقت (قبل أن تنشا الجامعة) أن صاحب الفكرة هو عبد الرحمن عزام وانه لهذا السبب قد اختارته الدول العربية أول أمين عام لها. عمله قي الجامعة لكن عمل عزام بالجامعة العربية لم يكن عملا بيروقراطيا سياسيا دبلوماسيا فقط كما كان يريد بعض الحكام العرب لأنه بقي وفيا للمبادئ التي دفعته للتطوع قي ميادين الجهاد قي البلقان وفى برقة وطرابلس وأهمهما مبدآن : الأول انه لم يفرق بين العمل للعروبة والعمل للإسلام. والثاني : انه لم يفرق بيم العمل السياسي والجهاد قي ميادين القتال. لاشك أن بعض الساسة العرب وحكامهم الذين عاصروا عبد الرحمن عزام عندما كان أمينا عاما للجامعة العربية كانوا بعيدين عن هاتين الفكرتين وكانوا يكررون انه الجامعة العربية لاعلاقة لها بالإسلام وكانوا يقولون أن الجامعة ليست لها شخصية دولية وليس لها سياسة خاصة بها لأنها ليست دولة فوق الدول وإنما هي نظام بيروقراطي لتنفيذ سياسة الدول الأعضاء فلايمكن أن يكون لها نشاط الا عن طريق حكومات الدول الأعضاء وكثير منهم لم يكن يخفى معارضته لمواقف عبد الرحمن عزام وتصريحاته ومواقفه الجريئة الصريحة وخاصة بالنسبة لشمال إفريقيا. ومن المؤكد أن عبد الرحمن عزام لم يقتنع بحجج هؤلاء الساسة والحكام وانه استمر أثناء عمله بالجامعة العربية يعتبر نفسه مجاهدا كما كان قبلها وكان قي جهاده لايفرق بين العروبة والإسلام ولا بين ميادين القتال وميدان السياسة. ففي بداية عمله بالجامعة بدأت اندونيسيا كفاحها ضد الهولنديين فسارع إلى مساعدة الحركة الوطنية قي اندنوسيا وبدا سياسة للتقارب مع الهند التي أدت إلى تكوين كتلة دولية جديدة قي الأمم المتحدة تحمل اسم المجموعة العربية الأسيوية كان هدفها الأول هو الدفاع عن اندونيسيا حتى نالت استقلالها ولم يستمع لاحتجاجات بعض الزعماء العرب الذين قالوا أن اندونيسيا ليست دولة عربية فلا شان للجامعة العربية بقضيتها انه رد عليهم بأنه بحاجة إلى مساعدة جميع الحركات الوطنية والى التعاون مع المجموعة الأسيوية لقضية فلسطين وإنهم فعلا تعاونوا معنا قي قضية سوريا ولبنان ضد الحكم الفرنسي التي انتهت باعتراف فرنسا باستقلال الجمهوريتين العربيتين ولا يمكن أن نتخلى عن التعاون معم ومع جميع المدافعين عن الحريات والاستقلال لجميع الشعوب وقد سار قي دفاعه عن اندونيسيا حتى استقلت كما استقلت سوريا ولبنان. ولم تشغله قضية فلسطين ولا قضية سوريا ولبنان ولا اندونيسيا عن حبه الأول لأرض ليبيا وشعب ليبيا المكافح فقد جعل همه الأول عندما أنشئت الجامعة تمويل الحركة الوطنية قي ليبيا ومساعدتها ماليا وسياسيا والدفاع عن مطالبتها باستقلال ليبيا ووحدتها حتى استقلت ليبيا كما استقلت سوريا ولبنان واندونيسيا ودافع عن الحركات الوطنية قي إفريقيا الشمالية حتى استقلت المغرب وتونس والجزائر فيما بعد وظهر للحكام والساسة العرب الذين كانوا ينتقدونه ويهاجمونه انه وان كان فعلا قد خرج عن حدود العمل السياسي والبيروقراضى الذي رسموه للجامعة والامانه العامة الا انه كان ابعد منهم نظرا واصدق نبوءة وان أهدافه وان كانت سابقة لزمانه الا أنها قي اتجاه سير التاريخ الذي اثبت صحتها. الخصوم لم يكن خصوم عبد الرحمن عزام من العرب فقط بل إن أكبر خصومه وأخطرهم كانوا من غير العرب وخاصة الانجليز والفرنسيين. لقد كنت معه قي باريس عندما زارها لأول مرة عام 1946 م وحضرت مؤتمره الصحفي الذي تكلم فيه عن القضايا العربية وسياسة الجامعة العربية إزاءها ولم يقصر كلامه على قضية فلسطين ولا قضية ليبيا كما كان الفرنسيون يتوقعون وإنما تكلم عن قضايا تونس والمغرب والجزائر مما أثار الفرنسيين الرسميين وغير الرسميين ولقد تابعت تعليقات الصحف الفرنسية على زيارة عزام وتصريحاته وكانت خلاصتها إن هذا رجل مخرف جاء لباريس ليتكلم عن شعوب خاضعة للسيادة الفرنسية والاتحاد الفرنسي وان على الحكومة الفرنسية أن تلزم هذا الرجل حده أو تطرده من بلادها. بعد خمس سنوات فقط من الزيارة الأولى ذهبت معه إلى باريس قي زيارته الثانية قي خريف عام 1951م ليدافع عن قضية المغرب أمام الجمعية العمومية لهيئة الأمم المتحدة وعادت الصحف الفرنسية تهاجمه وحاصرته الحكومة الفرنسية هو ووفد الجامعة العربية (الذي اشتركت فيه) حصار شديدا حتى لا يتصل بأحد من زعماء الحركة الوطنية قي أقطار شمال إفريقيا ولكنه لم يأبه لهذا الحصار ولا لهذه الحملات الصحافية وحضرت حوار بينه وبين احد العقلاء من الفرنسيين الذي كان ينصحه بان تقنع الجامعة العربية بقضية فلسطين ولا تشغل نفسك بقضايا شمال أفريقيا الا عندما تنتهي من قضية فلسطين ولكن عزام قال له وأنا أنصح فرنسا بان تنصف شعوب شمال أفريقيا وتكسب ودهم وصداقتهم لأنهم لا يمكن أن يرضوا بالتبعية الفرنسية وإذا لم تنصفوهم سوف يلجئون للسلاح وإذا حملوا السلاح فلن يضعوه حتى ينالوا حقوقهم اننى اعرفهم أكثر منكم وتجربتي معهم تؤكد لي ذلك وقد أثبتت الأيام أنه كان صادقا. بعد بضع سنين من هذا الحوار حملت شعوب أفريقيا الشمالية السلاح قي تونس والمغرب والجزائر وكافحت حتى نالت استقلالها واليوم علم الفرنسيون أن عبد الرحمن عزام كان أبعد نظرا وأصدق نبوءة من جميع زعماء فرنسا وحكامها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حتى جاء ديجول وانهي حرب الجزائر. ولم يقصر عبد الرحمن عزام نصائحه على الفرنسيين وإنما سمعت بنفسي نصائحه لزعماء شمال أفريقيا الذين التقى بهم قي باريس والقاهرة وان بعضهم مازال حيا ويعلم أن عبد الرحمن عزام كان يقول لهم إن الجامعة العربية لن تحصل لكم على الاستقلال بل عليكم أن تأخذوه بجهادكم وتضحياتكم وكل ما تفعله الجامعة أو الدول العربية هو أن تساعدكم قي جهادكم وكان أول المساعدين فعلا وكان زعماء أفريقيا يعلمون بدوره ويقدرونه وكانوا يعلمون أن بعض حكام الدول العربية وزعمائها ووزرائها كانوا يفضلون أن يحتفظوا بصداقة فرنسا ولو أدى ذلك إلى التنكر للحركة الوطنية قي شمال أفريقيا وان هؤلاء كانوا يهاجمون سياسة عزام ويسعون لا بعاده عن الجامعة العربية ونجحوا قي ذلك بعد انقلاب يوليو 1952 م الجهاد الشعبي : أكثر من ذلك فان عزام قبل أنشاء الجامعة العربية وقبل الحرب العالمية الثانية دعا مصر إلى إنشاء قوات مسلحة شعبية واقنع بذلك على ماهر عندما كان رئيسا للوزارة وأنشئت هذه القوات تحت اسم الجيش المرابط والمصريون الذين عاصروا إنشاء هذا الجيش يعرفون كيف فزع الانجليز من هذا الاتجاه الخطر عليهم وكيف سعوا إلى إلغائه حتى نجحوا قي إقالة على ماهر وإخراج عبد الرحمن عزام من الوزارة واضطهاده شخصيا قي اقسي فترة مرت قي حياته. إن الجيش المرابط الذي كان قي نظره إحياء لفكرة الجاد الشعبي الإسلامي التطوعي ويقينا بان المصريين لن ينالوا حقوقهم الا بالجهاد الشعبي ضد الجيوش الاستعمارية لذلك سارع بعد ذلك وهو أمين عام الجامعة بان سخرها لمساعدة الفدائيين قي فلسطين عام 1947-1948 وطلب من الحكومات العربية أن تسمح لضباط جيوشها بالتطوع لقيادة الكتائب الشعبية التي تمولها الجامعة العربية وفعلا صدر قرار بذلك وتطوع كثير من الضباط لقيادة كتائب المقاومة الشعبية التي كان يقودها الشهيد القائد البطل احمد عبد العزيز. بل أن المتطوعين الذين بدءوا العمل الفدائي ضد الانجليز قي منطقة القنال عام 1950م يعلمون أن عبد الرحمن عزام لم يقصر في تدعيم الحركة الفدائية وتمويلها والدعاية لها حتى اعترفت بها الحكومة المصرية ودعمتها وشاركت فيها بقوات الشرطة كما هو معروف. وإذا كان عزام قد ابعد عن الجامعة العربية فانه استمر قي عزلته يدعوا لفكرتين أساسيتين يعتبرهما أهم خصائص الفكر الإسلامي هما فكرة الجهاد والفداء وفكرة الوحدة الإسلامية جميعا سواء كانوا عربا أو غير عرب ومن كان يريد معرفة مدى عمق الفكرة الإسلامية لدى عزام فعلية أن يقرا الرسالة الخالدة إن رسالة العرب الخالدة قي نظره هي الرسالة الإسلامية كما آمن بها وكما رسم خطواتها ودافع عنها قي هذا الكتاب وأول أسس هذه الرسالة أنها لا نقر الأعتزاز بعنصر أو جنس وان قيمة الإنسان قي عمله وفى ساحة العمل والجهاد ينعم الجميع بإخوة التضحية ووحدة المصير والتسابق للشهادة. لقد طلب عزام الشهادة ولم يخش الموت قي المعارك وساحات القتال لكن الموت قد جاءه فحمله إلى دار البقاء ليلقى زملائه قي الجهاد قي البلقان أو فى أرض برقة وطرابلس فهنيئا له ولهم لقد بقى وفيا لهم طوال حياته يذكرهم بكل خير وندعو الله أن يجمعه بهم قي صفوف الشهداء جزاء على ما قدمه من جهاد وما تحلى به من ثبات ووفاء واستعداد للبذل والتضحية قي كل مكان ترتفع فيه راية الجهاد قي سبيل الله