عمر مكرم - الزعيم الشعبى .. وقصته مع محمد علي باشا
عمر مكرم بن حسين السيوطي
(1750-1822)
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
زعيم شعبي مصري. ولد في أسيوط إحدى محافظات مصر سنة 1750 وتعلم في الأزهر الشريف.
ولي نقابة الأشراف في مصر سنة 1793، وقاوم الفرنسيين في ثورة القاهرة الثانية سنة 1800.
حصل عمر مكرم علي قسط وافر من العلوم التي كانت معروفة في مصر في عصره، وكان له اهتمام كبير بالاطلاع في كنوز الدين والفقه، واقتني مكتبة كبيرة ولكنه بطبعه كان يميل للحياة العامة، ولهذا لم يشتغل بالتدريس في الأزهر كما كانت عادة العلماء في عصره، وإنما اهتم بأمور المجتمع المصري، والحياة السياسية، ولهذا لم يكن معروفا في وقته باللقب الذي اعتاد الناس أن يلقبوا به مشايخ الأزهر وهو لقب الشيخ،
بل كان معروفا بلقب السيد كما كان يشار إليه أحيانا -كما تروي المراجع- باسم «السيد عمر أفندي» ورغم نسبه الشريف فإنه لم يكن واحدا من أفراد أسرة السادات أو البكري حيث كانت رياسة الأسر الشريفة محصورة فيما بينهما يتوارثانها ويتعاقبان عليها ويتنافسان فيها. وظل عمر مكرم علي اهتمامه بالحياة العامة والمجتمع المصري إلي أن كان أول ظهور له في الحياة السياسية في سنة ١٧٩١ ميلادية الموافق ١٢٠٥ للهجرة،
ففي ذلك الوقت رجع القائد التركي حسن باشا الجزائرلي إلي بلاده مع جيشه الذي أتي به لتأديب إبراهيم ومراد، وانتهز إبراهيم ومراد بك هذه الفرصة فأرسلا من قبلهما رسولا يفاوض الحكومة القائمة في أن يعودا إلي القائمة ويشتركا في الحكم وكان السيد عمر مكرم هو رسولهما المختار لهذه المهمة،
حيث كانا علي اتصال به في فترة وجودهما في صعيد مصر فاختاراه لما توسما فيه وعرفا عنه من مقدرته ونفوذه، وتزداد شعبيته وزعامته بين أهالي مصر يوما بعد يوم وتتوالي الأحداث إلي أن يصعد محمد علي باشا إلي سدة الحكم ورغم أن صعود محمد علي حكم مصر كان بتأييد الزعامة الشعبية التي قادها عمر مكرم ورغم صداقتهما، فإن محمد علي ربما شعر بالقلق من نفوذ عمر مكرم وشعبيته فسعي في هدم تلك الزعامة الشعبية، بمشاركة الشيخ المهدي والشيخ الدواخلي، الذين دفعتهم أحقادهم هم وعدد من المشايخ والعلماء إلي التنافس للاقتراب من الباشا محمد علي،
ولما نشبت بعض الخلافات حول بعض الأمور المالية، المتعلقة بفرض الضرائب وقف عمر مكرم إلي جوار الشعب وتوعد بتحريك الشعب إلي ثورة عارمة ونقل الوشاة الأمر إلي محمد علي باشا الذي حاول بشتي الطرق كسب مكرم لتطويع إرادته وعدم تبني مطالب الشعب، وكان كل من عمر مكرم ومحمد علي باشا يعرف قدرة الآخر وشعبيته بين أهالي مصر وكان أن أعد محمد علي باشا حسابا ليرسله إلي الدولة العثمانية يشتمل علي أوجه الصرف،
ويثبت أنه صرف مبالغ معينة جباها من البلاد بناء علي أوامر قديمة وأراد الباشا أن يعزز برهانه علي صدق حساباته، فطلب من زعماء المصريين أن يكتبوا اسماءهم علي ذلك الحساب وفي ذلك شهادة منهم بأوجه صرف تلك الأموال وجاء دور عمر مكرم فرفض قائلا: إن الضرائب المعتادة التي جمعها الباشا كانت تكفي لكل ما قام به من الأعمال العامة،
وبالتالي فإنه لا يستطيع أن يشهد بغير ذلك وكان هذا هو الأمر الذي أرق الباشا ورأي أن عمر مكرم بذلك لا يدافع عن حقوق الناس وإنما يظهره بالمظهر غير اللائق أمام الدولة العثمانية وكأنه حاكم غير مأمون،
وأصبح الأمر من عام إلي خاص وجده الباشا يخص مجده وشخصه، فعزم علي أن يرسل في است**** عمر مكرم إلي مقابلته، فكان رد السيد عمر أن قال: إذا أراد الباشا أن يقابلني فلينزل هو من القلعة إلي بيت السادات ليلقاه هناك وبذلك تكون المقابلة علي السواء، ولكن الباشا وجد هذا الرد إهانة جديدة مسته،
وكظم الباشا غيظه ولم يظهر رد فعله ونزل إلي بيت ابنه إبراهيم بك في المدينة وطلب من الزعماء الذهاب إليه هناك، وذهبوا جميعا إلا عمر مكرم الذي اعتذر بمرضه، وهنا لم يستطع محمد علي باشا أن يتحمل أكثر فعزم علي أن يوجه لعمر مكرم ضربة قاضية فأعلن في جمع حافل خلع السيد عمر مكرم من نقابة الأشراف وتعيين الشيخ السادات ثم أمر بنفيه من القاهرة إلي دمياط، وكانت هذه هي الخطوة التي أكملت لمحمد علي باشا سيره نحو حكم مصر منفردا، وإبعاد الشعب عن التدخل فيما يخص الشؤون العامة، وكان يبدو أن تلك السنوات التسع التي قضاها في النفي ارتفعت بسنه، فلم يكن ليحتمل مشقة الانتقال أو ضجة المحافل،
وبعدها بفترة بدأ الباشا في تطبيق سياسة مالية جديدة، وتجدد خوفه من زعامة عمر مكرم فأرسل أحد الضباط إلي بيته في أثر النبي وكان نائما فأوقظه الضابط وقبل يده ووقف متأدبا ونقل له الضابط رغبة الباشا في سفره إلي طنطا،
فقال عمر مكرم: «متي أراد الباشا فأنا مستعد، وسأعد سفينة للسفر»، ولما أخبره الضابط أن كل شيء معد فقال: إذن لهم، وسافر في ذلك المساء منفيا إلي طنطا، ولم يبق في منفاه طويلا حيث توفي في العام نفسه عن عمر يناهز ٧٠ عاما.
ا
عمر مكرم بن حسين السيوطي
(1750-1822)
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
زعيم شعبي مصري. ولد في أسيوط إحدى محافظات مصر سنة 1750 وتعلم في الأزهر الشريف.
ولي نقابة الأشراف في مصر سنة 1793، وقاوم الفرنسيين في ثورة القاهرة الثانية سنة 1800.
حصل عمر مكرم علي قسط وافر من العلوم التي كانت معروفة في مصر في عصره، وكان له اهتمام كبير بالاطلاع في كنوز الدين والفقه، واقتني مكتبة كبيرة ولكنه بطبعه كان يميل للحياة العامة، ولهذا لم يشتغل بالتدريس في الأزهر كما كانت عادة العلماء في عصره، وإنما اهتم بأمور المجتمع المصري، والحياة السياسية، ولهذا لم يكن معروفا في وقته باللقب الذي اعتاد الناس أن يلقبوا به مشايخ الأزهر وهو لقب الشيخ،
بل كان معروفا بلقب السيد كما كان يشار إليه أحيانا -كما تروي المراجع- باسم «السيد عمر أفندي» ورغم نسبه الشريف فإنه لم يكن واحدا من أفراد أسرة السادات أو البكري حيث كانت رياسة الأسر الشريفة محصورة فيما بينهما يتوارثانها ويتعاقبان عليها ويتنافسان فيها. وظل عمر مكرم علي اهتمامه بالحياة العامة والمجتمع المصري إلي أن كان أول ظهور له في الحياة السياسية في سنة ١٧٩١ ميلادية الموافق ١٢٠٥ للهجرة،
ففي ذلك الوقت رجع القائد التركي حسن باشا الجزائرلي إلي بلاده مع جيشه الذي أتي به لتأديب إبراهيم ومراد، وانتهز إبراهيم ومراد بك هذه الفرصة فأرسلا من قبلهما رسولا يفاوض الحكومة القائمة في أن يعودا إلي القائمة ويشتركا في الحكم وكان السيد عمر مكرم هو رسولهما المختار لهذه المهمة،
حيث كانا علي اتصال به في فترة وجودهما في صعيد مصر فاختاراه لما توسما فيه وعرفا عنه من مقدرته ونفوذه، وتزداد شعبيته وزعامته بين أهالي مصر يوما بعد يوم وتتوالي الأحداث إلي أن يصعد محمد علي باشا إلي سدة الحكم ورغم أن صعود محمد علي حكم مصر كان بتأييد الزعامة الشعبية التي قادها عمر مكرم ورغم صداقتهما، فإن محمد علي ربما شعر بالقلق من نفوذ عمر مكرم وشعبيته فسعي في هدم تلك الزعامة الشعبية، بمشاركة الشيخ المهدي والشيخ الدواخلي، الذين دفعتهم أحقادهم هم وعدد من المشايخ والعلماء إلي التنافس للاقتراب من الباشا محمد علي،
ولما نشبت بعض الخلافات حول بعض الأمور المالية، المتعلقة بفرض الضرائب وقف عمر مكرم إلي جوار الشعب وتوعد بتحريك الشعب إلي ثورة عارمة ونقل الوشاة الأمر إلي محمد علي باشا الذي حاول بشتي الطرق كسب مكرم لتطويع إرادته وعدم تبني مطالب الشعب، وكان كل من عمر مكرم ومحمد علي باشا يعرف قدرة الآخر وشعبيته بين أهالي مصر وكان أن أعد محمد علي باشا حسابا ليرسله إلي الدولة العثمانية يشتمل علي أوجه الصرف،
ويثبت أنه صرف مبالغ معينة جباها من البلاد بناء علي أوامر قديمة وأراد الباشا أن يعزز برهانه علي صدق حساباته، فطلب من زعماء المصريين أن يكتبوا اسماءهم علي ذلك الحساب وفي ذلك شهادة منهم بأوجه صرف تلك الأموال وجاء دور عمر مكرم فرفض قائلا: إن الضرائب المعتادة التي جمعها الباشا كانت تكفي لكل ما قام به من الأعمال العامة،
وبالتالي فإنه لا يستطيع أن يشهد بغير ذلك وكان هذا هو الأمر الذي أرق الباشا ورأي أن عمر مكرم بذلك لا يدافع عن حقوق الناس وإنما يظهره بالمظهر غير اللائق أمام الدولة العثمانية وكأنه حاكم غير مأمون،
وأصبح الأمر من عام إلي خاص وجده الباشا يخص مجده وشخصه، فعزم علي أن يرسل في است**** عمر مكرم إلي مقابلته، فكان رد السيد عمر أن قال: إذا أراد الباشا أن يقابلني فلينزل هو من القلعة إلي بيت السادات ليلقاه هناك وبذلك تكون المقابلة علي السواء، ولكن الباشا وجد هذا الرد إهانة جديدة مسته،
وكظم الباشا غيظه ولم يظهر رد فعله ونزل إلي بيت ابنه إبراهيم بك في المدينة وطلب من الزعماء الذهاب إليه هناك، وذهبوا جميعا إلا عمر مكرم الذي اعتذر بمرضه، وهنا لم يستطع محمد علي باشا أن يتحمل أكثر فعزم علي أن يوجه لعمر مكرم ضربة قاضية فأعلن في جمع حافل خلع السيد عمر مكرم من نقابة الأشراف وتعيين الشيخ السادات ثم أمر بنفيه من القاهرة إلي دمياط، وكانت هذه هي الخطوة التي أكملت لمحمد علي باشا سيره نحو حكم مصر منفردا، وإبعاد الشعب عن التدخل فيما يخص الشؤون العامة، وكان يبدو أن تلك السنوات التسع التي قضاها في النفي ارتفعت بسنه، فلم يكن ليحتمل مشقة الانتقال أو ضجة المحافل،
وبعدها بفترة بدأ الباشا في تطبيق سياسة مالية جديدة، وتجدد خوفه من زعامة عمر مكرم فأرسل أحد الضباط إلي بيته في أثر النبي وكان نائما فأوقظه الضابط وقبل يده ووقف متأدبا ونقل له الضابط رغبة الباشا في سفره إلي طنطا،
فقال عمر مكرم: «متي أراد الباشا فأنا مستعد، وسأعد سفينة للسفر»، ولما أخبره الضابط أن كل شيء معد فقال: إذن لهم، وسافر في ذلك المساء منفيا إلي طنطا، ولم يبق في منفاه طويلا حيث توفي في العام نفسه عن عمر يناهز ٧٠ عاما.
ا