---قبائل أهل غليزان العربية.....
إنحرفت زغبة عن إبن غانية، ونزعت إلى الموحدين، فرعوا لهم حق نزوعهم، وإنعقد ما بينهم وبين بني بادين حلف على الجوار والذبّ عن المغرب الأوسط وحمايته من إبن غانية وأتباعه، و إتصلت مجالاتهم ما بين المسيلة وقبلة تلمسان في القفار. ولما نزلت زناتة الأمصار، دخل زغبة هؤلاء التلول وتغلبوا فيها ووضعوا الأتاوة على الكثير من أهلها.
وكان لسويد إختصاص ببني عبد الواد قبل الدولة، وكانت لهم لذلك العهد أتاوات على بلد سيرات والبطحاء وهوّارة. ولما ملك بنو عبد الواد تلمسان، كان بنو سويد هؤلاء أخص بحلفهم وولايتهم من سائر زغبة. وكانت رياستهم لعهد يغمراسن وما قبله في أولاد عيسى بن عبد القوي بن حمدان، وكانوا ثلاثة: مهدي وعطية وطراد. فأقطع يغمراسن يوسف بن مهدي ببلاد البطحاء وسيرات، وأقطع عنتر بن طراد بن عيسي قرارة البطحاء وكانوا يقتضون أتاواتهم على الرعايا ولا يناكرهم فيها. ولمّا زحف يوسف بن يعقوب المريني إلى منازلة تلمسان، وطال حصاره لها، أجلبت سويد بقيادة شيخهم سعيد بن عثمان بن عمر بن مهدي على أطراف التلول، وملكو السَّرسو، ونزعت إليهم طائفة من عكرمة بني يزيد، فأنزلهم بجل كريكرة قبلة السرسو ووضعوا عليهم الأتاوة. ولما تغلب السلطان أبو عنان المريني على تلمسان، رفع ونزمار بن عريف على سائر رؤساء البدو من زغبة وأقطعه السرسو وقلعة ابن سلامة وكثيراً من بلاد توجين.
وكانت لسويد هؤلاء بطون مذكورون من فليتة وشبابة ومجاهر وجوثة والحساسنة وغُفَيْر وشافع ومالف وبو رحمة وبو كامل وحمدان وهبرة وغيرهم. ونزل من عجز عن الظعن منهم ببسائط البطحاء، ونزل مخيس اخوة سويد بضواحي وهران.
ولمّا هبت ريح العرب سنة 1365م، وتملكت زغبة سائر البلاد بالأقطاع من السلطان، استولت سويد على بلاد بني توجين كلها ما عدا جبل ونشريس لتوعره بقيت فيه لمة منهم، وتماسك السلطان بالأمصار وأقطع منها كلميتو لأبي بكر بن عريف، ومازونة لمحمد بن عريف، ونزلوا لهم عن سائر الضواحي فاستولوا عليها كافة. وأوشك بهم أن يستولوا على الأمصار.
وكانت لسويد في القرن 15م إمارة بتنس امتد نفوذها من مليانة شرقا إلى تلمسان غربا، وانتفضوا ضد الأتراك سنة 1517م، ودامت ثورتهم أكثر من قرنين، فافترق أمرهم. انتقل أكثرهم إلى الجنوب الوهراني، وبعضهم إلى السرسو، وبعضهم بقي في مواطنهم بين مينة وشلف وخضعوا للأتراك. عاد من رحل منهم إلى مواطنهم، واجتمعوا إلى إخوانهم، واستعان بهم الباي قايد الذهب على غريمه الباي عصمان، فلحقوا به حين خرج إلى وهران، ثم عادوا إلى مواطنهم.
كانت غليزان في قسمة فليتة وأحلافهم عكرمة، فتوزعت بطونهم على سهلي مينة ومنداس، ونموا نموا لا كفاء له، وكثروا بمن اجتمع إليهم من القبائل من غير نسبهم، فشكلوا حلفا قويا ومرهوب الجانب، فشاعت بينهم مقولة "فليتة خمسة أخماس" الدالة على صلابتها ووحدتها. وانقسموا إلى أجواد، وأشراف، ورعية.
شكلوا مع إخوانهم سويد العمود الفقري لجيش الباي مصطفى بوشلاغم عند الفتح الأول لمدينة وهران سنة 1708م. وكان لهم دورا بارزا في التحرير الثاني لوهران سنة 1791م تحت لواء سيدي امحمد بن عودة. وعندما اندلعت انتفاضة درقاوة ضد الأتراك سنة 1802م، كانت فليتة أسرع إجابة إليها، وصارت أراضيهم مسرحا للعديد من المعارك، أشهرها معركة فرطاسة سنة 1804م مع جيش الباي المنزالي، ومعركة زاوية سيدي أمحمد بن عودة مع جيش الباي المقلش، ومعركتي يوم ثعبية ومدغوسة سنة 1807م مع جيش الباي مصطفى، ومعركة واد الخير سنة 1808م مع جيش الباي محمد بن عثمان بوكابوس.
وكان لفليتة القدح المعلى في مجاهدة الفرنسيين، فقاومتهم بقيادة المرابط سيدي عبد الله سنة 1832م. وبايعوا الأمير عبد القادر سنة 1833م، فعين لهم ثلاثة آغوات منهم، وهم: بلحاج جلول من أولاد بلحية، وقدور بن سعيد من أولاد عامر، والميلود بن عمّار من أولاد بوعلي. وعين في منصب قائد كلا من محمد المزاري، ثم أخاه مصطفى بن محي الدين، فأبناء عمومته أحمد بوطالب ثم الميلود بوطالب. وانضموا أيضا عن بكرة أبيهم إلى كل من ثورة الشريف بومعزة وثورة سي لزرق بلحاج وثورة أولاد سيدي الشيخ، فجاهدوا جهاد الأبطال، وكان لهم في جميعها ذكر وشهرة.
---تسمية مدينة غزة الجزائرية :
————————– غزة = غليزان : الاسم القديم لمدينة غيلزان والتي تعود الى مدينة قديمة أنشأها الرومان في تلك المنطقة حيث سماها الرومان باسم (مينا) المشتق من الكلمة اللاتينية Mine (مين) ، وحينما دخلها الجيش العربي الفاتح وسيطروا عليها أطلقو عليها اسم “”غزة”” ، تُكتب بنفس حروف مدينة غزة الفلسطينة ،و تختلف معها في نطق حرف الغين ، غزة الجزائرية تُنطق ( غُزة ) بالضم بينما الفلسطينية بالفتح
غزة - غليزانويؤكد مبارك الميلي في كتابه(تاريخ الجزائر الحديث والقديم) على أن مدينة ” غُزة ” هي المعروفة اليوم بغليزان, وهذا ما كتب الشيخ رحمه الله البكري لما ذكر الغزة –وهي غليزان اليوم – قال:
“وبقربها على البحر – قلعة مَغلٍيَة دلول – وهي في أعلى جبل منيف هناك شديد الحصانة. بينها وبين البحر خمسة فراسخ وبها عين ماء تسمى عين كردي. وبين قلعة دلول هذه ومدينة مستغانم مسيرة يومين”.) – انتهى كلام الشيخ رحمه الله –
وكانت مدينة”غزة” (غليزان حاليا ) من بين المدن التي ذكرها ابن حوقل كذلك في القرن الحادي عشر ميلادي فقال عنها : ” غزة مدينة صالحة.”
أما الشريف الإدريسي(المتوفى سنة1154م) فقد كتب في (نزهة المشتاق في اختراق الآفاق) عن مدينتي يلل و((غزة)) فقال:
“ومدينة ( يلل ) بها عيون ومياه كثيرة وفواكه وزروع وبلادها جيدة للفلاحة وزروعها نامية. ثم إلى مدينة ((غزة)) وهي مدينة صغيرة القدر فيها سوق مشهورة لها يوم معلوم وبها حمام وديار حسنة ولها مزارع”
--ابو حاتم الجزائري
إنحرفت زغبة عن إبن غانية، ونزعت إلى الموحدين، فرعوا لهم حق نزوعهم، وإنعقد ما بينهم وبين بني بادين حلف على الجوار والذبّ عن المغرب الأوسط وحمايته من إبن غانية وأتباعه، و إتصلت مجالاتهم ما بين المسيلة وقبلة تلمسان في القفار. ولما نزلت زناتة الأمصار، دخل زغبة هؤلاء التلول وتغلبوا فيها ووضعوا الأتاوة على الكثير من أهلها.
وكان لسويد إختصاص ببني عبد الواد قبل الدولة، وكانت لهم لذلك العهد أتاوات على بلد سيرات والبطحاء وهوّارة. ولما ملك بنو عبد الواد تلمسان، كان بنو سويد هؤلاء أخص بحلفهم وولايتهم من سائر زغبة. وكانت رياستهم لعهد يغمراسن وما قبله في أولاد عيسى بن عبد القوي بن حمدان، وكانوا ثلاثة: مهدي وعطية وطراد. فأقطع يغمراسن يوسف بن مهدي ببلاد البطحاء وسيرات، وأقطع عنتر بن طراد بن عيسي قرارة البطحاء وكانوا يقتضون أتاواتهم على الرعايا ولا يناكرهم فيها. ولمّا زحف يوسف بن يعقوب المريني إلى منازلة تلمسان، وطال حصاره لها، أجلبت سويد بقيادة شيخهم سعيد بن عثمان بن عمر بن مهدي على أطراف التلول، وملكو السَّرسو، ونزعت إليهم طائفة من عكرمة بني يزيد، فأنزلهم بجل كريكرة قبلة السرسو ووضعوا عليهم الأتاوة. ولما تغلب السلطان أبو عنان المريني على تلمسان، رفع ونزمار بن عريف على سائر رؤساء البدو من زغبة وأقطعه السرسو وقلعة ابن سلامة وكثيراً من بلاد توجين.
وكانت لسويد هؤلاء بطون مذكورون من فليتة وشبابة ومجاهر وجوثة والحساسنة وغُفَيْر وشافع ومالف وبو رحمة وبو كامل وحمدان وهبرة وغيرهم. ونزل من عجز عن الظعن منهم ببسائط البطحاء، ونزل مخيس اخوة سويد بضواحي وهران.
ولمّا هبت ريح العرب سنة 1365م، وتملكت زغبة سائر البلاد بالأقطاع من السلطان، استولت سويد على بلاد بني توجين كلها ما عدا جبل ونشريس لتوعره بقيت فيه لمة منهم، وتماسك السلطان بالأمصار وأقطع منها كلميتو لأبي بكر بن عريف، ومازونة لمحمد بن عريف، ونزلوا لهم عن سائر الضواحي فاستولوا عليها كافة. وأوشك بهم أن يستولوا على الأمصار.
وكانت لسويد في القرن 15م إمارة بتنس امتد نفوذها من مليانة شرقا إلى تلمسان غربا، وانتفضوا ضد الأتراك سنة 1517م، ودامت ثورتهم أكثر من قرنين، فافترق أمرهم. انتقل أكثرهم إلى الجنوب الوهراني، وبعضهم إلى السرسو، وبعضهم بقي في مواطنهم بين مينة وشلف وخضعوا للأتراك. عاد من رحل منهم إلى مواطنهم، واجتمعوا إلى إخوانهم، واستعان بهم الباي قايد الذهب على غريمه الباي عصمان، فلحقوا به حين خرج إلى وهران، ثم عادوا إلى مواطنهم.
كانت غليزان في قسمة فليتة وأحلافهم عكرمة، فتوزعت بطونهم على سهلي مينة ومنداس، ونموا نموا لا كفاء له، وكثروا بمن اجتمع إليهم من القبائل من غير نسبهم، فشكلوا حلفا قويا ومرهوب الجانب، فشاعت بينهم مقولة "فليتة خمسة أخماس" الدالة على صلابتها ووحدتها. وانقسموا إلى أجواد، وأشراف، ورعية.
شكلوا مع إخوانهم سويد العمود الفقري لجيش الباي مصطفى بوشلاغم عند الفتح الأول لمدينة وهران سنة 1708م. وكان لهم دورا بارزا في التحرير الثاني لوهران سنة 1791م تحت لواء سيدي امحمد بن عودة. وعندما اندلعت انتفاضة درقاوة ضد الأتراك سنة 1802م، كانت فليتة أسرع إجابة إليها، وصارت أراضيهم مسرحا للعديد من المعارك، أشهرها معركة فرطاسة سنة 1804م مع جيش الباي المنزالي، ومعركة زاوية سيدي أمحمد بن عودة مع جيش الباي المقلش، ومعركتي يوم ثعبية ومدغوسة سنة 1807م مع جيش الباي مصطفى، ومعركة واد الخير سنة 1808م مع جيش الباي محمد بن عثمان بوكابوس.
وكان لفليتة القدح المعلى في مجاهدة الفرنسيين، فقاومتهم بقيادة المرابط سيدي عبد الله سنة 1832م. وبايعوا الأمير عبد القادر سنة 1833م، فعين لهم ثلاثة آغوات منهم، وهم: بلحاج جلول من أولاد بلحية، وقدور بن سعيد من أولاد عامر، والميلود بن عمّار من أولاد بوعلي. وعين في منصب قائد كلا من محمد المزاري، ثم أخاه مصطفى بن محي الدين، فأبناء عمومته أحمد بوطالب ثم الميلود بوطالب. وانضموا أيضا عن بكرة أبيهم إلى كل من ثورة الشريف بومعزة وثورة سي لزرق بلحاج وثورة أولاد سيدي الشيخ، فجاهدوا جهاد الأبطال، وكان لهم في جميعها ذكر وشهرة.
---تسمية مدينة غزة الجزائرية :
————————– غزة = غليزان : الاسم القديم لمدينة غيلزان والتي تعود الى مدينة قديمة أنشأها الرومان في تلك المنطقة حيث سماها الرومان باسم (مينا) المشتق من الكلمة اللاتينية Mine (مين) ، وحينما دخلها الجيش العربي الفاتح وسيطروا عليها أطلقو عليها اسم “”غزة”” ، تُكتب بنفس حروف مدينة غزة الفلسطينة ،و تختلف معها في نطق حرف الغين ، غزة الجزائرية تُنطق ( غُزة ) بالضم بينما الفلسطينية بالفتح
غزة - غليزانويؤكد مبارك الميلي في كتابه(تاريخ الجزائر الحديث والقديم) على أن مدينة ” غُزة ” هي المعروفة اليوم بغليزان, وهذا ما كتب الشيخ رحمه الله البكري لما ذكر الغزة –وهي غليزان اليوم – قال:
“وبقربها على البحر – قلعة مَغلٍيَة دلول – وهي في أعلى جبل منيف هناك شديد الحصانة. بينها وبين البحر خمسة فراسخ وبها عين ماء تسمى عين كردي. وبين قلعة دلول هذه ومدينة مستغانم مسيرة يومين”.) – انتهى كلام الشيخ رحمه الله –
وكانت مدينة”غزة” (غليزان حاليا ) من بين المدن التي ذكرها ابن حوقل كذلك في القرن الحادي عشر ميلادي فقال عنها : ” غزة مدينة صالحة.”
أما الشريف الإدريسي(المتوفى سنة1154م) فقد كتب في (نزهة المشتاق في اختراق الآفاق) عن مدينتي يلل و((غزة)) فقال:
“ومدينة ( يلل ) بها عيون ومياه كثيرة وفواكه وزروع وبلادها جيدة للفلاحة وزروعها نامية. ثم إلى مدينة ((غزة)) وهي مدينة صغيرة القدر فيها سوق مشهورة لها يوم معلوم وبها حمام وديار حسنة ولها مزارع”
--ابو حاتم الجزائري