عرف تاريخ المملكة المتحدة الذي ساهمت الهيمنة الصناعية والبحرية التي تمتعت بها في القرن التاسع عشر، بشكل مباشر، في تطوير نظامها السياسي وتحديث مجالات الفنون والعلوم. وفي أوج حكمها، بسطت الإمبراطورية البريطانية سلطتها على أكثر من ربع العالم. غير أنه في النصف الأول من القرن العشرين استنفذت الحرب العالمية الأولى والثانية قوتها بشكل هائل، أدى إلى تفكيكها. أما في النصف الثاني من القرن، عملت المملكة المتحدة على التأسيس لدولة أوروبية مزدهرة اقتصاديا ومتقدمة علميا. وكونها دولة ذات عضوية دائمة في مجلس الأمن ومن مؤسسي حلف الناتو والكومنولث، تتبع المملكة المتحدة سياسة عالمية.[1]
انكلترا وويلز في معاهدة 878
يمكن معاملة المملكة المتحدة باعتبارها دولة موحدة بدءًا من عام 1707م عند الاتحاد السياسي لمملكتي إنجلترا وإسكتلندا في مملكة موحدة سمّيت بريطانيا العظمى. قال المؤرخ سيمون شاما عن هذه الدولة الجديدة:
«إن ما بدأ بهيئة توحيد عدوانيّ انتهى بشراكة تامة الأركان في أقوى مشروع مستمر في العالم... لقد كان واحدًا من أكثر التحولات إدهاشًا في التاريخ الأوروبي». – سيمون شاما.[2]
أضاف قانون الاتحاد لعام 1800 مملكة أيرلندا إلى الدولة لتنشأ عن ذلك المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا.
اتسمت العقود الأولى بقيام ثورات اليعاقبة التي انتهت بهزيمة قضية آل ستيوارت في معركة كلودين في عام 1746. قاد النصر في حرب سبع السنوات في العام 1763 إلى نماء الإمبراطورية البريطانية الأولى. عند هزيمتها على يد الولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا في حرب الاستقلال الأميركية، خسرت بريطانيا مستعمراتها الأميركية البالغ عددها 13 وأنشأت الإمبراطورية البريطانية الثانية التي كان مقرها آسيا وأفريقيا. نتيجة لذلك، أصبحت الثقافة البريطانية، وتأثيرها التقني والسياسي والدستوري واللغوي عالمية الانتشار. من الناحية السياسية، كانت الثورة الفرنسية وتداعياتها النابليونية بين عامي 1793 و1815 الحدث الرئيسي، الأمر الذي رأته النخبة البريطانية خطرًا دفينًا، وعملت بحزم لتشكيل عدة تحالفات تمكنت من هزيمة نابليون في النهاية في عام 1815. بقي المحافظون، الذين وصلوا إلى السلطة في عام 1783، متزعمين سدتها (بمقاطعة وجيزة) حتى عام 1830. افتتحت قوى الإصلاح المنبثقة غالبًا من العناصر الدينية الإنجيلية، عقودًا من الإصلاح السياسي التي وسعت عملية الاقتراع وفتحت الاقتصاد للتجارة الحرة. كان من بين أبرز القادة السياسيين في القرن التاسع عشر بالمرستون، وديزرايلي، وغلادستون، وساليزبري. ثقافيًا، كان العصر الفيكتوري فترة ازدهار وهيمنة قيم الطبقة الوسطى عندما سيطرت بريطانيا على الاقتصاد العالمي وحافظت على قرن سلميّ عمومًا، من عام 1815 إلى عام 1914. كانت الحرب العالمية الأولى (بدأت عام 1914 وانتهت عام 1918) التي تحالفت فيها بريطانيا مع فرنسا وروسيا والولايات المتحدة، ضارية لكنها كانت حربًا شمولية ناجحة ضد ألمانيا في نهاية المطاف. نتجت عن هذه الحرب عصبة الأمم التي كانت مشروعًا مفضلًا بالنسبة لبريطانيا ما بين الحربين. مع ذلك، بينما بقيت الإمبراطورية قوية، وأسواق لندن للأوراق المالية أيضًا، بدأت القاعدة الصناعية البريطانية بالانسلال سرًا عن ألمانيا وبصورة أخص عن الولايات المتحدة. كانت الميول إلى السلام قوية جدًا إلى درجة أن الأمة دعمت سياسة استرضاء ألمانية الهتلرية في أواخر ثلاثينيات القرن العشرين، حتى بدأت الحرب العالمية الثانية مع الغزو النازي لبولندا في عام 1939. في الحرب العالمية الثانية، انضمت فرنسا والاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة إلى بريطانيا باعتبارهم حلفاء الحرب العالمية الثانية.
لم تعد بريطانيا قوة عظمى عسكريًا أو اقتصاديًا، كما شوهدت في أزمة السويس عام 1956، ولم يعد في حوزتها الثروة الكافية للحفاظ على إمبراطورية، لذا منحت الاستقلال لجميع ممتلكاتها تقريبًا. انضمت الدول الجديدة إجمالًا إلى دول الكومنولث. شهدت سنوات بعد الحرب مشقات عظيمة، خففت من حدتها إلى حد ما المعونات المالية التي قدمتها الولايات المتحدة، وبعض المعونات من كندا. عاد الازهار في خمسينيات القرن العشرين. في هذه الأثناء، أسس حزب العمال بين عامي 1945 و1950 دولة رعاية اجتماعية، أممت العديد من الصناعات، وأنشأت هيئة الخدمات الصحية الوطنية. اتخذت المملكة المتحدة موقفًا قويًا تجاه المد الشيوعي بعد عام 1945، لاعبة بذلك دورًا أساسيًا في الحرب الباردة وتشكيل حلف شمال الأطلسي (الناتو) كتحالف عسكري مع ألمانيا الغربية وفرنسا والولايات المتحدة وكندا ودولًا أصغر ضد السوفييت. وبقي حلف شمال الأطلسي ائتلافًا عسكريًا قويًا. كانت المملكة المتحدة وما زالت عضوًا قائدًا في الأمم المتحدة منذ تأسيسها، بالإضافة إلى عدد كبير من المنظمات العالمية الأخرى. في تسعينيات القرن العشرين، أدت الليبرالية الجديدة إلى خصخصة الصناعات المؤممة ورفع ضوابط تنظيمية هامة بالنسبة للشؤون التجارية. نمت مكانة لندن باعتبارها قطبًا ماليًا عالميًا بصورة مستمرة. حققت منذ تسعينيات القرن العشرين حركات تفويض واسعة النطاق في إيرلندا الشمالية واسكتلندا وويلز لا مركزيةً في اتخاذ القرار
انكلترا وويلز في معاهدة 878
يمكن معاملة المملكة المتحدة باعتبارها دولة موحدة بدءًا من عام 1707م عند الاتحاد السياسي لمملكتي إنجلترا وإسكتلندا في مملكة موحدة سمّيت بريطانيا العظمى. قال المؤرخ سيمون شاما عن هذه الدولة الجديدة:
«إن ما بدأ بهيئة توحيد عدوانيّ انتهى بشراكة تامة الأركان في أقوى مشروع مستمر في العالم... لقد كان واحدًا من أكثر التحولات إدهاشًا في التاريخ الأوروبي». – سيمون شاما.[2]
أضاف قانون الاتحاد لعام 1800 مملكة أيرلندا إلى الدولة لتنشأ عن ذلك المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا.
اتسمت العقود الأولى بقيام ثورات اليعاقبة التي انتهت بهزيمة قضية آل ستيوارت في معركة كلودين في عام 1746. قاد النصر في حرب سبع السنوات في العام 1763 إلى نماء الإمبراطورية البريطانية الأولى. عند هزيمتها على يد الولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا في حرب الاستقلال الأميركية، خسرت بريطانيا مستعمراتها الأميركية البالغ عددها 13 وأنشأت الإمبراطورية البريطانية الثانية التي كان مقرها آسيا وأفريقيا. نتيجة لذلك، أصبحت الثقافة البريطانية، وتأثيرها التقني والسياسي والدستوري واللغوي عالمية الانتشار. من الناحية السياسية، كانت الثورة الفرنسية وتداعياتها النابليونية بين عامي 1793 و1815 الحدث الرئيسي، الأمر الذي رأته النخبة البريطانية خطرًا دفينًا، وعملت بحزم لتشكيل عدة تحالفات تمكنت من هزيمة نابليون في النهاية في عام 1815. بقي المحافظون، الذين وصلوا إلى السلطة في عام 1783، متزعمين سدتها (بمقاطعة وجيزة) حتى عام 1830. افتتحت قوى الإصلاح المنبثقة غالبًا من العناصر الدينية الإنجيلية، عقودًا من الإصلاح السياسي التي وسعت عملية الاقتراع وفتحت الاقتصاد للتجارة الحرة. كان من بين أبرز القادة السياسيين في القرن التاسع عشر بالمرستون، وديزرايلي، وغلادستون، وساليزبري. ثقافيًا، كان العصر الفيكتوري فترة ازدهار وهيمنة قيم الطبقة الوسطى عندما سيطرت بريطانيا على الاقتصاد العالمي وحافظت على قرن سلميّ عمومًا، من عام 1815 إلى عام 1914. كانت الحرب العالمية الأولى (بدأت عام 1914 وانتهت عام 1918) التي تحالفت فيها بريطانيا مع فرنسا وروسيا والولايات المتحدة، ضارية لكنها كانت حربًا شمولية ناجحة ضد ألمانيا في نهاية المطاف. نتجت عن هذه الحرب عصبة الأمم التي كانت مشروعًا مفضلًا بالنسبة لبريطانيا ما بين الحربين. مع ذلك، بينما بقيت الإمبراطورية قوية، وأسواق لندن للأوراق المالية أيضًا، بدأت القاعدة الصناعية البريطانية بالانسلال سرًا عن ألمانيا وبصورة أخص عن الولايات المتحدة. كانت الميول إلى السلام قوية جدًا إلى درجة أن الأمة دعمت سياسة استرضاء ألمانية الهتلرية في أواخر ثلاثينيات القرن العشرين، حتى بدأت الحرب العالمية الثانية مع الغزو النازي لبولندا في عام 1939. في الحرب العالمية الثانية، انضمت فرنسا والاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة إلى بريطانيا باعتبارهم حلفاء الحرب العالمية الثانية.
لم تعد بريطانيا قوة عظمى عسكريًا أو اقتصاديًا، كما شوهدت في أزمة السويس عام 1956، ولم يعد في حوزتها الثروة الكافية للحفاظ على إمبراطورية، لذا منحت الاستقلال لجميع ممتلكاتها تقريبًا. انضمت الدول الجديدة إجمالًا إلى دول الكومنولث. شهدت سنوات بعد الحرب مشقات عظيمة، خففت من حدتها إلى حد ما المعونات المالية التي قدمتها الولايات المتحدة، وبعض المعونات من كندا. عاد الازهار في خمسينيات القرن العشرين. في هذه الأثناء، أسس حزب العمال بين عامي 1945 و1950 دولة رعاية اجتماعية، أممت العديد من الصناعات، وأنشأت هيئة الخدمات الصحية الوطنية. اتخذت المملكة المتحدة موقفًا قويًا تجاه المد الشيوعي بعد عام 1945، لاعبة بذلك دورًا أساسيًا في الحرب الباردة وتشكيل حلف شمال الأطلسي (الناتو) كتحالف عسكري مع ألمانيا الغربية وفرنسا والولايات المتحدة وكندا ودولًا أصغر ضد السوفييت. وبقي حلف شمال الأطلسي ائتلافًا عسكريًا قويًا. كانت المملكة المتحدة وما زالت عضوًا قائدًا في الأمم المتحدة منذ تأسيسها، بالإضافة إلى عدد كبير من المنظمات العالمية الأخرى. في تسعينيات القرن العشرين، أدت الليبرالية الجديدة إلى خصخصة الصناعات المؤممة ورفع ضوابط تنظيمية هامة بالنسبة للشؤون التجارية. نمت مكانة لندن باعتبارها قطبًا ماليًا عالميًا بصورة مستمرة. حققت منذ تسعينيات القرن العشرين حركات تفويض واسعة النطاق في إيرلندا الشمالية واسكتلندا وويلز لا مركزيةً في اتخاذ القرار