"متضامن مع وهبى السوالمى..
حديث صعيدى مفعم بالشجن"
لا اخفى تعاطفى مع شخصية وهبي السوالمى في مسلسل الضوء الشارد على كل ما فيها فساد بل والتماس العذر له
فهو شخص قرر أن يكون له ولعائلته قدر يوازي قدر العزايزة بكل ما فيهم من كبر وغطرسة وظلم وتكبر على خلق الله ولم يكن سلطان باشا إلا طاغية ومن بعده كتب على ولده رفيع أن يرث كرسي الطغيان، لكن رفيع استطاع مقاومة نموذج طغيان أبيه إلى حد كبير، مع حفاظه على ميراث إمبراطورية الطغيان وسيطرتها حيث لم يستطع ولم يكن له أن يحاول التخلى عنها وإلا أصبح تحت سطوة وهبي الذي كان حتما سيتحول لطاغية أشد عتيا من سلطان فوق أنه كان واجباً عليه أن يخلص منه القديم والجديد ولكن رفيع كان أكثر حنكة من أقاربه الذين أعمتهم العصبية القبلية المستمدة من مكانة العزايزة وتراث سلطانهم، فأنقذهم من مصير مجهول في حال لو تمكن وهبى الخصم اللدود من الفوز بمقعد البرلمان وصار هو زعيم البر الجديد
وكانت نفيسة ابنة وهبى ضحية هذه الصفقة التى جرت تحت تأثير كبير من الخلفية الاجتماعية للمؤلف التى استقاها من بيئته المنتمى إليها.
وكان المستشار عامر رحمه الله، حادا - بما لا يمكن تجاهله- على شخصية وهبي فكأنه ظل كارها لوهبي طوال كتابة حلقات المسلسل وربما كان ذلك سببا لغضب مكتوم بدا على لهجته، شعرت به تجاهى، عندما صارحته في لقاء بالصدفة في برنامج مع المذيعة الشهيرة سلمى الشماع، عن ردود الفعل التى أحدثها مسلسل شيخ العرب همام الذي كتبه الأستاذ عبد الرحيم كمال في بداية عرضه في شهر رمضان في صيف ٢٠١٠
وتبادلنا بعدها اتصالا تليفونيا يتيما لأشرح له باستفاضة رؤيتى التى كتبتها في مقال في الأهرام بعد عرض مسلسله الآخر "حدائق الشيطان" وافترقنا على وعد بأن نلتقى في منزله في منطقة هضبة الأهرام على ما أذكر وكانت قريبة من مسكنى بميدان الرماية بالهرم ولكنى استطعت أن أزيل كثيرا من ضيقه خاصة عندما عرفته بأننى أنتمى إلى قبيلة هوارة التي ينتمى هو إلى أحد فروعها - يعنى عزايزة زي بعض- واقترح يومها أن ينضم إلينا صديق وقريب مشترك هو اللواء طارق رسلان عضو مجلس الشيوخ وكان حينئذ لم يزل في وزارة الداخلية
لكن للأسف لم يتم الموعد إذ تأجل الموعد مرارا ثم كانت يد القدر أسرع إليه رحمه الله فرحل بعد لقائنا هذا بثلاث سنوات
لكن لماذا أنا معحب بشخصية وهبي؟!
لأنه نجح أن يرتفع بنفسه وبمكانة عائلته إلى مستوى منافس للعزايزة ليثبت أن المستويات الاجتماعية ليست كقوانين الفيزياء والرياضيات وهو ما يحاول الإنسان أن يفرضه على الكون في صراع مرير بين الطبقات يحكمه الغرور والغطرسة في حل زمان ومكان
فوالد وهبى الذي كان يعمل كلافا للبهائم في سرايا سلطان بيه، صار بفضل ابنه يعيش في فيلا لا تقل عن مستوى العزايزي وعاش معززا مكرما بعيدا عن نظرات الغل في صدور العزايزة تجاه خدام سلطان بك القديم الذي صار يلبس الجلابية المكوية والعباية رأسه براس أكبر ما فيهم
أعجبني في وهبى أنه لم يقبل بإهانة أبيه في حفل نجاح الفتى المدلل فارس العزايزي عندما سخر منه النائب أبو القاسم ولن أقول وكأن قدره أن يظل كلافا، بل حتى لو كان مازال كلافا فهل يستوحب ذلك الإهانة؟!.
الحقيقية أننى أردت أن أشرح للمرحوم المستشار محمد صفاء عامر أن الطبقية والفئوية تحت اي مسمى في الصعيد أو غيره، تجسيد لوهم كبير يتهاوى أمام التجارب الحقيقية لحقائق الحياة والموت ويمضى بنا القدر دون أن يعترف بها بل يمحقها محقا بوقائع لا يراها إلا المستبصرون، لكن ثقافة المدافن الرخام ذات الواجهات الفاخرة تحكم عقلياتنا في مجتمعاتنا الإنسانية فوق الأرض وتحت الأرض
وكنت وما زلت أضيق بالنهاية التى كتبها المستشار صفاء عامر لشخصية وهبي السوالمى ووضعه طوال الأحداث في إطار اللص الثرى وكأن الثراء الحلال من حق العزايزة وحدهم
ثم اثبت عندك وأجبنى عن هذا السؤال:
من قال إن سلطان بك لم يكن لصا عندما كون ثروته التى أورثها أولاده؟!
بل حتى لو ورثها عن أسلافه، فما الضمان أنها لم تكن نتاج ظلم وطغيان لاسيما أن كل ثروة تحتاج لقوة باطشة لحمايتها حتى لو كانت من طرق مشروعة!
ما زلت مستمسكا باعتقاد أن الدرجات الاجتماعية والمالية والوظيفية بل والعلمية، ليست في حقيقتها سوى انعكاسات وهمية لتحولات قيمية مزيفة تدعم الغرور والكبر والصلف.
افندى، أستاذ، بك، باشا، لواء، مستشار، دكتور، مهندس، طبيب، سفير، وزير.. إلخ
إنها في صميمها مسميات لمسئوليات لأعمال ترتبط بمواقع وظيفية ولكننا حولناها لدرجات طبقية فئوية إلى درجات اجتماعية تبدو وكأنها انعكاسات لأوضاع كونية
إن التدرج الاجتماعى حقيقة لا فكاك منها ولا يمكن تخيل مجتمع خاليا منها لارتباطها بمبادئ تقسيم العمل التى تشكل هيئة المجتمع الإنساني ولكن ما أنكره منها هو أن تصبح صكوكا لمنح درجات للوجود يسحق الناس من خلالها سحقا
الحقيقة أننى كلما شاهدت مسلسل الضوء الشارد لا أقاوم تعاطفى واعتذارياتى لشخصية وهبى "بيه" حتى عندما رفض أن يزوج ابنته الجميلة نفيسة لقريبه الشاب بكرى المدرس الكحيان، فأنا وأنت وهى وهو وهم وهن ونحن وكل أنواع الضمائر البارزة والمستترة أيضاً، ماهى إلا نتاج ثقافة مجتمعه تغرز في أرضية واقعنا بلا هوادة مثل هذه النماذج الإنسانية المشوهة.
لكن تبقى الأصالة الحقيقية في شعورك بقيمتك كإنسان سواء كنت من العزايزة أو السوالم، أن يبقى معيار إنسانيتك هو القيمة المجردة للإنسان التى تختفى تحت ركامات هائلة من اللهاث وراء الحياة لتكون يوما رفيع أو وهبى!.
لكنك تنسى مرزوق الكلاف الفلاح الطيب الأصيل الذى لم تغره الحياة أن ينزع جلبابه إلا ليضىرب فأسه ليروى غيطه بيده حتى لو أغضب هذا التصرف ولده وهبي او عم غزال الميكانيكى الذي لم يأنف من المفك والمفتاح ليكون جديرا بنسب العزايزة!.
ولا اختم إلا بعد توجيه تحية حارة إلى الصديق الفنان الكبير الذي كان دائما ما يشكل أمامى نموذج المهنى الحقيقي بلا ضجيج، إنه المخرج الرائع مجدى أبو عميرة مايسترو الضوء الشارد ذلك المسلسل الذي تضافرت جهود صناعه لإخراجه لنا لينضم إلى القائمة المفضلة للأعمال الدراميه التى لا تمل الأسرة المصرية مشاهدتها ولو عرضت في اليوم عدة مرات على أكثر من قناة!.
حديث صعيدى مفعم بالشجن"
لا اخفى تعاطفى مع شخصية وهبي السوالمى في مسلسل الضوء الشارد على كل ما فيها فساد بل والتماس العذر له
فهو شخص قرر أن يكون له ولعائلته قدر يوازي قدر العزايزة بكل ما فيهم من كبر وغطرسة وظلم وتكبر على خلق الله ولم يكن سلطان باشا إلا طاغية ومن بعده كتب على ولده رفيع أن يرث كرسي الطغيان، لكن رفيع استطاع مقاومة نموذج طغيان أبيه إلى حد كبير، مع حفاظه على ميراث إمبراطورية الطغيان وسيطرتها حيث لم يستطع ولم يكن له أن يحاول التخلى عنها وإلا أصبح تحت سطوة وهبي الذي كان حتما سيتحول لطاغية أشد عتيا من سلطان فوق أنه كان واجباً عليه أن يخلص منه القديم والجديد ولكن رفيع كان أكثر حنكة من أقاربه الذين أعمتهم العصبية القبلية المستمدة من مكانة العزايزة وتراث سلطانهم، فأنقذهم من مصير مجهول في حال لو تمكن وهبى الخصم اللدود من الفوز بمقعد البرلمان وصار هو زعيم البر الجديد
وكانت نفيسة ابنة وهبى ضحية هذه الصفقة التى جرت تحت تأثير كبير من الخلفية الاجتماعية للمؤلف التى استقاها من بيئته المنتمى إليها.
وكان المستشار عامر رحمه الله، حادا - بما لا يمكن تجاهله- على شخصية وهبي فكأنه ظل كارها لوهبي طوال كتابة حلقات المسلسل وربما كان ذلك سببا لغضب مكتوم بدا على لهجته، شعرت به تجاهى، عندما صارحته في لقاء بالصدفة في برنامج مع المذيعة الشهيرة سلمى الشماع، عن ردود الفعل التى أحدثها مسلسل شيخ العرب همام الذي كتبه الأستاذ عبد الرحيم كمال في بداية عرضه في شهر رمضان في صيف ٢٠١٠
وتبادلنا بعدها اتصالا تليفونيا يتيما لأشرح له باستفاضة رؤيتى التى كتبتها في مقال في الأهرام بعد عرض مسلسله الآخر "حدائق الشيطان" وافترقنا على وعد بأن نلتقى في منزله في منطقة هضبة الأهرام على ما أذكر وكانت قريبة من مسكنى بميدان الرماية بالهرم ولكنى استطعت أن أزيل كثيرا من ضيقه خاصة عندما عرفته بأننى أنتمى إلى قبيلة هوارة التي ينتمى هو إلى أحد فروعها - يعنى عزايزة زي بعض- واقترح يومها أن ينضم إلينا صديق وقريب مشترك هو اللواء طارق رسلان عضو مجلس الشيوخ وكان حينئذ لم يزل في وزارة الداخلية
لكن للأسف لم يتم الموعد إذ تأجل الموعد مرارا ثم كانت يد القدر أسرع إليه رحمه الله فرحل بعد لقائنا هذا بثلاث سنوات
لكن لماذا أنا معحب بشخصية وهبي؟!
لأنه نجح أن يرتفع بنفسه وبمكانة عائلته إلى مستوى منافس للعزايزة ليثبت أن المستويات الاجتماعية ليست كقوانين الفيزياء والرياضيات وهو ما يحاول الإنسان أن يفرضه على الكون في صراع مرير بين الطبقات يحكمه الغرور والغطرسة في حل زمان ومكان
فوالد وهبى الذي كان يعمل كلافا للبهائم في سرايا سلطان بيه، صار بفضل ابنه يعيش في فيلا لا تقل عن مستوى العزايزي وعاش معززا مكرما بعيدا عن نظرات الغل في صدور العزايزة تجاه خدام سلطان بك القديم الذي صار يلبس الجلابية المكوية والعباية رأسه براس أكبر ما فيهم
أعجبني في وهبى أنه لم يقبل بإهانة أبيه في حفل نجاح الفتى المدلل فارس العزايزي عندما سخر منه النائب أبو القاسم ولن أقول وكأن قدره أن يظل كلافا، بل حتى لو كان مازال كلافا فهل يستوحب ذلك الإهانة؟!.
الحقيقية أننى أردت أن أشرح للمرحوم المستشار محمد صفاء عامر أن الطبقية والفئوية تحت اي مسمى في الصعيد أو غيره، تجسيد لوهم كبير يتهاوى أمام التجارب الحقيقية لحقائق الحياة والموت ويمضى بنا القدر دون أن يعترف بها بل يمحقها محقا بوقائع لا يراها إلا المستبصرون، لكن ثقافة المدافن الرخام ذات الواجهات الفاخرة تحكم عقلياتنا في مجتمعاتنا الإنسانية فوق الأرض وتحت الأرض
وكنت وما زلت أضيق بالنهاية التى كتبها المستشار صفاء عامر لشخصية وهبي السوالمى ووضعه طوال الأحداث في إطار اللص الثرى وكأن الثراء الحلال من حق العزايزة وحدهم
ثم اثبت عندك وأجبنى عن هذا السؤال:
من قال إن سلطان بك لم يكن لصا عندما كون ثروته التى أورثها أولاده؟!
بل حتى لو ورثها عن أسلافه، فما الضمان أنها لم تكن نتاج ظلم وطغيان لاسيما أن كل ثروة تحتاج لقوة باطشة لحمايتها حتى لو كانت من طرق مشروعة!
ما زلت مستمسكا باعتقاد أن الدرجات الاجتماعية والمالية والوظيفية بل والعلمية، ليست في حقيقتها سوى انعكاسات وهمية لتحولات قيمية مزيفة تدعم الغرور والكبر والصلف.
افندى، أستاذ، بك، باشا، لواء، مستشار، دكتور، مهندس، طبيب، سفير، وزير.. إلخ
إنها في صميمها مسميات لمسئوليات لأعمال ترتبط بمواقع وظيفية ولكننا حولناها لدرجات طبقية فئوية إلى درجات اجتماعية تبدو وكأنها انعكاسات لأوضاع كونية
إن التدرج الاجتماعى حقيقة لا فكاك منها ولا يمكن تخيل مجتمع خاليا منها لارتباطها بمبادئ تقسيم العمل التى تشكل هيئة المجتمع الإنساني ولكن ما أنكره منها هو أن تصبح صكوكا لمنح درجات للوجود يسحق الناس من خلالها سحقا
الحقيقة أننى كلما شاهدت مسلسل الضوء الشارد لا أقاوم تعاطفى واعتذارياتى لشخصية وهبى "بيه" حتى عندما رفض أن يزوج ابنته الجميلة نفيسة لقريبه الشاب بكرى المدرس الكحيان، فأنا وأنت وهى وهو وهم وهن ونحن وكل أنواع الضمائر البارزة والمستترة أيضاً، ماهى إلا نتاج ثقافة مجتمعه تغرز في أرضية واقعنا بلا هوادة مثل هذه النماذج الإنسانية المشوهة.
لكن تبقى الأصالة الحقيقية في شعورك بقيمتك كإنسان سواء كنت من العزايزة أو السوالم، أن يبقى معيار إنسانيتك هو القيمة المجردة للإنسان التى تختفى تحت ركامات هائلة من اللهاث وراء الحياة لتكون يوما رفيع أو وهبى!.
لكنك تنسى مرزوق الكلاف الفلاح الطيب الأصيل الذى لم تغره الحياة أن ينزع جلبابه إلا ليضىرب فأسه ليروى غيطه بيده حتى لو أغضب هذا التصرف ولده وهبي او عم غزال الميكانيكى الذي لم يأنف من المفك والمفتاح ليكون جديرا بنسب العزايزة!.
ولا اختم إلا بعد توجيه تحية حارة إلى الصديق الفنان الكبير الذي كان دائما ما يشكل أمامى نموذج المهنى الحقيقي بلا ضجيج، إنه المخرج الرائع مجدى أبو عميرة مايسترو الضوء الشارد ذلك المسلسل الذي تضافرت جهود صناعه لإخراجه لنا لينضم إلى القائمة المفضلة للأعمال الدراميه التى لا تمل الأسرة المصرية مشاهدتها ولو عرضت في اليوم عدة مرات على أكثر من قناة!.