..
هذا ما كتبه بعض الباحثون عن نسب القبيلة , ومعهم حق فكلام المؤرخين عن القبيلة لا ينتهي ومثله مثل البحر المتلاطم من المعلومات وبعضه متضارب ولا يصل بالقارئ إلى شاطئ بل يصيبه بالدوار .
ولكن أذا ما أخذنا ما أتفق علية المؤرخون ( المقريزي – ابن خلدون – اليعقوبى – الحمداني– القلقشندى ) وطرحنا ما أختلفوا فية جانبا , وأخذنا ما جاء بالتوراة عن آل ابراهيم وربطنا كل ذلك مع الأحداث التاريخية التي جرت عبر العصور - فأنة يمكن الوصول لحقيقة الأمر بوضوح – والكلام عن هوارة لا ينتهي ..... ولكننا أخذنا أهم ما في الموضوعات وذكرناها في هيئة بانوراما تاريخية مختصرة تتيح للقارئ فهم الموضوع ببساطة ويلاحظ القارئ أنه جاء ذكر بعض أسماء القبائل الأخرى التي تداخلت مع هوارة في الأحداث ونوهنا عنها وعن علاقتها بهوارة وذلك حتى تتكامل الصورة والحقيقة .. وفى النهاية لنا بعض التعليقات والتي سنذكرها لاحقا" .
هوارة .. عبر الزمان
قبيلة هوارة هي أحدى قبائل بني قيدار بن إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام – وبنو قيدار هؤلاء جاء ذكرهم في التوراة (التوراة تعتبر سجل تاريخي لسيرة آل إبراهيم علية السلام ) - وقيدار هو الابن الثانى لإسماعيل علية السلام - وأنجب بدورة عدة أبناء أكبرهم ابنة برالذي أنجب بدورة ولدين أحدهم برنس والآخر مادغيس الأبتر ومنهما جاءت كل القبائل التي عرفت بعد ذللك بأسم قبائل البربر بعد هجرتهم واستقرارهم بشمال أفريقيا وكان بنو قيدار في بداية نشأتهم وقبل أن يتفرعوا لقبائل كبيرة كانوا يقيمون بمنطقة مكة المكرمة ثم ارتحلوا منها إلى شمال الجزيرة العربية نتيجة للجفاف ليقيموا بالقرب من أبناء عمومتهم من بني أسحق علية السلام وكان الجميع على دين جدهم إبراهيم علية السلام قبل أن يضلوا – ثم تزايد عددهم عن بنى عمومتهم وأصبحوا يشكلون قبائل كبيرة العدد وبدأت تنشأ خلافات وصراعات بين الطرفين من وقت لآخر وعندما تجددت تلك الخلافات فى عهد سيدنا داوود علية السلام ( وكان ملكا لبنى إسرائيل وكانت وقتها مملكة قوية لها سيطرة على باقي الممالك ) قام بتهجيرهم ألى شمال أفريقيا وأنزلهم بمنطقة مراقبا المصرية على الساحل الشمالي ثم انتقلوا منها إلى باقي شمال أفريقيا , وكمـا ذكر المؤرخون ( المقريزي ص38/ 167) - انتقلت قبيلة لواتة إلى برقه وانتقلت قبيلة هوارة إلى منطقة طرابلس الغرب ونزلت قبيلة زناته بالجبال ثم استقرت بتونس - ثم انتشروا بعد ذلك حتى السويس , وكانت شعوب أوربا الغربية خاصة الرومان يقيمون بشمال أفريقيا قبل قدوم بني قيدار إليها - حيث لم يكن لمضيق جبل طارق وجود وكانت الأرض متصلة قبل مجيء الأسكنر الأكبر الذي حفر المضيق ووصل البحرين - والرومان هم من أطلقوا لفظ البربر على بنى قيدار وعلى غيرهم أيضا لعدم فهمهم للغتهم وهو لفظ كانوا يطلقونة على الشعوب التى لا يعرفون لغتها أو يعادونها . و كان بنو قيدار أثناء أقامتهم بالجزيرة العربية - قبل ارتحالهم إلى شمال أفريقيا - كانوا معتادين الارتحال فى قوافل تجارية إلى مصر ويتزاورون مع أخوالهم فى مصر حيث تجرى في عروقهم بجانب الدماء الكلدانية العربية التي ورثوها عن جدهم الأكبر إبراهيم الخليل علية السلام - تجرى أيضا دماء مصرية فرعونية ملكية ورثوها مرتين أحداهما عن أمهم هاجر الأميرة الفرعونية المصرية والتي كانت أسيرة لدى الهكسوس وأهدوها لإبراهيم علية السلام والثانية عندما تزوج جدهم إسماعيل علية السلام من أحدى قريبات والدته فى مصر- وهو ما أكدته التوراة خلاف ما يشاع في هذا الشأن - وفى أحدى هذه القوافل التجارية عثرت القافلة بالبئر الذي شربوا منة على سيدنا يوسف بن يعقوب بن أسحق بن إبراهيم الخليل عليهم جميعا السلام - ولم يكن يعلمون أنة من أبناء عمومتهم - وباعوه بمصر وبعد أن أصبح وزيرا لمصر زادت هجرتهم لها كما فعل آل يوسف علية السلام – وأستقر كثير منهم فيها وتزايد عددهم مع الوقت بالأضافه للهجرات المتتالية لقبائلهم بعد ذلك من الحدود الغربيه بعد نزولهم بشمال أفريقيا والتي استقرت بالدلتا وخالطوا المصريين والتحقوا بالجيش المصري وجاء وقت كانوا يشكلون فيه 90 % من قوة الجيش المصري وأصبح أحدهم القائد العام للجيش وعندما مات الفرعون - ولم يكن له وريث أختاره المصريون لعرش مصر وحمل لقب فرعون وهو لقب لايحملة الا مصري وأصبح ششنق أول فرعون لمصر من بنى قيدار وحمل أسم ششنق الأول وكان معاصرا لفترة حكم سيدنا سليمان لبنى إسرائيل , واستعان بة سيدنا سليمان علية السلام في صراعه مع الكنعانيين , ثم تزوج علية السلام من ابنة ششنق الأول - وبعد وفاة سيدنا سليمان علية السلام أظهر من خلفوه على ملك بنى إسرائيل أطماعا فى مصر فجهز لهم الفرعون جيشا قويا وشن عليهم حملة لتأديبهم ألا أنها تطورت لصراع كبير انتهى بتدمير دولة إسرائيل وتدمير الهيكل وتكوين إمبراطورية مصرية كبرى شملت لأول مره الشام وفلسطين ومصر وليبيا والسودان – كما ورد بالتوراة - وأستمر حكم بنى قيدار لمصر من الأسرة الثانيه والعشرين إلى الأسرة الخامسة والعشرين .
وكانت من أشهر القبائل التي استقرت بمصر قديما , قبيلة لواتة ( وهى قبيلة استوطنت برقه وهاجرت عشائر كثيرة منهم لمصر قديما واستقروا بالدلتا وهم أبناء عمومة لهوارة ) وكانت تعتنق المسيحية ثم أسلمت بعد الفتح .
أما أشهر هجرات قبيلة هوارة لمصر جاءت مع الفتح الفاطمي واستقرت بعدها بمصر , حيث كان الجيش الفاطمي بقيادة جوهر الصقلي يتكون أساسا من ثلاثة ألوية لأشهر وأقــوى قبائل البربر أحدهـم لقبيلة كتامة ( وهى التي ساندت قيام الدولة الفاطمية في شمال أفريقيا وساندت انتشارها بالحجاز والشام وتولى أبناؤها كل المناصب الهامة بالدولة ولولاها ما كانت الدولة الفاطمية , وكتامة هم أبناء عمومة لكلا من هوارة وصنهاجة ) , أما اللواء الآخر كان لقبيلة صنهاجة ( وهى القبيلة ذات التاريخ العريق والتي أرهقت الرومان بمقاومتها لهم بشمال أفريقيا وهى التي أسست دوله المرابطين بالمغرب العربي وشيدت مدينة مراكش التى لاتزال قائمة حتى اليوم , كذلك هي التي أسقطت الدولة الفاطمية بشمال أفريقيا عندما نكص الخليفة الفاطمي وعدة للبربر بتدعيم المذهب السني في مصر أذا ما ساندوه في فتحها - أيضا عشائرهم المقيمة في ليبيا هي التي تحملت العبء الأكبر في مقاومة الاحتلال الأيطالى - وصنهاجة أخوة أشقاء لهوارة ) . أما اللواء الثالث فكان لقبيلة هوارة ( وهى التي أجمع المؤرخون ومنهم ابن خلدون على انة يرجع لها الفضل فى الفتح الأسلامى للأندلس ثم صقلية وحكمت كلا من البلدين قرابة مائتى عام وأقامت دولة زى النون بالأندلس وأقامت دولة بنى الخطاب فى ليبيا وأيضا أقامت دولة بنى الزيرى في المنطقة المشتركة بين ليبيا والجزائر وتونس , وشيدت مدينة وهران بالجزائر والتى لا تزال قائمه , كما شيدت كثير من المدن التى لا زالت تحمل أسماء عشائرها , وتحملت عشائرها المقيمة بريف المغرب وجبال الأوراس بالجزائر العبء الأكبر في مقاومة الاحتلال الفرنسي ) , وكان لواء هوارة بجيش الفتح الفاطمي يتشكل أساسا من عشيرة زويلة - وهى عشيرة قوية وهى التى أقامت دولة بنى الخطاب وعاصمتها زويلة - وبعد الفتح استقر من جاء منهم في القاهرة بمكان عرف باسمهم وهو حارة زويلة وعرف بابها ذو البرجين وكلا منهم على شكل مئذنة, بأسم باب زويلة حتى اليوم , وأقامت عشائر هوارة بمحافظة البحيرة بعد الفتح , وبعد أن تولى المماليك حكم مصر , وكان بدر بن سلام أميرا لهوارة فى ذلك الوقت 782 )هـ / 1380 م ) دار صراع كبير بين الطرفين استعان فيه المماليك بقبائل العربان وزناره وتغلبوا على هوارة وقاموا بترحيلها ألي الصعيد بولاية جرجا ( سوهاج حاليا ) وكانت مناطق خربة قاموا بأصلاحها وتعميرها وتوسعت أملاكهم وأنتشرت قراهم من الجيزه شمالا ألى قوص جنوبا , وذلك في عهد أميرهم عمر بن عبد العزيز الهوارى والذى كان جيشه يتكون من 30 ألف فارس من أبناء القبيلة , قاوم بهم الأتراك ومنع عنهم الجزية وأجبرهم في النهاية لعقد صلح معه ، والاعتراف بة أميرا على الصعيد من الجيزة حتى أسوان وذلك بموجب صك رسمى من الباب العالى وأصبح للصعيد مايعرف اليوم بالحكم الذاتي تحت أمرته وأتخذ من قوص عاصمة له . ومن أشهر أمرائهم من بعدة الأمير همام بن سيبيه الهوارى أميرهوارة وشيخ مشايخ العرب وأمير الصعيد , وكان مشهورا بالنبل والكرم والجود وتولى من بعدة الأمير محمد بن همام الهوارى وتنتمى أليهما عشائر الهمامية فى الوقت الحاضر . أما باقى عشائر هواره الحالية فهي كثيرة كثيره ولا مجال لحصرها هنا .
نسب .. هوارة
هوارة هي أكبر قبائل المغرب العربي، ويرجع نسبها الي هوار بن أوريغ بن برنس بن بر بن قيدار بن أسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهما السلام - وهوار هذا كان له أخوة هم ملد ومغر وقلدن الا أن أبناؤهم جميعا نسبوا إلية وتسموا جميعا بهوارة أما صنهاج بن أوريغ فنشأت عنه قبيلة صنهاجه وكانوا جميعهم في البداية يشكلون قبيلة أوريغه - و بجانب الفضائل التي اتصفت بها قبائل البربر مثل الكرم والجود وإكرام الضيف وإغاثة الملهوف والذود عن الشرف والشجاعة , تميز أبناء القبيلة أيضا بالمهارة الحربية والفروسية وعلو الهمة والإقدام , ولذلك كانوا يتولون مهام الاستطلاع , و يتصدرون الصفوف الأولى للجيوش ويتولون مناصب القيادة فيها , وهم فى ذلك ورثوا جدهم أسماعيل عليه السلام فهو أول من روض الخيل وأعتلاها وكان أمهر رماة الرمح وقد قال الشاعر فيهم قديما :
أنظر إلى خيل هوارة ترى عجبا
لم تختال الخيل قط براكبها
ما لم يكن فوق السرج هواري
وتنقسم هوارة إلى عدة بطون ( عشائر ) ، فإلى هوار بن أوريغ تنتمي بطون كهلان وغريان ومسلاتة (أسسوا مدينة مسلاته بليبيا ) ومجريس وورغة وزكاوة (قبيلة زغاوة الموجودة بتشاد والسودان) وونيفن .
وإلى مغر تنتمي بطون ماوس وزمور وكياد وسراى وورجين ومنداسة وكركودة .
وإلى قلدن تنتمي بطون قمصانة ورصطيف وبيانة .
وإلى ملد تنتمي بطون مليلة ( أسسوا مدينة مليلة بالمغرب) ووسطط وورفل ( أسسوا مدينة وورفلة بليبيا ) ومسراتة ( أسسوا مدينة مصراتة بليبيا ) وأسيل .
ومن البطون المنتمية أيضا إلى هوارة :
ترهونة ( أسسوا مدينه ترهونه بليبيا ) وهراغة وشتاتة وانداوة وهنزونة وأوطيطة وصنبرة .
هوارة .. عبر المكان
حفظ التاريخ أسم هوارة عبر الزمان .. وحمل أسمها وأسماء عشائرها كثير من الأماكن في أقطار عديدة شملت مصر والشام وفلسطين وليبيا وتونس والجزائر والمغرب والأندلس وصقلية.. ولم تحظى قبيلة بسعة الأنتشار مثلما حظيت هوارة فقد أنتشرت عشائرها فى كل دول الشرق الأوسط ( خاصة مصر والشام ودول شمال أفريقيا ) وانتشرت أيضا بالسودان وتشاد وموريتانيا ونيجيريا كما لها عشائر بأوروبا فى أسبانيا وصقلية وفرنسا وألمانيا ( منهم من أستقر بعد الفتح الأسلامى ومنهم من أستقر بعد الحرب العالمية حيث شاركوا بالقتال فيها مع قوات الحلفاء ) .
ويذكر المؤرخون أنة خلال القرن التاسع امتدت ديار هوارة في إقليم طرابلس ما بين تاورغاء ومدينة طرابلس، وحملت عدد من المناطق في الإقليم أسماء عشائرها مثل مسراتة وورفلة وغريان ومسلاتة وترهونة .
كما أقامت قبائل هوارة ببلاد أخرى في المغرب العربي وذكر اليعقوبي في أواخر القرن التاسع والبكري في منتصف القرن الحادي عشر أنهم يقيمون في غرب تونس وبالجزائر في جبال الأوراس وحول مدن تبسة وقسنطينة وسطيف والمسيلة وتيهرت وسعيدة , ( كما شيدوا مدينة وهران عام 902-903م ، وأقامها محمّد بن أبي عون الهوّاري وهى لاتزال قائمه حتى اليوم ) , وأقاموا أيضا في بلاد المغرب الأقصى ببلاد الريف وحول مدينتي أصيلة وفاس .
وذكر ابن خلدون أن قبائل ونيفن وقيصرون ونصورة من هوارة تقيم بين مدينتي تبسه وباجة .
وتقيم قبيلة بني سليم من هوارة حول مدينة باجة .
وتقيم في غرب الجزائر قبائل من هوارة من بينها قبيلة مسراتة التي يقيم جزء منها بإقليم طرابلس وجزء آخر مع الملثمين الطوارق ويعرفون باسم هُكَّاره قلبت الواو في هوارة كافا أعجمية تخرج بين الكاف والقاف، أي كالجيم في العامية المصرية ،
ومنهم من استقر في فزان ( بليبيا ) وكانت لهم دولة عاصمتها زويلة حكمها بنو الخطاب منهم، واستمروا في حكمها حتى عام 806 هـ .
وقد أقامت القبيلة في إسبانيا منذ القرن التاسع الميلادي على الأقل - وكان بنو هوارة يعدون في مطلع القرن الحادي عشر الميلادي سادة وأصحاب شأن في شمالي إسبانيا، كما تولوا القيادة العسكريّة في مدينتي قرطبة وطليطلة وغيرها من المدن الإسبانيّة. وقد تولى أحد زعماء القبيلة الملُك في أسبانيا وهو المأمون يحيى بن إسماعيل بن ذي النون ، وذلك عام 1083م .
وقد هاجر جزء من هوارة إلى برقه ( بليبيا ) وأقاموا بها ، ثم هاجروا منها إلى مصر، وكانوا في القرن الثالث عشر ينتقلون بين مرسى الكنائس والبحيرة، ثم نزحوا من البحيرة إلى الصعيد بجرجا وما حولها - محافظة سوهاج الآن - ثم انتشروا في معظم الوجه القبلي ما بين قوص محافظة قنا جنوبا ألي البهنسا محافظة المنيا شمالا . ومن هوارة من استقر بعد ذلك بالقاهرة والوجه البحري .
وذكر القلقشندى في نهاية الأرب أربعة وثلاثين بطنا ( عشيرة ) من هوارة بالصعيد وهم :
بنو محمد وأولاد مأمن وبندار والعرايا والشللة وأشحوم وأولاد مؤمنين والروابع والروكة والبردكية والبهاليل والأصابغة والدناجلة والمواسية والبلازد والصوامع والسدادرة والزيانية والخيافشة والطردة والأهلة وأزليتن وأسلين وبنو قمير والنية والتبابعة والغنائم وفزارة والعبابدة وساورة وغلبان وحديد والسبعة وكانت الإمارة فيهم لأولاد عمر وفى زمام البهنسا وما جاورها كانت لأولد غريب .
ومن أشهر المدن التي حملت أسم عشائر هواره : مغاغة , مراغه , الغنايم , الصوامعه , برديس ,أولاد بهيج , بندار , أولاد شلول ,الريانيه وغيرها كثير ولا مجال لحصرها هنا .
كما يوجد اليوم عائلات تحمل لقب الهواري ببلاد الشام ، قدمت من مصر ومن بلاد المغرب العربي (ذلك عندما تم نفى المجاهد المغربي الكبير عبد الكريم الخطابي ألي لبنان ومعة أنصاره من قبيلة هوارة , كما أستقر هناك بعض المقاتلين من أبناء القبيلة والذين شاركوا فى الحرب العالمية مع قوات الحلفاء) , وبالشام هناك عائلات كبرى مثل الحورانى يعود نسبها لهواره .
هوارة .. عبر الأديان
كان بنو قيدار شأنهم شان آل ابراهيم ( بنى أسماعيل وبنى أسحق ) كانوا على دين أبيهم مؤسس عقيدة الأسلام وعقيدة التوحيد وكانوا يرعون الحرم المكى كوصية أبيهم , ألا انة مع الزمن أنتقلت رعاية الحرم الى قبيلة جرهم وأرتحل بنو قيدار الى شمال الجزيرة بجوار أبناء عمومتهم وكان لايزال الجميع على الأيمان وبمضي الوقت ضلوا كما ضل أبناء عمومتهم من بنى أسرائيل وكانوا فى فترات الهداية يعودون إلى الأيمان ويتبعون ما ينزل على أبناء عمومتهم من رسالات وعندما تم تهجيرهم ألى شمال أفريقيا فى عهد النبى داوود علية السلام حملوا معهم العقيدة اليهودية اليها , وظلوا على الأيمان بها , وعند ظهور المسيحية تحول بعضهم إليها وظل الآخرون على اليهودية – وهذا ما ينطبق أيضا على هواره , وعند ظهور الإسلام ووصوله لمصر تحولت عشائر لواتة الموجودة بها إلى الإسلام وكانت على المسيحية , وذهب منهم وفد ليعلنوا أسلامهم أمام عمر بن الخطاب . وعندما بدأت الحملات الإسلامية لشمال أفريقيا , بقيادة المجاهد الكبير عقبة بن نافع ودخلوا برقه - موطن قبيلة لواتة , دخلت القبيلة الإسلام دون مقاومه كبيره, ولكن عندما بدأ عقبة بن نافع يواصل حملتة لنشر الإسلام فوجئ بمقاومة عنيفة قادها ضده زعيم قبيلة أوربة - ( وهى ذات تاريخ كبير أسست مملكة أوراسيا ومنها القائد الشهير طارق بن زياد - وهم أبناء عمومة لهوارة أيضا )- وكانت تدين بالمسيحية وقتها وكان ملكها هو أكسيل بن أيزم والملقب بأسد الأوراس , ودارت بين الطرفين غزوات كثيرة لم يتمكن فيها المسلمون من فرض سيطرتهم وتكبدوا خسائر كبيرة , مما أضطر الخليفة الأموي معاويه لاستدعاء عقبة بن نافع , وإرسال الداعية أسماعيل أبو المهاجر والذي أسلم على يديه أكسل زعيم أوربة وملكها وحقق الأسلام بعض الانتشار بين البربر ولكن بعد موت معاويه عاد عقبة بن نافع لقيادة المسلمين بشمال أفريقيا وأساء معاملة أبى المهاجر والملك أكسيل فعاد الأخير ومعة قبيلة أوربة للمقاومة وارتدوا عن الإسلام وعاد الصراع أشد وأقوى و لقى عقبة بن نافع مصرعه وأستشهد بإحدى الغزوات , واستمرت الحملات وخسر المسلمون مواقعهم وارتدوا الى برقة وجاء حسان بن النعمان لقيادة المسلمين وتجددت الحملات إلى أن لقي زعيم أوربة مصرعه فى أحداها , ثم تولت قيادة البربر من بعدة ملكة الأوراس الملكة تهيا ( ويعنى الجميله ) وكانت تدين بالمسيحية هي وقبيلتها جراوه ومعها زناته - و بجانب جمالها كانت فارسه ماهرة و قويه وبارعة في التخطيط لم يأت الزمان بمثلها , قادت البربر في حملات عنيفة ضد المسلمين وأرهقتهم في غزوات متتالية جعلتهم لا يتقدمون عن برقة وخسروا فيها خسائر كبيرة جعلتهم يستنجدون بالخليفة الأموي يطلبون المدد وأطلقوا على تلك الفترة - حرب البلاء - وفى أحدى الحملات لقيت الملكة تهيا مصرعها, وكان آخر ما قالته ( يسموننا بربر !! .. ونحن نحارب البربرية على هذه الأرض !! .. وداعا يا تجار العبيد .. سيخلف في التاريخ أحفادي ) , وبدأت حدة المقاومة تنكسر ثم حدث تحول كبير بعد مجيء موسى بن نصير لقيادة المسلمين بشمال أفريقيا بأن دخل طارق بن زياد الأسلام وكان أميرا لطنجة و من قبيلة أوربة فدخلت معه القبيلة كلها في الإسلام وكانت قبل ذلك تدين باليهودية ثم المسيحية , ثم أعلنت صنهاجة وهوارة أسلامهما , ودخلت زناتة وباقي القبائل الإسلام تباعا" وبدأ الإسلام ينتشر في شمال أفريقيا وبقدر مقاومة البربر للأسلام في البداية بقدر ما حسن أسلامهم بعد ذلك وأبلوا فيه بلاءا عظيما , وضحوا بالكثير من أجل نصرته .
وكان من أعظم أعمالهم فتح الأندلس بقيادة طارق بن زياد فى عهد موسى بن نصير ثم فتحهم لصقلية بعد ذلك ,أيضا كانت تضحياتهم من أجل أقامة صحيح الدين , فهم من البداية عارضوا عزل أمير المؤمنين على بن أبى طالب رضي الله عنة - وكان رأيهم أن من يولى بإجماع المسلمين لا يعزل الا بإجماعهم أيضا , كما ناصروا آل البيت , وكان رأيهم أن الخلافة شورى ويتولاها الأصلح , وبسبب ذلك دخلوا في صراع مع الدولة الأموية والعباسية والفاطمية والأيوبية أيضا , ضحوا فيها بالكثير من أرواحهم وأموالهم , وصدقت فيهم نبوءة عمر بن الخطاب رضي الله عنة , عندما ذهب إلية وفد لواتة لإعلان أسلامهم وتكلموا معه بلغتهم , فجيء إلية بمن يعرف لغتهم وعرفة بهم وبنسبهم , فدمعت عيناه أثناء حديثة معهم فلما سأله الصحابة عن ذلك قال ما معناه ( سيأتي زمان على هؤلاء القوم تتكالب فيه الأمم عليهم وهم يقاتلون لإقامة الدين ونصرته ) , وقال أحد الأعراب المعاصرين لتلك الفتن ( كنا نقاتل من أجل الدرهم والدينار وهم يقاتلون لنصرة دين الله ويبذلون فية النفس والنفيس ) , وصحت فيهم مقولة أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها عندما رأت صبيا بالمدينة مليح الوجه فسألت عنة فقالوا لها أنة من البربر , فأكرمته وقالت فيه ( إن قومه يقرون الضيف ويضربون بالسيف ويلجمون الحكام لجوم الخيل ). ثم حدثت أكبر فتنة عرفها تاريخ الأسلام أقتتل فيها المسلمون بأعداد كبيرة ودارت فيها المعارك على رقعة شاسعة من الأرض وكما ذكر المؤرخون أضرت بالإسلام والمسلمين كثيرا وتسببت في نشر الخراب والحرائق بشمال أفريقيا وهى غزوة بني هلال وبني سليم التي حرض عليها الخليفة الفاطمي بعد قيام البربر بعزلة فى شمال أفريقيا بعد نقضة لعهدة لهم بتدعيم المذهب السنى فى مصر إن هم ساندوه فى فتحها فأدوا هم ماعليهم ولم يوف هو بوعدة لهم فدعت صنهاجة لعزلة , وتزعم هذه الدعوة - المعز بن باديس ملك زناته وفارسها الشهير والملقب بالخليفة الزناتى - والذى أقام مملكة زناته الشهيره بالقيروان وتونس وكانت ملأ السمع والبصر و جاهد لتدعيم المذهب السنى بشمال أفريقيا . ولم تكن هذه الحملة لنشر الإسلام بشمال أفريقيه كما تصوره السيرة الشعبية , لأن الإسلام كان منتشرا ومستقرا هناك , ولكنها كانت حملة أنتقام من البربر حرض عليها الخليفة الفاطمي وأستغل فيها بني هلال وبنى سليم وساندهم فيها وكان البربر أذا ما اضطروا إلى أخلاء مدينة تحت ضغط الصراع كانوا يخربونها ويحرقونها حتى لا تقع عامرة فى أيدي خصومهم - وهو ما يعرف اليوم بأسلوب الأرض المحروقة . واستمر الصراع طويلا عنيفا ألي أن لقي الخليفة الزناتى مصرعة فيها ولعبت الخيانة دورا هاما فى مصرعه وفى سقوط مملكة زناته من بعده – أما بنى سليم فقد قصدوا برقة موطن لواتة وبعض عشائر هوارة ولم يدم الصراع طويلا ثم تعايش بنو سليم مع هذه القبائل حيث وجدوهم يماثلونهم في التقاليد ولا يقلون عنهم فروسية ونشأت صلات مصاهرة بينهم نتجت عنها عشائر من هوارة ولواتة لها جذور من بني سليم ناحية الأم حيث كان من عادة البربر أن يتزاوجوا من الغير ولايزوجون بناتهم خارج القبيلة .. ولكن ترك هذا الصراع جراحا عميقة في نفوس البربر بشمال أفريقيا , فهي كانت المرة الأولى التى يتقاتل فيها المسلمون بمثل هذا الحجم وعلى هذه الرقعة الواسعة من الأرض . وأرجع المؤرخون سبب مقاومة البربر للإسلام في البداية لأسباب عدة وهى التى لخصتها كلمات الملكة تهيا الأخيرة , فالعرب استخدموا كلمه البربر بمعناها السىء في التعامل معهم كما أن أسلوب الغزو الذي أتبعة المسلمون وقيامهم ببيع الأسرى في سوق النخاسة وسبى النساء أثار حفيظة البربر كثيرا وأثار فيهم روح المقاومة فهم لم يعتادوا هذا الأسلوب في حياتهم ولم يتعاملوا به في نزاعاتهم وهم من أطلقوا على أنفسهم لقب الأمازيغ ( أي الأحرار ذوى الأصل النبيل) ومنها أيضا أن البربر لم يكن يعلمون شيء عن هذا الدين أو أصحابه - فالمسافة الذمانية والمكانية كانت قد بعدت بين الطرفين ونسى كلا منهم علاقته بالآخر- كما أن المسلمين لم يمهدوا بالدعاة للتعريف بالدين الجديد فضلا عن أن البربر كانوا يدينون بالمسيحية واليهودية أي أنهم أهل كتاب ولا يجوز قتالهم شرعا مالم يعتدوا ولا أكراه لهم في الدين ... كل ذلك جعل البربر يأخذون موقفا معاديا للدين الجديد وأصحابه ويواجهونهم بمقاومة عنيفة كبدت المسلمين خسائر فادحه وأخرت انتشار الإسلام بشمال أفريقيا طويلا .
آل إبراهيم
لا تكون الصورة واضحة ولا الكلام عن قبائل بنى قيدار مفهوما ألا أذا أخذنا فكرة عن تاريخ آل إبراهيم علية السلام .
بعد الطوفان الذي غمر الأرض ونجاة سيدنا نوح علية السلام بسفينته والمؤمنين الذين كانوا معه كان له خمسة أبناء حفظ لنا التاريخ سيرتهم ولم يحفظها لغيرهم ممن كانوا معه بالسفينة . وأنتشر أحفاد أبناؤه الخمسة بالأرض شرقا وغربا وشمالا وجنوبا وعمروها – وكان سام وحام من أبناء نوح علية السلام وأستقر أبناء الأول بمنطقه الرافدين ( العراق ) ثم انتشروا بمنطقه الجذيره والشام أما الثاني أنتشر أبناؤه بجنوبها وقارة أفريقيا . وجاءت من سام بن نوح قبائل الآشوريين والبابليين والآراميين والكلدانيين وأطلق على تلك الشعوب لاحقا أسم العرب وأطلقته عليهم الشعوب المجاورة لهم - وأسباب التسمية كثيرة لامجال لذكرها هنا - أي أن كلمة العرب ليست أسم نسب ولكنه لقب وصفة أطلقت على تلك الشعوب مثلما نقول الغرب ونقصد به شعوب أوربا – وجاء من الكلدانيين سيدنا إبراهيم علية السلام وزوجته سارة ثم رحل بها من العراق لجنوب فلسطين واستقر بها فترة قبل أن يذهب لمصر ويعود منها بهاجر ويتزوجها وينجب منها أسماعيل علية السلام وبعد ذلك أنجبت له سارة أسحق علية السلام وكانت عاقر قبل ذلك . ثم طلبت سارة من أبراهيم علية السلام أن يبعد هاجر وأبنها فأوحى لة الله أن يتجه يهما جنوبا وكان كلما يتوقف ويرغب في الاستقرار يوحى لة بمواصلة المسير حتى وصل مكة وترك بها هاجر وإسماعيل ثم تفجر بئر زمزم لهاجر عليها السلام وأحاطت بهما القبائل وأصبح المكان عامرا ثم أقام سيدنا أبراهيم البيت مع أبنة أسماعيل عليهم السلام وكبر أسماعيل وتزوج وأنجب أثنى عشرة ولدا هم ( نبايوت ، قيدار ، إذبئيل ، ميسام ، مشماع ، دومة ، مسا ، حدار ، تيما ، يطور ، نافيش ، وقدمة ) وأنجب كذلك أبنة وحيدة تدعى بسمة .
أما قيدار الابن الثاني لإسماعيل علية السلام فقد أنجب عدة أبناء منهم أبنه ( بر) وأنجب هذا بدورة أثنين من الأبناء هما برنس و مادغيس الأبتر ومنهما جاءت كل القبائل التي عرفت بعد ذلك باسم البربر وجاء أيضا من أحد أبناء قيدار بعد ستة أجيال حفيدة عدنان الذى جاءت منة قبائل بني عدنان أو العرب العدنانية وجاء من ذريتة خاتم الرسل وعدنان هو الجد الثانى والعشرون للرسول عليه الصلاة والسلام .أما أسحق عليه السلام فقد أنجب أثنين من الأبناء هما يعقوب علية السلام والعيص أو عيسو . أما يعقوب وعرف بعد ذلك باسم إسرائيل فقد أنجب أثنى عشرة ولدا شكلوا أسباط (قبائل) بني أسرائيل وجاء منهم الأنبياء يوسف وموسى وهارون ويوحنا وزكريا وداود وسليمان وعيسى عليهم جميعا السلام , وجاءت أيضا العذراء البتول مريم أكرم نساء العالمين عليها السلام .
أما عيسو فقد جاء من زريتة سيدنا أيوب واليسع عليهما السلام .
وقد تعهد الله سبحانه وتعالى لإبراهيم علية السلام برعاية بنى أسحق وأن يبارك بنى أسماعيل ويجعل منهم أمة كبيرة وقد صدق الله وعده فلم تحظى أمه بعناية من الله مثلما حظي بنو أسرائيل , وجاء منهم معظم الأنبياء والرسل وكذلك أصبحت ذرية بني أسماعيل تملأ الجزيرة العربية والشام وشمال أفريقيا وكرمهم الله بأن جاء منهم خاتم النبيين وجعله رسولا لكل البشرية .
وكما نرى فأن آل إبراهيم ما هم ألا - شجرة مباركة بعضها من بعض - أزدانت بالأنبياء والرسل الذين تحملوا المشاق وكابدوا المتاعب و حملوا راية الأيمان والتوحيد وواصلوا عقيدة الإسلام التي بدءها جدهم الأكبر أبو الأنبياء إبراهيم ( خليل الله ) علية السلام , وحمل لواءها أبناؤه من بعدة , فحمل موسى ( كليم الله ) علية السلام رسالة التوراة , ومن بعدة حمل عيسى ( كلمة الله ) علية السلام رسالة الإنجيل , ثم جاءت خاتمة الرسالات - القرآن - وحملها محمد ( حبيب الله ) علية الصلاة والسلام .. وأنزل الله على نبيه في حجة الوداع آيته الأخيرة ( اليوم أكملت لكم دينكم ورضيت لكم الأسلام دينا ) وبذلك اكتملت عقيدة الأسلام والتوحيد والتي ارتضاها الله لنا دينا , والتي بدأها أبو الأنبياء وأستكمل أبناؤه شرائعها في ثلاثة رسالات سماويه - عليهم جميعا أفضل الصلوات وأفضل السلام .
تعليقات
أولا : أمة لا تعرف ماضيها .. أمه تعيش في غيبوبة لا تعي حاضرها وليس لها مستقبل .
ثانيا : أقوال المؤرخين والباحثين عن هواره مثل بحر من المعلومات متلاطم الأمواج من يبحر فيه يغرق دون أن يصل لنتيجة إذا لم يتم التدقيق والتنقيح والمقارنة والربط بالأحداث التاريخية – ونضرب لذلك مثالا فأحد الباحثين ذكر أن ششنق الأول هو من أهدى هاجر لإبراهيم علية السلام وهذا جانبه الصواب كثيرا لأن ششنق هذا ثابت تاريخيا أنه معاصر لسيدنا سليمان حفيد إبراهيم عليهما السلام .
ثالثا : ربط بعض الباحثون أيضا بين ششنق وبين القبائل الليبية القديمة والتي كانت تغيرعلى مصر من الغرب ولكن بمراجعه التاريخ نجد أن هذه القبائل أقدم تاريخيا من ششنق ولها صفات وملامح غير سامية أما هو فمن قبائل سامية من بني قيدار , استقرت بمصر فى هجرات متتالية عبر الحدود الغربية , منذ الألفية الثانيه قبل الميلاد وخالطوا أهلها واستوطنوا الدلتا والتحقوا كذلك بالجيش المصرى أي أن ششنق كان موجودا بمصر ولم يأتي غازيا , كما أن لقب فرعون هذا لم يحمله أبدا أي أجنبي .
رابعا : أرجع البعض نسب بنى قيدار ألي قبائل قحطان العربية أو لبنى كنعان وهذه أيضا معلومات تفتقد للصواب لأنة ثابت في التوراة أن بنى قيدار هم أحفاد إبراهيم علية السلام وجاء ذكرهم بالتوراة وذكر نزاعاتهم مع أبناء عمومتهم – وهوالأصدق من أقوال المؤرخين والدارسين- ومن المعروف عن سيدنا إبراهيم أنة من الكلدانين أبناء سام بن نوح والذين عرفوا بعد ذلك باسم العرب . وهذا يعنى أن أحفاده هم أيضا ساميون وعرب مثله ويشمل ذلك بني قيدار و بني عدنان وأيضا بني أسحق بما فيهم شعب بني إسرائيل ولا نعنى بذلك دوله إسرائيل لأنها دولة تضم أجناسا مختلفة سامية وغير سامية من الحبشة وأوروبا وروسيا , وما يؤكد ذلك أن عاده الختان كانت منتشرة بين قبائل البربر من بني قيدار وهي سمه آل إبراهيم , كذلك انتشار أسماء يعقوب ويوسف ويحيى وموسى وأسحق وأسماعيل بينهم من قبل وصول الإسلام , وكذلك انتشار عقيدة اليهودية بينهم دون غيرهم كلها دلالات هامه على انتمائهم لآل إبراهيم .
كذلك هناك من يحاول إرجاع نسب هوارة إلى قبائل العدنانيين مثل بني سليم أو الأشراف وهذا غير صحيح أيضا لسبب بسيط وهو أن نشأة بني بر ( البربر ) سابقة لنشأة بني عدنان بستة قرون وسابقه لنشأه الأشراف بخمسه وعشرون قرنا على الأقل , وقيدار هذا هو جدهم الأكبر جميعا فهل ينتسب الأصل إلى الفرع أم أن العكس هو الصحيح .
خامسا : ما يدعم أن أحفاد إبراهيم من الفروع الثلاثة ساميون ومن أصل واحد هو أن لهم نفس الملامح الشكلية العامة المعروفة عن آل سام وهى لون البشرة الحنطى والشعر الأسود والعيون السوداء أو البنية . وأيضا جاء تحليل الحين الوراثي لعينات من الفروع الثلاثة والتي قام بها أحد المعاهد البحثية وجاءت نتائجها تؤكد أنها لأصل واحد بالرغم من وجود بعض التحورات فى كل فرع .
سادسا : فى البداية كان آل أبراهيم يتكلمون لغة أبيهم السريانية ومع الوقت تكلم بنو اسحق اللغة العبرية – لغة الكنعانيين – وأخذوها عنهم ثم صارت لغتهم . أما بنى أسماعيل فقد أجرى الله على لسانه اللغة العربية ولم يكن العرب يتحدثون بها قبل ذلك ثم عدل فيها قيدار من بعدة وبسطها وطورها وورثها لأحفاده من بعدة وهى التى صارت لغة العرب ونزل بها القرآن .أما بنو قيدار بشمال أفريقيا فكانوا يتكلمون الأمازيغية وهى لغة عربيه قديمه تكتب من اليمين ألي الشمال مثل العربية ووجد من يتكلم بها بالجزيرة العربية قديما – ثم تكلم بنو قيدار اللغة العربيه الحالية بعد أسلامهم ونطقوها بطلاقة دون لكنة أجنبيه عجزت عنها الشعوب الأخرى من تلك التي دخلت الإسلام ومنها الشعوب الفارسية والهنديه والتركيه كما جاء منهم مفسرون لعلم النحو واللغة وفقهاء في الدين مشهورون .
سابعا : هناك بعض الكلمات التى انتشرت بمنطقة الشرق الأوسط وأسيء فهمها مع الزمن ومنها :
السامية والحامية وهى تشير ألي أبناء سام وحام وفهم البعض أن أبناء سام متميزون لخلطهم معنى السامية وفهمهم إياها على أنها تعنى السمو بلغه العرب وهذا غير صحيح فهي كلمه تدل على نسب لا أكثر ولا أقل مثل الحامية أيضا وهناك من ربطها بهذا المعنى بسبب الاختلاف فى لون البشرة بين آل سام وحام وهو أيضا غير صحيح لأن سام وحام هم أخوة ومن أبناء نوح ومن المؤمنين فلا مجال لتفضيل أحدهما عن الآخر وعن الرسول علية الصلاة والسلام (إن الله لا ينظر إلى صوركم إنما ينظر إلى التقوى هاهنا ) وأشار إلى قلبه , وقال الله تعالى ( أن أكرمكم عند الله أتقاكم ) وتقوى الله هي خشيته التي تؤدى لصالح الأعمال والتي تنفع البشرية ويعمر بها الكون وهو السبب الذي أنزل الله من أجلة آدم علية السلام ألي الأرض .
هناك أيضا عبارة معاداة السامية وهذه العبارة لاتجوذ مع العرب لأنهم ساميون وبالطبع لن يعادى الأنسان نفسه .
أيضا هناك كلمة العرب والتى أطلقت على الشعوب من نسل سام بن نوح من البابليين والآشوريين والكلدانيين والتي استوطنت منطقة الرافدين ( وأطلقت في البداية على قبائل البدو الرحل ثم عممت على الجميع ) ثم استخدمت بعد ذلك على أنها أسم نسب للشعوب العربية وهى ليست كذلك فهي مجرد لقب يشير إلى ما سبق أن ذكرناه وهو يماثل لقب الغرب والذي يشير ألي شعوب أوروبا وأمريكا الشمالية أو اللاتين ونعنى به شعوب أمريكا اللاتينية .
أيضا البربر وهى لقب أطلق على شعوب شمال أفريقيا ولا يحمل دلالة نسب أيضا وأطلقه الرومان على شعوب أخرى أيضا بخلاف بني قيدار مثل الجرمان والانجليز القدامى وأطلقوه على قبائل الوندال
بفرنسا والذين وصفوهم بالهمجية مما جعل تلك الكلمة تحمل هذا الوصف كذلك أطلقوه على بعض شعوب أفريقيا من الزنوج ولا يجمع بين كل تلك الشعوب أي صله نسب بالطبع .
أما الأمازيغ فهي لقب أطلقه بنو قيدار على أنفسهم وهى كلمه عربية قديمه وتعنى الحر النبيل أو الأحرار ذوى الأصل النبيل ( ويرجع سبب هذه التسمية إلى أن بني أسحق كانوا يطلقون على بني إسماعيل لفظ عبيد ساره , فجاءت هذه التسميه لتصحح هذا المفهوم ) - ثم عممت هذه الكلمة بعد ذلك لتشمل شعوب البربر بشمال أفريقيا .
أيضا هناك كلمة الفلاح وهى كلمة منتشرة بالصعيد والوجه البحري ويستخدمها البعض كأنها أهانه وهو مفهوم غير صحيح وأول من أستخدمها عمرو بن العاص عند حديثة عن المصريين لاشتغالهم بالفلاحة وهى بالطبع مهنة راقية فى سلم التطور الأجتماعى تلت مرحلة الصيد ومرحلة الرعي وهى أساس النشاط الأنسانى كله وحتما أن عمرو بن العاص لا يقصد بها أهانه - وكلنا نعلم موقف عمر بن الخطاب منه عندما أشتكى له أحد الأقباط من أن أبن عمرو أهانه - وهى لذلك لا تعنى سوى المعنى الذى استخدمت فيه للدلالة على المصري أبن البلد الأصيل ولكن ما حملها هذا المعنى السىء فهو الاستخدام الخاطئ لها من الأتراك والمماليك من بعده والمعروف عنهم أنهم أقوام مكابرون .
ثامنا : يبقى شيء أخير وهو أن هناك فرق شعره بين الاعتزاز بالنفس والعائلة وبين التفاخر بالنسب والتعالي على الآخرين , فالأول لا ضير فيه وقد يكون مطلوبا أما الآخر فهو منهي عنة شرعا ومكروه أنسانيا ويولد الكراهية ومردود عليه بقول الله تعالى ( أنا خلقناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا أن أكرمكم عند الله أتقاكم ) .
وليس لأحد منا فضل في نسبه , فلم يختر أحد منا أباه أو أمه , بالإضافة إلى أن البشر جميعا ينتسبون ألى آدم علية السلام وهو الذي نفخ الله فيه من روحه وهو الذي سجدت له الملائكة , فهل هناك تكريم أسمى من ذلك , وهل شرف الانتساب لأي مخلوق - أيا كان - يفوق شرف الانتساب لآدم علية السلام وهو أبو الأنبياء جميعا .
هوارة ... النظام القبلي
تنقسم القبيله داخليا إلى عده عشائر , والعشيرة تنقسم ألي عده عائلات , وكل عائله تنقسم ألي ما يسمى بدنات ( أي عائلة صغيره ) وكـل منها ينقسم ألي عدة بيوت وكل بيت من هؤلاء يضم عده أسر يجمعها جد مشترك وكل درجة من درجات التقسيم تلك أيضا لها جدها المشترك . ولكل درجة من هؤلاء لها كبيرها ( شيخ ) يختارونه من بينهم ويتصف بالحكمة والوقار والسمعة الطيبة ويرجعون أليه فى منازعاتهم ومشاكلهم . وبالتالي يكون لكل عشيرة شيخ أعلى يرجع إلية أبناء العشيرة فيما يهمهم – أما شيخ القبيلة أو أميرها فهو منصب شاغر فى الوقت الحاضر ويتم تعويضه بأن يتواصل مشايخ العشائر للتشاور بينهم فيما يمس الصالح العام للقبيلة مثل الانتخابات أو غيرها من الأمور أو ما يواجهها من مخاطر واتخاذ ما يناسب ذلك . ويشهد التاريخ أن القبيلة لم تحمل السلاح أبدا لعدوان أو أغتصاب حق , ولم تحمله ألا دفاعا عن النفس والعرض , و حملته دوما دفاعا عن الوطن .
هوارة ...العادات والتقاليد
تختلف العادات والتقاليد قليلا حسب البيئة التي تعيش فيها القبيلة , فبالطبع العادات بالشمال الأفريقي ليست هي التي بمصر أو الشام مثلا ولكن تتفق في السمات الأساسية لكل قبائل البربر من بنى قيدار بصوره عامه فهم كما وصفهم أبن خلدون :
( وأما تخلقهم بالفضائل الإنسانية وتنافسهم في الخلال الحميدة , مرقاة الشرف والرفعة بين الأمم , ومدعاة المدح والثناء من الخلق , لما جبلوا عليه من الخلق الكريم من عز الجوار وحماية النزيل , والوفاء بالقول والعهد , والصبرعلى المكارة والثبات في الشدائد , وحسن الملكة والإغضاء عن العيوب , والتجافي عن الانتقام , ورحمة المسكين وبر الكبير , وتوقير أهل العلم وقرى الضيف , والإعانة على النوائب وعلو الهمة وإبائه الضيم ومشاقة الدول, ومقارعة الخطوب وغلاب الملك وبيع النفوس من الله في نصر دينه, فلهم في ذلك آثار نقلها الخلف عن السلف , لو كانت مسطورة لحفظ منها ما يكون أسوة لمتبعيه من الأمم وحسبك ما اكتسبوه من حميدها واتصفوا به من شريفها أن قادتهم إلى مراقي العز وأوفت بهم على ثنايا الملك , حتى علت على الأيادي أيديهم .)
ويسود في القبيله روح التعاون في تعمير مناطقهم والمساهمة فى أنشاء الخدمات مثل المدارس والمصالح الحكوميه ومشروعات المرافق المختلفه .
كما يسود بين أبناء القبيلة روح التكافل والتعاون في الرخاء والشدة , فتجدهم متعاونون مع من يقع في شده أو من لديه مناسبة زواج أو من يقيم دارا فيقدمون العون دون انتظار لدعوه , كما أنهم في المآتم يتعاونون في تقديم الواجب لأهل الفقيد ويتكفل الأقارب بإقامة العزاء وتقديم صواني الطعام للمعزيين الضيوف والمغتربيـن وكذلك لأسره الفقيد طوال فترة العزاء التي تمتد أسبوعا أو أكثر ويقدم الطعام للرجال في المندرة ( المضيفة ) ولأسره الفقيد من النساء والأطفال في دارهم ويتم ذلك وفق نظام وترتيب متفق عليه .
وتحرص الأسر على تعليم أبنائها قدر المستطاع وتحظى الفتاه بالقبيلة برعاية تفوق رعاية الابن فهي بجانب الحرص على تعليمها يتم الأنفاق على زواجها بسخاء ورعايتها حتى بعد الزواج وكأنها فرد مقيم مع الأسرة والفتاه التي قد يتوفى والدها قبل زواجها قد ترث فوق ميراثها الشرعي ما يوازى تكلفة زواجها أو يتكفل أخوتها بتكاليف زواجها , وتربى الفتاه في القبيلة على احترام زوجها حتى ولو كان أقل درجه منها في التعليم . وتحرص الأسر على زواج بناتهم من القبيلة خوفا وحرصا عليهم فإذا ما حدثت مشكله بعد الزواج تحل في حدود العرف والتقاليد . وليس ذلك حرصا على المواريث كما يظن البعض فهذا التقليد تحرص عليه الأسر التي لديها مواريث وأيضا تلك التي لا تملك مواريث تخاف عليها .. ولكن أذا ما عدنا ألي الوراء نجد أن هذا التقليد موروث منذ نشأة آل إبراهيم حيث كانوا يتبعونه منذ البداية, وفى التوراة نجد أشارات لذلك فهناك أشارة لزواج عيسو بن أسحق من أبنه عمه أسماعيل عليهما السلام ( بسمه ) وكانت وحيدة – فقد جاء أنه تزوجها لكى يرضى العائلة – وكذلك كان لسيدنا يعقوب عليه السلام ابنة أسمها ( دينا ) ويبدو أنها كانت جميله فطمع فيها قوم من الكنعانيين واحتجزوها لديهم وطلبوا من سيدنا يعقوب عليه السلام أن يزوجها لأبنهم وكانوا كثره فأحتال عليهم وأخبرهم انه لا يزوج أبنته لقوم لا يختانون ( والختان هي سمة المؤمنين آل أبراهيم ) فلما أختانوا غلبهم وحرر أبنته . وآل إبراهيم كانوا حريصين على ذلك لأنهم كانوا قوما مؤمنين وسط أمم وثنيه فكان لا يجوز أن يزوجوا بناتهم لهم ولكن توارثت تلك العادة بعد ذلك .
كذلك فأن المرأة في القبيلة بمناطق الريف لا تحتاج لأن تخرج للعمل بالحقول أو الذهاب للأسواق فإذا لم يكن لها زوج أو أبن فأن أقرب الرجال لها بالعائلة يخدمونها ويقضون حوائجها طواعية .
مشاهير الهوارة
يتساءل البعض أذا كانت هواره تملك كل ذلك التاريخ العريق فأين أبناؤها ألان !!
ولهؤلاء نقول أنهم أيضا موجودون ولكن بدلا من فروسية الخيل والسيف فهم طبقا لطبيعة وروح العصر الذي نعيشه تجدهم في كل مجالات الحياة العملية فرسانا متميزون ويحتلون مراكز متقدمه وسنضرب أمثلة لشخصيات عامه عرفها الناس ولكن قد لا يعلمون أنهم من القبيلة , فمن هواره كان : عبد الرحمن عزام أول أمين عام لجامعة الدول العربية ومؤسسها , ومنهم أيضا أحمد نجيب الهلالي رئيس وزراء مصر الأسبق قبل الثورة , كذلك اللواء محمد نجيب قائد ثوره يوليو وأول رئيس لمصر بعد الثوره , وكذلك الأستاذ فهمي عمر رئيس هيئه الأذاعه المصرية السابق وأبن عمه الدكتور ماهر مهران وزير الصحة الأسبق ,والأديب المعروف محمد صفاء عامر والصحفى اللامع أنور الهوارى وكذلك سحر الهوارى رائدة الرياضة النسائية بمصر وهى ابنة الحكم الدولي الأسبق والشهير عزت الهوارى , وغيرهم كثيرون ومنهم من يشغل حاليا مناصب عليا هامه , ولا مجال لذكرهم هنا . أما خارج مصر فأشهرهم الرئيس الجزائري هوارى بو مدين - وينتمي لقبائل الهوارة بالأوراس وكل جيلنا يعرف موقفه البطولي ومساندته لمصر وللزعيم السادات في حرب أكتوبر .
أما عن قبائل البربر , فقديما جاءت منهم شخصيات عرفها التاريخ , منهم أبن كثير وأبن رشد والبوصيرى وأبن بطوطة وعباس بن فرناس كذلك جاء منهم طارق بن زياد و يوسف بن تاشفين ومنهم ملوك وأمراء كثيرون أسسوا دولا جاء ذكرها سابقا أما في العصر الحديث فكان منهم المناضل والرئيس الجزائري السابق أحمد بن يبللا وكذلك المجاهد المغربي الكبير عبد الكريم الخطابي .
أما بمصر وفى العصر الحديث- جاءت منهم شخصيات عامه كالزعيم الوطني مصطفى كامل (من قبيلة كتامة) كذلك جاء المشير عبد الحكيم عامر أحد قادة ثوره يوليو والقائد العام للجيش ( من قبيلة لواتة ) .
البربر ... التقسيم القبلي
وأخيرا حتى تكتمل الصورة عن بني قيدار كان لابد أن نعطى فكره عن التقسيم القبلي لبني قيدار والذين أطلقوا على أنفسهم أسم الأمازيغ :
وهم كما ذكرنا ينحدرون من بر بن قيدار بن أسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام
ومن ( بر ) جاء ابنان أحدهما أسمه برنس والآخر أسمه مادغيس والذى أشتهر باسم الأبتر
ومن ( برنس ) جاءت قبائل البرانس وهم : هواره و صنهاجه و كتامة و أوربة و لمطه و هسكوره
أما ( مادغيس الأبتر ) فجاءت منه قبائل البتر و هم : زناته و لواته و مغيله و نفوسه و أد يسه و جراوة
و هواره كما ذكرنا ينتمون إلى هوار بن أوريغ بن برنس بن بر بن قيدار .
أما صنهاجة فهم أخوة أشقاء لهوارة وينتمون إلى صنهاج بن أوريغ بن ب