اولا سيناء في العصر القديم
منشور رقم ١
عرف القدماء المصريون أهمية سيناء وأولوها اهتماما خاصا في عصر الأسرات الفرعونية، ولقد تعرضت مصر للكثير من الغزوات التي جاءت إليها عبر الشرق، فكان مجئ الهكسوس الغزاة (1160 – 1580 ق.م) عبر سيناء، واستمر هذا الغزو أكثر من قرن ونصف إلى أن تحررت مصر من أيديهم على ايدي حكام طيبة: "سيكنرع" – "كاموس" – "أحمس" وخرجوا من مصر مثلما جاءوا عن طريق سيناء وقد حدث ذلك في نهاية عهد الأسرة السابعة عشر وأوائل عهد الأسرة الثامنة عشر، كما عبرها "تحتمس الثالث" (1490 – 1436 ق.م) حينما خرج بجيشه قاصدا بلاد الآسيويين لردع المغيرين على حدود صر الشرقية، وامتدت انتصاراته إلى مدينة "مجدو"، أو "تل المسلم" أو "مرج ابن عامر"، ولما توالت الانتصارات أعد "تحتمس" ستة عشر حملة عبر سيناء حتى عبر نهر الفرات، وقبل ذلك قاد "سيتي الأول" جيش مصر (304 – 195 ق.م) حيث كان متوجها لبلاد الحيثيين ليؤدب الطامعين في أرض الكنانة، ثم جاء رمسيس الثاني وصل إلى بلاد كنعان "فلسطين" وتوالت انتصارات على قبائل آسيا الصغرى، وكذلك "رمسيس الثالث" قاد حملاته إلى سوريا عبر سيناء ولقد وجد آثار هذه المعارك – مفصلة – على جدران معبده بمدينة "هابو" المصرية. ثم جاء "الآشوريون" إلى مصر عبر سيناء – أيضا – وتصدى لهم "أبسماتيك الأول" وانتصر عليهم وطردهم حتى وصل إلى الفرات كما جاء الفرس إلى مصر عبر سيناء يقودهم "قمبيز بن قورش" (525 ق.م) وعندما فرد اليهود من "بنو ختنصر" عبروا سيناء واستقروا بمصر فارين من هذا الاضطهاد الغاشم، كما عاود الفرس غزوهم لمصر عن طريق سيناء، ودخلوا مصر ولم يخرجوا منها إلا اليونانيين وكذلك جاء الرومان وغيرهم
ثانيا: سيناء في العصر الوسيط:
وفي العصر الوسيط سطع نور الإسلام، وبرز نجم العرب في الجزيرة العربية وما حولها – ولقد كان الفتح العربي لمصر إبان عهد الخليفة "عمر بن الخطاب" بمثابة أول الحملات الحربية على مصر عبر صحراء سيناء، فلقد أرسل هذا الخليفة إلى مصر جيش قوامه أربعة آلاف مقاتل، وجعل على رأس الجيش "عمرو بن العاص" والتقى الجيش العربي مع الجنود الرومان في "الفرما" وتمت هزيمة الرومان ثم واصل المسلمون زحفهم حتى تم لهم فتح مصر عام 640م. فأصبحت سيناء جزءا من أرض الخلافة الإسلامية، تأتي عبرها الجيوش العربية لتخرج من مصر لتواصل زحفها، في عهد الدولة الأموية – إلى غرب أفريقيا حتى وصلت إلى الأندلس، وكذلك في عهد الدولة العباسية كانت سيناء معبرا للجيوش الإسلامية، وأعقبت هذه الحروب الحملات الصليبية التي دامت حوالي القرنين من عمر الزمان – "القرن الحادي، والثاني عشر الميلاديين" – واحتل الصليبيون "بيت المقدس" والسواحل الفلسطينية والسورية ووجهوا أنظارهم بعد ذلك إلى مصر أكثر من مرة عبر سيناء، كما قام القائد الصليبي "بلدوين" بحرق مدينة الفرما بكل سكانها وخرجت عليهم جيوش صلاح الدين لتطردهم وتم تحرير بيت المقدس، وفي العصر المملوكي خرجت الجيوش من مصر عبر سيناء في عهد "سيف الدين قطز" و "الظاهر بيبرس البندقداري" لتحقق النصر على التتار في معركة "عين جالوت"، كما قدمت الجيوش العثمانية إلى مصر عبر سيناء وهزمت الجيوش المصرية في معركة "مرج دابق" وقتل السلطان "قنصوه الغوري" وهكذا كانت سيناء في ذلك العصر معبرا للجيوش ومسرحا للحروب.
ثالثا: سيناء في العصر الحديث:
تقع شبة جزيرة سيناء شمال شرق مصر يحدها شمالاً البحر المتوسط وتنتهي جنوباً عند رأس محمد. ويحدها شرقاً الحدود السياسية بين مصر وفلسطين المحتلة والساحل الغربي لخليج العقبة، ويحدها غرباً قناة السويس والبحيرات المُرة والساحل الشرقي لخليج السويس. وهي بذلك تمثل بوابة مصر الشرقية،وكل غزو يأتى إلى مصر يأتى من ناحيتها و مساحتها 60,088 كم2 ويسكنها 380,000 نسمة.
وتشغل سيناء مساحة تقدر بنحو 61 ألف كيلومتر مربع بما يعادل نحو 6% من مساحة الأراضي المصرية (1.002 مليون كيلومتر مربع.
ومن القبائل اللتي تسكن بها اولآ شمال سيناء وهم قبائل
(البياضيه- الدواغره-لرميلات- السواركه- الرياشات- الاخارسه- السماعنة- الفواخريه- حجاب- الكاشف- الملالحه- الشلالفه-العيايدة- بلى- المساعيد- العكور-الجباليه- عشيرة الفيتات- عشيرة عجلان- عشائر الحجوج والخدايجه- العقايله- القطاطوه- اولاد علي العلويه- السعديين)
ثانيآ قبائل وسط سيناء(-التياها- الترابين- الحويطات-الاحيوات- العزازمه- عشيرة الفوايده- عشيرة الجراجره- البداره- العرينات- العلاوين- الفراعيه )
ثالثأ قبائل جنوب سيناء(العليقات- مزينه- الجباليه- الصوالحه- اولاد سعيد- القراقشه- النعيمات- الحماضه- بني واصل- بني سليمان- التيه-الموطره) وفي هذا العصر ازدادت أهمية سيناء بعد حفر "قناة السويس" في عهد "الخديوي سعيد باشا" وذلك لأن هذه القناة ربطت البحر الأحمر بالبحر الأبيض المتوسط، وسهلت طرق التجارة، فطمع في أرضها الكثيرون، وقد عنى "محمد علي باشا" بسيناء عناية كبيرة لأهميتها الاستراتيجية ففي عام 1805 م أي بعد خروج الفرنسيين من مصر أرسل "محمد علي باشا" العديد من الحملات لتأديب العربان الذين كانوا يقطعون طرق التجارة والحج، وأصبحت سيناء معبرا للجيش المصري، إذ استولى "محمد علي" على الشام، كما سير جيوشه – عبر سيناء - للقضاء على الحركة الوهابية في الحجاز. كما لاقت سيناء اهتماما كبيرا في عهد "إبراهيم باشا" حيث قام بعمل إصلاحات في سيناء بترميم الآثار بمناطق "قطية – بئر العبد – الشيخ زويد" ونظم البريد بسنياء، واهتم ورثته "عباس" و "سعيد" و "إسماعيل" و "عباس حلمي" بسيناء، والتي شهدت بعد ذلك عبور الجيوش الإنجليزية من مصر إلى فلسطين في الحرب العالمية الأولى لكن أكبر فصول التاريخ الحديث تتمثل في الحروب الأربعة التي قامت بين مصر وإسرائيل (1948 – 1956 – 1976 – 1973) علاوة على حرب الاستنزاف (1968م – وحتى 1972م) ولقد تم وضع سيناء في الاعتبار حينما خطط اليهود لإنشاء وطن قومي لهم في منطقة الشرق الأوسط وكما هو معروف فإن "تيودورد هرتزل" زعيم الحركة الصهيونية – كان ينادي بإنشاء وطن قومي لليهود يضم أرض كنعان القديمة "فلسطين" علاوة على ضم سيناء، وتقدم "هرتزل" إلى الحكومة المصرية بمشروع طلب امتياز يمتد لـ 99 عاما لاحتلال سيناء – هكذا بالنص – وكان من بنود المشروع: "منح الدكتور هرتزل حق احتلال سيناء واستعمارها لمدة 99 عاما، ويصبح القادمون إلى سيناء من الرعايا المحليين، لهم كل الحقوق، ويعفون من الضرائب والرسوم ولكن لم يكتب لهذا المشروع النجاح إذ لم توافق الحكومة المصرية آنذاك – على طلب الامتياز. وفي عام 1956 م تعرضت مصر للعدوان الثلاثي، وأعلنت إسرائيل – رسميا – ضم سيناء، ثم لما أرغمت على الانسحاب رأيناها تراوغ وتطالب بتقسيم الحدود على غرار ما كانت عليه أيام الدولة العثمانية، ولكن هذه المحاولة أيضا بائت بالفشل. وكانت ومازالت مطمعا لكل الدول الطامعة في أرض مصر. هكذا عاشت سيناء مهمشة فلم يلتفت أحد إلى هؤلاء البدو الذين يعيشون على أرضها، كيف يأكلون. ويشربون؟ ومن أين يدبرون مصادر رزقهم لذا ظل تاريخ هذه المنطقة غير مكتوب، واقتصرت كتابة التاريخ السيناوي على الحروب والغزوات التي شهدتها شبه الجزيرة السيناوية على مر العصور، كما وصف البدو هناك بأنهم قطاع طرق ولصوص وجاء ذكر البدو في "التوراة" بأنهم أعدى أعداء المصريين – والمقصود بالمصريين هنا البدو المصريين في عهد سيدنا موسى عليه السلام "كل راع هو نقمة على المصريين" ووصفهم "الجبرتي" بعد ذلك بأنهم: "أقبح الأجناس وأعظم بلاء محيط بالناس" وذلك لأنهم كانوا يهاجمون القوافل التجارية ورحلات الحج. لذا وجدنا في العصرين "القديم والوسيط" خروج حملات من قبل الفراعنة لتأديب هؤلاء البدو هذا ولم يقتصر تاريخ سيناء على الحروب والغزوات، بل شهد تاريخها عدة هجرات أهمها: الهجرة اليهودية في العصر القديم، والهجرة العربية الكبرى في العصر الوسيط، وفي "سفر الخروج" نرى تخليدا لهذه الهجرات اليهودية، فنرى سيدنا موسى عليه السلام يخرج من مصر قاصدا "فلسطين" وإن مات قبل أن يدخلها، وأكمل الرحلة بعده "يوشع بن نون" ودخل باليهود إلى فلسطين عبر سيناء.
ثم جاءت الهجرة العربية قبل دخول الإسلام نتيجة للقحط الذي عم بالدول المجاورة، فقصدوا مصر لحيرتها الوفيرة، فهاجر إلى مصر الحجازيون والنبطيون، وسكنها العمالقة ومنهم الهكسوس الذين حكموا مصر ردحا من الزمن وسكنتها بعض بطون جذام التى كانت تسكن فلسطين ثم هاجر فرع من قبيلة "قضاعة" واستقروا بسيناء، وهذا الفرع هو قبيلة "بلى" الموجودة – حاليا – بسيناء، حول الفرما، كما هاجرت قبائل أخرى مثل : "جذام"، و "لخم" و "ربيعة" و "بنو صخر"، و "ثعلب".
وعندما جاء ا لإسلام هاجر بعض سكان القبائل إلى مصر مثل : "قريش" و "جذام" و "لخم" و "بلى" – أيضا – وكذلك هاجر بعض سكان قبائل "قيس عيلان" و "ربيعة" و "جهينة" و "حمير" وسكنتها بعد ذلك عشائر من هذة القبائل وقبائل وافدة من جزيرة العرب ومن الشام مثل قبائل (الحماضة -والتبنة -والمواطرة فى بلاد الطور)والبدارة فى جبال العجمة من بلاد التيه-قبيلة العايد من جذام -الوحيدات -الرشيدات -الرتيمات -الجبارات -العازة -الطميلات -بنو واصل -بنو سليمان -العيايدة -النفيعات. ولقد استقرت أكثر من سبعة عشر قبيلة في سيناء من أصول آسيوية من جنوب فلسطين والأردن والسعودية وغيرها.
وكان من آثار هذه الحروب والغزوات والهجرات أن تجمعت عبر صحراء سيناء ثقافات شتى، واختلطت مع ثقافة البدو في سيناء فوجدنا المعابد الفرعونية القديمة، والكتابات والنقوش الهيروغليفين ومنها نقوش الملك "خوفو" والملك "بيبي" والنقوش الستة التي دمرها الإنجليز وهم يبحثون عن الفيروز هناك والتي يرجع تاريخها إلى "أسيس" وبعض القلاع في مدينة "الفرما" وبقايا معبد للإله "حتحور" في منطقة "سرابيت الخادم" وخرائب مدينة "بلوسيوم" أو بلوزيوم القديمة.
كما اختلطت الثقافات بدخول الهكسوس، فدخلت العربة والعجلة، ث دخلت الساقية والسمسم مع الفرس، وكذلك انتشرت الثيران مع مقدم الحيثيين، وعن طريق بلاد الشام دخل الملح وخشب الأرز والزيوت وآلات الموسيقا، والمصنوعات الجلدية، ومن بلاد ما بين النهرين "العراق" وكذلك الخليج العربي دخلت المنسوجات الصوفية والحصير، كما دخل من قبل مع القبائل العربية المهاجرة الجمل والحصان وغيرها. وأثناء الحكم اليوناني والروماني خلف المسيحيون آثار كثيرة مثل : دير "سانت كاترين" كذلك أثناء هجرة اليهود تركوا بصمات كثيرة كالمعابد وغيرها.
وعندما جاء الإسلام ا نتشرت المساجد والجوامع بجوار الكنائس في العصر الفاطمي، فقد بنى "صلاح الدين الأيوبي" قلعة الجندي قرب عين "سدر" وقرية "ميعومة" وكذلك ابتنى "قنصوة الغوري" قلعتين" بنخل و "العقبة"، ثم وبدخول الفرنسيين مصر قام "نابليون بونابرت" بترميم سور دير" سانت كاترين" كذلك قام "إبراهيم باشا" في عهد "محمد علي" بإصلاحات كثيرة لهذه الآثار وابتنى "عباس باشا" الحمامات الكثيرة في سيناء، كما شهدت قلعة "العريش" – الموجودة آثارها حاليا بمدينة العريش – "معاهدة العريش" عام 1800م.
إعداد وتجميع د مصطفى سليمان ابوالطيب الهوارى
رئيس جمعيه أبناء أسيوط عبدالقادر بالاسكندرية
رئيس جمعيه أبناء هوارة الخيرية
مؤرخ فى أنساب القبائل العربية
منشور رقم ١
عرف القدماء المصريون أهمية سيناء وأولوها اهتماما خاصا في عصر الأسرات الفرعونية، ولقد تعرضت مصر للكثير من الغزوات التي جاءت إليها عبر الشرق، فكان مجئ الهكسوس الغزاة (1160 – 1580 ق.م) عبر سيناء، واستمر هذا الغزو أكثر من قرن ونصف إلى أن تحررت مصر من أيديهم على ايدي حكام طيبة: "سيكنرع" – "كاموس" – "أحمس" وخرجوا من مصر مثلما جاءوا عن طريق سيناء وقد حدث ذلك في نهاية عهد الأسرة السابعة عشر وأوائل عهد الأسرة الثامنة عشر، كما عبرها "تحتمس الثالث" (1490 – 1436 ق.م) حينما خرج بجيشه قاصدا بلاد الآسيويين لردع المغيرين على حدود صر الشرقية، وامتدت انتصاراته إلى مدينة "مجدو"، أو "تل المسلم" أو "مرج ابن عامر"، ولما توالت الانتصارات أعد "تحتمس" ستة عشر حملة عبر سيناء حتى عبر نهر الفرات، وقبل ذلك قاد "سيتي الأول" جيش مصر (304 – 195 ق.م) حيث كان متوجها لبلاد الحيثيين ليؤدب الطامعين في أرض الكنانة، ثم جاء رمسيس الثاني وصل إلى بلاد كنعان "فلسطين" وتوالت انتصارات على قبائل آسيا الصغرى، وكذلك "رمسيس الثالث" قاد حملاته إلى سوريا عبر سيناء ولقد وجد آثار هذه المعارك – مفصلة – على جدران معبده بمدينة "هابو" المصرية. ثم جاء "الآشوريون" إلى مصر عبر سيناء – أيضا – وتصدى لهم "أبسماتيك الأول" وانتصر عليهم وطردهم حتى وصل إلى الفرات كما جاء الفرس إلى مصر عبر سيناء يقودهم "قمبيز بن قورش" (525 ق.م) وعندما فرد اليهود من "بنو ختنصر" عبروا سيناء واستقروا بمصر فارين من هذا الاضطهاد الغاشم، كما عاود الفرس غزوهم لمصر عن طريق سيناء، ودخلوا مصر ولم يخرجوا منها إلا اليونانيين وكذلك جاء الرومان وغيرهم
ثانيا: سيناء في العصر الوسيط:
وفي العصر الوسيط سطع نور الإسلام، وبرز نجم العرب في الجزيرة العربية وما حولها – ولقد كان الفتح العربي لمصر إبان عهد الخليفة "عمر بن الخطاب" بمثابة أول الحملات الحربية على مصر عبر صحراء سيناء، فلقد أرسل هذا الخليفة إلى مصر جيش قوامه أربعة آلاف مقاتل، وجعل على رأس الجيش "عمرو بن العاص" والتقى الجيش العربي مع الجنود الرومان في "الفرما" وتمت هزيمة الرومان ثم واصل المسلمون زحفهم حتى تم لهم فتح مصر عام 640م. فأصبحت سيناء جزءا من أرض الخلافة الإسلامية، تأتي عبرها الجيوش العربية لتخرج من مصر لتواصل زحفها، في عهد الدولة الأموية – إلى غرب أفريقيا حتى وصلت إلى الأندلس، وكذلك في عهد الدولة العباسية كانت سيناء معبرا للجيوش الإسلامية، وأعقبت هذه الحروب الحملات الصليبية التي دامت حوالي القرنين من عمر الزمان – "القرن الحادي، والثاني عشر الميلاديين" – واحتل الصليبيون "بيت المقدس" والسواحل الفلسطينية والسورية ووجهوا أنظارهم بعد ذلك إلى مصر أكثر من مرة عبر سيناء، كما قام القائد الصليبي "بلدوين" بحرق مدينة الفرما بكل سكانها وخرجت عليهم جيوش صلاح الدين لتطردهم وتم تحرير بيت المقدس، وفي العصر المملوكي خرجت الجيوش من مصر عبر سيناء في عهد "سيف الدين قطز" و "الظاهر بيبرس البندقداري" لتحقق النصر على التتار في معركة "عين جالوت"، كما قدمت الجيوش العثمانية إلى مصر عبر سيناء وهزمت الجيوش المصرية في معركة "مرج دابق" وقتل السلطان "قنصوه الغوري" وهكذا كانت سيناء في ذلك العصر معبرا للجيوش ومسرحا للحروب.
ثالثا: سيناء في العصر الحديث:
تقع شبة جزيرة سيناء شمال شرق مصر يحدها شمالاً البحر المتوسط وتنتهي جنوباً عند رأس محمد. ويحدها شرقاً الحدود السياسية بين مصر وفلسطين المحتلة والساحل الغربي لخليج العقبة، ويحدها غرباً قناة السويس والبحيرات المُرة والساحل الشرقي لخليج السويس. وهي بذلك تمثل بوابة مصر الشرقية،وكل غزو يأتى إلى مصر يأتى من ناحيتها و مساحتها 60,088 كم2 ويسكنها 380,000 نسمة.
وتشغل سيناء مساحة تقدر بنحو 61 ألف كيلومتر مربع بما يعادل نحو 6% من مساحة الأراضي المصرية (1.002 مليون كيلومتر مربع.
ومن القبائل اللتي تسكن بها اولآ شمال سيناء وهم قبائل
(البياضيه- الدواغره-لرميلات- السواركه- الرياشات- الاخارسه- السماعنة- الفواخريه- حجاب- الكاشف- الملالحه- الشلالفه-العيايدة- بلى- المساعيد- العكور-الجباليه- عشيرة الفيتات- عشيرة عجلان- عشائر الحجوج والخدايجه- العقايله- القطاطوه- اولاد علي العلويه- السعديين)
ثانيآ قبائل وسط سيناء(-التياها- الترابين- الحويطات-الاحيوات- العزازمه- عشيرة الفوايده- عشيرة الجراجره- البداره- العرينات- العلاوين- الفراعيه )
ثالثأ قبائل جنوب سيناء(العليقات- مزينه- الجباليه- الصوالحه- اولاد سعيد- القراقشه- النعيمات- الحماضه- بني واصل- بني سليمان- التيه-الموطره) وفي هذا العصر ازدادت أهمية سيناء بعد حفر "قناة السويس" في عهد "الخديوي سعيد باشا" وذلك لأن هذه القناة ربطت البحر الأحمر بالبحر الأبيض المتوسط، وسهلت طرق التجارة، فطمع في أرضها الكثيرون، وقد عنى "محمد علي باشا" بسيناء عناية كبيرة لأهميتها الاستراتيجية ففي عام 1805 م أي بعد خروج الفرنسيين من مصر أرسل "محمد علي باشا" العديد من الحملات لتأديب العربان الذين كانوا يقطعون طرق التجارة والحج، وأصبحت سيناء معبرا للجيش المصري، إذ استولى "محمد علي" على الشام، كما سير جيوشه – عبر سيناء - للقضاء على الحركة الوهابية في الحجاز. كما لاقت سيناء اهتماما كبيرا في عهد "إبراهيم باشا" حيث قام بعمل إصلاحات في سيناء بترميم الآثار بمناطق "قطية – بئر العبد – الشيخ زويد" ونظم البريد بسنياء، واهتم ورثته "عباس" و "سعيد" و "إسماعيل" و "عباس حلمي" بسيناء، والتي شهدت بعد ذلك عبور الجيوش الإنجليزية من مصر إلى فلسطين في الحرب العالمية الأولى لكن أكبر فصول التاريخ الحديث تتمثل في الحروب الأربعة التي قامت بين مصر وإسرائيل (1948 – 1956 – 1976 – 1973) علاوة على حرب الاستنزاف (1968م – وحتى 1972م) ولقد تم وضع سيناء في الاعتبار حينما خطط اليهود لإنشاء وطن قومي لهم في منطقة الشرق الأوسط وكما هو معروف فإن "تيودورد هرتزل" زعيم الحركة الصهيونية – كان ينادي بإنشاء وطن قومي لليهود يضم أرض كنعان القديمة "فلسطين" علاوة على ضم سيناء، وتقدم "هرتزل" إلى الحكومة المصرية بمشروع طلب امتياز يمتد لـ 99 عاما لاحتلال سيناء – هكذا بالنص – وكان من بنود المشروع: "منح الدكتور هرتزل حق احتلال سيناء واستعمارها لمدة 99 عاما، ويصبح القادمون إلى سيناء من الرعايا المحليين، لهم كل الحقوق، ويعفون من الضرائب والرسوم ولكن لم يكتب لهذا المشروع النجاح إذ لم توافق الحكومة المصرية آنذاك – على طلب الامتياز. وفي عام 1956 م تعرضت مصر للعدوان الثلاثي، وأعلنت إسرائيل – رسميا – ضم سيناء، ثم لما أرغمت على الانسحاب رأيناها تراوغ وتطالب بتقسيم الحدود على غرار ما كانت عليه أيام الدولة العثمانية، ولكن هذه المحاولة أيضا بائت بالفشل. وكانت ومازالت مطمعا لكل الدول الطامعة في أرض مصر. هكذا عاشت سيناء مهمشة فلم يلتفت أحد إلى هؤلاء البدو الذين يعيشون على أرضها، كيف يأكلون. ويشربون؟ ومن أين يدبرون مصادر رزقهم لذا ظل تاريخ هذه المنطقة غير مكتوب، واقتصرت كتابة التاريخ السيناوي على الحروب والغزوات التي شهدتها شبه الجزيرة السيناوية على مر العصور، كما وصف البدو هناك بأنهم قطاع طرق ولصوص وجاء ذكر البدو في "التوراة" بأنهم أعدى أعداء المصريين – والمقصود بالمصريين هنا البدو المصريين في عهد سيدنا موسى عليه السلام "كل راع هو نقمة على المصريين" ووصفهم "الجبرتي" بعد ذلك بأنهم: "أقبح الأجناس وأعظم بلاء محيط بالناس" وذلك لأنهم كانوا يهاجمون القوافل التجارية ورحلات الحج. لذا وجدنا في العصرين "القديم والوسيط" خروج حملات من قبل الفراعنة لتأديب هؤلاء البدو هذا ولم يقتصر تاريخ سيناء على الحروب والغزوات، بل شهد تاريخها عدة هجرات أهمها: الهجرة اليهودية في العصر القديم، والهجرة العربية الكبرى في العصر الوسيط، وفي "سفر الخروج" نرى تخليدا لهذه الهجرات اليهودية، فنرى سيدنا موسى عليه السلام يخرج من مصر قاصدا "فلسطين" وإن مات قبل أن يدخلها، وأكمل الرحلة بعده "يوشع بن نون" ودخل باليهود إلى فلسطين عبر سيناء.
ثم جاءت الهجرة العربية قبل دخول الإسلام نتيجة للقحط الذي عم بالدول المجاورة، فقصدوا مصر لحيرتها الوفيرة، فهاجر إلى مصر الحجازيون والنبطيون، وسكنها العمالقة ومنهم الهكسوس الذين حكموا مصر ردحا من الزمن وسكنتها بعض بطون جذام التى كانت تسكن فلسطين ثم هاجر فرع من قبيلة "قضاعة" واستقروا بسيناء، وهذا الفرع هو قبيلة "بلى" الموجودة – حاليا – بسيناء، حول الفرما، كما هاجرت قبائل أخرى مثل : "جذام"، و "لخم" و "ربيعة" و "بنو صخر"، و "ثعلب".
وعندما جاء ا لإسلام هاجر بعض سكان القبائل إلى مصر مثل : "قريش" و "جذام" و "لخم" و "بلى" – أيضا – وكذلك هاجر بعض سكان قبائل "قيس عيلان" و "ربيعة" و "جهينة" و "حمير" وسكنتها بعد ذلك عشائر من هذة القبائل وقبائل وافدة من جزيرة العرب ومن الشام مثل قبائل (الحماضة -والتبنة -والمواطرة فى بلاد الطور)والبدارة فى جبال العجمة من بلاد التيه-قبيلة العايد من جذام -الوحيدات -الرشيدات -الرتيمات -الجبارات -العازة -الطميلات -بنو واصل -بنو سليمان -العيايدة -النفيعات. ولقد استقرت أكثر من سبعة عشر قبيلة في سيناء من أصول آسيوية من جنوب فلسطين والأردن والسعودية وغيرها.
وكان من آثار هذه الحروب والغزوات والهجرات أن تجمعت عبر صحراء سيناء ثقافات شتى، واختلطت مع ثقافة البدو في سيناء فوجدنا المعابد الفرعونية القديمة، والكتابات والنقوش الهيروغليفين ومنها نقوش الملك "خوفو" والملك "بيبي" والنقوش الستة التي دمرها الإنجليز وهم يبحثون عن الفيروز هناك والتي يرجع تاريخها إلى "أسيس" وبعض القلاع في مدينة "الفرما" وبقايا معبد للإله "حتحور" في منطقة "سرابيت الخادم" وخرائب مدينة "بلوسيوم" أو بلوزيوم القديمة.
كما اختلطت الثقافات بدخول الهكسوس، فدخلت العربة والعجلة، ث دخلت الساقية والسمسم مع الفرس، وكذلك انتشرت الثيران مع مقدم الحيثيين، وعن طريق بلاد الشام دخل الملح وخشب الأرز والزيوت وآلات الموسيقا، والمصنوعات الجلدية، ومن بلاد ما بين النهرين "العراق" وكذلك الخليج العربي دخلت المنسوجات الصوفية والحصير، كما دخل من قبل مع القبائل العربية المهاجرة الجمل والحصان وغيرها. وأثناء الحكم اليوناني والروماني خلف المسيحيون آثار كثيرة مثل : دير "سانت كاترين" كذلك أثناء هجرة اليهود تركوا بصمات كثيرة كالمعابد وغيرها.
وعندما جاء الإسلام ا نتشرت المساجد والجوامع بجوار الكنائس في العصر الفاطمي، فقد بنى "صلاح الدين الأيوبي" قلعة الجندي قرب عين "سدر" وقرية "ميعومة" وكذلك ابتنى "قنصوة الغوري" قلعتين" بنخل و "العقبة"، ثم وبدخول الفرنسيين مصر قام "نابليون بونابرت" بترميم سور دير" سانت كاترين" كذلك قام "إبراهيم باشا" في عهد "محمد علي" بإصلاحات كثيرة لهذه الآثار وابتنى "عباس باشا" الحمامات الكثيرة في سيناء، كما شهدت قلعة "العريش" – الموجودة آثارها حاليا بمدينة العريش – "معاهدة العريش" عام 1800م.
إعداد وتجميع د مصطفى سليمان ابوالطيب الهوارى
رئيس جمعيه أبناء أسيوط عبدالقادر بالاسكندرية
رئيس جمعيه أبناء هوارة الخيرية
مؤرخ فى أنساب القبائل العربية