العماليق.... 2
معبد السرابيوم.... سقارة
يوجد به 26 صندوقا ضخما من الجرانيت مُتقن الصنع.
يزن غطاء الصندوق 30 طنا.. وجسم الصندوق نفسه 70 طنا..
أي أن كل صندوق يقارب من 100 طن.. وهذا يعني أنها تحتاج إلى ما يقرب من 500 رجل لتحريك كل صندوق منها.
هل فعلا هذه توابيت العجل أبيس كما كشفها وأخبرنا ميريت باشا؟
لماذا لم يُعثر في أي صندوق منهم لأي مومياء أو جثة لجسد العجل أبيس؟
من صنعها وكيف.. ولماذا صُنعت.. ولماذا هي شديدة الضخامة.. ثم في النهاية كيف نقلوها إلى داخل دهاليز السرابيوم؟
إذا كانت أهرامات الجيزة هي الآثار الأضخم والأعظم فإن السرابيوم هي أكثر الآثار الملغزة المسببة للحيرة والإرباك في العالم!
نبدأ أولا بالرواية الرسمية عن السرابيوم:
السرابيوم هو اسم يطلق على كل معبد أو هيكل ديني مخصص لعبادة إله الوحدانية سيرا بيس، وهي عبادة مقدسة في مصر في العصر البطلمي لها أبعاد سياسية تهدف إلى جعل كلاً من المواطنين من هم ذات أصول إغريقية ومن هم ذوي أصول مصرية يشتركون في عبادة الإله الحامي الذي توحدت فيه صفات الإلهين الإغريقيين زيوس وهاديس مع صفات الإلهين المصريين أوزوريس وأبيس. كان هناك العديد من دور العبادة لهذه الديانة، وكان يطلق على كل واحدة منها باللاتينية: Serapeum أو بالإغريقية: Serapeiom) Σεραπεῖον).
يعد سرابيوم سقارة من أهم المقابر التي بنيت في ممفيس وهو يقع في مجمع مدافن العجل أبيس ويعكس مظهر من مظاهر المعيشة للإله بتاح.
إن المدافن الأكثر قدماً للعجول المقدسة المحنطة والمحفوظة داخل نواويس يرجع تاريخ إنشائها إلى عهد أمنحتب الثالث. وفي القرن الثالث عشر قبل الميلاد قام ابن رمسيس الثاني خمواس بحفر نفق في أحد الجبال منحوت على جوانبه محاريب يوجد بها نواويس العجول
بنى إبسماتيك الأول نفق ثاني يبلغ طوله 350 متر وارتفاعه 5 أمتار وعرضه 3 أمتار، استخدمه البطالمة فيما بعد. من المرجح أن يكون الممر الذي يتكون من 600 تمثال لأبي الهول والذي يربط الموقع بالمدينة أحد اعمال نيكتابيو الأول.
اكتشف عالم المصريات أوجست مارييت السرابيوم وهو الذي نقب عن الجزء الأكبر من المجمع لكن المخطوطات التي كتبها بشأن هذا الأمر قد فقدت وهذا يحد من إمكانية استخدام المقابر لتكوين تسلسل زمني للتاريخ المصري
تكمن المشكلة في حقيقة أن في الفترة ما بين عهد رمسيس الحادي عشر إلى السنة الثانية والعشرين من عهد أوسركون الثاني وهي فترة تقدر بنحو 250 عاماً تم التوصل فقط إلى تسعة من مدافن العجول، هذا العدد يشمل أيضاً ثلاثة مدافن ليست موجودة حالياً وإنما شوهدت من قبل مارييت الذي قال إنه عثر عليها في غرفة تحت الأرض غير مستقرة تماماً بحيث يمكن التنقيب عنها
يرجح علماء المصريات أنه كان من المفترض أن يكون هناك عدد أكبر من مدافن الثيران في هذه الفترة بما إن متوسط عمر الثور كان ما بين 25 إلى 28 سنة إن لم يمت قبل ذلك.
هناك أربعة مدافن نسبها مارييت إلى عهد رمسيس الحادي عشر تم تأريخهم بتاريخ رجعي، مما خلق هذا فجوة زمنية ما يقرب من 130 عاماً حاول الباحثين سدها بشتى الطرق. ووفقاً للبعض، فإنه يجب إعادة النظر في التسلسل الزمني كله، ووفقاً لباحثين آخرين فإن هناك مدافن أخرى للثور أبيس لم يتم اكتشافها بعد.
انتهت الرواية الرسمية.....
نتكلم باة..
ق
نادرا ما نرى دراسة عميقة في الإعجاز الهندسي الذي قامت عليه الحضارة المصرية.. ومنها صناديق سقارة المذهلة.
إن صناديق السرابيوم بل والنفق ذاته طفرة حضارية معمارية لا مثيل لها
وبشكل شخصي فإني لا أُصدق – بل ولا أهتم – بالرواية الرسمية عن السرابيوم، فهل كان البطالمة سُذج إلى حد تأسيس إله عبارة عن كوكتيل آلهة (اثنان إغريقيان واثنان مصريان) من أجل إرضاء جميع الأطراف ولم الشمل؟
هل نتخيل مثلا أن بطليموس الثالث (حاكم مصر في ذلك الوقت) قد خرج وأعلن على الملأ ميلاد إله جديد مشترك لجميع الأديان؟! – ما هذا السخف والعبث؟ – هذه الروايات الموجودة في المراجع الرسمية والتي للأسف لا تُقنع طفلا صغيرا بل وتزيف التاريخ وتأخذه في منحنى غير حقيقي.
أنفاق السرابيوم
عند وقوفك أمام باب أنفاق السرابيوم.. ستقع عيناك على اللوحة الرسمية، ومكتوب عليها (السرابيوم – من الأسرة 18 حتى بطليموس الثاني عشر)..
تناسى المكتوب لأن ما ستراه سيجعلك موقنا أن الأسماء المكتوبة على تلك اللوحة لا علاقة لها بالألغاز الهندسية الجاثمة بالداخل. ,وأطلب منك عزيزي القارئ زيارة السرابيوم في منطقة سقارة الأثرية في أقرب فرصة لمعايشة تلك الأعجوبة بنفسك
سراديب السرابيوم في ذاتها لغز مُعضل في الصيف تجدها باردة، وفي الشتاء حارة يتصبب عرقك فيه، الأنفاق بطول 400 متر محفورة في قلب صخر هضبة سقارة وليست وسط الرمال والنفق تنزل له بسلم مدرج، وإذا نظرت لخريطة الأنفاق بالأسفل ستجد تفريعات عديدة.. في النفق الرئيسي عند تلك الفراغات الظاهرة في الخريطة توجد الصناديق، كما أن هناك تفريعات أخرى ستراها كذلك.
وإذا نظرنا إلى الممر الرئيسي وجدناه على استقامة واحدة.. هل يُمكن أن يكون هذا النفق الطويل قد حفر فقط بواسطة المعاول؟
أنفاق السرابيوم ليس لها إلا باب واحد يُعتبر هو المدخل والمخرج، فالرؤيا بداخل الأنفاق حتى مع وجود الشمس معتمة للغاية، ظلام تام، فهل حفروا كل تلك المسافة بذلك العُمق في وأخرجوا ردما بالأطنان على أضواء المشاعل النارية؟
الصناديق الجرانيتية الكبيرة الموجودة في المتحف المصري في الدور الأرضي أو في حديقة المتحف محيرة للعقول وتُجهد التفكير لمجرد فهم كيف صُنعت؟
لكن حينما تقع عينيك على صناديق السرابيوم فستنسى على الفور صناديق المتحف المصري بل وستبدو كما لو كان مهمة سهلة بجوار السرابيوم.
إن هذه الصناديق لم يتم بناؤها ولكنها نُحتت كأي صندوق هو عبارة عن 4 جوانب وقاعدة وغطاء. جسد الصندوق نفسه نُحت عن طريق اقتطاع كتلة مصمتة من الجرانيت بأنواعه المُختلفة التي تحدثنا عنها من المحاجر الموجودة في جنوب البلاد، في الأقصر وأسوان والسودان وسيناء والبحر الأحمر والفيوم.
سرقة حضارية!.... غالبا
هذا هو الصندوق الوحيد المسموح للزائرين بالنزول بجانبه وملامسته، ونرى عليه بعض النقوش الهيروغليفية
مرفق صورة له
فنجد أنها نقوش شديدة البدائية.. خطوط متعرجة.. رسوم ضعيفة مهزوزة!
يمكن لأي شخص الذهاب إلى سقارة بنفسه لمعاينة النقوش على الطبيعة.. صندوق هائل لامع مصقول من الجرانيت الأسود يتم الكتابة عليها بهذه الصورة الرديئة! كما أنه هو الصندوق الوحيد المكتوب عليه.. وكأنهم غفلوا عن باقي الـ 26 صندوقا الموجودين في أروقة المعبد
خرطوش فارغ !
إن اليد التي نقشت لا تعرف مدى قوة وصلابة الحجر.. وبالتالي استخدمت آلات لا تُناسب طبيعة اللوح.. يُمكن القول إن من نحت صندوقا من كتلة صخر واحدة بروعة فنية ليس هو نفسه من نقش عليه
إنها حضارة مختلفة تماما
ثم ننظر إلى هذا الخرطوش! خرطوش خالي وكأن صاحبه قد نسى أن يكتب اسمه عليه.. أم أن النقوش مُزيفة؟! لماذا ينسبون تلك الصناديق الغامضة إلى غير أصحابها الحقيقيين؟
لماذا هذا الصندوق وحده دون باقي الصناديق المنقوش عليه؟
أم يُريدون نسب كل الصناديق لنقوش هذا الصندوق في عملية إهمال حضاري مقصودة؟!
نقوش عابثة على السطح المصقول .. لا يُمكن بأي حال ربط تاريخ النقوش وما تقوله.. بتاريخ صنع الصناديق.. هل إذا وجدنا خرطوشة ملكية لحاكم من الأسرة الـ 26 يُعد سببا كافيا لنسب التابوت إلى نفس الأسرة؟
كل ما حدث أن صناديق السرابيوم وُجدت خالية من النقوش.. فسطا عليها أحدهم. السرابيوم بكل ما فيه كان ينتمي للعصور الذهبية في عصر ما قبل الأسرات
رأيي الشخصي أن تلك النقوش جاءت بعد عصر الأسرات فملوك عصر الأسرات كان لهم مهارة عالية أيضا في النقش لكن أن تخرج النقوش بهذه الرداءة معناها إلى أن هذه كتابات حديثة، ربما تمت بعد اكتشاف تلك الصناديق مباشرة في القرن التاسع عشر
فللنظر الآن إلى هذا الصندوق من الجرانيت الأسود في المتحف البريطاني وعليه نقوش من الكوارتز الأبيض .. حيث السطح شديد النقاء ويبدو كمرآة انظر كم تختلف تلك النقوش عن الأخرى من حيث القوة والإتقان والجمال اليد التي صنعت التابوت هي نفس اليد التي نقشت تلك الرسوم الرائعة عليه...
مرفق صورة للصندوق ومنحوت بداخلة كتابات شديدة الدقة والوضوح
وهو مختلف عن صورة الصندوق وكتابتة الضعيف الكيكة. . الصورة ابيض واسود
للصناديق تصاميم مختلفة، فمنها ما هو مصنوع من الجرانيت الأحمر، ومن الأسود والكوارتز، وأغطية بأشكال مختلفة، وغطاء له فتحتين عكس باقي الصناديق
معنى ذلك أن تلك الصناديق لا يُمكن أن تكونا توابيت العجل أبيس، وإلا ملأوا النفق والتوابيت بنقوش تقديس العجل.. وإلا أيضا لكانت التوابيت كلها متماثلة وبغطاء.. أما بهيئتها وسط النفق الصامت.. فذلك يعني أن تلك الصناديق في الحقيقة كانت أجهزة لها وظيفة أو وظائف محددة..
ربما توليد طاقة، أو آلات متقدمة .. وربما كانت تُملأ بسوائل ما في العصور القديمة.. لا نعلم على وجه التحديد. لكن يمكننا القول بأن السرابيوم ككل كان جزء من منظومة عملاقة.. ولم يتم حتى الآن الكشف عن باقي الأنفاق المتصلة، فربما كانت تتصل بأنفاق سقارة المجاورة لها، فسقارة لها مجموعتها الهرمية بأنفاقها
من الممكن أي نتساءل عن لماذا لم نجد أي شيء في الأنفاق إلا الصناديق ؟ والإجابة هو أن أي مواد أخرى من سوائل أو معادن بالتأكيد كانت ستتحلل على مدار آلاف السنين ولن يتبقى سوى الحجارة
من النقاط المثيرة كذلك في الصناديق أن بعضها مصقول وأملس كالحرير، وأخرى شديدة الخشونة كما لو أن دورهم في الصقل لم يحن بعد. أيضا هناك غرف خالية من الصناديق، وأجزاء من النفق لم يتم الانتهاء من العمل فيها..
وهو ما يشير أن العمل في السرابيوم قد توقف فجأة ولم يكتمل.. وأن مهندسو السرابيوم لم يتموا أعمالهم لسبب ما..!
ربما بسبب كارثة مفاجأة...
لكن من المنصف القول إن السرابيوم بآلاته (أو صناديقه) التي لا نفهم حتى الآن ما فائدتها، وكيف صُنعت، هو دليل آخر على العقلية الفذة لقدماء المصريين في فترة ما قبل عصر الأسرات
فترة العصر الذهبي للحاضرة المصرية
والتي تظل لغزا غامضا إلى يومنا هذا مستعص على الحل
إنها حقا حضارة لم يُخلق مثلها في البلاد!...
تمت....
معبد السرابيوم.... سقارة
يوجد به 26 صندوقا ضخما من الجرانيت مُتقن الصنع.
يزن غطاء الصندوق 30 طنا.. وجسم الصندوق نفسه 70 طنا..
أي أن كل صندوق يقارب من 100 طن.. وهذا يعني أنها تحتاج إلى ما يقرب من 500 رجل لتحريك كل صندوق منها.
هل فعلا هذه توابيت العجل أبيس كما كشفها وأخبرنا ميريت باشا؟
لماذا لم يُعثر في أي صندوق منهم لأي مومياء أو جثة لجسد العجل أبيس؟
من صنعها وكيف.. ولماذا صُنعت.. ولماذا هي شديدة الضخامة.. ثم في النهاية كيف نقلوها إلى داخل دهاليز السرابيوم؟
إذا كانت أهرامات الجيزة هي الآثار الأضخم والأعظم فإن السرابيوم هي أكثر الآثار الملغزة المسببة للحيرة والإرباك في العالم!
نبدأ أولا بالرواية الرسمية عن السرابيوم:
السرابيوم هو اسم يطلق على كل معبد أو هيكل ديني مخصص لعبادة إله الوحدانية سيرا بيس، وهي عبادة مقدسة في مصر في العصر البطلمي لها أبعاد سياسية تهدف إلى جعل كلاً من المواطنين من هم ذات أصول إغريقية ومن هم ذوي أصول مصرية يشتركون في عبادة الإله الحامي الذي توحدت فيه صفات الإلهين الإغريقيين زيوس وهاديس مع صفات الإلهين المصريين أوزوريس وأبيس. كان هناك العديد من دور العبادة لهذه الديانة، وكان يطلق على كل واحدة منها باللاتينية: Serapeum أو بالإغريقية: Serapeiom) Σεραπεῖον).
يعد سرابيوم سقارة من أهم المقابر التي بنيت في ممفيس وهو يقع في مجمع مدافن العجل أبيس ويعكس مظهر من مظاهر المعيشة للإله بتاح.
إن المدافن الأكثر قدماً للعجول المقدسة المحنطة والمحفوظة داخل نواويس يرجع تاريخ إنشائها إلى عهد أمنحتب الثالث. وفي القرن الثالث عشر قبل الميلاد قام ابن رمسيس الثاني خمواس بحفر نفق في أحد الجبال منحوت على جوانبه محاريب يوجد بها نواويس العجول
بنى إبسماتيك الأول نفق ثاني يبلغ طوله 350 متر وارتفاعه 5 أمتار وعرضه 3 أمتار، استخدمه البطالمة فيما بعد. من المرجح أن يكون الممر الذي يتكون من 600 تمثال لأبي الهول والذي يربط الموقع بالمدينة أحد اعمال نيكتابيو الأول.
اكتشف عالم المصريات أوجست مارييت السرابيوم وهو الذي نقب عن الجزء الأكبر من المجمع لكن المخطوطات التي كتبها بشأن هذا الأمر قد فقدت وهذا يحد من إمكانية استخدام المقابر لتكوين تسلسل زمني للتاريخ المصري
تكمن المشكلة في حقيقة أن في الفترة ما بين عهد رمسيس الحادي عشر إلى السنة الثانية والعشرين من عهد أوسركون الثاني وهي فترة تقدر بنحو 250 عاماً تم التوصل فقط إلى تسعة من مدافن العجول، هذا العدد يشمل أيضاً ثلاثة مدافن ليست موجودة حالياً وإنما شوهدت من قبل مارييت الذي قال إنه عثر عليها في غرفة تحت الأرض غير مستقرة تماماً بحيث يمكن التنقيب عنها
يرجح علماء المصريات أنه كان من المفترض أن يكون هناك عدد أكبر من مدافن الثيران في هذه الفترة بما إن متوسط عمر الثور كان ما بين 25 إلى 28 سنة إن لم يمت قبل ذلك.
هناك أربعة مدافن نسبها مارييت إلى عهد رمسيس الحادي عشر تم تأريخهم بتاريخ رجعي، مما خلق هذا فجوة زمنية ما يقرب من 130 عاماً حاول الباحثين سدها بشتى الطرق. ووفقاً للبعض، فإنه يجب إعادة النظر في التسلسل الزمني كله، ووفقاً لباحثين آخرين فإن هناك مدافن أخرى للثور أبيس لم يتم اكتشافها بعد.
انتهت الرواية الرسمية.....
نتكلم باة..
ق
نادرا ما نرى دراسة عميقة في الإعجاز الهندسي الذي قامت عليه الحضارة المصرية.. ومنها صناديق سقارة المذهلة.
إن صناديق السرابيوم بل والنفق ذاته طفرة حضارية معمارية لا مثيل لها
وبشكل شخصي فإني لا أُصدق – بل ولا أهتم – بالرواية الرسمية عن السرابيوم، فهل كان البطالمة سُذج إلى حد تأسيس إله عبارة عن كوكتيل آلهة (اثنان إغريقيان واثنان مصريان) من أجل إرضاء جميع الأطراف ولم الشمل؟
هل نتخيل مثلا أن بطليموس الثالث (حاكم مصر في ذلك الوقت) قد خرج وأعلن على الملأ ميلاد إله جديد مشترك لجميع الأديان؟! – ما هذا السخف والعبث؟ – هذه الروايات الموجودة في المراجع الرسمية والتي للأسف لا تُقنع طفلا صغيرا بل وتزيف التاريخ وتأخذه في منحنى غير حقيقي.
أنفاق السرابيوم
عند وقوفك أمام باب أنفاق السرابيوم.. ستقع عيناك على اللوحة الرسمية، ومكتوب عليها (السرابيوم – من الأسرة 18 حتى بطليموس الثاني عشر)..
تناسى المكتوب لأن ما ستراه سيجعلك موقنا أن الأسماء المكتوبة على تلك اللوحة لا علاقة لها بالألغاز الهندسية الجاثمة بالداخل. ,وأطلب منك عزيزي القارئ زيارة السرابيوم في منطقة سقارة الأثرية في أقرب فرصة لمعايشة تلك الأعجوبة بنفسك
سراديب السرابيوم في ذاتها لغز مُعضل في الصيف تجدها باردة، وفي الشتاء حارة يتصبب عرقك فيه، الأنفاق بطول 400 متر محفورة في قلب صخر هضبة سقارة وليست وسط الرمال والنفق تنزل له بسلم مدرج، وإذا نظرت لخريطة الأنفاق بالأسفل ستجد تفريعات عديدة.. في النفق الرئيسي عند تلك الفراغات الظاهرة في الخريطة توجد الصناديق، كما أن هناك تفريعات أخرى ستراها كذلك.
وإذا نظرنا إلى الممر الرئيسي وجدناه على استقامة واحدة.. هل يُمكن أن يكون هذا النفق الطويل قد حفر فقط بواسطة المعاول؟
أنفاق السرابيوم ليس لها إلا باب واحد يُعتبر هو المدخل والمخرج، فالرؤيا بداخل الأنفاق حتى مع وجود الشمس معتمة للغاية، ظلام تام، فهل حفروا كل تلك المسافة بذلك العُمق في وأخرجوا ردما بالأطنان على أضواء المشاعل النارية؟
الصناديق الجرانيتية الكبيرة الموجودة في المتحف المصري في الدور الأرضي أو في حديقة المتحف محيرة للعقول وتُجهد التفكير لمجرد فهم كيف صُنعت؟
لكن حينما تقع عينيك على صناديق السرابيوم فستنسى على الفور صناديق المتحف المصري بل وستبدو كما لو كان مهمة سهلة بجوار السرابيوم.
إن هذه الصناديق لم يتم بناؤها ولكنها نُحتت كأي صندوق هو عبارة عن 4 جوانب وقاعدة وغطاء. جسد الصندوق نفسه نُحت عن طريق اقتطاع كتلة مصمتة من الجرانيت بأنواعه المُختلفة التي تحدثنا عنها من المحاجر الموجودة في جنوب البلاد، في الأقصر وأسوان والسودان وسيناء والبحر الأحمر والفيوم.
سرقة حضارية!.... غالبا
هذا هو الصندوق الوحيد المسموح للزائرين بالنزول بجانبه وملامسته، ونرى عليه بعض النقوش الهيروغليفية
مرفق صورة له
فنجد أنها نقوش شديدة البدائية.. خطوط متعرجة.. رسوم ضعيفة مهزوزة!
يمكن لأي شخص الذهاب إلى سقارة بنفسه لمعاينة النقوش على الطبيعة.. صندوق هائل لامع مصقول من الجرانيت الأسود يتم الكتابة عليها بهذه الصورة الرديئة! كما أنه هو الصندوق الوحيد المكتوب عليه.. وكأنهم غفلوا عن باقي الـ 26 صندوقا الموجودين في أروقة المعبد
خرطوش فارغ !
إن اليد التي نقشت لا تعرف مدى قوة وصلابة الحجر.. وبالتالي استخدمت آلات لا تُناسب طبيعة اللوح.. يُمكن القول إن من نحت صندوقا من كتلة صخر واحدة بروعة فنية ليس هو نفسه من نقش عليه
إنها حضارة مختلفة تماما
ثم ننظر إلى هذا الخرطوش! خرطوش خالي وكأن صاحبه قد نسى أن يكتب اسمه عليه.. أم أن النقوش مُزيفة؟! لماذا ينسبون تلك الصناديق الغامضة إلى غير أصحابها الحقيقيين؟
لماذا هذا الصندوق وحده دون باقي الصناديق المنقوش عليه؟
أم يُريدون نسب كل الصناديق لنقوش هذا الصندوق في عملية إهمال حضاري مقصودة؟!
نقوش عابثة على السطح المصقول .. لا يُمكن بأي حال ربط تاريخ النقوش وما تقوله.. بتاريخ صنع الصناديق.. هل إذا وجدنا خرطوشة ملكية لحاكم من الأسرة الـ 26 يُعد سببا كافيا لنسب التابوت إلى نفس الأسرة؟
كل ما حدث أن صناديق السرابيوم وُجدت خالية من النقوش.. فسطا عليها أحدهم. السرابيوم بكل ما فيه كان ينتمي للعصور الذهبية في عصر ما قبل الأسرات
رأيي الشخصي أن تلك النقوش جاءت بعد عصر الأسرات فملوك عصر الأسرات كان لهم مهارة عالية أيضا في النقش لكن أن تخرج النقوش بهذه الرداءة معناها إلى أن هذه كتابات حديثة، ربما تمت بعد اكتشاف تلك الصناديق مباشرة في القرن التاسع عشر
فللنظر الآن إلى هذا الصندوق من الجرانيت الأسود في المتحف البريطاني وعليه نقوش من الكوارتز الأبيض .. حيث السطح شديد النقاء ويبدو كمرآة انظر كم تختلف تلك النقوش عن الأخرى من حيث القوة والإتقان والجمال اليد التي صنعت التابوت هي نفس اليد التي نقشت تلك الرسوم الرائعة عليه...
مرفق صورة للصندوق ومنحوت بداخلة كتابات شديدة الدقة والوضوح
وهو مختلف عن صورة الصندوق وكتابتة الضعيف الكيكة. . الصورة ابيض واسود
للصناديق تصاميم مختلفة، فمنها ما هو مصنوع من الجرانيت الأحمر، ومن الأسود والكوارتز، وأغطية بأشكال مختلفة، وغطاء له فتحتين عكس باقي الصناديق
معنى ذلك أن تلك الصناديق لا يُمكن أن تكونا توابيت العجل أبيس، وإلا ملأوا النفق والتوابيت بنقوش تقديس العجل.. وإلا أيضا لكانت التوابيت كلها متماثلة وبغطاء.. أما بهيئتها وسط النفق الصامت.. فذلك يعني أن تلك الصناديق في الحقيقة كانت أجهزة لها وظيفة أو وظائف محددة..
ربما توليد طاقة، أو آلات متقدمة .. وربما كانت تُملأ بسوائل ما في العصور القديمة.. لا نعلم على وجه التحديد. لكن يمكننا القول بأن السرابيوم ككل كان جزء من منظومة عملاقة.. ولم يتم حتى الآن الكشف عن باقي الأنفاق المتصلة، فربما كانت تتصل بأنفاق سقارة المجاورة لها، فسقارة لها مجموعتها الهرمية بأنفاقها
من الممكن أي نتساءل عن لماذا لم نجد أي شيء في الأنفاق إلا الصناديق ؟ والإجابة هو أن أي مواد أخرى من سوائل أو معادن بالتأكيد كانت ستتحلل على مدار آلاف السنين ولن يتبقى سوى الحجارة
من النقاط المثيرة كذلك في الصناديق أن بعضها مصقول وأملس كالحرير، وأخرى شديدة الخشونة كما لو أن دورهم في الصقل لم يحن بعد. أيضا هناك غرف خالية من الصناديق، وأجزاء من النفق لم يتم الانتهاء من العمل فيها..
وهو ما يشير أن العمل في السرابيوم قد توقف فجأة ولم يكتمل.. وأن مهندسو السرابيوم لم يتموا أعمالهم لسبب ما..!
ربما بسبب كارثة مفاجأة...
لكن من المنصف القول إن السرابيوم بآلاته (أو صناديقه) التي لا نفهم حتى الآن ما فائدتها، وكيف صُنعت، هو دليل آخر على العقلية الفذة لقدماء المصريين في فترة ما قبل عصر الأسرات
فترة العصر الذهبي للحاضرة المصرية
والتي تظل لغزا غامضا إلى يومنا هذا مستعص على الحل
إنها حقا حضارة لم يُخلق مثلها في البلاد!...
تمت....