منتديات السادة الهوارة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات السادة الهوارة

د/مصطفى سليمان أبو الطيب الهوارى

د مصطفى سليمان ابوالطيب ابويوسف عايد الهوارى من مواليد محافظة الاسكندرية 8-6-1973 الاصل من محافظه اسيوط مركز صدفا قرية الدوير عايد قبيلة هوارة عايد الهوارى دكتوراة فى التاريخ الاسلامى فى انساب القبائل العربية عام 2015 من اكاديمة مشكاة للدرسات الاسلامية عن القبائل النازحة لمصر عقب الفتح الاسلامى سفير النوايا الحسنة المنظمه الضمير العالمى لحقوق الإنسان إحدى منظمات التابعه للامم المتحده رئيس ومؤسس الجمعية الخيرية لأبناء الهوارة عام 2012 المشهرة برقم 3107 ومؤلف مجلد قاموس القبائل العربية المصرية( مفاتيح الانارة فى انساب قبائل العرب والمرابطين والهوارة) و موسوعه القبائل والعائلات العربية والمصرية وهم1-تاريخ الامارة فى أنساب قبائل وعائلات الهوارة 2- القول السليم فى بطون وعشائر بنى سليم 3- القول المتين فى تاريخ وأنساب قبائل المرابطين وبنى سليم 4-رجال العصر فى أنسابهوازن وبنى هلال وبنى نصر 5-الأقوال الجلية فى أنساب وقبائل سيناء والشرقية -6-القول الشاف فى أنساب قبائل الأنصار والأشراف و الامين العام لمجلس للقبائل المصرية والعربية بالاسكندرية حاصل على درع وشهادة تقدير من المجلس المصرى للقبائل المصرية والعربية رئيس اللجنة العليا لدعم الجيش والشرطة والمصالحات بالمنظمة المصرية لحقوق الانسان بالاسكندرية حاصل على شهادة تفدير من المنظمة المصرية لحقوق الانسان [رئيس الجمعية الخيرية لأبناء محافظة أسيوطفرع عبدالقادرالعامرية الإسكندرية/ وكيل مؤسسين حزب التحرير العربى حزب لم يكتمل امين عام التنظيم بحزب مصر الثورة سابقا مرشح مجلس الشعب بالدائرة الرابعه بالاسكندرية عن الشباب والجمعيات الاهلية عام 2011 حاصل على العديد من شهادات التقدير من الجمعيات الاهلية والمجالس عن دورة فى المجتمع المدنى رئيس لجنة المساعدات الطبية بالجمعيات الاهلية شعبة العامرية وباحث ومؤرخ فى تاريخ القبائل العربية بمصر والوطن العربى موبايل رقم 01224369577 01002920977 01119825377
من هـو د:مصطفي سليمان أبوالطيب أبوعايـد الهواري د:مصـطفى سليمان السـيد أبو الطيب محمد أبو الطيب محمد أبويـوسف بن شيخ العـرب محمد بن شيخ عربان هوارة حمد بن شيخ العرب محمود بن شيخ العرب حمد بن الأمير حماد بن الأمير ريان بن الأمير عايد الهوارى الملقب بسيد العرب الأمير منصور بن الأمير ناصر بن الأميرسليم بن الأمير بهنان بن الأمير عوف بن الأمير مالك بن الأمير ناصر بن الأمير قيس بن الأميرالحارث بن الأمير سعد بن الأمير مالك بن الأميرغندور بن الأمير سرحان بن الأمير مالك بن الأميرعمرو بن الأمير عمارة بن الأمير عمران بن الأمير حمدان بن الأمير عامر بن الأمير عمرو بن سعد بن مسعود بن عمر بن عمير بن عامر بن ربيعة بن معاوية بن عامر بن ربيعة فارس العرب الذى قتل أول فارسى فى معركة القادسية منه بنو ربيعه بن عثمان بن ربيعة بن النابغة بن عنز بن حبيب بن وائلة بن دهمان ومنه بنو دهمان بن نصر ومنه بنو نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن ومنه القبائل الهوازنية بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس ومنه القبائل القيسية بن عيلان بن مضر ومنه بنو مضر بن نزار بن معد بن عدنان هو جد القبائل العدنانية بجزيرة العرب بن أد بن أدد بن هميسع بن سلامان ابن عوص بن بوز بن قموال بن أبي بن عوام بن ناشد بن بلداس بن يدلاف بن طانج بن جاحم بن ناحش بن ماخي بن عيض بن عبقر بن عبيد بن الدعا بن حمدان بن سنبر بن يثربي بن يحزن بن يلحن بن ارعوى بن عيض بن ديشان بن عيص بن أفناد بن أيهام بن مقصر بن ناحث بن زارح بن سمي بن مزي بن عوضه بن عرام بن قيدار بن إسماعيل عليه السلام بن إبراهيم عليه السلام أبن تارح بن ناحور بن ساروع أو ساروغ بن راعو بن فالخ بن عابر بن شالخ ابن ارفخشد بن سام بن نوح عليه السلام بن لامك بن متوشلخ بن أخنوخ بن إدريس عليه السلام ابن يرد بن مهلائيل بن قينان بن آنوشة بن شيت بن آدم عليهما السلام من مواليد محافظـة الإسكندرية 8-6-1973 الأصل من محافظه أسيوط مركز صدفا قرية الدوير عايد قبيـلة هوارة عايد الهوارى مسقـط رأس شيـخ مشايـخ عربان هوارة أسيوط الأمير عايد الهواري الملقب بسيـد العرب دكتوراة فى التاريخ الاسلامى فى انساب القبائل العربية عام 2015 من اكاديمية مشكـاة للدرسات العربية والاسلامية عن القبائـل النازحة لمصـر عقب الفتح الاسلامى سفير النوايا الحسنة المنظمه الضمير العالمى لحقوق الإنسان إحدى منظمات التابعه للامم المتحده رئيس ومؤسس الجمعية الخيرية لأبناء هوارة عام 2012 المشهرة برقم 3107 سفيـر النوايا الحسنة من منظـمة الضميـر التابعة للامم المتحدة ومؤلف مجـلد قاموس القبائل العربية المصرية 1:مفاتيح الانارة فى انساب قبائل العرب والمرابطين والهوارة 2:موسوعه القبائل والعائلات العربية والمصرية وهــم 1:تاريخ الامارة فى أنساب قبائل وعائلات الهوارة 2: القول السليم فى بطون وعشائر بنى سليم 3:القول المتين فى تاريخ وأنساب قبائل المرابطين وبنى سليم 4:رجال العصر فى أنساب هوازن وبنى هلال وبنى نصر 5:الأقوال الجلية فى أنساب وقبائل سيناء والشرقية 6:القول الشاف فى أنساب قبائل الأنصار والأشراف الامين العام لمجلس القبائل المصرية والعربية بالإسكندرية حاصل على درع وشهادة تقدير من المجلس المصري للقبائل المصرية والعربية رئيس اللجنة العليا لدعم الجيش والشرطة والمصالحات بالمنظمة المصرية لحقوق الانسان بالإسكندرية حاصل على شهادة تقدير من المنظمة المصرية لحقوق الانسان رئيس الجمعية الخيرية لأبناء محافظة أسيوط فرع عبدالقادر العامرية الإسكندرية وكيل مؤسسين حزب التحرير العربي حزب لم يكتمل امين عام التنظـيم بحزب مصر الثـورة سابقاً مرشح مجلس الشعب بالدائرة الرابعة بالإسكندرية عن الشباب والجمعيات الاهلية عام 2011 حاصـل على العديد من شهادات التقدير من الجمعيات الاهلية والمجالس عن دورة فى المجتمع المدني. رئيس لجـنة المساعدات الطبية بالجمعيات الاهلية شعبة العامرية باحث ومؤرخ فى تاريخ القبائل العربية والمصرية بمصر والوطن العربي أمين عام المجلس الأعلى للقبائل العربية والمصرية بالإسكندريــة
من هـو د:مصطفي سليمان أبوالطيب أبوعايـد الهواري د:مصـطفى سليمان السـيد أبو الطيب محمد أبو الطيب محمد أبويـوسف بن شيخ العـرب محمد بن شيخ عربان هوارة حمد بن شيخ العرب محمود بن شيخ العرب حمد بن الأمير حماد بن الأمير ريان بن الأمير عايد الهوارى الملقب بسيد العرب الأمير منصور بن الأمير ناصر بن الأميرسليم بن الأمير بهنان بن الأمير عوف بن الأمير مالك بن الأمير ناصر بن الأمير قيس بن الأميرالحارث بن الأمير سعد بن الأمير مالك بن الأميرغندور بن الأمير سرحان بن الأمير مالك بن الأميرعمرو بن الأمير عمارة بن الأمير عمران بن الأمير حمدان بن الأمير عامر بن الأمير عمرو بن سعد بن مسعود بن عمر بن عمير بن عامر بن ربيعة بن معاوية بن عامر بن ربيعة فارس العرب الذى قتل أول فارسى فى معركة القادسية منه بنو ربيعه بن عثمان بن ربيعة بن النابغة بن عنز بن حبيب بن وائلة بن دهمان ومنه بنو دهمان بن نصر ومنه بنو نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن ومنه القبائل الهوازنية بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس ومنه القبائل القيسية بن عيلان بن مضر ومنه بنو مضر بن نزار بن معد بن عدنان هو جد القبائل العدنانية بجزيرة العرب بن أد بن أدد بن هميسع بن سلامان ابن عوص بن بوز بن قموال بن أبي بن عوام بن ناشد بن بلداس بن يدلاف بن طانج بن جاحم بن ناحش بن ماخي بن عيض بن عبقر بن عبيد بن الدعا بن حمدان بن سنبر بن يثربي بن يحزن بن يلحن بن ارعوى بن عيض بن ديشان بن عيص بن أفناد بن أيهام بن مقصر بن ناحث بن زارح بن سمي بن مزي بن عوضه بن عرام بن قيدار بن إسماعيل عليه السلام بن إبراهيم عليه السلام أبن تارح بن ناحور بن ساروع أو ساروغ بن راعو بن فالخ بن عابر بن شالخ ابن ارفخشد بن سام بن نوح عليه السلام بن لامك بن متوشلخ بن أخنوخ بن إدريس عليه السلام ابن يرد بن مهلائيل بن قينان بن آنوشة بن شيت بن آدم عليهما السلام من مواليد محافظـة الإسكندرية 8-6-1973 الأصل من محافظه أسيوط مركز صدفا قرية الدوير عايد قبيـلة هوارة عايد الهوارى مسقـط رأس شيـخ مشايـخ عربان هوارة أسيوط الأمير عايد الهواري الملقب بسيـد العرب دكتوراة فى التاريخ الاسلامى فى انساب القبائل العربية عام 2015 من اكاديمية مشكـاة للدرسات العربية والاسلامية عن القبائـل النازحة لمصـر عقب الفتح الاسلامى سفير النوايا الحسنة المنظمه الضمير العالمى لحقوق الإنسان إحدى منظمات التابعه للامم المتحده رئيس ومؤسس الجمعية الخيرية لأبناء هوارة عام 2012 المشهرة برقم 3107 سفيـر النوايا الحسنة من منظـمة الضميـر التابعة للامم المتحدة ومؤلف مجـلد قاموس القبائل العربية المصرية 1:مفاتيح الانارة فى انساب قبائل العرب والمرابطين والهوارة 2:موسوعه القبائل والعائلات العربية والمصرية وهــم 1:تاريخ الامارة فى أنساب قبائل وعائلات الهوارة 2: القول السليم فى بطون وعشائر بنى سليم 3:القول المتين فى تاريخ وأنساب قبائل المرابطين وبنى سليم 4:رجال العصر فى أنساب هوازن وبنى هلال وبنى نصر 5:الأقوال الجلية فى أنساب وقبائل سيناء والشرقية 6:القول الشاف فى أنساب قبائل الأنصار والأشراف الامين العام لمجلس القبائل المصرية والعربية بالإسكندرية حاصل على درع وشهادة تقدير من المجلس المصري للقبائل المصرية والعربية رئيس اللجنة العليا لدعم الجيش والشرطة والمصالحات بالمنظمة المصرية لحقوق الانسان بالإسكندرية حاصل على شهادة تقدير من المنظمة المصرية لحقوق الانسان رئيس الجمعية الخيرية لأبناء محافظة أسيوط فرع عبدالقادر العامرية الإسكندرية وكيل مؤسسين حزب التحرير العربي حزب لم يكتمل امين عام التنظـيم بحزب مصر الثـورة سابقاً مرشح مجلس الشعب بالدائرة الرابعة بالإسكندرية عن الشباب والجمعيات الاهلية عام 2011 حاصـل على العديد من شهادات التقدير من الجمعيات الاهلية والمجالس عن دورة فى المجتمع المدني. رئيس لجـنة المساعدات الطبية بالجمعيات الاهلية شعبة العامرية باحث ومؤرخ فى تاريخ القبائل العربية والمصرية بمصر والوطن العربي أمين عام المجلس الأعلى للقبائل العربية والمصرية بالإسكندريــة
من هـو د:مصطفي سليمان أبوالطيب أبوعايـد الهواري د:مصـطفى سليمان السـيد أبو الطيب محمد أبو الطيب محمد أبويـوسف بن شيخ العـرب محمد بن شيخ عربان هوارة حمد بن شيخ العرب محمود بن شيخ العرب حمد بن الأمير حماد بن الأمير ريان بن الأمير عايد الهوارى الملقب بسيد العرب الأمير منصور بن الأمير ناصر بن الأميرسليم بن الأمير بهنان بن الأمير عوف بن الأمير مالك بن الأمير ناصر بن الأمير قيس بن الأميرالحارث بن الأمير سعد بن الأمير مالك بن الأميرغندور بن الأمير سرحان بن الأمير مالك بن الأميرعمرو بن الأمير عمارة بن الأمير عمران بن الأمير حمدان بن الأمير عامر بن الأمير عمرو بن سعد بن مسعود بن عمر بن عمير بن عامر بن ربيعة بن معاوية بن عامر بن ربيعة فارس العرب الذى قتل أول فارسى فى معركة القادسية منه بنو ربيعه بن عثمان بن ربيعة بن النابغة بن عنز بن حبيب بن وائلة بن دهمان ومنه بنو دهمان بن نصر ومنه بنو نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن ومنه القبائل الهوازنية بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس ومنه القبائل القيسية بن عيلان بن مضر ومنه بنو مضر بن نزار بن معد بن عدنان هو جد القبائل العدنانية بجزيرة العرب بن أد بن أدد بن هميسع بن سلامان ابن عوص بن بوز بن قموال بن أبي بن عوام بن ناشد بن بلداس بن يدلاف بن طانج بن جاحم بن ناحش بن ماخي بن عيض بن عبقر بن عبيد بن الدعا بن حمدان بن سنبر بن يثربي بن يحزن بن يلحن بن ارعوى بن عيض بن ديشان بن عيص بن أفناد بن أيهام بن مقصر بن ناحث بن زارح بن سمي بن مزي بن عوضه بن عرام بن قيدار بن إسماعيل عليه السلام بن إبراهيم عليه السلام أبن تارح بن ناحور بن ساروع أو ساروغ بن راعو بن فالخ بن عابر بن شالخ ابن ارفخشد بن سام بن نوح عليه السلام بن لامك بن متوشلخ بن أخنوخ بن إدريس عليه السلام ابن يرد بن مهلائيل بن قينان بن آنوشة بن شيت بن آدم عليهما السلام من مواليد محافظـة الإسكندرية 8-6-1973 الأصل من محافظه أسيوط مركز صدفا قرية الدوير عايد قبيـلة هوارة عايد الهوارى مسقـط رأس شيـخ مشايـخ عربان هوارة أسيوط الأمير عايد الهواري الملقب بسيـد العرب دكتوراة فى التاريخ الاسلامى فى انساب القبائل العربية عام 2015 من اكاديمية مشكـاة للدرسات العربية والاسلامية عن القبائـل النازحة لمصـر عقب الفتح الاسلامى رئيس ومؤسس الجمعية الخيرية لأبناء هوارة عام 2012 المشهرة برقم 3107 سفيـر النوايا الحسنة من منظـمة الضميـر التابعة للامم المتحدة ومؤلف مجـلد قاموس القبائل العربية المصرية 1:مفاتيح الانارة فى انساب قبائل العرب والمرابطين والهوارة 2:موسوعه القبائل والعائلات العربية والمصرية وهــم 1:تاريخ الامارة فى أنساب قبائل وعائلات الهوارة 2: القول السليم فى بطون وعشائر بنى سليم 3:القول المتين فى تاريخ وأنساب قبائل المرابطين وبنى سليم 4:رجال العصر فى أنساب هوازن وبنى هلال وبنى نصر 5:الأقوال الجلية فى أنساب وقبائل سيناء والشرقية 6:القول الشاف فى أنساب قبائل الأنصار والأشراف الامين العام لمجلس القبائل المصرية والعربية بالإسكندرية حاصل على درع وشهادة تقدير من المجلس المصري للقبائل المصرية والعربية رئيس اللجنة العليا لدعم الجيش والشرطة والمصالحات بالمنظمة المصرية لحقوق الانسان بالإسكندرية حاصل على شهادة تقدير من المنظمة المصرية لحقوق الانسان رئيس الجمعية الخيرية لأبناء محافظة أسيوط فرع عبدالقادر العامرية الإسكندرية وكيل مؤسسين حزب التحرير العربي حزب لم يكتمل امين عام التنظـيم بحزب مصر الثـورة سابقاً مرشح مجلس الشعب بالدائرة الرابعة بالإسكندرية عن الشباب والجمعيات الاهلية عام 2011 حاصـل على العديد من شهادات التقدير من الجمعيات الاهلية والمجالس عن دورة فى المجتمع المدني. رئيس لجـنة المساعدات الطبية بالجمعيات الاهلية شعبة العامرية باحث ومؤرخ فى تاريخ القبائل العربية والمصرية بمصر والوطن العربي أمين عام المجلس الأعلى للقبائل العربية والمصرية بالإسكندريــة

من هـو د:مصطفي سليمان أبوالطيب أبوعايـد الهواري د:مصـطفى سليمان السـيد أبو الطيب محمد أبو الطيب محمد أبويـوسف بن شيخ العـرب محمد بن شيخ عربان هوارة حمد بن شيخ العرب محمود بن شيخ العرب حمد بن الأمير حماد بن الأمير ريان بن الأمير عايد الهوارى الملقب بسيد العرب الأمير منصور بن الأمير ناصر بن الأميرسليم بن الأمير بهنان بن الأمير عوف بن الأمير مالك بن الأمير ناصر بن الأمير قيس بن الأميرالحارث بن الأمير سعد بن الأمير مالك بن الأميرغندور بن الأمير سرحان بن الأمير مالك بن الأميرعمرو بن الأمير عمارة بن الأمير عمران بن الأمير حمدان بن الأمير عامر بن الأمير عمرو بن سعد بن مسعود بن عمر بن عمير بن عامر بن ربيعة بن معاوية بن عامر بن ربيعة فارس العرب الذى قتل أول فارسى فى معركة القادسية منه بنو ربيعه بن عثمان بن ربيعة بن النابغة بن عنز بن حبيب بن وائلة بن دهمان ومنه بنو دهمان بن نصر ومنه بنو نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن ومنه القبائل الهوازنية بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس ومنه القبائل القيسية بن عيلان بن مضر ومنه بنو مضر بن نزار بن معد بن عدنان هو جد القبائل العدنانية بجزيرة العرب بن أد بن أدد بن هميسع بن سلامان ابن عوص بن بوز بن قموال بن أبي بن عوام بن ناشد بن بلداس بن يدلاف بن طانج بن جاحم بن ناحش بن ماخي بن عيض بن عبقر بن عبيد بن الدعا بن حمدان بن سنبر بن يثربي بن يحزن بن يلحن بن ارعوى بن عيض بن ديشان بن عيص بن أفناد بن أيهام بن مقصر بن ناحث بن زارح بن سمي بن مزي بن عوضه بن عرام بن قيدار بن إسماعيل عليه السلام بن إبراهيم عليه السلام أبن تارح بن ناحور بن ساروع أو ساروغ بن راعو بن فالخ بن عابر بن شالخ ابن ارفخشد بن سام بن نوح عليه السلام بن لامك بن متوشلخ بن أخنوخ بن إدريس عليه السلام ابن يرد بن مهلائيل بن قينان بن آنوشة بن شيت بن آدم عليهما السلام من مواليد محافظـة الإسكندرية 8-6-1973 الأصل من محافظه أسيوط مركز صدفا قرية الدوير عايد قبيـلة هوارة عايد الهوارى مسقـط رأس شيـخ مشايـخ عربان هوارة أسيوط الأمير عايد الهواري الملقب بسيـد العرب دكتوراة فى التاريخ الاسلامى فى انساب القبائل العربية عام 2015 من اكاديمية مشكـاة للدرسات العربية والاسلامية عن القبائـل النازحة لمصـر عقب الفتح الاسلامى رئيس ومؤسس الجمعية الخيرية لأبناء هوارة عام 2012 المشهرة برقم 3107 سفيـر النوايا الحسنة من منظـمة الضميـر التابعة للامم المتحدة ومؤلف مجـلد قاموس القبائل العربية المصرية 1:مفاتيح الانارة فى انساب قبائل العرب والمرابطين والهوارة 2:موسوعه القبائل والعائلات العربية والمصرية وهــم 1:تاريخ الامارة فى أنساب قبائل وعائلات الهوارة 2: القول السليم فى بطون وعشائر بنى سليم 3:القول المتين فى تاريخ وأنساب قبائل المرابطين وبنى سليم 4:رجال العصر فى أنساب هوازن وبنى هلال وبنى نصر 5:الأقوال الجلية فى أنساب وقبائل سيناء والشرقية 6:القول الشاف فى أنساب قبائل الأنصار والأشراف الامين العام لمجلس القبائل المصرية والعربية بالإسكندرية حاصل على درع وشهادة تقدير من المجلس المصري للقبائل المصرية والعربية رئيس اللجنة العليا لدعم الجيش والشرطة والمصالحات بالمنظمة المصرية لحقوق الانسان بالإسكندرية حاصل على شهادة تقدير من المنظمة المصرية لحقوق الانسان رئيس الجمعية الخيرية لأبناء محافظة أسيوط فرع عبدالقادر العامرية الإسكندرية وكيل مؤسسين حزب التحرير العربي حزب لم يكتمل امين عام التنظـيم بحزب مصر الثـورة سابقاً مرشح مجلس الشعب بالدائرة الرابعة بالإسكندرية عن الشباب والجمعيات الاهلية عام 2011 حاصـل على العديد من شهادات التقدير من الجمعيات الاهلية والمجالس عن دورة فى المجتمع المدني. رئيس لجـنة المساعدات الطبية بالجمعيات الاهلية شعبة العامرية باحث ومؤرخ فى تاريخ القبائل العربية والمصرية بمصر والوطن العربي أمين عام المجلس الأعلى للقبائل العربية والمصرية بالإسكندريــة

    صلاح الدين الأيوبي

    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14756
    السٌّمعَة : 30
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 51

    صلاح الدين الأيوبي  Empty صلاح الدين الأيوبي

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الخميس فبراير 27, 2020 5:52 pm

    نسب صلاح الدين الأيوبي هل كان عربيا ام كرديا ؟

    صلاح الدين الأيوبي كان عربيا ولم يكن كرديا ، وهذا قول مختصر و معتصر في إثبات ذلك
    - لقد كثر الاختلاف في نسب الأيوبيين بعد ان أورد المؤرخون فيه كلاما كثيرا و متناقضا ، و لكن اشتهر لدى الناس أن الايوبيين يعودون بأصولهم إلى الكرد ، و لكن هذا القول مرجوح بل هو قول باطل ، لان الملوك الأيوبيين أنفسهم أنكروا النسب الكردي و انتسبوا للعرب ، و نجد ذلك في كتاب " الفوائد الجلية في الفرائد الناصرية " وهذا الكتاب هو ديوان رسائل السلطان الملك الناصر داود بن الملك المعظم عيسى بن الملك العادل بن أيوب المتوفى سنة 656 هجري ، وقد جمعه ولده الملك الامجد الحسن بن داود الأيوبي فبعد ان ناقش الملك جميع ما قيل عن نسب أجداده ، قطع أنهم ليسوا أكرادًا، وقال أن أجداده الأيوبيين نزلوا عند الكرد فنسبوا إليهم . و اكد على ذلك قائلا : " ولم أرَ أحداً ممن أدركتُه من مشايخ بيتنا يعترف بهذا النسب" - أي النسب الكردي - وفي هذا الكتاب للملك الحسن بن داود نجد اول نسب للأيوبيين كتبه أحد أبناء الأسرة الأيوبية أنفسهم وذلك في مقدمة الكتاب ، وقد رجَّح في كتابه صحة شجرة النسب التي وضعها الحسن بن غريب الحرشي ، ونسبهم هو (أيوب بن شاذي بن مروان بن أبي علي محمد بن عنترة بن الحسن بن علي بن احمد بن أبي علي بن عبد العزيز بن هدبه بن الحصين بن الحارث بن سنان بن عمرو بن مرة بن عوف بن أسامه بن بيهس بن الحارث بن عوف بن أبي الحارثة بن مرة بن نشبه بن غيظ بن مرة بن عوف بن لؤي بن غالب بن فهر، وهو قريش عند الأكثرين، بن مالك بن النضير، وهو قريش عند بعضهم، بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مُضَر بن نزار بن معد بن عدنان الجد الأعلى للرسول صلى الله عليه وسلم.) ، وقد كان الملك الامجد الحسن بن داود ملكا معظما عالما أديبا يعترف أهل بيته بتقدمته و فضله و قد ترجم له الذهبي ترجمة عاطرة و صفه فيها بالسيد الجليل ، لذلك كان قوله في نسب أسرته هو الفصل وهو انهم ليسوا كردا بل من العرب ، ولاسيما ان أباه الملك الناصر داود و جده الملك المعظم عيسى سمعا هذا النسب و لم يعترضا عليه ، مع العلم أن الملك المعظم عيسى قد أدرك جماعة ممن لهم تقدم واختصاص بجدهم الاول أيوب فهو أعلم بحالهم و نسبهم
    - وقد ذكر جمال الدين محمد بن واصل المازني التميمي الحموي - وهو يعتبر مؤرخ الأيوبيين - في كتابه " مفرج الكروب في أخبار بني أيوب" عن بعض ملوك الأيوبيين قولهم : «إنما نحن عرب، نزلنا عند الأكراد وتزوجنا منهم .» "، و أيد النسب العربي القرشي الذي ساقه الحسن بن داود ، بل هناك قول مشهور يحدد أي بطون قريش ينتسب إليها الأيوبيون ، فقد جاهر الملك المعز إسماعيل بن سيف الاسلام وهو ابن اخ صلاح الدين الأيوبي وقد تملك اليمن بعد أبيه بالنسب الايوبي ووصله إلى عبد مناف ، فهم بذلك عرب قرشيون أمويون ، و ذلك بعد أن استقل بالامر لنفسه في اليمن و أعلن منابذته للخلفاء العباسيين في بغداد وكان قد ادعى الخلافة لنفسه و تلقب باسم الهادي و نظم أبياتا معروفة يقول فيها
    - و أنا الهادي الخليفة والذي ........أدوس رقاب القلب بالضمر الجرد
    - ولا بد من بغداد أطوي ربوعها .... وأنشرها نشر الشماس على البرد
    - وانصب أعلامي على شرفاتها...... و أظهر أمر الله في الغور والنجد
    فالملك الأيوبي في هذه الابيات يظهر حقيقة الموقف الأموي تجاه العباسيين الذين اغتصبوا منهم الخلافة و كادوا ان يقضوا على سلالتهم لولا فرار بعض من ءابائه ونزولهم عند الكرد كما فعل بعض الناجين من البيت الاموي بفرارهم إلى المغرب و استقرارهم عند البربر حينا من الزمن قبل دخولهم الاندلس و إحيائهم الدولة الاموية هناك على يد عبد الرحمن الداخل " صقر قريش " .
    - و قد جاهر بالنسب الأموي ملك ءاخر من الأيوبيين وهو الملك خليل بن الأشرف أحمد بن الملك العادل سليمان ، وقد قال في شعره
    - لم يبق في الدنيا ملاد يرتجى - - - في العالمين ونصير كاف
    - إلا ابن أيوب الذي صدق الوعود - - هوالأمين ومجمع الألطاف
    - الأشرف السلطان بالنسب الذي - -- بالنقل متصل بعبد مناف
    فهو هنا ينتسب لعبد مناف ويصل نسب ءابائه بالامويين ، وأقرب قريش إلى بني هاشم هم الأمويون ، وهم يلتقون جميعا في عبد مناف
    - وقد قام الملك نور الدين علي بنقل رفاة أبيه صلاح الدين من قلعة دمشق إلى مكان ملاصق جدا للمسجد الأموي في دمشق ، وفي هذا إشارة واضحة لاعتزاز الايوبيين بتراث ءابائهم من الأمويين ، ومعلوم أن صلاح الدين الايوبي امضى طفولته في دمشق و كان شغوفا و محبا جدا لهذه المدينة .
    ومن المؤرخين المشهورين الذين اعتمدوا النسب العربي القرشي الاموي للأيوبيين نجد سبط الجوزي في كتابه " مرآة الزمان في تاريخ الأعيان " فقد ذكر في وفيات عام 589 هجري ( وفيها توفي الملك السلطان الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب بن شاذي بن مروان من أولاد خلفاء بني أمية)
    - و لا غرابة في ذلك ، فمعلوم شهرة الامويين من قديم في مسائل الحكم و السياسة ، و خبرتهم الكبيرة في شؤون الحكم وولاية الناس ، فهذه الاسرة هي من أسست أكبر دولة في التاريخ ، كما انهم لم يستسلموا بعد أن أسقط العباسيون دولتهم في دمشق ، فنراهم أعادوا تأسيسها في الاندلس ، ودولتهم هناك كانت من أعظم الدول الاسلامية رقيا و حضارة و عمارا ، و ما إن تراجعوا في الاندلس مع قيام ممالك الطوائف حتى نراهم قد ظهروا في المشرق من جديد باسم السلاطين الايوبيين وهم تحت الحكم العباسي في بغداد ، ومن أراد الاستزادة بخصوص اثبات النسب الأموي للأيوبيين فليعد إلى ماكتبه المهندس عبد الغني محمد إسماعيل الأيوبي في كتابه " الأمراء الأيوبيون عبر التاريخ " الصادرعام 2006 وهو رئيس سابق لجامعة الأمراء الأيوبيين في لبنان ، و يقطع فيه استنادا للوثائق و المخطوطات الأيوبية أن الأيوبيين عرب امويون و ليسوا من الأكراد
    - و لكننا نرى بعض الايوبيين أنكر النسب الاموي فقد قال الملك العادل سيف الدين أبي بكر بن أيوب لما بلغه زعم الملك الأيوبي صاحب اليمن : " كذب إسماعيل ما نحن من بني أمية أصلاً " ، ولكنه على إنكاره النسب الأموي لم ينكر النسب القرشي ناهيك عن النسب العربي ولم ينتسب للكرد بالأساس ، و لو قال الرجل مانحن من قريش أو العرب أصلا ، لكان كلامه أقوى و أبلغ في النفي ، بل لقد أظهر البراءة من النسب الاموي فقط ، و في هذا حكمة لا تخفى لأن مجاهرتهم بهذا النسب وهم تحت تحت حكم العباسيين في بغداد ، يوحي للخلفاء و كأن شبح الدولة الاموية التي أسقطوها من دمشق سيعود لينافسهم شرعية الحكم و الخلافة ، ولا سيما أن الأيوبيين قد أسقطوا الدولة العبيدية في مصر بعد إن استوزرهم الفاطميون فيها ، كما استقل بعضهم بحكم اليمن بعيدا عن العباسيين في بغداد ، بعد أن حكموها باسمهم دهرا
    - كما نجد بعض المؤرخين ينسبهم إلى بعض قبائل العرب من غير قريش كالذي نجده عند بن خلدون حيث أوصل نسب الأيوبيين إلى مرة بن عوف الحميري الدوسي والذي يرجع نسبة إلى عدنان ، و نسبهم غيره إلى إحدى بطون غطفان ، و لكنهم على كل حال متفقون على انهم من العرب
    - وأما شبهة انهم من الكرد فقد انتشرت لثلاثة أسباب
    - 1 - انهم ولدوا و عاشوا في مناطق مختلطة مع الكرد ، و تصاهروا معهم و تجمعهم معهم روابط الخؤولة و النسب
    - 2 - ما جاء في بعض الروايات من نفي بعض الأيوبيين النسب الأموي عنهم
    - 3 - ماذكره ابن الأثير في كتابه - الكامل في التاريخ - أن نسب أيوب بن شاذي بن مروان يرجع إلى الأكراد الروادية وهم فخذ من الهذبانية، " و أيوب بن شاذي بن مروان هو من ينتسب إليه الأيوبيون ، وعن ابن الأثير نقل عنه من جاء بعده
    - و لكن هذه المزاعم الثلاث لا ترقى إلى رتبة الدليل ابتداء ، فكونهم عاشوا مع الكرد في مناطق مختلطة و تصاهروا معهم لا ينفي النسب العربي أو الكردي عن صاحبه ، وكون أخوال صلاح الدين الأيوبي من الاكراد لن يجعل منه كرديا ، و اما ما جاء من نفي بعض الايوبيين النسب الاموي عنهم فهم لم يدعوا النسب الكردي أيضا ، بل تبرؤوا منه بشكل صريح ، و لو كانوا كردا ، لقالوا ، ما نحن من العرب وما نحن من قريش اصلا ، و ما كانوا ليكتفوا بنفي النسب الاموي فقط ، و إن كان هذا النفي جاء أصلا لدواع سياسية تقتضيها أمور السياسة و الحكم لكونهم وزراء العباسية في بغداد ، وأما ما ذكره ابن الأثير في تاريخه من ان الايوبيين ينتسبون إلى الأكراد الروادية وهم أشراف الأكراد وأصلهم من أذربيجان ، فهو يسوقه معلقا من غير تدليل عليه ، كما ان الايوبيين انفسهم ومؤرخوهم المشهورون ينفون هذا الزعم و يؤكدون على أنهم من العرب ، وهم اولى بأنسابهم من ابن الاثير أو أي مؤرخ أو مترجم ينقل عنه دون نقد او تمحيص ودون عودة لملوك و مؤرخي الدولة الأيوبية أنفسهم
    - و جدير بالذكر أن الأيوبيين حين جاؤوا إلى بغداد كانوا يتكلمون العربية و يفخرون بها و لم يدعوا النسب الكردي مطلقا ، و لم تكن تجمعهم مع الكرد غير رابطة المصاهرة و الخؤولة ، و لم يكونوا ممن يمارسون شيئا من طقوس الكرد و احتفالاتهم ، و لم يقربوا الكرد في دولتهم و لم يستوزروهم كما فعل الفرس و الترك من أبناء جنسهم ومنه نقطع ان الايوبيين و منهم صلاح الدين كانوا من العرب و أرجح الاقوال أنهم من قريش ، و ان الإختلاف الحاصل حول نسبهم ليس عربيا كرديا ، إنما هو خلاف داخل البيت العربي لأنهم عرب في جميع الأحوال ''


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14756
    السٌّمعَة : 30
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 51

    صلاح الدين الأيوبي  Empty رد: صلاح الدين الأيوبي

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب السبت مارس 04, 2023 6:00 pm

    ذكرى البطل العربي صلاح الدين الأيوبي
    وحد الأمة وأباد الدولة العبيدية،هُزم أمام الفرنجة فعاد وحرر القدس، حمى قبر النبي من أن يُسرق جسده الشريف

    حيث في مثل هذا اليوم

    توفي السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي سلطان مصر والشام.

    وكان ذلك في 27 صفر 589 هجري

    الموافق في تاريخ 1193/03/04م
    -
    -
    الأصل
    -
    -
    ينتمي صلاح الدين الأيوبي إلى الأسرة الروادية أي أنه من نسل القائد رواد بن المثنى الأزدي والي أذربيجان في عهد الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور، وعاشت الأسرة الروادية بين العجم لمئات السنين وذلك بسبب أن العباسيين جعلوها مسؤولة عن حماية وحكم تبريز ومراغة واردبيل، فأدى طول مدة بقاء الرواديين بين العجم لإختلاطهم بالأكراد فسكنوا بينهم وتزوجوا منهم، وهذا ما ذكره ياقوت الحموي والذي كان في زمانه، وكذلك نقل ابن واصل قول الأمراء الأيوبيين: «إنما نحن عرب، نزلنا عند الأكراد وتزوجنا منهم».
    -
    وبقي الرواديون في تلك المناطق إلى أن أتى السلاجقة والذين أنهوا نفوذهم، فعاد جزء كبير منهم إلى البلاد العربية ومنهم نجم الدين أيوب المولود في مدينة دوين في أذربيجان والذي إستقر في تكريت في العراق.
    -
    ومن المستغرب تمسك المناهج الدراسية برواية ابن الأثير بأنه أصله كردي وهي الرواية المرجعية الوحيدة حول هذا الأصل، وفي نفس الوقت يتم تجاهل رواية السيوطي والذهبي والبلاذري وياقوت الحموي وابن العماد وحتى ابن واصل والذي كان قاضي قضاة عند السلاطين الأيوبيين وقد ألف كتابه تحت إشرافهم وفي كتابه ذكروا بشكل واضح بأنهم عرب، والأمراء الأيوبيين أعلم بنسبهم.
    -
    -
    نشأته
    -
    -
    ولد في عام 1138م في مدينة تكريت، حيث كان أباه نجم الدين أيوب حاكما لقلعتها، وانتقل إلى بعلبك حيث أصبح أباه واليًا عليها لمدة سبع سنوات ثم انتقل إلى دمشق، وقضى صلاح الدين طفولته فيها حيث أمضى فترة شبابه في بلاط الملك العادل نور الدين زنكي.
    -
    -
    تولي الحكم وإعادة مصر للتبعية العباسية
    -
    -
    أصبح نجم الدين أيوب وشقيقه أسد الدين شيركوه من الحاشية المقربة لعماد الدين زنكي سلطان الموصل وحلب ثم إنتقلت تبعيتهم إلى إبنه نور الدين زنكي، وقد قام نور الدين زنكي بإرسال جيش إلى مصر لإنقاذها من الجيوش الفرنجية والبيزنطية التي تسعى لإحتلالها، وكان قائد الجيش أسد الدين شيركوه، والذي إستطاع أن ينقذها ويصبح وزيرا لحاكم مصر أنذاك العاضد العبيدي، وبعد وفاة شيركوه عام 1169 م، أصبح إبن أخيه صلاح الدين الأيوبي وزيرا، وقد إستطاع إنهاء الدولة العبيدية عام 1171م وأعادة تبعية مصر للخلافة العباسية.
    -
    -
    توحيد مصر والشام
    -
    -
    وفي عام 1174م توفي نور الدين زنكي وتولى مكانه ولده الملك الصالح إسماعيل ذي الأحد عشر ربيعًا، فكان صبيًا لا يستقل بالأمر ولا ينهض بأعباء الملك، فأعلن صلاح الدين الأيوبي إستقلاله وتأسيسه للدولة الأيوبية وعاصمتها القاهرة، واتخذ الراية الصفراء لتكون راية الدولة الأيوبية ومن المعروف أن الراية الصفراء هي راية قبيلة أزد وجعلها تحت الراية السوداء والتي تمثل الدولة العباسية.
    -
    ثم زحف بجيوشه باتجاه بلاد الشام وإستطاع السيطرة على أغلبها إلى أن وصل لمدينة حلب وحاصرها، فقاومه الزنكيون وحصلت بينهم وبين صلاح الدين معركة قرب نهر العاصي إنتصر بها صلاح الدين الأيوبي، ثم تم عقد الصلح وتم الإعتراف بحكم صلاح الدين الأيوبي على الشام وبقي الزنكيون يحكمون مناطق محدودة ومنها مدينة الموصل وحلب والجزيرة
    -
    واعترف الخليفة العباسي بحكم صلاح الدين الأيوبي وقلده سيفين بولايتي مصر والشام.
    -
    -
    الحرب مع الحشاشين
    -
    -
    ضرب حصارا على جميع قلاع الحشاشين خلال شهر أغسطس من عام 1176م، لكنه لم يتمكن من فتح أي منها، وفي ليلة إستيقظ من نومه فوجد في الأعلى رسالة معلقة بخنجر مسموم كُتب فيها تهديد له إن لم يغادر الجبال فسوف يُقتل. عندئذ قرر صلاح الدين الأيوبي أن ينسحب ويعقد صلح مع الحشاشين.
    -
    -
    هزيمته في المحاولة الأولى لتحرير فلسطين
    -
    -
    في عام 1177 م حاول صلاح الدين الأيوبي أن يحرر فلسطين، فاقتحمها من الجنوب، ودخل عسقلان بسهولة، ثم تقدم صلاح الدين نحو الرملة، ولم يجد أي مقاومة، وحينما وصل إلى نهر تل الصافية، تفرق جيشه للبحث عن مكان يصلح للعبور، وبينما هم في هذه الحالة هجمت عليهم قوة فرنجية قبل أن يرتبوا أوضاعهم حيث باغتوهم في الوقت المناسب.
    -
    وكان يقودهم الأمير الشهير أرناط ويسانده في مهمته بلدوين الرابع ملك بيت المقدس ولم يكن مع صلاح الدين في تلك اللحظة سوى عدد ضئيل من أمرائه وجنده، ثم بدأت المصادمات وتجمع جند صلاح الدين، واشتبكوا مع الفرنجة، وانتهت المعركة بهزيمة صلاح الدين وإنسحابه مع عدد قليل إلى مصر.
    -
    -
    توسيع الدولة
    -
    -
    في عام 1182م إستطاع أن يضم الجزيرة لدولته وذلك بمساعدة مظفر الدين كوكبري ثم سقطت الرها تلتها سروج ثم الرقة وقرقيسية ونصيبين ثم توجه إلى حلب فلم يقاومه حاكمها الزنكي لفترة طويلة، فعقدت مفاوضات بغرض تبادل الأراضي، على أن يسلّم زنكي حلب إلى صلاح الدين الأيوبي مقابل أن يسلم صلاح الدين سنجار ونصيبين والرقة وسروج لزنكي، وأن تحارب قوات زنكي إلى جانب جيش صلاح الدين، وبحلول يونيو 1183م، أصبحت حلب في يد صلاح الدين الأيوبي.
    -
    -
    حماية قبر النبي
    -
    -

    في عام 1183م قام حاكم الكرك الفرنجي أرناط آل شاتيون بإرسال سفنًا من خليج العقبة لمداهمة البلدات والقرى قبالة ساحل البحر الأحمر، وتم التصدي لهم، حيث كانوا ينوون مهاجمة المدينة المنورة ونهب قبر النبي محمد (ص) وظهرت أخبار بأنهم كانوا سينقلون جثمان النبي محمد إلى الأراضي الفرنجية، لجعل المسلمين يحجوا إليها.
    -
    فتولى حسام الدين لؤلؤ قائد الأسطول المصري أمرهم فهاجمهم وهزمهم ودمر معظم سفنهم، فنزلوا إلى البر محاولين الفرار فهاجمهم وهزمهم شر هزيمة.
    -
    -
    تحرير القدس.
    -
    -
    قرر صلاح الدين الأيوبي شن حملة جديدة بهدف تحرير فلسطين من الفرنجة وإستطاع أن يحقق نصرا ساحقا في معركة حطين في 1187/07/04 م، ثم قام بتحرير مدن الساحل إلى أن وصل صلاح الدين الأيوبي إلى القدس يوم الخميس في 11 رجب سنة 583 هـ الموافق في 1187/09/20م، من جهة عين سلوان حتى يكون الماء قريب من جيشه وأمر جنده بمحاصرة المدينة في هيئة دائرية، وصلى المسلمين على الجبل الذي حولها يوم الجمعة، وزحفوا للقتال بعد الصلاة، ولم يكن في المدينة المقدسة قوة كبيرة لحمايتها من الهجوم الأيوبي، حيث لم يزيد عدد الجنود عن 1400 جندي، أما الباقون فكانوا من الفقراء والأهالي الذين لا خبرة لديهم في القتال.
    -
    وكان باليان بن بارزان يسكن مدينة القدس ويتولى شؤونها، وقاد القتال في ذلك اليوم وانضم إليه الكهنة والشمامسة، وكان ماهرًا في إدارة القتال وتوجيه المقاتلين أمام قوات صلاح الدين، وكان خوفه الأكبر أن يقتل المسلمين كل مسيحيي القدس عند دخولهم كما فعل الفرنجة عندما احتلوا المدينة عام 1099م، فحث السكان أن يدافعوا عن حياتهم ومقدساتهم حتى الرمق الأخير.
    -
    بعد ان أصاب باليان اليأس وأدرك حتمية سقوط المدينة، ووصله خبر عفو صلاح الدين عن الأرثذوكس فقط مما أدى إلى إنقسام مقاتليه، قام بالتهديد بقتل الرهائن المسلمين، والذين يُقدّر عددهم بأربعة الآف مسلم، وتدمير الأماكن الإسلامية المقدسة، أي قبة الصخرة والمسجد القبلي، اللذان يُشكلان المسجد الأقصى، إذا لم يعف صلاح الدين عنهم.
    -
    فاستشار صلاح الدين الأيوبي مجلسه ووافق على أن يعفو عن الجميع، على أن يتم دفع فدية على كل من فيها مقدارها عشرة دنانير من كل رجل وخمسه دنانير من كل امرأة ودينارين عن كل صبي وكل صبية لم يبلغ سن الرشد.
    -
    ثم سمح صلاح الدين بعد أن انقضت المهلة لمن لم يستطع الدفع منهم بالمغادرة دون فدية، وكان دخول صلاح الدين إلى المدينة في ليلة المعراج يوم 27 رجب سنة 583 هـ، الموافق في 1187/10/02 م.
    -
    وأرسل صلاح الدين الأيوبي رسالة إلى الخليفة العباسي احمد الناصر يبشره بالفتح، وكان الخليفة قد امده بالدعم المالي والعتاد والجنود الذين ارسلوا من دار الخلافة وامده بشبكة العيون التابعة للخلافة والتي كان لها دور كبير في جلب المعلومات عن الفرنجة ولها دور كبير أيضا في وقف تأثير الحشاشين المتحالفين مع الفرنجة.
    -
    -
    الحملة الصليبية الثالثة
    -
    -
    بعد تحرير القدس حثّ البابا غريغوري الثامن ملوك أوروبا على شن حملة صليبية جديدة لاستعادة بيت المقدس، فانطلقت الحملة الصليبية الثالثة يقودها ريِتشارد الأول «قلب الأسد» ملك إنجلترا، واستطاع أن يسيطر على عكا وقتل فيها 3000 من سكانها، وفي 7 سبتمبر 1191م، اشتبكت جيوش صلاح الدين مع جيوش الفرنجة بقيادة ريتشارد قلب الأسد في معركة أرسوف التي انهزم فيها صلاح الدين.
    -
    ولجأ الفريقان بعد ذلك إلى الصلح، وعقدت هدنة في 20 شعبان سنة 588 هـ، الموافق فيه 1 سبتمبر سنة 1192م، وبهذه الإتفاقية يسيطر الفرنجة على شريط ساحلي ما بين يافا وصور، وتظل القدس في أيدي الأيوبيين مع السماح للمسيحيين بالحج إليها.
    -
    -
    وفاته
    -
    -
    أثناء تواجده في دمشق مرض صلاح الدين بالحمى الصفراوية وأصابه أرق فلم ينم الليل إلا قليلاً، وأخذ المرض يشتد ويزيد حتى يأس الأطباء من حاله، فتوفي صلاح الدين فجر يوم الأربعاء في 4 مارس سنة 1193م، الموافق فيه 27 صفر سنة 589 هـ، ودُفن بعد صلاة عصر ذلك اليوم في المدرسة العزيزية قرب المسجد الأموي في دمشق إلى جوار الملك نور الدين زنكي، وعندما فُتحت خزانته الشخصية لم يكن فيها ما يكفي من المال لجنازته، فلم يكن فيها سوى سبعة وأربعين درهمًا ناصريًا ودينارًا واحدًا ذهبًا، ولم يخلف ملكًا ولا دارًا، إذ كان قد أنفق معظم ماله في الصدقات.

    **** المصادر:

    1) موسوعة دول العالم الإسلامي ورجالها، مصطفى شاكر
    2) سلالات الإسلامية الحاكمة، كليفورد إدموند بوسورث.
    3) مفرج الكروب في أخبار بني أيوب، ابن واصل
    4) معجم البلدان، ياقوت الحموي
    5) النوادر السلطانية والمحاسن اليوسيفية، ابن شداد
    6) البداية والنهاية، ابن كثير

    ******************
    كتب بقلم:
    المؤرخ تامر الزغاري
    ******************


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14756
    السٌّمعَة : 30
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 51

    صلاح الدين الأيوبي  Empty رد: صلاح الدين الأيوبي

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب السبت نوفمبر 25, 2023 4:08 pm


    الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب بن شاذي بن مروان، أبو المظفر الأيوبي (1138 -1193 م) سلطان مصر و مؤسس الدولة الأيوبية , عرف في كتب التاريخ في الشرق والغرب بأنه فارس نبيل وبطل شجاع وقائد من أفضل من عرفتهم البشرية وشهد بأخلاقه أعداؤه من الصليبيين قبل أصدقائه وكاتبوا سيرته، إنه نموذج فذ لشخصية عملاقة من صنع الإسلام، إنه البطل صلاح الدين الأيوبي محرر القدس من الصليبيين وبطل معركة حطين.

    صلاح الدين يوسف بن أيوب
    سلطانadin ascus.JPG
    تمثال صلاح الدين في دمشق.
    العهد
    1174–1193
    تتويج
    1174, القاهرة، Flag of Egypt.svg مصر
    تبعه
    العزيز عثمان (مصر)
    الفضل (دمشق)
    المدفن
    المسجد الأموي، دمشق ،Flag of Syria.svg سوريا
    الاسم الكامل
    صلاح الدين يوسف بن أيوب
    الأسرة المالكة
    أيوبية
    الأب
    نجم الدين أيوب
    الديانة
    سني مسلم

    صلاح الدين الايوبي

    نسبه ونشأته

    صليبيون يرمون برؤوس المسلمين القتلى من على الأسوار أثنار حصار
    هو أيوب بن شادي بن مروان بن علي بن عثرة بن الحسن بن علي بن أحمد، بن عبد العزيز بن هدبة بن الحصين بن الحارث بن سنان بن عمر بن مرة بن عوف الحمري الدوسي، الملقب بالملك الناصر صلاح الدين. اتفق أهل التاريخ على أن أباه وأهله من (دوين) وهي بلدة في آخر أذربيجان وأنهم أكراد روادية، والروادية بطن من الهذبانية، وهي قبيلة كبيرة من الأكراد.

    وأصل الأسرة من أكراد الروادية. أما ابن الأثير فيقول عن نسب الأسرة الأيوبية: )هذا النسل هو أشراف الأكراد (. كردستان موطنهم ومعناها أرض الكرد، وهم الذين أسسوا دولة بل امبراطورية قوية بين القرنين الثامن والرابع قبل الميلاد.

    يقول أحمد بن خلكان قال لي رجل فقيه عارف بما يقول وهو من أهل دوين إن على باب دوين قرية يقال لها (أجدانقان) وجميع أهلها أكراد روادية وكان شاذي ـ جد صلاح الدين ـ قد أخذ ولديه أسد الدين شيركوه و نجم الدين أيوب وخرج بهما إلى بغداد ومن هناك نزلوا تكريت ومات شاذي بها وعلى قبره قبة داخل البلد.

    ولد صلاح الدين سنة532هـ بقلعة تكريت لما كان أبوه وعمه بها والظاهر أنهم ما أقاموا بها بعد ولادة صلاح الدين إلا مدة يسيرة، ولكنهم خرجوا من تكريت في بقية سنة 532هـ التي ولد فيها صلاح الدين أو في سنة ثلاث وثلاثين لأنهما أقاما عند عماد الدين زنكي بالموصل ثم لما حاصر دمشق وبعدها بعلبك وأخذها رتب فيهانجم الدين أيوب وذلك في أوائل سنة أربع وثلاثين.

    يقول ابن خلكان أخبرني بعض أهل بيتهم وقد سألته هل تعرف متى خرجوا من تكريت فقال سمعت جماعة من أهلنا يقولون إنهم أخرجوا منها في الليلة التي ولد فيها صلاح الدين فتشاءموا به وتطيروا منه فقال بعضهم لعل فيه الخيرة وما تعلمون فكان كما قال والله أعلم.[2] وروي أن عبد القادر الجيلاني دعا له عندما رآه بالبركة فيه ، خلال زيارة نجم الدين أيوب وأسرته لبغداد سنة 533 هـ/1138م ، وهذا يفسر أتباعه الطريقة القادرية فيما بعد[3][4] [5][6] وبعض العلماء كالمقريزي، وبعض المؤرخين المتأخرين قالوا: إنه كان أشعريًا [7]، ولم يزل صلاح الدين تحت كنف أبيه حتى ترعرع ولما ملك نور الدين محمود بن عماد الدين زنكي دمشق لازم نجم الدين أيوب خدمته وكذلك ولده صلاح الدين وكانت مخايل السعادة عليه لائحة والنجابة تقدمه من حالة إلى حالة ونور الدين يرى له ويؤثره ومنه تعلم صلاح الدين طرائق الخير وفعل المعروف والاجتهاد في أمور الجهاد.

    تزوج صلاح الدين عصمة الدين خاتون بعد وفاة زوجها نور الدين محمود.


    صلاح الدين يشترك مع عمه أسد الدين في الفتوحات
    لقد تأثر صلاح الدين بشجاعة عمه أسد الدين، وتعلم منه خوض المعارك وقيادة الرجال.

    ذات يوم عزم نور الدين بن عماد الدين زنكي القائد المغوار على فتح مصر ليتقوى بمواردها في حرب مقبلة ضد الصليبيين، فانتدب أسد الدين شيركوه لهذه المهمة.

    قرر أسد الدين أن يشارك ابن أخيه صلاح الدين ليكون مساعدًا له في هذه المهمة المشرفة، بعد أن خبر فيه مزايا كبار الأبطال، فقال له: يا يوسف تجهز للمسير. وهكذا فتح الله لصلاح الدين طريق العظمة التي أرادها له... وكان النصر له حليفًا في جميع المعارك التي خاضها، حتى انه تمكن من القبض على طاغية مصر «شاور » الذي اشتهر بالمراوغة والغدر، فقتله صلاح الدين، وأحست القاهرة أن حملاً ثقيلاً قد زال عنها... وخرج الشعب إلى الشوارع والساحات يحمد الله محتفلاً بخلاصه من الوزير الظالم، ويتغنون بهذه المناسبة السعيدة، إذ كان الوزير شاور يخون وطنه متواطئًا مع الصليبيين الغزاة.

    صلاح الدين يخلف عمه أسد الدين في القيادة بعد وفاته
    أقام أسد الدين في قصر الوزارة، بعد أن أطلق الخليفة يده كوزير لإدارة شؤون [[وادي النيل]]، غير أن الحكم لم يدم له طويلاً. ففي عام 564 ه - 169 م وافاه الأجل المحتوم، قد جاوز الثانية والثلاثين عامًا من العمر. ألبسه الخليفة العاضد حلة الوزارة في احتفالرائع، وخلع عليه ثوبًا مطرزًا بالذهب، وجبّة فاخرة تليق بالملوك، وأطلق على الوزير الشاب اسم «الملك الناصر صلاح الدنيا والدين يوسف بن أيوب .» لكن الصعاب تراكمت في طريقه لكثرة منافسيه وحاسديه، ومعظمهم من الطامعين بمنصبه الرفيع... لقد حاكوا له الدسائس ودبروا المؤامرات للقضاء عليه، لكنه صمد في وجه هذه المؤامرات، وصمم على شق طريقه، مواصلاً تنفيذ أهدافه العظيمة. غير أن «الملك الناصر » لم يغتر بهذا المجد كملوك ذلك العصر وأمرائه، فصلاح الدين يختلف عن الآخرين لأنه صاحب رسالة وهدف سام، الا وهو تحرير بيت المقدس من الصليبيين والقضاء على احتلالهم للديار المقدسة. لقد بادر الى انصاف المظلومين، ومساعدة المحتاجين وإعانة الفقراء، فاكتسب محبة الشعب له. لقد أخلص له الناس على اختلاف مذاهبهم وطوائفهم، وشعروا في عهده بأنه جاد في الاستعداد لتحرير بيت المقدس الأسيرة، وكافة أرجاء الشام من الغزاة. حتى ان المسيحيين العرب أحبوه لعدله وحكمته وعلقوا صوره في كنائسهم، ودعوا له في كنائسهم وصلواتهم. هذا ما شهده عبد المنعم الأندلسي حين زار وادي النيل، وتجول في مناطق الأقباط وأطلق شعرًا بهذا المعنى: فحطوا بأرجاء الهياكل صورة لك اعتقدوها كاعتقاد الأقانم لقد تضايق الذين كانوا يحترفون الاستبداد ويبتزون أموال الشعب الضعفاء، ومنهم «جوهر » كبير الخصيان السود، الذي خان وطنه، فكتب إلى الفرنجة يدعوهم إلى احتلال مصر، ووعدهم بالمساعدة. وقد وضع رسالته في حذاء جديد أعطاه إلى أحد رجاله لينطلق به إلى ملك الفرنجة في فلسطين. لكن أحد رجال صلاح الدين اشتبه برسول جوهر وقبض عليه متلبسًا عندما وجد الرسالة في حذائه... فحملها إلى صلاح الدين الذي أمر فورًا بقتل ذلك الزعيم الخائن.

    لقد كان أتباع جوهر في ذلك الوقت أكثر من خمسين ألفًا ولا يعلمون شيئًا عن نواياه. رغم ذلك هاجوا وأعلنوا الثورة والتمرد والشغب، إلا أن صلاح الدين قمع حركتهم بشدة، وانتهت معركتهم في يومين. على اثر ذلك بدأ صلاح الدين حملة تنظيم حاشية الخليفة، وطهرها من عناصر التمرد والشغب، وأبعد عنها الفاسدين الذين كانوا يعيثون فيها فسادًا وعبثًا. أموري ملك القدس الصليبي يزحف لاحتلال مصر في تلك الأثناء هب أموري ملك القدس الصليبي لاحتلال مصر، وزحف بجيش ضخم إلى دمياط للاستيلاء عليها. تمكن صلاح الدين من إيصال السلاح والرجال اليها عن طريق النيل بقيادة تقي الدين عمر، الذي تمكن من هزيمة المعتدين على الرغم من آلات الحصار والأبراج المتحركة التي جلبوها معهم، وهذه الأبراج كانت من سبع طبقات، وتجري على عجلات. لقد زاد نفوذ صلاح الدين بعد هذا النصر، فتعززت مكانته في كل أرجاء القطر المصري. لقد اندهش الجميع بصلاح الدين عندما خرج بنفسه على رأس قوة كبيرة لتعقب الغزاة إلى حدود مملكتهم... ثم استولى على ميناء العقبة في الأردن الذي كان مفتاح البحر الأحمر... وأول طريق الحجاج إلى الأراضي الحجازية.

    كان صلاح الدين قد صنع سفنًا مفصلة، وحملها على الجمال، فلما بلغ العقبة، أمر بتركيبها، ثم ملأها بالمقاتلين وزحف بها مع رجاله إلى القلعة برًا وبحرًا في آن واحد حتى كتب له النصر.

    لقد سعد صلاح الدين عندما علم بأن نور الدين محمود زنكي حاكم دمشق قد امن ارسال نجم الدين وعائلته إلى مصر لزيارة ابنهم، وكان صلاح الدين عائدًا لتوه من العقبة... فهب للقائهم. لقد كان لقاء حارًا وعظيمًا، فيه كل معاني العزة والفخر يضفيها ابن بطل بار على والده الذي تذكر ما قاله له الشيخ: «رويدك يا نجم الدين... فلعل فيه الخير وأنتم لا تعلمون ». لقد تحققت كلمة الشيخ وكذلك أماني والد صلاح الدين.

    القضاء على الدولة الفاطمية
    كانت الدولة الفاطمية تحتضر... فقضى صلاح الدين عليها قضاء رحيمًا، وأمر الخطباء أن يخطبوا في المساجد باسم الخليفة العباسي المقيم في بغداد. وفي هذه الأثناء كان الخليفة الفاطمي مريضًا... فوافاه الأجل المحتوم دون أن يعلم بزوال دولته. أقام له صلاح الدين مأتمًا جليلاً استغرق ثلاثة أيام، ثم أمر بعد ذلك بفتح خزائن القصر، التي كانت تحتوي على ما جمعه الخلفاء الفاطميون وما توارثوه، وكان ذلك عام ) 567 ه/ 1180 م( بعد أن عاشت ) 275 ( سنة. تشع نورًا وحضارة على العالم، وأخرجت مذهبًا توحيديًا غاية بالإيمان والعقلانية.

    أما الثروة التي اكتشفها صلاح الدين في تلك الخزائن، فقد أجمع المؤرخون على أنها لا تقع تحت حصر.. كانت مصر أغنى ديار العرب والإسلام... غنية بالموارد، لقد غرق سلاطينها في الرخاء... إذ كانوا ملوك ذلك الزمن في الثراء والبذخ. كان قصر الخليفة يتألف من آلاف الغرف، وبوابته مصنوعة من الذهب الخالص، تفتح على بهو يتصدره عرش من الذهب المرصع بالأحجار الكريمة، تحيط به الأعمدة الرخامية والأثاث المزخرف من خشب الابنوس، ومطعّم بالعاج والجواهر النفيسة.

    لم يأخذ صلاح الدين لنفسه شيئًا من تلك الثروة ولا حجرًا واحدًا كريمًا ولا حتى دينارًا واحدًا... إنه أرفع من ذلك، لقد أهدى الخليفة العباسي قسمًا من هذه الكنوز... وأرسل إلى نور الدين زنكي في دمشق نصيبه كي يستعمله في تجهيز جيشه لطرد الغزاة الصليبيين من الديار المقدسة، كما وزع قسمًا بسيطًا على قادة وجنود جيشه. باع البقية الباقية، محولاً ثمنها إلى بيت مال المسلمين... لقد استغرق البيع عشر سنوات.

    أما مكتبة القصر، فكانت تضم مائة وعشرين ألف مجلد، فوهب نفائسها إلى القاضي، كاتبه الأول... وخرج هو من تلك التصفية عالي الجبين، طاهر اليد. ولم ينتقل إلى قصر الخلافة بل لزم دار الوزارة، وانصرف إلى بناء قلعة حصينة على قمة جبل المقطم ليجعلها مقامًا له ومقرًا لدواوينه.


    وفاة «نجم الدين أيوب »
    توفى نجم الدين والد صلاح الدين، فحزن صلاح الدين عليه حزنًا شديدًا، وأحس بأنه فقد معلمًا ومرشدًا وصديقًا وفيًا. كانت وفاته في عام 1172 م. عمد صلاح الدين إلى دعم وتقوية سلطانه، فأرسل أخاه «ثوران شام » إلى شمال افريقيا، حيث استولى على طرابلس الغرب، وأعقبها تونس وبلغ حتى مدينة قابس. ثم توجه إلى بلاد النوبة فاحتل «ابريم »، وبعدها توجه إلى أرض الحجاز، وزار مكة المكرمة وطاف بالكعبة المشرفة بصحبة أشراف مكة. ولما استتب له الأمر في اليمن، أمر ببناء مدينة «تعز».

    اكتشف صلاح الدين مؤامرة ضده وضد أخيه فتصدى لها لقد دبر بعض الحساد مؤامرة على أخيه وعليه أيضًا، وهم الذين كتبوا رسالة إلى راشد بن سنان رئيس الحشاشين في الشام. وكذلك رسالة أخرى إلى الملك أموري ملك بيت المقدس، طالبين عقد صفقة معه ومع الصليبيين، مفادها انهم سوف يقومون بثورة داخلية – في حالة قدوم القوات الصليبية إلى سواحل وشواطئ البحر وإلى مشارف مصر، كما استنجدوا بوليم الثاني ملك صقلية لمداهمة صلاح الدين برًا وبحرًا في أثناء قيامهم بالثورة والقضاء عليه... لكن المؤامرة اكتشفت قبل تنفيذها، وذلك بهمة الفقيه زين الدين بن نجا، حيث ألقى صلاح الدين القبض عليهم، وبطش بهم جميعًا. لكن ملك صقلية رغم ذلك قاد أسطوله إلى الاسكندرية لمداهمتها.. فقابله صلاح الدين بالحديد والنار ورده خاسرًا... وكان هذا الأسطول يتكون من مائتي سفينة تحمل خمسين الف مقاتل وعددًا كبيرًا من المنجنيقات وآلات الحصار.

    عاد صلاح الدين من الاسكندرية مزهوًا بالنصر.. فعلم بأن والي «أسوان » استغل انشغال صلاح الدين في قتال الاسكندرية فأعلن الثورة، وآزره والي «قوص » على الرغم من إحسان صلاح الدين اليهما.. فجرد عليهما جيشًا بقيادة أخيه سيف الدين الذي أخمد الفتنة وقتل مشعلها.

    وفاة نور الدين محمود زنكي
    في هذه الأثناء، وبعد هذا الانتصار، نعت دمشق القائد المغوار نور الدين محمود زنكي، فحزن عليه صلاح الدين حزنًا عميقًا. كيف لا فوالد المتوفى هو عماد الدين زنكي الذي كان قد فك ضيق والده نجم الدين عند ولادة صلاح الدين وتكفل بهم جميعًا. وبعد وفاة نور الدين زنكي توفى أيضًا ملك القدس الصليبي «اموري »، وبعد وفاته اتسع أمام صلاح الدين المجال لتحقيق أحلامه في توحيد القوى العربية وتحرير ديار الشام وبيت المقدس بعد 88 سنة من الاحتلال. هذه هي صفات فتى كان يصرخ بعد ولادته فتغير وأصبح إنسانًا في طفولته، هادئًا ووديعًا، يحمل ذهنًا واسعًا يتقبل كل إرشاد.. وهو ميال للفروسية والمبارزة يغلب عليه الخلق الحميد في التعامل، لم تغره كنوز الدنيا، لأنه شب في صباه مدافعًا عن العدل وإحقاق الحق.

    وعندما أصبح قائدًا صاحب شهرة عالية، سار على الخلق الذي شب عليه منذ نعومة أظافره.. ولم تغيره العظمة ولا المراكز التي تبوأها... حتى ان أعداءه نعتوه بالقائد العادل... صاحب الخلق الحميد، فأجلّوه واحترموه... وسجل التاريخ اسمه بأحرف من نور تنبعث منها العزة والفخار. صلاح الدين الأيوبي الكردي.

    مرض رحمه الله في دمشق، ومات في الليلة الثانية عشرة لمرضه ليلة الاربعاء 27 صفر سنة 589 ه، تاركًا خلفه سبعة عشر ولدًا وبنتًا واحدة، ولم يخلف لهم ملكًا ولا بيتًا ولا مزرعة ولا شيئًا إلا سبعة وأربعين دينارًا شامية فقط. إنه صلاح الدنيا والدين بن نجم الدين بن أيوب الذي ينعم الآن مع الصديقين والأبرار الخالدين في جنات النعيم.

    أبناء صلاح الدين
    أبناء السلطان صلاح الدين بحسب [8]

    الملك الأفضل نور الدين علي، ولي العهد (صاحب دمشق) (مولده 566هـ ووفاته 622) ·
    الملك العزيز عماد الدين عثمان، صاحب مصر (مولده 567 ووفاته 595) ·
    الملك الظافر مظفر الدين خضر، صاحب بصرى وشقيق الملك الأفضل، (مولده 568هـ ووفاته 627) ·
    الملك الظاهر أبو المنصور غياث الدين غازي، صاحب حلب، وأجلّ أخوته (مولده 568هـ ووفاته 613) ·
    الملك المعز فتح الدين إسحق ·
    الملك المؤيد نجم الدين مسعود، أبو الفتح، صاحب رأس العين تولاها وغيرها في حياة أبيه. ·
    الملك الأعز شرف الدين يعقوب (من رجال الحديث) (مولده 572هـ ووفاته 627) ·
    الملك الأشرف عز الدين محمد ·
    الملك المفضل قطب الدين موسى (من رجال الحديث) (مولده ؟ ووفاته 631هـ). ·
    الملك الغالب نصير الدين ملكشاه، أبو الفتح ·
    الملك الجواد ركن الدين أيوب ·
    الملك الزاهر مجير الدين داود أبو سليمان، صاحب قلعة البيرة، وهو شقيق غازي (مولده 573هـ ووفاته 632) ·
    الملك المُحْسن ظهير الدين أحمد (من رجال الحديث) (مولده 577هـ ووفاته 634هـ) ·
    الملك المعظم فخر الدين تورانشاه (من رجال الحديث) (مولده 577هـ ووفاته658 وهو آخرهم وفاة) ·
    نصرة الدين مروان ·
    عماد الدين شادي ·
    الملك المنصور أبو بكر.
    صلاح الدين في مصر
    المقالة الرئيسية: صلاح الدين في مصر

    قلعة صلاح الدين في مصر

    قلعة صلاح الدين في القاهرة

    Saladin as depicted on a Dirham coin, Circa. 1190.
    هرب الوزير الفاطميشاور من مصر من الوزير ضرغام بن عامر بن سوار الملقب فارس المسلمين اللخمي المنذري لما استولى على الدولة المصرية وقهره وأخذ مكانه في الوزارة كعادتهم في ذلك وقتل ولده الأكبر طي بن شاور فتوجه شاور إلى الشام مستغيثا بالملك العادل نور الدين بن زنكي وذلك في شهر رمضان 558هـ ودخل دمشق في الثالث والعشرين من ذي القعدة من السنة نفسها فوجه نور الدين معه الأمير أسد الدين شيركوه في جماعة من عسكره كان صلاح الدين في جملتهم في خدمة عمه وهو كاره للسفر معهم وكان لنور الدين في إرسال هذا الجيش هدفان:

    الاول :قضاء حق شاور لكونه قصده ودخل عليه مستصرخا.

    الثاني: أنه أراد استعلام أحوال مصر فإنه كان يبلغه أنها ضعيفة من جهة الجند وأحوالها في غاية الاختلال فقصد الكشف عن حقيقة ذلك.
    وكان كثير الاعتماد على شيركوه لشجاعته ومعرفته وأمانته فانتدبه لذلك وجعل أسد الدين شيركوه ابن أخيه صلاح الدين مقدم عسكره وشاور معهم فخرجوا من دمشق في جمادى الأولى سنة 559هـ فدخلوا مصر واستولوا على الأمر في رجب من السنة نفسها. ولما وصل أسد الدين وشاور إلى الديار المصرية واستولوا عليها وقتلوا الضرغام وحصل لشاور مقصودة وعاد إلى منصبه وتمهدت قواعده واستمرت أموره غدر بأسد الدين شيركوه واستنجد بالإفرنج عليه فحاصروه فيبلبيس، وكان أسد الدين قد شاهد البلاد وعرف أحوالها وأنها مملكة بغير رجال تمشي الأمور فيها بمجرد الإيهام والمحال فطمع فيها وعاد إلى الشام، وأقام أسد الدين بالشام مدة مفكرا في تدبير عودته إلى مصر محدثا نفسه بالملك لها مقررا قواعد ذلك مع نور الدين إلى سنة 562هـ وبلغ نور الدين وأسد الدين مكاتبة الوزير الخائن شاور للفرنج وما تقرر بينهم فخافا على مصر أن يملكوها ويملكوا بطريقها جميع البلاد فتجهز أسد الدين وأنفذ معه نور الدين العساكر وصلاح الدين في خدمة عمه أسد الدين، وكان وصول أسد الدين إلى البلاد مقارنا لوصول الإفرنج إليها واتفق شاور والمصريون بأسرهم والإفرنج على أسد الدين وجرت حروب كثيرة. وتوجه صلاح الدين إلى الإسكندرية فاحتمى بها وحاصره الوزير شاور في جمادى الآخرة من سنة 562هـ ثم عاد أسد الدين من جهة الصعيد إلى بلبيس وتم الصلح بينه وبين المصريين وسيروا له صلاح الدين فساروا إلى الشام. ثم إن أسد الدين عاد إلى مصر مرة ثالثة وكان سبب ذلك أن الإفرنج جمعوا فارسهم وراجلهم وخرجوا يريدون مصر ناكثين العهود مع المصريين وأسد الدين طمعا في البلاد فلما بلغ ذلك أسد الدين ونور الدين لم يسعهما الصبر فسارعا إلى مصر أما نور الدين فبالمال والرجال ولم يمكنه المسير بنفسه خوفا على البلاد من الإفرنج، وأما أسد الدين فبنفسه وماله وإخوته وأهله ورجاله يقول بن شداد لقد قال لي السلطان صلاح الدين قدس الله روحه كنت أكره الناس للخروج في هذه الدفعة وما خرجت مع عمي باختياري وهذا معنى قوله تعالى {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم} (البقرة:216) وكان شاور لما أحس بخروج الإفرنج إلى مصر سير إلى أسد الدين يستصرخه ويستنجده فخرج مسرعا وكان وصوله إلى مصر في شهر ربيع الأول سنة 564هـ ولما علم الإفرنج بوصول أسد الدين إلى مصر على اتفاق بينه وبين أهلها رحلوا راجعين على أعقابهم ناكصين وأقام أسد الدين بها يتردد إليه شاور في الأحيان وكان وعدهم بمال في مقابل ما خسروه من النفقة فلم يوصل إليهم شيئا وعلم أسد الدين أن شاور يلعب به تارة وبالإفرنج أخرى،وتحقق أنه لا سبيل إلى الاستيلاء على البلاد مع بقاء شاور فأجمع رأيه على القبض عليه إذا خرج إليه، فقتله وأصبح أسد الدين وزيرا وذلك في سابع عشر ربيع الأول سنة 564هـ ودام آمرا وناهيا و صلاح الدين يباشر الأمور مقرراً لها لمكان كفايته ودرايته وحسن رأيه وسياسته إلى الثاني والعشرين من جمادى الآخرة من السنة نفسها فمات أسد الدين. وذكر المؤرخون أن أسد الدين لما مات استقرت الأمور بعده للسلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب فبذل الأموال وملك قلوب الرجال وهانت عنده الدنيا فملكها وشكر نعمة الله تعالى عليه، وأعرض عن أسباب اللهو وتقمص بقميص الجد والاجتهاد، استعدادا لمواجهات مستمرة مع الصليبيين من جهة ومع خزعبلات الدولة الفاطمية من جهة أخرى.


    هجوم الإفرنج على مصر
    ولما علم الإفرنج استقرار الأمر بمصر لصلاح الدين علموا أنه يملك بلادهم ويخرب ديارهم ويقلع آثارهم لما حدث له من القوة والملك واجتمع الإفرنج والروم جميعا وقصدوا الديار المصرية فقصدوا دمياط ومعهم آلات الحصار وما يحتاجون إليه من العدد ولما رأى نور الدين ظهور الإفرنج ونزولهم على دمياط قصد شغلهم عنها فنزل على الكرك محاصرا لها فقصده فرنج الساحل فرحل عنها وقصد لقاءهم فلم يقفوا له. ولما بلغ صلاح الدين قصد الإفرنج دمياط استعد لهم بتجهيز الرجال وجمع الآلات إليها ووعدهم بالإمداد بالرجال إن نزلوا عليهم وبالغ في العطايا والهبات وكان وزيرا متحكما لا يرد أمره في شيء ثم نزل الإفرنج عليها واشتد زحفهم وقتالهم عليها وهو يشن عليهم الغارات من خارج والعسكر يقاتلهم من داخل ونصر الله تعالى المسلمين به وبحسن تدبيره فرحلوا عنها خائبين فأحرقت مناجيقهم ونهبت آلاتهم وقتل من رجالهم عدد كبير.

    تأسيس الدولة الأيوبية

    واستقرت الأمور لصلاح الدين ونقل أسرته ووالده نجم الدين أيوب إليها ليتم له السرور وتكون قصته مشابهة لقصة يوسف الصديق عليه السلام، ولم يزل صلاح الدين وزيرا حتى مات العاضد آخر الخلفاء الفاطميين 565هـ وبذلك انتهت الدولة الفاطمية وبدأت دولة بني أيوب (الدولة الأيوبية).

    ولقب صلاح الدين بالملك الناصر وعاد إلى دار أسد الدين فأقام بها، وثبت قدم صلاح الدين ورسخ ملكه.

    وأرسل صلاح الدين يطلب من نور الدين أن يرسل إليه إخوته فلم يجبه إلى ذلك وقال أخاف أن يخالف أحد منهم عليك فتفسد البلاد، ثم إن الإفرنج اجتمعوا ليسيروا إلى مصر فسير نور الدين العساكر وفيهم إخوة صلاح الدين منهم شمس الدولة توران شاه بن أيوب، وهو أكبر من صلاح الدين.

    و ذكر ابن الأثير ما حدث من الوحشة بين نور الدين وصلاح الدين باطنا فقال: وفي سنة 567هـ حدث ما أوجب نفرة نور الدين عن صلاح الدين وكان الحادث أن نور الدين أرسل إلى صلاح الدين يأمره بجمع العساكر المصرية والمسير بها إلى بلد الإفرنج والنزول على الكرك ومحاصرته ليجمع هو أيضا عساكره ويسير إليه ويجتمعا هناك على حرب الإفرنج والاستيلاء على بلادهم فبرز صلاح الدين من القاهرة في العشرين من محرم وكتب إلى نور الدين يعرفه أن رحيله لا يتأخر وكان نور الدين قد جمع عساكره وتجهز وأقام ينتظر ورود الخبر من صلاح الدين برحيله ليرحل هو فلما أتاه الخبر بذلك رحل من دمشق عازما على قصد الكرك فوصل إليه وأقام ينتظر وصول صلاح الدين إليه فأرسل كتابه يعتذر فيه عن الوصول باختلال البلاد المصرية لأمور بلغته عن بعض شيعة العلويين وأنهم عازمون على الوثوب بها وأنه يخاف عليها مع البعد عنها فعاد إليها فلم يقبل نور الدين عذره، وكان سبب تقاعده أن أصحابه وخواصه خوفوه من الاجتماع بنور الدين فحيث لم يمتثل أمر نور الدين شق ذلك عليه وعظم عنده وعزم على الدخول إلى مصر وإخراج صلاح الدين عنها.

    ووصل الخبر إلى صلاح الدين فجمع أهله وفيهم والدهنجم الدين أيوب وخاله شهاب الدين الحارمي ومعهم سائر الأمراء وأعلمهم ما بلغه عن عزم نور الدين على قصده وأخذ مصر منه واستشارهم فلم يجبه أحد منهم بشيء فقام تقي الدين عمر ابن أخي صلاح الدين وقال إذا جاء قاتلناه وصددناه عن البلاد ووافقه غيره من أهله فشتمهم نجم الدين أيوب وأنكر ذلك واستعظمه وكان ذا رأي ومكر وعقل وقال لتقي الدين اقعد وسبه وقال لصلاح الدين أنا أبوك وهذا شهاب الدين خالك أتظن أن في هؤلاء كلهم من يحبك ويريد لك الخير مثلنا فقال لا فقال

    توسع الدولة الأيوبية

    Jacob's Ford Battlefield, looking from the west bank to the east bank of the Jordan River.
    قال ابن شداد لم يزل صلاح الدين على قدم بسط العدل ونشر الإحسان وإفاضة الإنعام على الناس إلى سنة 568هـ فعند ذلك خرج بالعسكر يريد بلاد الكرك و الشوبك وإنما بدأ بها لأنها كانت أقرب إليه وكانت في الطريق تمنع من يقصد الديار المصرية وكان لا يمكن أن تعبر قافلة حتى يخرج هو بنفسه يعبرها فأراد توسيع الطريق وتسهيلها فحاصرها في هذه السنة وجرى بينه وبين الإفرنج وقعات وعاد ولم يظفر منها بشيء ولما عاد بلغه خبر وفاة والدهنجم الدين أيوب قبل وصوله إليه.

    ولما كانت سنة 569هـ رأى قوة عسكره وكثرة عدده وكان بلغه أن باليمن إنسانا استولى عليها وملك حصونها يسمى عبد النبي بن مهدي فسير أخاه توران شاه فقتله وأخذ البلاد منه وبلغ صلاح الدين أن إنسانا يقال له الكنز جمع بأسوان خلقا عظيما من السودان وزعم أنه يعيد الدولة المصرية وكان أهل مصر يؤثرون عودهم فانضافوا إلى الكنز، فجهز صلاح الدين إليه جيشا كثيفا وجعل مقدمه أخاه الملك العادل وساروا فالتقوا وهزموهم وذلك في السابع من صفر سنة 570هـ.

    كان نور الدين رحمه الله قد خلف ولده الملك الصالح إسماعيل وكان بدمشق عند وفاة أبيه ثم إن صلاح الدين بعد وفاة نور الدين علم أن ولده الملك الصالح صبي لا يستقل بالأمر ولا ينهض بأعباء الملك واختلفت الأحوال بالشام.

    كاتب شمس الدين ابن المقدم صلاح الدين فتجهز من مصر في جيش كثيف وترك بها من يحفظها وقصد دمشق مظهرا أنه يتولى مصالح الملك الصالح فدخلها في سنة 570هـ وتسلم قلعتها وكان أول دخوله دار أبيه، وهي الدار المعروفة بالشريف العقيقي، واجتمع الناس إليه وفرحوا به وأنفق في ذلك اليوم مالا جليلا وأظهر السرور بالدمشقيين وصعد القلعة وسار إلى حلب فنازل حمص وأخذ مدينتها في جمادى الأولى من السنة نفسها ولم يشتغل بقلعتها وتوجه إلى حلب ونازلها في يوم الجمعة آخر جمادى الأولى من السنة وهي المعركة الأولى. ولما أحس سيف الدين غازي بن قطب الدين مودود بن عماد الدين زنكي صاحب الموصل بما جرى علم أن صلاح الدين قد استفحل أمره وعظم شأنه وخاف إن غفل عنه استحوذ على البلاد واستقرت قدمه في الملك وتعدى الأمر إليه فأنفذ عسكرا وافرا وجيشا عظيما وقدم عليه أخاه عز الدين مسعود بن قطب الدين مودود وساروا يريدون لقاءه ليردوه عن البلاد فلما بلغ صلاح الدين ذلك رحل عن حلب في مستهل رجب من السنة عائدا إلى حماة ورجع إلى حمص فأخذ قلعتها ووصل عز الدين مسعود إلى حلب وأخذ معه عسكر ابن عمه الملك الصالح بن نور الدين صاحب حلب يومئذ وخرجوا في جمع عظيم فلما عرف صلاح الدين بمسيرهم سار حتى وافاهم على قرون حماة وراسلهم وراسلوه واجتهد أن يصالحوه فما صالحوه ورأوا أن ضرب المصاف معه ربما نالوا به غرضهم والقضاء يجر إلى أمور وهم بها لا يشعرون فتلاقوا فقضى الله تعالى أن هزموا بين يديه وأسر جماعة منهم فمن عليهم وذلك في تاسع شهر رمضان من سنة570 هـ عند قرون حماة ثم سار عقيب هزيمتهم ونزل على حلب وهي الدفعة الثانية فصالحوه على أخذ المعرة و كفر طاب و بارين ولما جرت هذه المعركة كان سيف الدين غازي يحاصر أخاه عماد الدين زنكي صاحب سنجار وعزم على أخذها منه لأنه كان قد انتمى إلى صلاح الدين وكان قد قارب أخذها فلما بلغه الخبر وأن عسكره انكسر خاف أن يبلغ أخاه عماد الدين الخبر فيشتد أمره ويقوى جأشه فراسله وصالحه ثم سار من وقته إلى نصيبين واهتم بجمع العساكر والإنفاق فيها وسار إلى البيرة وعبر الفرات وخيم على الجانب الشامي وراسل ابن عمه الصالح بن نور الدين صاحب حلب حتى تستقر له قاعدة يصل عليها ثم إنه وصل إلى حلب وخرج الملك الصالح إلى لقائه أقام على حلب مدة.

    المواجهة مع الإفرنجة

    19th century depiction of a victorious Saladin.
    في سنة 572هـ اسقرت الأمور بمصر والشام للدولة الأيوبية، وكان أخو صلاح الدين شمس الدولة توران شاه قد وصل إليه من اليمن فاستخلفه بدمشق ثم تأهب للغزاة من الإفرنجة، فخرج يطلب الساحل حتى وافى الإفرنج على الرملة وذلك في أوائل جمادى الأولى سنة 573هـ وكانت الهزيمة على المسلمين في ذلك اليوم، فلما انهزموا لم يكن لهم حصن قريب يأوون إليه فطلبوا جهة الديار المصرية وضلوا في الطريق وتبددوا وأسر منهم جماعة منهم الفقيه عيسى الهكاري وكان ذلك وهنا عظيما جبره الله تعالى بمعركة حطين المشهورة. أقام صلاح الدين بمصر حتى لم شعثه وشعث أصحابه من أثر هزيمة الرملة ثم بلغه تخبط الشام فعزم على العود إليه واهتم بالغزاة فوصله رسول "قليج أرسلان" صاحب الروم يلتمس الصلح ويتضرر من الأرمن فعزم على قصد بلاد ابن لاون ـ وهي بلاد سيس الفاصلة بين حلب والروم من جهة الساحل ـ لينصر قليج أرسلان عليه فتوجه إليه واستدعى عسكر حلب لأنه كان في الصلح أنه متى استدعاه حضر إليه ودخل بلد ابن لاون وأخذ في طريقه حصنا و أخربه ورغبوا إليه في الصلح فصالحهم ورجع عنهم ثم سأله قليج أرسلان في صلح الشرقيين بأسرهم فأجاب إلى ذلك وحلف صلاح الدين في عاشر جمادى الأولى سنة ست وسبعين وخمسمائة ودخل في الصلح قليج أرسلان والمواصلة وعاد بعد تمام الصلح إلى دمشق ثم منها إلى مصر.

    معركة حطين
     مقالة مفصلة: معركة حطين

    Image of a figurine on a concept of a waterclock by al-Jazarî in an Arabian manuscript of 15th century.
    كانت معركة حطين المباركة على المسلمين في يوم السبت 14 ربيع الآخر سنة 583هـ في وسط نهار الجمعة وكان صلاح الدين كثيرا ما يقصد لقاء العدو في يوم الجمعة عند الصلاة تبركا بدعاء المسلمين والخطباء على المنابر فسار في ذلك الوقت بمن اجتمع له من العساكر الإسلامية وكانت تجاوز العد والحصر على تعبئة حسنة وهيئة جميلة وكان قد بلغه عن العدو أنه اجتمع في عدة كثيرة بمرج صفورية بعكا عندما بلغهم اجتماع الجيوش الإسلامية فسار ونزل على بحيرة طبرية ثم رحل ونزل على طبرية على سطح الجبل ينتظر هجوم الصليبيين عليه إذا بلغهم نزوله بالموضع المذكور فلم يتحركوا ولا خرجوا من منزلهم وكان نزولهم يوم الأربعاء 21ربيع الآخر فلما رآهم لا يتحركون نزل على طبرية وهاجمها وأخذها في ساعة واحدة وبقيت القلعة محتمية بمن فيها ولما بلغ العدو ما جرى على طبرية قلقوا لذلك ورحلوا نحوها فبلغ السلطان ذلك فترك على طبرية من يحاصر قلعتها ولحق بالعسكر فالتقى بالعدو على سطح جبل طبرية الغربي منها وذلك في يوم الخميس 22 ربيع الآخر وحال الليل بين المعسكرين قياما على مصاف إلى بكرة يوم الجمعة فركب الجيشان وتصادما والتحم القتال واشتد الأمر وذلك بأرض قرية تعرف بلوبيا وضاق الخناق بالعدو وهم سائرون كأنهم يساقون إلى الموت وهم ينظرون وقد أيقنوا بالويل والثبور وأحست نفوسهم أنهم في غد يومهم ذلك من زوار القبور ولم تزل الحرب تضطرم والفارس مع قرنه يصطدم ولم يبق إلا الظفر ووقع الوبال على من كفر فحال بينهم الليل بظلامه وبات كل واحد من الفريقين في سلاحه إلى صبيحة يوم السبت فطلب كل من الفريقين مقامه وتحقق المسلمون أن من ورائهم الأردن ومن بين أيديهم بلاد العدو وأنهم لا ينجيهم إلا الاجتهاد في الجهاد فحملت جيوش المسلمين من جميع الجوانب وحمل القلب وصاحوا صيحة رجل واحد فألقى الله الرعب في قلوب الكافرين وكان حقا عليه نصر المؤمنين ولما أحس القوم بالخذلان هرب منهم في أوائل الأمر وقصد جهة صور وتبعه جماعة من المسلمين فنجا منهم وكفى الله شره وأحاط المسلمون بالصليبيين من كل جانب وأطلقوا عليهم السهام وحكموا فيهم السيوف وسقوهم كأس الحمام وانهزمت طائفة منهم فتبعها أبطال المسلمين فلم ينج منها أحد واعتصمت طائفة منهم بتل يقال له تل حطين وهي قرية عندها قبر النبي شعيب عليه السلام فضايقهم المسلمون وأشعلوا حولهم النيران واشتد بهم العطش وضاق بهم الأمر حتى كانوا يستسلمون للأمر خوفا من القتل لما مر بهم فأسر مقدموهم وقتل الباقون.

    وكان ممن سلم من مقدميهم الملك جفري وأخوه والبرنس أرناط صاحب الكرك والشوبك وابن الهنفري وابن صاحبة طبرية ومقدم الديوية وصاحب جبيل ومقدم الأسبتار.

    قال ابن شداد ولقد حكي لي من أثق به أنه رأى بحوران شخصا واحدا معه نيف وثلاثون أسيرا قد ربطهم بوتد خيمة لما وقع عليهم من الخذلان.

    وأما أرناط فان صلاح الدين كان قد نذر أنه إن ظفر به قتله وذلك لأنه كان قد عبر به عند الشوبك قوم من مصر في حال الصلح فغدر بهم وقتلهم فناشدوه الصلح الذي بينه وبين المسلمين فقال ما يتضمن الاستخفاف بالنبي (صلى الله عليه وسلم) وبلغ السلطان فحملته حميته ودينه على أن يهدر دمه.

    من مواقف صلاح الدين

    Saladin and Guy of Lusignan after Battle of Hattin
    لما فتح الله تعالى عليه بنصره في حطين جلس صلاح الدين في دهليز الخيمة لأنها لم تكن نصبت بعد وعرضت عليه الأسارى وسار الناس يتقربون إليه بمن في أيديهم منهم وهو فرح بما فتح الله تعالى على يده للمسلمين ونصبت له الخيمة فجلس فيها شاكرا لله تعالى على ما أنعم به عليه واستحضر الملك جفري وأخاه و أرناط وناول السلطان جفري شربة من جلاب وثلج فشرب منها وكان على أشد حال من العطش ثم ناولها لأرناط وقال السلطان للترجمان قل للملك أنت الذي سقيته وإلا أنا فما سقيته وكان من جميل عادة العرب وكريم أخلاقهم أن الأسير إذا أكل أو شرب من مال من أسره أمن فقصد السلطان بقوله ذلك ثم أمر بمسيرهم إلى موضع عينه لهم فمضوا بهم إليه فأكلوا شيئا ثم عادوا بهم ولم يبق عنده سوى بعض الخدم فاستحضرهم وأقعد الملك في دهليز الخيمة.


    صلاح الدين في دمشق
    وأحضر صلاح الدين أرناط وأوقفه بين يديه وقال له: ها أنا أنتصر لمحمد منك ثم عرض عليه الإسلام فلم يفعل فسل سيفه فضربه بها فحل كتفه وتمم قتله من حضر وأخرجت جثته ورميت على باب الخيمة،فلما رآه الملك على تلك الحال لم يشك في أنه يلحقه به فاستحضره وطيب قلبه وقال له لم تجر عادة الملوك أن يقتلوا الملوك وأما هذا فإنه تجاوز الحد وتجرأ على الأنبياء صلوات الله عليهم وبات الناس في تلك الليلة على أتم سرور ترتفع أصواتهم بحمد الله وشكره وتهليله وتكبيره حتى طلع الفجر ثم نزل السلطان على طبرية يوم الأحد الخامس والعشرين من شهر ربيع الآخر وتسلم قلعتها في ذلك النهار وأقام عليها إلى يوم الثلاثاء.


    تحرير عكا وما حولها
    ورحل صلاح الدين طالبا عكا فكان نزوله عليها يوم الأربعاء وقاتل الصليبيين بها بكرة يوم الخميس مستهل جمادى الأولى سنة 583هـ فأخذها واستنقذ من كان بها من أسارى المسلمين وكانوا أكثر من أربعة آلاف نفس واستولى على ما فيها من الأموال والذخائر والبضائع لأنها كانت مظنة التجار وتفرقت العساكر في بلاد الساحل يأخذون الحصون والقلاع والأماكن المنيعة فأخذوا نابلس وحيفا وقيسارية وصفورية والناصرة وكان ذلك لخلوها من الرجال لأن القتل والأسر أفنى كثيرا منهم ولما استقرت قواعد عكا وقسم أموالها وأساراها سار يطلب تبنين فنزل عليها يوم الأحد حادي عشر جمادى الأولى وهي قلعة منيعة فنصب عليها المناجيق وضيق بالزحف خناق من فيها، فقاتلوا قتالا شديدا ونصره الله سبحانه عليهم فتسلمها منهم يوم الأحد ثامن عشرة عنوة وأسر من بقي فيها بعد القتل ثم رحل عنها إلى صيدا فنزل عليها وتسلمها في غد يوم نزوله عليها وهو يوم الأربعاء العشرون من جمادى الأولى وأقام عليها ريثما قرر قواعدها وسار حتى أتى بيروت فنازلها ليلة الخميس الثاني والعشرين من جمادى الأولى وركب عليها المجانيق وداوم الزحف والقتال حتى أخذها في يوم الخميس التاسع والعشرين من الشهر المذكور وتسلم أصحابه جبيل وهو على بيروت، ولما فرغ من هذا الجانب رأى أن قصده عسقلان أولى لأنها أيسر من صور فأتى عسقلان ونزل عليها يوم الأحد السادس عشر من جمادى الآخرة من السنة وتسلم في طريقه إليها مواضع كثيرة كالرملة والداروم وأقام في عسقلان المناجيق وقاتلها قتالا شديدا وتسلمها في يوم السبت نهاية جمادى الآخرة من السنة وأقام عليها إلى أن تسلم أصحابه غزة وبيت جبريل والنطرون بغير قتال وكان بين فتح عسقلان وأخذ الإفرنج لها من المسلمين خمس وثلاثون سنة فإنهم كانوا أخذوها من المسلمين في السابع والعشرين من جمادى الآخرة سنة 548هـ.

    تحرير القدس
    قال ابن شداد لما تسلم صلاح الدين عسقلان والأماكن المحيطة بالقدس شمر عن ساق الجد والاجتهاد في قصد القدس المبارك واجتمعت إليه العساكر التي كانت متفرقة في الساحل فسار نحوه معتمدا على الله تعالى مفوضا أمره إليه منتهزا الفرصة في فتح باب الخير الذي حث على انتهازه بقوله من فتح له باب خير فلينتهزه فإنه لا يعلم متى يغلق دونه وكان نزوله عليه في يوم الأحد الخامس عشر من رجب سنة 583هـ وكان نزوله بالجانب الغربي وكان معه من كان مشحونا بالمقاتلة من الخيالة والرجالة وحزر أهل الخبرة ممن كان معه من كان فيه من المقاتلة فكانوا يزيدون على ستين ألفا خارجا عن النساء والصبيان ثم انتقل لمصلحة رآها إلى الجانب الشمالي في يوم الجمعة العشرين من رجب ونصب المناجيق وضايق البلد بالزحف والقتال حتى أخذ النقب في السور مما يلي وادي جهنم ولما رأى أعداء الله الصليبيون ما نزل بهم من الأمر الذي لا مدفع له عنهم وظهرت لهم إمارات فتح المدينة وظهور المسلمين عليهم وكان قد اشتد روعهم لما جرى على أبطالهم وحماتهم من القتل والأسر وعلى حصونهم من التخريب والهدم وتحققوا أنهم صائرون إلى ما صار أولئك إليه فاستكانوا وأخلدوا إلى طلب الأمان واستقرت الأمور بالمراسلة من الطائفتين وكان تسلمه في يوم الجمعة السابع والعشرين من رجب وليلته كانت ليلة المعراج المنصوص عليها في القرآن الكريم فانظر إلى هذا الاتفاق العجيب كيف يسر الله تعالى عوده إلى المسلمين في مثل زمان الإسراء بنبيهم وهذه علامة قبول هذه الطاعة من الله تعالى وكان فتحه عظيما شهده من أهل العلم خلق ومن أرباب الخرق والزهد عالم وذلك أن الناس لما بلغهم ما يسره الله تعالى على يده من فتوح الساحل وقصده القدس قصده العلماء من مصر والشام بحيث لم يتخلف أحد منهم وارتفعت الأصوات بالضجيج بالدعاء والتهليل والتكبير وصليت فيه الجمعة يوم فتحه وخطب القاضيمحيي الدين محمد بن علي المعروف بابن الزكي.

    وقد كتب عماد الدين الأصبهاني رسالة في فتح القدس،وجمع كتابا سماه الفتح القسي في الفتح القدسي وهو في مجلدين ذكر فيه جميع ما جرى في هذه الواقعة.

    وكان قد حضر الرشيد أبو محمد عبد الرحمن بن بدر بن الحسن بن مفرج النابلسي الشاعر المشهور هذا الفتح فأنشد السلطان صلاح الدين قصيدته التي أولها:

    هذا الذي كانت الآمال تنتظر*****فليوف لله أقوام بما نذروا

    وهي طويلة تزيد على مائة بيت يمدحه ويهنيه بالفتح. يقول بهاء الدين بن شداد في السيرة الصلاحية نكس الصليب الذي كان على قبة الصخرة وكان شكلا عظيما ونصر الله الإسلام على يده نصرا عزيزا ، وكان الإفرنج قد استولوا على القدس سنة 492هـ ولم يزل بأيديهم حتى استنقذه منهم صلاح الدين، وكانت قاعدة الصلح أنهم قطعوا على أنفسهم عن كل رجل عشرين دينارا وعن كل امرأة خمسة دنانير صورية وعن كل صغير ذكر أو أنثى دينارا واحدا فمن أحضر قطيعته نجا بنفسه وإلا أخذ أسيرا وأفرج عمن كان بالقدس من أسرى المسلمين وكانوا خلقا عظيما وأقام به يجمع الأموال ويفرقها على الأمراء والرجال ويحبو بها الفقهاء والعلماء والزهاد والوافدين عليه وتقدم بإيصال من قام بقطيعته إلى مأمنه وهي مدينة صور ولم يرحل عنه ومعه من المال الذي جبي له شيء وكان يقارب مائتي ألف دينار وعشرين ألفا وكان رحيله عنه يوم الجمعة الخامس والعشرين من شعبان من سنة 583هـ .

    منبر نور الدين
    ذكر الفتح بن علي البنداري في (سنا البرق الشامي؛ 314-315) وهو اختصار (البرق الشامي) للعماد الأصفهاني:

    وكان الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي في عهده عرف بنور فراسته فتح البيت المقدس من بعده فأمر في حلب باتخاذ منبر للقدس تعب فيه النجارون والصناع والمهندسون فيه سنين، وأبدعوا في تركيبه الإحكام والتزيين، وبقي ذلك المنبر بجامع حلب منصوباً سيفاً في صوان الحفظ مقروباً حتى أمر السلطان في هذا الوقت بالوفاء بالنذر النوري ونقل المنبر إلى موضعه القدسي، فعرف بذلك كرامات نور الدين التي أشرف سناها بعده بسنين، وكان من المحسنين الذين قال الله فيهم "والله يحب المحسنين"
    حصار صور
    يقول بن شداد: لما فتح صلاح الدين القدس حسن عنده قصد صور وعلم أنه إن أخر أمرها ربما عسر عليه فسار نحوها حتى أتى عكا فنزل عليها ونظر في أمورها ثم رحل عنها متوجها إلى صور في يوم الجمعة خامس شهر رمضان من السنة(583) فنزل قريبا منها وسير لإحضار آلات القتال ولما تكاملت عنده نزل عليها في ثاني عشر الشهر المذكور وقاتلها وضايقها قتالا عظيما واستدعى أسطول مصر فكان يقاتلها في البر والبحر ثم سير من حاصر هونين فسلمت في الثالث والعشرين من شوال من السنة، ثم خرج أسطول صور في الليل فهاجم أسطول المسلمين وأخذوا المقدم والريس وخمس قطع للمسلمين وقتلوا خلقا كثيرا من رجال المسلمين وذلك في السابع والعشرين من الشهر المذكور وعظم ذلك على السلطان وضاق صدره وكان الشتاء قد هجم وتراكمت الأمطار وامتنع الناس من القتال لكثرة الأمطار فجمع الأمراء واستشارهم فيما يفعل فأشاروا عليه بالرحيل لتستريح الرجال ويجتمعوا للقتال فرحل عنها وحملوا من آلات الحصار ما أمكن وأحرقوا الباقي الذي عجزوا عن حمله لكثرة الوحل والمطر وكان رحيله يوم الأحد ثاني ذي القعدة من السنة وتفرقت العساكر وأعطى كل طائفة منها دستورا وسار كل قوم إلى بلادهم وأقام هو مع جماعة من خواصه بمدينة عكا إلى أن دخلت سنة 584هـ ثم نزل على كوكب في أوائل المحرم من السنة ولم يبق معه من العسكر إلا القليل وكان حصنا حصينا وفيه الرجال والأقوات فعلم أنه لا يؤخذ إلا بقتال شديد فرجع إلى دمشق، وأقام بدمشق خمسة أيام. ثم بلغه أن الإفرنج قصدوا جبيل واغتالوها فخرج مسرعا وكان قد سير يستدعي العساكر من جميع المواضع وسار يطلب جبيل فلما عرف الإفرنج بخروجه كفوا عن ذلك.

    بقية فتوح الشام

    Saladin's tomb, near Umayyad Mosque's NW corner.

    Saladin's tomb in Damascus, Syria.
    قال ابن شداد في السيرة لما كان يوم الجمعة رابع جمادى الأولى من سنة 584هـ دخل السلطان بلاد العدو على تعبية حسنة ورتب الأطلاب وسارت الميمنة أولا ومقدمها عماد الدين زنكي والقلب في الوسط والميسرة في الأخير ومقدمها [مظفر الدين ابن زين الدين]] فوصل إلى انطرسوس ضاحي نهار الأحد سادس جمادى الأولى فوقف قبالتها ينظر إليها لأن قصده كان جبلة فاستهان بأمرها وعزم على قتالها فسير من رد الميمنة وأمرها بالنزول على جانب البحر والميسرة على الجانب الآخر ونزل هو موضعه والعساكر محدقة بها من البحر إلى البحر وهي مدينة راكبة على البحر ولها برجان كالقلعتين فركبوا وقاربوا البلد وزحفوا واشتد القتال وباغتوها فما استتم نصب الخيام حتى صعد المسلمون سورها وأخذوها بالسيف وغنم المسلمون جميع من بها وما بها وأحرق البلد و أقام عليها إلى رابع عشر جمادى الأولى وسلم أحد البرجين إلى مظفر الدين فما زال يحاربه حتى أخربه واجتمع به ولده الملك الظاهر لأنه كان قد طلبه فجاءه في عسكر عظيم، ثم سار يريد جبلة وكان وصوله إليها في ثاني عشر جمادى الأولى وما استتم نزول العسكر عليها حتى أخذ البلد وكان فيه مسلمون مقيمون وقاض يحكم بينهم وقوتلت القلعة قتالا شديدا ثم سلمت بالأمان في يوم السبت تاسع عشر جمادى الأولى من السنة وأقام عليها إلى الثالث والعشرين منه، ثم سار عنها إلى اللاذقية وكان نزوله عليها يوم الخميس الرابع والعشرين من جمادى الأولى وهو بلد مليح خفيف على القلب غير مسور وله ميناء مشهور وله قلعتان متصلتان على تل يشرف على البلد واشتد القتال إلى آخر النهار فأخذ البلد دون القلعتين وغنم الناس منه غنيمة عظيمة لأنه كان بلد التجار وجدوا في أمر القلعتين بالقتال والنقوب حتى بلغ طول النقب ستين ذراعا وعرضه أربعة أذرع فلما رأى أهل القلعتين الغلبة لاذوا بطلب الأمان وذلك في عشية يوم الجمعة الخامس والعشرين من الشهر والتمسوا الصلح على سلامة نفوسهم وزراريهم ونسائهم وأموالهم ما خلا الذخائر والسلاح وآلات الحرب فأجابهم إلى ذلك ورفع العلم الإسلامي عليها يوم السبت وأقام عليها إلى يوم الأحد السابع والعشرين من جمادى الأولى فرحل عنها إلى صهيون فنزل عليها يوم الثلاثاء التاسع والعشرين من الشهر واجتهد في القتال فأخذ البلد يوم الجمعة ثاني جمادى الآخرة ثم تقدموا إلى القلعة وصدقوا القتال فلما عاينوا الهلاك طلبوا الأمان فأجابهم إليه بحيث يؤخذ من الرجل عشرة دنانير ومن المرأة خمسة دنانير ومن كل صغير ديناران الذكر والأنثى سواء و أقام السلطان بهذه الجهة حتى أخذ عدة قلاع منها بلاطنس وغيرها من الحصون المنيعة المتعلقة بصهيون، ثم رحل عنها وأتى بكاس وهي قلعة حصينة على العاصي ولها نهر يخرج من تحتها وكان النزول عليها يوم الثلاثاء سادس جمادى الآخرة وقاتلوها قتالا شديدا إلى يوم الجمعة تاسع الشهر ثم يسر الله فتحها عنوة فقتل أكثر من بها وأسر الباقون وغنم المسلمون جميع ما كان فيها ولها قليعة تسمى الشغر وهي في غاية المنعة يعبر إليها منها بجسر وليس عليها طريق فسلطت المناجيق عليها من جميع الجوانب ورأوا أنهم لا ناصر لهم فطلبوا الأمان وذلك يوم الثلاثاء ثالث عشر الشهر ثم سألوا المهلة ثلاثة أيام فأمهلوا وكان تمام فتحها وصعود العلم السلطاني على قلعتها يوم الجمعة سادس عشر الشهر.

    ثم سار


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14756
    السٌّمعَة : 30
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 51

    صلاح الدين الأيوبي  Empty رد: صلاح الدين الأيوبي

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب السبت نوفمبر 25, 2023 4:08 pm

    إلى برزية وهي من الحصون المنيعة في غاية القوة يضرب بها المثل في بلاد الإفرنج تحيط بها أودية من جميع جوانبها وعلوها خمسمائة ونيف وسبعون ذراعا وكان نزوله عليها يوم السبت الرابع والعشرين من الشهر ثم أخذها عنوة يوم الثلاثاء السابع والعشرين منه.

    ثم سار إلى دربساك فنزل عليها يوم الجمعة ثامن رجب وهي قلعة منيعة وقاتلها قتالا شديدا ورقي العلم الإسلامي عليها يوم الجمعة الثاني والعشرين من رجب وأعطاها الأمير علم الدين سليمان بن جندر وسار عنها بكرة يوم السبت الثالث والعشرين من الشهر.

    ونزل على بغراس وهي قلعة حصينة بالقرب من إنطاكية وقاتلها مقاتلة شديدة وصعد العلم الإسلامي عليها في ثاني شعبان وراسله أهل إنطاكية في طلب الصلح فصالحهم لشدة ضجر العسكر من البيكار وكان الصلح معهم لا غير على أن يطلقوا كل أسير عندهم والصلح إلى سبعة أشهر فإن جاءهم من ينصرهم و سلموا البلد.

    ثم رحل السلطان فسأله ولده الملك الظاهر صاحب حلب أن يجتاز به فأجابه إلى ذلك فوصل حلب في حادي عشر شعبان أقام بالقلعة ثلاثة أيام وولده يقوم بالضيافة حق القيام، وسار من حلب فاعترضه تقي الدين عمر ابن أخيه وأصعده إلى قلعة حماة وصنع له طعاما وأحضر له سماعا من جنس ما تعمل الصوفية وبات فيها ليلة واحدة وأعطاه جبلة واللاذقية، وسار على طريق بعلبك ودخل دمشق قبل شهر رمضان بأيام يسيرة، ثم سار في أوائل شهر رمضان يريد صفد فنزل عليها ولم يزل القتال حتى تسلمها بالأمان في رابع عشر شوال. ثم سار إلى كوكب وضايقوها وقاتلوها مقاتلة شديدة والأمطار متواترة والوحول متضاعفة والرياح عاصفة والعدو متسلط بعلو مكانه فلما تيقنوا أنهم مأخوذون طلبوا الأمان فأجابهم إليه وتسلمها منهم في منتصف ذي القعدة من السنة.

    الصليبيون في عكا

    The Eagle of Saladin in the Egyptian coat of arms
    بلغ صلاح الدين أن الإفرنج قصدوا عكا ونزلوا عليها يوم الاثنين ثالث عشر رجب سنة 585هـ فأتى عكا ودخلها بغتة لتقوى قلوب من بها و استدعى العساكر من كل ناحية فجاءته وكان العدو بمقدار ألفي فارس وثلاثين ألف راجل ثم تكاثر الإفرنج واستفحل أمرهم وأحاطوا بعكا ومنعوا من يدخل إليها ويخرج وذلك يوم الخميس فضاق صدر السلطان لذلك ثم اجتهد في فتح الطريق إليها لتستمر السابلة بالميرة والنجدة وشاور الأمراء فاتفقوا على مضايقة العدو لينفتح الطريق ففعلوا ذلك وانفتح الطريق وسلكه المسلمون ودخل السلطان عكا فأشرف على أمورها ثم جرى بين الفريقين مناوشات في عدة أيام وتأخر الناس إلى تل العياضية وهو مشرف على عكا وفي هذه المنزلة توفي الأمير حسام الدين طمان وذلك ليلة نصف شعبان من سنة خمس وثمانين وخمسمائة وكان من الشجعان. قال ابن شداد سمعت السلطان ينشد وقد قيل له إن الوخم قد عظم بمرج عكا وإن الموت قد فشا في الطائفتين :

    اقتلاني ومالكا*****واقتلا مالكا معي

    يريد بذلك أنه قد رضي أن يتلف إذا أتلف الله أعداءه، وهذا البيت له سبب يحتاج إلى شرح وذلك أن مالك بن الحارث المعروف بالأشتر النخعي كان من الشجعان والأبطال المشهورين وهو من خواص أصحاب علي بن أبي طالب رضي الله عنه تماسك في يوم معركة الجمل المشهورة هو وعبد الله بن الزبير بن العوام وكان أيضا من الأبطال وابن الزبير يومئذ مع خالته عائشة أم المؤمنين وطلحة والزبير رضي الله عنهم أجمعين وكانوا يحاربون عليا رضي الله عنه فلما تماسكا صار كل واحد منهما إذا قوي على صاحبه جعله تحته وركب صدره وفعلا ذلك مرارا وابن الزبير ينشد :

    اقتلاني ومالكا*****واقتلا مالكا معي

    يريد الأشتر النخعي. قال ابن شداد ثم إن الإفرنج جاءهم الإمداد من داخل البحر واستظهروا على الجيوش الإسلامية بعكا وكان فيهم الأمير سيف الدين علي بن أحمد المعروف بالمشطوب الهكاري والأمير بهاء الدين قراقوش الخادم الصلاحي وضايقوهم أشد مضايقة إلى أن غلبوا عن حفظ البلد فلما كان يوم الجمعة سابع عشر جمادى الآخرة من سنة 587هـ خرج من عكا رجل عوام ومعه كتب من المسلمين يذكرون حالهم وما هم فيه وأنهم قد تيقنوا الهلاك ومتى أخذوا البلد عنوة ضربت رقابهم وأنهم صالحوا على أن يسلموا البلد وجميع ما فيه من الآلات والعدة والأسلحة والمراكب ومائتي ألف دينار وخمسمائة أسير مجاهيل ومائة أسير معينين من جهتهم وصليب الصلبوت على أن يخرجوا بأنفسهم سالمين وما معهم من الأموال والأقمشة المختصة بهم وزراريهم ونسائهم وضمنوا للمركيس لأنه كان الواسطة في هذا الأمر أربعة آلاف دينار ولما وقف السلطان على الكتب المشار إليها أنكر ذلك إنكارا عظيما وعظم عليه هذا الأمر وجمع أهل الرأي من أكابر دولته وشاورهم فيما يصنع واضطربت آراؤه وتقسم فكره وتشوش حاله وعزم على أن يكتب في تلك الليلة مع العوام وينكر عليهم المصالحة على هذا الوجه وهو يتردد في هذا فلم يشعر إلا وقد ارتفعت أعلام العدو وصلبانه وناره وشعاره على سور البلد وذلك في ظهيرة يوم الجمعة سابع عشر جمادى الآخرة من السنة وصاح الإفرنج صيحة عظيمة واحدة وعظمت المصيبة على المسلمين واشتد حزنهم ووقع فيهم الصياح والعويل والبكاء والنحيب. ثم ذكر ابن شداد بعد هذا أن الإفرنج خرجوا من عكا قاصدين عسقلان ليأخذوها وساروا على الساحل والسلطان وعساكره في قبالتهم إلى أن وصلوا إلى أرسوف فكان بينهما قتال عظيم ونال المسلمين منه وهن شديد ثم ساروا على تلك الهيئة تتمة عشر منازل من مسيرهم من عكا فأتى السلطان الرملة وأتاه من أخبره بأن القوم على عزم عمارة يافا وتقويتها بالرجال والعدد والآلات فأحضر السلطان أرباب مشورته وشاورهم في أمر عسقلان وهل الصواب خرابها أم بقاؤها فاتفقت آراؤهم أن يبقى الملك العادل في قبالة العدو ويتوجه هو بنفسه ويخربها خوفا من أن يصل العدو إليها ويستولي عليها وهي عامرة ويأخذ بها القدس وتنقطع بها طريق مصر وامتنع العسكر من الدخول وخافوا مما جرى على المسلمين بعكا ورأوا أن حفظ القدس أولى فتعين خرابها من عدة جهات وكان هذا الاجتماع يوم الثلاثاء سابع عشر شعبان سنة سبع وثمانين وخمسمائة فسار إليها فجر الأربعاء ثامن عشر الشهر قال ابن شداد وتحدث معي في معنى خرابها بعد أن تحدث مع ولده الملك الأفضل في أمرها أيضا ثم قال لأن أفقد ولدي جميعهم أحب إلي من أن أهدم منها حجرا ولكن إذا قضى الله تعالى ذلك وكان فيه مصلحة للمسلمين فما الحيلة في ذلك قال ولما اتفق الرأي على خرابها أوقع الله تعالى في نفسه ذلك وأن المصلحة فيه لعجز المسلمين عن حفظها وشرع في خرابها فجر يوم الخميس التاسع عشر من شعبان من السنة وقسم السور على الناس وجعل لكل أمير وطائفة من العسكر بدنة معلومة وبرجا معينا يخربونه ودخل الناس البلد ووقع فيهم الضجيج والبكاء وكان بلدا خفيفا على القلب محكم الأسوار عظيم البناء مرغوبا في سكنه فلحق الناس على خرابه حزن عظيم وعظم عويل أهل البلد عليه لفراق أوطانهم وشرعوا في بيع ما لا يقدرون على حمله فباعوا ما يساوي عشرة دراهم بدرهم واحد وباعوا اثني عشر طير دجاج بدرهم واحد واختبط البلد وخرج الناس بأهلهم وأولادهم إلى المخيم وتشتتوا فذهب قوم منهم إلى مصر وقوم إلى الشام وجرت عليهم أمور عظيمة واجتهد السلطان وأولاده في خراب البلد كي لا يسمع العدو فيسرع إليه ولا يمكن من خرابه وبات الناس على أصعب حال وأشد تعب مما قاسوه في خرابها وفي تلك الليلة وصل من جانب الملك العادل من أخبر أن الإفرنج تحدثوا معه في الصلح وطلبوا جميع البلاد الساحلية فرأى السلطان أن ذلك مصلحة لما علم من نفس الناس من الضجر من القتال وكثرة ما عليهم من الديون وكتب إليه يأذن له في ذلك وفوض الأمر إلى رأيه وأصبح يوم الجمعة العشرين من شعبان وهو مصر على الخراب واستعمل الناس عليه وحثهم على العجلة فيه وأباحهم ما في الهري الذي كان مدخرا للميرة خوفا من هجوم الإفرنج والعجز عن نقله وأمر بإحراق البلد فأضرمت النيران في بيوته وكان سورها عظيما ولم يزل الخراب يعمل في البلد إلى نهاية شعبان من السنة وأصبح يوم الإثنين مستهل شهر رمضان أمر ولده الملك الأفضل أن يباشر ذلك بنفسه وخواصه ولقد رأيته يحمل الخشب بنفسه لأجل الإحراق، وفي يوم الأربعاء ثالث شهر رمضان أتى الرملة ثم خرج إلى "اللد" وأشرف عليها وأمر بخرابها وخراب قلعة الرملة ففعل ذلك وفي يوم السبت ثالث عشر شهر رمضان تأخر السلطان بالعسكر إلى جهة الجبل ليتمكن الناس من تسيير دوابهم لإحضار ما يحتاجون إليه ودار السلطان حول النطرون وهي قلعة منيعة فأمر بتخريبها وشرع الناس في ذلك.

    الصلح مع .


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14756
    السٌّمعَة : 30
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 51

    صلاح الدين الأيوبي  Empty رد: صلاح الدين الأيوبي

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب السبت نوفمبر 25, 2023 4:09 pm

    رحمه الله تعالى وقدس روحه فلقد كان من محاسن الدنيا وغرائبها، وذكر ابن شداد : أنه مات ولم يخلف في خزانته من الذهب والفضة إلا سبعة وأربعين درهما ناصرية وجرما واحدا ذهبا صوريا ولم يخلف ملكا لا دارا ولا عقارا ولا بستانا ولا قرية ولا مزرعة. وفي ساعة موته كتب القاضي الفاضل إلى ولده الملك الظاهر صاحب حلب بطاقة مضمونها {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} {إن زلزلة الساعة شيء عظيم} كتبت إلى مولانا السلطان الملك الظاهر أحسن الله عزاءه وجبر مصابه وجعل فيه الخلف في الساعة المذكورة وقد زلزل المسلمون زلزالا شديدا وقد حفرت الدموع المحاجر وبلغت القلوب الحناجر وقد ودعت أباك ومخدومي وداعا لا تلاقي بعده وقد قبلت وجهه عني وعنك وأسلمته إلى الله تعالى مغلوب الحيلة ضعيف القوة راضيا عن الله ولا حول ولا قوة إلا بالله وبالباب من الجنود المجندة والأسلحة المعدة ما لم يدفع البلاء ولا ملك يرد القضاء وتدمع العين ويخشع القلب ولا نقول إلا ما يرضي الرب وإنا عليك لمحزونون يا يوسف وأما الوصايا فما تحتاج إليها والآراء فقد شغلني المصاب عنها وأما لائح الأمر فإنه إن وقع اتفاق فما عدمتم إلا شخصه الكريم وإن كان غيره فالمصائب المستقبلة أهونها موته وهو الهول العظيم والسلام.

    الحقد الغربي المتوارث
    كان اول شيء فعله الجنرال غورو بعد احتلال المستعمر الفرنسي لدمشق، هو زيارة ضريح صلاح الدين الأيوبي الموجود قرب الجامع الأموي ليقف أمام القبر ويلكزه بجزمته العسكرية قائلاً:

    ها قد ع
    رخصة النقل غير
    كتاب (الروضتين) لأبي شامة في تاريخ دولته ودولة نور الدين محمود.
    كتاب (النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية) لابن شداد ويسمى سيرة صلاح الدين
    كتاب (البرق الشامي) في أخبار فتوحاته وحوادث الشام في أيامه لعماد الدين الكاتب
    (النفح القسي في الفتح القدسي) لعماد الدين أيضا
    (صلاح الدين وعصره) لمحمد فريد أبو حديد
    (حياة صلاح الدين الأيوبيالصليبيين
    ثم ذكر ابن شداد بعد هذا أن الانكتار وهو من أكابر ملوك الإفرنج سير رسوله إلى الملك العادل يطلب الاجتماع به فأجابه إلى ذلك واجتمعا يوم الجمعة ثامن عشر شوال من السنة وتحادثا معظم ذلك النهار وانفصلا عن مودة أكيدة والتمس الانكتار من العادل أن يسأل السلطان أن يجتمع به فذكر العادل ذلك للسلطان فاستشار أكابر دولته في ذلك ووقع الاتفاق على أنه إذا جرى الصلح بيننا يكون الاجتماع بعد ذلك ثم وصل رسول الانكتار وقال إن الملك يقول إني أحب صداقتك ومودتك وأنت تذكر أنك أعطيت هذه البلاد الساحلية لأخيك فأريد أن تكون حكما بيني وبينه وتقسم البلاد بيني وبينه ولا بد أن يكون لنا علقة بالقدس وأطال الحديث في ذلك فأجابه السلطان بوعد جميل وأذن له في العود في الحال وتأثر لذلك تأثرا عظيما قال ابن شداد وبعد انفصال الرسول قال لي السلطان متى صالحناهم لم تؤمن غائلتهم ولو حدث بي حادث الموت ما كانت تجتمع هذه العساكر وتقوى الإفرنج والمصلحة أن لا نزول عن الجهاد حتى نخرجهم من الساحل أو يأتينا الموت هذا كان رأيه وإنما غلب على الصلح.

    قال ابن شداد ثم ترددت الرسل بينهم في الصلح و تم الصلح بينهم يوم الأربعاء الثاني والعشرين من شعبان سنة 588هـ ونادى المنادي بانتظام الصلح وأن البلاد الإسلامية والنصرانية واحدة في الأمن والمسالمة فمن شاء من كل طائفة يتردد إلى بلاد الطائفة الأخرى من غير خوف ولا محذور وكان يوما مشهودا نال الطائفتين فيه من المسرة ما لا يعلمه إلا الله تعالى وقد علم الله تعالى أن الصلح لم يكن عن مرضاته وإيثاره ولكنه رأى المصلحة في الصلح لسآمة العسكر ومظاهرتهم بالمخالفة وكان مصلحة في علم الله تعالى فإنه اتفقت وفاته بعد الصلح فلو اتفق ذلك في أثناء وقعاته كان الإسلام على خطر. ثم أعطى للعساكر الواردة عليه من البلاد البعيدة برسم النجدة دستورا فساروا عنه وعزم على الحج لما فرغ باله من هذه الجهة وتردد المسلمون إلى بلادهم وجاءوا هم إلى بلاد المسلمين وحملت البضائع والمتاجر إلى البلاد وحضر منهم خلق كثير لزيارة القدس.

    أواخر أيامه صلاح الدين
    بعد الصلح سنة 588هـ توجه السلطان إلى القدس ليتفقد أحوالها وتوجه أخوه الملك العادل إلى الكرك وابنه الملك الظاهر إلى حلب وابنه الأفضل إلى دمشق وأقام السلطان بالقدس يقطع الناس ويعطيهم دستورا ويتأهب للمسير إلى الديار المصرية وانقطع شوقه عن الحج ولم يزل كذلك إلى أن صح عنده مسير مركب الانكتار متوجها إلى بلاده في مستهل شوال فعند ذلك قوي عزمه أن يدخل الساحل جريدة يتفقد القلاع البحرية إلى بانياس ويدخل دمشق ويقيم بها أياما قلائل ويعود إلى القدس ومنه إلى الديار المصرية. قال ابن شداد: وأمرني صلاح الدين بالمقام في القدس إلى حين عوده لعمارة مارستان أنشأه به وتكميل المدرسة التي أنشأها فيه وسار منه ضاحي نهار الخميس السادس من شوال سنة ثمان وثمانين وخمسمائة ولما فرغ من افتقاد أحوال القلاع وإزاحة خللها دخل دمشق بكرة الأربعاء سادس عشر شوال وفيها أولاده الملك الأفضل والملك الظاهر والملك الظافر مظفر الدين الخضر المعروف بالمشعر وأولاده الصغار وكان يحب البلد ويؤثر الإقامة فيه على سائر البلاد وجلس للناس في بكرة يوم الخميس السابع والعشرين منه وحضروا عندهم وبلوا شوقهم منه وأنشده الشعراء ولم يتخلف أحد عنه من الخواص والعوام وأقام ينشر جناح عدله ويهطل سحاب إنعامه وفضله ويكشف مظالم الرعايا فلما كان يوم الاثنين مستهل ذي القعدة عمل الملك الأفضل دعوة للملك الظاهر لأنه لما وصل إلى دمشق وبلغه حركة السلطان أقام بها ليتملى بالنظر إليه ثانيا وكأن نفسه كانت قد أحست بدنو أجله فودعه في تلك الدفعة مرارا متعددة ولما عمل الملك الأفضل الدعوة أظهر فيها من الهمم العالية ما يليق بهمته وكأنه أراد بذلك مجازاته ما خدمه به حين وصل إلى بلده وحضر الدعوة المذكورة أرباب الدنيا والآخرة وسأل السلطان الحضور فحضر جبرا لقلبه وكان يوما مشهودا على ما بلغني. ولما تصفح الملك العادل أحوال الكرك وأصلح ما قصد إصلاحه فيه سار قاصدا إلى البلاد الفراتية فوصل إلى دمشق في يوم الأربعاء سابع عشر ذي القعدة وخرج السلطان إلى لقائه وأقام يتصيد حوالي غباغب إلى الكسوة حتى لقيه وسارا جميعا يتصيدان وكان دخولهما إلى دمشق آخر نهار يوم الأحد حادي عشر ذي الحجة سنة ثمان وثمانين وأقام السلطان بدمشق يتصيد هو وأخوه وأولاده ويتفرجون في أراضي دمشق ومواطن الصبا وكأنه وجد راحة مما كان به من ملازمة التعب والنصب وسهر الليل وكان ذلك كالوداع لأولاده ومراتع نزهه ونسي عزمه إلى مصر وعرضت له أمور أخر وعزمات غير ما تقدم.

    وفاة صلاح الدين

    قبر صلاح الدين
    قال ابن شداد وصلني كتاب صلاح الدين إلى القدس يستدعيني لخدمته وكان شتاء شديدا ووحلا عظيما فخرجت من القدس في يوم الجمعة الثالث والعشرين من المحرم سنة 589هـ وكان الوصول إلى دمشق في يوم الثلاثاء ثاني عشر صفر من السنة وركب السلطان لملتقى الحاج يوم الجمعة خامس عشر صفر وكان ذلك آخر ركوبه، ولما كان ليلة السبت وجد كسلا عظيما وما تنصف الليل حتى غشيته حمى صفراوية وكانت في باطنه أكثر منها في ظاهره وأصبح يوم السبت متكاسلا عليه أثر الحمى ولم يظهر ذلك للناس لكن حضرت عنده أنا والقاضي الفاضل ودخل ولده الملك الأفضل وطال جلوسنا عنده وأخذ يشكو قلقه في الليل وطاب له الحديث إلى قريب الظهر ثم انصرفنا وقلوبنا عنده فتقدم إلينا بالحضور على الطعام في خدمة ولده الملك الأفضل ولم تكن للقاضي الفاضل في ذلك عادة فانصرف ودخلت إلى الإيوان القبلي وقد مد السماط وابنه الملك الأفضل قد جلس في موضعه فانصرفت وما كانت لي قوة في الجلوس استيحاشا له وبكى في ذلك اليوم جماعة تفاؤلا لجلوس ولده في موضعه ثم أخذ المرض يتزيد من حينئذ ونحن نلازم التردد طرفي النهار وندخل إليه أنا والقاضي الفاضل في النهار مرارا وكان مرضه في رأسه وكان من إمارات انتهاء العمر غيبة طبيبه الذي كان قد عرف مزاجه سفرا وحضرا ورأى الأطباء فصده ففصدوه فاشتد مرضه وقلت رطوبات بدنه وكان يغلب عليه اليبس ولم يزل المرض يتزايد حتى انتهى إلى غاية الضعف واشتد مرضه في السادس والسابع والثامن ولم يزل يتزايد ويغيب ذهنه ولما كان التاسع حدثت له غشية وامتنع من تناول المشروب واشتد الخوف في البلد وخاف الناس ونقلوا أقمشتهم من الأسواق وعلا الناس من الكآبة والحزن ما لا تمكن حكايته ولما كان العاشر من مرضه حقن دفعتين وحصل من الحقن بعض الراحة وفرح الناس بذلك ثم اشتد مرضه وأيس منه الأطباء ثم شرع الملك الأفضل في تحليف الناس، ثم إنه توفي بعد صلاة الصبح من يوم الأربعاء السابع والعشرين من صفر سنة 589هـ وكان يوم موته يوما لم يصب الإسلام والمسلمون بمثله منذ فقد الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم وغشي القلعة والملك والدنيا وحشة لا يعلمها إلا الله تعالى وبالله لقد كنت أسمع من الناس أنهم يتمنون فداء من يعز عليهم بنفوسهم وكنت أتوهم أن هذا الحديث على ضرب من التجوز والترخص إلى ذلك اليوم فإني علمت من نفسي ومن غيري أنه لو قبل الفداء لفدي بالأنفس. ثم جلس ولده الملك الأفضل للعزاء وغسله، وأخرج بعد صلاة الظهر رحمه الله في تابوت مسجى بثوب فوط فارتفعت الأصوات عند مشاهدته وعظم الضجيج وأخذ الناس في البكاء والعويل وصلوا عليه أرسالا ثم أعيد إلى الدار التي في البستان وهي التي كان متمارضا بها ودفن في الصفة الغربية منها وكان نزوله في حفرته قريبا من صلاة العصر. وأنشد بن شداد في آخر السيرة بيت أبى تمام الطائي وهو:

    ثم انقضت تلك السنون وأهلها فكأنها وكأنهم أحلام
    ) لأحمد بيلي المص


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14756
    السٌّمعَة : 30
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 51

    صلاح الدين الأيوبي  Empty رد: صلاح الدين الأيوبي

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب السبت نوفمبر 25, 2023 4:11 pm

    افتح القائمة الرئيسية
    المعرفة
    بحث
    أسد الدين شيركوه
    اللغة
    تنزيل بصيغة PDF
    راقب هذه الصفحة
    عدل

    أسد الدين شيركوه بن شاذى بن مروان بن يعقوب الدويني (500 هـ-564 هـ المناظر 1107-1169م )، قائد عسكري كردي بارز في الدولة الشدادية، وهو شقيق نجم الدين أيوب، مؤسس الدولة الأيوبية.

    ولد شيركوه ببلدة 'دوين' في أرمنيا على أطراف أذربيجان مع جورجيا سنة 500 هجرية تقريباً وهو كردي الأصل، وشيركوه بالعربية : أسد الجبل، فشير بالكردية:أسد، وكوه : جبل، نشأ هو وأخوه نجم الدين أيوب والد صلاح الدين، بتكريت لما كان أبوهما شاذى 'ومعناها فرحان' نقيب قلعتها، وكان نجم الدين أسن من أسد الدين، ويغلب على نجم الدين العقل والحكمة والتؤدة، في حين كان أسد الدين كالشهاب الحارق لا يصبر على إساءة أو عدوان أو انتهاك حرمات وهذا ما سينقل حاله من مكان لآخر.


    من تكريت إلى الموصل إلى حلب
    التحق أسد الدين وأخوه نور الدين بخدمة الأمير بهروز قائد شرطة بغداد، فأقطعهما الأمير بهروز قلعة تكريت، فسارا في الناس سيرة حسنة، ووقعت حادثة سنة 526 هجرية خلاصتها أن أسد الدين و نجم الدين قد ساعدا الأمير البطل عماد الدين زنكي عندما جاء إلى تكريت منهزماً في قتاله ضد بعض خصومه بالخلافة، حيث قدم الأخوان لعماد الدين زنكي السفن اللازمة لعبوره هو وجنوده نهر دجلة إلى مدينة الموصل وكان الأمير 'بهروز' على خلاف شديد مع 'عماد الدين زنكي' فلم يعجبه هذا الفعل من أسد الدين ونجم الدين وتربص لهما الدوائر وتحين لهما الفرصة لمعاقبتهما.

    كثرت التحرشات بنجم الدين وأسد الدين وأهلهم بقلعة تكريت من جانب جنود الأمير 'بهروز' حتى جاءت الفرصة التي يريدها، عندما تعرض أحد الجنود لفتاة من آل أسد الدين في الطريق واشتكت الفتاة لعمها أسد الدين، فنزل لهذا الجندي الماجن وتكلم معه بشدة فرد عليه الجندي بأن سحب عليه السلاح، فتشاجر الرجلان مشاجرة انتهت بمصرع الجندي الماجن فغضب الأمير 'بهروز' وأمر بطرد نجم الدين وأسد الدين وأهليهم من قلعة تكريت وذلك سنة 532 هجرية وفي نفس الليلة التي ولد فيها صلاح الدين يوسف بن أيوب.

    قرر الأخوان التوجه إلى أمير الموصل عماد الدين زنكي والالتحاق بخدمته، فسارا إليه فأحسن استقبالهما وشكر صنيعهما معه، وضمهما لأمرائه وقادته وبالغ في إكرامهما وأقطعهما أقطاعاً حسناً، وجعل نجم الدين والياً على بعلبك وأسد الدين من مقدمي جيوشه، فعماد الدين زنكي كان خبيراً بمعادن الرجال، بصيراً بقدراتهم، قادراً على توظيفهم حسب ما يبرزون ويحسنون، فرأى في نجم الدين الرجل الحكيم العاقل القادر على السياسة والقيادة، ورأى في أسد الدين القائد العسكري الشجاع القادر على تحويل دفة الحروب بشجاعته وإقدامه.


    من عماد الدين إلى نور الدين في حلب
    ظل أسد الدين شيركوه في خدمة عماد الدين زنكي، وخاض معه كل حروبه ضد الصليبيين وكان معه يوم فتح الرها وكان عماد الدين يحبه ويقدره لأنه كان مثله بطلاً شجاعاً لا يهاب الموت، وظل هكذا حتى كان معه في معسكره ليلة أن قتل عماد الدين سنة 541 هجرية، وعندها قام أسد الدين شيركوه بدور في غاية الأهمية، ذلك أنه حفظ معسكر المسلمين من الهرج والمرج الذي يحدث عادة عند مقتل القائد ثم قام بإعطاء خاتم الملك الخاص بعماد الدين لولده نور الدين محمود كناية عن خلافته لأبيه الشهيد، ثم قام بحراسة نور الدين محمود حتى وصل سالماً أمناً إلى مدينة حلب، فعرف نور الدين هذا الجميل لأسد الدين، وصار من أقرب الناس إليه. ومن ذلك اليوم أصبح أسد الدين شيركوه قائد جيوش نور الدين محمود أمير دمشق والشام الجديد وأصبح أخلص وأقوى أمراء الجيوش الشامية، ورجل المهام الصعبة الذي يعتمد عليه نور الدين محمود في النوازل وصعاب الأمور، وكان له المواقف المشهورة والبطولات المشهورة.

    الأسد المعلم في دمشق والبلاد الشامية
    في دمشق كان ملك نور الدين زنكي وكان أسد الدين شيركوه بحق الأستاذ الأول والمعلم الحقيقي والمكتشف البارع لقدرات ومواهب ابن أخيه صلاح الدين يوسف بن أيوب صلاح الدين الايوبي، وذلك منذ كان صلاح الدين فتى يافعاً حيث رأى فيه شيركوه بعين الخبير الفاحص أن الفتى الصغير يجمع بين عقل وحكمة أبيه نجم الدين أيوب، وشجاعة وفروسية عمه أسد الدين شيركوه، وزهد وورع أميره نور الدين، وهى خصال ثلاث كفيلة بأن ترشح هذا الفتى لقيادة الأمة فيما بعد.

    أدرك ذلك كله الأسد المعلم شيركوه في ابن أخيه فتعهده بالرعاية وضمه إليه وتولى تدريبه على فنون القتال وقيادة الجيوش وأساليب إدارة المعارك دفاعاً وهجوماً، كما تولى تعليمه فنون السياسة والمناورة والمفاوضة، حتى نضج الفتى اليافع وأصبح شاباً قوياً يصحبه أسد الدين في كل مكان وفي مدن الشام وهو بمثابة الذراع اليمنى له ومن لا يعرفهما يظن أن صلاح الدين هو الابن الوحيد والمقرب لأسد الدين، ولعل تعليم وتدريب صلاح الدين من أهم وأفضل أعمال أسد الدين شيركوه.

    الأسد فاتح الديار المصرية
    كان أسد الدين شيركوه قائدا من القادة الكبار في دمشق وبحكم خبرته العسكرية الطويلة وبصيرته السياسية لأوضاع العالم الإسلامي وقتها يرى انه لابد من ضم الديار المصرية وضرورة فتحها وإزالة الدولة الفاطمية الخبيثة بها والتي تسببت في ضياع بيت المقدس سنة 492 هجرية، فلقد كان أسد الدين شيركوه متأثراً بفكرة توحيد العالم الإسلامي ضد الوجود الصليبي، وكان يرى أن النصر على الصليبيين لن يتم إلا بتوحيد الشام ومصر. لذلك كان شيركوه دائم الإلحاح على نور الدين ملك دمشق لكي يفتح مصر ونور الدين يرى أن الوقت غير مناسب، فالجيوش مشغولة في قتال البؤر الصليبية في جميع أنحاء الشام، ولكن نور الدين لم يترك فكرة فتح مصر بالكلية، بل انتظر الفرصة المناسبة.

    كانت الأوضاع في مصر شديدة الاضطراب، فالخلاف على أشده بين شاور وضرغام على منصب الوزارة والخليفة العاضد الفاطمي ليس له من الأمر شيء، ولقد انتصر ضرغام على شاور وأخرجه من مصر فذهب مستنجداً بالملك العادل نور الدين محمود وضمن له ثلث إيراد مصر وأموراً أخرى إن هو أعانه على استعادة وزارته المفقودة، فوجد في ذلك نور الدين الفرصة المناسبة لفتح مصر وضمها لملكه في لشام، فكلف قائد جيوشه أسد الدين شيركوه على أن يتوجه إلى مصر لذلك الغرض، ففرح الأسد بهذه المهمة وخرج من دمشق في صحبته تلميذه وابن أخيه صلاح الدين الأيوبي ومعه ألف رجل فقط وذلك سنة 559 هجرية.

    الأسد المرعب
    وصل أسد الدين شيركوه على رآس جيش دمشق وبعسكره المكون من ألف رجل فقط إلى مدينة بلبيس حيث اشتبك مع جيش ضرغام وانتصر عليه، ثم واصل تقدمه إلى القاهرة حتى قضى على ضرغام وأعاد شاور لمنصب الوزارة وأقام هو بظاهر القاهرة انتظارا للوفاء بالعهود والمواثيق مع شاور ولكن شاور غدر به وأمره بالرجوع إلى دمشق وهدده، فما كان من الأسد شيركوه إلا أنه دخل مدينة 'بلبيس' وامتنع بها وأرسل إلى شاور بأنه لن يتحرك من مكانه إلا بأمر قائده الملك العادل نور الدين محمود، وهكذا يكون الجندي الممتثل لأوامر قائده، حتى ولو كان هذا الجندي هو أعظم فرسان زمانه. ولما كان شاور رجل لا يهمه إلا مصالحه الخاصة ومنصبه، فلقد أسرع وأرسل للصليبيين في الشام يستنجد بهم على أسد الدين، وكان الصليبيون منذ أن توجه أسد الدين إلى مصر قد أيقنوا الهلاك إذا فتح الشاميون مصر، فلما جاءتهم استغاثة شاور فرحوا بها وأرسلوا جيوشهم وقد بذل لهم شاور أموالاً طائلة من أجل الانتصار على بني دينه وهكذا نرى أهل الدنيا لا يبالون بشيء إلا بدنياهم ولا أي شيء يردعهم عن تحصيل دنياهم.

    اجتمعت الجيوش الصليبية مع عساكر شاور الخائن وحاصروا الجيش الشامي وأسد الدين شيركوه في بلبيس ثلاثة أشهر وهو ممتنع بها مع أن سورها قصير جداً يقفزه الفارس بفرسه وليس لها خندق ولا أي تحصينات، ومع ذلك لم يجسروا على اقتحام المدينة من شدة خوفهم من أسد الدين شيركوه الذي ظل يقاتلهم ليلاً ونهاراً بألف رجل لا غير وهم عشرات الألوف، وفي هذه الفترة أغار نور الدين على أملاك الصليبيين في الشام وفتح تل 'حارم'، فخاف الصليبيون على باقي أملاكهم وراسلوا أسد الدين في الصلح على أن يخرج كل منهم ومن الشاميين إلى بلادهم فوافق أسد الدين.

    قديماً قالوا 'الفضل ما شهد به الأعداء' فاسمع لهذه الشهادة من أحد الصليبيين الذين شاهدوا أسد الدين شيركوه يوم حصار بلبيس ثم يوم الصلح قال [أخرج أصحابه بين يديه وبقى في أخرهم وبيده عود من حديد يحمى ساقتهم والمصريون والفرنج ينظرون إليه، فتقدمت منه وقلت له 'أما تخاف أن يغدر بك هؤلاء المصريون والفرنج، وقد أحاطوا بك وبأصحابك ولا يبقى لكم بقية ؟' فقال شيركوه : ياليتهم فعلوه حتى كنت ترى ما أفعله، كنت والله أضع السيف فلا يقتل منا رجل حتى يقتل منهم رجال، والله لو أطاعني هؤلاء 'يعنى جنوده' لخرجت إليكم من أول يوم 'يعنى الحصار' ولكنهم امتنعوا' فقام هذا الصليبي بالتصليب على صدره وقال : كنا نعجب من فرنج هذه البلاد ومبالغتهم في صفتك وخوفهم منك والآن فقد عذرناهم.

    العزيمة الفولاذية
    رجع أسد الدين شيركوه إلى الشام وهو يتلمظ غيظاً على الوزير الخائن في مصر 'شاور' والأوضاع المتردية في الديار المصرية، ويتحرق شوقاً لمعاودة الكرة مع الصليبيين وخونة المصريين، وهو مازال يلح على الملك العادل نور الدين محمود في العودة إلى مصر، حتى وافق نور الدين على ذلك سنة 562 هجرية، وانطلق أسد الدين في جيش يقدر بألفين من المقاتلين.

    أسرع 'شاور' كعادته وأرسل للصليبيين بالشام يستنجد بهم، فجاءوه بألوف مألفة من أجل إدراك ثأرهم مع أسد الدين وتحقيق مبتغاهم باحتلال مصر، وكان أسد الدين يتحرك بسرعة لخفة جيشه، فوصل إلى الصعيد وفتحه ثم عسكر في منطقة البابين 'قريب من محافظة المنيا الآن' وقد رفعت له الجواسيس الأخبار عن ضخامة الجيش الصليبي ومن معه من عساكر شاور، فعقد اجتماعا مع قادة جيشه فأشاروا جميعاً بالرجوع إلى الشام لقلة عددهم وتسليحهم وبعدهم عن أوطانهم، فوقف أسد الدين كالطود العظيم وأصر على القتال واستعان بالله ووافقه ابن أخيه صلاح الدين، ثم قام أسد الدين شيركوه بوضع خطة عسكرية في غاية الذكاء بحيث أن استدرج معظم الجيش الصليبي لقلب الجيش المسلم ثم هجم هو في كتيبة منتقاه من خلاصة الأبطال على مؤخرة الجيش الصليبي، فوضعه في شبه دائرة، وانتصر انتصارا عظيماً لم يسمع بمثله في التاريخ كما يقول المؤرخ ابن الأثير.

    بعد معركة البابين توجه أسد الدين وجنده الشامي إلى الإسكندرية بعد أن استدعاه أهلها الذين أرادوا نصرة إخوانهم المجاهدين الشاميين، ثم ترك بها حامية يقودها صلاح الدين ثم توجه إلى الصعيد لمواصلة الفتح، فانتهز الصليبيون الفرصة وحاصروا الإسكندرية حصاراً عنيفاً طيلة تسعة أشهر، فعاد الأسد لنصرة أهل الإسكندرية والجيش الشامي بقيادة ابن أخيه صلاح الدين الايوبي، فخاف الصليبيون منه خوفاً شديداً جعلهم يطلبون منه الصلح، فاشترط عليهم مغادرة مصر ولا يتملكوا منها قرية واحدة فوافقوا.

    الخيانة العمياء
    لم يعلم أسد الدين شيركوه عندما اتفق مع الصليبيين على الخروج من مصر، أن الخيانة والعمالة التي تسرى في دم الوزير الخائن 'شاور' في مصر سوف تدفعه لأن يعقد اتفاقاً سرياً مع الصليبيين يتعهد فيه بدفع مائة دينار سنوياً من إيراد البلاد للصليبيين كي ما يتقووا بها على حرب نور الدين في الشام، لم يكتف الخائن بهذه الفعلة القذرة، بل اتفق معهم على أن يكون للصليبيين حامية من كبار فرسانهم تحرس أبواب القاهرة وذلك سنة 562 هجرية.

    لم يكن بقاء هذه الحامية من أجل الحرص على سلامة مصر والمصريين أو السهر على راحتهم ! بل كانت ترصد الأخبار والأحوال تمهيداً لعودة الصليبيين مرة أخرى في الفرصة المناسبة وهو ما حدث بالفعل في أوائل 564 هجرية، عندما أرسلت الحامية الصليبية إلى ملك بيت المقدس الصليبي 'أملريك' تعرفه أن الأوضاع مهيئة في مصر لدخول القوات الأجنبية. حشد 'أملريك' جيوشه وانطلق إلى مصر بأقصى سرعة وكانت مدينة 'بلبيس' أولى محطاته حيث قام الصليبيون هناك بمجزرة مرعبة لأهل المدينة كلها بحيث لم يتركوا منها أحداً كما هي عادتهم البربرية الوحشية، ثم نزلوا إلى القاهرة وضربوا عليها حصاراً شديداً، فأقدم الخائن شاور على فعلة في غاية الحقارة والذلة وأيضا في غاية الغباء السياسي حيث أقدم على حرق القاهرة ليرجع عنها الصليبيون، وظلت النار تأكل القاهرة 54 يوماً فأرسل الناس وعلى رأسهم العاضد الفاطمي إلى نور الدين يستغيثون به من الصليبيين والوزير الخائن شاور.

    الفتح الأخير
    لقد كان فتح مصر بالنسبة لأسد الدين شيركوه الخطوة الأخيرة في تحقيق حلم حياته بتوحيد العالم الإسلامي في الشام ومصر لطرد العدو الصليبي الجاثم على الأرض المقدسة منذ سبعين سنة، لذلك فإننا نجد أن أسد الدين شيركوه منذ أن قاد الجيش وانطلق من دمشق سنة 559 هجرية وهو لا يفكر إلا لفتح مصر والمعاودة إليها مرة بعد مرة، على الرغم من الأهوال والشدائد التي لاقاها في كل مرة.

    وكان أسد الدين مقيماً في مدينة حمص عندما جاءته رسالة نور الدين محمود بالقدوم إلى حلب استعداداً لإنقاذ مصر فركب البطل العجوز الذي جاوز الستين فرسه بعد صلاة الفجر وانطلق بأقصى سرعة حتى وصل 'حلب' قبيل الغروب وهذا الأمر لم يتسن لأحد من الناس سوى الصحابة رضوان الله عليهم أن يقطعوا هذه المسافة الطويلة في هذا الوقت الوجيز فسر نور الدين بذلك جداً وجهزه بجيش مكون من ألفي فارس وقام أسد الدين بجمع ستة آلاف فارس آخر من متطوعة الشام لفتح مصر وانطلق الأسد يزأر ويرعد ويبرق ويتوعد الصليبيين والخونة المنافقين في مصر. كما قلنا من قبل كان الصليبيون في قمة الخوف والفزع من مجرد ذكر اسم أسد الدين شيركوه، فلقد كان كابوسهم المفزع الذي يقض مضاجعهم، فلما جاءتهم الأخبار بقدوم الأسد وجنده الشامي على جناح السرعة أجمعوا أمرهم على الرحيل من مصر بعد أن هزموا بها مرتين من قبل على يد أسد الدين، وبالفعل رحلوا مذعورين هاربين، ودخل الأسد المظفر القاهرة فاتحاً منتصراً من غير أن يشهر سيفاً واحداً هذه المرة، فلقد نصره الله عز وجل بالرعب.

    حاول شاور الخائن أن يستدرج الأسد لدعوة طعام مسموم ليهلك فيها هو وأصحابه ولكن الكامل بن شاور الابن الأكبر لشاور وكان رجلاً صالحاً مجاهداً نهى أباه عن هذه الفعلة وهدده بأن سيخبر شيركوه وقال كلمته الشهيرة عندما قال له أباه الخائن 'شاور' [والله لئن لم نفعل هذا لنقتلن جميعاً] قال الكامل صدقت ولأن نقتل ونحن مسلمون والبلاد إسلامية، خير من أن نقتل وقد ملكها الفرنج، فإنه ليس بينك وبين عود الفرنج إلا أن يسمعوا بالقبض على شيركوه.


    وفاته
    لقي شاور جزاء خيانته وعمالته للصليبيين حيث أمر العضد الفاطمي بإعدامه، وتولى أسد الدين شيركوه الوزارة في مصر وأخذ في التدبير والعمل من أجل إسقاط الدولة الفاطمية وتوحيد مصر والشام تحت حكم نور الدين محمود خاصة بعد إلحاح الخليفة العباسي المستضيء بالله على ذلك الأمر، ولكن القدر المحتوم والأجل المكتوب جاء للأسد في ميعاده المعلوم فأصيب الأسد بذبحة صدرية قتلته في 22 جمادى الأخر 564 هجرية بعد أن حقق مراده وكلل سعيه وجهاده الطويل بفتح مصر، وسبحان الله لقد خاض هذا البطل أكثر من مائة وخمسين موقعة وتعرض للشهادة في كل موطن وسعى لها سعياً حثيثاً ولكنه مات على فراشه وصدق الصديق عندما قال [احرص على الموت توهب لك الحياة].


    المراجع والمصادر
    الكامل في التاريخ
    سير أعلام النبلاء
    البداية والنهاية
    وفيات الأعيان
    السلوك للمقريزي
    العبر في خبر من غبر
    أبو شامة، عيون الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية (وزارة الثقافة، دمشق 1991).
    بهاء الدين شداد، النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية (وزارة الثقافة، دمشق 1979).
    شذرات الذهب
    النجوم الزاهرة
    مفرج الكروب
    حسن المحاضرة
    أيام الإسلام
    الكلمات الدالة: دمشق صلاح الدين الأيوبي نور الدين زنكي القاهرة أذربيجان الإسكندرية بعلبك نور الدين محمود عماد الدين زنكي العالم الإسلامي نجم الدين أيوب أسد الدين شيركوه معركة البابين

    آخر تعديل لهذه الصفحة قام به زهرة البنفسج منذ 4 سنة
    المعرفة
    سياسة الخصوصية سطح المكتب


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14756
    السٌّمعَة : 30
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 51

    صلاح الدين الأيوبي  Empty رد: صلاح الدين الأيوبي

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب السبت نوفمبر 25, 2023 4:15 pm

    افتح القائمة الرئيسية
    المعرفة
    بحث
    1193 في مصر
    اللغة
    تنزيل بصيغة PDF
    راقب هذه الصفحة
    عدل


    سنة 1193 في مصر.

    سنوات في مصر:
    1190 1191 1192 1193 1194 1195 1196
    القرون:
    قرن 11 · قرن 12 · قرن 13
    العقود:
    ع1160 ع1170 ع1180 ع1190 ع1200 ع1210 ع1220
    السنوات:
    1190 1191 1192 1193 1194 1195 1196

    أحداث
    المواليد
    الوفيات
    ٤ آذار ١١٩٣: توفي في دمشق السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي عن عمر يناهز ٥٣ عاماً. ولد في تكريت في العراق عام ١١٣٨ لأسرة من أصل كردي. أمضى طفولته في بعلبك التي كان والده والياً عليها ثم في دمشق في بلاط نور الدين زنكي. تلقى علومه في دمشق. أرسل مع عمه أسد الدين شيركوه في حملة عسكرية دعماً للوزير الفاطمي شاور بن مجير السعدي ضد منافسه ضرغام بن عامر في مصر. استولى شيركوه على مصر وقتل ضرغام لكن شاور انقلب عليه وتحالف مع الصليبيين. بعد عدة معارك تمكن شيركوه من دخول القاهرة وأصبح وزيراً للخليفة الفاطمي. بعد وفاة شيركوه أصبح صلاح الدين وزيراً في مصر. تصدى للحملات الصليبية على مصر عام ١١٦٩. وطّد سلطته في مصر بالتدريج وأمر عام ١١٧١ بأن تدعو المساجد للخليفة العباسي في بغداد بدل الخليفة الفاطمي. وبعد وفاة الخليفة العاضد بأمر الله زالت الدولة الفاطمية رسمياً واستتب حكم مصر لصلاح الدين. في هذه الفترة بدأت علاقته علاقاته مع نور الدين زنكي في دمشق بالتوتر. لمّا توفي نور الدين عام ١١٧٤ استغل صلاح الدين الفراغ في السلطة ليسيطر على دمشق ويضمها إلى دولته. جعل صلاح الدين دمشق عاصمة له وزحف شمالاً لاحتلال مدن الشام بالتدريج، منتصراً على المعارضين لحكمه من الزنكيين. أقر الخليفة العباسي رسمياً بنفوذ صلاح الدين في الشام ومصر وخلع عليه لقب "سلطان مصر والشام". حارب صلاح الدين الحشاشين في شمال غرب سوريا عام ١١٧٦. بعد حملة الصليبيين الفاشلة على دمشق عام ١١٧٧، بدأ صلاح الدين بمهاجمة مواقع الصليبيين في فلسطين. قام بتوسيع حدود دولته فضمّ حلب عام ١١٨٢ وتوغلت جيوشه في شمال العراق. تفرّغ بعد ذلك لمحاربة الصليبيين لا سيما مع هجمات أرناط صاحب الكرك على قوافل الحجاج. بدأ بالتوغل في أراضي مملكة القدس الصليبية وحقق نصراً تاريخياً على الصليبيين في معركة حطّين في تموز ١١٨٧ التي أسر خلالها ملك القدس گي دو لوزنيان ثم أطلق سراحه. تمكن صلاح الدين من طرد الصليبيين من القدس نفسها قبل نهاية عام ١١٨٧. تمكن من صدّ الحملة الصليبية الثالثة التي قادها ملك إنكلترا ريتشارد قلب الأسد وفشلت في استعادة القدس بين عامي ١١٨٩ و١١٩٢. مرض بعد أشهر قليلة من نهاية الحملة الصليبية الثالثة. دُفن في قلعة دمشق قبل أن تنقل رفاته بعد أشهر إلى جوار الجامع الأموي الكبير. ورث صلاح الدين في حكم الشام ابنه الملك الأفضل.
    المصادر

    آخر تعديل لهذه الصفحة قام به Shafei منذ 8 سنة

    المعرفة
    سياسة الخصوصية سطح المكتب


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14756
    السٌّمعَة : 30
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 51

    صلاح الدين الأيوبي  Empty رد: صلاح الدين الأيوبي

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب السبت نوفمبر 25, 2023 4:16 pm

    افتح القائمة الرئيسية
    المعرفة
    بحث
    الغزوات الصليبية لمصر
    اللغة
    تنزيل بصيغة PDF
    راقب هذه الصفحة
    عدل

    الغزوات الصليبية لمصر
    جزء من الحملات الصليبية
    التاريخ 1154–1169
    الموقع
    مصر
    النتيجة انتصار الزنكيون

    المتحاربون
    Armoiries de Jérusalem.svgمملكة بيت المقدس
    الامبراطورية البيزنطية
    Fatimid flag.svg الخلافة الفاطمية
    الأسرة الزنكية
    القادة والزعماء
    أمارليك الأول
    أندرونيكوس كونتوستفانوس
    شاور
    نور الدين زنكي
    شيركوه
    صلاح الدين
    'الغزوات الصليبية لمصر (1154–1169)، كان سلسلة حملات قامت بها مملكة بيت المقدس لتعزيز موقفها في بلاد الشام بالاستفادة من ضعف مصر الفاطمية.

    بدأت الحرب كجزء من أزمة الخلافة في الدولة الفاطمية، والتي بدأت تنهار تحت ضغط سوريا والدويلات الصليبية. بينما كان هناك جانب يدعو لطلب المساعدة من نور الدين زنكي، طلب الطرف الآخر مساعدة الصليبيين. بعدما بدأ المعارك، أصبحت غزوات. توقفت عدد من الحملات السورية على مصر بعد فترة قصيرة من الانتصار الكلي للحملات العدوانية التي شنها أمارليك الأول من القدس. ومع ذلك، فصفة عامة كان الصليبيين يتحدثون أن الأمور لم تكن تسير على حسب إرادتهم، بالرغم من عمليات النهب الكثيرة. ضرب حصار بيزنطي-صليبي على دمياط عام 1169 وانتهى بالفشل، في العام نفسه تولى صلاح الدين الأيوبي الوزارة في مصر. عام 1171 أصبح صلاح الدين سلطان مصر وتحول اهتمام الصليبيين للدفاع عن مملكتهم، والتي، بالرغم من أنها محاطة بسوريا ومصر، إلا أنها استمرت ل16 سنة أخرى.

    ومع ذلك، بعد سقوط القدس عام 1187، تحول تركيز الصليبيون بشكل حاسم نحو مصر وقل تركيزهم على بلاد الشام. يتجلى ذلك في الحملة الصليبية الثالثة، عندما أدرك ريتشارد قلب الأسد أهمية مصر واقترح مرتين غزو المنطقة. لا ينجح أي هجوم على بلاد الشام بدون الموارد والقوى البشرية من مصر، والتي تسيطر عليها حالياً القوى الإسلامية في المنطقة وكان هذا يعتبر ميزة حاسمة. الحملة الصليبية الرابعة، الخامسة، السابعة، الثامنة وحملة الإسكندرية جميعها كانت تعتبر مصر الهدف المنشود، والتي توجت بإنتصارات مؤقتة تلتها هزائم، إجلاءات أو مناقشات - تفضي في النهاية إلى لا شيء. بحلول عام 1291، عكا آخر المعاقل الصليبية في الأراضي المقدسة، سقطت في أيدي قوات سلطان مصر المملوكي، وفُقد ما تبقى من أراضي في العقد التالي.



    خلفية
    انظر أيضاً: حصار عسقلان and الحملة الصليبية الثانية
    في أعقاب سقوط القدس على أيدي قوات الحملة الصليبية الأولى، قام الفاطميون بغارات منتظمة ضد الصليبيين في فلسطين، بينما قام نور الدين زنكي في سوريا بسلسلة من الهجمات الناجحة على إمارة أنطاكيا. كانت الحملة الصليبية الثانية تهدف إلى استرداد مكاسب زنكي، والهجوم على دمشق، المنافس الأقوى لزنكي. فشل الحصار وأجبرت قوات مملكة بيت المقدس على العودة جنوباً.

    كانت الخلافة الفاطمية في القرن الثاني عشر مليئة بالمشاحنات الداخلية. ولم تكن السلطة في أيدي الخليفة الفاطمي (الذي كان مجرد أداة في مثل نظريه السني) لكن السلطة الفعلية كانت في أيدي الوزير الفاطمي، شاور. مثلت الأوضاع في مصر فرصة سانحة للغزو، سواء من قبل الصليبيين أو قوات نور الدين زنكي. أسقط الصليبيون عسقلان عام 1154 مما كان يعني أن المملكة كانت في حالة حرب على الجبهتين، لكن الآن أصبحت قاعدة إمداد أعداء مصر في متناول أيديهم.


    تدخل نور الدين زنكي، 1163–1164
    عام 1163، شاور الوزير المخلوع من مصر طلب الدعم من زنكي لإعادته إلى منصبه كحاكم لمصر "بحكم الأمر الواقع". قُتل زنكي عام 1146 لكن خليفته نور الدين وافق على عدم شاور - بعقد تحالف بين سوريا ومصر لضمان القضاء على الصليبيين.[بحاجة لمصدر] لم يدرك نور الدين أن حال نجاح خطته، فلن يكون هو الوحيد الذي سيستفيد من هذه الوحدة.

    في مايو 1164 أصبح شاور وزير مصر. ومع ذلك فقد كان مجرد حاكم صوري لنور الدين الذي نصب شيركوه حاكم لمصر. لم يرض شاور عن هذا، وطلب مساعدة عدو المسلمين السنة، أمارليك الأول، ملك القدس.

    غزو أمارليك؛ الغزوة الصليبية الثانية، 1164

    كان لأمالريك الأول أحلامه الخاصة في مصر. ومن أجل هذا، عندما دعاه شاور لمصر، لم يكن من الممكن أن يرفض مثل هذا العرض. عند بلبيس، قام أمالريك وحليفه الشيعي شاور، بحصار شيركوه. إلا أن نور الدين أمر قواته بالتحرك نحجو أنطاكيا الصليبية وبالرغم من الحماية البيزنطية (كان مانويل في البلقان) فقد انتصر عليها وأسر بوهموند الثالث من أنطاكيا وريموند الثالث من طرابلس في معركة حارم. سارع أمالريك بالمضي شمالاً لإنقاذ تابعه. ومع ذلك، فقد ترك شيركوه مصر وكان هذا انتصاراً لشاور الذي استرد مصر.

    عودة شيركوه والغزوة الصليبية الثالثة، 1166–1167

    لم يستمر حكم شاور في مصر طويلاً حيث سرعان ما عاد شيركوه عام 11ذ66 ليسترد مصر. كان الصليبيون هم الأمل الأخير لشاور حيث استعان بهم مرة ثانية وفي هذه المرة اعتقد أمالريك أن معركة مفتوحة يمكنها تحقيق الكثير من الانتصارات. على عكس شيركوه، كان لأمالريك تفوق بحري في البحر المتوسط (على الرغم من وجود عدد قليل من الموانئ السورية في المتوسط تحت سيطرة نور الدين) وأخذ الطريق الساحلي السريع إلى مصر، مما سمح له بالإلتقاء مع حليفه شاور بمجرد وصول شيركوه نائب نور الدين.

    في القاهرة، كان الجيش الفاطمي والصليبي يخططون للخطوة التالية في الوقت الذي كان فيه شيركوه عند أهرامات الجيزة يقوم بخطوة غير متوقعة في الجنوب. لحق به الجيش الفاطمي-الصليبي عند معركة البابين، وكان القتال دامي لكنه غير حاسم. ومع ذلك، تعقب الفاطميون-الصليبيون السوريين، الذين أصبحت خطتهم استخدام الإسكندرية كميناء، لاشيء عند وصول الأسطول الصليبي. في الإسكندرية، وافق شيركوه المحاصر على ترك مصر مقابل انسحاب الصليبيين. غادر أمالريك بمعاهدة في صالحه أسفرت عن دفع مصر الجزية لمملكة بيت المقدس وتثبيت شاور في السيطرة على مصر.

    الغزوة الصليبية الرابعة، 1168–1169

    عند هذه المرحلة كان على الصليبيين التركيز على تعزيز مراكزهم ضد سوريا، لكن بدلاً من ذلك فقد أغرى فرسان الإسبتارية أمالريك بالهجوم على مصر والاستيلاء عليها. لقت الفكرة إستحساناً لدى مانويل كومننوس. كان التحالف على وشك الانتهاء عندما قام أمالريك بهجوم سريع على بلبيس عام 1168، وذبح سكانها. استنجد شاور بدمشق وعاد شيركوه. عندما شعر شاور بأن أمالريك على وشك الهجوم، أمر بحرق عاصمته الفسطاط. عندما التقى شيركوه وأمالريك، لقى شاور مصرعه، واسترد شيركوه الحكم. توفى شيركوه بعد شهرين وتولى ابه أخيه صلاح الدين الحكم.

    في دمياط، ضرب التحالف البيزنطي الصليبي حصاراً على الميناء. هجم الصليبيون متأخرين بينما البيزنطيون، تخلو عن حصار الميناء بعد ثلاثة أشهر. في عام 1171، أعلن صلاح الدين نفسه سلطاناً على مصر في الوقت الذي أُجبر فيه الصليبيون تحت قيادة أمالريك على التقهقر، بعد خسارتهم الكثير من رجالهم بسبب الأمراض والحرب. أصبح فرسان الإسبتارية مفلسين بعد هذه المعركة لكن سرعان ما إستعادوا قدراتهم المالية. لا يمكن القول أن الأمر نفسه حدث للمملكة.

    النتائج
    مملكة بيت المقدس، المحاصرة من قبل الأعداء تواجه الآن هزيمة لا مفر منها. تمكن صلاح الدين من حشد جيوش قومها 100.000 جندي أو أكثر من سوريا ومصر، تحت قيادته. إلا أن نور الدين كان لا يزال حياً حتى 1174 وكانت سلطة صلاح الدين في مصر تعتبر تمرد على تبعيته لنور الدين. بعد وفاة نور الدين اتحدت سوريا ومصر. بعد انتصارات قليلة للصليبيين، وأشهرها في الرملة وفشل حصار الأيوبيين لطبرية، مكن الصليبيين من تجنب الهزيمة حتى عام 1187. بحلول 1189 the Crusader realm had been diminished beyond all strength and relied increasingly on politically motivated and inexperienced western reinforcements.

    في القرن 13 لم يقم الصليبيون إلا بغزوتين كبرتين لمصر. أثناء الحملة الصليبية الخامسة (1218-1221) قامت قوات صليبية كبيرة بقيادة المندوب الپاپوي پلاگيو گالڤاني وجون من برين بالإستيلاء على دمياط. تضمنت القوات قوات صليبية من فرنسي، ألمانيا، الفرنجة والنمسا وأسطول فريسي. تحركت القوات صوب القاهرة لكنها توقفت بسبب فيضان النيل وانتهت الحملة بكارثة عندما أجبر پلاگيو على الاستسلام بما تبقى معه من قواته.

    أثناء الحملة الصليبية السابعة غزا الملك لويس التاسع من فرنسا مصر (1249-1250) وبعد احتلال دمياط تحرك تجاه القاهرة. إلا أن القوات بقيادة روبير الأول، دوق أرتوا هزمت في معركة المنصورة ثم هزم الملك لويس وجيشه الرئيس في مركة فارسكور التي بعدها أصبحت قواته ما بين قتيل وأسير. قاسى الملك من مرارة الهزيمة والذل واضطر لدفع جزية مالية ضخمة لينال حريته.

    انظر أيضاً
    الغزو العثماني لمصر - 1517
    الغزو الفرنسي لمصر - 1798
    الغزو الإيطالي لمصر - 1940
    الكلمات الدالة: سوريا صلاح الدين الأيوبي فلسطين نور الدين زنكي القدس الحملة الصليبية الخامسة الحملة الصليبية السابعة الحملة الصليبية الرابعة القاهرة بلاد الشام الإسكندرية الحملة الصليبية الثانية لويس التاسع الحملة الصليبية الأولى شاور معركة المنصورة فيضان النيل الأراضي المقدسة الغزوات الصليبية لمصر معركة البابين
    آخر تعديل لهذه الصفحة قام به Shafei منذ 8 سنة
    المعرفة
    سياسة الخصوصية سطح المكتب


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 8:25 am