نسب صلاح الدين الأيوبي هل كان عربيا ام كرديا ؟
صلاح الدين الأيوبي كان عربيا ولم يكن كرديا ، وهذا قول مختصر و معتصر في إثبات ذلك
- لقد كثر الاختلاف في نسب الأيوبيين بعد ان أورد المؤرخون فيه كلاما كثيرا و متناقضا ، و لكن اشتهر لدى الناس أن الايوبيين يعودون بأصولهم إلى الكرد ، و لكن هذا القول مرجوح بل هو قول باطل ، لان الملوك الأيوبيين أنفسهم أنكروا النسب الكردي و انتسبوا للعرب ، و نجد ذلك في كتاب " الفوائد الجلية في الفرائد الناصرية " وهذا الكتاب هو ديوان رسائل السلطان الملك الناصر داود بن الملك المعظم عيسى بن الملك العادل بن أيوب المتوفى سنة 656 هجري ، وقد جمعه ولده الملك الامجد الحسن بن داود الأيوبي فبعد ان ناقش الملك جميع ما قيل عن نسب أجداده ، قطع أنهم ليسوا أكرادًا، وقال أن أجداده الأيوبيين نزلوا عند الكرد فنسبوا إليهم . و اكد على ذلك قائلا : " ولم أرَ أحداً ممن أدركتُه من مشايخ بيتنا يعترف بهذا النسب" - أي النسب الكردي - وفي هذا الكتاب للملك الحسن بن داود نجد اول نسب للأيوبيين كتبه أحد أبناء الأسرة الأيوبية أنفسهم وذلك في مقدمة الكتاب ، وقد رجَّح في كتابه صحة شجرة النسب التي وضعها الحسن بن غريب الحرشي ، ونسبهم هو (أيوب بن شاذي بن مروان بن أبي علي محمد بن عنترة بن الحسن بن علي بن احمد بن أبي علي بن عبد العزيز بن هدبه بن الحصين بن الحارث بن سنان بن عمرو بن مرة بن عوف بن أسامه بن بيهس بن الحارث بن عوف بن أبي الحارثة بن مرة بن نشبه بن غيظ بن مرة بن عوف بن لؤي بن غالب بن فهر، وهو قريش عند الأكثرين، بن مالك بن النضير، وهو قريش عند بعضهم، بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مُضَر بن نزار بن معد بن عدنان الجد الأعلى للرسول صلى الله عليه وسلم.) ، وقد كان الملك الامجد الحسن بن داود ملكا معظما عالما أديبا يعترف أهل بيته بتقدمته و فضله و قد ترجم له الذهبي ترجمة عاطرة و صفه فيها بالسيد الجليل ، لذلك كان قوله في نسب أسرته هو الفصل وهو انهم ليسوا كردا بل من العرب ، ولاسيما ان أباه الملك الناصر داود و جده الملك المعظم عيسى سمعا هذا النسب و لم يعترضا عليه ، مع العلم أن الملك المعظم عيسى قد أدرك جماعة ممن لهم تقدم واختصاص بجدهم الاول أيوب فهو أعلم بحالهم و نسبهم
- وقد ذكر جمال الدين محمد بن واصل المازني التميمي الحموي - وهو يعتبر مؤرخ الأيوبيين - في كتابه " مفرج الكروب في أخبار بني أيوب" عن بعض ملوك الأيوبيين قولهم : «إنما نحن عرب، نزلنا عند الأكراد وتزوجنا منهم .» "، و أيد النسب العربي القرشي الذي ساقه الحسن بن داود ، بل هناك قول مشهور يحدد أي بطون قريش ينتسب إليها الأيوبيون ، فقد جاهر الملك المعز إسماعيل بن سيف الاسلام وهو ابن اخ صلاح الدين الأيوبي وقد تملك اليمن بعد أبيه بالنسب الايوبي ووصله إلى عبد مناف ، فهم بذلك عرب قرشيون أمويون ، و ذلك بعد أن استقل بالامر لنفسه في اليمن و أعلن منابذته للخلفاء العباسيين في بغداد وكان قد ادعى الخلافة لنفسه و تلقب باسم الهادي و نظم أبياتا معروفة يقول فيها
- و أنا الهادي الخليفة والذي ........أدوس رقاب القلب بالضمر الجرد
- ولا بد من بغداد أطوي ربوعها .... وأنشرها نشر الشماس على البرد
- وانصب أعلامي على شرفاتها...... و أظهر أمر الله في الغور والنجد
فالملك الأيوبي في هذه الابيات يظهر حقيقة الموقف الأموي تجاه العباسيين الذين اغتصبوا منهم الخلافة و كادوا ان يقضوا على سلالتهم لولا فرار بعض من ءابائه ونزولهم عند الكرد كما فعل بعض الناجين من البيت الاموي بفرارهم إلى المغرب و استقرارهم عند البربر حينا من الزمن قبل دخولهم الاندلس و إحيائهم الدولة الاموية هناك على يد عبد الرحمن الداخل " صقر قريش " .
- و قد جاهر بالنسب الأموي ملك ءاخر من الأيوبيين وهو الملك خليل بن الأشرف أحمد بن الملك العادل سليمان ، وقد قال في شعره
- لم يبق في الدنيا ملاد يرتجى - - - في العالمين ونصير كاف
- إلا ابن أيوب الذي صدق الوعود - - هوالأمين ومجمع الألطاف
- الأشرف السلطان بالنسب الذي - -- بالنقل متصل بعبد مناف
فهو هنا ينتسب لعبد مناف ويصل نسب ءابائه بالامويين ، وأقرب قريش إلى بني هاشم هم الأمويون ، وهم يلتقون جميعا في عبد مناف
- وقد قام الملك نور الدين علي بنقل رفاة أبيه صلاح الدين من قلعة دمشق إلى مكان ملاصق جدا للمسجد الأموي في دمشق ، وفي هذا إشارة واضحة لاعتزاز الايوبيين بتراث ءابائهم من الأمويين ، ومعلوم أن صلاح الدين الايوبي امضى طفولته في دمشق و كان شغوفا و محبا جدا لهذه المدينة .
ومن المؤرخين المشهورين الذين اعتمدوا النسب العربي القرشي الاموي للأيوبيين نجد سبط الجوزي في كتابه " مرآة الزمان في تاريخ الأعيان " فقد ذكر في وفيات عام 589 هجري ( وفيها توفي الملك السلطان الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب بن شاذي بن مروان من أولاد خلفاء بني أمية)
- و لا غرابة في ذلك ، فمعلوم شهرة الامويين من قديم في مسائل الحكم و السياسة ، و خبرتهم الكبيرة في شؤون الحكم وولاية الناس ، فهذه الاسرة هي من أسست أكبر دولة في التاريخ ، كما انهم لم يستسلموا بعد أن أسقط العباسيون دولتهم في دمشق ، فنراهم أعادوا تأسيسها في الاندلس ، ودولتهم هناك كانت من أعظم الدول الاسلامية رقيا و حضارة و عمارا ، و ما إن تراجعوا في الاندلس مع قيام ممالك الطوائف حتى نراهم قد ظهروا في المشرق من جديد باسم السلاطين الايوبيين وهم تحت الحكم العباسي في بغداد ، ومن أراد الاستزادة بخصوص اثبات النسب الأموي للأيوبيين فليعد إلى ماكتبه المهندس عبد الغني محمد إسماعيل الأيوبي في كتابه " الأمراء الأيوبيون عبر التاريخ " الصادرعام 2006 وهو رئيس سابق لجامعة الأمراء الأيوبيين في لبنان ، و يقطع فيه استنادا للوثائق و المخطوطات الأيوبية أن الأيوبيين عرب امويون و ليسوا من الأكراد
- و لكننا نرى بعض الايوبيين أنكر النسب الاموي فقد قال الملك العادل سيف الدين أبي بكر بن أيوب لما بلغه زعم الملك الأيوبي صاحب اليمن : " كذب إسماعيل ما نحن من بني أمية أصلاً " ، ولكنه على إنكاره النسب الأموي لم ينكر النسب القرشي ناهيك عن النسب العربي ولم ينتسب للكرد بالأساس ، و لو قال الرجل مانحن من قريش أو العرب أصلا ، لكان كلامه أقوى و أبلغ في النفي ، بل لقد أظهر البراءة من النسب الاموي فقط ، و في هذا حكمة لا تخفى لأن مجاهرتهم بهذا النسب وهم تحت تحت حكم العباسيين في بغداد ، يوحي للخلفاء و كأن شبح الدولة الاموية التي أسقطوها من دمشق سيعود لينافسهم شرعية الحكم و الخلافة ، ولا سيما أن الأيوبيين قد أسقطوا الدولة العبيدية في مصر بعد إن استوزرهم الفاطميون فيها ، كما استقل بعضهم بحكم اليمن بعيدا عن العباسيين في بغداد ، بعد أن حكموها باسمهم دهرا
- كما نجد بعض المؤرخين ينسبهم إلى بعض قبائل العرب من غير قريش كالذي نجده عند بن خلدون حيث أوصل نسب الأيوبيين إلى مرة بن عوف الحميري الدوسي والذي يرجع نسبة إلى عدنان ، و نسبهم غيره إلى إحدى بطون غطفان ، و لكنهم على كل حال متفقون على انهم من العرب
- وأما شبهة انهم من الكرد فقد انتشرت لثلاثة أسباب
- 1 - انهم ولدوا و عاشوا في مناطق مختلطة مع الكرد ، و تصاهروا معهم و تجمعهم معهم روابط الخؤولة و النسب
- 2 - ما جاء في بعض الروايات من نفي بعض الأيوبيين النسب الأموي عنهم
- 3 - ماذكره ابن الأثير في كتابه - الكامل في التاريخ - أن نسب أيوب بن شاذي بن مروان يرجع إلى الأكراد الروادية وهم فخذ من الهذبانية، " و أيوب بن شاذي بن مروان هو من ينتسب إليه الأيوبيون ، وعن ابن الأثير نقل عنه من جاء بعده
- و لكن هذه المزاعم الثلاث لا ترقى إلى رتبة الدليل ابتداء ، فكونهم عاشوا مع الكرد في مناطق مختلطة و تصاهروا معهم لا ينفي النسب العربي أو الكردي عن صاحبه ، وكون أخوال صلاح الدين الأيوبي من الاكراد لن يجعل منه كرديا ، و اما ما جاء من نفي بعض الايوبيين النسب الاموي عنهم فهم لم يدعوا النسب الكردي أيضا ، بل تبرؤوا منه بشكل صريح ، و لو كانوا كردا ، لقالوا ، ما نحن من العرب وما نحن من قريش اصلا ، و ما كانوا ليكتفوا بنفي النسب الاموي فقط ، و إن كان هذا النفي جاء أصلا لدواع سياسية تقتضيها أمور السياسة و الحكم لكونهم وزراء العباسية في بغداد ، وأما ما ذكره ابن الأثير في تاريخه من ان الايوبيين ينتسبون إلى الأكراد الروادية وهم أشراف الأكراد وأصلهم من أذربيجان ، فهو يسوقه معلقا من غير تدليل عليه ، كما ان الايوبيين انفسهم ومؤرخوهم المشهورون ينفون هذا الزعم و يؤكدون على أنهم من العرب ، وهم اولى بأنسابهم من ابن الاثير أو أي مؤرخ أو مترجم ينقل عنه دون نقد او تمحيص ودون عودة لملوك و مؤرخي الدولة الأيوبية أنفسهم
- و جدير بالذكر أن الأيوبيين حين جاؤوا إلى بغداد كانوا يتكلمون العربية و يفخرون بها و لم يدعوا النسب الكردي مطلقا ، و لم تكن تجمعهم مع الكرد غير رابطة المصاهرة و الخؤولة ، و لم يكونوا ممن يمارسون شيئا من طقوس الكرد و احتفالاتهم ، و لم يقربوا الكرد في دولتهم و لم يستوزروهم كما فعل الفرس و الترك من أبناء جنسهم ومنه نقطع ان الايوبيين و منهم صلاح الدين كانوا من العرب و أرجح الاقوال أنهم من قريش ، و ان الإختلاف الحاصل حول نسبهم ليس عربيا كرديا ، إنما هو خلاف داخل البيت العربي لأنهم عرب في جميع الأحوال ''
صلاح الدين الأيوبي كان عربيا ولم يكن كرديا ، وهذا قول مختصر و معتصر في إثبات ذلك
- لقد كثر الاختلاف في نسب الأيوبيين بعد ان أورد المؤرخون فيه كلاما كثيرا و متناقضا ، و لكن اشتهر لدى الناس أن الايوبيين يعودون بأصولهم إلى الكرد ، و لكن هذا القول مرجوح بل هو قول باطل ، لان الملوك الأيوبيين أنفسهم أنكروا النسب الكردي و انتسبوا للعرب ، و نجد ذلك في كتاب " الفوائد الجلية في الفرائد الناصرية " وهذا الكتاب هو ديوان رسائل السلطان الملك الناصر داود بن الملك المعظم عيسى بن الملك العادل بن أيوب المتوفى سنة 656 هجري ، وقد جمعه ولده الملك الامجد الحسن بن داود الأيوبي فبعد ان ناقش الملك جميع ما قيل عن نسب أجداده ، قطع أنهم ليسوا أكرادًا، وقال أن أجداده الأيوبيين نزلوا عند الكرد فنسبوا إليهم . و اكد على ذلك قائلا : " ولم أرَ أحداً ممن أدركتُه من مشايخ بيتنا يعترف بهذا النسب" - أي النسب الكردي - وفي هذا الكتاب للملك الحسن بن داود نجد اول نسب للأيوبيين كتبه أحد أبناء الأسرة الأيوبية أنفسهم وذلك في مقدمة الكتاب ، وقد رجَّح في كتابه صحة شجرة النسب التي وضعها الحسن بن غريب الحرشي ، ونسبهم هو (أيوب بن شاذي بن مروان بن أبي علي محمد بن عنترة بن الحسن بن علي بن احمد بن أبي علي بن عبد العزيز بن هدبه بن الحصين بن الحارث بن سنان بن عمرو بن مرة بن عوف بن أسامه بن بيهس بن الحارث بن عوف بن أبي الحارثة بن مرة بن نشبه بن غيظ بن مرة بن عوف بن لؤي بن غالب بن فهر، وهو قريش عند الأكثرين، بن مالك بن النضير، وهو قريش عند بعضهم، بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مُضَر بن نزار بن معد بن عدنان الجد الأعلى للرسول صلى الله عليه وسلم.) ، وقد كان الملك الامجد الحسن بن داود ملكا معظما عالما أديبا يعترف أهل بيته بتقدمته و فضله و قد ترجم له الذهبي ترجمة عاطرة و صفه فيها بالسيد الجليل ، لذلك كان قوله في نسب أسرته هو الفصل وهو انهم ليسوا كردا بل من العرب ، ولاسيما ان أباه الملك الناصر داود و جده الملك المعظم عيسى سمعا هذا النسب و لم يعترضا عليه ، مع العلم أن الملك المعظم عيسى قد أدرك جماعة ممن لهم تقدم واختصاص بجدهم الاول أيوب فهو أعلم بحالهم و نسبهم
- وقد ذكر جمال الدين محمد بن واصل المازني التميمي الحموي - وهو يعتبر مؤرخ الأيوبيين - في كتابه " مفرج الكروب في أخبار بني أيوب" عن بعض ملوك الأيوبيين قولهم : «إنما نحن عرب، نزلنا عند الأكراد وتزوجنا منهم .» "، و أيد النسب العربي القرشي الذي ساقه الحسن بن داود ، بل هناك قول مشهور يحدد أي بطون قريش ينتسب إليها الأيوبيون ، فقد جاهر الملك المعز إسماعيل بن سيف الاسلام وهو ابن اخ صلاح الدين الأيوبي وقد تملك اليمن بعد أبيه بالنسب الايوبي ووصله إلى عبد مناف ، فهم بذلك عرب قرشيون أمويون ، و ذلك بعد أن استقل بالامر لنفسه في اليمن و أعلن منابذته للخلفاء العباسيين في بغداد وكان قد ادعى الخلافة لنفسه و تلقب باسم الهادي و نظم أبياتا معروفة يقول فيها
- و أنا الهادي الخليفة والذي ........أدوس رقاب القلب بالضمر الجرد
- ولا بد من بغداد أطوي ربوعها .... وأنشرها نشر الشماس على البرد
- وانصب أعلامي على شرفاتها...... و أظهر أمر الله في الغور والنجد
فالملك الأيوبي في هذه الابيات يظهر حقيقة الموقف الأموي تجاه العباسيين الذين اغتصبوا منهم الخلافة و كادوا ان يقضوا على سلالتهم لولا فرار بعض من ءابائه ونزولهم عند الكرد كما فعل بعض الناجين من البيت الاموي بفرارهم إلى المغرب و استقرارهم عند البربر حينا من الزمن قبل دخولهم الاندلس و إحيائهم الدولة الاموية هناك على يد عبد الرحمن الداخل " صقر قريش " .
- و قد جاهر بالنسب الأموي ملك ءاخر من الأيوبيين وهو الملك خليل بن الأشرف أحمد بن الملك العادل سليمان ، وقد قال في شعره
- لم يبق في الدنيا ملاد يرتجى - - - في العالمين ونصير كاف
- إلا ابن أيوب الذي صدق الوعود - - هوالأمين ومجمع الألطاف
- الأشرف السلطان بالنسب الذي - -- بالنقل متصل بعبد مناف
فهو هنا ينتسب لعبد مناف ويصل نسب ءابائه بالامويين ، وأقرب قريش إلى بني هاشم هم الأمويون ، وهم يلتقون جميعا في عبد مناف
- وقد قام الملك نور الدين علي بنقل رفاة أبيه صلاح الدين من قلعة دمشق إلى مكان ملاصق جدا للمسجد الأموي في دمشق ، وفي هذا إشارة واضحة لاعتزاز الايوبيين بتراث ءابائهم من الأمويين ، ومعلوم أن صلاح الدين الايوبي امضى طفولته في دمشق و كان شغوفا و محبا جدا لهذه المدينة .
ومن المؤرخين المشهورين الذين اعتمدوا النسب العربي القرشي الاموي للأيوبيين نجد سبط الجوزي في كتابه " مرآة الزمان في تاريخ الأعيان " فقد ذكر في وفيات عام 589 هجري ( وفيها توفي الملك السلطان الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب بن شاذي بن مروان من أولاد خلفاء بني أمية)
- و لا غرابة في ذلك ، فمعلوم شهرة الامويين من قديم في مسائل الحكم و السياسة ، و خبرتهم الكبيرة في شؤون الحكم وولاية الناس ، فهذه الاسرة هي من أسست أكبر دولة في التاريخ ، كما انهم لم يستسلموا بعد أن أسقط العباسيون دولتهم في دمشق ، فنراهم أعادوا تأسيسها في الاندلس ، ودولتهم هناك كانت من أعظم الدول الاسلامية رقيا و حضارة و عمارا ، و ما إن تراجعوا في الاندلس مع قيام ممالك الطوائف حتى نراهم قد ظهروا في المشرق من جديد باسم السلاطين الايوبيين وهم تحت الحكم العباسي في بغداد ، ومن أراد الاستزادة بخصوص اثبات النسب الأموي للأيوبيين فليعد إلى ماكتبه المهندس عبد الغني محمد إسماعيل الأيوبي في كتابه " الأمراء الأيوبيون عبر التاريخ " الصادرعام 2006 وهو رئيس سابق لجامعة الأمراء الأيوبيين في لبنان ، و يقطع فيه استنادا للوثائق و المخطوطات الأيوبية أن الأيوبيين عرب امويون و ليسوا من الأكراد
- و لكننا نرى بعض الايوبيين أنكر النسب الاموي فقد قال الملك العادل سيف الدين أبي بكر بن أيوب لما بلغه زعم الملك الأيوبي صاحب اليمن : " كذب إسماعيل ما نحن من بني أمية أصلاً " ، ولكنه على إنكاره النسب الأموي لم ينكر النسب القرشي ناهيك عن النسب العربي ولم ينتسب للكرد بالأساس ، و لو قال الرجل مانحن من قريش أو العرب أصلا ، لكان كلامه أقوى و أبلغ في النفي ، بل لقد أظهر البراءة من النسب الاموي فقط ، و في هذا حكمة لا تخفى لأن مجاهرتهم بهذا النسب وهم تحت تحت حكم العباسيين في بغداد ، يوحي للخلفاء و كأن شبح الدولة الاموية التي أسقطوها من دمشق سيعود لينافسهم شرعية الحكم و الخلافة ، ولا سيما أن الأيوبيين قد أسقطوا الدولة العبيدية في مصر بعد إن استوزرهم الفاطميون فيها ، كما استقل بعضهم بحكم اليمن بعيدا عن العباسيين في بغداد ، بعد أن حكموها باسمهم دهرا
- كما نجد بعض المؤرخين ينسبهم إلى بعض قبائل العرب من غير قريش كالذي نجده عند بن خلدون حيث أوصل نسب الأيوبيين إلى مرة بن عوف الحميري الدوسي والذي يرجع نسبة إلى عدنان ، و نسبهم غيره إلى إحدى بطون غطفان ، و لكنهم على كل حال متفقون على انهم من العرب
- وأما شبهة انهم من الكرد فقد انتشرت لثلاثة أسباب
- 1 - انهم ولدوا و عاشوا في مناطق مختلطة مع الكرد ، و تصاهروا معهم و تجمعهم معهم روابط الخؤولة و النسب
- 2 - ما جاء في بعض الروايات من نفي بعض الأيوبيين النسب الأموي عنهم
- 3 - ماذكره ابن الأثير في كتابه - الكامل في التاريخ - أن نسب أيوب بن شاذي بن مروان يرجع إلى الأكراد الروادية وهم فخذ من الهذبانية، " و أيوب بن شاذي بن مروان هو من ينتسب إليه الأيوبيون ، وعن ابن الأثير نقل عنه من جاء بعده
- و لكن هذه المزاعم الثلاث لا ترقى إلى رتبة الدليل ابتداء ، فكونهم عاشوا مع الكرد في مناطق مختلطة و تصاهروا معهم لا ينفي النسب العربي أو الكردي عن صاحبه ، وكون أخوال صلاح الدين الأيوبي من الاكراد لن يجعل منه كرديا ، و اما ما جاء من نفي بعض الايوبيين النسب الاموي عنهم فهم لم يدعوا النسب الكردي أيضا ، بل تبرؤوا منه بشكل صريح ، و لو كانوا كردا ، لقالوا ، ما نحن من العرب وما نحن من قريش اصلا ، و ما كانوا ليكتفوا بنفي النسب الاموي فقط ، و إن كان هذا النفي جاء أصلا لدواع سياسية تقتضيها أمور السياسة و الحكم لكونهم وزراء العباسية في بغداد ، وأما ما ذكره ابن الأثير في تاريخه من ان الايوبيين ينتسبون إلى الأكراد الروادية وهم أشراف الأكراد وأصلهم من أذربيجان ، فهو يسوقه معلقا من غير تدليل عليه ، كما ان الايوبيين انفسهم ومؤرخوهم المشهورون ينفون هذا الزعم و يؤكدون على أنهم من العرب ، وهم اولى بأنسابهم من ابن الاثير أو أي مؤرخ أو مترجم ينقل عنه دون نقد او تمحيص ودون عودة لملوك و مؤرخي الدولة الأيوبية أنفسهم
- و جدير بالذكر أن الأيوبيين حين جاؤوا إلى بغداد كانوا يتكلمون العربية و يفخرون بها و لم يدعوا النسب الكردي مطلقا ، و لم تكن تجمعهم مع الكرد غير رابطة المصاهرة و الخؤولة ، و لم يكونوا ممن يمارسون شيئا من طقوس الكرد و احتفالاتهم ، و لم يقربوا الكرد في دولتهم و لم يستوزروهم كما فعل الفرس و الترك من أبناء جنسهم ومنه نقطع ان الايوبيين و منهم صلاح الدين كانوا من العرب و أرجح الاقوال أنهم من قريش ، و ان الإختلاف الحاصل حول نسبهم ليس عربيا كرديا ، إنما هو خلاف داخل البيت العربي لأنهم عرب في جميع الأحوال ''