بين علم الحديث والانساب (1) ...
في علم الحديث (في الراوي) : من قواعد علم الحديث "ان الجرح المفسر مقدم على التعديل" ومعنى قولهم مفسر أي موضح بلفظه سبب الجرح اهو في العدالة ام الحفظ ويتغير هذا بتغير اللفظ مع خلاف في بعض الالفاظ مثل قولهم متروك اختلفوا فيها , واما الفاظ التجريح العامة التي لا تعطي سبب الجرح فينتج عنها جرح غير مفسراو مجمل, وتختلف درجة الاخذ بالطعن المجمل مقابل التعديل المجمل باختلاف المعدل والجارح ومكانه وزمانه وقربه من المجروح او المعدل وسلوك الائمة الاعلام معه فقد يأخذون به او قد يتركونه مع مراعاة الجرح او ربما بالكلية , قال العلامة المعلمي اليماني :"والذي ينبغي أن يؤخذ منهما هو ما كان احتمال الخلل فيه أبعد من احتماله في الآخر، وهذا يختلف ويتفاوت باختلاف الوقائع والناظر في زماننا لا يكاد يتبين له الفصل في ذلك إلا بالاستدلال بصنيع الأئمة، كما إذا وجدنا البخاري ومسلماً قد احتجا أو أحدهما براوٍ سبق ممن قبلهما فيه جرح غير مفسر، فإنّه يظهر لنا رجحان التعديل غالباً وقس على ذلك" , (طليعة التنكيل ص263)
وللاشارة فان الطعن المفسر لا يؤخذ به في كل الحالات خصوصا ان صدر من مطعون به او مجهول حال او عين وحتى لو صدر من ثقة معلوم الحال فيجب ان يكون عالما باسبابه, قال ابن حجر " وان صدر من غير عارف بالاسباب فلا يؤخذ منه " (شرح النخبة ص 136)
في علم الانساب (في الرواية ) : لم تحرر بعد الفاظ الجرح او الطعن المفسر ولم يضبط استخدامها فقولهم "في صح" على سبيل المثال يختلف استخدامه بين النسابة على اكثر من خمسة اوجه بين بعضها بون شاسع في درجة التعليل كما لم تضبط عدالة واتقان الكثير من النسابة من قبل ائمة اعلام محدثين ومع ذلك فالطعن ان كان معللا فهو مقدم على اثبات مجمل ان استوى المعلل والمثبت من ناحية العدالة والاتقان وحيث ان النسب خبر يثبت بسماع فان اتفاق المجموع يعتبر والمقصود من المجموع من اقر بطعن او اثبات وليس الساكت لان الساكت يحتمل في امره الجهالة او الاخذ عن جاهل.
ملاحظة مهمة: في علم الحديث تطبق القاعدة على الرواة بينما في الانساب لا يمكن تطبيقها الا على الرواية لان اغلب الرواة والنسابين فيهم كلام او جهالة حال و / او عين.
مثال: نسب الشيخ عبدالقادر الجيلاني طعن فيه من طعن من المتاخرين استنادا على كتب مزورة وعلى عدم ذكره بالشرف الحسني في حال حياته وعلى ما نقل عن ابن عنبة والطقطقي:
تكييف الجواب على القاعدة اعلاه:
1) ما ورد في الكتب المزورة: مثل قصة ذهاب القاضي نصر لابن الافطس وقوله انهم من بشتير بطن من الفرس , فهذا وان كان مفسرا في لفظه الا ان من استند عليه فطعنه باطل لثبوت تزوير القصة وتناقض النص اذ ان نسبتهم بشتيري هي نسبة مكان ولم يعلم في بطون الفرس من يحمل هذه النسبة
2) عدم ذكره بالشرف الحسني: فهذا وان كان مفسرا في لفظه الا انه لا يؤخذ به لعدم انطباقه على حالة المجروح نسبه: حيث ان اشتراط شهرته بالنسب الحسني في حال حياته ليس شرطا لصحته بالضرورة لان الشرط الاهم وهو قياس السماع غير متحقق فليس الرجل مقيما في بغداد هو وقومه منذ مئات السنين حتى يعلم عنه الخبر ويتواتر عنه سماعا ثم يصبح شرطا , ولم يروى عن اهل جيلان انهم انكروا عليه هذه النسبة مع ما يحتمل من ورود بعضهم لحج وعمرة او لتجارة او طلب علم ولم يصرح هو به , وثبت لاحقا باقرار اهله به وهذه مسالة سنتطرق لها مستقبلا باذن الله
3) نقل ابن عنبة : فهنا صرح ابن عنبة بانه لم يصله خبر من الشيخ عبدالقادر انه قال بهذا النسب وهذا الامر بذاته ليس حجة في الطعن كما ان ابن عنبة مجهول حال وطعنه وان كان مفسرا بلفظه الا انه غير عارف باسبابه ولو كان عارفا لما تعلل بهذه العلة في الطعن كما في النسخة التيمورية اضافة الى انه متصل بعمود نسبه قريبا فمن باب اولى ان يعلم من هم على شجرته وعليه لا يؤخذ به لجهالته باسبابه فضلا عن جهالة حاله
4) نقل ابن الطقطقي: هذا طعن غير مفسر لانه علقه بانتظار بينة لم يحددها على شرطه في النسب , وقد ابطل على شرطه انساب اجتمع غيره على صحتها كنسب بني عنبة في الحائر وعليه يؤخذ به في تضعيف النسب وليس في ابطاله (مع انه معلوم عين وحال لكن لا يقبل منه رواية على شروط المحدثين الا ان امر النسب مختلف كما سيأتي في مقالات قادمة ان شاء الله)
5) اتفق مجموع من النسابة والمحدثين على اثبات النسب الجيلاني بزمن قريب من وفاة الشيخ عبدالقادر لا يتجاوز المائة عام وهو كاف لشيوع السماع وازداد العدد على حساب من انكره انكارا تاما وهذا لا يحصل لنسب باطل في فترة زمنية قليلة بحساب الاجيال اضافة الى اسباب اخرى ذكرتها في التحقيق الجيلاني فلينظر والله تعالى اعلم.
في علم الحديث (في الراوي) : من قواعد علم الحديث "ان الجرح المفسر مقدم على التعديل" ومعنى قولهم مفسر أي موضح بلفظه سبب الجرح اهو في العدالة ام الحفظ ويتغير هذا بتغير اللفظ مع خلاف في بعض الالفاظ مثل قولهم متروك اختلفوا فيها , واما الفاظ التجريح العامة التي لا تعطي سبب الجرح فينتج عنها جرح غير مفسراو مجمل, وتختلف درجة الاخذ بالطعن المجمل مقابل التعديل المجمل باختلاف المعدل والجارح ومكانه وزمانه وقربه من المجروح او المعدل وسلوك الائمة الاعلام معه فقد يأخذون به او قد يتركونه مع مراعاة الجرح او ربما بالكلية , قال العلامة المعلمي اليماني :"والذي ينبغي أن يؤخذ منهما هو ما كان احتمال الخلل فيه أبعد من احتماله في الآخر، وهذا يختلف ويتفاوت باختلاف الوقائع والناظر في زماننا لا يكاد يتبين له الفصل في ذلك إلا بالاستدلال بصنيع الأئمة، كما إذا وجدنا البخاري ومسلماً قد احتجا أو أحدهما براوٍ سبق ممن قبلهما فيه جرح غير مفسر، فإنّه يظهر لنا رجحان التعديل غالباً وقس على ذلك" , (طليعة التنكيل ص263)
وللاشارة فان الطعن المفسر لا يؤخذ به في كل الحالات خصوصا ان صدر من مطعون به او مجهول حال او عين وحتى لو صدر من ثقة معلوم الحال فيجب ان يكون عالما باسبابه, قال ابن حجر " وان صدر من غير عارف بالاسباب فلا يؤخذ منه " (شرح النخبة ص 136)
في علم الانساب (في الرواية ) : لم تحرر بعد الفاظ الجرح او الطعن المفسر ولم يضبط استخدامها فقولهم "في صح" على سبيل المثال يختلف استخدامه بين النسابة على اكثر من خمسة اوجه بين بعضها بون شاسع في درجة التعليل كما لم تضبط عدالة واتقان الكثير من النسابة من قبل ائمة اعلام محدثين ومع ذلك فالطعن ان كان معللا فهو مقدم على اثبات مجمل ان استوى المعلل والمثبت من ناحية العدالة والاتقان وحيث ان النسب خبر يثبت بسماع فان اتفاق المجموع يعتبر والمقصود من المجموع من اقر بطعن او اثبات وليس الساكت لان الساكت يحتمل في امره الجهالة او الاخذ عن جاهل.
ملاحظة مهمة: في علم الحديث تطبق القاعدة على الرواة بينما في الانساب لا يمكن تطبيقها الا على الرواية لان اغلب الرواة والنسابين فيهم كلام او جهالة حال و / او عين.
مثال: نسب الشيخ عبدالقادر الجيلاني طعن فيه من طعن من المتاخرين استنادا على كتب مزورة وعلى عدم ذكره بالشرف الحسني في حال حياته وعلى ما نقل عن ابن عنبة والطقطقي:
تكييف الجواب على القاعدة اعلاه:
1) ما ورد في الكتب المزورة: مثل قصة ذهاب القاضي نصر لابن الافطس وقوله انهم من بشتير بطن من الفرس , فهذا وان كان مفسرا في لفظه الا ان من استند عليه فطعنه باطل لثبوت تزوير القصة وتناقض النص اذ ان نسبتهم بشتيري هي نسبة مكان ولم يعلم في بطون الفرس من يحمل هذه النسبة
2) عدم ذكره بالشرف الحسني: فهذا وان كان مفسرا في لفظه الا انه لا يؤخذ به لعدم انطباقه على حالة المجروح نسبه: حيث ان اشتراط شهرته بالنسب الحسني في حال حياته ليس شرطا لصحته بالضرورة لان الشرط الاهم وهو قياس السماع غير متحقق فليس الرجل مقيما في بغداد هو وقومه منذ مئات السنين حتى يعلم عنه الخبر ويتواتر عنه سماعا ثم يصبح شرطا , ولم يروى عن اهل جيلان انهم انكروا عليه هذه النسبة مع ما يحتمل من ورود بعضهم لحج وعمرة او لتجارة او طلب علم ولم يصرح هو به , وثبت لاحقا باقرار اهله به وهذه مسالة سنتطرق لها مستقبلا باذن الله
3) نقل ابن عنبة : فهنا صرح ابن عنبة بانه لم يصله خبر من الشيخ عبدالقادر انه قال بهذا النسب وهذا الامر بذاته ليس حجة في الطعن كما ان ابن عنبة مجهول حال وطعنه وان كان مفسرا بلفظه الا انه غير عارف باسبابه ولو كان عارفا لما تعلل بهذه العلة في الطعن كما في النسخة التيمورية اضافة الى انه متصل بعمود نسبه قريبا فمن باب اولى ان يعلم من هم على شجرته وعليه لا يؤخذ به لجهالته باسبابه فضلا عن جهالة حاله
4) نقل ابن الطقطقي: هذا طعن غير مفسر لانه علقه بانتظار بينة لم يحددها على شرطه في النسب , وقد ابطل على شرطه انساب اجتمع غيره على صحتها كنسب بني عنبة في الحائر وعليه يؤخذ به في تضعيف النسب وليس في ابطاله (مع انه معلوم عين وحال لكن لا يقبل منه رواية على شروط المحدثين الا ان امر النسب مختلف كما سيأتي في مقالات قادمة ان شاء الله)
5) اتفق مجموع من النسابة والمحدثين على اثبات النسب الجيلاني بزمن قريب من وفاة الشيخ عبدالقادر لا يتجاوز المائة عام وهو كاف لشيوع السماع وازداد العدد على حساب من انكره انكارا تاما وهذا لا يحصل لنسب باطل في فترة زمنية قليلة بحساب الاجيال اضافة الى اسباب اخرى ذكرتها في التحقيق الجيلاني فلينظر والله تعالى اعلم.