زيد بن علي[عدل]
اذهب إلى التنقل
اذهب إلى البحث
بسم الله الرحمن الرحيم
زيد بن علي
( من أئمة الشيعة )
أمير المؤمنين زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، أبو الحسين الهاشمي العلوي المدني
الترتيب
الإمام الخامس للزيدية
الكنية
أبي الحسين
تاريخ الميلاد
76 هجري
تقريباً 695 ميلادي
تاريخ الوفاة
الأول من صفر 122 هجري
تقريباً 740 ميلادي
مكان الميلاد
المدينة
مكان الدفن
بابل، الكفل
حياته
قبل الإمامة: 17 سنة (76 - 95 هجري) مع والدة زين العابدين
· الإمامة: 28 سنة (95 هجري - 122 هجري)
ألقاب
حليف القرآن
· (القرآن الكريم)
الأب
زين العابدين
الأولاد
الحسن ويحيى الشهيد ويكني أبا طالب والحسين ذو الدمعة
علي · الحسن · الحسين · زين العابدين · الباقر · الصادق · الكاظم · الرضا · الجواد · الهادي · الحسن العسكري · المهدي المنتظر
زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبي الحسين الهاشمي العلوي المدني أخو أبي جعفر الباقر، وعبد الله، وعمر، وعلي، وحسين، وأمه أم ولد .[1][2][3] روى عن أبيه زين العابدين ،وأخيه الباقر، هفا، وخرج، فاستشهد. وفد على متولي العراق يوسف بن عمر، فأحسن جائزته، ثم رده، فأتاه قوم من الكوفة، فقالوا: ارجع نبايعك، فما يوسف بشيء، فأصغى إليهم وعسكر، فبرز لحربه عسكر يوسف، فقتل في المعركة ، ثم صلب أربع سنين .
محتويات [أخف]
1 ولادته 1.1 تسميته
1.2 لقبه
1.3 كنيته
1.4 نقش خاتمه
2 نشأته
3 مؤلفاته
4 مدرسته وتلاميذه
5 زهده وعبادته
6 أدعيته
7 أدبه
8 خُطبه
9 من أقواله
10 أحاديث المدح
11 البراءة من دعوى الإمامة
12 الخلاصة
13 حياته 13.1 عبادته
13.2 زهده وورعه
14 دعوة الإمام زيد للناس لإمامته
15 أسباب النهضة
16 موقفه مع هشام
17 زيد وخالد القسريّ
18 استجارة أهل الكوفة
19 تحذيره من أهل الكوفة
20 دخوله الكوفة
21 ماهي البيعة
22 موقف الإمام زيد بن علي من أبوبكر وعمر بن الخطاب
23 غدر أهل الكوفة بزيد
24 المواجهة الكُبرى ونكث أهل الكوفة لبيعة الإمام زيد
25 صفة الحرب
26 زيد وتقدير عمره
27 اخراجه بعد الدفن
28 صلبه
29 الكرامات التي ظهرت لزيد عليه السّلام
30 زوجاته
31 اولاده
32 تراثه
33 وفاته 33.1 الرأس المقدس
33.2 صلبه
33.3 مواراة الجسد
34 المصادر
35 المراجع
36 وصلات خارجية
ولادته[عدل]
وُلد زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب بالمدينة بعد طلوع الفجر سنة ست وستين أو سبع وستين من الهجرة [4]. وأمه أم ولد من السند، وهي أم إخوته عمر الأشرف وعليّ وخديجة [5]، اشتراها المختار بن عبيد الثقفي أيّام ظهوره بالكوفة بثلاثين ألفاً وبعث بها إلى الإمام زين العابدين: يقول عمر الجعفري: "كنت أدمن الحج فأمرّ على علي بن الحسين عليه السّلام فأسلّم عليه، وفي بعض حججي غدا علينا علي بن الحسين عليه السّلام ووجهه مشرق فقال: جاءني رسول الله Mohamed peace be upon him.svg في ليلتي هذه حتّى أخذ بيدي وأدخلني الجنة وزوّجني حوراءَ، فواقعتها، فعَلقَت؛ فصاح بي رسول الله Mohamed peace be upon him.svg: يا علي بن الحسين، سمِّ المولود منها زيداً. فما قمنا من مجلس علي بن الحسين رحمه الله ذلك اليوم وعليّ يقصّ الرؤيا؛ حتّى أرسل المختار بن أبي عبيد بأمّ زيد هدية إلى علي بن الحسين اشتراها بثلاثين ألفاً؛ فلما رأينا إشفاقه بها تفرّقنا من المجلس؛ ولما كان من قابل حججت ومررت على علي بن الحسين لأسلّم عليه، فأخرج زيداً على كتفه الأيسر وله ثلاثة أشهر وهو يتلو هذه الآية ويؤمئ بيده إلى زيد: ﴿ هذا تأويلُ رؤيايَ مِن قَبلُ قد جعلَها ربّي حقاً)" [6]. ويشهد لما تضمّنته هذه الرواية من قصة الرؤيا رواية أبي حمزة الثمالي المرويّة في مجالس الصدوق مسنداً إليه، وفي ( فرحة الغري ) للسيد ابن طاوس بحذف الاسناد.
ينصّ الحديث المروي في « الفرحة » بأنه حوراء، ويعرفنا النسّابة أبو الحسن العمري في « المُجدي » بأنه غزالة، وجاء في « غاية الاختصار » [7] بأنه جيداء وفي « سر السلسلة العلوية » و « الحدايق الوردية » جيد. ونحن إذا قرأنا ما يحدّث به المبرد في الكامل <5 ـ ج 3 ص 189 طبع سنة 1347 هـ.[8] من أن العرب تسمّي الأَمَة حوراء وجيداء ولطيفة، أمكننا موافقة المجدي فقط، لكون هذه الألفاظ إنّما يُشار بها إلى خصوص صنف الإماء وليست للميزة بين أفراد ذلك الصنف.
تسميته[عدل]
النبي حينما حدّثه بما يجري على مهجته وفلذّة كبده ﴿ صليب الكناسة ﴾ من الحوادث الغريبة والغريبة جداً، بعد ما يقرأ في حديث أبي ذر الغفاري وقد دخل على النبي Mohamed peace be upon him.svg فرآه يبكي فرقّ له وسأله عما أبكاه، فأخبره بأنّ جبرئيل عليه السّلام هبط عليه وأخبره أن ولده الحسين عليه السّلام يُولَد له ابن يُسمّى علياً ويُعرف في السماء زين العابدين، ويولد له ابن يسمى زيداً يُقتل شَهيداً.
وفي حديث عليّ: أخبرني رسول الله Mohamed peace be upon him.svg بقتل الحسين عليه السّلام وصلب ابنه زيد بن عليّ عليه السّلام. قلت له: أترضى يا رسول الله يقتل ولدك ؟ قال: يا علي، أرضى بحكم اللهِ فيَّ وفي ولدي، ولي دعوتان: أمّا الاولى فاليوم، والثانية إذا عُرضوا على الله عزّوجلّ، ثم رفع يديه إلى السماء وقال: يا عليّ، أَمِّن على دعائي: اللهمّ أحصِهم عدداً، واقتُلهم بَدداً، وسلِّط بعضَهم على بعض، وامنَعهم الشرب من حَوضي ومُرافقتي؛ ثمّ قال: أتاني جبرئيل وأنا أدعو عليهم وأنت تؤمِّن فقال: لقد أُجيبتْ دعوتُكما [9].
وحديث حذيفة بن اليمان: نظر النبيّ إلى زيد بن حارثة فقال: المظلوم من أهل بيتي سَمِيّ هذا، والمقتول في الله والمصلوب سَميّ هذا. وأشار إلى زيد بن حارثة؛ ثمّ قال: ادنُ منّي يا زيد، زادك الله حبّاً عندي، فأنت سَميّ الحبيب من ولدي [10]. وهذان الحديثان وان لم تكن فيهما صراحة على المُدَّعى، غير أنّه لا ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وَحيٌّ يُوحى، فيجب أن يكون كلّما يلفظه من قولٍ عن وحيٍ أو الهام، ولا سيما حديث أبي ذر، فإنّه ينصّ على أنّ التسمية كانت معروفة في الملأ الأعلى، وقد أنهاها جبرئيل إلى النبي بالوحي، فما يذهب بالمزاعم إلى أن التسمية كانت متأخّرة إلى حين ولادته تشبّثاً بما رواه ابن ادريس الحلّي في « مستطرفات السرائر » أجنبيّ عن القصد، وهو على ما ذكرناه أدلّ.
قال ابن ادريس: روى ابن قولوية عن بعض أصحابنا، قال: كنت عند علي بن الحسين عليه السّلام، وكان إذا صلّى الفجر لم يتكلّم حتّى تطلع الشمس، فجاءه يومَ وُلد فيه زيد فبشّروه به بعد صلاة الفجر فالتفت إلى اصحابه فقال: أيّ شيء ترون أن أُسمّي هذا المولود ؟ فقال كلّ رجل سمِّه كذا، فقال: يا غلام عَليَّ بالمصحف، فجاءوا بالمصحف فوضعه في حِجره ثمّ فتحه فنظر إلى أول حرف في الورقة، فإذا فيه ﴿ وفَضّل اللهُ المجاهدين على القاعدين أجراً عظيما ﴾ ثمّ فتحه ثانيا فنظر، فإذا أول الورقة ﴿ إن الله اشترى من المؤمنين أنفسَهم وأموالَهم بأنّ لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيَقتلون ويُقتَلون وعداً عليه حقاً في التوراة والانجيل والقرآن ومَن أوفى بعَهده من الله فاستَبشِروا ببيعكمُ الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم ﴾ ثمّ قال: هو والله زيد، هو والله زيد، فسُمّي زيداً.
هذا نصّ الخبر، ونحن إذا قرأناه بتأمّل نعرف أجنبيّته عن كَون السجاد هو المخترع للاسم، وإنّما نعرف أنّه مُتلقَّى عن آبائه الهداة عن النبيّ المُوحى إليه على لسان جبرئيل؛ وممّا يكشف لنا عن ذلك اعتماده في التسمية على الآيتَين الواردتين في فضل المجاهد، وعدم ارتباطهما بالتسمية لا يختلف فيه اثنان، ولكن الوجه بالتسمية بعد قراءتهما ليس إلاّ ما هو معلوم لديه عن آبائه عن النبي بأنّه يُولَد له ولد يسمّى زيداً ويُقتَل شهيداً في الجهاد، فبهذه المناسبة سمّاه زيدًا عند قراءتهما، ويشهد له مجيئه بضمير الغائب حيث يقول « هو والله زيد، هو والله زيد »، فإنّه يريد أنّ ذلك المولود الذي سمّاه النبي زيداً ويُقتل شهيداً في الجهاد هو هذا.
لقبه[عدل]
يلقّب زيد الأزياد [11]، إشارة إلى أنه المقدَّم على كلّ من سُمّي بهذا الاسم من جهة أعماله الصالحة وغاياته الشريفة التي استحق بها المدح والإطراء من الأئمة بخلاف غيره ممن سُمّي بهذا الاسم، وبالأخصّ من كان من أهل هذا البيت ممن لم يحمل لنا التاريخ من أعماله الحسنة ما يستوجب به المدح من الأئمّة: كزيد بن الحسن السبط وزيد بن موسى بن جعفر وهو زيد النار. نعم أقرأتنا جوامع الاحاديث خصومة الأول مع الإمام الباقر في أمر الإمامة وشهادة السكينة التي بيده والصخرة التي كانت واقفاً عليها والشجرة التي هي قريبة منهما بأن الباقر أحق بالأمر منه [12].
ويقول الرضا في حق الثاني عند ما قال له المأمون: يا أبا الحسن لان خرج أخوك وفعل ما فعل فلقد خرج قبله زيد بن علي فقتل ولولا مكانك مني لقتلته فليس ما أتاه بصغير: « لا تقس يا أمير المؤمنين أخي زيداً بزيد بن عليّ عليه السّلام، فإنّه كان من علماء آل محمّد Mohamed peace be upon him.svg فغضب لله عزّوجلّ فجاهد أعداءه » [13].
كنيته[عدل]
كانت كنيته المعروف بها أبا الحسين أحد أولاده، وهو أبي عبد الله الحسين ذو الدمعة؛ وعلى هذا مشهور المؤرخين وأرباب السير والتراجم [14].
نقش خاتمه[عدل]
في الخطط المقريزية ج 4 ص 307 وكان نقش خاتمه ( اصبر تُؤجَر، اصدق تَنْجُ )، ورواه أبو الفرج في المقاتل بإبدال « أصدق » بـ « تَوَقَّ ».
نشأته[عدل]
نشأ في حجر أبيه السجاد وتخرّج عليه وعلى الإمامين الباقر والصادق، ومنهم أخذ المعارف وأسرار الاحكام. ومن عثرنا على كلامه من أصحابنا الإمامية كأبي إسحاق السبيعي والأعمش والشيخ المفيد، وميرزا عبدالله المعروف بالأفندي [15] وأبو الحسن العمري النسّابة [16] والسيّد عليّ خان [17] والحرّ العاملي [18] والمحدث النوري [19]، وجدناه مصرّحاً بفضله في العلم وتبصُّره بالمناظرات، وكان عمر بن موسى الوجهي يقول: رأيت زيد بن عليّ فما رأيت أحداً يفضله في معرفة الناسخ والمنسوخ والمتشابه من الكتاب المجيد [20]. وفي حديث أبي خالد الواسطيّ: صحبت زيداً بالمدينة خمس سنين، كلّ سنة أقيم شهراً وقت الحج ولم أفارقه حتّى أقدم الكوفة، فما رأيت مثله في العلم، فلذا اخترتُ صُحبته [21].
ويشهد لذلك كلّه حديث أبي غسان الازدي قال: قدم زيد بن علي الشام أيّام هشام بن عبد الملك؛ فما رأيت رجلاً أعلم بكتاب الله منه؛ ولقد حبسه هشام خمسة أشهر وهو يقص علينا ـ ونحن معه في الحبس ـ تفسير سورة الحمد وسورة البقرة هذّ ذلك هذّاً [22]. وذكر الكتاب فقال: « واعلموا ـ رحمكم الله ـ أن القرآن والعمل به يهدي للتي هي أقوم؛ لأن الله شرّفه وكرّمه ورفعه وعظّمه وسمّاه روحاً ورحمة وشفاء وهدىً ونوراً؛ وقطع منه بمعجز التأليف أطماع الكائدين، وأبانه بعجيب النظم عن حِيَل المتكلفين؛ وجعله متلوّاً ومسموعاً لا تمجّه الآذان؛ وغضّاً لا يَخلُق من كثرة الرّد، وعجيباً لا تنقضي عجائبه، ومفيداً لا تنفد فوائده.
والقرآن على أربعة أوجُه: حلال وحرام لا يسع الناس جهله؛ وتفسير لا يعلمه الاّ العلماء؛ وعربيّة تعرفها العرب؛ وتأويل لا يعلمه إلاّ الله؛ وهو ما يكون ممّا لم يكن. واعلموا ـ رحمكم الله ـ أن للقرآن ظهراً وبطناً وحدّاً ومطلقاً، فظهره تنزيله، وبطنه تأويله، وحدّه فرائضه وأحكامه، ومطلقه ثوابه وعقابه.
وحدّث أبو خالد الواسطي وأبو حمزة الثمالي فقالا: حبرنا [23] رسالة في الردّ على الناس، ثمّ خرجنا إلى المدينة فدخلنا على محمّد بن عليّ الباقر عليه السّلام فقلنا: جُعلنا فداك، إنّا حبرنا رسالة ردّاً على الناس، فقال: اقرأوها، فقرأناها، قال: لقد أجدتُم واجتهدتم، أفهل أقرأتموها زيداً ؟ قلنا: لا. قال: اقرأوها عليه وانظروا ما يردّ عليكم. فدخلنا على زيد قلنا: جُعلنا فِداك، رسالة حبرناها في الردّ على الناس جئناك بها. قال: اقرأوها، فقرأناها عليه حتّى إذا فرغنا منها قال: يا أبا حمزة وأنت يا أبا خالد، لقد اجتهدتم، ولكنها تكسر عليكم، وما زال يردّها حتّى فرغ من آخرها حرفاً حرفاً، فوالله ما ندري من أيّ شيء نتعجّب: من حفظه لها أو من كسرها، ثمّ أعطانا جُملة من الكلام نعرف به الرد على الناس. قالا: فرجعنا إلى محمّد بن عليّ عليه السّلام فأخبرناه ما كان من زيد، قال: يا أبا خالد وأنت يا أبا حمزة، إنّ أبي دعا زيداً فاستقرأه القرآن فقرأ، وسأله عن المعضلات فأجاب، ثمّ دعا له وقَبّل ما بين عينيه. ثمّ قال: يا أبا خالد وأنت يا أبا حمزة، إنّ زيداً أُعطي من العِلم مثل ما علينا بسطه. وحدثّ خالد بن صفوان قال: أتينا زيد بن علي عليه السّلام وهو يومئذ بالرصافة، [24] فدخلنا عليه في نفر من أهل الشام وعلمائهم، وجاءوا برجل قد انقاد له أهل الشام في البلاغة والنظر في الحجج، وكلّمْنا زيد بن عليّ عليه السّلام في الجماعة وقلنا: إن الله مع الجماعة، وإنّ أهل الجماعة حُجّة الله على خلقه، وإنّ أهل القِلّة هم أهل البدع والضلالة. ثمّ انّه حمد الله وأثنى عليه وصلّى على محمّد وآله Mohamed peace be upon him.svg، وتكلّم بكلام ما سمعتُ قرشياً ولا عربياً أبلغَ موعظةً ولا أظهر حُجّةً ولا أفصح لهجة منه، ثمّ أخرج كتاباً قاله في الجماعة والقِلة ذكر فيه مِن كتاب الله ما يذمّ الكثير ويمدح القلّة، وأنّ القليل في الطاعة هم أهل الجماعة، والكثير في المعصية هم أهل البدع، فأُفحم الشاميُّ فما أمرّ ولا أحلى، وانخذل الشاميون فما أجابوا بقليل ولا كثير، وخرجوا من عنده صاغرين منكِّسين رؤوسهم حياء وخجلاً، وأقبلوا على صاحبهم يعذلونه ويقولون: زعمتَ أنّك لا تدع له حُجّةً إلاّ رددتَها وكسرتها، حتّى إذا تكلّم خرست، فما تنطق بقليل ولا بكثير، فقال: وَيلَكم، كيف أكلّم رجلاً حاججني بكتاب الله، أفأستطيع أن أردّ كلام الله تعالى ؟! فكان خالد بن صفوان يقول بعد ذلك: ما رأيت رجلاً في الدنيا قرشياً ولا عربيّاً يزيد في العقل والحجج على زيد بن علي عليه السّلام [25].
مؤلفاته[عدل]
1 ـ المجموع الفقهي ـ طُبع بمصر سنة 1340ھ في مجلد تبلغ صحائفه 192 برواية أبي خالد الواسطي، وتأليف عبدالعزيز بن إسحاق البغدادي المولود في سنة 272ھ والمتوفى في سنة 343ھ .
2 ـ المجموع الحديثي ـ مختصّ بالحديث فقط، تأليف عبدالعزيز ورواية أبي خالد الواسطي، ولم نعثر على طبعه.
3 ـ تفسير غريب القرآن ـ في الروض النضير ج 1 ص 65 رواه عن زيد عطاء بن السايب، وروى عنه قطعة في التفسير عبدالله بن العلي.
4 ـ إثبات الوصية ـ في الروض النضير رواها عنه خالد بن محمد، وفي مقدمة المجموع الفقهي المطبوع بمصر سنة 1340ھ له تثبيت الإمامة، ويحتمل اتحادها مع اثبات الوصية.
5 ـ قراءته الخاصّة جمعها أبو حيان في كتاب سمّاه ( النير الجلي في قراءة زيد بن علي )، قال في الروض النضير ج 1 ص 54: روى صاحب الكشاف كثيراً من قراءة زيد.
6 ـ قراءة جده علي بن أبي طالب ـ رواها عنه عمر بن موسى الوجهي كما في فهرست الشيخ الطوسي، ويحتمل اتحادها مع القراءة التي جمعها أبو حيان.
7 ـ كتاب مدح القلة وذم الكثرة ـ رواه خالد بن صفوان، ذكره في الروض النضير ج 1 ص 65.
8 ـ منسك الحج ـ طبعه العلامة محمد علي هبة الدين الشهرستاني بمطبعة الفرات ببغداد سنة 1342ھ، بلغت صحائفه 14 مع مقدمة له تبلغ عشر صحائف.
مدرسته وتلاميذه[عدل]
1-ابنه يحيى الشهيد أبي طالب .
2-محمد بن مسلم
3-محمد بن بُكير
4-عبيدالله بن صالح
5-هاشم بن البريد
6-أبو جعفر بن أبي زياد الأحمر
7-أبو الجارود زياد بن المنذر
8-كثير بن طارق
9-عمر بن موسى بن الوجهي
10-عبيدالله بن أبي العلاء
11-رزين بياع الأنماط
12-أبان بن عثمان الأجلح
13-الفضيل
14-عمر بن خالد [26]،
15-الزهري
16-الاعمش
17-سعيد بن خثيم
18-إسماعيل السدي
19-زبيد اليامي
20-زكريا بن زائدة
21-عبدالرحمن بن الحارث بن عياش بن أبي ربيعة
22-ابن أبي الزناد [27]
23-شعبة [28].
وفي التحفة الاثنى عشرية [29] لعبدالعزيز الدهلوي أن أبا حنيفة أخذ العلم والطريقة من الباقر ومن الصادق ومن عمه زيد بن علي بن الحسين. وفي الروض النضير [30]: تتلمذ أبو حنيفة على زيد مدة سنتَين. وكان سلمة بن كهيل ويزيد بن أبي زياد وهارون بن سعيد وأبو هاشم الرماني وحجاج بن دينار في عدد كثير من فقهاء الكوفة يأتون إلى زيد ويأخذون منه العلم والفقه، وكانوا على رأيه، وتروي الزيدية أن جماعة كثيرة روت الحديث عن زيد، ذكْر أسمائهم في الروض النضير ج 1 ص 62.
وعن تهذيب الكمال للحافظ المزي أنّ آدم بن عبدالله الخثعمي وإسحاق بن سالم وبسام الصيرفي وراشد بن سعد الصائغ وزياد بن علاقة وعبدالله بن عمرو بن معاوية حملوا الحديث عن زيد.
زهده وعبادته[عدل]
قال أبو الجارود: قدمت المدينة فجعلت كلما أسأل عن زيد قيل لي: ذاك حليف القرآن، ذاك أسطوانة المسجد، من كثرة صلاته [31]. ويقول أبو حنيفة حينما يُسئل عنه: هو حليف القرآن منقطع القرين [32]. وفي كلام الفخري والذهبي والشبلنجي وأحمد بن حميد [33] أنّه من أكابر الصلحاء وأعاظم أهل البيت عبادة وزهداً وورعاً وديناً وخضوعاً. ويشهد لذلك ما يرويه الحافظ علي بن محمد بن علي الخزاز الرازي في ( كفاية الأثر ) عن عمير بن المتوكل بن هارون البلخي، عن أبيه، عن يحيى بن زيد، وفيه قول يحيى للمتوكّل: يا عبدالله، إنّي أخبرك عن أبي وزهده وعبادته، إنّه كان يصلّي الفريضة، ثمّ يصلّي ما شاء الله، ثمّ يقوم على قدمَيه يدعو الله إلى الفجر يتضرّع له ويبكي بدموعٍ جارية حتّى يطلع الفجر، فإذا طلع الفجر قام وصلّى الفريضة، ثمّ جلس للتعقيب إلى أن يتعالى النهار؛ ثمّ يقوم في حاجته ساعة، فإذا كان قرب الزوال قعد في مصلاّه سبّح الله ومجّده إلى وقت الصلاة، وقام فصلّى الاولى وجلس هنيئة، وصلّى العصر وقعد في تعقيبه ساعة ثمّ سجد سجدة، فإذا غابت الشمس صلّى المغرب والعتمة: قلت: كان يصوم دهره ؟ قال: لا، ولكنه يصوم في السنة ثلاثة أشهر، وفي الشهر ثلاثة أيّام. قلت: وكان يُفتي الناس ؟ قال: ما أذكر ذلك عنه.
أدعيته[عدل]
روى الحافظ ابن عساكر بترجمة زيد من تاريخ الشام ج 6 ص 18 عن عبيد بن محمد بن علي، قال: كان من دعاء زيد بن عليّ عليه السّلام قوله: "اللهمّ إنّي أسألك سلوّاً عن الدنيا وبُغضاً لها ولأهلها؛ فإنّ خيرها زهيد؛ وشرّها عتيد؛ وجمعها ينفد؛ وصفوها يرنق؛ وجديدها وخيرها ينكد؛ وما فات منها حسرة؛ وما أُصيب منها فتنة؛ إلا من نالتْه منك عِصمة. أسألك اللهمّ العصمة منها؛ ولا تجعلنا كمن رضي بها واطمأنّ إليها؛ فإنّ مَن أمنها خانته، ومن اطمأنّ إليها فجعَتْه."
"أعوذ بك اللهمّ مِن مثل عمله؛ ومثل مصيره؛ ثم قال: كم لي من ذنب وسرف بعد سرف، قد ستره ربّي وما كشف؛ أجل أجل ستر ربي العَورة، وأقال العثرة، حتّى أكثرتُ فيه من الإساءة وأكثر ربّي فيها من المعافاة؛ إني لأستحي من عظمته أن أفضي إليه بما أستخفي به من عبدٍ له؛ وبما أنه ليفضح من هو خيرٌ مني فيما هو أدنى منه، ثمّ ما كشف ربّي لي فيه ستراً، ولا سلّط علي فيه عدواً، فكم له في ذلك من يدٍ ويد ما أنا إن نسيتها بذكور، وما إن كفرتها بشكور، وما ندمت عليها إذا لم أُعتبك منها. ربِّ لك العُتبى بما تحب وترضى، فهذه يدي وناصيتي، مقرّ بذنبي معترف بخطيئتي، إن أُنكرها أُكذَّب، وإن اعترف بها أُعذَّب، إن لم يَعفُ الربّ، ويغفر الذنب، فإن يغفر فتكرّماً؛ وإنّ الله ليس بظلاّم للعبيد، فهو المستعان لا يزال يُعين ضعيفاً؛ ويُغيث مستغيثاً؛ ويُجيب داعياً؛ ويكشف كرباً؛ ويقضي حاجة ذي الحاجة في كلّ يوم وليلة؛ أجل أجل أنت كذاك وخيرٌ من ذاك."
أدبه[عدل]
من هذا قوله في رثاء الباقر [34]:
ثـوى باقر العلم في مَلحدٍ إمـامُ الورى طيّب المولدِ
فمَن لي سوى جعفر بعده إمامِ الورى الأوحدِ الأمجدِ
أبا جعفر الخير أنت الإمام وأنت المُرَّجى لبلوى غدِ
وله وقد مر بجماعة من قريش سمعهم يفضّلون قوماً على علي بن أبي طالب فبعث بها إليهم [35]:
ومَـن فـضل الأقـوامَ يوماً برأيه فــإنّ عـليّاً فـضّلته الـمناقبُ
وقـولُ رسـول الله والـقولُ قوله وإن رغـمتْ منه الأُنوف الكواذبُ
دعـاه بـبدرٍ فـاستجابَ لأمـره كهارونَ من موسى أخٌ لي وصاحبُ
فـما زال يـعلوهم بـه وكـأنّهم شـهـاب تـلقّاه الـقوانس ثـاقبُ
ووقف بمقابر النباج عند ذهابه إلى الحجّ فقال [36]:
لـكلّ أنـاسٍ مـقبر بـفِنائهم فـهم يـنقصون والقبور تزيدُ
فما أن تزال دار حيٍّ قد أخربت وقـبر بأفناء البيوت جديدُ
[37]
هـمُ جيرة الأحياء أمّا مزارهم فـدانٍ، وأمّـا الـملتقى فبعيدُ
قال ابن عساكر في تاريخ دمشق [38]: لما خرج زيد بن عليّ من مجلس هشام وقد دار الكلام بينهما في أمر الخلافة أنشأ يقول:
مـهلا بني عمنا عن نحت أثلتنا سـيروا رُوَيداً كما كنتم تسيرونا
لا تـطمعوا أن تُهينونا ونُكرمكم وأن نـكفّ الأذى عنكم وتُؤذونا
اللهُ يـعـلم أنّــا لا نـحـبّكمُ ولا نـلـومـكمُ ألاّ تُـحـبّونا
كلّ امرءٍ مولع في بُغض صاحبه فـنـحمد الله نَـقلُوكم وتـقلونا
وفي الحدايق الوردية كان من انشاء زيد قوله مخاطباً ابنه يحيى:
أُبـنيّ إمّـا أهـلكنّ فـلا تكنْ دنِـسَ الفِعال مُبيَّض الأثوابِ
واحـذر مُـصاحبة اللئيم فإنّما شَـين الكريم فسولة الأصحابِ
ولـقد بلوتُ الناس ثم خَبَرتُهم وخبرت ما وصلوا من الأحبابِ
فـإذا القرابة لا تُقرّب صاحباً وإذا الـمودّة أقـرب الأنسابِ
وقوله في رثاء الباقر:
يا موتُ أنت سلبتني إلفا قـدّمته وتـركتَني خَلْفا
واحـسرتا لا نلتقي أبداً حـتّى نقوم لربّنا صفّا
وقوله:
يـقولون زيـداً لا يزكّي بماله وكيف يزكّي المال مَن هو باذلُه
إذا حال حَولاً لم يكن في ديارنا مِـن المال إلاّ رسمُه وفضائلُه
وقوله:
السيف يعرف عزمي عند هبّته والرمح بي خبرٌ والله لي وزرُ
إنّـا لـنأمل مـا كانت أوائلنا مـن قبلُ تأمله إن ساعد القدرُ
خُطبه[عدل]
اذهب إلى التنقل
اذهب إلى البحث
بسم الله الرحمن الرحيم
زيد بن علي
( من أئمة الشيعة )
أمير المؤمنين زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، أبو الحسين الهاشمي العلوي المدني
الترتيب
الإمام الخامس للزيدية
الكنية
أبي الحسين
تاريخ الميلاد
76 هجري
تقريباً 695 ميلادي
تاريخ الوفاة
الأول من صفر 122 هجري
تقريباً 740 ميلادي
مكان الميلاد
المدينة
مكان الدفن
بابل، الكفل
حياته
قبل الإمامة: 17 سنة (76 - 95 هجري) مع والدة زين العابدين
· الإمامة: 28 سنة (95 هجري - 122 هجري)
ألقاب
حليف القرآن
· (القرآن الكريم)
الأب
زين العابدين
الأولاد
الحسن ويحيى الشهيد ويكني أبا طالب والحسين ذو الدمعة
علي · الحسن · الحسين · زين العابدين · الباقر · الصادق · الكاظم · الرضا · الجواد · الهادي · الحسن العسكري · المهدي المنتظر
زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبي الحسين الهاشمي العلوي المدني أخو أبي جعفر الباقر، وعبد الله، وعمر، وعلي، وحسين، وأمه أم ولد .[1][2][3] روى عن أبيه زين العابدين ،وأخيه الباقر، هفا، وخرج، فاستشهد. وفد على متولي العراق يوسف بن عمر، فأحسن جائزته، ثم رده، فأتاه قوم من الكوفة، فقالوا: ارجع نبايعك، فما يوسف بشيء، فأصغى إليهم وعسكر، فبرز لحربه عسكر يوسف، فقتل في المعركة ، ثم صلب أربع سنين .
محتويات [أخف]
1 ولادته 1.1 تسميته
1.2 لقبه
1.3 كنيته
1.4 نقش خاتمه
2 نشأته
3 مؤلفاته
4 مدرسته وتلاميذه
5 زهده وعبادته
6 أدعيته
7 أدبه
8 خُطبه
9 من أقواله
10 أحاديث المدح
11 البراءة من دعوى الإمامة
12 الخلاصة
13 حياته 13.1 عبادته
13.2 زهده وورعه
14 دعوة الإمام زيد للناس لإمامته
15 أسباب النهضة
16 موقفه مع هشام
17 زيد وخالد القسريّ
18 استجارة أهل الكوفة
19 تحذيره من أهل الكوفة
20 دخوله الكوفة
21 ماهي البيعة
22 موقف الإمام زيد بن علي من أبوبكر وعمر بن الخطاب
23 غدر أهل الكوفة بزيد
24 المواجهة الكُبرى ونكث أهل الكوفة لبيعة الإمام زيد
25 صفة الحرب
26 زيد وتقدير عمره
27 اخراجه بعد الدفن
28 صلبه
29 الكرامات التي ظهرت لزيد عليه السّلام
30 زوجاته
31 اولاده
32 تراثه
33 وفاته 33.1 الرأس المقدس
33.2 صلبه
33.3 مواراة الجسد
34 المصادر
35 المراجع
36 وصلات خارجية
ولادته[عدل]
وُلد زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب بالمدينة بعد طلوع الفجر سنة ست وستين أو سبع وستين من الهجرة [4]. وأمه أم ولد من السند، وهي أم إخوته عمر الأشرف وعليّ وخديجة [5]، اشتراها المختار بن عبيد الثقفي أيّام ظهوره بالكوفة بثلاثين ألفاً وبعث بها إلى الإمام زين العابدين: يقول عمر الجعفري: "كنت أدمن الحج فأمرّ على علي بن الحسين عليه السّلام فأسلّم عليه، وفي بعض حججي غدا علينا علي بن الحسين عليه السّلام ووجهه مشرق فقال: جاءني رسول الله Mohamed peace be upon him.svg في ليلتي هذه حتّى أخذ بيدي وأدخلني الجنة وزوّجني حوراءَ، فواقعتها، فعَلقَت؛ فصاح بي رسول الله Mohamed peace be upon him.svg: يا علي بن الحسين، سمِّ المولود منها زيداً. فما قمنا من مجلس علي بن الحسين رحمه الله ذلك اليوم وعليّ يقصّ الرؤيا؛ حتّى أرسل المختار بن أبي عبيد بأمّ زيد هدية إلى علي بن الحسين اشتراها بثلاثين ألفاً؛ فلما رأينا إشفاقه بها تفرّقنا من المجلس؛ ولما كان من قابل حججت ومررت على علي بن الحسين لأسلّم عليه، فأخرج زيداً على كتفه الأيسر وله ثلاثة أشهر وهو يتلو هذه الآية ويؤمئ بيده إلى زيد: ﴿ هذا تأويلُ رؤيايَ مِن قَبلُ قد جعلَها ربّي حقاً)" [6]. ويشهد لما تضمّنته هذه الرواية من قصة الرؤيا رواية أبي حمزة الثمالي المرويّة في مجالس الصدوق مسنداً إليه، وفي ( فرحة الغري ) للسيد ابن طاوس بحذف الاسناد.
ينصّ الحديث المروي في « الفرحة » بأنه حوراء، ويعرفنا النسّابة أبو الحسن العمري في « المُجدي » بأنه غزالة، وجاء في « غاية الاختصار » [7] بأنه جيداء وفي « سر السلسلة العلوية » و « الحدايق الوردية » جيد. ونحن إذا قرأنا ما يحدّث به المبرد في الكامل <5 ـ ج 3 ص 189 طبع سنة 1347 هـ.[8] من أن العرب تسمّي الأَمَة حوراء وجيداء ولطيفة، أمكننا موافقة المجدي فقط، لكون هذه الألفاظ إنّما يُشار بها إلى خصوص صنف الإماء وليست للميزة بين أفراد ذلك الصنف.
تسميته[عدل]
النبي حينما حدّثه بما يجري على مهجته وفلذّة كبده ﴿ صليب الكناسة ﴾ من الحوادث الغريبة والغريبة جداً، بعد ما يقرأ في حديث أبي ذر الغفاري وقد دخل على النبي Mohamed peace be upon him.svg فرآه يبكي فرقّ له وسأله عما أبكاه، فأخبره بأنّ جبرئيل عليه السّلام هبط عليه وأخبره أن ولده الحسين عليه السّلام يُولَد له ابن يُسمّى علياً ويُعرف في السماء زين العابدين، ويولد له ابن يسمى زيداً يُقتل شَهيداً.
وفي حديث عليّ: أخبرني رسول الله Mohamed peace be upon him.svg بقتل الحسين عليه السّلام وصلب ابنه زيد بن عليّ عليه السّلام. قلت له: أترضى يا رسول الله يقتل ولدك ؟ قال: يا علي، أرضى بحكم اللهِ فيَّ وفي ولدي، ولي دعوتان: أمّا الاولى فاليوم، والثانية إذا عُرضوا على الله عزّوجلّ، ثم رفع يديه إلى السماء وقال: يا عليّ، أَمِّن على دعائي: اللهمّ أحصِهم عدداً، واقتُلهم بَدداً، وسلِّط بعضَهم على بعض، وامنَعهم الشرب من حَوضي ومُرافقتي؛ ثمّ قال: أتاني جبرئيل وأنا أدعو عليهم وأنت تؤمِّن فقال: لقد أُجيبتْ دعوتُكما [9].
وحديث حذيفة بن اليمان: نظر النبيّ إلى زيد بن حارثة فقال: المظلوم من أهل بيتي سَمِيّ هذا، والمقتول في الله والمصلوب سَميّ هذا. وأشار إلى زيد بن حارثة؛ ثمّ قال: ادنُ منّي يا زيد، زادك الله حبّاً عندي، فأنت سَميّ الحبيب من ولدي [10]. وهذان الحديثان وان لم تكن فيهما صراحة على المُدَّعى، غير أنّه لا ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وَحيٌّ يُوحى، فيجب أن يكون كلّما يلفظه من قولٍ عن وحيٍ أو الهام، ولا سيما حديث أبي ذر، فإنّه ينصّ على أنّ التسمية كانت معروفة في الملأ الأعلى، وقد أنهاها جبرئيل إلى النبي بالوحي، فما يذهب بالمزاعم إلى أن التسمية كانت متأخّرة إلى حين ولادته تشبّثاً بما رواه ابن ادريس الحلّي في « مستطرفات السرائر » أجنبيّ عن القصد، وهو على ما ذكرناه أدلّ.
قال ابن ادريس: روى ابن قولوية عن بعض أصحابنا، قال: كنت عند علي بن الحسين عليه السّلام، وكان إذا صلّى الفجر لم يتكلّم حتّى تطلع الشمس، فجاءه يومَ وُلد فيه زيد فبشّروه به بعد صلاة الفجر فالتفت إلى اصحابه فقال: أيّ شيء ترون أن أُسمّي هذا المولود ؟ فقال كلّ رجل سمِّه كذا، فقال: يا غلام عَليَّ بالمصحف، فجاءوا بالمصحف فوضعه في حِجره ثمّ فتحه فنظر إلى أول حرف في الورقة، فإذا فيه ﴿ وفَضّل اللهُ المجاهدين على القاعدين أجراً عظيما ﴾ ثمّ فتحه ثانيا فنظر، فإذا أول الورقة ﴿ إن الله اشترى من المؤمنين أنفسَهم وأموالَهم بأنّ لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيَقتلون ويُقتَلون وعداً عليه حقاً في التوراة والانجيل والقرآن ومَن أوفى بعَهده من الله فاستَبشِروا ببيعكمُ الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم ﴾ ثمّ قال: هو والله زيد، هو والله زيد، فسُمّي زيداً.
هذا نصّ الخبر، ونحن إذا قرأناه بتأمّل نعرف أجنبيّته عن كَون السجاد هو المخترع للاسم، وإنّما نعرف أنّه مُتلقَّى عن آبائه الهداة عن النبيّ المُوحى إليه على لسان جبرئيل؛ وممّا يكشف لنا عن ذلك اعتماده في التسمية على الآيتَين الواردتين في فضل المجاهد، وعدم ارتباطهما بالتسمية لا يختلف فيه اثنان، ولكن الوجه بالتسمية بعد قراءتهما ليس إلاّ ما هو معلوم لديه عن آبائه عن النبي بأنّه يُولَد له ولد يسمّى زيداً ويُقتَل شهيداً في الجهاد، فبهذه المناسبة سمّاه زيدًا عند قراءتهما، ويشهد له مجيئه بضمير الغائب حيث يقول « هو والله زيد، هو والله زيد »، فإنّه يريد أنّ ذلك المولود الذي سمّاه النبي زيداً ويُقتل شهيداً في الجهاد هو هذا.
لقبه[عدل]
يلقّب زيد الأزياد [11]، إشارة إلى أنه المقدَّم على كلّ من سُمّي بهذا الاسم من جهة أعماله الصالحة وغاياته الشريفة التي استحق بها المدح والإطراء من الأئمة بخلاف غيره ممن سُمّي بهذا الاسم، وبالأخصّ من كان من أهل هذا البيت ممن لم يحمل لنا التاريخ من أعماله الحسنة ما يستوجب به المدح من الأئمّة: كزيد بن الحسن السبط وزيد بن موسى بن جعفر وهو زيد النار. نعم أقرأتنا جوامع الاحاديث خصومة الأول مع الإمام الباقر في أمر الإمامة وشهادة السكينة التي بيده والصخرة التي كانت واقفاً عليها والشجرة التي هي قريبة منهما بأن الباقر أحق بالأمر منه [12].
ويقول الرضا في حق الثاني عند ما قال له المأمون: يا أبا الحسن لان خرج أخوك وفعل ما فعل فلقد خرج قبله زيد بن علي فقتل ولولا مكانك مني لقتلته فليس ما أتاه بصغير: « لا تقس يا أمير المؤمنين أخي زيداً بزيد بن عليّ عليه السّلام، فإنّه كان من علماء آل محمّد Mohamed peace be upon him.svg فغضب لله عزّوجلّ فجاهد أعداءه » [13].
كنيته[عدل]
كانت كنيته المعروف بها أبا الحسين أحد أولاده، وهو أبي عبد الله الحسين ذو الدمعة؛ وعلى هذا مشهور المؤرخين وأرباب السير والتراجم [14].
نقش خاتمه[عدل]
في الخطط المقريزية ج 4 ص 307 وكان نقش خاتمه ( اصبر تُؤجَر، اصدق تَنْجُ )، ورواه أبو الفرج في المقاتل بإبدال « أصدق » بـ « تَوَقَّ ».
نشأته[عدل]
نشأ في حجر أبيه السجاد وتخرّج عليه وعلى الإمامين الباقر والصادق، ومنهم أخذ المعارف وأسرار الاحكام. ومن عثرنا على كلامه من أصحابنا الإمامية كأبي إسحاق السبيعي والأعمش والشيخ المفيد، وميرزا عبدالله المعروف بالأفندي [15] وأبو الحسن العمري النسّابة [16] والسيّد عليّ خان [17] والحرّ العاملي [18] والمحدث النوري [19]، وجدناه مصرّحاً بفضله في العلم وتبصُّره بالمناظرات، وكان عمر بن موسى الوجهي يقول: رأيت زيد بن عليّ فما رأيت أحداً يفضله في معرفة الناسخ والمنسوخ والمتشابه من الكتاب المجيد [20]. وفي حديث أبي خالد الواسطيّ: صحبت زيداً بالمدينة خمس سنين، كلّ سنة أقيم شهراً وقت الحج ولم أفارقه حتّى أقدم الكوفة، فما رأيت مثله في العلم، فلذا اخترتُ صُحبته [21].
ويشهد لذلك كلّه حديث أبي غسان الازدي قال: قدم زيد بن علي الشام أيّام هشام بن عبد الملك؛ فما رأيت رجلاً أعلم بكتاب الله منه؛ ولقد حبسه هشام خمسة أشهر وهو يقص علينا ـ ونحن معه في الحبس ـ تفسير سورة الحمد وسورة البقرة هذّ ذلك هذّاً [22]. وذكر الكتاب فقال: « واعلموا ـ رحمكم الله ـ أن القرآن والعمل به يهدي للتي هي أقوم؛ لأن الله شرّفه وكرّمه ورفعه وعظّمه وسمّاه روحاً ورحمة وشفاء وهدىً ونوراً؛ وقطع منه بمعجز التأليف أطماع الكائدين، وأبانه بعجيب النظم عن حِيَل المتكلفين؛ وجعله متلوّاً ومسموعاً لا تمجّه الآذان؛ وغضّاً لا يَخلُق من كثرة الرّد، وعجيباً لا تنقضي عجائبه، ومفيداً لا تنفد فوائده.
والقرآن على أربعة أوجُه: حلال وحرام لا يسع الناس جهله؛ وتفسير لا يعلمه الاّ العلماء؛ وعربيّة تعرفها العرب؛ وتأويل لا يعلمه إلاّ الله؛ وهو ما يكون ممّا لم يكن. واعلموا ـ رحمكم الله ـ أن للقرآن ظهراً وبطناً وحدّاً ومطلقاً، فظهره تنزيله، وبطنه تأويله، وحدّه فرائضه وأحكامه، ومطلقه ثوابه وعقابه.
وحدّث أبو خالد الواسطي وأبو حمزة الثمالي فقالا: حبرنا [23] رسالة في الردّ على الناس، ثمّ خرجنا إلى المدينة فدخلنا على محمّد بن عليّ الباقر عليه السّلام فقلنا: جُعلنا فداك، إنّا حبرنا رسالة ردّاً على الناس، فقال: اقرأوها، فقرأناها، قال: لقد أجدتُم واجتهدتم، أفهل أقرأتموها زيداً ؟ قلنا: لا. قال: اقرأوها عليه وانظروا ما يردّ عليكم. فدخلنا على زيد قلنا: جُعلنا فِداك، رسالة حبرناها في الردّ على الناس جئناك بها. قال: اقرأوها، فقرأناها عليه حتّى إذا فرغنا منها قال: يا أبا حمزة وأنت يا أبا خالد، لقد اجتهدتم، ولكنها تكسر عليكم، وما زال يردّها حتّى فرغ من آخرها حرفاً حرفاً، فوالله ما ندري من أيّ شيء نتعجّب: من حفظه لها أو من كسرها، ثمّ أعطانا جُملة من الكلام نعرف به الرد على الناس. قالا: فرجعنا إلى محمّد بن عليّ عليه السّلام فأخبرناه ما كان من زيد، قال: يا أبا خالد وأنت يا أبا حمزة، إنّ أبي دعا زيداً فاستقرأه القرآن فقرأ، وسأله عن المعضلات فأجاب، ثمّ دعا له وقَبّل ما بين عينيه. ثمّ قال: يا أبا خالد وأنت يا أبا حمزة، إنّ زيداً أُعطي من العِلم مثل ما علينا بسطه. وحدثّ خالد بن صفوان قال: أتينا زيد بن علي عليه السّلام وهو يومئذ بالرصافة، [24] فدخلنا عليه في نفر من أهل الشام وعلمائهم، وجاءوا برجل قد انقاد له أهل الشام في البلاغة والنظر في الحجج، وكلّمْنا زيد بن عليّ عليه السّلام في الجماعة وقلنا: إن الله مع الجماعة، وإنّ أهل الجماعة حُجّة الله على خلقه، وإنّ أهل القِلّة هم أهل البدع والضلالة. ثمّ انّه حمد الله وأثنى عليه وصلّى على محمّد وآله Mohamed peace be upon him.svg، وتكلّم بكلام ما سمعتُ قرشياً ولا عربياً أبلغَ موعظةً ولا أظهر حُجّةً ولا أفصح لهجة منه، ثمّ أخرج كتاباً قاله في الجماعة والقِلة ذكر فيه مِن كتاب الله ما يذمّ الكثير ويمدح القلّة، وأنّ القليل في الطاعة هم أهل الجماعة، والكثير في المعصية هم أهل البدع، فأُفحم الشاميُّ فما أمرّ ولا أحلى، وانخذل الشاميون فما أجابوا بقليل ولا كثير، وخرجوا من عنده صاغرين منكِّسين رؤوسهم حياء وخجلاً، وأقبلوا على صاحبهم يعذلونه ويقولون: زعمتَ أنّك لا تدع له حُجّةً إلاّ رددتَها وكسرتها، حتّى إذا تكلّم خرست، فما تنطق بقليل ولا بكثير، فقال: وَيلَكم، كيف أكلّم رجلاً حاججني بكتاب الله، أفأستطيع أن أردّ كلام الله تعالى ؟! فكان خالد بن صفوان يقول بعد ذلك: ما رأيت رجلاً في الدنيا قرشياً ولا عربيّاً يزيد في العقل والحجج على زيد بن علي عليه السّلام [25].
مؤلفاته[عدل]
1 ـ المجموع الفقهي ـ طُبع بمصر سنة 1340ھ في مجلد تبلغ صحائفه 192 برواية أبي خالد الواسطي، وتأليف عبدالعزيز بن إسحاق البغدادي المولود في سنة 272ھ والمتوفى في سنة 343ھ .
2 ـ المجموع الحديثي ـ مختصّ بالحديث فقط، تأليف عبدالعزيز ورواية أبي خالد الواسطي، ولم نعثر على طبعه.
3 ـ تفسير غريب القرآن ـ في الروض النضير ج 1 ص 65 رواه عن زيد عطاء بن السايب، وروى عنه قطعة في التفسير عبدالله بن العلي.
4 ـ إثبات الوصية ـ في الروض النضير رواها عنه خالد بن محمد، وفي مقدمة المجموع الفقهي المطبوع بمصر سنة 1340ھ له تثبيت الإمامة، ويحتمل اتحادها مع اثبات الوصية.
5 ـ قراءته الخاصّة جمعها أبو حيان في كتاب سمّاه ( النير الجلي في قراءة زيد بن علي )، قال في الروض النضير ج 1 ص 54: روى صاحب الكشاف كثيراً من قراءة زيد.
6 ـ قراءة جده علي بن أبي طالب ـ رواها عنه عمر بن موسى الوجهي كما في فهرست الشيخ الطوسي، ويحتمل اتحادها مع القراءة التي جمعها أبو حيان.
7 ـ كتاب مدح القلة وذم الكثرة ـ رواه خالد بن صفوان، ذكره في الروض النضير ج 1 ص 65.
8 ـ منسك الحج ـ طبعه العلامة محمد علي هبة الدين الشهرستاني بمطبعة الفرات ببغداد سنة 1342ھ، بلغت صحائفه 14 مع مقدمة له تبلغ عشر صحائف.
مدرسته وتلاميذه[عدل]
1-ابنه يحيى الشهيد أبي طالب .
2-محمد بن مسلم
3-محمد بن بُكير
4-عبيدالله بن صالح
5-هاشم بن البريد
6-أبو جعفر بن أبي زياد الأحمر
7-أبو الجارود زياد بن المنذر
8-كثير بن طارق
9-عمر بن موسى بن الوجهي
10-عبيدالله بن أبي العلاء
11-رزين بياع الأنماط
12-أبان بن عثمان الأجلح
13-الفضيل
14-عمر بن خالد [26]،
15-الزهري
16-الاعمش
17-سعيد بن خثيم
18-إسماعيل السدي
19-زبيد اليامي
20-زكريا بن زائدة
21-عبدالرحمن بن الحارث بن عياش بن أبي ربيعة
22-ابن أبي الزناد [27]
23-شعبة [28].
وفي التحفة الاثنى عشرية [29] لعبدالعزيز الدهلوي أن أبا حنيفة أخذ العلم والطريقة من الباقر ومن الصادق ومن عمه زيد بن علي بن الحسين. وفي الروض النضير [30]: تتلمذ أبو حنيفة على زيد مدة سنتَين. وكان سلمة بن كهيل ويزيد بن أبي زياد وهارون بن سعيد وأبو هاشم الرماني وحجاج بن دينار في عدد كثير من فقهاء الكوفة يأتون إلى زيد ويأخذون منه العلم والفقه، وكانوا على رأيه، وتروي الزيدية أن جماعة كثيرة روت الحديث عن زيد، ذكْر أسمائهم في الروض النضير ج 1 ص 62.
وعن تهذيب الكمال للحافظ المزي أنّ آدم بن عبدالله الخثعمي وإسحاق بن سالم وبسام الصيرفي وراشد بن سعد الصائغ وزياد بن علاقة وعبدالله بن عمرو بن معاوية حملوا الحديث عن زيد.
زهده وعبادته[عدل]
قال أبو الجارود: قدمت المدينة فجعلت كلما أسأل عن زيد قيل لي: ذاك حليف القرآن، ذاك أسطوانة المسجد، من كثرة صلاته [31]. ويقول أبو حنيفة حينما يُسئل عنه: هو حليف القرآن منقطع القرين [32]. وفي كلام الفخري والذهبي والشبلنجي وأحمد بن حميد [33] أنّه من أكابر الصلحاء وأعاظم أهل البيت عبادة وزهداً وورعاً وديناً وخضوعاً. ويشهد لذلك ما يرويه الحافظ علي بن محمد بن علي الخزاز الرازي في ( كفاية الأثر ) عن عمير بن المتوكل بن هارون البلخي، عن أبيه، عن يحيى بن زيد، وفيه قول يحيى للمتوكّل: يا عبدالله، إنّي أخبرك عن أبي وزهده وعبادته، إنّه كان يصلّي الفريضة، ثمّ يصلّي ما شاء الله، ثمّ يقوم على قدمَيه يدعو الله إلى الفجر يتضرّع له ويبكي بدموعٍ جارية حتّى يطلع الفجر، فإذا طلع الفجر قام وصلّى الفريضة، ثمّ جلس للتعقيب إلى أن يتعالى النهار؛ ثمّ يقوم في حاجته ساعة، فإذا كان قرب الزوال قعد في مصلاّه سبّح الله ومجّده إلى وقت الصلاة، وقام فصلّى الاولى وجلس هنيئة، وصلّى العصر وقعد في تعقيبه ساعة ثمّ سجد سجدة، فإذا غابت الشمس صلّى المغرب والعتمة: قلت: كان يصوم دهره ؟ قال: لا، ولكنه يصوم في السنة ثلاثة أشهر، وفي الشهر ثلاثة أيّام. قلت: وكان يُفتي الناس ؟ قال: ما أذكر ذلك عنه.
أدعيته[عدل]
روى الحافظ ابن عساكر بترجمة زيد من تاريخ الشام ج 6 ص 18 عن عبيد بن محمد بن علي، قال: كان من دعاء زيد بن عليّ عليه السّلام قوله: "اللهمّ إنّي أسألك سلوّاً عن الدنيا وبُغضاً لها ولأهلها؛ فإنّ خيرها زهيد؛ وشرّها عتيد؛ وجمعها ينفد؛ وصفوها يرنق؛ وجديدها وخيرها ينكد؛ وما فات منها حسرة؛ وما أُصيب منها فتنة؛ إلا من نالتْه منك عِصمة. أسألك اللهمّ العصمة منها؛ ولا تجعلنا كمن رضي بها واطمأنّ إليها؛ فإنّ مَن أمنها خانته، ومن اطمأنّ إليها فجعَتْه."
"أعوذ بك اللهمّ مِن مثل عمله؛ ومثل مصيره؛ ثم قال: كم لي من ذنب وسرف بعد سرف، قد ستره ربّي وما كشف؛ أجل أجل ستر ربي العَورة، وأقال العثرة، حتّى أكثرتُ فيه من الإساءة وأكثر ربّي فيها من المعافاة؛ إني لأستحي من عظمته أن أفضي إليه بما أستخفي به من عبدٍ له؛ وبما أنه ليفضح من هو خيرٌ مني فيما هو أدنى منه، ثمّ ما كشف ربّي لي فيه ستراً، ولا سلّط علي فيه عدواً، فكم له في ذلك من يدٍ ويد ما أنا إن نسيتها بذكور، وما إن كفرتها بشكور، وما ندمت عليها إذا لم أُعتبك منها. ربِّ لك العُتبى بما تحب وترضى، فهذه يدي وناصيتي، مقرّ بذنبي معترف بخطيئتي، إن أُنكرها أُكذَّب، وإن اعترف بها أُعذَّب، إن لم يَعفُ الربّ، ويغفر الذنب، فإن يغفر فتكرّماً؛ وإنّ الله ليس بظلاّم للعبيد، فهو المستعان لا يزال يُعين ضعيفاً؛ ويُغيث مستغيثاً؛ ويُجيب داعياً؛ ويكشف كرباً؛ ويقضي حاجة ذي الحاجة في كلّ يوم وليلة؛ أجل أجل أنت كذاك وخيرٌ من ذاك."
أدبه[عدل]
من هذا قوله في رثاء الباقر [34]:
ثـوى باقر العلم في مَلحدٍ إمـامُ الورى طيّب المولدِ
فمَن لي سوى جعفر بعده إمامِ الورى الأوحدِ الأمجدِ
أبا جعفر الخير أنت الإمام وأنت المُرَّجى لبلوى غدِ
وله وقد مر بجماعة من قريش سمعهم يفضّلون قوماً على علي بن أبي طالب فبعث بها إليهم [35]:
ومَـن فـضل الأقـوامَ يوماً برأيه فــإنّ عـليّاً فـضّلته الـمناقبُ
وقـولُ رسـول الله والـقولُ قوله وإن رغـمتْ منه الأُنوف الكواذبُ
دعـاه بـبدرٍ فـاستجابَ لأمـره كهارونَ من موسى أخٌ لي وصاحبُ
فـما زال يـعلوهم بـه وكـأنّهم شـهـاب تـلقّاه الـقوانس ثـاقبُ
ووقف بمقابر النباج عند ذهابه إلى الحجّ فقال [36]:
لـكلّ أنـاسٍ مـقبر بـفِنائهم فـهم يـنقصون والقبور تزيدُ
فما أن تزال دار حيٍّ قد أخربت وقـبر بأفناء البيوت جديدُ
[37]
هـمُ جيرة الأحياء أمّا مزارهم فـدانٍ، وأمّـا الـملتقى فبعيدُ
قال ابن عساكر في تاريخ دمشق [38]: لما خرج زيد بن عليّ من مجلس هشام وقد دار الكلام بينهما في أمر الخلافة أنشأ يقول:
مـهلا بني عمنا عن نحت أثلتنا سـيروا رُوَيداً كما كنتم تسيرونا
لا تـطمعوا أن تُهينونا ونُكرمكم وأن نـكفّ الأذى عنكم وتُؤذونا
اللهُ يـعـلم أنّــا لا نـحـبّكمُ ولا نـلـومـكمُ ألاّ تُـحـبّونا
كلّ امرءٍ مولع في بُغض صاحبه فـنـحمد الله نَـقلُوكم وتـقلونا
وفي الحدايق الوردية كان من انشاء زيد قوله مخاطباً ابنه يحيى:
أُبـنيّ إمّـا أهـلكنّ فـلا تكنْ دنِـسَ الفِعال مُبيَّض الأثوابِ
واحـذر مُـصاحبة اللئيم فإنّما شَـين الكريم فسولة الأصحابِ
ولـقد بلوتُ الناس ثم خَبَرتُهم وخبرت ما وصلوا من الأحبابِ
فـإذا القرابة لا تُقرّب صاحباً وإذا الـمودّة أقـرب الأنسابِ
وقوله في رثاء الباقر:
يا موتُ أنت سلبتني إلفا قـدّمته وتـركتَني خَلْفا
واحـسرتا لا نلتقي أبداً حـتّى نقوم لربّنا صفّا
وقوله:
يـقولون زيـداً لا يزكّي بماله وكيف يزكّي المال مَن هو باذلُه
إذا حال حَولاً لم يكن في ديارنا مِـن المال إلاّ رسمُه وفضائلُه
وقوله:
السيف يعرف عزمي عند هبّته والرمح بي خبرٌ والله لي وزرُ
إنّـا لـنأمل مـا كانت أوائلنا مـن قبلُ تأمله إن ساعد القدرُ
خُطبه[عدل]