الجامع الأزهر
معلومات عامة
القرية أو المدينة
القاهرة
الدولة
مصر
تاريخ بدء البناء
(359 - 361 هـ) / (970 - 972 م)
المواصفات
عدد المصلين
20000
عدد المآذن
4
النمط المعماري
فاطمي
الجوائز
جائزة الملك فيصل العالمية في خدمة الإسلام تعديل قيمة خاصية الجوائز المستلمة (P166) في ويكي بيانات
ويكيميديا كومنز
commons:Category:Al-Azhar Mosque الجامع الأزهر
الجامع الأزهر على خريطة Egypt
الجامع الأزهر
الجامع الأزهر
تعديل طالع توثيق القالب
الجامع الأزهر (359 - 361 هـ) / (970 - 972 م).[1] هو من أهم المساجد في مصر ومن أشهر المساجد في العالم الإسلامي. وهو جامع وجامعة منذ أكثر من ألف سنة، وقد أنشئ على يد جوهر الصقلي عندما تم فتح القاهرة 970 م، [2] بأمر من المعز لدين الله أول الخلفاء الفاطميين بمصر، وبعدما أسس مدينة القاهرة شرع في إنشاء الجامع الأزهر، ووضع الخليفة المعز لدين الله حجر أساس الجامع الأزهر في 14 رمضان سنة 359 هـ - 970م، وأتم بناء المسجد في شهر رمضان سنة 361 هـ - 972 م، [2] فهو بذلك أول جامع أنشى في مدينة القاهرة المدينة التي اكتسبت لقب مدينة الألف مئذنة،[nb 1] وهو أقدم أثر فاطمي قائم بمصر. وقد اختلف المؤرخون في أصل تسمية هذا الجامع، والراجح أن الفاطميين سموه بالأزهر تيمنا بفاطمة الزهراء ابنة النبي محمد وإشادة بذكراها.[3]
بعد الانتهاء من بناء المسجد في 972، وظفت السلطات 35 عالم في مسجد في 989، ويعتبر المسجد ثاني أقدم جامعة قائمة بشكل مستمر في العالم بعد جامعة القرويين. وقد اعتبرت جامعة الأزهر الأولى في العالم الإسلامي لدراسة المذهب السني والشريعة، أو القانون الإسلامي.[4]
أُمِّمَت جامعة متكاملة داخل المسجد كجزء من مدرسة المسجد منذ إنشائه، وعينت رسميا جامعة مستقلة في عام 1961، في أعقاب الثورة المصرية لعام 1952.
صلاح الدين الأيوبي والسلاطين الأيوبيون السنيون الذين أتوا من بعده تجنبوا الأزهر على مدى تاريخ طويل، وقد أهمل المسجد بالتناوب وبشكل كبير؛ لأنه تأسس باعتباره مؤسسة لنشر المذهب الإسماعيلي، [4] وقد أزيلت مكانته باعتباره مسجدًا شيعيًّا وحرم الطلبة والمدرسون في مدرسة الجامع من الرواتب.[5]
في عهد السلطنة المملوكية عُكِسَت هذه التحركات، حيث بلغ الاهتمام بالأزهر ذروته، وكان ذلك بمنزلة العصر الذهبي للأزهر، وقاموا بالعديد من التوسعات والتجديدات التي طرأت على البنى التحتية للمسجد، كما أظهر الحكام في وقت لاحق من مصر بدرجات متفاوتة الكثير من الاهتمام والاحترام للمسجد، وقدمت على نطاق واسع مستويات متفاوتة من المساعدة المالية، على حد سواء إلى المدرسة وإلى صيانة المسجد.[2]
اليوم، لا يزال الأزهر مؤسسة لها تأثير عميق في المجتمع المصري ورمزاً من رموز مصر الإسلامية.
محتويات [أخف]
1 التسمية
2 التاريخ 2.1 في عصر الدولة الفاطمية (التأسيس)
2.2 في عصر الدولة الأيوبية
2.3 في عصر الدولة المملوكية
2.4 في عصر الدولة العثمانية
2.5 الحملة الفرنسية
2.6 محمد علي والاحتلال البريطاني
2.7 الأزهر وثورة يوليو
2.8 بعد عام 2011
3 العمارة 3.1 العهد الفاطمي
3.2 الإضافات المملوكية 3.2.1 المدرسة الطيبرسية
3.2.2 مئذنة قايتباي
3.2.3 باب الجندي
3.2.4 مئذنة الغوري
3.3 التجديدات العثمانية والإضافات 3.3.1 باب المزينين
3.4 التخطيط الحالي والهيكل
4 مرصد الأزهر
5 شيخ الأزهر
6 هيئات الأزهر
7 التكريم
8 معرض صور
9 انظر أيضاً
10 مصادر 10.1 هوامش
10.2 ملاحظات
10.3 مراجع
11 وصلات خارجية
التسمية[عدل]
Binte Muhammad.jpg
تأسست مدينة القاهرة بواسطة جوهر الصقلي، وهو قائد فاطمي رومي من أصل يوناني من جزيرة صقلية، [6][7][8][9][10][11] وأطلق عليها اسم المنصورية، وأعدت المنصورية لتكون مقراً للخلافة الفاطمية المتواجدة في تونس، وقد استخدم المسجد لأول مرة في عام 972، وسُمّي في البداية بجامع المنصورية، وقد كانت تسمية المسجد باسم المدينة التي يتواجد بها ممارسة شائعة في ذلك الوقت، مع دخول الخليفة المعز لدين الله لمصر قام بتسمية المدينة بالقاهرة، وهكذا أصبح اسم المسجد جامع قاهرة، في أول نسخه من المصادر العربية.[12]
اكتسب المسجد اسمه الحالي، الأزهر، في وقت ما بين الخليفة المعز، ونهاية عهد الخليفة الفاطمي الثاني في مصر العزيز بالله، [12] والأزهر معناه المشرق وهو صيغة المذكر لكلمة الزهراء، والزَّهْرَاءُ لقبُ السيدة فاطمة بنتِ الرسول محمد، [13][14] زوجة الخليفة علي بن أبي طالب، وقد ادعى المعز وأئمة الدولة الفاطمية أنهم من سلفهم؛ وهي نظرية واحدة لمصدر تسمية الأزهر، [15][16] هذه النظرية، ومع ذلك، لم تُؤَكَّد هذه النظرية في أي مصدر عربي، وقد استُحْسِن دعمها كلياً، وقد نفتها مصادر غربية في وقت لاحق.[17]
نظرية بديلة هي أن اسم المسجد اشتق من الأسماء التي قدمها الخلفاء الفاطميين إلى قصورهم، القريبة من المسجد والتي سميت بشكل جماعي بالقصور الزاهرة تيمنًا بالحدائق الملكية بها، التي اختيرت من قبل العزيز بالله، وقد انتُهِىَ من القصور وغُيِّر اسم المسجد من جامع القاهرة إلى الأزهر.[12][18]
أما اشتقاق كلمة جامع من جذر الكلمة العربية الجامعة، وتعني «الجمع»، ويتم استخدام الكلمة للمساجد التي تجمع الكثير من الناس. بينما في اللغة العربية التراثية اسم الأزهر تم تغييره إلى جامع الأزهر، ونطق كلمة جامع هي تغييرات كلمة جماعة "في لهجة مصرية. [nb 2]
التاريخ[عدل]
في عصر الدولة الفاطمية (التأسيس)[عدل]
صورة لفِناء المسجد
أروقة الأزهر 1901م
طلبة الأزهر قديما
الخليفة الفاطمي المعز لدين الله، إمام إسماعيلية الرابع، قام بغزو مصر عن طريق قائد قواته جوهر الصقلي، الذي نجح في انتزاعها من سلالة الإخشيديين، [19][20] وبأمر من الخليفة، أشرف جوهر على بناء المركز الملكي "للخلافة الفاطمية" وجيشها، وقد بني الأزهر كقاعدة لنشر مذهب الشيعة الإسماعيلية،[19][21] الذي يقع بالقرب من مدينة الفسطاط السنية، وقد أصبحت القاهرة مركزا للطائفة الإسماعيلية الشيعية، ومركز للدولة الفاطمية.[22]
كما أمر جوهر، ببدأ بناء مسجد كبير للمدينة الجديدة، وقد بدأ العمل في 4 أبريل، 970 [17] وقد تم الانتهاء من المسجد في عام 972، وعقدت أول صلاة جمعة في 22 يونيو 972 خلال شهر رمضان.[17][23]
سرعان ما أصبح الأزهر مركزا للتعليم في العالم الإسلامي، وصدرت التصريحات الرسمية وجلسات المحكمة التي عقدت هناك، [19] وخلال الحكم الفاطمي، أصبحت التعاليم السرية سابقا من المذهب الإسماعيلي (كلية القانون) متاحة لعامة الناس، [24] وقد عين المعز القاضي النعمان بن محمد القاضي، مسؤولا عن تدريس المذهب الإسماعيلي،[24] وقد كانت بعض الفصول تدرس في قصر الخليفة، وكذلك في الأزهر، مع دورات منفصلة للنساء، [25][26] وخلال عيد الفطر عام 973، رُسِّمَ المسجد مسجدًا رسميًّا لصلاة الجماعة في القاهرة بأمر من الخليفة المعز وابنه عندما أصبح بدوره الخليفة، جعلوا خطبة الجمعة خلال شهر رمضان في الأزهر.[27]
كما جعل يعقوب بن كلس، الموسوعي والفقيه والوزير الرسمي الأول للفاطميين من الأزهر مركزا رئيسيا للتعليم في القانون الإسلامي في عام 988، [28] وفي السنة التالية، وُظِّفَ 45 عالمًا لإعطاء الدروس، وإرساء الأساس لما يمكن أن يصبح الجامعة الرائدة في العالم الإسلامي.[29]
ووُسِّع المسجد أثناء حكم الخليفة العزيز (975–996). ووفقا للمفضل، أنه أمر بترميم أجزاء من المسجد تصدعت بقياس ذراع واحدة كحد أقصى. كما استمر الخليفة الفاطمي القادم، الحاكم بترميم المسجد وتوفير باب خشبي جديد في عام 1010. ومع ذلك، شهد عهد الحاكم إكمال مسجده الذي سمي تيمنا به، ومنه فقد الأزهر مركزه كمسجد صلاة الجماعة الأولي في القاهرة. في أيار/مايو 1009 أصبح مسجد الحاكم بأمر الله المكان الوحيد لخطب للخليفة وخطبة الجمعة. بعد عهد الحاكم، استعاد الأزهر مكانه في عهد المستنصر، وقد نُفِّذَت إضافات وتجديدات على المسجد، وقد أضيفت الكثير من التجديدات في عهد الخلفاء الفاطميين الذين أتوا من بعده.[30]
في البداية كان الأزهر يفتقر للمكتبة التي أنشئت في وقت لاحق من تشييده، وقد وهبت للأزهر من قبل الخليفة الفاطمي في 1005، الآلاف من المخطوطات التي شكلت الأساس لمجموعتها،[31] وكانت الجهود الفاطمية لإقامة الإسماعيلية الممارسة بين السكان، ومع ذلك لم تنجح جهودهم إلى حد كبير، [22] الكثير مما يتعلق بتجميع المخطوطات فرقت في الفوضى التي تلت سقوط "الخلافة الفاطمية"، [31] وأصبح الأزهر مؤسسة سنية بعد ذلك بوقت قصير.[22]
في عصر الدولة الأيوبية[عدل]
كان صلاح الدين الأيوبي الذي أطاح بالفاطميبن عام 1171 معادياً لمبادئ التعاليم الشيعية التي طرحت في الأزهر أثناء الخلافة الفاطمية، وقد أهمل المسجد خلال حكم السلالة الأيوبية لمصر، وحظر صدر الدين بن درباس الصلاة فيه، وهو قاضٍ عين من قبل صلاح الدين الأيوبي، [32] والسبب في هذا المرسوم قد يكون تعاليم الشافعي بتحريم الصلاة في بلد واحد يقيم خطبتين، [33] أو عدم الثقة في مؤسسة شيعية سابقة لمؤسسة سنية جديدة، [31][34] وبحلول ذلك الوقت، انتهى مسجد الحاكم الأكبر وجرت فيه صلاة الجماعة في القاهرة وعقدت هناك.[32]
بالإضافة إلى تجريد الأزهر من مركزه كمسجد صلاة الجماعة، أمر صلاح الدين الأيوبي أيضا إزالة شريط فضة أدرجت فيه أسماء الخلفاء الفاطميين عليه من محراب المسجد. وقد أمر أيضا بإزالة شرائط فضية مماثلة من المساجد الأخرى بلغت قيمتها 5000 درهم، [30] لم يتجاهل صلاح الدين الأيوبي تماما صيانة المسجد ووفقا للمفضل أن إحدى مآذن المسجد رممت خلال حكم صلاح الدين.[30]
كما عانى مركز التدريس في المسجد، [32] وتعرضت مكتبة الأزهر التي كانت مجهزة بشكل جيد للإهمال، ودمرت مخطوطات تعاليم الفاطمية التي عقدت في الأزهر، [31][35] كما شجع الأيوبيون تدريس الفقه السني في المدارس المعانة، التي بنيت في جميع أنحاء القاهرة، [32] وسُحِبَ تمويل الطلاب،[32] ولم تعد تعقد في المسجد، واضطر الأساتذة الذين قد ازدهروا في ظل الفاطميين إلى البحث عن وسائل أخرى لكسب عيشهم.[35]
ومع ذلك ظل الأزهر مركز فقه اللغة العربية، ومكاناً للتعليم طوال هذه الفترة،[32] في حين أوقف النظر في فصول الدراسية الرسمية، كما ألقيت الدروس الخاصة في المسجد، ويوجد تقارير تفيد بأن أحد العلماء، ربما البغدادي، درس عددا من المواضيع مثل القانون والطب في الأزهر، وقد أمر صلاح الدين بأن يدفع له راتبا قدر ب 30 دينار، الذي ارتفع إلى 100 دينار من ورثة صلاح الدين الأيوبي،[36] ولم تكن هذه الكليات قد أنشئت في مصر وقت فتح صلاح الدين، وقد بنيت الكليات الست والعشرين في مصر، بينها المدرسة الصالحية خلال عهد صلاح الدين والحكام الأيوبيين الذين أتوا من بعده.[37]
اعتمد الأزهر في نهاية المطاف الإصلاحات التعليمية التي فرضها صلاح الدين على غرار نظام الهيئة التدريسية، وتحسنت حظوظه في عهد المماليك، الذين أعادوا رواتب الطلاب ورواتب الشيوخ (أعضاء هيئة التدريس).[31]
في عصر الدولة المملوكية[عدل]
أعيد تأسيس الصلاة في الأزهر أثناء حكم المماليك بأمر من السلطان بيبرس في 1266، التي كانت قد حرمت في عهد صلاح الدين بسبب التعاليم الشافعية، التي ينتمي إليها صلاح الدين ويليه الأيوبيون، تنص على أنه مسجد واحد فقط ينبغي أن يستخدم لإلقاء خطبة الجمعة في المجتمع، أما المذهب الحنفي، التي ينتمي إليه المماليك، لم يضع أي قيد من هذا القبيل،[34] ومع التوسع السريع في القاهرة، والحاجة إلى مساحة المسجد سمح السلطان بيبرس إلى تجاهل تاريخ الأزهر، واستعاد المسجد شهرته السابقة. وقد أمر السلطان بيبرس وسلاطين المماليك، بعودة رواتب الطلاب والمعلمين، فضلا عن بداية العمل لإصلاح مسجد الأزهر، الذي أهمل منذ ما يقرب من 100 سنة.[38] ووفقا للمفضل، أن الأمير عز الدين أيدامور الهيلي بنى منزله بجوار المسجد، لمراقبة إصلاح المسجد. وقد كتب تقي الدين المقريزي تقارير تفيد بأن الأمير أصلح الجدران والسقف، فضلا عن توفير الحصير الجديد. وألقيت الخطبة الأولى منذ عهد الخليفة الفاطمي الحاكم، وقد وقع ذلك في 16 كانون الثاني/يناير 1266، وقد ألقيت الخطبة على منبر جديد انتهى قبل الخطبة بخمسة أيام.[39]
وقد تسبب زلزال عام 1302 بأضرار كبيرة لحقت بالأزهر وعدد من المساجد الأخرى في جميع أنحاء الأراضي المملوكية. وتم تقسيم مسؤولية إعادة الإعمار بين الأمراء من السلطنة وقائد الجيش والأمير سالار، الذي أسندت إليه مهمة إصلاح الضرر [2]، وكانت هذه الإصلاحات والإضافات الأولى منذ عهد بيبرس، [40] وبعد سبع سنوات تم بناء المدرسة الأقبغاويه، على طول الجدار الذي يقع في الشمال الغربي من المسجد، وتمت إزالة أجزاء من جدار المسجد لاستيعاب المبنى الجديد، وبدأت أشغال بناء مدرسة أخرى، سميت بالمدرسة الطيبرسية في 1332-1333. وقد اكتمل هذا المبنى في 1339-1340، وبني أيضا هيكل للمسجد، ونافورة للوضوء.[39] وقد بنيت كل المدارس والمباني المكملة للأزهر، بمداخل وقاعات صلاة منفصلة.[40]
على الرغم من أن المسجد قد استعاد مكانته في القاهرة في عهد المماليك، إلا أن أعمال التصليح والعمل الإضافي، نفذت بأوامر من هم في مواقع أقل من السلطان، وقد تغير هذا في ظل حكم الظاهر برقوق، أول ملوك مماليك الشركس، الذي أولى استئناف الرعاية المباشرة خلال نهاية حكم المماليك. وأدخلت تحسينات وإضافات من قبل السلاطين قايتباي وقنصوه الغوري، كل واحد منهم أشرف على العديد من الإصلاحات وبناء المآذن.[41] وقد كانت ممارسة شائعة بين سلاطين المماليك لبناء المآذن، وينظر إليها على أنها رمز القوة والطريقة الأكثر فعالية في تدعيمه لمنظر مدينة القاهرة، وتمنى كل سلطان أن تكون له لمسة مرموقة في الأزهر.[41]
على الرغم من أن مسجد الأزهر كان جامعة رائدة في العالم الإسلامي واستعاد الرعاية الملكية السامية، إلا أنه لم يتفوق على المدارس الأخرى، كمكان مفضل للتعليم بين النخبة في القاهرة. واستمرت سمعة الأزهر بوصفه مكانا مستقل عن التعليم، في حين أن المدارس الدينية التي تم بناؤه خلال حكم صلاح الدين الأيوبي كانت مندمجة تماما في النظام التعليمي للدولة.[2] واستمر الأزهر في جذب الطلاب من مناطق أخرى في مصر والشرق الأوسط، وتجاوز بذلك أعداد الذين يحضرون المدارس الدينية الأخرى، [42] ونظمت الهيئة الطلابية للأزهر في الأروقة على طول الخطوط الوطنية، وجرت دراسة فروع القانون الإسلامي. ومتوسط الدرجة المطلوبة هو ست سنوات دراسة.[31]
في القرن الرابع عشر، حقق الأزهر مكانة بارزة باعتباره مركز لدراسات القانون واللاهوت واللغة العربية، وأصبح قبلة الأنظار للطلاب من جميع أنحاء العالم الإسلامي.[31] ومع ذلك، بلغ الثلث فقط من العلماء (علماء المسلمين) في مصر الذين قد حضروا للتدريس في الأزهر [42]. وفي تقارير محمد ابن إياس أن المدرسة الصالحية، كان ينظر إليها كقلعة للعلماء في نهاية عهد المماليك.[43]
في عصر الدولة العثمانية[عدل]
باب المزينين.
خلال بداية عهد الخلافة العثمانية في سنة 1517، وعلى الرغم من فوضى معركتهم للسيطرة على مدينة القاهرة، أظهر الأتراك إحتراماً كبيراً للمسجد وكُليته، على الرغم من توقف الرعاية الملكية المباشرة له، [31][42] وعلى سبيل المثال السلطان سليم الأول، أول حاكم عثماني لمصر، حضر الأزهر لصلاة الجمعة، خلال الأسبوع الأخير له في مصر، لكنه لم يتبرع بأي شيء لصيانة المسجد. وفي وقت لاحق حضر الأمراء العثمانيين بانتظام لصلاة الجمعة في الأزهر، ولكن نادرا ما يتم تقديم الدعم لصيانة المسجد، على الرغم من أنهم وفروا رواتب للطلاب والمعلمين، على نقيض عهد المماليك التي أُجريت فيه الكثير من التوسعات والإضافات.[42]
على الرغم من هزيمتهم على يد سليم الأول والعثمانيين في عام 1517، ظل للمماليك تأثير خاص في المجتمع المصري، ليصبحوا بايات ("مشايخ")، تحت السيطرة العثمانية، بدلا من أمراء على رأس إمبراطورية.[42] ويعتبر خاير بك أول حاكم لمصر في عهد سليم الأول بعد يونس باشا وهو أمير مملوكي انشق إلى العثمانيين خلال معركة مرج دابق، [44] وعلى الرغم من أن المماليك قاموا بثورات متعددة لإعادة السلطنة، بما في ذلك اثنان في عام 1523، [45] العثمانيين امتنعوا عن التدمير الكامل للمماليك على هيكل السلطة في مصر
وقد عانى المماليك من خسائر – اقتصادية وعسكرية على حد سواء – في أعقاب انتصار العثمانيين، وهذا ينعكس في عدم وجود المساعدات المالية المقدمة إلى الأزهر في أول مئة عام من الحكم العثماني. وفي القرن الثامن عشر، استطاع نخبة من المماليك باستعادة الكثير من نفوذهم، وقاموا على وجه التحديد في تقديم تجديدات عديدة في جميع أنحاء القاهرة والأزهر.[42]
وقد قام القازدوغلي بك المملوكي، بالعديد من الإضافات والتجديدات في وقت مبكر من القرن 18. وتحت إدارته، أضيف رواق للطلاب المكفوفين في سنة 1735. وقام أيضا بإعادة بناء أروقة تركية وسورية، وكلاهما قد بنيت في الأصل في عهد قايتباي.[46]
وتعتبر هذه بداية لأكبر مجموعة من التجديدات يمكن القيام بها، نظراً للتوسعات الكبيرة التي أجريت على يد عبد الرحمن كتخدا، وقد عين كتخدا (رئيسا للإنكشارية) في 1749، وشرع في عدة مشاريع في جميع أنحاء القاهرة والأزهر. وتحت إدارته، بنيت ثلاث بوابات جديدة: باب المزينين (بوابة الحلاقين)،[47] حتى اسمه لأنه سيتعين على الطلاب حلق رؤوسهم خارج البوابة، التي أصبحت في نهاية المطاف المدخل الرئيسي للمسجد؛ باب الصعايدة، [47] المسمى لشعب مصر العليا، وفي وقت لاحق، أنشئ باب الشربة (بوابة حساء)، من حساء الأرز وهو من الأغذية التي هي غالباً يتم تقديمها إلى الطلاب، [47] وأضيفت قاعة للصلاة في جنوب المكان الأصلية، وضوعفت أيضا حجم المساحة المتاحة للصلاة. وقام كتخدا أيضا بتجديد أو إعادة بناء العديد من الأروقة التي تحيط بالمسجد. ودفن ضريح كتخدا في الأزهر؛ في عام 1776، وأصبح كتخدا الشخص الأول (والأخير) الذي يدفن داخل المسجد منذ نفيسة البكرية، التي توفيت حوالي عام 1588.[48][49]
خلال الفترة العثمانية، استعاد الأزهر مركزه كمؤسسة يفضل التعلم بها في مصر، متجاوزة المدارس الدينية التي وضعها صلاح الدين الأيوبي، ووسع الأزهر بشكل كبير من طرف المماليك. وبنهاية القرن الثامن عشر، أصبح الأزهر مرتبطًا ارتباطًا وثيقا بعلماء مصر،[43]، وقد كان للعلماء القدرة على تأثير على الحكومة بصفة رسمية، مع عدة شيوخ عينوا للمجالس الاستشارية التي قدمت تقارير إلى باشا (أي حاكم فخري)، الذي بدوره عين لمدة سنة واحدة فقط، [50] هذه الفترة شهدت أيضا تم إدراج دورات تعليمية أكثر لتدرس في الأزهر، مع العلم والمنطق ضمت الفلسفة في المناهج الدراسية.[51] وخلال هذه الفترة، شهد الأزهر أول رئيس الجامعة ليس من مذهب المالكي وهو عبد الله الشبراوي، التابع للمذهب الشافعي،الذي قد تم تعيينه رئيسا للجامعة،[52] وقد انتظر اتباع مذهب المالكي منصب رئيس الجامعة حتى عام 1899 عندما تم تعيين سالم البشري لهذا المنصب.
كان الأزهر أيضا بمثابة نقطة محورية للاحتجاجات ضد الحكم العثماني لمصر، سواء من داخل العلماء ومن بين عامة الناس. وكانت هذه الاحتجاجات الطلابية التي عقدت في الأزهر شائعة بين عامة الناس، وقد أغلقت المحلات التجارية في محيط المسجد أحيانا تضامنا مع الطلاب، [53] كما كان أيضا العلماء في بعض الأحيان قادرين على تحدي الحكومة.
ما بين 1730–1731، قام آغاوات العثمانية بمضايقة السكان المقيمين بالقرب من الأزهر أثناء ملاحقة الهاربين الثلاثة. وأغلقت البوابات في الأزهر احتجاجا لذلك، وأمر الحاكم العثماني آغاوات الامتناع عن الذهاب قرب الأزهر، خوفاً من قيام انتفاضة كبرى، وقد حدث اضطراب آخر في عام 1791 تسبب فيه مضايقات الوالي قرب مسجد الإمام الحسين، ثم ذهب إلى الأزهر لتبرير موقفه. وقد أقيل الوالي بعد ذلك من منصبه.[54]
الحملة الفرنسية[عدل]
Crystal Clear app kdict.png مقالة مفصلة: الحملة الفرنسية على مصر
قام نابليون بغزو مصر في يوليو 1798، ليصل إلى الإسكندرية يوم 2 يوليو والانتقال إلى القاهرة يوم 22 يوليو،[55] وفي محاولة لاسترضاء السكان المصريين والإمبراطورية العثمانية، ألقى نابليون خطابا في الإسكندرية والذي أعلن فيه عن مدى احترامه للإسلام والسلطان:
« سوف يقال لشعب مصر انني جئت لتدمير دينكم: لا أعتقد ذلك! وإجابتي على هذا لقد جئت لاستعادة حقوقكم ومعاقبة المغتصبين، وللمماليك، أنا أحترم لله ورسوله والقرآن ... أليس نحن الذين كنا على مر القرون أصدقاء للسلطان؟ [56]»
في 25 تموز أنشأ نابليون ديوان يتكون من تسعة شيوخ الأزهر المكلفين بإدارة القاهرة، وهي أول هيئة رسمية من المصريين منذ بداية الحكم العثماني، [55][57] وهذه الممارسة لتشكيل مجالس وضعت بين أيدي علماء المدينة، وشكل أول مجلس في الإسكندرية، وشمل لاحقا جميع أنحاء مصر الخاضعة للإحتلال الفرنسي، [58] وقد سعى نابليون أيضا لفتوى من أئمة الأزهر، التي من شأنها تنص بجواز الولاء لنابليون بموجب الشريعة الإسلامية، لكن بدون جدوى.[56]
وباءت جهود نابليون للفوز على المصريين والعثمانيين بالفشل ؛ وقد أعلنت الإمبراطورية العثمانية الحرب في 9 سبتمبر 1798، وبدأت ثورة ضد القوات الفرنسية من الأزهر في 21 أكتوبر 1798، [59][60] وقام المصريون المسلحون بالحجارة والرماح فقط بأعمال بطولية ضد جيش نابليون الجرار، [61] وفي صباح اليوم التالي اجتمع الديوان مع نابليون في محاولة للتوصل إلى نهاية سلمية للأعمال العدائية، وقد غضب نابليون في البداية، لكنه وافق لمحاولة التوصل إلى حل سلمي، وطلب من شيوخ الديوان تنظيم محادثات مع الثوار، وقد اعتبر الثوار هذه الخطوة إشارة ضعف بين الفرنسيين، ورفضوها، [62] وعلى إثر هذا أمر نابليون بإطلاق النار على المدينة من قلعة القاهرة، وتهدف مباشرة إلى الأزهر. وخلال التمرد قتل إثنين إلى ثلاثمائة جندي فرنسي، مع إصابة 3،000 مصري، [63] وقتل ستة من علماء[؟] الأزهر بعد أن وضعت ملخص الأحكام ضدهم، [64] وقد ألقت القوات الفرنسية القبض على كل مصري شارك في المظاهرات ووضع في السجن، وإذا وجد عنده سلاح يقطع رأسه، [65] وقد دنست القوات الفرنسية المسجد عمدا، ومشوا فيه بأحذيتهم والبنادق المعروضة. وقامت القوات بربط خيولها في المحراب ونهب أرباع الطلاب والمكتبات، ورموا نسخًا من القرآن على الأرض. ثم حاول قادة الثورة للتفاوض على التسوية مع نابليون، ورُفِضَ طلبهم.[63]
وقد فقد نابليون احترام وإعجاب المصريين بعد قيام الثورة، بعد أن كان يحظى باحترام كبير في مصر، وقد حصل على نفسه لقب السلطان العظيم بين الناس في القاهرة، [66] وفي مارس 1800، أغتيل الجنرال الفرنسي جان بابتيست كليبر على يد سليمان الحلبي، وهو طالب في الأزهر. وبعد عملية الاغتيال، أمر نابليون بإغلاق المسجد، وظلت أبوابه مغلقة حتى وصول المساعدات العثمانية والبريطانية في أغسطس 1801، [57] وقد فقد المسجد الكثير من محتوياته بغزو نابليون.[57]
استفاد الأزهر كثيرا من ابتكار آلة الطباعة الحديثة، التي أضافت بدورها بُعْدًا آخر في مجال التعليم، وقد تحولت المناهج الدراسية من محاضرات عن طريق الفم وتحفيظ للدرس بالنص، على الرغم من أن المسجد قد اكتسب مطبعة خاصة به في عام 1930.[67]
عند انسحاب الفرنسيين، شجع محمد على باشا إنشاء التعليم العلماني[؟]، والتاريخ، والرياضيات، والعلوم الحديثة وقد اعتُمِد على المناهج الدراسية التي كانت تلقى قبل عام 1872، تحت إشراف جمال الدين الأفغاني، كما أضيفت الفلسفة الأوروبية لبرنامج الدراسة.[67]
محمد علي والاحتلال البريطاني[عدل]
بعد انسحاب الفرنسيين، قام الوالي محمد علي بتعيين نفسه خديويًّا (أميرًا) على مصر، وسعى لتوطيد سيطرته على مصر الحديثة التي أسسها، ولتحقيق هذه الغاية فقد اتخذ عددا من الخطوات للحد، والقضاء في نهاية المطاف على قدرة علماء الأزهر للتأثير على الحكومة. وفرض ضرائب على أراضي رزقة (وهي أراضٍ تابعة للمساجد) والمدارس الدينية، كما قام أيضا بأخذ جزء كبير من مداخيل الأزهر، [57] وفي يونيو 1809، أمر بمصادرة جميع أراضي رزقة وضمها إلى أملاك الدولة في خطوة أثارت غضبا واسعا بين العلماء، ونتيجة لذلك، قام عمر مكرم بثورة في يوليو 1809، وقد فشلت الثورة ونفي مكرم، حليف العلماء، إلى دمياط.[68]
سعى محمد علي أيضا إلى الحد من نفوذ شيوخ الأزهر بتوزيع المناصب داخل الحكومة لأولئك الذين تلقوا تعليمهم خارج الأزهر. وبعث الطلاب إلى فرنسا تحديدا، ليتكونوا تحت نظام تعليمي غربي، وقام بإنشاء نظام تعليمي يستند إلى هذا النموذج وموازيًا إليه، وهكذا تجاوز نظام الأزهر.[57]
واستهلت مشاريع الأشغال العامة الرئيسية تحت حكم إسماعيل باشا، حفيد محمد علي، بهدف تحويل مدينة القاهرة إلى الطراز الأوروبي، [69] هذه المشاريع في البداية كانت ممولة من مصنع القطن المزدهر، لكن في نهاية المطاف عصفت ديون ضخمة للبريطانيين بتلك المشاريع، وأصبحت تلك الديون ذريعة لبريطانيا باحتلال مصر عام 1882، بعد إجبار إسماعيل باشا على دفعها في عام 1879.[69][70]
كما شهد عهد إسماعيل باشا أيضا بعودة الرعاية الملكية السامية إلى الأزهر، واستعاد إسماعيل باب الصعايدة (بني لأول مرة في عهد كتخدا) والمدرسة الأقبغاوية، كما واصل توفيق باشا، ابن إسماعيل، الذي أصبح بدوره الخديوي عندما أطاح بوالده نتيجة للضغط البريطاني، استعادة المسجد، وقام توفيق بتجديد قاعة الصلاة التي أضيفت في عهد كتخدا، بمحاذاة الواجهة الجنوبية الشرقية من القاعة والشارع الذي يقع وراءها، وإعادة تشكيل عدة مناطق أخرى من المسجد. ونجح ابن توفيق، عباس الثاني خديوي مصر والسودان في عام 1892، بإعادة هيكلة الواجهة الرئيسية للمسجد وبنى الرواق الجديد واستمرت التجديدات التي كتبها جده إسماعيل. وتحت حكمه، استعيدت لجنة حفظ الآثار الفنية العربية (شكلت في البداية تحت الاحتلال الفرنسي)، وأيضا استعاد الصحن الفاطمي الأصلي، وكانت هذه التجديدات اللازمة على حد سواء بمساعد تحديث الأزهر وتنسيقه مع ما أصبح مدينة عالمية.[71]
كما استمرت مجموعة كبيرة من الإصلاحات التي بدأت في ظل حكم إسماعيل باشا في ظل الاحتلال البريطاني، [72] ومع قدوم شيخ الأزهر محمد المهدي العباسي، وضعت مجموعة من الإصلاحات تهدف إلى توفير هيكل للممارسات الوظيفية في الجامعة وكذلك لتوحيد امتحانات الطلاب في عام 1872، وقد بذل المزيد من الجهد لتحديث النظام التعليمي تحت إدارة حلمي خلال الاحتلال البريطاني، [73] وجُمِعَت مخطوطات المسجد في مكتبة مركزية، وحُسِّنَت أيضا المرافق الصحية للطلاب، ووضع نظام عادي من امتحانات. وفي عام 1885، وضعت كليات أخرى في مصر مباشرة تحت إدارة الجامع الأزهر.[72]
وخلال فترة سعد زغلول كوزير للتعليم، قبل ان ينتقل إلى قيادة الثورة المصرية عام 1919، بذلت جهود أخرى لتعديل السياسة التعليمية للأزهر، [73] وأيده التيار المحافظ في سياسته، في حين لقي سعد زغلول معارضة الأصولية الإسلامية في المسجد، خصوصا التي تبناها الإخوان المسلمون، والتي تأسست بدورها في عام 1928، [72] وقد جذبت المدرسة طلاب من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك طلاب من جنوب شرق آسيا وخاصة أندونيسيا، وتوفير موازنة لنفوذ الوهابيين في المملكة العربية السعودية.[74]
في عهد الملك فؤاد الأول، صدر قانونان من شأنهما تنظيم الهيكل التعليمي للأزهر. وأول هذه القوانين، في عام 1930، وينص على تقسيم المدرسة إلى ثلاثة أقسام: اللغة العربية، الشريعة، واللاهوت، وأن يقع كل قسم في مبنى خارج المسجد في جميع أنحاء القاهرة،[73] بالإضافة إلى ذلك، كانت الامتحانات الرسمية مطلوبة لكسب شهادة في واحد من هذه المجالات الثلاثة من الدراسة، [75] وبعد ست سنوات، صدر القانون الثاني الذي نقل المكتب الرئيسي للمدرسة لمبنى شيد حديثا موازيًا لشارع المسجد، وأضيفت هياكل إضافية في وقت لاحق لاستكمال إدارات المباني الثلاثة.[73]
كما بدأت الأفكار التي ينادي بها العديد من الإصلاحيين نفوذا في في وقت مبكر من القرن العشرين، مثل محمد عبده ومحمد الأحمدي الظواهري وغيرهم من المفكرين، تترسخ في الأزهر، وفي عام 1928، عين محمد مصطفى المراغي رئيسا لجامعة الأزهر وهو من أتباع محمد عبده. وقد عارضت الغالبية العظمى من العلماء تعيينه، [75][76] بدأت إدارة المراغي وخلفائه سلسلة من الإصلاحات والتحديثات التي طرأت على المسجد وجامعته، وتوسيع البرامج التعليمية خارج إطار الموضوعات التقليدية. وقد كره الملك فؤاد المراغي، وقام باستبداله بعد سنة واحدة من تعيينه وعين الظواهري مكانه، ولكن المراغي عاد إلى منصب رئيس الجامعة في عام 1935، وظل بمركزه حتى وفاته في عام 1945. وتحت قيادته، وُسِّعَت مناهج الأزهر لتشمل لغات غير العربية والعلوم الحديثة.[77] كما واصل الظواهري -الذي كان قد عارضه العلماء من في وقت مبكر من القرن العشرين-، الجهود المبذولة لتحديث وإصلاح الأزهر، بعدها بفترة أسند مركز رئيس الجامعة للمرة الثانية للمراغي، وهو أحد أتباع محمد عبده وتلامذته.[76]
الأزهر وثورة يوليو[عدل]
Crystal Clear app kdict.png مقالة مفصلة: ثورة 23 يوليو
في أعقاب الثورة المصرية عام 1952، التي قامت بها حركة الضباط الأحرار بقيادة محمد نجيب وجمال عبد الناصر، والتي أدت إلى سقوط النظام الملكي المصري، خلال هذه الفترة تمت مراحل فصل الجامعة عن المسجد.[67][78] وقد تم ضم الكثير من الممتلكات التي تحيط بالمسجد وهدمها لتوفير مساحة للحرم الحديث، وفي عام 1955، لم يعد المسجد بمثابة مدرسة، وتم إنشاء كليات رسمية للجامعة في عام 1961،[73][78] وفي عام 1961 صدر قانون ينص على فصل الأدوار المزدوجة للمؤسسة التعليمية والمؤسسة الدينية التي لقيت آذانا صاغية في جميع أنحاء العالم الإسلامي، [79] القانون أيضا ينص على إنشاء إدارات علمانية[؟] داخل الأزهر، مثل كليات الطب والهندسة، والاقتصاد، وتعزيز الجهود في التحديث للمرة الأولى بعد الاحتلال الفرنسي،[80][81] وقد أدت إصلاحات المناهج إلى نمو هائل في عدد الطلاب المصريين الذين حضروا إلى المدارس، وعلى وجه الخصوص الشباب الذين يحضرون المدارس الإبتدائية والمدارس الثانوية داخل منظومة الأزهر، وبحسب إحصائيات عدد الطلبة الذين حضروا إلى مدارس الأزهر الابتدائية والمدارس الثانوية ارتفع من أقل 90,000 طالب في عام 1970 إلى 300,000 طالب في وقت مبكر في الثمانينات، ثم إلى ما يقرب من مليون طالب في أوائل التسعينات، ويتجاوز 1.3 مليون طالب في عام 2001.[82][83]
جمال عبد الناصر.
وقد واصل جمال عبد الناصر خلال فترة توليه منصب رئيس الوزراء، والرئيس في وقت لاحق، جهوده المبذولة للحد من سلطة علماء الأزهر وإلى استخدام نفوذهم لمصلحته، [84] وفي عام 1952، أُمِّمَت الأوقاف ووضعت تحت سلطة وزارة الأوقاف التي أنشئت حديثا،[85] مما قطع من قدرة المسجد للسيطرة على الشؤون المالية، [86][87] وألغى المحاكم الشرعية، ودمج المحاكم الدينية مع النظام القضائي للدولة في عام 1955، مما يحد بشدة من استقلال العلماء،[85][87] وفي عام 1961 صدر قانون الإصلاح، الذي ينص ببطلان قانون أصدر في وقت سابق من عام 1936 الذي يضمن استقلال الأزهر، وأصبح لرئيس مصر سلطة تعيين شيخ الأزهر، وهو موقف أنشئ لأول مرة أثناء الحكم العثماني.[88][89][90]
وواصل الأزهر، الذي ظل رمزاً للطابع الإسلامي للأمة والدولة، التأثير على السكان بينما لم يصبح قادرا على فرض إرادته على الدولة. وتعرض الأزهر بشكل متزايد إلى بيروقراطية الدولة بعد الثورة وتوقف استقلال منهجه ووظيفته كمسجد،[91] كذلك أضعفت سلطة العلماء بإنشاء الوكالات الحكومية المسؤولة عن تقديم تفسيرات للقوانين الدينية،[92] في حين أن هذه الإصلاحات قُلِّصَت جذريا باستقلال سلطة العلماء، كما كان لها تأثير بإعادة ترسيخ نفوذهم بإدماجهم في جهاز الدولة،[93] كما ينص قانون إصلاح العلماء لعام 1961، بتخصيص موارد الدولة لهم، مع أن خزينة المال كانت خارج سيطرة الأزهر،[94] في حين سعى جمال عبد الناصر إلى إخضاع العلماء تحت الدولة، لم يسمح بالمزيد من الاقتراحات المتطرفة للحد من نفوذ الأزهر. مثل اقتراح طه حسين في عام 1955. حيث سعى حسين إلى تفكيك نظام الأزهر للتعليم الابتدائي والثانوي وتحويل الجامعة إلى كلية اللاهوت التي ستدرج ضمن النظام التعليمي الحديث، والعلماني، وقد عارضه العلماء على هذه الخطة، على الرغم من أن خيار عبد الناصر للحفاظ على مركز الأزهر يرجع إلى اعتبارات سياسية شخصية، مثل استخدام الأزهر بمنح الشرعية للنظام، من شأنه أن يؤدي إلى معارضة العلماء.[95]
معلومات عامة
القرية أو المدينة
القاهرة
الدولة
مصر
تاريخ بدء البناء
(359 - 361 هـ) / (970 - 972 م)
المواصفات
عدد المصلين
20000
عدد المآذن
4
النمط المعماري
فاطمي
الجوائز
جائزة الملك فيصل العالمية في خدمة الإسلام تعديل قيمة خاصية الجوائز المستلمة (P166) في ويكي بيانات
ويكيميديا كومنز
commons:Category:Al-Azhar Mosque الجامع الأزهر
الجامع الأزهر على خريطة Egypt
الجامع الأزهر
الجامع الأزهر
تعديل طالع توثيق القالب
الجامع الأزهر (359 - 361 هـ) / (970 - 972 م).[1] هو من أهم المساجد في مصر ومن أشهر المساجد في العالم الإسلامي. وهو جامع وجامعة منذ أكثر من ألف سنة، وقد أنشئ على يد جوهر الصقلي عندما تم فتح القاهرة 970 م، [2] بأمر من المعز لدين الله أول الخلفاء الفاطميين بمصر، وبعدما أسس مدينة القاهرة شرع في إنشاء الجامع الأزهر، ووضع الخليفة المعز لدين الله حجر أساس الجامع الأزهر في 14 رمضان سنة 359 هـ - 970م، وأتم بناء المسجد في شهر رمضان سنة 361 هـ - 972 م، [2] فهو بذلك أول جامع أنشى في مدينة القاهرة المدينة التي اكتسبت لقب مدينة الألف مئذنة،[nb 1] وهو أقدم أثر فاطمي قائم بمصر. وقد اختلف المؤرخون في أصل تسمية هذا الجامع، والراجح أن الفاطميين سموه بالأزهر تيمنا بفاطمة الزهراء ابنة النبي محمد وإشادة بذكراها.[3]
بعد الانتهاء من بناء المسجد في 972، وظفت السلطات 35 عالم في مسجد في 989، ويعتبر المسجد ثاني أقدم جامعة قائمة بشكل مستمر في العالم بعد جامعة القرويين. وقد اعتبرت جامعة الأزهر الأولى في العالم الإسلامي لدراسة المذهب السني والشريعة، أو القانون الإسلامي.[4]
أُمِّمَت جامعة متكاملة داخل المسجد كجزء من مدرسة المسجد منذ إنشائه، وعينت رسميا جامعة مستقلة في عام 1961، في أعقاب الثورة المصرية لعام 1952.
صلاح الدين الأيوبي والسلاطين الأيوبيون السنيون الذين أتوا من بعده تجنبوا الأزهر على مدى تاريخ طويل، وقد أهمل المسجد بالتناوب وبشكل كبير؛ لأنه تأسس باعتباره مؤسسة لنشر المذهب الإسماعيلي، [4] وقد أزيلت مكانته باعتباره مسجدًا شيعيًّا وحرم الطلبة والمدرسون في مدرسة الجامع من الرواتب.[5]
في عهد السلطنة المملوكية عُكِسَت هذه التحركات، حيث بلغ الاهتمام بالأزهر ذروته، وكان ذلك بمنزلة العصر الذهبي للأزهر، وقاموا بالعديد من التوسعات والتجديدات التي طرأت على البنى التحتية للمسجد، كما أظهر الحكام في وقت لاحق من مصر بدرجات متفاوتة الكثير من الاهتمام والاحترام للمسجد، وقدمت على نطاق واسع مستويات متفاوتة من المساعدة المالية، على حد سواء إلى المدرسة وإلى صيانة المسجد.[2]
اليوم، لا يزال الأزهر مؤسسة لها تأثير عميق في المجتمع المصري ورمزاً من رموز مصر الإسلامية.
محتويات [أخف]
1 التسمية
2 التاريخ 2.1 في عصر الدولة الفاطمية (التأسيس)
2.2 في عصر الدولة الأيوبية
2.3 في عصر الدولة المملوكية
2.4 في عصر الدولة العثمانية
2.5 الحملة الفرنسية
2.6 محمد علي والاحتلال البريطاني
2.7 الأزهر وثورة يوليو
2.8 بعد عام 2011
3 العمارة 3.1 العهد الفاطمي
3.2 الإضافات المملوكية 3.2.1 المدرسة الطيبرسية
3.2.2 مئذنة قايتباي
3.2.3 باب الجندي
3.2.4 مئذنة الغوري
3.3 التجديدات العثمانية والإضافات 3.3.1 باب المزينين
3.4 التخطيط الحالي والهيكل
4 مرصد الأزهر
5 شيخ الأزهر
6 هيئات الأزهر
7 التكريم
8 معرض صور
9 انظر أيضاً
10 مصادر 10.1 هوامش
10.2 ملاحظات
10.3 مراجع
11 وصلات خارجية
التسمية[عدل]
Binte Muhammad.jpg
تأسست مدينة القاهرة بواسطة جوهر الصقلي، وهو قائد فاطمي رومي من أصل يوناني من جزيرة صقلية، [6][7][8][9][10][11] وأطلق عليها اسم المنصورية، وأعدت المنصورية لتكون مقراً للخلافة الفاطمية المتواجدة في تونس، وقد استخدم المسجد لأول مرة في عام 972، وسُمّي في البداية بجامع المنصورية، وقد كانت تسمية المسجد باسم المدينة التي يتواجد بها ممارسة شائعة في ذلك الوقت، مع دخول الخليفة المعز لدين الله لمصر قام بتسمية المدينة بالقاهرة، وهكذا أصبح اسم المسجد جامع قاهرة، في أول نسخه من المصادر العربية.[12]
اكتسب المسجد اسمه الحالي، الأزهر، في وقت ما بين الخليفة المعز، ونهاية عهد الخليفة الفاطمي الثاني في مصر العزيز بالله، [12] والأزهر معناه المشرق وهو صيغة المذكر لكلمة الزهراء، والزَّهْرَاءُ لقبُ السيدة فاطمة بنتِ الرسول محمد، [13][14] زوجة الخليفة علي بن أبي طالب، وقد ادعى المعز وأئمة الدولة الفاطمية أنهم من سلفهم؛ وهي نظرية واحدة لمصدر تسمية الأزهر، [15][16] هذه النظرية، ومع ذلك، لم تُؤَكَّد هذه النظرية في أي مصدر عربي، وقد استُحْسِن دعمها كلياً، وقد نفتها مصادر غربية في وقت لاحق.[17]
نظرية بديلة هي أن اسم المسجد اشتق من الأسماء التي قدمها الخلفاء الفاطميين إلى قصورهم، القريبة من المسجد والتي سميت بشكل جماعي بالقصور الزاهرة تيمنًا بالحدائق الملكية بها، التي اختيرت من قبل العزيز بالله، وقد انتُهِىَ من القصور وغُيِّر اسم المسجد من جامع القاهرة إلى الأزهر.[12][18]
أما اشتقاق كلمة جامع من جذر الكلمة العربية الجامعة، وتعني «الجمع»، ويتم استخدام الكلمة للمساجد التي تجمع الكثير من الناس. بينما في اللغة العربية التراثية اسم الأزهر تم تغييره إلى جامع الأزهر، ونطق كلمة جامع هي تغييرات كلمة جماعة "في لهجة مصرية. [nb 2]
التاريخ[عدل]
في عصر الدولة الفاطمية (التأسيس)[عدل]
صورة لفِناء المسجد
أروقة الأزهر 1901م
طلبة الأزهر قديما
الخليفة الفاطمي المعز لدين الله، إمام إسماعيلية الرابع، قام بغزو مصر عن طريق قائد قواته جوهر الصقلي، الذي نجح في انتزاعها من سلالة الإخشيديين، [19][20] وبأمر من الخليفة، أشرف جوهر على بناء المركز الملكي "للخلافة الفاطمية" وجيشها، وقد بني الأزهر كقاعدة لنشر مذهب الشيعة الإسماعيلية،[19][21] الذي يقع بالقرب من مدينة الفسطاط السنية، وقد أصبحت القاهرة مركزا للطائفة الإسماعيلية الشيعية، ومركز للدولة الفاطمية.[22]
كما أمر جوهر، ببدأ بناء مسجد كبير للمدينة الجديدة، وقد بدأ العمل في 4 أبريل، 970 [17] وقد تم الانتهاء من المسجد في عام 972، وعقدت أول صلاة جمعة في 22 يونيو 972 خلال شهر رمضان.[17][23]
سرعان ما أصبح الأزهر مركزا للتعليم في العالم الإسلامي، وصدرت التصريحات الرسمية وجلسات المحكمة التي عقدت هناك، [19] وخلال الحكم الفاطمي، أصبحت التعاليم السرية سابقا من المذهب الإسماعيلي (كلية القانون) متاحة لعامة الناس، [24] وقد عين المعز القاضي النعمان بن محمد القاضي، مسؤولا عن تدريس المذهب الإسماعيلي،[24] وقد كانت بعض الفصول تدرس في قصر الخليفة، وكذلك في الأزهر، مع دورات منفصلة للنساء، [25][26] وخلال عيد الفطر عام 973، رُسِّمَ المسجد مسجدًا رسميًّا لصلاة الجماعة في القاهرة بأمر من الخليفة المعز وابنه عندما أصبح بدوره الخليفة، جعلوا خطبة الجمعة خلال شهر رمضان في الأزهر.[27]
كما جعل يعقوب بن كلس، الموسوعي والفقيه والوزير الرسمي الأول للفاطميين من الأزهر مركزا رئيسيا للتعليم في القانون الإسلامي في عام 988، [28] وفي السنة التالية، وُظِّفَ 45 عالمًا لإعطاء الدروس، وإرساء الأساس لما يمكن أن يصبح الجامعة الرائدة في العالم الإسلامي.[29]
ووُسِّع المسجد أثناء حكم الخليفة العزيز (975–996). ووفقا للمفضل، أنه أمر بترميم أجزاء من المسجد تصدعت بقياس ذراع واحدة كحد أقصى. كما استمر الخليفة الفاطمي القادم، الحاكم بترميم المسجد وتوفير باب خشبي جديد في عام 1010. ومع ذلك، شهد عهد الحاكم إكمال مسجده الذي سمي تيمنا به، ومنه فقد الأزهر مركزه كمسجد صلاة الجماعة الأولي في القاهرة. في أيار/مايو 1009 أصبح مسجد الحاكم بأمر الله المكان الوحيد لخطب للخليفة وخطبة الجمعة. بعد عهد الحاكم، استعاد الأزهر مكانه في عهد المستنصر، وقد نُفِّذَت إضافات وتجديدات على المسجد، وقد أضيفت الكثير من التجديدات في عهد الخلفاء الفاطميين الذين أتوا من بعده.[30]
في البداية كان الأزهر يفتقر للمكتبة التي أنشئت في وقت لاحق من تشييده، وقد وهبت للأزهر من قبل الخليفة الفاطمي في 1005، الآلاف من المخطوطات التي شكلت الأساس لمجموعتها،[31] وكانت الجهود الفاطمية لإقامة الإسماعيلية الممارسة بين السكان، ومع ذلك لم تنجح جهودهم إلى حد كبير، [22] الكثير مما يتعلق بتجميع المخطوطات فرقت في الفوضى التي تلت سقوط "الخلافة الفاطمية"، [31] وأصبح الأزهر مؤسسة سنية بعد ذلك بوقت قصير.[22]
في عصر الدولة الأيوبية[عدل]
كان صلاح الدين الأيوبي الذي أطاح بالفاطميبن عام 1171 معادياً لمبادئ التعاليم الشيعية التي طرحت في الأزهر أثناء الخلافة الفاطمية، وقد أهمل المسجد خلال حكم السلالة الأيوبية لمصر، وحظر صدر الدين بن درباس الصلاة فيه، وهو قاضٍ عين من قبل صلاح الدين الأيوبي، [32] والسبب في هذا المرسوم قد يكون تعاليم الشافعي بتحريم الصلاة في بلد واحد يقيم خطبتين، [33] أو عدم الثقة في مؤسسة شيعية سابقة لمؤسسة سنية جديدة، [31][34] وبحلول ذلك الوقت، انتهى مسجد الحاكم الأكبر وجرت فيه صلاة الجماعة في القاهرة وعقدت هناك.[32]
بالإضافة إلى تجريد الأزهر من مركزه كمسجد صلاة الجماعة، أمر صلاح الدين الأيوبي أيضا إزالة شريط فضة أدرجت فيه أسماء الخلفاء الفاطميين عليه من محراب المسجد. وقد أمر أيضا بإزالة شرائط فضية مماثلة من المساجد الأخرى بلغت قيمتها 5000 درهم، [30] لم يتجاهل صلاح الدين الأيوبي تماما صيانة المسجد ووفقا للمفضل أن إحدى مآذن المسجد رممت خلال حكم صلاح الدين.[30]
كما عانى مركز التدريس في المسجد، [32] وتعرضت مكتبة الأزهر التي كانت مجهزة بشكل جيد للإهمال، ودمرت مخطوطات تعاليم الفاطمية التي عقدت في الأزهر، [31][35] كما شجع الأيوبيون تدريس الفقه السني في المدارس المعانة، التي بنيت في جميع أنحاء القاهرة، [32] وسُحِبَ تمويل الطلاب،[32] ولم تعد تعقد في المسجد، واضطر الأساتذة الذين قد ازدهروا في ظل الفاطميين إلى البحث عن وسائل أخرى لكسب عيشهم.[35]
ومع ذلك ظل الأزهر مركز فقه اللغة العربية، ومكاناً للتعليم طوال هذه الفترة،[32] في حين أوقف النظر في فصول الدراسية الرسمية، كما ألقيت الدروس الخاصة في المسجد، ويوجد تقارير تفيد بأن أحد العلماء، ربما البغدادي، درس عددا من المواضيع مثل القانون والطب في الأزهر، وقد أمر صلاح الدين بأن يدفع له راتبا قدر ب 30 دينار، الذي ارتفع إلى 100 دينار من ورثة صلاح الدين الأيوبي،[36] ولم تكن هذه الكليات قد أنشئت في مصر وقت فتح صلاح الدين، وقد بنيت الكليات الست والعشرين في مصر، بينها المدرسة الصالحية خلال عهد صلاح الدين والحكام الأيوبيين الذين أتوا من بعده.[37]
اعتمد الأزهر في نهاية المطاف الإصلاحات التعليمية التي فرضها صلاح الدين على غرار نظام الهيئة التدريسية، وتحسنت حظوظه في عهد المماليك، الذين أعادوا رواتب الطلاب ورواتب الشيوخ (أعضاء هيئة التدريس).[31]
في عصر الدولة المملوكية[عدل]
أعيد تأسيس الصلاة في الأزهر أثناء حكم المماليك بأمر من السلطان بيبرس في 1266، التي كانت قد حرمت في عهد صلاح الدين بسبب التعاليم الشافعية، التي ينتمي إليها صلاح الدين ويليه الأيوبيون، تنص على أنه مسجد واحد فقط ينبغي أن يستخدم لإلقاء خطبة الجمعة في المجتمع، أما المذهب الحنفي، التي ينتمي إليه المماليك، لم يضع أي قيد من هذا القبيل،[34] ومع التوسع السريع في القاهرة، والحاجة إلى مساحة المسجد سمح السلطان بيبرس إلى تجاهل تاريخ الأزهر، واستعاد المسجد شهرته السابقة. وقد أمر السلطان بيبرس وسلاطين المماليك، بعودة رواتب الطلاب والمعلمين، فضلا عن بداية العمل لإصلاح مسجد الأزهر، الذي أهمل منذ ما يقرب من 100 سنة.[38] ووفقا للمفضل، أن الأمير عز الدين أيدامور الهيلي بنى منزله بجوار المسجد، لمراقبة إصلاح المسجد. وقد كتب تقي الدين المقريزي تقارير تفيد بأن الأمير أصلح الجدران والسقف، فضلا عن توفير الحصير الجديد. وألقيت الخطبة الأولى منذ عهد الخليفة الفاطمي الحاكم، وقد وقع ذلك في 16 كانون الثاني/يناير 1266، وقد ألقيت الخطبة على منبر جديد انتهى قبل الخطبة بخمسة أيام.[39]
وقد تسبب زلزال عام 1302 بأضرار كبيرة لحقت بالأزهر وعدد من المساجد الأخرى في جميع أنحاء الأراضي المملوكية. وتم تقسيم مسؤولية إعادة الإعمار بين الأمراء من السلطنة وقائد الجيش والأمير سالار، الذي أسندت إليه مهمة إصلاح الضرر [2]، وكانت هذه الإصلاحات والإضافات الأولى منذ عهد بيبرس، [40] وبعد سبع سنوات تم بناء المدرسة الأقبغاويه، على طول الجدار الذي يقع في الشمال الغربي من المسجد، وتمت إزالة أجزاء من جدار المسجد لاستيعاب المبنى الجديد، وبدأت أشغال بناء مدرسة أخرى، سميت بالمدرسة الطيبرسية في 1332-1333. وقد اكتمل هذا المبنى في 1339-1340، وبني أيضا هيكل للمسجد، ونافورة للوضوء.[39] وقد بنيت كل المدارس والمباني المكملة للأزهر، بمداخل وقاعات صلاة منفصلة.[40]
على الرغم من أن المسجد قد استعاد مكانته في القاهرة في عهد المماليك، إلا أن أعمال التصليح والعمل الإضافي، نفذت بأوامر من هم في مواقع أقل من السلطان، وقد تغير هذا في ظل حكم الظاهر برقوق، أول ملوك مماليك الشركس، الذي أولى استئناف الرعاية المباشرة خلال نهاية حكم المماليك. وأدخلت تحسينات وإضافات من قبل السلاطين قايتباي وقنصوه الغوري، كل واحد منهم أشرف على العديد من الإصلاحات وبناء المآذن.[41] وقد كانت ممارسة شائعة بين سلاطين المماليك لبناء المآذن، وينظر إليها على أنها رمز القوة والطريقة الأكثر فعالية في تدعيمه لمنظر مدينة القاهرة، وتمنى كل سلطان أن تكون له لمسة مرموقة في الأزهر.[41]
على الرغم من أن مسجد الأزهر كان جامعة رائدة في العالم الإسلامي واستعاد الرعاية الملكية السامية، إلا أنه لم يتفوق على المدارس الأخرى، كمكان مفضل للتعليم بين النخبة في القاهرة. واستمرت سمعة الأزهر بوصفه مكانا مستقل عن التعليم، في حين أن المدارس الدينية التي تم بناؤه خلال حكم صلاح الدين الأيوبي كانت مندمجة تماما في النظام التعليمي للدولة.[2] واستمر الأزهر في جذب الطلاب من مناطق أخرى في مصر والشرق الأوسط، وتجاوز بذلك أعداد الذين يحضرون المدارس الدينية الأخرى، [42] ونظمت الهيئة الطلابية للأزهر في الأروقة على طول الخطوط الوطنية، وجرت دراسة فروع القانون الإسلامي. ومتوسط الدرجة المطلوبة هو ست سنوات دراسة.[31]
في القرن الرابع عشر، حقق الأزهر مكانة بارزة باعتباره مركز لدراسات القانون واللاهوت واللغة العربية، وأصبح قبلة الأنظار للطلاب من جميع أنحاء العالم الإسلامي.[31] ومع ذلك، بلغ الثلث فقط من العلماء (علماء المسلمين) في مصر الذين قد حضروا للتدريس في الأزهر [42]. وفي تقارير محمد ابن إياس أن المدرسة الصالحية، كان ينظر إليها كقلعة للعلماء في نهاية عهد المماليك.[43]
في عصر الدولة العثمانية[عدل]
باب المزينين.
خلال بداية عهد الخلافة العثمانية في سنة 1517، وعلى الرغم من فوضى معركتهم للسيطرة على مدينة القاهرة، أظهر الأتراك إحتراماً كبيراً للمسجد وكُليته، على الرغم من توقف الرعاية الملكية المباشرة له، [31][42] وعلى سبيل المثال السلطان سليم الأول، أول حاكم عثماني لمصر، حضر الأزهر لصلاة الجمعة، خلال الأسبوع الأخير له في مصر، لكنه لم يتبرع بأي شيء لصيانة المسجد. وفي وقت لاحق حضر الأمراء العثمانيين بانتظام لصلاة الجمعة في الأزهر، ولكن نادرا ما يتم تقديم الدعم لصيانة المسجد، على الرغم من أنهم وفروا رواتب للطلاب والمعلمين، على نقيض عهد المماليك التي أُجريت فيه الكثير من التوسعات والإضافات.[42]
على الرغم من هزيمتهم على يد سليم الأول والعثمانيين في عام 1517، ظل للمماليك تأثير خاص في المجتمع المصري، ليصبحوا بايات ("مشايخ")، تحت السيطرة العثمانية، بدلا من أمراء على رأس إمبراطورية.[42] ويعتبر خاير بك أول حاكم لمصر في عهد سليم الأول بعد يونس باشا وهو أمير مملوكي انشق إلى العثمانيين خلال معركة مرج دابق، [44] وعلى الرغم من أن المماليك قاموا بثورات متعددة لإعادة السلطنة، بما في ذلك اثنان في عام 1523، [45] العثمانيين امتنعوا عن التدمير الكامل للمماليك على هيكل السلطة في مصر
وقد عانى المماليك من خسائر – اقتصادية وعسكرية على حد سواء – في أعقاب انتصار العثمانيين، وهذا ينعكس في عدم وجود المساعدات المالية المقدمة إلى الأزهر في أول مئة عام من الحكم العثماني. وفي القرن الثامن عشر، استطاع نخبة من المماليك باستعادة الكثير من نفوذهم، وقاموا على وجه التحديد في تقديم تجديدات عديدة في جميع أنحاء القاهرة والأزهر.[42]
وقد قام القازدوغلي بك المملوكي، بالعديد من الإضافات والتجديدات في وقت مبكر من القرن 18. وتحت إدارته، أضيف رواق للطلاب المكفوفين في سنة 1735. وقام أيضا بإعادة بناء أروقة تركية وسورية، وكلاهما قد بنيت في الأصل في عهد قايتباي.[46]
وتعتبر هذه بداية لأكبر مجموعة من التجديدات يمكن القيام بها، نظراً للتوسعات الكبيرة التي أجريت على يد عبد الرحمن كتخدا، وقد عين كتخدا (رئيسا للإنكشارية) في 1749، وشرع في عدة مشاريع في جميع أنحاء القاهرة والأزهر. وتحت إدارته، بنيت ثلاث بوابات جديدة: باب المزينين (بوابة الحلاقين)،[47] حتى اسمه لأنه سيتعين على الطلاب حلق رؤوسهم خارج البوابة، التي أصبحت في نهاية المطاف المدخل الرئيسي للمسجد؛ باب الصعايدة، [47] المسمى لشعب مصر العليا، وفي وقت لاحق، أنشئ باب الشربة (بوابة حساء)، من حساء الأرز وهو من الأغذية التي هي غالباً يتم تقديمها إلى الطلاب، [47] وأضيفت قاعة للصلاة في جنوب المكان الأصلية، وضوعفت أيضا حجم المساحة المتاحة للصلاة. وقام كتخدا أيضا بتجديد أو إعادة بناء العديد من الأروقة التي تحيط بالمسجد. ودفن ضريح كتخدا في الأزهر؛ في عام 1776، وأصبح كتخدا الشخص الأول (والأخير) الذي يدفن داخل المسجد منذ نفيسة البكرية، التي توفيت حوالي عام 1588.[48][49]
خلال الفترة العثمانية، استعاد الأزهر مركزه كمؤسسة يفضل التعلم بها في مصر، متجاوزة المدارس الدينية التي وضعها صلاح الدين الأيوبي، ووسع الأزهر بشكل كبير من طرف المماليك. وبنهاية القرن الثامن عشر، أصبح الأزهر مرتبطًا ارتباطًا وثيقا بعلماء مصر،[43]، وقد كان للعلماء القدرة على تأثير على الحكومة بصفة رسمية، مع عدة شيوخ عينوا للمجالس الاستشارية التي قدمت تقارير إلى باشا (أي حاكم فخري)، الذي بدوره عين لمدة سنة واحدة فقط، [50] هذه الفترة شهدت أيضا تم إدراج دورات تعليمية أكثر لتدرس في الأزهر، مع العلم والمنطق ضمت الفلسفة في المناهج الدراسية.[51] وخلال هذه الفترة، شهد الأزهر أول رئيس الجامعة ليس من مذهب المالكي وهو عبد الله الشبراوي، التابع للمذهب الشافعي،الذي قد تم تعيينه رئيسا للجامعة،[52] وقد انتظر اتباع مذهب المالكي منصب رئيس الجامعة حتى عام 1899 عندما تم تعيين سالم البشري لهذا المنصب.
كان الأزهر أيضا بمثابة نقطة محورية للاحتجاجات ضد الحكم العثماني لمصر، سواء من داخل العلماء ومن بين عامة الناس. وكانت هذه الاحتجاجات الطلابية التي عقدت في الأزهر شائعة بين عامة الناس، وقد أغلقت المحلات التجارية في محيط المسجد أحيانا تضامنا مع الطلاب، [53] كما كان أيضا العلماء في بعض الأحيان قادرين على تحدي الحكومة.
ما بين 1730–1731، قام آغاوات العثمانية بمضايقة السكان المقيمين بالقرب من الأزهر أثناء ملاحقة الهاربين الثلاثة. وأغلقت البوابات في الأزهر احتجاجا لذلك، وأمر الحاكم العثماني آغاوات الامتناع عن الذهاب قرب الأزهر، خوفاً من قيام انتفاضة كبرى، وقد حدث اضطراب آخر في عام 1791 تسبب فيه مضايقات الوالي قرب مسجد الإمام الحسين، ثم ذهب إلى الأزهر لتبرير موقفه. وقد أقيل الوالي بعد ذلك من منصبه.[54]
الحملة الفرنسية[عدل]
Crystal Clear app kdict.png مقالة مفصلة: الحملة الفرنسية على مصر
قام نابليون بغزو مصر في يوليو 1798، ليصل إلى الإسكندرية يوم 2 يوليو والانتقال إلى القاهرة يوم 22 يوليو،[55] وفي محاولة لاسترضاء السكان المصريين والإمبراطورية العثمانية، ألقى نابليون خطابا في الإسكندرية والذي أعلن فيه عن مدى احترامه للإسلام والسلطان:
« سوف يقال لشعب مصر انني جئت لتدمير دينكم: لا أعتقد ذلك! وإجابتي على هذا لقد جئت لاستعادة حقوقكم ومعاقبة المغتصبين، وللمماليك، أنا أحترم لله ورسوله والقرآن ... أليس نحن الذين كنا على مر القرون أصدقاء للسلطان؟ [56]»
في 25 تموز أنشأ نابليون ديوان يتكون من تسعة شيوخ الأزهر المكلفين بإدارة القاهرة، وهي أول هيئة رسمية من المصريين منذ بداية الحكم العثماني، [55][57] وهذه الممارسة لتشكيل مجالس وضعت بين أيدي علماء المدينة، وشكل أول مجلس في الإسكندرية، وشمل لاحقا جميع أنحاء مصر الخاضعة للإحتلال الفرنسي، [58] وقد سعى نابليون أيضا لفتوى من أئمة الأزهر، التي من شأنها تنص بجواز الولاء لنابليون بموجب الشريعة الإسلامية، لكن بدون جدوى.[56]
وباءت جهود نابليون للفوز على المصريين والعثمانيين بالفشل ؛ وقد أعلنت الإمبراطورية العثمانية الحرب في 9 سبتمبر 1798، وبدأت ثورة ضد القوات الفرنسية من الأزهر في 21 أكتوبر 1798، [59][60] وقام المصريون المسلحون بالحجارة والرماح فقط بأعمال بطولية ضد جيش نابليون الجرار، [61] وفي صباح اليوم التالي اجتمع الديوان مع نابليون في محاولة للتوصل إلى نهاية سلمية للأعمال العدائية، وقد غضب نابليون في البداية، لكنه وافق لمحاولة التوصل إلى حل سلمي، وطلب من شيوخ الديوان تنظيم محادثات مع الثوار، وقد اعتبر الثوار هذه الخطوة إشارة ضعف بين الفرنسيين، ورفضوها، [62] وعلى إثر هذا أمر نابليون بإطلاق النار على المدينة من قلعة القاهرة، وتهدف مباشرة إلى الأزهر. وخلال التمرد قتل إثنين إلى ثلاثمائة جندي فرنسي، مع إصابة 3،000 مصري، [63] وقتل ستة من علماء[؟] الأزهر بعد أن وضعت ملخص الأحكام ضدهم، [64] وقد ألقت القوات الفرنسية القبض على كل مصري شارك في المظاهرات ووضع في السجن، وإذا وجد عنده سلاح يقطع رأسه، [65] وقد دنست القوات الفرنسية المسجد عمدا، ومشوا فيه بأحذيتهم والبنادق المعروضة. وقامت القوات بربط خيولها في المحراب ونهب أرباع الطلاب والمكتبات، ورموا نسخًا من القرآن على الأرض. ثم حاول قادة الثورة للتفاوض على التسوية مع نابليون، ورُفِضَ طلبهم.[63]
وقد فقد نابليون احترام وإعجاب المصريين بعد قيام الثورة، بعد أن كان يحظى باحترام كبير في مصر، وقد حصل على نفسه لقب السلطان العظيم بين الناس في القاهرة، [66] وفي مارس 1800، أغتيل الجنرال الفرنسي جان بابتيست كليبر على يد سليمان الحلبي، وهو طالب في الأزهر. وبعد عملية الاغتيال، أمر نابليون بإغلاق المسجد، وظلت أبوابه مغلقة حتى وصول المساعدات العثمانية والبريطانية في أغسطس 1801، [57] وقد فقد المسجد الكثير من محتوياته بغزو نابليون.[57]
استفاد الأزهر كثيرا من ابتكار آلة الطباعة الحديثة، التي أضافت بدورها بُعْدًا آخر في مجال التعليم، وقد تحولت المناهج الدراسية من محاضرات عن طريق الفم وتحفيظ للدرس بالنص، على الرغم من أن المسجد قد اكتسب مطبعة خاصة به في عام 1930.[67]
عند انسحاب الفرنسيين، شجع محمد على باشا إنشاء التعليم العلماني[؟]، والتاريخ، والرياضيات، والعلوم الحديثة وقد اعتُمِد على المناهج الدراسية التي كانت تلقى قبل عام 1872، تحت إشراف جمال الدين الأفغاني، كما أضيفت الفلسفة الأوروبية لبرنامج الدراسة.[67]
محمد علي والاحتلال البريطاني[عدل]
بعد انسحاب الفرنسيين، قام الوالي محمد علي بتعيين نفسه خديويًّا (أميرًا) على مصر، وسعى لتوطيد سيطرته على مصر الحديثة التي أسسها، ولتحقيق هذه الغاية فقد اتخذ عددا من الخطوات للحد، والقضاء في نهاية المطاف على قدرة علماء الأزهر للتأثير على الحكومة. وفرض ضرائب على أراضي رزقة (وهي أراضٍ تابعة للمساجد) والمدارس الدينية، كما قام أيضا بأخذ جزء كبير من مداخيل الأزهر، [57] وفي يونيو 1809، أمر بمصادرة جميع أراضي رزقة وضمها إلى أملاك الدولة في خطوة أثارت غضبا واسعا بين العلماء، ونتيجة لذلك، قام عمر مكرم بثورة في يوليو 1809، وقد فشلت الثورة ونفي مكرم، حليف العلماء، إلى دمياط.[68]
سعى محمد علي أيضا إلى الحد من نفوذ شيوخ الأزهر بتوزيع المناصب داخل الحكومة لأولئك الذين تلقوا تعليمهم خارج الأزهر. وبعث الطلاب إلى فرنسا تحديدا، ليتكونوا تحت نظام تعليمي غربي، وقام بإنشاء نظام تعليمي يستند إلى هذا النموذج وموازيًا إليه، وهكذا تجاوز نظام الأزهر.[57]
واستهلت مشاريع الأشغال العامة الرئيسية تحت حكم إسماعيل باشا، حفيد محمد علي، بهدف تحويل مدينة القاهرة إلى الطراز الأوروبي، [69] هذه المشاريع في البداية كانت ممولة من مصنع القطن المزدهر، لكن في نهاية المطاف عصفت ديون ضخمة للبريطانيين بتلك المشاريع، وأصبحت تلك الديون ذريعة لبريطانيا باحتلال مصر عام 1882، بعد إجبار إسماعيل باشا على دفعها في عام 1879.[69][70]
كما شهد عهد إسماعيل باشا أيضا بعودة الرعاية الملكية السامية إلى الأزهر، واستعاد إسماعيل باب الصعايدة (بني لأول مرة في عهد كتخدا) والمدرسة الأقبغاوية، كما واصل توفيق باشا، ابن إسماعيل، الذي أصبح بدوره الخديوي عندما أطاح بوالده نتيجة للضغط البريطاني، استعادة المسجد، وقام توفيق بتجديد قاعة الصلاة التي أضيفت في عهد كتخدا، بمحاذاة الواجهة الجنوبية الشرقية من القاعة والشارع الذي يقع وراءها، وإعادة تشكيل عدة مناطق أخرى من المسجد. ونجح ابن توفيق، عباس الثاني خديوي مصر والسودان في عام 1892، بإعادة هيكلة الواجهة الرئيسية للمسجد وبنى الرواق الجديد واستمرت التجديدات التي كتبها جده إسماعيل. وتحت حكمه، استعيدت لجنة حفظ الآثار الفنية العربية (شكلت في البداية تحت الاحتلال الفرنسي)، وأيضا استعاد الصحن الفاطمي الأصلي، وكانت هذه التجديدات اللازمة على حد سواء بمساعد تحديث الأزهر وتنسيقه مع ما أصبح مدينة عالمية.[71]
كما استمرت مجموعة كبيرة من الإصلاحات التي بدأت في ظل حكم إسماعيل باشا في ظل الاحتلال البريطاني، [72] ومع قدوم شيخ الأزهر محمد المهدي العباسي، وضعت مجموعة من الإصلاحات تهدف إلى توفير هيكل للممارسات الوظيفية في الجامعة وكذلك لتوحيد امتحانات الطلاب في عام 1872، وقد بذل المزيد من الجهد لتحديث النظام التعليمي تحت إدارة حلمي خلال الاحتلال البريطاني، [73] وجُمِعَت مخطوطات المسجد في مكتبة مركزية، وحُسِّنَت أيضا المرافق الصحية للطلاب، ووضع نظام عادي من امتحانات. وفي عام 1885، وضعت كليات أخرى في مصر مباشرة تحت إدارة الجامع الأزهر.[72]
وخلال فترة سعد زغلول كوزير للتعليم، قبل ان ينتقل إلى قيادة الثورة المصرية عام 1919، بذلت جهود أخرى لتعديل السياسة التعليمية للأزهر، [73] وأيده التيار المحافظ في سياسته، في حين لقي سعد زغلول معارضة الأصولية الإسلامية في المسجد، خصوصا التي تبناها الإخوان المسلمون، والتي تأسست بدورها في عام 1928، [72] وقد جذبت المدرسة طلاب من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك طلاب من جنوب شرق آسيا وخاصة أندونيسيا، وتوفير موازنة لنفوذ الوهابيين في المملكة العربية السعودية.[74]
في عهد الملك فؤاد الأول، صدر قانونان من شأنهما تنظيم الهيكل التعليمي للأزهر. وأول هذه القوانين، في عام 1930، وينص على تقسيم المدرسة إلى ثلاثة أقسام: اللغة العربية، الشريعة، واللاهوت، وأن يقع كل قسم في مبنى خارج المسجد في جميع أنحاء القاهرة،[73] بالإضافة إلى ذلك، كانت الامتحانات الرسمية مطلوبة لكسب شهادة في واحد من هذه المجالات الثلاثة من الدراسة، [75] وبعد ست سنوات، صدر القانون الثاني الذي نقل المكتب الرئيسي للمدرسة لمبنى شيد حديثا موازيًا لشارع المسجد، وأضيفت هياكل إضافية في وقت لاحق لاستكمال إدارات المباني الثلاثة.[73]
كما بدأت الأفكار التي ينادي بها العديد من الإصلاحيين نفوذا في في وقت مبكر من القرن العشرين، مثل محمد عبده ومحمد الأحمدي الظواهري وغيرهم من المفكرين، تترسخ في الأزهر، وفي عام 1928، عين محمد مصطفى المراغي رئيسا لجامعة الأزهر وهو من أتباع محمد عبده. وقد عارضت الغالبية العظمى من العلماء تعيينه، [75][76] بدأت إدارة المراغي وخلفائه سلسلة من الإصلاحات والتحديثات التي طرأت على المسجد وجامعته، وتوسيع البرامج التعليمية خارج إطار الموضوعات التقليدية. وقد كره الملك فؤاد المراغي، وقام باستبداله بعد سنة واحدة من تعيينه وعين الظواهري مكانه، ولكن المراغي عاد إلى منصب رئيس الجامعة في عام 1935، وظل بمركزه حتى وفاته في عام 1945. وتحت قيادته، وُسِّعَت مناهج الأزهر لتشمل لغات غير العربية والعلوم الحديثة.[77] كما واصل الظواهري -الذي كان قد عارضه العلماء من في وقت مبكر من القرن العشرين-، الجهود المبذولة لتحديث وإصلاح الأزهر، بعدها بفترة أسند مركز رئيس الجامعة للمرة الثانية للمراغي، وهو أحد أتباع محمد عبده وتلامذته.[76]
الأزهر وثورة يوليو[عدل]
Crystal Clear app kdict.png مقالة مفصلة: ثورة 23 يوليو
في أعقاب الثورة المصرية عام 1952، التي قامت بها حركة الضباط الأحرار بقيادة محمد نجيب وجمال عبد الناصر، والتي أدت إلى سقوط النظام الملكي المصري، خلال هذه الفترة تمت مراحل فصل الجامعة عن المسجد.[67][78] وقد تم ضم الكثير من الممتلكات التي تحيط بالمسجد وهدمها لتوفير مساحة للحرم الحديث، وفي عام 1955، لم يعد المسجد بمثابة مدرسة، وتم إنشاء كليات رسمية للجامعة في عام 1961،[73][78] وفي عام 1961 صدر قانون ينص على فصل الأدوار المزدوجة للمؤسسة التعليمية والمؤسسة الدينية التي لقيت آذانا صاغية في جميع أنحاء العالم الإسلامي، [79] القانون أيضا ينص على إنشاء إدارات علمانية[؟] داخل الأزهر، مثل كليات الطب والهندسة، والاقتصاد، وتعزيز الجهود في التحديث للمرة الأولى بعد الاحتلال الفرنسي،[80][81] وقد أدت إصلاحات المناهج إلى نمو هائل في عدد الطلاب المصريين الذين حضروا إلى المدارس، وعلى وجه الخصوص الشباب الذين يحضرون المدارس الإبتدائية والمدارس الثانوية داخل منظومة الأزهر، وبحسب إحصائيات عدد الطلبة الذين حضروا إلى مدارس الأزهر الابتدائية والمدارس الثانوية ارتفع من أقل 90,000 طالب في عام 1970 إلى 300,000 طالب في وقت مبكر في الثمانينات، ثم إلى ما يقرب من مليون طالب في أوائل التسعينات، ويتجاوز 1.3 مليون طالب في عام 2001.[82][83]
جمال عبد الناصر.
وقد واصل جمال عبد الناصر خلال فترة توليه منصب رئيس الوزراء، والرئيس في وقت لاحق، جهوده المبذولة للحد من سلطة علماء الأزهر وإلى استخدام نفوذهم لمصلحته، [84] وفي عام 1952، أُمِّمَت الأوقاف ووضعت تحت سلطة وزارة الأوقاف التي أنشئت حديثا،[85] مما قطع من قدرة المسجد للسيطرة على الشؤون المالية، [86][87] وألغى المحاكم الشرعية، ودمج المحاكم الدينية مع النظام القضائي للدولة في عام 1955، مما يحد بشدة من استقلال العلماء،[85][87] وفي عام 1961 صدر قانون الإصلاح، الذي ينص ببطلان قانون أصدر في وقت سابق من عام 1936 الذي يضمن استقلال الأزهر، وأصبح لرئيس مصر سلطة تعيين شيخ الأزهر، وهو موقف أنشئ لأول مرة أثناء الحكم العثماني.[88][89][90]
وواصل الأزهر، الذي ظل رمزاً للطابع الإسلامي للأمة والدولة، التأثير على السكان بينما لم يصبح قادرا على فرض إرادته على الدولة. وتعرض الأزهر بشكل متزايد إلى بيروقراطية الدولة بعد الثورة وتوقف استقلال منهجه ووظيفته كمسجد،[91] كذلك أضعفت سلطة العلماء بإنشاء الوكالات الحكومية المسؤولة عن تقديم تفسيرات للقوانين الدينية،[92] في حين أن هذه الإصلاحات قُلِّصَت جذريا باستقلال سلطة العلماء، كما كان لها تأثير بإعادة ترسيخ نفوذهم بإدماجهم في جهاز الدولة،[93] كما ينص قانون إصلاح العلماء لعام 1961، بتخصيص موارد الدولة لهم، مع أن خزينة المال كانت خارج سيطرة الأزهر،[94] في حين سعى جمال عبد الناصر إلى إخضاع العلماء تحت الدولة، لم يسمح بالمزيد من الاقتراحات المتطرفة للحد من نفوذ الأزهر. مثل اقتراح طه حسين في عام 1955. حيث سعى حسين إلى تفكيك نظام الأزهر للتعليم الابتدائي والثانوي وتحويل الجامعة إلى كلية اللاهوت التي ستدرج ضمن النظام التعليمي الحديث، والعلماني، وقد عارضه العلماء على هذه الخطة، على الرغم من أن خيار عبد الناصر للحفاظ على مركز الأزهر يرجع إلى اعتبارات سياسية شخصية، مثل استخدام الأزهر بمنح الشرعية للنظام، من شأنه أن يؤدي إلى معارضة العلماء.[95]