تدوين تاريخ العائلات الدرزيَّة ...
وعلاقته بالمِحَّن التي واجهت هذه المجموعة الدينية.
- النطاق الجغرافي لهذه الْمُدوّنة ...
بلاد الشام، اي سوريا، لبنان، فلسطين والأردن.
- النطاق الزمني لهذه الْمُدوّنة ...
منذ ولاية الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله، اي منذ حوالي الف عام، وبالتالي لا تطال هذه الْمُدوّنة الهجرات المتتالية الى بلاد الشام، من قبل القبائل العربية، بعد إنفجار سد مآرب العظيم قبل الاسلام، وفي عصور الخلافة الاسلامية.
- المُقَدِّمة ...
يستغرب كل باحث في تاريخ العائلات الدرزيَّة، عدم توَّفر مراجع، او كُتُّب يستند اليها ليستكشِّف، او يستشِّف تاريخ هذه العائلات، من أين أَتَّت، او قدِمَّت حتى إستوطنَّت بلاد الشام، بعد غياب الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله، وبدء سنوات المِحَّن التي تعرض لها أتباعه في مصر ...
وقد إعتبر المؤرخون ان عائلات طائفة الموحدُّون الدروز، إِمَّا هي عائلات إقطاعية، او هي ( عاميَّة ) وإن كنت لا أستسيغ كلمة عاميَّة.
كذلك أبدى المؤرخون الغربيون إستغرابهم، ودهشتهم للإفتراءات التي طالت تاريخ الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله، بحيث كانت معظم، لا بل كل المراجع العربية، كاذبة وكذوبَّة، الى أن بدأت تظهر في دول شمال افريقيا العربية، وخاصة مصر تصويبات، وتصحيحات جريئة لتاريخ الحاكم بأمر الله النقِّي، الصافي، والشريف بحيث يمكن لكل باحِّث عن الحقيقة أن يجد الْمُدوّنات ذات المراجع الموثقَّة، عن الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله على صفحات غوغل العالمية ...
هذا لا يعني أنه لا توجد في المكتبات العامة، الكُتُّب عن الدروز ..
هناك كَّم هائِل وصفحات مليئة مُعظمها، يُقارب، ولا يَقْرُبُ .. او يُمالئ، ولا ينطق بالحقيقة، او يخاف ولا يتجرأ، وكأن التقيَّة في المعتقَّد، باتَّت طقسا ً وطريقة، ومنهجا ً حتى في التأليف، والتدوين ...
وعلى سابق عهدي ...
إن أردت ان أكتب عن الموحدُّون الدروز، آليت على نفسي أن لا أتطرَّق للعقيدة، لعدة أسباب أهمها أني لست رجل دين، وإن كنت أدرى من بعضهم، بِشعاب مَكَّة، وأجوب في رحاب دار الحكمة بالقاهرة، دون اي إرشاد لأصل الى ينابيع المعرفة، والعقل ...
بالاضافة الى أني ما زلت أعتقد ان الكتابة في موضوع الْمُعتقد، يجب ان يكون من قبل لجنة مُعترف بها من الأطراف المعنيَّة ...
- فيما يتعلق بتدوين تاريخ العائلات الدرزيَّة ...
فإني أجزم بانه لا توجد لأي عائلة درزية ( عاميَّة ) أي تاريخ مكتوب، او مُدوَّن، خِلاف العائلات الدرزيَّة الإقطاعية التي كان الشيخ او الامير، يُملي على كتبتِّه ما يشاء، او يرغب من أحداث، وبطولات ومشاهد، تُفرح الشيخ او الامير والحاشية ...
وهذا يعني ان تاريخ العائلات الدرزيَّة الإقطاعية، وإن كان مكتوبا ً، فانه يقبل الأخذ والرَّد، وبالتالي لا يمكن القبول به على عواهنه ...
لنعطي مثلا ً :
عائلة علم الدين عائلة درزيَّة إقطاعية، من المفترض ان لها تاريخ مدوَّن أسوة بغيرها من العائلات الإقطاعية، ولكن بعد البحث والتدقيق تبيَّن انه يوجد خلاف في تحديد أصول، ونسب هذه العائلة ...
في كتاب ( اخبار الأعيان في جبل لبنان )
إعتبر مؤلف هذا الكتاب ألقيِّم ( الشدياق ) ان عائلة علم الدين هي من ألاسر التنوخيَّة، وتعود الى الامير علم الدين سليمان بن غلاب الرمطوني ...
اما في كتاب :
The secret of the house of Ma'n
للدكتور كمال الصليبي، فانه إعتبر ان نسب عائلة علم الدين، يعود الى الامير علم الدين سليمان بن معن الذي كان أميرا على منطقة الشوف ايام الامبراطورية العثمانية ...
يتضِّح من أعلاه ان المؤرخين إختلفوا في تحديد نسب هذه العائلة، والفرق واضح ما بين أسرة تنوخ، وأسرة معن ...
اما في المجلد التاريخي الغني، والموثوق للأمير حيدر احمد الشهابي ( نزهة الزمان في تاريخ جبل لبنان ) فانه لم يأتِ على تحديد اصل ونسب عائلة علم الدين، ولكنه توسع في ذكرهم في ولاية الامير حيدر الشهابي في سنة ١٧٠٨ م وما يليها إذ حدًد هويتهم السياسية في انهم من الأمراء اليمنية، الذين كانوا في الغرب ...
وأخلص الى القول ...
انه في مادة التاريخ الصحيح لا يمكننا القبول بهذه النتيجة، لتحديد أصل هذه العائلة، او غيرها لانه كما سبق وذكرت، وأُزيد تأكيدا ً حتى في تاريخ العائلات الدرزيَّة الإقطاعيَّة، لا يمكن الوثوق في تاريخ بعضها ...
- الأسباب التي أدَّت الى عدم تدوين تاريخ العائلات الدرزيَّة عموما ً وبالأخص ( العاميَّة ).
كما أسلفت القول، إن عدم التدوين هو أمر مُستغرب، والأشَّد غرابة ان هؤلاء الناس الذين أتكلم عنهم، إعتمدوا العقل في مسلكهم، والأدب في معاملاتهم الحياتية، لم يكن فيهم جماعة من الكتبَّة او المفكرِّين او الشعراء، أخذوا القلم وسيلة، او اللسان شعرا ً او زجلا ً، يُحاكي تاريخهم، وعذاباتهم، وأخبارهم ...
الجواب ...
نعم كان منهم الأدباء، والفقهاء، والشعراء، والمثقفين، ولكن بعد الاطلاع على الرسائل، في الكُتُّب الدِّينِيَّة لطائفة الموحدِّين الدروز نَجِد بعض الإحداثيات في المسير، والمسار لبعض القبائل او العائلات في مصر او شمال افريقيا، حتى يرحلوا الى بلاد الشام، او في أمصار لبنان، او حوله حيث السُكنى والإقامة فيها من الأمن والامان، والاخوان الذين يحفظون سريَّة معتقدِّهم، وحياتهم الشخصية ...
كانت الأوامر، والتعليمات تُعطى خطيا ً وسرا ً للذهاب الى تلك المنطقة الآمنة على سلامة أفرادهم، وعيالهم، وممتلكاتهم ومعتقدهِّم ...
كان الخوف من الملاحقات من السلطات العدائية، ضاغطا ً حتى لا يعرفوا أماكن تواجدهم، وقد إستمّر هذا الخوف لأجيال وفترات لاحقة من القرون القريبة الماضية كما سيظهر في سياق هذه الْمُدوّنة ...
من المتعارف به، والمؤكَّد ان الموحدُّون الدروز تعرضوا الى موجات وفترات من المِحَّن بقيَّت سنوات من الزمن، بعد إختفاء الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله ...
- زمن المحنَّة الاول، بعد الحاكم بأمر الله ...
كان الخليفة الفاطمي الظاهر، الذي إستلم بعد الحاكم بأمر الله، من أشّد أعداء الموحدِّين الدروز، بالرغم من أنه قد تعهد كاذبا ً للحاكم بأمر الله بعدم التعرُّض لأتباعِه ...
وكالعادة، التي ما زال يتبعها فقهاء الدين الاسلامي بإصدار الفتاوى، لتبرير أفعالهم، كالاعتماد على الدين كخشبة خلاص لمآربهم، وإفتراءاتهم، أوجدوا للخليفة فتوى، للفتك بأتباع الحاكم بأمر الله ...
في هذه المِحنة الاولى، تم َّ هدر دماء أتباع الحاكم بأمر الله، من انطاكيا شمالا ً، إلى الإسكندرية جنوبا ً، الامر الذي جعل بهاء الدين يقوم بحجب الدعوة أكثر أيام المِحنَّة ...
أهم محنتان تعرض لهم الموحدُّون الدروز في هذه الفترة هما :
- محنة حلب.
- ومحنة إنطاكية.
حيث قُتِل الألوف منهم بعد العذاب والتنكيل، فكان رجال الخليفة الفاطمي الظاهر يذبحون الموحدُّون الدروز ويرفعوا رؤوسهم على الرماح، أو يحرقونهم في النار، أو يعملوا فيهم السيف، ويبقرون البطون ويقطعون القلوب والأكباد. وكانوا يصلبون الرجال على الصلبان، ويسلبونهم أموالهم، ويسبون النساء والأولاد، ويذبحون الأطفال الرضَّع في أحضان أُمهاتهم.
- دامت المحنة سبع سنوات قاسية كانت بمثابة إمتحان للموحِّدون الدروز ...
وقد عادت المِحنَّة مُجدّدا ً سنة 1035 م (426 هجري) أذ قام الخليفة الظاهر، بالفتك بالموحدِّين الدروز، وذلك للقضاء على نشاطهم في بث التوحيد ...
في سنة 1036م. (427 هجري) مات الخليفة الظاهر وتُسلَّم الخلافة أبنه المستنصر بالله ...
سأكتفي بهذا القدّر من هذه الأفعال، التي صبغت جبين الخلافة الفاطمية بالذِّل، والظلم، والخنوع بعد ان كان مرفوعا ً في كُتُّب التاريخ في عهد الحاكم بأمر الله الذي تميَّز بحرية الْمُعتقد، والدين ...
وبالرغم من ذلك، أثبت التاريخ أن الخليفة الظاهر لم يستطع القضاء على الموحدِّين الدروز، كذلك لم يأت ِ بعد ذلك خليفة فاطمي آخر يجد في نفسه الجرأة، ليدعم الموحدُّون الدروز ويساعدهم على نشر مذهبهم، بل كل ما استطاع أن يفعله الخلفاء في هذا الموضوع هو، بقاء الوضع كما كان عليه، وملاحقة هنا او هناك ضد الموحدُّون الدروز، لكي يأخذوا رضى إستبلشمانت الفقه الاسلامي السني المتطرِّف ...
في هذا الجو من العذاب، والالم، والملاحقات، إضطرت العائلات المهاجرة والهاربين من الظلم، الى المكوث والإقامة في قمم الجبال العالية، حاملين ما إستطاعوا حمله من مأكل، ومشرب وقد طُلب اليهم أن لا يجهروا بعقيدتهم، او تدوين تاريخ مقدمهم، ومن اي جهة أتوّا وبالتالي لم يقيموا لهم مؤسسات دينية، ترعى شؤونهم المذهبية، كل ذلك حتى عشرات لا بل مئات السنين، من التقيَّة، والكتمان وعدم البوح او كتابة اي تدوين لأصلهم وفصلهم ...
إلى أن قامت في لبنان الإمارة التنوخية الدرزيَّة، واستطاعت أن تقيم كيان للموحدِّين الدروز، الذين أخذوا يظهرون علنا ً أمام البيئة حولهم ...
وقد بدأت تشرق شمس الدروز، في بلاد الشام وإنتعش الامل في العيش الكريم دون الملاحقات الظالمة، والحاقدة وزاد نفوذ الدروز فيما بعد بظهور الإمارة المعنية، وخاصة في عهد الأمير فخر الدين المعني الثاني (1575-1635) الذي إتفق جميع المؤرخين أنه أهم شخصية درزيَّة بعد ظهور الدعوة ...
واخيرا ...
لا بد من ذِكْر الإمارة اللمعية الدرزيَّة التي حكمَّت جبل لبنان حتى القرن التاسع عشر ... وأخذت من قريتي، صليما مسقط رأس أبي، عاصمة لهذه الإمارة اللمعيَّة، اللامعة في جبين تاريخ لبنان ...
وقد أثبت التاريخ ان هذه الإمارات الدرزيَّة التي حكمَّت أبقَّت على تاريخ الموحدُّون الدروز العربي، على مر ِّ الأجيال السابقة، والحالية، والقادمة ...
ولا يستغربن أحدا ً ان عائلة آلِ المصري، المقيمة سابقا ً وحاليا ً في صليما، بسبب وضعها الجغرافي، والامني والمعيشي إستقبلت أعدادا ً هائلة من العائلات الدرزيَّة الْمُهجرَّة، والمهاجرة في القرون الماضية، بحيث أصبحت من أكبر العائلات الدرزيَّة عددا ً، وسيظهر ذلك قريبا ً ضمن كتاب يُعَّد حاليا ً ليُنشر قريبا ً فيه أسماء تلك العائلات الوافدة، والتي إنخرطت، وإنصهرَّت تحت إسم العائلة الْمُضيفة ...
فيصل المصري
أُورلاندو / فلوريدا
٢٧ ايلول ٢٠١٧
وعلاقته بالمِحَّن التي واجهت هذه المجموعة الدينية.
- النطاق الجغرافي لهذه الْمُدوّنة ...
بلاد الشام، اي سوريا، لبنان، فلسطين والأردن.
- النطاق الزمني لهذه الْمُدوّنة ...
منذ ولاية الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله، اي منذ حوالي الف عام، وبالتالي لا تطال هذه الْمُدوّنة الهجرات المتتالية الى بلاد الشام، من قبل القبائل العربية، بعد إنفجار سد مآرب العظيم قبل الاسلام، وفي عصور الخلافة الاسلامية.
- المُقَدِّمة ...
يستغرب كل باحث في تاريخ العائلات الدرزيَّة، عدم توَّفر مراجع، او كُتُّب يستند اليها ليستكشِّف، او يستشِّف تاريخ هذه العائلات، من أين أَتَّت، او قدِمَّت حتى إستوطنَّت بلاد الشام، بعد غياب الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله، وبدء سنوات المِحَّن التي تعرض لها أتباعه في مصر ...
وقد إعتبر المؤرخون ان عائلات طائفة الموحدُّون الدروز، إِمَّا هي عائلات إقطاعية، او هي ( عاميَّة ) وإن كنت لا أستسيغ كلمة عاميَّة.
كذلك أبدى المؤرخون الغربيون إستغرابهم، ودهشتهم للإفتراءات التي طالت تاريخ الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله، بحيث كانت معظم، لا بل كل المراجع العربية، كاذبة وكذوبَّة، الى أن بدأت تظهر في دول شمال افريقيا العربية، وخاصة مصر تصويبات، وتصحيحات جريئة لتاريخ الحاكم بأمر الله النقِّي، الصافي، والشريف بحيث يمكن لكل باحِّث عن الحقيقة أن يجد الْمُدوّنات ذات المراجع الموثقَّة، عن الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله على صفحات غوغل العالمية ...
هذا لا يعني أنه لا توجد في المكتبات العامة، الكُتُّب عن الدروز ..
هناك كَّم هائِل وصفحات مليئة مُعظمها، يُقارب، ولا يَقْرُبُ .. او يُمالئ، ولا ينطق بالحقيقة، او يخاف ولا يتجرأ، وكأن التقيَّة في المعتقَّد، باتَّت طقسا ً وطريقة، ومنهجا ً حتى في التأليف، والتدوين ...
وعلى سابق عهدي ...
إن أردت ان أكتب عن الموحدُّون الدروز، آليت على نفسي أن لا أتطرَّق للعقيدة، لعدة أسباب أهمها أني لست رجل دين، وإن كنت أدرى من بعضهم، بِشعاب مَكَّة، وأجوب في رحاب دار الحكمة بالقاهرة، دون اي إرشاد لأصل الى ينابيع المعرفة، والعقل ...
بالاضافة الى أني ما زلت أعتقد ان الكتابة في موضوع الْمُعتقد، يجب ان يكون من قبل لجنة مُعترف بها من الأطراف المعنيَّة ...
- فيما يتعلق بتدوين تاريخ العائلات الدرزيَّة ...
فإني أجزم بانه لا توجد لأي عائلة درزية ( عاميَّة ) أي تاريخ مكتوب، او مُدوَّن، خِلاف العائلات الدرزيَّة الإقطاعية التي كان الشيخ او الامير، يُملي على كتبتِّه ما يشاء، او يرغب من أحداث، وبطولات ومشاهد، تُفرح الشيخ او الامير والحاشية ...
وهذا يعني ان تاريخ العائلات الدرزيَّة الإقطاعية، وإن كان مكتوبا ً، فانه يقبل الأخذ والرَّد، وبالتالي لا يمكن القبول به على عواهنه ...
لنعطي مثلا ً :
عائلة علم الدين عائلة درزيَّة إقطاعية، من المفترض ان لها تاريخ مدوَّن أسوة بغيرها من العائلات الإقطاعية، ولكن بعد البحث والتدقيق تبيَّن انه يوجد خلاف في تحديد أصول، ونسب هذه العائلة ...
في كتاب ( اخبار الأعيان في جبل لبنان )
إعتبر مؤلف هذا الكتاب ألقيِّم ( الشدياق ) ان عائلة علم الدين هي من ألاسر التنوخيَّة، وتعود الى الامير علم الدين سليمان بن غلاب الرمطوني ...
اما في كتاب :
The secret of the house of Ma'n
للدكتور كمال الصليبي، فانه إعتبر ان نسب عائلة علم الدين، يعود الى الامير علم الدين سليمان بن معن الذي كان أميرا على منطقة الشوف ايام الامبراطورية العثمانية ...
يتضِّح من أعلاه ان المؤرخين إختلفوا في تحديد نسب هذه العائلة، والفرق واضح ما بين أسرة تنوخ، وأسرة معن ...
اما في المجلد التاريخي الغني، والموثوق للأمير حيدر احمد الشهابي ( نزهة الزمان في تاريخ جبل لبنان ) فانه لم يأتِ على تحديد اصل ونسب عائلة علم الدين، ولكنه توسع في ذكرهم في ولاية الامير حيدر الشهابي في سنة ١٧٠٨ م وما يليها إذ حدًد هويتهم السياسية في انهم من الأمراء اليمنية، الذين كانوا في الغرب ...
وأخلص الى القول ...
انه في مادة التاريخ الصحيح لا يمكننا القبول بهذه النتيجة، لتحديد أصل هذه العائلة، او غيرها لانه كما سبق وذكرت، وأُزيد تأكيدا ً حتى في تاريخ العائلات الدرزيَّة الإقطاعيَّة، لا يمكن الوثوق في تاريخ بعضها ...
- الأسباب التي أدَّت الى عدم تدوين تاريخ العائلات الدرزيَّة عموما ً وبالأخص ( العاميَّة ).
كما أسلفت القول، إن عدم التدوين هو أمر مُستغرب، والأشَّد غرابة ان هؤلاء الناس الذين أتكلم عنهم، إعتمدوا العقل في مسلكهم، والأدب في معاملاتهم الحياتية، لم يكن فيهم جماعة من الكتبَّة او المفكرِّين او الشعراء، أخذوا القلم وسيلة، او اللسان شعرا ً او زجلا ً، يُحاكي تاريخهم، وعذاباتهم، وأخبارهم ...
الجواب ...
نعم كان منهم الأدباء، والفقهاء، والشعراء، والمثقفين، ولكن بعد الاطلاع على الرسائل، في الكُتُّب الدِّينِيَّة لطائفة الموحدِّين الدروز نَجِد بعض الإحداثيات في المسير، والمسار لبعض القبائل او العائلات في مصر او شمال افريقيا، حتى يرحلوا الى بلاد الشام، او في أمصار لبنان، او حوله حيث السُكنى والإقامة فيها من الأمن والامان، والاخوان الذين يحفظون سريَّة معتقدِّهم، وحياتهم الشخصية ...
كانت الأوامر، والتعليمات تُعطى خطيا ً وسرا ً للذهاب الى تلك المنطقة الآمنة على سلامة أفرادهم، وعيالهم، وممتلكاتهم ومعتقدهِّم ...
كان الخوف من الملاحقات من السلطات العدائية، ضاغطا ً حتى لا يعرفوا أماكن تواجدهم، وقد إستمّر هذا الخوف لأجيال وفترات لاحقة من القرون القريبة الماضية كما سيظهر في سياق هذه الْمُدوّنة ...
من المتعارف به، والمؤكَّد ان الموحدُّون الدروز تعرضوا الى موجات وفترات من المِحَّن بقيَّت سنوات من الزمن، بعد إختفاء الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله ...
- زمن المحنَّة الاول، بعد الحاكم بأمر الله ...
كان الخليفة الفاطمي الظاهر، الذي إستلم بعد الحاكم بأمر الله، من أشّد أعداء الموحدِّين الدروز، بالرغم من أنه قد تعهد كاذبا ً للحاكم بأمر الله بعدم التعرُّض لأتباعِه ...
وكالعادة، التي ما زال يتبعها فقهاء الدين الاسلامي بإصدار الفتاوى، لتبرير أفعالهم، كالاعتماد على الدين كخشبة خلاص لمآربهم، وإفتراءاتهم، أوجدوا للخليفة فتوى، للفتك بأتباع الحاكم بأمر الله ...
في هذه المِحنة الاولى، تم َّ هدر دماء أتباع الحاكم بأمر الله، من انطاكيا شمالا ً، إلى الإسكندرية جنوبا ً، الامر الذي جعل بهاء الدين يقوم بحجب الدعوة أكثر أيام المِحنَّة ...
أهم محنتان تعرض لهم الموحدُّون الدروز في هذه الفترة هما :
- محنة حلب.
- ومحنة إنطاكية.
حيث قُتِل الألوف منهم بعد العذاب والتنكيل، فكان رجال الخليفة الفاطمي الظاهر يذبحون الموحدُّون الدروز ويرفعوا رؤوسهم على الرماح، أو يحرقونهم في النار، أو يعملوا فيهم السيف، ويبقرون البطون ويقطعون القلوب والأكباد. وكانوا يصلبون الرجال على الصلبان، ويسلبونهم أموالهم، ويسبون النساء والأولاد، ويذبحون الأطفال الرضَّع في أحضان أُمهاتهم.
- دامت المحنة سبع سنوات قاسية كانت بمثابة إمتحان للموحِّدون الدروز ...
وقد عادت المِحنَّة مُجدّدا ً سنة 1035 م (426 هجري) أذ قام الخليفة الظاهر، بالفتك بالموحدِّين الدروز، وذلك للقضاء على نشاطهم في بث التوحيد ...
في سنة 1036م. (427 هجري) مات الخليفة الظاهر وتُسلَّم الخلافة أبنه المستنصر بالله ...
سأكتفي بهذا القدّر من هذه الأفعال، التي صبغت جبين الخلافة الفاطمية بالذِّل، والظلم، والخنوع بعد ان كان مرفوعا ً في كُتُّب التاريخ في عهد الحاكم بأمر الله الذي تميَّز بحرية الْمُعتقد، والدين ...
وبالرغم من ذلك، أثبت التاريخ أن الخليفة الظاهر لم يستطع القضاء على الموحدِّين الدروز، كذلك لم يأت ِ بعد ذلك خليفة فاطمي آخر يجد في نفسه الجرأة، ليدعم الموحدُّون الدروز ويساعدهم على نشر مذهبهم، بل كل ما استطاع أن يفعله الخلفاء في هذا الموضوع هو، بقاء الوضع كما كان عليه، وملاحقة هنا او هناك ضد الموحدُّون الدروز، لكي يأخذوا رضى إستبلشمانت الفقه الاسلامي السني المتطرِّف ...
في هذا الجو من العذاب، والالم، والملاحقات، إضطرت العائلات المهاجرة والهاربين من الظلم، الى المكوث والإقامة في قمم الجبال العالية، حاملين ما إستطاعوا حمله من مأكل، ومشرب وقد طُلب اليهم أن لا يجهروا بعقيدتهم، او تدوين تاريخ مقدمهم، ومن اي جهة أتوّا وبالتالي لم يقيموا لهم مؤسسات دينية، ترعى شؤونهم المذهبية، كل ذلك حتى عشرات لا بل مئات السنين، من التقيَّة، والكتمان وعدم البوح او كتابة اي تدوين لأصلهم وفصلهم ...
إلى أن قامت في لبنان الإمارة التنوخية الدرزيَّة، واستطاعت أن تقيم كيان للموحدِّين الدروز، الذين أخذوا يظهرون علنا ً أمام البيئة حولهم ...
وقد بدأت تشرق شمس الدروز، في بلاد الشام وإنتعش الامل في العيش الكريم دون الملاحقات الظالمة، والحاقدة وزاد نفوذ الدروز فيما بعد بظهور الإمارة المعنية، وخاصة في عهد الأمير فخر الدين المعني الثاني (1575-1635) الذي إتفق جميع المؤرخين أنه أهم شخصية درزيَّة بعد ظهور الدعوة ...
واخيرا ...
لا بد من ذِكْر الإمارة اللمعية الدرزيَّة التي حكمَّت جبل لبنان حتى القرن التاسع عشر ... وأخذت من قريتي، صليما مسقط رأس أبي، عاصمة لهذه الإمارة اللمعيَّة، اللامعة في جبين تاريخ لبنان ...
وقد أثبت التاريخ ان هذه الإمارات الدرزيَّة التي حكمَّت أبقَّت على تاريخ الموحدُّون الدروز العربي، على مر ِّ الأجيال السابقة، والحالية، والقادمة ...
ولا يستغربن أحدا ً ان عائلة آلِ المصري، المقيمة سابقا ً وحاليا ً في صليما، بسبب وضعها الجغرافي، والامني والمعيشي إستقبلت أعدادا ً هائلة من العائلات الدرزيَّة الْمُهجرَّة، والمهاجرة في القرون الماضية، بحيث أصبحت من أكبر العائلات الدرزيَّة عددا ً، وسيظهر ذلك قريبا ً ضمن كتاب يُعَّد حاليا ً ليُنشر قريبا ً فيه أسماء تلك العائلات الوافدة، والتي إنخرطت، وإنصهرَّت تحت إسم العائلة الْمُضيفة ...
فيصل المصري
أُورلاندو / فلوريدا
٢٧ ايلول ٢٠١٧