بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
أيها الأخوة الكرام:
ماذا تُعلمنا قصة أصحاب الكهف؟ كانوا في القصور, وما أدراك ما القصور؟ كل ما لذ وطاب, وكل طعام نفيس, وكل سرير رائع, وكل منظر خلاب, لكن مع المعصية والشرك:
﴿فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ﴾
[سورة الكهف الآية:16]
كهف, انتقِل من قصر إلى كهف, نظارة في جبل, يعني من أعلى درجة إلى أدنى درجة, من أجمل مكان إلى أوحش مكان, لكن مع الكهف رحمة الله, وهذا كلام دقيق, دعك من زينة الحياة الدنيا, آو إلى بيتك, الآن كهفنا بيتنا, آو إلى مسجدك, مع رحمة الله أنت أسعد إنسان, وعش مع الناس, وقلب بين مئتي محطة فضائية, مئتي ديجتال, فأنت في حجاب من الله, لو أنك أطلقت بصرك فيما لا يحل لك, لو أنك ملأت عينيك مما لا يحل لك, وأنت مع العالم كله, وأنت مع القارات الخمس, وأنت مع كل شيء, لكن هذه المخالفة حجبتك عن الله, فأنت أشقى الناس.
نحن الآن بحاجة إلى كهف أيها الأخوة, كهف, أن تبتعد عن المعصية فقط, لا أقول لك عن شيء مباح, حاشا لله, إن ابتعدت عن معصية تحجبك عن الله, وآويت إلى مكان ليس فيه معصية, فيه قرب من الله, فأنت أسعد الناس:
﴿إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آَتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً﴾
[سورة الكهف الآية:10]
هذه الرحمة لا تُرى بالعين, لكن آثارها مدهشة, إذا ألقى الله في قلبك السكينة تسعد بها, ولو فقدت كل شيء, وإذا حُجبت عنك السكينة شقيت بالحجاب, ولو ملكت كل شيء, قضية واضحة, أن تكون في مكان لا يُعصى الله فيه, تُقبل على الله, أو أن تكون في مكان محاط بالمعاصي من كل جهات, فأنت في حجاب عن الله, فهؤلاء الفتية كانوا في القصور, وكانوا في نعيم مدهش, وكانوا في رخاء, وفي طعام, وفي شراب, لكنهم رأوا الشرك والمعصية, فنفروا من نعيم الدنيا, وآووا إلى رحمة الله:
﴿وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾
[سورة الزخرف الآية: 32]
وأنت, أنا لا أقول لك أبداً: اعمل تجربة, الله لا يجرب, لكن حاول أن تكون منضبطاً إلى أقصى الحدود, لكثرة معينة, وانظر بماذا تشعر؟ صف الأحوال التي تعيشك, والقربات التي تسعد بها, والإقبال الذي تحظى به, وازن بين هذه الحال, وبين حال إنسان غارق في الملذات.
صدق أيها الأخ الكريم, كما قال إبراهيم بن الأدهم:
((لو يعلم الملوك ما نحن عليه, لقاتلونا عليها بالسيوف, (لو يعلم الملوك))
. إذا أهَّلت قلبك, أهلت قلبك ليكون مهبط تجليات الله عز وجل, بطاعتك له, يعني مستحيل وألف ألف مستحيل أن تتحرك إلى الله خطوة, ثم لا تجد أن الله يقربك, ويغمرك بعطائه, ويسعدك بالقرب منه.
فأنا أرى: أن كل مؤمن في هذا الزمان بالذات, أينما تحركت ترى المعصية, إن مشيت في الطريق, سترى نساء كاسيات, عاريات, مائلات, مميلات, إن أمسكت مجلة ترى ما لا يرضي الله, إن طالعت صحيفة, إن شاهدت شاشة, كيفما تحركت تجد طرحاً غير إسلامي, صوراً لا ترضي الله, فإذا آويت إلى كهف الله, إلى كهف ما, الآن بيتك, لا يوجد في الجبل مغارات الآن, في طرقات, وفي أغان, وفي .......:
﴿فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقاً﴾
[سورة الكهف الآية:16]
فإذا الواحد يعني اعتكف في المسجد, جلس, قرأ قرآن, طالع كتب العلم, قرأ الحديث الشريف, ذهب إلى بيته, وصلى قيام الليل, صلى الصلوات متقنة, ذكر الله, سبح, استغفر, ثم يقول: أيهما أسعد؛ أن تكون في كهف مع الله, أو أن تكون في قصر مع الشيطان؟ فرق كبير, فكأن مغزى هذه الصورة: أن تأوي إلى رحمة الله, أن تبتعد عن فتن الدنيا, أن تبتعد عن الشهوات المستعرة, إلى مكان فيه قرب من الله.
((إن بيوتي في الأرض المساجد, وإن زوارها هم عمارها, فطوبى لعبد تطهر في بيته ثم زارني, وحق على المزور أن يكرم الزائر))
هذه واحدة. في آية دقيقة:
﴿إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا﴾
[سورة الكهف الآية:7]
في بساتين جميلة, وحدائق جميلة, ونساء جميلات, وقصور جميلة, ومركبات فارهة:
﴿إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا﴾
-الورود الطعام, كل شيء في الأرض جميل. قال-:
﴿لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً﴾
[سورة الكهف الآية:7]
﴿إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً﴾
[سورة الكهف الآية:7
أنت أمام شهوات محسوسة, وأمام خبر صادق من الله, الخبر يعدك بالجنة؛ عينك هذه ترى الشهوات, ترى الفنادق, النساء, الطعام, الشراب, عينك, عين, القرآن يُرى, عين الكلام, يعدك بجنة عرضها السموات والأرض.
ما هو الإيمان بالغيب؟ أن تُعرض عن المحسوسات, وأن تؤمن بالمغيبات:
﴿الذين ...........﴾
نحن ما رأينا الجنة, لكن الله أخبرنا عنها, ما رأينا الحور العين, ولكن الله أخبرنا عنهم, فالمؤمن بعد أن عرف الله من خلال الكون, وبعد أن عرف أن هذا القرآن كلامه من خلال الإعجاز, وبعد أن عرف أن هذا الإنسان الذي جاء بهذا القرآن هو نبي الله من خلال الكتاب, هذا الكتاب يخبرك عن الجنة, وما فيها من نعيم مقيم, ويقول لك: اعمل لها, وأعرض عن الدنيا. انظر:
﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً﴾
[سورة الكهف الآية:28]
لا ترد زينة الحياة الدنيا, أرد رحمة الله:
﴿إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾
[سورة الأعراف الآية:56]
فنحن ......
النبي -عليه الصلاة والسلام- يعني سن لنا: أن نقرأ هذه السورة يوم الجمعة, كل جمعة, من أجل أن أن تجعل في بيتك الآن, أو من مسجدك معتكفاً لك, تأوي إليه كي تستقبل رحمة الله.
وكان عليه الصلاة والسلام إذا دخل المسجد, يقول:
((اللهم افتح لي أبواب رحمتك))
وإذا خرج منه قال:
((اللهم افتح لي أبواب فضلك))
[أخرجه أبو يعلى عن علي بن أبي طالب]
وأنت بالمسجد تغمرك رحمة الله, وأنت خارج المسجد يقدم الله لك من فضله ما يقدم, تبتغي من فضل الله.
إذاً: الشهوات محسوسة تراها رأي العين, أما الآخرة مغيبة عنا, ما في غير خبر صادق, فيها في خبر بالقرآن فقط, أما لو أن الجنة محسوسة, والدنيا محسوسة, لاختار الناس الجنة, ولا يرقون بها, ولا يسعدون.
من هو المؤمن؟ هو الذي صدق الله عز وجل وانتظر وعده, وخاف من وعيده, وأعرض عن الحياة الدنيا من وجهها المحرم, وأخذ منها ما كان مباحاً, هذا المؤمن.
العلماء يصنفون الهدى إلى أربعة أنواع؛ هناك هدى أولي يتمتع به كل إنسان, وهو أن الله هداك إلى مصالحك, أعطاك سمع, فإذا في صوت بالبيت في الليل, الساعة الثانية في الليل, تتوقف, من في البيت؟
أعطاك سمعاً, أعطاك بصراً, أعطاك شماً, قد يكون في النهار ترى, في الليل تسمع, إذا الشيء الخطير لا تراه, ولا تسمعه, لا رائحة, فقط رائحة غاز, أعطاك شم, أعطاك فكر, أعطاك غرائز, أعطاك فعل منعكس شرحي أسرع من التفكير.
لو واحد يحمل سخينة شاملة, ومست يدك, تسحبها رأساً, قبل أن تفكر فعل منعكس شرحي, هداك إلى مصالحك, أعطاك جهاز توازن, لا تقع, لو نمت إلى زاوية معينة, تصحح قيامك؛ فكل الغرائز, وكل الحواس, وكل القدرات الخاصة.
يعني: أعطاك جهاز لا تعرفه أنت, هذا الجهاز يحسب تفاضل وصل الصوتين إلى الإنسان, على اليمين في مركبة أطلقت بوقها, وصل صوتها إلى الأذن اليمنى قبل اليسرى, بفارق واحد على ألف وستمئة وعشرين جزء من الثانية, الدماغ يعرف من هذا التفاضل: أن المركبة على اليمين, فتتجه نحو اليسار, ولو أن الصوت جاء من اليسار من خلفك, لدخل إلى هذه الأذن, قبل هذه الأذن بتفاضل واحد على ألف وستمئة وعشرين جزء من الثانية تعرف, من هنا تأتي نحو اليمين, هذا الهدى الأولي؛ هداك إلى مصالحك بالقدرات, والحواس, وما إلى ذلك.
الهدى الثاني: هدى الوحي. قال لك:
﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾
[سورة الأعراف الآية:54]
خلقكم لجنة عرضها السموات والأرض؛ افعل كذا ولا تفعل كذا, في تفاصيل, في أوامر, ونواهي, والنبي فصلها في السنة, جاءت في القرآن موجزة, وفصلها النبي في السنة, هذا الهدى الثاني.
الهدى الثالث: هدى التوفيق:
﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى﴾
[سورة الكهف الآية:13]
توفق إلى أهل الحق, توفق إلى عمل صالح, تمكن في الأرض, حتى تعمل عملاً صالحاً, يفتح الله بصيرتك, يلقي في قلبك النور, يهديك إلى سواء السبيل, هذا هدى التوفيق, هدى الوحي, هدى المصالح, هدى المصالح لكل إنسان, هدى الوحي للمؤمنين, هدى التوفيق للصادقين, ثم يهديهم إلى الجنة.
إذاً: أربعة أنواع للهدى, أخطر شيء الثاني: هدى الوحي, إن أنت صدقت به, واستجبت لله عز وجل, زادك هدى, يعني ألقى نوراً في قلبك, فتح بصيرتك, هداك إلى رشدك, مكنك من عمل صالح تلق الله به, هذا هدى التوفيق, فإن كنت كذلك, هداك إلى الجنة.
يوجد في الآية إعجاز علمي: أن الإنسان ينام حينما يستلقي على الفراش, في عنده هيكل عظمي, وفي عضلات, وفي شحوم, إذاً: استلقى, الهيكل العظمي مع ما فوقه من عضلات وشحوم, تضغط على ما تحته من عضلات وشحوم وزن, فإذا ضغط ما تحت الهيكل العظمي, وما فوقه من عضلات وشحوم, ضاقت أوعية القسم التحتي, ضاقت, فإذا ضاقت ضعفت رؤية العضلات, فالإنسان هو نائم, يستطيع يعمل تبديل, الآن: انعكست الآية, المكان المضغوط ضعيف التروية, جاءه الدم متدفقاً, والمكان الذي كان فيه الدم متدفقاً, بعد حين نقص تروية, يقول لك: رجلي خضرت, جلس جلسة طويلة نملت, معنى نملت: يعني الدم ما عاد يتدفق إليها, أيضاً: يقلب قلبة ثالثة.
تصوروا واحد قلب ثمان وثلاثين قلبة, لكن من فضل الله مرة على اليمين, ومرة على اليسار, لو كان واقف ...... كان يقلب عن التخت, مرة على اليمين:
﴿وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ﴾
[سورة الكهف الآية:18]
لو مريض معه ثبات, وما قُلِّب, خلال أيام يهترىء لحمه, معروفة, الآن في أسرَّة غالية جداً لمن أصيب بالشلل الكامل, تقلبه, التخت يقلبه, إذا ما قُلِّب, يتفسخ لحمه وهو حي:
﴿وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ﴾
[سورة الكهف الآية:18]
فهذه من آيات الله, أهل الكهف لبثوا في كهفهم ثلاث مئة من السنين, لولا أنهم يقلَّبون لتفسخوا, وهذا من إعجاز القرآن العلمي.
كل واحد منا يتقلب بالليلة الواحدة قريب أربعين مرة, دون أن يشعر, من اليمين لليسار, هذا التقلب يجدد الدورة الدموية في العضلات والشحوم, التي تحت الهيكل العظمي.
في نقطة مهمة جداً, ما في تفاصيل: من هم أهل الكهف؟ ما أسماؤهم؟ ما أحوالهم؟ من الملك الذي اضطهدهم؟ ماذا كانوا يعملون في القصر؟ كل هذه التفاصيل لم تذكر أبداً, كل هذه التفاصيل لم تذكر, لأن الله ما أراد أن تكون هذه القصة وقعت ولم تقع, أرادها أن تكون عبرة تقع كل يوم, فحينما يغفل الله التفاصيل, الحكمة أن تجعل من هؤلاء نماذج متكررة, لا قصة غابرة وقعت ولن تقع, هذا معنى:
﴿سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِراً وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً﴾
[سورة الكهف الآية:22]
لا تعبأ بهذه التفاصيل, انظر إلى مغزى القصة:
﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى﴾
[سورة الكهف الآية:13]
انظر إلى أنهم آووا إلى الكهف, انظر إلى أنهم تلقوا رحمة الله في الكهف, هذا مغزى القصة, أما التفاصيل هذه: لا يُعنى بها إلا من شرد عن الله عز وجل, يعني قاعدة: أي شيء أغفله الله لا تبحث عنه, وأي شيء بينه الله دقق فيه.
أستاذ جامعة قال لطلابه, أستاذ اقتصاد, أراد أن يعبر لهم عن أركان التجارة بقصة, قال لهم: لي صديق, اشترى محل تجاري في مكان مزدحم, واختار بضاعة أساسية في حياة الناس, واختار أصناف جيدة جداً, وكان سعره معتدل, ومعاملته طيبة, وليس دين, كل واحدة سبب من أسباب الربح, فربح, واشترى بيت, واشترى سيارة, وتزوج, وعاش ببحبوحة, فقال له طالب: هذا أستاذ, أبيض أما أسمر هذا صاحبها؟ هذه ليس لها علاقة بالقصة إطلاقاً, ما اسمه أستاذ؟ أين كان محله؟ أين يسكن؟
هذه كلها تفاصيل, لا تعني مغزى القصة, فينبغي أن نغفل ما أغفله الله دون أن نبحث عنه, الشيء الذي أغفله الله أغفله أنت, لا جدوى منه, هنا خمسة, لا ستة, لا سبعة, لا ثمانية, ليس هذا الموضوع, الموضوع:
﴿فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ﴾
-الموضوع-:
﴿يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ﴾
[سورة الكهف الآية:16]
هذا الموضوع, فلا تبحث عن شيء لا فائدة من علمه, نعم, بعد ذلك:
﴿وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً﴾
[سورة الكهف الآية:25]
هذا من إعجاز القرآن العلمي, ثلاثمئة ميلادي على السنة الشمسية, وثلاثمئة وتسعة على السنة الهجرية, الفرق تسع سنوات بالضبط وثلاثمئة سنة ميلادية, يساووا ثلاثمئة وتسعة سنوات هجرية, قمرية يعني.
نحن يوجد عندنا سنة قمرية, وسنة شمسية؛ السنة الشمسية حقيقية, والشهر حكمي, أما السنة القمرية حكمية, والشهر حقيقي, قضية دقيقة,
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
أيها الأخوة الكرام:
ماذا تُعلمنا قصة أصحاب الكهف؟ كانوا في القصور, وما أدراك ما القصور؟ كل ما لذ وطاب, وكل طعام نفيس, وكل سرير رائع, وكل منظر خلاب, لكن مع المعصية والشرك:
﴿فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ﴾
[سورة الكهف الآية:16]
كهف, انتقِل من قصر إلى كهف, نظارة في جبل, يعني من أعلى درجة إلى أدنى درجة, من أجمل مكان إلى أوحش مكان, لكن مع الكهف رحمة الله, وهذا كلام دقيق, دعك من زينة الحياة الدنيا, آو إلى بيتك, الآن كهفنا بيتنا, آو إلى مسجدك, مع رحمة الله أنت أسعد إنسان, وعش مع الناس, وقلب بين مئتي محطة فضائية, مئتي ديجتال, فأنت في حجاب من الله, لو أنك أطلقت بصرك فيما لا يحل لك, لو أنك ملأت عينيك مما لا يحل لك, وأنت مع العالم كله, وأنت مع القارات الخمس, وأنت مع كل شيء, لكن هذه المخالفة حجبتك عن الله, فأنت أشقى الناس.
نحن الآن بحاجة إلى كهف أيها الأخوة, كهف, أن تبتعد عن المعصية فقط, لا أقول لك عن شيء مباح, حاشا لله, إن ابتعدت عن معصية تحجبك عن الله, وآويت إلى مكان ليس فيه معصية, فيه قرب من الله, فأنت أسعد الناس:
﴿إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آَتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً﴾
[سورة الكهف الآية:10]
هذه الرحمة لا تُرى بالعين, لكن آثارها مدهشة, إذا ألقى الله في قلبك السكينة تسعد بها, ولو فقدت كل شيء, وإذا حُجبت عنك السكينة شقيت بالحجاب, ولو ملكت كل شيء, قضية واضحة, أن تكون في مكان لا يُعصى الله فيه, تُقبل على الله, أو أن تكون في مكان محاط بالمعاصي من كل جهات, فأنت في حجاب عن الله, فهؤلاء الفتية كانوا في القصور, وكانوا في نعيم مدهش, وكانوا في رخاء, وفي طعام, وفي شراب, لكنهم رأوا الشرك والمعصية, فنفروا من نعيم الدنيا, وآووا إلى رحمة الله:
﴿وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾
[سورة الزخرف الآية: 32]
وأنت, أنا لا أقول لك أبداً: اعمل تجربة, الله لا يجرب, لكن حاول أن تكون منضبطاً إلى أقصى الحدود, لكثرة معينة, وانظر بماذا تشعر؟ صف الأحوال التي تعيشك, والقربات التي تسعد بها, والإقبال الذي تحظى به, وازن بين هذه الحال, وبين حال إنسان غارق في الملذات.
صدق أيها الأخ الكريم, كما قال إبراهيم بن الأدهم:
((لو يعلم الملوك ما نحن عليه, لقاتلونا عليها بالسيوف, (لو يعلم الملوك))
. إذا أهَّلت قلبك, أهلت قلبك ليكون مهبط تجليات الله عز وجل, بطاعتك له, يعني مستحيل وألف ألف مستحيل أن تتحرك إلى الله خطوة, ثم لا تجد أن الله يقربك, ويغمرك بعطائه, ويسعدك بالقرب منه.
فأنا أرى: أن كل مؤمن في هذا الزمان بالذات, أينما تحركت ترى المعصية, إن مشيت في الطريق, سترى نساء كاسيات, عاريات, مائلات, مميلات, إن أمسكت مجلة ترى ما لا يرضي الله, إن طالعت صحيفة, إن شاهدت شاشة, كيفما تحركت تجد طرحاً غير إسلامي, صوراً لا ترضي الله, فإذا آويت إلى كهف الله, إلى كهف ما, الآن بيتك, لا يوجد في الجبل مغارات الآن, في طرقات, وفي أغان, وفي .......:
﴿فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقاً﴾
[سورة الكهف الآية:16]
فإذا الواحد يعني اعتكف في المسجد, جلس, قرأ قرآن, طالع كتب العلم, قرأ الحديث الشريف, ذهب إلى بيته, وصلى قيام الليل, صلى الصلوات متقنة, ذكر الله, سبح, استغفر, ثم يقول: أيهما أسعد؛ أن تكون في كهف مع الله, أو أن تكون في قصر مع الشيطان؟ فرق كبير, فكأن مغزى هذه الصورة: أن تأوي إلى رحمة الله, أن تبتعد عن فتن الدنيا, أن تبتعد عن الشهوات المستعرة, إلى مكان فيه قرب من الله.
((إن بيوتي في الأرض المساجد, وإن زوارها هم عمارها, فطوبى لعبد تطهر في بيته ثم زارني, وحق على المزور أن يكرم الزائر))
هذه واحدة. في آية دقيقة:
﴿إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا﴾
[سورة الكهف الآية:7]
في بساتين جميلة, وحدائق جميلة, ونساء جميلات, وقصور جميلة, ومركبات فارهة:
﴿إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا﴾
-الورود الطعام, كل شيء في الأرض جميل. قال-:
﴿لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً﴾
[سورة الكهف الآية:7]
﴿إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً﴾
[سورة الكهف الآية:7
أنت أمام شهوات محسوسة, وأمام خبر صادق من الله, الخبر يعدك بالجنة؛ عينك هذه ترى الشهوات, ترى الفنادق, النساء, الطعام, الشراب, عينك, عين, القرآن يُرى, عين الكلام, يعدك بجنة عرضها السموات والأرض.
ما هو الإيمان بالغيب؟ أن تُعرض عن المحسوسات, وأن تؤمن بالمغيبات:
﴿الذين ...........﴾
نحن ما رأينا الجنة, لكن الله أخبرنا عنها, ما رأينا الحور العين, ولكن الله أخبرنا عنهم, فالمؤمن بعد أن عرف الله من خلال الكون, وبعد أن عرف أن هذا القرآن كلامه من خلال الإعجاز, وبعد أن عرف أن هذا الإنسان الذي جاء بهذا القرآن هو نبي الله من خلال الكتاب, هذا الكتاب يخبرك عن الجنة, وما فيها من نعيم مقيم, ويقول لك: اعمل لها, وأعرض عن الدنيا. انظر:
﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً﴾
[سورة الكهف الآية:28]
لا ترد زينة الحياة الدنيا, أرد رحمة الله:
﴿إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾
[سورة الأعراف الآية:56]
فنحن ......
النبي -عليه الصلاة والسلام- يعني سن لنا: أن نقرأ هذه السورة يوم الجمعة, كل جمعة, من أجل أن أن تجعل في بيتك الآن, أو من مسجدك معتكفاً لك, تأوي إليه كي تستقبل رحمة الله.
وكان عليه الصلاة والسلام إذا دخل المسجد, يقول:
((اللهم افتح لي أبواب رحمتك))
وإذا خرج منه قال:
((اللهم افتح لي أبواب فضلك))
[أخرجه أبو يعلى عن علي بن أبي طالب]
وأنت بالمسجد تغمرك رحمة الله, وأنت خارج المسجد يقدم الله لك من فضله ما يقدم, تبتغي من فضل الله.
إذاً: الشهوات محسوسة تراها رأي العين, أما الآخرة مغيبة عنا, ما في غير خبر صادق, فيها في خبر بالقرآن فقط, أما لو أن الجنة محسوسة, والدنيا محسوسة, لاختار الناس الجنة, ولا يرقون بها, ولا يسعدون.
من هو المؤمن؟ هو الذي صدق الله عز وجل وانتظر وعده, وخاف من وعيده, وأعرض عن الحياة الدنيا من وجهها المحرم, وأخذ منها ما كان مباحاً, هذا المؤمن.
العلماء يصنفون الهدى إلى أربعة أنواع؛ هناك هدى أولي يتمتع به كل إنسان, وهو أن الله هداك إلى مصالحك, أعطاك سمع, فإذا في صوت بالبيت في الليل, الساعة الثانية في الليل, تتوقف, من في البيت؟
أعطاك سمعاً, أعطاك بصراً, أعطاك شماً, قد يكون في النهار ترى, في الليل تسمع, إذا الشيء الخطير لا تراه, ولا تسمعه, لا رائحة, فقط رائحة غاز, أعطاك شم, أعطاك فكر, أعطاك غرائز, أعطاك فعل منعكس شرحي أسرع من التفكير.
لو واحد يحمل سخينة شاملة, ومست يدك, تسحبها رأساً, قبل أن تفكر فعل منعكس شرحي, هداك إلى مصالحك, أعطاك جهاز توازن, لا تقع, لو نمت إلى زاوية معينة, تصحح قيامك؛ فكل الغرائز, وكل الحواس, وكل القدرات الخاصة.
يعني: أعطاك جهاز لا تعرفه أنت, هذا الجهاز يحسب تفاضل وصل الصوتين إلى الإنسان, على اليمين في مركبة أطلقت بوقها, وصل صوتها إلى الأذن اليمنى قبل اليسرى, بفارق واحد على ألف وستمئة وعشرين جزء من الثانية, الدماغ يعرف من هذا التفاضل: أن المركبة على اليمين, فتتجه نحو اليسار, ولو أن الصوت جاء من اليسار من خلفك, لدخل إلى هذه الأذن, قبل هذه الأذن بتفاضل واحد على ألف وستمئة وعشرين جزء من الثانية تعرف, من هنا تأتي نحو اليمين, هذا الهدى الأولي؛ هداك إلى مصالحك بالقدرات, والحواس, وما إلى ذلك.
الهدى الثاني: هدى الوحي. قال لك:
﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾
[سورة الأعراف الآية:54]
خلقكم لجنة عرضها السموات والأرض؛ افعل كذا ولا تفعل كذا, في تفاصيل, في أوامر, ونواهي, والنبي فصلها في السنة, جاءت في القرآن موجزة, وفصلها النبي في السنة, هذا الهدى الثاني.
الهدى الثالث: هدى التوفيق:
﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى﴾
[سورة الكهف الآية:13]
توفق إلى أهل الحق, توفق إلى عمل صالح, تمكن في الأرض, حتى تعمل عملاً صالحاً, يفتح الله بصيرتك, يلقي في قلبك النور, يهديك إلى سواء السبيل, هذا هدى التوفيق, هدى الوحي, هدى المصالح, هدى المصالح لكل إنسان, هدى الوحي للمؤمنين, هدى التوفيق للصادقين, ثم يهديهم إلى الجنة.
إذاً: أربعة أنواع للهدى, أخطر شيء الثاني: هدى الوحي, إن أنت صدقت به, واستجبت لله عز وجل, زادك هدى, يعني ألقى نوراً في قلبك, فتح بصيرتك, هداك إلى رشدك, مكنك من عمل صالح تلق الله به, هذا هدى التوفيق, فإن كنت كذلك, هداك إلى الجنة.
يوجد في الآية إعجاز علمي: أن الإنسان ينام حينما يستلقي على الفراش, في عنده هيكل عظمي, وفي عضلات, وفي شحوم, إذاً: استلقى, الهيكل العظمي مع ما فوقه من عضلات وشحوم, تضغط على ما تحته من عضلات وشحوم وزن, فإذا ضغط ما تحت الهيكل العظمي, وما فوقه من عضلات وشحوم, ضاقت أوعية القسم التحتي, ضاقت, فإذا ضاقت ضعفت رؤية العضلات, فالإنسان هو نائم, يستطيع يعمل تبديل, الآن: انعكست الآية, المكان المضغوط ضعيف التروية, جاءه الدم متدفقاً, والمكان الذي كان فيه الدم متدفقاً, بعد حين نقص تروية, يقول لك: رجلي خضرت, جلس جلسة طويلة نملت, معنى نملت: يعني الدم ما عاد يتدفق إليها, أيضاً: يقلب قلبة ثالثة.
تصوروا واحد قلب ثمان وثلاثين قلبة, لكن من فضل الله مرة على اليمين, ومرة على اليسار, لو كان واقف ...... كان يقلب عن التخت, مرة على اليمين:
﴿وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ﴾
[سورة الكهف الآية:18]
لو مريض معه ثبات, وما قُلِّب, خلال أيام يهترىء لحمه, معروفة, الآن في أسرَّة غالية جداً لمن أصيب بالشلل الكامل, تقلبه, التخت يقلبه, إذا ما قُلِّب, يتفسخ لحمه وهو حي:
﴿وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ﴾
[سورة الكهف الآية:18]
فهذه من آيات الله, أهل الكهف لبثوا في كهفهم ثلاث مئة من السنين, لولا أنهم يقلَّبون لتفسخوا, وهذا من إعجاز القرآن العلمي.
كل واحد منا يتقلب بالليلة الواحدة قريب أربعين مرة, دون أن يشعر, من اليمين لليسار, هذا التقلب يجدد الدورة الدموية في العضلات والشحوم, التي تحت الهيكل العظمي.
في نقطة مهمة جداً, ما في تفاصيل: من هم أهل الكهف؟ ما أسماؤهم؟ ما أحوالهم؟ من الملك الذي اضطهدهم؟ ماذا كانوا يعملون في القصر؟ كل هذه التفاصيل لم تذكر أبداً, كل هذه التفاصيل لم تذكر, لأن الله ما أراد أن تكون هذه القصة وقعت ولم تقع, أرادها أن تكون عبرة تقع كل يوم, فحينما يغفل الله التفاصيل, الحكمة أن تجعل من هؤلاء نماذج متكررة, لا قصة غابرة وقعت ولن تقع, هذا معنى:
﴿سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِراً وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً﴾
[سورة الكهف الآية:22]
لا تعبأ بهذه التفاصيل, انظر إلى مغزى القصة:
﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى﴾
[سورة الكهف الآية:13]
انظر إلى أنهم آووا إلى الكهف, انظر إلى أنهم تلقوا رحمة الله في الكهف, هذا مغزى القصة, أما التفاصيل هذه: لا يُعنى بها إلا من شرد عن الله عز وجل, يعني قاعدة: أي شيء أغفله الله لا تبحث عنه, وأي شيء بينه الله دقق فيه.
أستاذ جامعة قال لطلابه, أستاذ اقتصاد, أراد أن يعبر لهم عن أركان التجارة بقصة, قال لهم: لي صديق, اشترى محل تجاري في مكان مزدحم, واختار بضاعة أساسية في حياة الناس, واختار أصناف جيدة جداً, وكان سعره معتدل, ومعاملته طيبة, وليس دين, كل واحدة سبب من أسباب الربح, فربح, واشترى بيت, واشترى سيارة, وتزوج, وعاش ببحبوحة, فقال له طالب: هذا أستاذ, أبيض أما أسمر هذا صاحبها؟ هذه ليس لها علاقة بالقصة إطلاقاً, ما اسمه أستاذ؟ أين كان محله؟ أين يسكن؟
هذه كلها تفاصيل, لا تعني مغزى القصة, فينبغي أن نغفل ما أغفله الله دون أن نبحث عنه, الشيء الذي أغفله الله أغفله أنت, لا جدوى منه, هنا خمسة, لا ستة, لا سبعة, لا ثمانية, ليس هذا الموضوع, الموضوع:
﴿فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ﴾
-الموضوع-:
﴿يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ﴾
[سورة الكهف الآية:16]
هذا الموضوع, فلا تبحث عن شيء لا فائدة من علمه, نعم, بعد ذلك:
﴿وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً﴾
[سورة الكهف الآية:25]
هذا من إعجاز القرآن العلمي, ثلاثمئة ميلادي على السنة الشمسية, وثلاثمئة وتسعة على السنة الهجرية, الفرق تسع سنوات بالضبط وثلاثمئة سنة ميلادية, يساووا ثلاثمئة وتسعة سنوات هجرية, قمرية يعني.
نحن يوجد عندنا سنة قمرية, وسنة شمسية؛ السنة الشمسية حقيقية, والشهر حكمي, أما السنة القمرية حكمية, والشهر حقيقي, قضية دقيقة,