عجباً المرآة تتكلم
استيقظت كعادتها متأخرة من النوم بعدما فرغت من أداء اختباراتها الجامعية، وكعادتها تململت في سريرها سويعة وقامت تجر رجليها جراً من فرط كسلها وطول سهرها أمام شاشة الرائي طوال الليل، بدت كعادتها المتدللة، وجمالها المعهود، وقوامها الطيب الممشوق واثقة النفس وهي تخطو نحو مرآتها ببطء، لا لتعدل من نفسها وإنما كعادتها لتفاخر نفسها على ما أعطاها الله من هبة الحسن، حتى تبدو وكأنها غادة شماء وهي بمجرد ملابس النوم غير المهندمة.
أخذت تنظر في مرآتها متدللة عليها تدلل الطفل الرضيع في حجر أمه الحانية، وهي تمط جسمها ذات اليمين وذات الشمال، عسى أن تنفض عنه غبار الكسل.
نظرة ذات اليمين ونظرة ذات اليسار، بدأت تفيق، ثم كان العجب !!! أحدقت في المرآة !! تصلبت عيناها على ما ترى أمامها !! يا إلهي من هذه التي أراها ؟! إنها فتاة غيري، أخذها الذهول لقبح من رأت في مرآتها، أخذت تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم .. تذكر اسم الله .. تحدق فلا يتغير شيئاً، مال هذا الشبح لا يتحرك ؟! من هذه ؟؟ حتى تجرأت وقالت لمن في المرآة : من أنت ؟؟
قالت : أنا أنت !!
قالت : عجباً المرآة تتكلم ؟؟؟ ولكن أنت أنا كيف ؟؟
قالت : نعم أنا أنت !!!
قالت : أنا أعرف نفسي جيداً، انصرفي عني بالله عليك، أعوذ بالله من الشيطان !
قالت : أنا لست شيطانة، انظري جيداً ألا تعرفين نفسك ؟؟؟
جرت من الحجرة خائفة مذعورة تبحث عن أحد تستنجد به وجدت البيت مظلماً وليس ثمة أحد، خافت أن تتحرك خارج حجرتها من شدة ظلام البيت، ولم تجد بداً أن تنادي لأمها من مكانها ..أماه ..أمي أين أنت ؟؟
لا مجيب لا أحد في المنزل، غالباً في مثل هذا الوقت لا يوجد أحد، الوالد في العمل والوالدة مشغولة في شراء ما ينقص لإعداد الطعام وتجهيز المنزل قبل الغداء، لم تجد من ينقذها من صورتها في المرآة.
وبعد فترة من الذهول قررت أن تتشجع وتحدث من بالمرآة برفق عسى أن تنصرف عنها وتتركها وشأنها، فعادت لها قائلة : يا حبيبتي أنا أعرف نفسي جيداً، أنا بصراحة شكلي أجمل بكثير مما أرى في المرآة، فمن أنت ؟؟
قالت : أنا أنت.
قالت : لا أنت لست أنا، أنت سوداء البشرة وأنا بيضاء !!
قالت : ألم تسمعي لقول الله تعالى {يوم تبيض وجوه وتسود وجوه، فأما الذين اسودت وجوههم، أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون}، وأنت تعلمين أنك منذ أعوام لم تسجدي لله سجدة واحدة، وقد قال تعالى {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً} وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة) فمن أين لك ببياض الوجه ؟؟
قالت : نعم ولكن هذا في الآخرة وليس في الدنيا، وعموماً أنت لست أنا، أنت شيطانة بدليل أن وجهك قبيح، وملامحك متغيرة وليست ملامحي كذلك.
قالت : لا والله أنا أنت، ألم تسمعي إلى قول الله تعالى حاكياً عن قول إبليس اللعين : {ولآمرنهم فليغيرن خلق الله}، وأنت معتادة على تغيير خلق الله تعالى وتبديل ملامحك في اليوم مرات ومرات تارة بالنمص وتغيير شكل الحاجبين وتارة بالمساحيق الصارخة المغيرة للون بشرتك لتغري بها من حولك، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن النامصة والمتنمصة ملعونة، مصحوبة أينما ذهبت ببغض الله تعالى، فكيف يكون شكلك جميل وأنت مبغوضة من الله ؟؟! بل هذه صورتك الحقيقية بلا تعديل ولا تبديل.
قالت : بدأت أحس بأن معك بعض الحق ولكني لازلت أعتقد بأنك لست أنا بدليل أن جسمي أنا جميل، أما أنت فجسمك هزيل، يبدو عليه المرض والضنك.
قالت : هذا الجسم الذي طالما استشرفك به الشيطان ليغري به رجال الأمة وقد خرجت كاسية عارية متعطرة، كل من شم ريحك فكأنما زنى بك، ألم تسمعي لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (صنفان من أهل النار لم أرهما ... وعدّ منهما نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات ... ثم قال إلعنوهن فإنهن ملعونات)، فكيف يكون جسمك جميلاً في مرآتك وقد عصيت الله به، يا حبيبتي إن الله قد أعطاك نعماً، ولا تزالين تبارزيه بالمعصية، وتعصيه بنعمه حتى يكاد أن يأخذك فلا يفلتك، أليس هذا هو الجسد الذي طالما خالطت به زملائك من الشباب في الجامعة وقد أمر الله بغض البصر فلم تصوني نفسك ولم تساعدي غيرك على العفاف عن النظر المحرم بل عرضت نفسك سلعة رخيصة والله يقول {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم}.
وقبل أن تقولي لي وهذا أيضاً ليس صوتي، وطالما خضعت بالقول ولنت بطيب الكلام مع غير محارمك والله يقول {ولا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض}.
وأخيراً أقول لك أنا صورتك الحقيقية وطالما كنت على نفس حالك سأكون من إلى أسوأ.
ثم صرخت فيها بصوت عال مرتفع .. أفيقي .. أفيقي .. أفيقي قبل ضمة القبر .. ولا تعصي الله بنعمه.
فزعت الفتاة وارتجت وتزلزل كيانها وأفاقت من أمام المرآة وأخذت تبحث عمن يغيثها من صراخ المرآة وأخذت تجري وتجري، وإذا بها تحس بأن شيئاً يرتج من حولها، إنه سريرها يهتز من اهتزاز جسمها، إنها لا زالت نائمة، لقد كان حلماً، قامت مسرعة مذعورة، أسرعت إلى المرآة، نظرت لنفسها، إن شكلها لم يتغير، ولكنها ترى الآن صورتها المشوهة من وراء الواقع تبدو بعيدة ولكنها حقيقية .. أسرعت وأسرعت ولكن إلى أين ؟! إلى مغتسلها لتغتسل بدموع التوبة وتتوضأ بماء الندم وتتستر بلباس الحشمة والعفاف وتمشي في طريق الحياء لتلقى الله مصلية على سجادة الأمل، معاهدة له المضي في طريق لا إله إلا الله.
استيقظت كعادتها متأخرة من النوم بعدما فرغت من أداء اختباراتها الجامعية، وكعادتها تململت في سريرها سويعة وقامت تجر رجليها جراً من فرط كسلها وطول سهرها أمام شاشة الرائي طوال الليل، بدت كعادتها المتدللة، وجمالها المعهود، وقوامها الطيب الممشوق واثقة النفس وهي تخطو نحو مرآتها ببطء، لا لتعدل من نفسها وإنما كعادتها لتفاخر نفسها على ما أعطاها الله من هبة الحسن، حتى تبدو وكأنها غادة شماء وهي بمجرد ملابس النوم غير المهندمة.
أخذت تنظر في مرآتها متدللة عليها تدلل الطفل الرضيع في حجر أمه الحانية، وهي تمط جسمها ذات اليمين وذات الشمال، عسى أن تنفض عنه غبار الكسل.
نظرة ذات اليمين ونظرة ذات اليسار، بدأت تفيق، ثم كان العجب !!! أحدقت في المرآة !! تصلبت عيناها على ما ترى أمامها !! يا إلهي من هذه التي أراها ؟! إنها فتاة غيري، أخذها الذهول لقبح من رأت في مرآتها، أخذت تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم .. تذكر اسم الله .. تحدق فلا يتغير شيئاً، مال هذا الشبح لا يتحرك ؟! من هذه ؟؟ حتى تجرأت وقالت لمن في المرآة : من أنت ؟؟
قالت : أنا أنت !!
قالت : عجباً المرآة تتكلم ؟؟؟ ولكن أنت أنا كيف ؟؟
قالت : نعم أنا أنت !!!
قالت : أنا أعرف نفسي جيداً، انصرفي عني بالله عليك، أعوذ بالله من الشيطان !
قالت : أنا لست شيطانة، انظري جيداً ألا تعرفين نفسك ؟؟؟
جرت من الحجرة خائفة مذعورة تبحث عن أحد تستنجد به وجدت البيت مظلماً وليس ثمة أحد، خافت أن تتحرك خارج حجرتها من شدة ظلام البيت، ولم تجد بداً أن تنادي لأمها من مكانها ..أماه ..أمي أين أنت ؟؟
لا مجيب لا أحد في المنزل، غالباً في مثل هذا الوقت لا يوجد أحد، الوالد في العمل والوالدة مشغولة في شراء ما ينقص لإعداد الطعام وتجهيز المنزل قبل الغداء، لم تجد من ينقذها من صورتها في المرآة.
وبعد فترة من الذهول قررت أن تتشجع وتحدث من بالمرآة برفق عسى أن تنصرف عنها وتتركها وشأنها، فعادت لها قائلة : يا حبيبتي أنا أعرف نفسي جيداً، أنا بصراحة شكلي أجمل بكثير مما أرى في المرآة، فمن أنت ؟؟
قالت : أنا أنت.
قالت : لا أنت لست أنا، أنت سوداء البشرة وأنا بيضاء !!
قالت : ألم تسمعي لقول الله تعالى {يوم تبيض وجوه وتسود وجوه، فأما الذين اسودت وجوههم، أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون}، وأنت تعلمين أنك منذ أعوام لم تسجدي لله سجدة واحدة، وقد قال تعالى {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً} وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة) فمن أين لك ببياض الوجه ؟؟
قالت : نعم ولكن هذا في الآخرة وليس في الدنيا، وعموماً أنت لست أنا، أنت شيطانة بدليل أن وجهك قبيح، وملامحك متغيرة وليست ملامحي كذلك.
قالت : لا والله أنا أنت، ألم تسمعي إلى قول الله تعالى حاكياً عن قول إبليس اللعين : {ولآمرنهم فليغيرن خلق الله}، وأنت معتادة على تغيير خلق الله تعالى وتبديل ملامحك في اليوم مرات ومرات تارة بالنمص وتغيير شكل الحاجبين وتارة بالمساحيق الصارخة المغيرة للون بشرتك لتغري بها من حولك، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن النامصة والمتنمصة ملعونة، مصحوبة أينما ذهبت ببغض الله تعالى، فكيف يكون شكلك جميل وأنت مبغوضة من الله ؟؟! بل هذه صورتك الحقيقية بلا تعديل ولا تبديل.
قالت : بدأت أحس بأن معك بعض الحق ولكني لازلت أعتقد بأنك لست أنا بدليل أن جسمي أنا جميل، أما أنت فجسمك هزيل، يبدو عليه المرض والضنك.
قالت : هذا الجسم الذي طالما استشرفك به الشيطان ليغري به رجال الأمة وقد خرجت كاسية عارية متعطرة، كل من شم ريحك فكأنما زنى بك، ألم تسمعي لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (صنفان من أهل النار لم أرهما ... وعدّ منهما نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات ... ثم قال إلعنوهن فإنهن ملعونات)، فكيف يكون جسمك جميلاً في مرآتك وقد عصيت الله به، يا حبيبتي إن الله قد أعطاك نعماً، ولا تزالين تبارزيه بالمعصية، وتعصيه بنعمه حتى يكاد أن يأخذك فلا يفلتك، أليس هذا هو الجسد الذي طالما خالطت به زملائك من الشباب في الجامعة وقد أمر الله بغض البصر فلم تصوني نفسك ولم تساعدي غيرك على العفاف عن النظر المحرم بل عرضت نفسك سلعة رخيصة والله يقول {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم}.
وقبل أن تقولي لي وهذا أيضاً ليس صوتي، وطالما خضعت بالقول ولنت بطيب الكلام مع غير محارمك والله يقول {ولا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض}.
وأخيراً أقول لك أنا صورتك الحقيقية وطالما كنت على نفس حالك سأكون من إلى أسوأ.
ثم صرخت فيها بصوت عال مرتفع .. أفيقي .. أفيقي .. أفيقي قبل ضمة القبر .. ولا تعصي الله بنعمه.
فزعت الفتاة وارتجت وتزلزل كيانها وأفاقت من أمام المرآة وأخذت تبحث عمن يغيثها من صراخ المرآة وأخذت تجري وتجري، وإذا بها تحس بأن شيئاً يرتج من حولها، إنه سريرها يهتز من اهتزاز جسمها، إنها لا زالت نائمة، لقد كان حلماً، قامت مسرعة مذعورة، أسرعت إلى المرآة، نظرت لنفسها، إن شكلها لم يتغير، ولكنها ترى الآن صورتها المشوهة من وراء الواقع تبدو بعيدة ولكنها حقيقية .. أسرعت وأسرعت ولكن إلى أين ؟! إلى مغتسلها لتغتسل بدموع التوبة وتتوضأ بماء الندم وتتستر بلباس الحشمة والعفاف وتمشي في طريق الحياء لتلقى الله مصلية على سجادة الأمل، معاهدة له المضي في طريق لا إله إلا الله.