الخبر عن لمطة و كزولة و هسكورة بني تصكي و هم أخوة هوارة و صنهاجة
هؤلاء القبائل الثلاث قد تقدم لنا أنهم إخوة لصنهاجة و أن أم الثلاثة تصكي العرجاء بنت زحيك مادغيس فأما صنهاجة فمن ولد عاميل بن زعزاع و أما هوارة فمن ولد أوريغ و هو ابنها ابن يرنس و أما الآخرون فلا تحقيق في نسبهم
قال ابن حزم : إن صنهاجة و لمطة لا يعرف لهما أب و هذه الأمم الثلاث موطنون بالسوس و ما يليه من بلاد الصحراء و جبال درن ملؤوا بسائطه و جباله فأما لمطة فأكثرهم مجاورون الملثمين من صنهاجة و لهم شعوب كثيرة و أكثرهم ظواعن أهل وبر و منهم بالسوس قبيلتا زكن و لخس صاروا في عداد ذوي حسان من معقل و بقايا لمطة بالصحراء مع الملثمين و معظمهم قبيلة بين تلمسان و أفريقية و كان منهم الفقيه وكاك بن زيرك صاحب أبي عمران الفاسي و كان نزل سجلماسة و من تلميذه كان عبد الله بن ياسين صاحب الدولة اللمتونية على ما مر
و أما كزولة فبطونهم كثيرة و معظمهم بالسوس و يجاورون لمطة و يحاربونهم و منهم الآن ظواعن بأرض السوس و كان لهم مع المعقل حروب قبل أن يدخلوا السوس فلما دخلوه تغلب عليهم و هم الآن من خولهم و أخلافهم و رعاياهم
و أما هسكورة و هم لهذا العهد في عداد المصامدة و ينسبون إلى دعوة الموحدين و هم أمم كثيرة و بطون واسعة و موطنهم بجبالهم متصلة من درن إلى تادلا من جانب الشرق إلى درعة من جانب القبلة و كان دخول بعضهم في دعوة المهدي قبل فتح مراكش و لم يستكملوا الدخول في الدعوة إلا بعده فلذلك لا يعدهم كثير من الناس في الموحدين و إن عدوا فليسوا من أهل السابقة منهم لمخالفتهم الإمام أول الأمر و ما كان من حروبهم معه و مع أوليائه و شيعته و كانوا ينادون بخلافهم و عداوتهم و يجهرون بلعنهم فتقول خطباؤهم في مجامع صلواتهم : لعن الله هنتاتة و تينملل و هرنة و هرزجة فلما استقاموا من بعد ذلك لم يكن لهم مزية السابقة كما كانت لهنتاتة و تينملل و هزعة و هزرجة فاستقامتهم على الدعوة كان بعد فتح مراكش
و بطون هسكورة هؤلاء متعددون فمنهم مصطاوة و عجرامة و زمراوة و انتيفت و بنو نفال و بنو رسكونت إلى آخرين لم يحضرني أسماؤهم
و كانت الرياسة عليهم آخر دولة الموحدين لعمر بن وقاريط المنتسب و ذكره في أخبار المأمون و الرشيد من بني عبد المؤمن خلاف الموحدين بمراكش ثم كان من بعده مسعود بن كلداسن و هو القائم يأمر دبوس و المظاهر له على شأنه و أظنه جد بني مسعود الرؤساء عليهم لهذا العهد من فطواكة المعروفين ببني خطاب لاتصال الرياسة في هذا البيت و لما انقرض أمر الموحدين استعصوا على بني مرين مدة و اختلف حالهم معهم في الاستقامة و النفرة و كانوا ملجأ النازعين عن الطاعة من عرب جشم و مأوى للثائرين منهم
ثم استقاموا و أذعنوا لأداء الضرايب و المغارم و جبايتها من قومهم و الخفوف إلى العسكرة مع السلطان متى دعوا إليها شأن غيرهم من سائر المصامدة
و أما انتيفت فكانت رياستهم في أولاد هنوا و كان يوسف بن كنون منهم اتخذ لنفسه حصن تاقيوت و امتنع به و لم يزل ولده علي و مخلوف يشيد أنه من بعده و هلك يوسف و قام بأمره ابنه مخلوف و جاهر بالنفاق سنة اثنتين و سبعمائة ثم راجع الطاعة و هو الذي تقبض على يوسف بن أبي عياد المتعدي على مراكش أيام أبي ثابت سنة سبع و سبعمائة كما نذكر في أخباره لما أحيط به فتقبض عليه مخلوف و أمكن منه و كانت وسيلته من الطاعة و كان من بعده ابنه هلال بن مخلوف و الرياسة فيهم متصلة لهذا العهد
و أما بنو نفال فكانت رياستهم لأولاد تروميت و كان منهم لعهد السلطان أبي سعيد و ابنه أبي الحسن كبيرهم علي بن محمد و كان له في الخلاف و الامتناع ذكر و استنزله السلطان أبو الحسن من محله لأول ولايته بعد حصاره بمكانه و أصاره في جملته تحت عنايته و إمرائه إلى أن هلك بتونس بعد واقعة القيروان في الطاعون الجارف و ولي بنوه من بعده أمر قومهم إلى أن انقرضوا و الرياسة لهذا العهد في أهل بيتهم و لأهل عمومتهم
و أما فطواكة و هم أوسع بطونهم و أعظمهم رياسة فيهم و أقربهم اختصاصا بصاحب الملك و استعمالا في خدمته و كان بنو خطاب منذ انقراض أمر الموحدين قد جنحوا إلى بني عبد الحق و أعطوهم المقادة و اختصوا شيوخهم في بني خطاب بالولاية عليهم و كان شيخهم لعهد السلطان يوسف بن يعقوب محمد بن مسعود و ابنه عمر من بعده و هلك عمر سنة أربع و سبعمائة بمكانه من محله و ولي بعده عمه موسى بن مسعود و سخطه السلطان لتوقع خلافه فاعتقله و كان خلاصه من الاعتقال سنة ست و سبعمائة و قام بأمر هسكورة من بعده محمد بن عمر بن محمد بن مسعود
و لما استفحل ملك بني مرين و ذهب أثر الملك من المصامدة و بعد عهدهم صار بنو مرين إلى استعمال رؤسائهم في جباية مغارمهم لكونهم من جلدتهم ولم يكن فيهم أكبر رياسة من أولاد تونس في هنتاتة و بني خطاب هؤلاء في هسكورة فداولوا بينهم ولاية الأعمال المراكشية وليها محمد بن عمر هذا من بعد موسى بن علي و أخيه محمد شيوخ هنتاتة
فلم يزل واليا منها إلى أن هلك قبيل نكبة السلطان أبي الحسن بالقيروان و لحق ابنه ابراهيم بتلمسان ذاهبا إلى السلطان أبي الحسن فلما دعا أبو عنان إلى نفسه رجع عنه إلى محله و تمسك بما كان عليه من طاعة أبيه و رعاه أبو عنان لعمه عبد الحق و قلده الأعمال المراكشية فلم يغن في منازعه إلى أن لحق السلطان أبو الحسن بمراكش فكان من أعظم دعاته و أبلى في مظاهرته فلما هلك السلطان أبو الحسن اعتقله أبو عنان و أودعه السجن ثم قتله بين يدي نهوضه إلى تلمسان سنة ثلاث و خمسين و سبعمائة و قام بأمره من بعده أخوه منصور بن محمد إلى أن هلك الأمير عبد الرحمن بن أبي يغلوسن مراكش سنة ست و سبعين و سبعمائة فاستقدمه و تقبض عليه و اعتقله بدار ابن عمه نحوا من العام ابن مسعود بن خطاب كان في جملته و كان هو و أبوه نازعا إلى بني مرين خوفا على أنفسهم من أولاد محمد بن عمر لترشحهم للأمر فلما استمكن منه بداره معتقلا وثب عليه فقتله و استلحم بنيه معه و سخطه السلطان لها فاعتقله قليلا ثم أطلقه و استقل برياسة هسكورة لهذا العهد و الله قادر على ما يشاء كتب التاريخ تاريخ ابن خلدون
الخبر عن المصامدة من قبائل البربر و ما كان لهم من الدولة و السلطان بالمغرب و مبدأ ذلك و تصاريفه
و أما المصامدة و هم من ولد مصمود بن يونس بربر فهم أكثر قبائل البربر و أوفرهم من بطونهم : برغواطة و غمارة و أهل جبل درن و لم تزل مواطنهم بالمغرب الأقصى منذ الأحقاب المتطاولة و كان المتقدم فيهم قبيل الإسلام و صدره برغواطة ثم صار التقدم بعد ذلك لمصامدة جبال درن إلى هذا العهد و كان لبرغواطة في عصرهم دولة و لأهل درن منهم دولة أخرى و دول حسبما
هؤلاء القبائل الثلاث قد تقدم لنا أنهم إخوة لصنهاجة و أن أم الثلاثة تصكي العرجاء بنت زحيك مادغيس فأما صنهاجة فمن ولد عاميل بن زعزاع و أما هوارة فمن ولد أوريغ و هو ابنها ابن يرنس و أما الآخرون فلا تحقيق في نسبهم
قال ابن حزم : إن صنهاجة و لمطة لا يعرف لهما أب و هذه الأمم الثلاث موطنون بالسوس و ما يليه من بلاد الصحراء و جبال درن ملؤوا بسائطه و جباله فأما لمطة فأكثرهم مجاورون الملثمين من صنهاجة و لهم شعوب كثيرة و أكثرهم ظواعن أهل وبر و منهم بالسوس قبيلتا زكن و لخس صاروا في عداد ذوي حسان من معقل و بقايا لمطة بالصحراء مع الملثمين و معظمهم قبيلة بين تلمسان و أفريقية و كان منهم الفقيه وكاك بن زيرك صاحب أبي عمران الفاسي و كان نزل سجلماسة و من تلميذه كان عبد الله بن ياسين صاحب الدولة اللمتونية على ما مر
و أما كزولة فبطونهم كثيرة و معظمهم بالسوس و يجاورون لمطة و يحاربونهم و منهم الآن ظواعن بأرض السوس و كان لهم مع المعقل حروب قبل أن يدخلوا السوس فلما دخلوه تغلب عليهم و هم الآن من خولهم و أخلافهم و رعاياهم
و أما هسكورة و هم لهذا العهد في عداد المصامدة و ينسبون إلى دعوة الموحدين و هم أمم كثيرة و بطون واسعة و موطنهم بجبالهم متصلة من درن إلى تادلا من جانب الشرق إلى درعة من جانب القبلة و كان دخول بعضهم في دعوة المهدي قبل فتح مراكش و لم يستكملوا الدخول في الدعوة إلا بعده فلذلك لا يعدهم كثير من الناس في الموحدين و إن عدوا فليسوا من أهل السابقة منهم لمخالفتهم الإمام أول الأمر و ما كان من حروبهم معه و مع أوليائه و شيعته و كانوا ينادون بخلافهم و عداوتهم و يجهرون بلعنهم فتقول خطباؤهم في مجامع صلواتهم : لعن الله هنتاتة و تينملل و هرنة و هرزجة فلما استقاموا من بعد ذلك لم يكن لهم مزية السابقة كما كانت لهنتاتة و تينملل و هزعة و هزرجة فاستقامتهم على الدعوة كان بعد فتح مراكش
و بطون هسكورة هؤلاء متعددون فمنهم مصطاوة و عجرامة و زمراوة و انتيفت و بنو نفال و بنو رسكونت إلى آخرين لم يحضرني أسماؤهم
و كانت الرياسة عليهم آخر دولة الموحدين لعمر بن وقاريط المنتسب و ذكره في أخبار المأمون و الرشيد من بني عبد المؤمن خلاف الموحدين بمراكش ثم كان من بعده مسعود بن كلداسن و هو القائم يأمر دبوس و المظاهر له على شأنه و أظنه جد بني مسعود الرؤساء عليهم لهذا العهد من فطواكة المعروفين ببني خطاب لاتصال الرياسة في هذا البيت و لما انقرض أمر الموحدين استعصوا على بني مرين مدة و اختلف حالهم معهم في الاستقامة و النفرة و كانوا ملجأ النازعين عن الطاعة من عرب جشم و مأوى للثائرين منهم
ثم استقاموا و أذعنوا لأداء الضرايب و المغارم و جبايتها من قومهم و الخفوف إلى العسكرة مع السلطان متى دعوا إليها شأن غيرهم من سائر المصامدة
و أما انتيفت فكانت رياستهم في أولاد هنوا و كان يوسف بن كنون منهم اتخذ لنفسه حصن تاقيوت و امتنع به و لم يزل ولده علي و مخلوف يشيد أنه من بعده و هلك يوسف و قام بأمره ابنه مخلوف و جاهر بالنفاق سنة اثنتين و سبعمائة ثم راجع الطاعة و هو الذي تقبض على يوسف بن أبي عياد المتعدي على مراكش أيام أبي ثابت سنة سبع و سبعمائة كما نذكر في أخباره لما أحيط به فتقبض عليه مخلوف و أمكن منه و كانت وسيلته من الطاعة و كان من بعده ابنه هلال بن مخلوف و الرياسة فيهم متصلة لهذا العهد
و أما بنو نفال فكانت رياستهم لأولاد تروميت و كان منهم لعهد السلطان أبي سعيد و ابنه أبي الحسن كبيرهم علي بن محمد و كان له في الخلاف و الامتناع ذكر و استنزله السلطان أبو الحسن من محله لأول ولايته بعد حصاره بمكانه و أصاره في جملته تحت عنايته و إمرائه إلى أن هلك بتونس بعد واقعة القيروان في الطاعون الجارف و ولي بنوه من بعده أمر قومهم إلى أن انقرضوا و الرياسة لهذا العهد في أهل بيتهم و لأهل عمومتهم
و أما فطواكة و هم أوسع بطونهم و أعظمهم رياسة فيهم و أقربهم اختصاصا بصاحب الملك و استعمالا في خدمته و كان بنو خطاب منذ انقراض أمر الموحدين قد جنحوا إلى بني عبد الحق و أعطوهم المقادة و اختصوا شيوخهم في بني خطاب بالولاية عليهم و كان شيخهم لعهد السلطان يوسف بن يعقوب محمد بن مسعود و ابنه عمر من بعده و هلك عمر سنة أربع و سبعمائة بمكانه من محله و ولي بعده عمه موسى بن مسعود و سخطه السلطان لتوقع خلافه فاعتقله و كان خلاصه من الاعتقال سنة ست و سبعمائة و قام بأمر هسكورة من بعده محمد بن عمر بن محمد بن مسعود
و لما استفحل ملك بني مرين و ذهب أثر الملك من المصامدة و بعد عهدهم صار بنو مرين إلى استعمال رؤسائهم في جباية مغارمهم لكونهم من جلدتهم ولم يكن فيهم أكبر رياسة من أولاد تونس في هنتاتة و بني خطاب هؤلاء في هسكورة فداولوا بينهم ولاية الأعمال المراكشية وليها محمد بن عمر هذا من بعد موسى بن علي و أخيه محمد شيوخ هنتاتة
فلم يزل واليا منها إلى أن هلك قبيل نكبة السلطان أبي الحسن بالقيروان و لحق ابنه ابراهيم بتلمسان ذاهبا إلى السلطان أبي الحسن فلما دعا أبو عنان إلى نفسه رجع عنه إلى محله و تمسك بما كان عليه من طاعة أبيه و رعاه أبو عنان لعمه عبد الحق و قلده الأعمال المراكشية فلم يغن في منازعه إلى أن لحق السلطان أبو الحسن بمراكش فكان من أعظم دعاته و أبلى في مظاهرته فلما هلك السلطان أبو الحسن اعتقله أبو عنان و أودعه السجن ثم قتله بين يدي نهوضه إلى تلمسان سنة ثلاث و خمسين و سبعمائة و قام بأمره من بعده أخوه منصور بن محمد إلى أن هلك الأمير عبد الرحمن بن أبي يغلوسن مراكش سنة ست و سبعين و سبعمائة فاستقدمه و تقبض عليه و اعتقله بدار ابن عمه نحوا من العام ابن مسعود بن خطاب كان في جملته و كان هو و أبوه نازعا إلى بني مرين خوفا على أنفسهم من أولاد محمد بن عمر لترشحهم للأمر فلما استمكن منه بداره معتقلا وثب عليه فقتله و استلحم بنيه معه و سخطه السلطان لها فاعتقله قليلا ثم أطلقه و استقل برياسة هسكورة لهذا العهد و الله قادر على ما يشاء كتب التاريخ تاريخ ابن خلدون
الخبر عن المصامدة من قبائل البربر و ما كان لهم من الدولة و السلطان بالمغرب و مبدأ ذلك و تصاريفه
و أما المصامدة و هم من ولد مصمود بن يونس بربر فهم أكثر قبائل البربر و أوفرهم من بطونهم : برغواطة و غمارة و أهل جبل درن و لم تزل مواطنهم بالمغرب الأقصى منذ الأحقاب المتطاولة و كان المتقدم فيهم قبيل الإسلام و صدره برغواطة ثم صار التقدم بعد ذلك لمصامدة جبال درن إلى هذا العهد و كان لبرغواطة في عصرهم دولة و لأهل درن منهم دولة أخرى و دول حسبما