ابتداء دولة العبيديين من الشيعة بأفريقية
نسبة هؤلاء العبيدين إلى أول خلفائهم هو عبيد الله المهدي بن محمد الحبيب بن جعفر المصدق بن محمد المكتوم بن إسمعيل الإمام بن جعفر الصادق و لا يلتفت لإنكار هذا النسب فكتاب المعتضد إلى ابن الأغلب بالقيروان و ابن مدرار بسلجماسة يغريهم بالقبض عليه لما سار إلى المغرب شاهد بصحة نسبهم و شعر الشريف الرضي في قوله :
( ألبس الذل في بلاد الأعادي ... و بمصر الخليفة العلوي )
( من أبوه أبي و مولاه مولاي ... إذا ضامني البعيد القصي )
( لف عرقي بعرقه سيدا لنا ... س جميعا محمد و علي )
و أما المحضر الذي ثبت ببغداد أيام القادر بالقدح في نسبهم و شذ فيه أعلام الأئمة مثل القدوري و الصهيري و أبي العباس و الأبيوردي و أبي حامد الأسفرايني و أبي الفضل النسوي و أبي جعفر النسفي و من العلوية المرتضى و ابن البطحاوي و ابن الأزرق و زعيم الشيعة أبو عبد الله بن النعمان فهي شهادة على السماع و كان ذلك متصلا في دولة العباسية منذ مائتين من السنين فاشيا في أمصارهم و أعصارهم و الشهادة على السماع في مثله جائزة على أنها شهادة نفي و لا تعارض ما ثبت في كتاب المعتضد مع أن طبيعة الوجود في الإنقياد لهم و ظهور كلمتهم أدل شيء على صدق نسبهم و أما من جعل نسبهم في اليهودية أو النصرانية لميمون القداح أو غيره فكفاه إنما تعرضه لذلك و أما دعوتهم التي كانوا يدعون لها فقد تقدم ذكرها في مذاهب الشيعة من مقدمة الكتاب و انتقسمت مذاهب الشيعة مع اتفاقهم على تفضيل علي على جميع الصحابة إلى الزيدية القائلين بصحة إمامة الشيخين مع فضل علي و يجوزون إمامة المفضول و هو مذهب زيد الشهيد و اتباعه و الرافضة و يدعون بالإمامية المتبرئين من الشيخين بإهمالهما وصية النبي صلى الله عليه و سلم بخلافة علي مع أن هذه الوصية لم تنقل من طريق صحيح قال بها أحد من السلف الذين يقتض بهم و إنما هي من أوضاع الرافضة و انقسم الرافضة بعد ذلك إلى اثني عشرية نقلوا الخلافة من جعفر بعد الحسن و الحسين و علي زين العابدين و محمد الباقر و جعفر الصادق إلى ابنه موسى الكاظم و ولده على سلسلة واحدة إلى تمام الاثني عشر و هو محمد المهدي و زعموا أنه دخل سردابا و هم في انتظاره إلى الآن و إلى الإسماعيلية نقلوا الخلافة من جعفر الصادق إلى ابنه إسمعيل ثم ساقوها في عقبة فمنهم من انتهى بها إلى عبيد الله هذا المهدي و هم العبيديون و منهم من ساقها إلى يحيى بن عبيد الله بن محمد المكتوم و هؤلاء طائفة من القرامطة و هي من كذباتهم و لايعرف لمحمد بن إسمعيل ولد اسمه عبيد الله و كان شيعة هؤلاء العبيدين بالمشرق و اليمن و أفريقية و سار بها إلى أفريقية رجلان يعرف أحدهما بالحلواني و الآخر بالسفياني أنفذهما الشيعة إلى هنالك و قالوا لهما : إن العرب أرض بور فاذهبا و احرثاها حتى يحيا صاحب البذر و سارا لذلك و نزلا أرض كتامة أحدهما ببلد يسمى سوق حمار و فشت هذه الدعوة منهما في أهل تلك النواحي من البربر و خصوصا في كتامة و كانوا يزعمون أن النبي صلى الله عليه و سلم أوصى إلى علي بالخلافة بالنصوص الجلية و عدل عنها الصحابة إلى غيره فوجب البراءة ممن عدل عنها ثم أوصى علي إلى ابنه الحسن ثم الحسن إلى أخيه الحسين ثم الحسين إلى ابنه علي زين العابدين ثم زين العابدين إلى ابنه محمد الباقر ثم محمد الباقر إلى ابنه جعفر الصادق ثم جعفر الصادق إلى ابنه إسمعيل الإمام و منه إلى ابنه محمد و يسمونه المكتوم لأنهم كانوا يكتمون اسمه حذرا عليه ثم أوصى محمد المكتوم إلى ابنه جعفر المصدق و جعفر المصدق إلى ابنه محمد الحبيب و محمد الحبيب إلى ابنه عبيد الله المهدي الذي دعا له أبو عبد الله الشيعي و كانت شيعهم منتشرين في الأرض من اليمن إلى الحجاز و البحرين و الطرق و خراسان و الكوفة و البصرة و الطالقان و كان محمد الحبيب ينزل سلمية من أرض حمص و كان عادتهم في كل ناحية يدعو للرضا من آل محمد و يرومون إظهار الدعوة بحسب ما عليهم و كان الشيعة من النواحي يعملون مكيهم في أكبر الأوقات لزيارة قبر الحسين ثم يعرجون على سلمية لزيارة الأئمة من ولد إسمعيل و كان باليمن من شيعتهم ثم بعده لأئمة قوم يعرفون ببني موسى و رجل آخر يعرف بمحمد بن الفضل أصله من جند و جاء محمد إلى زيارة الإمام محمد الحبيب فبعث معه أصحابه رستم بن الحسين بن حوشب بن داود النجار و هو كوفي الأصل و أمره الدعوة و أن المهدي خارج في هذا الوقت فسار إلى اليمن و نزل على بني موسى و أظهر الدعوة هنالك للمهدي من آل محمد الذي ينعتونه بالنعوت المعروفة عندهم فأتبعه و استولى على كثير من نواحي اليمن و كان أبو عبد الله الحسن بن أحمد بن محمد بن زكريا المعروف بالمحتسب و كان محتسبا بالبصرة و قيل إنما المحتسب أخوه أبو العباس المخطوم و أبو عبد الله يعرف بالعلم لأنه كان يعرف مذهب الإمامية الباطنية قد اتصل الإمام محمد الحبيب و خبر أهليته فأرسله إلى أبي حوشب و لزم مجالسته و أفاد علمه ثم بعثه مع الحاج اليمني إلى مكة و بعث معه عبد الله بن أبي ملا فأتى الموسم و لقي به رجالات كتامة مثل حريث الحميلي و موسى بن مكاد فاختلط بهم و عكفوا عليه لما رأوا عنده من العباد و الزهد و وجه إليهم بدرا من ذلك المذهب فاغتبط و اغتبطوا و ارتحل معهم إلى بلدهم و نزل بها منتصف ربيع سنة ثمان و ثلاثين و عين لهم مكان منزله بفتح الأحار و أن النص عنده من المهدي بذلك و لجهره المهدي و أن أنصاره الأخيار من أهل زمانه و أن اسم أنصاره مشتق من الكتمان و لم يعينه و اجتمع لمناظرته كثير من أهل كتامة فأبى ثم أطاعوه بعد فتن و حروب و اجتمعوا على دعوته و كانوا يسمونه أبا عبد الله المشرقي و الشيعي و لما اختلف كتامة عليه و اجتمع كثير منهم على قتله قام بنصرته الحسن بن هرون و سار به إلى جبل إيكجان و أنزله مدينة تاصروت من بلد زرارة و قاتل من لم يتبعه بمن تبعه حتى استقاموا جميعا على طاعته و بلغ خبره إبراهيم بن أحمد بن الأغلب عامل أفريقية بالقيروان فأرسل إلى عامل ميلة يسأله عن أمره فحقره و ذكر أنه رجل يلبس الخشن و يأمر بالعبادة و الخير فأعرض عنه حتى إذا اجتمع لأبي عبد الله أمره زحف في قبائل كتامة إلى بلد ميلة فملكها على الأمان بعد الحصار فبعث إبراهيم بن أحمد بن الأغلب ابنه الأحول في عسكرهم يجاور عشرين ألفا فهزم كتامة و امتنع أبو عبد الله بجبل إيكجان و أحرق الأحول مدينة تاصروت و مدينة ميلة و عاد إلى أفريقية و بني أبو عبد الله بجبل إيكجان مدينة سماها دار الهجرة ثم توفي إبراهيم بن الأغلب صاحب أفريقية و ولى ابنه أبو العباس و قتل و استقر الأمر لزيادة الله و كان الأحول حمل العساكر لحضوره
نسبة هؤلاء العبيدين إلى أول خلفائهم هو عبيد الله المهدي بن محمد الحبيب بن جعفر المصدق بن محمد المكتوم بن إسمعيل الإمام بن جعفر الصادق و لا يلتفت لإنكار هذا النسب فكتاب المعتضد إلى ابن الأغلب بالقيروان و ابن مدرار بسلجماسة يغريهم بالقبض عليه لما سار إلى المغرب شاهد بصحة نسبهم و شعر الشريف الرضي في قوله :
( ألبس الذل في بلاد الأعادي ... و بمصر الخليفة العلوي )
( من أبوه أبي و مولاه مولاي ... إذا ضامني البعيد القصي )
( لف عرقي بعرقه سيدا لنا ... س جميعا محمد و علي )
و أما المحضر الذي ثبت ببغداد أيام القادر بالقدح في نسبهم و شذ فيه أعلام الأئمة مثل القدوري و الصهيري و أبي العباس و الأبيوردي و أبي حامد الأسفرايني و أبي الفضل النسوي و أبي جعفر النسفي و من العلوية المرتضى و ابن البطحاوي و ابن الأزرق و زعيم الشيعة أبو عبد الله بن النعمان فهي شهادة على السماع و كان ذلك متصلا في دولة العباسية منذ مائتين من السنين فاشيا في أمصارهم و أعصارهم و الشهادة على السماع في مثله جائزة على أنها شهادة نفي و لا تعارض ما ثبت في كتاب المعتضد مع أن طبيعة الوجود في الإنقياد لهم و ظهور كلمتهم أدل شيء على صدق نسبهم و أما من جعل نسبهم في اليهودية أو النصرانية لميمون القداح أو غيره فكفاه إنما تعرضه لذلك و أما دعوتهم التي كانوا يدعون لها فقد تقدم ذكرها في مذاهب الشيعة من مقدمة الكتاب و انتقسمت مذاهب الشيعة مع اتفاقهم على تفضيل علي على جميع الصحابة إلى الزيدية القائلين بصحة إمامة الشيخين مع فضل علي و يجوزون إمامة المفضول و هو مذهب زيد الشهيد و اتباعه و الرافضة و يدعون بالإمامية المتبرئين من الشيخين بإهمالهما وصية النبي صلى الله عليه و سلم بخلافة علي مع أن هذه الوصية لم تنقل من طريق صحيح قال بها أحد من السلف الذين يقتض بهم و إنما هي من أوضاع الرافضة و انقسم الرافضة بعد ذلك إلى اثني عشرية نقلوا الخلافة من جعفر بعد الحسن و الحسين و علي زين العابدين و محمد الباقر و جعفر الصادق إلى ابنه موسى الكاظم و ولده على سلسلة واحدة إلى تمام الاثني عشر و هو محمد المهدي و زعموا أنه دخل سردابا و هم في انتظاره إلى الآن و إلى الإسماعيلية نقلوا الخلافة من جعفر الصادق إلى ابنه إسمعيل ثم ساقوها في عقبة فمنهم من انتهى بها إلى عبيد الله هذا المهدي و هم العبيديون و منهم من ساقها إلى يحيى بن عبيد الله بن محمد المكتوم و هؤلاء طائفة من القرامطة و هي من كذباتهم و لايعرف لمحمد بن إسمعيل ولد اسمه عبيد الله و كان شيعة هؤلاء العبيدين بالمشرق و اليمن و أفريقية و سار بها إلى أفريقية رجلان يعرف أحدهما بالحلواني و الآخر بالسفياني أنفذهما الشيعة إلى هنالك و قالوا لهما : إن العرب أرض بور فاذهبا و احرثاها حتى يحيا صاحب البذر و سارا لذلك و نزلا أرض كتامة أحدهما ببلد يسمى سوق حمار و فشت هذه الدعوة منهما في أهل تلك النواحي من البربر و خصوصا في كتامة و كانوا يزعمون أن النبي صلى الله عليه و سلم أوصى إلى علي بالخلافة بالنصوص الجلية و عدل عنها الصحابة إلى غيره فوجب البراءة ممن عدل عنها ثم أوصى علي إلى ابنه الحسن ثم الحسن إلى أخيه الحسين ثم الحسين إلى ابنه علي زين العابدين ثم زين العابدين إلى ابنه محمد الباقر ثم محمد الباقر إلى ابنه جعفر الصادق ثم جعفر الصادق إلى ابنه إسمعيل الإمام و منه إلى ابنه محمد و يسمونه المكتوم لأنهم كانوا يكتمون اسمه حذرا عليه ثم أوصى محمد المكتوم إلى ابنه جعفر المصدق و جعفر المصدق إلى ابنه محمد الحبيب و محمد الحبيب إلى ابنه عبيد الله المهدي الذي دعا له أبو عبد الله الشيعي و كانت شيعهم منتشرين في الأرض من اليمن إلى الحجاز و البحرين و الطرق و خراسان و الكوفة و البصرة و الطالقان و كان محمد الحبيب ينزل سلمية من أرض حمص و كان عادتهم في كل ناحية يدعو للرضا من آل محمد و يرومون إظهار الدعوة بحسب ما عليهم و كان الشيعة من النواحي يعملون مكيهم في أكبر الأوقات لزيارة قبر الحسين ثم يعرجون على سلمية لزيارة الأئمة من ولد إسمعيل و كان باليمن من شيعتهم ثم بعده لأئمة قوم يعرفون ببني موسى و رجل آخر يعرف بمحمد بن الفضل أصله من جند و جاء محمد إلى زيارة الإمام محمد الحبيب فبعث معه أصحابه رستم بن الحسين بن حوشب بن داود النجار و هو كوفي الأصل و أمره الدعوة و أن المهدي خارج في هذا الوقت فسار إلى اليمن و نزل على بني موسى و أظهر الدعوة هنالك للمهدي من آل محمد الذي ينعتونه بالنعوت المعروفة عندهم فأتبعه و استولى على كثير من نواحي اليمن و كان أبو عبد الله الحسن بن أحمد بن محمد بن زكريا المعروف بالمحتسب و كان محتسبا بالبصرة و قيل إنما المحتسب أخوه أبو العباس المخطوم و أبو عبد الله يعرف بالعلم لأنه كان يعرف مذهب الإمامية الباطنية قد اتصل الإمام محمد الحبيب و خبر أهليته فأرسله إلى أبي حوشب و لزم مجالسته و أفاد علمه ثم بعثه مع الحاج اليمني إلى مكة و بعث معه عبد الله بن أبي ملا فأتى الموسم و لقي به رجالات كتامة مثل حريث الحميلي و موسى بن مكاد فاختلط بهم و عكفوا عليه لما رأوا عنده من العباد و الزهد و وجه إليهم بدرا من ذلك المذهب فاغتبط و اغتبطوا و ارتحل معهم إلى بلدهم و نزل بها منتصف ربيع سنة ثمان و ثلاثين و عين لهم مكان منزله بفتح الأحار و أن النص عنده من المهدي بذلك و لجهره المهدي و أن أنصاره الأخيار من أهل زمانه و أن اسم أنصاره مشتق من الكتمان و لم يعينه و اجتمع لمناظرته كثير من أهل كتامة فأبى ثم أطاعوه بعد فتن و حروب و اجتمعوا على دعوته و كانوا يسمونه أبا عبد الله المشرقي و الشيعي و لما اختلف كتامة عليه و اجتمع كثير منهم على قتله قام بنصرته الحسن بن هرون و سار به إلى جبل إيكجان و أنزله مدينة تاصروت من بلد زرارة و قاتل من لم يتبعه بمن تبعه حتى استقاموا جميعا على طاعته و بلغ خبره إبراهيم بن أحمد بن الأغلب عامل أفريقية بالقيروان فأرسل إلى عامل ميلة يسأله عن أمره فحقره و ذكر أنه رجل يلبس الخشن و يأمر بالعبادة و الخير فأعرض عنه حتى إذا اجتمع لأبي عبد الله أمره زحف في قبائل كتامة إلى بلد ميلة فملكها على الأمان بعد الحصار فبعث إبراهيم بن أحمد بن الأغلب ابنه الأحول في عسكرهم يجاور عشرين ألفا فهزم كتامة و امتنع أبو عبد الله بجبل إيكجان و أحرق الأحول مدينة تاصروت و مدينة ميلة و عاد إلى أفريقية و بني أبو عبد الله بجبل إيكجان مدينة سماها دار الهجرة ثم توفي إبراهيم بن الأغلب صاحب أفريقية و ولى ابنه أبو العباس و قتل و استقر الأمر لزيادة الله و كان الأحول حمل العساكر لحضوره