حسن الترابى لـ "اليوم السابع" قبل زيارته للقاهرة: محاكمة مبارك عظة للمستقبل ورادعة لكل من يحكم..واتهمونى بمحاولة اغتيال الرئيس المخلوع وكانوا يعلمون المدبر الحقيق.. وأنصح الإخوان بالحذر من فتنة السلطة
الإثنين، 13 يونيو 2011 - 20:25
الترابى الترابى
حاورته بالخرطوم صباح موسى
Bookmark and Share Add to Google
الدكتور حسن عبدالله الترابى الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبى السودانى هو أحد القيادات المهمة والبارزة فى العالم الإسلامى، كان أحد رجال الحكم فى السودان فى الفترة من عام 1989 حتى عام 2000، وكان المدبر الفعلى للانقلاب الذى جاء بحكومة الرئيس السودانى الحالى عمر البشير بعد الانقلاب على حكومة الصادق المهدى، قبل أن يدب الخلاف بينه وبين البشير ويقف فى صفوف المعارضة.
كان النظام المصرى السابق يتخذ من الترابى موقفاً غامضاً، فكانت هناك اتهامات مصرية له بأنه الرأس المدبر لمحاولة اغتيال الرئيس السابق حسنى مبارك عام 1995 فى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، رغم أنه كان دائم النفى لهذا الاتهام، ولذلك منع من دخول مصر، وظل اسمه مع عدد من قيادات حزبه على رأس قائمة الممنوعين من دخول القاهرة، والتى حاول كثيرا زيارتها، ولكن محاولاته باءت بالفشل، وظل قرابة الثلاثين عاماً بعيداً عن تحقيق هذا الحلم، ومع مجىء الثورة المصرية، رفعت قوائم الحظر من مطار القاهرة، وانفرجت أسارير الرجل الذى كان معتقلا فى سجون الخرطوم، وفور خروجه من السجن أعلن ترحيبه بالثورة المصرية، التى كان دائما يتمنى لشعبها وشبابها الانطلاق، وقرر زيارة مصر لتصحيح المفاهيم المغلوطة التى رسمها النظام السابق ورجالاته عنه فى مصر.
"اليوم السابع" التقى الترابى فى الخرطوم قبل زيارته للقاهرة ووقفت معه على أهم القضايا والتحديات التى تواجه مصر بعد الثورة.
وفيما يلى نص الحوار:
هل صحيح أنك قررت زيارة مصر؟
نعم قررت زيارة القاهرة بعد الثورة، وهناك وفد مقدم من الحزب الآن للتمهيد للزيارة وهم المحبوب عبدالسلام الناطق الرسمى باسم الحزب فى الخارج، وكمال عمر الأمين السياسى، ونجوى عبداللطيف مسئولة المرأة، وسوف يلتقون مع كل الاتجاهات والأحزاب السياسية بمصر، وهم بالفعل قابلوا المرشد العام للإخوان المسلمين د.محمد بديع والإخوان رحبوا بزيارتى للقاهرة، وقال لهم بديع أنه سيزور الخرطوم قريبا.
هل هناك جهة مصرية معينة قدمت لكم الدعوة؟
لا ليست هناك جهة معينة.
متى ستبدأ هذه الزيارة؟
أنوى زيارة تونس واليمن وتركيا ومصر، من الممكن أن نقول إن الزيارة ستكون خلال أسبوعين أو ثلاثة على أقصى تقدير، فلدى بعض الأعمال فى السودان، وكذلك المشاكل مع الجنوب.
أنت كنت من الممنوعين من دخول مصر، ما السبب فى ذلك؟
كانت هناك اتهامات بأننى وراء محاولة اغتيال مبارك فى إثيوبيا عام 1995، مع أن النظام السابق فى مصر كان يعلم تماما من هو المدبر الحقيقى لهذه العملية، واستقبلوهم بمصر، ومنعونى من دخول مصر، ربما إرضاءً للنظام فى الخرطوم، رغم أنهم كانوا يستقبلون كل المعارضة السياسية بالبلاد وقياداتها، وكذلك الحركات المسلحة بدارفور.
ما تقييمك لحالة الانفلات الأمنى التى جاءت بعد الثورة؟
أراها أمرا طبيعيا، فبعد كل الثورات تحدث دائما حالة من الفوضى، فالشعب كله كان مكبوتا، وكل همه هو الهدم، والبناء هو الأصعب، ولكننى أقول إن مصر مجتمعها مترابط، ولا خوف عليه، الثورات خربت بلدانا أخرى نتيجة الفتنة فى السلطة مثلما حدث فى الصومال، فالدين هناك واحد، ولكنها الفتنة، لكن أثق أن هذا لن يحدث فى مصر.
فى تقديرك ماهى فرص الإخوان المسلمين فى حكم مصر؟
أجاب، بعد أن صمت قليلاً، قائلا: إن فرصتهم كبيرة، وكنت أتحدث معهم أن ينزلوا منهجهم إلى الناس والحياة العامة وفى كل الأمور التى تهم قطاعات كبيرة من الشعب فى الاقتصاد والمعاش والاتصال، وغيرها من أمور الحياة، حتى يكتسبوا التجربة.
معنى ذلك أنه كان هناك حوار بينك وبين الإخوان فى مصر فى السابق؟
لا ليس كذلك، ولكن كانت تزورنى قيادات منهم وتجار عندما كانوا يأتون للخرطوم بشكل فردى، وكنا نتبادل الكتب وكنت أنصحهم بالمنهج ونزوله لأرض الواقع، والابتعاد عن الشعارات للدخول فى كل القضايا والتفاعل معها، حتى تكون هناك تجربة، وعندما تأتى الفرصة فى الحكم تكون الأمور سهلة، أما عدم نزول الأفكار فيجعل الأفق ضيقا، وأشفق على الشعوب، فلو فشلت الحركة معناه أزمة كبيرة على البلاد.
وما رأيك فى فكر الإخوان بالفصل بين الجماعة وتكوين حزب سياسى؟
العلاقة بين هذا الكيان والحزب لم أعرفها حتى أحكم، ولكن أتوقع أن تكون احتمالات التداخل كبيرة بينهما.
ما هى نصائحك للإخوان إذا وصلوا للحكم فلديكم تجربة؟
نعم لدينا تجربة ورغم حديثى عن الانفتاح فيها على الآخرين بالداخل والخارج، فإن تجربتنا فى حكم السودان بها أخطاء، أهمها الفتنة فى السلطة، فلم نكن نتوقع أننا سنفتن فيها بهذه الدرجة، وكنا نطمئن إلى أن المال الخاص هو المال العام، فتجربتنا بها سلبيات وإيجابيات، فهناك سلطة وأخلاق ومجتمع، وينبغى أن نترك الرقابة والضغوط للمجتمع، ومن المهم أن تكون وزارة الأوقاف مشرفة على العمل الخيرى، كتبنا عن إنجازاتنا وسلبياتنا بتجرد حتى يتعظ من يريدون تقليدنا.
الإخوان فى مصر أنشأوا شركة للإنتاج الفنى ربما لمرور الفن عبر بوابة دينية، ما رأيك فى هذه الفكرة؟
هناك فرق بين التحكم بالقانون، والتحكم بالأخلاق، لابد أن تبتعد السلطة من هذه الأشياء، ولابد أن نترك المجال لرقابة المجتمع، لابد من إنتاج فنى يفيد الناس، لابد من تشجيعه وتمويله حتى يكون هناك إنتاج جيد ينافس الفن الخبيث.
حتى لو كان هذا العمل الفنى به مشاهد مخلة؟
نترك هذا لحكم المجتمع، هو الذى يحدد ذلك ونبعد السلطة تماما، نستعمل الضغوط الاجتماعية، ونجعل المجتمع هو الرقيب، فى الوقت نفسه أغذى المجتمع بثقافتنا، ولابد أن يكون الفن عاليا، ننتج موسيقى تنافس، وشعر ومسرح وكل أشكال الفنون، الله أعطانا مواهب فنية ممكن أن ندخل بها الجنة مثلما تدخل أعمالنا فى السياسة والصحافة والنواحى الأخرى كل فى مجاله، لابد أن نترك التعليم والخدمات الاجتماعية للعمل الخيرى والطوعى بعيداً عن السلطة أيضا، نختصر كل الترهلات والعمالة الزائدة فى العمل الواحد ونزود الأجر، حتى لا نجبر العامل أو الموظف للفساد، وحتى أستطيع أن أحاسبه فيما بعد، ولذلك نحتاج لأخلاق جديدة عن طريق الكتب والمنظمات نترك الناس تعمل بحرية كل كما يشاء.
هل نستطيع أن نقول إنكم اقتنعتم بفصل الدين عن السياسة؟
لا.. لا فالناس تنظر للدين التقليدى، ولكن الدين الحقيقى هو الحياة، والصناعة والزراعة والعلاقات الدولية، هو كل مناحى الحياة، والدين يستطيع أن يدير الحياة، ولكن المشكلة فى الأفراد الذين يطبقونه فهم يخطئون فى التطبيق، فلابد من تنزيل عبادتى إلى أرض الواقع، فالدين هو الفنون، ويمكننى أن أعبد الله بالفن، ولا نربطها بالحلال والحرام، فنريد التطوير فى كل النواحى، أقول للإخوان إن لدينا تجربة لابد وأن تطلعوا عليها لأن بها إخفاقات، لا نريد لكم الفشل إذا كانت لكم الغلبة فى حكم مصر، حتى لا تكون تجربة ثانية لحركة إسلامية، وفى بلد مثل مصر هذا يعنى الكثير، ومصر بلد رمز بالمنطقة، ومعناها أن الحكم بالدين تجربة سيئة، أقول للإخوان انفتحوا على الجميع فى الداخل والخارج، فلكم وزن كبير فى العالم الآن.
من وجهة نظرك من هو الأوفر حظاً من المرشحين لرئاسة مصر؟
طبعا هى ليست كفاءة فى شخصية الفرد، بقدر ما هى دعم شعبى وقاعدة عريضة وتواصل مع المجتمع، لابد من النزول إلى الناس والشارع والالتحام وحل المشاكل، والتعاطى مع القضايا بشكل فعلى لتلبية احتياجات الناس، أستطيع أن أعرف أن شخصية كانت تعمل فى منظمة دولية ولديها كفاءة، لكن تعاملها مع الناس والقواعد لا أعرفها، فلا أستطيع أن أقول هناك من هو أوفر حظا، كل ما أقوله إن الشعب فى مصر هو الذى سيقود فى المرحلة القادمة.
هل الجو العام فى مصر مهيأ لإجراء انتخابات؟
لابد أن ننظر للمناهج والبرامج ونقارنها، وأن يكون هناك نظام للانتخابات يتسع لفرص إعلامية بالعدل، وحملات إعلانية للترويج عن البرامج، حتى نعرض كل السلع فى المعرض لنختار من يناسبنا، الكل سيعمل، ولست مشغولا بالشخص الأول فهذه فكرة انتهت، لابد أن نترك فرصة للشورى أن تعمل حقيقة، بعد ذلك سنجد أن الأحزاب ستتجه من تلقاء نفسها إلى الناس.
هل أنت مع محاكمة على مبارك؟
محاكمة مبارك ستكون رادعة لكل من يحكم من بعده، لابد أن يعاقب مبارك حتى يكون عظة للمستقبل، ولكن لابد ألا ننشغل بالحسابات مع الماضى، كنا مشغولين بالهدم، وقد هدمنا، فلا أحب الانخراط فى الماضى، لابد من العمل للأمام، وإطلاق الحريات، بعمل ضوابط جديدة نستفيد فيها من أخطاء الماضى.
ما رأيك فى شكل العلاقة بين مصر والسودان بعد الثورة؟
مصر انقطعت عن السودان فترة طويلة، وكذلك السودان فكان هناك من يتعلم بمصر، وأذكر عندما أتى وفد مصرى لزيارة السودان بعد الثورة، تحدث أحد أعضاء الوفد عنى على أننا سلفى ولدى جيش سلفى، وأنا من القاعدة وأنا الذى فصلت الجنوب، فهذا يدل على أن مصر بعدت عنا كثيرا، ولابد لنا أن نطلق التجارة والمعاملات، ونتبادل الثقافات والزيارات ونتفاعل مع بعضنا البعض.
رغم كلامك عن ضرورة التلاحم والتعاون بين الشعبين، إلا أنه عند زيارة الوفد المصرى للخرطوم، وتبرع الحكومة بمليون فدان لمصر، وجدنا معارضة من قطاعات كبيرة فى الشعب السودانى؟
هذا لأن الوفد الذى أتى إلى الخرطوم لا يمثل كل الشعب المصرى، ثانيا، الحكومة أتت به لخوفها من الثورة المصرية وتمددها فى السودان، نريد فتح الشعوب على بعضها البعض.
دعنا ننتقل إلى الوضع فى السودان، هل الأحزاب السودانية قادرة على تحريك الشارع؟
الشوارع فى المنطقة فى مصر وتونس مثلا لم تخرج تحت قيادة الأحزاب.
إذن تعتمدون على الشارع؟ فى رأيك هل سيتحرك الشارع السودانى؟
سيتحرك.. جربناه من قبل مرتين فى عام 64، وفى عام 86، الثورات دائما صعب التنبؤ بها، الحال فى مصر وتونس كان يائسا، ولم يكن أحد يتنبأ بأى حال ما حدث، والوضع فى السودان شذ عن كل القواعد، ومن الصعب جدا استمرار حكم مركزى محتكر السلطة، وليست هناك أية معادلة للتراضى مع الناس، فالسودان لم يكن قطرا عبر السنين، كنا نتحرك عبر أفريقيا كلها، ومالى كانت سودانية، ولم نكن نشعر بأى غربة ولا استنكار فى الحركة والتجارة.
هناك تغييرات يشرع فيها النظام السودانى حتى يلبى تطلعات الشارع، فى تقديرك هل هذه التغييرات كافية لإرضاء الشارع؟
أين هى هذه التغييرات؟
الرئيس البشير أعلن أنه لن يترشح بعد ذلك، وهناك دعوة صريحة للقوى السياسية المختلفة للمشاركة فى تشكيل الحكومة وفى صياغة الدستور، وتكوين جهة لمحاربة الفساد، وتقديم الذمم المالية للمسئولين ألا ترى أن هذا تغيير؟
- البشير قال إنه لن يرشح نفسه فعلا، ولكن أين نحن والترشيح الآن مازالت هناك أربع سنوات، وهذا يعنى أن هذا ليس وقت الحديث عن الترشيح، ثم أننا سمعنا ذلك من قبل من مبارك وعلى عبدالله صالح، فهذا كله كلام ولن ينفذ، أما عن الدستور، أسألك هناك كم دستور تم إلى الآن؟ كثيرا، فهم كلما انتهت دورة فى الحكم يصوغون دستورا آخر حتى يحدد لهم فترتين أخرتين وهكذا، أما عن المشاركة فى السلطة فهى مجرد ديكور يزينون به حكمهم، وليست مشاركة حقيقية، وقصة محاربة الفساد كلها شعارات وتمثيليات، فالناس يسمعون مثل هذا الحديث ويرون الفساد مستشرياً، ونحن فى مجتمع سهل جدا تتحقق من الثراء غير المشروع والفساد، أما جهة محاربة الفاسدين واضحة من أول يوم، فلابد أن يبدأوا بأنفسهم أولا حتى يطمئن الناس، لا يوجد لدينا حرية صحافة، ولكن لدينا حرية كلام، فالكلام فى الشارع ينتشر أكبر وأسرع من أى صحيفة، فهذا كله حديث لن ينفذ، كانوا قبل ذلك لا يتحدثون ولا ينفذون، أما الآن فهم خائفون أن يأتى حاكم آخر يحاسبهم مثلما يحدث فى مصر وتونس.
لكن هناك حواراً بين المؤتمر الوطنى وبين حزبى الأمة والاتحادى حول هذه المشاركة؟
لا أحب أن أتحدث عن المعارضة، فالنظام يعمل بطريقة فرق تسد، ولكن دعينى أقول إن الثورات يقودها الشعب، وستأتى أحزاب جديدة للساحة السياسية، والقديمة سوف تتجدد، وسيأتى الحديث عن الحريات.
هل تعتقد أن الأمة والاتحادى سيشاركان فى الحكومة الجديدة؟
لو دخلوا فى الحكم سيكونون شيئا آخر غير الأمة والاتحادى، وسيكون عملهم مجرد ديكور للسلطة، يلبون أوامرها، ولن يكونوا شركاء فى صنع القرار، وسوف تظهر أحزاب جديدة، وسوف تتغير صورة الزعيم الدينى للحزب. على أية حال توقعاتى بانضمام الأمة والاتحادى فى السلطة ليست كبيرة، وانضمامهم سيفقدهم قواعدهم، ولن يعطى شعبية للنظام.
ما هى طبيعة الخلاف الذى دار بينك وبين الصادق المهدى؟
عندما كنت أحذر من النزعة للانفصال من قبل كنت أدافع عن السودان وليس عن الحكومة، فالجنوب ليس حلايب، فهو مساحة كبيرة وثروة هائلة، ونحن فى الأحزاب قررنا إسقاط النظام، واجتمعنا على أنه لابد من إزالته، حتى نحافظ على الأقل على أجواء سليمة مع الجنوب بعد الانفصال، وعندما خرجت من السجن وجدت أن الصادق المهدى يحاورهم، ولا ندرى ما هى النتائج، ولم أذكر اسم حزب، قلت إن هناك جهة خلفت وعدها، والصادق رد بانفعال شديد، وتحدث عن أشياء قديمة، وأن الترابى فعل كذا وكذا، لكنى لن أرد عليه، ليس اعتبارا للنسب بيننا، ولكنى لا أنشغل بالشخصيات، وأعتبره خلافا فى وجهات النظر.
ما هى رؤيتك للخلافات التى بدأت تشب داخل الحزب الحاكم؟
فى السابق كان الرأى واحداً فقط داخل المؤتمر الوطنى، والباقى مكبوت، أما الآن فهم يرون ما حولهم، فعلت الأصوات المكبوتة، ودائما نلاحظ أن النظم عندما توشك على الانهيار نجد داخلها ينهار وخارجها يقوى، وهنا يحصل الضغط.
وكيف قرأت سيناريو الإطاحة بـصلاح عبد الله قوش مستشار الرئيس الأمنى ومدير جهاز الأمن والمخابرات السابق؟
لا أريد أن أتحدث عن أشخاص، ولكن الطغاة لا يريدون شركاء، فهناك أساليب للضغط، منها تسجيلات معينة تدين المسئول، وبعدها تكون المساومات لتحقيق ما يريدون. وفى أى مكان دائما يكون الخوف من الجيش، فهو الذى يقوم بالانقلاب، ولذلك فكروا فى حماية النظام بتقوية أجهزة الأمن، وأعطوا لها السلطة والمال، وأصبحت ذات نفوذ عالى وقوة اقتصادية كبيرة، وأصبح مسئول الأمن يتحدث عالميا، وأصبح ينافس، وعندما أراد أن يجنح كانت هذه هى النتيجة.
ما تعليقك على الوثيقة النهائية التى توصلت إليها الوساطة بشأن دارفور فى الدوحة؟
هذه الوثيقة أخذناها من النت، وعندما دعونا لمؤتمر أصحاب المصلحة بالدوحة لم يقدموا لنا ورقة فى المؤتمر، ولم نعرف الموضوع. الحكومة وحركة فقط يقولون الوثيقة الوثيقة نحن نؤيد الوثيقة، ولكنى قرأتها جيدا وتحدثت حولها مع كثير من الحركات، وأرى أنها ليس لها واقع، هى فقط مبادئ محدودة، وحدثت الحركات بضرورة قراءة الوثيقة جيدا، حتى لا يقال إنهم وقعوا دون وعى.
هل ستنضم "العدل والمساواة" فى عملية التفاوض؟
الحكومة كل مرة تقول لن نفاوض أحدا بعد هذه المرة، ونراها تفاوض وتفاوض.
هل أنت مطمئن إلى أن مفاوضات الدوحة ستنهى الأزمة فى دارفور؟
أنا خائف من دارفور لأنها كانت دولة مستقلة من قبل، والجنوب يمكن أن يساعدها بعد إعلان الانفصال، ويمكنهم أن يطالبوا بحق تقرير المصير، فالنزعة المنتشرة الآن فى المنطقة هى حق تقرير المصير، وأخشى أن تكون هذه الكلمة هى المخرج، فدارفور لديها مقاتلون أقوياء وقبائل متداخلة مع دول الجوار.
الحكومة تقول إن هناك عناصر من العدل والمساواة تحارب مع قوات القذافى أتوافق هذا الحديث؟
هناك بعض الأفارقة يقولون عنهم سودانيون هناك، فالتشاديون مثلا يقولون عنهم "سودانيون"، أما قوات خليل إبراهيم فليست فى ليبيا هى موجودة بدارفور، والحكومة تقول ذلك حتى يثور الشعب الليبى ضدهم، وهم يريدون إلصاق التهمة على خليل لمزيد من الضغط عليه هناك.
"العدل والمساواة" أعلنت أن خليل إبراهيم تعرض لمحاولة اغتيال بليبيا، واتهمت الخرطوم بأنها وراء هذا الأمر، فى تقديرك هل تفعلها الحكومة؟
ليس عندى بيان بذلك، ولكنه منتشر بين الناس بأنهم حاولوا تسميم خليل، ويمكن أن يخترقوا الأمن الليبى إما بالمال أو بالأسرة، فإذا كان هناك قريب من خليل يستطيعون الضغط على أسرته لفعل ذلك.
الوضع فى جنوب كردفان وفى أبيى متأزم جدا.. هل يمكن أن تفجر أبيى السلام بين الشمال والجنوب؟
من الممكن فعلا أن تفجر السلام، هى وحدود أخرى، وينبغى أن تكون هذه الحدود للتواصل والتعايش بين الشمال والجنوب، فوضعية المنطقة فى الحالتين سواء كانت أبيى فى الشمال، أو تابعة للجنوب ستكون خطراً.
وما هو الحل فى نظرك؟
التواصل وليس الجوار، والحكومة أخذت إجراءات صارمة بخصوص الجنسية للجنوبيين بعد الانفصال، السودان يعطى الجنسية للأجانب، فلماذا يحرمها ممن كانوا سودانيين أصلا، سوف يخسرون.
ما رأيك فى فكرة تكوين حزب تابع للحركة الشعبية فى الشمال بعد الانفصال؟
حزبنا له حزب آخر فى الجنوب، ولكنه حزب مستقل لا ندعمه، فقط الفكر واحد، ويمكننا إقامة مؤتمرات عالمية، ومن حق الحركة الشعبية أن يكون لها حزب فى الشمال، ولكن يجب أن يكون مستقلا عن الحركة الشعبية فى الجنوب، فنريد الوحدة مرة أخرى على أسس وفكرة وحدة الأحزاب فى الشمال والجنوب ستقرب أكثر.
الإثنين، 13 يونيو 2011 - 20:25
الترابى الترابى
حاورته بالخرطوم صباح موسى
Bookmark and Share Add to Google
الدكتور حسن عبدالله الترابى الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبى السودانى هو أحد القيادات المهمة والبارزة فى العالم الإسلامى، كان أحد رجال الحكم فى السودان فى الفترة من عام 1989 حتى عام 2000، وكان المدبر الفعلى للانقلاب الذى جاء بحكومة الرئيس السودانى الحالى عمر البشير بعد الانقلاب على حكومة الصادق المهدى، قبل أن يدب الخلاف بينه وبين البشير ويقف فى صفوف المعارضة.
كان النظام المصرى السابق يتخذ من الترابى موقفاً غامضاً، فكانت هناك اتهامات مصرية له بأنه الرأس المدبر لمحاولة اغتيال الرئيس السابق حسنى مبارك عام 1995 فى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، رغم أنه كان دائم النفى لهذا الاتهام، ولذلك منع من دخول مصر، وظل اسمه مع عدد من قيادات حزبه على رأس قائمة الممنوعين من دخول القاهرة، والتى حاول كثيرا زيارتها، ولكن محاولاته باءت بالفشل، وظل قرابة الثلاثين عاماً بعيداً عن تحقيق هذا الحلم، ومع مجىء الثورة المصرية، رفعت قوائم الحظر من مطار القاهرة، وانفرجت أسارير الرجل الذى كان معتقلا فى سجون الخرطوم، وفور خروجه من السجن أعلن ترحيبه بالثورة المصرية، التى كان دائما يتمنى لشعبها وشبابها الانطلاق، وقرر زيارة مصر لتصحيح المفاهيم المغلوطة التى رسمها النظام السابق ورجالاته عنه فى مصر.
"اليوم السابع" التقى الترابى فى الخرطوم قبل زيارته للقاهرة ووقفت معه على أهم القضايا والتحديات التى تواجه مصر بعد الثورة.
وفيما يلى نص الحوار:
هل صحيح أنك قررت زيارة مصر؟
نعم قررت زيارة القاهرة بعد الثورة، وهناك وفد مقدم من الحزب الآن للتمهيد للزيارة وهم المحبوب عبدالسلام الناطق الرسمى باسم الحزب فى الخارج، وكمال عمر الأمين السياسى، ونجوى عبداللطيف مسئولة المرأة، وسوف يلتقون مع كل الاتجاهات والأحزاب السياسية بمصر، وهم بالفعل قابلوا المرشد العام للإخوان المسلمين د.محمد بديع والإخوان رحبوا بزيارتى للقاهرة، وقال لهم بديع أنه سيزور الخرطوم قريبا.
هل هناك جهة مصرية معينة قدمت لكم الدعوة؟
لا ليست هناك جهة معينة.
متى ستبدأ هذه الزيارة؟
أنوى زيارة تونس واليمن وتركيا ومصر، من الممكن أن نقول إن الزيارة ستكون خلال أسبوعين أو ثلاثة على أقصى تقدير، فلدى بعض الأعمال فى السودان، وكذلك المشاكل مع الجنوب.
أنت كنت من الممنوعين من دخول مصر، ما السبب فى ذلك؟
كانت هناك اتهامات بأننى وراء محاولة اغتيال مبارك فى إثيوبيا عام 1995، مع أن النظام السابق فى مصر كان يعلم تماما من هو المدبر الحقيقى لهذه العملية، واستقبلوهم بمصر، ومنعونى من دخول مصر، ربما إرضاءً للنظام فى الخرطوم، رغم أنهم كانوا يستقبلون كل المعارضة السياسية بالبلاد وقياداتها، وكذلك الحركات المسلحة بدارفور.
ما تقييمك لحالة الانفلات الأمنى التى جاءت بعد الثورة؟
أراها أمرا طبيعيا، فبعد كل الثورات تحدث دائما حالة من الفوضى، فالشعب كله كان مكبوتا، وكل همه هو الهدم، والبناء هو الأصعب، ولكننى أقول إن مصر مجتمعها مترابط، ولا خوف عليه، الثورات خربت بلدانا أخرى نتيجة الفتنة فى السلطة مثلما حدث فى الصومال، فالدين هناك واحد، ولكنها الفتنة، لكن أثق أن هذا لن يحدث فى مصر.
فى تقديرك ماهى فرص الإخوان المسلمين فى حكم مصر؟
أجاب، بعد أن صمت قليلاً، قائلا: إن فرصتهم كبيرة، وكنت أتحدث معهم أن ينزلوا منهجهم إلى الناس والحياة العامة وفى كل الأمور التى تهم قطاعات كبيرة من الشعب فى الاقتصاد والمعاش والاتصال، وغيرها من أمور الحياة، حتى يكتسبوا التجربة.
معنى ذلك أنه كان هناك حوار بينك وبين الإخوان فى مصر فى السابق؟
لا ليس كذلك، ولكن كانت تزورنى قيادات منهم وتجار عندما كانوا يأتون للخرطوم بشكل فردى، وكنا نتبادل الكتب وكنت أنصحهم بالمنهج ونزوله لأرض الواقع، والابتعاد عن الشعارات للدخول فى كل القضايا والتفاعل معها، حتى تكون هناك تجربة، وعندما تأتى الفرصة فى الحكم تكون الأمور سهلة، أما عدم نزول الأفكار فيجعل الأفق ضيقا، وأشفق على الشعوب، فلو فشلت الحركة معناه أزمة كبيرة على البلاد.
وما رأيك فى فكر الإخوان بالفصل بين الجماعة وتكوين حزب سياسى؟
العلاقة بين هذا الكيان والحزب لم أعرفها حتى أحكم، ولكن أتوقع أن تكون احتمالات التداخل كبيرة بينهما.
ما هى نصائحك للإخوان إذا وصلوا للحكم فلديكم تجربة؟
نعم لدينا تجربة ورغم حديثى عن الانفتاح فيها على الآخرين بالداخل والخارج، فإن تجربتنا فى حكم السودان بها أخطاء، أهمها الفتنة فى السلطة، فلم نكن نتوقع أننا سنفتن فيها بهذه الدرجة، وكنا نطمئن إلى أن المال الخاص هو المال العام، فتجربتنا بها سلبيات وإيجابيات، فهناك سلطة وأخلاق ومجتمع، وينبغى أن نترك الرقابة والضغوط للمجتمع، ومن المهم أن تكون وزارة الأوقاف مشرفة على العمل الخيرى، كتبنا عن إنجازاتنا وسلبياتنا بتجرد حتى يتعظ من يريدون تقليدنا.
الإخوان فى مصر أنشأوا شركة للإنتاج الفنى ربما لمرور الفن عبر بوابة دينية، ما رأيك فى هذه الفكرة؟
هناك فرق بين التحكم بالقانون، والتحكم بالأخلاق، لابد أن تبتعد السلطة من هذه الأشياء، ولابد أن نترك المجال لرقابة المجتمع، لابد من إنتاج فنى يفيد الناس، لابد من تشجيعه وتمويله حتى يكون هناك إنتاج جيد ينافس الفن الخبيث.
حتى لو كان هذا العمل الفنى به مشاهد مخلة؟
نترك هذا لحكم المجتمع، هو الذى يحدد ذلك ونبعد السلطة تماما، نستعمل الضغوط الاجتماعية، ونجعل المجتمع هو الرقيب، فى الوقت نفسه أغذى المجتمع بثقافتنا، ولابد أن يكون الفن عاليا، ننتج موسيقى تنافس، وشعر ومسرح وكل أشكال الفنون، الله أعطانا مواهب فنية ممكن أن ندخل بها الجنة مثلما تدخل أعمالنا فى السياسة والصحافة والنواحى الأخرى كل فى مجاله، لابد أن نترك التعليم والخدمات الاجتماعية للعمل الخيرى والطوعى بعيداً عن السلطة أيضا، نختصر كل الترهلات والعمالة الزائدة فى العمل الواحد ونزود الأجر، حتى لا نجبر العامل أو الموظف للفساد، وحتى أستطيع أن أحاسبه فيما بعد، ولذلك نحتاج لأخلاق جديدة عن طريق الكتب والمنظمات نترك الناس تعمل بحرية كل كما يشاء.
هل نستطيع أن نقول إنكم اقتنعتم بفصل الدين عن السياسة؟
لا.. لا فالناس تنظر للدين التقليدى، ولكن الدين الحقيقى هو الحياة، والصناعة والزراعة والعلاقات الدولية، هو كل مناحى الحياة، والدين يستطيع أن يدير الحياة، ولكن المشكلة فى الأفراد الذين يطبقونه فهم يخطئون فى التطبيق، فلابد من تنزيل عبادتى إلى أرض الواقع، فالدين هو الفنون، ويمكننى أن أعبد الله بالفن، ولا نربطها بالحلال والحرام، فنريد التطوير فى كل النواحى، أقول للإخوان إن لدينا تجربة لابد وأن تطلعوا عليها لأن بها إخفاقات، لا نريد لكم الفشل إذا كانت لكم الغلبة فى حكم مصر، حتى لا تكون تجربة ثانية لحركة إسلامية، وفى بلد مثل مصر هذا يعنى الكثير، ومصر بلد رمز بالمنطقة، ومعناها أن الحكم بالدين تجربة سيئة، أقول للإخوان انفتحوا على الجميع فى الداخل والخارج، فلكم وزن كبير فى العالم الآن.
من وجهة نظرك من هو الأوفر حظاً من المرشحين لرئاسة مصر؟
طبعا هى ليست كفاءة فى شخصية الفرد، بقدر ما هى دعم شعبى وقاعدة عريضة وتواصل مع المجتمع، لابد من النزول إلى الناس والشارع والالتحام وحل المشاكل، والتعاطى مع القضايا بشكل فعلى لتلبية احتياجات الناس، أستطيع أن أعرف أن شخصية كانت تعمل فى منظمة دولية ولديها كفاءة، لكن تعاملها مع الناس والقواعد لا أعرفها، فلا أستطيع أن أقول هناك من هو أوفر حظا، كل ما أقوله إن الشعب فى مصر هو الذى سيقود فى المرحلة القادمة.
هل الجو العام فى مصر مهيأ لإجراء انتخابات؟
لابد أن ننظر للمناهج والبرامج ونقارنها، وأن يكون هناك نظام للانتخابات يتسع لفرص إعلامية بالعدل، وحملات إعلانية للترويج عن البرامج، حتى نعرض كل السلع فى المعرض لنختار من يناسبنا، الكل سيعمل، ولست مشغولا بالشخص الأول فهذه فكرة انتهت، لابد أن نترك فرصة للشورى أن تعمل حقيقة، بعد ذلك سنجد أن الأحزاب ستتجه من تلقاء نفسها إلى الناس.
هل أنت مع محاكمة على مبارك؟
محاكمة مبارك ستكون رادعة لكل من يحكم من بعده، لابد أن يعاقب مبارك حتى يكون عظة للمستقبل، ولكن لابد ألا ننشغل بالحسابات مع الماضى، كنا مشغولين بالهدم، وقد هدمنا، فلا أحب الانخراط فى الماضى، لابد من العمل للأمام، وإطلاق الحريات، بعمل ضوابط جديدة نستفيد فيها من أخطاء الماضى.
ما رأيك فى شكل العلاقة بين مصر والسودان بعد الثورة؟
مصر انقطعت عن السودان فترة طويلة، وكذلك السودان فكان هناك من يتعلم بمصر، وأذكر عندما أتى وفد مصرى لزيارة السودان بعد الثورة، تحدث أحد أعضاء الوفد عنى على أننا سلفى ولدى جيش سلفى، وأنا من القاعدة وأنا الذى فصلت الجنوب، فهذا يدل على أن مصر بعدت عنا كثيرا، ولابد لنا أن نطلق التجارة والمعاملات، ونتبادل الثقافات والزيارات ونتفاعل مع بعضنا البعض.
رغم كلامك عن ضرورة التلاحم والتعاون بين الشعبين، إلا أنه عند زيارة الوفد المصرى للخرطوم، وتبرع الحكومة بمليون فدان لمصر، وجدنا معارضة من قطاعات كبيرة فى الشعب السودانى؟
هذا لأن الوفد الذى أتى إلى الخرطوم لا يمثل كل الشعب المصرى، ثانيا، الحكومة أتت به لخوفها من الثورة المصرية وتمددها فى السودان، نريد فتح الشعوب على بعضها البعض.
دعنا ننتقل إلى الوضع فى السودان، هل الأحزاب السودانية قادرة على تحريك الشارع؟
الشوارع فى المنطقة فى مصر وتونس مثلا لم تخرج تحت قيادة الأحزاب.
إذن تعتمدون على الشارع؟ فى رأيك هل سيتحرك الشارع السودانى؟
سيتحرك.. جربناه من قبل مرتين فى عام 64، وفى عام 86، الثورات دائما صعب التنبؤ بها، الحال فى مصر وتونس كان يائسا، ولم يكن أحد يتنبأ بأى حال ما حدث، والوضع فى السودان شذ عن كل القواعد، ومن الصعب جدا استمرار حكم مركزى محتكر السلطة، وليست هناك أية معادلة للتراضى مع الناس، فالسودان لم يكن قطرا عبر السنين، كنا نتحرك عبر أفريقيا كلها، ومالى كانت سودانية، ولم نكن نشعر بأى غربة ولا استنكار فى الحركة والتجارة.
هناك تغييرات يشرع فيها النظام السودانى حتى يلبى تطلعات الشارع، فى تقديرك هل هذه التغييرات كافية لإرضاء الشارع؟
أين هى هذه التغييرات؟
الرئيس البشير أعلن أنه لن يترشح بعد ذلك، وهناك دعوة صريحة للقوى السياسية المختلفة للمشاركة فى تشكيل الحكومة وفى صياغة الدستور، وتكوين جهة لمحاربة الفساد، وتقديم الذمم المالية للمسئولين ألا ترى أن هذا تغيير؟
- البشير قال إنه لن يرشح نفسه فعلا، ولكن أين نحن والترشيح الآن مازالت هناك أربع سنوات، وهذا يعنى أن هذا ليس وقت الحديث عن الترشيح، ثم أننا سمعنا ذلك من قبل من مبارك وعلى عبدالله صالح، فهذا كله كلام ولن ينفذ، أما عن الدستور، أسألك هناك كم دستور تم إلى الآن؟ كثيرا، فهم كلما انتهت دورة فى الحكم يصوغون دستورا آخر حتى يحدد لهم فترتين أخرتين وهكذا، أما عن المشاركة فى السلطة فهى مجرد ديكور يزينون به حكمهم، وليست مشاركة حقيقية، وقصة محاربة الفساد كلها شعارات وتمثيليات، فالناس يسمعون مثل هذا الحديث ويرون الفساد مستشرياً، ونحن فى مجتمع سهل جدا تتحقق من الثراء غير المشروع والفساد، أما جهة محاربة الفاسدين واضحة من أول يوم، فلابد أن يبدأوا بأنفسهم أولا حتى يطمئن الناس، لا يوجد لدينا حرية صحافة، ولكن لدينا حرية كلام، فالكلام فى الشارع ينتشر أكبر وأسرع من أى صحيفة، فهذا كله حديث لن ينفذ، كانوا قبل ذلك لا يتحدثون ولا ينفذون، أما الآن فهم خائفون أن يأتى حاكم آخر يحاسبهم مثلما يحدث فى مصر وتونس.
لكن هناك حواراً بين المؤتمر الوطنى وبين حزبى الأمة والاتحادى حول هذه المشاركة؟
لا أحب أن أتحدث عن المعارضة، فالنظام يعمل بطريقة فرق تسد، ولكن دعينى أقول إن الثورات يقودها الشعب، وستأتى أحزاب جديدة للساحة السياسية، والقديمة سوف تتجدد، وسيأتى الحديث عن الحريات.
هل تعتقد أن الأمة والاتحادى سيشاركان فى الحكومة الجديدة؟
لو دخلوا فى الحكم سيكونون شيئا آخر غير الأمة والاتحادى، وسيكون عملهم مجرد ديكور للسلطة، يلبون أوامرها، ولن يكونوا شركاء فى صنع القرار، وسوف تظهر أحزاب جديدة، وسوف تتغير صورة الزعيم الدينى للحزب. على أية حال توقعاتى بانضمام الأمة والاتحادى فى السلطة ليست كبيرة، وانضمامهم سيفقدهم قواعدهم، ولن يعطى شعبية للنظام.
ما هى طبيعة الخلاف الذى دار بينك وبين الصادق المهدى؟
عندما كنت أحذر من النزعة للانفصال من قبل كنت أدافع عن السودان وليس عن الحكومة، فالجنوب ليس حلايب، فهو مساحة كبيرة وثروة هائلة، ونحن فى الأحزاب قررنا إسقاط النظام، واجتمعنا على أنه لابد من إزالته، حتى نحافظ على الأقل على أجواء سليمة مع الجنوب بعد الانفصال، وعندما خرجت من السجن وجدت أن الصادق المهدى يحاورهم، ولا ندرى ما هى النتائج، ولم أذكر اسم حزب، قلت إن هناك جهة خلفت وعدها، والصادق رد بانفعال شديد، وتحدث عن أشياء قديمة، وأن الترابى فعل كذا وكذا، لكنى لن أرد عليه، ليس اعتبارا للنسب بيننا، ولكنى لا أنشغل بالشخصيات، وأعتبره خلافا فى وجهات النظر.
ما هى رؤيتك للخلافات التى بدأت تشب داخل الحزب الحاكم؟
فى السابق كان الرأى واحداً فقط داخل المؤتمر الوطنى، والباقى مكبوت، أما الآن فهم يرون ما حولهم، فعلت الأصوات المكبوتة، ودائما نلاحظ أن النظم عندما توشك على الانهيار نجد داخلها ينهار وخارجها يقوى، وهنا يحصل الضغط.
وكيف قرأت سيناريو الإطاحة بـصلاح عبد الله قوش مستشار الرئيس الأمنى ومدير جهاز الأمن والمخابرات السابق؟
لا أريد أن أتحدث عن أشخاص، ولكن الطغاة لا يريدون شركاء، فهناك أساليب للضغط، منها تسجيلات معينة تدين المسئول، وبعدها تكون المساومات لتحقيق ما يريدون. وفى أى مكان دائما يكون الخوف من الجيش، فهو الذى يقوم بالانقلاب، ولذلك فكروا فى حماية النظام بتقوية أجهزة الأمن، وأعطوا لها السلطة والمال، وأصبحت ذات نفوذ عالى وقوة اقتصادية كبيرة، وأصبح مسئول الأمن يتحدث عالميا، وأصبح ينافس، وعندما أراد أن يجنح كانت هذه هى النتيجة.
ما تعليقك على الوثيقة النهائية التى توصلت إليها الوساطة بشأن دارفور فى الدوحة؟
هذه الوثيقة أخذناها من النت، وعندما دعونا لمؤتمر أصحاب المصلحة بالدوحة لم يقدموا لنا ورقة فى المؤتمر، ولم نعرف الموضوع. الحكومة وحركة فقط يقولون الوثيقة الوثيقة نحن نؤيد الوثيقة، ولكنى قرأتها جيدا وتحدثت حولها مع كثير من الحركات، وأرى أنها ليس لها واقع، هى فقط مبادئ محدودة، وحدثت الحركات بضرورة قراءة الوثيقة جيدا، حتى لا يقال إنهم وقعوا دون وعى.
هل ستنضم "العدل والمساواة" فى عملية التفاوض؟
الحكومة كل مرة تقول لن نفاوض أحدا بعد هذه المرة، ونراها تفاوض وتفاوض.
هل أنت مطمئن إلى أن مفاوضات الدوحة ستنهى الأزمة فى دارفور؟
أنا خائف من دارفور لأنها كانت دولة مستقلة من قبل، والجنوب يمكن أن يساعدها بعد إعلان الانفصال، ويمكنهم أن يطالبوا بحق تقرير المصير، فالنزعة المنتشرة الآن فى المنطقة هى حق تقرير المصير، وأخشى أن تكون هذه الكلمة هى المخرج، فدارفور لديها مقاتلون أقوياء وقبائل متداخلة مع دول الجوار.
الحكومة تقول إن هناك عناصر من العدل والمساواة تحارب مع قوات القذافى أتوافق هذا الحديث؟
هناك بعض الأفارقة يقولون عنهم سودانيون هناك، فالتشاديون مثلا يقولون عنهم "سودانيون"، أما قوات خليل إبراهيم فليست فى ليبيا هى موجودة بدارفور، والحكومة تقول ذلك حتى يثور الشعب الليبى ضدهم، وهم يريدون إلصاق التهمة على خليل لمزيد من الضغط عليه هناك.
"العدل والمساواة" أعلنت أن خليل إبراهيم تعرض لمحاولة اغتيال بليبيا، واتهمت الخرطوم بأنها وراء هذا الأمر، فى تقديرك هل تفعلها الحكومة؟
ليس عندى بيان بذلك، ولكنه منتشر بين الناس بأنهم حاولوا تسميم خليل، ويمكن أن يخترقوا الأمن الليبى إما بالمال أو بالأسرة، فإذا كان هناك قريب من خليل يستطيعون الضغط على أسرته لفعل ذلك.
الوضع فى جنوب كردفان وفى أبيى متأزم جدا.. هل يمكن أن تفجر أبيى السلام بين الشمال والجنوب؟
من الممكن فعلا أن تفجر السلام، هى وحدود أخرى، وينبغى أن تكون هذه الحدود للتواصل والتعايش بين الشمال والجنوب، فوضعية المنطقة فى الحالتين سواء كانت أبيى فى الشمال، أو تابعة للجنوب ستكون خطراً.
وما هو الحل فى نظرك؟
التواصل وليس الجوار، والحكومة أخذت إجراءات صارمة بخصوص الجنسية للجنوبيين بعد الانفصال، السودان يعطى الجنسية للأجانب، فلماذا يحرمها ممن كانوا سودانيين أصلا، سوف يخسرون.
ما رأيك فى فكرة تكوين حزب تابع للحركة الشعبية فى الشمال بعد الانفصال؟
حزبنا له حزب آخر فى الجنوب، ولكنه حزب مستقل لا ندعمه، فقط الفكر واحد، ويمكننا إقامة مؤتمرات عالمية، ومن حق الحركة الشعبية أن يكون لها حزب فى الشمال، ولكن يجب أن يكون مستقلا عن الحركة الشعبية فى الجنوب، فنريد الوحدة مرة أخرى على أسس وفكرة وحدة الأحزاب فى الشمال والجنوب ستقرب أكثر.