منتديات السادة الهوارة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات السادة الهوارة

د/مصطفى سليمان أبو الطيب الهوارى

د مصطفى سليمان ابوالطيب ابويوسف عايد الهوارى من مواليد محافظة الاسكندرية 8-6-1973 الاصل من محافظه اسيوط مركز صدفا قرية الدوير عايد قبيلة هوارة عايد الهوارى دكتوراة فى التاريخ الاسلامى فى انساب القبائل العربية عام 2015 من اكاديمة مشكاة للدرسات الاسلامية عن القبائل النازحة لمصر عقب الفتح الاسلامى سفير النوايا الحسنة المنظمه الضمير العالمى لحقوق الإنسان إحدى منظمات التابعه للامم المتحده رئيس ومؤسس الجمعية الخيرية لأبناء الهوارة عام 2012 المشهرة برقم 3107 ومؤلف مجلد قاموس القبائل العربية المصرية( مفاتيح الانارة فى انساب قبائل العرب والمرابطين والهوارة) و موسوعه القبائل والعائلات العربية والمصرية وهم1-تاريخ الامارة فى أنساب قبائل وعائلات الهوارة 2- القول السليم فى بطون وعشائر بنى سليم 3- القول المتين فى تاريخ وأنساب قبائل المرابطين وبنى سليم 4-رجال العصر فى أنسابهوازن وبنى هلال وبنى نصر 5-الأقوال الجلية فى أنساب وقبائل سيناء والشرقية -6-القول الشاف فى أنساب قبائل الأنصار والأشراف و الامين العام لمجلس للقبائل المصرية والعربية بالاسكندرية حاصل على درع وشهادة تقدير من المجلس المصرى للقبائل المصرية والعربية رئيس اللجنة العليا لدعم الجيش والشرطة والمصالحات بالمنظمة المصرية لحقوق الانسان بالاسكندرية حاصل على شهادة تفدير من المنظمة المصرية لحقوق الانسان [رئيس الجمعية الخيرية لأبناء محافظة أسيوطفرع عبدالقادرالعامرية الإسكندرية/ وكيل مؤسسين حزب التحرير العربى حزب لم يكتمل امين عام التنظيم بحزب مصر الثورة سابقا مرشح مجلس الشعب بالدائرة الرابعه بالاسكندرية عن الشباب والجمعيات الاهلية عام 2011 حاصل على العديد من شهادات التقدير من الجمعيات الاهلية والمجالس عن دورة فى المجتمع المدنى رئيس لجنة المساعدات الطبية بالجمعيات الاهلية شعبة العامرية وباحث ومؤرخ فى تاريخ القبائل العربية بمصر والوطن العربى موبايل رقم 01224369577 01002920977 01119825377
من هـو د:مصطفي سليمان أبوالطيب أبوعايـد الهواري د:مصـطفى سليمان السـيد أبو الطيب محمد أبو الطيب محمد أبويـوسف بن شيخ العـرب محمد بن شيخ عربان هوارة حمد بن شيخ العرب محمود بن شيخ العرب حمد بن الأمير حماد بن الأمير ريان بن الأمير عايد الهوارى الملقب بسيد العرب الأمير منصور بن الأمير ناصر بن الأميرسليم بن الأمير بهنان بن الأمير عوف بن الأمير مالك بن الأمير ناصر بن الأمير قيس بن الأميرالحارث بن الأمير سعد بن الأمير مالك بن الأميرغندور بن الأمير سرحان بن الأمير مالك بن الأميرعمرو بن الأمير عمارة بن الأمير عمران بن الأمير حمدان بن الأمير عامر بن الأمير عمرو بن سعد بن مسعود بن عمر بن عمير بن عامر بن ربيعة بن معاوية بن عامر بن ربيعة فارس العرب الذى قتل أول فارسى فى معركة القادسية منه بنو ربيعه بن عثمان بن ربيعة بن النابغة بن عنز بن حبيب بن وائلة بن دهمان ومنه بنو دهمان بن نصر ومنه بنو نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن ومنه القبائل الهوازنية بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس ومنه القبائل القيسية بن عيلان بن مضر ومنه بنو مضر بن نزار بن معد بن عدنان هو جد القبائل العدنانية بجزيرة العرب بن أد بن أدد بن هميسع بن سلامان ابن عوص بن بوز بن قموال بن أبي بن عوام بن ناشد بن بلداس بن يدلاف بن طانج بن جاحم بن ناحش بن ماخي بن عيض بن عبقر بن عبيد بن الدعا بن حمدان بن سنبر بن يثربي بن يحزن بن يلحن بن ارعوى بن عيض بن ديشان بن عيص بن أفناد بن أيهام بن مقصر بن ناحث بن زارح بن سمي بن مزي بن عوضه بن عرام بن قيدار بن إسماعيل عليه السلام بن إبراهيم عليه السلام أبن تارح بن ناحور بن ساروع أو ساروغ بن راعو بن فالخ بن عابر بن شالخ ابن ارفخشد بن سام بن نوح عليه السلام بن لامك بن متوشلخ بن أخنوخ بن إدريس عليه السلام ابن يرد بن مهلائيل بن قينان بن آنوشة بن شيت بن آدم عليهما السلام من مواليد محافظـة الإسكندرية 8-6-1973 الأصل من محافظه أسيوط مركز صدفا قرية الدوير عايد قبيـلة هوارة عايد الهوارى مسقـط رأس شيـخ مشايـخ عربان هوارة أسيوط الأمير عايد الهواري الملقب بسيـد العرب دكتوراة فى التاريخ الاسلامى فى انساب القبائل العربية عام 2015 من اكاديمية مشكـاة للدرسات العربية والاسلامية عن القبائـل النازحة لمصـر عقب الفتح الاسلامى سفير النوايا الحسنة المنظمه الضمير العالمى لحقوق الإنسان إحدى منظمات التابعه للامم المتحده رئيس ومؤسس الجمعية الخيرية لأبناء هوارة عام 2012 المشهرة برقم 3107 سفيـر النوايا الحسنة من منظـمة الضميـر التابعة للامم المتحدة ومؤلف مجـلد قاموس القبائل العربية المصرية 1:مفاتيح الانارة فى انساب قبائل العرب والمرابطين والهوارة 2:موسوعه القبائل والعائلات العربية والمصرية وهــم 1:تاريخ الامارة فى أنساب قبائل وعائلات الهوارة 2: القول السليم فى بطون وعشائر بنى سليم 3:القول المتين فى تاريخ وأنساب قبائل المرابطين وبنى سليم 4:رجال العصر فى أنساب هوازن وبنى هلال وبنى نصر 5:الأقوال الجلية فى أنساب وقبائل سيناء والشرقية 6:القول الشاف فى أنساب قبائل الأنصار والأشراف الامين العام لمجلس القبائل المصرية والعربية بالإسكندرية حاصل على درع وشهادة تقدير من المجلس المصري للقبائل المصرية والعربية رئيس اللجنة العليا لدعم الجيش والشرطة والمصالحات بالمنظمة المصرية لحقوق الانسان بالإسكندرية حاصل على شهادة تقدير من المنظمة المصرية لحقوق الانسان رئيس الجمعية الخيرية لأبناء محافظة أسيوط فرع عبدالقادر العامرية الإسكندرية وكيل مؤسسين حزب التحرير العربي حزب لم يكتمل امين عام التنظـيم بحزب مصر الثـورة سابقاً مرشح مجلس الشعب بالدائرة الرابعة بالإسكندرية عن الشباب والجمعيات الاهلية عام 2011 حاصـل على العديد من شهادات التقدير من الجمعيات الاهلية والمجالس عن دورة فى المجتمع المدني. رئيس لجـنة المساعدات الطبية بالجمعيات الاهلية شعبة العامرية باحث ومؤرخ فى تاريخ القبائل العربية والمصرية بمصر والوطن العربي أمين عام المجلس الأعلى للقبائل العربية والمصرية بالإسكندريــة
من هـو د:مصطفي سليمان أبوالطيب أبوعايـد الهواري د:مصـطفى سليمان السـيد أبو الطيب محمد أبو الطيب محمد أبويـوسف بن شيخ العـرب محمد بن شيخ عربان هوارة حمد بن شيخ العرب محمود بن شيخ العرب حمد بن الأمير حماد بن الأمير ريان بن الأمير عايد الهوارى الملقب بسيد العرب الأمير منصور بن الأمير ناصر بن الأميرسليم بن الأمير بهنان بن الأمير عوف بن الأمير مالك بن الأمير ناصر بن الأمير قيس بن الأميرالحارث بن الأمير سعد بن الأمير مالك بن الأميرغندور بن الأمير سرحان بن الأمير مالك بن الأميرعمرو بن الأمير عمارة بن الأمير عمران بن الأمير حمدان بن الأمير عامر بن الأمير عمرو بن سعد بن مسعود بن عمر بن عمير بن عامر بن ربيعة بن معاوية بن عامر بن ربيعة فارس العرب الذى قتل أول فارسى فى معركة القادسية منه بنو ربيعه بن عثمان بن ربيعة بن النابغة بن عنز بن حبيب بن وائلة بن دهمان ومنه بنو دهمان بن نصر ومنه بنو نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن ومنه القبائل الهوازنية بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس ومنه القبائل القيسية بن عيلان بن مضر ومنه بنو مضر بن نزار بن معد بن عدنان هو جد القبائل العدنانية بجزيرة العرب بن أد بن أدد بن هميسع بن سلامان ابن عوص بن بوز بن قموال بن أبي بن عوام بن ناشد بن بلداس بن يدلاف بن طانج بن جاحم بن ناحش بن ماخي بن عيض بن عبقر بن عبيد بن الدعا بن حمدان بن سنبر بن يثربي بن يحزن بن يلحن بن ارعوى بن عيض بن ديشان بن عيص بن أفناد بن أيهام بن مقصر بن ناحث بن زارح بن سمي بن مزي بن عوضه بن عرام بن قيدار بن إسماعيل عليه السلام بن إبراهيم عليه السلام أبن تارح بن ناحور بن ساروع أو ساروغ بن راعو بن فالخ بن عابر بن شالخ ابن ارفخشد بن سام بن نوح عليه السلام بن لامك بن متوشلخ بن أخنوخ بن إدريس عليه السلام ابن يرد بن مهلائيل بن قينان بن آنوشة بن شيت بن آدم عليهما السلام من مواليد محافظـة الإسكندرية 8-6-1973 الأصل من محافظه أسيوط مركز صدفا قرية الدوير عايد قبيـلة هوارة عايد الهوارى مسقـط رأس شيـخ مشايـخ عربان هوارة أسيوط الأمير عايد الهواري الملقب بسيـد العرب دكتوراة فى التاريخ الاسلامى فى انساب القبائل العربية عام 2015 من اكاديمية مشكـاة للدرسات العربية والاسلامية عن القبائـل النازحة لمصـر عقب الفتح الاسلامى سفير النوايا الحسنة المنظمه الضمير العالمى لحقوق الإنسان إحدى منظمات التابعه للامم المتحده رئيس ومؤسس الجمعية الخيرية لأبناء هوارة عام 2012 المشهرة برقم 3107 سفيـر النوايا الحسنة من منظـمة الضميـر التابعة للامم المتحدة ومؤلف مجـلد قاموس القبائل العربية المصرية 1:مفاتيح الانارة فى انساب قبائل العرب والمرابطين والهوارة 2:موسوعه القبائل والعائلات العربية والمصرية وهــم 1:تاريخ الامارة فى أنساب قبائل وعائلات الهوارة 2: القول السليم فى بطون وعشائر بنى سليم 3:القول المتين فى تاريخ وأنساب قبائل المرابطين وبنى سليم 4:رجال العصر فى أنساب هوازن وبنى هلال وبنى نصر 5:الأقوال الجلية فى أنساب وقبائل سيناء والشرقية 6:القول الشاف فى أنساب قبائل الأنصار والأشراف الامين العام لمجلس القبائل المصرية والعربية بالإسكندرية حاصل على درع وشهادة تقدير من المجلس المصري للقبائل المصرية والعربية رئيس اللجنة العليا لدعم الجيش والشرطة والمصالحات بالمنظمة المصرية لحقوق الانسان بالإسكندرية حاصل على شهادة تقدير من المنظمة المصرية لحقوق الانسان رئيس الجمعية الخيرية لأبناء محافظة أسيوط فرع عبدالقادر العامرية الإسكندرية وكيل مؤسسين حزب التحرير العربي حزب لم يكتمل امين عام التنظـيم بحزب مصر الثـورة سابقاً مرشح مجلس الشعب بالدائرة الرابعة بالإسكندرية عن الشباب والجمعيات الاهلية عام 2011 حاصـل على العديد من شهادات التقدير من الجمعيات الاهلية والمجالس عن دورة فى المجتمع المدني. رئيس لجـنة المساعدات الطبية بالجمعيات الاهلية شعبة العامرية باحث ومؤرخ فى تاريخ القبائل العربية والمصرية بمصر والوطن العربي أمين عام المجلس الأعلى للقبائل العربية والمصرية بالإسكندريــة
من هـو د:مصطفي سليمان أبوالطيب أبوعايـد الهواري د:مصـطفى سليمان السـيد أبو الطيب محمد أبو الطيب محمد أبويـوسف بن شيخ العـرب محمد بن شيخ عربان هوارة حمد بن شيخ العرب محمود بن شيخ العرب حمد بن الأمير حماد بن الأمير ريان بن الأمير عايد الهوارى الملقب بسيد العرب الأمير منصور بن الأمير ناصر بن الأميرسليم بن الأمير بهنان بن الأمير عوف بن الأمير مالك بن الأمير ناصر بن الأمير قيس بن الأميرالحارث بن الأمير سعد بن الأمير مالك بن الأميرغندور بن الأمير سرحان بن الأمير مالك بن الأميرعمرو بن الأمير عمارة بن الأمير عمران بن الأمير حمدان بن الأمير عامر بن الأمير عمرو بن سعد بن مسعود بن عمر بن عمير بن عامر بن ربيعة بن معاوية بن عامر بن ربيعة فارس العرب الذى قتل أول فارسى فى معركة القادسية منه بنو ربيعه بن عثمان بن ربيعة بن النابغة بن عنز بن حبيب بن وائلة بن دهمان ومنه بنو دهمان بن نصر ومنه بنو نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن ومنه القبائل الهوازنية بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس ومنه القبائل القيسية بن عيلان بن مضر ومنه بنو مضر بن نزار بن معد بن عدنان هو جد القبائل العدنانية بجزيرة العرب بن أد بن أدد بن هميسع بن سلامان ابن عوص بن بوز بن قموال بن أبي بن عوام بن ناشد بن بلداس بن يدلاف بن طانج بن جاحم بن ناحش بن ماخي بن عيض بن عبقر بن عبيد بن الدعا بن حمدان بن سنبر بن يثربي بن يحزن بن يلحن بن ارعوى بن عيض بن ديشان بن عيص بن أفناد بن أيهام بن مقصر بن ناحث بن زارح بن سمي بن مزي بن عوضه بن عرام بن قيدار بن إسماعيل عليه السلام بن إبراهيم عليه السلام أبن تارح بن ناحور بن ساروع أو ساروغ بن راعو بن فالخ بن عابر بن شالخ ابن ارفخشد بن سام بن نوح عليه السلام بن لامك بن متوشلخ بن أخنوخ بن إدريس عليه السلام ابن يرد بن مهلائيل بن قينان بن آنوشة بن شيت بن آدم عليهما السلام من مواليد محافظـة الإسكندرية 8-6-1973 الأصل من محافظه أسيوط مركز صدفا قرية الدوير عايد قبيـلة هوارة عايد الهوارى مسقـط رأس شيـخ مشايـخ عربان هوارة أسيوط الأمير عايد الهواري الملقب بسيـد العرب دكتوراة فى التاريخ الاسلامى فى انساب القبائل العربية عام 2015 من اكاديمية مشكـاة للدرسات العربية والاسلامية عن القبائـل النازحة لمصـر عقب الفتح الاسلامى رئيس ومؤسس الجمعية الخيرية لأبناء هوارة عام 2012 المشهرة برقم 3107 سفيـر النوايا الحسنة من منظـمة الضميـر التابعة للامم المتحدة ومؤلف مجـلد قاموس القبائل العربية المصرية 1:مفاتيح الانارة فى انساب قبائل العرب والمرابطين والهوارة 2:موسوعه القبائل والعائلات العربية والمصرية وهــم 1:تاريخ الامارة فى أنساب قبائل وعائلات الهوارة 2: القول السليم فى بطون وعشائر بنى سليم 3:القول المتين فى تاريخ وأنساب قبائل المرابطين وبنى سليم 4:رجال العصر فى أنساب هوازن وبنى هلال وبنى نصر 5:الأقوال الجلية فى أنساب وقبائل سيناء والشرقية 6:القول الشاف فى أنساب قبائل الأنصار والأشراف الامين العام لمجلس القبائل المصرية والعربية بالإسكندرية حاصل على درع وشهادة تقدير من المجلس المصري للقبائل المصرية والعربية رئيس اللجنة العليا لدعم الجيش والشرطة والمصالحات بالمنظمة المصرية لحقوق الانسان بالإسكندرية حاصل على شهادة تقدير من المنظمة المصرية لحقوق الانسان رئيس الجمعية الخيرية لأبناء محافظة أسيوط فرع عبدالقادر العامرية الإسكندرية وكيل مؤسسين حزب التحرير العربي حزب لم يكتمل امين عام التنظـيم بحزب مصر الثـورة سابقاً مرشح مجلس الشعب بالدائرة الرابعة بالإسكندرية عن الشباب والجمعيات الاهلية عام 2011 حاصـل على العديد من شهادات التقدير من الجمعيات الاهلية والمجالس عن دورة فى المجتمع المدني. رئيس لجـنة المساعدات الطبية بالجمعيات الاهلية شعبة العامرية باحث ومؤرخ فى تاريخ القبائل العربية والمصرية بمصر والوطن العربي أمين عام المجلس الأعلى للقبائل العربية والمصرية بالإسكندريــة

من هـو د:مصطفي سليمان أبوالطيب أبوعايـد الهواري د:مصـطفى سليمان السـيد أبو الطيب محمد أبو الطيب محمد أبويـوسف بن شيخ العـرب محمد بن شيخ عربان هوارة حمد بن شيخ العرب محمود بن شيخ العرب حمد بن الأمير حماد بن الأمير ريان بن الأمير عايد الهوارى الملقب بسيد العرب الأمير منصور بن الأمير ناصر بن الأميرسليم بن الأمير بهنان بن الأمير عوف بن الأمير مالك بن الأمير ناصر بن الأمير قيس بن الأميرالحارث بن الأمير سعد بن الأمير مالك بن الأميرغندور بن الأمير سرحان بن الأمير مالك بن الأميرعمرو بن الأمير عمارة بن الأمير عمران بن الأمير حمدان بن الأمير عامر بن الأمير عمرو بن سعد بن مسعود بن عمر بن عمير بن عامر بن ربيعة بن معاوية بن عامر بن ربيعة فارس العرب الذى قتل أول فارسى فى معركة القادسية منه بنو ربيعه بن عثمان بن ربيعة بن النابغة بن عنز بن حبيب بن وائلة بن دهمان ومنه بنو دهمان بن نصر ومنه بنو نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن ومنه القبائل الهوازنية بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس ومنه القبائل القيسية بن عيلان بن مضر ومنه بنو مضر بن نزار بن معد بن عدنان هو جد القبائل العدنانية بجزيرة العرب بن أد بن أدد بن هميسع بن سلامان ابن عوص بن بوز بن قموال بن أبي بن عوام بن ناشد بن بلداس بن يدلاف بن طانج بن جاحم بن ناحش بن ماخي بن عيض بن عبقر بن عبيد بن الدعا بن حمدان بن سنبر بن يثربي بن يحزن بن يلحن بن ارعوى بن عيض بن ديشان بن عيص بن أفناد بن أيهام بن مقصر بن ناحث بن زارح بن سمي بن مزي بن عوضه بن عرام بن قيدار بن إسماعيل عليه السلام بن إبراهيم عليه السلام أبن تارح بن ناحور بن ساروع أو ساروغ بن راعو بن فالخ بن عابر بن شالخ ابن ارفخشد بن سام بن نوح عليه السلام بن لامك بن متوشلخ بن أخنوخ بن إدريس عليه السلام ابن يرد بن مهلائيل بن قينان بن آنوشة بن شيت بن آدم عليهما السلام من مواليد محافظـة الإسكندرية 8-6-1973 الأصل من محافظه أسيوط مركز صدفا قرية الدوير عايد قبيـلة هوارة عايد الهوارى مسقـط رأس شيـخ مشايـخ عربان هوارة أسيوط الأمير عايد الهواري الملقب بسيـد العرب دكتوراة فى التاريخ الاسلامى فى انساب القبائل العربية عام 2015 من اكاديمية مشكـاة للدرسات العربية والاسلامية عن القبائـل النازحة لمصـر عقب الفتح الاسلامى رئيس ومؤسس الجمعية الخيرية لأبناء هوارة عام 2012 المشهرة برقم 3107 سفيـر النوايا الحسنة من منظـمة الضميـر التابعة للامم المتحدة ومؤلف مجـلد قاموس القبائل العربية المصرية 1:مفاتيح الانارة فى انساب قبائل العرب والمرابطين والهوارة 2:موسوعه القبائل والعائلات العربية والمصرية وهــم 1:تاريخ الامارة فى أنساب قبائل وعائلات الهوارة 2: القول السليم فى بطون وعشائر بنى سليم 3:القول المتين فى تاريخ وأنساب قبائل المرابطين وبنى سليم 4:رجال العصر فى أنساب هوازن وبنى هلال وبنى نصر 5:الأقوال الجلية فى أنساب وقبائل سيناء والشرقية 6:القول الشاف فى أنساب قبائل الأنصار والأشراف الامين العام لمجلس القبائل المصرية والعربية بالإسكندرية حاصل على درع وشهادة تقدير من المجلس المصري للقبائل المصرية والعربية رئيس اللجنة العليا لدعم الجيش والشرطة والمصالحات بالمنظمة المصرية لحقوق الانسان بالإسكندرية حاصل على شهادة تقدير من المنظمة المصرية لحقوق الانسان رئيس الجمعية الخيرية لأبناء محافظة أسيوط فرع عبدالقادر العامرية الإسكندرية وكيل مؤسسين حزب التحرير العربي حزب لم يكتمل امين عام التنظـيم بحزب مصر الثـورة سابقاً مرشح مجلس الشعب بالدائرة الرابعة بالإسكندرية عن الشباب والجمعيات الاهلية عام 2011 حاصـل على العديد من شهادات التقدير من الجمعيات الاهلية والمجالس عن دورة فى المجتمع المدني. رئيس لجـنة المساعدات الطبية بالجمعيات الاهلية شعبة العامرية باحث ومؤرخ فى تاريخ القبائل العربية والمصرية بمصر والوطن العربي أمين عام المجلس الأعلى للقبائل العربية والمصرية بالإسكندريــة

    السلطان محمد الفاتح

    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14543
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    السلطان محمد الفاتح - صفحة 2 Empty رد: السلطان محمد الفاتح

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الأحد ديسمبر 19, 2021 6:19 pm

    الحصار النهائي للقُسطنطينيَّة عدل

    لوحة بِريشة الرسَّام الإيطالي فاوستو زونارو تُصوِّرُ مسير السُلطان مُحمَّد على رأس جيشه مُتجهًا نحو القُسطنطينيَّة، ويبدو المدفع الشاهاني تجُرُّه الثيران.

    خريطة عُثمانيَّة تُصوِّرُ مواقع الفرق العسكريَّة العُثمانيَّة البريَّة والبحريَّة، أثناء حصار القُسطنطينيَّة.
    بعد اكتمال الاستعدادات العُثمانيَّة، كان على السُلطان مُحمَّد إيجاد سببٍ لِفتح باب الحرب مع الروم، وجاءت هذه الفُرصة بعدما وقعت إشكالات بين رعايا بيزنطيين وآخرين مُسلمين، لِأسبابٍ تختلف المصادر على تحديدها. ففي إحدى الروايات أنَّ راعيًا مُسلمًا، يعمل في خدمة الأمير قاسم بك بن إسفنديار الجندرلي، نسيب السُلطان مُحمَّد الثاني، قام بِرعي خُيُوله في حديقة أو مرعى أحد الأروام شرق ناحية سلوري، على سواحل بحر مرمرة، فلمَّا اعترضه صاحب المرعى، نشبت بينهما مُشادة تطوَّرت إلى تضارب، فاجتمع على المُسلم العديد من الروميين وضربوه ضربًا مُبرحًا قبل أن يطردوه. فتوجَّه إلى سيِّده وأعلمه بِالحادثة، فرفعها بِدوره إلى كتخدا الناحية سالِفة الذِكر، الذي رفع الأمر إلى السُلطان مُحمَّد، فاستغلَّ الحادثة وأعلن الحرب على الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة. ويُقال أنَّ الإمبراطور قُسطنطين الحادي عشر كان يُشجِّع رعاياه على مثل هذه الأعمال لِعرقلة الاستعدادات العُثمانيَّة، وأصدر أوامره بِطرد المُسلمين بِالعصيّ ما أن يتجاوز أحدهم بُستانًا يعود لِروميّ، ممَّا شجَّع على نُشُوب هذا الحادث، الذي اعتبره السُلطان مُحمَّد إخلالًا بِالمُعاهدة السلميَّة بين العُثمانيين والبيزنطيين، واتخذه ذريعةً لِإعلان الحرب.[52] وفي روايةٍ أُخرى ذكرها المُؤرِّخ العُثماني دورسون بك، الذي شهد حصار القُسطنطينيَّة، فإنَّهُ أثناء عودة جيشٌ عُثماني من قلعة روملِّي حصار إلى أدرنة، أراد عدَّة رجال من طائفة القپوقوليَّة شراء بعض الأغنام من رُعاةٍ روم، فنشبت مُشاجرة بين الطرفين تدخَّل فيها بعض السُكارى من البيزنطيين، فقُتل البعض من الفريقين وأدَّى ذلك إلى قطع العلاقات السياسيَّة بين الدولة العُثمانيَّة والإمبراطوريَّة البيزنطيَّة، وإعلان السُلطان مُحمَّد لِلحرب.[2][52] ولمَّا جاء الربيع من سنة 857هـ المُوافقة لِسنة 1453م، خرج السُلطان مُحمَّد على رأس جيشه العرمرميّ من أدرنة قاصدًا القُسطنطينيَّة، واستصحب معهُ في هذه الغزوة خلقًا كثيرًا من العُلماء والمشايخ؛ من أشهرهم: آق شمسُ الدين، وخليفة حاجي بيرم، وآق بيق دده، وأحمد بن إسماعيل الكوراني، وخسرو مُحمَّد أفندي، وغيرهم.[51] وقد سُوِّيت الطريق التي تصل أدرنة بِالقُسطنطينيَّة بِمعيَّة 200 عامل يُشرف عليهم 50 عاملًا ماهرًا، وذلك لِتسهيل جرِّ المدفع الهائل الذي صنعه أوربان المجري، وسُمِّي بِـ«المدفع الشاهاني» أي الملكي، الذي أُخرج من أدرنة يجُرُّه 60 ثورًا ويسنده 200 جُندي على كُلِّ جانبٍ لِضمان عدم تزحلقه وميلانه. وأوكلت قيادة هذه القافلة إلى قائدٍ يُدعى قراجة باشا، الذي كلَّفهُ السُلطان بِتطهير جوار القُسطنطينيَّة، فاستولى على جميع البلدات والقُرى المُجاورة، كما أغار على إمارة المورة لِلحيلولة دون إيصال المدد منها إلى عاصمة الروم.[55][ْ 15] وصل السُلطان إلى مشارف القُسطنطينيَّة في يوم الخميس 26 ربيع الأوَّل 857هـ المُوافق فيه 6 نيسان (أبريل) 1453م، فجمع الجُند وخطب فيهم خطبةً قويَّة حثَّهم فيها على الجهاد وطلب النصر أو الشهادة، وذكَّرهم فيها بِالتضحية وصدق القتال عند اللقاء، وقرأ عليهم الآيات القُرآنيَّة التي تحثُّ على ذلك، كما ذكر لهم الحديث النبويّ الذي يُبشِّرُ بِفتح القُسطنطينيَّة وفضل الجيش الفاتح لها وأميره، وما في فتحها من عزٍّ لِلإسلام والمُسلمين، وقد بادر الجيش بِالتهليل والتكبير والدُعاء.[60] وفي اليوم التالي، فرض العُثمانيُّون حصارًا بريًّا مُحكمًا على المدينة، بحيثُ امتدَّت السلسلة البشريَّة العسكريَّة العُثمانيَّة من شاطئ القرن الذهبي إلى شاطئ بحر مرمرة،[ْ 16] فعُزلت المدينة ولم يعد بِوسع أحد مُغادرتها أو دُخُولها،[61] وحاصر المدينة، من جهة البحر، أُسطُولٌ بحريٌّ مُؤلَّفٌ من 126 سفينة وفق تقديراتٍ مُعاصرة،[ِ 17] ونصب السُلطان حولها أربع عشرة بطَّاريَّة مدفعيَّة.[2


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14543
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    السلطان محمد الفاتح - صفحة 2 Empty رد: السلطان محمد الفاتح

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الأحد ديسمبر 19, 2021 6:20 pm


    رسمٌ يعود إلى سنة 1916م، يُصوِّرُ السُلطان مُحمَّد وقد نزل بِجواده إلى البحر بعد أن شاهد تقهقر السُفن العُثمانيَّة أمام عدُوَّتها الجنويَّة القادمة لِمُساعدة الروم على دفع المُسلمين بعيدًا عن العاصمة العتيقة.
    في صباح يوم 2 ربيع الآخر المُوافق فيه 12 نيسان (أبريل)، أُعطيت الإشارة لِلمدفعيَّة بِالقصف، وابتدأت الحرب. والواضح أنَّ المدفعيَّة العُثمانيَّة كانت سلاحًا حاسمًا في الحصار، إذ أخذت تقصف أبواب وأسوار وأبراج المدينة، وبدأت كُتلٌ كبيرةٌ من الأسوار الخارجيَّة تتخلخل وتسقط على الأرض، ولكن عند حُلُول الظلام كان البيزنطيُّون يعملون في إصلاحها.[62] فمن المعلوم أنَّ المدافع العُثمانيَّة الهائلة، وخاصَّةً المدفع الشاهاني، كان الواحد منها يُطلق سبع طلقات في اليوم وطلقة واحدة بِالليل، حيثُ يستغرقُ ملئ المدفع وتبريده ساعتين،[55] فكان المُدافعون يستغلُّون هذه المُدَّة لِإصلاح الأضرار. وتُبالغ المصادر القديمة في تحديد وزن القذيفة، فتجعلها بِالأطنان، ويُعتقد أنَّ وزنها الفعليّ وصل إلى مئات الكيلوغرامات.[63](5) ولم تنقطع المُساعدات المسيحيَّة من أوروپَّا، ففي أثناء الحصار وصلت الإمدادات الجنويَّة بِقيادة يُوحنَّا جوستنياني، وتوجَّهت لِلدُخول إلى ميناء القُسطنطينيَّة، فعارضتها السُفن العُثمانيَّة وانتشرت بينهما معركةٌ هائلة في يوم 11 ربيع الآخر 857هـ المُوافق فيه 21 نيسان (أبريل) 1453م، انتهت بِفوز جوستنياني ودُخُوله الميناء بعد أن رفع المحصورون السلسلة الحديديَّة الغليظة ثُمَّ أعادوها بعد مُرور الجنويين كما كانت. وكان لِوُصُول هذه القُوَّة أثرٌ كبيرٌ في رفع معنويَّات البيزنطيين، وقد عُيِّن قائدها جوستنياني قائدًا لِلقُوَّات المُدافعة عن المدينة.[63][64] وقد حاولت القُوَّات البحريَّة العُثمانيَّة تخطِّي السلسلة الضخمة سالِفة الذِكر والوُصُول بِالسُفن الإسلاميَّة إلى داخل المضيق، وأطلقوا سهامهم على السُفن الأوروپيَّة والبيزنطيَّة ولكنهم فشلوا في تحقيق مرادهم في البداية، وارتفعت الروح المعنويَّة لِلمُدافعين عن المدينة. ويُروى أنَّ السُلطان مُحمَّد لمَّا رأى ما نزل بِسُفنه ورجاله من القتل والتمزيق لم يتمالك نفسه، فاندفع نحو البحر حتَّى غاص حصانه إلى صدره، وكانت السُفن المُتقاتلة على مرمى حجرٍ منه، فأخذ يصيح لِأمير البحار سُليمان باشا بلطة أوغلي أن يمنع الأعداء بِكُل ما أوتي من قُوَّة، ثُمَّ خرج من الماء بعد أن دخل الجنويُون المضيق، وعاد إلى مُعسكره وهو مُطرقٌ في صمتٍ مُغيظ، واستدعى إليه سُليمان باشا وعنَّفهُ واتهمه بِالجُبن، واكتفى بِعزله من منصبه لمَّا رأى أنَّهُ أُصيب في عينه وأنَّهُ فعل ما بوسعه لِلحيلولة دون دُخُول الجنويين إلى المضيق لولا أن عاكسته الرياح، وعيَّن بدلًا منه حمزة بك الأرناؤوطي.[65]


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14543
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    السلطان محمد الفاتح - صفحة 2 Empty رد: السلطان محمد الفاتح

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الأحد ديسمبر 19, 2021 6:21 pm

    نحو مياه المضيق الذهبي.
    تكدَّر السُلطان بعدما أُشكل أمر فتح المدينة، فانتهز الصدر الأعظم خليل باشا الجندرلي الفُرصة، واتفق معهُ كثيرٌ من الوُزراء والأُمراء المُعارضين لِهذه الحملة، فألحُّوا على السُلطان في قُبُول المُصالحة،[51] وقال خليل باشا أنَّهُ قد يكون من المُمكن إسقاط الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة إلَّا أنَّ هذا سوف يجُر الدولة العُثمانيَّة إلى حربٍ مع أوروپَّا بِأسرها، واقترح على السُلطان قبول 70,000 دوقيَّة ذهبيَّة كجزيةٍ سنويَّةٍ وإبرام الصُلح مع الإمبراطور.[55] تردَّد السُلطان في اتخاذ قراره، واستشار بقيَّة أُمرائه وعُلمائه، فأشار عليه أكثر العُلماء والمشايخ، ومن الوزراء زغانوس باشا وإسحٰق باشا بِالثبات على الحصار والقتال، وبشَّره الشيخ آق شمسُ الدين بِالفتح، فقوي قلب السُلطان بِإشارتهم ونصيحتهم، فردَّ المُخالفين، وأمر بِالمُحاصرة من جانب القرن الذهبي أيضًا،[51] وأخذ يُفكِّر في طريقةٍ لِدُخُول مراكبه إلى المضيق لِإتمام الحصار. وخطرت بِبال السُلطان فكرة غريبة تقضي بِنقل المراكب برًّا خلف هضاب غلطة، من ميناء بشكطاش حتَّى القرن الذهبي. وتمَّ هذا العمل بِتمهيد طريق البر المُختلف على طولها، فقيل فرسخٌ واحدٌ (ثلاثة أميال) وقيل فرسخان (ستة أميال)، فرُصَّت فوقه ألواحٌ من الخشب صُبَّت عليها كميَّة من الزيت والدُّهن لِسُهُولة زلق المراكب عليها، وبِهذه الكيفيَّة أمكن نقل نحو سبعين سفينة في ليلةٍ واحدةٍ، وأضحت العاصمة البيزنطيَّة، بعد ذلك، مُحاصرةً ومُهددةً من الجهات كافَّة.[63][65] وحتَّى يُموِّه السُلطان على هذه العمليَّة، قامت مدفعيَّته، المُرابطة خلف أسوار غلطة وفي أعالي الهضاب، بإطلاق قذائفها باتجاه الأسوار المُطلَّة على القرن الذهبي بِصُورةٍ مُستمرَّةٍ، ليلًا ونهارًا.[66]


    السُفُن العُثمانيَّة راسية في مياه مضيق القرن الذهبي بعد أن نُقلت برًّا من ميناء بشكطاش لِإتمام حصار المدينة بحرًا، بِتوجيهٍ من السُلطان مُحمَّد.

    المُسلمون والبيزنطيُّون يتبادلون رمي القذائف، ويبدو السُلطان مُحمَّد في وسط الرسم.
    استيقظ أهلُ المدينة البائسة صباح يوم 12 ربيع الآخر المُوافق فيه 22 نيسان (أبريل) على تكبيرات العُثمانيين المُدوِّية، وهتافاتهم المُتصاعدة، وأناشيدهم الإيمانيَّة العالية، وموسيقاهم العسكريَّة،[67] وفُوجئوا بِالسُفن العُثمانيَّة وهي تُسيطر على ذلك المعبر المائي، ولم يعد هُناك حاجزٌ مائيٌّ بين المُدافعين عن القُسطنطينيَّة وبين الجُنُود العُثمانيين، وأدركوا أنَّ لا مناص من نصر المُسلمين عليهم، وقد كتب المُؤرِّخ الرومي «دوكاس» يصف الصدمة البيزنطيَّة: «مَا رَأَينَا وَلَا سَمِعنَا مِن قَبلِ بِمِثلِ هَذَا الشَّيءَ الخَارِق؛ مُحَمَّدٌ الفَاتِح يُحَوِّلُ الأَرضَ إِلَى بِحَارٍ وَتَعبُرُ سُفُنَهُ فَوقَ قِمَمِ الجِبَالِ بَدَلًا مِنَ الأَموَاجِ، لَقَد فَاقَ مُحَمَّد الثَانِي بِهَذَا العَمَلِ الإِسكَندَرَ الأَكبَرَ».[63][68] والحقيقة أنَّ الصدمة كانت عنيفةً جدًا، إذ إنَّ هذه العمليَّة أحدثت انهيارًا في معنويَّات البيزنطيين، لِأنَّ الأسوار في هذه الناحية كانت ضعيفة ولم يكن يُعتمد عليها، لِاستبعاد وُصُول أُسطولٍ مُعادٍ إلى داخل الميناء. وبعد ستَّة أسابيعٍ من الحصار والقصف، تبلورت مواقع اقتحام المدينة وهي بين تكفور سراي وباب أدرنة، وعند باب القدِّيس رومانوس في وادي ليكوس، وبِالقُرب من الباب العسكري الثالث.[69] وفي يوم 15 جُمادى الأولى 857هـ المُوافق فيه 24 أيَّار (مايو) 1453م، بعث السُلطان مُحمَّد نسيبه الأمير قاسم بك بن إسفنديار الجندرلي إلى الإمبراطور البيزنطي، يُخبره أنَّهُ لو سلَّم البلد إليه طوعًا يتعهَّد إليه بِعدم مس حُريَّة الأهالي أو أملاكهم وأن يُعطيه شبه جزيرة بلبونس لِيحكمها تحت سيادة الدولة العُثمانيَّة.[63] ردَّ قُسطنطين قائلًا أنَّهُ يشكر الله إذا جنح السُلطان إلى السلم وأنَّهُ يرضى أن يدفع لهُ الجزية، أمَّا القُسطنطينيَّة فإنَّهُ قد أقسم أن يُدافع عنها حتَّى آخر نفس في حياته، فإمَّا أن يحتفظ بِعرشها أو يُدفن تحت أسوارها،[69] وقال أيضًا أنَّ ما يطلب السُلطان تسليمه ليس قلعة بل هو أكبر تاج إمبراطوري مسيحي يرجع تاريخه إلى ألف وخمسُمائة عام، لِذلك فهو سيُقاتل دفاعًا عنه حتَّى الموت، وسيقبل بِأيِّ شُرُوطٍ أُخرى لِلسُلطان.[70] عند ذلك عقد السُلطان مجلسًا حربيًّا ونبَّه على قادته أن يُعلموا الجُنُود بِالاستعداد لِلهُجُوم في يوم 20 جُمادى الأولى المُوافق فيه 29 أيَّار (مايو)، ووعد الجُنُود بِمكافأتهم عند تمام النصر وبِإقطاعهم أراضي كثيرة. وقد حاول الصدر الأعظم خليل باشا ثني السُلطان عن اتخاذ هذا القرار، لِلمرَّة الأخيرة، بِحُجَّة ما كان قد شاع عن وُصُول قُوَّةٍ مجريَّةٍ وبُندُقيَّةٍ إلى مياه جزيرة ساقز ومضيق چنق قلعة، وأنَّ جيشًا مسيحيًّا كبيرًا أكمل استعداداته الأخيرة لِعُبُور نهر الطونة (الدانوب) نحو الجنوب، لكنَّ السُلطان لم يُصغِ إليه. وفي الليلة السابقة لِلهُجُوم أشعلت الجُنُود العُثمانيَّة الأنوار أمام خيامها لِاحتفال بِالنصر المُحقَّق لديهم، وظلُّوا طول ليلتهم يُهلِّلون ويُكبِّرون.[63][70]



    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14543
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    السلطان محمد الفاتح - صفحة 2 Empty رد: السلطان محمد الفاتح

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الأحد ديسمبر 19, 2021 6:23 pm

    ولمَّا لاح الفجر، صدرت أوامر السُلطان بِالهُجُوم العام على القُسطنطينيَّة، وكان قد مضى على حصارها وضربها المُتواصل ثلاثةٍ وخمسين يومًا، فهجم العُثمانيُّون على الأسوار وتسلَّقُوها، وتركَّز الهُجُوم على باب القدِّيس رومانوس في وادي ليكوس، ودخل المُسلمون المدينة من كُلِّ فجٍّ وأعملوا السيف فيمن عارضهم، وأُصيب جوستنياني إصابةً بالغةً أودت بحياته بعد قليل، وأخلى الأهالي الشوارع والبُيُوت والتجأوا إلى الكنائس مع تتابع سُقُوط أقسام المدينة بِيد الفاتحين، وهرع فارسٌ سپاهيٌّ شاب يُدعى حسن الألوباطلي مع 30 جُنديًا وركَّز الراية العُثمانيَّة فوق أحد أبراج باب القدِّيس رومانوس، وقُتل ما أن فعل ذلك مع 18 جُنديًّا من الذين كانوا معه، لكنَّ البقيَّة حافظوا على الراية فلم تسقط بعد ذلك. ترجَّل مُحمَّد الثاني عن حصانه ما أن شاهد الراية السُلطانيَّة تُرفرفُ فوق البُرج، وخرَّ على الأرض ساجدًا، شاكرًا الله على تحقيق نُبُوءة فتح القُسطنطينيَّة على يديه، ولُقِّب مُنذ ذلك الوقت بِـ«الفاتح». ولم تلبث جميع أقسام القُسطنطينيَّة أن سقطت بِيد المُسلمين بعد أن قضى الجيش العُثماني على أوكار المُقاومة الأخيرة، فكان فتحها عنوةً. وبِفتح القُسطنطينيَّة سقطت الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة، بعد أحد عشر قرنًا ونصف تقريبًا، ودخل السُلطان مُحمَّد المدينة عند الظهر في احتفالٍ كبيرٍ، ودخلت معهُ الجُيُوش تسيرُ في تشكيلٍ نظاميٍّ، وتوجَّه نحو ميدان كاتدرائيَّة آيا صوفيا حيثُ تجمَّع آلاف البشر ومعهم الرُهبان والقساوسة، فلمَّا شاهدوا السُلطان سجدوا له على الأرض، فطلب منهم النُهُوض، وأمَّنهم على حياتهم وحُرِّيتهم، ثُمَّ ساعد البطريرك المسكوني «يوستنيانوس الثاني» الذي كان راكعًا على النُهُوض وأمَّنه على نفسه ورعيَّته.[63][70] ثُمَّ زار السُلطان كاتدرائيَّة آيا صوفيا نفسها وأمر بِإفراغها ورفع الآذان فيها، إعلانًا بِجعلها مسجدًا جامعًا لِلمُسلمين.[71] أمَّا الإمبراطور قُسطنطين فقاتل حتَّى مات في الدفاع عن وطنه، ولا يُعرف على وجه اليقين كيف كانت نهايته، فقيل أنَّهُ مات سحقًا تحت أرجل جُنُوده الهاربين من أمام العُثمانيين،[70] وقيل أنَّ جُنديًا عزبيًّا رآه وهو يُحاول الهُرُوب من ناحية باب أدرنة، فانقضَّ عليه وأسقطه عن حصانه وقطع رأسه، وبقي بين القتلى ولم يُعرف إلَّا من خلال بعض العلائم التي تختص بِالقياصرة بِدلالة بعض أقاربه.[51] وتذكر بعض المصادر أنَّ السُلطان مُحمَّد أمر بِالبحث عن جُثَّة الإمبراطور وأحضرها وسلَّمها إلى الرُهبان وأمر بِدفنه بِإقامة المراسم ذاتها التي كانت تُقام عند وفاة أي إمبراطورٍ روميّ.[70]


    جانبٌ من أطلال قصر جستنيان الذي شاهده السُلطان مُحمَّد لمَّا دخل القُسطنطينيَّة وتجوَّل فيها.
    ولمَّا كانت المدينة قد افتُتحت عنوةً، أي بِحدِّ السيف، فقد أمر السُلطان بِالنداء في العسكر بِالتنفيل(6) ثلاثة أيَّام، فغنم عسكر الإسلام غنائم لم يُسمع بِمثلها من قبل في التاريخ الإسلامي، ثُمَّ منعهم بعد ثلاثة أيَّام.[51] وجال السُلطان في المدينة ليُشاهد معالمها ويتعرَّف على أقسامها، ويُروى أنَّهُ لمَّا شاهد قصر جستنيان وقد أصبح خاويًا على عُرُوشه بعد أن كان مسكن الأباطرة العِظام طيلة قُرُون، أنشد بِالفارسيَّة بيتًا من الشعر لِأنوري الأبيوردي:[72][ِ 18]

    بوم نوبت می‌زند بر طارم افراسیاب پرده‌داری می‌کند در قصر قیصر عنکبوت
    وتعريبه: «أصبح البوم قارع الطُبُول في قصر أفراسياب، وأصبح العنكبوت حاجب قصر قيصر»، وهو يقصد بِذلك الإشارة إلى تبدُّل الأيَّام والأحوال، فالبوم والعنكبوت سكنت القُصُور التي كانت يومًا عامرة بالخدم والحشم والحُجَّاب، وزال مُلك الحُكَّام العظام وأصبح كأن لم يكن. وقرَّر السُلطان أن يتخذ من القُسطنطينيَّة عاصمةً لِدولته، بل العاصمة الإسلاميَّة الكُبرى، فاستبدل اسمها باسم «إسلامبول» أي «تخت الإسلام» أو «مدينة الإسلام»،[63] ثُمَّ حُرِّف هذا اللفظ فيما بعد فأصبح «إستانبول» ثُمَّ «إسطنبول». بعد ذلك أُرسلت المراسيل إلى السلاطين والأُمراء المُسلمين لإعلامهم بفتح المدينة الحصينة، وفي مُقدِّمة هؤلاء الخليفة العبَّاسي المُقيم بالقاهرة، أبو البقاء حمزة بن مُحمَّد القائم بأمر الله، والسُلطان المملوكي الأشرف سيف الدين إينال العلائي، وممَّا ورد في الرسالة إلى السُلطان والخليفة سالفيّ الذكر:[73]


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14543
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    السلطان محمد الفاتح - صفحة 2 Empty رد: السلطان محمد الفاتح

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الأحد ديسمبر 19, 2021 6:23 pm

    مُتيمنًا بذكرهِ القديم ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾...إنَّ من أحسن سُنن أسلافنا رحمهم الله أنهم مُجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ونحنُ على تلك السُنَّة قائمون وعلى تلك الأُمنية دائمون مُمتثلين بقوله تعالىٰ: ﴿قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ ومُستمسكين بقوله عليه السلام: «مَنْ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ». فهممنا هذا العام... مُعتصمين بحبل ذي الجلال والإكرام ومُستمسكين بفضل الملك العلَّام، إلى أداء فرض العزاء في الإسلام مؤتمرين بأمره تعالىٰ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ﴾. وجهَّزنا عساكر الغُزاة والمُجاهدين من البرِّ والبحر، لفتح مدينة مُلئت فُجورًا وكُفرًا. والتي بقيت وسط الممالك الإسلاميَّة تُباهي بكُفرها فخرًا...

    وقد وصل قاصد السُلطان مُحمَّد إلى القاهرة في شهر شوَّال سنة 857هـ، فلمَّا بلغ السُلطان إينال انتصار العُثمانيين ودُخُول القُسطنطينيَّة في حوزة المُسلمين سُرَّ سُرورًا عظيمًا، ودُقَّت البشائر بِقلعة الجبل، ونُودي في القاهرة بِالزينة، ثُمَّ عيَّن السُلطان أمير الآخور يرشباي رسولًا إلى السُلطان العُثماني يُهنِّئه بِالفتح العظيم،[74][75] وكذلك فعل السُلطان البهمني علاءُ الدين أحمد شاہ وحُكَّام مُسلمون عديدون.[70]

    ترتيبات السُلطان في عاصمته الجديدة بُعيد افتتاحها عدل

    أيقونة أرثوذكسيَّة تُصوِّرُ السُلطان مُحمَّد الفاتح وهو يُسلِّمُ عهد الأمان إلى البطريرك المسكوني جرجس سكولاريوس، وتعريبُ ما كُتب فيه باليونانيِّة: «كُن بطريركًا حرسك الله وسأوليك عطفي، وتمتَّع بِجميع الحُقُوق التي مارسها سُلفاؤك».[76]
    بعد اعتمادها عاصمةً جديدةً لِلبلاد، حرص السُلطان مُحمَّد على أن تعود الحياة بِسُرعة إلى القُسطنطينيَّة، وأن تستفيد من المزايا العسكريَّة والاقتصاديَّة التي كانت تتمتَّع بها، فأقدم على خُطواتٍ عدَّة ساهمت في سُرعة انتعاشها، فشجَّع المُسلمين إلى الهجرة إليها لِلاستفادة من قيمة موقعها التجاري دون أن يُهمل أمر سُكَّانها الأصليين، فشجَّع من هاجر من النصارى واليهود على العودة والاستمرار في مُزاولة نشاطهم، وحشد فيها بِوجهٍ خاصٍّ عددًا كبيرًا من صقالبة الجنوب، وهكذا أصبحت المدينة تعُجُّ من جديدٍ بِالحياة والنشاط، ولو أنَّ طابعها الرومي قد اختلط بِمزيجٍ من العناصر الجديدة التي حشدها السُلطانُ فيها، وهُم من التُركمان والأرناؤوطيين والبُلغار والصربيين وغيرهم.[77] كما عمل السُلطان على تشجيع بقاء الجالية الجنويَّة، التي كان لها دورٌ كبيرٌ في تنمية التجارة، فأبقى ما كان لِلجنويين من امتيازاتٍ وزاد عليها، فكانوا بِذلك أداةً لِنُمُوِّ ثرورة المدينة من جهة، وواسطة الاتصال بِالدُول الأوروپيَّة من جهةٍ أُخرى. ونهج السُلطان سياسة التسامح الديني حتَّى يتسنَّى لهُ الاستفادة من العناصر المسيحيَّة التي أضحت تُكوِّن رعيَّته المسؤولة عن استثمار البلاد، ولِهذا أبقى المسؤوليَّات الدينيَّة لِلأرثوذكس في يد الكنيسة، وعلى رأسها البطريرك المسكوني.[78] وعمل الفاتح على تنظيم أوضاع الرُّوم المقهورين وسعى إلى استمالة الكنيسة الأرثوذكسيَّة بِاعتباره راعيها وحاميها ضدَّ البابا والغرب الكاثوليكي،[77] فأمَّن المسيحيين الأروام على مُمتلكاتهم الشخصيَّة وعلى أموالهم، وأعطاهم نصف الكنائس في المدينة وجعل النصف الآخر جوامع لِلمُسلمين،[71] وترك للأرمن حُريَّة اختيار بطريرك على رأس كنيستهم.[79] وكان البطريرك المسكوني «يوستنيانوس الثاني» قد تُوفي بُعيد فتح القُسطنطينيَّة بِيومٍ فقط، وقيل عزله السُلطان مُحمَّد كونه كان مُؤيدًا لِلاتحاد بين الكنيستين الشرقيَّة والغربيَّة،[70] وبجميع الأحوال فإنَّ السُلطان دعا الكهنة والقساوسة الروم لِينتخبوا بطريركًا جديدًا، ويبدو أنَّهُ اتفق معهم على إيصال رجُلٍ مُعارضٍ لِلاتحاد سالف الذِكر، فكان أن انتُخب الراهب جرجس (جاورجيوس) سكولاريوس، زعيم المُعارضة الأرثوذكسيَّة لِلاتحاد مع الكنيسة الكاثوليكيَّة، باسم «جناديوس الثاني»، ورسمه السُلطان بِنفسه كما كان يفعل الأباطرة البيزنطيُّون، واحتُفل بِتنصيبه بِنفس الأُبَّهة والنظام الذي كان يُعمل لِلبطاركة في العصر البيزنطي، وسلَّمه عهد الأمن والأمان، وأعطاه حرسًا من عساكر الإنكشاريَّة ومنحهُ حق الحُكُم في القضايا المدنيَّة والجنائيَّة بِكافَّة أنواعها المُختصَّة بِالأروام، وعيَّن معهُ في ذلك مجلسًا مُشكَّلًا من أكبر مُوظفي الكنيسة، وأعطى هذا الحق أيضًا في الإيالات لِلمطارنة والقساوسة، وفي مُقابل ذلك فرض عليهم دفع الخراج مُستثنيًا من ذلك رجال الدين فقط.[71][76][77] وعاد عددٌ كبيرٌ من الروم إلى القُسطنطينيَّة واستقرُّوا حول البطريركيَّة على الساحل الغربي لِلقرن الذهبي، وكان لهم من ثروتهم القائمة على التجارة ومن براعتهم في السياسة ما ضمن لهم مركزًا مرموقًا في الدولة العُثمانيَّة، بدايةً من هذا العهد،[76][77] وعُرفوا بِمُرور الزمن بِـ«الروم الفناريِّين


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14543
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    السلطان محمد الفاتح - صفحة 2 Empty رد: السلطان محمد الفاتح

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الأحد ديسمبر 19, 2021 6:26 pm

    تُربة أبو أيُّوب الأنصاري التي بناها السُلطان مُحمَّد تقديرًا لِلصحابي المذكور، كما تبدو اليوم.
    وأمر السُلطان بإعادة تعمير ما تهدَّم من المدينة وأسوارها نتيجة الحرب، فبدأت أعمال البناء على قدمٍ وساقٍ، واشتغل في هذا الإعمار الأسرى البيزنطيُّون، وقد أُطلق سراحهم عند انتهاء العمل بِأمرٍ من السُلطان على أساس أنَّهم سدَّدوا فديتهم بِعملهم.[70] والتمس السُلطان مُحمَّد من الشيخ آق شمس الدين أن يُريه موضع قبر الصحابي أبو أيُّوب الأنصاري، الذي تُوفي أثناء حصار المُسلمين الأوَّل لِلقُسطنطينيَّة ودُفن على مقرُبةٍ من أسوارها، فقال الشيخ أنَّهُ شاهد في الموضع الفُلاني نورًا، فلعلَّ قبره هُناك، فتوجَّه مع السُلطان إلى ذلك الموضع وطلب من الجُند أن يحفروا الأرض، فحفروا مقدار ذراعين حتَّى ظهر رُخامٌ عليه خطٌ عبراني، فقرأه من يعرفه وفسَّره، فإذا هو ما بقي من قبر أبي أيُّوب الأنصاري، فتحيَّر السُلطان مُحمَّد وغلب عليه الحال حتَّى كاد أن يسقط لولا أن مسكوه. ثُمَّ أمر ببناء قبَّةٍ عليه، وأمر ببناءٍ مسجدٍ ومدرسةٍ بِقُربه، والتمس من الشيخ آق شمس الدين أن يجلس في ذلك المكان لِلتدريس والعظة، فامتنع واستأذن بِالرُجُوع إلى وطنه قصبة «گوينُك»، فأذن لهُ السُلطان تطييبًا لِقلبه.[6] وقد أصبح هذا المسجد فيما بعد المكان الذي تجري فيه بيعة السلاطين وتقليدهم سيف عُثمان الغازي. وكان قد هرب جمعٌ من أعيان الروم إلى قلعة سلوري، فأرسلوا مفاتيحها إلى السُلطان لمَّا بلغهم سُقُوط القُسطنطينيَّة، وطلبوا منه الأمان، فأجابهم إلى طلبهم وتسلَّم منهم القلعة المذكورة. وسلك هذا المسلك أهلُ قلعة بوغاطوس بِقُرب أدرنة، وغيرهم كثيرٌ من أهل القلاع وأصحابها، بما فيهم صاحب قلعة غلطة، التي دخلها المُسلمون وتسارعوا إلى مسجدها الذي بناه القائد الأُمويّ مسلمة بن عبد الملك عند حصار المُسلمين الثاني لِلقُسطنطينيَّة، وحوَّله الروم إلى كنيسة، فأعادوه إلى سابق عهده.[6][80] وسلَّم السُلطان صوباشيَّة القُسطنطينيَّة إلى سُليمان بك القرشدران من خواص خُدَّامه، وأمر بِإعدام الشاهزاده أورخان المُدِّعي بِالحق في عرش آل عُثمان، كما أمر بِالقبض على الصدر الأعظم خليل باشا الجندرلي وأولاده وأتباعه، فحبسهم واستصفى أموالهم، ثُمَّ قُتل خليل باشا بعد أربعين يومًا، وقيل مات ميتةً طبيعيَّةً في حبسه، وأُطلق سراح أولاده وأتباعه. وقال من أخذ بِرواية قتل الصدر الأعظم أنَّ سبب قتله مزيجٌ من ما أضمره السُلطان تجاهه من السوء نتيجة خداعه إيَّاه وخلعه من سلطنته الأولى، وما ثبُت عليه من أنَّهُ كان على تواصُلٍ مع الروم لِلحيلولة دون فتح القُسطنطينيَّة، ولِأنَّ الصدارة العُظمى كان قد مضى على بقاءها في يد آل الجندرلي 90 سنة، ورأى السُلطان أنَّ استمرار هذا الأمر معناه تأسيس سُلالة خاصَّة بِالصدارة بِمُوازاة سُلالة السلطنة، مع ما يحمله ذلك من مخاطر على آل عُثمان.[70][80][ْ 17] فكان أن قُتل وعُيِّن مكانه زغانوس باشا.[ِ 19] وكان من أبرز ما فعله السُلطان أيضًا أن اتخذ لِنفسه لقب «قيصر الرُّوم»، على اعتبار أنَّ الذي يستولي على مدينة عرش القياصرة هو قيصرٌ من الناحية الشرعيَّة، ومدينة عرش الإمبراطوريَّة الرومانيَّة، مُنذُ سنة 330م، هي القُسطنطينيَّة.[ْ 18] وقد أيَّد المُؤرِّخ والفيلسوف الرومي جرجس الطرابزُني، الذي عاصر فتح القُسطنطينيَّة، اتخاذ السُلطان مُحمَّد لِهذا اللقب القديم، كما اعترفت به الكنيسة الأرثوذكسيَّة الشرقيَّة،[ِ 20][ِ 21] في حين رفضته الكنيسة الكاثوليكيَّة ومُعظم دُول الغرب الأوروپي، إن لم يكن كُلُّها.



    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14543
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    السلطان محمد الفاتح - صفحة 2 Empty رد: السلطان محمد الفاتح

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الأحد ديسمبر 19, 2021 6:28 pm

    الفُتُوحات في أوروپَّا بعد القُسطنطينيَّة عدل
    فتح سوريجه حصار وإينوز عدل

    أطلال قلعة إينوز كما تبدو اليوم.
    أدَّى سُقُوط القُسطنطينيَّة في أيدي المُسلمين إلى تخوُّف مُلٌوك الأطراف من النصارى والمُسلمين من قُوَّة العُثمانيين الكبيرة، فأرسلوا رُسلًا إلى ركاب السُلطان مُحمَّد لِتجديد روابط الوداد والصُلح والهُدنة بين دُولهم والدولة العُثمانيَّة، وكان قيصر الصرب جُريج برانكوڤيچ قد استولى على كثيرٍ من البلاد التي افتتحها المُسلمون زمن السُلطان مُراد الثاني، واستردَّها لِنفسه، ولمَّا بلغه خبر فتح القُسطنطينيَّة أرسل رسولًا مع مفاتيح القلاع التي أخذها وطلب العفو والأمان من السُلطان، فطلب الأخير منهُ بقيَّة القلاع، فأبى التسليم وأغار على أطراف الدولة العُثمانيَّة وقطع عددًا من الطُرق الحيويَّة، فما كان من السُلطان إلَّا أن سار على الفور لِدفع هذا العدوان، فهرب القيصر الصربي إلى المجر، وظنَّ أنَّ السُلطان طمع في مدينة سمندريَّة فقط، فأخلاها وجعل جميع أمواله في قلعة سوريجه حصار، فحاصرها السُلطان أولًا وأخذها بعد قتالٍ شديد، فوجد فيها أموالًا عظيمة فاغتنمها بِأسهل الوُجُوه، وسيطر على الحُصُون التي بِقُربها، ثُمَّ فتح حصن «أمولة» أيضًا، ثُمَّ سيَّر سريَّة من الآقنجيَّة مع مُحمَّد بك بن فيروز للإغارة على بقيَّة بلاد الصرب، فخرَّبوا عدَّة نواحي وعادوا مع السُلطان إلى أدرنة، وكانت هذه الحملة في سنة 858هـ المُوافقة لِسنة 1454م.[80]

    أشتى السُلطان مُحمَّد تلك السنة في أدرنة، وأجرى بعض الترتيبات الإداريَّة والدبلوماسيَّة، ومنها أنَّهُ فوَّض قضاء العسكر إلى مُربيه المولى أحمد بن إسماعيل الكوراني، واستقبل رسول جُريج برانكوڤيچ الذي حمل رسالةً من سيِّده تتضمَّن إعلانه الخُضُوع لِلسُلطان العُثماني، وتعهُّده بِدفع مبلغ ثلاثين ألف دينار سنويًّا (أو ثمانين ألف دوقيَّة حسب مصادر أُخرى) على سبيل الجزية،[71][80] وإن كان مُستعدًا لِأن ينقض هذه التبعيَّة إذا ما وجد مُشجعًا على ذلك. وعقد السُلطان مُعاهدةً مع البُندقيَّة في شهر ربيع الآخر 858هـ المُوافق فيه شهر نيسان (أبريل) 1454م، حافظت بِموجبها هذه الدولة التجاريَّة على امتيازاتها، بعد أن اعتذرت لِلسُلطان عن موقف مُواطنيها في مُساعدة البيزنطيين، وعرضت دفع جزية سنويَّة، بين ثلاثة آلاف وخمسة آلاف دوقيَّة، كما اعترفت باختصاص المحاكم الشرعيَّة في النظر بِالخُصُومات التي تنشأ بين المُسلمين والبنادقة في الأراضي العُثمانيَّة.[81] كما عقد السُلطان الفاتح اتفاقاتٍ سلميَّةٍ مع جُزر أرخبيل بحر إيجة، مثل نقشة ولمنى (لمنوس).[82] وفي أثناء ذلك قدم قاضي بلدة «قره‌جك» إلى ركاب السُلطان وشكى من جنويي بلدة «إينوز» وممَّا كانوا يفعلون بِالمُسلمين من الجور والأذيَّة والتعدِّي على ضياع أهل «إيبصلة» و«قره‌جك»، وغصب مماليكهم من الجواري والغلمان. فوعد السُلطان القاضي المذكور بِدفع شرِّ الروم، ثُمَّ دعا أحد قادة البحَّارة، واسمه يُونُس باشا الخاصكي، وأمره بِتعمير عشرة أغربة بِالعساكر العزبيَّة والسير إلى جانب إينوز، ففعل ما أُمر به وحاصر البلدة من جهة البحر، في حين حاصرها السُلطان من جهة البر.[80] وكان آخر أسياد هذه البلدة، پالاماد گاتيلوسيو، قد تُوفي، وحصل نزاعٌ بين ابنه دورينو وزوجة أخيه الروميَّة، المدعُوَّة هيلانة نوتارس، على تولِّي الحُكم، مما دفعها إلى الاحتماء بِالسُلطان مُحمَّد وإعلان خُضُوعها له.[ِ 22][ِ 23] أمام هذا الواقع، استسلمت البلدة لِلعُثمانيين وتسلَّمها السُلطان سلمًا دون قتال، وأرسل يُونُس باشا إلى قلعة «طاش أوز» في مُحاذاة إينوز في البحر، فأخذها. وقيل في بعض المصادر أنَّ دورينو صاحب إينوز لمَّا شاهد مجيء العُثمانيين هرب إلى جزيرة سمدرك، ثُمَّ قدم ركاب السُلطان بِأدرنة مُستعفيًا، وقدَّم هدايا كثيرة أرسلها مع ابنته، فعفا عنهُ السُلطان وأقطعه إيالة «زيخنة» في مقدونيا، وأرسله إليها في جمعٍ من الخُدَّام، لكن يبدو أنَّ دورينو لم يُسرّ بِعطيَّة السُلطان، فما أن وصل إلى ساحل البحر، حيثُ كان قد أعدَّ سفينةً لِلهرب، افتعل شجارًا مع من كان معه من الحرس كان من نتيجته أن قتلهم وباقي المُسلمين الذين رافقوه، ثُمَّ ركب البحر والتجأ إلى المُستعمرة الجنويَّة في جزيرة مدللي.[80][ِ 24]



    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14543
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    السلطان محمد الفاتح - صفحة 2 Empty رد: السلطان محمد الفاتح

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الأحد ديسمبر 19, 2021 6:28 pm

    فتح مُعظم بلاد الصرب عدل
    Crystal Clear app kdict.png طالع أيضًا: حصار بلغراد (1456)

    أطلال قلعة قلعة نوابرده كما تبدو اليوم. سعى السُلطان مُحمَّد إلى استرجاع هذه القلعة بعدما تنازل عنها والده مُراد، في سبيل السيطرة على إقليمها الغني بِالمناجم.
    كانت سياسة السُلطان مُحمَّد الفاتح في البلقان، التي وقعت تحت السيطرة العُثمانيَّة، تنم عن بُعد نظر ورغبة في جعل هذه البلاد أرضًا مُسالمة لا خاضعة فقط، ومنع أيَّة دولة أجنبيَّة من أن تمُدَّ نُفُوذها جنوبيّ نهر الطونة (الدانوب)، وجعلت هذه السياسة شُعُوب البلقان المسيحيَّة مُتعلِّقة بِالسلام العُثماني، إلَّا أنَّ هذا السلام كان مفروضًا أن يمنع قوى البلقان من أن تُصبح شوكة في جنب الدولة العُثمانيَّة، لِذلك كانت سيادة العُثمانيين على هذه الشُعُوب مُتزعزعة، تقوى حينًا وتضعُف أحيانًا، فكان على السُلطان أن يُوطِّد أقدام المُسلمين في البلاد المذكورة.[82] والواقع أنَّ اتساع رقعة الدولة العُثمانيَّة ونُمُوَّها أدَّى إلى أن تشعر بعض الدُول بِأنَّ الخطر العُثماني أصبح داهمًا، وفي مُقدِّمتها قيصريَّة الصرب ومملكة المجر وجُمهُوريَّة البُندُقيَّة، وكانت هذه الأخيرة صاحبة النُفُوذ الأقوى على سواحل البلقان، عسكريًّا واقتصاديًّا. ويبدو أنَّ الذي مكَّن السُلطان العُثماني من الهيمنة عليهم تباعُد مراكزهم، وعدم قُدرتهم على حشد جُيُوشهم في مكانٍ واحدٍ وتنسيق عمليَّاتهم العسكريَّة.[82] فالصرب كانت تقع بين مُمتلكات العُثمانيين، ومملكة المجر القويَّة تحت زعامة يُوحنَّا هونياد الوصيّ على العرش، وكانت بعضُ أجزاءٍ منها تقع تحت السيطرة العُثمانيَّة وبعضُ أجزاءٍ أُخرى تحت سيطرة المجر. ونظرًا لِموقع هذه البلاد الجُغرافي، بِوصفها بوَّابة العُبُور إلى المجر، أصرَّ السُلطان على أن تكون لهُ وحده هذه السيادة على الصرب، يُضافُ إلى ذلك أنَّ سياسة برانكوڤيچ اتسمت بِالتذبذب، فكان يُظهر صداقة العُثمانيين ويُبطن عداوتهم، ولم يتوانَ عن التعاون مع هونياد ضدَّ العُثمانيين عندما دعاهُ هذا الأخير إلى ذلك، كما أنَّ الحاجات الماليَّة لِلدولة كانت في تزايُدٍ مُستمرٍّ ما دفع السُلطان الفاتح إلى الرغبة في استعادة إقليم نوابرده الغنيّ بِالمناجم، والواقع تحت سيطرة برانكوڤيچ، فمن أجل ذلك، ولِتفادي هذا الخطر، بادر السُلطان إلى غزو بلاد الصرب قبل أن تتخذها القُوَّات المُتحالفة مركزًا لِلهُجُوم على الأراضي العُثمانيَّة.[83]

    وفي سنة 859هـ المُوافقة لِسنة 1454م، جهَّز السُلطان جيشًا وسار من طريق إسكوپية إلى بلاد الصرب، فاستقبله عيسى بك بن إسحٰق أمير سنجق إسكوپية لمَّا وصل إلى قُرب قصبتها سالفة الذِكر، وجعلهُ السُلطان على مُقدِّمة الجيش لِوُقُوفه على تلك البلاد، فسار وحاصر أولًا قلعة نوابرده سبعة أيَّام، ثُمَّ تسلَّمها بِالأمان، وكان فيها أكثر خزائن برانكوڤيچ، وكانت أموالًا عظيمة، فرتَّب السُلطان فيها حاميةً وقاضيًا، ثُمَّ توجَّه إلى قلعة «تريجة» وفتحها، ووجد فيها أيضًا أموالًا لا تُحصى، ثُمَّ سيَّر عيسى بك، وقيل قراجة باشا، في سريَّةٍ إلى بلاد الصرب لِلسيطرة على المناجم التي فيها، فسيطرت الجُنُود العُثمانيَّة على مُعظم البلاد بلا نزاع، وضبطت مناجمها. ثُمَّ سار السُلطان إلى مشهد خُداونگار، أو تُربة السُلطان مُراد الأوَّل، الواقعة في سهل قوصوه، فبذل الصدقات على الفُقراء، وأطعم المساكين فيها، ثُمَّ أذن لِلعسكر في العودة إلى أوطانهم، وسار هو في خواص خُدَّامه إلى جانب سالونيك وأقام فيها أيَّامًا لِلراحة والاستجمام، ثُمَّ عاد إلى إسلامبول.[80] ووجد جُريج برانكوڤيچ نفسه أضعف من أن يُقاوم العُثمانيين، لا سيَّما بعد أن رفض عُمُوم الصربيين مُساعدة يُوحنَّا هونياد والمجر لهم لِاختلاف مذهبهم، حيثُ كان المجريين كاثوليكيين تابعين لِلبابا والصربيين أرثوذكسيين لا يذعنون لِسُلطة البابا بل كانوا يُفضِّلون تسلُّط المُسلمين عليهم لما رأوه من عدم تعرُّضهم لِلدين مُطلقًا. ولِذلك أبرم قيصر الصرب الصُلح مع السُلطان مُحمَّد على أن يدفع له سنويًّا جزية قدرُها ثلاثون ألف دوقيَّة


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14543
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    السلطان محمد الفاتح - صفحة 2 Empty رد: السلطان محمد الفاتح

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الأحد ديسمبر 19, 2021 6:29 pm

    بعد هذه الانتصارات، اشتدَّ شُعُور الناس في أوروپَّا بِالخطر الإسلامي وتهديده، لا سيَّما وأنَّ ما يقف بِوجه العُثمانيين الآن هو مدينة بلغراد الحصينة فقط، بعد أن سقطت بقيَّة القلاع والحُصُون الصربيَّة في أيديهم، فإذا ما سقطت بلغراد، المُسمَّاة «باب المجر»، فلن يقف في سبيل الإسلام بعد ذلك شيء، وستتدفَّق جُمُوع المُسلمين على ألمانيا وما يُحيطُ بها. تجاه هذا الخطر المُحدق، راح البابا كاليكست الثالث يدعو المسيحيين إلى الانخراط في حملةٍ صليبيَّةٍ ضدَّ العُثمانيين، وكلَّف الراهب الفرنسيسكاني يُوحنَّا الكاپسترانوي (بالإيطالية: Giovanni da Capestrano)‏ لِلتبشير بها، فأخذ الأخير يجول في إسپانيا وفرنسا وبولونيا والمجر يُلهب الحماس في صُدُور الناس بِخطبه الناريَّة ويدعوهم إلى شنِّ حربٍ صليبيَّةٍ على العُثمانيين.[84] وشرَّع البابا لِلنصارى صلاة التبشير، فتُدق النواقيس ويتوجَّه النصارى إلى السيِّدة مريم العذراء يسألون العون ويطلبون النصر على المُسلمين، وطلب إلى الناس في جميع البلاد المسيحيَّة أن لا يغفلوا عن دقِّ هذا الناقوس صباح كُلَّ يوم والذي سمَّاه «ناقوس التُرك». وأرسل كاليكست الثالث مندوبه الكردينال يُوحنَّا أنجيلو إلى الوصيّ على عرش المجر يُوحنَّا هونياد يطلب منهُ قيادة الحملة الصليبيَّة العتيدة، فاستجاب لِهذا النداء. وهكذا تكوَّن حلفٌ صليبيٌّ ضدَّ العُثمانيين اشترك فيه هونياد، وألفونسو الخامس ملك أرغون، وفيليپ دوق بورغندية، وعددٌ من أُمراء وقادة إيطاليا والبُندُقيَّة وجنوة وألمانيا وبوهيميا وبولونيا والصرب وفُرسان الإسبتاريَّة. ولم ينتظر السُلطان مُحمَّد حتَّى يدهمه الهُجُوم، بل سارع إلى إعداد جيشٍ عرمرميّ في سبيل فتح بلغراد ومُباغتة الأعداء.[84] وفي صيف سنة 860هـ المُوافقة لِسنة 1456م، توجَّه السُلطان في عدَّةٍ كاملةٍ وجيشٍ عظيمٍ، يُقدَّرُ تعداده بين 30,000 و100,000 جُندي بِالإضافة إلى 200 سفينة،[ِ 25][ِ 26][ِ 27][ِ 28] وسار إلى فتح بلغراد، فمرَّ من جنوب بلاد الصرب إلى شمالها بدون أن يلقى أقل مُعارضة حتَّى وصل المدينة الحصينة، فحاصرها من جهة البرِّ ونهريّ الطونة وصوه، وكان هونياد قد دخل المدينة في جمعٍ عظيمٍ قبل إتمام الحصار عليها، واستعدَّ لِدفع المُسلمين عنها.[71][80] وقاتل السُلطان حامية بلغراد قتالًا شديدًا مديدًا، ودافع هونياد عنها دفاع الأبطال، رُغم القصف المدفعي العُثماني لِلأسوار ومُحاولة العُثمانيين تلغيمها وتفجيرها. ويُحكى أنَّ السُلطان قاتل بِنفسه في هذه الواقعة وأُصيب بِجُرحٍ بالغٍ في فخذه، وقُتل كُلٌ من قراجة باشا وحسن آغا مُقدِّم الإنكشاريَّة ممَّا أوقع الجيش العُثماني في اضطرابٍ كبير، فيئس السُلطان من فتح المدينة ورفع عنها الحصار، وعاد إلى أدرنة خائبًا، وأتلف الصليبيُّون السُفن العُثمانيَّة التي كانت في نهريّ الطونة وصوه مع الرجال والمدافع التي فيها.[71][80]


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14543
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    السلطان محمد الفاتح - صفحة 2 Empty رد: السلطان محمد الفاتح

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الأحد ديسمبر 19, 2021 6:30 pm

    وعلى الرُغم من أنَّ العُثمانيين لم يتمكنوا من فتح بلغراد في هذه الحملة، إلَّا أنَّهم ربحوا أمرًا عظيمًا وهو إصابة هونياد بِجراحٍ بليغةٍ مات بِسببها بعد رفع الحصار عن المدينة بِنحو عشرين يومًا، وتحديدًا يوم 9 رمضان 860هـ المُوافق فيه 11 آب (أغسطس) 1456م. وفي يوم 6 مُحرَّم 862هـ المُوافق فيه 24 كانون الأوَّل (ديسمبر) 1457م، أرسل عيسى بك بن إسحٰق إلى السُلطان يُعلمه أنَّ قيصر الصرب جُريج برانكوڤيچ قد تُوفي هو الآخر، وبقي ما بيده من البلاد خالية عن الحاكم والدافع، وقد دبَّت الفوضى في حُكُومة الصرب بِسبب تنازع ورثة برانكوڤيچ فيما بينهم، فأمر السُلطان بِإعداد حملةٍ أُخرى وإرسالها إلى بلاد الصرب لاستكمال فتحها.[85][86] وكان السُلطان مُحمَّد قد عزل زغانوس باشا عن الصدارة العُظمى وعيَّن مكانه محمود باشا الصربي،[ِ 29] فسيَّره في عسكر الأناضول وألفٍ من الإنكشاريَّة إلى تسخير بقيَّة بلاد الصرب، فأسرع السير وكبس أهالي تلك البلاد على حين غفلة، وفتح من الحُصُون المنيعة: «وضة» و«أمولة» و«كرويه» و«ترايجة» و«صوه»، ثُمَّ توجَّه إلى قلعة سمندريَّة وحاصرها أيَّامًا، وخرَّب نواحيها، وقُتل من حامية القلعة خلقُ كثيرٌ حين المُحاصرة. إلَّا أنَّهُ لمَّا رأى أنَّ فتحها يحتاج إلى زمانٍ مديدٍ انعطف إلى صوب بلغراد، وابتنى بِجانبها بُرجًا حصينًا لِتضييق الخناق عليها، ثُمَّ توجَّه لِلسيطرة على المناجم الواقعة في نواحي بلدة إزورنيق، ثُمَّ توجَّه لِاسترداد قلعة «گورجنيلك» التي افتُتحت زمن السُلطان مُراد الثاني وعاد الصربيُّون وأخذوها مُجددًا في وقتٍ لاحق، فحاصرها أيَّامًا وقاتل حاميتها قتالًا شديدًا حتَّى طلبوا الأمان، فأجابهم إلى ذلك واستلم القلعة، فرتَّب لوازمها من الجُنُود والمُؤمن، وعمَّرها وحصَّنها، ومكث فيها عدَّة أيَّام، وأرسل إلى السُلطان يُعمله بِفُتُوحاته وما اغتنمه، فسُرَّ الأخير سُرورًا عظيمًا.[85]

    فتح المورة عدل

    إمارة المورة المُقتسمة بين الشقيقين طوماس ودمتريوس عشيَّة اندلاع الثورة الشعبيَّة عليهما.
    خِلال الفترة التي استغرقها فتح مُعظم البلاد الصربيَّة، كان السُلطان قد عقد العزم على تسخير وفتح بلاد المورة لِأسبابٍ مُختلفة. فقد كانت البلاد سالِفة الذِكر مُقسَّمة بين الأميرين البيزنطيين الأخوين طوماس ودمتريوس، شقيقا الإمبراطور قُسطنطين الحادي عشر، وكان طوماس يُقيمُ في باللوبادرة (پاتراس) في حين سكن دمتريوس في إسپرطة. ولم يكن الأخوان على وفاقٍ فيما بينهما ما أدَّى إلى تدخُّل الأرناؤوطيين في شؤونهما الداخليَّة، بِالإضافة إلى أنَّهما نزعا إلى الظُلم والاستبداد وتأخَّرا في دفع الجزية المفروضة عليهما سنوات عدَّة،[86] رُغم أنَّهما فرضا ضرائب باهظة على رعاياهما. نتيجة هذا الظُلم، ثار نحو 30,000 أرناؤوطي من أهل المورة، بِقيادة أحد النُبلاء المدعو «بُطرس البُوائي» (بالألبانية: Pjetër Bua)،[ِ 30] وانضمَّ إليهم بعض الروم الناقمين على الوضع بِزعامة نبيلٍ آخر يُدعى «عمانوئيل قانتاقوزن»، وانتخبوه لِيكون أميرًا عليهم. ولم يقدر الأميران البيزنطيَّان على قمع الثورة العارمة، فالتجآ إلى السُلطان مُحمَّد يطلُبان منه العون والمدد. وازدادت الأُمُور تعقيدًا لمَّا أخذ بعض الزُعماء والأُمراء الصغار يتواصلون سرًا مع السُلطان العُثماني ويُبايعونه على السمع والطاعة في سبيل التخلُّص من تبعيَّتهم لِلأميرين الشقيقين،[ِ 31] كما اندلعت ثورة أُخرى قام بها اللاتين الكاثوليك، أحفاد الإفرنج الذين استوطنوا شبه الجزيرة اليونانيَّة بعد الحملة الصليبيَّة الرابعة، بِزعامة يُوحنَّا أسانو زكريَّا (بالإيطالية: Giovanni Asano Zaccaria)‏، وهو الابن اللقيط لِآخر أُمراء آخية، سنتوريون الثاني زكريَّا (بالإيطالية: Centurione II Zaccaria)‏،[ِ 32] وقد ادَّعى الأحقيَّة لِنفسه في حُكم وتمثيل بقايا الكاثوليك في المورة.[ِ 33] أضف إلى ذلك، يُروى أنَّ أحدًا من تُجَّار سيروز كان قد سار لِلتجارة إلى حُدُود المورة، فشاهد تسلُّط المسيحيين على الأقليَّة المُسلمة فيها في خضام الاضطرابات القائمة، فرقَّ عليهم وذهب إلى ركاب السُلطان مُحمَّد وعرض أحوال مُسلمي تلك الديار على العتبة العُليا، فكان هذا دافعًا إضافيًّا لِلتدخُّل العُثماني.[85]


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14543
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    السلطان محمد الفاتح - صفحة 2 Empty رد: السلطان محمد الفاتح

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الأحد ديسمبر 19, 2021 6:34 pm

    لم يكن بِوسع السُلطان السُكُوت عن التدخُّل الأرناؤوطي في المورة، كما لم يرضَ عن تزايُد الفوضى وظُلم السُكَّان، فكان لا بُدَّ من التدخُّل السريع لِوضع حدٍّ لِكُلِّ ما يحصل. وفعلًا، أمر السُلطان بِالتجهُّز واجتماع الجيش، وخرج في ربيع سنة 862هـ المُوافقة لِسنة 1458م، على رأس حملةٍ عسكريَّةٍ لِفتح بلاد المورة. وبعد أن أمضى شطرًا بسيطًا من الوقت في سيروز بانتظار أن ينضم إليه بقيَّم العسكر، توجَّه ودخل المورة من برزخ كورنثة، وفتح أولًا قلعة «فلكة» عنوةً، ثُمَّ قلعة كورفوس، وفتحت له قلعة «باق أوه» أبوابها سلمًا، فأجلى أهلها إلى إسلامبول، ثُمَّ فتح قلعتا «توقماق» و«منجلق» بِحد السيف، ثُمَّ فتح باللوبادرة (پاتراس) مع لواحقها، إذ كان الرُّوم قد استردُّوها بعد فتح السُلطان مُراد لها خِلال حملته الخاصَّة على المورة. وأجبر السُلطان الأرناؤوطيين على الخُرُوج من البلاد، وفرض على الأخوين البيزنطيين جزية سنويَّة قدرها خمسة آلاف دوقيَّة، وتفاهم مع النبيل «بُطرس البُوائي» الذي أصبح مُتحدثًا في البلاط السُلطاني باسم الرعيَّة الأرناؤوطيَّة، في حين هرب يُوحنَّا أسانو زكريَّا إلى البُندُقيَّة، واختفى كُلُّ أثرٍ لِعمانوئيل قانتاقوزن.[85][86] وهدم السُلطان بِنيران مدفعيَّته 292 قلعة من مجموع الثلاثمائة قلعة الموجودة في المورة، وترك 8 قلاع فقط أسكن فيها حامياتٍ عسكريَّةٍ عُثمانيَّة،[87] ولمَّا قرُب الشتاء توجَّه السُلطان إلى إسكوپية وشتى فيها.[85][88] ويبدو أنَّ طوماس خضع لِلعُثمانيين على كُرهٍ منه، ولبث يترقَّب الفُرصة لِإعلان تمرُّده. وفعلًا استغلَّ هذا الأمير غياب السُلطان فهاجم أخاه دمتريوس والحاميات العُثمانيَّة في المورة، واستولى على مُدنٍ عدَّة، واستنجد هذا الأخير بِالسُلطان الذي عاد إلى المورة ودخلها، فهرب طوماس إلى إيطاليا. ومنعًا لِتجدُّد أعمال التمرُّد على الحُكم العُثماني، وضع السُلطان الإقليم تحت السيطرة المُباشرة لِلسلطنة، ونفى دمتريوس إلى إحدى جُزر أرخبيل بحر إيجة، ثُمَّ سمح لهُ بالانتقال والعيش في أدرنة. وفتح السُلطان خلال حملته هذه مدينة أثينية في سنة 864هـ المُوافقة لِسنة 1460م، على أثر حُصُول نزاعٍ عائليٍّ بين حُكَّامها، وسمح لِآخر دوقٍ من حُكَّامها اللاتينيين، وهو فرانشيسكو الثاني أكسيولي (بالإيطالية: Francesco II Acciaiuoli)‏ بِأن يأخذ كامل ثروته ويذهب إلى إيطاليا. وفي ذلك الوقت فُتحت جزائر الأرخبيل مثل طاشوز وإمروز وغيرها، حتَّى أضحت بلاد اليونان تحت السيطرة العُثمانيَّة المُباشرة باستثناء بعض المواقع والقلاع المُتفرِّقة على الشواطئ مثل كورونة ومودونة وآرغوس وليپانت التي كان أغلبها لِلبنادقة.[71][86][87]

    الحملة الأولى على المجر عدل


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14543
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    السلطان محمد الفاتح - صفحة 2 Empty رد: السلطان محمد الفاتح

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الأحد ديسمبر 19, 2021 6:35 pm

    خلال الحملة على المورة، كان السُلطان قد أمر عيسى بك بن أفرنوس بِأن يُغير على بلاد الأرناؤوط لِإشغال زُعماء العشائر وفي مُقدِّمتهم العاصي الكبير إسكندر بك، عن التدخُّل في الشُؤون الداخليَّة الموريَّة. كما أمر عيسى بك بن حسن والي ڤيدين بِالإغارة على ديار المجر، فأغارا واغتنما غنائم كثيرة. ثُمَّ أتبعهُما بِسريَّةٍ عظيمةٍ من الآقنجيَّة بِقيادة مُحمَّد بك بن منت لِاستكمال الغارات على المجر، فعبروا نهر الطونة (الدانوب) وتوجهوا إلى إقليم طراوه ونهبوا قراها وسبوا أهلها، ثُمَّ توجَّهوا إلى «رسووا» بين نهريّ الطونة وصوه، فأغاروا على نواحيها واغتنموا أشياء عظيمة من الأثقال والسبايا والمواشي، وأرسلوا جميع الغنائم بِالسُفن عبر نهر الطونة إلى الصدر الأعظم محمود باشا، الذي كان يترقبهم في قلعة گورجنيلك، كما صادفوا نحو مائتي فارسٍ مجريّ، فأسروهم جميعًا وعادوا بهم إلى السُلطان في إسكوپية، فأكرم الأخير الصدر الأعظم وسائر الأُمراء الذين شاركوا في تلك الغارة غاية الإكرام، وأراد أن يأذن لِلعسكر بِالرُجُوع إلى أوطانهم لولا أن بلغه أنَّ جمعًا من الجُنُود المجريين قد عبروا نهر الطونة من معبر بلغراد وتفرَّقوا لِلنهب ضمن الحُدُود العُثمانيَّة، فأرسل إليهم جمعًا من نُخبة العسكر الذين باغتوهم وأسروا مُقدِّمهم وقتلوا أتباعه، ثُمَّ تتبعوا المُتفرقين وقتلوا بعضهم وأسروا آخرين، ولم يفلت منهم إلَّا قليل. ولمَّا رجع الجُنُود إلى السُلطان أكرم أُمرائهم بِالمناصب العالية، ثُمَّ أذن لِلعساكر بِالعودة إلى بلادهم، ورجع هو أيضًا إلى أدرنة.[85]

    بعد ذلك قرَّر السُلطان أنَّ الوقت حان لِاسترداد سمندريَّة، وكانت قد دخلت في مُلك البُشناق بعد أن ابتاعها الملك أسطفان طوماسوڤيچ من أحد أبناء جُريج برانكوڤيچ عند وفاة الأخير. ولمَّا وصل السُلطان إلى صوفيا وصل إليه الخبر من جانب الملك البُشناقي بِأنَّهُ التمس من السُلطان أن يُعوَّضه عن سمندريَّة بِقلعة البوسنة، فلم يُجبه السُلطان إلى ذلك، واضطرَّ أسطفان طوماسوڤيچ إلى تسليم سمندريَّة صُلحًا وبلا عوض صونًا لِبلاده عن الغارة والخسارة. وهكذا، سار جمعٌ من قبل السُلطان وتسلُّموا المدينة سلمًا، وأمَّنوا أهلها على أنفسهم وأموالهم وعيالهم ودينهم.[85][88] وبِذلك انتهت القيصريَّة الصربيَّة تمامًا، وأضحت الصرب جُزءًا من الدولة العُثمانيَّة، وجُعلت سمندريَّة مركز سنجقٍ جديدٍ يتبع إيالة الروملِّي،[71][87] وعُيِّن علي بك ميخائيل أوغلي لِيكون أوَّل أميرٍ لِلسنجق المذكور.[ِ 34]

    السيطرة على السواحل الجنوبيَّة لِبحر البنطس (الأسود) عدل

    الحُدُود التقريبيَّة لِإمبراطوريَّة طرابزون، مُحرِّكة الحملات العُدوانيَّة على الدولة العُثمانيَّة.

    خريطة شبه جزيرة القرم تُصوِّرُ مُمتلكات جنوة وباقي التقسيمات السياسيَّة في البلاد زمن السُلطان مُحمَّد الفاتح.
    بعد عودة السُلطان من بلاد اليونان، أبرم صُلحًا مُؤقتًا مع العاصي الأرناؤوطي إسكندر بك وترك لهُ إقليميّ الأرناؤوط وإپيروس ثُمَّ حوَّل أنظاره إلى آسيا الصُغرى لِيفتح ما بقي منها خارجًا عن السيطرة العُثمانيَّة.[71] ففي تلك الفترة لم يكن قد بقي في المنطقة سالِفة الذِكر سوى بعض المُدن والقلاع الإسلاميَّة والنصرانيَّة التي لم تدخل في حظيرة الدولة العُثمانيَّة، وتضمر العداء لها. وما لبثت هذه القوى أن تآمرت على الدولة، وتولَّت زعامة هذه الحركة إمبراطوريَّة طرابزون الروميَّة. فقد راودت إمبراطورها «يُوحنَّا الرابع كومنين» فكرة إخراج العُثمانيين من آسيا الصُغرى كُلَّها، ولم يعتبر بِما حصل لِإمبراطور القُسطنطينيَّة. وراح يُوحنَّا هذا يُفاوض الدُول المُجاورة والصديقة بِهدف تشكيل ائتلافٍ ضدَّ العُثمانيين، ووجد في الأمير التُركماني الطموح حسن بن عليّ البايندري، الشهير بِـ«أوزون حسن» أي «حسن الطويل»، حاكم الدولة الآق قويونلويَّة، خير حليفٍ ونصير، وقد جمعتهما مصلحة مُشتركة هي كراهية العُثمانيين، وتمتَّنت أواصر الصداقة بين الرجُلين بِالمُصاهرة، حيثُ تزوَّج أوزون حسن من تُيُودورا، ابنة يُوحنَّا.[89][ِ 35] ونجح يُوحنَّا في استقطاب الأُمراء المُجاورين له، وهُم أُمراء سينوپ والقرمان والكرج وأرمينية، الذين جمعهم، على اختلاف أجناسهم وعقائدهم، الحقد على الدولة العُثمانيَّة. وحاول يُوحنَّا أن يضُمَّ إلى هذه القوى الشرقيَّة، قُوَّة اللاتين الكاثوليك في الغرب، ومن المعروف أنَّهُ كان من أنصار اتحاد الكنيستين الشرقيَّة والغربيَّة، فقد شارك في مجمع فلورنسة قبل نحو عشرين سنة، وكان على وئامٍ مع البابويَّة،[ِ 36] وأجرى مُفاوضاتٍ مع البابا من أجل هذه الغاية، غير أنَّ الوفاة أدركته في سنة 862هـ المُوافقة لِسنة 1458م قبل أن يُتم مشروعه، واستبدَّ بِالحُكم بعده أخوه داود، وكان على صفات أخيه، فواصل جُهُوده لِإتمام تكوين الجبهة المُتحدة ضدَّ العُثمانيين، وسانده فيليپ دوق بورغندية، وأوصى البابا دُول الغرب الأُخرى بِتقديم المُساعدة.[89] وكانت جنوة، فيما تملك من مُستعمراتٍ في الشرق، تملك مدينة أماصرة في آسيا الصُغرى على شاطئ بحر البنطس (الأسود) وكفَّة في شبه جزيرة القرم، وتُعدُّ هاتان المُستعمرتان، وبِخاصَّةٍ الأخيرة منهُما، من أهم المراكز التجاريَّة لِجنوة في الشرق. لكنَّ جنوة أصابها الوهن في الوقت الذي نمت فيه الدولة العُثمانيَّة وتوسَّعت في فُتُوحاتها، فخشيت على مُستعمراتها الشرقيَّة، لِذلك سلَّمت هذه المُستعمرات إلى المُؤسسة الماليَّة القويَّة «بنك القدِّيس جرجس» (بالإيطالية: Banco di San Giorgio)‏ لِتتصرَّف فيها كما تشاء. وقامت المُؤسسة بِدورٍ بارزٍ في تأليب القوى ضدَّ الدولة العُثمانيَّة، بِالتنسيق مع إمبراطور طرابزون، وبِمُساندةٍ من البابويَّة التي عدَّة هذه المواقع المُطلَّة على بحر البنطس بِمثابة مواقع أماميَّة لِلمسيحيَّة.[90] ونسَّقت القوى المُتحدة خطَّة عسكريَّة تستند على فتح جبهتين في الوقت نفسه، جبهة في الغرب وأُخرى في الشرق، بِحيثُ يقع العُثمانيُّون بين فكيّ الكمَّاشة. لم يغب عن الفاتح ما كان يحوكه إمبراطور طرابزون، بِالاشتراك مع حُكَّام أماصرة، من الدسائس، فقام يُواجه هذا الائتلاف بِكُلِّ ثباتٍ. وبعد مضيّ عامين من الاتصالات والمُشاورات تحرَّك أوزون حسن، بِإيعازٍ من داود إمبراطور طرابزون، فطلب من الفاتح إسقاط الجزية عن طرابزون، وتجرَّأ بِأن طالبه بِدفع الجزية إليه، فأجاب السُلطان مُحمَّد بِكُلِّ هُدوءٍ أنَّهُ سيذهب بِنفسه في السنة القادمة ويدفع لِلأمير التُركماني ما


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14543
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    السلطان محمد الفاتح - صفحة 2 Empty رد: السلطان محمد الفاتح

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الأحد ديسمبر 19, 2021 6:36 pm

    فتح أماصرة وضم قسطموني وسينوپ عدل

    مدينة سينوپ وقلعتها الحصينة. استلمها السُلطان مُحمَّد سلمًا دون قتال.
    ما أن انتهى السُلطان مُحمَّد من فتح بلاد المورة حتَّى أعدَّ، في ربيع سنة 865هـ المُوافقة لِسنة 1461م، جيشًا بريًّا تولَّى قيادته بِنفسه، وأُسطُولًا بحريًّا عهد بِقيادته إلى الصدر الأعظم محمود باشا، وخرج وسط تكتُّمٍ شديدٍ دون أن يعرف أحد وجهته، ويُروى أنَّ أحد القُضاة تجاسر وسأل إلى أين المسير، فأجابه السُلطان: «لَو أَنَّ شَعرَةً فِي لِحيَتِي عَرَفَت ذَلِكَ لَنَتَفتُهَا وَقَذّفتُ بِهَا فِي النَّارِ». وبعد فترةٍ قصيرةٍ أمضاها في بورصة ريثما يُجهَّز الأُسطُول، أسرع بِالزحف نحو أماصرة، وكان أهلها الجنويين مُستأمنين ظاهرًا، إلَّا أنَّهم كانوا لا يخلون من إيصال الضرر إلى المُسلمين برًّا وبحرًا، فعُرضت أحوالهم إلى ركاب السُلطان فسار إليهم وأخذهم على غرَّة، فجاء إليه حاكم المدينة يصحبه بعض أعيانها، وسلَّموا إليه مفاتيحها طالبين عدم التعرُّض لهم في أنفُسهم وأموالهم، فأجابهم الفاتح إلى طلبهم ومنحهم الأمن والأمان، ودخل المدينة دون قتال، ثُمَّ أمر بِنقل قسمٍ من أهلها مع حاكمهم إلى إسلامبول لِيُسكنهم فيها ويستفيد من خبراتهم التجاريَّة، ووطَّن في أماصرة بعض المُسلمين بعد أن أعطاهم إحدى الكنائس وجعلها مسجدًا جامعًا.[85][90] ثُمَّ عزم السُلطان على ضمِّ قسطموني وسينوپ وأخذها من يد صاحبها الأمير إسماعيل بك بن إسفنديار الجندرلي، وكان المُحفِّز على ذلك أنَّ أحمد بن إسفنديار، أخا إسماعيل بك سالف الذِكر، كان قد التجأ إلى الركاب العالي واختصَّ بِالصدر الأعظم محمود باشا، فأقطعهُ السُلطان مدينة بولي وأعمالها، لكنَّهُ كان يحث الصدر الأعظم دائمًا على أخذ المُلك من يد أخيه إسماعيل، فحثَّ محمود باشا السُلطان على أخذه، وقبَّح طاعة إسماعيل بك عند السُلطان مرَّة بعد أُخرى؛ حتَّى عزم السُلطان على تسخير تلك البلاد.[91] والحقيقة أنَّ السُلطان لم يكن بِحاجةٍ إلى هذا السبب لِيُهاجم البلاد المذكورة، فقد كان ينوي السيطرة على سينوپ الغنيَّة بِمناجمها ومعادنها، وكان يخشى أن تقع في أيدي أوزون حسن ويتخذها المُتحالفون قاعدةً لِأعمالهم العسكريَّة، فكان هذا دافعه الأساسي، وشكَّلت حركة أحمد بك حُجَّةً إضافيَّةً فقط. فأرسل الفاتح إلى إسماعيل بك طلبًا لِلخُضُوع له وتسليم إمارته على أن يُعوِّضه عنها مدينةً أُخرى، وهدَّدهُ بِدُخُول المدينة عنوةً إذا رفض. أدرك إسماعيل أنَّهُ لا قِبل لهُ بِمُواجهة الجيش العُثماني، فطلب الأمان وذهب إلى خيمة السُلطان وقبَّل يده، فاستقبلهُ الفاتح بِالترحاب وأقطعهُ أراضي واسعة في جهات بورصة ويني شهر وإینه‌ گول ويار حصار، وبِذلك دخلت الإمارة الجندرليَّة في قبضة العُثمانيين،[ِ 37] وأُضيفت جُنُودها إلى الجُيُوش العُثمانيَّة، وعددها 10,000 جُندي و2000 مدفعي و400 مدفع. وبعد فترةٍ نُقل الأمير إسماعيل بك إلى الروملِّي وأُقطع مدينة فيلپَّة وبقي فيها إلى أن تُوفي سنة 1479م. وبِذلك لم يبقَ في الأناضول سوى 3 إماراتٍ تُركمانيَّةٍ فقط، وهي: القرمان وذي القدريَّة، والرمضانيَّة التابعة لِلدولة المملوكيَّة.[87]

    ضم قويون حصار عدل
    بعد ضمِّ الإمارة الجندرليَّة وتنظيم أُمُورها، توجَّه السُلطان إلى تسخير قلعة «قويون حصار»، الواقعة شمال مدينة نيكسار على نهر «كلكيت»؛ لِأنَّ أوزون حسن كان قد ظفر بِواليها «حُسين بك» على حين غفلة فسيطر على القلعة بِهذا، ودخلت في مُلكه، وكان السُلطان قد أرسل إلى استردادها قبل ذلك بكلربك الروملِّي حمزة بك الشرابدار في عسكر إيالته، فسار إليها وحاصرها، ولم يتيسَّر لهُ الفتح، فأغار على بلاد أرمينية الداخلة في نطاق الدولة الآق قويونلويَّة وأميرها أوزون حسن، ونهبها نهبًا فاحشًا ثُمَّ عاد. فقام حُسين بك المذكور لِلانتقام من العُثمانيين، فأرسل جمعًا من التُركمان البايندريين(7) فأغاروا على أطراف أماسية وتوقاد وخرَّبوها، فبلغ ذلك إلى السُلطان، فتوجَّه إلى ضمِّ قويون حصار، ولمَّا وصلها بيَّت عساكر أوزون حسن (أي هاجمهم ليلًا) مرَّةً بعد أُخرى، وهزمهم في كُلِّ مرَّة، فأرسل أوزون حسن ابن عمِّه خورشيد بك في جمعٍ من التُركمان البايندريين لِلسيطرة على مضيق زغانة الواقع على طريق العُثمانيين باتجاه الأراضي الآق قويونلويَّة، فصادفه طليعة العسكر العُثماني وقاتلوه وكسروه كسرًا قبيحًا، مما جعل السُلطان يُصمِّم على السير لِقتال أوزون حسن نفسه، ولم يُضيِّع شيئًا من الوقت، فأمر أُسطُوله بِمُواصلة الإبحار إلى طرابزون في حين زحف هو بِجيشه البريّ نحو أرضروم لِضرب أوزون حسن المُتقدِّم لِنجدة حليفه داود إمبراطور المدينة. وذُعر أوزون حسن من هذه الانتصارات ومن الظُهُور السريع وغير المُنتظر لِلفاتح، في هذه المنطقة، ورأى أنَّهُ لا قِبل لهُ بِمُفرده بِمقاتلته، فجنح إلى السلم، وأرسل والدته سارة خاتون مع الشيخ حسن الكُردي، وهو حاكم مدينة «جمكازاد» من أعمال ديار بكر، وغيره من أُمرائه إلى السُلطان لِطلب الصُلح، فوصلوا إلى ركاب السُلطان وقدَّموا هدايا باسم الأمير التُركماني، والتمسوا الصُلح والعفو، فحسَّن الصدر الأعظم محمود باشا أيضًا جانب الصُلح، فأجاب السُلطان الوفد إلى مُلتمسهم، واشترط أن يكُفَّ أوزون حسن عن نُصرة إمبراطور طرابزون وأن يُوقف اعتداءاته على مناطق الحُدُود، فوافق الوفد على نقل الشرط إلى أميرهم، وحملهم إلى جانب طرابزون، وصعد إلى جبال البنطس ماشيًا لِصُعُوبة مسالكها،[89][91] ويُروى أنَّ سارة خاتون سألت الفاتح أثناء المسير الشاق، لِمَ يتكبَّد كُل تلك الصُعُوبة لِأخذ طرابزون، فأجابها: «يَا أُمَّاه، إنَّ الله قَد وَضَعَ هَذَا السَّيفَ فِي يَدِي لِأُجَاهِدَ بِهِ في سَبِيلِهِ، فَإِذَا أَنَا لَم أَتَحَمَّل هّذِهِ المَتَاعِب وَأُؤَدِّ بِهَذَا السَّيفَ حَقَّهُ فَلَن أَكُونَ جَدِيرًا بِلَقَبِ الغَازِي الَّذِي أَحمِلُه، وَكَيفَ أَلقَى الله بَعدَ ذَلِكَ يَومَ القِيَامَة؟».[ِ 38][92]


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14543
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    السلطان محمد الفاتح - صفحة 2 Empty رد: السلطان محمد الفاتح

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الأحد ديسمبر 19, 2021 6:37 pm

    فتح طرابزون عدل

    رسمٌ على صُندُوق يُصوِّرُ الحصار العُثماني لِطرابزون، رُسمت بُعيد فتح المدينة بِفترةٍ قصيرة. يُعرضُ الصُندُوق الأصل في متحف المتروپوليتان لِلفُنُون.
    خلال الفترة التي تطلَّبها عُبُور الجيش العُثماني لِجبال البنطس، كان الأُسطُول السُلطاني قد ضرب حصارًا بحريًّا حول طرابزون، وكان إمبراطورها داود يترقَّب في قلقٍ وُصُول الإمدادات إليه من حليفه أوزون حسن، ولم يكن قد بلغهُ شيء ممَّا تمَّ بينه وبين الفاتح. وما أن نزل السُلطان وجُنُوده قُرب طرابزون، أُسقط في يد داود، فأرسل إلى سارة خاتون والدة أوزون حسن يلتمس منها الشفاعة بحق المُصاهرة القائمة بين البيتين الطرابزُني والبايندري، فشفعت فيه والتمست أن يُترك مُلكه إليه ويُكتفى بِأخذ الجزية منه، فلم يلتفت السُلطان إلى مُلتمسها، وشرع في الحصار والقتال من البرِّ والبحر، فاضطرَّ داود إلى الاستسلام وطلب الأمان، فأمَّنهُ السُلطان واستلم منهُ المدينة صُلحًا، ثُمَّ أرسله مع أهله وعياله إلى إسلامبول، ودخل المدينة وأمَّن أهلها على أنفسهم وأموالهم وأملاكهم ودينهم، ووضع عليهم العُشر والخِراج، واستصفى أملاك مُقاتلة المدينة وأموال الخزينة، فأعطى تلك الأملاك إلى أُمراء التيمار، وأموال الخزينة إلى سارة خاتون ورفقائها، ثُمَّ أعادها مُكرَّمةً مع أتباعها إلى ولدها، ورجع هو أيضًا إلى دار مُلكه. وهكذا انتقلت إلى الحُكم الإسلامي مناطق لم يسبق لها أن دخلت في الإسلام، وانتهت إمبراطوريَّة طرابزون التي دامت 257 سنة مُنذُ زمن الحملة الصليبيَّة الرابعة، واكتملت سيطرة الدولة العُثمانيَّة على كافَّة السواحل الجنوبيَّة لِبحر البنطس (الأسود).[87][89][91]

    عودة الفُتُوحات إلى أوروپَّا عدل
    الحملة على الأفلاق عدل

    أمير الأفلاق ڤلاد دراكول الثالث، الشهير بِـ«ڤلاد المُخوزق».
    لمَّا وصل السُلطان إلى دار مُلكه الجديدة، قدم إلى ركابه لِتهنئته بِالفتح أُمراء الأطراف، وكان من جُملتهم إسحٰق باشا، الذي وكَّلهُ السُلطان بِمُحافظة ثُغُور الروملِّي، فشكى إليه من أمير الأفلاق ڤلاد دراكول الثالث، وتعدِّيه على بلاد الإسلام.[91] وڤلاد المذكور هو ابن ڤلاد الثاني الذي عاصر السُلطان مُراد، وكان قد تربَّع على عرش إمارة آبائه بعد صراعٍ مع ڤلاديسلاڤ الثاني الذي يُعتقد أنه قتل ڤلاد الثاني وحلَّ محلُّه بِدعمٍ من يُوحنَّا هونياد الوصيّ على عرش المجر.[ِ 39] وعلى الرُغم من أنَّ ڤلاد الثالث كان قد أقام فترةً من الزمن في البلاط السُلطاني العُثماني بِأدرنة، عندما كان فارًّا من أمام ڤلاديسلاڤ سالِف الذِكر،[ِ 40][ِ 41] إلَّا أنَّ سياسته تجاه الدولة العُثمانيَّة اتَّسمت بِالتذبذب، نظرًا لِوُقُوع بلاده بين ثلاث دول كُبرى تتنازع السيادة عليها: مملكة بولونيا، ومملكة المجر، والدولة العُثمانيَّة. فكان، بِحُكم موقع إمارته الجُغرافي، يُحالف هذه الدولة تارةً، وتلك الدولة تارةً أُخرى، وفقًا لِمصلحته. وكان ڤلاد الثالث قد عقد، في سنة 864هـ المُوافقة لِسنة 1460م، مُعاهدةً مع السُلطان الفاتح تعهَّد بِموجبها بِأن يدفع جزية سنويَّة قدرها عشرة آلاف دوقيَّة مُقابل احتفاظ الإمارة بِإداراتها الداخليَّة، وحماية عُثمانيَّة ضدَّ أي عدوانٍ خارجيّ.[ِ 42] وبِمُوزاة ذلك كان يسعى لِلتحالف مع ملك المجر متياس كورڤن، ابن يُوحنَّا هونياد، ضدَّ العُثمانيين، وبِالفعل تمَّ لهُ ما أراد، حيثُ أغار على الأراضي العُثمانيَّة في بُلغاريا وأحرق المُدن والقُرى،[93] كما اعتدى على التُجَّار العُثمانيين النازلين في بلاده.[71] أمام هذا الأمر، أرسل السُلطان قاصدًا إلى ڤلاد الثالث يدعوه إلى الحُضُور والامتثال أمامه، فاحتال الأمير الأفلاقي وأظهر المُلائمة، واعتذر بِأنَّهُ إذا فارق بلاده سلَّمها أهلها إلى ملك المجر، والتمس من السُلطان أن يُرسل إليه جمعًا من الأُمراء والجُنُود لِيحفظوا بلاده إلى أن يعود هو إليها من ركاب السُلطان. فانخدع السُلطان منه وأمر أمير سنجق نيقوپولس حمزة بك الأرناؤوطي، ويُونُس باشا الخاصكي، وغيرهما بِأن يسيروا مع عساكر سناجقهم إلى مُحافظة بلاد الأفلاق إلى أن يعود إليها دراكول.[91] ويُروى أنَّ السُلطان طلب من حمزة بك أن يُؤمِّن البلاد ويفرض فيها السلام، وأن يحذر غدر دراكول وكذبه، ويقتله دون تردُّد فيما لو استشعر منه الغدر والخيانة،[ِ 43] أو يقبض عليه ويأتي به مُكبلًا.[ِ 44][ِ 45]


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14543
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    السلطان محمد الفاتح - صفحة 2 Empty رد: السلطان محمد الفاتح

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الأحد ديسمبر 19, 2021 6:38 pm

    ولمَّا وصل الجيش العُثماني إلى شاطئ نهر الطونة (الدانوب) وكان الوقتُ شتاءً، توقفوا فيه أيَّامًا، فبيَّتهم دراكول وأعمل فيهم السيف، فقُتل أغلب عناصر الجيش وجميع الأُمراء، بما فيهم حمزة بك ويُونُس باشا، ولم يفلت من المُسلمين إلَّا جمعٌ قليل،[91] وقام دراكول بِخوزقة كُل الجُنُود العُثمانيين، ووضع حمزة بك على أعلى خازوقٍ لِتمييزه عن بقيَّة الجُنُود، كونه أعلاهم رُتبةً.[71][ِ 46] وأغار دراكول بعد ذلك على البلاد البُلغاريَّة مُجددًا وعاث فيها الفساد، ورجع بِخمسةٍ وعشرين ألف أسير. ولمَّا وصل الخبر إلى السُلطان مُحمَّد تكدَّر بشدَّة، لكنَّهُ قرَّر أن يُحاول حل الأزمة الأفلاقيَّة بالوسائل الدبلوماسيَّة لِآخر مرَّة، فأرسل إلى ڤلاد الثالث مندوبين يدعوه إلى الطاعة وإخلاء سبيل الأسرى، فلمَّا مثُل الرُسل أمامه أمرهم بِرفع عمائمهم لِتعظيمه، لكنهم أبوا طلبه لِمُخالفته العادات والتقاليد الإسلاميَّة، فما كان من دراكول إلَّا أن أمر بِتسمير عمائمهم على رؤوسهم بِمسامير من حديد.[71] لِهذه الأسباب عُرف هذا الأمير الأفلاقي في المصادر العُثمانيَّة باسم «قازقلى ويواده» أي «الأمير ذي الأوتاد» و«مانياك» أي «المجنون».[87] لمَّا وصل خبر مقتل المبعوثين إلى السُلطان مُحمَّد استشاط غضبًا، وقام لِيضع حدًا لِتعديات هذا الأمير، فسار إليه على رأس جيشٍ يُقدَّر بِمائةٍ وخمسين ألف جُندي في ربيع سنة 866هـ المُوافقة لِسنة 1462م، وجدَّ في السير حتَّى وصل حُدُود تلك الإمارة، في حين أبحر الأُسطُول العُثماني عبر نهر الطونة وهبط في بلدة برايلة.[ِ 47] وأرسل السُلطان علي بك بن أفرنوس في طائفة الآقنجيَّة لِلإغارة على البلاد الأفلاقيَّة، ثُمَّ عبر هو أيضًا في عقبه إليها. وكان دراكول قد تحصَّن في الجبال المنيعة صعبة الدُخُول، ولمَّا بلغهُ أنَّ علي بك يُغيرُ على بلاده وقد امتلأت أيدي أصحابه من الغنائم،[91] قرَّر اتباع سياسة الأرض المحروقة، فأمر رجاله بِإتلاف الزرع والمواشي، ثُمَّ تراجع نحو مدينة ترگوويشتة.[ِ 48] تتابعت المُناوشات بين العُثمانيين والأفلاقيين نحو شهر، كانت اليد العُليا فيها لِلعُثمانيين، فقتلوا وأسروا آلاف المُقاتلين، ممَّا دفع دراكول إلى اتخاذ إجراءٍ يائس لِمُحاولة قلب الكفَّة، ففي ليلة 20 رمضان 866هـ المُوافق فيه 17 حُزيران (يونيو) 1462م، بيَّت دراكول العساكر العُثمانيَّة وهاجمهم على حين غفلة، وبنيَّته قتل السُلطان مُحمَّد أو أسره في سبيل إحداث بلبلةٍ واضطرابٍ في الجيش العُثماني،[ِ 49] فاشتعلت نار الحرب بين الفريقين إلى طُلُوع الشمس، ثُمَّ انكسر الأفلاقيُّون فهربوا، فعقبهم علي بك ميخائيل أوغلي بِأمر السُلطان وأكثر القتل والأسر فيهم، لكنَّهُ لم يتمكن من القبض على دراكول لِهُرُوبه والتجائه إلى ملك المجر. فعاد علي بك مع الأسارى والغنائم إلى ركاب السُلطان، الذي أمر شُجعان الأُمراء بتتبُّع القادة الأفلاقيين المُتحصنين في الجبال والصعاب، ففعلوا ذلك وأخرجوهم إلى القفار وقتلوهم عن آخرهم.[91] ثُمَّ سار السُلطان نحو مدينة بوخارست حيثُ نادى بِعزل ڤلاد الثالث وتنصيب أخاه راؤول مكانه لِثقته به، بِما أنَّهُ تربَّى في حضانة السُلطان مُنذُ نُعُومة أظفاره، وبِذلك فُتحت بلاد الأفلاق وأضحت تحت السيطرة المُباشرة لِلدولة العُثمانيَّة. ويُقال أنَّ عند وُصُول السُلطان مُحمَّد إلى ضواحي بوخارست وجد حول المدينة غابةً من الخوازيق عُلِّقت عليها جُثث الأسرى الذين أتى بهم أمير الأفلاق من بلاد بُلغاريا وقتلهم عن آخرهم بما فيهم الأطفال والنساء.[71]


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14543
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    السلطان محمد الفاتح - صفحة 2 Empty رد: السلطان محمد الفاتح

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الأحد ديسمبر 19, 2021 6:38 pm

    فتح جزيرة مدللي عدل
    Crystal Clear app kdict.png مقالة مفصلة: الفتح العثماني للسبوس
    بعد عودته من الأفلاق، أذن السُلطان لِلعساكر في العودة إلى بلادهم، وسار هو في خواصه إلى گليپولي، وأمر بِتعمير أُسطولٍ عظيمٍ من الأغربة وغيرها من السُفن الحربيَّة لِفتح جزيرة مدللي، المُسمَّاة بِكُتُب الروم «لسبوس»، وأخذها من أيدي الإفرنج الجنويين لِلقضاء على نُفُوذهم في بحر إيجة وطردهم من هذه المنطقة التي احتلُّوها مُنذ زمن الحملة الصليبيَّة الرابعة. ولمَّا تمَّ أمر الأُسطُول، أرسلهُ السُلطان بِقيادة الصدر الأعظم محمود باشا الصربي إلى مُحاصرة الجزيرة من البحر،[ِ 50] وسار هو في عسكر الأناضول ونزل ببلدة آيوالق مُقابل الجزيرة المذكورة. وشرع محمود باشا في رمي القلعة الرئيسيَّة على الجزيرة بِالمدافع الكبار، فلم تقدر الحامية المُكوَّنة من الجنويين والفُرسان الإسبتاريين من الصُمُود أمام القصف العنيف، فأعلن أمير الجزيرة نقولا گاتيلوسيو استسلامه، وطلب الأمان، فأمَّنه السُلطان على نفسه وتسلَّم القلعة صُلحًا، وأقرَّ الرعيَّة على حالهم، ثُمَّ نقل إلى الجزيرة بُيُوتًا من المُسلمين، وبنى فيها مساجد ومصالح لهم، ووزَّع أراضيها على أهل التيمار، وعيَّن عليها أميرًا فارسيًّا هو الشيخ علي بن مُحمَّد البسطامي.[91][ِ 51] كما أمر السُلطان بِإنشاء قلعتين مُتقابلتين في مضيق الدردنيل لِلسيطرة عليه بِالنيران المُتقابلة، على غرار مضيق البوسفور، فشيَّد استحكاماتٍ ومتاريس القلعة السُلطانيَّة في جهة آسيا وقلعة «كليد البحر» في جهة گليپولي،[87] ثُمَّ عاد إلى مُستقر دولته.

    فتح البُشناق عدل

    أيقونة تُصوِّرُ ملك البُشناق أسطفان طوماسوڤيچ مُتضرِّعًا.
    بعد فتح العُثمانيين لِبلاد الصرب، أضحوا يُجاورون مملكة البُشناق التي اشتهرت بِقلاعها الكثيرة وجبالها المنيعة، وكان ملكُ هذه البلاد أسطفان طوماسوڤيچ أشدُّ خطرًا على الدولة العُثمانيَّة من أيِّ حاكمٍ صربيٍّ آخر، لِأنَّهُ كان حليفًا لِلبابا والبُندُقيَّة والمجر، ويسعى إلى تأليب هؤلاء على العُثمانيين، لِذلك تطلَّع السُلطان مُحمَّد إلى فتح هذه البلاد منعًا لِقيام تحالُفٍ أوروپيٍّ ضدَّه، فبعث إلى ملكها يطلب منهُ الخُضُوع لِلدولة العُثمانيَّة، والاعتراف بِسيادتها، ودفع الجزية لها، إلَّا أنَّ أسطفان رفض طلب السُلطان وتمنَّع عن دفع الخراج،[94] والواقع أنَّ أسطفان المذكور كان مُرتبطًا بِحلفٍ قويٍّ مع ملك المجر متياس كورڤن والبابا، وكان قد سلَّم عدَّة قلاع وحُصُون إلى الملك المجري المذكور لِقاء الحُصُول على مُساعدته، فاشترط عليه الأخير أيضًا أن يُقسم له الولاء المُطلق ويتعهَّد بِعدم دفع الجزية لِلعُثمانيين، فكان أن فعل ما أُمر به، خوفًا من أن يتدخَّل متياس لدى البابا ويطلب منه سحب الدعم العسكري عن البُشناق بِسبب قُبُولها الخُضُوع لِلمُسلمين.[ِ 52] واستنجد أسطفان بِملك المجر والبابا پيوس الثاني، وبيَّن لهما أنَّهُ لو تمَّ لِلعُثمانيين السيطرة على البُشناق فإنَّهم سينقضُّون بعد ذلك على إيطاليا وروما، إلَّا أنَّهُ لم ينل إلَّا الوُعُود، رُغم التزامه بِالعُهُود القائمة بينه وبين المجر والبابويَّة. وفي أوائل ربيع سنة 867هـ المُوافقة لِسنة 1463م، بعث السُلطان رسولًا آخر إلى أسطفان يُخيِّره بين الاستسلام أو القتال، فكان جوابه الرفض أيضًا.[94] وحاول الملك البُشناقي الحُصُول على مُساعدة أطرافٍ أُخرى ضدَّ العُثمانيين، فاتصل بِجُمهُوريَّة راگوزة التي توسَّطت بينه وبين إسكندر بك الذي تعهِّد بإرسال جيشٍ لِلمُساعدة. كما اتصل بِالبُندُقيَّة، لكنها لم تُقدِّم أيَّة وُعُود جديَّة بِالعون. وحاول كذلك الحُصُول على المدد من فرديناند الأوَّل ملك النبلطان، لكنَّ هذا تحجَّج بِالمُشكلات الداخليَّة لِبلاده واكتفى بِدعم أسطفان دعمًا معنويًّا.[ِ 53]



    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14543
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    السلطان محمد الفاتح - صفحة 2 Empty رد: السلطان محمد الفاتح

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الأحد ديسمبر 19, 2021 6:40 pm

    عندما وصل جواب أسطفان إلى البلاط العُثماني، زحف السُلطان الفاتح بِاتجاه البُشناق ونزل بِإسكوپية حتَّى نزل عليه بقيَّة العسكر، ثُمَّ سار بهم وأرسل الصدر الأعظم محمود باشا في مُقدِّمة الجيش، فسار وحاصر حصن لوفجة وأخذه بعد ثلاثة أيَّام، ثُمَّ توجَّه إلى حصن يايجة، وكان أسطفان مُتحصنًا فيه، فهرب منه قبل وُصُول الصدر الأعظم إلى قلعة صقول، وكانت في غاية المناعة والحصانة، ولمَّا وصل محمود باشا إلى قُرب يايجة عرف بِهرب أسطفان، فأرسل عُمر بك بن طُرخان لِلتجسس وجمع المعلومات واكتشاف مهرب الملك البُشناقي، فسار عُمر بك في جمعٍ من الآقنجيَّة، وظفر بِجماعةٍ من الجُنُود البُشناقيين، فأسرهم وأرسلهم إلى الصدر الأعظم، وتابع سيره حتَّى بلغ صقول، حيثُ يُروى أنَّ العُثمانيين كادوا يعبرون المدينة دون أن يعلموا بِوُجود الملك في حصنها، لولا أنَّ أعلمهم بِذلك أحد العوام لِقاء مبلغٍ من المال. وهكذا حوصرت القلعة طيلة أربعة أيَّام، خرج خلالها العسكر البُشناقيين وقاتلوا العُثمانيين قتالًا شديدًا، وكادوا يهزموهم لِقلَّتهم، لولا أن وصل محمود باشا في بقيَّة الجيش وكسروا المُحاصرين، وتابعوا الضغط على القلعة. وأرسل محمود باشا إلى أسطفان يُخبره أنَّهُ مُستعدٌ لِتأمينه إن استسلم وسلَّم القلعة، ولمَّا كانت المُؤن والذخائر قد تناقصت بِشكلٍ كبير، أدرك أسطفان أنَّ لا مناص من نصر العُثمانيين، فقبل عرض الصدر الأعظم واستأمنه، فأمَّنه وتسلَّم القلعة، ثُمَّ حاصر قلعة «أرجاي» وكان أخو أسطفان مُتحصنًا فيها، فسلَّمها أيضًا بِالأمان، ثُمَّ عاد محمود باشا إلى الركاب العالي ومعه الملك وأخوه.[95][ِ 54] خِلال تلك الفترة كان السُلطان قد افتتح حصن يايجة وأجلى أهله إلى نواحي إسلامبول، وفي أثناء ذلك وصل الصدر الأعظم وأخبر الفاتح بما جرى من أحداث بما فيها تأمين أسطفان، فقبَّح السُلطان هذا الفعل وعاتب محمود باشا عليه لِشدَّة غضبه على الملك البُشناقي، الذي لم يَر خلاصه وتأمينه، فاستفتى العُلماء المُلازمين لِركابه في هذه الحملة في قتل أسطفان، فأفتى بِذلك الشيخ علي بن مُحمَّد البسطامي، وأمر السُلطان بإعدام أسطفان وأخيه، فنُفِّذ الأمر ودانت بِذلك جميع بلاد البوسنة وأصبحت جُزءًا من الدولة العُثمانيَّة، ولم يبقَ أمام الفاتح سوى إقليم الهرسك لِيُتمم فتح كامل البُشناق.[71][95] ومن الجدير بِالذكر أنَّ الفاتح أرسل عهدًا بِالأمان إلى جميع الكهنة والقساوسة الكاثوليك في البلاد حديثة الفتح يُؤمِّنهم فيه على أنفسهم ودينهم وكنائسهم، ومن بعض ما ورد فيه:[ِ 55][ِ 56][96]

    بسم الله الرحمن الرحيم

    نحنُ السُلطان مُحمَّد خان... نُعلنُ لِعامَّة النَّاس وخاصَّتهم أننا أنعمنا على رُهبان البوسنة الذين يحملون هذا الفرمان، وأصدرنا الأوامر:

    ألَّا يتعرَّض أحد لِهؤلاء الرُهبان ولا لِكنائسهم، ولا يتمّ إزعاجهم... من يكون منهم في بلادي مُستقرًّا فيها، أو هاربًا إليها على حدٍّ سواء، لهم الأمن والأمان، يُمكنهم أن يأتوا إلى بلادي ويسكُنوا فيها بِأمانٍ، ويستقرُّوا في كنائسهم... ولن يُصيب هؤلاء أي شكلٍ من أشكال التعرّض والإضرار من أحد، لا منَّا ولا من وُزرائنا ولا من شعبنا...

    وبإعلان هذا الفرمان، أُقسم بِالله العظيم خالق السموات والأرض، وبِالرُّوح النقيَّة الطاهرة المُنوَّرة لِلرسول صلواتُ الله وسلامه عليه، وبِالصُحف السبعة، وبِحق 124 نبيّ ورسول، وبحق هذا السيف الذي أتأبطه، بِأنَّنا لن نسمح أن يُخالف أيٌ من أفراد رعيتنا ما كُتب وأُفهم، ما دام أولئك المُوجَّه لِمصلحتهم يلزمون السلم والطاعة.

    بعد ذلك، أسرع السُلطان وتوجَّه لِفتح بلاد الهرسك، وهي القسم الجنوبي من البُشناق، فقد كان فتح هذا الإقليم يُشكِّلُ ضرورةً سياسيَّةً وعسكريَّةً نظرًا لِمناعة حُصُونه وموقعه الجُغرافي المُشرف على البحر الأدرياتيكي. ولمَّا علم أمير البلاد «أسطفان ڤوكيچ» بِمسير العُثمانيين، هرب إلى إحدى جُزر البحر سالف الذِكر، وكان السُلطان قد أرسل الصدر الأعظم محمود باشا إلى تسخير تلك البلاد، وعاد هو إلى صوب إسلامبول، فسار الصدر الأعظم وسيطر على جميع القلاع والحُصُون الهرسكيَّة: بعضُها بِالأمان وبعضُها بِالسيف، واغتنم أموالًا عظيمة، فأرسل الأمير الهرسكي ولده مع أموالٍ غزيرة إلى ركاب السُلطان لِطلب الأمان، فأجابه السُلطان إلى ذلك، وقسَّم الهرسك إلى قسمين؛ فضمَّ أنفعها إلى الدولة العُثمانيَّة، وهي الأراضي الواقعة شمال بلدة بلاغاي، وترك لأميرها القسم الآخر، وبقي ابن أسطفان مقيمًا في البلاط السُلطاني حيثُ تعرَّف على الإسلام وانتهى به المطاف أن اعتنقه.[71][94][95][ِ 57]


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14543
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    السلطان محمد الفاتح - صفحة 2 Empty رد: السلطان محمد الفاتح

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الأحد ديسمبر 19, 2021 6:40 pm

    الحرب الكُبرى مع البُندُقيَّة عدل
    Crystal Clear app kdict.png مقالة مفصلة: الحرب العثمانية–البندقية (1463–1479)
    تحالف أعداء العُثمانيين عدل

    خريطة تُصوِّر موقع جُمهُوريَّة البُندُقيَّة ومُمتلكاتها في المشرق الإسلامي والبحر المُتوسِّط ومُجاورتها لِلدولة العُثمانيَّة، بِالإضافة لِخُطُوط التجارة البُندُقيَّة الرئيسيَّة في الحوض الشرقي من البحر المذكور.
    بلغت جُمهُوريَّة البُندُقيَّة، مُنذُ نهاية القرن الرابع عشر الميلاديّ، درجةً عظيمةً من القُوَّة في المشرق الإسلامي، بِما أنشأت من تجارةٍ واسعةٍ ومُستعمراتٍ كثيرةٍ ومحطَّاتٍ ومراكز هامَّة في بحاره. ويبدو أنَّ بُرُوز البُندُقيَّة على هذا الشكل، يعود إلى عدم وُجُود مُنافسٍ يُشكِّلُ خطرًا عليها. فغريمتها جنوة قد أصابها الوهن، وأشرفت على الاضمحلال، والإمبراطوريَّة البيزنطيَّة كانت تمر في مراحل شيخوختها، في حين كانت الدولة العُثمانيَّة في بداية نشأتها السياسيَّة، فنظرت إليها البُندُقيَّة بلا مُبالاة. لكن مع تزايد نُموّ هذه الدولة الإسلاميَّة، واتساع فُتُوحاتها، حمل البُندُقيَّة على تغيير نظرتها إليها، إذ خشيت أن تُعرقل تجارتها أو تقطع سُبُل مواصلاتها، فراحت تتقرَّب إليها، وتعقد المُعاهدات معها. لكنَّ هذه المُعاهدات كانت مؤقتة بِفعل استمرار توسُّع الدولة العُثمانيَّة، وحرص البُندُقيَّة على الاحتفاظ بِمركزها المُمتاز في المشرق. وتحقيقًا لِهذا الهدف قوَّت مركزها في اليونان والمورة وبحر إيجة، واستولت على مواقع استراتيجيَّة جديدة فيها، مُحاولةً ما أمكن حرمان العُثمانيين من التوسُّع،[97] وكانت أكثر ما تخشاه هو سُقُوط القُسطنطينيَّة بِأيديهم لِأنَّهم بِذلك سيُشكلون خطرًا جديًّا، ليس على تجارتها فحسب بل وعلى وُجودها في المشرق، لِذلك حاولت البُندُقيَّة مُساعدة الروم على الصُمُود في وجه الحصار العُثماني، كما ساندت الحركات المُناهضة لِلحُكم العُثماني في الإيالات والبلاد المفتوحة، كحركة إسكندر بك الأرناؤوطي. لكنَّ القُسطنطينيَّة سقطت في النهاية، واضطرَّت البُندُقيَّة إلى الاعتذار عن موقفها أمام السُلطان مُحمَّد.[97] وفي سنة 864هـ المُوافقة لِسنة 1460م، أتمَّ السُلطان فتح المورة حيثُ كانت لِلبُندُقيَّة مراكز هامَّة، فتجاور الخصمان وتواجها، وساد الشُعُور بِأنَّ الصدام أضحى وشيكًا، فأعادت البُندُقيَّة النظر في سياسة الصُلح مع العُثمانيين. وأُشيع في ذلك الزمن أنَّ السبب المُباشر لاندلاع الحرب بين العُثمانيين وأعدائهم، وعلى رأسهم البُندُقيَّة، كان إلحاق البُشناق بِالدولة العُثمانيَّة،[97] ففي سنة 868هـ المُوافقة لِسنة 1463م، وصل الخبر إلى السُلطان بِأنَّ ملك المجر متياس كورڤن قد اتفق مع الحُكَّام البنادقة على طلب ثأر ملك البُشناق أسطفان طوماسوڤيچ، واجتمعت كلمتهم على أن يهجم الملك المجري على البلاد العُثمانيَّة المُجاورة لِمُلكه، ويثب البنادقة على بلاد المورة ويعمرون سد كرمه حصار، الذي هدمه السُلطان مُراد قبل عدَّة سنوات، ثُمَّ يأخذون البلاد تدريجيًّا، وقد اتبعهم في ذلك الأرناؤوطيين.[95] لكنَّ السبب الحقيقي كان الفتح العُثماني لِلقُسطنطينيَّة وإغلاق العُثمانيين المضائق في وجه سُفُن البُندُقيَّة، بِالإضافة إلى حيازة العُثمانيين على قُوَّةٍ عسكريَّةٍ واقتصاديَّةٍ لا تسمح لِأي دولة أن تنال منهم، وشكَّل سُلُوك العُثمانيين الظافرين مصدرًا لِلقلق في أوروپَّا،[97] لا سيَّما وأنَّ الكثير من المُسلمين كانوا يُستوطنون البلاد المفتوحة بعد كُلِّ انتصار، ويعملون على نشر الإسلام فيها وتعريف أهلها على هذا الدين، وقد أصابوا في ذلك نجاحًا كبيرًا، فقد اعتنق الإسلام العديد من الكرواتيين البوغوميليين، ودخلت أفواجٌ هائلةٌ من البُشناقيين والأرناؤوطيين في هذا الدين، وقد ثبت هؤلاء بِالذات على الإسلام وتمسَّكوا به، ودخلوا في نطاق الثقافة العُثمانيَّة.[98]


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14543
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    السلطان محمد الفاتح - صفحة 2 Empty رد: السلطان محمد الفاتح

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الأحد ديسمبر 19, 2021 6:41 pm

    القدريَّة (1) بين الدولتين العُثمانيَّة والمملوكيَّة.
    استشار السُلطان مُحمَّد الأعيان المُدبِّرين والأُمراء المُجرِّبين في ما يجب فعله بعدما وصلت الأخبار باستعدادات البنادقة والمجريين لِحرب العُثمانيين، فاجتمعت الكلمة في الشُرُوع على دفع الأضرِّ منهم، والعمل بِالأهم فالأهم، فأرسل السُلطان الصدر الأعظم محمود باشا في جميع العسكر إلى المورة لِيمنع البنادقة من تعمير سد كرمه حصار، فسار الصدر الأعظم في ربيع سنة 869هـ المُوافقة لِسنة 1464م إلى صوب المورة، لِيكتشف أنَّ البنادقة قد سبقوه إليها وعمَّروا السد سالف الذِكر، وجعلوه أحكم ممَّا كان عليه، وشحنوه بِالمدافع والمُقاتلة.[95][ْ 19] كما شرعوا بِمُحاصرة قلعة كورنثة وكادوا أن يأخذوها من أيدي المُسلمين، وكان والي المورة سنان بك بن علوان قد تحصَّن فيها، ولمَّا اشتدَّ الأمر عليه اتفق مع أتباعه وخرج من القلعة في ليلةٍ ظلماء وبيَّت البنادقة وكسرهم، ولم يلبث محمود باشا أن وصل في عقب هذه الواقعة في عسكرٍ عظيم، وهجم على كرمه حصار وسخَّرها بِأيسر وجه، ثُمَّ دمَّرها بِالكامل، وتتبَّع البنادقة وقتل منهم فريقًا وأسر آخر، وأجبر البقيَّة على الفرار إلى ساحل البحر حيثُ ركبوا سُفنهم وأقلعوا فورًا، بعد أن فقدوا قائدهم وأنهكهم الزحار. وأرسل محمود باشا إلى ركاب السُلطان يُعلمه بانتصاراته الباهرة، ففرح بِذلك وأرسل الخُلع إلى الصدر الأعظم، وأمره بِتسخير بقيَّة قلاع المورة، فجدَّ الوزير في ذلك وافتتح قلاع: آرغوس وإسپرطة ويلدروز وميتوري ولوندار.[95][99] نتيجةً لِلمُواجهات الفاشلة في المورة مع الدولة العُثمانيَّة، رأت البُندُقيَّة أن تستند على فكرة حرب العُثمانيين من الشرق والغرب في الوقت نفسه، فراحت تبحث عن حُلفاءٍ لها في منطقة الأناضول الشرقيّ، كما لم تُهمل مُحالفاتها مع الغرب الأوروپي.[100] ولم يكن في الشرق دولة مسيحيَّة سوى مملكة الكرج،[98] لِذلك مالت البُندُقيَّة إلى التعامل مع إحدى الدُول الإسلاميَّة المُناوئة لِلعُثمانيين، وكان في بلاد الأناضول آنذاك ثلاث إماراتٍ من الأُسر التُركمانيَّة، وهي إمارتا القرمانيين وذي القدريَّة، التابعتان لِلسيادة العُثمانيَّة، وإمارة رمضان، التابعة لِلمماليك في مصر والشَّام. وهكذا تطلَّعت البُندُقيَّة إلى إمارة القرمان لِتحريضها على مُهاجمة العُثمانيين، وبِخاصَّةً أنَّ هذه الإمارة قد أخذت على عاتقها في السَّابق القيام بِمُضايقتهم، إلَّا أنَّ الفاتح كان قد أخضعها كما أُسلف، ولم يعد القرمانيين الحليف الذي يُمكن أن يُسدِّد ضربة لِلقُوَّة العُثمانيَّة. فتوجَّهت الأنظار نحو الدولة المملوكيَّة في سبيل تحريض المماليك على العُثمانيين عبر استغلال الخلافات الحُدُوديَّة بين الطرفين، لكنَّ المماليك اعتبروا بِأنَّ خلافاتهم مع العُثمانيين ليست مُهمَّة بِالدرجة التي تجعلهم يُقدمون على دُخول حربٍ واسعة، كما أنَّ السلطنة المملوكيَّة لن تُقدم على أيِّ عملٍ، بِالتحالف مع النصارى، ضدَّ دولةٍ إسلاميَّةٍ أُخرى، يُضاف إلى ذلك أنَّهُ لم تظهر من جانب السُلطان العُثماني أيَّة بوادر تُشير إلى رغبته باجتياز نهر الفُرات وجبال طوروس، وإنَّما ركَّز جُهُوده على أوروپَّا.[98][100] نتيجةً لِهذه المواقف السياسيَّة، تطلَّعت البُندُقيَّة إلى الدولة الآق قويونلويَّة، وعقد آمالها على أوزون حسن الذي أبدى استعدادًا لِمُهاجمة العُثمانيين، وأثبت هذا الأمير التُركماني أنَّهُ يملكُ قُوَّةً عسكريَّةً هائلة، فهو يُسيطر على الأناضول الشرقيَّة، ويتحرَّق غيظًا من السُلطان مُحمَّد الذي قضى على إمبراطوريَّة طرابزون التي تشُدُّه إليها روابط عائليَّة، بِالإضافة إلى أنَّهُ أخضع إمارة القرمانيين ما أحدث تضعضُعًا وخللًا في التوازن في المنطقة. ورأى الأوروپيُّون أنَّهُ لو كان بِالإمكان إعطاء الدور الذي لعبه تيمورلنك في الماضي، إلى أوزون حسن، لكسبت أوروپَّا الحرب من الناحية الإستراتيجيَّة، وحتَّى إن لم يتيسَّر لها دحر القُدرة العُثمانيَّة، فإنَّهُ سيكون في إمكانها حصرها في حُدُود المعقول


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14543
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    السلطان محمد الفاتح - صفحة 2 Empty رد: السلطان محمد الفاتح

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الأحد ديسمبر 19, 2021 6:42 pm

    وكانت المصالح التجاريَّة دافعًا قويًّا لِأوزون حسن لِلاصطدام بِالعُثمانيين، ذلك أنَّ طرابزون كانت منفذًا لِلتجارة الإيرانيَّة ومُرتبطة تجاريًّا بِعاصمته تبريز، وقد خشي من أنَّ الامتداد التوسُّعي العُثماني، باتجاه الشمال والشرق، سوف يقضي على مصالحه التجاريَّة، لِأنَّ العُثمانيين سيتحكَّمون عندئذٍ بِالطُرق التجاريَّة ويُضايقون التُجَّار الإيرانيين، لِذلك حاول الاستيلاء على أعالي الفُرات، وهي الطريق الطبيعي لِلتجارة الإيرانيَّة التي ترتبط بِالأناضول بِشبكةٍ من الطُرق التجاريَّة امتدادًا إلى شماليّ الشَّام. وكان القضاء على إمبراطوريَّة طرابزون من قِبل السُلطان مُحمَّد الفاتح، الشرارة التي أشعلت نار الحرب بين العاهلين. وقد روادت الأمير التُركماني فكرة القضاء على العُثمانيين والمماليك معًا لِيُقيم على أنقاض مُلكهما تلك الدولة الواسعة التي كان يحلم بها.[101] وهكذا جرت مُفاوضاتٌ بين البُندُقيَّة وبين أوزون حسن شاركت فيها بعض الدُول الأوروپيَّة والبابويَّة، تميَّزت بِالأناة والهُدُوء، واتُّفق على وضع الخُطُوط العريضة لِلمُعاهدة التي تضمَّنت خطَّةً لِلتقسيم التي تحصل المجر بِموجبها على حصَّة الأسد لِتخصيصها أكبر قُوَّة عسكريَّة، فلها بلادُ الصرب وبُلغاريا والبُشناق والأفلاق، وتحصل البُندُقيَّة كذلك على حصَّةٍ كبيرة، بِفعل مُوافقتها على تحمُّل القسم الأكبر من النفقات الماليَّة، بِالإضافة إلى تقديمها أُسطولها البحري القويّ، فتكون المورة وآتيكة وتساليا وإپيروس من نصيبها. ويُعاد إحياء الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة على أن تنحصر حُدُودها في تراقيا لِكونها أرثوذكسيَّة، وتكون بِمثابة دولة حاجزة، وبِذلك يُطرد المُسلمون من أوروپَّا بِشكلٍ كاملٍ.[98][101] أمَّا الأراضي التي ستبقى لِلعُثمانيين في الأناضول فتكون رهنًا بِسياسة أوزون حسن الذي سيُعيد إلى إمارة القرمان استقلالها ويُعيد تأسيس إمبراطوريَّة طرابزون ويضعهما تحت حمايته، كما سيضم أراضي الأناضول الوسطى، وبِذلك تنحصر الدولة العُثمانيَّة بين بحر البنطس (الأسود) وبحر مرمرة وبحر إيجة والبحر المُتوسِّط، ولا يُسمح لها بِالاقتراب من الأناضول الأوسط. وعلم السُلطان الفاتح، الذي كان يملك أقوى شبكة تجسُّس في العالم، ولهُ عُيُونٌ وأرصادٌ في كُل منطقةٍ من أوروپَّا، إجراءات الاتفاق الذي رُتِّب ضدَّه، خُطوة بِخُطوة، فتحرَّك بِسُرعةٍ لِإحباطه، وتمكَّن من سبق الأعداء.[98][101]

    الحملة الثانية على المجر عدل
    بعد هذه الترتيبات، تحرَّك البابا پيوس الثاني من روما في 12 شوَّال 868هـ المُوافق فيه 18 حُزيران (يونيو) 1464م، على رأس جيشٍ صليبيٍّ، لكنَّهُ تُوفي في الطريق.[98] صبَّت هذه الحادثة في مصلحة العُثمانيين، لِأنَّ البابا الجديد بولس الثاني قد تحوَّل عن مُحاربة العُثمانيين إلى مُحاربة ملك بوهيميا جُريج الپوديبرادي لِحمايته الهراطقة الهوسيِّين أتباع الكاهن يُوحنَّا هوس،[102] وسُرعان ما خرج ملك المجر متياس كورڤن وأخذ قلعة يايجة وحصَّنها، وبلغ ذلك السُلطان فتجهَّز بِأكمل جهاز وسار في ربيع سنة 870هـ المُوافقة لِسنة 1466م إلى استرداد القلعة المذكورة، فحاصرها مُدَّةً مديدةً وقاتل حاميتها، لكنَّهُ لم يتمكَّن من فتحها، ثُمَّ بلغه أنَّ ملك المجر قد حاصر بلدة إزورنيق مع جمعٍ عظيمٍ من الجُنُود، فترك السُلطان مُحمَّد بك بن منت لِيستكمل حصار يايجة، وتوجَّه هو في بقيَّة العسكر إلى قتال متياس كورڤن؛ ولمَّا تبيَّن له أنَّ الدُرُوب والمعابر الجبليَّة كانت مشحونةً بِالأعداء والمدافع الكبار ويصعب عُبُورها، عيَّن الصدر الأعظم محمود باشا على رأس الجيش لِإنجاد إزورنيق، وعاد هو إلى صوفيا وشتى فيها. وكان قائد حامية البلدة سالِفة الذِكر هو إسكندر بك ميخائيل أوغلي، ومعهُ خمسُمائة مُقاتل، وقد أظهروا الجلادة والتدبير في الدفاع عنها، إلَّا أنَّ الأمر اشتدَّ عليهم لمَّا طال أمد الحصار، ولم يبقَ عندهم شيءٌ من الزاد والذواد والآلات، وكان الوقت شتاء والأرض محفوفة بِالثُلُوج، فكادوا أن يستسلموا لولا أن وصلهم جاسوسٌ من طرف الصدر الأعظم يُثبِّتهم ويُعلمهم أنَّ النجدة قد أصبحت قاب قوسين أو أدنى. ووجد الجاسوس أنَّ المجريين قد استتروا في حُفرٍ تحت الأرض من شدَّة البرد، فعاد وأخبر الصدر الأعظم بما رآه، فأسرع الخُطى وأخذ المجريين على حين غرَّة وسحقهم سحقًا، وترك الملك المجريُّ مدافعه وسائر آلات الحصار وفرَّ ناجيًا بحياته، فتبعهُ محمود باشا إلى أن عبر نهر صوه، وهكذا نجا متياس كورڤن من الموت بِصُعُوبة، ولم يفلت معهُ سوى جمعٌ قليلٌ من جُنُوده، واغتنم العُثمانيُّون أشياء كثيرة. ثُمَّ رمَّم الصدر الأعظم إزورنيق وحصَّنها بِالرجال والميرة، وعاد إلى ركاب السُلطان.[95][98] أمام هذه المُستجدَّات، اضطرَّت البُندُقيَّة إلى تحمُّل عبء الحرب على الجبهة الغربيَّة بِمُفردها.


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14543
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    السلطان محمد الفاتح - صفحة 2 Empty رد: السلطان محمد الفاتح

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الأحد ديسمبر 19, 2021 6:43 pm

    بعد هزيمة المجريين، حوَّل السُلطان مُحمَّد انتباهه إلى بلاد الأرناؤوط لِتسخيرها لِاتفاق أُمرائها وزُعماء عشائرها مع البنادقة، فعاث فيها وبثَّ سراياه إلى أطرافها، فأصاب العُثمانيُّون غنائم وسبايا كثيرة، ثُمَّ استأمن إليه بقيَّة حُكَّام تلك البلاد، والتزموا أداء المال والخراج، فأمَّنهم السُلطان، ثُمَّ أمر ببناء قلعةٍ مُحكمةٍ في وسط تلك الديار لِمُحافظة عُهودهم، وسمَّاها إيلبصان، وشحنها بِالرجال وأودع فيها ما تحتاجه من المدافع وآلات الحرب.[95][103] ثُمَّ بلغهُ أنَّ إسكندر بك العاصي قد نقض المُعاهدة التي أبرمها مع العُثمانيين في شهر رمضان سنة 865هـ المُوافق فيه شهر حُزيران (يونيو) 1461م، التي ترك فيها السُلطان إقليميّ الأرناؤوط وإپيروس لِإسكندر بك، وأغار على بلاد قلقان دلن، فتوجَّه السُلطان في ربيع سنة 872هـ المُوافقة لِسنة 1468م لِدفع غائلة إسكندر بك، وحاصر عاصمته آقچة حصار، وعرض على حاميتها التسليم وتعهَّد لهم بِتأمينهم على حياتهم، لكنَّ أهل الحصن بادروا بِقصف المُحاصرين بِالمدافع،[ِ 58] فردَّ عليهم العُثمانيُّون بِالمثل، وقصفوا الحصن قصفًا عنيفًا، لكن بلا طائل،[ِ 59] فقد صمدت المدينة، لكنَّ طول الحصار أضعف المُقاومة وقلَّل المؤونة والذخائر، فاضطرَّ إسكندر بك أن يبعث الكردينال «بولس أنجلوس» إلى البُندُقيَّة لِيُعلم حُكَّامها بِصُمُود الأرناؤوطيين في عاصمتهم، وأنَّ هذا الصُمُود لا يُمكن أن يدوم إلَّا لو أرسل البنادقة مددًا.[ِ 60] لكنَّ البُندُقيَّة ردَّت بأنها غير قادرة على المُساعدة كونها تُواجه ضُغُوطًا مُتزايدةً من العُثمانيين في كُلٍ من دلماسيا وبحر إيجة، وأنَّها غير قادرة على تجنيد المزيد من العساكر بِسبب الصُعُوبات الماليَّة التي تُواجهها؛ ومن المعروف أنَّ السُلطان مُحمَّد كان قد منح غراندوقيَّة توسكانة امتيازاتٍ تجاريَّةٍ كبيرة، وحسَّن أحوالها الماليَّة بِشكلٍ واسعٍ، وذلك بِغرض إضعاف القُدرة الماليَّة والاقتصاديَّة لِلبُندُقيَّة.[98] تابع إسكندر بك قتال العُثمانيين رُغم عدم حُصُوله على المُساعدة، حتَّى أدرك السُلطان أنَّ المدينة لن تسقط، ففكَّ الحصار عنها وعاد أدراجه، ثُمَّ عاود الكرَّة عليها مُجددًا بعد شهرين فقط، لكنَّهُ فشل في أخذها هذه المرَّة أيضًا، إذ التجأ إسكندر بك إلى الجبال الحصينة وأخذ يُناوش العُثمانيين حتَّى أنهك قواهم،[ِ 61] فاكتفى السُلطان بأنَّ قسَّم ما افتتحه من البلاد الأرناؤوطيَّة إلى سنجقين، وأعطاهما إلى أميرين، ثُمَّ قفل عائدًا إلى عاصمة مُلكه.[95] وفي 22 جُمادى الآخرة 872هـ المُوافق فيه 17 كانون الثاني (يناير) 1468م، تُوفي إسكندر بك،[ِ 62] بعد أن حارب الدولة العُثمانيَّة خمسًا وعشرين سنة بِدون أن تقوى على قمعه، فكان من أشدِّ خُصُوم الدولة وألدِّ أعدائها.[104]

    فتنة القرمانيين والذيقدريين عدل

    إحدى القلاع التي عمَّرها السُلطان مُحمَّد على الجبال المُحيطة بِقونية لمَّا ضمَّها إلى بلاده.
    بعد وفاة إسكندر بك، حوَّل السُلطان أنظاره إلى بلاد القرمان بِآسيا الصُغرى ووجد فيها سبيلًا لِلتدخُّل وهو أنَّ أميرها إبراهيم بك بن مُحمَّد أوصى بعد موته بِالحُكم إلى أحد أولاده واسمه الأمير إسحٰق، ولكون أُمِّه أُمَّ ولد نازعهُ الحُكم أُخوته من أبيه الذين من الزوجات،[104][ْ 20] واستنجد أكبرهم المدعو پير أحمد بِالسُلطان العُثماني، وتعهَّد لهُ بِالتنازل عن قسمٍ من الإمارة لِلدولة العُثمانيَّة، فرأى السُلطان في ذلك فُرصةً لا تُعوَّض، لكن كان عليه تأمين الجبهة الغربيَّة مع البُندُقيَّة أولًا قبل التحرُّك نحو آسيا. فقام الفاتح بِمُناوراتٍ سياسيَّةٍ مُعقدةٍ جدًا مع البنادقة، إذ فتح بابًا لِمُفاوضات الصُلح على الرُغم من أنَّ الحرب كانت ما تزال دائرة، وقدَّم لِلبُندُقيَّة شُرُوطًا مُبهرة دفعت ساستها إلى طاولة المُباحثات، فأوقفوا الحرب مُدَّةً من الزمن،[98] فساد الأمن في أنحاء أوروپَّا حتَّى حين، وسار السُلطان وحارب الأمير إسحٰق وهزمه وأجبره على الإلتجاء إلى بلدة سُليقية على تُخُوم الإمارة، وولَّى محلُّه أكبر إخوته پير أحمد، وعاد هو إلى عاصمته.[104][ْ 21] ولم يكد السُلطان مُحمَّد يرجع إلى إسلامبول حتَّى بلغه غدر پير أحمد، إذ عاد واستردَّ ما كان قد تنازل عنه لِلعُثمانيين من البلاد، وأشهر العصيان ضدَّهم، كما بلغه اضطراب الأوضاع في إمارة ذي القدريَّة، إذ ثار البكوات والقادة والأعيان على أميرهم «شهبُداق بن سُليمان»، بعد أن سعى لدى السُلطان المملوكي، الظاهر سيف الدين خُشقدم، في قتل أخيه الأكبر سيف الدين ملك أصلان، الأمير السابق لِلبلاد، أثناء زيارته القاهرة، ثُمَّ تولَّى العرش بدلًا منه بِدعمٍ من السُلطان سالف الذِكر. فقام بِوجهه أخيه الآخر «شهسوار»، واستنجد بِالسُلطان العُثماني لِيُعاونه على أخيه المُغتصب.[95][ْ 22][105] توجَّه السُلطان الفاتح أولًا إلى دفع غائلة الأمير القرماني، فوصل إلى قونية وأخذها دون عناء، فهرب پير أحمد إلى لارندة، فسيَّر السُلطان الصدر الأعظم محمود باشا إلى قتاله، فسار إليه وقاتله بِخارج لارندة قتالًا شديدًا ثُمَّ انكسر فهرب شرقًا لِلاحتماء بِأوزون حسن، وأمر السُلطان بِقتل كُل من أُسر القرمانيين المُوالين لِلأمير العاصي، ثُمَّ أمر الصدر الأعظم بِتتبُّع الذيقدريين المُفسدين المُوالين للأمير شهبُداق، فلاحقهم وأسر جمعٌ من أتباعهم، وأُرسلوا إلى السُلطان فأمر بِقتلهم، وتولَّى شهسوار مكان أخيه، وتمكَّن بِفضل المُناصرة العُثمانيَّة من تحدِّي المماليك والصُمُود بِوجه حملاتهم العسكريَّة التي أُرسلت لِإعادة هذه الإمارة تحت جناح السلطنة المملوكيَّة.[95][105] وأمر السُلطان مُحمَّد الصدر الأعظم بِنقل أهل الصنائع والحرف من قونية ولارندة إلى إسلامبول، فنفَّذ ما أُمر به، ثُمَّ قام بِتعمير قلعة قونية وهدم قلعة كوالة القديمة التي شيَّدها البيزنطيُّون، وعمَّر قلعة أحمدك، ثُمَّ أقطع تلك البلاد لِولده الشاهزاده مُصطفى لِيُريح باله من هذه الجهة، ثُمَّ عاد إلى صوب دار مُلكه. وجديرٌ بِالذكر أنَّ السُلطان مُحمَّد عزل بُعيد هذه الحملة الصدر الأعظم محمود باشا الصربي وولَّى مكانه مُحمَّد باشا الرومي، وتنص بعض المصادر أنَّ سبب ذلك كان مُعارضة محمود باشا ضم الإمارة القرمانيَّة عبر تعيين الشاهزاده مُصطفى واليًا عليها،[104] وقيل أنَّ مُحمَّد باشا الرومي، الذي كان بينه وبين الصدر الأعظم نزاعٌ وشقاق، افترى عليه عند السُلطان أُمورًا قبيحة من جُملتها أنَّهُ قال أنَّهُ قد أخذ رشاوى من أغنياء قونية ولارندة فتركهم وأجلى الفُقراء والمساكين منهم وظلمهم، فصدَّقهُ السُلطان في ذلك.[95]



    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14543
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    السلطان محمد الفاتح - صفحة 2 Empty رد: السلطان محمد الفاتح

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الأحد ديسمبر 19, 2021 6:45 pm

    ثناء انشغال السُلطان بِآسيا الصُغرى، هاجم البنادقة في ثمانين سفينة سواحل إينوز ونهبوها وخربوها وأسروا خلقًا كثيرًا من المُسلمين، فأراد السُلطان الانتقام لِهؤلاء.[106] وفي الحقيقة فإنَّ السُلطان هدف من وراء فتح باب مُفاوضات الصُلح مع البُندُقيَّة، كما أُسلف، كسب الوقت فقط من أجل معالجة الأزمات المُستجدَّة في الأناضول، وكان عاقد العزم على تدمير القُدرة العسكريَّة والاقتصاديَّة لِجُمهُوريَّة البُندُقيَّة، لِذلك أسرع، ما أن انتهى من بلاد القرمان وعلم بِما حصل لِمُسلمي أينوز، إلى إعلان أنَّ المُفاوضات دخلت في طريقٍ مُغلق، وأنَّ الحرب مع البنادقة عادت مُجددًا.[98] وكان أوَّل ما فعله أن أرسل الصدر الأعظم السابق محمود باشا إلى گليپولي لِإعداد السُفن، وتوجَّه هو من جانب البر وبنيَّته فتح جزيرة وابية، المُسمَّاة في كُتب التُرك «أغريبوز». وكانت هذه الجزيرة - وهي أكبر جُزُر بحر إيجة - بِحوزة البنادقة مُنذُ سنة 1210م، أي لِمُدَّة 260 سنة، وقبلها كانت بِحوزة البيزنطيين. سار محمود باشا في مائة مركبٍ عظيمٍ من الغلايين و200 سفينة نقل إلى مضيق وابية، فحاصر الجزيرة من جانب البحر، أمَّا الجيش السُلطاني فقد دخل إلى تساليا من ممر ترموبيل، وانتقل منها إلى آتيكة وانتقل إلى صوب الجزيرة، وكان البنادقة قد قطعوا الجسر الذي يُعبر منه إليها من بر اليونان، فرتَّب محمود باشا جسرًا من السُفن حتَّى عبر عسكر السُلطان منه إلى قاعدة الجزيرة، وهي قلعة «نجربونت» التي سمَّاها العُثمانيُّون بِنفس اسم الجزيرة، أي أغريبوز. وشرع العُثمانيُّون في الحصار والقتال، وكانت سُفن البنادقة قد قرُبت من الجزيرة، لكنَّ قائدها لم يجسر على الاقتراب من الأُسطُول العُثماني. دام حصار نجربونت 17 يومًا، ثُمَّ سقطت القلعة في الهجوم الخامس، فافتُتحت عنوةً يوم 14 مُحرَّم 875هـ المُوافق فيه 12 تمُّوز (يوليو) 1470م، وقتل السُلطان المُقاتلة من أهلها وأمَّن الرعيَّة على أنفسهم ودينهم وأموالهم وعيالهم، وحوَّل قسمًا من كنائس الجزيرة إلى مساجد، ثُمَّ عاد إلى إسلامبول.[98][106] كانت خسارة البُندُقيَّة بِوابية جسيمة، كون تلك الجزيرة كانت مركز مُستعمراتها في البحر المُتوسِّط، وأحدث سُقُوط الجزيرة في يد المُسلمين تأثيرًا كبيرًا في أوروپَّا، كسُقُوط القُسطنطينيَّة وطرابزون،[98] وحاولت البُندُقيَّة استرداد الجزيرة بِالمال، لكنَّ السُلطان رفض ردَّها إليها بِأيِّ ثمن.[107]

    مُحاولة القضاء على بقايا القرمانيين عدل
    لم يكُف پير أحمد وأخوه قاسم عن إثارة أهالي القرمان وحثِّهم على مُحاربة الدولة العُثمانيَّة والولاء لِلأُسرة القرمانيَّة القديمة، فعادا إلى بلدة سُليقية على تُخُوم إمارتهما السابقة، وتحصَّنا بها واتخذاها مركزًا لِدعوتهما الثائرة. لِذلك، ما أن عاد السُلطان مُحمَّد من فتح جزيرة وابية حتَّى أرسل الصدر الأعظم مُحمَّد باشا الرومي في جمعٍ لِإخضاع البقيَّة الباقية من بلاد القرمان واستئصال بقيَّة القرمانيين. ولمَّا كان مُحمَّد باشا المذكور مشهورًا بِقساوته وغلظة قلبه وسوء تدبيره وظُلمه، فإنَّهُ ارتكب مظالم كثيرة في تلك البلاد ما أن وصلها، فألقى النار في أهلها وأفقرهم بِمُصادرة أموالهم ظُلمًا، وخرب مدينة لارندة وهدم معاهدها ومدارسها، ثُمَّ قصد مدينة أركلي فلم يدع شيئًا إلَّا دكَّه، وقد تضرَّع إليه السُكَّان وناشدوه الله أن يُبقي على الدور التي أوقفت على المدينة المُنوَّرة، ولكنَّهُ صمَّ آذانه. وطال أذى الصدر الأعظم حتَّى نال من أحد أحفاد المُلَّا جلال الدين الرومي، واسمه أحمد چلبي بن أمير علي، فأجلاه عن موطنه بِالظُلم والإكراه.[95][106][108] وتوجَّه بعد ذلك إلى حيثُ تُقيم قبيلة وارساق القويَّة بِالقُرب من جبال طوروس في شمال غربيّ سُليقية، وكان يتولَّى قيادتها أميرٌ يُدعى «أويوز بك»، فجمع جمعًا من رجال القبيلة وكمنوا لِلصدر الأعظم في مضيقٍ وقتلوا أكثر رجاله واستولوا على جميع ما اكتسبه بِالظُلم والتعدِّي، فنجا مُحمَّد باشا في جمعٍ قليلٍ. ولمَّا علم السُلطان بِما اقترفته يدا الصدر الأعظم وما لحق به من هزيمةٍ فوق ذلك، استشاط غضبًا، فعزل مُحمَّد باشا وأعدمه عقابًا له على عُدوانه، وعيَّن بدلًا منه بكلربك الأناضول إسحٰق باشا وسيَّره إلى القرمان في ربيع سنة 875هـ المُوافقة لِسنة 1471م، في جيشٍ كبير. وما أن سمع پير أحمد بِقُدُوم هذا الجيش حتَّى لاذ بِالفرار إلى هضبة طاش إيلي، ثُمَّ لجأ إلى أوزون حسن، وسُرعان ما لحق به أخوه قاسم بك، فلم يجد إسحٰق باشا صُعُوبةً في استعادة المُدن والقلاع. وأكرم السُلطان الأهالي الذين وقع عليهم ظُلم مُحمَّد باشا وأعادهم مُعززين إلى أوطانهم. كما أمر إسحٰق باشا بِأن يُجلي بُيُوتًا من مدينة آق سراي إلى إسلامبول، وما زالت محلَّاتهم التي نزلوا فيها من العاصمة العُثمانيَّة تُسمَّى «آق سراي» إلى الآن.[95][106][108][ْ 23]

    وفي السنة التالية، أرسل السُلطان مُحمَّد الوزير كدك أحمد باشا إلى آسيا الصُغرى لِتقوية الجيش العُثماني فيها وشد أزر الشاهزاده مُصطفى وضم المدينتين الساحليتين الهامتين: العلائيَّة وسُليقية، خُصُوصًا بعد أن تواترت الأنباء بِتحفُّز أوزون حسن لِلهُجُوم من الشرق ووُصُول أُسطولٍ صليبيٍّ من الغرب. أمَّا العلائيَّة فكان يحكمها أميرٌ تابعٌ لِلقرمانيين يُدعى «قلج أرسلان بن لطيف»، وكان من بقايا السلاجقة، ولم يكن السُلطان مُحمَّد لِيسمح بِأن تقع مدينته في يد الصليبيين أو قراصنة الإسبتاريَّة، فتُصبح وكرًا لِلسُفن المُعادية، لِذلك عقد العزم على ضمِّها، ولمَّا حاصرها كدك أحمد باشا أدرك أهلها أنَّ لا قِبل لهم بِمُواجهة العُثمانيين، فسلَّموا مدينتهم صُلحًا، وأُرسل الأمير قلج أرسلان إلى إسلامبول حيثُ رحَّب به السُلطان مُحمَّد وخلع عليه الخُلع الوفيرة، وعيَّن لهُ ولِأهله ريع أرضٍ واسعةٍ يعيشون به في رغدٍ ورفاهيَّة. وتسلَّم كدك أحمد باشا قلعتيّ سُليقية وموقن أيضًا بِالأمان، ووجد في موقن أموال الأُمراء القرمانيين وأهل پير أحمد وعياله وأقاربه، فأرسلهم جميعًا إلى إسلامبول، وسخَّر جميع القلاع والبلدات ولواحقها، وذهب بِذلك آخر أثر لِسيادة الأُسرة القرمانيَّة في الأناضول،[106][108] ولم يبقَ من القرمانيين إلَّا من التجأ إلى أوزون حسن، وتحقَّقت السيطرة العُثمانيَّة التامَّة على سواحل البحر المُتوسِّط.[98]


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14543
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    السلطان محمد الفاتح - صفحة 2 Empty رد: السلطان محمد الفاتح

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الأحد ديسمبر 19, 2021 6:46 pm

    كان من بين الأسباب التي دفعت السُلطان مُحمَّد إلى الإسراع في ضم العلائيَّة وسُليقية، أنَّ أُسطُولًا صليبيًّا تمركز في ساحل مدينة لارنقة بِقبرص، من بين سُفُنه 58 سفينة حربيَّة بُندُقيَّة، وأخذ يقصفُ قلاعًا عُثمانيَّةً في سواحل البحر المُتوسِّط، ولكنَّهُ لم يتمكَّن من تحقيق شيءٍ يُذكر، وكانت هذه السُفن تحملُ أسلحةً ناريَّةً لِمدِّ جيش أوزون حسن، فلم تتمكَّن من تمريرها، وانسحبت من المنطقة.[109] بناءً على هذا، أصبحت أوروپَّا تُعلِّق الأمل أكثر من أيِّ وقتٍ مضى على أوزون حسن، الذي لُقِّب بِـ«التُركي الصغير»، لِضرب الدولة العُثمانيَّة في آسيا، كي تتمكَّن من ضربها في البلقان بعد أن يُخفف الهُجُوم التُركماني الضغط على الجبهة الغربيَّة. وكان أوزون حسن مُغترًا بِنفسه وبِقُوَّته، واعتقد أنَّهُ سيتمكَّن من إخضاع السُلطان الفاتح، كما تمكَّن تيمورلنك قبله من إخضاع السُلطان بايزيد الأوَّل، وممَّا زاد في ثقته بِقُدرته على النصر أنَّهُ سبق وقضى على حاكمين مُسلمين وأباد جيشهما وضمَّ بلادهما إلى دولته، الأوَّل هو مُظفَّر الدين جهانشاه بن يُوسُف، أمير الدولة القره‌قويونلويَّة، والآخر هو أبو سعيد ميرزا بن مُحمَّد، أمير ما تبقَّى من الدولة التيموريَّة. كما كان الجيش التُركماني الآق قويونلوي أكثر عددًا من الجيش العُثماني.[109] ولمَّا أتمَّ كدك أحمد باشا ضمِّ العلائيَّة وسُليقية، أرسل أوزون حسن الأميران القرمانيَّان پير أحمد وأخاه قاسم في جمعٍ من التُركمان إلى بلاد القرمان، فعاد أحمد باشا إلى دفعهما، وجهَّز أوزون حسن جيشًا مع وزيره عُمر بك بن بكطاش، وجعل معه ابن عمِّه يُوسُفجه ميرزا، ثُمَّ أرسلهم لِإمداد القرمانيين، فأغاروا على أطراف توقاد وأحرقوا البلدة مع نواحيها وقُراها ونهبوا أموال أهلها،[ِ 63] ثُمَّ توجَّهوا إلى قيصريَّة ونهبوها أيضًا، ثُمَّ عاد عُمر بك وترك يُوسُفجه ميرزا في عشرة آلاف فارس لِمدد القرمانيين، فأغار يُوسُفجه على بلاد الحميد وغيرها بِدلالة الأميرين القرمانيين، ولمَّا وصل هذا الخبر إلى السُلطان مُحمَّد استدعى محمود باشا الصربي من سنجقه گليپولي وأعاده إلى الصدارة العُظمى، وتجهَّز لِلمسير إلى أخذ الثأر من أوزون حسن، وأرسل إلى ولده الشاهزاده مُصطفى والي القرمان يأمره بِالقُدُوم إلى بلدة «قره‌حصار» لِمناعة حصنها.[106][110] ولمَّا وصل محمود باشا إلى الركاب شاهد عجلة السُلطان على أخذ الثأر، وكان الشتاءُ قريبًا، فأخَّر الحملة إلى الربيع بِحُسن التدبير، وأرسل إلى بكلربك الأناضول داود باشا يأمره بِالتوجُّه إلى الشاهزاده مُصطفى بِقره‌حصار، ثُمَّ يسير معه إلى دفع التُركمان والأميران القرمانيَّان، فسار داود باشا مع الشاهزاده إلى أن وصلا بلدة «قيرايلي» غرب قونية، وكان يُوسُفجه ميرزا نازلًا فيها، فالتقى الجمعان واقتتلوا قتالًا شديدًا، فانكسر أصحاب يُوسُفجه من التُركمان وأوباش القرمان، وأُسر يُوسُفجه مع كثيرٍ من أعيان أتباعه، وقُتل كثيرٌ منهم، فأرسل الشاهزاده مُصطفى يُوسُفجه ميرزا مُكبلًا بِالحديد إلى أبيه السُلطان مُحمَّد، فحبسهُ السُلطان مع أعيان أصحابه، وأمر بِقتل الباقين.[106][110]

    أوتلق بليأوتلق بليأوتلق بلي
    الموقع التقريبي لِأوتلق بلي (الواقعة اليوم في ولاية إرزنجان التُركيَّة)، حيثُ التقى العُثمانيُّون والآق قويونلويُّون.

    مُنمنمة عُثمانيَّة تُصوِّرُ تقاتُل الجيشان العُثماني والآق قويونلوي في أوتلق بلي بِالأناضول الشرقيَّة.
    وفي ربيع سنة 878هـ المُوافقة لِسنة 1473م، توجَّه السُلطان مُحمَّد إلى قتال أوزون حسن في جميع عساكر الروملِّي والأناضول، وخرج معهُ في هذه الحملة بكلربك الروملِّي مُراد بك الخاصكي مع أربعين أميرًا من أُمراء السناجق، وكذلك حضر بكلربك الأناضول داود باشا مع أربعةٍ وعشرين أميرًا من أُمراء سناجق الأناضول، كما حضر إبنا السُلطان كُلٌ مع جُنُود الإيالة التي يتولَّاها: الشاهزاده مُصطفى مع عسكر إيالة القرمان، والشاهزاده بايزيد مع عسكر إيالة الرُّوم، فاجتمع على السُلطان مائة ألف مُقاتل بين فارسٍ وراجل، وسار بهم إلى سيواس لِلتصدي لِلتُركمان.[106] وتحرَّك أوزون حسن، في الوقت نفسه، من معمورة العزيز في ديار بكر إلى إرزنجان، وهو يعلم أنَّ اللقاء سيكون رهيبًا وفاصلًا، وأرسل في غُضُون ذلك إلى دوق البُندُقيَّة وإمبراطور ألمانيا وملك المجر يُعلمهم بِخُرُوجه ويحُثُّهم على الزحف بِاتجاه الأراضي العُثمانيَّة.[111] وأرسل السُلطان مُحمَّد البكلربك مُراد الخاصكي في جمعٍ من عسكر الروملِّي وأُمرائها في طليعة الجيش، وحذَّره ألَّا يُقدم على المهالك والمخاوف ويشتبك مع أوزون حسن قبل وُصُول بقيَّة الجيش، لكنَّ مُرادًا لمَّا كان شابًا جلدًا مُتهورًا مُغترًّا بِنفسه وقُوَّته، سار لِلقاء الآق قويونلويين والظفر بهم، فوقع في كمينٍ نصبه له أوزون حسن في إحدى الممرَّات، فقُتل مع كثيرٍ من أتباعه، وأُسر آخرون، فحبسهم أوزون حسن في قلعة بايبُرد.[106] ولمَّا وصلت الأنباء إلى السُلطان مُحمَّد جدَّ في السير حتَّى التقى بِعدُّوِّه في مُرتفعات «أوتلق بلي»، على بُعد أربعين كيلومتر شماليّ شرقيّ إرزنجان، في 12 ربيع الأوَّل المُوافق فيه 12 آب (أغسطس)،[111] فرتَّبوا الصُفُوف بحيث وقف الشاهزاده بايزيد في الميمنة ومعه الوزير كدك أحمد باشا، وأخوه الشاهزاده مُصطفى في الميسرة ومعه البكلربك داود باشا، والسُلطان مُحمَّد ومعهُ طائفة القپوقوليَّة في القلب. وكان في ميمنة أوزون حسن ولده زينل بك، وفي ميسرته ولده الآخر أوغورلي مُحمَّد بك.[106] ولم يكن أوزون حسن قد شاهد بِعينيه قبلًا الجُيُوش العُثمانيَّة السيَّارة، فانبهر انبهارًا شديدًا لمَّا رأى الجُنُود تسيرُ بِتشكيلاتٍ مُحكمة التنظيم ناشرةً بيارقها، واندهش لمَّا سمع موسيقاها العسكريَّة المُثيرة لِلحمية، وشاهد نوعيَّة قماش ملابس الجُنُود وتجهيزاتهم الثقيلة، ويُروى أنَّهُ قال: «وَيْحُكَ يَا ابْنَ عُثمَان، أيُّ بَحْرٍ هَذَا الذِي جَهَّزتَه؟!».[109] والتحم الجمعان في معركةٍ قاسيةٍ دامت عدَّة ساعات، بادر فيها البكلربك داود باشا في القتال،[106] وتساقطت كتائب الخيَّالة التُركمانيَّة الواحدة تلو الأُخرى بِنيران المدفعيَّة العُثمانيَّة والمُشاة حملة البنادق الثقيلة، ولم يتمكَّن أوزون حسن من السيطرة على وحداته التي تبعثرت بِفعل الأسلحة الناريَّة التي لم يعهدوها قبلًا، وحمل الشاهزاده مُصطفى مع فيلقه على ميسرة العدوّ، وأبادها مع قائدها زينل سالف الذِكر، كما هاجم الشاهزاده بايزيد سرادق أوزون حسن، الذي سارع بِالهرب من الميدان بعد أن أدرك هزيمته ومقتل ولده، ووقع في الأسر عدَّة أُمراء من كبار التُركمان، فسيقوا إلى السُلطان. ويُروى أنَّ أوزون حسن قال لِپير أحمد القرماني أثناء هُروبهما: «يَا ابْنَ قَرَمَان، خَرَّبَ الله سُلَالَتَك، سَبَّبتَ عَارِي وَخَزْيي. مَا لِي وَبَنِي عُثْمَان!». كان سُرُور السُلطان مُحمَّد بِهذا النصر عظيمًا، فلم يبقَ لهُ من عدوٍّ من جهة الشرق، وقضى على أكبر خطرٍ مرَّ على دولته مُنذُ عهد تيمورلنك، فافتدى الأسرى التُركمان من ماله وأخلى سبيلهم شُكرًا لله على النصر المُبين، ولم يأمر بِمُطاردة أوزون حسن وفُلُول جيشه. كما أمر بِإرسال المُبشرين إلى الأطراف وتزيين البلاد، وأعتق جميع مماليكه من الذُكُور والإناث - وكانوا أربعين ألفًا - ووهب العسكر ما كانوا قد استقرضوا من الخزينة عند الخُرُوج إلى هذه الحملة، وكان ذلك المال مائة حمل من الدراهم العُثمانيَّة، فعفاهم عنه.


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14543
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    السلطان محمد الفاتح - صفحة 2 Empty رد: السلطان محمد الفاتح

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الأحد ديسمبر 19, 2021 6:47 pm

    نهاية القرمانيين عدل
    بعد هزيمته المُذلَّة، سعى أوزون حسن إلى الصُلح مع العُثمانيين رُغم رجاء حُلفاؤه القرمانيين والأوروپيين ألَّا يفعل، لكنَّهُ لم يُعرهم انتباهًا، فاعترف بِإلحاق طرابزون وبلاد القرمان بِالدولة العُثمانيَّة، كما جمع أولاده وأوصاهم بِعدم الهُجُوم على العُثمانيين أبدًا، وتُوِّج الصُلح بين الطرفين بِزواج ابنة السُلطان مُحمَّد جوهرخان خاتون من أوغورلي مُحمَّد ابن أوزون حسن.[109][ْ 24] وبِذلك أضحى الأميران القرمانيَّان پير مُحمَّد وقاسم بلا حليفٍ يدعم مُطالبتهما بعرش آبائهما وأجدادهما، فتوجَّها مع حفنةٍ من الرجال نحو الأناضول، واستولى قاسم على قلعة سُليقية وتحصَّن فيها، بينما سار أحمد إلى قلعة أرمناك جنوبيّ لارندة، وكانت قد بقيت في أيدي نُوَّابه، وكذلك قلعة مينان التي كانت مضرب المثل في الحصانة والمناعة، وشرع منهما في الغارة على البلاد المُجاورة، فأرسل السُلطان الوزير كدك أحمد باشا إلى دفع غائلته، فسار أحمد باشا واستولى على أرمناك ومينان أيضًا بعد حصارٍ شديد وقتالٍ طويل، ممَّا أجبر قائد حاميتها، وهو أحد مماليك پير أحمد، أن يُسلِّمها بِالأمان، وكان فيها جميع أموال أحمد المذكور وحريمه، فأرسلها الباشا إلى قونية، وعمَّر القلعة ورتَّب فيها حاميةً جديدة. وكان پير أحمد قد هرب من القلعة إلى رؤوس الجبال حيثُ شاهد سُقُوطها بِيد العُثمانيين، فانتابه اليأس والبؤس، وألقى بنفسه من رأس الجبل، فمنعه من السُقُوط إلى الهلاك بعض الأشجار، ووجده بعض أصحابه مُغشيًا عليه، فحملوه إلى مكانهم، ولمَّا استفاق وعوفي سار إلى الشَّام وبقي فيها حتَّى مماته.[112] أمَّا قاسم بك فقد استسلم لِأحمد باشا ودخل في طاعة السُلطان مُحمَّد، وكان ذلك في سنة 879هـ المُوافقة لِسنة 1474م. وفي هذه السنة أيضًا أمر السُلطان ولده الشاهزاده مُصطفى بِتسخير قلعة «دوه لوقره حصار»، وكان فيها من جانب القرمانيين من كبار أُمرائهم «أتمجه بك»، لكنَّ الشاهزاده لم يتمكَّن من القيام بِهذه المُهمَّة بِنفسه نظرًا لِمرضٍ ألمَّ به، فأوكله إلى أحد أُمرائه المدعو «قوجي بك»، فحاصر الأخير القلعة، لكنَّ أميرها رفض تسليمها إلَّا لِلشاهزاده مُصطفى، فتجلَّد وسار إليها واستلمها بِالأمان وأكرم واليها، ثُمَّ عاد إلى قونية حيثُ داهمه الموت ولهُ من العُمر 23 سنة فقط، فحزن عليه السُلطان مُحمَّد وأمر بِنقل جُثمانه إلى بورصة لِيُدفن فيها.[109][112] وبِهذا زال مُلك بني قرمان وأصبحت إمارتهم جُزءًا من الدولة العُثمانيَّة، بعد أن هلك جميع أُمرائهم أو خضعوا لِلسُلطان مُحمَّد.




    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14543
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    السلطان محمد الفاتح - صفحة 2 Empty رد: السلطان محمد الفاتح

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الأحد ديسمبر 19, 2021 6:51 pm

    في الثقافة الشعبيَّة عدل

    خلفيَّة ورقة الألف ليرة التُركيَّة (1986-1992م). يظهر عليها رسمُ السُلطان الفاتح.
    ظهرت شخصيَّة السُلطان مُحمَّد الفاتح في مجموعةٍ من الأعمال السينمائيَّة والتلفزيونيَّة، أبرزُها فيلم «فتح 1453» العائد لِسنة 2012م، الذي يتحدَّث عن ملحمة فتح القُسطنطينيَّة، وجسَّد شخصيَّة الفاتح المُمثل التُركي دوريم إوين. كما جُسِّدت شخصيَّة الفاتح في المُسلسل التُركي العائد لِسنة 2013م، حامل عنوان «فاتح»، وفيه لعب المُمثل مُحمَّد عاكف ألاقورد دور السُلطان. وفي الفيلم الأمريكي حامل عنوان «دراكولا غير المروي» (بِالإنگليزيَّة: Dracula Untold)، أدَّى المُمثل الإنگليزي دومينيك كوپر دور السُلطان مُحمَّد،[ِ 70] الذي صُوِّر على أنَّه شرير يختطف الأولاد من قُراهم لِيزج بهم في الجيش العُثماني. ومن المُمثلين الآخرين الذين لعبوا دور الفاتح أيضًا: كنعان إميرزالي أوغلي في مُسلسل «مُحمَّد فاتح العالم» (بالتركية: Mehmed Bir Cihan Fatihi)‏، و«جم يكن أوزوم أوغلي» في وثائقي «بزوغ الإمبراطورية: العثمانيون».[ْ 29] وإلى جانب الأعمال الترفيهيَّة المُصوَّرة، أُطلق اسم السُلطان مُحمَّد على مجموعةٍ من المعالم المعماريَّة في العالم الإسلامي، كالجسر المُعلَّق الذي يقطع مضيق البوسفور واصلًا القسمين الأوروپي والآسيوي من مدينة إسطنبول، وعددٌ كبيرٌ من المساجد. وظهرت صورته على خلفية العملة الورقيَّة التُركيَّة من فئة الألف ليرة والتي وُضعت بالتداول من سنة 1986م حتَّى سنة 1992م.[ِ 71]

    المراجع عدل
    هوامش عدل
    «1»: كان التوحُّد التُركي العُثماني مع الإسلام قويًّا جدًّا إلى درجة أنَّ الأوروپي كان يقول عن أخيه الذي يدخل الإسلام أنَّهُ «تترَّك» بِمعنى أسلم، فكانت كلمتا «تُركي» و«مُسلم» تعنيان لِلأوروپي شيئًا واحدًا بِحيثُ إذا كان مُمكنًا القول بِوُجُود «عربي مسيحي» فإنَّهُ غير ذي معنى القول بِوُجُود «تُركي مسيحي»، فالتُركي والمسيحيَّة لا يجتمعان في العقليَّة الأوروپيَّة العائدة لِذلك الزمن، فالتُركي هو المُسلم والمُسلم هو التُركي. والواقع أنَّ العُثمانيُّون أنفُسهم مُنذُ بدايتهم وحتَّى وقتٍ مُتأخرٍ جدًا من تاريخهم كانوا يُعرِّفون أنفُسهم على أنهم مُسلمون قبل أن يكونوا أتراكًا، وأنَّ دولتهم دولة إسلاميَّة وليست دولة تُركيَّة، وبِالتالي فهي استمرارٌ لِلسُلالات الأُمويَّة والعبَّاسيَّة والمملوكيَّة والأيُّوبيَّة، بِغض النظر عن عرقيَّة هذه السُلالة سواء أكانت عربيَّة أو قفقاسيَّة أو كُرديَّة أو تُركيَّة.[132]
    «2»: حدَّد الأُستاذان الدكتوران أحمد آق كوندز وسعيد أوزتورك (بالتركية: Ahmet Akgündüz & Said Öztürk)‏ التاريخ الهجري لِمولد مُحمَّد الثاني بِيوم 19 رجب 835هـ، وذكرا أنَّ هذا يُوافق 30 آذار (مارس) 1432م،[14] لكنَّ التاريخ الميلادي المذكور لا يُوافق نظيره الهجري، بل يُقابله 28 رجب 835هـ، فيبدو أنَّ الباحثان أخطآ في هذه النُقطة.
    «3»: «اليَابَابَاشِيَّة»، مُفردُها «يَابَابَاشِي»، هي رُتبة عسكريَّة عُثمانيَّة كان من مهام حملتها الإشراف على كُل أُمُور الكتيبة العسكريَّة التي يتبعون لها، وكان لهم حق تأديب الجُند في الجرائم الصغيرة.[42]
    «4»: المزاغل هي فتحاتٌ طويلة مُخصصة لِلرماية والمُراقبة. كانت تُجعل في جدار الذروة، وهو جدارٌ يرتفع عن السور الأصلي لِلقلعة أو الحصن، وكانت حامية القلعة ترمي السِّهام والمواد الحارقة من هذه الفتحات، على الأعداء المُحاصرين.[133][134]
    «5»: ينقل الأُستاذ مُحمَّد فريد بك المُحامي في كتابه «تاريخ الدولة العليَّة العُثمانيَّة»، ما نصَّت عليه المصادر العُثمانيَّة بِأنَّ قذائف المدفعيَّة كانت عبارة عن كُراتٍ من الحجارة زنة كُلُّ واحدةٍ منها اثنا عشر قنطارًا، وإنها كانت تُقذف إلى مسافة ميلٍ. ويُعلِّق مُحقق الكتاب المذكور، الدكتور إحسان حقِّي، قائلًا بِأنَّ في هذا القول مُبالغة كبيرة، كما هو معروفٌ في المُؤلَّفات التاريخيَّة القديمة، فالقنطار يُساوي 250 كيلوغرامًا، فيكون وزن القذيفة على هذا الاعتبار 3000 كيلوغرامًا، ولم توجد في ذلك الزمن أي آلة قادرة على قذف هذا الوزن الكبير، وإن وُجدت فإنَّهُ لا يُوجد أُناسٌ يستطيعون أن يرفعوا حجرًا هذا وزنه لِيضعوه في المدفع. لِذلك يعتقد حقِّي أنَّ وزن القذيفة كان 12 رطلًا لا قنطارًا. ويذكر حقِّي أيضًا أنَّ المُستشرق الفرنسي البارون برنار كرَّا دي ڤو (بالفرنسية: Bernard Carra de Vaux)‏ يقول في كتابه «مُفكرو الإسلام» (بالفرنسية: Les penseurs de l'Islam)‏ أنَّ وزن الكُرة المدفعيَّة التي استعملها السُلطان مُحمَّد وصل إلى 300 كيلوغرام، وكان مدى مرمى المدفع أكثر من ميل.[63]
    «6»: «التَنْفِيلُ» مُشتقٌّ من «النَّفَلُ»، أي الغنيمة التي يستولي عليها الجيشُ المُنتصر، فالتنفيل هو السماح لِلجُنُود بِالحُصُول على الغنائم. يُقال: «تَنْفِيلُ رَجُلٍ: إعْطَاؤُهُ زِيَادَةً عَلَى نَصِيبِهِ الوَاجِبِ لَهُ».[135]
    «7»: التُركمان البايندريُّون أو البايندريَّة هم التُركمان الآق قويونلويَّون، إذ كانت الدولة الآق قويونلويَّة تُعرف أيضًا باسم الدولة البايندريَّة، تيمُنًا بِالخاقان الأُسطُوري بايندر خان حفيد أوغوز خان، المُؤسس المُفترض لِلقبائل التُركيَّة الغُزيَّة.[91]
    بِاللُغة العربيَّة عدل
    الشهابي، حيدر بن أحمد; تحقيق: نعُّوم مُغبغب (1900). الغُرر الحسان في تواريخ حوادث الأزمان. الجُزء الأوَّل (الطبعة الأولى). القاهرة - الخديويَّة المصريَّة: مطبعة السلام. صفحة 526 - 527. مؤرشف من الأصل (PDF) في 23 مايو 2020. اطلع عليه بتاريخ 28 نيسان (أبريل) 2019م.
    فريد بك، مُحمَّد; تحقيق: الدُكتور إحسان حقّي (1427هـ - 2006م). تاريخ الدولة العليَّة العُثمانيَّة (الطبعة العاشرة). بيروت - لُبنان: دار النفائس. صفحة 160 - 161. مؤرشف من الأصل (pdf) في 9 مايو 2019. اطلع عليه بتاريخ 28 نيسان (أبريل) 2019م.
    جحا، شفيق; البعلبكي، مُنير; عُثمان، بهيج (1999م). المُصوَّر في التاريخ (الطبعة التاسعة عشرة). بيروت، لُبنان: دار العلم للملايين. صفحة 122 - 126.
    حلَّاق، حسَّان عليّ (2000). تاريخ الشُعُوب الإسلاميَّة الحديث والمُعاصر (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار النهضة العربيَّة. صفحة 26 - 27. مؤرشف من الأصل في 19 مارس 2020. اطلع عليه بتاريخ 23 كانون الأوَّل (ديسمبر) 2019م.
    أرمغان، مُصطفى; ترجمة: مُصطفى حمزة (1435هـ - 2014م). التَّاريخ السرّي للإمبراطوريَّة العُثمانيَّة: جوانب غير معروفة من حياة سلاطين بني عُثمان (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: الدار العربيَّة للعُلوم ناشرون. صفحة 41 و44. ISBN 9786140111226.
    القرماني، أحمد بن يُوسُف (1282هـ). أخبار الدُول وآثار الأُول في التاريخ (PDF). بغداد: مطبعة الميرزا عبَّاس التبريزي. صفحة 306 - 309. مؤرشف من الأصل (PDF) في 24 كانون الأوَّل (ديسمبر) 2019م. اطلع عليه بتاريخ 24 كانون الأوَّل (ديسمبر) 2019م.
    البُخاري، أبو عبد الله مُحمَّد بن إسماعيل بن إبراهيم الجعفي; تحقيق: هاشم الندوي وآخرون. كتابُ التاريخ الكبير (PDF). القسم الثاني من الجُزء الأوَّل. حيدر آباد - الهند: دائرة المعارف العُثمانيَّة. صفحة 81. مؤرشف من الأصل (PDF) في 24 ديسمبر 2019. اطلع عليه بتاريخ 24 كانون الأوَّل (ديسمبر) 2019م.
    ابن عبد البر، أبو عُمر يُوسُف بن عبد الله النمري القُرطُبي; تحقيق: علي مُحمَّد البجَّاوي (1412هـ - 1992م). الاستيعاب في معرفة الأصحاب. الجُزء الأوَّل (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الجيل. صفحة 170. مؤرشف من الأصل في 24 كانون الأوَّل (ديسمبر) 2019م. اطلع عليه بتاريخ 24 كانون الأوَّل (ديسمبر) 2019م.
    الشيباني الذهلي، أبو عبد الله أحمد بن مُحمَّد بن حنبل; تحقيق: شُعيب الأرناؤوط وآخرون (1420هـ - 1999م). مسند الإمام أحمد بن حنبل (PDF). الجُزء الحادي والثلاثون (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: مُؤسسة الرسالة. صفحة 287. مؤرشف من الأصل (PDF) في 24 ديسمبر 2019. اطلع عليه بتاريخ 24 كانون الأوَّل (ديسمبر) 2019م.
    الحقيل، إبراهيم بن مُحمَّد (21 ذي القعدة 1429هـ - 20 تشرين الثاني (نوڤمبر) 2008م). "إبطال الاحتجاج بحديث فتح القُسطنطينيَّة على صحة مذاهب المُبتدعة". شبكة الألوكة نقلًا عن موقع الشيخ إبراهيم بن مُحمَّد الحقيل. مؤرشف من الأصل في 24 كانون الأوَّل (ديسمبر) 2019م. اطلع عليه بتاريخ 24 كانون الأوَّل (ديسمبر) 2019م.
    "فتح القُسطنطينيَّة والمذهب الماتريدي والأشعري". إسلام ويب قسم الفتوى. الأحد 22 شعبان 1434هـ - 30 حُزيران (يونيو) 2013م. مؤرشف من الأصل في 24 كانون الأوَّل (ديسمبر) 2019م. اطلع عليه بتاريخ 24 كانون الأوَّل (ديسمبر) 2019م.
    مُنجِّم باشي، أحمد بن لُطف الله السلانيكي الرُّومي المولوي الصدِّيقي; دراسة وتحقيق: د. غسَّان بن عليّ الرمَّال (1430هـ - 2009م). كتاب جامع الدُول: قسم سلاطين آل عُثمان إلى سنة 1083هـ. بيروت - لُبنان: دار الشفق لِلطباعة والنشر. صفحة 455.
    أوزتونا، يلماز; ترجمة: عدنان محمود سلمان (1431هـ - 2010م). موسوعة تاريخ الإمبراطوريَّة العُثمانيَّة السياسي والعسكري والحضاري (PDF). المُجلَّد الأوَّل (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: الدار العربيَّة للموسوعات. صفحة 131. مؤرشف من الأصل (PDF) في 1 مايو 2019. اطلع عليه بتاريخ 1 أيَّار (مايو) 2019م.
    آق كوندز، أحمد; أوزتورك، سعيد (2008). الدولة العُثمانيَّة المجهولة، 303 سُؤال وجواب تُوضح حقائق غائبة عن الدولة العُثمانيَّة (PDF). إسطنبول - تُركيَّا: وقف البُحُوث العُثمانيَّة. صفحة 109. ISBN 9789757268390. مؤرشف من الأصل (PDF) في 01 مايو 2021. اطلع عليه بتاريخ 1 أيَّار (مايو) 2019م.
    طوبَّاش، عُثمان نوري; ترجمة: د. مُحمَّد حرب (1437هـ - 2016م). العُثمانيُّون: رجالهم العظام ومُؤسساتهم الشَّامخة (PDF) (الطبعة الأولى). إسطنبول - تُركيَّا: دار الأرقم. صفحة 100. ISBN 9789944835251. مؤرشف من الأصل (PDF) في 17 أبريل 2018. اطلع عليه بتاريخ 13 أيَّار (مايو) 2019م.
    المنياوي، رمزي (2011). مُحمَّد الفاتح: النسر الكبير فاتح القُسطنطينيَّة ومُحقِّق البشارة النبويَّة (الطبعة الأولى). القاهرة - مصر: دار الكتاب العربي. صفحة 37.
    البكري، شمسُ الدين مُحمَّد بن أبي السُرُور الصدِّيقي; تقديم وتحقيق وتعليق: د. ليلى الصبَّاغ (1415هـ - 1995م). المنح الرحمانيَّة في الدولة العُثمانيَّة (الطبعة الأولى). دمشق - سوريا: دار البشائر لِلطباعة والنشر والتوزيع. صفحة 42.
    المنياوي، رمزي (2011). مُحمَّد الفاتح: النسر الكبير فاتح القُسطنطينيَّة ومُحقِّق البشارة النبويَّة (الطبعة الأولى). القاهرة - مصر: دار الكتاب العربي. صفحة 40 - 43.
    فريد بك، مُحمَّد; تحقيق: الدُكتور إحسان حقّي (1427هـ - 2006م). تاريخ الدولة العليَّة العُثمانيَّة (الطبعة العاشرة). بيروت - لُبنان: دار النفائس. صفحة 156 - 158. مؤرشف من الأصل (pdf) في 9 مايو 2019. اطلع عليه بتاريخ 28 نيسان (أبريل) 2019م.
    طقّوش، مُحمَّد سُهيل (1434هـ - 2013م). تاريخ العثمانيين: من قيام الدولة إلى الانقلاب على الخلافة (PDF) (الطبعة الثالثة). بيروت - لُبنان: دار النفائس. صفحة 92. ISBN 9789953184432. مؤرشف من الأصل (PDF) في 28 أبريل 2019. اطلع عليه بتاريخ 28 نيسان (أبريل) 2019م.
    أوزتونا، يلماز; ترجمة: عدنان محمود سلمان (1431هـ - 2010م). موسوعة تاريخ الإمبراطوريَّة العُثمانيَّة السياسي والعسكري والحضاري (PDF). المُجلَّد الأوَّل (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: الدار العربيَّة للموسوعات. صفحة 124 - 125. مؤرشف من الأصل (PDF) في 1 مايو 2019. اطلع عليه بتاريخ 1 أيَّار (مايو) 2019م.
    طقّوش، مُحمَّد سُهيل (1434هـ - 2013م). تاريخ العثمانيين: من قيام الدولة إلى الانقلاب على الخلافة (PDF) (الطبعة الثالثة). بيروت - لُبنان: دار النفائس. صفحة 95. ISBN 9789953184432. مؤرشف من الأصل (PDF) في 28 أبريل 2019. اطلع عليه بتاريخ 28 نيسان (أبريل) 2019م.
    مُنجِّم باشي، أحمد بن لُطف الله السلانيكي الرُّومي المولوي الصدِّيقي; دراسة وتحقيق: د. غسَّان بن عليّ الرمَّال (1430هـ - 2009م). كتاب جامع الدُول: قسم سلاطين آل عُثمان إلى سنة 1083هـ. بيروت - لُبنان: دار الشفق لِلطباعة والنشر. صفحة 437 - 444.
    آق كوندز، أحمد; أوزتورك، سعيد (2008). الدولة العُثمانيَّة المجهولة، 303 سُؤال وجواب تُوضح حقائق غائبة عن الدولة العُثمانيَّة (PDF). إسطنبول - تُركيَّا: وقف البُحُوث العُثمانيَّة. صفحة 112 - 113. ISBN 9789757268390. مؤرشف من الأصل (PDF) في 01 مايو 2021. اطلع عليه بتاريخ 12 حُزيران (يونيو) 2019م.
    القرماني، أحمد بن يُوسُف بن أحمد; تحقيق: بسَّام عبد الوهَّاب الجابي (1405هـ - 1985م). تاريخ سلاطين آل عثمان (الطبعة الأولى). دمشق - سوريا: دار البصائر. صفحة 24.
    عليّ، عبدُ الله نبيل (2018). الدولة العُثمانيَّة: الدُستور، الإستخلاف والتمكين، سلاطين الدولة العُثمانيَّة، عهد الفوضى. الجُزء الأوَّل (الطبعة الأولى). الإسكندريَّة - مصر: مُؤسسة شباب الجامعة. صفحة 296 - 302. ISBN 9789772123315.
    أوزتونا، يلماز; ترجمة: عدنان محمود سلمان (1431هـ - 2010م). موسوعة تاريخ الإمبراطوريَّة العُثمانيَّة السياسي والعسكري والحضاري (PDF). المُجلَّد الأوَّل (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: الدار العربيَّة للموسوعات. صفحة 125 - 127. مؤرشف من الأصل (PDF) في 1 مايو 2019. اطلع عليه بتاريخ 1 أيَّار (مايو) 2019م.
    البكري، شمسُ الدين مُحمَّد بن أبي السُرُور الصدِّيقي; تقديم وتحقيق وتعليق: د. ليلى الصبَّاغ (1415هـ - 1995م).


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 02, 2024 6:39 am