منتديات السادة الهوارة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات السادة الهوارة

د/مصطفى سليمان أبو الطيب الهوارى

د مصطفى سليمان ابوالطيب ابويوسف عايد الهوارى من مواليد محافظة الاسكندرية 8-6-1973 الاصل من محافظه اسيوط مركز صدفا قرية الدوير عايد قبيلة هوارة عايد الهوارى دكتوراة فى التاريخ الاسلامى فى انساب القبائل العربية عام 2015 من اكاديمة مشكاة للدرسات الاسلامية عن القبائل النازحة لمصر عقب الفتح الاسلامى سفير النوايا الحسنة المنظمه الضمير العالمى لحقوق الإنسان إحدى منظمات التابعه للامم المتحده رئيس ومؤسس الجمعية الخيرية لأبناء الهوارة عام 2012 المشهرة برقم 3107 ومؤلف مجلد قاموس القبائل العربية المصرية( مفاتيح الانارة فى انساب قبائل العرب والمرابطين والهوارة) و موسوعه القبائل والعائلات العربية والمصرية وهم1-تاريخ الامارة فى أنساب قبائل وعائلات الهوارة 2- القول السليم فى بطون وعشائر بنى سليم 3- القول المتين فى تاريخ وأنساب قبائل المرابطين وبنى سليم 4-رجال العصر فى أنسابهوازن وبنى هلال وبنى نصر 5-الأقوال الجلية فى أنساب وقبائل سيناء والشرقية -6-القول الشاف فى أنساب قبائل الأنصار والأشراف و الامين العام لمجلس للقبائل المصرية والعربية بالاسكندرية حاصل على درع وشهادة تقدير من المجلس المصرى للقبائل المصرية والعربية رئيس اللجنة العليا لدعم الجيش والشرطة والمصالحات بالمنظمة المصرية لحقوق الانسان بالاسكندرية حاصل على شهادة تفدير من المنظمة المصرية لحقوق الانسان [رئيس الجمعية الخيرية لأبناء محافظة أسيوطفرع عبدالقادرالعامرية الإسكندرية/ وكيل مؤسسين حزب التحرير العربى حزب لم يكتمل امين عام التنظيم بحزب مصر الثورة سابقا مرشح مجلس الشعب بالدائرة الرابعه بالاسكندرية عن الشباب والجمعيات الاهلية عام 2011 حاصل على العديد من شهادات التقدير من الجمعيات الاهلية والمجالس عن دورة فى المجتمع المدنى رئيس لجنة المساعدات الطبية بالجمعيات الاهلية شعبة العامرية وباحث ومؤرخ فى تاريخ القبائل العربية بمصر والوطن العربى موبايل رقم 01224369577 01002920977 01119825377
من هـو د:مصطفي سليمان أبوالطيب أبوعايـد الهواري د:مصـطفى سليمان السـيد أبو الطيب محمد أبو الطيب محمد أبويـوسف بن شيخ العـرب محمد بن شيخ عربان هوارة حمد بن شيخ العرب محمود بن شيخ العرب حمد بن الأمير حماد بن الأمير ريان بن الأمير عايد الهوارى الملقب بسيد العرب الأمير منصور بن الأمير ناصر بن الأميرسليم بن الأمير بهنان بن الأمير عوف بن الأمير مالك بن الأمير ناصر بن الأمير قيس بن الأميرالحارث بن الأمير سعد بن الأمير مالك بن الأميرغندور بن الأمير سرحان بن الأمير مالك بن الأميرعمرو بن الأمير عمارة بن الأمير عمران بن الأمير حمدان بن الأمير عامر بن الأمير عمرو بن سعد بن مسعود بن عمر بن عمير بن عامر بن ربيعة بن معاوية بن عامر بن ربيعة فارس العرب الذى قتل أول فارسى فى معركة القادسية منه بنو ربيعه بن عثمان بن ربيعة بن النابغة بن عنز بن حبيب بن وائلة بن دهمان ومنه بنو دهمان بن نصر ومنه بنو نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن ومنه القبائل الهوازنية بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس ومنه القبائل القيسية بن عيلان بن مضر ومنه بنو مضر بن نزار بن معد بن عدنان هو جد القبائل العدنانية بجزيرة العرب بن أد بن أدد بن هميسع بن سلامان ابن عوص بن بوز بن قموال بن أبي بن عوام بن ناشد بن بلداس بن يدلاف بن طانج بن جاحم بن ناحش بن ماخي بن عيض بن عبقر بن عبيد بن الدعا بن حمدان بن سنبر بن يثربي بن يحزن بن يلحن بن ارعوى بن عيض بن ديشان بن عيص بن أفناد بن أيهام بن مقصر بن ناحث بن زارح بن سمي بن مزي بن عوضه بن عرام بن قيدار بن إسماعيل عليه السلام بن إبراهيم عليه السلام أبن تارح بن ناحور بن ساروع أو ساروغ بن راعو بن فالخ بن عابر بن شالخ ابن ارفخشد بن سام بن نوح عليه السلام بن لامك بن متوشلخ بن أخنوخ بن إدريس عليه السلام ابن يرد بن مهلائيل بن قينان بن آنوشة بن شيت بن آدم عليهما السلام من مواليد محافظـة الإسكندرية 8-6-1973 الأصل من محافظه أسيوط مركز صدفا قرية الدوير عايد قبيـلة هوارة عايد الهوارى مسقـط رأس شيـخ مشايـخ عربان هوارة أسيوط الأمير عايد الهواري الملقب بسيـد العرب دكتوراة فى التاريخ الاسلامى فى انساب القبائل العربية عام 2015 من اكاديمية مشكـاة للدرسات العربية والاسلامية عن القبائـل النازحة لمصـر عقب الفتح الاسلامى سفير النوايا الحسنة المنظمه الضمير العالمى لحقوق الإنسان إحدى منظمات التابعه للامم المتحده رئيس ومؤسس الجمعية الخيرية لأبناء هوارة عام 2012 المشهرة برقم 3107 سفيـر النوايا الحسنة من منظـمة الضميـر التابعة للامم المتحدة ومؤلف مجـلد قاموس القبائل العربية المصرية 1:مفاتيح الانارة فى انساب قبائل العرب والمرابطين والهوارة 2:موسوعه القبائل والعائلات العربية والمصرية وهــم 1:تاريخ الامارة فى أنساب قبائل وعائلات الهوارة 2: القول السليم فى بطون وعشائر بنى سليم 3:القول المتين فى تاريخ وأنساب قبائل المرابطين وبنى سليم 4:رجال العصر فى أنساب هوازن وبنى هلال وبنى نصر 5:الأقوال الجلية فى أنساب وقبائل سيناء والشرقية 6:القول الشاف فى أنساب قبائل الأنصار والأشراف الامين العام لمجلس القبائل المصرية والعربية بالإسكندرية حاصل على درع وشهادة تقدير من المجلس المصري للقبائل المصرية والعربية رئيس اللجنة العليا لدعم الجيش والشرطة والمصالحات بالمنظمة المصرية لحقوق الانسان بالإسكندرية حاصل على شهادة تقدير من المنظمة المصرية لحقوق الانسان رئيس الجمعية الخيرية لأبناء محافظة أسيوط فرع عبدالقادر العامرية الإسكندرية وكيل مؤسسين حزب التحرير العربي حزب لم يكتمل امين عام التنظـيم بحزب مصر الثـورة سابقاً مرشح مجلس الشعب بالدائرة الرابعة بالإسكندرية عن الشباب والجمعيات الاهلية عام 2011 حاصـل على العديد من شهادات التقدير من الجمعيات الاهلية والمجالس عن دورة فى المجتمع المدني. رئيس لجـنة المساعدات الطبية بالجمعيات الاهلية شعبة العامرية باحث ومؤرخ فى تاريخ القبائل العربية والمصرية بمصر والوطن العربي أمين عام المجلس الأعلى للقبائل العربية والمصرية بالإسكندريــة
من هـو د:مصطفي سليمان أبوالطيب أبوعايـد الهواري د:مصـطفى سليمان السـيد أبو الطيب محمد أبو الطيب محمد أبويـوسف بن شيخ العـرب محمد بن شيخ عربان هوارة حمد بن شيخ العرب محمود بن شيخ العرب حمد بن الأمير حماد بن الأمير ريان بن الأمير عايد الهوارى الملقب بسيد العرب الأمير منصور بن الأمير ناصر بن الأميرسليم بن الأمير بهنان بن الأمير عوف بن الأمير مالك بن الأمير ناصر بن الأمير قيس بن الأميرالحارث بن الأمير سعد بن الأمير مالك بن الأميرغندور بن الأمير سرحان بن الأمير مالك بن الأميرعمرو بن الأمير عمارة بن الأمير عمران بن الأمير حمدان بن الأمير عامر بن الأمير عمرو بن سعد بن مسعود بن عمر بن عمير بن عامر بن ربيعة بن معاوية بن عامر بن ربيعة فارس العرب الذى قتل أول فارسى فى معركة القادسية منه بنو ربيعه بن عثمان بن ربيعة بن النابغة بن عنز بن حبيب بن وائلة بن دهمان ومنه بنو دهمان بن نصر ومنه بنو نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن ومنه القبائل الهوازنية بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس ومنه القبائل القيسية بن عيلان بن مضر ومنه بنو مضر بن نزار بن معد بن عدنان هو جد القبائل العدنانية بجزيرة العرب بن أد بن أدد بن هميسع بن سلامان ابن عوص بن بوز بن قموال بن أبي بن عوام بن ناشد بن بلداس بن يدلاف بن طانج بن جاحم بن ناحش بن ماخي بن عيض بن عبقر بن عبيد بن الدعا بن حمدان بن سنبر بن يثربي بن يحزن بن يلحن بن ارعوى بن عيض بن ديشان بن عيص بن أفناد بن أيهام بن مقصر بن ناحث بن زارح بن سمي بن مزي بن عوضه بن عرام بن قيدار بن إسماعيل عليه السلام بن إبراهيم عليه السلام أبن تارح بن ناحور بن ساروع أو ساروغ بن راعو بن فالخ بن عابر بن شالخ ابن ارفخشد بن سام بن نوح عليه السلام بن لامك بن متوشلخ بن أخنوخ بن إدريس عليه السلام ابن يرد بن مهلائيل بن قينان بن آنوشة بن شيت بن آدم عليهما السلام من مواليد محافظـة الإسكندرية 8-6-1973 الأصل من محافظه أسيوط مركز صدفا قرية الدوير عايد قبيـلة هوارة عايد الهوارى مسقـط رأس شيـخ مشايـخ عربان هوارة أسيوط الأمير عايد الهواري الملقب بسيـد العرب دكتوراة فى التاريخ الاسلامى فى انساب القبائل العربية عام 2015 من اكاديمية مشكـاة للدرسات العربية والاسلامية عن القبائـل النازحة لمصـر عقب الفتح الاسلامى سفير النوايا الحسنة المنظمه الضمير العالمى لحقوق الإنسان إحدى منظمات التابعه للامم المتحده رئيس ومؤسس الجمعية الخيرية لأبناء هوارة عام 2012 المشهرة برقم 3107 سفيـر النوايا الحسنة من منظـمة الضميـر التابعة للامم المتحدة ومؤلف مجـلد قاموس القبائل العربية المصرية 1:مفاتيح الانارة فى انساب قبائل العرب والمرابطين والهوارة 2:موسوعه القبائل والعائلات العربية والمصرية وهــم 1:تاريخ الامارة فى أنساب قبائل وعائلات الهوارة 2: القول السليم فى بطون وعشائر بنى سليم 3:القول المتين فى تاريخ وأنساب قبائل المرابطين وبنى سليم 4:رجال العصر فى أنساب هوازن وبنى هلال وبنى نصر 5:الأقوال الجلية فى أنساب وقبائل سيناء والشرقية 6:القول الشاف فى أنساب قبائل الأنصار والأشراف الامين العام لمجلس القبائل المصرية والعربية بالإسكندرية حاصل على درع وشهادة تقدير من المجلس المصري للقبائل المصرية والعربية رئيس اللجنة العليا لدعم الجيش والشرطة والمصالحات بالمنظمة المصرية لحقوق الانسان بالإسكندرية حاصل على شهادة تقدير من المنظمة المصرية لحقوق الانسان رئيس الجمعية الخيرية لأبناء محافظة أسيوط فرع عبدالقادر العامرية الإسكندرية وكيل مؤسسين حزب التحرير العربي حزب لم يكتمل امين عام التنظـيم بحزب مصر الثـورة سابقاً مرشح مجلس الشعب بالدائرة الرابعة بالإسكندرية عن الشباب والجمعيات الاهلية عام 2011 حاصـل على العديد من شهادات التقدير من الجمعيات الاهلية والمجالس عن دورة فى المجتمع المدني. رئيس لجـنة المساعدات الطبية بالجمعيات الاهلية شعبة العامرية باحث ومؤرخ فى تاريخ القبائل العربية والمصرية بمصر والوطن العربي أمين عام المجلس الأعلى للقبائل العربية والمصرية بالإسكندريــة
من هـو د:مصطفي سليمان أبوالطيب أبوعايـد الهواري د:مصـطفى سليمان السـيد أبو الطيب محمد أبو الطيب محمد أبويـوسف بن شيخ العـرب محمد بن شيخ عربان هوارة حمد بن شيخ العرب محمود بن شيخ العرب حمد بن الأمير حماد بن الأمير ريان بن الأمير عايد الهوارى الملقب بسيد العرب الأمير منصور بن الأمير ناصر بن الأميرسليم بن الأمير بهنان بن الأمير عوف بن الأمير مالك بن الأمير ناصر بن الأمير قيس بن الأميرالحارث بن الأمير سعد بن الأمير مالك بن الأميرغندور بن الأمير سرحان بن الأمير مالك بن الأميرعمرو بن الأمير عمارة بن الأمير عمران بن الأمير حمدان بن الأمير عامر بن الأمير عمرو بن سعد بن مسعود بن عمر بن عمير بن عامر بن ربيعة بن معاوية بن عامر بن ربيعة فارس العرب الذى قتل أول فارسى فى معركة القادسية منه بنو ربيعه بن عثمان بن ربيعة بن النابغة بن عنز بن حبيب بن وائلة بن دهمان ومنه بنو دهمان بن نصر ومنه بنو نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن ومنه القبائل الهوازنية بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس ومنه القبائل القيسية بن عيلان بن مضر ومنه بنو مضر بن نزار بن معد بن عدنان هو جد القبائل العدنانية بجزيرة العرب بن أد بن أدد بن هميسع بن سلامان ابن عوص بن بوز بن قموال بن أبي بن عوام بن ناشد بن بلداس بن يدلاف بن طانج بن جاحم بن ناحش بن ماخي بن عيض بن عبقر بن عبيد بن الدعا بن حمدان بن سنبر بن يثربي بن يحزن بن يلحن بن ارعوى بن عيض بن ديشان بن عيص بن أفناد بن أيهام بن مقصر بن ناحث بن زارح بن سمي بن مزي بن عوضه بن عرام بن قيدار بن إسماعيل عليه السلام بن إبراهيم عليه السلام أبن تارح بن ناحور بن ساروع أو ساروغ بن راعو بن فالخ بن عابر بن شالخ ابن ارفخشد بن سام بن نوح عليه السلام بن لامك بن متوشلخ بن أخنوخ بن إدريس عليه السلام ابن يرد بن مهلائيل بن قينان بن آنوشة بن شيت بن آدم عليهما السلام من مواليد محافظـة الإسكندرية 8-6-1973 الأصل من محافظه أسيوط مركز صدفا قرية الدوير عايد قبيـلة هوارة عايد الهوارى مسقـط رأس شيـخ مشايـخ عربان هوارة أسيوط الأمير عايد الهواري الملقب بسيـد العرب دكتوراة فى التاريخ الاسلامى فى انساب القبائل العربية عام 2015 من اكاديمية مشكـاة للدرسات العربية والاسلامية عن القبائـل النازحة لمصـر عقب الفتح الاسلامى رئيس ومؤسس الجمعية الخيرية لأبناء هوارة عام 2012 المشهرة برقم 3107 سفيـر النوايا الحسنة من منظـمة الضميـر التابعة للامم المتحدة ومؤلف مجـلد قاموس القبائل العربية المصرية 1:مفاتيح الانارة فى انساب قبائل العرب والمرابطين والهوارة 2:موسوعه القبائل والعائلات العربية والمصرية وهــم 1:تاريخ الامارة فى أنساب قبائل وعائلات الهوارة 2: القول السليم فى بطون وعشائر بنى سليم 3:القول المتين فى تاريخ وأنساب قبائل المرابطين وبنى سليم 4:رجال العصر فى أنساب هوازن وبنى هلال وبنى نصر 5:الأقوال الجلية فى أنساب وقبائل سيناء والشرقية 6:القول الشاف فى أنساب قبائل الأنصار والأشراف الامين العام لمجلس القبائل المصرية والعربية بالإسكندرية حاصل على درع وشهادة تقدير من المجلس المصري للقبائل المصرية والعربية رئيس اللجنة العليا لدعم الجيش والشرطة والمصالحات بالمنظمة المصرية لحقوق الانسان بالإسكندرية حاصل على شهادة تقدير من المنظمة المصرية لحقوق الانسان رئيس الجمعية الخيرية لأبناء محافظة أسيوط فرع عبدالقادر العامرية الإسكندرية وكيل مؤسسين حزب التحرير العربي حزب لم يكتمل امين عام التنظـيم بحزب مصر الثـورة سابقاً مرشح مجلس الشعب بالدائرة الرابعة بالإسكندرية عن الشباب والجمعيات الاهلية عام 2011 حاصـل على العديد من شهادات التقدير من الجمعيات الاهلية والمجالس عن دورة فى المجتمع المدني. رئيس لجـنة المساعدات الطبية بالجمعيات الاهلية شعبة العامرية باحث ومؤرخ فى تاريخ القبائل العربية والمصرية بمصر والوطن العربي أمين عام المجلس الأعلى للقبائل العربية والمصرية بالإسكندريــة

من هـو د:مصطفي سليمان أبوالطيب أبوعايـد الهواري د:مصـطفى سليمان السـيد أبو الطيب محمد أبو الطيب محمد أبويـوسف بن شيخ العـرب محمد بن شيخ عربان هوارة حمد بن شيخ العرب محمود بن شيخ العرب حمد بن الأمير حماد بن الأمير ريان بن الأمير عايد الهوارى الملقب بسيد العرب الأمير منصور بن الأمير ناصر بن الأميرسليم بن الأمير بهنان بن الأمير عوف بن الأمير مالك بن الأمير ناصر بن الأمير قيس بن الأميرالحارث بن الأمير سعد بن الأمير مالك بن الأميرغندور بن الأمير سرحان بن الأمير مالك بن الأميرعمرو بن الأمير عمارة بن الأمير عمران بن الأمير حمدان بن الأمير عامر بن الأمير عمرو بن سعد بن مسعود بن عمر بن عمير بن عامر بن ربيعة بن معاوية بن عامر بن ربيعة فارس العرب الذى قتل أول فارسى فى معركة القادسية منه بنو ربيعه بن عثمان بن ربيعة بن النابغة بن عنز بن حبيب بن وائلة بن دهمان ومنه بنو دهمان بن نصر ومنه بنو نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن ومنه القبائل الهوازنية بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس ومنه القبائل القيسية بن عيلان بن مضر ومنه بنو مضر بن نزار بن معد بن عدنان هو جد القبائل العدنانية بجزيرة العرب بن أد بن أدد بن هميسع بن سلامان ابن عوص بن بوز بن قموال بن أبي بن عوام بن ناشد بن بلداس بن يدلاف بن طانج بن جاحم بن ناحش بن ماخي بن عيض بن عبقر بن عبيد بن الدعا بن حمدان بن سنبر بن يثربي بن يحزن بن يلحن بن ارعوى بن عيض بن ديشان بن عيص بن أفناد بن أيهام بن مقصر بن ناحث بن زارح بن سمي بن مزي بن عوضه بن عرام بن قيدار بن إسماعيل عليه السلام بن إبراهيم عليه السلام أبن تارح بن ناحور بن ساروع أو ساروغ بن راعو بن فالخ بن عابر بن شالخ ابن ارفخشد بن سام بن نوح عليه السلام بن لامك بن متوشلخ بن أخنوخ بن إدريس عليه السلام ابن يرد بن مهلائيل بن قينان بن آنوشة بن شيت بن آدم عليهما السلام من مواليد محافظـة الإسكندرية 8-6-1973 الأصل من محافظه أسيوط مركز صدفا قرية الدوير عايد قبيـلة هوارة عايد الهوارى مسقـط رأس شيـخ مشايـخ عربان هوارة أسيوط الأمير عايد الهواري الملقب بسيـد العرب دكتوراة فى التاريخ الاسلامى فى انساب القبائل العربية عام 2015 من اكاديمية مشكـاة للدرسات العربية والاسلامية عن القبائـل النازحة لمصـر عقب الفتح الاسلامى رئيس ومؤسس الجمعية الخيرية لأبناء هوارة عام 2012 المشهرة برقم 3107 سفيـر النوايا الحسنة من منظـمة الضميـر التابعة للامم المتحدة ومؤلف مجـلد قاموس القبائل العربية المصرية 1:مفاتيح الانارة فى انساب قبائل العرب والمرابطين والهوارة 2:موسوعه القبائل والعائلات العربية والمصرية وهــم 1:تاريخ الامارة فى أنساب قبائل وعائلات الهوارة 2: القول السليم فى بطون وعشائر بنى سليم 3:القول المتين فى تاريخ وأنساب قبائل المرابطين وبنى سليم 4:رجال العصر فى أنساب هوازن وبنى هلال وبنى نصر 5:الأقوال الجلية فى أنساب وقبائل سيناء والشرقية 6:القول الشاف فى أنساب قبائل الأنصار والأشراف الامين العام لمجلس القبائل المصرية والعربية بالإسكندرية حاصل على درع وشهادة تقدير من المجلس المصري للقبائل المصرية والعربية رئيس اللجنة العليا لدعم الجيش والشرطة والمصالحات بالمنظمة المصرية لحقوق الانسان بالإسكندرية حاصل على شهادة تقدير من المنظمة المصرية لحقوق الانسان رئيس الجمعية الخيرية لأبناء محافظة أسيوط فرع عبدالقادر العامرية الإسكندرية وكيل مؤسسين حزب التحرير العربي حزب لم يكتمل امين عام التنظـيم بحزب مصر الثـورة سابقاً مرشح مجلس الشعب بالدائرة الرابعة بالإسكندرية عن الشباب والجمعيات الاهلية عام 2011 حاصـل على العديد من شهادات التقدير من الجمعيات الاهلية والمجالس عن دورة فى المجتمع المدني. رئيس لجـنة المساعدات الطبية بالجمعيات الاهلية شعبة العامرية باحث ومؤرخ فى تاريخ القبائل العربية والمصرية بمصر والوطن العربي أمين عام المجلس الأعلى للقبائل العربية والمصرية بالإسكندريــة

    غزوة حُنين أو غزوة هوازن

    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14467
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    غزوة حُنين أو غزوة هوازن Empty غزوة حُنين أو غزوة هوازن

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الأربعاء أغسطس 05, 2015 1:36 pm

    غزوة حُنين أو غزوة هوازن
    موقع حُنين

    حُنين واد قرب الطائف، بينه وبين مكّة ثلاث ليال، أو بضعة عشر ميلاً.
    تاريخ الغزوة

    خرج رسول الله(صلى الله عليه وآله) إلى حُنين لثلاث ليال خلون من شوال سنة ثمان من الهجرة، ووصل إليها لعشر ليال خلون من شوال.
    سبب الغزوة

    لمّا فتح الله تعالى على رسوله(صلى الله عليه وآله) مكّة، أطاعته قبائل العرب إلّا هوازن وثقيفاً، فإنّهم كانوا طغاة عتاة مردة، فلمّا سمعت هوازن بفتح مكّة على يد رسول الله(صلى الله عليه وآله)، جمعها رئيسها مالك بن عوف النصري، فاجتمع إليه مع هوازن ثقيف كلّها، وكانوا اجتمعوا حين بلغهم خروجه(صلى الله عليه وآله) من المدينة، فظنّوا أنّه إنّما يريدهم، فلمّا بلغهم أنّه أتى مكّة عمدوا لحربه بعد مقامه بمكّة نصف شهر.

    فجاؤوا حتّى نزلوا بحُنين، وحطّ مالك معهم النساء والصبيان والأموال، وبلغ رسول الله(صلى الله عليه وآله) ما أجمعت عليه هوازن من حربه، فتهيّأ لقتالهم(1).
    عدد الجيش

    خرج مع رسول الله(صلى الله عليه وآله) اثنا عشر ألفاً، عشرة آلاف من أصحابه الذين فتح بهم مكّة، وألفان من مسلمة الفتح، وخرج جيش العدو بثلاثين ألفاً.
    تعبئة الجيش

    عمد مالك بن عوف إلى أصحابه فعبّأهم في وادي حُنين، وكمنوا في شعاب الوادي بإشارة دريد بن الصمّة، فإنّه قال لمالك: اجعل لك كميناً، إن حمل عليك القوم جاءهم الكمين من خلفهم، وكَرَرتَ أنت بمن معك، وإن كانت الحملة لك لم يفلت من القوم أحد.

    وعبّأ رسول الله(صلى الله عليه وآله) أصحابه في السحر وصفّهم صفوفاً، ووضع الألوية والرايات في أهلها، مع المهاجرين لواء يحمله علي بن أبي طالب(عليه السلام)، وراية يحملها سعد بن أبي وقّاص، ومع الأنصار لواء للأوس مع أسيد بن حضير، ولواء للخزرج مع سعد بن عبادة، ومع قبائل العرب ألوية ورايات، وانحدر رسول الله(صلى الله عليه وآله) في وادي حُنين على تعبئة، وركب بغلته البيضاء، ولبس درعين والمغفر.
    وقوع الحرب وهزيمة الناس

    لمّا وصل رسول الله(صلى الله عليه وآله) إلى وادي حُنين، وإذا بالعدو قد سبقهم إليه، فأحاطوا برسول الله(صلى الله عليه وآله) وجيشه وحملوا عليهم حملة رجل واحد، فانهزم الناس خوفاً منهم، أخذ ينادي(صلى الله عليه وآله): «أيّها الناس هلمّوا إليّ، أنا رسول الله محمّد بن عبد الله»، فلا يأتيه أحد!

    ولمّا رأى(صلى الله عليه وآله) هزيمة القوم عنه قال للعباس ـ وكان صيّتاً جهوري الصوت: «ناد القوم وذكّرهم العهد»، فنادى بأعلى صوته: يا أهل بيعة الشجرة، يا أصحاب سورة البقرة! إلى أين تفرّون؟ اذكروا العهد الذي عاهدتم عليه رسول الله(صلى الله عليه وآله)(2).
    الذين ثبتوا ولم ينهزموا

    إنّ الذين ثبتوا مع رسول الله(صلى الله عليه وآله) يوم حُنين بعد هزيمة الناس هم: علي بن أبي طالب(عليه السلام)، والعباس بن عبد المطّلب، والفضل بن العباس بن عبد المطّلب، وربيعة بن الحارث بن عبد المطّلب، ونوفل بن الحارث بن عبد المطّلب، وعبد الله بن الزبير بن عبد المطّلب، وعتبة ومعتب ابنا أبي لهب، وأيمن بن عبيد، وهو ابن أُمّ أيمن مولاة رسول الله(صلى الله عليه وآله) وحاضنته، وقد قُتل يوم حُنين.

    وقال العباس بن عبد المطّلب في ذلك:

    نصرنا رسول الله في الحرب تسعة ** وقد فرّ مَن قد فرّ منهم واقشعوا

    وقولي إذا ما الفضل شدّ بسيفه ** على القوم أُخرى يا بُني ليرجعوا

    وعاشرنا لاقى الحمام بسيفه ** بما مسّه في الله لا يتوجّع

    يعني أيمن بن عبيد.

    وقال الشيخ المفيد(قدس سره): «لم يبق مع النبي(صلى الله عليه وآله) إلّا عشرة نفر، تسعة من بني هاشم خاصّة، والعاشر أيمن ابن أُمّ أيمن»(3).
    هزيمة العدو ونصرة المسلمين

    قال الشيخ المفيد(قدس سره): «وأقبل رجل من هوازن على جمل له أحمر بيده راية سوداء في رأس رمح طويل أمام القوم، إذا أدرك ظفراً من المسلمين اكبّ عليهم، وإذا فاته الناس رفعه لمن وراءه من المشركين فاتّبعوه، وهو يرتجز ويقول:

    أنا أبو جرول لا براح ** حتّى نبيح القوم أو نباح

    فصمد له علي(عليه السلام) فضرب عجز بعيره فصرعه، ثمّ ضربه فقطره، ثمّ قال:

    قد علم القوم لدى الصباح ** إنّي في الهيجاء ذو نطاح

    فكانت هزيمة المشركين بقتل أبي جرول، ثمّ التأم الناس وصُفّوا للعدو، فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «اللّهمّ إنّك أذقت أوّل قريش نكالاً، فأذق آخرها نوالاً»، وتجالد المسلمون والمشركون، فلمّا رآهم النبي(صلى الله عليه وآله) قام في ركابي سرجه حتّى أشرف على جماعتهم، وقال: «الآن حمي الوطيس»:

    أنا النبي لا كذب ** أنا ابن عبد المطّلب

    فما كان بأسرع من أن ولّى القوم أدبارهم، وجيء بالأسرى إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله) مكتّفين(4).

    قال سلمة بن الأكوع: «ونزل رسول الله(صلى الله عليه وآله) عن البغلة، ثمّ قبض قبضة من تراب، ثمّ استقبل به وجوههم وقال: "شاهت الوجوه"، فما خلق الله منهم إنساناً إلّا ملأ عينيه تراباً بتلك القبضة، فولّوا مدبرين، واتبعهم المسلمون فقتلوهم، وغنّمهم الله نساءهم وذراريهم وشاءهم وأموالهم»(5).

    ولمّا انهزم المشركون أتوا الطائف ومعهم مالك بن عوف، وعسكر بعضهم بأوطاس، وتوجّه بعضهم نحو نخلة.

    ثمّ جُمعت إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله) سبايا حُنين وأموالها، فأمر رسول الله(صلى الله عليه وآله) بالسبايا والأموال إلى الجعرانة فحُبست بها، وأخّر قسمتها حتّى رجع من حصار الطائف.
    نزول آيات قرآنية

    وحول ما حصل في حُنين من فرار الناس عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) أنزل الله تعالى قوله: )وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثمّ وَلّيْتُم مُّدْبِرِينَ ثمّ أَنَزلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لّمْ تَرَوْهَا((6).

    قال الشيخ المفيد(قدس سره): «يعني بالمؤمنين علياً ومن ثبت معه من بني هاشم، أو عامّة المؤمنين الذين رجعوا بعد الهزيمة، وكان رجوعهم بثباته(عليه السلام) ومن معه، ومحاماته عن النبي(صلى الله عليه وآله)، وحفظه من القتل»(7).
    غزوة أوطاس والطائف

    قال الشيخ المفيد(قدس سره): «ولمّا فضّ الله جمع المشركين بحُنين، تفرّقوا فرقتين: فأخذت الأعراب ومن تبعهم إلى أوطاس، وأخذت ثقيف ومن تبعها إلى الطائف، فبعث النبي(صلى الله عليه وآله) أبا عامر الأشعري إلى أوطاس في جماعة منهم أبو موسى الأشعري.

    وبعث أبا سفيان صخر بن حرب إلى الطائف، فأمّا أبو عامر فإنّه تقدّم بالراية، وقاتل حتّى قُتل، فقال المسلمون لأبي موسى: أنت ابن عمّ الأمير وقد قُتل، فخذ الراية حتّى تقاتل دونها، فأخذها أبو موسى فقاتل المسلمون حتّى فتح الله عليهم.

    وأمّا أبو سفيان فإنّه لقيته ثقيف فضربوه على وجهه، فانهزم ورجع إلى النبي(صلى الله عليه وآله)، فقال: بعثتني مع قوم لا يرقع بهم الدلاء من هذيل والأعراب، فما أغنوا عنّي شيئاً! فسكت النبي(صلى الله عليه وآله) عنه.

    ثمّ سار بنفسه(صلى الله عليه وآله) إلى الطائف فحاصرهم أيّاماً، وأنفذ علياً(عليه السلام) في خيل وأمره أن يطأ ما وجده، ويكسر كلّ صنم وجده، فخرج حتّى لقيته خيل خثعم في جمع كثير، فبرز له رجل من القوم يقال له شهاب في غبش الصبح.

    فقال: هل من مبارز؟ فقال أمير المؤمنين(عليه السلام): "من له"؟ فلم يقم إليه أحد، فقام إليه أمير المؤمنين(عليه السلام) فوثب أبو العاص بن الربيع، فقال: تكفاه أيّها الأمير، فقال: "لا، ولكن إن قُتلت فأنت على الناس"، فبرز إليه علي(عليه السلام) وهو يقول:

    إنّ على كلّ رئيس حقّاً ** إن يروي الصعدة أو تدقّا

    ثمّ ضربه وقتله، مضى في تلك الخيل حتّى كسر الأصنام، وعاد إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله) وهو محاصر لأهل الطائف، فلمّا رآه النبي(صلى الله عليه وآله) كبّر للفتح، وأخذ بيده فخلا به وناجاه طويلاً»(Cool.
    خلوة النبي(صلى الله عليه وآله) بعلي(عليه السلام)

    قال جابر بن عبد الله الأنصاري: «إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) لمّا خلا بعلي يوم الطائف، أتاه بعض المهاجرين فقال: أتناجيه دوننا، وتخلو به؟

    فقال: "ما أنا انتجيته، بل الله انتجاه"، فأعرض وهو يقول: هذا كما قلت لنا قبل الحُديبية لتدخلنّ المسجد الحرام إن شاء الله آمنين فلم ندخله، وصُددنا عنه، فناداه النبي(صلى الله عليه وآله): "لم أقل لكم أنّكم تدخلونه من ذلك العام"(9).
    تقسيم الغنائم

    رجع رسول الله(صلى الله عليه وآله) إلى الجعرانة بمن معه من الناس، وقسّم بها ما أصاب من الغنائم يوم حُنين، وهي: ستّة آلاف من الذراري والنساء، ومن البهائم ما لا يُحصى ولا يُدرى(10).
    من السبايا

    وقد كان فيما سُبي أُخته بنت حليمة السعدية، فلمّا قامت على رأسه قالت: يا محمّد أُختك شيماء بنت حليمة، فنزع رسول الله(صلى الله عليه وآله) برده فبسطه لها فأجلسها عليه، ثمّ أكبّ عليها يسألها، وهي التي كانت تحضنه إذ كانت أُمّها ترضعه(11).

    ـــــــــــــــــــــــــــ


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14467
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    غزوة حُنين أو غزوة هوازن Empty رد: غزوة حُنين أو غزوة هوازن

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الأربعاء أغسطس 05, 2015 1:40 pm

    غزوة حنين
    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

    أمَّا بَعْد: فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

    ومع يوم من أيام الله الخالدة التي جعلها لرسوله عليه الصلاة والسلام، ومع الإمام محمد بن إسماعيل البخاري وهو ينتقل بنا في صحيحه إلى غزوة من غزوات المصطفى صلى الله عليه وسلم, ينتقل بنا من المدينة المنورة إلى وادي حنين في تهامة بين الطائف و مكة , لينقل لنا مشهداً تاريخياً من المعركة العالمية التي خاضها رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه, وشارك فيها أصحابه الأطهار من المهاجرين والأنصار, والتي ذكرها الله في كتابه في سورة التوبة فقال: { لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ * ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ * ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [التوبة:25-27] .



    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14467
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    غزوة حُنين أو غزوة هوازن Empty رد: غزوة حُنين أو غزوة هوازن

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الأربعاء أغسطس 05, 2015 1:41 pm

    يوم من أيام الله
    تحدث الشيخ -حفظه الله- عن غزوة من غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم وهي غزوة حنين, وذكر أسباب هذه الغزوة وما عاناه المسلمون من بداية الهزيمة، بسبب افتخارهم بقوتهم, فأدبهم الله بهذا الأدب ليعلموا أن القوة لله جميعاً وأن النصر من عنده وحده.

    وأوضح الشيخ مواقف الرسول صلى الله عليه وسلم وثباته وشجاعته في الحروب وأدبه مع الأسرى, وإكرامه وتأليفه لوجهاء القبائل الذين يرجى منهم الإسلام، ثم ختم حديثه بدروس مستفادة من هذه الغزوة.



    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14467
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    غزوة حُنين أو غزوة هوازن Empty رد: غزوة حُنين أو غزوة هوازن

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الأربعاء أغسطس 05, 2015 1:42 pm

    الرسول يواسي الأنصار بعد غزوة حنين
    قال الإمام البخاري رحمه الله: (باب غزوة حنين) حدثنا محمد بن عبد الله -أي المسندي - حدثنا هشام حدثنا معمر عن الزهري عن أنس بن مالك رضي الله عنه وأرضاه، قال: { أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض العرب الذين شهدوا حنيناً , كلاً منهم مائة ناقة، وترك الأنصار.

    فاجتمع الأنصار وقالوا: غفر الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي قريشاً وسيوفنا تقطر من دمائهم أفلا يعطينا؟!
    فسمع عليه الصلاة والسلام ذلك, فجمعهم في حظيرة -وفي رواية الزهري في قبة من أدم- ثم أشرف عليهم وقال: يا معشر الأنصار, ما قالة بلغتني عنكم؟
    قالوا: هو ما سمعت يا رسول الله، أما رؤساؤنا وفقهاؤنا فلم يقولوا شيئاً, وأما شبابنا فقالوا: غفر الله لرسول الله, يعطي قريشاً من المال ويدعنا وسيوفنا تقطر من دمائهم، فقام عليه الصلاة والسلام خطيباً.

    فقال: يا أيها الناس, صدقتموني وقد كذبني الناس، وآويتموني وقد طردني الناس، ونصرتموني وقد خذلني الناس.

    فقالوا: لله المنة ولرسوله، فرفع صوته.

    فقال: ألم آتكم ضلالاً فهداكم الله بي؟ قالوا: بلى.

    قال: وأتيتكم فقراء فأغناكم الله بي؟ قالوا: بلى.

    قال: وأتيتكم متخاذلين فألف الله بين قلوبكم بي؟ قالوا: بلى، والمنة لله ولرسوله.

    فرفع صوته وقال: يا معشر الأنصار, أما ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير, وتعودون برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رحالكم؟ فوالله لما تذهبون به إلى رحالكم خير مما يعود به الناس، يا معشر الأنصار, أنتم الشعار والناس الدثار, والله لو سلك الناس شعباً ووادياً لسلكت شعب الأنصار وواديهم، غفر الله للأنصار، ورحم الله الأنصار، ورحم الله أبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار, فارتفع بكاؤهم وقالوا: رضينا بالله رباً وبمحمد نبياً }.

    هذه الرواية جمعها البخاري وبددها وصنفها في كتابه على حسب ما رأى من إخراجه الفني في الصحيح رحمه الله رحمة واسعة.

    وهذا الحديث حدث عالمي هائل، وهو من أرق الأحاديث في السيرة النبوية, وهذا الحديث من أعظم خطبه عليه الصلاة والسلام، رواه الجمع عن الجمع وتناقله الأنصار عن الأنصار, وهو أعظم حديث للأنصار رضوان الله عليهم وأرضاهم، وكانت هذه القصة في معركة حنين الخالدة التي تناقلها أهل التاريخ والسير باستفاضة, وهي معركة مذهلة ذكرها الله عز وجل في كتابه, وجعل قسماً من سورة التوبة في حدث هذه الغزوة.



    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14467
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    غزوة حُنين أو غزوة هوازن Empty رد: غزوة حُنين أو غزوة هوازن

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الأربعاء أغسطس 05, 2015 1:42 pm

    أسباب غزوة حنين
    أما سببها: فإن الرسول عليه الصلاة والسلام حين فتح الله عليه مكة وانتهى منها في السنة الثامنة, سمع أن أهل الطائف اجتمعوا على مالك بن عوف النصري وهو شاب ذكي أريب شجاع, عمره يقارب الأربعين سنة، وهو من شباب العرب الشجعان، جمع قبائل هوازن التي هي قبائل الطائف ومنها: عتيبة الآن, وقبائل ثقيف وشيء من قبائل غطفان و نجد ومعهم بعض بني تميم, فجمعهم جميعاً ثم قال: أيها الناس يظن محمد أنه إذا فتح مكة -يعني رسول الهدى صلى الله عليه وسلم- أنه سوف يأتينا في الطائف , ثم حلف باللات والعزى لنقاتلنه قتالاً ما سمعت العرب بمثل هذا القتال، ثم قال: نخرج إليه ونلاقيه واخرجوا معكم بالإبل وبالبقر وبالغنم وبالنساء والأطفال, وأما النساء والأطفال فاجعلوهم صفين خلفكم, واجعلوا الإبل صفاً, والبقر صفاً, والغنم صفاً, حتى يخرج الرجل وهو يعلم أن وراءه أهله وماله فيقاتل عن أهله وماله.

    فخرج بهم, وسمع رسول الهدى صلى الله عليه وسلم أن هذا الرجل الشجاع العربي قد جمع قبائل العرب، وتوجه يريد ملاقاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان قوام جيشه اثنى عشر ألفاً كلهم من أشجع العرب, وهم أرمى العرب على الإطلاق, لا يرمي راميهم بالسهام إلا أصاب, وتوجه بهم في كتائب تتدفق كالسيول.


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14467
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    غزوة حُنين أو غزوة هوازن Empty رد: غزوة حُنين أو غزوة هوازن

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الأربعاء أغسطس 05, 2015 1:43 pm

    الإعداد النبوي للغزوة
    علم بذلك صلى الله عليه وسلم فقام خطيباً في الناس وأعلن الحرب على مالك بن عوف النصري , وعد كتائبه فكانت اثني عشر ألفاً من المقاتلين، فجعلهم عشر كتائب عليها عشرة قواد، ثم ذهب عليه الصلاة والسلام وتمركز في وادي حنين لأن المثل عند العرب: ما غزي قوم قط في عقر دارهم إلا ذلوا " والرسول صلى الله عليه وسلم يخاف أن يتقدموا إلى مكة أو إلى المدينة فيصعب عليهم مقاتلتهم, فباغتهم عليه الصلاة والسلام فلاقاهم في وادي تهامة في أرض يقال لها حنين .

    وبات عليه الصلاة والسلام في تلك الليلة ومعه اثنا عشر ألفاً, فيهم المؤمن الصادق الإيمان من أمثال أبي بكر الصديق و عمر و عثمان و علي ؛ الذي يقول أحدهم -من كثرة يقينه وإيمانه-: [[ والذي لا إله إلا هو لو كشف الله لي الحجاب ورأيت الجنة والنار ما زاد إيماني ويقيني مثقال ذرة ]] وفيهم مسلمو الفتح الذين أسلموا ترغيباً وترهيباً, وأسلموا رجاء الغنائم, ولما يدخل الإيمان في قلوبهم.

    ثم توقف عليه الصلاة والسلام فقال: من يحرسنا الليلة وله الجنة، فتبرع أصحابه وقاموا أمامه, وقال ابن أبي حدرد : أنا أحرسكم يا رسول الله على الشرط -أي على شرط الجنة- فصعد الجبل ومشى عليه الصلاة والسلام.

    فلما اقترب الفجر قال الرسول صلى الله عليه وسلم لحارسه ابن أبي حدرد : انتبه للقوم فإنا نخاف منهم أن يباغتونا في غسق من الليل -وكان عليه الصلاة والسلام يعرف هذه الأمور والقوم من رماة العرب- وإنا نخاف إذا رمونا أن تفر منا الخيل والإبل فلا يثبت أحد.

    فقال ابن أبي حدرد : لبيك وسعديك يا رسول الله، فقام في رأس الجبل, وكان مالك بن عوف النصري وقبائل العرب المقاتلة في جهة الوادي, والرسول عليه الصلاة والسلام في الجهة الأخرى, و ابن أبي حدرد في رأس الجبل.

    نام عليه الصلاة والسلام ونام أصحابه، فلما لمع الفجر وأذن المؤذن، قام صلى الله عليه وسلم فتوضأ وصلى ركعتي الفجر, وإذا بذاك الحارس سهر من أول الليل حتى أقبل الفجر ثم نام، وكان ذلك أمر الله: { وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً } [الأحزاب:38] فقام صلى الله عليه وسلم لما سمع المؤذن يؤذن في الناس للصلاة, ولما صلى الله عليه وسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم, وإذا الجبل كأن أعلاه أقبل على أسفله.

    قال ابن أبي حدرد : استيقظت فإذا مالك بن عوف النصري في أول كتيبة كأنها السيل الجرار شاكون في السلاح, قوامها ألف وقد وصل إلى جانبي, ووالله لا يمكنني إلا أن أرفع صوتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    فقال مالك بن عوف النصري : احبسوهم بالنبل, وكانوا من رماة العرب, فأخذوا يرمون من رءوس الجبال بالنبل, فصارت كالغمام على رءوس الناس، فطوقت معسكره عليه الصلاة والسلام, وأحدثت ذهولاً عاماً في الناس, وأخذت الخيول والإبل تفر في كل جهة.

    فقام عليه الصلاة والسلام ودعا الناس إلى المعركة وإلى أن يستقبلوا مالك بن عوف النصري ؛ أما الجبل فأقبل بعضه على بعض، ونزل الاثنا عشر ألفاً من الجبل جميعاً, ووراءهم الإبل ثم البقر ثم الغنم, وبين الإبل والمقاتلة النساء والأطفال.

    وقد قال دريد بن الصمة لـ مالك قبل المعركة وكان حكيماً من حكماء هوازن، وقد كان رجلاً أعشى لا يبصر كثيراً, وهو شاعر مشهور قال: يا مالك ! إنني أسمع بكاء الصغير ورغاء البعير وثغاء الشاة, فلماذا جمعت الناس وجمعت هذا الجيش؟ قال: إني أخاف أن يفروا إذا علموا أن أهلهم في ديارهم وأموالهم.

    قال: والله ما هذا بالرأي -ويحلف باللات- لا يرد المنهزم شيء.

    فأراد الناس أن ينخذلوا عن مالك بن عوف النصري , فسل سيفه وهو في الجبل, ثم قال: يا معشر العرب, إما وافقتموني هذا اليوم، وإلا اتكأت على سيفي حتى يخرج من ظهري، فقالوا: وافقناك، فكان لسان حال دريد بن الصمة :

    أمرتهم أمري بمنعرج اللوى فلم يستبينوا النصح إلا ضحى الغدِ
    وهل أنا إلا من غزية إن غوت غويت وإن ترشد غزية أرشد
    فنزلوا ووافقوا مالك بن عوف .



    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14467
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    غزوة حُنين أو غزوة هوازن Empty رد: غزوة حُنين أو غزوة هوازن

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الأربعاء أغسطس 05, 2015 1:44 pm

    لرسول صلى الله عليه وسلم ينادي أصحابه
    وأما الرسول عليه الصلاة والسلام فنادى في الناس إلى الجبل, فأقبلت الكتائب, ولكن خانتهم الإبل والخيول ففرت، وفر كثير من الناس, بل الصحيح كما في السيرة لـ ابن إسحاق وغيره أنه لم يثبت إلا ثمانون, ثم فر الثمانون وثبت ستة, فأخذ صلى الله عليه وسلم ينادي في الناس ويقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أني رسول الله، فلما رأى أنهم فروا من بين يديه وأن الرجل يركب جمله ليأتي يؤم القوم ويأتي للقتال، فيطرد عنه الجمل، فيترك الجمل، ويهوي على أرجله في الأرض، ويأخذ سيفه وقوسه، ويأتي صاحب الفرس على فرسه، فيأبى الفرس أن يعود لأنه جفل, فينادي عليه الصلاة والسلام في الناس فلا يسمعون في الأخير لما رأى أن الدائرة خاف أن تدور على الإسلام وأهله، ومعنى ذلك أن هوازن تصفي حساب هذه الرسالة الخالدة, وسوف ينتهي الإسلام ويقطع دابره من الأرض, فترجل صلى الله عليه وسلم وكان على بغلته, وقال: { أنا ابن العواتك } فلما وصلت أرجله إلى الأرض سل سيفه وقال: { أنا النبي لا كذب, أنا ابن عبد المطلب }.

    فانتسب إلى جده عليه الصلاة والسلام, والعرب أمة ذكية إذا رأت المعركة ورأت الجيوش تهدَّرت بالشعر.

    قال أهل السير: الرسول عليه الصلاة والسلام لما رأى الموقف ورأى السيوف والرماح جاد خاطره بهذا البيت ليشجع نفسه, ويقول: {أنا النبي لا كذب, أنا ابن عبد المطلب }
    وحرام عليه أن يفر؛ لأن الله قال: { فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ } [النساء:84].

    ثم قال: يا عباس ! يا عم رسول الله؛ إذ كان في الناس وكان معه بجانب بغلته وفي الجانب الآخر أبو سفيان بن الحارث ابن عمه من مسلمة الفتح الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وكان العباس بن عبد المطلب جهوري الصوت, وكان كما يقول ابن حجر ينادي غلمانه من على سطح بيته وهم في الغابة فيسمعونه, قال: نادِ في الناس، فقال: يا معشر المهاجرين! يا معشر الأنصار! هلموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يستجب أحد, لأن الخيول والإبل أخذتهم, ومسلمة الفتح أتى عليهم هذا الأمر سهلاً وطيباً؛ لأن بعضهم كان يضمر العداء للرسول عليه الصلاة والسلام, وكان منهم أبو سفيان بن حرب ؛ لأنه أسلم يوم الفتح في مكة وفي نفسه ما فيها على الإسلام.

    فقال لما رأى كتائب الرسول عليه الصلاة والسلام تفر: ما يردهم اليوم إلا البحر.
    يعني: البحر الأحمر .

    ويقول صفوان بن أمية : اليوم بطل السحر.
    يظن أن الرسالة سحر أبطل اليوم, والرسول صلى الله عليه وسلم نادى في الأنصار؛ لأنهم بايعوه يوم العقبة على أن يحموه مما يحموا منه أولادهم وأطفالهم ونساؤهم وأموالهم, فهو يذكرهم ذاك الميثاق والعهد الذي بينه وبينهم عليه الصلاة والسلام, وهو يذكرهم ذاك العقد الذي وقعوه والذي أتى به -كما يقول ابن القيم - أتى به جبريل, وأملاه رب السماوات والأرض, والمشتري الله عز وجل, والسلعة الجنة, والثمن أرواحهم: { إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ } [التوبة:111].

    ناد يا أهل الشجر.

    قال: يا من بايع رسول الله تحت الشجرة, يا من تنزلت فيهم سورة البقرة, فلم يجب أحد، قال: ناد بني الخزرج وهم القبيلة الثانية من قبائل الأنصار, لأن الأنصار قبيلتان: الأوس والخزرج، فنادى في الخزرج فلم يجب أحد.



    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14467
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    غزوة حُنين أو غزوة هوازن Empty رد: غزوة حُنين أو غزوة هوازن

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الأربعاء أغسطس 05, 2015 1:44 pm

    الرسول صلى الله عليه وسلم وقد حمي الوطيس
    قال: ناد في بني الحارث، وكانوا عشيرة واحدة, ولحمة واحدة قوامها ثمانون رجلاً من أشجع العرب على الإطلاق, كانوا يشربون الموت كما يشربون الماء، ومدحهم شعراء العرب وقالوا: كانوا إذا حضروا المعركة تحمر أحداقهم حباً للموت، فلما سمعوا: يا بني الحارث تشجعوا؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم خصهم أمام الناس بهذا الاسم, فتواثبوا من خيولهم وإبلهم, ثم أخذوا أغماد سيوفهم وكسروها على ركبهم، ثم أتوا بالسلاح وهبوا لنجدة الرسول صلى الله عليه وسلم, وقد كان يقاتل من بعد الفجر إلى الضحى وما تأخر خطوة واحدة, بل وقف عليه الصلاة والسلام أمام الجيش , وأوقفهم في منتصف الجبل, فما تقدم منهم جندي واحد.

    ثم أخذ حفنة من التراب ورمى بها وقال: { شاهت الوجوه } قال العباس : والله ما بقيت عين أحد منهم إلا وقعت فيه ذرة, فأخذت تدمع عيونهم.

    فلما رأى بني الحارث أقبلوا على أقدامهم معهم السيوف فتح لهم صلى الله عليه وسلم طريقاً, فتقدموا بينه وبين الكتيبة الوسطى, كتيبة مالك بن عوف النصري ، فاقتتلوا معه حتى سُمع شظايا السيوف -أي: كسار السيوف- من على رءوس الناس, فقال عليه الصلاة والسلام: { الآن حمي الوطيس }.

    قال أهل العلم: هو أول من قالها من العرب, وهو مَثَلْ, وحمي أي: اشتد، والوطيس: هو التنور الذي يخبز فيه, ومعناه أن الأمر ضاق, وأنه لا يفرجه إلا رب السماوات والأرض.

    فأخذ بنو حارث يقاتلون حتى تكسرت كثيراً من سيوفهم, فأخذوا يعوضون من المسلمين سيوفاً، وتوارد الناس، والتحمت الكتائب بعده صلى الله عليه وسلم, وأخذ يرد هؤلاء على أعقابهم في أعلى الجبل, فأخذوا يتأخرون، فما أُذن لصلاة الظهر إلا وقد سُلسلوا في السلاسل وقيدوا في الأسلاب.

    وأخذ عليه الصلاة والسلام يقول لـ ابن أبي حدرد : { خذ إليك السبي } أي: النساء والأطفال, أنت يا فلان عليك بالإبل, وأنت يا فلان عليك بالغنم، وأنت يا فلان عليك بالبقر.

    قال ابن كثير : فجمع صلى الله عليه وسلم من الغنائم ألوفاً مؤلفة لا يعلمها إلا الله.

    وقدر ابن إسحاق الغنم بأربعة وعشرين ألف رأس، والإبل بسبعة آلاف؛ لأنهم أهل بادية وهم أكثر العرب مواشي.

    وتقدم عليه الصلاة والسلام إلى كتيبة مالك بن عوف النصري وهم ألف، وردهم على أعقابهم، فأعلنوا الهزيمة, ثم فروا وتركوا نساءهم وأطفالهم وإبلهم وبقرهم وغنمهم.

    فأخذ عليه الصلاة والسلام يلحق بهم هو والجيش.



    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14467
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    غزوة حُنين أو غزوة هوازن Empty رد: غزوة حُنين أو غزوة هوازن

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الأربعاء أغسطس 05, 2015 1:46 pm

    شيبة بن عثمان في غزوة حنين
    وبينما هو يطاردهم بالجبل عليه الصلاة والسلام، وإذا برجل من المسلمين اسمه شيبة بن عثمان ، وهو صاحب مفتاح الكعبة, والمفتاح في ذريته وفي نسله إلى اليوم, وقد أسلم يوم الفتح, وكان في قلبه شيء على الرسول عليه الصلاة والسلام.

    قال: فخرجت معه إلى حنين والله ما كان من قصدي أن أنصره أو أقاتل معه, ولكن قصدي إذا سنحت لي فرصة أن أقتله, ومعي خنجر كخافية النسر جعلتها تحت إبطي سممتها بالسم شهراً.

    ثم أخذ يلاحظ الرسول عليه الصلاة والسلام حتى يقترب منه فيغتاله.

    قال: فاقتربت منه فوجدت عن يمينه العباس بن عبد المطلب فخفت الرجل، قلت: عمه لن يسلمه إليّ, وسوف يقتلني في الحال، فأتيت عن يساره فوجدت ابن عمه أبا سفيان بن الحارث ، فقلت: ابن عمه وسوف يقتلني في الحال، فتأخرت وراءه فأمكنتني الفرصة فتقدمت، وإذا شواظ من نار نزل من السماء, رجف له قلبي، فلم أرَ أمام بصري, فرجعت خلفي خطوتين, والله لقد كان يلتمع بصري حتى وضعت يدي على وجهي.

    فالتفت إليّ صلى الله عليه وسلم وهو يتبسم وقال: يا شيبة ، قل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قلت: يا رسول الله, أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله.

    قال: اللهم اغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ثم أخذه صلى الله عليه وسلم بيده، وما ذكرها لي بقية حياته عليه الصلاة والسلام.

    ثم فرَّ مالك بن عوف النصري إلى حصون الطائف ، فانطلق عليه الصلاة والسلام وراءه وقال للناس: عليكم بالسبي من النساء والأطفال أكرموهم، وعليكم بالإبل والبقر والغنم احصروها، وذهب عليه الصلاة والسلام بما معه من المقاتلين ولحقهم في حصون الطائف .



    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14467
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    غزوة حُنين أو غزوة هوازن Empty رد: غزوة حُنين أو غزوة هوازن

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الأربعاء أغسطس 05, 2015 1:46 pm

    نهاية غزوة حنين
    حاصر النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه مالكاً في الحصون, فمكثوا في حصونهم وأرسل له مالك بن عوف النصري -وكان رجلاً شهماً ذكياً- قال: يا رسول الله! إن العرب سوف تعيبنا أبد الدهر إذا نزلنا لك بالقوة، لكن اذهب فإذا أصبحت في الجعرانة فإنا سوف نأتيك مسلمين, وكأنا أتيناك نطلب الصلح.

    وكان الرسول عليه الصلاة والسلام لبيباً حليماً آتاه الله حسن الخلق: { وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ } [القلم:4] وقال تعالى: { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ } [آل عمران: 159] فعاد صلى الله عليه وسلم وأمر الناس أن يعودوا.



    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14467
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    غزوة حُنين أو غزوة هوازن Empty رد: غزوة حُنين أو غزوة هوازن

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الأربعاء أغسطس 05, 2015 1:50 pm

    وبعد أن تم فتح مكة العظيم حيث أذعنت عامة قبائل العرب عدا بعض القبائل الشرسة القوية المتغطرسة كثقيف وهوازن وغيرها, اجتمعت ورأت من نفسها عزًا وأنفة أن تقابل انتصار المسلمين في مكة بالخضوع, فقادها مالك بن عوف النصري, وقرر المسير إلى حرب المسلمين, وساق مع الناس أموالهم ونساءهم وأبناءهم حتى نزل بأوطاس, وفيهم دريد بن الصمة وكان شيخًا كبيرًا, ليس فيه إلا رأيه ومعرفته بالحرب, فقال: بأي واد أنتم؟ قالوا: بأوطاس, قال: نعم مجال الخيل, لا حزن ضرس, ولا سهل دهس, مالي أسمع رغاء البعير, ونهاق الحمير, وبكاء الصبي, ثغاء الشاء ؟ قالوا: ساق مالك بن عوف مع الناس نساءهم وأموالهم وأبناءهم, فدعا مالكًا وسأله عما حمله على ذلك, فقال: أردت أن أجعل خلف كل رجل أهله وماله ليقاتل عنهم. فقال: رأي ضأن والله, وهل يرد المنهزم شيئًا؟ إنها إن كانت لك لم ينفعك إلا رجل بسيفه ورمحه, وإن كانت عليك فضحت في أهلك ومالك, يا مالك: إنك لم تصنع بتقديم بيضة هوازن إلى نحور الخيل شيئًا, ارفعهم إلى ممتنع بلادهم وعلياء قومهم, ثم الق الصباة على متون الخيل, فإن كانت لك لحق بك مَن وراءك, وإن كانت عليك ذلك وقد أحرزت أهلك ومالك, ولكن مالك بن عوف قال: والله لا أفعل, إنك قد كبرت وكبر عقلك, والله لتطيعني هوازن, أو لأتكأن على هذا السيف حتى يخرج من ظهري, وكره أن يكون لدريد فيها ذكر أو رأي, فقالوا: قد أطعناك.

    وجاءت العيون إلى مالك بن عوف قد تفرقت أوصالهم, قال: ويلكم, ما شأنكم, قالوا: رأينا رجالاً بيضًا على خيل بلق, والله ما تماسكنا أن أصابنا ما ترى.

    ونقلت الأخبار بمسير العدو إلى رسول الله , فبعث أبا حدرد الأسلمي, وأمره أن يدخل في الناس, فيقيم فيهم حتى يعلم علمهم, ثم يأتيه بخبرهم.

    ففعل, وفي السادس من شوال سنة ثمان من الهجرة, غادر رسول الله مكة في اثني عشر ألفًا من المسلمين, عشرة آلاف ممن كانوا معه في فتح مكة, وألفان من أهل مكة, وأكثرهم حديثو عهد بالإسلام, واستعار من صفوان بن أمية مائة درع بأداتها, واستعمل على مكة عتاب بن أسيد.

    ولما كان عشية جاء فارس, فقال: إني طلعت جبل كذا, فإذا أنا بهوازن على بكرة أبيهم بظعنهم ونعمهم وشأنهم, فتبسم رسول الله وقال: ((تلك غنيمة المسلمين غدًا إن شاء الله)) [1].

    إنه الدرس العظيم, في الرضا عن الله, والاستبشار بنصر الله, وإعلاء جنده وحزبه, إنه الفأل الحسن مقرونًا بفعل السبب وبذل الوسع, إنه الدرس العظيم في صدق التوكل على الله, والإيمان بموعوده وفتحه.

    وفي طريقهم إلى حنين رأوا سدرة عظيمة خضراء يقال لها: ذات أنواط, كانت العرب تعلق عليها أسلحتهم, ويذبحون عندها ويعكفون, فقال بعض الجيش لرسول الله : اجعل لنا ذات أنواط, كما لهم ذات أنواط, فقال: ((الله أكبر, قلتم والذي نفس محمد بيده كما قال قوم موسى: اجعل لنا إلهًا كما لهم آلهة, قال: إنكم قوم تجهلون, إنها السنن, لتركبن سنن من كان قبلكم))[2].

    وهكذا كان لزامًا على أهل الحق والدعوة أن يعلموا أن أساس الأمر هو توحيد الله, فكل شيء يغتفر في أخطاء الناس إلا ما كان من أمر التوحيد والعقيدة, فالنبي لم يترك هذه المقالة تمر مر الكرام؛ حيث أن القوم حديثو عهد بكفر, بل نبه وأغلظ في القول, لأن هذا الأمر لا يقبل المساومة وأنصاف الحلول, ومن هنا يعلم خطأ أولئك المجتهدين الذي يعرضون صفحًا عن تصحيح العقائد ومحاربة الشركيات خوفًا من نفور المدعو ومجابهته, فتراهم يقفون معهم عند قبورهم يتمسحون بها فلا ينكرون ولا يزجرون, كل هذا تأليفًا للقلوب وتقريبًا للحق, يا هؤلاء, الحق واضح أبلج, ورافع لواء الحق لا يساوم في مسائل كهذه, فأين الإتباع أيها المدعون.

    وقد قال بعض المسلمين لما نظر إلى كثرة الجيش: لن نغلب اليوم, فشق ذلك على رسول الله , نعم ولم لا يشق وسنن الله في أرضه أن النصر لا يقاس بعدد وعدة, وإنما هو هبة الله, وإلا متى قاتل المسلمون أعداءهم على مر العصور بعدد أكثر وعتاد أعظم, إنه التوفيق والتوكل, وصدق التعلق بالله, لا بالدنيا, ومادياتها.

    وانتهى الجيش الإسلامي إلى حنين ليلة الأربعاء لعشر خلون من شوال, وكان معسكر الكفار بقيادة مالك بن عوف قد سبقهم, فأدخل جيشه في ذلك الوادي ليلاً, وفرق كمناءه في الطرق والمداخل والشعاب والمضايق, وأمرهم أن يرشقوا المسلمين أول ما يطلعوا, ثم يشدوا شدة رجل واحد, وبالسَحَر عبأ رسول الله جيشه, وعقد الألوية, وفي حماية الصبح استقبل المسلمون وادي حنين وشرعوا ينحدرون فيه, وهم لا يدرون بوجود كمناء العدو في مضايق الوادي, فبينما هم ينحطون إذا بالنبال تمطرهم, وإذا كتائب العدو قد شدت عليهم شدة رجل واحد.

    فقفل المسلمون راجعين, لا يلوي أحد على أحد, وكانت هزيمة منكرة, حتى قال أبو سفيان رضي الله عنه وهو حديث عهد بإسلام: لا تنتهي هزيمتهم دون البحر الأحمر, وصرخ جبلة بن الجنيد: ألا بطل السحر اليوم, وانحاز رسول الله جهة اليمين, وهو يقول: ((هلموا إليَّ أيها الناس, أنا رسول الله, أنا محمد بن عبد الله)) [3], ولم يبق معه في موقفه إلا عدد قليل من المهاجرين وأهل بيته, وظهرت شجاعته عليه السلام فطفق يركز بغلته قِبَل العدو وهو يقول:

    ((أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب))

    بيد أن أبا سفيان بن الحارث كان أخذا بلجام بغلته, والعباس بركابه, يكفانها أن لا تسرع, ثم دعا عليه السلام: ((اللهم أنزل نصرك)) [4].

    وأمر عليه السلام عمه العباس وكان جهير الصوت أن ينادي الصحابة فقال بأعلى صوته: أين أصحاب السمرة, قال العباس: فوالله لكأن عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أوادها, فقالوا: لبيك: لبيك, ويذهب الرجل يثني بعيره فلا يقدر عليه, فيأخذ درعه, فيقذفها في عنقه, ويأخذ سيفه وترسه, ويقتحم عن بعيره, ويخلي سبيله فيؤم الصوت حتى إذا اجتمع إليه مائة منهم استقبلوا الناس واقتتلوا ثم نادى الأنصار, يا معشر الأنصار, يا معشر الأنصار فتلاحقت كتائب المسلمين واحدة تلو الأخرى كما كانوا تركوا الموقعة, وتجالد الفريقان مجالدة شديدة, ونظر رسول الله إلى ساحة القتال وقد استحر واحتدم, فقال: ((الآن حمي الوطيس))[5], ثم أخذ قبضة من تراب الأرض, فرمى بها في وجوه القوم, وقال: ((شاهت الوجوه)) [6], فما خلق الله إنسانًا إلا ملئ عينيه ترابًا من تلك القبضة فلم يزل حدهم كليلاً وأمرهم مدبرًا, وما هي إلا ساعات قلائل حتى انهزم العدو هزيمة منكرة وقتل من ثقيف وحدهم نحو السبعين وقام المسلمون بمطاردة فلول جيش العدو المتفرقة في نخلة وأوطاس فقتلوا دريد بن الصمة وغيره، ومعظم المشركين تجمعوا في الطائف.

    وكان السبي ستة آلاف رأس، والإبل أربعة وعشرون ألفًا، والغنم أكثر من أربعين ألف شاة وأربعة آلاف أوقية فضة، أمر عليه السلام أن تجمع ثم حبسها بالجعرانة وجعل عليها مسعود الغفاري، ثم توجه والمسلمون بنفسه إلى حصن الطائف فحاصروه مدة بين العشرين إلى الأربعين يومًا وقعت فيه مرامات ومقاذفات بالنبل من المشركين فقتل اثنا عشر رجلاً من المسلمين وأصيب آخرون، ونصب المنجنيق على أهل الطائف، ونادى منادي رسول الله أيما عبد نزل من الحصن وخرج إلينا فهو حر، فخرج إليهم ثلاثة وعشرون رجلاً فيهم أبو بكرة، ولما طال الحصار وكان أهل الحصن أعدوا ما يكفيهم لسنة كاملة استشار عليه السلام نوفل بن معاوية البديلي فقال: هم ثعلب في جحر إن أقمت عليه أخذته، وإن تركته لم يضرك، فأمر عمر بن الخطاب فأذن في الناس: إنا قافلون غدًا إن شاء الله ولما ارتحلوا واستقلوا قال: قولوا: آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون. وقيل يا رسول الله: ادع على ثقيف فقال: ((اللهم اهد ثقيفًا وآت بهم)) [7].

    ثم عاد للغنائم الجعرانة وكان في السبي الشيماء بنت الحارث السعدية، أخت رسول الله من الرضاعة فلما جئ بها إليه عرفها وبسط لها رداءه وأجلسها عليه، ثم منّ عليها وردها إلى قومها. ثم مكث بالجعرانة بضع عشرة ليلة لا يقسم الغنائم، ويتأنى بها، يبتغي أن يقدم عليه وفد هوازن تائبين، فيحرزوا ما فقدوا ولكنه لم يجئه أحد فبدأ بقسمة المال، ليسكت المتطلعين من رؤساء القبائل وأشراف مكة، أعطى أبا سفيان أربعين أوقية ومائة من الإبل فقال: ابني يزيد، فأعطاه مثلها فقال: ابني معاوية فأعطاه مثلها، وأعطى حكيم بن حزام مائة من الإبل، ثم سأله مائة أخرى، فأعطاه إياها وأعطى صفوان بن أمية مائة من الإبل ثم مائة ثم مائة. وأعطى الحارث بن الحارث بن كلدة مائة من الإبل وكذلك أعطى رجالاً مائة مائة وآخرين خمسين خمسين، وأربعين أربعين حتى شاع في الناس أن محمدًا يعطي عطاء من لا يخاف الفقر، فازدحمت عليه الأعراب يطلبون المال حتى اضطروه إلى شجرة، فانتزعت رداءه فقال: ((أيها الناس ردوا عليّ ردائي، فوالذي نفسي بيده لو كان عندي شجر تهامة نعمًا لقسمته عليكم، ثم ما ألفيتموني بخيلاً ولا جبانًا ولا كذابًا))، ثم قام إلى جنب بعيره فأخذ من سنامه وبرة، فجعلها بين إصبعه ثم رفعها فقال: ((أيها الناس، والله ما لي من فيئكم، ولا هذه الوبرة إلا الخمس، والخمس مردود عليكم)) [8].

    أيها المؤمنون: أترون فيمن لاحق رسول الله يريد المال أبا بكر أو عمر؟ أترون فيهم ذا النورين أو علي، أيلاحق أهل الشجرة المال وهم من بايع على بذل النفس، أينشد أهل بدر وهم خير الناس مالاً أو نعمًا لا والله وحاشاهم، إنهم من تعلقت قلوبهم بالآخرة وعلموا أنها معبر فرحها إلى حزن، وغناها إلى فقر، وعزها إلى ذل، فكيف تطيب لمؤمن صادق، ألا فهكذا فلتكن نفوس أهل الإيمان والدعوة، تعلقها بربها، سؤالها لربها، توكلها على خالقها، تعلم أنه المحيي المميت، الخالق الرازق فأنى لها أن تذل لغيره أو تسأل سواه، ثم أعطى عليه السلام المشاركين من الرجالة والفوارس.






    [1] أخرجه أبو داود ح (2501).

    [2] رواه ابن إسحاق في سيرته سيرة ابن هشام (4/442) ونحوه في الترمذي ح (2180) وأحمد ح (21390).

    [3] رواه ابن إسحاق في سيرته (4/443).

    [4] روى بعضه البخاري ح (3042)، ومسلم ح (1776).

    [5] رواه مسلم (1775).

    [6] رواه مسلم ح (1777).

    [7] رواه ابن إسحاق في سيرته (4/488)، نحوه في الترمذي ح (3942) وأحمد ح (14292).

    [8] رواه النسائي في سننه ح (3688)، وأحمد ح (6690).



    الخطبة الثانية



    وبادئ الأمر لم يفهم مقصود النبي فأطلقت ألسنة شتى بالاعتراض، وكانت الأنصار ممن حرموا أعطية حنين، روى ابن إسحاق عن أبي سعيد الخدري قال: لما أعطى رسول الله ما أعطى من تلك العطايا في قريش وقبائل العرب، ولم يكن في الأنصار منها شيء وجدوا في أنفسهم وكثرت فيهم القالة، حتى قال قائلهم: لقي والله رسول الله قومه، فدخل عليه سعد بن عبادة فقال: يا رسول الله إن هذا الحي من الأنصار قد وجدوا عليك في أنفسهم لما صنعت في هذا الفيء الذي أصبت قسمت في قومك، وأعطيت عطايا عظامًا في قبائل العرب ولم يك في هذا الحي من الأنصار منها شيء، قال: ((فأين أنت من ذلك يا سعد؟)) قال: يا رسول الله ما أنا إلا من قومي، قال: ((فاجمع لي قومك في هذه الحظيرة)) فجمع الأنصار فأتاهم رسول الله ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: ((يا معشر الأنصار مقالة بلغتني عنكم، وجدة وجدتموها علي في أنفسكم، ألم آتكم ضلالاً فهداكم الله، وعالة فأغناكم الله، وأعداء فألف الله بين قلوبكم)) قالوا: بلى الله ورسوله أمن وأفضل.

    ثم قال: ألا تجيبوني يا معشر الأنصار؟ قالوا: بماذا نجيبك يا رسول الله، لله ولرسوله المن والفضل، قال: ((أما والله لو شئتم لقلتم، فلصَدقتم ولصُدقتم، أتيتنا مُكذبًا فصدقناك، ومخذولاً فنصرناك، وطريدًا فآويناك، وعائلاً فآسيناك، أوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم في لعاعة من الدنيا تألفت بها قومًا ليسلموا، ووكلتم إلى إسلامكم، ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وترجعوا برسول الله إلى رحالكم، فوالذي نفس محمد بيده، لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، ولو سلك الناس شعبًا، وسلكت الأنصار شعبًا لسلكت شعب الأنصار، اللهم ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار)).

    فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم، وقالوا: رضينا برسول الله قسمًا وحظًا، ثم انصرف رسول الله وتفرقوا[1].

    الله أكبر، والله ليست أعظم من مال حنين فحسب، بل أعظم من الدنيا وما فيها، حين يعود الناس بالشاة والبعير ويعود الأنصار بخير البشر، وخليل الله، يعودون بالشفيق الرحيم، يعودون بمن تفديه الآباء والأمهات وهو يدعو: اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ولقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذا أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئًا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرينثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودًا لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين [التوبة: 25 ـ 26].


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14467
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    غزوة حُنين أو غزوة هوازن Empty رد: غزوة حُنين أو غزوة هوازن

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الأربعاء أغسطس 03, 2016 9:09 am

    خالد يهدم العزى

    ثم بعث رسول الله صلى اله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى العزى ، وكانت بنخلة ، وكانت بيتا يعظمه هذا الحي من قريش وكنانة ومضر كلها ، وكانت سدنتها وحجابها بني شيبان من بني سليم حلفاء بني هاشم ، فلما سمع صاحبها السلمي بمسير خالد إليها ، علق عليها سيفه ، وأسند في الجبل الذي هي فيه وهو يقول ‏:‏

    أيا عز شدي لا شوى لها * على خالد ألقى القناع وشمري

    يا عز إن لم تقتلي المرء خالداً * فبوئي بإثم عاجل أو تنصري

    فلما انتهى إليها خالد هدمها ، ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

    قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني ابن شهاب الزهري ، عن عبيد الله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود ، قال ‏:‏ أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة بعد فتحها خمس عشرة ليلة يقصر الصلاة ‏.‏

    قال ابن إسحاق ‏:‏ وكان فتح مكة لعشر ليال بقين من شهر رمضان سنة ثمان ‏.‏

    غزوة حنين في سنة ثمان بعد الفتح

    اجتماع هوازن ‏:‏

    قال ابن إسحاق ‏:‏ ولما سمعت هوازن برسول الله صلى الله عليه وسلم وما فتح الله عليه من مكة ، جمعها مالك بن عوف النصري ، فاجتمع إليه مع هوازن ثقيف كلها ، واجتمعت نصر وجشم كلها ، وسعد بن بكر ، وناس من بني هلال ، وهم قليل ، ولم يشهدها من قيس عيلان إلا هؤلاء ، وغاب عنها فلم يحضرها من هوازن كعب ولا كلاب ، ولم يشهدها منهم أحد له اسم ‏.‏

    وفي بني جشم دريد بن الصمة شيخ كبير ، ليس فيه شيء إلا التيمن برأيه ومعرفته بالحرب ، وكان شيخاً مجرباً ، وفي ثقيف سيدان لهم ، في الأحلاف قارب بن الأسود بن مسعود بن معتب ، وفي بني مالك ذو الخمار سبيع بن الحارث بن مالك ، وأخوه أحمر بن الحارث ، وجماع أمر الناس إلى مالك بن عوف النصري ‏.‏

    فلما أجمع السير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حط مع الناس أموالهم ونساءهم وأبناءهم ، فلما نزل بأوطاس اجتمع إليه الناس ، وفيهم دريد بن الصمة في شجار له يقاد به ‏.‏

    ما أشار به دريد بن الصمة ‏:‏

    فلما نزل قال ‏:‏ بأي واد أنتم ‏؟‏ قالوا ‏:‏ بأوطاس ، قال ‏:‏ نعم مجال الخيل ‏!‏ لا حزن ضرس ، ولا سهل دهس ، ما لي أسمع رغاء البعير ، ونهاق الحمير ، وبكاء الصغير ، ويعار الشاء ‏؟‏

    قالوا ‏:‏ ساق مالك بن عوف مع الناس أموالهم ونساءهم وأبناءهم ‏.‏ قال ‏:‏ أين مالك ‏؟‏ قيل ‏:‏ هذا مالك ودعي له ، فقال ‏:‏ يا مالك ، إنك قد أصبحت رئيس قومك ، وإن هذا يوم كائن له ما بعده من الأيام ، ما لي أسمع رغاء البعير ، ونهاق الحمير ، وبكاء الصغير ، ويعار الشاء ‏؟‏

    قال ‏:‏ سقت مع الناس أموالهم وأبناءهم ونساءهم ، قال ‏:‏ ولم ذاك ‏؟‏ قال ‏:‏ أردت أن أجعل خلف كل رجل منهم أهله وماله ، ليقاتل عنهم ، قال ‏:‏ فأنقض به ، ثم قال ‏:‏ راعي ضأن والله ‏!‏ وهل يرد المنهزم شيء ‏؟‏ إنها إن كانت لك لم ينفعك إلا رجل بسيفه ورمحه ، وإن كانت عليك فضحت في أهلك ومالك ‏.‏

    ثم قال ‏:‏ ما فعلت كعب وكلاب ‏؟‏ قالوا ‏:‏ لم يشهدها منهم أحد ، قال ‏:‏ غاب الحد والجد ، ولو كان يوم علاء ورفعة لم تغب عنه كعب ولا كلاب ، ولوددت أنكم فعلتم ما فعلت كعب وكلاب ، فمن شهدها منكم ‏؟‏ قالوا ‏:‏ عمرو بن عامر ، وعوف بن عامر، قال ‏:‏ ذانك الجذعان من عامر ، لا ينفعان ولا يضران ؛ يا مالك ، إنك لم تصنع بتقديم البيضة بيضة هوازن إلى نحور الخيل شيئاً ، ارفعهم إلى متمنع بلادهم وعليا قومهم ، ثم الق الصباء على متون الخيل فإن كانت لك لحق بك من وراءك ، وإن كانت عليك ألفاك ذلك وقد أحرزت أهلك ومالك ‏.‏

    قال ‏:‏ والله لا أفعل ذلك ، إنك قد كبرت وكبر عقلك ‏.‏ والله لتطيعنني يا معشر هوازن أو لأتكئن على هذا السيف حتى يخرج من ظهري ‏.‏ وكره أن يكون لدريد بن الصمة فيها ذكر أو رأي ؛ فقالوا ‏:‏ أطعناك ؛ فقال دريد بن الصمة ‏:‏ هذا يوم لم أشهده ولم يفتني ‏:‏

    ياليتني فيها جذع * أخب فيها وأضع

    أقود وطفاء الزمع * وكأنها شاة صدع

    قال ابن هشام ‏:‏ أنشدني غير واحد من أهل العلم بالشعر قوله ‏:‏

    يا ليتني فيها جذع *

    الملائكة وعيون مالك بن عوف ‏:‏

    قال ابن إسحاق ‏:‏ ثم قال ‏:‏ مالك للناس ‏:‏ إذا رأيتموهم فاكسروا جفون سيوفكم ، ثم شدوا شدة رجل واحد ‏.‏

    قال ‏:‏ وحدثني أمية بن عبدالله بن عمرو بن عثمان أنه حدث ‏:‏ أن مالك بن عوف بعث عيوناً من رجاله ، فأتوه وقد تفرقت أوصالهم ، فقال ‏:‏ ويلكم ‏!‏ ما شأنكم ‏؟‏ فقالوا ‏:‏ رأينا رجالاً بيضاً على خيل بلق ، فوالله ما تماسكنا أن أصابنا ما ترى ، فوالله ما رده ذلك عن وجهه أن مضى على ما يريد ‏.‏

    بعث عبدالله بن أبي حدرد عيناً على خزاعة ‏:‏

    قال ابن إسحاق ‏:‏ ولما سمع بهم نبي الله صلى الله عليه وسلم بعث إليهم عبدالله بن أبي حدرد الأسلمي ، وأمره أن يدخل في الناس ، فيقيم فيهم حتى يعلم علمهم ، ثم يأتيه بخبرهم ‏.‏

    فانطلق ابن أبي حدرد ، فدخل فيهم ، فأقام فيهم ، حتى سمع وعلم ما قد أجمعوا له من حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسمع من مالك وأمر هوازن ما هم عليه ، ثم أقبل حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب ، فأخبره الخبر فقال عمر ‏:‏ كذب ابن أبي حدرد ، فقال ابن أبي حدرد ‏:‏ إن كذبتني فربما كذبت بالحق يا عمر ، فقد كذبت من هو خير مني ‏.‏

    فقال عمر ‏:‏ يا رسول الله ، ألا تسمع ما يقول ابن أبي حدرد ‏؟‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ قد كنت ضالاً ، فهداك الله يا عمر ‏.‏

    استعارة الرسول أدراع صفوان ‏:‏

    فلما أجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم السير إلى هوازن ليلقاهم ، ذكر له أن عند صفوان بن أمية أدراعاً له وسلاحاً ، فأرسل إليه وهو يومئذ مشرك ‏.‏

    فقال ‏:‏ يا أبا أمية ، أعرنا سلاحك هذا نلق فيه عدونا غداً ، فقال صفوان ‏:‏ أغصبا يا محمد ‏؟‏ قال ‏:‏ بل عارية ومضمونة حتى نؤديها إليك ؛ قال ‏:‏ ليس بهذا بأس فأعطاه مائة درع بما يكفيها من السلاح ، فزعموا أن رسول الله صلى اله عليه وسلم سأله أن يكفيهم حملها ، ففعل ‏.‏

    من أمره عليه السلام على مكة ‏:‏

    قال ‏:‏ ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم معه ألفان من أهل مكة مع عشرة آلاف من أصحابه الذين خرجوا معه ، ففتح الله بهم مكة ، فكانوا اثني عشر ألفاً ، واستعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم عتاب بن أسيد بن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس على مكة ، أميراً على من تخلف عنه من الناس ، ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على وجهه يريد لقاء هوازن ‏.‏

    قصيدة ابن مرداس ‏:‏

    فقال عباس بن مرداس السلمي ‏:‏

    أصابت العام رعلاً غول قومهم * وسط البيوت ولون الغول ألوان

    يا لهف أم كلاب إذ تبيتهم * خيل ابن هوذة لا تنهى وإنسان

    لا تلفظوها وشدوا عقد ذمتكم * أن ابن عمكم سعد ودهمان

    لن ترجعوها وإن كانت مجللة * ما دام في النعم المأخوذ ألبان

    شنعاء جلل من سوآتها حضن * وسال ذو شوغر منها وسلوان

    ليست بأطيب مما يشتوي حذف * إذ قال ‏:‏كل شواء العير جوفان

    وفي هوازن قوم غير أن بهم * داء اليماني فإن لم يغدروا خانوا

    فيهم أخ لو وفوا أو بر عهدهم * ولو نهكناهم بالطعن قد لانوا

    أبلغ هوازن أعلاها وأسفلها * مني رسالة نصح فيه تبيان

    أني أظن رسول الله صابحكم * جيشا له في فضاء الأرض أركان

    فيهم أخوكم سليم غير تارككم * والمسلمون عباد الله غسان

    وفي عضادته اليمنى بنو أسد * والأجربان بنو عبس وذبيان

    تكاد ترجف منه الأرض رهبته * وفي مقدمه أوس وعثمان

    قال ابن إسحاق ‏:‏ أوس وعثمان ‏:‏ قبيلا مزينة ‏.‏

    قال ابن هشام ‏:‏ من قوله ‏:‏ أبلغ هوازن أعلاها وأسفلها ، إلى آخرها في هذا اليوم ، وما قبل ذلك في غير هذا اليوم ، وهما مفصولتان ، ولكن ابن إسحاق جعلهما واحدة ‏.‏

    قصة ذات أنواط ‏:‏

    قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني ابن شهاب الزهري ، عن سنان بن أبي سنان الدؤلي ، عن أبي واقد الليثي ، أن الحارث بن مالك ، قال ‏:‏ خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين ونحن حديثو عهد بالجاهلية ، قال ‏:‏ فسرنا معه إلى حنين ، قال ‏:‏ وكانت كفار قريش ومن سواهم من العرب لهم شجرة عظيمة خضراء ، يقال لها ‏:‏ ذات أنواط ، يأتونها كل سنة فيعلقون أسلحتهم عليها ، ويذبحون عندها ، ويعكفون عليها يوماً ‏.‏

    قال ‏:‏ فرأينا ونحن نسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سدرة خضراء عظيمة ، قال ‏:‏ فتنادينا من جنبات الطريق ‏:‏ يا رسول الله ، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط ‏.‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ الله أكبر ، قلتم ، والذي نفس محمد بيده ، كما قال قوم موسى لموسى ‏:‏ ‏(‏ اجعل لنا إلها كما لهم آلهة ، قال إنكم قوم تجهلون ‏)‏ ‏.‏ إنها السنن ، لتركبن سنن من كان قبلكم ‏.‏

    ثبات الرسول وبعض الصحابة في لقاء هوازن ‏:‏

    قال ابن إسحاق ‏:‏ فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة ، عن عبدالرحمن بن جابر ، عن أبيه جابر بن عبدالله ، قال ‏:‏ لما استقبلنا وادي حنين انحدرنا في واد من أودية تهامة أجوف حطوط ، إنما ننحدر فيه انحداراً ، قال ‏:‏ وفي عماية الصبح ، وكان القوم قد سبقونا إلى الوادي ، فكمنوا لنا في شعابه وأحنائه ومضايقه ، وقد أجمعوا وتهيئوا وأعدوا ، فوالله ما راعنا ونحن منحطون إلا الكتائب قد شدوا علينا شدة رجل واحد ، وانشمر الناس راجعين ، لا يلوي أحد على أحد ‏.‏

    وانحاز رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات اليمن ، ثم قال ‏:‏ أين أيها الناس ‏؟‏ هلموا إلي ، أنا رسول الله ، أنا محمد بن عبدالله ‏.‏

    قال ‏:‏ فلا شيء ، حملت الإبل بعضها على بعض ، فانطلق الناس ، إلا أنه قد بقي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نفر من المهاجرين والأنصار وأهل بيته ‏.‏

    من ثبت معه صلى الله عليه وسلم ‏:‏

    وفيمن ثبت معه من المهاجرين أبو بكر وعمر ، ومن أهل بيته علي بن أبي طالب والعباس بن عبدالمطلب ، وأبو سفيان بن الحارث ، وابنه ، والفضل بن العباس ، وربيعة بن الحارث ، وأسامة بن زيد ، وأيمن بن عبيد ، قتل يومئذ ‏.‏

    قال ابن هشام ‏:‏اسم ابن أبي سفيان بن الحارث جعفر ، واسم أبي سفيان المغيرة ؛ وبعض الناس يعد فيهم قثم بن العباس ، ولا يعد ابن أبي سفيان ‏.‏

    قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة ، عن عبدالرحمن بن جابر ، عن أبيه جابر بن عبدالله ، قال ‏:‏ ورجل من هوزان على جمل له أحمر ، بيده راية سوداء في رأس رمح له طويل ، أمام هوازن ، وهوازن خلفه ، إذا أدرك طعن برمحه ، وإذا فاته الناس رفع رمحه لمن وراءه فاتبعوه ‏.‏


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14467
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    غزوة حُنين أو غزوة هوازن Empty رد: غزوة حُنين أو غزوة هوازن

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب الأربعاء أغسطس 03, 2016 9:11 am

    أبو سفيان بن حرب وبعض الناس يشمت بالمسلمين ‏:‏

    قال ابن إسحاق ‏:‏ فلما انهزم الناس ، ورأى من كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من جفاة أهل مكة الهزيمة ، تكلم رجال منهم بما في أنفسهم من الضغن ، فقال أبو سفيان بن حرب ‏:‏ لا تنتهي هزيمتهم دون البحر ، وإن الأزلام لمعه في كنانته ‏.‏

    وصرخ جبلة بن الحنبل - قال ابن هشام ‏:‏ كلدة بن الحنبل - وهو مع أخيه صفوان بن أمية مشرك في المدة التي جعل له رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ألا بطل السحر اليوم ‏!‏ فقال له صفوان ‏:‏ اسكت فض الله فاك ، فوالله لأن يربني رجل من قريش أحب إلى من أن يربني رجل من هوازن ‏.‏

    حسان يهجو كلدة ‏:‏

    قال ابن هشام ‏:‏ وقال حسان بن ثابت يهجو كلدة ‏:‏

    رأيت سواداً من بعيد فراعني * أبو حنبل ينزو على أم حنبل

    كأن الذي ينزو به فوق بطنها * ذراع قلوص من نتاج ابن عزهل

    أنشدنا أبو زيد هذين البيتين ، وذكر لنا أنه هجا بهما صفوان بن أمية ، وكان أخا كلدة لأمه ‏.‏

    شيبة بن طلحة يحاول قتل الرسول صلى الله عليه وسلم ‏:‏

    قال ابن إسحاق ‏:‏ وقال شيبة بن عثمان بن أبي طلحة ، أخو بني عبدالدار ، قلت ‏:‏ اليوم أدرك ثأري من محمد ، وكان أبوه قتل يوم أحد ، اليوم أقتل محمداً ، قال ‏:‏ فأدرت برسول الله لأقتله ، فأقبل شيء حتى تغشى فؤداي ، فلم أطق ذاك ، وعلمت أنه ممنوع مني ‏.‏

    قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني بعض أهل مكة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين فصل من مكة إلى حنين ، ورأى كثرة من معه من جنود الله ‏:‏ لن نغلب اليوم من قلة ‏.‏

    قال ابن إسحاق ‏:‏ وزعم بعض الناس أن رجلاً من بني بكر قالها ‏.‏

    النصر للمسلمين ‏:‏

    قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني الزهري ، عن كثير بن العباس ، عن أبيه العباس بن عبدالمطلب ، قال ‏:‏ إني لمع رسول الله صلى الله عليه وسلم آخذ بحكمة بغلته البيضاء قد شجرتها بها ، قال ‏:‏ وكنت امرأ جسيماً شديد الصوت ‏.‏

    قال ‏:‏ ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين رأى ما رأى من الناس ‏:‏ أين أيها الناس ‏؟‏ فلم أر الناس يلوون على شيء ، فقال ‏:‏ يا عباس ، اصرخ يا معشر الأنصار ‏:‏ يا معشر أصحاب السمرة ، قال ‏:‏ فأجابوا ‏:‏ لبيك لبيك ‏!‏ قال ‏:‏ فيذهب الرجل ليثني بعيره ، فلا يقدر على ، ذلك فيأخذ درعه فيقذفها في عنقه ؛ ويأخذ سيفه ترسه ، ويقتحم عن بعيره ، ويخلي سبيله ، فيؤم الصوت ، حتى ينتهي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏.‏

    حتى إذا اجتمع إليه منهم مائة ، استقبلوا الناس ، فاقتتلوا ، وكانت الدعوى أول ما كانت ‏:‏ يا للأنصار ‏.‏ ثم خلصت أخيراً ‏:‏ يا للخزرج ‏.‏

    وكانوا صبراً عند الحرب ، فأشرف رسول الله صلى الله عليه وسلم في ركائبه ‏.‏ فنظر إلى مجتلد القوم وهم يجتلدون ، فقال ‏:‏ الآن حمي الوطيس ‏.‏

    قتل علي صاحب راية هوازن ‏:‏

    قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة ، عن عبدالرحمن بن جابر ، عن أبيه جابر بن عبدالله ، قال ‏:‏ بينا ذلك الرجل من هوزان صاحب الراية على جمله يصنع ما يصنع ، إذ هوى له علي بن أبي طالب رضوان الله عليه ورجل من الأنصار يريدانه ، قال ‏:‏ فيأتيه علي بن أبي طالب من خلفه ، فضرب عرقوبي الجمل ، فوقع على عجزه ، ووثب الأنصاري على الرجل ، فضربه ضربة أطن قدمه بنصف ساقه ، فانجعف عن رحله ، قال ‏:‏ واجتلد الناس ، فوالله مارجعت راجعة الناس من هزيمتهم حتى وجدوا الأسارى مكتفين عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏.‏

    قال ‏:‏ والتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي سفيان بن الحارث بن عبدالمطلب ، وكان ممن صبر يومئذ مع رسول اله صلى الله عليه وسلم ، وكان حسن الإسلام حين أسلم ، وهو أخذ بثفر بغلته ، فقال ‏:‏ من هذا ‏؟‏ قال ‏:‏ أنا ابن أمك يا رسول الله ‏.‏

    أم سليم في المعركة ‏:‏

    قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني عبدالله بن أبي بكر ‏:‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم التفت فرأى أم سليم بنت ملحان ‏:‏ وكانت مع زوجها أبي طلحة وهي حازمة وسطها ببرد لها ، وإنها لحامل بعبدالله بن أبي طلحة ، ومعها جمل أبي طلحة ، وقد خشيت أن يعزها الجمل ، فأدنت رأسه منها ، فأدخلت يدها في حزامته مع الخطام ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ أم سليم ‏؟‏

    قالت ‏:‏ نعم بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، اقتل هؤلاء الذين ينهزمون عنك كما تقتل الذين يقاتلونك ، فإنهم لذلك أهل ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ أو يكفي الله يا أم سليم ‏؟‏ قال ‏:‏ ومعها خنجر ، فقال لها أبو طلحة ‏:‏ ما هذا الخنجر معك يا أم سليم ‏؟‏ قالت ‏:‏ خنجر أخذته إن دنا مني أحد من المشركين بعجته به قال ‏:‏ يقول أبو طلحة ‏:‏ ألا تسمع يا رسول الله ما تقول أم سليم الرميصاء ‏.‏

    شعر مالك بن عوف يوم حنين ‏:‏

    قال ابن إسحاق ‏:‏ وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حين وجه إلى حنين ، قد ضم بني سليم الضحاك بن سفيان الكلابي ، فكانوا إليه ومعه ، ولما انهزم الناس قال مالك بن عوف يرتجز بفرسه ‏:‏

    أقدم محاج إنه يوم نكر * مثلي على مثلك يحمى ويكر

    إذا أضيع الصف يوما والدبر * ثم احزألت زمر بعد زمر

    كتائب يكل فيهن البصر * قد أطعن الطعنة تقذى بالسبر

    حين يذم المستكين المنجحر * وأطعن النجلاء تعوي وتهر

    لها من الجوف رشاش منهمر * تفهق تارات وحينا تنفجر

    وثعلب العامل فيها منكسر * يا زيد يا بن همهم أين تفر

    قد نفد الضرس وقد طال العمر * قد علم البيض الطويلات الخمر

    أني في أمثالها غير غمر * إذ تخرج الحاصن من تحت الستر

    وقال مالك بن عوف أيضاً ‏:‏

    أقدم محاج إنها الأساوره ولا تغرنك رجل نادره *

    قال ابن هشام ‏:‏ وهذان البيتان لغير مالك بن عوف في غير هذا اليوم ‏.‏

    من قتل قتيلاً فله سلبه ‏:‏

    قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني عبدالله بن أبي بكر ، أنه حدث عن أبي قتادة الأنصاري قال ‏:‏ وحدثني من لا أتهم من أصحابنا عن نافع مولى بني غفار أبي محمد عن أبي قتادة ، قالا ‏:‏ قال أبو قتادة ‏:‏ رأيت يوم حنين رجلين يقتتلان ‏:‏ مسلماً ومشركاً ، قال ‏:‏ وإذا رجل من المشركين يريد أن يعين صاحبه المشرك على المسلم ‏.‏

    قال ‏:‏ فأتيته ، فضربت يده ، فقطعتها ، واعتنقني بيده الأخرى ، فوالله ما أرسلني حتى وجدت ريح الدم - ويروى ‏:‏ ريح الموت ، فيما قال ابن هشام - وكاد يقتلني ، فلولا أن الدم نزفه لقتلني ، فسقط ، فضربته فقتلته ، وأجهضني عنه القتال ، ومر به رجل من أهل مكة فسلبه ‏.‏

    فلما وضعت الحرب أوزارها وفرغنا من القوم ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ من قتل قتيلاً فله سلبه ، فقلت ‏:‏ يا رسول الله ، والله لقد قتلت قتيلاً ذا سلب ، فأجهضني عنه القتال ، فما أدري من استلبه ‏؟‏ فقال رجل من أهل مكة ‏:‏ صدق يا رسول الله ، وسلب ذلك القتيل عندي ، فأرضه عني من سلبه ،

    فقال أبو بكر الصديق رضى الله عنه ‏:‏ لا والله ، لا يرضيه منه ، تعمد إلى أسد من أسد الله ، يقاتل عن دين الله ، تقاسمه سلبه ‏!‏ اردد عليه سلب قتيله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ صدق اردد عليه سلبه ‏.‏ فقال أبو قتادة ‏:‏ فأخذته منه ، فبعته ، فاشتريت بثمنه مخرفاً ، فإنه لأول مال اعتقدته ‏.‏

    قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني من لا أتهم ، عن أبي سلمة ، عن إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة ، عن أنس بن مالك ، قال ‏:‏ لقد استلب أبو طلحة يوم حنين وحده عشرين رجلاً ‏.‏

    الملائكة تحضر القتال ‏:‏

    قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني أبي إسحاق بن يسار ، أنه حدث عن جبير بن مطعم ، قال ‏:‏ رأيت قبل هزيمة القوم والناس يقتتلون مثل البجاد الأسود ، أقبل من السماء حتى سقط بيننا وبين القوم ، فنظرت ، فإذا نمل أسود مبثوث قد ملأ الوادي ، لم أشك أنها الملائكة ، ثم لم يكن إلا هزيمة القوم ‏.‏

    هزيمة هوازن ‏:‏

    قال ابن إسحاق ‏:‏ ولما هزم الله المشركين من أهل حنين ، وأمكن رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم ، قالت امرأة من المسلمين ‏:‏

    قد غلبت خيل الله خيل اللات * والله أحق بالثبات

    قال ابن هشام ‏:‏ أنشدني بعض أهل العلم بالرواية للشعر ‏:‏

    غلبت خيل الله خيل اللات * وخيله أحق بالثبات

    قال ابن إسحاق ‏:‏ فلما انهزمت هوازن استحر القتل من ثقيف في بني مالك ، فقتل منهم سبعون رجلاً تحت رايتهم ، فيهم عثمان بن عبدالله بن ربيعة بن الحارث بن حبيب ، وكانت رايتهم مع ذي الخمار ، فلما قتل أخذها عثمان بن عبدالله ، فقاتل بها حتى قتل ‏.‏

    قال ابن إسحاق ‏:‏ وأخبرني عامر بن وهب بن الأسود ، قال ‏:‏ لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قتله ، قال ‏:‏ أبعده الله ‏!‏ فإنه كان يبغض قريشاً ‏.‏

    قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس ‏:‏ أنه قتل مع عثمان بن عبدالله غلام له نصراني أغرل ، قال ‏:‏ فبينا رجل من الأنصار يسلب قتلى ثقيف ، إذ كشف العبد يسلبه ، فوجده أغرل ‏.‏ قال ‏:‏ فصاح بأعلى صوته ‏:‏ يا معشر العرب ‏:‏ يعلم الله أن ثقيفا غرل ‏.‏

    قال المغيرة بن شعبة ‏:‏ فأخذت بيده ، وخشيت أن تذهب عنا في العرب ، فقلت ‏:‏ لا تقل ذاك ، فداك أبي وأمي ، إنما هو غلام لنا نصراني ‏.‏ قال ‏:‏ ثم جعلت أكشف له عن القتلى ، وأقول له ‏:‏ ألا تراهم مختنين كما ترى ‏!‏

    هروب قارب بن الأسود مع قومه يوم حنين ‏:‏

    قال ابن إسحاق ‏:‏ وكانت راية الأحلاف مع قارب بن الأسود ، فلما انهزم الناس أسند رايته إلى شجرة ، وهرب هو وبنو عمه وقومه من الأحلاف ، فلم يقتل من الأحلاف غير رجلين ‏:‏ رجل من غيرة ، يقال له ‏:‏ وهب ، وآخر من بني كبة ، يقال له ‏:‏ الجلاح ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بلغه قتل الجلاح ‏:‏ قتل اليوم سيد شباب ثقيف ، إلا ما كان من ابن هنيدة ، يعني بابن هنيدة الحارث بن أويس ‏.‏

    شعر عباس بن مرداس في هجاء قارب وقومه ‏:‏

    فقال عباس ابن مرداس السلمي يذكر قارب بن الأسود وفراره من بني أبيه ، وذا الخمار وحبسه قومه للموت ‏:‏

    ألا من مبلغ غيلان عني * وسوف - إخال - يأتيه الخبير

    وعروة إنما أهدى جوابا * وقولاً غير قولكما يسير

    بأن محمداً عبد رسول * لرب لا يضل ولا يجور

    وجدناه نبياً مثل موسى * فكل فتى يخايره مخير

    وبئس الأمر أمر بني قسي * بوج إذ تقسمت الأمور

    أضاعوا أمرهم ولكل قوم * أمير والدوائر قد تدور

    فجئنا أسد غابات إليهم * جنود الله ضاحية تسير

    يؤم الجمع جمع بني قسي * على حنق نكاد له نطير

    وأقسم لو هم مكثوا لسرنا * إليهم بالجنود ولم يغوروا

    فكنا أسد لية ثم حتى * أبحناها وأسلمت النصور

    ويوم كان قبل لدى حنين * فأقلع والدماء به تمور

    من الأيام لم تسمع كيوم * ولم يسمع به قوم ذكور

    قتلنا في الغبار بني حطيط * على راياتها والخيل زور

    ولم يك ذو الخمار رئيس قوم * لهم عقل يعاقب أو مكير

    أقام بهم على سنن المنايا * وقد بانت لمبصرها الأمور

    فأفلتمن نجا منهم جريضاً * وقتل منهم بشر كثير

    ولا يغني الأمور أخو التواني * ولا الغلق الصريرة الحصور

    أحانهم وحان وملكوه * أمورهم وأفلتت الصقور

    بنو عوف تميح بهم جياد * أهين لها الفصافص والشعير

    فلولا قارب وبنو أبيه * تقسمت المزارع والقصور

    ولكن الرياسة عمموها * على يمن أشار به المشير

    أطاعوا قاربا ولهم جدود * وأحلام إلى عز تصير

    فإن يهدوا إلى الإسلام يلفوا * أنوف الناس ما سمر السمير

    وإن لم يسلموا فهم أذان * بحرب الله ليس لهم نصير

    كما حكت بني سعد وحرب * برهط بني غزية عنقفير

    كأن بني معاوية بن بكر * إلى الإسلام ضائنة تخور

    فقلنا أسلموا إنا أخوكم * وقد برأت من الإحن الصدور

    كأن القوم إذ جاءوا إلينا * من البغضاء بعد السلم عور

    قال ابن هشام ‏:‏ غيلان ‏:‏ غيلان بن سلمة الثقفي ، وعروة ‏:‏ عروة بن مسعود الثقفي ‏.‏

    مقتل دريد ‏:‏

    قال ابن إسحاق ‏:‏ ولما انهزم المشركون ، أتوا الطائف ومعهم مالك بن عوف ، وعسكر بعضهم بأوطاس ، وتوجه بعضهم نحو نخلة ، ولم يكن فيمن توجه نحو نخلة إلا بنو غيرة من ثقيف ، وتبعت خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم من سلك في نخلة من الناس ، ولم تتبع من سلك الثنايا ‏.‏

    فأدرك ربيعة بن رفيع بن أهبان بن ثعلبة بن ربيعة بن يربوع بن سمال ابن عوف بن امرؤ القيس ، وكان يقال له ‏:‏ ابن الدغنة وهي أمه ، فغلبت على اسمه ، ويقال ‏:‏ ابن لذعة فيما قال ابن هشام ‏:‏ - دريد بن الصمة ، فأخذ بخطام جمله وهو يظن أنه امرأة ، وذلك أنه في شجار له ، فإذا برجل ، فأناح به ، فإذا شيخ كبير ، وإذا هو دريد بن الصمة ولا يعرفه الغلام ‏!‏

    فقال له دريد ‏:‏ ماذا تريد بي ‏؟‏ قال ‏:‏ أقتلك ، قال ‏:‏ ومن أنت ‏؟‏ قال ‏:‏ أنا ربيعة بن رفيع السلمي ، ثم ضربه بسيفه ، فلم يغن شيئاً ، فقال ‏:‏ بئس ما سلحتك أمك ‏!‏ خذ سيفي هذا من مؤخر الرحل ، وكان الرحل في الشجار ، ثم أضرب به ، وارفع عن العظام ، وأخفض عن الدماغ ، فإني كنت كذلك أضرب الرجال ، ثم إذا أتيت أمك فأخبرها أنك قتلت دريد بن الصمة ، فرب والله يوم قد منعت فيه نساءك ‏.‏

    فزعم بنو سليم أن ربيعة لما ضربه فوقع تكشف ، فإذا عجانه وبطون فخذيه ، مثل القرطاس من ركوب الخيل أعراء ؛ فلما رجع ربيعة إلى أمه أخبرها بقتله إياه ، فقالت ‏:‏ أما والله لقد أعتق أمهات لك ثلاثاً ‏.‏

    شعر عمرة بنت دريد في مقتل أبيها ‏:‏

    فقالت عمرة بنت دريد في قتل ربيعة دريداً ‏:‏

    لعمرك ما خشيت على دريد * ببطن سميرة جيش العناق

    جزى عنه الإله بني سليم * وعقتهم بما فعلوا عقاق

    وأسقانا إذا قدنا إليهم * دماء خيارهم عند التلاقي

    فرب عظيمة دافعت عنهم * وقد بلغت نفوسهم التراقي

    ورب كريمة أعتقت منهم * وأخرى قد فككت من الوثاق

    ورب منوه بك من سليم * أجبت وقد دعاك بلا رماق

    فكان جزاؤنا منهم عقوقا * وهما ماع منه مخ ساقي

    عفت آثار خيلك بعد أين * بذي بقر إلى فيف النهاق

    وقالت عمرة بنت دريد أيضاً ‏:‏

    قالوا قتلنا دريدا قلت قد صدقوا * فظل دمعي على السربال ينحدر

    لولا الذي قهر الأقوام كلهم * رأت سليم وكعب كيف تأتمر

    إذن لصبحهم غباً وظاهرة * حيث استقرت نواهم جحفل ذفر

    قال ابن هشام ‏:‏ ويقال اسم الذي قتل دريداً ‏:‏ عبدالله بن قنيع بن أهبان بن ثعلبة بن ربيعة ‏.‏

    استشهاد أبي عامر الأشعري ‏:‏

    قال ابن إسحاق ‏:‏ وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في آثار من توجه قبل أوطاس أبا عامر الأشعري ، فأدرك من الناس بعض من انهزم ، فناوشوه القتال ، فرمي أبو عامر بسهم فقتل ؛ فأخذ الراية أبو موسى الأشعري ، وهو ابن عمه ، فقاتلهم ، ففتح الله على يديه وهزمهم ، فيزعمون أن سلمة بن دريد هو الذي رمى أبا عامر الأشعري بسهم ، فأصاب ركبته ، فقتله ، فقال ‏:‏

    إن تسألوا عني فإني سلمه * ابن سمادير لمن توسمه

    أضرب بالسيف رءوس المسلمه *

    دعاء الرسول لبني رئاب ‏:‏

    وسمادير ‏:‏ أمه ‏.‏

    واستحر القتل من بني نصر في بني رئاب ، فزعموا أن عبدالله بن قيس - وهو الذي يقال له ابن العوراء ، وهو أحد بني وهب بن رئاب - قال ‏:‏ يا رسول الله ، هلكت بنو رئاب ‏.‏

    فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ‏:‏ اللهم اجبر مصيبتهم ‏.‏

    شعر لمالك بن عوف يوم حنين ‏:‏

    وخرج مالك بن عوف عند الهزيمة ، فوقف في فوارس من قومه ، على ثنية من الطريق ، وقال لأصحابه ‏:‏ قفوا حتى تمضي ضعفاؤكم ، وتلحق أخراكم ‏.‏ فوقف هناك حتى مضى من كان لحق بهم من مهزمة الناس ؛ فقال مالك بن عوف في ذلك ‏:‏

    ولولا كرتان على محاج * لضاق على العضاريط الطريق

    ولولا كر دهمان بن نصر * لدى النخلات مندفع الشديق

    لآبت جعفر وبنو هلال * خزايا محقبين على شقوق

    قال ابن هشام ‏:‏ هذه الأبيات لمالك بن عوف في غير هذا اليوم ‏.‏ ومما يدلك على ذلك قول دريد بن الصمة في صدر هذا الحديث ‏:‏ ما فعلت كعب وكلاب ‏؟‏ فقالوا له ‏:‏ لم يشهدها منهم أحد ‏.‏ وجعفر بن كلاب ‏.‏ وقال مالك بن عوف في هذه الأبيات ‏:‏ لآبت جعفر وبنو هلال ‏.‏


    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مصطفى سليمان أبوالطيب
    مدير عام


    عدد المساهمات : 14467
    السٌّمعَة : 29
    تاريخ التسجيل : 02/09/2010
    العمر : 50

    غزوة حُنين أو غزوة هوازن Empty رد: غزوة حُنين أو غزوة هوازن

    مُساهمة  مصطفى سليمان أبوالطيب السبت سبتمبر 23, 2017 8:36 am

    وافقت أحداث هذه الغزوة السابع من شهر شوال، من السنة الثامنة من هجرة النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم. ودارت رحاها في وادي حنين، وهو وادٍ إلى جنب ذي المجَاز، بينه وبين مكة سبعة وعشرون كيلو مترًا تقريبًا، من جهة عرفات‏. وكان عدد المسلمين الذين اجتمعوا في هذه المعركة اثنا عشر ألفًا؛ عشرة آلاف من أهل المدينة، وألفين من أهل مكة .

    سبب الغزوة :

    لقد كان فتح مكة كما قال ابن القيم ‏:‏ " الفتح الأعظم الذي أعز الله به دينه ورسوله وجنده وحزبه الأمـين، واستنقذ به بلده وبيته الذي جعله هدي للعالمين، من أيدي الكفار والمشركين. وهو الفتح الذي استبشر به أهل السماء...ودخل الناس به في دين الله أفواجًا، وأشرق به وجه الأرض ضياء وابتهاجًا " .

    وكان لهذا الفتح الأعظم رد فعل معاكس لدى القبائل العربية الكبيرة القريبة من مكة، وفي مقدمتها قبيلتا ( هوزان ) و( ثقيف ). فقد اجتمع رؤساء هذه القبائل، وسلموا قياد أمرهم، إلى مالك بن عوف سيد ( هوزان ). وأجمعوا أمرهم على المسير لقتال المسلمين، قبل أن تتوطد دعائم نصرهم، وتنتشر طلائع فتحهم .

    مجريات الغزوة ووقائعها :

    وكان مالك بن عوف رجلاً شجاعًا ومقدامًا، إلا أنه كان سقيم الرأي، وسيء المشورة؛ فقد خرج بقومه أجمعين، رجالاً ونساء وأطفالاً وأموالاً؛ ليُشعر كل رجل وهو يقاتل أن ثروته وحرمته وراءه فلا يفر عنها. وقد اعترضه في موقفه هذا دريد بن الصمة - وكان فارسًا مجربًا محنكًا، قد صقلته السنون، وخبرته الأحداث - قائلاً له: وهل يرد المنهزم شيء؟ إن كانت الدائرة لك، لم ينفعك إلا رجل بسيفه ورمحه، وإن كانت عليك: فضُحْتَ في أهلك ومالك. فسفَّه مالك رأيه، وركب رأسه، وأصر على المضي في خطته، لا يثنيه عن ذلك شيء .

    وانتهى خبر مالك وما عزم عليه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ يجهز جيشه، ويعد عدته لمواجهة هذا الموقف. وكان مالك بن عوف قد استبق زمام المبادرة وتوجه إلى حنين، وأدخل جيشه بالليل في مضائق من ذلك الوادي، وفرق أتباعه في الطرق والمداخل، وأصدر إليهم أمره، بأن يرشقوا المسلمين عند أول ظهور لهم، ثم يشدوا عليهم شدة رجل واحد ‏.‏

    وكان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قد عبأ جيشه بالسَّحَر، وعقد الألوية والرايات، وفرقها على الناس، وقبل أن يبزغ فجر ذلك اليوم، استقبل المسلمون وادي حنين، وشرعوا ينحدرون فيه، وهم لا يدرون بما كان قد دُبِّر لهم بليل. وبينما هم ينحطون على ذلك الوادي، إذا بالنبال تمطر عليهم من كل حدب وصوب، وإذا بكتائب العدو قد شدت عليهم شدة رجل واحد، فانهزم المسلمون راجعين، لا يلوي أحد على أحد، وكانت هزيمة منكرة لذلك الجمع الكبير ‏.‏

    وانحاز رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ذات اليمين، وهو يقول‏:‏ ( إلي يا عباد الله، ‏أنــا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب ‏)‏ ولم يبق معه في موقفه إلا عدد قليل من المهاجرين والأنصار ‏.‏

    وقد روى لنا العباس رضي الله عنه هذا الموقف العصيب، وصوَّره لنا أدق تصوير، فقال: ( شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين، فلزمت أنا و أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم نفارقه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلة له بيضاء، فلما التقى المسلمون والكفار، ولَّى المسلمون مدبرين، فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يركض بغلته قِبَلَ الكفار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي عباس ! نادِ أصحاب السَّمُرَة - أي: أصحاب بيعة العقبة - فقال عباس : أين أصحاب السمرة ؟ قال: فوالله لكأَن عَطْفَتَهم حين سمعوا صوتي، عَطْفة البقر على أولادها - أي: أجابوا مسرعين - فقالوا: يا لبيك يا لبيك، قال: فاقتتلوا والكفار...فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على بغلته كالمتطاول عليها إلى قتالهم، فقال: حمي الوطيس ، قال: ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حصيات، فرمى بهن وجوه الكفار، ثم قال: انهزموا ورب محمد ، قال: فذهبت أنظر، فوالله ما هو إلا أن رماهم بحصياته، فما زلت أرى حدهم كليلاً، وأمرهم مدبرًا - يعني قوتهم ضعيفة، وأمرهم في تراجع وهزيمة - ) هذه رواية مسلم في "صحيحه". وقد فرَّ مالك بن عوف ومن معه من رجالات قومه، والتجؤوا إلى الطائف، وتحصنوا بها، وقد تركوا وراءهم مغانم كثيرة، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أثرهم فريقًا من الصحابة، حاصروهم، وقاتلوهم حتى حسموا الأمر معهم .

    وهذا الحدث وما رافقه من مجريات ووقائع، هو الذي أشار إليه سبحانه وتعالى، بقوله‏:‏ ‏{‏ ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين * ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين }‏ (‏التوبة‏:‏25-26) .

    لقد كان موقف رسول الله وثباته في هذه المعركة مع قلة من الصحابة دليلاً ناصعًا، وبرهانًا ساطعًا على عمق إيمانه بالله، وثقته بنصره وتأييده، وتحققه بأن نتيجة المعركة سوف تكون إلى جانب الحق. وإنك لتبصر صورة نادرة، وجرأة غير معهودة في مثل هذه المواقف؛ فقد تفرقت عنه صلى الله عليه وسلم الجموع، وولوا الأدبار، لا يلوي واحد منهم على أحد، ولم يبق إلا رسول الله وسط ساحات الوغى، حيث تحفُّ به كمائن العدو من كل جانب، فثبت ثباتًا عجيبًا، امتد أثره إلى نفوس أولئك الفارين، فعادت إليهم من ذلك المشهد رباطة الجأش، وقوة العزيمة .

    موقف أم سليم :

    ومن المواقف المشرفة في هذه المعركة موقف الصحابية أم سُليم رضي الله عنها، وكانت مع زوجها أبي طلحة رضي الله عنه. وقد روت كتب الحديث والسِّيَر بسند صحيح وقائع خبرها، فعن أنس رضي الله عنه، أن أم سليم رضي الله عنها اتخذت يوم حنين خنجرًا، فكان معها فرآها أبو طلحة ، فقال: يا رسول الله ! هذه أم سليم ، معها خنجر، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما هذا الخنجر ؟ قالت: اتخذته، إن دنا مني أحد من المشركين بقرت به بطنه، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك، قالت: يا رسول الله اقتل من بعدنا من الطلقاء، انهزموا بك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يا أم سليم! إن الله قد كفى وأحسن ) .

    تداعيات هذه الغزوة :

    ثم إن من تداعيات هذه المعركة، ما كان من مسألة تقسيم الغنائم - وقد غنم المسلمون مغانم كثيرة في هذه المعركة - وكانت هذه القسمة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، مبنية على سياسة حكيمة، لكنها لم تُفْهَم أول الأمر، فأُطْلِقتْ ألسنة شتى بالاعتراض‏، والقيل والقال .

    وحاصل خبر تداعيات تقسيم الغنائم، ما رواه ابن إسحاق عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال‏:‏ لما أعطى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، ما أعطى من تلك العطايا في قريش وفي قبائل العرب، ولم يكن في الأنصار منها شيء، وَجَدَ هذا الحي من الأنصار في أنفسهم، حتى كثرت فيهم القَالَةُ - يعني كثرة الكلام بين الناس - حتى قال قائلهم‏:‏ لقي - واللّه - رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قومه، فدخل عليه سعد بن عبادة ، فقال‏:‏ يا رسول اللّه، إن هذا الحي من الأنصار قد وَجَدُوا عليك في أنفسهم، لما صنعت في هذا الفيء الذي أصبت، قسمت في قومك، وأعطيت عطايا عظامًا في قبائل العرب، ولم يك في هذا الحي من الأنصار منها شيء‏.‏ قال‏:‏ ‏( ‏فأين أنت من ذلك يا سعد‏ ؟ ‏‏)‏ قال‏:‏ يا رسول اللّه، ما أنا إلا من قومي‏.‏ قال‏:‏ ‏( ‏فاجمع لي قومك في هذه الحظيرة‏ )‏‏.‏ فخرج سعد ، فجمع الأنصار في تلك الحظيرة، فجاء رجال من المهاجرين، فتركهم، فدخلوا‏.‏ وجاء آخرون فردهم، فلما اجتمعوا له أتاه سعد ، فقال‏:‏ لقد اجتمع لك هذا الحي من الأنصار، فأتاهم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فحمد اللّه، وأثنى عليه، ثم قال‏:‏ ‏( ‏يا معشر الأنصار، ما قَالَة بلغتني عنكم، وَجِدَةٌ وجدتموها عليَّ في أنفسكم‏؟‏ ألم آتكم ضلالاً فهداكم اللّه‏؟‏ وعالة فأغناكم اللّه‏؟‏ وأعداء فألف اللّه بين قلوبكم ‏؟‏‏)‏ قالوا‏:‏ بلى، اللّه ورسولـه أمَنُّ وأفضل. ثم قال‏:‏ ‏( ‏ألا تجيبوني يا معشر الأنصار ‏؟‏‏)‏ قالوا‏:‏ بماذا نجيبك يا رسول اللّه‏؟‏ للّه ورسوله المن والفضل‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏ أما واللّه لو شئتم لقلتم، فصَدَقْتُمْ ولصُدِّقْتُمْ‏:‏ أتيتنا مُكَذَّبًا فصدقناك، ومخذولاً فنصرناك، وطريداً فآويناك، وعائلاً فآسَيْنَاك. ‏أوَجَدْتُمْ يا معشر الأنصار في أنفسكم فيَّ لَعَاعَةٍ من الدنيا - يعني شيئًا تافهًا - تَألفَّتُ بها قومًا ليُسْلِمُوا، ووَكَلْتُكم إلى إسلامكم‏؟‏ ألا ترضون يا معشر الأنصار، أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وترجعوا برسول اللّه صلى الله عليه وسلم إلى رحالكم‏؟‏ فوالذي نفس محمد بيده، لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، ولو سلك الناس شِعْبًا، وسلكت الأنصار شعباً لسلكتُ شِعب الأنصار. وإنكم ستلقون أثرة من بعدي، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض. اللّهم ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار ‏) فبكي القوم حتى اخضلت - تبللت - لحاهم، وقالوا‏:‏ رضينا برسول اللّه صلى الله عليه وسلم قَسْمًا وحظاً، ثم انصرف رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وتفرق الجمع‏ .

    الدروس والعبر المستفادة :

    لقد كانت غزوة حنين هذه درسًا عظيمًا في العقيدة الإسلامية، وممارسة عملية لفهم قانون الأسباب والمسببات؛ فإذا كانت وقعة بدر قد علَّمت الجماعة المسلمة أن القلة إذا كانت مؤمنة بالله حق الإيمان، وآخذة بأسباب النصر، لا تضر شيئًا في جنب كثرة الأعداء؛ فإن غزوة حنين قد علمت تلك الجماعة درسًا جديدًا، حاصله أن الكثرة الكاثرة لا تغني شيئًا، ولا تجدي نفعًا في ساحات المعركة، إذا لم تكن قد تسلحت بسلاح العقيدة والإيمان، وإذا لم تكن قد أخذت بأسباب النصر وقوانينه. فالنصر والهزيمة ونتائج المعارك لا يحسمها الكثرة والقلة، وإنما ثمة أمور أخر ورائها، لا تقل شأنًا عنها، إن لم تكن تفوقها أهمية واعتبارًا، لتقرير نتيجة أي معركة .

    فكانت حنين بهذا درساً، استفاد منه المسلمون غاية الفائدة، وتعلموا منه قواعد النصر وقوانينه، قال تعالى: { إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم } (محمد:7) .

    ويدل موقف أم سليم في هذه المعركة على مدى حرص الصحابيات رضي الله عنهن على مشاركتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعوته، وتبليغ رسالته، ومواجهة أعدائه .

    ومن الدروس المستفادة من هذه المعركة، والعبر المستخلصة منها، حكمة سياسة النبي صلى الله عليه وسلم في تقسيم الغنائم وتوزيعها، فقد اختص في هذه المعركة الذين أسلموا عام الفتح بمزيد من الغنائم عن غيرهم، ولم يراع في تلك القسمة قاعدة المساواة بين المقاتلين. وفي هذا دلالة على أن لإمام المسلمين أن يتصرف بما يراه الأنسب والأوفق لمصلحة الأمة دينًا ودنيا .

    ويستفاد من بعض تصرفاته صلى الله عليه وسلم في هذه الغزوة، أن الدافع الأول وراء مشروعية الجهاد، هو دعوة الناس إلى دين الإسلام، وهدايتهم إلى الطريق المستقيم، وإرشادهم إلى الدين القويم، وهو الهدف الأساس الذي جاءت شريعة الإسلام لأجله؛ ولم يكن الهدف من مشروعية تلك الغزوات تحقيق أهداف اقتصادية، ولا تحصيل مكاسب سياسية. يشهد لهذا المعنى موقفه صلى الله عليه وسلم من مالك بن عوف - وكان المحرك الأساس، والموجه الأول لمعركة حنين - فقد سأل صلى الله عليه وسلم أصحابه عن مالكٍ، فقالوا: إنه بالطائف مع ثقيف، فقال لهم: أخبروه، أنه إن أتى مسلمًا رددت عليه أهله وماله، وأعطيته مئة من الإبل، فأُخبر مالك بذلك، فجاء يلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أدركه، فرد عليه أهله وماله، وأعطاه مئة من الأبل، وأسلم فحسن إسلامه. والخبر ذكره ابن إسحاق .

    كل هذا - وغيره كثير - يدل دلالة واضحة على أن الجهاد في أصله ليس إلا ممارسة لوظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن الوظيفة الأساس من الجهاد، والهدف المرام من تشريعه، دعوة الناس إلى الدين الحق، وضمان حريتهم في اعتناق هذا الدين .



    _________________
    مصطفى سليمان أبوالطيب الهوارى

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد أبريل 28, 2024 1:42 am