موسوعة مساجد المحروسة
دي مجموعه مساجد المحروسه ارجو التثبيت
جامع عمرو بن العاص 21 هجرية = 642م. عندما فتح المسلمون مصر
على يد عمرو بن العاص أسس مدينة الفسطاط وأنشأ بها سنة 21 هجرية =
642ميلادية مسجدا سمى باسمه وكان هذا المسجد غاية فى البساطة، فقد بلغت
مساحته30 فى 50 ذراعا وبنيت حوائطه باللبن وفرشت أرضه بالحصى وصنع سقفه من
الجريد واتخذت أعمدته من جذوع النخل ولم تغفل عنه يد الأقدار فبدلت فيه
وغيرت فى فترات متعاقبة فلم تبق من معالمه الأولى سوى المكان الذى شيد عليه
وقد احتفظ لنا التاريخ
بصور متلاحقة مما تعاره من تحويل وتعديل منذ إنشائه إلى الآن وقد انتهى
ذلك كله باتساع رقعته وارتفاع سقوفه بعد أن استبدلت بجذوع النخل عمد من
الرخام وزينت جدرانه وزاد عدد أبوابه كما ظهرت به بعض عناصر عمارية هامة لم
تكن من قبل ففى سنة 53 هجرية = 672/73م أمر معاوية - أول خلفاء بنى أمية-
واليه على مصر مسلمة بن مخلد بإنشاء أربع صوامع على نمط الأبراج التى كانت
بأركان المعبد القديم
بدمشق وجعل الوصول إليها من مراق خارج الجامع ولم تكن هذه الصوامع سوى
أبراج مربعة كانت فى الواقع نواة للمآذن التى أنشئت بمصر بعد ذلك مما نرى
الكثير منها الآن وقد تطورت تصميماتها وتنوعت أشكالها. وثمة ظاهرة عمارية
أخرى بدت فى تصميمه وهى المحراب المجوف إذ كان محرابه الأصلى مسطحا ففى سنة
93هجرية = 712م أحدث به قرة بن شريك - والى مصر من الوليد بن عبد الملك -
المحراب المجوف مماثلا للمحراب الذى أحدثه بمسجد المدينة عمر بن عبد العزيز
سنة 88هجرية = 706/7م. وكانت التوسيعات التى حدثت بالجامع فى عصر الدولة
الأموية متفاوتة إلى أن كانت سنة 212هجرية = 827م إذ أمر عبد الله بن طاهر -
والى مصر من قبل الخليفة العباسى المأمون - بتوسيعه من الجهة الغربية بما
يعادل مساحته وقتئذ فتضاعفت رقعته وأصبحت112فى120 مترا تقريبا وكانت ذلك
خاتمة التوسيعات التى حدثت به وبقى الجامع محتفظا بمساحته هذه إلى الآن
وكان تخطيطه فى ذلك الوقت مؤلفا من صحن مكشوف تحيط به أربعة أروقة يشتمل
رواق القبلة منها على سبعة صفوف من العقود موازية لجدار المحراب وتمتد
بكامل عرض الجامع ومثلها فى رواق المؤخرة كما يشتمل كل من الرواقين
الجانبين على سبعة صفوف من العقود موازية لجدار المحراب أيضا وتنتهى عند
الصحن، وكان للجامع ثلاثة عشر بابا ثلاثة منها بالجدار البحرى وخمسة فى
الجدار الشرقى وأربعة فى الجدار الغربى وواحد فى الجدار القبلى كما فتح
بأعلى حوائطه الأربع شبابيك معقودة بين كل اثنين منها تجويف مغطى بطاقية
مخوصة وهذا الجامع بحالته التى نشاهده عليها الآن يشتمل على فناء كبير يؤدى
إليه ثلاثة أبواب مفتوحة فى وجهته الشمالية وينتهى من الجنوب برواق القبلة
الذى يتألف من تسعة عشر صفا من العقود المحمولة على عمد من الرخام فى
اتجاه عمودى على جدار المحراب يرجع عهدها إلى منتصف القرن التاسع عشر
الميلادى وإن أهم ما يسترعى النظر فى هذا الرواق بقايا طبال خشبية تعلو بعض
تيجان الأعمدة محفور عليها زخارف بارزة يرجع عهدها إلى عمارة عبد الله بن
طاهر سنة 212هجرية = 827م. أما حوائط الخارجية فمزيج من عصور مختلفة أهمها
ما يرجع أيضا إلى أيام عبد الله بن طاهر وقوامها بعض شبابيك بالوجهة
الغربية بزخارفها المحفورة على الخشب كما يوجد بهذه الوجهة وبالوجهة
البحرية بعض شبابيك يرجع عهدها إلى عمارة الأمير سلار لهذا الجامع سنة
703هجرية = 1304م وقد شملت هذه العمارة ذلك المحراب الجصى الجميل الذى
لازال موجودا إلى الآن بالوجهة البحرية ....
جامع
أحمد بن طولون 263-265 هجرية = 876/877-879م. كان طولون أحد المماليك
الأتراك الذين أهداهم عامل بخارى إلى الخليفة المآمون فظل يترقى فى خدمة
البلاط العباسى حتى بلغ مصاف الأمراء، ونشأ ابنه - أحمد بن طولون - محبا
للعلم مشغوفا به فحفظ القرآن ودرس الفقه والحديث وأظهر من النجابة والحكمة
ما ميزه على أترابه. فلما تقلد باكباك إمارة مصر من قبل الخليفة العباسى
أنابه عنه فى ولايتها فقدم إليها سنة 254 هجرية = 868م وكان من حظه أن وهبت
مصر إلى حميه الأمير ماجور بعد وفاة باكباك فأقره على ولايتها. وكانت
ولاية أحمد بن طولون على مصر أول الأمر قاصرة على الفسطاط أما أمر الخراج
فكان موكولا إلى ابن المدير فما زال بحسن سياسته يوسع فى نفوذه حتى شمل
سلطانه مصر جميعها وتولى أمر الخراج وامتد نفوذه إلى الشام وبرقة وأسس
الدولة الطولونية التى حكمت مصر من سنة 254 إلى 292 هجرية = 868 إلى 905م
وتوفى سنة 270 هجرية = 884م وفى الواقع تعتبر شخصية أحمد بن طولون من
الشخصيات الهامة فى تاريخ
مصر الإسلامى إذ تتمثل فيها النقلة التى انتقلتها مصر من ولاية تابعة
للخلافة العباسية إلى دولة ذات استقلال ذاتى. بعد أن أتم أحمد بن طولون
بناء قصره عند سفح المقطم وأنشأ الميدان أمامه وبعد أن فرغ من تأسيس مدينة
القطائع شيد جامعه العظيم على جبل يشكر فشرع فى بنائه سنة 263 هجرية = 876/
77م وأتمه سنة 265 هجرية = 879م ودون هذا التاريخ على لوح رخامى مثبت على
أحد أكتاف رواق القبلة. وهو وإن كان ثالث الجوامع التى أنشئت بمصر يعتبر من
أقدم جامع احتفظ بتخطيطه وكثير من تفاصيله العمارية الأصلية، ذلك لأن أول
هذه الجوامع جامع عمرو الذى بنى سنة 21 هجرية = 642م لم يبق أثر من بنائه
القديم كما أن ثانيهما وهو جامع العسكر الذى بنى فى سنة 169 هجرية = 785/
86م قد زال بزوال العسكر. تناولت يد الإصلاح هذا الجامع كما امتدت إليه يد
التدمير والخراب فى فترات من عصوره المختلفة شأنه فى ذلك شأن كثير من
المساجد الأثرية الأخرى. ففى سنة 470 هجرية = 1077/ 78م قام بدر الجمالى
وزير الخليفة المستنصر الفاطمى ببعض إصلاحات بالجامع أثبتت على لوح رخامى
مركب أعلى أحد أبواب الوجهة البحرية وأمر الخليفة المستنصر بعمل محراب من الجص
بأحد أكتاف رواق القبلة بلغت فيه صناعة الزخرفة الجصية حد الدقة والإتقان
ذلك عدا محرابين جصيين آخرين عمل أحدهما فى العصر الطولونى والثانى فى
العصر الفاطمى وكلاهما برواق القبلة أيضا إلا أن أهم إصلاح أدخل على الجامع
هو ذلك الذى قام به السلطان حسام الدين لاجين سنة 696 هجرية = 1296/ 97م
فقد أنشأ - 1 - القبة المقامة وسط الصحن والتى حلت محل القبة التى شيدها
الخليفة الفاطمى العزيز بالله سنة 385 هجرية = 995م بدلا من القبة الأصلية
التى احترقت سنة 376 هجرية = 986م - 2 - المئذنة الحالية ذات السلم الخارجى
- 3 - المنبر الخشبى - 4 - كسوة الفسيفساء
والرخام للمحراب الكبير - 5 - قاعدة القبة التى تعلو هذا المحراب - 6 -
كثيرا من الشبابيك الجصية - 7 - محرابا من الجص مشابها للمحراب المستنصرى
بالكتف المجاورة له - 8 - سبيلا بالزيادة القبلية جدده قايتباى فيما بعد
وأصلحته إدارة حفظ الآثار
العربية أخيرا. وفى أواخر القرن الثانى عشر الهجرى - الثامن عشر الميلادى -
استعمل هذا الجامع مصنعا للأحزمة الصوفية كما استعمل فى منتصف القرن
الماضى ملجأ للعجزة. وما كادت تنشأ لجنة حفظ الآثار العربية سنة 1882م حتى
شرعت فى انتشاله من وهدته وأخذت فى ترميمه وإصلاحه إلى أن كانت سنة 1918م
حين أمر المغفور له الملك فؤاد الأول بإعداد مشروع لإصلاحه إصلاحا شاملا
وتخلية ما حوله من الأبنية ورصد لذلك أربعون ألف جنيه أنفقت فى تقويم ما
تداعى من بنائه وتجديد أسقفه وترميم بياضه وزخارفه. يتكون هذا الجامع من
صحن مكشوف مربع تقريبا طول ضلعه 92 مترا تتوسطه قبة محمولة على رقبة مثمنة
ترتكز على قاعدة مربعة بها أربع فتحات معقودة وبوسطها حوض للوضوء ويسترعى
النظر فيها وجود سلم داخل سمك حائطها البحرية يصعد منه إلى منسوب الرقبة.
ويحيط بالصحن أربعة أروقة أكبرها رواق القبلة ويشتمل على خمسة صفوف من
العقود المدببة المحمولة على أكتاف مستطيلة القطاع استديرت أركانها على شكل
أعمدة ملتصقة ويشمل كل من الأروقة الثلاثة الأخرى على صفين فقط. ويغطى
الأروقة الأربعة سقف من الخشب حديث الصنع عمل على نمط السقف القديم وبأسفلة
ركب الإزار الخشب القديم المكتوب عليه من سور القرآن الكريم بالخط الكوفى
المكبر. ويبلغ طول الجامع 138 مترا وعرضه 118 مترا تقريبا يحيط به من ثلاثة
جهات - البحرية والغربية والقبلية - ثلاث زيادات عرض كل منها 19 مترا على
وجه التقريب ويكون الجامع مع هذه الزيادات مربعا طول ضلعه 162 مترا ويتوسط
الزيادة الغربية الفريدة فى نوعها والتى لا توجد مثيلة لها فى مآذن القاهرة
وأغلب الظن أنها اقتبست سلمها الخارجى من المنارة الأصلية للجامع ولعلها
قد بنيت على نمط مئذنة سامرا وهى تبتدئ مربعة من أسفل ثم أسطوانية وتنتهى
مثمنة تعلوها قبة ويبلغ ارتفاعها أربعين مترا. ووجهات الجامع الأربع تسودها
البساطة وليس بها من أنواع الزخرف سوى صف من الشبابيك الجصية المفرغة
المتنوعة الأشكال والمختلفة العهود بين كل منها تجويفة مخوصة وتنتهى
الوجهات كما تنتهى أسوار الزيادات بشرفات مفرغة جميلة ويقابل كل باب من
أبواب الجامع بابا فى سور الزيادة ذلك عدا بابا صغيرا فتح فى جدار القبلة
كان يؤدى إلى دار الإمارة التى أنشأها أحمد بن طولون شرق الجامع. ويتوسط
جدار القبلة المحراب الكبير الذى لم يبقى من معالمه الأصلية سوى تجويفه
والأعمدة الرخامية التى تكتنفه وما عدا ذلك فمن عمل السلطان لاجين كما ذكر
آنفا. ويعلو الجزء الواقع أمام المحراب قبة صغيرة من الخشب بدائرها شبابيك
جصية مفرغة محلاة بالزجاج الملون ويقوم إلى جانب المحراب منبر أمر بعمله
السلطان لاجين أيضا وحل محل المنبر الأصلى وهو مصنوع من الخشب المجمع على
هيئة أشكال هندسية تحصر بينها حشوات محلاة بزخارف دقيقة بارزة وهذا المنبر
يعتبر من أجمل منابر مساجد القاهرة وأقدمها وهو إن جدد الكثير من حشوه
يعتبر من حيث القدم ثالث المنابر القائمة بمصر: فأولها منبر المسجد الموجود
بدير القديسة كاترين بسينا والذى أمر بعمله الأفضل شاهنشاه فى أيام
الخليفة الفاطمى الآمر بأحكام الله سنة 500 هجرية = 1106م وثانيها منبر
المسجد العتيق بقوص الذى أمر بعمله الصالح طلائع سنة 550 هجرية = 1155م.
بقيت الزخارف الجصية التى نشاهدها حول العقود والفتحات وفى بعض بواطن
العقود المشرفة على الصحن فهى وإن رمم الكثير منها إلا أنها لازالت باقية
بطابعها الطولونى المستمد عناصرها من زخارف سامرا. أما الزخارف المحفورة فى
تجليد أعتاب بعض الأبواب فإنها قريبة الشبه جدا من زخارف سامرا.
الجامع
الأزهر 359-361 هجرية = 970-972م. عندما تم فتح مصر على يد جوهر الصقلى
قائد المعز لدين الله أول الخلفاء الفاطميين بمصر ، وبعدما أسس مدينة
القاهرة شرع فى شهر جمادى الأول سنة 359 هجرية = 970م فى إنشاء الجامع
الأزهر وأتمه فى شهر رمضان سنة 361 هجرية = 972م فهو بذلك أول جامع أنشى فى
مدينة القاهرة وهو أقدم أثر فاطمى قائم بمصر. وقد اختلف المؤرخون فى أصل
تسمية هذا الجامع ، والراجح أن الفاطميين سموه بالأزهر تيمنا بفاطمة
الزهراء بنت الرسول وإشادة بذكراها. وقد كان الجامع الأزهر وقت إنشائه
مؤلفا من صحن مكشوف تكتنفه ثلاثة أروقة أكبرها رواق القبلة الذى يتألف من
خمسة صفوف من العقود : أربعة منها محمولة على عمد من الرخام تيجانها مختلفة
الأشكال والصف الخامس وهو المشرف على الصحن محمول على أكتاف مستطيلة
القطاع. ويتوسط هذا الرواق مجاز مرتفع يتجه من الصحن إلى حائط القبلة
وينتهى بقبة تغطى الجزء الواقع أمام المحراب كما كان يغطى طرفى البائكة
الأخيرة - الشرقية لهذا الرواق - قبتان متماثلتان لم يبق لهم أثر الآن..
أما الرواقان الجانبيان فيتكون كل منهما من ثلاث بائكات محمولة عقودها على
عمد من الرخام فيما عدا العقود المنتهية إلى الصحن فإنها محمولة على أكتاف
مستطيلة القطاع كما هى الحال فى رواق القبلة. وحوالى سنة 400 هجرية = 1009م
جدد هذا الجامع الحاكم بأمر الله ثالث الخلفاء الفاطميين بمصر تجديدا لم
يبق من أثره سوى باب من الخشب محفوظ بدار الآثار العربية. وفى سنة 519
هجرية = 1125م أمر الآمر بأحكام الله سابع الخلفاء الفاطميين أن يعمل
للجامع محراب متنقل من الخشب وهو محفوظ أيضا بدار الآثار العربية. وفى
أواخر العصر الفاطمى - القرن السادس الهجرى - الثانى عشر الميلادى - أضيف
للقسم المسقوف من الجامع أربع بائكات تحيط بالحصن من جهاته الأربع محمولة
عقودها على عمد من الرخام يتوسط البائكة الشرقية منها قبة أقيمت عند مبدأ
المجاز القاطع لرواق القبلة وقد حليت هذه القبة من الداخل بزخارف جصية وطرز
من الكتابة الكوفية المشتملة على آيات قرآنية. هذا وقد أبقى الزمن على
كثير من الزخارف الجصية والكتابات الكوفية الأصلية التى نراها تحيط بعقود
المجاز الأوسط وتحلى خواصرها ثم بعقد وطاقية المحراب القديم كما أبقى الزمن
أيضا على بعض الشبابيك الجصية المفرغة - المصمتة الآن - وما يحيط بها من
كتابات كوفية وزخارف نراها بنهايتى حائطى رواق القبلة الشرقى والبحرى. وأول
الإضافات التى ألحقت بالجامع بعد العصر الفاطمى المدرسة الطيبرسية الواقعة
على يمين الداخل من الباب المعروف بباب المزينين بميدان الأزهر التى
أنشاها الأمير علاء الدين الخازندارى نقيب الجيوش سنة 709 هجرية = 1309م
وأهم ما فى هذه المدرسة محرابها الرخامى الذى يعد من أجمل المحاريب لتناسب
أجزائه ودقة صناعته وتجانس ألوان الرخام وتنوع رسومه وما احتواه من فسيفساء
مذهبة ازدانت بها توشيحتا عقده. يلى ذلك المدرسة الأقبغاوية المقابلة
للمدرسة الطيبرسية على يسار الداخل من الباب سالف الذكر وهى التى أنشأها
الأمير أقبغا عبد الواحد استادار الملك الناصر محمد بن قلاون سنة 740 هجرية
= 1339م والتى امتازت بمدخلها الجميل وبمحرابها الرخامى الذى لا يقل روعة
عن نظيره فى المدرسة الطيبرسية. وحوالى سنة 844 هجرية = 1440م أنشأ جوهر
القنقبائى المدرسة الجوهرية وألحقها بالجامع من جهته البحرية وجعل لها
مدخلين أحدهما من الجامع والثانى من الخارج ، وبنى بها قبة أعد فيها قبرا
دفن فيه. وهذه المدرسة جمعت من طرائف الفن
الشىء الكثير. وفى سنة 873 هجرية = 1468/ 69م جدد السلطان قايتباى الباب
العمومى الواقع بين المدرستين الطيبرسية والأقبغاوية والمؤدى إلى صحن
الجامع كما شيد المئذنة القائمة على يمينه. وكلاهما كغيرهما من أبنية
قايتباى حافل بالزخارف والكتابات. ولم تقف أعمال قايتباى عند هذا بل أنشأ
رواقا للمغاربة ودورة للمياه. وفى سنة 915 هجرية = 1509/ 10م أنشأ السلطان
قانصوه الغورى منارة مرتفعة ينتهى أعلاها برأسين وتقع إلى جانب منارة
قايتباى. ومن مميزاتها أن لها سلمين يبتدئان من الدورة الأولى ويتلاقى
الصاعدان عليهما عند الدورة الثانية بحيث لا يرى أحدهما الآخر. على أن أهم
زيادة أضيفت للجامع هى التى قام بها الأمير عبد الرحمن كتخدا سنة 1167
هجرية = 1753/ 54م فقد أضاف رواقا كبيرا خلف المحراب القديم ارتفع بأرضه
وسقفه عن أرض الجامع وسقفه وعمل له محرابا كساه بالرخام وأقام بجواره منبرا
من الخشب. كما أنشأ الباب المعروف بباب الصعايدة الواقع فى نهاية الوجهة
القبلية وبداخله مكتب لتحفيظ القرآن الكريم تجاوره منارة شيدها عبد الرحمن
كتخدا أيضا كما أنشأ قبة على يسار الداخل من هذا الباب أعد بها قبرا دفن
فيه. هذا وقد أنشأ كذلك الباب المعروف بباب الشوربة تجاوره منارة أخرى له.
كما جدد وجهة المدرسة الطيبرسية وجمع بينهما وبين وجهة المدرسة الأقبغاوية
بالباب الكبير ذى الفتحتين المعروف بباب المزينين المشرف على ميدان الأزهر.
وحوالى سنة 1210 هجرية = 1795م أنشأ الوالى إبراهيم بك رواقا للشراقوة ،
كما أنشأ محمد على باشا الكبير رواقا للسنارية. أما الخديو إسماعيل فقد أمر
بهدم باب الصعايدة والمكتب الذى بداخله وإعادة بنائهما كما أمر بإصلاح
المدرسة الأقبغاوية. وكذلك أمر الخديو توفيق بتجديد الرواق الذى أنشأه عبد
الرحمن كتخدا. وهكذا توالت أعمال التجديد والتعمير بالجامع إلى أن كانت سنة
1310 هجرية = 1892/ 93م حيث قام ديوان الأوقاف العمومية بتجديد العقود
المحيطة بالصحن. وفى سنة 1312 هجرية = 1895م أمر الخديو عباس الثانى بإنشاء
الرواق العباسى وتجديد الواجهة البحرية المقابلة لمسجد محمد بك أبو الذهب
وتجديد السياج الخشبى المحيط بالصحن. وتوجت هذه الإصلاحات بما أمر به حضرة
صاحب الجلالة الملك فاروق الأول من تبليط أرض الجامع بالرخام المستورد من
محاجر الهرم وفرشها بالسجاد الفاخر ...
الجامع
الأقمر 519 هجرية = 1125م. أنشأ هذا الجامع الآمر بأحكام الله سابع
الخلفاء الفاطميين بمصر سنة 519 هجرية = 1125م وتخطيطه يقتصر على صحن مكشوف
مربع طول ضلعه 10 أمتار تحيط به أربعة أروقة أكبرها رواق القبلة - عقودها
محمولة على أعمدة رخامية فيما عدا أركان الصحن فقد استعيض عن الأعمدة
الرخامية بأكتاف مربعة وهذه العقود من النوع المحدب الذى لم يظهر بمصر إلا
فى أواخر العصر الفاطمى وكان أول ظهوره فى القبة المعروفة بقبة الشيخ يونس
والتى يظن أنها لبدر الجمالى ثم فى هذا الجامع. ويحلى حافة العقود المشرفة
على الصحن طراز من الكتابة الكوفية الجميلة كما يحلى تواشيحها أطباق مضلعة
تتشعع أضلاعها من جامات مزخرفة. هذا والأروقة الأربعة مسقوفة بقباب قليلة
الغور ما عدا البائكة الأخيرة فى رواق القبلة فيغطيها سقف حديث مستو من
الخشب. أما المنبر فقد جدد ضمن عملية التجديد التى قام بها فى هذا الجامع
يلبغا السالمى فى أيام السلطان الظاهر برقوق فى سنة 799 هجرية = 1396/ 97م
وشملت المنبر والمئذنة وغيرهما وأثبت تاريخ هذه العملية فى لوحة ركبت أعلى
المحراب وبالرغم من تجديد المنبر فى ذلك الوقت فإنه. مازال محتفظا ببعض
زخارفه الفاطمية التى نراها بوجهة عقد باب المقدم وخلف مجلس الخطيب كما نرى
بعض زخارف فاطمية أخرى فى بعض حشوات الدواليب الحائطية ومعابرها وكذلك فى
تجليد معبرة الباب. وتتجلى شهرة هذا الجامع فى وجهته الفريدة التى جمعت إلى
تناسب أجزائها وتناسقها وفرة زخارفها وتنوعها - ولما كان على المهندس أن
يراعى اتجاه القبلة فى التخطيط الداخلى فقد جاءت الوجهة الرئيسة منحرفة
لتساير اتجاه الطريق وعمد إلى شغل الفراغ المتخلف عن هذا الانحراف بدركاة
المدخل وسلم المئذنة وغرفتين فتحتا على الداخل. وهذه الظاهرة - ظاهرة
التوفيق بين اتجاه القبلة واتجاه الطريق - أول ما نراها فى هذا الجامع ، ثم
نراها بعد ذلك وقد شاعت فى تخطيط المساجد - المدارس - التى أنشئت فى العصر
المملوكى. والقسم الظاهر من هذه الوجهة الآن هو المدخل والجناح الأيسر أما
الجناح الأيمن فيحجبه منزل حديث البناء ويقع المدخل فى منتصف الواجهة
بارزا عن سمتها، وبه الباب المعتب بعتب مزرر يعلوه عقد حلى داخله بأضلاع
تسير متوازية من أسفل ثم تتشعع من طبق مستدير زين مركزه بكلمتى - محمد وعلى
- مكتوبتين بالخط الكوفى المفرغ فى الحجر تحيط بهما دائرة زخرفية فكتابة
كوفية مفرغة ثم دائرة زخرفية أخرى بلغت صناعة الحفر والتفريغ فيها حد الدقة
والإتقان. وعلى يسار الباب صفتان تتوج كل منهما أربع حطات من المقرنص
وبداخلهما تجويفان ينتهى كل منهما بطاقة مخوصة. كما يعلو هاتين الصفتين
تجويفان صغيران عقداهما محمولان على أعمدة ملتصقة. وتعتبر المقرنصات التى
نراها فى هذه الواجهة أولى المحاولات فى تزيين الواجهات بهذا النوع من
الزخرف الذى يعتبر من أهم مميزات العمارة الإسلامية. ويحلى الجناح الأيسر
من الواجهة صفة قليلة الغور تنتهى بعقد مضلع داخله يشبه العقد الذى يعلو
الباب وعلى جانبيه معينان فوقهما مستطيلان ازدانت جميعها بزخارف منوعة- هذا
ويحلى الوجهة ثلاثة طرز من الكتابة الكوفية المزخرفة.. الطراز الأول فى
نهاية الوجهة من أعلى مكتوب فيه اسم الآمر بأحكام الله وإلى جانبه اسم
وزيره المأمون البطائحى وألقابه وتاريخ الإنشاء. والطراز الثانى عند منسوب
رجل عقد المدخل ومكتوب فيه أيضا اسم المأمون وألقابه وأدعية له وتاريخ
الإنشاء. وهذه الظاهرة - ظاهرة اقتران اسم الوزير وألقابه باسم الخليفة -
إن دلت على شىء فإنما تدل على ما كان عليه الوزراء فى أواخر عصر الدولة
الفاطمية من سطوة ونفوذ. أما الطراز الثالث فيسير عند منسوب عتب الباب
ومكتوب فيه بعض آيات قرآنية.
مسجد
الجيوشى 478 هجرية = 1085م. شيد هذا المسجد على حافة جبل المقطم مشرفا على
قلعة صلاح الدين ويراه الإنسان أول ما يرى إذا اتجه ببصره إلى شرق
القاهرة. وقد أنشأه الوزير الفاطمى بدر الجمالى أمير الجيوشى سنة 478 هجرية
= 1085م وهو مسجد صغير ذو أهمية عمارية فمئذنته تعتبر من أقدم المآذن
الفاطمية القائمة بمصر. وهى تقع أعلى المدخل مباشرة وتبتدئ من سطح المسجد
ببدنة مربعة تنتهى بحطتين من المقرنص يعلوهما مكعب ثم مثمن تغطيه قبة.
ويعتبر المقرنص المنتهية به البدنة المربعة أقدم مثل لهذا النوع من الزخرف
بمصر. أما تخطيط هذا المسجد فعلى غير المألوف فى مساجد القاهرة إذ يتطرق
الإنسان من الباب الواقع فى منتصف الوجهة الغربية إلى دركاة على يمينها سلم
يؤدى إلى المئذنة وعلى يسارها غرفة مسقوفة بقبو مصلب ومن هذه الدركاة يصل
الإنسان إلى صحن مكشوف على يمينه ويساره حجرتان مستطيلتان ويتصدره عقد كبير
يرتكز على زوجين من الأعمدة الرخامية وعلى جانبيه عقدان صغيران وتؤدى هذه
العقود إلى إيوان القبلة الذى يشمل على رواق أمامى مسقوف بثلاثة قبوات
مصلبة به ثلاث فتحات معقودة تؤدى الفتحة الوسطى منها إلى حيز مربع أمام
المحراب تغطيه قبة محمولة رقبتها المثمنة بواسطة طاقية واحدة فى كل ركن من
أركان المربع ويحلى هذا المربع من أعلى طراز من الكتابة الكوفية المزخرفة
كما يحلى قمة القبة إطار دائرى مكتوب فيه بالخط الكوفى آيات قرآنية تحيط
بكلمتى - محمد وعلى - مكررة. وتؤدى الفتحتان الأخريان إلى إيوانين صغيرين
على يمين المربع ويساره ويغطى كليهما قبو مصلب. ويعتبر محراب هذا المسجد من
أجمل المحاريب الجصية وأحسنها صناعة فقد جمع بين دقة الحفر فى الجص وجمال
التفريغ فيه وهو يشمل على إطارين من الكتابة الكوفية المزخرفة تحصر بينهما
زخارف جميلة تملأ توشيحتى عقد المحراب ويتوج أعل