[b][b][b][b]
منذ أيام قليلة طلعت علينا الصحف بخبر
يقول إنه قد تم القبض على عصابة موقعة صنعاء، وهى تلك العصابة التى تخصصت
فى سرقة فلنكات السكة الحديد بمحافظة الوادى الجديد والتى تمادت فى إجرامها
تماديا شديدا إلى أن وصل بها الأمر فى مناسية معينة إلى حد أنها تبادلت
إطلاق النار ـ صدق أو لا تصدق ـ مع المحافظ نفسه ثم لاذت بالفرار، ثم عادت
بعد ذلك لكى تحاصر قرية صنعاء بالوادى وتمطرها بوابل من النيران والقصف
المدفعى ( أجل: القصف المدفعى ) فتقتل من تقتل وتصيب من تصيب اعتقادا منها
أن أهالى القرية هم الذين أبلغوا عنها ودفعوا بالمحافظ: "اللواء طارق
المهدى" لأن يطلق النيران بنفسه على أفرادها ...ويقول الخبر المنشور فى
الصحف إن أجهزة الأمن قد توصلت إلى أن أفراد العصابة ينتمون إلى قرية دوير
عايد بمحافظة أسيوط وأنهم قد عادوا إلى قريتهم لكى يختبئوا بها، وعندئذ
قامت الأجهزة الأمنية بمداهمتهم والإشتباك معهم مما أسفر عن القبض على
ثلاثة منهم بينما سقط الرابع قتيلا. وبمقارنة هذا الخبر بما نشرته الصحافة
وقت اشتداد أحداث صنعاء نجد أنها قدرت عدد أفراد العصابة وقتئذ بما يقرب من
سبعين فردا بينما يقول الخبر القريب إن الذين تمت مداهمتهم أربعة فقط ،
قبض على ثلاثة منهم ولقى الرابع مصرعه!!، وهذا التباين الكبير فى التقديرين
يعنى أحد أمرين : إما أن الرقم السابق نشره هو رقم مبالغ فيه جدا ، وأن
هؤلاء الأربعة هم كل أفراد العصابة ، وفى هذه الحالة لا نملك إلا أن نتوجه
بالشكر والإشادة إلى رجال الشرطة ونرفع لهم تعظيم سلام ونتمنى لهم مزيدا من
الإنجازات الناجحة،.. وإما أن الأربعة المذكورين هم فقط جزء ضئيل من
أفراد العصابة بينما مازال بقية أفرادها أحرارا طلقاء وفى هذه الحالة
فإننا وإن كان يتوجب علينا أيضا أن نتوجه بالشكر إلى رجال الشرطة على ما
أنجزوه بالفعل وهو بمعيار السرعة التى تم بها جدير بالإعجاب، لكننا يبقى
من حقنا أن نطالبهم فى الوقت ذاته بمصارحتنا بالحقيقة الكاملة التى لا شك
فى أنهم يعرفونها الآن جيدا بعد أن قبضوا على من قبضوا عليهم وتحصلوا منهم
على قدر كبير من المعلومات ( لا أشك فى ذلك )، وبالتالى فإننا نطالبهم إن
كان هناك باقون من الجناة، نطالبهم بمضاعفة الجهد لضبط الباقين، دون أن
يقلل هذا من تقديرنا لما تحقق،... على أية حال وأيا ما كان العدد الحقيقى
لأفراد العصابة، فقد أثار الخبر المنشور عن الذين لجئوا منهم إلى دوير
عايد، أثار فى نفسى ذكريات شتى عن قرية الدوير: بعضها شخصى والآخر عام ،
بعضها يتعلق بالتاريخ والآخر بالحاضر ، وسوف أبدأ بالتاريخ: فقد كان مركز
البدارى الذى ولدت فيه والذى أنتمى إليه ... كان فى فترة معينة من القرن
التاسع عشر جزءا من دوير عايد!! وذلك عندما كانت الدوير قسما من الأقسام
الإدارية الكبرى فى عصر محمد على باشا، حيث كانت حدوده تمتد من طما شمالا
إلى أبى تيج جنوبا ومن الغنايم غربا إلى شرق السيلينية ( وهو الإسم الإدارى
لما سمى بعد ذلك بمركزالبدارى ) شرقا، وقد ظل هذا الوضع قائما إلى عصر
الخديوى توفيق، وعلى وجه التحديد إلى عام 1896 حين انفصل الجزء الواقع شرق
النيل من إقليم الدوير والذى كان يعرف إداريا بشرق السيلينية وأصبح مركزا
قائما بذاته هو مركز البدارى، بينما أصبح اسم الدوير يقتصر فقط على إحدى
القرى التابعة لمركز صدفا، وهكذا تقلصت الدوير من قسم إدارى كبير إلى مجرد
قرية تابعة لأحد المراكز!!، ..هذه القرية التى يبلغ تعدادها حاليا نحو
ثلاثين ألف نسمة أو ما يزيد قليلا هى التى أنجبت عددا كبيرا من الأعلام
الذين ترك كل منهم بصمة ما فى التاريخ المصرى الحديث والمعاصر على رأسهم
عملاق الصحافة المصرية والعربية : أحمد بهاء الدين ( والد البرلمانى البارز
زياد بهاء الدين )
[/b][/b][/b][/b][b][b][b][b]بمناسبة إعلان القبض على عصابة موقعة صنعاء، تكلمت
فى الأسبوع الماضى عن القرية التى قيل إن أفراد العصابة قد التجئوا إليها
ثم تمت مداهمتهم فيها وأعنى بها قرية الدوير بمحاقظة أسيوط، تلك القرية
التى قدمت إلى مصر والعالم العربى عددا من الأعلام على رأسهم أحمد بهاء
الدين الذى ما زال أبناء الدوير يفخرون بانتمائه إليهم رغم أنه ولد
بالإسكندرية وتخرج من كلية الحقوق بجامعتها عام 1946 بتفوق باهر كان يؤهله
للعمل بالجامعة أو بالنيابة العامة ، لكنها آثر أن يعمل بالصحافة بتشجيع من
السيدة فاطمة اليوسف التى التفتت إلى نبوغه وموهبته من خلال ما كان يرسله
إلى روز اليوسف من المقالات، وكانت هى التى بادرت إلى طلب مقابلته ..(لاحظ
المفارقة التى يندر أن تتكرر فى أيامنا وهى أن رئيس التحرير هو الذى يطلب
مقابلة كاتب غير معروف لا يملك إلا ثقافته ونبوغه) ..وعندما قررت روزاليوسف
أن تنشىء مجلة جديدة للقلوب الشابة والأفكار المتحررة ..اختارت أحمد
بهاءالدين لكى يكون رئيسا لتحريرها فكان بذلك أصغررئيس تحرير فى تاريخ
الصحافة العربية حيث ترأس تحرير مجلة صباح الخير وعمره تسعة وعشرون عاما
فقط، والواقع أن بهاء الدين قد أثبت بعد ذلك أنه جدير بما أولته إياه
السيدة فاطمة اليوسف من الإهتمام والرعاية فقد أصبح واحدا من أهم الأسماء
فى الصحافة العربية على مدى تاريخها كله إلى حد أن كتاباته كانت فيما وصفها
به كتاب بحجم " هيكل " أو " جلال أمين " ..كانت تمثل البوصلة التى تطمئنهم
إلى أنهم يسيرون على الطريق الصواب!، ولا أدل على عمق تأثيره على قرائه
ومحبيه أن الجمعية التى تشكلت بعد رحيله باسم أصدقاء أحمد بهاء الدين قد
استطاعت بمجهوداتها الذاتية ومن خلال التبرعات التى تلقتها، استطاعت أن
تنشىء مدرسة ومركزا ثقافيا ضخما تم افتتاحه فى الدوير منذ ما يقرب من
عامين، وإلى جانب أحمد بهاء الدين فإن أبناء الدوير يفخرون بالفنان فاخر
فاخر ( والد الفنانة هالة فاخر) الذى اختطفه الموت بعد أن أثبت وجوده كوجه
متميز فى السينما المصرية، وإلى جانب هذين العلمين مازال الكثيرون من أبناء
الدوير يفتخرون بالعلم الإقتصادى زكى عبدالمتعال الذى شغل منصب وزير
المالية عام 1952، غير أننى شخصيا أعتقد أنه وإن كان تاريخه العلمى
والأكاديمى مستوجب حقا للإعجاب والتقدير فإن تاريخه السياسى والوطنى لا
يستوجب الإعجاب بنفس القدر، فقد ارتضى أن يكون وزيرا فى حكومة على ماهر
التى تم تشكيلها فى أعقاب حريق القاهرة عام 1952، وهو الحريق الذى تشير
قرائن كثيرة إلى أنه كان مدبرا بقصد الإطاحة بحكومة الأغلبية الشعبية
وإيقاف تصاعد المد الوطنى!، وفيما يسجل مؤرخ الحركة الوطنية الأشهر:
عبدالرحمن الرافعى فإن أعضاء حكومة على ماهر كانوا جميعا من أصدقاء على
ماهر فيما عدا وزيرين جاءا بتوجيه من السراى وكان زكى عبدالمتعال واحدا
منهما، (أما الآخر فقد كان وزير الداخلية مرتضى المراغى)، وعندما أقيلت
وزارة على ماهر بعد شهر واحد من تشكيلها وحلت محلها حكومة الهلالى ظل
الوزيران: عبدالمتعال والمراغى محتفظين بمنصبيهما !!...فإذا ماتركنا
التاريخ وانتقلنا إلى الجانب الشخصى فإن الدوير تذكرنى بثلاثة من الأصدقاء،
أولهم الأستاذ فهمى معوض رحمه الله الذى استوطن مثلى بحكم العمل مدينة
سوهاج التى كان يعمل فيها مدرسا للرياضيات، وقد جمعتنى به هواية صيد
الأسماك التى كان بارعا فيها وتعلمت منه الكثير من فنونها، والثانى هو
الدكتور مدحت عبدالرحمن ( عضو مجلس الشعب الأسبق ) وهو أحد أبناء عمومتى
لكنه نصف دويرى إذ أن والدته تنتمى إلى إحدى العائلات الكبرى فى الدوير (
العمارنة ), والدكتور مدحت واحد من الرموز السياسية التى كانت تتصور أن
بإمكانها إصلاح الحزب الوطنى من الداخل أو على الأقل توقف زحف الفساد
المستشرى فيه، وعندما تبين له أن هذا وهم خالص وبدأ يفكر جديا فى الإستقالة
منه فوجىء بثورة يناير فاستنكف على نفسه أن يقال عنه إنه يقفز من السفينة
الغارقة!! واتخذ قرارا باعتزال العمل السياسى!، ولم يتقدم للترشيح مرة
أخرى رغم إلحاح بعض الأحزاب الكبيرة التى حاولت أن تستثمر شعبيته وعصبيته
العائلية الواسعة الممتدة على ضفتى نهر النيل، وأما الثالث فهو الكاتب
المسرحى " رأفت الدويرى" الذى باعدت بيننا الأيام منذ سنوات طويلة غير أننى
ما زلت أذكره بنظارته السميكة التى هى صورة طبق الأصل من نظارة أحمد بهاء
الدين .
[/b][/b][/b][/b]
منذ أيام قليلة طلعت علينا الصحف بخبر
يقول إنه قد تم القبض على عصابة موقعة صنعاء، وهى تلك العصابة التى تخصصت
فى سرقة فلنكات السكة الحديد بمحافظة الوادى الجديد والتى تمادت فى إجرامها
تماديا شديدا إلى أن وصل بها الأمر فى مناسية معينة إلى حد أنها تبادلت
إطلاق النار ـ صدق أو لا تصدق ـ مع المحافظ نفسه ثم لاذت بالفرار، ثم عادت
بعد ذلك لكى تحاصر قرية صنعاء بالوادى وتمطرها بوابل من النيران والقصف
المدفعى ( أجل: القصف المدفعى ) فتقتل من تقتل وتصيب من تصيب اعتقادا منها
أن أهالى القرية هم الذين أبلغوا عنها ودفعوا بالمحافظ: "اللواء طارق
المهدى" لأن يطلق النيران بنفسه على أفرادها ...ويقول الخبر المنشور فى
الصحف إن أجهزة الأمن قد توصلت إلى أن أفراد العصابة ينتمون إلى قرية دوير
عايد بمحافظة أسيوط وأنهم قد عادوا إلى قريتهم لكى يختبئوا بها، وعندئذ
قامت الأجهزة الأمنية بمداهمتهم والإشتباك معهم مما أسفر عن القبض على
ثلاثة منهم بينما سقط الرابع قتيلا. وبمقارنة هذا الخبر بما نشرته الصحافة
وقت اشتداد أحداث صنعاء نجد أنها قدرت عدد أفراد العصابة وقتئذ بما يقرب من
سبعين فردا بينما يقول الخبر القريب إن الذين تمت مداهمتهم أربعة فقط ،
قبض على ثلاثة منهم ولقى الرابع مصرعه!!، وهذا التباين الكبير فى التقديرين
يعنى أحد أمرين : إما أن الرقم السابق نشره هو رقم مبالغ فيه جدا ، وأن
هؤلاء الأربعة هم كل أفراد العصابة ، وفى هذه الحالة لا نملك إلا أن نتوجه
بالشكر والإشادة إلى رجال الشرطة ونرفع لهم تعظيم سلام ونتمنى لهم مزيدا من
الإنجازات الناجحة،.. وإما أن الأربعة المذكورين هم فقط جزء ضئيل من
أفراد العصابة بينما مازال بقية أفرادها أحرارا طلقاء وفى هذه الحالة
فإننا وإن كان يتوجب علينا أيضا أن نتوجه بالشكر إلى رجال الشرطة على ما
أنجزوه بالفعل وهو بمعيار السرعة التى تم بها جدير بالإعجاب، لكننا يبقى
من حقنا أن نطالبهم فى الوقت ذاته بمصارحتنا بالحقيقة الكاملة التى لا شك
فى أنهم يعرفونها الآن جيدا بعد أن قبضوا على من قبضوا عليهم وتحصلوا منهم
على قدر كبير من المعلومات ( لا أشك فى ذلك )، وبالتالى فإننا نطالبهم إن
كان هناك باقون من الجناة، نطالبهم بمضاعفة الجهد لضبط الباقين، دون أن
يقلل هذا من تقديرنا لما تحقق،... على أية حال وأيا ما كان العدد الحقيقى
لأفراد العصابة، فقد أثار الخبر المنشور عن الذين لجئوا منهم إلى دوير
عايد، أثار فى نفسى ذكريات شتى عن قرية الدوير: بعضها شخصى والآخر عام ،
بعضها يتعلق بالتاريخ والآخر بالحاضر ، وسوف أبدأ بالتاريخ: فقد كان مركز
البدارى الذى ولدت فيه والذى أنتمى إليه ... كان فى فترة معينة من القرن
التاسع عشر جزءا من دوير عايد!! وذلك عندما كانت الدوير قسما من الأقسام
الإدارية الكبرى فى عصر محمد على باشا، حيث كانت حدوده تمتد من طما شمالا
إلى أبى تيج جنوبا ومن الغنايم غربا إلى شرق السيلينية ( وهو الإسم الإدارى
لما سمى بعد ذلك بمركزالبدارى ) شرقا، وقد ظل هذا الوضع قائما إلى عصر
الخديوى توفيق، وعلى وجه التحديد إلى عام 1896 حين انفصل الجزء الواقع شرق
النيل من إقليم الدوير والذى كان يعرف إداريا بشرق السيلينية وأصبح مركزا
قائما بذاته هو مركز البدارى، بينما أصبح اسم الدوير يقتصر فقط على إحدى
القرى التابعة لمركز صدفا، وهكذا تقلصت الدوير من قسم إدارى كبير إلى مجرد
قرية تابعة لأحد المراكز!!، ..هذه القرية التى يبلغ تعدادها حاليا نحو
ثلاثين ألف نسمة أو ما يزيد قليلا هى التى أنجبت عددا كبيرا من الأعلام
الذين ترك كل منهم بصمة ما فى التاريخ المصرى الحديث والمعاصر على رأسهم
عملاق الصحافة المصرية والعربية : أحمد بهاء الدين ( والد البرلمانى البارز
زياد بهاء الدين )
[/b][/b][/b][/b][b][b][b][b]بمناسبة إعلان القبض على عصابة موقعة صنعاء، تكلمت
فى الأسبوع الماضى عن القرية التى قيل إن أفراد العصابة قد التجئوا إليها
ثم تمت مداهمتهم فيها وأعنى بها قرية الدوير بمحاقظة أسيوط، تلك القرية
التى قدمت إلى مصر والعالم العربى عددا من الأعلام على رأسهم أحمد بهاء
الدين الذى ما زال أبناء الدوير يفخرون بانتمائه إليهم رغم أنه ولد
بالإسكندرية وتخرج من كلية الحقوق بجامعتها عام 1946 بتفوق باهر كان يؤهله
للعمل بالجامعة أو بالنيابة العامة ، لكنها آثر أن يعمل بالصحافة بتشجيع من
السيدة فاطمة اليوسف التى التفتت إلى نبوغه وموهبته من خلال ما كان يرسله
إلى روز اليوسف من المقالات، وكانت هى التى بادرت إلى طلب مقابلته ..(لاحظ
المفارقة التى يندر أن تتكرر فى أيامنا وهى أن رئيس التحرير هو الذى يطلب
مقابلة كاتب غير معروف لا يملك إلا ثقافته ونبوغه) ..وعندما قررت روزاليوسف
أن تنشىء مجلة جديدة للقلوب الشابة والأفكار المتحررة ..اختارت أحمد
بهاءالدين لكى يكون رئيسا لتحريرها فكان بذلك أصغررئيس تحرير فى تاريخ
الصحافة العربية حيث ترأس تحرير مجلة صباح الخير وعمره تسعة وعشرون عاما
فقط، والواقع أن بهاء الدين قد أثبت بعد ذلك أنه جدير بما أولته إياه
السيدة فاطمة اليوسف من الإهتمام والرعاية فقد أصبح واحدا من أهم الأسماء
فى الصحافة العربية على مدى تاريخها كله إلى حد أن كتاباته كانت فيما وصفها
به كتاب بحجم " هيكل " أو " جلال أمين " ..كانت تمثل البوصلة التى تطمئنهم
إلى أنهم يسيرون على الطريق الصواب!، ولا أدل على عمق تأثيره على قرائه
ومحبيه أن الجمعية التى تشكلت بعد رحيله باسم أصدقاء أحمد بهاء الدين قد
استطاعت بمجهوداتها الذاتية ومن خلال التبرعات التى تلقتها، استطاعت أن
تنشىء مدرسة ومركزا ثقافيا ضخما تم افتتاحه فى الدوير منذ ما يقرب من
عامين، وإلى جانب أحمد بهاء الدين فإن أبناء الدوير يفخرون بالفنان فاخر
فاخر ( والد الفنانة هالة فاخر) الذى اختطفه الموت بعد أن أثبت وجوده كوجه
متميز فى السينما المصرية، وإلى جانب هذين العلمين مازال الكثيرون من أبناء
الدوير يفتخرون بالعلم الإقتصادى زكى عبدالمتعال الذى شغل منصب وزير
المالية عام 1952، غير أننى شخصيا أعتقد أنه وإن كان تاريخه العلمى
والأكاديمى مستوجب حقا للإعجاب والتقدير فإن تاريخه السياسى والوطنى لا
يستوجب الإعجاب بنفس القدر، فقد ارتضى أن يكون وزيرا فى حكومة على ماهر
التى تم تشكيلها فى أعقاب حريق القاهرة عام 1952، وهو الحريق الذى تشير
قرائن كثيرة إلى أنه كان مدبرا بقصد الإطاحة بحكومة الأغلبية الشعبية
وإيقاف تصاعد المد الوطنى!، وفيما يسجل مؤرخ الحركة الوطنية الأشهر:
عبدالرحمن الرافعى فإن أعضاء حكومة على ماهر كانوا جميعا من أصدقاء على
ماهر فيما عدا وزيرين جاءا بتوجيه من السراى وكان زكى عبدالمتعال واحدا
منهما، (أما الآخر فقد كان وزير الداخلية مرتضى المراغى)، وعندما أقيلت
وزارة على ماهر بعد شهر واحد من تشكيلها وحلت محلها حكومة الهلالى ظل
الوزيران: عبدالمتعال والمراغى محتفظين بمنصبيهما !!...فإذا ماتركنا
التاريخ وانتقلنا إلى الجانب الشخصى فإن الدوير تذكرنى بثلاثة من الأصدقاء،
أولهم الأستاذ فهمى معوض رحمه الله الذى استوطن مثلى بحكم العمل مدينة
سوهاج التى كان يعمل فيها مدرسا للرياضيات، وقد جمعتنى به هواية صيد
الأسماك التى كان بارعا فيها وتعلمت منه الكثير من فنونها، والثانى هو
الدكتور مدحت عبدالرحمن ( عضو مجلس الشعب الأسبق ) وهو أحد أبناء عمومتى
لكنه نصف دويرى إذ أن والدته تنتمى إلى إحدى العائلات الكبرى فى الدوير (
العمارنة ), والدكتور مدحت واحد من الرموز السياسية التى كانت تتصور أن
بإمكانها إصلاح الحزب الوطنى من الداخل أو على الأقل توقف زحف الفساد
المستشرى فيه، وعندما تبين له أن هذا وهم خالص وبدأ يفكر جديا فى الإستقالة
منه فوجىء بثورة يناير فاستنكف على نفسه أن يقال عنه إنه يقفز من السفينة
الغارقة!! واتخذ قرارا باعتزال العمل السياسى!، ولم يتقدم للترشيح مرة
أخرى رغم إلحاح بعض الأحزاب الكبيرة التى حاولت أن تستثمر شعبيته وعصبيته
العائلية الواسعة الممتدة على ضفتى نهر النيل، وأما الثالث فهو الكاتب
المسرحى " رأفت الدويرى" الذى باعدت بيننا الأيام منذ سنوات طويلة غير أننى
ما زلت أذكره بنظارته السميكة التى هى صورة طبق الأصل من نظارة أحمد بهاء
الدين .
[/b][/b][/b][/b]